رواية سحر سمرة الفصل السادس 6 بقلم امل نصر
الفصل السادس
وقفت امام المقهى الفاخر ..والذى أُنشئ خصيصاً للعائلات ولقاءات الأحبه .. قلبها ينبض بعنف .. وهى لاتدرى ماذا تفعل ؟ اتدلف لداخل ام تعود حيث اتت .. ولكنها اتخدت القرار ولن تتراجع .. اخذت شهيقاً طويلاً تهدئ به نفسها واجمعت امرها للدخول واكمال ما بداته ..
بداخل المقهى لم تبحث كثيراً .. وذلك لانها وجدته امامها فى ركنٍ قريب .. بابتسامته البشوشه وطلته البهيه .. تقدمت بخطواتها اليه فابتسمت اليه بتوتر وهى تمُد اليه كفها بالسلام تقول.
- ازيك !
اطبق على كفها يخبرها بدفئ
- ازيك انتى .. تعالى .. تعالى اجعدى .
جلست امامه بقلبٍ يرتجف وهو تابع بسعاده
- انا ماصدجتش نفسى لما جولتليلى .. انك عايزه تجابلينى .. جلبى كان هايفط من الفرحه .
تبسمت بتوتر تقول
- ياااه لدرجادى .
وبنظره صادقه منه
- واكتر من كده كمان .. ها كنتى عايزانى فى ايه بجى ؟
لعقت شفتها تبتلع توترها ولو قليلا ثم سألت كتمهيد
- ااا اسفه فى السؤال .. بس هو انت فعلا مطمن ل" قاسم " وناسى عمايله اللى فاتت ؟
اسبل جفنيه قليلاً واختفت عن وجههِ الابتسامه ثم ما لبث ان يقول بجديه
- لأ ... ؟
وضعت يدها على الهاتف باأمل ولكنه تابع
- بس دا اخويا .. وجالى وقال انا توبت وطالب الحلال .. ارجعوا تانى واكسر بخاطر امى وابويا !.. لكن تاكدى لو عمل اى هفوه او رجع بصلك بعينه حتى انا مش هارحمه .. ان شاله اطلع روحه فى ايدى .. هو ضايجك ؟!
اجفلها بسؤاله فجاوبت ببلاهه
- هه
احتدت نظرته يقول
- جولى يا" سمره " لو لمح جدامك باى شئ .. جولى انا زمان كنت جبان ومدافعتش عن حبى ليكى .. لكن دلوك انا مستعد اسيح دمه لو فكر بس .جولى يا" سمره" هو جربلك ؟
اجفلها ثانيةً فهزت برأسها نفياً خوفاً من هيئته
- لا يا" رفعت " .. اناااا... بجول كده عشان يعنى ... زكريات زمان و ....
تحدث اليها بحنان
- اوعى تفتكرى انى ناسى يا" سمره " .. انا بس صابر عليه ومش عايز اجفل فى وشه باب التوبه واما اشوف اخره ايه
ارتدت بظهرها للمقعد بعد ان وهى تترك الهاتف ثم اردفت تحاول بطريقه اخرى .
- طيب هو انا ينفع اطلب منك طلب ؟
تكلم بحماس
- جولى واشرى بايدك .. وانا اجيبلك لبن العصفور ؟
صمتت قليلاً ثم قالت
- ممكن تأجرلى بيت تانى يا" رفعت " وبلاش نسكن فى بيت العيله .
تغيرت ملامحه وظهر على وجهه العبوس ثم اردف بصوت متمهل
- انا اجدر اشتريلك عماره واكتبها باسمك مش اجر بيت .. لكن يا" سمره" وانا عارف ان مخك كبير .. ترضيلى اسيب ابويا العيان ولا امى مكسورة الجناح ولا اختى " مروه" الغلبانه واتهنى انا فى بيت لوحدى ؟
وكأنه سكب على راسها دلواً من الماء البارد فقد افحمها جيداً بكلامه فتحدثت بارتباك
- اانا مش عايزاك تفتكر انى انانيه انا.....
- انا عارف يا" سمره " .. وفرى على نفسك الكلام .. دا حجك وانا مُنى عينى .. بس انا راجل كبير عيلتى ولازم اتحمل المسؤليه حتى لو جيت على نفسى وعلى اللى بحبها .. فاهمانى يا" سمره" !
اومأت برأسها وهى تُجزم بداخل نفسِها .. انه اقفل فى وجهها بابً اخر من الامل ولابد من طريقه اخرى .
.............................
وبداخل غرفته .. كان فى سبات نومه ٍالعميق وهاتفه يصدح بصوت الرسائل والاتصالات .. فتح عينيه بتأفف وهو يتناول الهاتف .. وبمجرد رؤية اسم المتصل فتح عليه ليُقرعه بالسباب والشتائم
- الو ... بترن ليه يازفت على اول الصبح ؟ .. انت مش عارف ان دا وجت نومى يابن ال........
رد الاخر من مكانه يقاطعه
- طب براحه طب ياباشا .... واسمع انا هاجولك ايه الاول !
زفر بضيق : يعنى هاتجولى ايه؟ ... اكيد خبر زفت زى وشك !
رد الاَخر بدون تمهيد : سمره واخوك انهاره كانوا بيتفسحوا فى اغلى كافيه فى المحافظه
استقام على سريره جالساً بجزعه يقول بعصبيه
- انت بتجول ايه يا" محسن "الك........
اصدر صوتٍ بفمه ثم اردف بحزن مصطنع
- الله يسامحك ... يعنى الحج عليا انى بوعيك .. بعد ماشوفتهم النهارده على طرابيزه لوحدهم وكانهم حبيبه وكده على اول الصبح .. دى نسته شغله يا راجل وهى سابت مدرستها ...
كان يستمع الى صديقه بعيونٍ مشتعله وصوت انفاسه مسموعه بفضل غضبه وهو يتوعد لهم بداخله
..............................
وبداخل مدرسة ( اخلاق العظماء ) .. كانت جالسه على مكتبها بداخل غرفة المدرسين .. ويدها على وجنتها تستمع مع صديقتها الى هذه المكالمه المسجله حتى اتت هذه الجمله .
- (انا جولتلك جبل كده .. انتى حجى وانا هدافع عن حجى ان شالله حتى بالدم)
اوقفت التسجيل دون ان تنطق بكلمه فتحدثت صديقتها بحماس
- حلو خالص يا" سمره" .. دا انتى كده تواديه فى داهيه وتفضحيه جدام ناسك ووو .... مالك ساكته ليه ؟
- يعنى عايزانى اجولك ايه ؟
قالتها وهى مازالت واضعه كفها على وجنتها ومستنده بمرفقها على المكتب بسكون .. مما اجفل صديقتها لتهتف
- يابنتى انت معاكى دليل دلوك .. ليه شكلك كده مايريحش ؟
نزلت بكفها تُمسك بالقلم وتلعب به فاردفت بصوتٍ ميت ولم ترفع عينيها .
- انا جابلت " رفعت " جبل ما اجى المدرسه .. وانا فرحانه زيك انى كده هاجدر اتخلص منه .. لكن اللى اكتشفته بعد كده .. انى هاخسر " رفعت " نفسه !
قالت الاخيره وهى تنظر بعينى صديقتها التى اردفت تسألها بجزع
- ليه تخسرى " رفعت " ؟.
نزلت منها دمعه على وجنتها وهى تردف بتماسك هش
- عشان انا بكده هافتح بحور دم بين الاخ واخوه .. قاسم مش هين !... " قاسم " مجرم وياما مشى فى السكك الشمال .. لكن " رفعت " مهما بلغت شجاعته .. لايمكن هايجاريه وحتى لو حصل وجدر عليه.. هايبجى نهاية " رفعت " السجن .. ويخسر مستجبله ..يعنى الحرب دى انا خسرانه فيها بجميع الاحوال .
بهتت " رحمه" تنظر اليه باشفاق وهى تقول بيأس
- يانهار ابيض .. دى عكت قوى .. طب هاتعملى ايه ؟.
نظرت اليها تتحدث بتماسك
- انا لازم اشوفلى حل تانى ..وانا الحل ده بفكر فيه من زمان مش دلوك وبس .
- حل ايه ؟
...............................
دلف لداخل المنزل يدندن بسعاده .. فوجد شقيقته امامه تنظر اليها ضاحكه
- عينى بارده عليك !
اقترب منها بربت على وجنتها بكف يده بخفه يقول
- اخبارك ايه يا مرموره ؟
ازدادت ضحكتها وهى تقول
- وكمان مرموره ... لاااا انت تتبخر .. اخويا " رفعت " ياناس بيدلعنى ويجولى يا" مرموره .
هتفت "نفيسه" و هى تخرج من غرفتها
- مالك يابتى اتجنيتى ؟ .. حسك عالى ليه كده ؟
امسكت "مروه "بمرفق شقيقها وهى تردف بمرح
- تعالى يامٌا شوفى اخويا " رفعت " بيجولى يامرموره .
اقتربت المرأه منهم تقول بحزم مصطنع
- وماسكه ليه كده فيه زى الٌزجه .. عامل ايه انت ياحبيبى .
قالت الاخيره ل" رفعت " الذى امسك برأسه يقبلها
- زى الفل ياست الكل .. انتى عامله ايه انتى وابويا ؟
ربتت " نفيسه " على ذراع ابنها بابتسامه حنونه
- ان شالله دايماً ياحبيبى .. انا زينه وابوك كمان .. دا حتى من امبارح طالب يشوفك
- هوا رايحلوا ... بعدى يابت بعدى و بطلى غلاسه
قال الاخيره بمرح وهى يفلُت ذراع اخته المتشبسه به وبعدها تحرك لدخول غرفة ابيه .. ولكنه تصادف بأخيه الخارج من غرفته بوجهٍ متجهم
- ازيك يا" قاسم " .. مش بعاده يعنى تصحى بدرى ؟
توقف برهه ينظر الى اخيه بغضبٍ مشتعل ولكنه نجح كالعاده فى اخفاءه ليرد بابتسامه مصطنعه
- بدرى من عمرك ياعم " رفعت " .. الضهر قرب يأدن خلاص .. وحتى لو مش عوايدى .. اعتبرنى بدرب نفسى .. عشان انزل الشغل معاك .
ضحك " رفعت " بصوت عالى ليردف .
- شغل ايه بس اللى مع الضهر ياعم " قاسم " .. عالعموم كويس انك بتحاول برضوا
اطبق شفتيه بخط قاسى .. يحاول السيطره على غضبه
- اديكى جولت بنفسك ... ادينى بحاول .
اربت على ذراعه
- ربنا يثبتك ياحبيبى .. اسيبك بجى واروح اشوف ابويا
ذهب من امامه ليتركه بهذه النيران المستعره داخله وهو ينظر لأثره بغضبٍ حارق
.....................................
وبداخل غرفة ابيه ..جلس بجواره يقبل يده
- عامل ايه يابوى النهارده ؟
الرجل وهو يربت على كتِفه
- الحمد لله ياولدى .. انت كيفك وازاى احوالك ؟وايه اخبارك عروستك .
تبسم بأشراق
- انا الحمد لله يابوى .. وعروستى كمان زينه .. خلاص هانت .. اخر اسبوع وتشوفها كل يوم فى بيتنا بعد كده.
صمت والده قليلاً ليردف
- ويعنى لازم تبجى فى بيتنا ؟! ... ماينفعش تاخدلك سكن بره
خبئت ابتسامته ينظر لأبيه بتعجب
- كيف يابوى اسكن بره واسيبكم انت وامى واختى .
تابع " حسان " والده
- مالكش دعوه بينا انت و سيب " قاسم " وعروسته يسكنوا هنا معانا .
نظر لابيه بريبه فقال
- هو فى حاجه يابوى؟ .. عشان بصراحه كلامك غريب .
- وااه يارفعت .. هو انت لازم تخليه غريب .. انا بجول وخلاص ...
عقد حاجبيه بتفكير
- ماشى يابوى .. زى ماتحب !
...................................
دلفت " سمره " لداخل المنزل لتفاجأ بهذا الكم الهائل للأدوات المنزليه الحديثه بالأضافه للحقائب الكبرى المعبأه بالملابس المختلفه التى خصصت للعرائس و" رضوى " واقفه بينهم تفرز وتعاين مع والدتها
- مساء الخير
قالتها " سمره " وهى تنتقى خطواتها بين هذا الكم الهائل
رفعت " رضوى " انظارها اليها ولم تنطق وتكلفت " نعيمه" بالرد
- مساء الخير ياحبيتى .. عجبال عفشك انتى كمان .
اومأت برأسها بابتسامه خفيفه وهى تدلف وقبل ان تصعد الدرج اوقفتها " بسيمه " تقول
- ياللا شدى حيلك عشان ننزل انا وانتى الليله المحافظه
اومأت بسبابتها تقول
- انااا ..
اقتربت منها مكتفه ذراعيها تردف بسخريه
- اسم الله عليكى .. امال انا بكلم مين يا ست البنات ؟
انتى مش شايفه جدامك ؟
قالتها وهى تومئ برأسها ناحية " رضوى " والمشتربات
- حاضر بس مش النهارده
قالتها وهى تُهم بصعود الدرج ولكن اوقفتها والدتها ممسكه بذراعها
- امال امتى ؟ .. انتى يومين وهاتبجى فى بيت جوزك .. عايزه تبجى ناجصه عن بت خالك !
نفضت ذراعها بغضبٍ مكتوم
- خلاص يامًا انا جولتلك بكره .. سينى بجى اريح شويه .
صعدت بعدها الدرج امام نظرات " بسيمه" الغاضبه
................................
وفى المساء كانت جالسه على مكتبها بداخل غرفتها .. تصحح بكرسات التلاميذ .. وهاتفها يصدح بنمرته عدة مرات ولا يمل المحاوله .. زفرت بحنق ثم تناولت الهاتف لترد عليه غير عابئه
- نعم .. عايز ايه ؟
صرخ فى اذنها بجنون
- وكمان ليكى عين تردى .. بتروحى تجعدى معاه فى الكافيهات يا" سمره " .. دا انا هاسود عيشتك انتى وهو ...
اغلقت المكالمه دون استئذان لتزيد من جنونه اكثر
فزفرت بضيق .. تترك القلم والكراسات تنظر فى الفراغ بتفكير ..ثم ما لبثت ان تتناول هاتفها وتهاتف صديقتها
لترد عليها الاخرى بعد برهه
- الو... ايوه يا" سمره"
وبصوت يخلو من المرح
- عملتى اللى جولتلك عليه ؟
سمعت صوت تنهيده منها قبل ان تقول
- ايوه يا" سمره" .. كلمت خالى وجالى عالعنوان
تنهدت الاخرى تقول بارتياحٍ نسبى
- كويس! .. خلينا نخلص بجى !