رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثالث وعشرون 23 بقلم فاطيما يوسف
مرت الأيام في المشفى كانت مها تجلس بجانب مجدي فهي تتعامل معه الآن بأصلها ونوعا ما تراعي حالته وخاصة بعد انهياره لما علم بحالته وأنه لايستطيع المشي بعد ذلك ،
+
فوجدها تجلس شاردة الذهن فتحدث بندم :
+
_ عارف اني ظلمتك كَتييير قووي يا مها وسنين واني مشايفش العمر اللي جري بيا وأني بلف زي الطور في الساقية ، وممكن كمان إللي أني فيه دي دعوة أم في ساعة استجابة علي إني حلبت ابنها واستغليت وظيفتي ودفعته اللي وراه واللي قدامه من ورا تزويري ، أو دعوة راجل قفلت لَه محلَه بسبب اني مساعدتهوش علشان غلبان مقدرش يدفع ضرايب ،
+
ثم نظر لحالته بأسى وأكمل:
+
_ وكله كوم واللي عميلته فيكي كوم تاني ، عشتي معاى سنين في مرار واتحمَلتي وحتى في شكواكي كتي بت أصول ولما كان يفيض بيكي الكيل وتبكى كنت بشوف بكاكي فجر ومياصة واني كنت كيف الاعمى ،
+
كانت تسمعه بإنصات شديد وجـ.ـروحها التي حاولت كبتها فُتحت من جديد ، لقد ذكرها بالماضي الألـ.ـيم وعـ.ـذاب السنين ،
+
ثم تنهدت بتـ.ـعب بين على معالمها وقالت :
+
_ كفاياك نبش في اللي فات ويوجع القلوب يامجدي النبش بيسبب الالم اكتر وبيشيل النفوس وممنوش فايدة ولو كانت كلمة الله يرحمه بترجع اللي مات كانت كلمة معلش بتصلح وتداوي اللي فات ،
+
واسترسلت حديثها وهي تغير مجرى الحديث و تخبره :
+
_ الداكتورة سكون اتجوَزت من شهر ، ومكة فرحها كمان يومين .
+
حرك رأسه بأسى ثم أردف بقلة حيلة:
+
_ ماني كنت بصحتي لما الداكتورة بتتخطب ولما كانو بيكتبوا كتابها واني كسلت أروح وفضلت الشغل على صلة الرحم ، عمري ما رفعت راسك ولا كبرت بيكي قدام أهلك وانتي كنتي تتحايلي علي وتقولي لي دول يتامى وتعالى اقف جارنا واني كنت أكبِر دماغي ، حقك عليا يا مها ،
+
وأكمل حديثه وهو يسألها :
+
_ هو أني قدامي كد ايه واخرج من اهنه وأعاود بيتي ؟
+
أجابته بما تعرفه :
+
_ الداكتور قال قدامك مش أقل من أسبوع لأن في اشعة وتحاليل وحاجات اكده مفهماش فيها وبعدين تخرج ،
+
وأكملت وهي تخبره :
+
_ اني مش هعرف أجي لك اليومين الجايين دول علشان فرح مكة وبعدها هاجي هشوف خروجك وكله بأمر الله .
+
سألها عن أولاده:
+
_ أمال العيال عاملين كيف وصحتهم عاملة ايه ، ابقي هاتيهم أشوفهم اتوحشتهم قوي .
+
نظرت إلى المكان حولها وحركت راسها برفض:
+
_ هما كويسين الحمدلله ، بس معلش يامجدي مينفعش أجيب ولادي اهنه في المستشفى كلها امراض واخاف يلقطوا من اي حد وهما مناعتهم ضعيفة ، كلها سبوع وتعاود دارك وتشوفهم على كيفك ،
+
واسترسلت وهي توصيه بوجـ.ـع :
+
_ بس أمانة عليك يامجدي لما تشوفهم متزعقلهمش وتكش في وشهم زي عوايدك ، حن عليهم ، حسسهم انك ابوهم مش عدوهم وهما ياحبة عيني يتمنوا منيك المعاملة الزينة ، ومتقلقش هما عيال زينة قووي وأني مربياهم كويس .
+
التمعت عيناي مجدي بالدموع لأول مرة على هذان الطفلان اللذان لم يروا منه إلا كل جفاء وافتـ.ـراء ، لم يشعرهم يوما بأبوته ، لم يحتضنهم يوما ويجبر خاطرهم ، وها هو الآن عاجز عن كل شئ واجب على الأب فعله مع أبنائه ولكن ليت الزمان يعود يوما ،
+
رأت لمعة عيناه وللأسف لم تشعر بالشفقة تجاهه فمشاعرها منذ زمن أصيبت بالتناحة ولم يعد يفرق لها أي شئ في الكون حتى نفسها غير أبنائها فقط هي من تتفاعل مشاعرها معهم ،
+
ظل كلاهما سارحا في ملكوت الوجـ.ـع الخاص به ، كل منهما يفكر كيف تمضي الأيام القادمة ، وكيف ستكون حياتهم مع كل الشروخ التي تسكن روحهم .
+
******"""""*****'""""****
+
في منزل سلطان تجلس زينب في حديقة منزلها وامامها السبرتاية الخاصة بالقهوة تصنعها لنفسها فهي قررت أن تسمع نصائح صغيرتها المحنكة ، كانت تجلس وهي تضع قدما على الأخرى وبجانبها المذياع وتغني فيه أم كلثوم فهي تعشق أغانيها ،
+
اعتدلت بجلستها وبدأت بصنع القهوة في ذاك الجو والمكان المشمش فهي تحبذ الجلوس في الشمس كي تحاوط جسدها وتصيبه بالدفئ وتأخذ منها العافية لجـ.ـسدها،
+
عاد سلطان من الخارج ورآها من بعيد تجلس بذاك الرواق والبال المرتاح ،
+
تقدم ناحيتها وهو يقسم على أن يفـ.ـسد خلوتها ويعكر مزاجها فهي قد حـ.ـرقت دـ.ـمه ذاك الأسبوع بمعاملتها معه ،
+
رأته قادماً فنظرت تجاه الناحية الأخرى وهي تمسك كوب القهوة وترتشفه بتلذذ وتدندن مع كوكب الشرق مما جعلته يستشيط بسبب استكبارها عليه ،
+
جلس أمامها وتحمحم متسائلاً بنبرة استنكارية :
+
_ احممم ، من ميتة يازينب وانتي اكده مبتعمليش لوجودي اهتمام ولا هيبة ؟
+
أجابته وهي تنظر أمامها ولم تواجه عيناها وتضعها بعينه:
+
_ من يوم ما خنت العهد واتجوَزت علي عيلة من دور بناتي ، من يوم ماكسـ.ـرت قلبي ياسلطان واعمل حسابك عند زينب اللي انكـ.ـسر مابيتصلحش ،
+
واسترسلت وهي ترتشف من قهوتها بتلذذ وتنظر للاشئ :
+
_ طلع إن اللي بيدي أكتر مابياخد ويهتم باللي الاهتمام في نظر اللي وياه بقى شئ مفروض وبيعتبروه هبل وعبط ويستاهل كل اللي يجرالَه يا سلطان ، واني طلعت أعبط ست في الدنيا ،
+
الرابع والعشرون من هنا