رواية صراع الذئاب كامله وحصريه بقلم ولاء رفعت
_ بداخل إحدي الأحياء الشعبية في وسط القاهرة ......
أصوات
تتعالي وتردد تكبيرات صلاة العيد في مشهد يجعل قلبك يخفق بشدة من الفرح
والسعادة وأنت تري هؤلاء الذين يفترشون الأرض في ساحة شاسعه في الشوارع
بسجاجيد الصلاة .. معظم الرجال والشباب يرتدون العباءة ذات اللون الأبيض
الناصع .. والنساء بعضهن ترتدي إسدال الصلاة الأنيق وأخريات ترتدي عباءة
ذات اللون الأسود ويعلوها الحجاب .. ولاننسي الأطفال الذين يركضون هنا
وهناك بين المصلين يرتدون ثياب العيد وبأيديهم البالونات والألعاب ...
والجميع مستمر في ترديد التكبيرات في صوت مهيب تخشع له القلوب..
الله
أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله
الحمد. الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.
لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده.
لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، ومخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
اللهم صلِّي على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد،
وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد، وسلم
تسليما كثيرا.
ونذهب إلي ذلك
البناء القديم حيث مدخل الفناء الضيق التي تصدر منه رائحة عطنة .. والدرج
الذي يحده الدرابزون المعدني الصدأ ذو مسند خشبي متشبع من المياه المتساقطة
من السجادة التي قامت بوضعها إحدي السكان بالطابق الثالث منذ البارحة ...
بينما
في الطابق الثاني بداخل شقة الشيخ سالم البحيري ... تقف تلك الجميلة ذات
العينان الواسعتان بأهداب كثيفة وعدستيها البنيتان مثل لون البندق أمام
المرآه المستديرة المعلقة علي الحائط ترتدي حجابها الأسود علي شعرها البني
القاتم ليحاوط وجهها ذو البشرة الناعمة بللون الحنطة ... أنتهت من إرتداء
الحجاب ثم خرجت من غرفتها ذات الحوائط المطلية بللون الوردي حيث يوجد بها
مضجع من الطراز القديم الذي يعود إلي القرن الماضي .. وخزانة خشبية تتكون
من ضلفتين .. ومكتب من الصاج يشبه المكاتب التي توجد في الهيئات الحكوميه
قديما ... يعلوه علي الحائط مكتبة من أربعة رفوف .. بكل رف تتراص عليه
العديد من الكتب .
وقفت في الردهة
أمام المنضدة المستديرة المحاطة بثلاث مقاعد خشبية يعلوها مفرش بللون
الأبيض ومزهرية بداخلها ورود بلاستيكية وبمحاذاتها هاتف خلوي تضئ شاشته
بوميض وإهتزاز وأسم المتصل شيماء
أنتبهت
إلي الهاتف لتطلق تنهيده ثم توجهت نحو الشرفة ذات السور المعدني والمسند
الخشبي ... وقفت بقامتها التي لاتتعدي 165 سنتيمر.. تنظر لأسفل لتجد تلك
الفتاة ذات البشرة التي أكتسبت بعض السمرة من أشعة الشمس وعينيها التي تشبه
أعين الهرة بللونها العسلي المزينة بكحل يعلو أهدابها .. ترتدي إسدال من
اللون الأحمر القاتم
زفرت بحنق وقالت بصوت جلي وهي تنظر لأعلي : كل ده ياخديجة !!! أنجزي يابنتي الصلاه قربت تبدأ
أشارت لها خديجة بيدها وقالت : حاضر نازلة أهو بسرعه
قالتها
ثم خرجت إلي الردهة لتتناول محفظة النقود خاصتها من فوق البوفيه المجاور
لباب الشقة .. أخرجت المفتاح وفتحت الباب لتشهق بذعر وقالت : هاااا حرام
عليك ياطه مش تخبط الأول ولا ترن الجرس يا أخي ؟
دلف
ذلك الشاب الثلاثيني ذو البشرة السمراء والشعر البني الكثيف وحاجباه
الكثيفان أيضا فأجاب عليها بتهكم : هو أنا كنت أعرف أنك ورا الباب!! وبعدين
نازلة لوحدك ورايحه فين؟
قطبت حاجابها بضيق وقالت : رايحة أصلي العيد هكون رايحة فين يعني !! وأنت مش ناوي تركعها بقي ؟؟
جلس ع الأريكة وزفر بحنق وقال : وأنتي مالك ... أصلي ولا ما أصليش أنتي الي هتدخلي جهنم بدالي يعني!!
أبتسمت بسخرية وقالت : ربنا يهديك يا طه يا أخويا ويصلح حالك
وقف بغضب محذرا إياها بسبباته وقال : خليكي ف حالك أحسنلك ولا عايزة تخديلك قلمين ع الصبح!
صاحت في وجهه وقالت : والله ياطه أنت لو ملمتش نفسك وتبطل تمد إيدك عليا لهقول بابا وخليه يتصرف معاك
ضحك بسخرية وقال : تصدقي خوفت ! يلا يابت من هنا روحي شوفي بتعملي أي
زفرت بتأفف ولم تجيب عليه ثم غادرت الشقة وهي تصفق الباب خلفها بقوة
________________
في الأسفل مازالت تنتظر صديقتها ليأتي إحدي الشباب المتسكعين بالشوارع وقام بمغازلتها قائلا : أي ياعم الأحمر الجامد ده ما.....
قاطع
جملته ع الفور صفعة قوية ع مؤخرة رأسه من ذلك الشاب ذو الواحد و الثلاثون
عاما ليقف أمامه بطوله الفارع وبنيان جسده القوي يرمقه بنظرات نارية يمسكه
من تلابيب قميصه وقال بصوت أجش :
جري أي ياض يا.... ع الصبح .. قالها ثم وجه له لكمة قوية فصرخت شيماء
وقع الشاب ع الأرض وهو يضع يده في مكان اللكمة وقال بصوت مرتجف : والله يا سطا عبدالله ما اعرفش إنها تخصك
جذبه عبدالله من زراعه لينهض وقال : حتي لو متخصنيش أياك أشوفك تبص لأي واحده ف الشارع ده أنت فاهم ياض ولا أفهمك ؟؟!!
قالها وهو يوجه يده ف إستعداد تسديد لكمة أخري ... صاحت شيماء وقالت : خلاص بالله عليك يا عبدالله الناس عماله تبص علينا
رمقها بنظرات حادة بعينيه ذات اللون الأخضر جعلتها تصمت ودب الخوف ف قلبها فقال بنبرة أمر : روحي ع بيتكو يلا
_ أنا رايحة أصلي ... قالتها شيماء
ترك الفتي من قبضة يده وأقترب منها بجسده العريض لتقف أمامه بخوف وقال : شيماء أنا قولت أي؟؟؟
جاء
صوت خديجة لينقذها منه فقالت : ف أي يا شيماء ؟؟؟ قالتها وهي ترمق عبدالله
الذي مازال ينظر إلي شيماء بنظرات لو كانت نيران لأحرقتها حية ..
فأردفت : ف أي ياعبدالله أحنا رايحين نصلي عايز منها أي ع الصبح
لم ينظر إليها فقال لشيماء : روحي مع صاحبتك عشان تصلو وحسابك معايا بعدين ...ثم غادر من أمامهما
وضعت خديجة يدها ع عضد شيماء وقالت : سيبك منه ده بوء ع الفاضي ويلا عشان نلحق الصلاه زمانها هتبدء
____________________
_ وفي ساحة المصلين تجلس امرأتان إحداهما سيدة في بداية الستينات وبمحاذاتها فتاة في أوائل العشرينيات ...
قالت السيدة : بت يا فاتن شايفه البت الي لابسه عباية هناك دي؟
قالت فاتن : أنهي واحدة ياما ما كل النسوان لابسه عبايات
لكزتها والدتها ف كتفها وقالت : البت الي لابسه طرحة ازرق ف ابيض دي
قالت فاتن : أنت أصدك ع البت رحمة بنت أم أسامة ؟؟
لوت فمها جانبا وقالت : أيوه يا أخرة صبري هي ... أي رأيك نروح نطلب إيديها للواد عصام أخوكي
قالت فاتن بإمتعاض : دول شحاتين ياما ومش لاقين ياكلو ده غير عندها 25 سنة وعادل عايز عروسة ف حدود 20 سنة
قطبت حاجباها بضيق وقالت : وأنت مالك يابت هو أخوكي يقدر يقولي لاء !!
رمقتها فاتن وقالت بسخرية : أنتي هتقوليلي عليكي ده الكلمة كلمتك والشوري شورتك
رمقتها بغضب فقالت :بتتريئي !! ماشي يابنت أبوكي شوفي مين بقي الي هيخليكي تخرجي تتفسحي مع خطيبك بكرة
قالت فاتن : لاء والنبي أبوس أيدك كله إلا الخروج ماصدقت رجع من السفر
قالت بتهكم : الي يسمع كلمة السفر يفتكر أنه راجع ومعاه مال قارون ميعرفوش الوكسه الي هو فيها
قالت فاتن :حرام عليكي ياما يعني هو ذنبه أي أنه أتنصب عليه
قالت والدتها : طيب أسكتي ياختي وقومي عشان الصلاه هتبدأ أهي
وبداخل
المسجد يقف الشيخ سالم البحيري إماما للمصلين ورفع يديه وقال الله أكبر
... ليردد من بداخل المسجد ومن بالساحة في الخارج خلفه التكبير
تقف
خديجة بجوار شيماء .. وتلك السيدة وبجوارها إبنتها فاتن .. وتلك الفتاه
التي تدعو رحمة والحزن يرتسم ع ملامح وجهها المستدير وعينيها اللوزيتان ..
شاردة ف عالم أخر وهي تتذكر ليلة البارحة
فلاش باك ....
تجلس ع حافة السياج المطل ع نهر النيل وبجوارها ذلك الذي يلقي بعض الصخور الصغيره ف المياه
قالت رحمة : وبعدين ياطه أخرة حبنا ده أي؟؟ أنا عماله أرفض أي حد يجيلي ع أمل أنك تيجي تكلم أمي وتطلب أيدي منها
ألتفت
لها ورمقها بغضب وصاح ف وجهها وقال : عايزاني أعملك أي يعني ما أنتي عارفه
الي جاي ع أد الي رايح وصاحب المحل الي بشتغل فيه يدوب بيديني كام ملطوش
يدوب بجيب بيهم السجاير والباقي مصاريفي
صاحت
ف وجهه هي الأخري وقالت : هو أنا بقولك هاتلي شقه ملك ! ولا شبكة !! أنا
كل الي قولتهولك إن مستعده تتجوزني ف شقة عم سالم ومش عايزة دهب غير حتة
دبلة وممكن تجيبها دهب صيني
زفر
بحنق وقالت ساخرا : وبعدين!!! هصرف عليكي منين؟؟ ده حتي أبويا يدوب معاشه
مكفي مصاريفنا بالعافيه هقوم أجبلو بلوة تزيد الحمل عليه
شهقت بصدمة وقالت : هااا ! أنا بلوة ياطه ؟؟؟
قال بأقتضاب : مكنتش أقصد أنا بديلك مثل
ألتفت
ثم نزلت من فوق السور وقالت بصوت مرتفع: ولا تقصد .. عموما متشكره جدا
وآسفه جدا بس الأسف ده ليا .. أن ضيعت وقتي مع واحد مستهتر وأناني زيك
رمقها بحده ثم ألتف ونزل هو أيضا وقال : وطي صوتك يارحمة صوتك ميعلاش عليا
قالت
بإصرار وتحدي وغضب كامن : لا هعلي وهخلي كل الناس تعرف أنك ندل و... لم
تكمل جملتها ليقاطعها هو بصفعة قوية ع وجهها وهو يزفر ويشهق بقوة
لم تتفوه بكلمة سوي تعالي شهقات بكاءها التي أجهشت به للتو .. لتركض من أمامه وتتجه نحو منزلها.
باك .....
أنتبهت من شرودها لتجد الإمام قال : سمع الله من حمده
ركع الجميع لتتعالي الهمسات ... أنحنت بجذعها وهي تسند يديها ع ركبتيها وقالت بصوت غير مسموع :
سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد والشكر
___________________
_ في حديقة قصر آل البحيري....
قصر
لايوصف بالحديث عنه لابد من أن تراه بعينيك حتي تستمتع من رؤية ذلك البناء
المعماري الضخم الذي شييد بمزيج من الطراز الكلاسيكي والحديث في آن واحد
... له العديد من المداخل بحري وشرقي وقبلي وع كل مدخل لايقل عن حارسين
بأجساد ضخمه ... وبالخارج حديقة شاسعه تحاوط القصر يوجد بها إسطبل للخيل
ومنزل صغير متكون من العديد من الغرف وذلك للخدم وجميع العاملين بالقصر ...
وبخلف القصر يوجد مرآب يوجد فيه أسطول من السيارات بجميع الماركات
العالمية الحديث منها والكلاسيكي .
نذهب
إلي الداخل حيث عالم آخر غير الخارجي تماما ... الجدران ذات الإرتفاع
الشاهق المليئة بللوحات الفنية لأشهر الرسامين وخاصة من عصر النهضة كأمثال
دافنشي ... البهو يشعرك بقشعريرة من نسمات الهواء البارد التي تلحف بشرتك
عند دخولك لأول مرة ... الإضاءه معتمه ... الطلاء مزيج من الأسود والألوان
القاتمة ولاسيما الديكورات والتماثيل البرونزية والفضية ... تشعر وكأنك في
قصر الخديوي ... نصعد سويا علي ذلك الدرج المتسع تتوسطه سجادة بللون الأحمر
القاني علي جانبيه درابزون من معدن النحاس في بدايته ونهايته تماثيل
رومانية ...
وفي الطابق الثاني
يوجد رواق كبير وطويل يتفرع منه العديد من الغرف ذات المساحات الشاسعة ...
وبداخل أكبر الغرف أو بالأحري الجناح الملكي كما يطلق عليه أبناء عزيز حكيم
البحيري صاحب أكبر مجموعة شركات البحيري للصلب في الشرق الأوسط ..رجل
يرتسم كلا من الهيبة والوقار علي ملامحه التي تجعلك تشعر بالرهبة عندما
تراه .. يبلغ خمسة وستون عاما
يقترب
مبتسما من تلك الحسناء علي الرغم من بلوغها الخامسة والخمسين عاما لكن
تمتلك جمال فتاة العشرينيات فهي جيهان الدالي سيدة تتمتع بقدر عال من
الجمال والأناقة تتميز بعينيها ذات اللون الرمادي الممزوج بللون السماء
وخصلات شعرها التي تشبه أشعة الشمس الذهبية وبشرتها الشقراء الممتزجة
بالحمره الطبيعية حيث أصولها التركية التي تنحدر منها سلالة عائلتها.
قال
عزيز بصوته الرخيم : كل سنة وأنتي طيبة يا حبيبتي ... قالها وهو يحاوطها
بزراعيه ليلتصق صدره بظهرها وهي تعدل من هندامها مرتدية العباءة المغربية
ذات اللون الأبيض والمطرزة بالخيوط الذهبية
ألتفت إليه لتصبح في مواجهته وقالت : وأنت طيب يا زيزو ... ثم أطلقت ضحكة
أنفرجت أساريره بالضحك وقال : زيزو! لسه منستيش الدلع ده ... ده أنا جد بقالي 7 سنين
حاوطت عنقه بيديها وقالت : حتي لو بقيت عجوز خالص برضو هدلعك وهفضل أحبك
ضمها إليه أكثر وقال : أنا مقدرش ع الكلام الحلو ده كده هتخليني مخرجش من الأوضة خالص
كادت تنطق فأوقفها صوت مرتفع من إحدي الغرف
______________________
_ بداخل إحدي الغرف ...
يمسك ساعدها بقبضته القوية ويصيح فيها قائلا : أنسي ياهانم الي قولتيه دلوقت ومفيش خروج خالص أنتي فاهمه ؟؟؟
ردت عليه بنفس مستوي الصوت المرتفع وقالت : ليه إن شاء الله !! هو أنا مكتوب عليا كل عيد أتحبس ف القصر ومروحش لبابي
دفع ساعدها وألقي به وقال : أنا مامنعتكيش تروحي لأهلك بس مش أول يوم العيد وكمان هم مسافرين وأنتي عارفة من أخر مرة وأنا منعك
قامت
جيهان بفتح الباب وتنظر إليهما وقالت : ف أي يا يوسف أنت وأنجي كل الي ف
القصر سامع صوتكو ينفع كده؟ ثم نظرت إلي إبنها وقالت : ينفع كده يا حضرة
الدكتور؟؟؟... قالتها بنبرة تهكم
أجاب يوسف بغضب وقال : يعني ينفع الي الهانم عايزه تعملو ده؟
أجهشت أنجي بالبكاء وركضت نحو جيهان وقالت : شوفتي يا عمتو يوسف بيعمل معايا أي
صاح غاضبا وقال : مش عايز شغل المحن ده والا .....
قاطعته جيهان وصاحت فيه بغضب وقالت : ولد أخرص جري أي أنا مش ماليه عينك!!! وأي محن والألفاظ دي؟؟
نظر لأسفل بخجل وقال : سوري ياماما بس بصراحة بتخلي الواحد يخرج عن شعوره
قالت
أنجي وهي مازالت تبكي : أصدك أي يعني ؟؟ أنت الي بقيت عصبي ومبقتش تطيق
ليا أي كلمة حتي لوجي بنتك كل ماتيجي تقعد معاك تقوم مزعقلها
_ صحيح الكلام ده يايوسف ؟؟ قالها عزيز الذي دلف إلي الغرفة للتو
أجاب
يوسف وقال : يابابا حضرتك فاهم غلط كل القصه أن بقالي يومين منمتش بسبب
العمليات الي كانت عندي في المستشفي وأنجي هانم مش مقدره ظروفي
أندفعت
أنجي وقالت : يا أونكل عزيز كل الي طلبته منه قولتلو عايزة أسافر مع بابي
ومامي الجونة هيقضو إجازة العيد هناك ومن غير حتي مايتناقش معايا فضل يزعق
فيا
دفعت تلك الصغيرة ذات السبعة أعوام باب الغرفة وهي تقول : كل سنة وأنتو طيبين
ألتفت
الجميع إليها وأنحني عزيز مهللا وقال : حبيبة وقلب جدو ...قالها وهو يفتح
زراعيه لتركض نحوه وترتمي ع صدره ليحملها ويقف فأردف : فين البوسة بتاعت
جدو؟
طبعت الصغيرة بشفتيها التي تشبه الفريز قبلة ع وجنتي جدها ... أردف بسعادة : الله الله الله ع العسل
قالت جيهان : طيب وجي جي ملهاش بوسه؟
أقتربت الصغيرة وقالت : أنتي حبيبتي ياجي جي متزعليش ... قالتها ثم قامت بتقبيل جدتها من وجنتيها
أخذ عزيز الصغيرة وفتح الباب وقال : أنا نازل تحت ف الجنينة ... قالها ثم ألقي نظرة إزدراء نحو يوسف وإنجي ثم غادر
ألتفت
إليهم جيهان وقالت بنبرة توبيخ : عاجبكو الي بتعملو ده؟ أنتو مش صغيرين ع
خناقتكو الي مبتخلصش ... يلا هات مراتك ف أيدك وأنزلو عشان نفطر.. شوية
وعمك سالم جاي هو وعياله
قالتها ثم غادرت ... فقالت أنجي بغرور وسخرية : جايين زي كل مرة ياخدو الحسنة من أونكل عزيز
رمقها
يوسف بعينيه السوداوين بإحتقار ثم زفر بحنق وقال : مفيش فايده فيكي وعمرك
ماهتتغيري ... قالها ثم غادر الغرفة وصفق الباب خلفه بقوة
(
يوسف البحيري ... ذو ثلاثون عاما ...يتميز بكونه طبيب ماهر في مجال
الجراحة حيث أصبح مدير مشفي البحيري الإستثماري الذي يشاركه فيها خاله والد
أنجي زوجته التي تصغره بعام ويدعي مهدي الدالي وهو من أكفأ الأطباء الذين
نالو شهرة بداخل وخارج البلاد )
_________________________
_ وبعد أنتهاء صلاة العيد ...
مازالت
رحمة تجلس في مكانها ولم تشعر بعبراتها التي تتساقط علي هاتفها الذي بيدها
... أنحنت نحوها خديجة وقالت : كل سنة وأنتي طيبة ياجميل
لم تجيب عليها رحمة حتي لاحظت خديجة صديقتها تبكي فقالت : مالك يابنتي بتعيطي ليه؟
رفعت وجهها وهي تكفكف عبراتها وقالت :لاء مفيش حاجة عينيه وجعاني بس
رفعت خديجة إحدي حاجابها وقالت : عليا أنا الكلام ده؟؟ قوليلي هو طه زعلك؟
زفرت بضيق وقالت : خالص بقي ياخديجة قولتلك مفيش
نهضت خديجة وقالت لها : براحتك يارحمة أنا ياما حذرتك وقولتلك بلاش طه أخويا ده ليه دماغ لوحدو .. مسمعتيش كلامي وروحتي مشيتي معاه
رمقتها
رحمة بنظرات عتاب فأردفت خديجة بعد أن أطلقت زفره بضيق : والله ما أصدي
حاجة أنا أخويا عارفاه كويس كل ماتتمنعي عنه وتديلو ع دماغه وتفهميه أن
سكته معاكي يجي يطلب إيدك من أهلك هيتعلق بيكي أكتر لكن أنتي يارحمه خلتيه
يخرج معاكي وبتكلميه من ورا أهلك وموقفه حالك عشانه ليه كل ده ؟؟
أجابت بصوت مبحوح من البكاء : عشان بحبه ياخديجة ومستعده أضحي بأي حاجه عشانه حتي لو أتجوزني ف أوضه فوق السطوح
لوت
شفتيها جانبا فقالت : تبقي عبيطة وهبلة ... يارحمة أنتي مش شايفة نفسك
أنتي ماشاء الله زي القمر ومعاكي بكالوريوس وكل يوم واحد يروح يطلب إيدك من
مامتك وأنتي بغباءك بترفضي حتي من غير ماتدي فرصة لحد وكل ده ليه وعشان أي
.. عشان اخويا الي أصلا مش عارف يبقي مسئول عن نفسه .
ربتت خديجة ع كتفها وأردفت : ياريت تفكري ف كلامي يارحمة أنا لو مش بحبك وبخاف عليكي زي أختي مكنتش قولتلك كده .
نظرت رحمة إليها وقالت بتهكم : طيب ماتنصحي نفسك بدل ما أنتي معلقة نفسك ف أوهام .
رمقتها خديجة بإمتعاض ولم تتفوه بكلمة ثم تركتها وغادرت وهي تبحث عن صديقتها الأخري التي أختفت حيث قد نسيت هاتفها معها.
______________
_
تمشي بخطي مسرعة إلي البناء التي تقطن فيه ... ودلفت إلي الفناء لتجد يد
تجذبها إلي داخل غرفة صغيرة .. شهقت بذعر وقالت : هااا يخربيتك خضتني
رمقها بنظراته الحاده وقال : مش قولتلك متلبسيش الإسدال ده قبل كده !! قالها وهو يمسك بطرف حجابها ويقوم بخلعه
قبضت ع يده وقالت : أنت بتعمل أي ياعبدالله سيبني أطلع زمان أبويا راجع من الصلاه ولو شافني معاك هيطين عيشتي هو ومراته
قال بحنق : ليه يعني هو أنا شاقطك أنتي خطيبتي والحارة كلها تشهد
قالت بسخرية : مخطوبين بقالنا خمس سنين ياعبدالله وسيادتك محلك سر وكل ماتعملك قرشين تصرفهم ع التوكتوك بتاعك
أقترب
منها وهو يقترب بأنفاسه من وجنتها وقال : يابت أنا داخل جمعيات والتوكتوك
الي مش عاجبك ده هو الي بيسد قسطها وأول ما هقبضها هاجي لأبوكي وأحدد ميعاد
الفرح
دفعته ف صدره ليبتعد عنها
وقالت : طيب من هنا لحد ماتيجي لأبويا مش عايزة أشوف خلقتك ... قالتها لتهم
بالمغادره .. فقبض ع معصمها ليجذبها ويغلق الباب ويدفعها نحو الحائط وقال :
عايزة تسيبي حبيبك كده من غير تصبيره
قالت وهي تدفعه مرة أخري :أنت مابتزهقش حرام عليك يا أخي
أقترب
منها وهو يجذبها نحوه بين زراعيه وقال : لاء مبزهقش حد يزهق من العسل ده
.. يابت لما بزعقلك ع الإسدال عشان لما بتلبسيه بيخليكي جامده والشباب
مبتنزلش عينيها من عليكي
_ طيب أبعد عني وحياة أبوك لحد يشوفنا ...قالتها شيماء وهي تدفعه في صدره وهو مازال يعانقها بقوة
_ لاء مش هسيبك غير لما أدوق العسل ....قالها وهو يقترب من شفتيها
بينما في الخارج تقف خديجة أمام البناء وهي تقول : راحت فين دي بس .. لما أطلعلها
دلفت
إلي الفناء بخطي لم يشعر بها كليهما ولم يلاحظ إحدهما الباب الذي كان
مواربا ... توقفت متسمرة بمكانها وهي تراهما فأصدرت شهقة حتي أبتعد عبدالله
عن شيماء وألتفتو نحو خديجة التي رمقتهم بإزدراء
خرج عبدالله بدون أن ينظر لها وقال : سلام عليكو ... ثم غادر وهو يعدل من هندامه
أقتربت شيماء نحو خديجة بخجل شديد وهي تمد يدها إليها بهاتفها ... أخذته منها بعنف وقالت : مش عايزه أعرفك من النهارده
ثم غادرت البناء وذهبت إلي البناء المقابل حيث يوجد منزلها .
_____________________
_ في منزل سالم البحيري ...
دلفت
خديجة إلي داخل المنزل بعدما فتحت الباب بالمفتاح ... وجدت شقيقها يجلس ع
الاريكة بأريحية يشاهد التلفاز وهو يدخن سيجارته ليدفس ماتبقي منها ف
المنفضة المعدنية
لم تعيره أي إهتمام متجهة نحو غرفتها ليوقفها بصوت أجش : تعالي هنا عايزك ف كلمة
رمقته بنظرات حادة وقالت : نعم !
أعتدل ف جلسته وقال بنبرة تحذيرية : أتعدلي معايا ياخديجة لأعدلك
عقدت
ساعديها أمام صدرها فقالت بإستهزاء : بجد !! طيب أي رأيك ياطه لما بابا
يجي هقوله ع أسلوبك معايا ده غير أيدك الي مدتها عليا أول إمبارح وكله كوم
وموضوعك مع رحمة كوم تاني
نهض
وعينيه كالبركان الذي يقذف حممه وقال : أنتي بتهدديني ؟؟ ماتقولي لبابا
ولاتغوري ف داهيه ...وموضوع رحمة ده ملكيش فيه حاجة متخصكيش
صاحت بغضب وقالت : لاء ليا لأنها صحبتي وجارتي وعيشرة عمرالي أنت معملتش حساب لكل ده وعمال ماشي معاها وتسرح بيها
_ هي الي غلطانة محدش ضربها ع ايديها وقالها تحبني وهي عارفه أن محلتيش حاجة ومش هقدر أتجوزها ... قالها طه
أبتسمت بسخرية وقالت : فعلا هي الي غلطانة أنها وثقت ف واحد زيك ندل وجبان
أستشاط
غضبا من كلماتها فأقترب نحوها ورفع يده وكاد يصفعها ليوقفه صوت فتح باب
الشقة والشيخ سالم يدخل وقال : جري أي يا ولاد أي صوتكو جايب لأخر الشارع
أجاب كليهما بخجل وقالو ف صوت واحد : مفيش يابابا
خلع حذائه ووضعه جانبا وقال : يلا أجهزوا عشان رايحين لعمكو عزيز
قال طه بتهكم : أصدك رايحين نشحت من عمنا عزيز
نظر
إليه والده بحنق وقال : الي هنعيدو نزيدو تاني يابني قولتلك إحنا مبناخدش
حسنة من حد ده إيجار الأرض الي ورثناها كلنا عن جدك البحيري الله يرحمه .
قال طه : وبالنسبة للقصر مش الأرض الي مبني عليها لينا فيها برضو؟
زفر
سالم بضيق وقال : الكلام ده تقولو لجدك يحيي الله يرحمه هو أتنازل عن
الأرض لأخوه حكيم يعني يا أبو مخ تخين ملناش حق فيها .. ويلا عشان العربية
الي جاية تاخدنا زمانها ع وصول.
________________________
_ بداخل إحدي غرف القصر ...
تقف
بداخل الشرفة المطلة ع المسبح وجهها كالملاك تنظر إلي السماء بعينيها التي
قد ورثتها عن والدتها وشعرها البني الممتزج بالأسود القصير الذي يصل إلي
منتصف عنقها وبشرتها البيضاء الناعمة ... تتحدث في هاتفها بشفتيها الوردية
المكتنزه...
_ بتتكلمي بجد!!!
...............
_ مش عارفة بابي هيوافق ولا لاء
..............
طرقات
ع باب الغرفة فقالت : طيب أنا هقفل معاكي دلوقت ف حد بيخبط ع الباب شكلها
مامي ... هبقي أرد عليكي ساعة كمان... باي... أغلقت المكالمة ودخلت الغرفة
لتجد والدتها
جيهان :كل سنة وأنتي طيبة يا ملوكة ماما ...قالتها لتتجه نحو والدتها لتعانقها وقالت بسعاده : وأنتي طيبة ياجي جي يا عسل أنتي
رمقتها جيهان بمكر وقالت : اممم كلمة عسل مابتتقالش غير لما تكون وراها مصلحة قولي عايزة أي؟
أبتسمت بخجل وقالت :بصراحة أصحابي مسافرين بكرة الساحل وعايزني أروح معاهم
قالت جيهان : أنتي عارفة ياملك بابي مانعك أنك تسافري لوحدك
قالت ملك بتذمر : يامامي أنا مش لوحدي معايا أصحابي الي ف الجامعة وبعدين أنا مبقتش صغيرة أنا عندي 20 سنة
ضحكت جيهان وقالت : حتي لو بقي عندك 100 سنة هتفضلي ف نظري ملوكة الصغيرة
زفرت بحنق وقالت بسأم : أوك أنا عارفة مين الي هيقنع بابي
أبتسمت والدتها وقالت : هو كمان مش هيوافق
رمقتها بتحدي وقالت : ولو وافق؟؟؟
جيهان : بنت أنتي بتتحديني !!
ملك : لاء يامامي مش تحدي ده رهان
جيهان : مش وقت رهان وكلام فاضي يلا غيري هدومك عشان شوية وعمك سالم وولاده جايين
أنفرجت أساريرها بالفرح وقالت : أشطا ديجه جايه دي وحشاني أوي
تنهدت جيهان بسأم ثم قالت : ربنا يهديكي ياملك ... قالتها وغادرت الغرفة .
______________________
_ أمام البناء تتوقف السيارة الفارهة من إحدي الماركات الشهيرة ...
خرج من الفناء الشيخ سالم وخديجة ويليهم طه الذي أرتسمت ع وجهه ملامح الإمتعاض ... نزل السائق ع الفور ليقوم بفتح الباب الخلفي
قال طه بصوت يكاد مسموعا ساخرا : بعتلنا عربية وسواق خايفين لنروحلهم بتوكتوك
قالت خديجة : يعني هم غلطانين أنهم مش عايزنا نتبهدل ف المواصلات ...قالتها ثم ولجت إلي داخل السيارة
قام طه بدفعها وقال : متتكلميش معايا عشان أنا ع أخري منك
رمقته بإزدراء ثم أطلقت زفره بحنق .... وأنطلقت السيارة
______________________
في قصر عزيز البحيري ....
بداخل
صالة الألعاب الرياضية يمارس تمارينه كالعادة وجسده الرياضي ينسدل عليه
قطرات عرقه بغزارة التي قد بلت معظم أنحاء القميص الأبيض القطني بنصف أكمام
... توقف وتناول المنشفه القطنيه ليجفف ذلك الإنسدال الذي يزعجه وقام بخلع
القميص حتي أصبح عاري الصدر
دلفت
للتو تلك الخادمة التي يبدو عليها صغر عمرها الذي لم يتجاوز الثامنة عشر
عاما ... تمسك بيدها صينية صغيرة يعلوها كوب من العصير الطازج فقالت بخجل
دون أن تنظر له : ياسين بيه العصير
ألتفت إليها وقال بغضب : أظن إن فيه باب المفروض تخبطي عليه ولو أنتي داخله بيتكو !!
تطلعت إلي عينيه الرماديتيان وقالت بوجل : أأ أنا نسيت
أقترب
منها ليزداد توترها وخوفها أكثر حتي أرتجفت يدها لتندفع الصينية عنوة عنها
بالكوب فأنسكب العصير ع بنطاله الأسود ويقع الكوب ع الأرض ليصبح حطاما
فشهقت بذعر ووضعت يدها ع فمها
وكأن الغضب يتأجج بداخله كالنيران المشتعلة صاح ف وجهها وقال : برررررره
أجهشت بالبكاء ولم تقدر ع النطق أو الحراك فأزداد غضبه أكثر وقال وهو يشير نحو أذنه : أنتي مبتسمعيش!!! بقولك بره
كان يمر من أمام الصاله ليفتح الباب عندما سمع صياح شقيقه ....
_ بتزعق كده ليه يا ياسين؟؟ .... قالها يونس الذي لاحظ العصير المسكوب ع بنطال شقيقه والكوب المحطم ع الأرضيه الخشبية
قال ياسين بغضب : لو سمحت يايونس خد الغبية دي وطلعها بره
تعالت شهقاتها أكثر ... زفر يونس بضيق فقال : روحي يا ياسمين ع المطبخ وأنا هبقي أخلي حد يجي ينضف الي ع الأرض
غادرت الصالة ع الفور وهي تركض نحو المخرج المؤدي إلي المنزل الصغير
بينما ف الصاله ....
_ مكنش داعي للزعيق ده يا ياسين البنت ملهاش ذنب أن الكوباية تقع تكسر دي مهما كان أمانه عندنا ومينفعش تعاملها كده ... قالها يونس
ضحك
بسخرية وقال : والنبي ياحضرة الفنان نقطني بسكاتك ... أنت عارفني طول عمري
مابحبش الغباء الهانم دخلت عليا من غير ماتستأذن وجاية تديني العصير وقعت
الكوباية ودلقت عليا العصير عايزني أعملها أي أطبطب عليها !!
يونس : برضو متكلمهاش بالطريقة دي بابا لو عرف مش هيسيبك غير لما تعتذر ليها
غر فاهه وقال بإزدراء وعنجهية : نعم!!! أعتذر لبنت الجنايني أنت أتجننت !!
يونس : ماتحترم نفسك وراعي أنك بتتكلم مع أخوك الي أكبر منك
قال ياسين بسخرية : ياعم هم 3 سنين فرق قارفني بيهم وخلاص كلها شهرين وهتم ال 24 سنة
يونس : طيب يلا عشان بابا مستنينا ف الجنينة من بدري
_______________________
في منزل الخدم حيث الطابق الثاني بداخل إحدي الغرف المتفرعة من الرواق الطويل ....
تدفس وجهها ف وسادتها وهي تبكي بشدة .... طرق إحداهم ع باب الغرفة .. توقفت عن البكاء فقالت وهي تمسح عبراتها : مين
أجاب الطارق : أنا علا يا ياسمين
نهضت وهي تعدل ثوبها الأسود وحجابها الزهري ... لتتقدم بخطوات نحو الباب وفتحت لتشير إليها بالدخول
قالت علا وهي تتفحص آثار عبراتها ع وجنتيها : أنتي كنتي بتعيطي؟
أومأت لها ياسمين بالنفي وقالت : مفيش كنت مخنوقة شوية
علا : يبقي ياسين بيه سبب دموعك
وعندما ذكرت أسمه أشاحت وجهها بعيدا عنها وهي تحاول أن تكبت عبراتها
أقتربت
علا منها فقالت : ع فكرة أنا سمعت الحوار الي حصل وأول ما لمحت يونس بيه
جريت ع طول ... بس أنتي فعلا غلطانه وقلبك هيوديكي ف داهية أنتي مش أدها
والظاهر نسيتي هو مين وأنتي تبقي مين ... فوقي لروحك يابنت عم إسماعيل
الجنايني
رمقتها ياسمين بغضب وقالت : أحترمي نفسك ياعلا
تنهدت علا وقالت : آسفه مش أصدي معايره أبدا والله أنا كنت عايزة أسمعك الكلام الي هيتقالك لو مرجعتيش عن الي ف دماغك ده
نظرت ياسمين لها بدون أن تنبس بكلمة .
___________________
_ بداخل حديقة القصر...
تتجمع
عائلة عزيز البحيري جميعها حول الطاولة ... عزيز يترأس الطاولة وتجلس ع
فخذيه حفيدته لوجي وع يمينه جيهان زوجته ... وبجوارها إبنتها ملك ويليها
ياسين الذي يمسك بهاتفه ... ومن الجهة الأخري يجلس يوسف وتليه أنجي زوجته
ثم يونس
قال يوسف : تعالي يالوجي قعدي جمب مامي خلي جدو يعرف يقعد
أجابت بتذمر وهي تعقد ساعديها وقالت بصوتها الطفولي : لاء أنا عايزة قعد مع جدو زيزو
ضحك الجميع فقال عزيز : سيبها تقعد براحتها دي روح جدو .. قالها ثم قام بتقبيل وجنتها
قامت بمعانقته وقالت : وأنت كمان روح لوجي
قالت جيهان : أومال فين آدم ؟
يونس :أنا شايفه من بدري وهو رايح ناحية الخيل
قالت
ملك : طبعا رايح يصبح ع رعد هاروح له أنا وأندهله ... قالها ثم نهضت
وأزاحت المقعد للخلف وغادرت وهي تركض نحو أسطبل الخيول حتي أصتدمت بذلك
الجبل الذي لم يهتز من ذلك الإرتطام
رفعت
عينيها التي تشبه السماء الصافيه لتلتقي بتلك العيون الرمادية الحادة حتي
شعرت بفارق الطول حيث طولها لايتعدي ال 160 سم وهو فارع الطول الذي يتعدي
195 سم
رمشت عدة مرات فقالت : سوري
مصعب ...قالتها وأنحنت حتي تلتقط هاتفها الذي وقع من يدها فسبقها هو وقام
بإلتقاطه ثم أعطاه إياه وقال بصوته الأجش : ولايهمك يا آنسه ملك
أخذت هاتفها وهي تبتسم له ليشرد ف إبتسامتها التي آسرته ليفيق من ذلك الشرود ع صوت الشيخ سالم
_ السلام عليكم
رد الجميع عليه بنفس التحيه ... ركضت ملك نحو خديجة وهي تعانقها وقالت : وحشاني أوي ياديجة كده متسأليش عليا زعلانه منك
أبتسمت خديجة وقالت : وميرضنيش زعلك يا ملوكة ...قالتها ثم نظرت إلي الجميع وذهبت نحو عمها عزيز وقالت : أزيك ياعمي كل سنة وأنت طيب
قال عزيز : وينفع السلام من بعيد كده ؟؟
سالم : روحي يا خديجة سلمي ع عمك
تقدمت بخجل لتصافحه ثم صافحت جيهان بالعناق والقبلات ... ومدت يدها إلي إنجي فرمقتها بزهو وكبرياء وقالت : أزيك
شعرت خديجة بالإحراج فتراجعت فقال يوسف : أزيك ياخديجة عامله أي؟
خديجة : الحمد لله
ركضت نحوها الصغيرة لوجي وقالت : ديجه حبيبتي .. فأنحنت لتعانقها وتحملها وقامت بتقبيل وجنتيها وقالت : عامله أي يالوجي
لوجي : أنا زعلانه منك مبقتيش تيجي وتحكيلي حدوتة
أبتسمت خديجة وقالت : حاضر يا قلبي أنا النهاردة هاحكيلك حواديت أد كده
جيهان : يلا عشان نفطر سوا مع بعض .. ثم قامت بمناداة الخادمة : ياعلا
جاءت علا لتنحني نحو جيهان التي تهمس ف أذنها
فأقتربت ملك من خديجة وأمسكت يدها وقالت : تعالي معايا يلا
كادت تتعثر خديجة ف الطريق وقالت : وخداني ع فين ؟
ملك : تعالي معايا وأنتي هتعرفي ...قالتها وهي تغمز لها بإحدي عينيها
______________________
_
وصلت كلتاهما عند الإسطبل ... وقعت عينيها ذات لون البندق نحو ذلك الذي
يمتطي جواده الأسود ... بجسده العريض حيث يرتدي قميص أسود أنيق يلتصق
بمنكبيه العريضين مفتوحة أزراره العليا لتبرز عضلات صدره ذو البشرة الخمرية
المكتسبة بعض الحمرة ... ويرتدي أيضا بنطال كلاسيكي باللون الأسود ...
يرمح بالخيل ف الساحة المحاطة بسياج معدني يمسك اللجام الخيل بقبضتيه بحزم
وقوة وأيضا السوط ... خصلات شعره الأسود الكثيف تتراجع إلي الخلف وقطرات
العرق تنسدل ع جبينه وحاجباه الحادين ... ينظر أمامه بعينيه ذات اللون
البني تحاوطهما أهدابه السوداء الكثيفة ... يغلق عينيه ويستنشق الهواء
بأنفه المستقيم ... ومازالت قطرات العرق ف طريقها نحو لحيته المشذبة ...
فها هو آدم ذو الثلاثة وثلاثون عاما الأبن الأكبر لعزيز البحيري ومدير
شركات والده.
لاحظ وجود شقيقته
وإبنة عمه فشد لجام الخيل ليتوقف ويطلق صهيله القوي... نزل من فوق الخيل
بمهارة ليتقدم نحوهما بطوله الفارع الذي يصل إلي 192 سم يمسك بيديه السوط
من طرفيه ... ومع كل خطوة يخفق قلبها بشدة ومقلتيها التي تتلألأ عند رؤيته
_ أزيك ياخديجة ...قالها آدم بصوته الرجولي العذب
أبتلعت ريقها وقالت بإبتسامة وخجل ف آن واحد : الحمد لله بخير
ملك : يلا عشان هنفطر
آدم : طيب دقيقة هادخل رعد الأسطبل وجاي دلوقت
ملك : طيب إحنا جايين معاك
نظرت لها خديجة وقالت وهي تهمس : هنروح فين
ملك : تعالي بس معايا عشان عايزاه ف موضوع مهم وعيزاكي تكوني موجوده عشان تقنعيه
خديجة : موضوع أي؟ فهميني بس الأول
ملك : دلوقت هتعرفي
ذهبا إلي الإسطبل ... آدم أدخل رعد إلي مكانه وأغلق البوابة بإحكام
ملك : آدم عيزاك ف موضوع قبل مانروح نفطر
تنهد وقال : قولي
ملك : أصحابي مسافرين الساحل بكرة وعايزة أروح معاهم
قطب
حاجبيه وقال بنبرة شبه غاضبه :تاني ياملك مش بابا أخر مرة محذرك وقايلك
مفيش رحلات لوحدك غير لما يكون ف حد معاكي سواء أنا أو يونس أو ياسين
زفرت بضيق وقالت : أنت وطول النهار والليل ف الشركة ويونس ف الجاليري بتاعه وعارف كويس أنا وياسين مبنطقش بعض
رفع إحدي حاحباه وقال : والمطلوب؟؟
ملك : تقنع بابا يوافق
زفر بسأم وقال : خلاص هقنعه أنه يوافق بس ع شرط مصعب يطلع معاكي الرحلة
غرت فاهها وقالت : أنت بتهزر يا آدم هو أنا طفله !!
زمجر آدم وقال : بقولك أي ياملك أنتي عارفه أن بابا ليه أعداء كتير ومحدش فينا بيخرج من غير السكيورتي
خديجة : معلش ياملك بس آدم عنده حق
أستشاطت غضبا فقالت : يعني أنا جيباكي عشان تقفي جمبي تقومي تأيدي كلامه ... قالتها ثم تأففت وتركتهما وغادرت
كادت خديجة تنادي عليها فقاطعها آدم وقال : متزعليش منها هي ع طول كده بتغضب بسرعه وبعد كده بتهدي وبتنسي الي حصل
خديجة بتوتر قالت : طيب عن إذنك أنا هاروحلها
قالتها
لتهم بالمغادرة ليصدر الخيل صهيل بصوت مدوي فأرتعبت لتتعثر قدميها وكادت
تقع ع ظهرها فألحق بها آدم ليجذبها من خصرها وتشبثت بقميصه لتنقطع أزراره
جميعها ... تلونت وجنتيها بالحمرة وشهقت ثم أبتعدت عنه وقالت : آسفه والله
مكنش أصدي
أبتسم آدم وقال : ولا يهمك ... يلا عشان منتأخرش عليهم
تقدمت
هي أمامه وهو خلفها حتي وصل كليهما عند الطاولة ولم تلاحظ خديجة عيني طه
شقيقها والشرار يتطاير منهما حيث ظن السوء ... جلست بجواره ليقترب منها
ويهمس وهو يمسك بيدها بقبضة قوي
_ كنتي بتعملي أي مع آدم لوحديكو ف الأسطبل ؟؟؟
أتسعت حدقتيها بصدمة وقالت : أنت أتجننت !!!
_ وزراير قميصه المتقطعه دي ؟؟؟
جذبت يدها من قبضته وقالت : لم نفسك ياطه وبطل تفكيرك الشمال ده
كاد يتفوه لينتبه نحو أنجي التي تبتسم بمكر وخبث حتي أدرك إنها قد أسترقت السمع فقال هامسا : ماشي ياخديجة لما نروح البيت
لم تجيب عليه وتصنعت النظر إلي شاشة هاتفها
صعد
آدم إلي غرفته ليبدل ثيابه ثم نزل إليهم وجلس ع يمين والده ... كان الخدم
قد وضعو أطباق الطعام بشكل أنيق فوق المائدة ... بدأ الجميع ف تناول
الطعام.
__________________
_
حل المساء ليسطع نور القمر الذي يتسلل إلي شرفتها متوجها إلي تلك العينين
المنتفختين من كثرة البكاء .... وهي تمسك بحبل مصنوع من الشراشف والمفارش
تقوم بعقده حول درابزون السور.. دوي طرقات ع باب غرفتها لتنتفض وتنظر خلفها
لتدلف إلي غرفتها وتجيب بحذر : مين ؟؟
أجاب الطارق وقال : أنا زينات يا صبا هانم عابد بيه بيقولك يلا عشان المأذون جه والمعازيم مستنيه تحت
قالت صبا : قوليلو نازلة حالا
_
وفي البهو بالأسفل يقف عابد الرفاعي صاحب مجموعة شركات الرفاعي ستيل للصلب
وبجواره ذلك الذي يزفر دخان سيجارته الكوبية الفاخرة ويستقبل المدعوين
بشموخ ... يبتسم فتبرز عظام فكيه العريض وعينيه الحادة التي يمتزج لونها
بالأخضر والرمادي ...يقطب حاجبيه الكثيفان عندما أخبره إحدي الحراس شيئا ما
ف أذنه.
وفي الحديقة نجحت أخيرا
بأن تلوذ بالفرار لتستغل دخول وخروج المدعوين وهي تتنكر ف ثياب رجالي وترفع
خصلات شعرها الكستنائي لأعلي وتخفيها أسفل القبعة التي يخبئ ظلها تلك
الرماديتيان ذات الجفون الملتهبة من البكاء ... مشت بخطي هادئة حتي لاتجذب
الأنظار إليها
وصلت إلي الطريق الرئيسي لتشير إلي سيارة أجرة ...
السائق : ع فين ياكابتن ؟
لم
تجيبه حتي لايفتضح أمرها فأخرجت من حقيبتها التي كانت تحملها ع كتفها ورقة
مالية لتعطيها للسائق ثم أخرجت دفتر ملاحظات صغير الحجم ودونت بإحدي
الورقات بعض الكلمات ثم قامت بنزعها وأعطتها إلي السائق
_ بداخل فيلا عابد الرفاعي ...
صعد
الدرج والغضب بداخله كالنيران المتأججه يضع يديه ف جيوب بنطاله ... وقف
أمام غرفتها وطرق ع الباب وقال بصوت مرعب : أفتحي ياصبا أنا قصي
لارد من الداخل
وضع يده ع المقبض وإداره بعنف وهو يقول : أفتحي ياصبا الناس مستنيه تحت والمأذون موجود من بدري
ليجد
مازال الهدوء يسكن الغرفة ليدفع الباب بجسده مرة تلو الأخري حتي أنكسر
المقبض وفتح الباب ع مصراعيه ليجد الغرفة شاغرة وباب الشرفة الزجاجي مفتوح
... تقدم نحو الشرفة ليجد ذلك الحبل المتدلي لأسفل فقام بجذبه لأعلي ثم
ألقاه بقوة ع الأرض ويزمجر كالأسد الذي وصل لقمة غضبه ... يرجع خصلات شعره
البنية إلي الخلف وهو يزفر بغضب عارم ثم نادي بصوت أهتزت له جميع جدران
المنزل :كناااااااااااان
وف غضون ثوان وصل ذلك الحارس الخاص به ذو البنية الجسدية الضخمة فقال: أمرك يا قصي باشا
قصي وهو يشير له بأصبعه بللهجة آمره : جهز العربيات والرجالة حالا
كنان بعدم فهم : أمرك ياباشا بس ليه
زمجر بغضب وقال : من غير ليه
أومأ له كنان وقال : دقيقة ساعدتك وكل شئ هيبقي جاهز
(قصي
العزازي ... ذو الخامسة والثلاثون عاما ... من أكبر تجار السلاح لكن ذلك ف
الخفاء والظاهر ف مجال العمل هو شريك عابد الرفاعي ف مجموعته بنسبة كبيرة
.)
وقبل أن يغادر قصي الغرفة لاحظ
وجود ثوب الزفاف الملقي بجوار التخت وكاد يمسك به ليلتفت إلي تلك الصورة
التي يظهر جزء منها من أسفل الوساده ليلقي بالوساده ع الأرض ويتناول الصورة
ليرمقها بنظرات نارية قاتله وأطلق ضحكة مرعبة وقال : آدم البحيري يا أهلا.
أنتهت الحلقة