رواية شط بحر الهوي الفصل السابع وعشرون 27 بقلم سوما العربي
وقفت و هى تدور حولها ، لا تعلم لما لا يجيب على هاتفه ، لقد بادرت هى و طلبت يده .
هل هكذا تكن ردت فعله؟! ماذا تفعل أكثر مما فعلت و قد بادرت هى بكل شيء، كل شيء فعلياً .
+
حتى عرض الزواج ، حلم كل فتاه ، و المشهد المترقب من كل حبيب بادرت هى به رافعه الحرج عنه، ليأتى هو و يتصرف هكذا.
+
كانت تسير في الطرقه ذهاباً و إيابا تعشر و كأنها تتتخبط فى الاربع جدران المحيطه بها من كثرة جنونها و هياجها، وقفت تسحب نفس عميق تفكر، تحاول إختلاق مئة عذر له .
+
ربما نائم ..لكن هل هو نائم من أمس؟
+
ربما منشغل او لديه ضيوف ... ربما و ربما ، ظلت تختلق الاعذار له تطمئن قلبها أن كل شيء على ما يرام.
+
فتحت شرفة غرفتها المطله على الشارع و لأمامه الدكان الخاص به، صدمت و هى تراه يجلس على كرسى من الخشب و لأمامه طاولة صغيره من الاستانلس المستدير عليها كوب شاى، يدخن الأرجيله بصمت تام و هو شارد.
+
رمشت بأهدابها ببهوت تحاول الإستيعاب ، ظنته مشغول ، او يفعل شيئاً مهما و سيعاود الإتصال بها لكن ها هو متفرغ رائق البال و لا يشغله شئ ....إذا لما.
+
ظلت واقفه فى شرفتها حيث الطابق الارضي فتعتبر تقريباً بالشارع تقف أمامه ، لتتقابل الأعين
+
تنظر له نظرة عدم استيعاب تحاول أن تفهم و تطلب التبرير لكل تصرفاته هذه.
+
وهو ينظر لها بتخبط ، مشاعر مختطله تهاجمه بقوه يصارع بين قلبه المسكين و عقله ، بينما صوت والدته يتدخل فى التلك المعركه يحسم الأمر و يرجح كفة العقل.
+
تراجعت خطوتان للخلف تفكر، أغمضت عيناها تأخذ نفس عميق ، لن تذهب للنوم و تغرق فيه هاربه .
+
خطت بأقدامها لخارج غرفتها و هى تقرر أنه ( كفى هرباً) .
+
لم تخطو خارج غرفتها فقط و إنما خرجت من البيت كله و توقفت أمام حسن الذى ما أن رأها حتى دارت به دنياه ، و اعتدل أمامها يقف بتخبط.
+
ما بين لوعه و اشتياق ، يرغب في ضمها ، وبين نداء عقله بصدى صوت والدته يخبره بوجوب التراجع .
+
سيل من مشاعر مذبذبه وصلتها أمواجه تصعقها بقوه وهى تراه هكذا.
+
نظرت له لثوانِ بصمت ، تنتظر ربما تحدث هو و أجلى سوء الفهم يوضح او حتى يلقى بأى عذر واهى كانت ستضخمه هى و تتقبله.
+
لكنه و كعادته معها منذ رأته و وقعت له ؛ سلبى، متراجع و صامت...صامت تماما.
+
ابتلعت غصه مره بحلقها ثم بللت شفتيها بتوتر و خذلان و ارتباك تسأله بصوت حاولت صبغه بالجديه لكنه خرج مهتز ،ملتاع حين قالت: فى ايه يا حسن؟! بكلمك كتير مش بترد.
+
اهتزت تفاحة آدم خاصته دليل على ابتلاعه رمقه من التوتر و ضعف موقفه ثم حمحم يجلى صوته من الشجن يردد: كان فى كذا حوار كده بخلصه و انشغلت .
+
نظرت له بعمق عينه تردد : انشغلت عنى يا حسن؟
+
اغمض عينيه و الألم يعصف به بقوه ، كأنه أستمع بوضوح لصوت إنكسار فؤادها و على يده هو ، لا يجد رد او مبرر ، ويخشى أيضاً من إنكسار قلبه فيما بعد لو إنجرف مع تيار عشقها القوى ليصل إلى نهاية مميته و يكتشف أنه و قلبه لم يكونا سوى عطله شتويه فى إحدى الدول النامية.
+
رفع عيناه ينظر لها حين استمع لصوتها تردد: رد عليا يا حسن... أنا أفهم ايه من إلى انت بتقولو ده؟
+
التف يوليها ظهره ، غير قادر على مواجهتها و صد مشاعره أيضاً.
+
اطبق جفناه يردد بصوت حاول تغليفه بالقسوة يردد بحسم: حكايتنا لازم تخلص زى ما بدأت يا نغم.
+
هوى قلبها بين قدميها ، صوت ذلك اللين مازال يسكت عقلها و يقول له أنها فقط مزحه من حسن.
+
ضحكه مهتزه غير محددة الهويه أكانت ساخره ام تضحك فعلاً ، لكن صوت إنشقاق قلبها كان واضح بها و هى تردد: ده هزار مش كده؟
+
أرغم نفسه على وضع نقطة النهاية و هو يلتف لها قائلا: لأ مش بهزر يا نغم، حكايتنا من الاول كان غلطه ، اعجابى و حبى ليكى كان غلطه.
+
استمعت له بألم شديد و الصمت يغلف المكان من حولهما ،فحتى أصوات الشارع المألوفه و لعب الأطفال مع نداء الباعه المتجولين توقف ، كأن كل شيء صمت حداداً.
كأنهم عزموا على إعطاء تلك اللحظات حقها من الإجلال و التقديس.
+
وهى أسبلت جفناها ثم إبتسمت بألم مردده :غلطه؟! وأنت كنت حبتنى أصلاً يا حسن؟!
+
بلا حاجة للوقت كى يفكر و يبحث عن إجابة ردد بسرعه يجيب: أوى.. أوى يا نغم، بس مش هستنى لما أموت على إيدك و أنتى فجأة بتكتشفى إن أجازتك خلصت و خلصت معاها قصتنا.
+
اقتربت منه و التقطت يده بلهفه تردد: مش هسيبك يا حسن، لو ده الى مخوفك إطمن ،انا روحى فيك و عمرى ما هسيبك.
+
قسى كثيرا عليها و هو يفلت يده من يدها فتنظر له بقلب مفطور ثم تفتح فمها وعيناها الجميله تهتز بدموعها ، كأنها تحملق به تحاول إستيعاب أن ذلك الماثل أمامها هو حسن.. كأنها لأول مرة تراه .
+
خصوصاً مع سماعها صوته و هو يقول بحسم و غضب: كل ده كلام، امك سبق و عملتها في صالح أبو غنوة و أكيد هتبقى نسخه منها .
+
صمت ثوانى و هى تقف مصدومه وقد بهت وجهها من حديثه الاكثر من مهين ، انتفض جسدها و هو يهدر فيها غاضباً: عايزه تسبينى ميت وراكى و تمشى ، بعد ما أبقى أتعلقت بيكى اكتر مانا دلوقتي.
+
استدار من جديد يوليها ظهره و لم يكتف بعد بل هدر مجددا يأمرها بصوته العالى: امشى من دلوقتي ، و أرجعى من مكان ما جيتى.
+
بلا حديث او عتاب مجددا فرت مغادره تختفى داخل منزل شقيقتها وهو ظل على وقفته ملتف عنها يعتقدها مازالت خلفه.
+