رواية مذاق العشق المر الفصل الرابع عشر 14 بقلم سارة المصري
الفصل الرابع عشر
وضعت يدها فى يده وهي تتمشى بالقرب من النيل حين توقفت فجأة عن السير لتقف أمامه تهتف في صدمة :
” أنت بتقول ايه يا سامح ؟؟...مستحيل أعمل اللي بتقول عليه ده ؟؟“
رد عليها فى حنق :
” يبقى مش بتحبيني يا ايتن ”
هزت رأسها فى عنف نافية زعمه كأنه اتهمها بالخيانة العظمى :
” أنت متأكد اني بحبك ..بس اللي بتقوله ده صعب ”
ابتسم في تهكم :
” بتحبيني بأمارة ايه بقا ؟؟..كل حاجة اطلبها منك ترفضيها ...معندكيش ذرة ثقة فيا ولا فى حبي ليكي ..روحتي اتخطبتي لواحد تاني وتقولي غصب عني ..طب غصب عنك لحد امتى ؟؟“
امسكت رأسها وهي تهتف في انفعال :
” انت مش فاهم حاجة ..انا أكيد هلاقي حل غير ده ”
زفر فى ضيق وهو يشيح بوجهه قائلا :
” حل ؟؟...حل ايه ؟؟..كام شهر عدى والوضع على ماهوا عليه ...عاوزاني استنى لحد الفرح يعني ولا ايه"
واضاف وهو ينظر اليها فى حنق :
” ايتن انا هبقا هتجنن لما بتخيله قاعد معاكي أو بيكلمك أو حتى بتبصيله ..ببقا هموت وهوا من حقه كل حاجة وأنا مش من حقي أي حاجة ”
عقدت ساعديها لترد في ضيق فاق غضبه وتخطاه :
” أنا قولتلك كام مرة تروح تكلم بابا بس أنت رفضت ”
رفع حاجبيه وهو يضع يديه في جيب بنطاله قائلا بطريقة سفه به كثيرا من تفكيرها :
” أكلم باباكي عشان يرفضني ويطردني من قدامه ...لا خلصت دراستي ولا أهلي معاهم فلوس زيكم هيوافق عليا ازاي... ده مش بعيد يخلي ابن عمك يكتب عليكي عشان يبعدنا للأبد ”
وصمت للحظات قبل أن يتمعن بها يراقب تعابير وجهها وتأثره بكلماته :
” أنا انسان عملي بفكر بعقلي لحل مشكلتنا دي..لكن انتي اللي واضح أنك محبتنيش كفاية ..أو محبتنيش من أصله ”
دمعت عيناها وتحشرج صوتها وهي تضم كفيها الى بعضهما في رجاء :
” أنت عارف اني بحبك فبلاش الكلام ده أرجوك“
أفلت ضحكة ساخرة وهو يمسح وجهه بكفيه :
” مش بالكلام يا ايتن ..أنا خلاص تعبت .مش هفضل مستني لحد ما يزفوكي لابن عمك قدامي ..اتفضلي روحيلو ..عيشي مع واحد بتكرهيه بس عشان خايفة تواجهي ..وأوعدك انك مش هتشوفي وشي تاني ”
أمسكت بكفه تتوسله في خوف :
” أرجوك يا سامح استنى ...اديني فرصة اللى بتطلبه صعب صعب ”
انتزع يده فى عنف وهو يهتف في صرامة :
” لو بتحبيني بجد مكنش هيبقا صعب ..لكن انتي بتحبي تضيعي وقتك وانا أسف مش هكمل مع واحدة أنا مش واثق من مشاعرها ناحيتي”
وضعت يديها على ثغرها تقاوم شهقاتها وهي تراقبه يرحل من أمامها ويبتعد ...
تشعر بروحها تنتزع من جسدها وتصاحبه .. تعلقت به واعتادت اهتمامه ..لايمكنها تخيل لحظاتها القادمة دونه فمنذ ان اقتحم حياتها دون سابق انذار وهى لاترى سواه ..
فقط شهور قليلة هو كل مااحتاجه ليسخر كل ذرة من تفكيرها له ...
ماذا ستفعل فى هذا الخواء الذي سيتركه بداخلها ؟؟، هل كان عليها أن تستجيب له وتثق به للنهاية ...دقات قلبها تتزايد فى هلع وهي تراه يختفى تماما من أمامها ...
تود لو لحقت به لتوقفه وتخبره أنها ستفعل اى شىء حتى لايبتعد أبدا ولتذهب أي اعتبارات وقتها للجحيم .
والمصادفة من جديد تدخل صوفيا عنوة إلى قصة ايتن.. حقا لاتعرف أهي مصادفة أم أن القدر يرتب هذا ويخبرها بحتمية تدخلها ...فمن بعيد بينما كانت تلتقط صورا للنيل بالكاميرا الخاصة بها حين لمحت ايتن تتحدث في انفعال إلى هذا الشاب الذي تركها لدموعها وذهب وحين مر من أمامها تبعته في فضول لتتبين ملامحه جيدا دون أن تعرف بالضبط ماذا ستفعل ..
توقف فجأة مع رنين هاتفه فأعطته ظهرها وهي تتظاهر بالتقاط الصور لتسمع المكالمة التى أرادت ان تتعرف منها على هويته لا أكثر..
أرادت ان تعرف من هذا الشخص الذي تحدت ايتن كل أعراف مجتمعها من أجله ..وبالفعل سمعت ما كاد أن يفقدها الوعي ...حاولت بقدر المستطاع تمالك نفسها وعدم الالتفات له حتى لاينتبه...
” أيوة ...بحاول معاها كالعادة بس رافضة ..دماغها أنشف من الحجر بس على مين ...البت حلوة وأهلها متريشين ولو طاوعتني هاخد كل اللي أنا عاوزه منها وفوقيه فلوسهم كلها هتبقى تحت رجلي ..بس الصبر حلو ”
ارتعدت اناملها وكادت الكاميرا أن تسقط من يدها ، أي مصيبة ستوقع ايتن نفسها فيها ، هذا المخادع يريد ان يورطها ويورط عائلتها معها ...
عائلتها ...
شهقت فى خوف ... زين ...
ماذا عليها ان تفعل ؟ ، لقد اقترب عرس ايلينا ولم يعد هناك متسع من الوقت ولو تحدثت الى ايتن بما سمعته ستكذبها بكل سهولة فعلاقتهما متوترة منذ فترة ، هذه الحمقاء ستتجاوز كل الحدود و...
رن جرس هاتفها لينتشلها من افكارها فالتقطته من جيبها لترى اسم وصورة زين يضيئا الشاشة لتتذكر موعدها معه بعد دقائق .
*************************************
راقبها وهى تضع يد على خدها بينما تعبث الأخرى بشوكتها في طبق المعكرونة أمامها دون ان تأكل ، كانت تبعثر الطعام فى شرود واضح جعله يتوقف عن طعامه ويتأملها دون أن تنتبه ..
تغيرت صوفيا كثيرا ، أرهقته بعنادها وهو يعلمها كل شىء وهي لا تتفذ الا بعد مجهود شاق من الاقناع بالأدلة والبراهين .. يعشقها هكذا ..بكل تناقضاتها التى لم يتمنى يوما ان تكون بحبيبته... عنادها.. طفولتها... سذاجتها... يعشقها بكل ما فيها .. يعشقها للدرجة التى جعلته يقف بوجه أبيه لأول مرة ويخبره أنه لن يتزوج غيرها ولو بقي العمر كله دون زواج ، تلك الحورية التي أوقعت به من أول نظرة رمته به عيناها اللاتي تفقداه تركيزه ..
لماذا تنظر الى الأرض ؟؟لماذا تخفيها خلف أهدابها الطويلة ، هيا عزيزتى أزيحى تلك الستائر البغيضة عن عينيك فقد اشتقتهما ....
اقترب ليضرب بشوكته في رفق على شوكتها فرفعت عينيها اليه بابتسامة حائرة فهمس وهو يميل نحوها :
” بتفكري فى ايه يا حبيبتي ”
هزت رأسها وهي تنظر الى طبقها من جديد :
” أبدا ولا حاجة ”
ناداها في خفوت :
” صوفيا بصيلي ”
نظرت اليه فتابع وهو يشبك أصابعه أمام وجهه :
” أنا عارف انتي بتفكري فى ايه ”
زمرت شفتيها في تعجب فتنهد مواصلا :
” أكيد ..كان نفسك يكون فرحنا مع ايلينا ويوسف فى نفس اليوم ”
شردت بعينيها للحظات وهي تتخيل عرسها مع زين والى جوارهما ايلينا ويوسف ، كم سيكون هذا مذهلا بالفعل وكل منهما تزف الى حبيبها وتبدأ حياتها معه ولكنها عادت الى واقعها لترى كل المسافات التى تتزايد بينهما كل يوم فأخفضت رأسها فى حزن وهي تقول :
” مش كل حاجة بنتمناها بتحصل يا زين ..قولتلك من الأول ان اقناع أهلك هيكون صعب ”
رد في حسم:
” وأنا قولتلك من الأول برضه أنا مستعد اتجوزك ومش هستنى موافقة حد وانتى اللي رفضتي ”
” عاوزني اوافقك تخسر أهلك وشغلك وكل حاجة ”
واصل بنفس نبرته الحاسمة :
” في ستين داهية الشغل أنا اقدر ابدأ حياتي من جديد ..أما أهلى فعمري ما هخسرهم ...هما هيزعلو شوية في الأول ومع الوقت هينسو ”
لايعلم ماذا تفعل بها هذه الكلمات ، لم تعتد ان تصل الى تلك المكانة او أن تكن مميزة فى حياة شخص لهذه الدرجة ، مجرد شعوره هذا يكفيها حتى لو لم يتغير من الأمر شىء ، تريده فقط فى حياتها ودون أي مسمى ، ابتسمت وهي تضع يدها على وجنتها :
” زين حبيبي ...أنا كفاية عليا أوي احساسي بالأمان معاك ...كفاية استعدادك أنك تعمل أي حاجة علشاني ...أنا مش زعلانة من أهلك بالعكس احساس الرفض والنبذ ده أنا اتعودت عليه من كل الناس ..بس من بعد ما ظهرت في حياتي مبقاش فارق معايا حد فى الدنيا غيرك ..انت بس حبيبي كفاية عليا ”
وأطرقت ارضا وهي تضيف فى حزن :
” انا بحبك اوي يا زين ومش عايزاك تخسر أي حاجة بسببي ..انت عندك اهل يحبوك ...بيحبوك بطريقة مختلفة بس بيحبوك ..خد وقتك وحاول تقنعهم وأنا هستناك ”
مرر يده فى خصلات شعره البني يسألها في حيرة : ”والوقت ده مينفعش يعدي واحنا متجوزين ..لو اتحطو قدام الأمر الواقع هيتعاملو معاه غصب عنهم ”
ردت صوفيا في صرامة :
” لا يا زين أنت كدة بتخسرهم بجد ”
ضرب المنضدة بكفه هاتفا في ضيق :
” مش هخسرهم صوفيا ..أنا مش عايز أضيع سنين من عمرنا فى العند ”
مدت أناملها تربت على كفه في رقة :
” زين سيب الوقت يعالج الموضوع ...مستعجل على ايه ؟؟“
رفع حاجبه مستنكرا سؤالها :
” بجد مش عارفة مستعجل على ايه ...صوفيا انا عايزك معايا على طول عايزك جنبي طول الوقت ومتغيبيش عن عيني لحظة ..مش مجرد ساعة بنخطفها كل أسبوع ”
لاتعرف حقا بما ترد عليه وهى تتمنى ذلك أكثر منه... تخشى أن يجرب ماهي تعرف جيدا مرارته... النبذ والرفض والحرمان من الأهل ، لا احد مثلها يعرف كم قاس هذا الشعور... لاتريد لأعز مخلوق على قلبها أن يتذوقه أبدا ، لن تحتمل ان ينظر الى عينيها يوما وترى اتهامه لها بانها السبب فى ابتعاده عنهم ، أخرجت هاتفها لتغير مجرى الحديث برمته وهي تقول في طفولتها المعتادة:
” ماتصورناش المرة دي قبل ما ناكل ”
لم يتمالك نفسه فابتسم ..تلك الطفلة المشاغبة لن تتوقف عن عادتها... تخرجه من أدق الامور الى أكثرها تفاهة في لحظة وهو كدأبه لا يملك سوى مجاراتها ، رفعت هاتفها وأخذت تديره في كل اتجاه حتى زفرت في ضيق وهي تعطيه له قائلة في ملل :
” خدها انت من عندك مش راضية تظبط من هنا خالص ”
عض على شفتيه فى غيظ وتناوله منها ليرفعه ويحاول التقاط الصورة بينما اعادت خصلة من شعرها خلف اذنها وفتحت أول زر من قميصها وهى تتأفف من حرارة الجو قبل ان تأخذ وضعها فى التصوير ...قطب حاجبيه فجأة وأنزل الهاتف ناظرا لها فى غضب وهو يشير بسبابته :
” صوفيا اقفلي الزرار بتاع الشيميس ده ”
نظرت الى قميصها وقد فتحت زره الاعلى فأظهر عنقها بالكامل وجزء بسيط من صدرها ولكنه ليس مبتذلا على أي حال فهمست فى تأفف :
” يوه بقا يا زين الدنيا حر ..أنا هتخنق ”
كرر جملته من بين اسنانه :
” اقفليه يا صوفيا قلت ”
زفرت فى حنق فهتف فى نفاذ صبر وهو يميل اليها يغلقه قائلا :
” اللي اقوله يتسمع ”
واضاف بعد ان انتهى ليعود الى مكانه :
” وكفاية لحد دلوقتى سايبك من غير حجاب ”
شهقت في ذهول :
” حجاب كمان!!! ”
أضاف في جدية :
” ونقاب كمان يا ست هانم ..أنا مش كل ما أخرج معاكي فى حته هرتكب جريمة عشان اللى بيبصولك دول ”
نظرت حولها في بطء فوجدت الكثير من العيون تتمعن بها بالفعل حتى عيون النساء تراقبها فى حنق من البعض وغيرة من بعضهن الاخر ، مررت يدها فى شعرها تسأله في عجب :
” يعني اعمل ايه ..أنا غيرت استايل لبسي خالص أهو ..بيبصولي ليه بقا ”
مسح وجهه بكفه يجيبها في قلة حيلة :
” عشان حضرتك جميلة زيادة عن اللازم ”
اتسعت ابتسامتها من اطراءه حتى وان كان رغما عنه ... طالما قابلت كلمات الغزل من غيره بكل برود وحنق ولكن مع حبيبها الأمر يختلف تماما ..همست في دلال وهي تعبث بسلسال فضى في عنقها :
” بجد يا زين أنا جميلة زيادة عن اللازم ”
واصل وهو يدقق النظر فى عينيها معشوقتيه ويقول في صدق وهيام واضح للأعمى :
” انتي أجمل بنت فى الدنيا كلها ...اجمل بنت شوفتها فى حياتي ”
احمرت وجنتاها وأطرقت ارضا وهي تخفى ثغرها المبتسم بكفها فتلاشت ابتسامته وهو يقول في تحذير واضح :
” ولو فستانك يا صوفيا اللي هيتلبس فى الفرح فيه حاجة كدة ولا كدة أنصحك تغيريه ومتنسيش احنا اتفقنا على ايه ”
تمتمت بالفرنسية وهي تهز رأسها :
” متسلط ولكنني أحبه ”
ابتسم وهو يخبرها بالفرنسية بدوره :
” عنيدة ولكنني اعشقها ”
.
************************************
الزفاف كان فى أفخم فندق من فنادق المعمورة ، اهتم يوسف باعداد كل شىء فى دقة بالغة وأشرفت ايلينا بلمساتها الرقيقة ليكن الحفل بعيدا عن أي صخب أو ابتذال لا داعي له ، أطلت بثوب زفافها الملكي الرائع والذي اختار يوسف أشهر المصميين للاشراف عليه وبالفعل جعلها تبدو كأميرة اسطورية ، قليلا من الزينة كانت كافية جدا ليحتفظ وجهها بملامحه الملائكية .
تأبطت ذراع محمود ليسلمها الى يوسف الذي فغر فاه بمجرد أن رآها وقد بدا جذابا بدوره في حلته الأنيقة ، تعالت دقات قلبه مع كل خطوة يخطوها والده والى جواره ايلينا حتى وصلت اليه فتقدم فى بطء ليزيح الطرحة عن وجهها ويقبل جبينها فى حب ...
للحظات تناسى العالم من حوله وقبل خديها وكاد أن يتجاوز الأمر الى شفتيها غير عابىء بمن حوله ولكن نظرة تحذير من أبيه أوقفته مع حمرة خجل منها أذابته تماما فاكتفى بأن يعانقها في حرارة وهو يحملها ليدور بها عدة مرات غير مباليا بفستانها ووزنه ولا بأى كائن حى بينهما ، أنزلها اخيرا لتتأبط ذراعه الى المكان المخصص للعروسين وهو لايترك يدها أبدا من كفه كأنه يخشى فرارها او أن تكون حلما جميلا لايريد الاستيقاظ منه .
أما صوفيا فقد وقفت أمام المرآة فى أحد الحمامات الملحقة بالفندق وهي تعض على شفتيها فى غيظ ، لقد احترق ثوبها الذي كانت ستحضر به الحفل حينما كانت تقوم بكيه ولم يكن لديها متسع من الوقت لشراء غيره فاضطرت لارتداء هذا الثوب ، هو مغلق من الصدر تماما ولكن ظهره وذراعييه عاريين بشكل سيراه زين فاضحا ، تنهدت وهي تحكم الشال على كتفيها أكثر وتتمنى لو مر هذا اليوم بسلام فهي لاتريد أن تغضبه مطلقا ...تعرف أنه سينزعج وربما ...
انتبهت على صوت أحدهم يفتح باب الحمام ولكنه تراجع بعد أن رن جرس هاتفه ، تنهدت وهي تتعرف على تلك الرنة الغريبة التى لاتضعها سوى ايتن ، وبمجرد أن ردت عرفت أنها تحادث هذا المحتال ، ابتعد الصوت تدريجيا ، فلم يكن لدى صوفيا حيلة أخرى سوى أن تتبعها ، فتحت الباب في حذر لتراها تتجه للخارج ، تبعتها فى ترقب وحذر شديدين ، رأت هذا المحتال من جديد ...ماذا يريد منها وأي شرك ستوقع به نفسها تلك المجنونة ، لو تحدثت اليها فلن تصدقها أبدا ، تأملت ابتسامتها.. يبدو أن هذا المخادع يحاول تصفية الاجواء معها وهي بنظراتها الساذجة يبدو أنها صدقته وسترضخ له ، الأمر يتطور بالفعل ولكن ماذا عليها أن تفعل ...
.................................
التفت يوسف الى ايلينا بعد ان قبل كفها قائلا :
” أخيرا بقا أنا مش مصدق نفسي”
ابتسمت فى حب فيوسف الذي طالما أخفى مشاعره أصبح ينثرها ببذخ ودون أدنى اعتبارات رجولية سخيفة : ” أخيرا ...وربنا ما يبعدنا عن بعض أبدا يا حبيبي ”
مال اليها وعينيه تتأملها في وله :
” بس ايه الجمال ده كله ”
ردت في تذمر مازح :
” يعنى هوا أنا قبل كدة مكنتش جميلة ”
مال اليها اكثر قائلا :
” لا حبيبتي ..انتي على طول جميلة ...بس كل يوم جمالك بشكل مختلف ..انتي ..“
ورفع كفه ليضيف :
” استني أنا هقولهالك بشكل تاني ”
وتركها ليذهب الى المختص بالدى جى ....
لحظات وأمسك مكبر الصوت ليغني لها:
” اجمل نساء الدنيا ”
وقف أمامها يغنيها وهي تجلس على أريكتها كأميرة متوجة حتى اقترب منها لتنهض أمامه وهو يضمها اليه بين الحين والاخر حتى انتهت الاغنية وهو يحملها ليدور بها فى سعادة وسط تصفيق وتصفير من أصدقائه ...
أنزلها في رفق فدفنت رأسها في كتفه للحظات تستعيد توازنها قبل أن ترفع عينيها اللامعتين بكل حب العالم اليه وتقول:
"أنا كمان عاملالك مفاجأة "
رفع حاجبه بابتسامة شغوفة فازدرت ريقها خجلا وهي تشير بعينيها الى نقطة خلفه ..تخلى ناظريه عن وجهها بصعوبة ليتجها الى حيث أشارت ...اتسعت ابتسامته وهو يرى علي يجلس على كرسي متقدما الفرقة الموسيقية وبيده عوده الذي بدأ يضبط وضعه على قدميه ...نظر يوسف الى المدعويين وهو يصفق بشدة ليطلب منهم تشجيعه فارتجت القاعة بالتصفيق حتى أشار علي بكفه يشكرهم ويطلب منهم التوقف ليبدأ في العزف ...مال يوسف الى ايلينا مازحا :
"محدش هنا يعرف فرنساوي غير أنا وانتي وصوفيا وزين تقريبا ...الناس هنا مش هتفهم حاجة "
هزت ايلينا كتفها فجاؤه الرد قويا حين صدح صوت علي بأقوى قصائد احمد شوقي ..
مضناك جفاه مرقده
وبكاه ورحم عوده
حيران القلب معذبه
مقروح الجفن مسهده ..
اتسعت عينا يوسف في ذهول فابتسمت ايلينا وهي تنظر الى أخيها في سعادة وفخر ...ترمق نظرات المدعويين الذين نهض بعضهم من شدة انسجامهم بصوته العذب ...خلت القاعة تماما من أي صوت سوى صوت علي وموسيقاه ..وحين شدا بالمقطع
الحسن حلفت بيوسفه
والصورة أنك مفرده
وتمنت كل مقطعة
يدها لو تبعث مشهده ..
التفتت ايلينا الى يوسف تحرك شفتيها لتردد الكلمات له فضغط على كفها في سعادة قبل أن يواصلا الاستماع الى علي حتى انتهى لتهتز القاعة بأكملها من التصفيق ويتجها معا الى علي الذي نهض لتميل ايلينا اليه تحتضنه بقوة وهي تقول :
"متشكرة اوي يا علي ...ربنا ما يحرمني منك أبدا "
ضمها علي بقوة وهو يهمس :
"ربنا يسعدك حبيبتي "
انتزعها يوسف برفق وهو يداعبهما قائلا :
"ايه يا علي أنا كدة هغير منك "
ابتسم علي فمال يوسف يحتضنه ويكمل دعابته :
"مش كفاية خطفت الأضواء مننا "
عقدت ايلينا ساعديها وهي تبتسم في فخر :
"بس يستاهل "
تخلص علي من ذراعي يوسف في رفق وهو يقول :
"ارجعو انتو مكانكو بقى ...الليلة دي خاصة بيكو انتو بس "
مسح يوسف على رأسه وهو يغمز لايلينا :
"علي ده حبيبي ...حبيييييبي "
وأمسك بكفها ليعودا الى مكانهما ..ابتسمت وهي تشابك أناملها بانامله فسألها في فضول :
"بتضحكي على ايه "
تنهدت في عمق وهي تسترجع ذكرى قديمة :
"اصل الأغنية دي ليها ذكرى خاصة عندي ...أول مرة اعترفت فيها بحبي ليك بيني وبين نفسي كان وعلي بيغنيها عشان كدة طلبت منه يغنيها تاني النهاردة "
رفع يوسف حاجبيه وخفضهما متظاهرا بالغرور:
"طبعا ...أنا جاذبيتي لا تقاوم وعارف انك وقعتي في حبي من أول لحظة شوفتيني فيها "
وقبل أن ترد دعابته بأخرى تغيظه كانت المفاجأة الغير المتوقعة لكليهما.....
+