رواية ميراث الندم الفصل الحادي عشر 11 بقلم أمل نصر
اكتمل عدد الحضور من الرجال من وجهاء العائلة ،
بعد ان حرص فايز على إحضارهم بنفسه، ليبتوا في امر رجوعه للمنزل وكي يتمكن من وضع يده على الأملاك الأخرى، بعد أن كانوا شاهدين قبل ذلك على هذا الأمر المشين في حرمانه من امتلاك المنزل، في جلسة كهذه، بفعل مباشر من والده، الذي يرقد في المشفى الاَن.
لكن ها هو اليوم، يعود إلى المكان الذي طرد منه، حينما خرج مهانًا، مدفوعًا دفعًا كالبهائم، حتى لا يفتك بهذا الذي نال كل الحظ في امتلاك حب الجميع وبعدها الإستيلاء على حقه، لكن القدر كان له رأي آخر، يبدوا انه قد حانت اللحظة الحاسمة في رجوع الامور الى نصابها، بعودة الحقوق لأصحابها.
اليوم جالسًا بثقة، فاردًا ظهره بعزة، ينظر لدلوف أبناء شقيقاته اخيرًا، واحدًا خلف الاَخر، ونظرات قاتمة يواجهها منهم، فهم اليوم يعرفون مصيرهم جيدًا، فور ان يضع يده على المنزل، بصعوبة أخفى ابتسامته، وهو يتخيل مشهدهم بعد اصدار الحكم من الكبار بعد قليل لصالحه، وقتها لن يتأخر عن طردهم مباشرةً دون انتظار، ولن يلومه أحد.
استدرك لاستمرار الأحاديث بين الرجال، رغم اكتمال كل شيء، ليهتف بأكبر الموجودين سنًا:
– عم رحيم، انا بجول نبتدي بجى، مش عايز أخركم اكتر من كدة، خلينا نخلص.
سمع منه الرجل، ليدق بعصاه الخشبي على الأرض بقوة بأمر مباشر الى الجميع:
– الكل يسكت، خلونا نبتدي الجلسة.
على الفور توقفت الأصوات والتفت الرؤس نحو الرجل الذي توسط الجلسة بإجلال واكبار يوزع ابصاره عليهم فرد فرد، لليتأكد من صمتهم، وقد عم الهدوء المكان، فقال بصوت يحمل الوقار والهيبة، رغم تقدمه في السن:
– عايز الكل يجعد ساكت وينتبه كويس للي جاي، ومهما كان الكلام تجيل ولا ميعجبش حتى، برضوا مفيش اعتراض، مش عايزين الهرجلة اللي تمت المرة اللي فاتت تتكرر تاني، انا المرة اللي فاتت مكنش ليا حكم في وجود عبد المعطي، ربنا يقومه بالسلامة يارب، لكن النهاردة مفيش حجة، سامعني يا سند وانت يا عيسى، وانت الاهم يا فايز.
بعنجهية تثير الدهشة رد الاَخير:
– وانا ايه اللي يعصبني يا بوي؟ انا المرة دي جاعد مأدب عشان سايب حجي في يدكم، يبجوا هما بجى اللي يمسكوا نفسهم.
امتقع الاثنان يناظرنه بمقت، حتى ارتسم على الوجوه خطوطًا طولية مشتدة، ورغبة عدائية تصرخ بها الأعين في انتظار الإذن، أما العم رحيم، فقد لاح على جانب شفته شبه ابتسامة متهكمة، اخفاها على الفور قبل ان يقول:
– زين يا فايز العجل ده، ياريت تكمل على بجية الجعدة اكدة….
صمت برهة الرجل قبل ان يردف:
– اظن كل اللي في الجاعدة عارفين بمشكلتك ، يعني مش محتاجة شرح، ومدام المجلس مجتمع للبت في المشكلة، يبجى يحضر المدعي والخصم، المدعي هو انت طبعًا، والخصم هما عيال اختك مندوبين عن امهاتهم، مش كدة برضوا؟
وجه الأخيرة نحو الاثنان فتكفل سند بالرد باندفاع :
– ايوة يا عم رحيم، بس احنا بجى…….
– استني يا ولدي……..
هتفت بها الحج رحيم مقاطعها له كي يتوقف، قبل أن يفاجئه:
– بس احنا كدة ناجصنا عضو!
باهتمام شديد اعتلى وجوه الثلاثة، حتى ردد عيسى بالسؤال:
– جصدك على مين يا عم رحيم؟ مين اللي ناجص منينا؟
– انا يا عيسى.
صدرت من مدخل المجلس، ليلتف الجميع نحو التي ولجت فجأة، تتقدم بخطواتها نحو الداخل بثقة، غير عابئة بأنها الأنثى الوحيدة وسط عدد كبير من الرجال، ذهبت عينيها نحو سند حين لفظ بكنيتها مستغربًا:
– مرت عمي.
تغاضت عن الرد لتكمل بنظرة ثاقبة كالسهم التقت بعيني من يصنف بأنه زوجها، وقد ضاقت عينيه، يطالعها بارتياب، لا يصدق هذه الطلة المباغتة له بجرأة لم يعتادها منها، طوال معرفته بها، من وقت ميلادها على الأكيد وتربيتها امام عينيه.
– تعالي يا بتي اجعدى جمبي.
قالها الحج رحيم يشير على مكان مجاور له على الاَريكة الخشبية، بعد أن أمر أحد ابناءه الحاضرين بالنهوض من جواره لأجلها.
وقبل ان تصل إليه، صدر صوت فايز بإحتجاج:
– تجعد فين؟ ايه المسخرة دي يا عم رحيم، احنا جاين في ايه ولا ايه؟
تجاهلت رفضه، وكأن صوته لم يصل لأسماعها من الأساس، لتتخذ مقعدها بجوار الرجل الذي تولى الرد بحزم:
– نجي كلامك يا فايز، مفيش حد فينا له في المسخرة، سليمة حاضرة عشان هي طرف اساسي في الموضوع.
ذهب الظن لصفتها بأنها أم الراحل، صاحب المنزل، حتى عبر عيسى عن تأثره:
– الله يرحمك يا حجازي يا غالي.
تمتمت الافواه من خلفه بالترحم وذكر محاسن الغالي ، صاحب الأخلاق العالية، حتى ضج فايز ليهتف غاضبًا:
– ما خلاص بجى، وخلينا نشوف ام البلوة دي
توجه سائلًا للعم رحيم؛
– دلوك اللي انا عايزة اعرفه، ايه دخل انها ام المرحوم، بالجعدة المهمة دي؟
جاء الرد منها صاعقًا مدويًا:
– جالك اني طرف، ودي ملهاش دخل بأني ام اللي راح، صاحب البيت، لا….. دي ليها دخل بأني شريك اساسي…… انا شريك اصلي في البيت اللي بتتكلموا عليه.
صدر صوت الهمهمات والتساؤلات، ليعقب فايز باستخفاف ساخر:
– شريك! انتي سميتي الجزء الصغير من ورثك في ولدك بشريك،
أجابت ببساطة:
– ومين جالك اني بتكلم عن الورث من ولدي الله يرحمه ويدخله الجنة بحج رضايا عليه يارب……. انا بتكلم عن ورثي في ملك ابوي، الحج حمدين الدهشوري، ما هو كان شريك في الأرض اللي اتبنى عليها البيت ولا انت متعرفش؟
اعتدل بجلسته بتحفز، ليذهب عن ملامحه العبث ويحل محلها إجفال تام مع بودار غضب تلوح في الافق،
حتى صدر صوت سند معبرًا عن صدمته:
– ايه اللي بتجوليه ده يا مرة خالي؟ ازاي يعني الكلام ده؟
همت تجيبه، ولكن الحج رحيم اوقفها بإشارة من كفه، ليردف موزعًا أنظاره على الثلاثة:
– سليمة اللي بتجول عليه هو الصح يا ولدي، جبل ما يتبني البيت ده من اكتر من خمسين سنة، ويتعرف باسم جدك الله يشفي عنه، هو كان في الأصل بيت ابوه، عوض الدهشوري، والد عبد المعطي، وحمدين، يعني الاتنين كانوا اخوات ولاد، وبما أنهم ولاد فجيمة العدل في نصيب كل واحد منهم الورث كد بعض.
لكن يا ولدي زي ما انتو عارفين، حمدين مات في عز شبابه شهيد بيحارب ع الجبهة، معظم سنين عمره جضاها في الحروب اللي خاضتها البلد، عبد المعطي هو اللي كان بيراعي الأرض وكبر مساحتها، لحد ما بنى البيت من كده وعرجه، على اساس ان اخوه لما يخلص يسكن معاه، لكن الجدر كان له رأي تاني، وساب سليمة في بطن امها اللي ماتت هي التانية وهي بتولدها، عشان يربيها عبد المعطي وسكينة وسط عيالهم.
– ايه القصة العجيبة دي؟
صاح بها فايز يذهل الجميع بصوته الذي ارتفع مع نهوضه، ليتابع مستخفًا:
– عاملين قصة ورواية، احنا مالنا بالكلام ده، انا اللي اعرفه حاجة واحدة، هي ان البيت كان ملك ابويا جبل ما يكتبه للمرحوم ولدها، ولا انت عايز تفهمني ان ابويا مكنش واخد باله منها دي؟
– لأ يا فايز، كان واخد باله وعارفها كويس.
قالتها مدوية بوجهه تتابع بجرأة أذهلته:
– ابوك لما عمل الجلسة هنا مكنش بيتكلم عن البيت كله، كان بيتكلم عن نصيبه وبس، هو جالهالي بعد كدة، واداني الورج اللي يثبت حجي، جالي انا اتصرفت في اللي يخصني، لكن نصيبك انتي يا بتي انا مينفعش اجرب منه.
– وانا شاهد .
صدرت من الحج رحيم يضيف على قولها، انا كنت شاهد على العجود زي ما كنت شاهد ع الحكاية من اولها.
بدأ الإحتقان بداخله يصل إلى الذروة، مع استيعابه للمعلومات الجديدة والتي تتدفق من الاثنان وكأنهم كانوا على اتفاق من البداية، ليبدوا هو المغفل أمام الجميع، وهذه المرأة التي تناظره بتحدي، وصوت الهمهمات الساخرة يصل لأسماعه، حتى صاح كالمجنون:.
– دي لعبة، انا متأكد ان دي لعبة وعاملينها عليا، بعد العمر دا كله جيبلي ورج من تحت الارض وتجولوا نصيبها، انا لا يمكن اسكت دا انا اطربجها على راس الكل.
هدر به الحاج رحيم امام دهشة الجميع:
– لم نفسك يا واد، انا مش عيل ولا راجل ناجص جدامك، انا بتكلم في حج، جيبنا عنه الصورة كاملة جدام الكل.
اكملت على قوله سليمة بتحدي صارخ للآخر:
– مش معنى ان طول عمري ساكتة ومباطلبش ولا بتكلم، معناه ان مش عارفة حجي، لا انا عارفاه زين جوي، بس ممكن اكون ساكتة عشان توقير ومراعية للي رباني وعاملني زي بنته، او ممكن عشان مكنتش مهتمة زي ما في حاجات كتير لحد دلوك مستغنية عنها، عشان متلزمنيش.
قالت الاَخيرة بازدراء واضح، وصل معناه للاَخر ليهيج كالثور بصياحه يتقدم نحوها:
– لا انتي محدش رباكي، وكانك كنت مستنية الراجل الكبير يختفي، عشان تخلعي برجع الحيا، والظاهر ان انا كنت غلطان لما سيبتك على كيفك.
هجموا عليه الرجال ليُقيدوا حركته، وتحرك سند وعيسى ليتصدروا بجسدهما امامها بدفاعية، وقد وجدوا خيطًا جديدًا في التصدي له مرددين:
– حاول بس تجرب منها، واحنا منبجاش رجالة لو ما رجدناك طريحة.
انفلت الزمام، واصبحت اصوات الشجار تصل للخارج، فلا احد قادر على ايقافه، وقد صار المجنون يريد الفتك بها أو بزوج الثيران، بعد أن جائتهم فرصة من ذهب في تحديه.
❈-❈-❈
– وه، انت متأكد من اللي بتجولوا دا يا واد؟
صدر السؤال منه بعدم استيعاب، لكم المعلومات التي يلقيها أمامه الاَخر، والذي تابع مؤكدًا:
– زي ما بجولك كدة يا كبير، المندرة من ساعة بس كانت مولعة، وكل الناس اللي في الشارع كانت متلمية تسمع الزعيج، دي كانت عركة واصلة للسما، فايز طلع متشال شيل على الدرعات، بعد الرجالة ما جيدوا حركته، ولسانه الزفر بيرمي بأعفش الكلام عن الولية مرته وبت عمه، زينة الحريم الست سليمة، كان زي المجنون ومحدش عارف يوجفه.
– وجوز التيران دكهم كان ايه دورهم؟
– جصدك على سند وعيسى، لا دول كانوا واجفيلوا وبيدافعوا عنها، ما هم خلاص، لجوا الحاجة اللي تكسر عنجهية غريمهم، اللي كان متحلفلهم بالطرد.
مفاجأة، سليمة هي مفاجأة بكل المقاييس، هذه المرأة التي لم يراها سوى مرات قليلة بالكاد تذكر، ولم تبدوا امامه سوى امرأة هادئة مستكينة، حتى في موت وحيدها، لم يصدر منها الافعال التي تعرف عن النساء المكلومة من جنون وانهيار، من أين لها بهذه القوة كي تتحدى الثور زوجها؟
– عايزني في حاجه تاني يا كبير؟
تفوه بالسؤال حميدي يفيقه من شروده، اماء له بطرف ذقنه للأمام كي ينصرف.
وفور خروجه، اشتعلت رأسه بالأفكار السوداء، خوفًا ورعبًا نحو من سلبت فؤداه وتعلقت روحه بابنها أيضًا، لديه شعور غير مريح على الإطلاق، بانعكاس هذه الأخبار سلبًا عليهما، دائرة الخطر تزداد، ومن فكر في التخلص من زوجها سابقًا لن يصعب عليه الاَن الانتقام من الباقين.
لقد ألقت سليمة قنبلتها في وجه الجميع، وهذا حقها، يبدوا من تفكيرها المتوازن، انها لا تغفل عن شيء ، والدليل هو صرفها لنادية حتى تبعدها عن النيران المشتعلة هي وحفيدها، لتنعم بالأمان وسط اهلها، ولكن هل هي بالفعل الاَن في امان؟
منزل هريدي الدهشان في منطقة جبلية كباقي منازل العائلة، منازل بإعداد قليلة تتوسط العديد من الافدنة المستصلحة، لا يوجد كثافة سكنية بل هي مناطق شاسعة في الخلاء، ليست بمأمن كامل عن الذئاب الصحراوية او الوحوش البشرية، اذا غاب الحرص او الحذر، هذا من ناحية.
والناحية الأخرى، هو المتربصين المنتظرين فرصتهم طمعًا بها، لقد تأمل بوضع فايز يديه على المنزل ان يطرد هذان الجلفان من المنزل، حتى يخرجا من البلدة بأكملها،
فيتبقى له الغليظ ناجي، يبحث له عن طريقة تصرفه هو أيضًا، لكن الاَن لا يوجد وقت، لابد من تصرف سريع حتى يضمها تحت جناحه، لن يظل مكتوف الايدي بعد ذلك ينتظر الفرص.
❈-❈-❈
في منزل الدهشوري
وقد هدأت العاصفة وتبقي افراد المنزل فقط، بعد انصراف الجميع، وذهاب فايز خائب الرجاء بعد ان صعقته سليمة بالجديد، كان النقاش يدور الاَن حولها:
– ليه مجولتيش جدامنا يا مرة خالي من الاول؟ ليه سيبتينا على عمانا كل الوجت اللي فات؟
صدر السؤال من سند اليها، لترفع رأسها نحوه، ثم تنقل بالنظر منه وإلى والدته في قائلة:
– السؤال ده ميتجالش ليا، دا توجه لامك، ولا هي يعني مكانتش عارفة.
ردت هويدا بوجه جامد وقد فهمت مقصدها:
– الكلام دا جديم يا سليمة يعني مش كل الناس مخها صاحي زيك، ابويا لما طلب مني التنازل عن حجي في البيت لصالح حجازي الله يرحمه، مكتبش النسبة جدامي ولا جالي على تفاصيل وانا وافجت عشان محبتي للغالي، يعني كانت نيتي سليمة يا سليمة.
تبسمت لها على الأخيرة، تدعي تصديقًا لا يدخل عقلها ، لتضيف نعيمة هي الأخرى:
– وانا كمان، كان كل اللي هامنني هو جمعتنا مع بعض في بيت عمره ما كان هيتجفل في وجود حجازي الله يرحمه، كلنا مستورين، لكن كفاية علينا نتلم مع بعض.
قالتها بعاطفية لم تؤثر في سليمة التي ترى الاَن الصورة كاملة من جميع جوانبها، وقد زاحت عنها العاطفة حتى لا تنساق خلف أحد بدون العقل .
عقب عيسى يشاكس جدته:
– كلكم بيتكلموا وسايبين السهونة دي، اجطع دراعي ان ما كانت عارفة كل حاجة من الأول، ما هو مش معجول يعني يعدي عليها حاجة زي دي، ولا ايه يا سكينة؟
استجابت له بابتسامة ليس لها معنى، قبل أن تنقل ابصارها نحو سليمة التي ربتها كإبنة انجبتها من بطنها، بتساؤل، أجابت عنه الأخرى بابتسامة صافية خالية من أي عتب، فهي الأدرى بما تحمله المرأة العجوز من هموم ثقيلة كبلتها عن المواجهة او اتخاذ قرار حاسم في أي شيء ، فهي الضائعة، بغياب سندها عنها، لن تزيد عليها بلوم حتى لو بنظرة.
صدر صوت سند كمنبه للجميع رغم استهزائه:
– زمان خالي دلوك هيفرجع من الغيظ، مش بعيد يولع في نفسه وفي شربات..
ختم بضحكة شاركه بها عيسى باستخفاف لم تتقبله النساء لعلمهن بخطورة الاثنان، وهذا الأمر يزيد من توجس سليمة من القادم،
❈-❈-❈
صرخت به بحالة من الجنون وكأن شيطان مسها، أو مطرقة ثقيلة ضربت رأسها، من وقت ان علمت بكل ما حدث، فقد صار الأمر كفضيحة لها ولزوجها، وهذا الخزي يتعرض له أمام نفس الرجال، وفي نفس المكان:
– سليمة! سليمة يا فايز هي اللي عملت فيك كدة وهزجتك جدام الرجالة؟ سليمة؟
– لمي نفسك يا شربات بدل ما اكسر نفوخك النهاردة انا على اخري.
هدر بها وارتفعت يده نحوها بغرض ضربها، ولكن ابنه تلقفها لينهره بعنف:
– ما تمدش يدك عليها، ولا انت مجدرتش على دوكها، جاي تحط غلبك في امي….
صعق فايز وبرقت عينيه بوحشية نحو ابنه الذي يطالعه بتحدي ونظرة ابلغ من الكره، يتابع له بتقليل:
– كنت جيب حجك الأول، بدل ما انت طالع من بيت ابوك تزعج والرجالة شيلاك، دا الشارع كله ماسك سيرتك ولا اكنك عايز عيل صغير، أحط عيني في وش الناس ازاي دلوك؟ وانت مسود وشي بعمايلك.
تسمر فايز بذهول متجمدًا، وكأنه فقد النطق، عينيه توسعت بشدة، لا يصدق ما يتلفظ به مالك نحوه، هذا العنف في القبض على يده بدون مراعاة أو توقير لصفة الابوة، هل ضعف للدرجة التي تجعله لا يستطيع ردع الولد عنه؟ أم اصاب الخوف قلبه، لهذه الطاقة الإجرامية التي يلمسها منه؟
– بعد عن ابوك يا واد، بعد يا مالك بعد.
كان هذا صوت شربات التي تدخلت لتفصل بينهم، بجسدها، تزيح ابنها بيديها للخلف ونظرات تحذريه كان يتلقفها باستهزاء، حتى ابتعد لترك المنزل كله
عادت شربات لزوجها تخاطبه بلهجة لينة معتذرة:
– معلش يا خوي، الواد حرج على امه، ما انت عارف بجى، طالع فاير وطبعه حامي ما بيتحملش، سيبك منه.
نزع بعنف كفيها التي تمسح على صدره، يحدجها بنظرة نارية، حتى دفعها للخلف ليستدير عنها متجهًا نحو الخروج، يلملم الباقي من كرامته بالهروب،
هتفت باسمه قبل ان يخرج:
– متتأخرش يا فايز، عشان تيجي بدري ونشوف حل للنصيبة اللي وجعت على راسنا.
لم يكلف نفسه عناء الالتفاف لها، وتابع طريقه، حتى خرج من باب المنزل يصفقه بقوة اهتزت لها جدران البيت ، لتعقب من خلفه ضاربة بكف يدها على صدره:
روح يا خويا ومتعوجش، على الله نلاقي فايدة من وراك في سنتنا المغبرة.
❈-❈-❈
بعد عدة أيام
طرق بعجالة على باب المنزل المفتوح على مصراعيه من الاساس، ليدلف متسائلًا بصوته الجهوري الحازم:.
– ايه اللي حصل؟ اللي انا سمعته دا صح؟
اندفعت عزيزة نحوه، بعد ان انتفضت عن جلستها من وسط عدد من النساء كي تجيبه بقلق:
– اللحجنا يا غازي بيه، البيت كله بيدور ع الولد، محدش عارف راح فين؟ وكأن الارض انشجت وبلعته.
صاح بقوة ارعدت النساء المتابعات لحديث الرجل الاهم في نجع الدهشان، حتى وان لم يكن معظمهن من العائلة:
– ازاي يعني؟ هو احنا عندنا عيال بتضيع من الأساس؟
فين امه؟ جوليلي الحكاية بالظبط من أولها، جبل ما ادي الأمر للرجالة، هما على كدة طلعوا يدوروا.
قصت عليه عزيزة على عجالة، من بداية خروج الصغير ولعبه مع الاطفال خارج المنزل، حتى اختفاءه فجأة عن عيون الجميع، لينقلب المنزل رأسًا على عقب بمعظم افراده في رحلة للبحث عنه، واللحاق بوالدته، والتي خرجت هائمة على وجهها، ولم تعد حتى الاَن هي الأخرى.
– خلاص يا عزيزة، اجعدي انتي راعي هنا البيت زي ما كنتي، ولو سمعتي أي اخبار بلغيني، انا هجلب الدنيا بنفسي عليه.
قالها وتحرك على الفور، تتبعه انظار النساء ودعواتهم بالتوفيق، بإعجاب لا يقدرن على إخفاءه رغم سوء الظرف:
– اطمني يا عزيزة، اكيد هيعتر فيه، دا الدهشان ذات نفسه، ايه الهيبة دي يا ناس؟
قالتها احداهن بلهجة اثارت استياء عزيزة، لتردف بإشفاق:
– مسكينة يا نادية، يا ترى عاملة ايه دلوك؟
❈-❈-❈
وصل إلى المكان الموصوف له، ليجد افراد من اشقائها وابناءهم، منثورين في عدة اتجاهات مختلفة، كل منهم يبحث بطريقته، لمحها من قريب، تبحث وسط الحقل وصوتها خارج بانهيار، ونشيج بكاءها يقطع نياط قلبه:
– ولدي فين ياما؟ دا عمره ما اتحرك من جدام الباب ياربي، ولا حتى هيعرف يجول اسمه كامل لو حد سأله،
بقلب موجوع خرج صوت جليلة من أجل تهدئتها:
– يا بتي اخوكي جالب الدنيا، ومش هيرتاح غير لما يلاجيه، احنا نجعنا صغير والجبل حافظينه أكتر من أسامينا،
– ما هو دا اللي هيموتني ياما، اننا جاعدين في جبل، اننا جاعدين في جبل.
تهتف بها ضاربه بكفيها على جانبيها بولوله، حتى أوقفها بصيحته:
– نادية!
التفت اليه كالغريق الذي يتعلق بقشة، تخاطبه:
– مش انت الكبير، هاتي ولدي يا غازي يا دهشان،
اقترب حتى وقف قبالها، يخاطبها بلهجة واثقة:
– امك جالتلك، الجبل وحافظينه أكتر من اسامينا، ولدك هيرجع اسرع ما تتصوري، انا طلجت رجالتي في كل حتى، مش هسيبوا ركن، ودول رجالة شداد، الديابه نفسها تخاف منيهم.
عادت للندب والبكاء الحارق مرددة:
– كله كلام، كله كلام، انا بجالي اكتر من ساعتين بدور عليه، دا لو اتخطف يبجى زمانه طلع من البلد، ولا يمكن حصل فيه حاجة تانية، يا مصيتك يا نادية، يا مصيبتك، يارب اموت لو دا حصل، يارب اموت، يارب اموت.
صارت بالاَخير تلطم بكفيها على وجهها، مع تخيلها للسيناريو الاسوء، وقد نفذت طاقة الامل منها، مع كثرة الضغوط التي تتعرض لها، حتى أجبرته على القبض على كفيها يجبرها على التوقف صائحًا بحزم:
– ما كفاية بجى هتموتي مجهورة، انتي بنفسك بتجولي ما فاتش عليه أكتر من ساعتين.
وكأنها لم تسمعه، ظلت تهذي بكل ما يجول بعقلها من هواجس ومخاوف، حتى يأس منها ليهتف بوالدتها:
– ما تشوفي بتك دي يا خالة.
همت جليلة في تنفيذ أمره ولكنها انتبهت على الصوت القريب، من أحد رجال غازي،
– لجيناه يا سعادة البيه، لجيناه يا ست نادية.
انتبهت هي لتبصر صغيرها محمولًا على ذراع الرجل، سالمًا بهيئة طبيعية، لتشهق بقلب على وشك التوقف، وفرحة كانت أكبر من تحملها بعد ان استنفذت كليًا في هذا الوقت البسيط الذي مر عليها، وكأنه دهر، لتسقط فاقدة وعيها تمامًا، وكان هو أقرب اليها من الأرض، ليتفاجأ بها بين ذراعيه بجسد مرتخي جعله يتمتم بإجفال، وصوت مهتز فقد هيبته:
– وه.
❈-❈-❈
في المساء
وقد هدأت الأوضاع واستقر الصغير بحضن والدته التي اطمئنوا عليها هي الأخرى بعد ذلك، ليأتي الحديث الجدي بين عزب شقيقها ومجموعة من شباب العائلة التي انضمت في الجلسة مع غازي الدهشان والذي بدأ حديثه بحزم:
– الكلام دا مينفعش يا عزب، الواد النهاردة لو مكناش لجيناه في الوجت المناسب، الله أعلم كان هيجراله ايه؟
دافع الاَخير بلهجة ضعيفة لا تتنصل من الذنب:
– يا بوي والله ما بنغفل عنه، دي امه اساسًا مجنونة بيه، وما بتفرطش تسيبه لوحده ابدًا، دا غير امي نفسها، دا غير عيالي وعيال خواتي اللي البيت مليان بيهم كل شوية، لحد دلوك ما جادر استوعب، كيف دا حصل؟
تدخل ناجي بتهدئته:
– متزعلش نفسك يا خوي، احنا مصدجينك والله، خفف على نفسك جدر ولطف.
استشاط غازي حنقًا من تساهله المتعمد، ليهتف معنفًا:
– ونعم بالله يا سيدي، بس احنا منيفعش نسكت ولا نفوت، الواد صغير وغريب عن المنطجة، مش زي عيالنا اللي حافظين حتى عدد الشجر في الأرض، دا غير انه لسانه تجيل، واديك شوفت بنفسك، مفيش كلمتين مفهومين زين منه عن الراجل اللي كان ماشي وراه.
تدخل عارف سائلًا بفضول:
– طب وانت يا غازي مستدرجتش الراجل ولا عرفت ان كان حرامي العيال ولا ايه صفته بالظبط؟
– لا طبعًا ودي هتفوتني، انا سألت وجررت، دا غير ان الرجالة لموا كل المعلومات عنه، دا واحد بيبع غزل البنات، بيزمر للعيال اللي بتمشي وراه ويلاعبهم
على حسب الكلام اللي جاولو، انه عدى هنا، وفي الشوارع اللي محاوطة بيت عمك هريدي وجصاده كمان، ببجول ان عيال كتيرة كانت ماشية وراه وهو مشغلهم السماعات وبيزمرلهم، يعني أكيد لو معتز انضم
مش غريبة يعني،، ما هو عيل وبيحب اللعب .
عقب عزب بغيظ:
– ابن ال…… الله يرحمك يا حجازي، مينفعش اجيب عليه نص كلمة، بس احنا كنا هنتجن واحنا بندور عليه، مخلناش شارع ولا بيت في النجع، حتى الزرع، كنا بنسرب فيه حتة حتة، ليكون استخبي في البرسيم ولا في محصول الجمح .
تلقف غازي الاَخيرة، ليزيد من طرقه على الحديد وهو ساخن:
– اديك جولتها بنفسك، الأرض الخلا عندنا كتير جوي حوالين البيت، مينفعش نسيب حاجة للظروف واحنا عارفين بالخطر اللي محاوط معتز ومحاوط امه، بعد اللي حصل في بيت الدهشوري الدنيا مولعة فيه، والحجة سليمة لما بعدت نادية وجابتها عندنا كانت جاصدة الامان للواد وامه، يعني مينفعش احنا نجصر، محدش ضامن ، ما يمكن اللي جصد يتخلص من جوزها، ايه اللي يمنعه عن الواد الصغير، لو الظروف اتهيأت جدامه كيف ما حصل النهاردة؟
– اعود بالله.
تمتم بها عزب بصوت واضح امام الجميع، ليعقب على قوله ناجي بمبالغة كالعادة:
– طب حد فيهم يجرب منه عشان اعملها حرب وابندجهم كلهم.
كبح غازي بداخله سبة وقحة، يمنع نفسه بصعوبة كي لا يهجم عليه، ثم يسحب لسانه من فمه، حتى يخرصه نهائيا عن ازعاجه، فخرج صوته بعد ضغط شديد:
– ولما تروح تبندجهم ولا تموتهم كلهم، هنستفاد ايه احنا ساعتها لو لا قدر الله حصلت حاجة للواد؟
وافقه عارف، ليضيف على قوله:
– غازي عنده حج، فعلا احنا لازم نأمن الواد وامه معاه، محدش ضامن الظروف، جده راجل سكري ومش مضمون، دا ممكن لو حصل للواد تعويرة صغيرة يبهدل الدنيا على راسنا.
صمت عزب بتفكير عميق، وقد بدا على ملامحه الإقتناع حينما قال:
– تمام يا اخوانا، بس انا اعمل اكتر من كدة؟ اعين حراس ع البيت يعني؟
سؤاله العفوي جاء لغازي وكأنه وصل اخيرًا لمبتغاه، ليرد بلهجة حازمة حاسمة:
– اسمع مني يا عزب الكلام اللي انا هجوله دلوك، ودا مفيش منه رجوع، عشان فيه الحل النهائي لكل المشكلة .
❈-❈-❈
حتى بعد مرور الساعات، ومن وقت ان استعادت وعيها داخل غرفتها القديمة لتجده جالسًا بجوارها على التخت لم تكف عن ضمه واشباعه بالقبلات كل دقيقة والحديث معه من اجل ألاطمئنان بمعرفة جيدة عن سبب اختفائه، حتى بعد سماع الرواية المذكورة عن سيره مع الاطفال خلف بائع غزل البنات:
– كدة برضوا يا معتز، تسيب ماما بتدور عليك، اوعي تمشي تاني ولا تسيبني، دا انا اموت يا حبيبي من غيرك اوعي يا نور عيني.
دلفت اليها جليلة، لتعلق باستهجان لفعلها:
– ما خلاص يا بتي، سيبي الواد شوية واديلوا نفسه، انتي حابساه معاكي من ساعة ما فوجتي.
ردت وأنفها مدفون في جوف عنقه، لا تشبع من استنشاق رائحته:
– ياما انا مصدجت لجيته، لو بعد عني تاني، ساعتها هموت ياما، هموت والله.
زفرت جليلة لتطرد دفعة كثيفة من هواء تعبأ به قلبها وجعًا لأغلى أبناءها، لتتناول منها الطفل بعد ذلك، تبعده عنها بلطف حتى انزلت أقدامه للأرص تدعوه للعب مع باقي الأطفال، قبل ان تلتف اليها تخاطبها بجدية:
– عيال اخوكي كلهم جاعدين حارسين، يعني متشليش هم الواد، وركزي كدة معايا في الكلام اللي هجلهولك.
رغم استياءها لابعاد صغيرها عنها، الا ان الفضول جعلها تستجيب لرغبتها في الحديث سائلة:
– كلام ايه دا اللي عايزيني اركز فيه؟
اعتدلت يجلستها مائلة، وانصبت عينيها نحوها تفاجأها بقولها:
– اخوكي اتكلم معايا من شوية، لا جاعد لا على حامي ولا على بارد بعد اللي حصل للواد، واللي زود عليه، هو الفكرة العفشة ليكون حد أذاه من عيلة ابوه، بعد العرايك اللي حاصلة عنديهم من كام يوم.
أطرقت نادية رأسها بأسف، فحديث والدتها لم يبتعد كثيرًا عن الهواجس والمخاوف التي كادت تفتك برأسها وقت بحثها عن معتز، فخرج صوتها بضعف موجع:
– عارفة ياما كلامك والله، لكن اعمل ايه بجى؟ اهو اللي حصل كان غصب عني، ولا حد كان يتوقعها.
– احنا عارفين يا نادية، عشان كدة يا بتي ، اخوكي جايب الحل عشان نريح دماغنا من الخوف ليحصل الموضوع دا تاني.
تطلعت لها باهتمام، فتابعت جليلة:
– من بكرة ان شاء الله هتسكني في استراحة جدك عبد القادر الدهشان، الحراسة هناك مرشجة في كل حتة، دا غير ان البيت نفس…..
– استني استني ياما؟
قاطعتها فجأة لتتابع وكأنها لم تسمع جيدًا”
– بتجولي مين؟ فهميني كيف يعني؟
خرج منها السؤال بعدم استيعاب، ترفرف أهدابها بنظرات مشتتة، وكأن الرؤية مشوشة، أو ما زالت لم تستعد وعيها جيدًا، لكن جليلة عادت لتؤكد لها صحة ما تفوهت بها:
– بجولك، من بكرة هتروحي تسكني في استراحة جدك عبد القادر الدهشان، على ما تهدي الدنيا ونشوف اخرتها ايه؟ بعد اللي حصل النهاردة مينفعش الجعاد.
– ازاي يعني؟
صاحت بها ورجفة غادرة اكتنفت اطرافها فجأة، هل هذا حلم الذي تعيشه؟ ام أنها الحياة؛ التي ما زالت تحمل لها مزيدًا من المفاجأت؟
– كيف اسيبكم ولا اعيش مع ناس مليش اختلاط بيهم حتى لو كانوا من ناسي؟ دا انا لسة مفوجتش من فراج جوزي اللي اتخطف فجأة، جوم كمان اعيش في مكان غير مكاني؟
تنهيدة مثقلة، معبأة بالألم خرجت من المرأة تخبرها بحزم؛
– اخوكي دلوك بلغني بالأمر ده، انتي عايزة الاَمان لولدك؟ ومفيش أأمن من بيت جدك الدهشان، ثم انا كمان هروح معاكي، يعني مهتبجيش لوحدك.
-ومين بجى ان شاء الله اللي أصدر الأمر؟
سألتها باستنكار وحالة من الرفض ما زالت تتمسك بها، فجاء رد جليلة بوضوح تام:
– واحنا لينا مين يأمر علينا من بعد ربنا غير كبيرنا؟ واد عمك غازي طبعًا.
باحتجاج قاطع:
– ويصدر أمره بمناسبة ايه؟ انا لا يمكن أجبل أغير مكاني ولا اروح عند حد غريب.
واصلت جليلة لإقناعها:
– يا بتي ما انتي هتجعدي لوحدك بعيد عنهم، وانا زي ما جولتلك، هكون معاكي في الاستراحة، ودا بيت العيلة ومتعودين عليه
– يمكن انتوا لكن انا لاه ياما، انا مليش غير بيت جوزي، والبيت دا اللي اتربيت فيه، لا احب الناس ولا احب الاختلاط.
تذمرت جليلة من رأسها الصلب والتعمد في تعنتها، لتتمتم بضيق:
– يوووه عليكي وعلى راسك الناشفة، انتي محدش يعرف يكلمك واصل.
دلفت سليمة بعد أن طرقت على باب الغرفة تفاجئهم بحضورها حاملة معتز، لتهلل نادية برؤيتها، حتى دنت منها تقبلها وتحضنها باشتياق متبادل، قبل ان تستقبلها جليلة بالترحاب رغم انقلاب وجهها، مما جعل الأخرى تسألها بفراسة:.
– ايه اللي حاصل؟ انتوا متعركين ولا ايه؟ دا انا مصدجتش نفسي لما شوفت الواد بعد الكلام اللي طلع عليه انه ضاع .
ازدردت نادية ريقها بقلق وحرج، تتبادل النظر مع والدتها التي زمت شفتيها بغيظ شديد قبل أن تنفجر وتخبر سليمة بكل ما حدث خلال اليوم، حتى هذا الخبر الجديد، رغم اعتراض ابنتها، والتي خبئت بكفيها على وجهها لا تقدر على مواجهة الأخرى والتي خرج صوتها اخيرا باستفسار:
– يعني افهم من كدة انها هتبجى في حما غازي الدهشان نفسه؟
–
سريعًا ردت جليلة بلهفة؛
– أيوة يا خيتي، امال انا بجول ايه بس؟
سمعت منها لتومئ رأسها بتفكير عميق، ثم تتمتم بشيء من الارتياح:
– زين جوي، على خيرة الله.
يتبع…..
الثاني عشر من هنا