رواية لعنة الخطيئة الفصل العاشر 10 بقلم فاطمة احمد
الفصل العاشر : أسرار خفية.
_______________
تجلس أمام مرآة التسريحة بعقل شارد وصوت زغاريد النساء في الأسفل يكاد يصيبها بنوبة هستيرية، تناظر بعينين ميتتين هيأتها التي زينوها بعناية ولكنها لم تكن كأي عروس تنتظر بشوق لحظة الوصال مع زوجها، بل كانت كمن غسَّلوها وهي حية وهاهم سيأخذونها لقبرها وسط جو من الأغاني والصخب !
- والله ووقعتي وانتي واقفة يا نيجار كنتي بتقولي مش هتجوز وفي الآخر خدتي شيخ شباب البلد.
ضحكت رفيقتها وضربتها ممازحة :
- اذكري الله هترقعيها عين توديها في داهية ... بس ابقي احكيلنا يا نيجار هيقولك ايه ويتصرف معاكي ازاي عشان نعرف طبيعته مش ممكن ربنا ينوب علينا بواحد زيه.
تعالت الضحكات مجددا ولاحظت سلمى تصلب نيجار بنفور فتنحنحت متدخلة :
- بس انتي وهي متضايقوهاش كده.
في هذه اللحظة طُرق باب غرفتها ودلفت جميلة تتأمل نيجار وهي ترتدي فستان أبيض ينزل على جسدها بإحتشام وتضع مكياجا خفيفا أما شعرها فأسدلته في تموجات بسيطة، كانت جميلة كعادتها ولكن نظارة وجهها لم تستطع إخفاء جمودها وكأنها ستزف لموتها.
وربما هذا صحيح فهي ألقتها في الجحيم لتنقذ إبنتها من الخطيئة المرتكبة في حق آدم الصاوي، لم تكن تريد هذا بالطبع بل وكانت تتأمل أن يرفض آدم الزواج لكن مع الأسف قد وافق ولم تستطع نيجار النجاة من لعنة الخطيئة هذه !
تنهدت بحسرة طمستها سريعا وإدعت الفرحة وهي تخاطبهن ببهجة مزيفة :
- ممكن تسيبونا لوحدنا شويا يا عرايس.
تغامزت الفتيات بإبتسامة ماكرة وخرجن أما هي فجلست مقابلها هامسة :
- بسم الله ماشاء الله طالعة زي القمر ياحبيبتي.
لم تجب نيجار عليها وظلت صامتة كأن على رأسها الطير فتابعت جميلة الحديث لعلها تحثها على التفاعل معها :
- أنا عارفة انك زعلانة وخايفة بس مين عارف ممكن تخلي حفيد حكمت يرجع يحبك ويسامحك وتعيشي مبسوطة معاه.
رشقتها بنظرات ساخرة صامتة إبتلعتها الأخرى على مضض عندما دلفت إحدى النساء تخبرهما بوجوب النزول الآن فتلكأت جميلة وهي ترزح بين طيات الكلمات التي تود قولها الآن فتشجعت وهمست بتلميح عندما أوشكت نيجار على النهوض :
- هنبقى نجي ف صباحيتك بكره ونطمن عليكي.
توقفت نيجار بمكانها وقطبت حاجبيها بترقب خطير لتنظر لها زوجة عمها بحزم قائلة :
- انتي كبيرة وعارفة ايه اللي بيحصل بين أي اتنين متجوزين في ليلة فرحهم ودلوقتي بقيتي عروسة في بيت الصاوي ولازم تعملي واجباتك الكاملة إتجاه جوزك.
- قصدك اني لازم استسلم وأسيبه يقرب مني مع أنه بيكرهني وبيحقد عليا وده علشان يكسرني وينتقم مني بطريقته صح.
برطمت نيجار بقهر مستشعرة بالدونية المريرة لأن عائلتها تقدمها كقربان لأعدائها حتى تنقذ نفسها من براثين غضب آدم رغم أن نيجار لم تكن لتدخل حياته أبدا لولا صفوان الذي دفعها إليه !
ولكنها هي نيجار الشرقاوي لطالما كانت صلبة وستبقى كذلك لن ترزح باكية تحت أنظار أي شخص أو تظهر روحها المجروحة أمامه فلقد توقعت على أن تكون دموعها عزيزة لا تنزل بسهولة ، لهذا رفعت رأسها بشموخ وغطت وجهها بالطرحة الشفافة التي كانت مثبتة في شعرها بدبوس خفي دون أي إضافات ونزلت مع زوجة عمها حتى تُزف له....
في الخارج كان صوت طلق النار والطبل يملأ المكان والفرس ترقص على المزمار حيث أشرف العمدة بنفسه على الإحتفال بزواج فردين من أكبر العائلات في البلدة.
وفي سرايا الصاوي كانت نيجار تجلس محاطة بالنساء إلى جانبها سلمى وعلى الطرف الآخر ليلى التي لا تكاد تستوعب الإرتباط المفاجئ لأخيها مع إبنة أعدائهم لكنها مجبرة على تدارك نفسها والتعامل بما يليق بشقيقة العريس فدعت النساء للرقص ليندلع جو من الصخب في المكان وتنتشر البهجة فيه.
ومن فوق كانت حكمت تطل عليهن وتطالع تلك العروس الجامدة بعينين تمطران شرًّا وتوعُدَّا بجعلها تتمنى الموت وهي حية.
لقد قامت عديمة الأصل هذه بجعل حفيدها ينزف وسط ألهبة النار لذلك ستجعلها هي تبكي الدم بدل الدموع بأضعاف وأضعاف وتحرق قلبها قبل جسدها ... !
جاءت خادمتها أم محمود وقالت لها بهمس :
- المعازيم عمالين يسألو عليكي يا ست هانم.
هزت رأسها بوقار ونزلت إليهن متحدثة بصوت عالٍ :
- نورتونا يا جماعة الخير ... فينك يا أم محمود خلي البنات يهتمو ب احتياجات ضيوفنا ده بيت الجود والكرم وفرح الغالي إبن الغالي مينفعش نقصر في حق حد.
- طول عمرك صاحبة واجب يا ست هانم.
تعالت المجاملات من النسوة فزفرت نيجار بضجر من هذه المسرحية الهزلية وإلتفت لجميلة التي همست لها بوجوب الإبتسام ولو قليلا لأن عبوسها جلب الإنتباه ، أما حكمت التي نظرت إليهما خاطبت جميلة قائلة بود زائف :
- اتفضلي يا ست أم صفوان متتكسفيش احنا بقينا أهل ومتقوليش العين متعلاش ع الحاجب لأن صحيح التعود صعب بما أننا طول عمرنا في مستوى أعلى منكو بس خلاص احنا قرايب دلوقتي.
إصفر لون جميلة وعجزت عن القيام بالتصرف المناسب لأن إهانة حكمت كانت تلبس قناع المودة أمام الحضور فتظهر لهم بأنها تحترمها لهذا إكتفت بالإبتسام ولم تغفل سلمى عن تحذير نيجار التي تحفزت بشر وأظلمت عيناها موشكة على ردِّ الإهانة إلا أنها توقفت عندما طالعتها حكمت مرددة :
- ايه يا كنتنا مش هتقومي ترقصي ده انتي حتى متجوزة سيد البلد.
رسمت نيجار إبتسامة لعوبة على وجهها مجيبة إياها :
- لا ازاي بس انا هقوم ارقص و اغني وازغلط كمان.
حدثت فيها بتحدّي ونهضت تنتشل شالا من إحدى النساء لتربطها أسفل خصرها ثم شرعت تتمايل برشاقة في وسطهن على إيقاع الطبل وهُن تصفقن و ترددن الأغاني المعروفة، اِبتسمت جميلة بإعجاب من قوتها وطبيعتها المتحدية أما حكمت فوقفت تناظرها بجمود مفكرة بأن هذه الفتاة تملك من الجرأة الكثير ولا شك في قدرتها على إيقاع آدم في شباكها فهو لم يكن لينجذب إلى امرأة ولكنها لن تكون السيدة حكمت إن لم تكسر شوكتها.
________________
وفجأة وجدت نفسها داخل غرفته وعلى سريره !
تسارعت نبضات قلبها المختض بين ضلوعها واِرتفع نسق أنفاسها بشكل زائد حتى كادت تظن أن هواء الغرفة لا يكفيها، صحيح أنها إدعت الصلابة ولكنها في الحقيقة خائفة بل مذعورة من فكرة تواجده معها بعد قليل لا تعلم ماذا سيفعل بعدما أصبحت زوجته مؤكد أنه سيعنفها ويذيقها العذاب تحت يديه.
إنتفضت نيجار وجفت الدماء في عروقها حين فُتح الباب ودخل آدم بهدوء وقف مكانه وجال بعينيه على هيأتها بفستانها الأبيض وهي تغطي وجهها بالطرحة الشفافة، كانت لتخيل للناظر من بعيد أنها ملاك منزل من السماء لكنه وحده يعلم القدر الهائل من السواد الذي كانت تبتلع فيه المغترين ببياضها المزيف !
من غرابة القدر أنه منذ شهرين فقط كان يتشوق لمثل هذه الليلة حيث تكتب حبيبته على إسمه ويجتمعان معا تحت سقف واحد لكنه الآن لا يطيق النظر إليها حتى !
تحرك ببطء مقصود يقلص الخطوات بينهما باعثا في جسدها إهتزازات لا إرادية حتى أشرف عليها فتنهدت نيجار بخنق متمتمة :
- انت دلوقتي فخور بنفسك طبعا لأنك قدرت توقعني تحت إيدك.
إنتظرت رده لكنه لم يعقب عليها فحادت ببصرها نحوه مطالعة إياه من خلف الطرحة ليبتسم آدم وينحني بركبة واحدة على السرير حتى أصبح يقابلها تماما ثم مدَّ يداه ورفع الطرحة ليظهر وجهها له وهمس بنبرة مثقلة :
- سيبك من الكلام ده دلوقتي ديه ليلة دخلتنا اللي استنيتها بقالي كتير علشان كده خلينا نركز مع بعض ياحبيبتي.
شحب وجه نيجار وإنكمشت على نفسها مرتعبة من الوهج الذي بعينيه، لقد أرادت إستفزازه حتى يغضب منها فتفسد الليلة بأكملها لكن من الواضح أنه ينوي بها شرّا حقا.
أشاحت وجهها عنه بإرتجاف غير أنه قبض على فكها وأجبرها على النظر إليه مستطردا :
- أكيد انتي عارفة ايه اللي هيحصل مابيننا دلوقتي ومش مستنية مني أقولك نامي ع السرير وانا هنام ع الارض مش كده، حبيبتي.
تغضنت ملامحها بغيظ من تكراره لكلمة "حبيبتي" المستفزة وتقلصت معدتها بنفور معقبة :
- مش ع أساس بتكرهني ومبطيقنيش اومال عايز تقرب مني ليه.
ثم أردفت بتهكم مستفز :
- ولا أنت لسه بتحبني زي الاول ومبسوط بجوازنا.
وعلى عكس ماتوقعت أن يثور عليها وجدته مستكينا بل وأنزل يداه على كتفيها ودفعها بقوة حتى تستلقي فاِنتفضت بهلع وحاولت النهوض غير أنه مال عليها مسيطرا على حركتها وهمس بقسوة عند أذنها :
- هقرب منك وبأبشع طريقة كمان عشان تعرفي قد ايه انتي واحدة بلا قيمة ومبتستاهليش راجل يعاملك بحب وإحترام.
شعرت نيجار بمدى جديته وسُحبت الدماء من وجهها في غضون ثوانٍ لتضع يدها تلقائيا على ساقها التي ربطت خنجرها به غير أنها أجفلت حينما نهض آدم معدلاً بدلته ثم غمغم آمرا :
- قومي.
رمشت بعينيها لوهلة غير مستوعبة فأعاد ما قاله بصوت أعلى لتنهض ويمسك يدها فسحبتها منه متمتمة بتلجلج :
- انت موديني ع فين انا مش جاية معاك.
إبتسم آدم بقسوة وقبض عليها مجددا مبرطما بقتامة :
- هتجي معايا واحسنلك متعمليش دوشة برا والا مش عارفة انا ممكن اعمل فيكي ايه.
سحبها خلفه وغادر السرايا تحت أنظار حكمت التي كانت تراقبهما من نافذة جناحها ثم جعلها تركب في سيارته وإنطلق بها بسرعة.....
_________________
أسند ظهره على المقعد بإرتياح وهو ينفث دخان سيجارته في الهواء ثم نظر إلى من بجواره وهو يتجرع الخمر بشراهة وقال :
- اتهدى شويا عشان ميغماش عليك دلوقتي.
هز رأسه بنفي وأفرغ القطرات الأخيرة من الزجاجة في كأسه مبرطما :
- لازم اشرب عشان انسى يا مراد كل لما افكر ان بنت عمي قاعدة مع عدوي بيبقى هاين عليا أموت نفسي.
مالت شفة مراد العليا بسخرية معقبا :
- مش انت ضحيت بنيجار بنفسك واديتهاله بدل اختك اومال ايه لزوم حركات الندم ديه.
جز صفوان على أسنانه بغيظ من برود الآخر فنظر له بعينيه الحمراوتين هادرا :
- كنت مجبور اعمل كده عشان آدم ميؤذيش عيلتي اكتر من كده ... انت كنت هتعمل ايه لو كنت مكاني ؟
الوغد الجبان، وكأنه لا يعلم أن صفوان لم يضحي بإبنة عمه سوى لأنه خائف من إكتشاف العمدة لمصائبه وأيضا بسبب طمعه في الحصول على إمتيازات أكثر بما أنه أصبح على علاقة عائلية مع واحد من أغنى التجار في البلدة حتى أنه لم يهتم بالفتاة التي ألقت نفسها في النار من أجله وقدمها قربانا حتى تظل أخته الحقيقية في أمان !
ورغم هذا لم ينطق بما يدور بداخله بل إلتهى في سيجارته وهو يجيب عليه :
- سيبك مني وطلعني من قصصكم العائلية ديه دلوقتي ، انت عارف ان آدم اتهجم عليا في مكتبي من كام يوم بعد ما كشف اني كنت شريكك والبركة فيك انت وبنت عمك.
- اه عارف وبعدين ؟
إعتدل مراد في جلسته وقابله وجها لوجه متشدقا بجدية :
- وزي ما انت عارف بردو اني اتصلت بيك الأسبوع اللي فات لحتى نشتغل مع بعض تاني بس آدم مستني مني أي حركة مريبة علشان يعرف لو انا مستقصده بشكل شخصي او تعاوني معاك من قبل كان مجرد صفقة عشان الفلوس مش اكتر وهو غالبا دور ع أي معلومة تخصني بس ملقاش وده هيخليه يشك فيا.
همهم يستوعب كلامه ثم اِستطرد :
- وانت عايز تخليه يفكر ان تعاونك معايا كان لمجرد مصلحة وانتهت صح فهيبقى تعاوننا المرة ديه مختلف ع المرة اللي فاتت.
- تماما، هساعدك بس بشكل غير مباشر انا هتواصل مع سماسرة وتجار بعرفهم وتعاملو مع آدم قبل كده هضبط علاقاتك معاهم وادخلك في مشاريعهم واقنعهم يبعدو عن التعامل مع ابن سلطان وطبعا احنا هنضرب عصفورين بحجر واحد من جهة نكسب فلوس ونتقاسم الربح سوا ومن جهة تانية نخليه يخسر العملاء بتوعه من غير ما اسمي يظهر في الوسط.
اِستمع له صفوان باِنتباه شديد وأومأ بإيجاب على خطته :
- نقطة قوة آدم هي صورته الكويسة وعلاقاته مع التجار وهنبقى دمرناه لو قدرنا نضربه من الناحية ديه ... عارف حاجة انا كل مرة بتعامل معاك بقعد افكر ايه نوع علاقتك مع بيت الصاوي وليه حاقد عليهم كده بس ملقتش سبب مقنع.
غامت عيناه بشرود أفاق منه سريعا وهو ينهض مرددا :
- الوقت اتأخر روح لبيتك وياريت متتواصلش معايا غير لما اطلبك انا بنفسي يلا تصبح على خير.
حدق صفوان فيه وهو يغادر ثم همس بثمل :
- ايه الغرور اللي فيه ده انا مش فاهم هو شايف نفسه ع ايه.
وضع الكأس على الطاولة بقوة وأكمل :
- انت قدرت تاخد بنت من عيلتي يا ابن سلطان بس لو فاكر انك كده هتقدر تمسكني من الإيد اللي بتوجعني بتبقى غلطان ... انا هحرمك من كل حاجة بتملكها وأخليك تترجاني ارحمك استنى عليا وشوف.
*** بينما قاد الآخر سيارته ووصل لمنزله بعد فترة ليدخل وتقابله سيدة كبيرة في السن قليلا فألقى عليها السلام وقال :
- ايه الاخبار هي كويسة ؟
هزت رأسها بإيجاب مبتسمة :
- الحمد لله يا مراد بيه الهانم كلت وخدت علاجها وهي نايمة دلوقتي.
تنفس براحة ثم قابلها بإبتسامة :
- شكرا بتقدري تروحي ترتاحي.
تحرك متجها ناحية إحدى الغرف ودخل ليراها مستلقية على السرير ونائمة بعمق، اقترب منها وأمسك يدها متمتما بصوت منخفض :
- كل لما أشوفك كده قلبي بيوجعني وبحقد عليهم اكتر عيلة الصاوي أذتنا كتير وسرقت حياتنا بس هانت ياحبيبتي انا بقيت قريب جدا من الهدف بتاعي خليهم يفرحو دلوقتي ويفتخرو كويس بإسمهم وصيتهم لأني هاخد كل حاجة منهم.
اِنحنى طابعا قبلة خفيفة على جبينها ثم أسند رأسه على كفها مستسلما للنوم ...
_________________
كان الصمت مرافقا لهما طوال الطريق مسببا صداعا لدى نيجار التي كادت تجن وهي تحاول توقع المكان الذي سيأخذها إليه وما سيفعل بها ومع الأسف كان كل إحتمال أسوء من الآخر فرطبت شفتها بقلب وجل وهتفت بصوت متقطع :
- على الاقل قول انت موديني ع فين ... هتقتلني وترمي جثتي صح.
لم يجب عليها لتستطرد هي بشجاعة مصطنعة :
- لو فاكر انك هتقدر تعمل كده من غير حد مايكشفك تبقى غلطان لأن الكل عارف اني معاك دلوقتي فقتلك ليا مش في صالحك.
ومجددا لم تجد سوى السكوت إنتفضت بإنفعال وأوشكت على فتح الباب وإلقاء نفسها من السيارة إلا أنها تراجعت وقد حسمت الأمر إذا أراد قتلها فلن تموت دون أن تأخذه معها.
كانت تلافيف الظلام مسيطرة على الأجواء ولم تستطع رؤية الطريق جيدا فأسندت رأسها على المقعد بإرهاق مقررة توفير طاقتها، وبعد مدة توقفت السيارة وللصدمة كان قد جلبها آدم إلى بيت الهضبة !
ترجل منها وأخرج نيجار بالقوة ثم تحرك بها وأدخلها مرددا :
- احنا هنقضي ليلتنا هنا زي ما كنت مخطط قبل كده ايه رأيك ده حتى بصي انا عدلت البيت عشانك.
تطلعت للمكان من حولها والذي كان في حال أحسن من حالته في الليلة التي خطف صفوان بها وإستدرجها إلى هنا ثم لمعت عيناها بالدموع متذكرة ما حدث يوم عقد قرانهما فاِختض قلبها بين ضلوعها وتأوهت بألم على إثره، نظرت إليه بصمت ولم تدرِ أن الشعور الذي كان بداخلها الآن ليس خوفا بقدر ماهو حرج من فعلتها...
ربما لأن شخصيتها المصبوغة بطبقة من السواد لم تكن لتتقبل يوما أن تكون الطرف المنكسر في علاقتها مع عدوها الذي تشربت كرهه منذ طفولتها !
سحبها آدم مجددا وهذه المرة اِنقادت خلفه دون مقاومة حتى وصلا للغرفة التي إجتمعا فيها سابقا ... بالنسبة لنيجار فهذه الغرفة هي نفسها التي طعنت فيها آدم وكادت تقتله.
أما بالنسبة له فكانت هذه الجدران هي نفسها الشاهدة على الغدر الذي تلقاه من المرأة التي أحبها !
غامت عيناه بسواد ذلك اليوم وإشتد حقده عليها في هذه الساعة فبدأ بنزع سترته وألقاها على الأرض مقتربا منها ثم لوى ذراع نيجار خلف ظهرها وجذبها ناحيته حتى اِلتصقت به تماما ليهدر بأنفاسه الساخنة فوق بشرتها :
- المكان ده عزيز علينا احنا الاتنين وعندنا فيه ذكريات جميلة وهتبقى أجمل لما نبدأ حياتنا الزوجية السعيدة في الاوضة ديه.
أطلقت صيحة ألم بسبب ضغطه على ذراعها واِرتعبت من كلامه فهمست باِستعطاف مستجدية شهامته التي لطالما عُرف بها :
- آدم انا فاهمة انت بتحاول تعمل ايه بس معقول تاخد واحدة غصب عنها عشان تنتقم انت عمرك ماعملت كده.
لم يبدو عليه التأثر ولو بمقدار ذرة بل كأن كلامها زاده رغبته أكثر فمدَّ يده الحرة واِنتزع الطرحة الشفافة بعنف ثم ألقاها على الفراش وجثى فوقها صرخت رافضة لكنه كتمها عندما اِنحنى عليها وضم شفتاها بشفتيه في أول قبلة لهما، قبلة رغم عمقها إلا أنها لم تحتوي على ذرة حب واحدة هذا ما شعرت به نيجار التي اِنصدمت من هذا الهجوم العاتي عليها وحاولت التحرر منه لكنها لم تستطع فأخفضت يدها كي تسحب سلاحها وهنا حلت عليها الصدمة الحقيقية حين وجدت يد آدم تتسلل لفستانها وترفعه حتى ظهرت ساقها بأكملها ثم سحب السكين واضعا إياه أمام عينيها بدهاء ماكر :
- كنت متوقع بردو.
نقلت نيجار بصرها بينه وبين السكين بحدقتين مشتعلتين بالغضب فألقاه على الأرض ثم قيد يداها في كف واحدة أعلى رأسها أما الأخرى فمسح بها وجهها هامسا :
- كني واهدي يابنت الشرقاوي ومفيش داعي تهدري طاقتك ع الفاضي لأني مش هتنازل عن حقي.
قبلها مجددا وشعرت به يزيح طرف فستانها فسكنت أخيرا بين ذراعيه باِستسلام مدركة أنه لا فائدة من مقاومتها وقد تمكن منها حقا ....
_________________
ستوووب انتهى البارت
رايكم بيه وهل كنتو تتوقعو ان آدم يتمم جوازه من نيجار ؟
مين اللي كان مراد بيكلمها وايه سبب حقده ع عيلة الصاوي ؟
هل نيجار هتقدر تتصدى ل آدم ولا هو هيقدر يتغلب عليها ؟