رواية مذاق العشق المر الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة المصري
ألجمتها الصدمة عن الرد وهي تسمع كلمات ابن عمها الجارحة والحقيرة ...مشاعرها قد استنزفها الحزن طيلة الأيام الماضية فلم يستطع الغضب أن يؤثر بها كما ينبغي ...
بينما يوسف رده كان أسرع ليصبح التعارف الأول بينه وبين فؤاد لكمة قوية في فكه كادت أن تطيح بأسنانه والأول يهتف به في غضب :
” اخرس يا حيوان أنت...اللى قدامك دي تبقى مراتي وممكن أدفنك بالحيا لو زودت كلمة واحدة”
تراجع فؤاد من ألم اللكمة ووضع يده عليها يتحسسها قائلا فى وقاحة :
” اتجوزتيه يا ايلينا ؟؟؟....اتجوزتي وانتى عارفة انى بحبك وعاوزك ...ماشي مسيرك فى يوم تكونى ليا وبكرة تشوفي”
لم يحتمل يوسف نظراته ولا كلماته لها أكثر فعاد يكيل له اللكمات الموجعة مجددا ولولا تدخل زين لفقد الرجل حياته على يدي يوسف الذي يفوقه فى البنيان والقوة ،تابعت ايلينا مايحدث في هلع وتحررت من صدمتها سريعا وهي تصرخ بيوسف أن يتوقف حتى لا يفتك به .. بينما تابعت صوفيا ما يحدث بتلذذ غريب فقد رأت بعينيها ان يوسف يغار على ايلينا بجنون يشي ببساطة عن حجم ما يحمله لها من مشاعر ...والأحمق مثلها تماما ينكر كل شىء ..
تنهد يوسف مغمضا عينيه للحظات حين سمع صرخات ايلينا لتنحرف قبضته الى تلابيب فؤاد ويوقفه أمامه هاتفا في تهديد لا يقبل المزح تماما :
” لو فكرت بس تعدي من شارع هيا بتعدي منه قسما بالله ما اخلي الدبان الأزرق يعرفلك طريق جرة ..واسأل عليا كويس هتعرف أن يوسف البدرى مبيهوش ”
وجره ليدفعه خارج المنزل ويصفق الباب خلفه فى عنف ..
التفت لينظر الى ايلينا مجددا ليلمح علامات الذعر لازالت تكسو ملامحها ..اقترب خطوة ليضمها اليه فأوقفته نظرات صوفيا وزين المسلطة عليه في منتصف الطريق فلازال اعتقاده السخيف ان الحب ضعف لايجب اظهاره يلازمه ..تنهد طويلا قبل أن يبدل النظر بين الفتاتين ويقول فى حسم :
” كدة الموضوع زاد عن حده ...انتو هتيجو تعيشو معانا ايلينا ”
همت ان تعترض فأوقفها بكفه :
” انتي وصوفيا وعلي هتقعدو فى الأوضتين اللي في الجنينة برة... دول دايما كنا بنستقبل فيهم الضيوف وميقلوش أبدا عن القصر فى حاجة ”
هزت رأسها فى إرهاق وأخبرته بنبرة متعبة
” لا يا يوسف أنا مش هقدر ا..“
قاطعها فى ضيق :
” بلاش تعاندي وخلاص لو كان الحيوان ده جه وانا مش موجود فكرتى ايه اللى ممكن يحصل ...يا ستي اعتبرى نفسك قاعدة فى فندق ”
وقبل أن تعترض مجددا لحقتها صوفيا هذه المرة :
” معاك حق يوسف ابن عمها زودها أوي ..اتفضلو انتو دلوقتي وأنا وهي هنجهز كل حاجة وهنستنى علي يرجع من مدرسته ونكون جاهزين على آخر النهار ”
نظرت لها ايلينا فى غيظ فرمقتها الأخرى فى رجاء حتى لا تعترض فنظر يوسف الى صوفيا بابتسامة ممتنة قائلا ” خلاص هسيبكو دلوقتي تجهزو نفسكو على ما أرجع تاني ”
رمقته ايلينا وهو يخرج بابتسامتها الحزينة وقبل أن يلحق به زين نادته صوفيا :
” زين استنى ”
نظر يوسف الى أخيه وإلى صوفيا طويلا قبل أن يتنهد في عمق ليذهب ...رمقتهما ايلينا بدورها قبل أن تدخل الى غرفتها دون أن تعلق وحين سمعت صوفيا صوت اغلاقها للباب أخرجت ورقة مطوية من جيبها ودستها فى كفه وهي تهمس في نعومة :
” انت مفهمتش غلط ابدا يا زين ”
فتح الورقة ليجد الصورة التى كان يبحث عنها فابتسم وهو يطالعها تخفض رأسها عابثة في سنابل ذهبها في خجل ...دس الورقة في جيب سترته وهو يهمس
” شكرا يا صوفيا ..“
رفعت رأسها لتنظر له في حب لم يعد بوسعها اخفاءه ..فحجمه أكبر من أن يحتويه داخلها دون أن يظهر بوضوح في نبراتها ..
أنفاسها ...
نظراتها...
اهتمامها البريء به ..
لم يحتمل تلك النظرة أبدا وهو الغارق فى رياض عينيها حتى قمة رأسه ...تنهد محاولا الحفاظ على هدوئه وهو يتراجع قائلا :
” شكرا بجد ”
هذه المرة لم يعرف هل يشكرها على نظرتها تلك ؟
أم على جعله يعيش لحظات جنون لا تعوض وهو غارق في رقتها وبرائتها وجمالها ...
على النقيض في كل شىء تمناه فى زوجته...
هي أبعد ما يكون عن الصورة التى ظل يرسمها عقله لفتاة احلامه ...
استجاب الكيان بأسره لصورة أخرى ...صورة لحورية جميلة أشبه بحلم مر على الخاطر في لحظة حنين ثم مضى غير عابىء بمن زرع في قلوبهم الأمل بوصاله..
*****************************
وقفت سميرة فى شرفة غرفتها تتنفس في عمق ، لحظات وشعرت بخطوات محمود خلفها ، تأملها قليلا قبل أن يتقدم ليستند بكوعيه الى سياج الشرفة وينظر الى اللاشىء قائلا :
” مالك يا سميرة ...بقالك فترة مش عاجباني ..من ساعة ايلينا ماجت ”
نظرت له سميرة نافية بسرعة :
” معقول يا محمود مبقتش تفهمني ..أنا هتضايق من وجود ايلينا ..الله اعلم أنها بقت عندى زي ايتن ” وأضافت في حنق وهى تعبث بخاتم من الذهب الأبيض فى خنصرها :
” بس المشكلة كلها في الخواجاية اللى معاها ”
قطب محمود حاجبيه قائلا :
” صوفيا ؟؟“
واصلت سميرة وهى تعض على شفتيها فى شرود :” مش عارفة هتفضل لازقلها كدة لحد امتى هيا ملهاش أهل ترجعلهم ”
أجابها محمود في عجب فهو لم يعهدها تضيق بضيف مطلقا من قبل :
” ايه حكايتك يا سميرة دى ضيفة عندنا ...هنطردها يعنى ولا ايه ”
زفرت سميرة فى ضيق لتوضح له :
” بصراحة بقا وجودها مش مريحني ...نظرات ابنك زين طول الوقت ليها مش مطمناني ...مش عارفة جراله ايه الواد ده ...ده زين بالذات أعقل اخواته معقول يكون يفكر فى الخواجاية دي ”
لوح محمود بكفه فى عدم اكتراث قائلا :
” متهوليش الأمور اومال يا سميرة نظرات ايه وبتاع ايه بس ”
ردت سميرة فى غيظ :
” خليك أنت مستهون بالموضوع كدة لحد ما تلاقيها ملت دماغه وييجى يقولك عايز أتجوزها ”
ابتسم محمود كأنها تخبره بمزحة سخيفة وهو يجاملها مرغما بضحكته :
” ده أنت خيالك واسع أوي ...مفتكرش أن زين يفكر فى واحدة زيها ”
مالت اليه سميرة لتهمس فى قلق :
” البت حلوة ولونة يا محمود وابنك فى الأول وفي الاخر شاب ملوش أي تجارب ”
قطب محمود حاجبيه وبدأ بالفعل يشاركها القلق..
ولكن مارأه مسبقا يجعله يشك في ميل ولده الى سمر...ثم ان صوفيا تلك تحمل كل ما يكرهه ولده من صفات فملابسها تبدو أكثر اثارة من ملابس سكرتيرته التي كان يرفض وجودها...
أضفى بعضا من الأمل على نبرته وقال في هدوء:
” صلى ع النبى كدة يا سميرة ..مفيش حاجة هتحصل ان شاء الله ”
تنهدت وهى تغمض عينيها وتدعو الله ألا يتم هذا الأمر ابدا ، فهى أم وغريزتها تخبرها أن ولدها بالفعل قد تورط بمشاعره مع تلك الشقراء ..
نظراته الولهة التي لاتنفك تراقب كل شىء فيها ابتسامته كالمراهق حين تدلف الى المكان ..
كل شىء جد بولدها وأحواله التقطته بسهولة ..
تعرف أن الفتاة من اصول مصرية ولكن أفعالها وثيابها لاتمت لمصريتها بصلة ..
حتى الان لا تعرف من أى اصل انحدرت فلم ترى لها أهلا ولا عائلة .. لا يمكنها أن تثق فيها كزوجة لابنها وهى لاتعرف على اي أخلاق نمت فربما ربت أحفادها بنفس الطريقة ..
هى لا تريد أن يصل بها الأمر ان تقف فى وجه ابنها وتحرمه سعادته ولكنها فى النهاية أم تتمنى السعادة لابنها من وجهة نظرها هي، وسعادته لاتراها مطلقا مع صوفيا فالاختلاف بينهما لن يخلق حياة مستقرة بأى شكل من الاشكال ...حبه الزائد لها سيكون نقطة ضعف ضده .
********************
ضغطت ايلينا بيدها على جنبها وهى تتأوه فى خفوت فالتفتت لها صوفيا قائلة فى قلق :
” ايلينا انتى كويسة ؟؟“
هزت ايلينا رأسها وأجابت في ارهاق :
” شوية بس وهبقا تمام ..المهم زى ما قولتلك امبارح جهزى نفسك عشان هنسافر ”
رفعت حاجبيها تهمس فى دهشة :
” هنسافر برضه ؟؟..“
اومأت برأسها تجيبها في حسم :
” ايوة ..بابا عدى على وفاته اهو شهرين مبقاش فيه سبب ولا حاجة نقعد عشانها ”
اقتربت منها صوفيا وتمعنت فى عينيها قبل ان تسألها فجأة :
” ويوسف ؟؟“
أشاحت ايلينا بعينيها عن عينى صديقتها تحاول أن تخبرها بثبات :
” انا ويوسف هننفصل صوفيا ...كفاية بقى لحد كدة ”
ادارات صوفيا وجه ايلينا اليها قائلة :
” انتى بتهربى ايلينا ..بتهربى منه ومن مشاعرك ناحيته ؟؟“
لم ترد ايلينا وجلست على مقعد جلدى مريح والقت برأسها الى ظهره فى انهاك فواصلت صوفيا :
” انتى بتحبيه يا ايلينا ...كفاية بقا تنكرى ”
اعتدلت ايلينا وهتفت فى ألم كأنها تعترف بتهمة وتلقي عن كاهلها حمل عبئها :
” ايوة بحبه يا صوفيا ارتحتي ...مش هقدر يكون قدامى فى أي مكان وانا عارفة انه مبيحبينيش ..المشاعر اللى جوايا مش هقبل قصادها شوية شفقة او عطف او شهامة ..مش انا اللى هقبل دور الواحدة اللى تفنى حياتها فى حب واحد وهوا مش حاسس بيها وتقول كفاية انى بحبه وجنبه ..“
ركعت صوفيا على ركبتيها امامها لتقول في حنان :
” ومين قال كدة ؟؟؟..انا متأكدة ان يوسف بيحبك ”
ابتسمت ايلينا فى ألم ساخر وهي تنفي بلهجة قاطعة
” لا يا صوفيا من الأول وهو رافض وجودى ولولا بابا كان هوا اللى أنهى كل حاجة بنفسه ..أنا خلاص قررت هنسافر السبت الجاى جهزي نفسك ”
نهضت صوفيا فى بطء وهي تخبرها في حسم :
” بس انا مش عايزة اسافر ”
نهضت ايلينا لتواجهها فى دهشة قائلة :
” مش عايزة ايه ؟؟وده من ايه ان شاء الله ؟؟؟..ده انا فضلت اتحايل عليكى شهور عشان تيجى ”
أعطتها صوفيا ظهرها للحظات وهى تعبث فى خصلاتها وعادت تلتفت لها بنبرة حاولت احكام ارادتها حولها :
” بصى يا ايلينا انا مش بحب اللف ولا الدوران انا صريحة مع نفسى ...أنا بحب زين ”
اتسعت عينا ايلينا فى ذهول وتلعثمت قائلة :
” بت ايه ؟؟؟؟“
واصلت صوفيا فى خجل وهي تشيح بوجهها :
” ايوة بحبه ومتأكدة من مشاعري جدا ومش هسيب البلد دى وموضوعى متعلق معاه كدة ”
أدارت ايلينا حدقتى عينيها فى تفكير قبل أن تبتسم وتقول في تردد :
” بس يا صوفيا انتى وزين مختلفين جدا ..زين حد ملتزم وجد وانتي ”
قاطعتها صوفيا وهى تشير بسبابتها :
” وانتى ويوسف عكس بعض ورغم كدة حبيتو بعض ”
قالت ايلينا وهي تلوي فمها في سخرية
” حبينا بعض ”
همست صوفيا من بين أسنانها في غيظ :
” ايوة حبيتو بعض انا متأكدة ان يوسف بيحبك ...زى ما انا متاكدة ان زين بيحبنى وانا هثبتلك وهتشوفى ..اما خليته يتنازل عن عنجهية الرجالة الشرقين ويقول ان الله حق مبقاش انا صوفيا ”
ضحكت ايلينا قائلة في عبث :
” العربى بتاعك اتحسن كتير ”
رفعت صوفيا حاجبها في تحد وقالت
” مش مصدقاني هاااا“
امسكت ايلينا بكتفيها وقالت فى حنان
”الحياة مش بالسهولة دى صوفيا ...خلينا نرجع باريس على الأقل نطمن عليكي ”
ابتسمت صوفيا وهى تربت على كفها قائلة
” خايفة عليا اموت زى عمو محمود ...اطمنى ايلينا انا حالتى مستقرة ”
مسحت ايلينا على شعرها قائلة :
” بعد الشر عليكى يا حبيبتى ..انا مبقاش ليا غيرك خلاص ”
احتضنتها صوفيا في حب وهي تتمتم :
” ايلينا بطلى تخافى سيبك قلبك يفرح وبس ”
وأفلتت نفسها من بين ذراعيها وهي تجمع شعرها برباط احتفظت به حول معصمها وقالت :
” انا هروح اشم هوا فى الجنينة ”
اومأت ايلينا برأسها بينما أخذت صوفيا هاتفها من على المنضدة وهى تنظر له فى اهتمام قبل ان تفتح الباب لتتحرك الى الحديقة ..
اخذت تنظر الى هاتفها فى انتظار مكالمتها الهامة وبينما هى على ذلك سمعت صوت آيتن وهى تتحدث فى هاتفها ، لم تقصد ان تتجسس عليها مطلقا ولكن ماسمعته جعلها تتسمر فى مكانها ولا تقوى على الحراك حتى أنهت الأخرى المكالمة فالتفتت لتجدها خلفها لتنتفض فى ذعر ...
لحظات احتاجتها ايتن لتعود الى هدوئها ...ابتلعت ريقها قائلة فى حذر وهى تنظر الى وجه صوفيا تراقب انفعالاته وتبحث عن اجابة لسؤالها الذي طرحته مباشرة ” صوفيا انتى هنا من امتى ؟؟؟“ وسمعتى ايه بالظبط ؟؟؟“
حكت صوفيا جبهتها بيدها وقالت فى توتر :
” ايتن انا مكنش قصدى اسمعك انا كنت بتمشى و...“ قاطعتها ايتن وهى تشير بكفها :
” خلاص يا صوفيا عارفة انك ..“
وأضافت وهى تشيح بوجهها وتتنفس فى عمق :
” أنا أصلا محتاجة حد اتكلم معاه واعتقد أن أكتر حد ممكن يفهمني هو انتي ”
اقتربت منها صوفيا وامسكت بكفها فى ود قائلة:
” وانا هسمعك يا ايتن ”
نظرت ايتن اليها مطولا قبل أن تهتف في شجاعة لا تعرف من أين اكتسبتها :
” انا بحبه يا صوفيا ”
اطرقت صوفيا الى العشب ودهسته بحذائها في قوة وقالت :
” ده اللى سمعته بس حسام ”
هزت ايتن رأسها وأجابتها فى حزن :
” حسام يبقى ابن عمى وبعزه... بس هما فرضوه عليا ومش قادرة حتى اتقبله ..عمرى ما تخيلت انى ارتبط بيه ..مفيهوش اى حاجة من صورة فارس الاحلام اللى فى دماغى ”
هزت صوفيا كتفيها قائلة فى بساطة :
” ليه مقولتيلوش كدة ..كنتى ارفضيه يا ايتن ”
ابتسمت ايتن فى سخرية وهي تنظر للفراغ أمامها
” بابا مادام قرر يبقى لازم ننفذ ..حسام مبيقدرش يكسر لبابا كلمة حتى لو انا قلتلته انى انا مش عايزاه ”
تراجعت صوفيا وهي تستنكر منطقها فتركت يدها وقالت في وضوح :
” بس حسام مش بيتجوزك عشان باباكى ..حسام بيحبك فعلا ..انا لاحظت ده من نظراته وطريقة معاملته ليكى ”
جعدت ايتن وجهها فى ضجر:
” يووووووه انتى هتتكلمى زيهم ”
بسطت صوفيا كفيها امامها قائلة :
” طب خلاص ...بالنسبة للتاني انتى متأكدة انه بيحبك فعلا ”
ردت ايتن في سرعة حاسمة :
” طبعا بيحبنى هوا قالى واعترفلى بده ”
ضحكت صوفيا للحظات قبل أن تقول :
” ومن امتى الحب بقا بالكلام يا ايتن ”
قطبت ايتن حاجبيها في حيرة وسألتها :
” قصدك ايه ”
مطت صوفيا شفتيها قائلة :
” قصدى انه مادام بيحبك فعلا ليه مجاش يتكلم مع باباكى ..ليه سابك تتخطبى لحسام ”
ردت ايتن وهى تلوح بيديها فى تلعثم :
” هوا ظروفه مش مناسبة دلوقتى ”
مررت صوفيا يدها في شعرها لتتجاوز حنقها من تلك الايتن البلهاء وقالت :
” وهتبقى مناسبة امتى ؟؟؟...لما تتجوزى حسام ...ايتن اللى بيحصل ده غلط فى حق حسام وحق نفسك قبله ..حسام بيحبك وميستاهلش منك الخيانة ابدا ”
تراجعت ايتن من هول الكلمة واحمرت عيناها غضبا وهتفت فى حنق واستنكار :
” خيانة ؟؟....صوفيا حاسبى على كلامك ..انا مخونتش حد ...هما اجبرونى وانا عمرى ما هكمل فى التمثيليه السخيفة دى ومش هتجوز واحد وانا قلبى مع غيره ” وانسحبت من امام صوفيا فى غضب وقبل ان تغادر التفتت لها لتضيف :
” ودى اخر مرة صوفيا تتدخلى فى حاجة متخصكيش ..انتى فى البيت ده مجرد ضيفة يا ريت متنسيش ده ”
احتقن وجه صوفيا فى حرج وندمت على انها تدخلت فى الأمر من الاساس ، ايتن فى النهاية ليست طفلة ، هى فى التاسعة عشر من العمر وتعرف جيدا كيف تتصرف ولكنها فى النهاية شقيقة زين ، رفض عقلها ان تراها فى دائرة الخظر دون ان تتدخل... ولكن ماذا بيدها لتفعل اكثر مما فعلت ، فجأة رن جرس هاتفها فطالعته بابتسامة وهى تنظر تجاه بوابه الحديقة لتراه يضع هاتفه على اذنه وهو يتحدث مع حارس المنزل الذى يبدو انه يعارض دخوله ..اقتربت قليلا وهى تقول للحارس :
” سيبه يا عم عطية ده جاى عشانا ”
تركه الحارس يدلف الى المكان فهتف فى سعادة وهو يقترب منها :
” صوفيا ”
ابتسمت وهى تنظر الى ذلك الشاب طويل القامة عريض المنكبين قائلة :
” حمدلله ع السلامة ريان ”
اقترب منها وضمها فأحاطت جذعه بذراعيها ليربت على ظهرها فى حنان ، وفى اللحظة التى رفعت فيها رأسها تفاجأت بزين يقف خلفهما ونظرة ذهول.. استياء... غضب بل بركان ثائر يصعب اخماده يشتعل ويشتعل وهو يكور قبضتيه كأنه يحاول الايفرغ لكماته فى فكيهما معا ، تنفس فى عمق ليحاول ان يهدأ ... شعرت بكل انفعالاته فأرادت استغلال الفرصة أكثر حين اقترب وهو يحاول أن يرسم ابتسامة على ثغره قائلا
” مش تعرفينا ”
قالت صوفيا وهي تمسك بذراعه :
” اه معلش ده ريان ”
وأشارت اليه قائلة :
” وده زين ”
انتظر للحظات علها تضيف أي شىء عن العلاقة التى تعطه الحق ليضمها على هذا النحو فلم تفعل ولم يلحظ يد ريان الممدودة له الا حين تنحنح الثاني فى حرج فلامس زين كفه بسرعة وهو ينسحب مانعا نفسه من ارتكاب جريمة ودفنهما أحياء فى ثرى الحديقة .
راقبته بابتسامة واسعة وهو يرحل بخطوته المتوترة الساخطة ، وأخيرا قد رأت الغيرة فى عينيه ..
انتبهت على صوت ريان يسألها في اهتمام :
” ها صوفيا ....فين ايلينا ؟؟؟“
تنهدت طويلا قبل أن تخبره في حذر :
” هتشوفها ريان بس بلاش مشاكل من فضلك ..أنت وعدتني هتتكلم معاها وبس ”
وفى شرفته وقف يتابع ما يحدث وغضبه قد وصل الى درجة يصعب السيطرة عليها ، أخذ يدق على سياج الشرفة بقبضته وتمنى لو جذبها من شعرها الأشقر هذا وصفعها بقوة ..
كيف تجرؤ على ان تلقى بنفسها بين ذراعي رجل بهذه البساطة ، كيف لاتقيم له أي وزن او اعتبار ، مرر يده فى شعره وهو يجذب خصلاته بعنف ويفكر كم رجل سمحت له ان يقترب منها بهذه الطريقة...
تمادى عقله الى ماهو أبعد وأبعد وهو يتخيلها تتناقل من حضن رجل الى غيره ...
أفرغ غضبه فى كتبه المتراصة بنظام على مكتبه ..
تصبب عرقا وهو يتخيل ريان هذا الآن يلمسها... يقبلها أو حتى ينظر لها ...
هذه الحورية حقه وحده ...جنتها حكرا عليه فقط ولو فكرت في أن تدخل غيره اليها فسيحيلها الى جحيم يحرق العالم بمن فيه . .
...........
كانت تحاول مقاومة ألمها في يأس حين دلفت صوفيا الى غرفتها واخبرتها بوجود ضيف يرغب فى مقابلتها ، نهضت فى تعب وارتدت حجابها لتخرج وتصعق بريان أمامها ، بدلت النظر بينه وبين صوفيا وهتفت فى غضب ” انت اللى ادتيلو العنوان صح ؟؟“
تنحنحت صوفيا وهى تعبث فى خصيلات شعرها كعادتها ان توترت لتتهرب من الاجابة فرد ريان نيابة عنها
” البقية فى حياتك ايلينا ”
زمرت ايلينا شفتيها قائلة في ضيق واضح :
” ريان اتفضل من هنا دلوقتى ...انا مش عارفة اذا كانت صوفيا قالتلك ولا لا انى حاليا متجوزة ”
اقترب منها هامسا فى حزن :
” ايوة ايلينا ..ليه استعجلتى ومدتنيش فرصة انتى عارفة كويس قد ايه ب..“
قاطعته ايلينا فى شراسة :
” بلاش الكلام ده ..احنا انتهينا خلاص ومن زمان وميصحش وجودك هنا دلوقتى ..يا ريت تتفضل ”
تردد للحظات ولكن في النهاية طرح سؤاله :
” بتحبيه يا ايلينا ؟؟“
ردت وهى تمسك بجنبها الذى اصبح المه لايحتمل
” حاجة متخصكش ولا ليك الحق انك تسأل عنها ..ااااااه ”
تأوهت هذه المرة فى ألم وهى تغمض عينيها تكاد تعتصرها
وتضغط على شفتيها بقوة تكاد تدميها
ومالت للأمام تكاد تسقط ارضا
اقتربت صوفيا بسرعة وركعت أرضا أمامها وهى تهتف فى هلع :
” ايلينا مالك ؟؟“
ردت وهى تحيط بطنها بكفيها في ألم واضح :
” مش قادرة صوفيا ...بطني ااااااه ”
هتفت صوفيا بريان الذى ركع أرضا بدوره :
” هو انت مش دكتور ..متعمل حاجة يا ريان ”
اقترب ليفحصها فابعدت يده عنها فى عنف ليهتف مسرعا :
” لازم تروح المستشفى.. اكيد موضوع الحصوة رجعت تتكون تانى لازم نعملها سونار...عارفة اقرب مستشفى هنا ؟؟“
هزت صوفيا رأسها قائلة :
” هخلى زين يودينا ”
لم تستطع ايلينا من الألم ان تقاومه وهو يحملها بين ذراعيه فجأة و يهتف :
” بسرعة يا صوفيا اندهيه ”
خرجت صوفيا بسرعة وتبعها ريان الى الحديقة وقبل أن تخرج هاتفها لتتحدث الى زين تفاجئت بيوسف أمامهم ، يوسف البدرى يرى ايلينا ورجل غيره يحملها بين ذراعيه ، مارأته صوفيا فى عيني زين لم يكن شيئا مطلقا أمام الحمم البركانية والأعاصير وكل الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية فى عيني يوسف ،تراجعت وهى تشعر أن الأمر انقلب تماما ولن يقتصر على غيرة تعمدت تحريكها فى نفسه ، لن يعطها يوسف وجه الحب الذي أرادت بل أحيانا يكون القتل من وجوه الحب...فمن الحب ماقتل .
+