رواية عشق خالي من الدسم الفصل الثاني وعشرون 22 بقلم فاطمة سلطان
الفصل الثاني والعشرون 22
بقلم فاطمة سلطان
اذكروا الله
________________
اللَّهُمَّ لا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ ، وَلا هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ ، وَلا دَيْنًا إِلاَّ قَضَيْتَهُ ، وَلا مَرِيضاً إِلاَّ شَفَيْتَهُ ، وَلا مُبْتَلَى إِلاَّ عَافَيْتَهُ ، وَلا ضَالاً إِلاَّ هَدَيْتَهُ ، وَلا غَائِباً إِلاَّ رَدَدْتَهُ ، وَلا مَظْلُوماً إِلاَّ نَصَرْتَهُ ، وَلا أَسِيراً إِلاَّ فَكَكْتَهُ ، وَلا مَيِّتاً إِلاَّ رَحِمْتَهُ ، وَلا حَاجَةً لَنَا فِيهَا صَلاحٌ وَلَكَ فِيهَا رِضاً إِلاَّ قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا بِفَضْلِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.
______________
"أحبك، لأنك تأملت في وجهي بقايا الأمل ولم تسرقه، وتأتي دائمًا كثيفًا بوسع كل طمأنينة، لأن قلبك وثيقة ضد الذبول، ومناعة ضد الإستسلام.. لأنك وعلى الدوام تنعش وجودي في هذا العالم."
"في الاسكندرية"
استيقظت تسنيم بانزعاج شديد وفزعة من نومتها
فعلي ما يبدو قد عادت لها تلك الكوابيس التي تؤرق يومها وحياتها، فقد اختفت منذ أشهر منها ولكنها تعود من جديد باختلاف المتضرر كانت هذه المرة والدتها شعرت بألم شديد يؤخز صدرها لا تدري لما مازالت تتألم وتحزن وتفرح من أجلها
كل تلك السنوات لم تكن كفيلة لاخراجها من حياتها، هل الروابط التي تربطهما عتيقة ؟!
أمسكت هاتفها لتري الساعة وجدتها السابعة صباحًا، تنهدت بملل وكأنها قد أسودت الدنيا في عيناها، لم تستطع الاتصال بجارتها فستكون نائمة
أو لما تزعجها بالسؤال عن والدتها، فكرت كثيرا تريد الاتصال بوالدتها وتطمئن عليها ورغم قلقها لم يطاوعها عقلها بفعلها
تذكرت كلماتها في أخر مكالمة بينهما
" حسبي الله ونعم الوكيل فيكي تصدقي انا غلطانة اني بكلمك تقوليلي أعمل ايه "
لتقذف الهاتف علي الفراش مستغفرة ربها فتحت باب الغرفة، لتجده يجلس علي الأريكة ويتحدث مع أحدهم في الهاتف ممسكًا بيده الآخري ملعقة علي ما يبدو يأكل بها طبق الشوفان الموضوع عليه بعض الأشياء التي لم تعرفها أو تحددها ذهبت الي المطبخ لتأتي بزجاجة مياة وكأنها قد وجدت شيء تغضب عليه وتخرج طاقتها فصاحت بنبرة غاضبة ومغتاظة حينما أغلق المكالمة
- حلو أوي يا مروان بتأكل حتي مش مكلف نفسك تستني لما أقوم أو تصحيني
التفت لها باستغراب فلم يتوقع استيقاظها باكرًا لتلك الدرجة فهو كان علي وشك الهبوط ليتنهي من بعض الإجراءات الحكومية الخاصة بالضرائب من أجل مطعمهم فأخبره محمود أنه لن يستطع الذهاب اليوم، كان يغضب من أجل أشياء كثيرة بخصوص عمله ورُبما تذكره لحديثه مع سلوي ...
- نقول صباح الخير الأول
- مفيش صباح الخير .. علشان تحترم أن في واحدة معاك اكيد جعانة وهتقوم تفطر وله صح انتَ مش مهم عندك حاجة .. أهم حاجة نفسك وبس
قالت كلماتها بانفعال شديد وكأنها تخرج طاقتها وغضبها قبل أن يتوقف قلبها من كثرة ما تحمله، فهتف بغيظ
- اه أنا مبهمنيش إلا نفسي فعلا يا تسنيم .. أنا نازل رايح مشوار ... ريهام خدت رقمك وهتكلمك عليه لما تنزلي
قال كلماته بغضب وكأنه هو الآخر لم يكن يحتمل لشيء في تلك اللحظة، لم يكن بوسعه أن يمرح
ذهب غالقًا الباب خلفه بعنف، انتابها شعورين أولهما أنها تريد الشجار معه فلما يغضب عليها بتلك الطريقة ويأخذ كلامها علي محمل الجد لما لم يمرح كعادته، وتغضب علي نفسها أيضًا كونها تحدثت بتلك الحماقة لا تدري هل كلماتها من أغضبته ولديه حق، أم انه هو من كان يتربص لها ؟!!
والي أين يذهب، تلقائيًا هبطت دموعها لا تدري من فعلتها أم بسببه، أو بسبب ذلك الكابوس الذي أصابها بالذعر ..
_____
-الساعة الثالثة عصرًا -
- متخانقة معاه يا ريهام
قالتها تسنيم بندم شديد حينما تذكرت مع فعلته في الصباح والحال أنها عرفت أن لديه مشكلة في عمله، اتصلت به فأخبرها علي مضض بتلك المشكلة، وهبطت هي مع ريهام وقد ذهبوا الي الكثير من المحلات، الخاصة بالفساتين ولم تستقر تسنيم على شيء فقررت ريهام أن يستريحوا في إحدي المقاهي ( الكافية ) ثم يستكملوا جولتهم
فهتفت ريهام بمرح وهي تحاول التخفيف عنها فهي لاحظت شخصيتها الحساسة في تلك الساعات التي جمعتهم سويًا
- يا ستي هو الجواز لو مفيهوش خناق هيكون ملل
- نكدت عليه علي الصبح
قالتها بندم شديد من فعلتها فما ذنبه؟!
فصاحت ريهام بمرح بعدما أخذت رشفة من القهوة الموجودة أمامها
- انتِ ست مصرية يا تسنيم ... يعني أنك تنكدي علي جوزك ده عادي ... علشان عروسة جديدة علشان كده ياعيني قلبك رُهيف ... ده أنا محمد لو منكدتش عليه يخاف لانه بيبقي عارف اني قفشت عليه حاجة وقاعدة بدورله علي خطة
انطلقت من تسنيم ضحكات تلقائية فهي بالفعل أمراة مرحة للغاية، وتلقانية في التعامل لدرجة أنها شُعرت بأنها تعرفها منذ سنوات، فتمتمت ريهام بمرح
- خلاص هقولك علي فكرة تنكشيه بيها وتجري شكله ... لو مستجابش يبقي راجل سليم وميه مية لو استجاب تروحي تنكدي عليه واهو برضو منك تفتحي موضوع
- فكرة ايه دي ؟!!
قالتها تسنيم بفضول شديد وهي تنصت لها بكامل حواسها لتسرد ريهام أحدي المقالب عليها ...
__________
-بعد نصف ساعة-
كانت تسنيم قد اقتنعت بحديث ريهام نوعًا ما وقررت خوض التجربة فلما لا ؟!
فلتمرح قليلا وتري ردة فعله صنعت هذا الحساب، أرسلت له تلك الرسالة
{ محمد موجود ؟؟ }
كان يجلس في مطعمه يمرح مع محمود لتأتيه تلك الرسالة من شخص مزعج، فوجدها ليضحك ساخرًا، وأخذ يتصفح ذلك الحساب وجده قد نشأ منذ دقائق ليعلم أنها لُعبة ما من أحد أصدقائه او شخص متطفل بالفعل
فارسل لها مروان:
{ ايه لسه شهادة محو الامية موصلتش لامك علشان تعرفي تقرأي الاسماء }
فارسلت تسنيم له بغضب شديد كونه تحدث معها بالفعل وأعطى المجال فلديه نية علي الأغلب
{ مش مهم محمد وله محمود اديني بكتب وبقضي الغرض، وكمان بعرف أتكلم مكالمات ودي مش محتاجة محو أمية}
فأرسل لها مروان مرة أخري
{ كارت بكام بقا، وبعدين معاكي مروان لو النطق صعب}
أرسلت له بغضب فمازال يجاريها وتتابعها ريهام
{ مروان مروان اللي موجود يسد، قولي بقا أتصل ؟؟ صورتك حلوة علي فكرة اللي حاططها مجنناني}
فهتفت تسنيم بحنق موجهه حديثها لريهام بعد أرسالها لتلك الرسالة
- ايه اللي انا بهببه ده
فأتاها رد ريهام بمرح
- بتتسلي يا بت وبتختبريه
- اختبره ايه ده شوية وهيبعتلي كارت بجد، ده انا قولت هيعمل بلوك او هيطنش
كانت الغيرة تتملك منه فصدع الهاتف ببرنين معلنًا عن اشعار لنمسك هاتفها لتقرأ الرسالة الآتية منه
{ لا متتصليش مش هتلحقي عملت بلوك يا روح امك }
وبالفعل قد حظرها، فنظرت لها ريهام بسخرية وهي تقص أحدي قصصها العجيبة
- وهو ده اللي مضايقة ده طلع حلو ده واحدة صاحبتي كلمت جوزها شهرين ولغايت ما نزل يقابلها وفاكر انها حد تاني، افرحي مروان طلع بيحبك أهو
- لا هو مش حب يعني باين انه اكونت فيك فأكيد عرف انه مقلب
قالتها تسنيم بتلقائية مًتصنعة اللا مبالاة رغم أن قلبها يرقص فرحًا، فهزت ريهام رأسها بعدم اكتراث ثم هتفت
- سيبك بقا من محمد ومروان والكلام ده، يوم الفرح الصبح هاخدك ونروح البيوتي سنتر نعملك عمره بقا
- اشمعنا
- كده مفيهاش اشمعنا، انا كل فترة بحب اروق نفسي كده واهي فرصة انك جيتي وتقضي معايا وقت أكبر، واهو فرح انا بحب الاقي فرح واعيش الدور انه فرحي
لتضحك بعفوية عقب انتهاء كلماتها وتبتسم لها تسنيم مبادلة إياها مرحها، فوجدت هنا وسط فكاهي ان كان مروان مع صديقه
وريهام وصديقاتها التي قابلتهم قبل جلوسهم هنا
فبمجرد الجلوس معهم تشعر أنك تعرفهم منذ سنوات، نهضوا من مكانهم مستكملين تسوقهم.
_____
في الساعة الثامنة مساءا
كان مروان يجلس علي الأريكة صامتًا بعدما غير ملابسه متأهبًا للخروج لمقابلة محمود وشخصًا ما لشيء خاص بعمله، جاءت تسنيم من الخارج رنت الجرس وما هو الا دقائق فتح لها مروان دون قول أي شيء ثم عاد وجلس مكانه ليحتسي قهوته
ولجت وهي تحمل الأكياس البلاستيكية ووجدت منه تجاهل عجيب ولكنه مُحق وضعتهم علي الطاولة ثم دخلت الي المرحاض وفكت حجابها ثم فكت خصلاتها ومشطتها جيدا
وهي تفكر كيف تراضيه لأول مرة تكن بهذا الموقف ولم تهتم لمرة بأن تعترف بأنها المخطئة في أي وضع من الأوضاع لا تجد أن أحدهما يستحق أن تتصالح معه ولكن لما تشعر بكم الضيق تجاه ما فعلته
خرجت لتجده علي نفس الوضع اقتربت منه وجلست علي يد الأريكة ومالت عليه قليلا وحاوطت بذراعها فصاحت متصنعة الانفعال
- مروان .. انتَ يا حج
- انا جنبك يا ماما .. مش قاعد في الشارع اللي ورا
هتفت قائلة بنبرة رقيقة وشبة مُدللة
- خلاص شكلك بيكون بايخ اكتر مني شخصيا وانتَ زعلان ومقموص كده
- أنا كمان بعرف اتقمص أومال ايه
قالها بسخرية فاقتربت وطبعت قُبلة علي خَدُّه قائلة بنبرة هادئة وهامسة ويظهر بها ندمها الشديد
- خلاص أنا كنت صاحية مخنوقة شوية مكنش قصدي أزعلك ولا كنت عارفة انك انتَ كمان هتلكك ليا .. ومكنتش أعرف أنك رايح مشوار مهم أصلا .. أنا اسفة يا مروان
ماكرة !!
كيف تكن بهذا القُرب منه وتتحدث بتلك النبرة الهامسة وتلمسه بتلك الطريقة وتريده أن يظل منزعج منها؛ فهتف بنبرة هادئة وحاول أن يبتسم فهو كان يريد الغضب من أي شيء حينما علم بغيابه
- خلاص يا تسنيم مش زعلان انا برضو كنت مخنوق شوية في موضوع كده في الشغل ... انا حتي هنزل وكنت مستنيكي
- يعني ان شاء الله خير في حاجة جامدة يعني؟!
- لا عادي موضوع هيتحل بسرعة ان شاء الله .. جبتي الفستان وله لا وعلي فكرة انا مش مهتم أعرف أنا متأكد انك ندمتي أنك مختنيش
قال كلماته الأخيرة بغرور يستطيع التحلي به لثواني، وتلك الثقة الزائدة التي لا تليق إلا به
- جبته عند ريهام في حاجة هتتظبط فيه وهي قالت هتعملها .. المهم علشان تعرف أني بحب اريحك ازاي
نهضت بعد أن قالت كلماتها الأخيرة تاركة أياه بعد أن شعر بدفئ مكانها وعناقها له، كيف له أن يكتفي بكلمة منها ويكتفي بعناق هكذا منها، أقل شيء منها يكفيه ويستطيع أن يجعله يتحلي بالصبر عليها، راقبها وهي تقترب من تلك الاكياس الذي أتت بها وأمسكت واحدة منهم ووضعتها علي المقعد المتواجد أمامه وهتفت بجدية
- هكلمك بمنتهي الجدية يا مروان .. أنا فكرت كتير فاللي قولته امبارح
ضيق ملامحه ثم هتف بعدم فهم فهو لا يتذكر شيء قاله بجدية ليلة أمس
- قولت أيه مش فاهم
- ايه ده انتَ نسيت هزعل منك بقا أنا اخد كلامك علي محمل الجد وانتَ تنساه أنا اتخدعت فيك وله أيه
قالت كلماتها بحنق وغضب مكتوم وهي تعقد ساعديها فهتف بنبرة مرحة بعض الشيء والفضول تملك منه
- معلش قوليلي وفكريني
- مش انتَ قولت يا تسنيم هاتي حاجة ليكي بس ليا قولت وله مقولتش
قالت كلماتها ومازالت تحتفظ بملامحها الجادة وحنقها، أما هو شعر أنه قد ذهب لغيبوبة ما فهل هي تسنيم التي يعرفها؟!!
هل تذكرت حديثه ذاك يريد أن يوقظه أحدهما حتي لا يظل في هذا الحلم ولكنه هتف بتلقائية
- اه هو علميا انا قولت .. عمليا افتكرت أن كلامي ادفن واتنسي
- شوف أنا منساش حاجة تقولها وعلشان كده رغم اني جبت الفستان فضلت احلل اللغز بتاعك والف أجيب أيه وله قصدك أيه.. معرفتش أتصل أسالك علشان مش بنتكلم ... اصل بصراحة قولت يا بت يا تسنيم مش عيب تعترفي بجهلك
ومش عيب أني اتعلم أيه المشكلة
رمقها وهو يظن أنه بالفعل لم يستيقظ بعد، فأستكملت حديثها والابتسامة ترتسم علي ثغرها
- المهم فكرت كتير جت في دماغي حاجات كويسة وحاجات مطمنش
قاطعها قائلا بنبرة مرحة لم يستطع كبحها
- ابتدينا نفهم
لم تعقب علي حديثه فأستكملت حديثها وهي تقص عليه ما تبقي
- كلمت كارمن علاقتي بيها مش كويسه بس علي الأقل هي بتفهم عني اديتها اللغز قالت حاجات كدة ماقتنعتش بيها أوي
لتمد يدها داخل الكيس وتخرج أحمر الشفاة وعطر ما .. وقذفته علي الأريكة بجانبه ليتفحصهم ثم استكملت حديثها قائلة بجدية وتلقائية ونبرة جريئة
- قولت يابت يا تسنيم أسالي حد خبره عن كارمن .. فقولت دي ريهام معايا ما اسالها .. فعلا سألتها يا مروان مكدبش عليك وقالت حاجات استغفر الله العظيم
لتضع يدها في حقيبة بلاستيكية أخري وتخرج منامتان نسائية جريئة بعض الشيء وقذفته ناحيته أيضا وهتفت وهي تقترب منه
- بس أنا دافعت عنك
رفع حاجبيه بعدم فهم ثم هتف قائلا
- مش فاهم دافعتي عني ازاي
اقتربت منه وجلست علي تلك اليد مرة اخري وعانقته قائلة بحدة بعض الشيء
- قولتلهم انتم اتجننتم وله أيه .. انا جوزي راجل محترم اكيد تفكيره مش شمال زيكم كده ... وأخيرا عرفت انتَ كان قصدك أيه
لتخرج من جيبها علبة صغيرة خاصة بالسماعات، فهتفت بمرح وخبث وهي تخرج السماعة من العلبة الكرتونية
- قولت مروان قصده علي الهاند فري علشان القطة قطعت بتاعتي وبستعمل بتاعتك فاكيد كان قصدك علي كده
وضعتها علي فخذيه ليضحك وهو يمسكها لا يدري ماذا يفعل هل يضحك أم يقوم يقوم بخنقها بتلك السماعة، فهتف بتساؤل
- انتِ قولتلهم جوزك محترم ؟!!
هزت رأسها بأيجاب ومرح فصاح بها
- يا شيخة منك لله .. ادي أخره الاخترام بتبوظي سمعتي يا تسنيم
- لا اسيبهم يقولوا أن تفكيرك وحش كده لازم ادافع عنك طبعا
قالت كلماتها بانفعال مصتنع، فصاح بها بمرح وغيظ
- يا ستي خليكي في نفسك انتِ انا بحب الناس تقول عليا قليل الأدب.. مالك انتِ .. أنا مش محترم ولا شوفت ساعة تربية كمان
لما يكون المدح ذم
صدع رنين هاتفه معلنًا عن اتصال من محمود فابتعدت عنه ونهض من جلسته اخذًا ميدالية مفاتيحه ومحفظته قائلا
- السماعة اللي فكرتي فيها دي هتتشنقي بيها يا تسنيم ... يلا سلام دلوقتي علشان متاخرش عليهم يا شيخة يارتني فضلت زعلان منك
حينما اقترب من الباب استوقفه ندائها
- مروان
- ايه
اقتربت منه وعانقته ليبادلها عناقها وهمست له قائلة بنبرة عاشقة تأبي الاعتراف بها صراحًا
- متزعلش مني أنا مكنش قصدي اضايقك الصبح ولما توصل كلمني
هل تريده أن يبقي هنا للابد بسبب عناقها له؟!!
قبل رأسها بحنو شديد يريد حتي أن يجعلها تنسي الماضي وتنسي كل شيء ليته كان معها منذ سنوات عديدة واستطاع حمايتها من أي اذي حتي قبل أن يعرفها، ودعها بابتسامة هادئة ثم فتح الباب وهبط متوجهًا الي حيث يتواجد ذلك المحامي وصديقه
-بعد اقل من ساعة تقريبًا-
رن هاتف تسنيم معلنًا عن اتصال منه ليخبرها بأنه قد وصل، فهتفت قائلة
- انا ممكن أنام دلوقتي فمش هقفل الباب من جوا
أتاها صوته الهادئ
- تمام
- علي فكرة بقا عايزة اعترفلك بحاجة
- اشجيني
قالها بسخرية فهتفت تسنيم خبث شديد
- أنا ولا سألت كارمن ولا سألت ريهام.. أنا كنت عايزة اصالحك واهزر معاك زي ما بتعمل أنا اللي جبتهم طبعا كانت ريهام معايا بس مسالتش حد
- انتِ بتستفزيني يعني .. ماشي ماشي ...
- تصبح علي خير يلا سلام
أغلقت المكالمة لتضحك من قلبها بالفعل، فهي أدركت كونها أرادت استفزازه ولا يستطع الرد عليها أمامهم، فهي بالفعل من فعلت ذلك حتي تفتح معه حديث وأرادت العبث معه
توجهت الي الفراش حتي تنام وتستريح فقط أخذتها ريهام لكثير من الاماكن وبدأت تشعر بألم قدمها من كثرة تجولها اليوم، أتصلت بأم اسماء والتي لم تضيف شيئا لها تحدثت فالعموم وأثرت أن والدتها بخير ولا يوجد شيء، فحاولت النوم والا تتصل بوالدتها فكلماتها ترن في أذنيها هي مازالت تفضله عليها ..
________
في صباح اليوم التالي
"بيت عائلة العربي"
- حقها يا أحمد تكون جنب أمها .. هنادي مغلطتش
قال تلك الكلمات محسن وهو يجلس علي الأريكة وبجانبه أحمد الغاضب من قرار هنادي بأنها لن تتزوجه في تلك الشقة التي تبعد عن والدتها مسافة كبيرة فلقد تحسنت قليلا الفترة الماضية وبدأت بتقبل الأمر فلا يوجد في يدها غير أن تقبل بقضاء الله
فتف أحمد بانزعاج وهو يعقد ساعديه
- الشقة أحنا تعبنا كتير فيها توضيب .. وفي منطقة أحسن بكتير .. وبعدين أجيب شقة قريبة منهم ازاي والعفش والحاجات دي كلها اوديها فين وهقعد أدلل عليها لسه وأدور علي مشتري ... حضرتك برضو بتقول نفس الكلام اللي قالته ماما
- أنا شايف أنها بنت أصول يابني اللي تصون أمها وأهلها هتصونك ... ده حركتها دي بينتلي أكتر من الأول انها بنت ناس وليها خير فاللي ربوها ..
- انتَ مبسوط يا بابا أنها تقولي لو مش هتعمل كده أطلقها ... دي قامت لمت شبكتها وكل حاجة وجابت القسيمة والقايمة وتقولي يلا نروح للمأذون دي مش مشترياني أصلا ... وحضرتك عمال تعظم فيها
قال أحمد تلك الكلمات بحنق شديد كلما يتذكر تخليها عنه بسهولة بسبب أنه لا يريد أن يترك شقتهم
- أه هعظم فيها .. علشان هي كل اللي هاممها أمها اللي ملهاش غيرها
- بقولك قولتلها أن مامتها تعيش معانا وامها مش راضية
- محدش بياخد راحته الا في بيته وطبيعي امها متوافقش .. والبت لقت حل وسط أنكم تلاقوا شقة في نفس شارعهم او الشقة اللي في عمارتهم .. بص يا أحمد انا عارف أنك بتحبها وميت فيها وكان باين عليك وقت تعبها ومرضها وموت أبوها .. وهي أكيد بتحبك يا ابني ومقدرة ده
ليتنهد محسن ثم هتف بنبرة حكيمة كعادته
- بس حط نفسك مكانها ومتخليش كرامتك تنقح عليك علشان قالتلك يا كدا يا بلاش ... هي اكيد مش قصدها عند فيك .. بس امها ملهاش غيرها ... ايه المشكلة لما تجيب شقة قريبة منهم انتَ أصلا هتعمل أيه بالمنطقة والشارع المهم أن مراتك هتبقي مبسوطة كده وانتَ هتكبر في نظرها
رمقه أحمد وهو يحاول الا يقتنع بحديثه رغم ميل
عقله له، وبالفعل هو ما يزعجه تخليها عنه وتحديها له أكثر من طلبها، فهتف محسن بعد تفكير
- خلاص أنا هريحك
- مش فاهم
- شوف شقة ايجار انا هدفعلك ايجارها وسيب شقتك زي ما هي علشان متخسرهاش
تكون قريبة منهم وهات رقمها علشان كل حاجة ممسوحة من علي تليفوني ونادي علي أمك من المطبخ نكلمهم يجوا يتغدوا معانا
تهللت أساريره لكونه سيراها ولكن هتف بانزعاج
- يا بابا بس
قاطعه محسن بسخرية ومرح
- بابا بس ايه يا ابن **** .. عايزين نخلص من قلبة سحنتك طول اليوم في وشنا اللي تقطع الخميرة من البيت ... هات رقمها أخلص
______
بعد مرور يومان
"في الإسكندرية"
في المساء كان البرد قارص تلك الليلة وحتي أنها قد أمطرت فعادت هي وريهام مبكرًا وأغلقت الشقة وكل النوافذ، لعلها تشعر بالدفئ
وأرتدت ملابسها الثقيلة
فكانت تجلس علي الفراش وبجانبها مشروب الشكولاتة الساخن وتنتظر أن يأتي فهي تعترف بأنها تشتاق له وأصبحت لا تتحمل غيابه، ففي تلك الايام هو يقضي أغلب أوقاته في المطعم لغياب محمود يتبقي علي عرسة ايام قليلة جدا، أما هي أغلب الاوقات تكون مع ريهام لاستكمال عملية شرائهم
سمعت صوت الباب فعلمت أنه قد أتي وبالفعل ما هي الا لحظات قليلة ووجدته أمامها بسترته وذلك الوشاح الذي يحاوط عنقه، لتضحك تلقائيًا علي هيئة أنفه الحمراء وأذنيه تعبيرًا عن الطقس، فالليالي الماضية وتحديدا تلك اليلة كان قد أتي وهي تغط في نوم عميق لم يُحاسبها علي فعلتها، فهتف بغيظ
- بتضحكي علي أيه
- ولا حاجة
قالتها بلا مبالاة، فصعد علي الفراش دون مقدمات ليدثر بالغطاء الثقيل مستمتعًا بدفئ الغرفة، فهتفت باستغراب وسخرية فهو من كان يسخر منها عند شعورها بالبرد
- هو الجو سقعة للدرجاتي مش كنت مبيأثرش فيك حاجة
- والله مش عارف تقريبا داخل دور برد عليا .. حد حسدني انا كنت زي الفل .. ده انا كنت نايم تحت في الفرن بدل البيتزا
قال تلك الكلمات بنبرة هادئة ومرحة بعض الشيء، ثم نظر علي ما تضعه علي فخذيها، ألبوم صور كان يضعه علي الطاولة في الصباح
فأخذه منها قائلا بمرح
- ايه اللي بتشوفيه ده يا بنتي هتغيري رأيك فيا
- هو ربنا نفخ في صورتك لما كبرت لأن صورك مع محمود في الجامعة حاجة في قمة الروعة .. ما أروعك ده حتي الألبوم القديم مكنش في صور كتير ليك في الجامعة
أخذ منها الألبوم متصنعًا الغضب، فهتف بغرور
- علي فكرة انا دايما باشا زمان ودلوقتي وبعدين .. الجامد مش بيحكي عن جمدانه علشان كده مش هرد عليكي .. الحلاوة حلاوة الروح .. بعدين احكيلي بتعملي ايه مع ريهام اكيد مش متفقين
رمقته بغيظ ثم هتفت وهي تعقد ساعديها
- علي فكرة بقا أنا مرتاحة معاها جدا .. اصل الستات بتفهم بعضها وبتريح بعضها في الاختيارات
تجاهل مروان حديثها ثم هتف بنبرة ماكرة
- ما توريني صورك وانتِ صغيرة يا تسنيم .. اكيد عنيكي دي عدسات لاصقة وبياضك ده يا لاكيه يا كلتي قشطة كتير سمعت أن مفعولها جبار
أخذت الكوب لترتشف منه قليلًا، ثم أردفت بابتسامة هادئة
- آه فعلا
- وريني صورك وانتِ صغيرة اكيد ليكي صور لابسه فيها أو مش لابسة بتاعت الاطفال دي متفهمنيش غلط
صاحت به تسنيم وهي تحاول اخفاء خجلها
- معيش صور وبعدين أنا طول عمري نفس الشكل متغيرتش
- طول عمرك حلوة كده يا ساتر
ضحكت علي طريقته التي تجبرك علي الابتسامة دائما، عم الصمت لدقائق فهتفت قائلة بنبرة جادة
- مروان انتَ كويس؟!
قالتها بنبرة متسائلة وقلقة، فهي تشعر بشيء ما به ولا تستطيع فهمه، هل هو شيء متعلق بها ؟؟!
نظر لها باستغراب شديد فهل هي أصبحت تقرأ أفكاره، فلا يعتقد أنه تصرف.. تصرف غريب أو خرج منه فعل أو كلمة قد تعبر عن شيء يزعجه ولم يغير شيء في معاملته، فهتف بلا مبالاة
- كويس ازاي يعني.
- حساك فيك حاجة متغيرة معرفش ليه .. يعني مفيش حاجة حصلت تزعلك اعتقد بينا حتي موضوع الفستان والكلام ده يعني حاجات عادية .. معرفش ليه حساك متغير .. يعني قولي لو في حاجة مزعلاك مني من غير ما أقصد
رمقها بنظرة لاول مرة ينظر لها بتلك الطريقة، لحظات مرت وهو يسلط بصره عليها ثم هتف بهدوء
- مفيش حاجة يا تسنيم حصلت تزعلني أنا اصلا مش فاهم ليه فكرتي كده ..
- علشان زي ما بقيت تفهمني انا بحس بيك وبفهمك
قالتها بصدق وتلقائية، وكأنه تربع في قلبها وعقلها، يمكنهما الشعور بما يجول في خاطره كما يفعل فلم يكن هو الوحيد الذي تعمق في روحها؛ فهي حفظته عن ظهر قلب وكأنه هو من أصبح يتواجد مكان قلبها ولا يتواجد بقلبها غيره، فحتي قلبها ومشاعرها غير كافية للتعبير عنه
رمقها بصمت ليعود بالذاكرة لذلك اليوم ..
<<فلاش باك>>
سخر من نفسه فلما لا يفعلها ؟؟
فهو قد رفع يده عليها، حسب ما عرف من سعد حاول طرد تلك الافكار التي تقلق عقله وتثير رجولته، فقبل جبهتها في هدوء، ثم أبعدها عن أحضانه مدثرًا أياها بالغطاء ناهضًا من الفراش
فهو لا يستطيع النوم بعد تلك الاحتمالات وذلك الشي الذي أتي بعقله، هل هناك من لم يكتفي بتعنيفها في الصغر، وتجرأ باصابتها بتلك الطريقة؟؟ هناك يد لمستها بتلك الطريقة ؟؟؟
يريد ان يهدأ قلبه، ففتح الشرفة لعله يجد هواء بدلًا مما أصابه
ظل مستيقظًا حتي أذن الفجر
وقضي فرضه بعد أن أخذ حمامه، لعله يتخلص من تلك الأفكار التي تؤخز صدره وأجري اتصالاً ما وهو يقف في الشرفة فهو لم يستطع الانتظار الي الصباح
بعد دقائق آتاه صوت سلوي القلق والناعس أيضًا
- الو يا مروان ... في ايه يا ابني
- مفيش حاجة
قاطعته سلوي بقلق شديد
- مفيش ازاي ده .. انتَ كويس وتسنيم كويسة
- احنا كويسين متقلقيش واسف اني اتصلت في وقت زي ده.. انا بس عايز أسألك سؤال .. أنا عارف أنك تعرفي تسنيم أكتر من أي حد هسالك سؤال وبحلفك بابنك واحلفك بغلاوة ملك بحلفك بالله تجاوبي عليا
- في ايه يا ابني قول .. انا اعصابي مش متحملة
- عمر قرب من تسنيم ؟ جاوبي عليا وتاكدي اني مش هقول لتسنيم اني عرفت بس اعرفي أنك هتريحيني لو جاوبتي
قالها بنبرة خافتة رغم ثوران وصراخ قلبه، لا يدري كيف قالها حتي وخرجت منه
- ايوة يا مروان .. اتحرش بيها وحاول يتعدي عليها أكتر من مرة لولا ستر ربنا
خرجت من سلوي ذلك الإعتراف بثقل شديد ولكن كيف لها أن تتجاهل نبرته المتوسلة وإصراره الشديد، فهتفت سلوي
- مروان تسنيم مكنتش عايزاك تعرف متقولهاش أو تكسرها الحتة دي حساسة عندها أكتر من أي حاجة تانية لولا اتصالك وصوتك في وقت زي ده مكنتش عمري هقول... بس انتَ عايز تعرف ليه ..
<<باك>>
عاد له تركيزة حينما لكزته لينتبه لها
- انتَ سرحان في أيه
قالتها بغيظ حاولت كتمه، شدها إلي أحضانه، عانقها بقوة لم يفعلها من قبل معها أو حتي مع ملك
أراد دفنها داخل أضلعه، لا يدري لأول مرة يشعر بقلة الحيلة نعم يريد معاقبه من أبكاها ليالي، وكأنه حتي قبل أن يعرفها كانت مسؤولة منه، لن يكذب علي نفسه شوقه تجاهها كان يريد استكمال امتلاكه لها تلك الليلة وكان ينوي أن يجعلها تستيقظ لتكن زوجتة
ولكن لم يستطع فعلها بعد يقينه بشكوكه لا يريدها أن تراه بأنه يراها حقًا تلبية لرغباته حتي ولو كان زوجها متعهدًا لنفسه بأن يريها ما هو العشق، حتي أنه علم بغياب عمر منذ أيام ولا أحد يعرف له طريق
بادلته تسنيم عناقه بعدم فهم ولكن حاوطت عنقه مستمتعة بقُربة، هتف بهمس شديد
- أنا شاطر في الكلام يا تسنيم ... بس بقيت جاهل اني اقولك انتِ بالنسبالي أيه كل الكلام لو قولته مش هيوفي والله ... عايز انام وأنا واخدك في حضني من غير كلام.
قال تلك الكلمات لتستجيب له وترخي أعصابها قليلًا ولم يفلت قبضته عن خصرها محاوطًا أياها مريحًا برأسه علي كتفيها بامتلاك لم يفعله من قبل ..