رواية عن العشق والهوي الفصل السادس 6 بقلم نونا مصري
~ الفصل السادس ~
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
قراءة ممتعة للجميع ♡
خالد : اتشرفنا .
مريم : الشرف ليا انا .
وابتسم خالد ثم استطرد : متقلقيش ، طبيعي تحسي بدوخة علشان دي اول مرة تسافري في الطيارة وكمان شوية وقت هتتعودي وكل حاجة هتبقى تمام .
مريم : باين على حضرتك انك مقضيها سفريات في الطيارة مش كدا يا استاذ خالد ولا انا غلطانة ؟
خالد : عندك حق , انا فعلاً بسافر كتير ودا بحكم شغلي لأني راجل اعمال وبقضي معظم وقتي برا مصر .
مريم : وعيلتك بيسافروا معاك برضو ولا بتسافر لوحدك ؟
في تلك اللحظة تغيرت تعابير وجه خالد فقال بنبرة حزينة : الوالد والوالدة...تعيش انتي ، وانا كنت ابنهم الوحيد ومعنديش قرايب غير عمة وحده عايشه معايا في نيويورك وانا بعتبرها امي التانية لان هي اللي ربتني من وانا صغير .
وبعد قوله ذاك شعرت مريم بالحزن لانها تذكرت افراد عائلتها الذين ماتوا واحداً تلو الآخر وتركوها وحدها فذرفت دمعتين رغماً عنها وقالت بنبرة مخنوقة : اصعب حاجة في الدنيا لما الموت يخطف منك اعز انسان على قلبك... بس هنعمل ايه بقى ، هي دي الحياة... محدش بيدوم وكل الناس هيموتوا في الاخر.
قالت ذلك ومسحت دموعها فأنتبه عليها خالد واردف بتوتر : الظاهر انا فكرتك بحد كان غالي على قلبك جداً بس هو... مات مش كدا ؟
ازدردت مريم ريقها واجابت : ايوا... عيلتي.
فسألها خالد بغير تصديق : كلهم... ماتوا !
ردت عليه بنبرة مرتجفة للغاية : في الاول ...بابا توفى قبل تلات سنين بحادثة شغل وبعدين... ماما ماتت من سنة تقريباً..ومفضلش غيري انا واختي الصغيرة بس هي ... هي كمان راحت الاسبوع اللي فات وسابتني لوحدي...
قالت ذلك واجهشت بالبكاء الامر الذي اربك خالد ولم يعد يعلم ما الذي يجب أن يفعله ، فقال بتلعثم : انا...انا اسف يا انسة مريم ، مكنش قصدي افكرك بحزنك بتمنى انك تسامحيني.
فمسحت مريم دموعها مجدداً وهزت رأسها بالنفي قائلة بصوت مخنوق : ولا يهمك... اساساً انا مستحيل انسى الموضوع دا ابداً ، يعني انت مفكرتنيش فيه.
اخرج الشاب منديله الحريري من جيب سترته وقدمه لها قائلاً : اتفضلي... امسحي دموعك وانا اسف مرة تانية .
فنظرت مريم اليه لتجد في عينيه نظرة صادقة وحزينة يغلب عليها بعض الندم لانه جعلها تبكي فابتسمت واخذت المنديل من يده واردفت : متشكره...وارجوك بلاش تعتذر لانك مغلطش في حاجة .
ثم مسحت دموعها وابتسم هو لها وقرر ان يغير الموضوع إذ قال بعفوية : قوليلي بقى ...هي فين صاحبتك اللي سافرت معاكي ؟
اشارت مريم نحو مقعد الهام التي كانت بعيدة عنها قليلا ًوتغط في سبات عميق ثم اجابت : شايف البنت اللي نايمة هناك ، هي دي بقى صاحبتي واسمها الهام أمين ودي تبقى اجدع واروع صاحبة في الدنيا كلها وانا بعتبرها اختي مش بس صاحبتي .
في تلك اللحظة تحركت الهام اثناء نومها وعبثت بشعرها فأصبح فوضوياً مما جعل خالد يبتسم وقال : دي باين عليها طيبة اوي.. بتشتغل ايه ؟
مريم : برضو مصممة مواقع إلكترونية .
خالد : جميل... انتوا بتشتغلوا نفس الشغلانه وكمان صحاب حاجة حلوه.
مريم : ايوا بس انا تخصصي هندسة الكترونية وبرمجة تطبيقات بينما التخصص بتاعها برمجة مواقع والتسويق الإلكترونى.
خالد : وانتي تعرفيها من امتى ؟
مريم : من وحنا صغيرين اصلها....
{ ويستمر الحديث والتعارف بينهما }
عوده الى مصر ...
كان يقود سيارته بسرعة جنونية ويبحث عنها كالمجنون الذي يبحث عن آبره في كومة قش ، عيناه تشتعل وكأنها جمرات غارقة بالدموع كما كان يعقد ما بين حاجبيه بشدة فتكون بينهما شق عميق وكان وجهه مشدوداً للغاية مما جعل عظمام فكيه وعروق رقبته تظهر للعلن ، ويديه كانتا تضغطان على مقود السيارة بقوة كبيرة وكأنه يحاول ان يحطمه ... وبينما كان على تلك الحال صاح بنبرة غاضبة : ازاي اتجرأت ؟
ثم ضرب المقود بيديه واردف : مين اداها الاذن علشان تسيبني وتخرج برا مصر .. مين سمح لها تبعد عني ببساطة كدا ؛ هي فاكره لو انها قدرت تسيب مصر مش هعرف الاقيها يعني ، دا انا ادهم عزام السيوفي وهلاقيكي يا مريم لو كنتي تحت سابع ارض ومش هسمحلك تسيبني ابداً ...مش المرة دي ودا وعد مني .
قال ذلك وزاد من سرعة سيارته ولكن سراعان ما تذكر شيئاً مهماً لذا ضغط بقدمه على الفرامل واوقف السيارة في منتصف الطريق فجأة مما سبب عرقلة سير في الشارع فاخذت ابواق السيارات تصدر اصواتاً وسمع شتائم السائقين.. فقال احدهم : ايه انت مجنون ؟!
وآخر : وقفت كدا ليه يا متخلف ، عايز تعمل حادثه ؟!
وآخر : انت اعمى ولا ايه ؟!
وآخر : لما انتوا متعرفوش تسوقوا تركبوا عربيات ليه ؟!!
ولكنه لم يهتم لاي شخص منهم بل قام بتدوير السيارة وعاد بها الى البناية حيث كانت تسكن مريم... وما هي الا مدة قصيرة قد مرت حتى وصل فترجل وركض متوجهاً نحو البواب وسأله بلهفة : متعرفش هي سافرت فين ؟
فنظر البواب اليه بغرابة وقال : لا يا بيه... محدش يعرف لانها سافرت فجأة.
اشاح ادهم بنظره عن الرجل كما لو كان يفكر بشيء وسرعان ما عاد ونظر اليه قائلاً : متشكر.
ثم عاد الى سيارته وهو يقول في سره : اكيد البنت اللي اسمها الهام دي تعرف مريم راحت فين ، انا لازم اسألها .
قال ذلك ثم صعد في السيارة وشغل المحرك وقاد بنفس السرعة الجنونية حتى وصل إلى الشركة وتوجه فوراً إلى القسم الذي كانت تعمل فيه الهام ؛ وقف جميع الموظفين عندما رأوه وقد شعروا بالتوتر لانه دخل دون سابق إنذار واخذ يبحث عن احدهم بين المكاتب... فاقترب منه مدير القسم وسأله بتردد : عايز.. عايز حاجة يا فندم ؟
نظر ادهم اليه وسأله : فين الموظفة اللي اسمها الهام أمين ؟
المدير : الهام أمين ، هي استقالت من الشغل بقالها يومين .
قطب ادهم حاجبيه بشدة وسأل بدهشة : استقالت ؟!
المدير : ا.. ايوا يا فندم.
فصاح ادهم بغضب : وانا ليه معرفش ، هو انا رجل كنبة في الشركة دي ولا ايه ؟
ارتعش المدير من شدة التوتر وقال بتلعثم : ح.. حضرتك م.. مكنتش هنا لما هي قدمت استقالتها ومحدش قدر يوصلك ابداً.
في تلك اللحظة اعاد ادهم شعره الى الخلف وبعدها خرج من القسم كما لو انه اعصار ، اما الموظفين فتنهدوا بقوة لان الخطر زال عنهم.... فذهب هو الى مكتبه في الطابق الاخير حيث نهضت سلمى بسرعة عندما رأته وقالت : نورت يا فندم.
فأقترب منها وقال بلهجة أمر : اتصلي على البنت اللي اسمها الهام أمين دي وخليها تيجي الشركة حالاً.
سلمى : تحت امرك يا فندم.
- ثم دخل ادهم الى مكتبه اما سلمى فوقفت تحدق بالباب وقالت بتساؤل : هو ايه اللي بيحصل بالضبط ؛ في الاول مريم ودلوقتي الهام ... يا ترى ايه اللي عملوه البنتين دول لادهم بيه ؟
قالت ذلك ثم تنهدت وبدأت تبحث في هاتفها عن رقم الهام الشخصي وعندما وجدته حاولت الاتصال بها ولكن النتيجة كانت ان الهاتف خارج نطاق الخدمة...فحاولت مره ثانية وثالثة ورابعة وكانت النتيجة نفسها فتنهدت مجدداً ثم نهضت من مكانها واقتربت من باب مكتب ادهم ؛ اخذت نفساً عميقاً وبعدها طرقت الباب ودخلت فوجدته واقفاً امام النافذة ينظر من خلالها إلى الشارع والمباني الاخرى بتركيز كبير وكان يدخن سيجارة والدخان يتصاعد من حوله ؛ اقتربت قليلاً ووقفت خلفه ثم اردفت : انا جربت اتصل عليها يا فندم بس الموبايل بتاعها مقفول.
نفث ادهم الدخان من فمه وقال بهدوء : جربي تتصلي بأهلها ...اكيد هتلاقي رقمهم في الـ CV بتاعها.
سلمى : حاضر.
قالت ذلك ثم خرجت من المكتب وعادت الى مكتبها وبدأت تبحث في الكومبيوتر عن سيرة الهام الذاتية وعندما وجدتها اكتشفت ان الفتاة لم تكتب في سيرتها الذاتية رقم هاتف منزلهم وانما سجلت رقم هاتفها الشخصي فقط بالاظافة الى العنوان ؛ لذا دونت العنوان على ورقة صغيرة وعادت الى مكتب ادهم حيث وجدته واقفاً بنفس الوضعية فقالت : انا اسفه يا فندم بس الانسة الهام مكتبتش رقم تليفون البيت في الـ CV بتاعها وانما سجلت رقم الفون الشخصي والعنوان ...وانا سجلتهولك على الورقة دي .
فالتفت ادهم اليها ثم اخذ الورقة من يدها والقى عليها نظرة واحده فقط وبعدها اعادها الى سلمى ومر من جانبها متوجهاً نحو باب مكتبه دون ان ينبس ببنت شفة ، فخرج واستقل المصعد... اما هي فتنهدت وقالت : الظاهر ان البنتين دول عملوا حاجة كبيرة والا مكانش ادهم بيه هيدور عليهم بنفسه ...ربنا يستر بقى.
تسارع في الأحداث ......
أصبحت مريم صديقة لخالد نجم حيث انهما تعرفا على بعضهما البعض اكثر بعد جلوسهما لعدة ساعات بجانب بعضهما في الطائرة كما انه راق لها وشعرت انه شخص صادق وحنون ولا تعلم لما شعرت بالراحة لانها تحدثت معه ، وبالنسبة له فهو اعجب بها وبشخصيتها ورقتها وشعر انهما سوف يلتقيان مجدداً وان هذا اللقاء لن يكون الاول والاخير بينهما... فقام بأعطائها بطاقة عمله وقال : دي البطاقة بتاعتي وفيها كل ارقام تليفوناتي وعنوان شركتي ... لو احتجتي اي حاجة لما نوصل بتمنى انك تتصلي بيا.. وكمان يا ريت تفكري بموضوع الشغل اللي عرضته عليكي .
فاخذت مريم البطاقة منه وقالت : متشكره يا استاذ خالد... ولو احتجت مساعدة اكيد هتصل بيك عارف ليه ؟
فابتسم خالد وسألها : ليه ؟
مريم : علشان انت شخص كويس وانا استريحتلك اوي.
اتسعت ابتسامة الشاب واردف : دي شهادة بعتز فيها.
مريم : اما بالنسبة للشغل فانا محتاجة افكر.. يعني زي ما حضرتك عارف اني معرفش اي حاجة في نيويورك ومحتاجة شوية وقت علشان اتعود على جوها وناسها وكمان موضوع تدقيق الحسابات دا هيبقى صعب شوية لان دا مش تخصصي .
خالد : طبعاً دا حقك... وانا بتمنى انك توافقي لان زي ما قولتك شركتي محتاجة الناس الاذكية اللي زيك وزي صاحبتك مع اني لسه ما قابلتهاش.
فضحكت مريم بخفة وقالت : متقلقش... انا عارفه الهام كويس ، هي مجنونة شوية وبتحب تهزر وتضحك على طول بس وقت الشغل هي تبقى حاجة تانية خالص ولو حصل نصيب علشان نشتغل في شركة حضرتك اكيد هيعجبك شغلها اوي لانها بتشتغل من كل قلبها .
- وبينما كانا يتحدثان سمعا صوت انثوي يقول بالانجليزية : يرجى من السادة المسافرين ربط الاحزمة لان الطائرة ستهبط بعد عشر دقائق في مطار جون إف كينيدي الدولي { في ولاية نيويورك }
فنظرت مريم الى خالد وابتسمت قائلة : يا خبر.. احنا وصلنا ومحسيناش بالوقت !
خالد : جايز لاننا اتكلمنا مع بعض الوقت عدى بسرعة .
ابتسمت مريم بإشراقة ونظرت من نافذة الطائرة إلى تلك المدينة الرائعة ذات المباني العالية وبلد الحرية " مدينة نيويورك "وبينما كانت تحدق بـِ اضواء المباني المتلألئة اتسعت ابتسامتها اكثر مما جعل خالد يبتسم ايضاً بعد ان رآها تبتسم بالرغم من الحزن الذي كان ظاهراً على وجهها فسألها : عجبتك نيويورك ؟
التفتت اليه وهي تبتسم وقالت بلهفة : تجنن...انا كنت بشوفها في الانترنت وبسمع عنها بس لما تبص عليها من فوق كدا تحس بالحرية والراحة .
خالد : يبقى هفسحك فيها... ايه رأيك ؟
هتفت بلهفة : بجد !
رد عليها بابتسامة : طبعاً في اي وقت تحبي.
فقالت : ميرسي اوي يا استاذ خالد.
قالت ذلك ثم شردت قليلاً واردفت بتساؤل : الهام.. معقول لساها نايمة ؟!
ثم التفتت بجسدها قليلاً لتلقي نظرة على صديقتها وكان تخمينها صحيحاً حيث كانت الهام ما تزال نائمة وكأنها جثة هامدة الامر الذي جعل مريم تشهق قائلة بدهشة : معقول ، دي مصحيتش من ساعة ما الطيارة طارت !
فنظر خالد نحو الهام ايضاً وسألها : هي صاحبتك نومها تقيل ولا ايه حكايتها ؟
مريم : لا ابداً دي بتصحى لو سمعت دبة النملة بس جايز شربت منوم علشان تنام اصلها عندها ارق الفترة دي ومش بتنام الا بعد ما تشرب المنوم .
خالد : اه فهمت.
مريم : هروح اصحيها علشان تربط الحزام.
خالد : ماينفعش تقومي دلوقتي لاننا على وصول.. انا هقول لمضيفة الطيران انها تصحيها.
مريم : تمام.
- وبالفعل قام خالد بالتحدث مع مضيفة الطيران باللغة الإنجليزية وطلب منها ان تقوم بإيقاظ الهام فأومأت له برأسها وذهبت نحوها ، وعندما ايقظتها شعرت الهام بان جسدها متشنج للغاية لانها نامت لساعات طويلة دون ان تشعر باي شيء يجري من حولها... فنظرت إلى مقعد مريم ووجدتها تلوح لها بيدها فقامت بفرك عيناها ورفعت يدها لتلوح لها قائلة بداخلها : يخرب بيت ام النوم... اهو انا سبت مريم قاعدة لوحدها جنب الراجل الغريب دا ومعرفش لو كانت استريحت ولا لأ .
وما هي الا مدة قصيرة قد مرت حتى هبطت الطائرة في " مطار جون إف كينيدي الدولي " بسلام فنزل منها المسافرون وتوجهوا نحو البوابات ، اما الهام فركضت نحو مريم التي كانت واقفة مع خالد وقالت : انا اسفه يا ميمي بس شربت منوم ومابقتش حاسه بحاجة.
مريم : ولا يهمك المهم اننا وصلنا بخير وسلامة .
الهام : عندك حق .
ثم التفتت الى خالد وما ان رأته حتى سحرها بوسامته وجاذبيته وطوله وكل شيء فيه ، فابتسمت ببلاهة وكأنها نسيت العالم من حولها وسألت بصوت هائم : مين المز دا يا ميمي ، هو القمر ساب السما ونزل الارض ولا ايه ؟!
ابتسم خالد حتى ظهرت غمازته عندما سمع ذلك اما مريم فشعرت بالاحراج من تصرف صديقتها الطائشة لذا ركضت نحوها بسرعة واغلقت فمها بيدها وقالت بصوت خافت : يا مجنونة ؛ انتي تهبلتي ولا ايه ؟!
فعادت الهام الى طبيعتها واستيقظت من هيامها وادركت ما قالته فشعرت بالاحراج الشديد... اما خالد فمد يده ليصافحها قائلاً : ازيك يا انسه الهام ؟
صافحته الهام مستغربة لانه عرف اسمها وقالت بدهشة : الحمد لله ... بس حضرتك تبقى مين ؟!
اجابتها مريم : اعرفك...خالد نجم رجل اعمل وتجارة حره...ودي بقى صاحبتي الهام اللي حكيتلك عنها يا استاذ خالد.
فابتسم خالد وقال : اتشرفت بمعرفتك يا انسه الهام.
الهام : الشرف ليا يا استاذ .
قالت ذلك ثم اقتربت من مريم وهمست لها : انتي يا بنت.. اتعرفتي على القمر دا فين ؟
فتنهدت مريم وردت عليها بالهمس ذاته : كان قاعد جنبي في الطياره ...بطلي عبط وخليكي تقيلة لحسن هيفتكر انك بنت من البنات الطايشه اللي بتعاكس الرجاله .
قالت ذلك ثم نظرت إلى خالد وابتسمت كما فعلت الهام المثل.. اما هو فاستطرد قائلاً : ا... بما اننا وصلنا تحبوا اوصلكوا بطريقي ؟
مريم : متشكرين جداً يا استاذ خالد بس مش عايزين نتعبك معانا .
الهام : ايوا .
خالد : ولا تعب ولا حاجة...انا عايز اوصلكوا لان مينفعش اسيبكوا لوحدكوا في بلد اجنبية وانتوا متعرفوش حد فيها.
الهام : لا انا عمي عايش هنا وهو قال انه هيبعت ابنه علشان ياخدنا من المطار .
مريم : اه صحيح... سعيد قال انه هيجي ياخدنا من هنا بس الظاهر انه نسي .
الهام : انا هتصل بيه
خالد : ملوش لازمة...رجاءً خلوني اوصلكوا بيت عمك يا انسه الهام... متقلوش انا مش هخطفكوا.
قال جملته الاخيرة ممازحاً فابتسمت الهام وقالت : لا العفو..مش دا قصدنا ابداً .
مريم : مكنش القصد يا استاذ خالد بس بجد احنا مش عايزين نتعبك معانا.
خالد : ولا تعب ولا حاجة... وبعدين مش انا اللي هسوق دا السكرتير بتاعي يعني مش هتعبوني ابداً.
فتنهدت مريم وقالت : دا هيبقى كرم منك يا خالد بيه.
ابتسم خالد قائلاً : يلا اتفضلوا.
- قال ذلك ثم امسك بمقبض حقيبته وجرها متوجهاً خارج المطار فلحقت به كل من مريم والهام.. وما هي الا دقيقة حتى اتى شاب طويل القامة وعريض الكتفين وكان يبدو من هيئته وشعره الاشقر انه اجنبي فتوجه نحو خالد واخد الحقيبة من يده قائلاً بالانجليزية : اهلاً بعودتك سيدي.
رد عليه خالد : شكراً لك ديميتري.. هل السيارة جاهزة ؟
ديميتري : اجل سيدي.
خالد : حسناً ، ساعد هاتان الانستين ايضاً وافتح لهما باب السيارة.
ديميتري : حاضر سيدي.
- ثم اخذ حقائب مريم والهام ووضعهن في صندوق سيارة الـ BMW الخاصة بخالد وبعدها فتح لهن الباب الخلفي فنظرت الهام الى مريم ووجدتها تتصرف على طبيعتها كما لو كانت تعرف خالد منذ زمن طويل ؛ فتنهدت وصعدت ايضاً في السيارة وجلست بجانب صديقتها اما خالد فجلس في المقعد الأمامي بجانب سكرتيرة ديميتري وقال له : let's go / هيا انطلق.
اما في مصر.....
فكان الوقت يختلف عن الولايات المُتحدة حيث كانت الشمس ما تزال ساطعة وفي كبد السماء ...وبالنسبة لادهم كان قد وصل إلى منزل عائلة الهام ليسألها عن مريم حيث انه لم يكن يعرف بأنها سافرت مع صديقتها ، ولكنه خرج من البناية بخيبة أمل كبيرة فهو لم يجد احداً في المنزل لان اهلها قد ذهبوا الى الإسكندرية لزيارة بيت اهل السيدة صفية { ام الهام } وقرروا المكوث هناك لمدة طويلة ومن سوء حظه انهم تركوا منزلهم دون ان يخبروا اي احد من جيرانهم اين ذهبوا فظن ان ابنتهم سافرت معهم لذا قال بتذمر : وبعدين بقى ... انا لازم الاقي مريم بأسرع ما يمكن والا هتضيع مني يجد !
وبينما كان واقفاً امام البناية ورده اتصال من شقيقته رغد فاجابها : ايوا يا رغد..
فقالت له ببكاء : الحق ماما يا ادهم.... دي تعبت اوي ونقلناها المستشفى !
في تلك اللحظة اتسعت عينا ادهم وقال بهلع : بتقولي ايه ؛ تعبت... ازاي تعبت ؟
رغد : مش وقت الكلام دلوقتي....تعالى بسرعة !
فاغلق ادهم هاتفه وركض نحو سيارته ثم صعد بها وقادها بأقصى سرعة الى المستشفى الذي يعمل فيه شقيقه معاذ وزوجته سلوى... وعندما وصل نزل من سيارته دون ان يطفئ المحرك وركض بأسرع ما يمكنه الى داخل المبنى حيث كانت رغد واقفة بجانب غرفة العمليات برفقة العم محمود وزوجته امينه وابنيهما سمير ووفاء ، فتوجه نحوها وسألها بقلق : ايه اللي حصل يا رغد ، وفين ماما ؟
وما ان رأته رغد حتى عانقته بقوة وانفجرت بالبكاء قائلة بصوت متقطع : احنا كنا قاعدين في الجنينة... و.. وهي تعبت فجأة وفقدت وعيها ...ومعاذ قال انها اتعرضت لنوبة قلبيّة ولازم تعمل عمليه بسرعة.
ادهم : ايه !
فاقترب العم محمود منهما ووضع يده على كتف ادهم قائلاً : متقلقش يا ابني ... اخوك ومراتوا دخلوا اوضة العمليات وهما اللي هيعملوا العملية للست هانم وان شاء الله هتعدي على خير.
ادهم بقلق : ازاي معاذ دخل العملية ، دا ممكن يغلط في حاجة لان اللي جوا تبقى ماما وهو اكيد خايف عليها دلوقتي.
اجابته امينة زوجة العم محمود : هو اصر انه يعمل لها العملية بنفسه وسلوى قالت انها هتساعده.
فاخذ ادهم يربت على ظهر شقيقته التي كانت تعانقه وهي تبكي وقال لها : خلاص يا رغد...متعيطيش لان العايط مش هيجيب نتيجة دلوقتي.
ردت عليه رغد بنبرة باكية : انا خايفه يا ادهم... خايفه على ماما اوي.
فمسح ادهم دموعها قائلاً : متخفيش يا حبيبتي...ان شاء الله كل حاجة هتبقى تمام.
في نيويورك........
قام خالد بتوصيل مريم والهام الى عنوان منزل عمها " السيد عمر" حيث كان المنزل بسيطاً وجميلاً مكون من طابقين وحديقة صغيرة ، فنزلن من السيارة كما فعل هو المثل وقالت مريم : متشكرين جداً يا استاذ خالد...تعبناك معانا.
خالد : ولا تعب ولا حاجة... هو دا البيت ؟
فالتفتت الهام واجابته : ايوا... هو دا العنوان اللي بعته عمي.
خالد : يبقى انا همشي دلوقتي... اتشرفت بمعرفتكوا.
مريم : واحنا اكتر... ومتشكره مرة تانية .
خالد : العفو...ومتنسيش تفكري في الموضوع اللي تكلمنا عنه .
مريم : ولا يهمك.
خالد : يلا سلام.
- ثم غادر وهو يرسم على محياه ابتسامة مشرقة ، اما الهام فقالت : يا لهوي على الجمال ؛ مش بس جمال دا طلع اخلاق برضو وباين عليه شخص طيب اوي.
فنظرت مريم اليها وضربتها على جبينها بخفة واردفت : يا مجنونه... ازاي قدرتي تعاكسي الراجل كدا عيني عينك لما كنا في المطار ؟
فابتسمت الهام وردت بعفوية : يمكن لو قلتلك مش هتصدقيني يا ميمي بس والله العظيم دا دخل على قلبي زي العسل اول ما قبلته ...تقولي هو دا الشخص اللي كنت بدور عليه طول عمري وفجأه ظهر قدامي .
فتنهدت مريم واردفت : لا انتي باين عليكي اتجننتي على الاخر... يلا خلينا ندق باب بيت عمك احسن ما نفضل برا طول الليل .
الهام : اه صحيح...يلا بينا.
- قالت ذلك ثم حملت حقيبتها وسارت برفقة صديقتها مريم حتى دخلن الى فناء المنزل حيث كان المكان هادئ بأستثناء صوت التلفاز الذي كان صادراً من الداخل...فقامت بقرع جرس الباب ونظرت إلى مريم وما هي الا دقيقة حتى فتحت لهن فتاة جميلة ، ابتسمت وقالت بلكنة مصرية مكسرة : اكيد انتوا الهام ومريم مش كدا ؟
استغربت الهام من امر هذه الفتاة الاجنبية لانها كانت تعلم ان لديها ابن عم واحد وهو سعيد فقالت : وانتي تبقي....
الفتاة : جين ... انا جين مرات سعيد ابن عمك .
في تلك اللحظة ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه الهام وهتفت بنبرة حماس : هو سعيد اتجوز !
ردت عليها جين : ايوا.
الهام : الحمد لله ، تعالي في الحضن يا حبيبتي .
قالت ذلك واخذت تعانق جين بطريقة مبالغ فيها فسحبتها مريم من ذراعها وعاتبتها قائلة : مالك يا الهام ؛ ما تهدي شوية.. الله !
اما جين فابتسمت وقالت : اتفضلوا.
فدخلت الهام واردفت بسعادة غامرة : يا حبيبتي يا جين ؛ اسمك جين برضو مش كدا ؟
أومأت جين برأسها دليلاً على نعم واجابت : ايوا.
الهام : انتي متتخيليش انا فرحتلكوا قد ايه.
جين : متشكره.
في تلك اللحظة سمعن صوت سيدة كانت تنادي قائلة : جين.. انتي فين يا بنتي ؟
فقالت جين بلكنتها المكسرة : انا.. هنا يا ماما.
وعندما ظهرت السيدة واذ بالهام تصرخ قائلة : طنت سهيله... وحشتيني..
قالت ذلك وركضت نحو المرأة المدعوة سهيلة والتي تكون زوجة عمها ثم عانقتها باندفاع ، اما هذه الاخيرة فابتسمت وسالتها : انتوا جيتوا امتى يا بنتي ؟
ابتعدت الهام عنها واجابت : من شوية.
فابتسمت سهيله وسألتها : ازيك يا روحي ؟؟
الهام : الحمد لله بس انا زعلانه منك.
سهيلة : ليه بقى ؟
الهام : كدا برضو يا سوسو متسأليش عني طول السنتين اللي فاتوا ؛ هو انا مش بنتك كمان ولا ايه ؟
فابتسمت سهيلة وقالت : ومين قلك اني مكنتش اسأل عنك ؛ انا كنت بكلم مامتك كل اسبوع تقريباً علشان اطمن عليكوا بس انتي كنتي بتتأخري في الشغل ومكنتش عارفه اوصلك ابداً .
الهام : مادام كدا يبقى هعديها لك المره دي... ودلوقتي بصي انتي فاكرة مريم يا طنت مش كدا ؟
فنظرت سهيلة إلى مريم وابتسمت قائلة : هو حد يقدر ينسى القمر دا ، بسم الله ما شاء الله... انتي كبرتي اوي يا مريم عن اخر مرة شفتك فيها .
ابتسمت مريم وسألتها : ازيك يا طنت ؟
فعاتبتها سهيلة قائلة : عايزه تسلمي عليا كدا من غير ما تحضنيني برضو ؟
مريم : ودا كلام ؟
قالت ذلك ثم اقتربت منها وعانقتها... وما ان عانقتها حتى انفجرت بالبكاء لانها تذكرت والدتها حيث ان سهلية كانت صديقة امها سعاد منذ زمن ...فقالت : وحشتيني اوي يا طنت...انتي متتخيليش انا محتاجالك قد ايه.
فبكت سهيلة ايضاً وقالت : الله يرحم امك يا بنتي.. انا زعلت اوي لما سمعت الخبر...وكمان قلبي اتقطع على اختك اللي راحت كدا زي نسمة الهوا ، بس هنعمل ايه بقى دا كأس حتشرب منه كل الناس.
في تلك اللحظة نزلت دمعة الهام ولكنها سيطرت على نفسها ومسحت دموعها ثم استطردت : جرى ايه يا جماعة ؛ احنا هنفضل واقفين على الباب كدا ؟
واخذت تتلفت حولها ثم اضافت : وبعدين فين عمي ؛ دا وحشني اوي وكمان سعيد انا مش شايفاه .
فاجابتها جين بلكنه مكسره : بابا أومر قاعد جوا وسئيد نزل الشغل بس مش هيتأخر .
فنظرت الهام اليها بغرابة وسألتها : بابا... مين ؟
فضحكت سهيلة وقالت : الله عليكي يا جين.. بقالي سنة بعلمك وبرضو مش قادرة تلفضي حرف العين كويس !
قالت ذلك ثم نظرت إلى مريم والهام واضافت : جين مرات ابني ، اصلها اجنبية وهما اتجوزوا من سنة تقريباً وهي اسلمت علشان بتحب سعيد واتعلمت تتكلم مصري بس لسه متعرفش تلفظ اسمه واسم عمكوا عمر كويس.
فابتسمت مريم وقالت : اتشرفت بمعرفتك... انا مريم مراد .
جين : اهلاً ..م.. مريم .
واستطردت سهيلة قائلة : يلا اتفضلوا... اكيد عمكوا عمر هيفرح اوي لما يشوفكوا.
- وبالفعل دخلن الى غرفة المعيشة حيث كان السيد عمر عم الهام جالساً على الاريكة يشاهد التلفاز.. وما ان دخلت الهام الى الغرفة حتى احدثت ضجة عالية بصراخها قائلة : عموووووو... وحشتني يا حبيبي !
فنهض الرجل وقال بدهشة : مين .. الهام ؛ مش على اساس انك هتيجي بكرا يا بنتي ؟
ركضت الهام وعانقته قائلة : جرى ايه يا عموره ؟، انا ما وحشتكش ولا ايه ؟
ضحك السيد عمر وقال : ودا كلام برضو ؛ انا مبسوط انك هتقعدي معانا يا حبيبتي.
قال ذلك ثم نظر إلى مريم وابتسم قائلاً : نورتينا يا مريم يا بنتي... اخبارك ايه ؟
فابتسمت مريم وقالت : الحمد لله يا عمي.. انتي عامل ايه ؟
السيد عمر : انا كويس والحمد لله بس بقيت احسن بعد ما شفتكوا.
واضافت سهيلة : اهلك كلمونا يا الهام وقالوا انكوا هتوصلوا بكرا هو ايه اللي حصل بالزبط ؟
فضحكت الهام واردفت : الظاهر ان ماما اتلخبطت في الوقت لان زي ما انتوا عارفين ان التوقيت بيختلف بين مصر واميركا.
واستطردت جين قائلة : انا جهزت لكوا اوضة النوم اللي هتقعدوا فيها من امبارح ...هروح اطلع شنطكوا.
فقالت مريم : ميرسي اوي يا جين ...تعبناكي معانا.
فابتسمت جين وقالت : أفواً .
فصححتها سهيلة بقولها : عفواً يا جين مش أفواً ...قولي ورايا عفواً .
جين : أفواً .
سهيلة : عفواً ..ع. ع. مش أ.
فقال السيد عمر : خلاص بقى يا سهيلة... سيبي البنت في حالها انا زهقت عنها.
نظرت اليه زوجته وقالت : مهو لازم افضل اصححها علشان تتعلم.
فقالت الهام : ولا يهمك يا طنت...انا هعلم جين بدالك ومن بكرا كمان.
جين : متشكره يا الهام مش كدا ؟
الهام : ايوا يا حبيبتي انا الهام وتقدري تعتبريني اختك من اللحظة دي .
فقالت سهيلة : طيب يلا قوموا علشان تستريحوا وانا هروح اجهز العشا... اكيد سعيد هيتبسط اوي لما يعرف انكوا وصلتوا بخير وسلامة .
- وبالفعل ذهبت الهام ومريم برفقة جين التي ارشدتهن الى غرفتهن وقالت : انا رتبت السرير وجهزت الحمام ألشان تاخدوا راحتكوا.
الهام : متشكره يا قمر.
ابتسمت جين وقالت : هسيبكوا بقى تستريحوا.
قالت ذلك ثم خرجت من الغرفة اما الهام فقفزت من شدة الفرحة مما جعل مريم تنظر اليها بتعجب وسألتها : انتي اتجننتي ولا ايه ؟
فامسكت الهام بيدها وابتسمت قائلة : سعيد طلع متجوز يا ميمي يعني احتمال ان عمي يجوزهولي بقى زيرو...انتي سامعاني زيرو.
مريم : وانتي فرحانه كدا ليه ؟
الهام : علشان انا عمري بعتبر سعيد زي اخويا بس اهلي كانوا عايزيني اتجوزه ... لكن دلوقتي خلاص هو طلع متجوز وبيان ان مراته طيبة اوي.
مريم : بس ازاي مكنتيش تعرفي ان ابن عمك اتجوز... طنت سهيلة قالت انه اتجوز جين من سنة يعيني انتي واهلك مكنتوش تعرفوا ولا انتي بس اللي مكنتيش تعرفي ؟
الهام : فعلاً دي حاجة غريبة... محدش قال لي ان ابن عمي اتجوز ؟
مريم : جايز علشان جين اجنبية محبوش حد يعرف .
الهام : معقول ؟
مريم : كل حاجة جايزه يا بنتي.
الهام : خلاص ..المهم ان فكرة جوازي من سعيد بقت مستحيلة ودا معناه اني هقدر اتجوز فارس احلامي المز خالد نجم .
قالت ذلك بلهجة هيام وعشق ورمت نفسها على السرير وهي تبتسم وكأنها في عالم آخر... فنظرت مريم اليها وهزت رأسها قائلة : الصبر يا ربي ، انتي لسه شايفاه من ساعتين بس ازاي بقى فارس احلامك ؟
الهام : هو دا الحب من اول نظرة يا بنتي... انتي مسمعتيش عنه قبل كدا ولا ايه ؟
في تلك اللحظة تغيرت تعابير وجه مريم واصبحت حزينة لانها تذكرت ادهم...فهو كان حبها الاول والاخير ولكن الظروف لم تسمح لها بأن تعيش ذلك الحب وقتلته قبل ان يبدأ ... فادمعت عيناها وقالت : مفيش حاجة اسمها حب يا الهام... جايز يكون في الافلام والروايات بس مش في الحقيقة .
صرحت بذلك ثم فتحت باب الحمام ودخلت وبدأت تبكي بصمت ، اما الهام فجلست على السرير وتنهدت قائلة : اكيد افتكرت ادهم بيه... دي باين عليها انها بتحبه اوي والا مكانتش سابت مصر كلها علشان تقدر تنساه .
عودة الى مصر...........
كان ادهم واخته رغد وعائلة العم محمود ينتظرون امام باب غرفة العمليات بترقب وقلق خوفاً على السيدة كوثر التي دخلت إلى العملية منذ ثلاث ساعات...وبينما كانوا ينتظرون جاء كمال وهو يركض فسألهم بقلق : ايه اللي حصل لطنت كوثر ؟
اجابه ادهم : نوبة قلبية يا كمال وهي لسه في العملية.
في تلك اللحظة خرج معاذ من غرفة العمليات فهرع الجميع نحوه وسأله ادهم بقلق : ماما كويسه يا معاذ ؟
فتنهد معاذ وقال : الحمد الله العملية نجحت وهي عدت مرحلة الخطر ، انا سبت سلوى تخيط لها الجرح وهنخرجها كمان شوية بس لازم تفضل في العناية لغاية ما حالتها تستقر .
فتنفس الجميع الصعداء واقترب ادهم من شقيقه ثم عانقه قائلاً بنبرة متأثرة : متشكر يا معاذ لأنك مغلطش في حاجة والعملية نجحت.
اجابه معاذ : متشكرنيش ابداً دا انا معملتش غير واجبي تجاه امي وحمد الله على سلامتها.
وسأل كمال : بس ازاي حصلت لها النوبة القلبية يا معاذ ؟
معاذ : الظاهر ان ماما كانت مخبية علينا مرضها وتعبت فجأة.
في تلك اللحظة عاد ادهم إلى شخصيته القوية وسأل بشيء من الانزعاج : ومخلتوش بالكوا منها ليه ، مش على اساس دكاتره قاعدين معاها في نفس البيت ازاي سبتوها تتعب ؟
فقالت رغد : مش وقت الكلام دا دلوقتي يا ادهم ...انت مش شايف اننا خايفين على ماما ؟
اما كمال عاتبها قائلاً : رغد... مايصحش تتكلمي مع اخوكي الكبير بالشكل دا.
ردت رغد بانزعاج : مهو حضرته كمان مذنب... يعني عايز يحملنا المسؤولية لوحدنا وهو منعرفش بيروح فين ومع مين ... اساساً بقاله اسبوع مرجعش البيت والله واعلم هو بيعمل ايه وبينام عند مين .
صرخ ادهم عليها بصوت اشبه بزمجرة الاسد : رغد ؛ قسماً بالله العظيم لو رجعتي وقولتي الكلام دا تاني فانا هقطع لسانك انتي سامعه ؟
فتجمعت الدموع في عيون رغد وسرعان ما بكت لذا عانقتها امينة زوجة العم محمود واخذت تهدأ من روعها اما معاذ فقال : هدي نفسك يا ادهم...رغد بس خايفه على ماما ومكانتش قاصده تقول الكلام دا وبعدين الغضب مش هيجيب نتيجة دلوقتي .
رد عليه ادهم بعصبية : انت مسمعتش هي قالت ايه ، دي فكراني عماله العب وهيص ومتعرفش اني....
قال ذلك ثم صمت فقال كمال : خلاص يا ادهم...دي اختك الوحيدة برضو ومينفعش تتزعلها في وقت زي دا.
أراد ادهم ان يتحدث ولكن سلوى خرجت من غرفة العمليات وقالت : العملية خلصت يا جماعة .
فنظر الجميع اليها وقال لها زوجها : جهزوا اوضة العناية علشان ننقل ماما عليها ومش عايز حد يدخل هناك يا سلوى ماشي.
سلوى : متقلقش .
اما رغد فمسحت دموعها وامسكت بيد شقيقها الثاني معاذ وقالت : انا عايزه اشوف ماما يا معاذ.
فوضع معاذ يده على خدها وقال : مينفهش تشوفيها دلوقتي يا حبيبتي..استني اما تصحى ماشي.
رغد : ارجوك خليني اشوفها.
فقال لها ادهم : بطلي عبط بقى.. قالك ممنوع تشوفيها دلوقتي يعني ممنوع .
فنظرت اليه بانزعاج وسرعان ما اشاحت بنظرها عنه وكتفت ذراعيها قائلة : طيب خلاص..هستنى اما تصحى.
اما هو فقال : كمال... تعالى انا عايز اكلمك .
كمال : ماشي.
ثم ابتعدا عن البقية قليلاً وسأله كمال : في ايه يا ادهم ؟
ادهم : انا مش هروح الشركة اليومين دول علشان كدا عايزك تخلي بالك من الشغل.
كمال : متقلقش...بس علشان خاطري يا ادهم متزعلش رغد وصالحها ماشي.
فتنهد ادهم وقال : انت مسمعتش هي قالت ايه .. دي طلعتني مش مسؤول قدام الكل ، الظاهر انا دللتها اوي علشان كدا لازم ارجع اربيها من اول وجديد.
كمال : معليش يا ادهم...اكيد هي كانت خايفة على طنت كوثر وزي ما انت عارف انها بتخاف من الموت اوي بعد ما بباك الله يرحمه مات قدامها .
فعاد ادهم بذاكرته إلى اليوم الذي توفي فيه والده السيد عزام السيوفي جراء ازمة قلبية مفاجئة امام ابنته رغد عندما كانوا جالسين معاً في حديقة منزلهم لهذا السبب اصبحت الفتاة تخاف من فكرة الموت كثيراً بالرغم من قوة شخصية الا ان قلبها ضعيف تجاه هذا الموضوع ؛ فتنهد بقلة حيلة وقال : خلاص..هبقى اصالحها بعدين.
تسارع في الاحداث...........
- مر ذلك اليوم الشاق على ادهم كما لو انه عام ...فهو كان خائف على امه التي اجرت عملية خطيرة وكادت ان تفقد حياتها لولا ان الله امد بعمرها ونشلها من قبضة ملاك الموت ، كما انه كان دائم التفكير بحبيبته مريم التي كانت السبب في هيجانه على الاخرين وغضبه من نفسه لانها هاجرت وتركته بعد ان اصبح مهووساً بها فخرج الى حديقة المستشفى لكي يدخن حيث اصبحت السجائر رفيقته الدائمة ؛ اشعل سيجارة وجلس على احد المقاعد واخذ يسحب الدخان منها ويدخله الى رئتيه وبعدها يخرجه من انفه وفمه وهو شارد الذهن... واستمر على تلك الحال حتى انهى تدخين خمس سجائر الواحدة تلو الأخرى مما جعله يسعل فرمى اخر سيجارة على الارض وداس عليها بقدمه لكي يطفأها وبعدها وضع يده في جيب بنطاله واخرج منها قلادة مصنوعة من الفضة ؛ كانت دائرية الشكل ويبدو من شكلها انها تحتوي على صورة...فقام بفتحها وبالفعل كانت تحتوي على صورة لمريم وهي تحتضن اختها مرام وتبتسم بعفوية وسعادة .
- وهذه القلادة تعود لوالدة مريم السيدة سعاد وكانت ترتديها دائماً لانها تحتوي على صورة ابنتيها ، ولكن بعد ان ماتت اصبحت لمريم التي وضعتها حول عنقها في جنازة امها ولم تنزعها ابداً الا عندما وقعت منها في غرفة ادهم عندما تزوجا وهو وجدها في اليوم التالي بعد ان غادرت هي مع حقيبة النقود لذا احتفظ بها لانها تحتوي على صورة حبيبة قلبه كما يدعوها ولعنته الأبدية التي لن يتخلص منها ابداً .
رفع القلادة قليلاً حتى أصبحت أمام عيناه وفتحها ثم نظر إلى صورة مريم واختها وقال بنبرة حزن : انا محتاجلك... انتي فين ؛ ارجوكي ارجعي انا مقدرش استحمل غيابك عني.
وقال ذلك ثم ذرف دمعة دون ان يشعر فمسحها فوراً عندما سمع صوت شقيقه معاذ يناديه لذا وضع القلادة في جيبه والتفت إليه قائلاً : في ايه يا معاذ ؟
فاقترب معاذ منه وسأله : انت كويس يا ادهم ؟
ادهم : ايوا.
معاذ : مش هترجعوا البيت ؛ الوقت اتأخر اوي وانتوا لازم تستريحوا.
فنهض ادهم وقال : هخلي سمير يوصل رغد البيت وانا هفضل هنا.
معاذ : متقلقش يا خويا انا وسلوى هنفضل هنا وانت لازم ترجع البيت لان ما ينفعش نسيب اختنا لوحدها ، وبعدين انت شكلك تعبان اوي ومش هتقدر تعمل اي حاجة لو فضلت هنا لانك مش دكتور.
فتنهد ادهم واردف : طيب خلاص... انا هاخد رغد ونروح وانت ابقى طمنا لما ماما تصحى.
معاذ : متشلش هم.
ادهم : معاذ... انا مش عايز اوصيك... خلي بالك من ست الكل يا خويا لان مالناش غيرها ماشي .
فشعر معاذ بأن اخيه حزين لانه نادراً ما كان يتحدث معه بتلك الحنية فوضع يده على كتفه وقال : هحطها جوا عنيا يا ادهم.. بس انت متزعلش نفسك بسبب اللي قالته رغد لانها مكانتش قاصده تزعلك منها ابداً .
ادهم : انا مش زعلان من رغد... بصراحة هي عندها حق يعني انا المسؤول عن العيلة ولازم اخلي بالي منكوا كويس بس... بسبب الشغل اضطريت اني ابعد عنكوا شوية .
معاذ : انا عارف انك مشغول في مشاكل الشركة والموظفين بتوعك بس انت كمان لازم تستريح شويه لان جسمك ليه حق عليك ولو فضلت تتعب نفسك كدا أكيد حتنهار.
ادهم : متقلقش عليا... انا عندي مشكلة صغيرة ومش هستريح غير اما احلها.
فتنهد معاذ وقال : ربنا يهدي سرك يا خويا.
قال ذلك ثم تركه وعاد لمناوبته... اما ادهم فأخرج القلادة من جيبه مجدداً ونظر اليها قائلاً : ايوا يا مريم.. انا مش هقدر ارتاح غير اما الاقيكي ساعتها مش هسيبك تبعدي عني ابداً.
تسارع في الاحداث.............
- في صباح اليوم التالي في نيويورك استيقظت مريم قبل الهام وكانت تشعر بشعور غريب...حيث ان جسدها كان خاملاً وتشعر بالتعب والإرهاق ، فنهضت عن سريرها بتكاسل وفجأة شعرت بالدوار ورغبة في التقيء لذا ركضت بسرعة نحو الحمام وبدأت تتقيء في المرحاض مما جعل صديقتها الهام تشعر بها فنهضت بسرعة وذهبت لكي تستفقدها في الحمام قائلة : مريم ؛ انتي كويسه يا حبيبتي ؟
قالت ذلك وهي تربت على ظهر مريم التي كانت تتقيء ، وعندما انتهت رفعت السيفون ونهظت ثم غسلت وجهها بالماء البارد وبعدها نظرت إلى الهام وقالت : انا كويسه متقلقيش.. بس جايز تعبت لان الرحلة كانت متعبة .
فوضعت الهام يدها على جبين مريم وقالت : حرارة جسمك طبيعية... يبقى مفيش عندك سخونية.
ابتسمت مريم واردفت : قولتلك انا كويسه...وهبقى احسن بعد ما اعمل شاور .
قالت ذلك ثم توجهت نحو الخزانة واخرجت بعض الملابس من رفها ثم دخلت الى الحمام مجدداً لكي تستحم.. اما الهام فقالت : وانا هرجع انام شويه لغاية ما تخلص الشاور بتاعها.
قالت ذلك وعادت الى سريرها...اما في الاسفل فكانت جين تساعد السيدة سهيلة بتجهيز مائدة الإفطار بينما كان كل من سعيد ووالده السيد عمر يجلسان في الحديقة فقال الاول : ماما باين عليها انها مبسوطة لان الهام ومريم هيقعدوا معانا.
فابتسم والده وقال : هي دي امك... قلبها طيب وبتحب كل الناس ودا اللي بحبه فيها .
سعيد : ربنا يخليها لينا .
اما في مكان اخر من نيويورك ؛ وفي منزل كبير بالتحديد.. نزلت الى الاسفل سيدة انيقة وجميلة وكانت تبدو في الخمسين من عمرها فابتسمت عندما رأت التلفاز مشغلاً في غرفة المعيشة وقالت : اكيد خالد رجع .
قالت ذلك ثم توجهت نحو المطبخ ووقفت على عتبة الباب تراقب ذلك الشاب الوسيم الذي كان مشغولاً في تجهيز الفطور فابتسمت وقالت : good morning يا حبيبي.
فالتفت اليها وسرعان ما ابتسم قائلاً : وحشتيني يا سوسو .
قال ذلك ثم توجه نحوها وعانقها فبادلته العناق وبعدها ابتعدت عنه وسألته : رجعت امتى يا خالد ؟
خالد : امبارح بالليل .
سحر : طيب ليه ما صحتنيش ؟
خالد : محبتش ازعجك...قلت اعملهالك مفاجأة.
فقامت بقرص وجنتيه وابتسمت قائلة : ودي اجمل مفاجأة يا حبيبي.
فضحك خالد وقال : ما خلاص بقى يا سوسو ..انا كبرت ومابقتش عيل صغير .
سحر : حتى لو بقى عندك تسعين سنه انت هتفضل ابني الصغير وحبيب قلبي الوحيد.
فأمسك خالد يدها وطبع عليها قبله صغيرة ثم قال : ربنا ما يحرمنيش منك... يلا قعدي انا جهزتلك الفطار.
توجهت سحر الى مائدة الإفطار وابتسمت قائلة : هتفضل تحضر الفطار بنفسك لغاية امتى يعني ؟
فوضع خالد امامها كأس عصير وقال : لغاية ما اتجوز وجيبلك عروسه تعكنن عليكي العيشه .
فضحكت وقالت : لا بجد يا خالد انت لازم تتجوز علشان يبقى عندك عيلة .
خالد : ما انا عندي عيلة... انتي عيلتي الوحيدة يا سوسو .
قال ذلك ثم ابتسم لها واستدار لكي يحضر الخبز المحمص اما هي فاردفت : متتهربش من الموضوع يا حبيبي...لاني بتكلم جد وانت لازم تتجوز.
فنظر اليها وقال : متقليش يا عمتي... انا اكيد هتجوز بس لازم الاقي البنت المناسبة في الاول.
سحر : وهتلاقيها امتى دي ؟
في تلك اللحظة شرد خالد قليلاً واخذ يتذكر مريم والساعات القليلة التي قضاها برفقتها اثناء رحلتهما في الطائرة ثم ابتسم تلقائياً وقال : قريب جداً ...انا متأكد اني هلاقيها .
فتنهدت سحر وقالت : ربنا يتمملك على خير يا بني... يلا خلينا نفطر.
تسارع في الاحداث...........
خرجت مريم والهام برفقة جين لكي يتعرفن على نيويورك وكانت السعادة ظاهرة على وجوههن لان المدينة اعجبتهن ومن حسن حظهن ان السماء كانت صافية في ذلك اليوم... فقالت جين بلكنتها المكسرة : انا هبقى المرشد بتأكوا النهاردة وهفسحكوا في أماكن جميلة .
فضحكت الهام وقالت : مش المرشد بتأكوا... قولي بتاعكوا يا حبيبتي .
ابتسمت جين وكررت : بتأكوا.
فصححتها الهام : بتاعكوا..
في تلك اللحظة قالت مريم : خلاص يا لولو سيبيها تقول اللي هي عايزاه، اساساً دا انجاز عظيم انها قدرت تتكلم عربي وهي اجنبية .
فقالت جين : ماما سهيلة كانت بتألم دايماً وكمان سأيد .
الهام : وانا كمان هفضل وراكي لغاية ما تبقى تتكلمي عربي احسن مني.
فابتسمت جين وقالت : اوكي.
فاستطردت
اما مريم : انا عايزه اتفسح في البلد كلها النهاردة... يلا يا جين ورينا الاماكن الحلوه اللي هنا.
جين : يلا.
- وبالفعل تنزهن واستمتعن في وقتهن طوال اليوم وتعرفن على جين اكثر حيث انهن اصبحن صديقات وخصوصاً لان جين كانت تكبرهن بسنتين فقط اي انها كانت في الثالثة والعشرين من عمرها.
اما في مصر ، فكان اولاد السيدة كوثر جالسين برفقتها في غرفة المستشفى حيث كانت رغد جالسة بجانبها وتطعمها بيدها بينما كان معاذ ممسكاً بيد زوجته سلوى وكانا جالسين على الأريكة ينظران اليها ، اما بالنسبة لادهم فكان خارج الغرفة يتحدث في هاتفه وكان يبدو عليه انه منزعج إذ قال بنبرة عصبية خافتة : انا مليش دعوة يا عاصم... عايزك تلاقيها وتعرف هي راحت فين انت سامع ؟
أجابه المدعو عاصم : بس يا فندم احنا مش مباحث علشان نعرف المعلومات دي... يعني احنا يا دوب شركة أمن صغيرة وشغلنا اننا نحافض على الامان في شركة حضرتك .
ادهم : افهمني يا عاصم... انا لازم الاقي البنت دي بأي ثمن والا مش هقدر ارتاح.
عاصم : طيب حضرتك متعرفش هي سافرت فين ؛ يعني على الاقل لو نعرف البلد اللي راحت لها هنقدر نلاقيها.
ادهم : لو كنت اعرف مكنتش طلبت منك انك تدور عليها اساساً.
فتنهد عاصم وقال : خلاص يا فندم... احنا هنحاول نجيب معلومات عنها وبكدا يمكن نقدر نلاقيها.
ادهم : هستنى منك خبر.
قال ذلك ثم اغلق الهاتف وزفر تنهيدة طويلة قائلاً : فينك يا مريم ؟
اما عاصم والذي يكون رئيس الفريق الأمني الخاص بشركة رويال فقال محدثاً نفسه : مريم مراد عثمان... تطلعي مين يا ترى علشان تخلي ادهم عزام السيوفي يدور عليكي كدا ؟
تسارع في الاحداث........
- مر ثلاثة أسابيع على سفر مريم والهام واصبحت نيويورك موطنهن الجديد حيث انهن كانتا سعيدتين بالمكوث عند عائلة السيد عمر وما خفف وحشتهن هو ان جين زوجة سعيد اصبحت بمثابة اختهن الكبيرة كما ان سهيلة والبقية كانوا يعاملوهن بلطف كبير ومحبة ؛ اما بالنسبة لادهم فكان يفصل بينه وبين الجنون خيطاً رفيعاً لعدم تمكنه من ايجاد زوجته حتى بعدما وكل فريقاً أمنياً لكي يبحثوا عنها ، ولكنهم لم يتمكنوا من ايجادها لأنها سافرت دون ان تترك خلفها اي دليل يدل على مكانها... لذا قرر عاصم " رئيس فريق الأمن في الشركة " ان يذهب الى المطار ويستخرج قائمة بأسماء المسافرين الذين خرجوا من مصر في الاسابيع الاخيرة ولكن لسوء الحظ لم يسمح له جهاز الأمن الخاص بالمطار بمعرفة اي معلومات بأدعائهم ان ما يطلبه هو انتهاك لخصوصية المسافرين لذا عاد إلى الشركة بخيبة امل وما زاد الطين بلة هو اتصال ادهم به فتنهد بقوة كما لو كان يجهز نفسه لتلقي التوبيخ وبعدها اجاب قائلاً : ايوا يا فندم.
فقال ادهم الذي كان جالساً في مكتبه في الشركة : ها... عملت ايه يا عاصم ؛ جبت المعلومات ؟
عاصم : مع الاسف مقدرتش ؛ الامن في المطار مسمحليش اعمل كدا لان دي تعتبر انتهاك خصوصية .
فضغط ادهم على الهاتف بيده حتى كاد ان يكسرة وسأله بنيرة غضب : يعني افهم من كلامك انك مقدرتش تلاقي مريم لغاية دلوقتي ؟!
عاصم : انا اسف يا فندم.
ادهم : لو مش هتعرف تلاقيها يبقى انا هدور عليها بنفسي.
قال ذلك ثم اغلق الخط وسرعان ما رمى الهاتف على الارض حتى اصبح حطاماً وصرخ : وبعدين بقى ، هي اتبخرت ولا ايه ؟
عند مريم ، كانت تساعد سهيلة في تجهيز العشاء وبينما كانت تقطع الخضار شعرت بالأعياء فجأة لذا ركضت الى الحمام بسرعة وبدأت تتقيء في المرحاض الامر الذي جعل سهيلة تستغرب من امرها ولحقت بها ثم وقفت امام باب الحمام واخذت تطرقه قائلة : مريم.. انتي كويسه يا بنتي !
سحبت مريم السيفون ونهضت ثم قالت بصوت مرتجف : ايوا يا طنت بس معدتي وجعاني شوية .
سهيلة : اكيد اكلتي حاجة مش كويسه... هروح اعملك كباية عصير برتقان جايز تخفي بعد ما تشرييها.
قالت ذلك ثم غادرت اما مريم فغسلت وجهها وبعدها نظرت إلى نفسها في المرآة ثم احنت رأسها قليلاً ونظرت إلى بطنها ووضعت يدها عليه قائلة : معقول انا... حامل !
يتبع.