رواية سحر سمرة الفصل السابع 7 بقلم امل نصر
الفصل السابع
- هاسود عيشتك يا" سمره " انتى وهو .. عشان فتحتى على نفسك باب الجحيم اللى هايولع فى الكل وانتى اولهم .. سمعانى يا" سمره" سمعااانى .
كان يصرخ بهذه الكلمات بصوته الذى كاد ان يضيع منه من قوة صراخاته .. وحينما لم بجد رد منها .. نظر الى الهاتف فوجدها اقفلت الاتصال ولم تعيره ادنى اهتمام .. لتزيد من جنونه ويصرخ بعلو صوته .. كصرخة حيوانٍ جريح .
- هاجتلك يا" سمره" ..هاجتلك .. هاجتلك واطلع جلبك من صدرك واعصره بأيدى .. كيف ما انتى عاصره جلبى بيدك الجاسيه .. ومش هامك الوجع اللى انا حاسه .. ياعديمة الاحساس يا" سمره" ياعديمة الاحساس .
كان يضرب بقبضته على صدره وهو يصرخ بهذه الكلمات ليتمكن منه التعب .. فارتمى على كوم قش كبير يتنفس بخشونه وتعب حتى غلبه سلطان النُعاس .. ومن ناحية قريبه كان صديقه " محسن " مراقباً فقط ولم يملك جراة التقرب منه ولا التهوين عنه ..لعلمه التام بما قد يفعله به بلحظة جنونه ..
أشرئب برأسهِ ليرى ما اصابه وهو مُرتمى على كومة القش الكبيره الموجوده بهذه الارض الزراعيه ثم ما لبث ان يتناول الهاتف الملقى قريباً منه وهو يردف
- نام .. نوم الظالم عباده
..............................
دلفت بخطواتٍ بطيئة وخفيفه لداخل الغرفه المظلمة .. فى هذا الوقت المتأخر من الليل لتجدها فى سبات نومها العميق .. اقتربت برأسها تتفحص ملامحها الهادئه الاَن وقت نومها .. عكس ما تظهره من قسوه اغلب الاوقات .. قبلهتا بخفه أعلى جبهتها .. ثم استقامت بظهرها تنظُر اليها وتُشبع انظارها منها .. وهى تحدث نفسها
- اااه .. بس لو ماكنش الكِبر مالى جلبك .. كنتى حافظتى على جوزك اللى طفش من معاملتك المتعاليه عليه .. كنتى دوجتينى شويه من حنانك .. ماكنتش وعدتى " قاسم " وعشمتيه بجوازه منى عشان فلوس اهله وصيتهم الكبير فى البلاد .. رغم انك عارفه انه العضو الفاسد فيهم .
صمتت قليلاً فتنهدت بثقل قبل ان تردف وهى خارجه من الغرفه
- سامحينى يا أمى ..... بس انت السبب !
بعد خروجها من غرفة والدتها وفى اثناء ذهابها لغرفتها .. وجدت الاضاءه خارجه من غرفة" رضوى " المفتوحه وهى تقطع الغرفة ذهاباً وأياباً واضعه هاتفها على اذنها و تُحاول الاتصال بهِ وهو لا يرد كالعاده .
- خير يا" رضوى " فى حاجه ؟
قالتها " سمره " وهى تدلف للغرفه .. نظرت اليها فجاوبتها بغضب .
- وانتى مالك ؟.
اجفلت " سمره" من حدتها
- انا مالى !.. خلاص ياستى انتى حره !
قالتها واللتفت لتخرج ولكن اوقفها صوت " رضوى " الخفيض
- جايه تسألنى وهى سبب كل المصايب !
اللتفتت اليها ثانيةً وقد عقدت ذراعيها تسألها
- ممكن افهم نصايب ايه اللى انا السبب فيها ؟
نظرت اليها بغضبٍ مكبوت ولكن كبريائُها يمنعها عن ذكر ما يكُنه قلبها .. ففاجأتها الأخرى
- مش محتاجه تكتمى اللى فى جلبك لأنى عارفه اللى جواكى كويس .. انا مجولتكيش تتخطبى وتتعجلى بواحد مابيحبكيش يا"رضوى" !.
اجفلت اليها بنظره شرسه فتابعت " سمره " ولم تهابها
- لا والادهى انه متعلج ببت عمتك .. اللى هى انا !
صكت على اسنانها تردف بغل حارق
- انتى ايه؟ ... فاكره نفسك الشمس والكل بيدور فى فلكك !
تنهدت سمره تردف
- لا يا" رضوى " .. انا لا شمس ولا ليا فلك اصلاً .. اسمعينى يابت خالى .. قاسم دا مجنون ماينفعش تربطى نفسك بيه .. وانتى صغيره وحلوه والف مين يستاهلك .
- ماحدش طلب نصيحتك .. وغورى على اؤضتك انا مش ناجصاكى عل اَخر الليل دلوك .
نظرت اليها "سمره " بشفقه رغم ما خرج من فمِها ثم ما لبثت ان تخرج وتتركها .. لتنظر لاثرها " رضوى " بغضبٍ مستعر فتناولت هاتفها ثانيةً تُحاول مهاتفته مره اخرى عله يجاوب هذه المره
- يا اخى رد عليا بجى حرام عليك انت ايه ؟
...........................
فى اليوم التالى
نزلت " سمره" من الدرج فى وقت ابكر بكثير عن وقتها المعروف .. أوقفتها" نعيمه" زوجة خالُها "سليمان " التى رأتها وهى خارجه من المطبخ .
- يعنى صحيتى بدرى جوى النهارده يا" سمره" .
اللتفت لها وهو تحاول السيطره على توترها
- بدرى من عمرك يامرة خالى .. ماانتى كمان صاحيه بدرى .
المرأه وهى تقترب من " سمره"
- يابنتى .. انا ومن امتى بشبع نوم زى الناس .. دا خالك دايماً يصحينى عالفاضى وعالمليان .. لكن انتى بجى ايه اللى خلاكى تصحى بدرى النهارده وايه الشنطه اللى على دراعك دى؟
سمره وهى تنظر للحقيبه الموضوعه على اكتافها بتوتر
- دى شنطه حاطه فيها ادوات وملابس مدرسيه عشان الرحله .. امال انا صاحيه بدرى ليه ؟ عشان المدرسه منظمه رحله مدرسيه !
المرأه بموده
- اه يابتى .. ربنا يديكى الصحه .. بس اوعى تتأخرى ياحبيبتى .. انتى عارفه خالك !
سمره بتأثر وهى تقترب من المرأه فتُعانقُها وتقبلها من وجنتيها
- عارفه يامرة خالى عارفه .. اتطمنى انتى ومتخافيش .. سلام بجى ؟
قالتها وذهبت على الفور .. فنظرت المرأه لأثرها باندهاش
........................................
كان " رفعت " جالساً يتناول وجبة افطاره وهو يحاول الاتصال بها ولكنها لاتجيب .. زفر بحنق يردف بصوت خفيض
- ايه الحكايه مش معوده يعنى ؟
- مين هى اللى مش معوده ؟
قالتها " مروه" وهى تجلس بجواره .. فابتسم لها مداعباً
- وانتى مالك يابارده ؟.. انتى كل حاجه تحشرى نفسك فيها !
تحدثت بغضبٍ مطنع
- بارده !! .. الله يسامحك .. انا مش هارد عليك عشان انا مأدبه ومتربيه .
ازدادت ابتسامته
- ايوه يااختى خليكى مأدبه كده على طول .. وياريت ماسمعش حسك دا خالص .
تكلمت وفمها ممتلى بالطعام
- حاضر .. انت تؤمر .
نظر اليها فتحولت ابتسامته لضحك .. وهى ايضاً كانت تضحك رغم امتلاء فمِها .. ولكن اوقفهم صوت والدتهم نفيسه القلقه .
- ماتعرفش اخوك راح فين ياولدى ؟
اجفل " رفعت " لحديث والدته
- ليه ياما ؟ .. وهو من امتى بيصحى بدرى كده !
جلست المرأه وهى تردف بقلق
- اخوك مابيتش اساساً فى فرشتُه ياولدى .. انا خايفه ليكون رجع لطريجه الجديم تانى .
مطت مروه شفتيها تتمتم بصوت خفيض
- خايفه !! ... يعنى على اساس انه غير طريجه اساساً
نظر اليها " رفعت " بتفكير ثم اردف لوالدته
- حاضر ياما ... هاسأل عليه واشوفه راح فين ؟
....................... .........
الضوء القوى الذى اخترق اجفانه وهذه الحراره التى شعر بها على وجهه وملابسه جعلته يستقيظ من غفوته .. ليجد نفسه مُلقى على كومة قشٍ كبيره .. استقام بجزعه يستوعب اين هو .. فوجد نفسه فى الخلاء وزجاجات الخمر مُلقاه بكثره حوله .. فلمح من قريب صديقه " محسن " مُستلقى تحت شجرة وهو فى سبات نومهِ العميق .. فتذكر سهرة ليلة امس .. حينما لم يستطع اكملها فى الملهى وجاء الى هنا ليشرب ويشتكى لصديقه .. فتذكر ايضاً اتصاله بها وعند هذه النقطه اشتعلت النيران بداخلُه حينما تذكر انها اقفلت الاتصال فى وجهه ولم تعيره ادنى انتباه .. فنهض من مكانه وذهب الى صديقه يدفعه بقدمه
- انت يا" محسن " الزفت .. اصحى ياض .. اصحى اخلص .
نهض الأخر مزعوراً
- ايوه مين ؟! ... ايه فى ايه؟!
- بجى انا تسيبنى انام على كوم الجش دا زفت .. وتيجى انت هنا تنام تحت الشجره يابن ال.......
استقام بجزعه يتحدث مزعوراً .
- حاولت اصاحيك ياصاحبى .. بس انت تجلت جوى فى الخمره امبارح ومجدرتش تصحى .
زفر بحنق ليقول
- ماشى يامحسن .. حسابك معايا يعدين .. المهم دلوك فين مفتاح العربيه و تلفونى ؟
تناولهم الهاتف وسلسلة المفاتيح من جواره ليعطيهم ل" قاسم" .
- اهما كلهم ياصاحبى .. انا دورت عالتلفون امبارح بعد انت مارميته بعيد لحد اما لجيته ومفتاح العربيه انتى كنت نسيه فى مطرحك هنا .
تناولهم" قاسم" .. فذهب بالخطوه السريعه ناحية سيارته .
فنهض صديقه يردف
- طب انت رايح فين بدرى دلوك ؟
التف برأسه فقط يجاوبه
- رايح اعمل اللى كان لازم اعمله من زمان !
محسن وهو يسرع بخطواته لمجارتِه
- طب فهمنى هاتعمل ايه بالظبط ؟
كان قد وصل لسيارته ودلف بداخلها يدير المحرك فنظر لصديقه بقوه
- هاخطُفها ؟
محسن وهو ينظر اليه من نافذة السياره بدهشه كبيره تعتريه
- تخطُفها ازاى ؟... كيف يعنى ؟
وضع يده على عجلة القياده قبل ان يديرها وهو يشُد على كل حرف خارج من فمِه
- هاخطُفها وهاتجوزها فى شجتى الجديمه فى المحافظه .
ابتسم " محسن " ببلاهه
- شجة الأُنس و الليالى الحلوه !
- ايوه يااخويا هى نفسها .. ياللا بجى غور خلينى امشى .
استقام " محسن " بعدها وهذا سار بسيارته بسرعه جنونيه ليردف بعدها وهو يضرب كفه بالأخرى
- عليا النعمه انت مجنون وعمرك ماهاتجيبها لبر
......................................
وبداخل مدرسة ( اخلاق العظماء) كانت جالسه " سمره" مع صديقتها " رحمه " والتى كانت تدون لها بعض الارقام فى الهاتف
- شوفى ياستى .. دى نمرة خالى ودى نمرة " سعاد" اللى قولتلك عليها .. انا وصيتها من امبارح هاتلاقيها مستنياكى هناك فى المحطه .. اهى دى صورتها اللى نقلتها فى تليفونك .. و بعتلها صورتك انتى كمان .. هى بت جدعه وهاتساعدك اكتر من خالى .. انا بس حطيت نمرته احتياطى .
- تمام ياحبيبتى ..ربنا يخليكى ليا يارب
قالتها " سمره " بامتنان فأمسكت صديقتها بكفها
- على ايه بس يا" سمره " .. دا انا لولا الراجل والعيال كنت جيت معاكى وساعدتك توصلى لوالدك .
ربتت " سمره" على كفها
- عارفاكى ياحبيبتى جدعه وقد كلامك .. اجوم بجى عشان احصل انا ميعاد القطر .
قالتها وهى تنهض عن المقعد والأخرى نهضت ايضاً معها
- انا جايه معاكى اوصلك
- ماخلاص يابنتى خليكى .
- لا طبعاً دى اقل حاجه اعملها معاكى لكن قوليلى .. هى الست المديره مضتلك عالاجازه
- مضت على اجازه بدون مرتب .
ظلت الاثنتان تتحادثان فى طريقهن حتى باب المدرسه .. وكادت "سمره" ان تخرج .. ولكنها شهقت تتراجع الى الداخل .
صديقتها " رحمه" وهى تتراجع معها
- فى ايه مالك رجعتى ليه ؟
تكلمت "سمره" بصوتٍ خفيض
- الزفت " قاسم " جاعد بره ومعاه عربيته !
اشرئبت " رحمه" برقبتها تنظر لخارج المدرسه وهى تقول
- دا فين ده قاعد ؟
- دا اللى واجف جمب العربيه الفضى الجديده دى .. اطلع ازى دلوك جدامه و احصل ميعاد الجطر .. و انا جلبى مش مطمن له ..خايفه ليكون نويلى على حاجه عفشه المره دى .
قالتها " سمره" بقلبٍ مرتجف وهى مستنده بظهرها على الحائط لتفاجأ بحارس المدرسه العم " عطيه " يسألها بريبه
- فى حاجه يا ابلوات ؟
- لا ياعم " عطيه " ما تشغلش بالك
قالتها "سمره " وهى تُهز برأسها نفياً اما " رحمه " بعد ان راته جيد هذا القاسم سحبت " سمره " من يدها
تقول
- تعالى معايا انا هاتصرف ..
..................
بعد قليل
خرجت " رحمه " من باب المدرسه وبجوارها " سمره" مرتديه نقابٍ لا يُظهر سوى عيناها ومع ذلك .. قلبها كان يرتعش بداخل اضلُعها كفأرٍ صغير بللته المياه البارده
- امشى على طول وماتخافيش .. هو كده لا يمكن يعرفك !
وبصوتٍ مرتجف
- خايفه يا" رحمه" .. لا يكشفنى .. دا بلوه انا عارفاه .
- يابنتى امشى عالطول وماتخافيش .. ان شاء الله هاوصلك المحطه وارجع تانى بنقاب الاستاذه فاطمه ..اللى قاعده مستنانى دلوقت فى غرفة المدرسات بس انتى اجمدى
سارت الاثنتان بطريقهُن .. حتى اقتربوا من سيارته وهو جالس على مقدمتها .. ونجحن بتخطيه ولكن بعد ان ابتعدن بخطواتٍ قليله اجفلن من صوته
- استنى عندك !
شهقت " سمره " تنظر لصديقتها وهى فزعه والأخرى تومئ لها بالتقدم دون الالتفاف ولكنه اقترب بخطواته منهم يصيح
- استنى يا ابله انتى وهى .. خبر ايه مش سامعنى !!