رواية بحر العشق المالح الفصل الثالث 3 بقلم سعاد محمد سلامة
بعد مرور أكثر من أسبوعين
فى الصباح، بمنزل جمال التهامى
جلست ساميه تتحدث
على الهاتف مُبتسمه وهى تستمع الى حديث فادى المرح:
العريس هيوصل النهارده لازم تستقبيله بأكله مُعتبره كده ترُم عضمه، بدل أكل المُعلبات اللى كان عايش عليها، عريس وعاوز تغذيه، بلاش إستخسارأدبحى له دكر بط ولا أتنين من اللى بتربيهم عالسطح عندك، ولا مستنيه مرات عمى تقوم معاه بالواجب ده.
ردت ساميه: قصدك إنى بستخسر في أخوك الآكل، من امتى ده، وبعدين بطل هزارك الماسخ ده، مش كفايه إنك مش هتحضر فرح أخوك كنت تبقى جنبه كده تشرفهُ.
ضحك فادى قائلاً: أخويا بعد فرحه مش هيبقى فايق لحد غير صابرين ده صُبر كتير على ما وصل لليوم ده، وكمان أنا مرتبط بعقد مع الشركه هنا مش هيخلص قبل خمس شهور، وبعدها هنزل مصر الشركه بتبنى لها فرع عندكم فى إسكندريه، وانا أتفقت مع الرئيس بتاعى يرشحنى إنى أشتغل فى الفرع ده، وأبدى موافقه، بس وقتها المرتب مش هيبقى باليورو، هيبقى بالمصرى، بس الحمد لله معايا مبلغ محترم أبدأ بيه حياتى،بشقه كويسه وعربيه كمان.
ردت ساميه بسخريه: والمبلغ ده قد أيه، العيشه فى مصر غاليه، بس متحملش هم.
ضحك فادى قائلاً: ومنين جالك إنى حامل الهم، أنا مش زى إبنك مصطفى ومتسربع عالجواز، مفيش واحده لغاية دلوقتي قدرت تلفت نظرى فـ مش مستعجل عالجواز، إلا قوليلى أيه آخر أخبارك مع صابرين، لسه إستفزازيه زى ما هى كده.
ردت ساميه بنزك: وهو الطبع بتغير غير بطلوع الروح، والله لو مش مصطفى هو اللى إتمسك بيها من الاول كنت جوزته أحلى منها، بس تقول أيه مراية الحب عاميه.
ضحك فادى قائلاً: هو اللى هيعاشرها مش أنتى هو حر، وصابرين بنت عمى صحيح إستفزازيه، بس أخلاقها كويسه.
تهكمت ساميه قائله: آه أخلاقها كويسه أنت هتقولى.
ضحك فادى قائلاً: شكلك كده هتعدى أمجاد مارى منيب، بقولك أنا لازم انزل دلوقتي الشركه، هكلمكم المسا يكون العريس وصل الى أرض الوطن.
أغلقت ساميه الهاتف ووضعته أمامها تُفكر فى قول فادى أنه بعد إنتهاء عدة أشهر سيعود للعمل بمصر بمقابل ليس كبير كالذى يتقضاه الآن، إذن ما فعلته حين أقنعت جمال بانشاء سور مبانى حول تلك الأرض كان جيدًا،حقًا إنشاء هذا السور كلفها مبلغ كبير لكن نصيبهم فى قيمة هذه الأرض،يُغطى ذالك المبلغ بل وأيضًا سترفع من مستوى إبنيها المادى دون الحاجه الى السفر من أجل تحسين مستقبلهم،كما أن صمت عائلة زهران بعد أن علموا بذالك ليس له سوا معنى واحد،أنهم علموا أن الأرض مازالت مِلك لعائلة التهامى بالسجلات الرسميه.
....., ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل الظهر بقليل
بـ بيت الشردى
تحت مظله كبيره بحديقة ذالك المنزل الكبير
جلست كل من ماجده وسحر التى قالت بإستخبار:
أمال فين مرات إبنك.
مصمصت ماجده شفتيها قائله بتهكم:راحت بيت أهلها،أختها جايه من اسكندريه،عشان المحروس خطيبها هيوصل النهارده من السعوديه.
ردت سحر بإستفسار: هما خلاص حددوا ميعاد الدخله؟.
ردت ماجده: معرفش، إنت عارفه مرات أخوكِ لئينه وكهينه وتاخدى منها الكلمه بالعافيه، بس أكيد محددين الميعاد... بس بتسألى ليه؟
ردت سحر: مفيش بسأل بس.
ردت ماجده بسؤال: إلا عيلة زهران هيسكتوا كده عالارض اللى حوطوها عيلة التهامى،وإتشاع فى البلد إن الأرض بتاعتهم هما ، الأرض دى البلد كلها عارفه إنها مِلك عيلة زهران.
ردت سحر: معرفش، بس اللى سمعته إنهم حاولوا بالتراضى وجمال التهامى ظهر أوراق تثبت إن الأرض ملكهم هما فى سجلات الحكومه، بس فاروق لما سألته قالى ماليش دخل دى أرضهم وهيعرفوا يرجعوها إزاى مستنين رجوع عواد، هو كمان جاى النهارده من إسكندريه.
تعجبت ماجده قائله: هو كان فى اسكندريه ولا بره مصر.
ردت سحر: هو كان فى هولندا... ورجع على اسكندريه، وإمبارح بالصدفه سمعت الحج فهمى بيكلمه وقاله، معرفش عواد رد عليه بأيه؟
لوت ماجده شفتيها بسخريه قائله: وهيرد يقول أيه، شكلهم لا هيهشوا ولا ينشوا والارض ترجع للتهاميه من تانى هى كانت أرضهم فى الاساس بس اللى حصل من عشرين سنه هو اللى غصبهم،، وأهو رجعت تانى لهم، وأيه أخوكِ بيقول الأرض دى بسعر النهارده تسوى أقل واجب اربعه مليون جنيه، كويس ربنا بيحب أخوكِ أصلى داعيه له من قلبى لو كان فاروق وافق وباع له حتة الأرض، وبعد كده أكتشفنا إن الأرض لسه بإسم التهاميه فى السجلات مكنش هيقدر يطلب التمن اللى دفعه لعيلة زهران،سيبك من سيرة الأرض دى،قوليلى هو عواد مش ناوى يتجوز ويتلم بقى طول الوقت عايش بين هنا وبين إسكندريه وسفر بره،أيه مفيش واحده عجباه.
ردت سحر:لأ دى تحيه والحج فهمى غلبوا معاه،حتى فهمى كلمه برضوا مفيش فايده،عاجبهُ حياته كده،انا خايفه على فهمى منه،بسبب الرقصات اللى بيبقى يروح لهم كباريهات إسكندريه،وفهمى بيروح وراه.
ردت ماجده: لأ متخافيش يظهر الكلام اللي بيتقال على عواد صحيح.
ردت سحر بإستفهام: قصدك أيه بالكلام اللي بيتقال على عواد؟
ردت ماجده: إن مالوش فى الحريم والحادثه القديمه أثرت عليه، ده كان نصه اللى تحت مشلول لأكتر من سنتين ونص، أكيد أثرت على رجولتهُ.
تلفتت سحر حولها بالمكان وقالت بفهم بصوت خافت:
بس يا ماما لا حد يسمعك تبقى مصيبه.
سخرت ماجده قائله:وهو أنا بس اللى بقول كده،البلد كلها بتقول كده...أن مرواحهُ للرقصات فى الكباريهات فى إسكندريه تمويه قدام الناس عشان يدارى على عِلتهُ.
..... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بنفس الوقت
بـ محطة قطار الأسكندريه.
كانت صابرين تسير جوار إياد الذى قال لها:
حلو قوى، ماشيه انتِ واخده راحتك وانا اللى ساحب شنطتى انا وماما وكمان شنطتك.
نظرت له مبتسمه تقول: ده الإتكيت الراجل هو اللى يسحب الشنط.
ضحك إياد قائلاً: دلوقتي بقيت راجل عشان أشيل الشنط لكن قبل شويه كنت عيل سيس، سامعك وانتِ بتقولى كده لـ ماما قبل ما ننزل من الشقه.
تبسمت صابرين قائله: أنا قولت كده، مش فاكره وبعدين ده يعتبر تصنُت، والتصنُت عيب على فكره وعقابًا لك إسحب الشنط بقى وأنت ساكت دوشتنى هى صبريه سبقتنا عشان تقطع التذاكر غابت كده ليه، خلينا نشوف أى مكان فاضى فى المحطه نقعد عليه لحد ما ترجع بالتذاكر...رفعت صابرين بصرها تجول بأروقة المحطه رأت صبريه تقف يبدوا انها تُحدث أحدًا،من بعيد،فقالت:أهى صبريه معرفش واقفه مع مين... خلينا نقعد هنا مكان فاضى أهو أقعد انا وانت اقف جنب الشنط.
ضحك إياد قائلاً: توبه بعد كده أسافر معاكِ لمكان، يا مستفزه...ربنا يكون فى عون مصطفى أكيد طنط ساميه داعيه عليه فى ليلة القدر.
ضحكت صابرين.
بينما فى محطة القطار لكن بمكان آخر تصنمت صبريه حين كادت تتصادم مع ذالك السائر،فتوقفت عن السير، وكذالك هو.
مدت صبريه يدها لتُصافحه قائله:
إزيك يا عواد.
نظر عواد ليدها الممدوده بتعالى ثم قال: مين حضرتك.
خلعت صبريه نظارتها الشمسيه قائله: أنا صبريه.
نظر عواد لها بتمعُن رغم أنه يعرفها لكن إدعى عدم معرفتها عن قصد منه قائلاً: متأسف أنا معرفش حضرتك، ولازم ألحق أركب القطر.
قال عواد هذا ولم ينتظر وسار من جوارها وتركها تتحسر.
بعد قليل بأحد عربات القطار كانت صابرين وإياد يمزحان معاً،بينما صبريه كانت تجلس فى المقابل لهم شارده كيف أنكر عواد معرفته بها،أنسي الماضى كانت من أقرب الناس له.
لاحظ إياد وصابرين ذالك فقامت صابرين بمد يدها على كتف صبريه قائله:
مالك يا صبريه من وقت ما روحتى تقطعى التذاكر ورجعتى لينا وانتى متغيره،ومين اللى أنتِ كنتِ واقفه معاه عالمحطه ده؟
إنتبهت صبريه قائله: كنتِ بتقولى أيه؟
نظرت صابرين لـ إياد قائله:دى مكنتش معانا خالص،أيه اللى واخد عقلك كده،ومين اللى كنتِ واقفه معاه عالمحطه قبل ما نركب القطر.
ردت صبريه بمراوغه:
مكنتش واقفه مع حد،ده كان واحد بيسألنى على مكان شباك التذاكر،بعدين أعقلى بقى وبلاش مشاغبه،أنتِ خلاص كلها كم يوم وتبقى زوجه ومسئوله عن بيتك.
تبسم إياد قائلاً:سيبيها ترفه عن نفسها يا ماما بكره طنط ساميه هطلع عنيها،وتمشيها تكلم نفسها.
ضحكتن الاثنتين وقالت صابرين:يا زين ما توقعت،بتدينى طاقه إيجابيه ما أنا عارفه مزايا مرات عمى وحفظاها،يلا أستعنا عالشقا.
بنفس القطار لكن بعربه أخرى مميزه...
نفث عواد دخان سيجارته بغضب يكاد يسحقها بين إصبعيه،وهو يتذكر تلك المرأه التى حدثته قبل قليل،هذا هو اللقاء الأول وجهًا لوجه منذ سنوات طويله،وأتى بوقت هو فيه مُتعصب لأقصى درجه،بسبب ما قصهُ عليه عمهُ حول تلك الأرض،والذى بسببها عاود من سفرهُ بعد أن كان ينتوى البقاء لمده أخرى قطع سفرهُ وعاد،ليلتقى بالماضى الذى يعود أمامه من جديد.
.......ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد العشاء
بمنزل جمال التهامى.
دخلت صابرين ومعها والداتها كذالك فاديه وأخيها كذالك صبريه وولدها
إستقبلتهم جميعًا ساميه مُرحبه.
دخلوا جميعًا الى غرفة الضيوف،
تبسم مصطفى ينظر بشوق وعشق لـ صابرين التى تبتسم
بينما قام الجميع بالسلام عليه، والتى كانت هى الأخيره مدت يدها كى تُصافحه،فتهكمت ساميه قائله:
المفروض تاخدي مصطفى بالحضن مش تسلمى بإيدك عليه ده جوزك وحلال ربنا وكان غايب.
إرتبكت صابرين وظلت صامته،بينما قالت صبريه:
هو جوزها صحيح بس فين الحيا،بلاش تكسفيها قدمنا،وكلها تلات أيام ويتقفل عليهم باب وقتها هما أحرار.
تهكمت ساميه قائله:وماله هروح أحضر العشا،ولا عاوزين تشربوا عصير قبل العشا.
رد جمال: لأ حضرى العشا والعصير بعدين.
نهضت فاديه قائله:لأ أعفينى انا يا مرات عمى من العشا أنا خلاص سلمت على مصطفى، ولازم أمشى،عشان وفيق جوزى وحماتى.
سخرت ساميه بداخلها لكن أظهرت الود قائله:براحتك يا حبيبتى، إبقى سلميلى على وفيق وحماتك.
تبسمت فاديه وغادرت...بينما نظرت شهيره الى صابرين قائله:قومى ساعدى مرات عمك.
نظرت لها صابرين بضيق لكن نهضت على مضض وذهبت تساعد ساميه فى تحضير طاولة الطعام ...
كانت ساميه تتغطرس على صابرين التى تحملتها بصعوبه حتى لا تفتعل مشكله،لكن بداخلها أجزمت أنها لن تتحمل ذالك كثيرًا.
بعد إنتهاء العشاء
تحججت صابرين أنها مُتعبه من السفر وغادرت هى وإياد وهيثم أخيها،
كذالك مصطفى بعد مغادرة صابرين ذهب ليستريح من السفر.
ظل الأخوه ونسائهم ومعهم صبريه.
تحدث جمال قائلاً:
عيلة زهران قدموا شكوى فى النقطه وأترفضت.
تعجبت صبريه قائله:وأيه سبب الشكوى دى؟
رد جمال:بخصوص الارض اللى على المحطه بتاعتنا.
تعجبت صبريه قائله بإستفسار:أرض أيه؟
ردت ساميه:أرضنا اللى رجعت لينا من تانى،زمان عيلة زهران أخدوها بخس وأهو ربنا رد الحق لاصحابه،المال الحلال لازم يعود لصاحبه وهما خدوها جواله، وربنا كان بالمرصاد، الأرض حمايا الله يرحمه مكنش سجلها فى الشهر العقارى، يعنى الأرض فى الحكومه لسه بأسم حمايا وأحنا الورثه بتوعه يعنى الأرض من حقنا.
ذُهلت صبريه ونظرت الى سالم الذى قال:
لأ الأرض دى مش من حقنا وأحنا عارفين ده كويس وسبق وقولتلك يا جمال بلاش تبنى سور حوالين الأرض دى، بلاش نستفز عيلة زعلان زهران.
ردت صبريه بنفس الشئ.
بينما قالت ساميه بإستقلال: يعنى هيعملوا أيه، ما أهو راحوا قدموا شكوى فى المركز وأترفضت لان مش معاهم أى مستند يثبت أحقيتهم فى الأرض دى...ولما ملقوش حل سكتوا.
ردت صبريه: بلاش تستهونى بسكوت عيلة زهران.
ردت ساميه:أعلى ما فى خيلهم يركبوه هيعملوا أيه يعنى،إحنا فى السليم والأرض مثبوته بإسم حمايا وأحنا الورثه الشرعين.
نظرت لها صبريه وهى تتوجس خيفه أن يعود الماضى وينفتح مره أخرى فـ صمت عائلة زهران يُشبه الهدوء قبل الإعصار.
.......
بعد قليل بغرفة النوم
إضجع جمال بظهره على الفراش يقول:
مكنتش متوقع رد صبريه،كنت متوقع إنها تفرح إن الأرض لسه بإسمنا...ولا حتى كمان رد سالم.
ردت ساميه:صبريه بتعمل حركات فارغه انا مش تايه عنها،وبكره تقول ساميه قالت،وسالم كمان زمان مكنش معاه غير البنتين ومكنش عنده ولد يبنى له دلوقتي بقى عنده هيثم وخلاص هيدخل الجامعه،وهيعوز يأمن له مستقبله،ونصيبه فى الارض هيخليه يوافق.
تنهد جمال مُقتنع بحديث ساميه، ثم تثائب قائلاً: مصطفى أتفق هو وسالم بكره هيروح هو وصابرين ينقوا الشبكه.
إنزعجت ساميه قائله: شبكة أيه واللى جبناه قبل كده كان أيه؟
رد جمال:
دى كانت دبله وتوينز.
ردت ساميه: ودول مش شبكه لازمتها أيه المصاريف الزياده، مش يعملوا حساب تكاليف ليلة الحنه،و قاعة الفرح دى لوحدها واخده مبلغ قد كده.
رد جمال:إبنك هو اللى طلب من سالم،وخلاص مفيهاش حاجه الشبكه هدية العريس للعروسه،وهما أحرار مع بعض.
ردت ساميه:إزاى يقول كده قبل ما يشورنى الاول.
تحدث جمال:وكمان طلب من سالم قايمة العفش عشان يمضيها قبل الفرح عشان اللخمه.
إنزعجت ساميه بشده قائله:كمان هيمضى على قايمه،مش سالم كان بيقول مش هيكتب قايمه.
رد جمال:فعلاً سالم كان ممانع،بس شهيره وصبريه أقنعوه وقالوا دى حتة ورقه ملهاش لازمه.
تهكمت ساميه قائله:ولما هى ورقه ملهاش لازمه ليه عاوزين مصطفى يمضى عليها.
رد جمال:صبريه قالت ده حق صابرين وعشان متحسش إنها أقل من غيرها فى حاجه.
ردت ساميه بإمتعاض قائله:وصبريه كان مالها بتدخل ليه،سبق وسالم كان بيقول أنه مش هيمضى إبن أخوه على قايمة عفش، صبريه الحشريه أقنعته فى قعده كده.
رد جمال:وفيها أيه أما مصطفى يمضى على قايمه بالعفش،ما كله هيبقى فى شقته،بلاش تجيبى مشاكل وعدى الكم يوم،إبنك متعلق بـ صابرين من صغرهُ، ومش القايمه ولا الشبكه اللى هنتوقف عليهم، سالم أخويا ومش غريب، إطفى النور خلينى أنام، طول اليوم هلكان عشان أجيب مصطفى من مطار إسكندريه لهنا.
أطفأت ساميه نور الغرفه وصعدت جوار جمال على الفراش تُزفر نفسها بغضب.
........ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل قليل
بـ منزل زهران.
بغرفة الصابون كان الجميع مُجتمع
تحدث عواد:
مش عارف إزاى عيلة التهامى تبنى سور حوالين الأرض وأنتم ساكتين كده!
رد فاروق:أنا كان سهل اوقفهم قبل ما يبنوا السور،بس فهمى قالى بلاش تدخل أنا هتصرف.
نظر عواد لـ فهمى قائلاً بتهكم:وأتصرفت إزاى بقى؟
رد فهمى:انا قدمت بلاغ فى المركز إن فى تعدى على أرض ملكنا،بس للآسف المركز لما حقق فى البلاغ،رفضه وقال مالوش لازمه،حتى المحامى قال نفس الشئ.
تعجب عواد قائلاً:قصدك أيه كده الأرض ضاعت...
رد فهمى:للآسف الأرض فى سجلات الحكومه بإسم التهاميه،لأن جدك مكنش سجل الارض بإسمه،أكيد ده بسبب اللى حصل وقتها شغلهُ.
رد عواد بتوعد:دا أنا كنت دفنت عيلة التهامى كلها في الأرض قبل ما أسلم وأسيب لهم الأرض دى بالذات.
ردت أحلام زوجة فهمى الأولى،تريد إشعال نيران حقد عواد:أنا قولت كده قبلك،وقولت عندى أربع صبيان يكفينى إتنين منهم،الأرض زى العِرض بالظبط.
نظر عواد لزوجة عمه يعلم كم هى حقوده،لكن أن تضحى بأبنائها مقابل هذه الارض لم يكُن يتوقع أن يصل بها الطمع لهذا الحد الأستغناء عن أبنائها،لكن لا يهمه شئ المهم عنده الآن هو أن تعود تلك الأرض.
تحدث قائلاً:طيب مبعتش لـ جمال التهامى ليه تتكلم قبل ما تقدم البلاغ.
رد فاروق:بعتنا له عن طريق المحامى وقال مستند الحكومه هو دليل ملكية الأرض.
زفر عواد نفسهُ بغضب، بينما عاود فاروق الحديث: أنا قولت لـ فهمى نأجر لهم بلطجيه نعرفهم مقامهم ونسترد أرضنا تانى، مردش عليا، وأهو حاوطوا الأرض بسور وفرحانين قوى، غير سمعت إن فرح إبن جمال التهامى على بنت أخوه بعد كم يوم، يعنى الفرحه هتبقى إتنين.
نظر عواد الى فهمى الصامت، ثم الى فاروق وفكر لثوانى ثم قال: تمام سيب الموضوع ده ليا وأنا هعرف أسترد الأرض دى، وزى ما قولت قبل كده، هدفنهم فى الأرض دى قبل ما أسيب لهم سهم منها يتمتعوا فيه.
........ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور يومين
بـ ليلة الحناء
بصوان كبير أمام منزل سالم التهامى كانت حفلة حناء بسيطه للعروس التى كانت تزين الحفل وسط إعجاب النساء ببساطتها وأُلفتها مع النساء.. لكن كانت الغِيره تملئ قلب ساميه حين كانت إحدى النساء تمدح بـ صابرين
كانت غِيرتها مُلاحظه من البعض، لكن يتجاهلون ذالك، إعتمادًا على حب مصطفى لـ صابرين.
بعد وقت إنتهت حفلة الحنه... وذهب الجميع
بعد منتصف الليل بوقت
إستيقظت صابرين تشعر بالقلق لا تعرف السبب، لكن فسر ذالك عقلها أن هذه آخر ليله تبيت فيها بمنزل والداها بليلة غد ستبدأ حياه جديده مع مصطفى...
نظرت صابرين لجوارها كانت تنام فاديه ناعسه، تبسمت لها فهن لم ينامن جوار بعضهن منذ عدة سنوات بعد أن تزوجت فاديه، الليله بقيت فاديه ولم تعود لمنزل زوجها كى تستمتع مع صابرين لكن بسبب الإنهاك فى تجهيزات الفرح بالأيام الماضيه غلبهن النوم بعد إنتهاء حفل الحناء بقليل.
نهضت صابرين من على الفراش وتوجهت الى دولاب ملابسها، آتت بطرحه صغيره وضعتها فوق رأسها بالكاد أخفت شعرها،ثم آتت بوشاح حريرى كبير وقامت بلفه فوق كتفيها تُغطى ذراعيها فوق تلك العباءه المنزليه القصيره، ذات الثلث كُم، ثم توجهت الى شُرفة الغرفه وفتحت الباب بهدوء ووقفت بالشُرفه تتنفس ذالك الهواء الحار فى أيام أغسطس الحارقه.
تقلبت فاديه فى الفراش لم تجد صابرين جوارها، نظرت نحو الضوء المُسرب من باب الشرفه، علمت أن صابرين تقف بالشرفه، نهضت هى الآخرى وإرتدت مئزر خاص بها فوق منامتها كذالك طرحه على رأسها وتوجهت الى الشرفه وفتحت بابها قائله ببسمه وغمز:
أيه اللى صحاكي من النوم دلوقتي، المفروض ترتاحى الليله دى، الليله الجايه مصطفى مش هيسيبك ترتاحى.
تبسمت صابرين قائله: معرفش أنا كنت نايمه فجأه صحيت والنوم طار من عينى، ولما لقيتك نايمه مرضتش أصحيكِ.
ضحكت فاديه وذهبت للجلوس جوار صابرين قائله: وأدينى أهو صحيت، يلا قولى لى أيه اللى مطير النوم من عينك، أكيد مصطفى، بتفكرى فيه.
ضحكت صابرين قائله: لأ والله، معرفش سبب صُحيانى من النوم مع إنى هلكانه بسبب الحنه وقبلها كمان توضيب العفش فى الشقه.... قالت صابرين هذا ونظرت لـ فاديه بمكر قائله: وأنتِ أيه اللى صحاكي دلوقتي، بتفكرى فى وفيق اول ليله تباتى بعيد عنه من تسع سنين من يوم ما أتجوزتوا، أقولك على سر لاول مره.
تبسمت فاديه قائله: قولى عالسر.
تنهدت صابرين قائله: أنا فاكره يوم جوازك من وفيق يومها أنا كنت زعلانه علشان هو خدك منى وانا هنام بعد كده فى الاوضه لوحدى، وانتى عارفه إنى بخاف أبقى لوحدى رغم إنى كنت فى الثانويه وقتها، بس حسيت إنك زى ما يكون مامتى وبعدت عنى،حتى كرهت وفيق وقتها.
تدمعت عين فاديه قائله:إنتِ فعلاً،بحسك زى بنتى،إحنا بينا فرق كبير تسع سنين تقريباً،أنا فاكره يوم ماما ما ولدتك رميت العروسه اللى كنت بلعب بها واهتميت بيكِ،حتى كنت بسرحلك شعرك،وماما تخاف لضغط بالمشط قوى على راسه أجرحها.
تبسمت صابرين قائله:بالعكس إنتِ كنتِ دايماً أحن عليا من ماما نفسها،وكمان حنينه عالواد الغلث هيثم.
ضحك هيثم الذى دخل إليهن قائلاً:الغلث سمعك على فكره.
تبسمن له وقالت فاديه:وأنت كمان أيه اللى صحاك من النوم دلوقتي.
ردت صابرين قبلهُ:أكيد بيفكرفى نتيجة الإمتحانات،أما نشوف بعد المصاريف اللى دفعها بابا له عالدروس هيجيب مجموع كويس ولا....
رد هيثم بثقه:متأكد هدخل طب بشرى جراحه كمان،وأول عمليه هعملها هقصلك لسانك.
ردت فاديه بضحك:عندك حق والله صابرين مش بس لسانها طويل لأ وكمان مستفزه،ربنا يكون فى عون مصطفى ومرات عمك ساميه .
نظرت لهما صابرين بغضب قائله: والله أنا ما خايفه غير من ساميه حاسه إنها نفسها تفركش الجوازه بالذات بعد ما جبنا الشبكه زى ما تكون مستخسراها فيا، ولا يوم كتابة القايمه كان ناقص تؤمر مصطفى يفركش الجوازه بس معرفش سبب سكوتها.
ردت فاديه: أقولك سبب سكوتها، نفس السبب القديم الطمع، قبل كده إطمعت أنك هتبقى موظفه وتشاركِ مصطفى المعيشه، دلوقتى طبعاً الأرض بابا له التلت زى عمى مروان وعمى جمال، يعنى مليونير.
تعجبت صابرين قائله: أرض أيه دى.
قبل أن ترد فاديه وتوضح لها، آتى إياد لمكانهم قائلاً: سهرانين كده من غيرى أخوه مع بعض وسايبنى لوحدى ناسين إنى إبن عمكم ولا أيه؟
ضحكت صابرين وقالت بمزح وهي تنظر لـ فاديه:
تعرفى الواد ده؟
نظرت فاديه لـ إياد قائله: بشبه عليه.
تبسم إياد لها قائلاً: أنا شبه عمك بابا الله يرحمه، ومتنسيش قريبًا بطل الجمهورية... وهشرف عيلة التهامى كلها
ضحكوا له، ليجلس هو الآخر معهم يمزحون ويمرحون معاً...دون الحديث عن تلك الأرض،كذالك آتت نسمة هواء لطيفه رطبت الطقس،مما جعل الوشاح الذى كان فوق كتفي صابرين يتطاير،كاشفًا ذراعيها... جذبت صابرين الوشاح عليها مره أخرى.
تبسمت فاديه قائله: الساعه قربت على تلاته خلاص الفجر قرب يآذن، يلا يا شباب قوموا روحوا أوضتكم وأنا صابرين هنصلى الفجر وننام ساعتين يومنا طويل.
بالفعل نهض الجميع ودخلوا الى الغرفه، وأغلقت صابرين باب الشُرفه خلفهم لا تعلم سبب لذالك الشعور الذى يختلج بقلبها لديها إحساس بحدوث شئ سيُعكر صفو حياتها، أرجعت السبب الى تسلُط زوجة عمها وخوفها أن يُصبح مصطفى تابع لها، وتُدمر زواجهم مستقبلاً.
ـــــــــــــــــــــــــــ........
بنفس الوقت
كان عواد ساهدًا يشعر بالضجر وهو مُمدد على الفراش دهس السيجاره التى بيدهُ بالمطفأه وضعها فوق طاوله جوار الفراش ونهض من على الفراش إرتدى سروالاً فقط وأخذ علبة السجائر ومعها ولاعته الخاصه، وخرج الى شُرفة غرفته،وضع إحدى السجائر بفمه ووقف يُشعلها،ثم مد بصره أمامه،رأى ضوء تلك اللمبات الملونه المصفوفه الخاصه بالأفراح،شعر بنار أقوى بجسده،ألقى السيجاره التى بيده أسفل قدمهُ يدهسها بغضب وأشعل أخرى لفت نظره الى تلك الشُرفه والى من تقف بها،لا يعلم لما سلط نظرهُ ينظر لها بغضب شديد وهو ينفث دخان سيجارتهُ،رأى أيضًا دخول إمرأه ثم صبى فآخر همس لنفسه قائلاً:
عاملين زى الجراد لما يتجمع حوالين الشجر،بس أنا هعرف أطرد الجراد ده إزاى.
بنفس اللحظه شعر بنسمة هواء رطبه،عكس ذالك الحر الخانق الذى كان يشعر به، شعر بإنتعاش قليلاً،لكن رأى تطايُر الوشاح من فوق كتف صابرين وظهور ذراعيها شعر بغضب لا يعلم سببهُ، ثم رأى دخولهم الى الغرفه وإغلاق صابرين للشُرفه... تهكم وظل ينفث سيجاره خلف أخرى،وهو واقفًا ينتظر شروق الشمس.
..........ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد الظهر
بأحد صالونات التجميل بالبلده.
دخلت صابرين ومعها فاديه.
تبسمت لهن إحدى الفتيات وباركت لهن وتمنت لها السعاده، ثم طلبت منهن الجلوس لبعض الوقت حتى تنتهى من عروس أخرى، بعد ساعه ونصف تقريباً قضينها فاديه وصابرين برؤية بعض الكتالوجات الخاصه بالعرائس لإختيار المناسب لها.
جلست صابرين أمام تلك الفتاه وأعطت لها أمرًا بوضع بعض اللمسات البسيطه لا تريد التبرُج الزائد وتصبح مثل عروس الحلوى ...بالفعل قامت الفتاه بعمل ما ارادته منها صابرين،وبالفعل أظهرت صابرين بوجه بهي ورقيق ببعض اللمسات البسيطه،لكن
كان لـ ساميه التى آتت بفضول منها،أو بالأصح تسلُط
كان لها رأى آخر وقالت:
أيه ده العروسه لسه مخلصتش مكياج،خلاص بقينا بعد العصر وقربنا عالمغرب.
تحدثت الفتاه: لأ إحنا خلصنا مكياچ العروسه يادوب هتلبس الفستان.
تهكمت ساميه قائله: خلصتى مكياچ أيه، دى وشها مش باين حتى الروچ على شفايفها.
ردت فاديه: بالعكس كده مكياچ بسيط وظاهر ملامح صابرين برقه.
تهكمت ساميه قائله: برِقه، ده كلام فارغ.
ردت الفتاه: بالعكس صابرين طالعه فى المكياچ ده بريئه و زى الملاك.
ردت ساميه بإنطياع رسمته: عالعموم براحتها، أنا كنت عاوزه مكياچ يظهر جمالها... وكمان لازم ارجع البيت عشان زمان شهيره وصبريه هيودوا شنطة العروسه وكمان عشا العرسان، وبعدها نروح للقاعه بتاعة الفرح.
غادرت ساميه وتركتهن تنهدت صابرين بغيظ، تبسمت فاديه قائله: كنت خايفه تردي عليها وطولى لسانك... سبحان من سكتك.
ردت صابرين بغيظ: والله كنت عاوزه أقوم أخنقها بس مسكت نفسى بالعافيه مش عاوزه تقول إن أنا اللى بدأت بقلة ألأدب... بس أنا مش هصبر كتير، ربنا يستر ومطلقش بعد الفرح بيومين.
ضحكن الفتاه وفاديه، بينما تهكمت صابرين عليهن.
بعد المغرب بوقت، إنتهت صابرين من إرتداء فستان الزفاف ووضع اللمسات النهائيه لها إنتظارًا مجئ مصطفى لإصطحابها، لكن
أمام صالون التجميل كانت هنالك مراسم زفاف لعروس أخرى تخرج من الصالون قبل صابرين التى وقفت تنظر لتلك الزفه من خلف الباب الزجاجى للصالون، لكن تفاجئن فاديه وصابرين بإثنين من النساء فتحن عليهن ذالك الباب ودخلن يسحبن صابرين من يدها بمرح، فى البدايه تعجبن صابرين وفاديه ولكن ظنن أنهن من ذالك الزفاف السابق ربما يعتقدان أن صابرين هى العروس الأخرى، حاولت صابرين إخبارهن، لكن لم يتركنها وسحبنها معهن الى الخارج وتركن فاديه تسير خلفهن الى أن وصلن الى إحدى السيارات،قامت إحداهن بالتغطيه على فاديه والأخرى سحبت صابرين الى تلك السياره وقامت بفتحها وأدخلت صابرين عنوه، وفى ثوانى كانت السياره تقطع الطريق إبتعادًا عن المكان.
تعجبت صابرين حين لاحظت سير السياره وأن فاديه لم تركب بها وقالت للسائق: إنت ليه مشيت قبل ما فاديه تركب العربيه،و فين مصطفى.
صمت السائق لم يرد.
عاودت صابرين السؤال، لم يرد السائق عليها، فقالت له بآمر: وقف العربيه، إنت مين؟
لم يرد السائق...
فقالت صابرين بتهديد: بقولك وقف العربيه بدل ما أفتح باب العربيه وأنط منها.
صمت السائق يجعل صابرين تشعر بالسوء
فحاولت فتح باب السياره، لكن الباب كان مُغلق إلكترونيًا.
......... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ بيت زهران
كان عواد يجلس بالمكتب الخاص به
فى الظلام فقط ضوء شاشة هاتفه هو من يُنير الغرفه ينظر الى بصيص تلك السيجاره التى بيدهُ يُنفث دخانها بغضب شديد، يشعر بداخله ببركان ثائر ينتظر فقط إشاره وسيُحرق كل شئ حوله، يُفكر فى تلك الأرض التى سُلبت، لو كانت كل أملاك عائلة زهران هى ما سُلبت ماكان أهتز ولا سيشعر بكل هذا الغضب، لكن تلك الأرض بسببها يعيش جسد خالى الروح الذى فقدها ذالك اليوم الذى سالت دماء والدهُ وظل هو قعيد مقعد متحرك لما يُقارب على ثلاث سنوات...
فى ذالك الأثناء صدح هاتفه... ترك النظر الى بصيص السيجاره ونظر الى الهاتف،
قام بالرد مباشرةً ليسمع:
اللى أمرت بيه تم يا باشمهندس... زى ما طلبت مننا بالظبط بدون نقطة دم.
تبسم قائلاً: تمام.
أغلق عواد الهاتف ونهض واقفًا وأشعل ضوء الغرفه وذهب الى تلك الخزنه الموجوده بالغرفه وقام بفتحها، مد يدهُ يسحب ذالك السلاح نظر إليه نادمًا هذا السلاح ربما لو إنطلق منه رصاصه بالماضى كانت حياته أختلفت وما كان عاش بلا روح ،لكن اليوم هو من سيتحدث،وسيعيد الثآر وكذالك الأرض التى كانت مقابل للعِرض، قام بفحصه جيدًا، ثم سحب علبة الذخيره وملئها بالرصاصات، وفتح صمام آمان السلاح، ثم قام بوضعه على حزام خصرهُ وتوجه ناحية باب الغرفه يغادر البيت يعرف وجهته الآن
الرابع من هنا