اخر الروايات

رواية عن العشق والهوي الفصل السابع 7 بقلم نونا مصري

رواية عن العشق والهوي الفصل السابع 7 بقلم نونا مصري


~ الفصل السابع ~
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
قراءة ممتعة للجميع ♡
- دخل ادهم إلى غرفة امه في المستشفى بعد ان كان يجري مكالمة هاتفية في الشرفة ثم امسك سترته التي كان يضعها على الأريكة وارتداها قائلاً : انا عندي شغل مهم دلوقتي ولازم امشي... مش عايز اوصيك في ماما يا معاذ.
فنهض معاذ من جانب زوجته وقال : متشغلش بالك اساساً هي هتخرج بكرا بأن الله.
اما السيدة كوثر فانتهت من تناول الحساء من يد ابنتها رغد وقالت : في حاجة يا ادهم ؛ انت شكلك متعصب اوي.
فاقترب ادهم منها وقبل جبينها قائلاً : متشغليش بالك بالحاجات دي يا ست الكل...انتي بس خفي بسرعة علشان ترجعي وتنوري البيت زي زمان اصله وحش اوي من غيرك.
فابتسمت السيدة كوثر واردفت : ربنا يخليك يا حبيبي.
ادهم : خلي بالك منها يا رغد.
رغد : حاضر .
ادهم : ومش عايز اسمع انها زعلت من اي واحد فيكوا لان مش هيحصل طيب لو حد زعلها انتوا سامعين !
فقالت سلوى : مخلاص يا ادهم... يعني حد يقدر يزعل القمر دا .
فضحكت السيدة كوثر قائلة : يا حبيبتي يا سلوى... وانت يا ادهم بطل تهدد خواتك لان محدش هيزعلني.
ادهم : انا مش بهددهم يا ماما وانما بنبه عليهم بس .
قال معاذ بسخرية : لا مهو واضح انك بتنبه علينا... على العموم متقلقش.
فتنحنح ادهم واستطرد : طيب انا همشي وجايز اتأخر في الرجعة النهاردة ...سلام دلوقتي.
قال ذلك ثم غادر الغرفة فخرج من المشفى وتوجه نحو سيارته وهو يتحدث في الهاتف مع سكرتيرته سلمى قائلاً : عايزك تلغي كل اجتماعاتي بتاعة الاسبوع الجاي لاني مش هاجي الشركة في الفترة دي .
سلمى : بس يا فندم ما ينفعش نلغي كل الاجتماعات والا الشغل هيوقف وهنتحط في موقف محرج احنا في غنى عنه .
فتنهد ادهم وقال : طيب ماشي متلغيهمش وانا هخلي كمال ينوب عني في الموضوع دا.
سلمى : حاضر يا فندم.
- ثم اغلق ادهم الهاتف وقال محدثاً نفسه : لو الامن في المطار مسمحوش لعاصم انه يجب معلومات عن مريم لان دي تعتبر انتهاك خصوصية يبقى انا اكيد هقدر اجيب المعلومات دي لانها مراتي حسب الشرع ، والقانون بيقول انها ما ينفعش تسافر من غير موافقتي وبكدا اكيد هعرف هي راحت فين وهقدر ارجعها لحضني تاني .
وبعد ان عث في نفسه شعاع من الأمل بقوله لتلك الكلماتِ وضع نظارته الشمسية لتخفي عيناه المتلألئة كما لو انها بلورات سوداء حالكة ممزوجة بالحزن ؛ بعدها صعد في سيارته الفاخرة وانطلق بها متوجهاً الى المطار ليطالب بحقوقه المشروعة بمعرفة مكان زوجته التي هاجرت دون سابق إنذار ، وعندما وصل سُلطت الأضواء عليه كونه احد اشهر رجال الأعمال في البلاد واخذت العيون تتبعه بترقب وهو يمشي بشموخ كما لو كان اسداً عزيز النفس مرفوع الهامة بحلته السوداء الداكنة ونظارته الشمسية التي تخفي تحتها بحر من الحزن الممزوج بالحدة ، فتوجه نحو مكتب الاستقبال وقال للموظف بنبرة صوت واثقة : انا كنت بعت واحد من الرجالة اللي بيشتغلوا عندي علشان يجيبلي شوية معلومات عن وحدة ست سافرت برا مصر من تلات اسابيع بس مع الاسف ماقدرش يعرف هي راحت فين... ممكن تقولي ليه ما اديتهوش المعلومات دي يا...
قال ذلك ثم نظر إلى بطاقة الاسم المثبتة على قميص الموظف واضاف : يا تامر .
ازدرد المدعو تامر ريقه من شدة التوتر بسبب هذا الوحش الذي اخافه حتى وهو يتحدث بهدوء فقال بتلعثم : ا.. انا اسف يا فندم بس... النظام بيقول اننا مينفعش ندي اي حد معلومات عن المسافرين لان دا يعتبر انتهاك للخصوصية بس نقدر نعمل كدا في حالة وحدة بس لو كان الشخص اللي سافر برا البلد واحد من عيلة حضرتك فأكيد هقدر اساعدك.
في تلك اللحظة رسم ادهم شبح ابتسامة على زاوية شفتيه ثم رفع يده ببطء ونزع نظارته عن عيناه ونظر إلى تامر بنظرة اربكته ومن ثم قال : يبقى كدا احنا هنقدر نتفاهم... انا عايز اعرف مراتي سافرت فين وعايزك تساعدني في الموضوع دا وانا هكرمك متقلقش.
رمش تامر عدة مرات محاولاً استيعاب ما قاله ادهم لأنه يعرف كما تعرف البلد كلها ان ادهم عزام السيوفي لم يسبق له وان تزوج ابداً ولكن ها هو الان يطالب في معرفة اين ذهبت زوجته ...فنظر اليه بنظرات تملؤها التساؤلات وسأله بدهشة وتوتر : هو حضرتك اتجوزت يا فندم ؟!
وضع ادهم يده اليسرى في جيب بنطاله واشار لتامر بيده اليمنى لكي يقترب منه وبالفعل اقترب قليلاً فأمسك الاول بربطة عنقه بلطف وهدوء لكن جعله يرتعب عندما قال بنبرة تهديد واضحة : لو حد تاني عرف عن الموضوع دا اعتبر ان نهايتك قربت ماشي.
أومأ تامر برأسه والعرق يتدفق من جبينه كما لو انه تعرض لإطلاق نار في خاصرته وقال بتوتر شديد : اعتبر اني مسمعتش حاجة يا فندم .
ترك ادهم ربطة عنقه وابتعد للخلف قائلاً : كويس... ودلوقتي عايزك تديني المعلومات اللي بتخص مراتي مريم مراد عثمان وعايز اعرف هي سافرت فين .
فاخذ تامر يعدل ربطة عنقه واردف : اكيد طبعاً ...بس من فضلك اديني شوية وقت لغاية ما الاقي المعلومات اللي حضرتك طلبتها.
أشار ادهم له بيده ليباشر دون ان يتفوه بكلمة واحدة... وبالفعل بدأ تامر يبحث في الحاسوب الذي امامه عن اسم مريم مراد التي جعلت ادهم عزام السيوفي يتخطى الحدود ويقوم بتهديده من اجل اخفاء سر زواجه بها ...وما هي الا مدة وجيزة حتى نظر اليه وقال : لاقيتها يا فندم.
فنظر ادهم اليه ثم اقترب منه وسأله بلهفة شديدة : هي فين ؟؟
تامر : نيويورك .
وبعد ان سمع ادهم ذلك ابتسم ابتسامة مشرقة كما لو انه حصل على احد كنوز الأرض النادرة وقال بنبرة صوت يغلبها الحب والعشق : نيويورك...هي في نيويورك دلوقتي !
فنظر تامر اليه بتعجب شديد واقسم في داخله ان هذا الذي امامه ليس ادهم عزام الملقب بجبل الجليد وانما عاشق ولهان يبحث عن معشوقته فقال : تمام كدا يا فندم ؟
وفي تلك اللحظة انتبه ادهم الى انفعاله فسيطر على نفسه وعاد إلى جموده المعتاد ونظر الى تامر قائلاً : تمام .
قال ذلك ثم اخرج محفظته من جيبه واخرج منها رزمة نقود لم يكلف نفسه عناء النظر اليها حتى وبعدها امسك يد الشاب ووض النقود فيها ثم شد عليها قائلاً بنفس لهجة التهديد : دي مكافأة صغيرة علشان ساعدتني بس خليك فاكر ...لو فتحت بؤك وقلت لأي شخص كلمة واحدة عن الموضوع دا فاعتبر انك مش هتشم هوى مصر تاني لاني هنفيك من هنا فاهمني ؟
ابتلع تامر ريقه وقال : م... متشغلش بالك يا فندم ، اساساً انا مسمعتش من حضرتك اي حاجة.
فابتسم ادهم شبح ابتسامة وقال : كويس... يلا سلام.
ثم اعاد وضع نظارته الشمسية وغادر تاركًا خلفه تامر مرعوباً من تهديده الجدي ...وعندما خرج من المطار توجه نحو سيارته ثم وقف يحدق في الفراغ قائلاً : نيويورك...هي ليها حد عايش هناك ولا ايه ؟!
قال ذلك ثم اخرج هاتفه من جيب سترته واتصل على عاصم وعندما اجابه قال : عاصم انا عرفت مريم راحت فين ... هي في نيويورك ، عايزك تجيبلي معلومات عنها ولو كان عندها قرايب عايشين هناك وعايز عنوانهم النهاردة انت سامع.
فقال عاصم : حاضر يا فندم.
ثم اغلق ادهم هاتفه وصعد في سيارته الفاخرة وابتسم قائلاً : هلاقيكي يا مريم... هلاقيكي يا حبيبتي ومش هسيبك تبعدي عني مرة تانية ابداً .
اما عاصم فبدأ يبحث عن معلومات شاملة تخص مريم مراد عثمان والتي اصبحت شغله الشاغل في الفترة الأخيرة حيث ان ادهم اوكلة مهمة ايجادها مهما كلف الأمر .
في نيويورك..........
كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشر قبل منتصف الليل وكان جميع سكان منزل السيد عمر نيام الا هي حيث انها كانت مستلقية على ظهرها في الغرفة التي تتشاركها مع صديقة دربها الهام وكانت تفكر بعمق في موضوع اشغل بالها طوال فترة المساء بعد ان تقيئت ...فوضعت يدها على بطنها بلطف وقالت في نفسها : معقول انا حامل... حامل بأبن ادهم السيوفي ، انا لازم اتأكد من الموضوع دا بسرعة والا مش هقدر استريح ابداً.
تسارع في الاحداث .......
حل الصباح فنهضت مريم من سريرها وهي تشعر بالخمول كالعادة وقد لاحظت ان وزنها ازداد قليلاً في الآونة الاخيرة كما انها كانت ترغب بالنوم اكثر واصبحت تكره معظم الروائح وكانت تصاب بالأعياء كثيراً حيث انها كانت تتقيء كل صباح منذ ثلاثة أسابيع تقريباً وذلك ازعجها كثيراً لذا حسمت امرها وقررت ان تجري فحصاً لتكتشف ان كانت حاملاً بالفعل ام انها مجرد تخمينات و تكهنات ليس لها اساساً من الصحة ؛ أرتدت ثيابها وخرجت من الغرفة قبل ان تستيقظ الهام حيث انها استيقظت مبكراً لعدم قدرتها على النوم بسبب تفكيرها بهذا الموضوع... ومن ثم مشت على رؤوس أصابع قدميها لئلا يستيقظ سكان المنزل ويشعرون بخروجها في تلك الساعة المبكرة من الصباح وما هي الا ثواني حتى نزلت من الطابق العلوي وتوجهت نحو الباب الرئيسي ثم فتحته برفق وبعدها خرجت وهي ترتدي معطفها لكي يحميها من برودة الجو.
وعندما خرجت بسلام تنهدت بقوة وقالت : لازم اروح المستشفى علشان اتأكد لو كنت حامل فعلاً ولا لأ... بس هعمل ايه لو طلعت حامل ؛ معقول ادهم هيعرف بالموضوع دا ولو دا طلع حقيقي انا ازاي هقدر اربي البيبي لوحدي ؟
وبعد تلك الحرب النفسية خرجت من فناء المنزل وتوجهت نحو الشارع ثم اوقفت سيارة أجرة وتحدثت مع السائق باللغة الإنجليزية وطلبت منه ان يوصلها إلى اقرب مستشفى وهي تدعو الله في سرها وتتمنى انها اخطأت في تخمينها ولكن ما زاد قلقها هو ان دورتها الشهرية قد تأخرت كثيراً بالإضافة إلى تصرفاتها التي تدل على انها حامل ولكن لا ضير من الدعاء لعل الله يسمع منها .
وبعد فترة قصيرة.....
وصلت إلى المستشفى فاخرجت بضع دولارات من حقيبتها واعطتها لسائق سيارة الأجرة ثم نزلت وتوجهت الى الداخل والى قسم النساء والولادة بالتحديد فسألتها موظفة الأستقبال : كيف استيع ان اساعدكِ يا انسه ؟
مريم : اريد اجارء فحص لأتأكد أن كنتُ حاملاً ام لا.
الموظفة : حسناً ، إملأي هذه الإستمارة من فضلكِ وانتظري هنا قليلاً ريث ما يتم استدعائكِ لأجراء الفحص.
مريم : حسناً شكراً لكِ.
ثم جلست وبدأت تملأ الإستمارة وبعد ان انتهت من فعل ذلك اخذت تنتظر ان يستدعيها الطبيب من اجل اجراء فحص الحمل ؛ وما هي الا عشرين دقيقة قد مضت حتى استدعتها الممرضة وقالت : تفضلي ان الطبيب في انتظارك.
فاخذت مريم نفساً عميقاً ثم دلفت الى داخل الغرفة وهي تشعر بدقات قلبها تتسارع كما لو انها في مضمار سباق مع الحياة ، وما ان دخلت حتى تنفست الصعداء عندما وجدت ان الطبيب الذي سيقوم بفحصها ما هو الا امرأه شقراء ذات عيون زرقاء ؛ ابتسمت تلقائياً وحمدت الله في سرها لان الطبيب لم يكن رجلاً حيث انها لم تسمح لاي رجل ان يلمسها طوال سنوات عمرها الواحدة والعشرين سوى ادهم الذي تزوجها بحكم الظروف وسخرية القدر وخلف في قلبها جرحاً مريراً بسبب معاملتها القاسية والعنيفة معها عندما كانت بين احضانه تتأوه وتبكي بحرقة شديدة.
مسحت دمعتها التي خانتها ونزلت بعد ان تذكرت تلك الليلة الموحشة بالنسبة لها وتقدمت من مكتب الطبيبة ثم قالت : مرحباً ايتها الطبيبة.
فابتسمت الطبيبة الشقراء وقالت : اهلاً ...تفضلي بالجلوس رجاءً.
مريم : شكراً لكِ.
الطبيبة : لقد اخبرتني الممرضة ان فتاة عربية جميلة قد اتت لكي تجري فحصاً هنا ولكنها اخطأت عندما قالت عنكِ جميلة فأنتِ فائقة الجمال يا عزيزتي.
فابتسمت مريم بلطف وقالت : اشكركِ .. هذا من كرم اخلاقكِ .
الطبيبة : اخبريني اذاً هل انتي متزوجة ؟
في تلك اللحظة شعرت مريم بغصة مريرة في قلبها وتمنت ان تقول لا... ولا.. ولا... ولكن كيف تقولها وهي الحقيقة المرة فأومأت برأسها دليلاً على نعم دون ان تتفوه بأيّ حرف اخر فهمهمت الطبيبة قائلة : وهل اجريتي الفحص المنزلي ؟
مريم : لا لم افعل.
الطبيبة : حسناً... استلقي من فضلكِ على السرير حتى اتمكن من اجراء فحص الدم لكِ .
مريم : حسناً.
قالت ذلك ثم نهضت من مكانها وخلعت معطفها ووضعته على الكرسي وبعدها استلقت على السرير كما طلبت منها الطبيبة التي نهضت من مكانها ايضاً ثم اقتربت منها وقالت : ارفعي كم قميصكِ من فضلكِ .
فقامت مريم برفع كم كنزتها الصوفية حتى تتمكن الطبيبة بسحب الدم من ذراعها وما ان قامت بغرس الأبرة في ذراعها حتى شعرت بالقشعريرة تسري في جسدها ولكن سرعان ما اعتادت على الوضع... وبعدما انتهت الطبيبة من سحب كمية الدم المناسبة نظرت إليها واردفت : النتيجة ستخرج خلال فترة قصيرة لذا ارجو ان تنتظري بصبر .
مريم : حسناً شكراً لكِ.
- قالت ذلك ثم اخذت معطفها وحقيبتها وخرجت من الغرفة وهي تضع قطنة بيضاء على مكان غرس الآبرة حتى تمنع خروج قطرات الدم الصغيرة من عروقها البارز لشدة نحافتها ثم جلست في الردهة الواسعة تنتظر نتيجة تحليلها... وسرعان ما مر الوقت بسرعة حتى استدعتها الطبيبة مجدداً ثم قالت بابتسامة عريضة : تهاني لكِ فأنتِ حامل بالفعل.
- في تلك اللحظة صمت كاسح اخترق ارجاء الغرفة بعد تلك الجملة القصيرة ذات المعاني الكثيرة ...فهي تجمدت في مكانها كتمثال رخامي ولولا صعود وهبوط صدرها جراء تنفسها لأقسمت الطبيبة على ان هذه الفتاة العربية قد فارقت الحياة بعد تلقيها لذلك الخبر المفرح... او المحزن بالنسبة لها... فنهضت من مكانها وعلامات القلق واضحة على وجهها ثم توجهت نحوها وسألتها : ارجو المعذرة ولكن هل انتي بخير ؟
رمشت مريم مرتين وكأنها كانت ميتة وعادت إلى الحياة مجدداً بعد ان لمستها يد الطبيبة وسرعان ما ذرفت بلورتين شفافيتين من عينيها العسلية المخضرة وقالت بصوت يكاد يختفي : هل... انا حامل حقاً ؟
أحتارت الطبيبة من امرها وقالت : اجل عزيزتي... بناء على تحليل الدم الذي اجريتيه اتضح انكِ حامل منذ اربعة أسابيع تقريباً لذا يجب ان تهتمي لصحتكِ جيداً وانا سوف أصف لكِ بعض الفيتامينات لأن التحليل اظهر انكِ تعانين من فقر دم ايضاً وهذا ليس جيداً من اجل الطفل.
فخرجت شهقة مكتومة من حنجرة مريم المجروحة وقالت بصوت مخنوق : ح.. حسناً.
وبالفعل قامت الطبيبة بوصف الدواء لها واخبرتها بأنها يجب ان تأتي إلى المستشفى مرة اخرى لأجراء الفحوصات اللازمة للإطمئنان عليها وعلى الجنين ... وبعد تلك الصاعقة التي تعرضت لها خرجت من المستشفى وكأنها زومبي خالي من الروح وهي تحمل بيدها كيس بلاستيكي يحتوي على علبة فيتامينات ولم تصدق انها حامل حقاً ومن من.. من ادهم عزام السيوفي الذي سبب لها جرح كبير في المشاعر عندما عاملها بقسوة شديدة كما تعامل العاهرات .
لقد أصبحت ملكه بالفعل حتى ولو انكرت ذلك مئات المرات وانكرت زواجها السري به الا انه سيأتي يوم ويعلم العالم أجمع بأنها قضت لليلة جامحة مرعبة مع ادهم عزام السيوفي حبيبها الأزلي الذي لم تسنح لها الفرصة بأن تعيش معه الحب حيث صدمت به عندما قبلها بوحشية في مكتبه وهو يخبرها برغبته في تملكها لتصبح دميته ، ولكنها وبالرغم من جرح قلبها وحقدها عليه لانه عاشرها بشراسة كما لو كان مغتصباً الا انها ممتنة له لأنه تزوجها ولمسها شرعاً ولم يجعلها تصبح رخيصة باعت نفسها من اجل المال.
فاخذت تمشي في شوارع نيويورك بخطوات ثقيلة ودموعها لا تتوقف عن الانهمار ولا تعلم ان كانت حزينة لأنها ستضطر لمواجهة حبيبها القاسي الذي هربت منه وقررت ان تدفن حبها له في اعماق قلبها وان تنساه ام انها سعيدة لأنها حملت بأبنه... بقطعة منه تكونت داخل رحمها لتصبح روحاً طاهرة نقية لا يتعدى عمرها سوى اربعة أسابيع.... اربعة أسابيع لم تراه خلالها ولو لمرة واحدة ....اربعة اسابيع عاشتها كما لو كانت جسد يتحرك بلا روح لشدة حزنها على موت أختها مرام التي تبخرت من الدنيا كنسمة الهواء النقية ، ولكن بغض النظر عن هذه الحزن الا انها شعرت ببعض السعادة خلال الفترة التي قضتها برفقة عائلة السيد عمر حيث انهم خففوا من وحشتها وحزنها العميق ولكن ها هي تعود لذلك الحزن المستبد الذي اقسم بأنه لن يفارقها ما دامت حية ترزق .
فلم تحتمل كبت مشاعرها اكثر من ذلك لذا انفجرت باكية في الشارع امام المارة الذين اخذوا يحدقون بها وعلامات الاستفهام تعلو وجوههم ، فمنهم من ظنها مجنونة ومنهم من شعر بالأسى عليها وخصوصاً لأنها هوت جالسة على الرصيف وهي تبكي بمرارة وقهر شديد... وبقيت تبكي وتبكي وتبكي حتى جفت الأنهار في حدقتيها العسليتين فمسحت اثار الفيضان الذي سال على وجنتيها وهي تشهق ثم نهضت وحملت كيس الدواء ووضعته في حقيبتها وبعدها قررت ان تعود إلى منزل السيد عمر لترتمي بين احضان صديقتها المخلصة الهام التي تخلت عن حلمها في العمل بشركة رويال العالمية لتتبعها الى هذه البلد الغريبة لذا مشت بضع خطوات حتى توقفت بالقرب من جانب الطريق واخذت تحاول ايقاف سيارة اجرة.
ومن جهة اخرى .....
جاء ذلك الشاب المفعم بالحيوية الذي كان يقود سيارته السوداء المكشوفة متجاهلاً برودة الجو ليسمح للهواء النظيف ان يلامس بشرته الحليبية ويتغلقل داخل خصلات شعره الاسود الناعم وهو يتراقص بأصابع يديه على مقود السيارة مستمعاً لتلك الموسيقى الكلاسيكية الهادئة... فوقع نظره عليها وهي تحاول ايقاف سيارة أجرة ولا يعلم لما رفرف قلبه بعد ان رآها وما هق الا ثواني حتى انحرف بسيارته عن الطريق متجهاً نحوها ، ثم توقف بالقرب منها وضغط على البوق ليفزعها صوته فأنتفظت من مكانها والتفتت الية لتجده يبتسم لها وهو يضع نظارته الشمسية الداكنة التي زادته وسامة... في تلك اللحظة لا تعلم لما شعرت بالأرتياح لمجرد ان رأته يبتسم... نعم هي لم تقابله سوى مرة واحدة ولكنه استطاع بخفة دمه وشهامته ان يترك لديها شعوراً عذباً فابتسمت وكأنها نسيت الحزن الذي كان يأكل قلبها منذ لحظات قليلة وقالت بصوتها العذب : استاذ خالد.
فأتاها صوته الحنون يسألها : ازيك يا مريم ؟؟
أقتربت من السيارة قليلاً ثم قالت : الحمد لله ، وحضرتك ؟
خالد : كنت كويس بس دلوقتي بقيت زي الفل...طبعاً بعد ما قابلتك مرة تانيه.
مريم : متشكره.
خالد : شكلك محتاجة توصيلة ، وانا معنديش حاجة دلوقتي هقدر اوصلك.
فابتسمت وقالت : ميرسي بس مش عايزة اتعبك معايا.
خالد : ولا تعب ولا حاجة...دا اقل واجب اعمله تجاه بنت بلدي .
فاتسعت ابتسمتها ثم فتحت باب السيارة وصعدت الى جانبه دون تردد ونظرت إليه مادة يدها لتصافحه قائلة : انا مبسوطة اني شفتك مره تانيه.
فصافحها بدوره وقال : متشكر ... ودلوقتي رايحه فين ؟
مريم : راجعة البيت.
خالد : اوك.
قال ذلك ثم انطلق بالسيارة مجدداً وهو ما يزال مبتسماً فالتفت اليها وسألها : ها ...عجبتك العيشة في نيويورك ؟
فنظرت اليه ثم ابتسمت ايضاً وقالت : ايوا... مع اني لسه معرفش كل الاماكن فيها بس جميلة.
خالد : انا قولتلك هفسحك لما نوصل بس مع الاسف ماتقابلناش مرة تانية وانتي ما اتصلتيش بيا علشان موضوع الشغل فقولت جايز تكون نسيتني.
فشعرت مريم بالحرج من نفسها لذا تردفت بتوتر : انا اسفه يا استاذ خالد بس مكنتش عايزة اتعبك معايا اكتر من كدا يعني.
فابتسم خالد وقال : ما تخديش كلامي بجد... انا بهزر معاكي وكمان انتي عندك حق... يعني ما ينفعش وحدة بنت زيك تتصل براجل غريب عنها علشان يفسحها في بلد متعرفش فيها اي حاجة.
فأحنت مريم رأسها ولم تعلق لان كلامه كان صحيحاً بالنسبة لها فهي وجدت انه من غير اللائق أن تتصل به لكي يتنزه معها ويعرفها على معالم نيويورك وهو غريب عنها قابلته لمرة واحدة اثناء رحلتها الجوية ؛ اما هو فقال لكي يكسر حاجز صمتها : امل فين صاحبتيك التانية ، اسمها الهام برضو مش كدا ؟
رفعت مريم رأسها مجدداً وقالت : ايوا اسمها الهام... هي في بيت عمها دلوقتي ، البيت اللي حضرتك وصلتنا عليه لما جينا هنا لاول مرة .
خالد : اه فاكره كويس .
مريم : هو انا عطلتك عن حاجة يا استاذ خالد ؟
فابتسم خالد وقال : لأ ابداً ؛ انا في إجازة النهارده وقلت اتفسح شوية بما ان الجو حلو وبعدها قابلتك.
ميرم : بسم الله ما شاء الله... عربيتك تحفة اوي..باين عليها غالية مش كدا ؟
فضحك خالد وقال : مش كتير.. عجبتك ؛ لو عجبتك اعتبريها هدية.
فضحكت مريم على سخافة الموقف وقالت : لا مكنش القصد... اساساً انا معرفش اسوق وما عنديش شهادة سواقه .
خالد : خسارة...كانت هتبقى اجمل لو سقتيها انتي.
فشعرت مريم بالخجل لانه تغزل بها بطريقة غير مباشرة لذا أحنت رأسها مجدداً ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها عندما نظرت إلى بطنها وعادت ملامح الحزن لتخيم على وجهها البريء وسرعان ما تجمعت الدموع في حدقتيها مجدداً وما لبثت حتى تمردت عليها دمعتها السجينة ونزلت رغماً عنها ؛ في تلك اللحظة انتبه عليها خالد وهي تحاول مسح دموعها بينما تنظر إلى الجهة الأخرى حتى لا يراها ، فغابت الابتسامة عن وجهه وحل محلها ملامح القلق فسألها بينما ينظر ثانية اليها وثانية الى الطريق امامه قائلاً : خير يا مريم...هو انا قلت حاجة تزعلك علشان كدا بتعيطي دلوقتي ؟
فهزت مريم رأسها بالنفي دون أن تنبس بكلمة واحدة...فقط كانت تنظر إلى اصابعها وهي تعبث بسلسة حقيبتها التي في حضنها بينما كانت خصلات شعرها تتطاير مع الهواء العليل ؛ فسألها خالد مجدداً : امال بتعيطي ليه دلوقتي ؟
استرجعت مريم رباطة جأشها ونظرت اليه ولم تجد خياراً آخر سوى الكذب إذ قالت : اصلي افتكرت اختي الصغيرة... هي كانت بتحب العربيات المكشوفة اوي.
فشعر خالد بالذنب لذا قال بسرعة : انا اسف... مكنش قصدي افكرك.
مريم : ولا يهمك.
ثم دام الصمت قليلاً ولكن ليس لأمد طويل حيث اراد الشاب ان يخرجها من حزنها لذا اردف بنبرة مرحة : قوليلي يا مريم هو انتي وراكي حاجة النهاردة ؟
فنظرت اليه وهزت رأسها بالنفي قائلة : لأ.. مفيش حاجة معينة.
فابتسم وقال : كويس.... يبقى انا هفسحك النهاردة زي ما وعدتك لما كنا في الطيارة ، قولتي ايه ؟
فنظرت مريم اليه مطولاً ولا تعلم لما أومأت له بالموافقة.. هل لأنها لم تريد احراجه ام لأنها كانت فعلاً تحتاج لهذه الفسحة لكي تمحي قسماً من احزانها وترميها خلف ظهرها ... فابتسمت وقالت : ماشي...بس عندي شرط واحد.
خالد : وايه هو ؟
مريم : عايزاك توديني عند تمثال الحرية... اصلي هموت وشوفه من قريب.
خالد : بس كدا... حاضر يا ست مريم ، اعتبري نفسك هناك.
- وبالفعل اخذها خالد الى منطقة تمثال الحرية واستمتعت بمشاهدته من بعيد كما انه اخذها الى عدة مناطق جميلة في نيويورك وانتهى بهما المطاف واقفين على رمال شاطئ المحيط الأطلنطي ، فاخذت نسائم الهواء الباردة تلفح وجهها وهي تحدق بالأمواج المتضاربة وتبدو انها سرحت في خيالها وسافرت بأفكارها الى مكان اخر بعيد كل البعد عن نيويورك... اما خالد فكان واقفاً خلفها على بعد عدة خطوات واضعاً يديه في جيب بنطاله ويراقبها بأهتمام كبير حيث انه لم يشاء ان يعكر عليها خلوتها مع نفسها فتركها تفكر بصمت وكأنه غير موجود اساساً .
وسرعان ما حسمت امرها والتفتت اليه قائلة : لسه عايز مدققة حسابات في شركتك يا استاذ خالد ؟
فابتسم خالد شبح ابتسامة وقال : تقدري تبتدي شغلك من دلوقتي لو تحبي... وكمان مكانك في الشركة محفوظ انتي وصاحبتك .
تنهدت مريم بعمق وقالت : يبقى احنا هنبتدي شغل من بكرا...وبتمنى اننا نبقى عند حسن ظنك .
تسارع في الاحداث..........
بعد تلك النزهة الغير متوقعة برفقة خالد اعادها الى منزل السيد عمر فاوقف السيارة ونظر اليها قائلاً : هقابلك بكرا الصبح في الشركة .
فابتسمت قائلة : ان شاء الله...و دلوقتي عن اذنك.
قالت ذلك ثم نزلت من السيارة ووقفت تراقبه وهو يهم بالمغادرة وبعدها دخلت إلى فناء المنزل ثم فتحت الباب فوجدت سهيلة وكنتها جين جالستين في غرفة المعيشة برفقة الهام التي كانت قلقة للغاية فقالت : انا رجعت يا جماعة.
نهضت الهام بسرعة وقالت معاتبة : كنتي فين يا مريم ؛ انا اتصلت عليكي اكتر من عشرين مرة بس الموبايل بتاعك كان مقفول .
فابتسمت مريم ابتسامة حزينة اثارت القلق في قلب الهام وقالت : زهقت من قعدة البيت وقلت اخرج شوية علشان اتمشى.
سهيلة : طيب ليه قفلتي موبايلك ؛ قلقتينا عليكي يا بنتي.
مريم : انا متقفلتوش بس شحنه خلص.
فقالت جين بلكنتها المكسرة : حمد لله على سلامتك يا مريم... متتخيليش الهام كانت خايفة عليكي قد ايه.
مريم : مفيش داعي للخوف يا لولو... انا بس كنت عايزه اخرج من البيت شوية ودلوقتي هطلع علشان استريح... عن اذنكوا.
قالت ذلك ثم صعدت إلى الغرفة...فلحقت بها الهام وعندما دخلت سألتها : مالك يا مريم ، شكلك مش مطمني ابداً ايه اللي حصل ؟
في تلك اللحظة لم تمنع مريم نفسها عن البكاء فبكت وهي ترمي نفسها على صديقتها التي اصابها الذعر وقالت : انتي بتعيطي ؛ ليه بتعيطي يا حبيبتي ؟
فقالت مريم ببكاء مرير وهي تحكم عناق الهام : انا حامل يا الهام... حامل بأبن ادهم السيوفي.
فتحت الهام فمها بصدمة واتسعت عيناها قائلة : بتقولي ايه ؛ حامل ؟!
أومأت مريم برأسها دليلاً على نعم واردفت : انا روحت المستشفى وعملت تحليل واكتشفت اني حامل بقالي اربع اسابيع.
فتنهدت الهام بقوة واخذت تربت على ظهر صديقتها بلطف قائلة : خلاص يا حبيبتي... متزعليش نفسك ابداً بلعكس انتي لازم تبقي مبسوطة لأنك هتبقي ام بعد 8 شهور.
فابتعدت مريم عنها قليلاً وقالت : ازاي هقدر اربي ابني لوحدي يا الهام ؛ انا لو خلفت الواد دا أكيد هظلمه لانه مش هيعرف ابوه ابداً .
فأمسكت الهام بيدها واجلستها على السرير ثم قالت بنبرة صوت حنونة : اوعي تفكري انك تجهضي يا مريم لأنك لو عملتي كدا هتندمي طول عمرك... دا روح ربنا خلقها وجايز عمل كدا علشان يعوضك عن خسارة اختك وانتي لازم ترضي في اللي قسمه ربنا وصدقيني مش هتخسري اي حاجة...ولو كان على ازاي هتربيه فانتي تقدري تربيه لوحدك وتخلي بالك منه كويس زي ما كنتي بتخلي بالك من اختك مرام الله يرحمها بعد ما مامتك ماتت وسابتكوا لوحدكوا.
فنزلت دمعة متمردة من عيون مريم التي اردفت بمرارة : وادهم... لو عرف اني حامل بأبنه أكيد هياخده مني بعد ما اخلفه وانا مش هقدر استحمل ان دا يحصل.
الهام : ازاي هيعرف وانتي بعيدة عنو يا حبيبتي ، دا انتي سبتي مصر علشانه وكمان مقولتيش لحد انتي رايحة فين يعني هو مش هيعرف ابداً الا لو انتي عايزه تخليه يعرف.
فهزت مريم رأسها بالنفي قائلة : لأ مش عايزاه يعرف اي حاجة.... اساساً انا قررت اطلعه من حياتي نهائياً وهبتدي حياة جديدة هنا وهقدر اخلي بالي من ابني كويس.
فابتسمت الهام ابتسامة حزينة وقالت : بس... بس انتي لسه مراته يا مريم ، حتى لو رحتي اخر الدنيا وهربتي منه انتي هتفضلي مراته بالشرع والقانون ومن حقه يعرف انك حامل بأبنه .
فقالت مريم بنبرة صوت مجروحة يملؤها الغضب : هو ملوش اي حق عندي... اساساً انا معتبرتوش جوزي ابداً لانه....لانه ما يستهلش اعتبره كدا بعد معاملته القاسية واللي سببت جرح كبير في قلبي ، علشان كدا انا قررت انساه ومش هسيب الجوازه المزيفة دي تأثر عليا ابداً وهقدر اعيش هنا مع ابني لوحدنا.
فابتسمت الهام واستطردت : مش لوحدكوا... انا معاكوا كمان .
فعانقتها مريم وغمغمت : انتي اجدع انسانه انا عرفتها في حياتي يا الهام... وعمري ماهنسى انتي عملتي ايه علشاني.
الهام : انتي اختي يا مريم ودي اقل حاجة ممكن اعملها.
قالت ذلك ثم ابتعدت عنها واظافت : بس هتعملي ايه دلوقتي ؛ انتي هتقولي لبيت عمي انك حامل ؟
مريم : لا مش هقول... مش عايزه احملهم همي انا وابني... وكمان انا لاقيت لينا شغل وهنبتدي من بكرا لان ما ينفعش نفضل هنا من غير ما نشتغل.
الهام : شغل ، فين ؟
مريم : انتي فاكرة الراجل المصري اللي تعرفنا عليه في الطيارة ؟
فقالت الهام بلهفة : قصدك المز حبيب قلبي خالد نجم !
فضحكت مريم رغماً عنها وقالت : ايوا هو... انا قابلته النهاردة وقررت اقبل الشغل عنده وهو فرح اوي وقال انك انتي كمان تقدري تبتدي شغلك وان مكانا في شركته محفوظ.
فاتسعت ابتسامة الهام وسألتها : بجد يا مريم ؛ هو قال كدا ؟!
مريم : ايوا يا حبيبتي.
الهام : دي هتبقى اسعد ايام في حياتي كلها... باين ان ربنا هيعوضني عن كل حاجة سبتها في مصر بحاجات اجمل هنا في نيويورك .
تسارع في الاحداث............
في مصر ......
كان جالساً في غرفة المكتب التي في منزل العائلة ذات الأضاءة الخافتة يهز قدمه اليمنى دون توقف ويبدو عليه التوتر ونفاذ الصبر ؛ عيناه كانتا تحدقان بهاتفه بأستمرار وكأنه ينتظر مكالمة هاتفية ستحدد مصير العالم ، وفجأه رن الهاتف بيده فأنتفض من مكانه مثل المجنون واجاب عليه بسرعة : ها يا عاصم...لاقيت اي معلومات عنها ؟
فقال عاصم : ايوا يا فندم ؛ انا لاقيت معلومات بس....
فصاح ادهم به بنفاذ صبر : بس ايه ؛ اتكلم !
فتنهد عاصم وقال : بس المعلومات اللي لاقيتها مش هتساعدنا علشان نلاقيها في نيويورك لان محدش يعرف هي ليه راحت هناك.
ادهم : انت فين دلوقتي ؟
عاصم : انا بقيت قريب من بيت حضرتك يا فندم .
ادهم : قدامك عشر دقايق يا عاصم علشان اشوفك مزروع قدامي انت سامع ؟
عاصم : حاضر يا فندم.
ثم اغلق ادهم هاتفه ورماه على طاولة المكتب وبعدها غرس اصابعه في شعره بعنف وكأنه يحاول ان يقطلعه من جذوره وهو يعيده للخلف ثم قال بصوت مجروح : فينك يا مريم ؛ ايه اللي وداكي نيويورك يا حبيبتي ؟
وبعد مرور عشر دقائق بالفعل....
كان عاصم واقفاً امامه ويبدو عليه التوتر وهو يراقبه بينما كان يقرأ المغلف الذي بين يديه وهو يعقد حاجبيه بشدة ويبدو من ملامح وجهه المتجهمة ان المعلومات التي كان يقرأها لم تسره ابداً ، فقال بزمجرة : ايه دا يا عاصم ؟!
ابتلع عاصم ريقة وقال : المعلومات اللي طلبتها يا فندم.. انا اسف بس دا كل اللي قدرت الاقيه عن البنت اللي اسمها مريم مراد عثمان.
فرمى ادهم المغلف بعنف على الأرض وهب ناهضاً وهو يضرب طاولة المكتب بيديه ثم صاح بزمجرة مشتعلة : دا كل اللي قدرت تلاقيه ؛ امال فين شطارتك يا استاذ ...انت حتى معرفتش تلاقي بنت وحده مع اني اديتك معلومه مهمة وقلتلك انها سافرت نيويورك وجاي دلوقتي تقولي ان دا كل اللي قدرت تلاقيه ؛ ازاي هتقدر تحمي شركة فيها 500 موظف وانت مش قادر تنفذ مهمة صغيرة زي دي ؟
فاحنى عاصم رأسه قائلاً : انا اسف يا فندم بس زي ما قولتلك قبل كدا اننا مش مباحث ولو تحب انا هقدم استقالتي فوراً .
فتنهد ادهم بقوة بعد ان سيطر على انفعاله وقال : روح شوف شغلك يا عاصم ...ومش عايز حد يعرف حاجة عن الموضوع دا انت فاهم ؟
عاصم : حاضر يا فندم.
قال ذلك ثم انسحب من الغرفة بسرعة... اما ادهم فجلس مجدداً على كرسيه واسند ظهره عليه واعاد رأسه إلى الوراء مغمضاً عيناه بشدة مكون شق عميق بين حاجبيه , وسرعان ما اطلق تنهيدة طويلة جعلت قسمات وجهه تسترخي ثم فتح عيناه مجدداً ونظر إلى المغلف الذي رماه على الارض بلحظة غضب وبعدها التقطه واخذ يتصفحه بأهتمام كبير فهو يحوي كل المعلومات عن حبيبة قلبه مريم منذ ان كانت صغيرة حتى اصبحت شابة جميلة... وما شد انتباهه اكثر من بين جميع هذه المعلومات هو خبر وفاة والدها وبعده امها ومن ثم اختها الامر الذي جعله يشعر بالألم يأكل قلبه لمجرد انه تذكر كيف باعته نفسها لكي تنقذ اختها.
وضع المغلف من يده واسند يديه على الطاوله بملامح حزينة ثم اخرج القلادة الفضية من جيبه وفتحها لينظر إلى صورتها بألم وشوق فهو لم يراها ابداً بعد اخر لقاء لهما في الفيلا الخاصة به ، فلم يستطيع منع دمعته الخائنة التي تسللت من عيناه لتسيل على وجنته مخلفة اثار خلفها وهي تحرق خده بسخونتها وملوحتها ... بعد ان وجد شعاع الأمل عاد ليفقده مجدداً لانه لا يعلم اين تمكث معشوقته في ولاية نيويورك الكبيرة التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 8,100,000 نسمة ...كيف سيجدها وهو لا يمتلك اي فكرة عن مكان اقامتها ؛ فبات البحث عنها بالنسبة له كمن يبحث عن آبرة في كومة قش لذا استوطنت الاحزان في قلبة وجعلته يصبح كالاسد الجريح .
- جلس لمدة ساعة يفكر ويفكر وعندما عجز عن ايجاد حل قام بفتح درج مكتبه الذي كان مغلقاً منذ خمس سنوات واخرج منه دفتر قديم غلافه كان مصنوعاً من الجلد فوضعه على الطاولة امامه ؛ نظر إليه مطولاً وكان يبدو متوتر للغاية ولكن سرعان ما فتحه واخذ يحدق بقصائد الشعر التي كتبها على اسطر هذا الدفتر عندما كان اصغر سناً مفعماً بالأمل والحياة حيث كان شاعراً رقيق المشاعر عاشقاً لكتابة القصائد المعبرة بعيداً كل البعد عما هو عليه الان ، فامسك بقلمه الذي هجره منذ اكثر من خمس سنوات وكأن الشاعر العاشق النائم في داخله قد استيقظ اخيراً بعد سبات عميق ..فتح صفحة جديدة فارغة وبدأ يكتب على سطورها قصيدته التي تعبر عن ألم الشوق لمعشوقته الحبيبة " مريم " التي اسرته فاصبح سجين بمحراب عينيها الجميلتين.
فكانت قصيدته كالتالي :
يا من في صوتها أسمع أعذب التغاريد ..
وفي بريق عينها أرى بهجة الحياة وفتنة المواعيد ..
قولي لي بربكِ يا مريم كيف سأحتمل اشتياقي الشديد ؟
وألون دفتر حياتي بعد رحيلكِ إلى الرغيد.. ؟
يا منْ سافـرتي وحُبَّكِ متأصل فـي قلبي الى المَـدى البعـيدْ..
و تغلغلَ حُبُّـكِ فـي المَسَامَاتِ حتى الـوَريدْ
و قــدّمتُ روحــي بينَ يديْكِ كمـا الــوَلـيدْ ...
و جَعلـتُ لكِ القلــبّ قِــلادةً علــى الجِـيدْ
وبكلماتٍ جعلتْني بُركاناً ، وأنْتِ كمـا الجليد ْ!
وكُـنتُ إليكِ ايتها الجميلة كمــا تُـريـدي ، لا كـمــا انا أريـدْ
و كُــنتُ فـــي حُبِّك مريمتي كمـا العَاقـــلِ الرشـيدْ
أقِفُ هَائِماُ في مِحرَابِ عينيكِ كما المُـريدْ
فكُـنتُ إذ ْمـا رأيْتُـكِ كأنّــي فــي يــومِ عـيدْ
أدنــو إليــكِ بلهفــةٍ ملْئَــى بِعــْشق جـديـدْ
و أنقِـشُ فــي حُبِّـكِ تُحفَـةَ الحـرفِ الفريـدْ
وأقـــولُ لـكِ فـــي الشِّعـرِ أعْــذَبَ القصيدْ
و أصــدقّ مشـــاعـــرّ أتـى بنَبـضها وريــدْ
فإن غنّيتُ آهاتــي أتــى الكـونُ فـي ترديدْ
أسكـبُهُ كما المُـزنِ حُبِّـيَ و تطلُبينَ المزيـدْ
حتــى أمْسيتُ فـــي حُبِّـــكِ يـا مـريـم هائِـمـاً كَــشَريدْ..
فكيفَ لكِ أنْ تَهْجُري ولقلْبِكِ عنّي أن يميد ْ؟
وكــيفَ لـيْ يا فتْنتـي ان أوقِـفَ نَبضَـاتِ قلبـيَ عن حبكِ ، و أقْطَـعَ الـوريـدْ ؟
عوديِ يا وَردتّيِ فَأنا فّي بعدكِ أصّبحتُ حقاً جَبلٌ من الجليدْ !
☆☆☆☆☆
- وبعد ان افرغ ما في قلبه من احزان على تلك الورقة ذات اللون الباهت اغلق دفتره واعاده الى الدرج ثم نهض من مكانه ومسح دموعه المتمردة التي رافقته مع كل كلمة كتبها ثم اطفأ ضوء الغرفة الخافت وخرج منها متوجهاً الى غرفة نومه ؛ اوقفه صوت امه عن صعود السلالم حين سألته وهي جالسة برفقة اخوته في غرفة المعيشة : رايح فين يا ادهم ؟
نظر اليها وقال : هطلع انام.
رفعت السيدة كوثر حاجبها بتعجب وسألته بدهشة : عايز تنام دلوقتي ؟!
فتنهد بقوة واردف : انا تعبان يا ماما وعايز اطلع علشان استريح.
فقالت اخته رغد والتي كانت جالسة برفقة امها وشقيقها الاخر معاذ وزوجته سلوى : طيب مش عايز تتعشى معانا ؟
رد عليها : مش جعان... تصبحوا على خير.
قال ذلك ثم صعد إلى غرفته الكلاسيكية الراقية ورمى نفسه على السرير ولكنه لم يستطع النوم ابداً واخذ يفكر بحبيبة قلبه ودمعته تسيل على وجنته ، اما شقيقه معاذ فقال : انتوا مش ملاحظين يا جماعة ان ادهم اتغير اوي في اخر فترة ؟
فقالت سلوى : ايوا انا لاحظت تغيره فعلاً ...حتى اني بقيت خايفه عليه اوي.
فقالت رغد : وانا كمان ملاحظه انه مابقاش زي الاول... دا حتى مابقاش يقعد معانا وكل ما يرجع من الشغل يقفل على نفسه في المكتب وما يخرجش منه غير وقت العشا بس النهاردة حتى مش عايز يتعشى !
فقالت السيدة كوثر : انا لازم ادور له على عروسة تنسيه البنت اللي اسمها ميرا دي... هو بقى كدا بسببها ومعرفش ليه مش عايز ينساها.
فقال معاذ : مظنش ان ميرا السبب في تغيره الاخير...بس لو كانت هي السبب بجد يبقى احنا لازم نخليه ينساها لانها ماتت من خمس سنين وجيه الوقت علشان يحب وحدة تانيه.
تسارع في الاحداث.................
مر اسبوعين آخرين وكانت مريم سعيدة لحصولها على عمل برفقة صديقتها الهام في شركة خالد نجم الذي كان يعاملهن بلطف شديد وسمح لنفسه بأن يصبح صديقهن اكثر من كونه رب عملهن الوسيم والطيب ... كما ان مريم قررت ان تخفي امر حملها عن عائلة السيد عمر لئلا تجعلهم يحملون همها وهم طفلها وقررت ان تبحث عن شقة صغيرة لتستقر فيها هي وصديقتها حيث انها شعرت بنفسها تشكل عبئاً عليهم ، وبالفعل بدأت تبحث عن عدة شقق سكنية قريبة من مكان عملها.
وذات يوم.....
كانت جالسة في مكتبها الذي في شركة خالد ولكنها لم تكن تعمل بل كانت تبحث عن شقة للإيجار تناسب مستواها المادي...وبينما تحدق في شاشة الكمبيوتر سمعت صوت رجل يقول : مريم... انتي عايزة تنتقلي من بيت عم الهام !
رفعت رأسها لتجد خالد واقفاً خلفها وقد عرف انها تنوي الانتقال من منزل السيد عمر.. فقالت بتلعثم : انا ... بصراحة اه ، عايزه استقر لوحدي في شقة صغيرة بس كل الشقق اللي لاقيتها اجارها عالي وبعيدة عن الشركة.
خالد : طيب ليه ما قولتيليش الكلام دا ؟
مريم : انا مش عايزة اتعبك معايا.
خالد : تعب ايه يا بنتي... انتي متعرفيش ان عندنا نظام في الشركة واننا ملزمين نوفر للموظفين اماكن سكن قريبه علشان ما يلاقوش صعوبة في شغلهم ؟
مريم : قصدك ايه ؟
خالد : قصدي ان الشركة هتديكي شقة صغيرة قريبة من هنا زي بقية الموظفين وكمان مش هتحتاجي انك تدفعي الإيجار لان الشركة هتتكفل بكل المصاريف ، انتي بس هتوقعي على شرط جزائي انك ممنوع تسيبي الشغل هنا لمدة سنتين وبكدا الشقة هتبقى ملكك .
فابتسمت مريم ثم نهضت وسألته بدهشة : بجد ، هو في نظام زي دا هنا ؟
خالد : لو مش مصدقة رئيس الشركة تقدري تسألي بقية الموظفين.
فضحكت مريم بعفوية وقالت : لأ العفو انا مقصدش كدا...
فابتسم خالد وقال : تحبي تروحي علشان تشوفي شقتك الجديدة يا هانم ؟
أومأت له برأسها دليلاً على الموافقة وقالت : طبعاً.
خالد : يبقى يلا بينا.
مريم : استنى... انت كنت عايز تقولي حاجة علشان كدا جيت هنا صح.
خالد : مش مهم... هبقي اقولك بعدين .
مريم : في حاجة تانيه كمان.
خالد : ايه هي ؟
مريم : هو ينفع ان اتنين من الموظفين في الشركة يسكنوا في نفس الشقة ؟
خالد : ينفع في حالتين بس.. لما يبقوا اتنين متجوزين بيشتغلوا في نفس الشركة او صحاب ، يعني اتنين رجاله او اتنين ستات زيك وزي الهام مثلاً.
فابتسمت مريم بأشراقة وقالت : يعني الهام تقدر تعيش معايا في نفس الشقة.
خالد : طبعاً .
مريم : يبقى انا هتصل بيها علشان تيجي معانا... اصلي مقدرش اعمل حاجة من غيرها.
فابتسم خالد واردف : ماشي... وانا هستناكوا في العربيه .
مريم : تمام.
- ثم ذهب خالد بالفعل اما هي فاتصلت على الهام التي كانت تعمل في قسم اخر من الشركة فأجابتها : ايوا يا ميمي.
مريم : جهزي نفسك يا لولو علشان نروح نشوف شقتنا الجديدة.
فتنهدت الهام وقالت : يعني خلاص قررتي اننا نسيب بيت عمي ونسكن لوحدنا .
مريم : ايوا لان الشركة هتدينا شقة قريبه من هنا ومش هنحتاج ندفع الإيجار .
الهام : انتي بتتكلمي جد !
مريم : مش هينفع اشرحلك على التليفون لان الاستاذ خالد عماله يستنانا علشان نروح معاه.
فنهضت الهام وابتسمت قائلة : هو اللي هياخدنا نشوف الشقة !
مريم : ايوا... يلا اجهزي وانا هستناكي تحت.
الهام : ثواني وهكون عندك.
قالت ذلك ثم اغلقت الهاتف وعلى وجهها ابتسامة عريضة ثم حملت حقيبتها ومعطفها وركضت نحو المصاعد وما هي الا ثواني حتى وصلت الى حيث كانت مريم تنتظرها ؛ خرجن وذهبن الى حيث كان خالد ينتظرهن في سيارته امام الشركة فصعدن وقامت مريم باخبار صديقتها بما اخبرها خالد وان الشركة ملزمة ان توفر وسائل الراحة للموظفين فابتسمت وقالت : دا كرم من حضرتك يا استاذ خالد .
فابتسم خالد ونظر إليها بواسطة المرآة العاكسة في السيارة وقال : دا واجبنا.. وبعدين احنا مش في الشركة دلوقتي يعني بلاش استاذ دي وبتمنى تقولولي بس يا خالد .
فابتسمت الهام وقالت : ماشي.
وبعد مدة وصلوا ثلاثتهم الى مجمع سكني قريب من الشركة فنزلوا من السيارة ثم توجهوا الى احدى العمارات السكنية ؛ صعدوا الى الطابق الخامس حيث كانت الشقة الممنوحة من الشركة فقام خالد بفتح الباب وقال لهن : اتفضلوا.
فدخلت مريم وبعدها الهام وسرعان ما ابتسمن لشدة جمال الشقة التي اختارها خالد لهن من بين جميع الشقق الموجودة في العمارة فهي كانت واسعة ومفروشة بها غرفة للمعيشة مرتبة باجمل الاثاث وبجانبها مطبخ فسيح وايضاً غرفتين نوم وحمام وشرفة كبيرة.
فنظرت اليه الهام وقالت بسعادة : الشقة تجنن يا استاذ خالد... بجد دي تحفة.
فابتسم خالد وقال : قلنا ايه بقى... مش استاذ خالد وانما خالد.
فضحكت وقالت : ماشي يا خالد.
اما مريم اردفت قائلة : معقول الشركة تدينا الشقة دي من غير ما ندفع الإيجار ؟
خالد : زي ما قلتلك يا مريم... شركتنا ملزمة انها توفر كل وسائل الراحة للموظفين بس بشرط واحد انكوا توقعوا الشرط الجزائي اللي ينص على انكوا ممنوع تستقيلوا من الشركة لمدة سنتين.
فقالت الهام : طيب وبعد ما السنتين يعدوا الشركة هتاخد الشقة مش كدا ؟
خالد : تقدروا تجددوا العقد.. متقلقيش من الناحية دي.
مريم : يبقى اتفقنا.. الشقة مناسبة لينا اوي وكمان قريبة جداً على الشركة.
خالد : يبقى تقدروا تنتقلوا من دلوقتي واهو المفتاح.
قال ذلك ثم اعطى مريم مفتاح الشقة فاخذته قائلة : مش هينفع ننتقل دلوقتي احنا لازم نقول لعمك عمر يا الهام ونجهز نفسنا.
الهام : النهاردة هنقلهم واكيد هما هيتفهموا وضعنا.
خالد : لو احتجتوا اي مساعدة انا في الخدمة.
تسارع في الاحداث...........
انتقلت كل من مريم والهام للعيش في شقتهن الجديدة بعد ان شكرتا عائلة السيد عمر على حسن ضيافتهم لهن طوال الاسابيع السابقة فاخدت كل واحدة منهن غرفة خاصة ورتبن اغراضهن ، اما في مصر فكان ادهم قد اصبح انطوائي اكثر من قبل بعد ان اصابه اليأس في ايجاد حبيبته التي قرر ان يعيش على امل ان يجدها يوماً ما لانه لا يملك لا حول ولا قوة خارج ارض مصر فهو ليس مخابرات حتى يتمكن من ايجادها في ولاية نيويورك التي تعتبر اكبر ولاية في الولايات المتحدة الأمريكية من حيث تعدد السكان ، وبالرغم من انه اصبح انطوائي الا انه اصبح عصبي اكثر وينزعج من اتفه الاسباب وكأنه ينتظر اي شيء يحثه على الغضب ويثور البركان الملتهب في داخله ..
وهكذا مر شهرين آخرين على هذه الحالة وكان خالد قد تأكد من مشاعره تجاه مريم وانها هي الفتاة التي احبها خلال فترة قصيرة فقرر ان يتقدم لخطبتها ، لذا دعاها لتناول العشاء بينما ذهبت صديقتها الهام لزيارة بيت عمها.. وبالفعل ذهبا إلى احد اشهر المطاعم في نيويورك وبعد ان تناولا العشاء قرر ان يفتح معها الموضوع فاخذ نفساً عميقاً وقال : مريم... بصراحة انا جبتك هنا النهاردة علشان افتح معاكي موضوع مهم جداً.
فنظرت اليه وقالت : خير يا خالد..ايه هو الموضوع دا ؟
دس خالد يده في جيب سترته واخرج منها علبة مخملية تحتوي على خاتم من الماس وضعها امامها على الطاولة وقال بجدية : انا بحبك يا مريم وعايز اطلب ايدك للجواز.
في تلك اللحظة صدمت مريم بعد أن سمعت ذلك وقالت : ايه !
خالد : انا عارف اني فاجأتك اوي واننا نعرف بعض من تلات شهور تقريباً وان دي مدة قصيره ، بس صدقيني انا نيتي صافية تجاهك وحبيتك من اول مرة شفتك فيها ولو وافقتي تتجوزيني فأنا بوعدك اني هسعدك طول عمرك.
فقالت مريم بعد ان استعادت رباطة جأشها : خالد ارجوك متزعلش مني بس انا ماينفعش اتجوزك ابداً.
خالد : متتسرعيش يا مريم وفكري كويس وبعد كدا اديني جوابك.
مريم : المسألة مش محتاجة تفكير ابداً ..انا ما ينفعش اتجوزك نهائياً
شعر خالد بخيبة الآمل وقال : هو انتي شايفة اني مش مناسب ليكي ولا انتي مش عايزه تتجوزي دلوقتي ؟
فتنهدت مريم وقالت : خالد انا...بصراحة انا حامل .
يتبع.....
 
 
 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close