رواية شط بحر الهوي الفصل السادس وعشرون 26 بقلم سوما العربي
تقدم بخطى ثابتة يقترب من والدته التى ولته ظهرها و استدارت تختفى تنتظره بالداخل.
+
اخذ نفس عميق و هو يكمل سيره ناحية الداخل حيث دلف و وجدها تجلس على أحد المقاعد المستديره تنظر له بوجه يابس ممتعض تظهر أمارات عدم الرضا على قسماته.
+
زم شفتيه و هو يتوقع القادم يسحب نفس عميق و يزفره على مهل ثم اقترب يسحب مقعد له بجوارها ثم يردد بهدوء و تروى مرددا: مالك بس يا ام حسن ؟
ضحكه ساخره صدرت عنها و هى تردد بنزق: يعنى مش عارف يا عين امك؟!
+
قلب عيناه بتعب ثم ردد: أفهم بس انتى معترضه ليه ؟
+
قلبت رأسها باستنكار تشيح ببصرها عنه ثم عادت تنظر له بغضب مردده : المصيبه و الوكسه الكبيره أنك مش شايف إن فى ١٠٠ سبب و سبب.
+
صمتت ترمق ملامحه المنتبهه يتنتظر ما تقوله ثم أكملت : عمرك ما سألت أنا مش بطيق البت دى و لا أمها ليه ؟ طب عمرك ما سألت غنوة أمها سابت ابوها ليه ، دى وليه عامله زي السوس لما يعرف طريق خشبه عفيه بينخرها و يفضل يأكل فيها لحد ما يسبها مخوخه و بعدها يروح يشوفله عود خشب تانى ينخر فيه... بلاش تسمع منى أنا، أنا وحشه و كارهه البت و كارهه الجوازه ، روح أسأل غنوة عن أمها هى سيد مين يحكيلك الصدق.
+
سحب حسن نفس عميق ينظر بتمحيص لأمه ثم قال: طب اصدقك أزاى يا أم حسن و أنتى بنفسك قبل كده فاتحتينى فى موضوع غنوه و قولتى بصريح العباره كده إنك مرحبه.. إيه الى فرق دلوقتي؟!
+
بلا حاجه لوقت كى تفكر تحدثت سريعا برد جاهز فعلياً لديها تقول: لا فى فرق يا ضنايا.. فرق أن قبل سابق كان الكلام على غنوة ، بنتنا و متربيه وسط بناتنا و ابوها راجل صالح ماعشتش مع أمها و لا توعى عليها يعنى مالحقتش تشرب من طبعها و لو إن قلبى كان متوغوش من إنها تبقى وخداه بالوراثة... بس لاقيتك ميال قولت خلاص يابت بلاش تقفى فى النص ، لكن نبات الليل و نصحى الاقيك بقدرة قادر مغير رأيك و رايح جاى ورا البت الملونه دى أهو ده بقى الى خلى مخى يشت من مكانه.
4
سقط فى هوة سحيقه من المشاعر و الأفكار حين مست أمه تلك النقطه ، لا يعرف فعلياً ما الذى حدث له منذ رأها ، لقد جاءت و قلبت معها حقا كل الموازين ، يشعر حيالها بأشياء أخرى غير تلك التي يشعر بها ناحية غنوة .
+
تقريباً على يدها عرف معنى كلمة عشق ، ناحيتها و فور رؤيتها فقط تندلع بداخله نار و براكين ، يفقد السيطرة على نفسه حين الغضب خصوصا حين يغار ، يريد ضمها له و تسول له نفسه فعل أشياء حقا مريبه ، يريدها بجانبه بشكل غير طبيعي، تثير جنونه ، غيرته ، تثيره هو شخصيا ، أما غنوة فشعوره ناحيتها اتضح له ، أتضح أنه مختلف ، شعور إنسانى نبيل و قيم، شعور بالدفئ و الاحتواء و الحمايه أيضاً أما تلك الجنيه الألمانية فشعوره ناحيتها بعيد عن اى نباله او قيم ، عض على شفته السفلى و هو يتخيل فقط.
+
ليستفيق على صوت والدته و هى تردد بقنوط: الى واخد عقلك يطفحه يا نضرى.
1
رفع عيناه ينظر لها وجدها ترمقه بجديه و هى تكمل : كل بقا إلى أنا قولته ده كوم و الى جاى كوم تانى.
+
بملامح على وشك البكاء قال: هو لسه فى تانى يا أمى ؟!
+
استوت على مقعدها تضع يديها على فخذيها و تميل للامام قليلا ثم قالت: اه يا خويا ، فى، ماسألتش نفسك أم الغندوره متجوزة واحد ألمانى أزاى ؟
+
ضيق مابين حاجبيه ينظر لها يسأل عن مقصدها فقالت: يا دى الخيبه الى أبنى البكرى فيها،صحصح مع امك كده ، انت عمرك ما سألت هى ديانتها إيه؟
+
رمش بأهدبها من صدمه لم تكن على خاطره مطلقاً، يسأل باستنكار شديد و كأنه يريد الوصول لنتيجه واحده حين ردد: هتكون ايه يعنى يا أمى ، ما هى غنوة مسلمه زيها زينا.
+
بهتت ملامحه و هو يسمعها تمتص شفتيها الاثنتين معا ثم رددت : صحيح ، الخلف بخت.
+
زمت شفتيها بحسره ثم ردد بضيق: غنوة أمها أصلاً ماكنتش مسلمه وهى أصلا مصريه على خفيف كان ابوها سفير برا و بيتنقل من بلد لبلد ، جت مصر مره زياره و شافت عمك صالح و كان إسم الله على مقامك كده مايتخيرش عنك ، طول بعرض ... جته و كتفه يجر طاحونه ، وقعت فى هواه طوالى و فضلت حطاه فى دماغها زى العيل الى شبط فى لعبه جديده لحد ما قدرت بحسنها و دلالها توقعه، لأ و مش بس كده ، دى كانت عندها إستعداد تعمل أى حاجة بس تتجوزوا ، حتى لما لاقت إن دينها فى مشكله قالت عادى أدخل الإسلام.
3
كان يسمعها و فكه متدلى منه يكاد يلامس الأرض من جنون الصدمه ، غير مستوعب ما يلقى على أذنيه... يرمش بأهدابه متسائلاً: أيه؟! طب ..طب أزاى؟؟ واهلها ..أهلها وافقوا؟
+
هزت رأسها نفيا و قالت: لأ طبعا ماوافقوش بس هى كان كل ما الموضوع يتعقد زى ما تكون لذتها بيه بتزيد و تتمسك أكتر ...عاندت أهلها و جت لصالح ، و هو كان راجل وابن بلد حس إنها بايعه الدنيا وشرياه ف مفكرش كتير و عقد عليها... و إلى بعد كده كان لا يتكتب و ينحكى يا نضرى.
+
وقفت عن مقعدها و تركته متخبط يرفع رأسه لها حينما استشعر صمتها ، ينظر لها يحثها على الحديث مرددا: كملى ، ايه الى حصل بعد كده؟
+
وقفت توليه ظهرها ثم قالت: دى تفاصيل ماعلمش عنها الكتير.. تقدر تسأل غنوة هى ممكن تقولك لو حبت و كمان عشان تتأكد.
+
اقتربت منه تربط على كتف العريض و هى تردد: أنا أمك و عايزالك الصالح ، صدقنى... البت دى نسخه من أمها ، مش هقف أشوفك بيتعمل فيك زى صالح و المرض يركبك و أنت فى عز شبابك عشان واحده كانت جايه تقضى أجازه سعيده ، و أما تخلص الأجازه تبقى عايزه تنهى كل حاجه و ترجع لأصلها ، دى واحده تربية خواجات بعادات غير عاداتنا البنات عندهم مش زى عندنا خالص ، فى كله ،حاجات كتير لسانى يعف إنه يقولها...فاهمنى يابنى؟؟
+