رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الخامس وعشرون 25 بقلم سهام احمد
زئير القلوب
البارت الخامس والعشرون
مزيد من الالم.
ليس كل البدايات مفرحة وليس كل النهايات مؤلمة، وليس كل نهاية لا كمالة بعدها، وليس كل بداية يوجد خلفها النهاية.
بين فارس وثريا لا نهاية مدامت القلوب تنبض بين الضلوع ويطوقها العشق الذي ليس فيه رجوع، في كل بداية تكمن نهاية وكل نهاية تجلب بداية وهكذا هي الحياة بينهم مستمرة مهما كانت حالتهم.
بعدما أخذ فارس ثريا إلى الفندق وصعد بها في المصعد واظهرت له روح الاستسلام؛ حتى تستطيع الهرب منه، عند خروجه من المصعد ظن انها يتهرب منه فامسك بها فقالت:
-خلاص يا فارس سيب ايدي خلاص قلتلك هاسمعك، انا مش عيلة صغيرة.
رفع فارس يده وقال:
-طيب اوك ماشي اتفضلي.
خرجت من باب المصعد وهو خلفها إلى أن وصلو إلى الغرفة، ادار ظهره إليها يفتح الباب واذا بها تركض إلى المصعد، ركض خلفها وامسك فها يحتضنها من الخلف من خصرها، حملها إلى الغرفة وقال:
-انا غلطان اني اديتك الامان وصدقتك، انتي فعلا مالكيش غير حاجة واحدة.
وضعها على الكرسي وامسك بها بقوة وهي تتألم جراء لمسات يده:
-فارس سيب ايدي انت بتعمل ايه، اااه هاتعمل ايه؟
قام فارس بتقييد يديها في الكرسي وقيد قدميها وجلس امامها وقال:
-ها حلو كده؟
-فارس ايه اللي انت بتعمله ده فكني، فكني يا فارس بقا.
-طول مانتي عصبية كده ومش عايزة تهدي هاتفضلي مربوطة يا ثريا، وانا عن نفسي مبسوط كده.
-انت لو مافكتنيش دلوقتي انا هسرخ والم عليك الدنيا فكني بقا.
-تمام سرخي وريني كده.
قال فارس كذلك وظن انها تمزح، ثم فجأة صرخت ثريا بصوت مرتفع تستغيث، قام فارس ووضع يده على فمها وقام بلصق فمها بشريط لاصق وعاد للجلوس مرة اخرى امامها، تنظر إليه بنظرات حادة تزفر بضيق بصوت مكتوم تصرخ وتضرب الارض بقدميها وتهز رأسها، وهي يجلس لا يعرفها انتباه سوى قول كلمة واحدة:
-اهدي يا ثريا اهدي.
بعد دقائق اقترب منها وامسك بخديها يهندم إليها خصلات شعرها التى تناثرت على وجهها، امسك بعنقها برفق وقال:
-ينفع كده اللي انتي بتعمليه ده، فيها ايه لو كنتي استنيتي وسمعتيني من الاول؟
نظرت إليه بغضب ودمعت عيناها:
-بلاش البصة دي يا ثريا انا ممكن افكك بس بشرط ماتسرخيش تاني اتفقنا وتعدي.
اومأت إليه برأسها الى أسفل بالقبول، فقال لها:
-انا مش متطمن لا انتي عملتيها قبل كده.
هزت رأسها يميناً ويساراً، فقال:
-مش هاتسرخي يعني، طيب هفكك خلاص بس والله يا ثريا انتي عارفة.
فك قيدها وازال الشريط اللاصق من على فمها، تألمت يداها وفمها، جلب لها كوب من الماء واعطاها إياه، فقامت بضربه بيدها اسقطته من يده على الارض وقالت:
-مش عايزه حاجة.
-احنا اتفقنا انك تهدي مش كده.
-خلاص يا فارس بقا خلاص، انت عايز مني ايه سبني في حالي بقا وامشي.
-عايزك اسمعيني يا ثريا، مش عايز حاجة غير انك تسمعيني.
-وانا مش عايزه اسمع منك كذب تاني، كفاية كذب يا فارس.
-انا مش بكذب يا ثريا، انا فعلا معرفش اي حاجة عن الرسالة اللي بعتتها نايا دي ولا اعرف قصدها منها ايه، فكري فيها شوية يا ثريا انا كنت جاي اطلب ايدك للجواز ايه اللي يخليني اعمل كده لو ليا علاقة بح تاني غيرك؟!
-طبعا قلت اضرب عصفورين بحجر واحد، واهو حبيبتي من ناحية والفلوس من ناحية تانيه.
-فلوس فلوس فلوس، انتي غبية اوي لو انا عايز فلوس طب ماخد من ابويا ملايين زي مانا عايز بس انتي عارفة اني مش كده، انا مش عارف انتي مالك فيكي ايه؟
اقترب منها يمسك بكتفيها بعد تنهيدة فدفعت يديه، اعاد الكرة ودفعته ايضاً، فجزبها نحوه بقوة حتى ارتطمت بصدره وطرقها بزراعه بقوة حتى لا تستطيع الحراك وقال:
-مش عارف انتي بقيتي عنيفة كده ازاي؟! فين ثريا البنت الرقيقه اللى كانت بتخاف من صوتي لو علي شوية.
-فارس سيبني.
-مش هسيبك يا ثريا انا هقولك كل اللى انا عايزة دلوقتي، حابة اسمعيني اسمعوا ووفري على نفسك الوقت في حضني، رغم اني مش عايز الوقت ده يخلص خالص بصراحة، مش حابة تسمعي وده منى عيني طبعا فخلينا واقفين كده لحد ماتهدي.
-اتفضل قول اللي عندك هسمعك.
ابتسم فارس وقال:
-طيب تمام، انا كنت جاي انهاردة علشان اقولك اني حائلي عرض عمل في لبنان، انا هسافر يا ثريا، بس مش عايز اسافر لوحدي عايزك تكوني معايا؛ علشان كده كلمتك مكنش ينفع ابعد من غير ماشوفك وانتي بنفسك تقوليلي امشي يا فارس.
ضحكت ثريا وامالت برأسها الى الخلف ثم عادت للنظر إليه فقال لها:
-بتضحكي على ايه يا ثريا انا قلت حاجة تضحك؟
-بضحك على الصدف يا فارس تخيل انا كمان كنت جاية اقولك كده انهاردة، انا جالي عرض عمل في باريس ومكنتش هقدر اسافر غير لما انت تقولي برضوا يا فارس.
-باريس؟!
-اه باريس، مع شركة إنتاج عالمية تخيل؟! وماهمنيش غير اني اشوفك واكون معاك بس خلاص مالوش لزوم، سافر يا فارس سافر وكمل حياتك اللي انت ابتديتها.
-مالوش لزوم الكلام الفاضي ده، انا بقولك عايزك تكوني معايا يا ثريا، انا هنا علشان بحبك ومقدرش اعيش من غيرك، قولتي ايه؟ انسي اللي فات وتعالي نبتدي صفحة جديدة ونبتدي كل حاجة من جديد.
-انت عايزني اتخلى عن سفري لباريس واكون معاك؟! طب ليه ماتتخلاش انت عن سفرك للبنان وتيجي معايا.
-اجي معاكي باريس اعمل ايه يا ثريا، انا رايح لبنان علشان انا شغلي هناك، ماتنسيش إن انا الراجل وانا اللي هصرف على بيتي، انتي مسؤولة مني مش انا اللي مسؤول منك.
-على فكرة مفيش فرق بينا مش ده كان كلامك دايما، انا او انت احنا الاتنين واحد.
-واحد في كل حاجة الا الحاجة دي يا ثريا، يرضيكي ابقا جوز الفنانة اللي قاعد مستني في البيت من غير ولا شغله ولا مشغلة، طب والنبي قوليلي اغسل الاطباق والا احضر العشا يا ست هانم.
-هههههه على فكرة انا مش بهزر.
-وحشتني ضحكتك اوي يا ثريا كل حاجة فيكي وحشتني.
-وانت كمان وحشتني اوي يا فارس، مش ناوي تفكني بقا.
-لأ انا مرتاح كده.
-بس انا مش مرتاحة كده.
-مش مرتاحه وانتي في حضني؟!
-لأ بتكلم بجد ايدي وجعتني، انت ضاغط عليها جامد وانت مش حاسس.
أفلتت يديه في الحال وقال:
-اه انا اسف تتقطع ايدي لو كانت سبب في وجعك.
-بعد الشر عليك يا حبيبي.
-تعالي بقا نقعد شوية هديتي حيليى وبوظتي البدلة اللي حيلتي، انتي عارفه انا فضلت ادور على القميص اللي انتي بتحبيه انهارده علشان البسه وفص ملح وداب اختفى من الدولاب، كأنه اتسحر.
ضحكت ثريا وقال فارس:
-الضحكة دي وراها حاجة.
-بصراحة اه، انا اخدت القميص من دولابك وخليته معايا كنت بنيمه جنبي كل يوم علشان اش ريحتك فيه واحس انك موجود جمبي.
امسك يدها يقبلها:
-مش عارف اقولك ايه ربنا يخليكي ليا، انا عايزك تحضري نفسك في اقرب وقت علشان نتجوز ونسافر انا مش هقدر استني يوم كمان وانتي بعيده عني.
-اه بس انا مش هسافر لبنان يا فارس احنا هنسافر باريس.
-باريس ازاي يا ثريا انا شرحتلك الموضوع، مش هينفع اسيب شغلي.
نظرت إليه باستغراب وقالت بضيق:
-يعني يا اما انا اتخلى عن حلمي وشغلي يافارس يا اما نفترق مش كده؟! لكن علشان انت الراجل فمينفعش انك تتنازل علشاني صح، ازاي طبعا رجولتك تنقح عليك لما تكون مراتك ناجحة، انا مش هسيبك شغلي يا فارس ولا هتخلى عن اي حاجة وصلتلها بمجهودي وتعبي.
-ولا حتى علشاني يا ثريا.
-ولا حتى علشانك يا فارس.
طأطأ فارس رأسه بخيبة أمل وحزن شديد رفع يديه يضرب جانبيه، وقال:
-مش عارف اعمل معاكي ايه تاني مفيش فايدة؟!
-لو مفيش فايدة يا فارس يبقى مفيش فايدة فيك عمرك ما هتتغير، طول عمرك بتحب تفرض رأيك عليا وتمشي كلامك وخلاص، ماما كان عندها حق لما قالت انا اللي سبتك تعمل فيا كده.
-لأ يا ثريا وانا مش هعمل كده لا دلوقتي ولا بعدين ولا حتى علشان عايزك تكوني معايا، انا ماشي يا ثريا وهسافر لبنان وانتي كمان سافري باريس وحققي حلمك، حقيقي حلمك بعيد عني.
قالت وهي تبكي بقهر:
-اه يا فارس هحقق حلمي وهاتشوف بعينك وهاثبتلك انك غلطان.
ذهب فارس باتجاه باب الغرفة وقال لها:
-السواق هيوصلك لحد باب بيتك زي مانا جبتك هنا، سلام.
جلست ثريا على الفراش تبكي بشدة، ثم قامت ومسحت وجهها براحتها ونزلت في المصعد وغادرت الفندق.
بينما كان والدها يتفقد صفحات الانترنت اذا بهذا الفيديو منتشر بعنوان المطربة ثريا مع عشيقها، اشطاط والدها غضبا وعندما عادت امسك بها والدها وقال:
-ثريا تعالي هنا، ايه ده اللي انا شايفه؟
نظرت ثريا إلى الهاتف ورأت الفيديو فقالت بلا مبالاة:
-بعدين يا بابا بعدين اشرح لحضرتك سبني دلوقتي ارتاح من فضلك.
تقدمت خطوتين فجذبها بقوة وقال:
-اقفي هنا انا بكلمك.
-بابا قلت لحضرتك هشرحلك بعدين والله الفيديو مش زي ما حضرتك شايف ده تلفيق.
عاودت الكرة وهمت بالذهاب فامسك بها مرة اخرى يعيدها للخلف، فصرخت بوجهه وقالت:
-خلاص بقا سلوتي في حالي قلت خلاص.
واذا بتلك الصفعة القوية تضرب خدها حتى تترك اثرا لاصابعه على وجهها، كانت تلك هي المرة الأولى التي يضربها فيها منذ ولادتها، تأثرت ثريا كثيراً وبكت بقهر، خرجت داليا من غرفتها على اصواتهم:
-في ايه، في ايه يا خليل؟ ثريا مالك في ايه، ماتنطقوا حد يقولي في ايه؟
-اسألي بنتك يا هانم.
قالت ثريا بحزن:
-دلوقتي بقيت بنتها يا بابا، طول عمرك تقول بنتي حبيبتي.
رفع إصبعه في وجهها بنبرة تهديد حادثها:
-لو فاكرة إن دلعي ليكي هايخليني اسمحلك تتمادي تبقي غلطانة، اتفضلي على اوضتك مش عايز اشوف وشك قدامي.
دخلت ثريا مسرعة إلى غرفتها، منكسرة من الجميع، كم عانى هذا القلب بالرغم من صغر سنه، اغلقت باب الغرفة من الداخل، امسكت داليا بخليل تحاول تهدئته:
-اهدى يا خليل مش كده بالراحة، اهدي، طول عمرك وانت بتعاملها بالراحة.
-كنت غلطان يا داليا، لما توصل بيها لكده، ابقا معرفتش اربي بنتي يا داليا، انا معرفتش اربي بنتي الوحيدة.
-اهدى بس كده وصلي على النبي، كل حاجة وليها حل بالهداوة، الغلط مايتحلش كده يا خليل، اهدى.
ذهبت داليا تطرق باب غرفة ثريا:
-ثريا ثريا يا حبيبتي افتحي لماما يا قلبي، طب ردي عليا طمنيني عليكي، ثريا؟ انا مش عارفة بس ايه اللي صابكم انا حسدتكم والا ايه، ثريا ردي عليا يا قلب ماما.
-سيبيني يا ماما من فضلك عايزه اقعد لوحدي سيبيني بقا.
رجع فارس إلى منزله ودخل إلى غرفته مباشرة، قامت والدته منتفضة من على الكرسي، تركض إليه لم تحلق به قبل أن يغلق الباب، وقف خلف الباب يبكي، سمعته ليلى ف معت عيناها وهي تقول:
-فارس، فارس يا حبيبي رد عليا، قولي مالك طيب؟ فارس رد عليا يا ماما.
بكي فارس وجلس خلف الباب يتألم، فقامت ليلى بالاتصال بوالده فوزي، حيث كان ذاهبا إلى المطار برفقة سارة ليوصلها إلى طيارتها التي ستقلع إلى مصر:
-الو ليلي عاملة ايه.
-فوزي الحقني؟
-في ايه يا ليلى مالك، فارس جراله حاجة؟
-فارس تعبان اوي، رجع من البيت دخل اوضته وقافل باب اوضته عليه ومش عايز يرد عليا، انا مش عارفه ماله، قلقانه عليه اوي يا فوزي.
بينما يتحدث كانت سارة تمسك هاتفها ورأت الفيديو الخاص به وثريا، فاشارت لوالدها وقالت:
-بابا بص كده.
نظر فوزي وعلم إن هناك خطب ما بخصوص قصة حب او ما شابه، فقال ل ليلى:
-اطمني يا ليلى انا عارف هو زعلان من ايه سيبيه دلوقتي لحد مايهدى ماتضغطيش عليه من فضلك، كلها كام ساعة وسارة تكون عندك هي هاتعرف تتفاهم معاه، انا بوصلها المطار دلوقتي.
-ماشي يا فوزي حاضر.