رواية ونس الفصل التاسع 9 بقلم سارة مجدي
ظل الصمت يخيم عليهم بعد جملتها التي قالتها … هل بعد ما حدث بينهم منذ دقائق؟! … تلك الحرب الذي خاضوها ليثبت كل منهم للآخر أنه يعشقه … ليختم فوق جسده وروحه وقلبه ملكيته الخاصة … تسأله وبكل هدوء متى الطلاق … عن أي طلاق تتحدث تلك المجنونة
أبعدها عنه ببعض العنف و أعتدل يرتدي بنطاله الذي كان ملقى أرضًا بأهمال ونظر إليها وهي تحيط جسدها بشرشف السرير وتلك البقعه الحمراء تلمع أمام عينيه جعلته يغمض عينيه بقوة وهو يفكر لماذا معها دائمًا يتحول كل شيء جميل ومميز إلى مر وعلقم يظل أثره السيء في فمه وفي روحه … بعد غرقهم في بحور العشق وتذوق شهد الوصال وجمال الحب تختتم هي لحظاتهم بتلك الكلمة الغبية
ماذا يفعل معها؟ وماذا يفعل بها؟
فتح عينيه وقال بهدوء قدر إستطاعته
-قومي ألبسي هدومك يا سالي علشان في كلام مهم لازم يتقال
بعيون غارقه في دموعها أومأت بنعم وغادرت السرير ومازال الشرشف يلف جسدها وحين أغلقت باب الحمام نفخ الهواء من
صدره بقوة وهمس
-أهدى يا حاتم … أهدى … أهدى
توجه إلى الشرفة ليفتح الستائر ثم فتحها ليدلف الهواء البارد الآتي من البحر الذي تطل عليه الشرفة ظل يتأمله بعينيه فقط لكن عقله كان شارد في لحظاتهم معها … وكم كانت رائعة ومميزة … كم كانت بين ذراعيه عاشقه محبه … تذوب كقطعة شكولاته لكنها وكالعادة تصفعه دائمًا بما يجعله يعود إلي أرض الواقع على صدمه غير متوقعه
ولم تكن هي بالداخل بأقل منه حيره وألماً .. دموعها تغرق وجهها وقلبها تتصارع دقاته حتى أنها تشعر بألم قوي في تجويف صدرها … هي كانت تشعر بين يديه كعصفور صغير يحلق في سماء صافيه وواسعه … حوله الكثير من الفراشات الملونه ويرى أسفله بحر صافيه مياه … ومرج كبير أخضر
لكنها وحين عادت إلى أرض الواقع عادت إليها أفكارها السوداويه … وتملكها اليأس الذي كانت تعيش وسط أمواجه الهادره لأيام كثيرة لتجد نفسها تنطق تلك الكلمه التي شعرت بها كسكين حاد فوق عنقها
حين رفعت عيونها وجدت إنعكاسها في المرآه ما جعلها تشهق بصدمه … من تلك البائسه التي تقف امامها وما هذه الحاله المزريه التي أصبحت عليها … لتغمض عيونها من جديد … وأخذت عدة أنفاس متلاحقه وبعد عدة ثوانِ فتحت عيونها بقوه وإصرار … تركت الشرشف يسقط أرضًا وفي خلال دقائق أخذت حمام ساخن سريع وأرتدت مأزر الحمام وخرجت إليه عليها الأن المواجهه راضيه بما سيحدث أياً كانت النتائج
حين سمع صوت بأن الحمام يفتح ألتفت ينظر في إتجاهها ليشعر ببعض الراحه … أنه يرى ولو لمحه بسيطة من سالي القديمه تلك المتعجرفه رغم نظرة الحزن والإنكسار التي تحاول موارتها خلف ذلك الغرور
لكنه سوف يتحكم في مجريات الحديث وعليه أن يسير كما يريده هو
-تعالي يا سالي أقعدي خلينا نتكلم
أقتربت بهدوء وجلست بصمت … ليقترب هو الآخر … وجلس بجانبها وقال بهدوء يصل حد البرود
-الكلمه إللي نطقتيها من شويه دي … أنا هعمل نفسي مسمعتهاش … ومش هحاسبك عليها … لأن عندي الأهم إللي أتكلم فيه.
رفعت عيونها إليه زاهله مما قال ليكمل هو كلماته
-خلينا نجيب الحكاية من الأول
ظلت شاخصه ببصرها تجاهه دون رد .. تنتظر أن تستمع لكل ما سيقوله … تريد أن تطمئن قلبها … لكن هو معه حق … لابد أن يتحدثوا في كل شيء من البدايه
لكنها لم تتخيل أبدا أن تكون البدايه هي ما قاله الأن
-من أول يوم وعيت فيه على قلبي … لاقيته ملك لبنت عمرها ما بصت عليا مره بحب … كانت بتتعامل معايا بغرور وفوقيه … كانت ديماً شايفه نفسها أحسن من الكل .
أبتسم إبتسامة صغيره لكن تحمل من الألم الكثير لكنه أكمل بنفس الصوت الهادىء
-لكن غصب عني قلبي بقا ملكها حلمت أنها في يوم تشوفني وتحس بيا لكن ده عمره ما حصل وأكتشفت في أسعد يوم في عمري أن راجل تاني هو حلمها … وإني من وجهة نظرها راجل ممل ومش فارس أحلامها إللي هي بتتمناه
كانت تستمع لكلماته والدموع تغرق وجهها تشعر بكم خطأها وبكم ظلمت نفسها وظلمته … ليكمل هو كلماته
-سنه كاملة بشوف فيها حبيبتي حليلتي في أبهى صوره … نار … نار بتولع في قلبي وفي جسمي وأنا شايفها جميلة … مميزة … زي وردة رقيقة أو فاكهة الجنه المحرمه … مش قادر أقرب منها ولا قادر أنسى كلامها إللي جرح كرامتي ورجولتي … ولا قادر أبعد عنها و أطلقها واريح قلبي من عذابه كل ليله وهي نايمة جمبي ومش قادر أضمها لصدري وأروى عطش قلبي واطفي نار جسمي
شهقت بصوت عالي وهي تغطي وجهها بيديها تبكي بصوت عالي وهي تقول بصوت مبحوح
-أنا آسفه يا حاتم … آسفه … آسفه …آسفه
مد يده يبعد يديها عن وجهها وأكمل كلماته حتى يخرج كل قيح قلبه الذي يؤلمه ويحرم عينيه من النوم … يجعله يتلوى على نيران الخسارة والحسره
-وفي يوم أتفتحت قدامي طاقه … طاقة نور خلت قلبي يحس بشويه أمل وبيبان من الحقايق بتتفتح قدامي وبتخليني أعرف أنا بقيت أيه بالنسبه ليها … دموعها توسلاتها … كلماتها التي جعلت قلبي المجروح يآن بآلم وحسره ورجاء بإنه مش هيقدر يستحمل جرح جديد منها لكن هي فتحت ليه كل الأبواب وسلمته قلبها وبعد ما عاش معاها أجمل لحظات عمره … وحس أنه بقا ليه جناحات قادر يطير بسببها لأبعد سما
كانت تنظر إليه برجاء وتوسل وعدم تصديق … ليقول هو من بين أسنانه
-رمتني في أسفل سافلين … وقعتني على جدور رقبتي وهي بتسألني بمنتهى البراءة إللي في الدنيا هطلقني أمتى؟
أقترب آكثر منها وهو يقول بأستفهام
-تفتكري يا سالي راجل زي أستحمل منك كل ده ومقدرش يبعد … بعد ما داق الشهد بين درعاتك … وفي حضنك هيقدر يبعد
لم تشعر بنفسها وهي تلقي بنفسها بين ذراعيه تبكي بصوت عالي وهي تقبل جانب عنقه وبين كل قبله وأخرى تقول
-أنا آسفه … أنا بحبك … بحبك يا حاتم … آسفه … والله آسفه
ليضمها بقوه وهو يهمس باسمها برجاء وتوسل .. لكنها لم تتوقف عن ما كانت تفعله غير مدركه أنها بتلك الطريقه توقظ ذلك الوحش الكامن بداخل قلبه وروحه … ذاك الوحش المشتاق إليها …. ظل يهمس بأسمها برجاء وتوسل لعدة ثوانِ يحاول كبح جماح قلبه ليحملها بين يديه كعصفور صغير
وضعها على السرير ببعض القوه وظل ينظر إليها بشوق ولهفه وقال بصوت أجش
-أنا بجد مش قادر يا سالي … مش قادر على بعدك ولا قادر مرجعش للراحه إللي بحسها بين درعاتك … قلبي مبقاش قادر يستحمل … ف أرجوكي عيشي معايا وخليني أعيش
لتؤمىء بنعم وبتلك الحركة كأنها فتحت له أبواب الجنه ليغرق فيها بكُلِيتّه يريح قلبه وجسده من عناء ألم الفراق الطويل
وكانت هي تكسر كل تلك الأسوار التي حاوطت بها من قلبها وحياتها وروحها … تترك برجها العاجي العالي التي وضعتها به شاهيناز السلحدار منذ نعومة أظافرها وتغرق في بحور عشق حاتم الذي كان يتعامل معها برقه رغم تطلبه الواضح في طلب الحب منها وإعطائها بالمقابل حب وحنان وراحه وسعادة لم تتخيلها يومًا
~~~~~~~~~~~
تركت أخيها يأخذ قسط من الراحه بعد أن أخذ دوائه وتحدثوا كثيرًا … في كل شيء تقريبًا وكم شعرت بالسعادة والراحه … هنا في بيت أخيها كل شيء هادي … لا يحمل غرور وتحفظ شاهيناز هانم السلحدار … ولا قيود عائلة الصواف
أغلقت باب الغرفه وظلت واقفه عده دقائق ثم قررت أن تتعرف على تلك الفتاة … ف من الممكن ترى شيء مختلف بها عن إحساسها وإحساس حاتم ويكون أخيها معه حق في تمسكة بتلك الفتاة
أقتربت من المطبخ تنظر إليها وإلى ما تفعله … فلم تجد شيء غريب هي فقط تعد الطعام وبعض الموسيقى تخرج من هاتفها
دلفت إلى المطبخ لتنظر إليها ونس بهدوء وقالت بأدب
-حضرتك عايزة حاجه؟!
سحبت نرمين الكرسي وجلست عليه بتعالي هو جزء لا يتجزء من شخصيتها ووضعت قدم فوق الأخرى وقالت
-عرفيني عن نفسك يا ونس
شعرت ونس بالإندهاش من ذلك السؤال ولكنها قالت بهدوء
– هقول أيه يعني … بنت غلبانه حكمت عليها الظروف أنها تشتغل في البيوت علشان تقدر تجيب علاج أمها وأخواتها يكملوا تعليمهم … وتقدر تجيب ليهم لقمه يكلوها وهدمه يلبسوها
ظلت نرمين صامته تنظر إليها بتفحص … وظلت ونس واقفه تنظر إليها لعدة ثوانِ ثم عادت إلى ما تعمله لتقول نرمين من جديد
-أيوه بس ده ميمنعش إنك كان ممكن تشتغلي شغلانه تانيه غير الخدمة في البيوت
لوت ونس فمها بضيق لكنها رسمت الهدوء من جديد ونظرت إلى نرمين وقالت
-أمي خياطة بريمو بس صحتها مابقتش قد قعدة المكنة …. وأنا مش معايا شهادة علشان أتوظف بيها ما أنا مقدرتش أكمل دراستي … وشغل المحلات ذل ومهانه من أصحاب المحلات شوية ووقفه طول النهار على رجليا وفلوسها قليله … على إننا نتحمل رذالة الزباين … أهو خدمة البيوت بنعرف طبع أهل البيت ونقدر نتعود عليه
-أنتِ كنتِ في الجامعة يا ونس؟!
سألتها نرمين باندهاش لتومىء ونس بنعم لتسألها من جديد
-وكنتِ في كليه أيه بقا؟!
-تجارة
أجابتها بهدوء … لتهز نرمين رأسها بنعم ثم وقفت وهي تقول بأمر
-أعمليلي قهوة وهاتيهالي في أوضتي
أومأت ونس بنعم وهي تقول بأدب
-حاضر
غادرت نرمين المطبخ وظلت ونس تنظر في أثرها بضيق ثم غمغمت قائلة
-وبعدين بقا؟!
~~~~~~~~~~~~~~
تحاول الإتصال بها منذ رحيلها مع حاتم ولكن الهاتف مغلق … ليزداد غضبها وهي تفكر منذ متى أصبح حاتم يستطيع الوقوف أمامها وتجرأ على أن يقف أمامها يتحداها ويأخذ إبنتها أمامها دون أن تستطيع أن تمنعه
كيف حدث هذا؟ عليها أن تجد حل لكل هذا وهي أبداً لن تترك الأمور تخرج عن سيطرتها
أمسكت هاتفها وأتصلت بشخص ما وحين أجابها قالت بهدوء ولكن كلماتها حملت أمر غير قابل للنقاش
-عايزة حسابات المجموعة كلها … ونسب الشركاء
أغلقت الهاتف ونظرة التحدي و الإنتصار تلمع في عيونها
~~~~~~~~~~~~~~~~
يقف في وسط شركته الجديدة يتابع كل ما يقوم به العمال من التجهيزات الأخيرة على كل شيء بها وترتيب الأثاث … وفي نفس الوقت هو قد حدد مواعيد المقابلات مع المتقدمين للوظائف
أن أحلامه والحمدلله تتحقق الواحد تلو الآخر …. لكن هل حلمه الكبير والبعيد سيأتي يومًا ويصبح حقيقة
إنتبه من أفكاره على صوت أحد العمال يقول
-إحنا خلصنا يا باشمهندس … في أي أوامر تانيه
أبتسم فيصل وقال للرجل شاكرًا
-الله ينور يا رجاله … شكرًا جدا
وأخرج من جيب بنطاله الخلفى ظرف أبيض ومد يده به للرجل الذي أخذه بشكر وأشار للعمال أن يغادروا
حين غادر أخر عامل توجه فيصل إلى غرفة مكتبه وهو يفكر هل يتصل به الأن أم ينتظر حتى يبدء العمل في المكتب … لكن بعيدًا عن مسائل العمل هو أشتاق ل أديم بالفعل ويود أن يحدثه وأن يقابله أيضًا
لذلك أمسك هاتفه وأتصل على صديقه …
فتح أديم عينيه ومد يده يمسك هاتفه ينظر لذلك الرقم باندهاش.. في العادة هو لا يجيب على الأرقام غير المسجله … لكنه فكر أن يكون المتصل حاتم أو سالي فأجاب سريعاً ليأتيه صوت رجل رخيم يقول بهدوء
-أديم الصواف؟!
-أيوه يا فندم مين؟!
أجابه بهدوء شديد ليقول محدثه بسعادة
-وحشتني يا أبن الأكابر
ظل أديم صامت لعدة ثوانِ وتلك الكلمه تعيده لسنوات كثيره قد مضت …. ليبتسم وهو يقول
-فيصل إزيك يا ابني أيه الغيبه الطويله دي ؟! فينك كده وفين أراضيك دلوقتي ؟!
ضحك فيصل بصوت عالي وهو يقول بمرح
-سافرت عملت الأرشينات ورجعت علشان أنافسك يا أبن الأكابر
ليكون الدور على أديم في الضحك وهو يقول
-يبقا تقول على نفسك يا رحمن يا رحيم … مفيش حد يقدر ينافس مؤسسة الصواف
ليبتسم فيصل بهدوء وقال بصدق
-عارف يا باشا … بس أهو أنا قررت أنزل بتقلي … فخافوا مني
ليضحك أديم بسعادة وقال بصدق
-وحشتني جدًا لازم نتقابل بجد الواد حاتم مستحلفلك أصلاً
ظل الأصدقاء يتحدثون بمرح وسعادة وأخبر فيصل أديم بكل شيء … ووعده أديم أن يقدم له كل يد العون حتى يستطيع المنافسة وبقوه …. وحددوا معاً موعدًا حتى يتلاقى الأصدقاء
حين أغلق الهاتف مع فيصل تذكر ونس وأنه لم يراها مره أخرى منذ حضورها صباحًا …. غادر السرير وأخذ ملابس نظيفه من الخزانه ودلف ليأخذ حمام دفىء يستعيد به نشاطة وحين أنتهى غادر الغرفة ووجهته المطبخ
لكنه وجدها تقف في صاله منزله تقوم بالتنظيف بصمت … أصدر صوت خفيف حتى ينبئها لوجوده ف ألتفتت تنظر إليه بابتسامة ناعمة وقالت
-الحمدلله حضرتك النهاردة أحسن مش كده؟!
أومأ بنعم وهو يتحرك ليجلس على المقعد القريب منه وقال
-أحسن كتير … وبكره ان شاء الله هنزل الشغل
خيم الصمت عليهم لثوان ثم قالا معاً
-تحب حضرتك…..
-أنت بتعملي….
ليصمتا وكل منهم ترتسم على وجهه إبتسامة رقيقه ليقول هو
-قولي أنتِ الأول
لتقترب خطوة وهي تقول
-كنت عايزة أسأل حضرتك لو عايز حاجة تشربها أو أجهز لحضرتك الغدا
أبتسم وهو ينظر إلى ساعة يده ثم قال
-لسه بدري على الغدا ممكن أخد فنجان قهوة لو سمحتي
تلونت وجنتيها بخجل ومن داخلها تشعر بالسعادة أن أسلوبه في الحديث معها لا يجعلها تشعر بالدونيه …. أنه شخص متواضع لا يمتلك غرور الأغنياء …. كادت أن تتحرك لتحضر ما طلبه لكنه أوقفها قائلاً
-مش عايزة تعرفي أنا كنت هقول أيه ؟!
وقفت مكانها تنظر إليه بخجل ليقول هو بهدوء رغم تلك الإبتسامة التي ترتسم على ملامحه بأكلمها ونظره عينيه التي تحمل بعض المشاغبه
-كنت عايز أطمن عليكِ … وكنت بسألك أنتِ كنتِ بتعملي أيه؟!
إقتربت خطوه وقالت بأدب يشوبه بعض الخجل
-أنا كويسة شكرًا لسؤال حضرتك … وبعدين يعني هكون بعمل أيه؟! بعمل شغلي بنظف البيت … الهانم أخت حضرتك طلبت مني أهتم بالنظافه علشان حضرتك متتعبش تاني.
لم يعقب على كلماتها ولكنه ظل يردد بداخله (( الهانم أخت حضرتك)) هل مارست نرمين عادات عائلة الصواف في التعالي والغرور على ونس رغم تحذيره لها … لكنه قال بهدوء حذر
-هي نرمين ضايقتك في حاجة يا ونس؟!
-أبداً … ليه حضرتك بتقول كده؟!
أجابت سريعاً حتى أنه قطب جبينه من إندفاع كلماتها لكنه أومأ بنعم وقال بهدوء
-أبداً بطمن بس أن كل الأمور تمام
أبتسمت مره أخرى إبتسامة صغيرة وتحركت لتغادر حتى تصنع له القهوة … وقبل أن تغادر المطبخ سمعت صوت خطوات نرمين تقترب من الصاله … ثم صوتها وهي تقول
-عامل أيه دلوقتي يا أبيه؟
قبل أن يجيب تحركت هي تقترب منه وهي تقول
-القهوة يا باشمهندس
-شكرًا يا ونس تسلم إيدك
وقبل أن تجييه قالت نرمين بأمر
-أعمليلي نسكافيه من غير سكر
-حاضر
أجابتها ونس بصوت هادىء رغم شعورها بالضيق من أسلوب نرمين معها وغادرت دون كلمه أخرى لينظر أديم إلى أخته وقال
-في أيه يا نرمين هو مش أنا قولت ممنوع التعامل مع ونس بطريقة عيله الصواف
لتقطب نرمين بين حاجبيها وقالت بضيق
-وأنا عملت أيه يا أبيه … وبعدين وأنت نايم أنا قعدت معاها وأتكلمنا شويه ولا المطلوب مني أخليها هي تقعد وأقوم أنا أخدمها وأشوفها تشرب أيه؟!
قالت آخر كلماتها بغرور وتكبر … ليرفع أديم حاجبيه بضيق وهو يعيد لنفسه حديثها (( قعدت معاها وأتكلمنا شويه )) (( أخليها هي تقعد وأقوم أنا أخدمها ))
وحين ظل صامتًا أكملت هي كلماتها قالت
-مش علشان أنت قلبك طيب وبتعطف على أي حد ده هينفي كونها مجرد خدامه يا أبيه … وظيفتها أنها تخدمنا وتشوف طلبتنا وتنفذها … وأنا بتعامل معاها على الأساس ده … وده بعيد تمامًا عن أسلوب ماما في التعامل مع الخدامين إللي في القصر وأظن ده واضح ليك.
لم يستطع أن يعلق على كلماتها لكن ذلك الألم الذي يشعر به داخل قلبه كيف يتخلص منه … فقال بهدوء
-كلمه خدامه في حد ذاتها تجرح يا نرمين … كلمه دورها تخدمنا توجع … إنك لما تكلميها بأمر غير لما تطلبي منها بأدب
تشتعل نار بداخلها وهي تقف أمام أديم تقول بصوت عالي
-ما أبوس إيديها بالمره علشان تقبل تعملي النسكافيه
-أنا مقولتش كده … بس بدل ما تقوليلها إعمليلي نسكافيه … ممكن تقوليلها إعمليلي نسكافيه لو سمحت
اجابها بهدوء لتقول برفض
-لو سمحت … وليه أتعبها ما أروح أنا أعمله بنفسي وخلاص
-ممكن برده فيها أيه
كل ذلك الحوار كانت تتابعه ونس من خلف تلك الستارة التي تفصل باب المطبخ على صاله البيت وداخلها شعوران مختلفان …. سعيده بكلمات أديم ووقوفه أمام أخته بسببها وشعور ضيق وأختناق من نظرة نرمين ليها وغرورها وتكبرها
تحركت خطوه واحده ودفعت باب المطبخ حتى يعلموا أنها قادمة وخرجت من خلف الستارة وتقدمت من الطاوله تضع الكوب وهي تقول
-أتفضلي
ثم اعتدلت واقفه وهي تقول
-أوامر تانيه ولا ممكن أدخل أرتب الأوض
ظل الصمت يحاوطهم حتى قالت نرمين وهي تعود جالسه واضعه قدم فوق الأخرى
-لا أدخلي نظفيهم وهوي الأوض كويس وخصوصًا أوضة أديم بيه
لتومأ ونس بنعم وتحركت من فورها تحضر أدوات التنظيف وأختفت داخل إحدى الغرف ليشعر أديم بالإختناق من كل ما حدث فأخذ فنجان قهوته ودلف إلى الشرفة يجلس هناك
لتنفخ نرمين بغضب وهي تغمغم
-أنا لازم أشوف حل في البنت دي
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يقف في نفس المكان الذي يذهب إليه كلما أراد مقابله شخص ما من أعوانه … أو إجراء بعض المكالمات التي لا يريد لأي شخص أن يستمع إليه حتى ولو صدفه … حتى لو كان مجرد شخص يمر من جواره صدفه ولا يعرف حتى من هو
لكنه دائماً يريد أن يكون في الأمان … وهذا المكان يوفر له كل ما يحتاجه … منطقه بعيدة تمامًا عن قصر الصواف وعن المؤسسه … وبعيد أيضا عن أي عمار … مجرد صحراء واسعه … الإضائه بها قليله فلا تستطيع تحديد معالم أي شخص يقف هناك ولذلك يحب ذلك المكان
شعر بحركه خلفه ليلتفت ينظر إلى القادم في إتجاهه وقال
-أتأخرت ليه؟!
-معلش بقا يا كبير … كان في أيدي مصلحه وكان لازم تخلص
أجابه وهو يشعل سيجارة وينفخ دخانها في الهواء وأكمل كلماته قائلاً
-أمرني يا كبير … هو المندوب معملش إللي عليه ولا أيه؟!
-بيعمل بس أنا عايزك في حاجه تانيه
قالها طارق بابتسامة جانبية ليقول الرجل الذي يقف أمامه
-علم وينفذ يا كبير
ليبتسم طارق بشر وهو يقول لنفسه
-هانت … هانت يا عيلة الصواف
يتبع…..
العاشر من هنا