رواية سحر سمرة الفصل الثامن 8 بقلم امل نصر
الفصل الثامن
فى حىٍ قديم من احياء القاهره ومكتظ بسكانه .. كانت تسرع بخطواتها وهى ترفع بيدها العباءه عن المياه الراكده فى الارض واليد الاخرى ممسكه ابنتها الصغيره ..
- يالا يا "حنين "مدى برجلك شويه ..خلينى اوديكى عند ستك .. عشان احصل صاحبة الشغل لترفدنى ياللا ياحبيبتى .
- ازيك يا" سوسو" ؟
قالها هذا الرجل الذى خرج لها من العدم يتصدر امامها
شهقت مفزوعه
- يخربيتك ياشيخ .. انت اتجننت ياجدع انت ؟
ضحك بسماجه حتى ظهرت امامها اسنانه
- انت اتخضيتى يا" سوسو" هههههخ؟
نظرت اليه بامتعاض تردد
- شالله تخيب .. اكتر ما انت خايب !
- ليه بس الدعا يا"سوسو " على حبيبك !
لوحت بكفها بازدراء
- ياخى حبك برص .. انت ياراجل انت مش ناوى تتعدل بدل الخيابه اللى انت فيها دى ؟
وضع يده على قلبه يتنهد
- بقى حبى ليكى بقى خيابه .. ياخساره يا" سوسو "
صاحت بغضب
- بقولك ايه .. انا مش ناقصاك يا" ممدوح " ومش فاضيه لعمايلك دى .. سيبنى احصل شغلى يابن الناس الله لايسيئك
ابتعد عن طريقها يردد
- خلاص يا" سعاد" .. عدى يا حبيبة قلبى و حصلى شغلك .. وانا موجود وانتى موجود والكلام عمره ما هايخلص مابينا .
تخطته تردف بغيظ
- شالله عمرك هو اللى يخلص يابعيد .. ياللا يابت مدى برجليكى كفايه تأخير
.........................
- استنى يا أبله انتى وهى ... خبر ايه مش سامعينى !!
قالها وهو يتقدم بخطواته خلفهم .. هوى قلبها وكادت ان تسقط مغشياُ عليها وهى تنظر لصديفتها برعب .. أومأت لها الأخرى بالتقدم و اللتفتت هى له تومئ بسباتها
- انت بتكلمنا احنا ؟!
- حد غيركم ابلوات يعنى فى الشارع ؟... صاحبتك مشيت وسابتك ليه ؟
قالها وهو يومئ براسهِ ناحية " سمره" التى أكملت طريقها دون الالتفاف ..
احكمت السيطره على توترها وأجابت بغضب
- وانت مالك بصاحبتى دى ملتزمه وجوزها محرج عليها تتكلم مع راجل .. انت بقى عايز ايه ؟
اجفل من حدتها فقال
- وانا مالى بيها ياستى ؟ انا كنت عايز اسأل عن واحده بما انكم ابلوات .. اسمها "سمره " تعرفيها ؟
اربكها سؤاله وهى لا تدرى بما تجيبه بالصدق ام بالنفى ولكنها اجابت فى الاخير
- هى زميلة معانا .. انتى مالك بيها ؟
- واه .. انتى كل اللى عليكى مالك بيها ؟... دى جريبتى وبت عمى فكنت عايزك تندهيهالى عشان عايزها فى موضوع ضرورى ؟
يتحدث بموضوعيه تخفى غرابة شخصيته .. ولكنها أيضاً تجيد التحدث
- يا استاذ بتوقفنى فى الشارع وتقولى اندهيلى بنت عمك .. ماتدخل بنفسك المدرسه ولا روح لعم " عطيه " البواب قولوا يندهالك ..انا مالى انا ؟.. الله يجازبك عطلتنى عن مشوارى وخليت صاحبتى سابقتنى ..الله بجازيك !
ظلت ترددها وهى تسير من امامه وتتركه ينظر فى اثرها مذهولا منها ؟
...............................
ترجلت من سيارة الاجرى وهى تسرع بخطواتها كالركض حتى وصلت للباب الزجاجى لمحل الملابس الفاخر ... دلفت اليه تتنفس بسرعه ..
- ازيك ياهانم .
قالتها للفتاه الجالسه امامها بارستقراطيه على مكتبها الزجاجى وهى تُقلب فى صفحات المجله امامها .. رفعت الفتاه رأسها تنظر لها بغضب .
- تانى تأخير يا" سعاد" ؟
بلعت ريقها تتحدث بتقطع
- معلش بقى ..ياهانم .. انتى عارفه العيال ... ومدارسهم .
نظرت اليها بامتعاض
- خدك نفسك الاول وبعدين اتكلمى .. ثم ان االشغل مافيهوش عيال ولا غير عيال الشغل شغل
سعاد بلهفه
- طبعاً ياهانم ..الشغل شغل بس معلش سامحينى المره دى .. انتى عارفه اللى ورايا
نزلت بانظارها للمجله ثانيةً وهى تردف بحنق
- اخلصى روحى اللبسى يونيفورم المحل وشوفى الهدوم اللى متعلقه دى وظبطيهم كويس وخلى واحده من البنات تيجى تساعدك اخلصى
اسرعت بحماس
- اوامرك ياهانم .. هوا ورجعالك
رددت الاخرى وهى تقلب فى المجله
- اعمل بس ؟...ما لو ماكنتيش شاطره وشايله المحل .. كنت اسغنيت عنك من زمان !
- بتبرطمى مع نفسك تقولى ايه ؟
رفعت راسها تنظر لصاحب الصوت مبتسمه
- اهلاً .. تيسير باشا بحاله عندنا !
رفع نظارته السوداء عن عينيه وجلس بخيلاء امامها
- عامله ايه ياصافى ؟ وحشتينى ؟
رفعت حاجبها الرفيع تردف
- قال يعنى بتسأل ! .. ماتشوفش وحش ياروحى !
تشدق قائلاً
- مشغولياتى كتير طيب يا" صافى " اعمل ايه بس ؟
ضحكت بسخريه
- انت هاتعملهم عليا يا" تيسير" .. فاكرنى مش عارفه ! ان اللى شايل الشيله كلها فى الشركه " رؤوف " ابن عمك .
- رؤوف .. حبيب القلب !
نظرت اليه غاضبه
- بطل تستفزنى يا" تيسير" .. انا بقولك اهو
مال بجسده امامها
- واستفزك ليه بس يابنتى ؟.. رؤوف بدأ يستسلم لزنى انا وتيته " لبنا" وان شاء الله قريب هاتلاقيه متقدملك .. بس متنسنيش بقى بالحلاوه .
داعب الامل قلبها ولكنها ردت بجديه
- اسمع يا" تيسير" اياك تكون بتهزر .. انا مش فاضيه للعب بتاعك .
ابتسم بزهو وهو يضع قدم فوق الاخرى
وغلاوتك يا عندى يا" صافى " ليحصل !!
..............................
وعوده ل" سمره " التى وقفت بجوار زاويه بحائط مبنى بعيده عن انظار" قاسم " وهى تضع يدها على قلبها فى انتظار صديقتها " رحمه".. تدعو الله بكل تضرع .. حتى اجفلت لرؤيتها امامها وهى تضحك ..
- عرفتى تعدى منه ؟
اجابت "رحمه " بتفاخر
- طبعاً يابنتى هو انا هينه .
اردفت" سمره" بفرحه
- الحمد لله انا كنت هاموت من الخوف .. بس كويس انك عرفتى تخدعيه !
ردت عليها بمرح
- واخدع عشره غيرو كمان .. يالا بقى خلينا نوصل المحطه ونحصل القطر .. وكمان عشان تلحقى تغيرى النقاب فى حمامات المحطه
قالت هى الاخيره وهى تُسرع بخطواتها .. و"سمره "تومئ برأسها توافقها وهى تعدوا بسرعه مثلها
..............................
كان يسير ذهاباً واياباً امام سيارته بعصبيه .. وهاتفه لا يتوقف عن الرنين .. ود لو يستطيع الدخول اليها .. ولكنه ايضاً لايريد انكشاف امره .. زفر بضيق من هذا الهاتف فاغلقهُ تماماً وذهب باندفاع ناحية حارس المدرسه العم " عطيه" .
اقترب بهدوء يُلقى الصباح على الرجل
- صباح الخير .
اعتدل الرجل فى جلسته
- صباح النور يابيه
- بجولك ايه ياعمنا كنت عايزك فى طلب .
اجفل الرجل منتبها
- طلب ايه يابيه ؟ .. انا مجدرش اتحرك من جدام المدرسه .
اخرج بعض النقود الورقيه ليضعها فى كف الرجل ويطبق عليها فيقول
- ياراجل وانا هاسخرك بعيد .. انا بس عايزك تدخل المدرسه تندهلى الابله " سمره" وبس كده ؟
تهللت اسارير الرجل حينما راى كمية النقود فى يده .
- واجولها مين عايزها ؟
- جولها .. واد عمك بره وعايزك فى موضوع ضرورى يخص الوالده
نهض الرجل يتحدث بحماس
- مدام يخص الوالده يبجى ضرورى تطلعلك .. ثوانى يابيه اندهلها واَجى .
- اذنك معاك .
قالها وهو يضع السيجاره فى فمِه .. وانتظر بعض الدقائق .. حتى اتى اليه الرجل مهرولاً
- الابله " سمره" مش موجوده جوا .. لانها مشت يابيه .
نظر اليه بغير تصديق
- مشت فين ؟ انا جاعد هنا من الصبح .. يبجى امتى مشت ؟
- والله زى مابجولك يابيه .. انا دخلت سألت عليها عند المدرسات وجالولى انها مشت من يجى نص ساعه بعد ما خلت المديره تمضيلها على اجازه من غير مرتب .
اندفع يُمسك الرجل من تلابيب ملابسه
- انت بتخرف بتجول ايه ؟.. هاتكون عملتلها جناحين يعنى وطارت !
الرجل بخوف
- وانا مالى بس يابيه ؟ .. انا ايه ذنبى! .
سأل بغضب
- المدرسه دى ليها باب تانى ؟ .
هز الرجل برأسه نفياً
- لا يابيه احنا مدرستنا صغيره .
فهدر بشراسه
- امال يعنى هاتكون راحت فين ولا طلعت ازاى .. لبست طجية الاخف......
لم يكمل جملته .. حينما تذكر النقاب والمرأه التى اقرعته بحديثها .. فترك الرجل بعنف ليركض الى سيارته
وبداخل السياره كان يتنفس بخشونه وصوتٍ عالى
- بتلبسى نقاب يا" سمره" وتجرطسونى .. دا انا هادبحك انتى والمحروسه اللى وجفت تضحك عليا حاضر حاضر .
- تبجى تخلى " رفعت " ينفعك بعد كده؟
...................................
وبداخل وكالة الغلال الكبيرة كان " رفعت " جالساً على مكتبه .. يكاد يقتله القلق .. فقد هاتفها مراتٍ عديده وهى لم تُرد عليه ولو مره واحده .. وهذه ليست من عادتُها .. فمنذ ان اتى لها بالهاتف الجديد وهى ملتزمه معه بالرد وان لم تستطيع ارسلت له رساله او عاودت الاتصال فى وقتٍ لاحق ..ومازاد قلقه بمراحل هو اختفاء اخيه منذُ امس .. وهو ايضاً لم يرُد على اى من الاتصالات .. فرك على وجهه بكفه الخشنه يقول بصوت خفيض
- استغفر الله العظيم يارب .. انا مخى راح فين بس ؟
هز برأسهِ يجلى هذه الافكار عنها .. ثم تناول هاتفهِ يحاول ثانيةً .. ففوجئ بالرد هذه المره ولكن بصوت مختلف
- الو .. مين عالتلفون ؟
رد عليها يتحقق من الصوت
- انتى خالتى " بسيمه " ؟
المرأه وقد تبينت هويته من صوتهِ
- ايوه يا" رفعت " ياولدى .. انا خالتك " بسيمه " .. "سمره "نسيت التلفون النهارده .. وانا توى اللى دخلت اؤضتها لما سمعت الرنه
عقد حاجبيه بريبه
- كيف يعنى نسيت تلفونها ؟!
اجابت المرأه
- ياولدى انا معرفاش كيف ؟!.. انا اساساً من الصبح ماشوفتهاش .. كل اللى عرفته من مرة خالها انها ..طلعت بدرى الصبح عشان معاها رحله !
ازداد انعقاد حاجبيه ليردف بدهشه غريبه
- رحله !!
......................
على المقاعد الخشبيه جلست تنتظر وصول القطار ومعاها صديقتها بعد تخطيهم هذه الرحله العصيبه فى الوصول للمحطه وخداع هذا القاسم
كانت جالسه بحزن تنظر لصديقتها بذهنٍ مشتت .. هى خائفه من القادم ولا تريد العوده للوراء .. فهى تعلم تمام العلم انها لو بقيت لن يحدث خير ولن يكون هناك امان وبسفرها هذا .. الله وحده الاعلم بما سيحدث ؟
كم ودت لو صارحت " رفعت " بالامر كله لتجنبه هذا الجرح العميق الذى سيصيبه بسفرها .. ولكن لاحيله لها الاَن
كانت " رحمه " ممسكه بكفها تطمئنها وتؤازرها ببعض الكلمات المحفزه .. وبقلب الصديفة الوفيه كانت شاعره بها وبما يقلقها .. هى لا تُريد البعد عنها ولكن لا يوجد حل اخر .
اتت الساعه الحاسمه وتوقف القطار فى ميعاده
نهضت " سمره" عن مقعدها وهى ترفع حقيبتها
- اشوف وشك بخير
قالتها وصمتت ثم ما مالبثت ان ترتمى على صديقتها تعانقها والأخرى تبادلها بحراره ودموعها تسيل بغزاره
- خلى بالك من نفسك .. حرصى كويس على شنطتك .. وانا هتابع معاكى انتى و" سعاد " بالتليفون ..
اومأت براسها وهو تكفكف دموعها
- تسلميلى يا" رحمه" .. انا لو ليا اخت مكانتش هاتعمل معايا اكتر من اللى عملتيه .
نكزتها بقبضة يدها بخفه تقول بجديه
- بس يابت ماتجوليش كده .. انتى اكتر من اختى .
- تحركت " سمره " بعد ذلك باقدامٍ مثقله .. حتى صعدت للقطار و استقرت على مقعدٍ قريب بجوار النافذة تنظر لصديقتها التى تلوح لها بيدها وهى تبادلها ايضاً .. بقلبٍ مرتجف لما ينتظرها .. هل القادم سيكون خير ام ستكون لها مرحله اخرى من العذاب ؟!.