اخر الروايات

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الرابع وعشرون 24 بقلم سهام احمد

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الرابع وعشرون 24 بقلم سهام احمد 



البارت الرابع والعشرون
الفرصة الاخيرة.
تلك الخطوات التي نخطيها دون حسبان يترتب عليها الكثير، ربما يكون في صالحنا وربما يكون سببا في خسارتنا؛ لذلك لا تقدم على خطوة واحدة ربما يكون فيها قرارات مصيرية دون تفكير او تخطيط، الا إذا كان للقدر رأي آخر في رحلتك.
ضحكت ثريا وقالت:
-حضرتك محظوظة فعلا يا ماما علشان معاكي راجل زي بابا.
-طبعا يا روح ماما مين يشهد للعريس.
ضمها خليل إليه مرة اخرى وقال:
-سيبك انتي بقا من كل ده وقوليلي مالك ايه اللى مدايقك ومغير مودك كده؟
تنهدت ثريا وهي ترقد على صدره قائلة:
-والله يا بابا محتارة مش عارفة اخد قرار، محتاجة مساعدتكم.
قالت داليا بقلق:
-في ايه يا ثريا قلقتيني، مالك؟
-والله يا ماما جابلي فرصة حلوة جدا في باريس مع شركة إنتاج هناك، هيعملولي او كليب ليا هناك وعايزني امضي معاهم.
فرح والديها لاجلها وقال خليل:
-طب ده خبر حلو ايه بقا اللي مدايقك في كده؟
اعتزلت ثريا تتحدث بجدية اكثر وقالت:
-بابا اللي مدايقني انهم عايزني اسافر باريس واستقر هناك طول مدة العقد خمس سنين.
ضربت داليا على صدرها وقالت:
-يا نهارك ابيض ياثريا عايزة تبعدي عني خمس سنين، لا يا حبيبتي ارفضي وان شاء الله هتجيلك غيرها، انا لا يمكن ابعد عنك خمس ساعات دانا بموت وانتي عند بيت جدك من قلقي عليكي.
قال خليل بجدية:
-استني بس يا داليا، بصي يا حبيبتي في البداية كل واحد لازم يطاطي للموجة شويه علشان يقدر يركبها صح، ولما يتمكن منها ويثبت في مكانه يقدر يعمل اللي هو عايزه فاهمة قصدي؟
-فاهمة يا بابا طبعا.
-لو العقد ده فيه مصلحتك وشايفه إنه فرصة ليكي وانا شايف كده ماتتردديش يا حبيبتي سافري وربنا يوفقك.
-اكيد يا بابا هعمل كده بس في حاجة لازم اخلصها الاول قبل ماخد اي قرار، انا هقوم ارتاح شوية بعد اذنكم.
-اتفضلي يا حبيبتي.
تحدثت داليا إلى خليل بغضب:
-خليل انت ازاي تسببها كده وتسمحلها تمشي وتسيبنا.
-سيبي البنت على راحتها يا داليا خليها تعرف تاخد قراراتها بنفسها، مدام في مصلحتها يبقا خلاص، اطمني بنتك واعية ومايتخافش عليها.
-يا قلبك ياخي يا قلبك.
-طيب يا ستي انا عايزها تبعد عني ارتحتي، قومي شوفي وراكي ايه.
دخلت ثريا إلى غرفتها واستلقت على فراشها، ونظرت إلى السقف شاردة، تفكر كيف ستتحدث مع فارس بالرغم من كل ما حدث بينهما، لكنها قررت أن تتشجع وتكون تلك الفرصة الاخيرة بينهما؛ حتى لا تشعر بالذنب تجاه علاقتهم مرة اخرى.
امسكت الهاتف وقبل أن تضغط على زر الاتصال، رن هاتفها بمكالمة واردة من فارس، كادت ثريا أن تقفز من الفرحة، إجابة بسرعة:
-فارس.
-ثريا ازيك؟
-الحمد لله وانت؟
-الحمد لله، انا ازعجتك والا حاجة.
-لالا خالص انا كنت هكلمك.
-كنتي هتكلميني؟! خير انتي كويسة؟
-اه الحمد لله انا تمام، انت كنت متصل في حاجة انت كويس؟
-اه الحمد لله تمام انا كنت عايز اشوفك، عايز اتكلم معاكي شوية.
انزلت الهاتف من على اذنها تقفز فرحا وهو ينادي:
-ثريا ثريا؟ الو.
-احم ايوا انا سمعاك.
-كنت بقولك عايز اشوفك.
-تمام ممكن نتقابل كمان ساعة لو انت فاضي؟
-اه انا فاضي تمام هبعتلك لوكيشن والا تحبي اجي اخدك.
-لأ تمام ابعتلي لوكيشن وانا هجيلك.
-تمام زي ما تحبي، باي.
-باي.
بعدما اغلق الهاتف كل منهما ظل يقفز فرحا وكأن الحياة قد عادت إليه مرة اخرى، استعدت ثريا لمقابلة فارس، احرجت جميع ملابسها من خزانة الملابس لتختار منها ثوب ترتديه، وهو كذلك الامر ظل يبحث عن قميصه الذي تحبه لكنه لم يجده، فاختار ثوبا رسميا انيق من تلك الماركات التي تفضلها ثريا عليه.
ارتدت ثوب بلونه المفضل الاحمر والذي دائما ما كان يمنعها من ارتدائه سوى في المنزل؛ حتى لا يراها به احد سوى اهلها وهو فقط.
تزينت ببعض مساحيق التجميل البسيطة التي تضفي جمالاً خلايا على جمالها الذي لا يقاومه فارس منذ أن ادركه الوعي للدنيا، خرجت من منزلها واخبرت والدها بخروجها ولم تراها والدتها والا كانت منعتها من الخروج بتلك الاناقة خوفا عليها:
-ثريا لابسة كده ورايحة فين؟
-بابا وطي صوتك والنبي انا رايحة مشوار مهم اوي بالنسبالي، ادعيلي؟
-ماشي يا حبيبتي بالتوفيق خلي بالك من نفسك؟
-حاضر يا احلى اب في الدنيا، سلام.
-هههه سلام يا بكاشة.
خرجت داليا من المطبخ تنادي:
-خليل انت بتكلم مين؟
-ها لا ابدا ده كنت فاكر حد بيخبط فتحت الباب ملقيتش حد، يمكن عيال الجيران والا حاجة.
-دول عيال شياطين، اما اروح اشوف ثريا صحيت والا لا.
-لأ خليها نائمة انا لسة شايفها، بلاش تقلقي نومها هي تصحى براحتها، خليها ترتاح.
-اه والله عندك حق يمكن يا قلبي مكانتش عارفة تنام هناك؛ علشان مغيرة مكانها، طيب انا هدخل المطبخ احضر الغدا محتاج حاجة قبل ما دخل؟
-ماتحرمش منك يا حبيبتي.
ابتسمت داليا ودخلت إلى المطبخ لتحضير الطعام.
~~~
خرج فارس من منزله مسرعا دون أن يراه احد، سمعت والدته صوت فتح الباب وغلقه، خرجت من غرفتها تتطلع إلى الباب، ثم دخلت إلى غرفته ولم تجده، امسكت بهاتفها واتصلت به:
-فارس يا حبيبي انت فين، خرجت كده من غير ماتقولي؟
-معلش يا ماما عندي مشوار مهم جدا ادعيلي، هكلمك لما اخلص.
-ماشي يا حبيبي ربنا معاك، ويحققلك كل اللي بتتمناه.
-ربنا يخليكي ليا يا ملكة قلبي، يلا سلام.
-سلام يا حبيبي.
في طريق كل منهما لرؤية الآخر كأنه يذهب إلى الجنة، سعادة لا توصف يفكر كل منهما في أنه سيرى الآخر وان الحياة بينهما ستعود كما كانت من قبل، يذهب كل منهما بثقة إنه سيعود برفقة الآخر.
وصل فارس وانتظر ثريا على الطاولة الخاصة بهم، حتى وصلت تلك الاميرة، عندما دخلت إلى المطعم انتشرت رائحتها بالمكان حتى وصلت إلى أنفه، اشتم تلك الرائحة بابتسامة مشرقة وقال بصوت منخفض وهو يغمض عينيه:
-ثريا.
نظر إلى اتجاه الباب وجدها تخطي بخطوات واثقة واحدة تلو الاخرى تدك الارض دكا، تلفت انتباه الجميع بطلتها، وقف فارس مبهورا بها لم يراها هكذا من قبل تلك الصغيرة التي كبرت بين يديه، اصبحت اميرة وعروس لا تقاوم.
وقف فارس يستقبلها بابتسامة عريضة وفرحة عارمة:
-ثريا.
-مساء الخير يا فارس.
-مساء الخير، ايه الجمال ده كله.
-ميرسي من بعد ما عندكم.
سحب فارس الكرسي خلصتها وطلب منها الجلوس، ثم عاد إلى مكانه للجلوس مرة اخرى:
-اتفضلي.
-ميرسي.
سمعت ثريا اغنيتها المفضلة والتى كانت تسمعها مع فارس دائما عبر الهاتف، نظرت إليه لكنها لم تتحدث، فقال لها وهو يعلم انها تنتظر منه ذلك:
-تسمحيلي.
مد يده إليها يطلب مراقصتها، فقامت بكل سعادة:
-اكيد طبعا.
بينما كانت تتراقص اقدامهم واجسادهم بتناغم معا على نغمات صوتية، كانت قلوبهم تتراقص معا على اوتار شرايينها، تخفق كدقات الطبول المتناغمة، يصدر قلب كل منهم صوتا يسمعه قلب الآخر، شرد بعينيها وشردت بعينيه كأنهما لم يفترقا يوماً.
ما ذالت القلوب تنبض من عشقها بقوة ومازالت الاجساد ترتعش من لهفتها وتوقها للقاء، بتر شرودهم تلك التصفيقات الحارة التي اخرجتهم من عزلتهم رغم وجودهم بين الجميع، خجلت ثريا وعادت إلى مقعدها على الطاولة برفقة فارس، اوصلها فارس إلى الطاولة وذهب ليجلب إليها هديته الخاصة والتي كان يحتفل بها بطريقة خاصة ايضاً، حيث كان يضع لها خاتم الزواج في علبة صغيرة تقدم إليها وسط طاولة الطعام على طبق من ذهب مكتوب عليه اسمها واسمه.
ترك فارس هاتفه على الطاولة وصلت إليه رسالة عبر برنامج المحادثات الواتس اب خاصته، بصورة ورسالة صوتية من نايا، امسكت ثريا الهاتف ينتابها الفضول تريد معرفت ماذا ستقول له نايا، فتحت تلك الرسالة والصورة.
وجدت صورة وهي تبعث له قبلة في الهواء ورسالة صوتية منها تقول:
-فارس انا مستنياك انهاردة، مينفعش تفضل زعلان مني، خليني اصالحك بطريقتي من فضلك، هستناك على العشا، سي يو.
سمعت ثريا تلك الرسالة ونظرت إلى تلك الصورة واشطاطت غضبا، إلى أن اتى فارس ولاحظ تغيير ملامح وجهها، تدعي الهدوء، لكنها لم تستطيع، قامت فجأة واعتذرت منه وقالت:
-انا مضطرة امشي معلش.
امسك بيدها برفق وقال:
-امشي تروحي فين احنا لسه ماخلصناش كلامنا من فضلك اقعدي دقيقة عايزك تشوفي حاجة.
أشار فارس إلى العامل وجلب له طاولة الطعام ووضع أمامها طبق مغطى، طلب منها فارس أن ترفع الغطاء.
رفعت الغطاء ووجدت علبة صغيرة حمراء اللون، نظرت إليه باستغراب ثم قامت بفتحها فوجدت خاتما من الماس جميل الشكل.
لكن لم تكن فرحتها بطلبه مكتملة، نزل على قدميه ومد يده إليها قائلاً:
-تتجوزيني يا ثريا؟
ظلت تنظر إليه وتنظر إلى الجميع حولها، وتلتقط أنفاسها بسرعة من شدة التوتر والانفعال.
هزت رأسها يميناً ويساراً وذهب مسرعة إلى الخارج دون كلمة منه، صدم فارس من جوابها الصامت، اسرع خلفها ينادي عليها:
-ثريا ثريا استني، فهميني في ايه ثريا؟
امسك بزاعها يشدها إليه بقوة:
-استني هنا بقولك، في ايه مالك ايه اللى حصل فهميني، احنا كنا كويسين.
دفعت يديه وقالت بانفعال:
-شرف تليفونك وانت تعرف والا ليه تشوفه روحلها اكيد مستنياك.
اردفت لتذهب فاوقفها مرة اخرى:
-مش هسيبك تمشي يا ثريا، مش هسيبك تمشي غير لما اعرف فيه ايه بالظبط، ليه كل لحظة حلوة لينا اقلبيها بنكد ليه؟! ليه مصر يكون في بينا حاجز كبير؟
-دانا برضوا، انا اللى سمحت لنفسي اني احب غيرك او اعرف غيرك رغم بعدك عني كل السنين دي، والا انت يا فارس؟!
-انتي بتقولي ايه، انا عمري ماحبيت ولا عرفت حد غيرك وانتي عارفة ومتأكدة من ده.
-كنت عارفة يا استاذ فارس كنت عارفه فعلا كده وكنت متأكدة من ده لحد ماشفت رسالة نايا على الواتس بتاعك، يا خسارة.
اخرج فارس هاتفه وهو يقول:
-رسالة ايه بس استني اكيد فهمتي غلط.
نظر إلى تلك الرسالة وزفر بضيق ثم قال:نايا نايا، ثريا والله انا معرف هي بتعمل كده ليه ولا اعرف بعتت رسالة زي دي ليه؟
-لأ واضح يا فارس واضح جدا انك ماتعرفش، ويا ترى بقا بتعرف تصالحك بطريقتها، عجبتك الطريقة ها، واحد كداب.
ذهبت ثريا خطوتين وامسك بها وحملها على كتفه وهي تصرخ وتقول:
-فارس نزلتي فارس، بلاش شغل العيال ده يا فاااارس، الناس بتتفرج علينا.
-خلي الناس تتفرج علينا، مفيش فايدة فيكي ومش عايزة تسمعيني، هاتسمعيني غصب عنك يا ثريا غصب عنك.
اخذها فارس على كتفه ووضعها بسيارته واغلق الابواب وانطلق بها.
ذهب فارس إلى الفندق وتوقف بسيارته، ترجل وامسك بثريا يخرجها من السيارة وهي تقاومه حتى ا٥مكن منها، حملها على كتفه مرة اخرى، وينظر إليه الجميع، بعضهم يلتقط الصور والبعض الآخر يشاهد تلك الرومانسيه الغريبة.
قال احد الاشخاص الموجودين في الفندق لصديقه الذي يقف بجواره:
-مش دي المطربة ثريا، اللي بتغني؟ هي صح والله هي يبني.
-اه تصدق طب صور يبني صور، دي مصلحة حلوة هانركب الترند بالخبر ده.
ذهب فارس إلى الاستقبال وطلب غرفة لشخصين:
-عايز غرفة لشخصين من فضلك.
نظر موظف الاستقبال إليهما وهو يضحك، فقال له فارس:
-مراتي زعلانه مني شوية ويحاول اصالحها، انت عارف بقا دلع الستات ده.
-تحت امرك يا فندم ممكن تملا البيانات دي حضرتك، وتوقع هنا.
-اكيد، تمام كده.
-تمام يا فندم، اتفضل حضرتك غرفة رقم ٢٢.
-تمام شكرا ليك.
ذهب فارس إلى المصعد وتركها في المصعد بعدما اغلق الباب وهو يقف امامها يحيطها بزراعيه، تحاول دفعه لكنها لا تستطيع، فلم تجد امامها سوى أن تظهر له استسلامها؛ حتى تستطيع الهرب منه.
سهام احمد
سندريلا القلم



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close