رواية فتاة ذوبتني عشقا تيم وطيف الفصل السادس عشر 16 بقلم امينة محمد
رواية - فتاة ذوبتني عشقا -
الجزء السادس عشر ..
+
مر أسبوعا كاملاً لم يكن مروره كـ مرور الكرام .. ولكن كما تمر الدقائق تمر الساعات فتليها الايام ثم الأسابيع .. وها هو الآن يمر الأسبوع ..
+
- فرح وسليم -
+
** كانت فرح جالسة في شرفة منزلها .. تتذكر اخر لقاء لها مع سليم في ذلك الكافية .. عندما اتاه اتصالا شقلب حاله واحواله .. لم تتحدث معه ولم تراه .. وهو لم يحادثها .. تفكر في حاله وأحيانا تعتقد انه يترك لها الفرصة الآن لتفكر في مصيرهم معاً .. امسكت هاتفها من جوارها تعبث به بشرود حتي قطع حبل تفكيرها صوت رسالة منه .. فتحت الرسالة لتجد محتواها " محتاج نتكلم شوية عشان نقرر اخرة اللي احنا فيه دا اي !" .. اخذت فرح نفسا عميقا ثم أرسلت له رسالة اخرى بها " ماشي " ثم اغلقت هاتفها ودلفت من الشرفة للمنزل فوجدت اخاها يدلف لغرفته بتوجس خوفاً ان يراه أحد .. فتبعته بإستغراب الى الغرفة ووقفت عن الباب فوجدته يخبئ كيس لونه اسود اسفل الفراش .. فتحت عينيها بصدمة ودلفت إليه سريعاً فنظر لها بخوف قائلا ( فـ..ـرح .. في اي ؟) هرولت اليه تمسك ما بيديه قائلة بنبرة عالية ( انت بتخبي اي ياكريم !!؟) تلعثم في الحديث ودار بعينيه في ارجاء المكان ثم نظر لها قائلا ( مبخبيش حاجة يعني .. وبعدين مالك بتعلي صوتك كدا ليه ؟) قوصت فرح حاجبيها وهي تقول بشك ( لا واللهِ .. كريم وريني انت كنت بتخبي اي ؟) ثم اخذت ذلك الكيس عنوة عنه وفتحته .. وجدت به اكياس بودرة بيضاء .. ففتحت عينيها بصدمة وهي تنظر لكريم الذي كان يقف متوتراً خائفا .. فقالت بصراخ ( تااني ياكريم تااني ؟؟؟!) ثم اكملت بصوت خائف ( انت عارف ان سليم لو عرف هيعمل فينا اي .. انت موعدتنيش مش هتجيب الزفت دا تاني .. سليم ظابط وبيجي بيتنا علطول لو شاف دا هيرمينا في السجن كلنا .. انت مجنوننن !) هز كريم رأسه بنفي ثم اخذ منها الكيس بقوة ( سليم هيعرف منين .. الا اذا انتي قولتيلو .. وبعدين احنا محتاجين فلوس عشان حور تجيب هدوم جديدة وصحابها ميتريقوش عليها وعايزين نجيب حاجات لينا .. احنا مش هنفضل كدا مش عارفين ناكل ونشرب الي احنا عايزينه !) ردت فرح بانفعال ممزوج ببعض الحزن والقهر علي حالهم ( هنجيب كل حاجة يا حبيبي بس مش كدا .. انت كدا بضيع مستقبلك وعايز تعيشنا في حرام .. كريم ياحبيبي معنتش تجيب الحاجات دي عشان خاطري ياحبيبي عشان خاطري وانا والله هجبلكو كل الي انتو عايزينه ومش هحرمكو من حاجة !) تطلع إليها كريم للحظات وكأنه يفكر في حديثها فقالت بنبرة لينةً اكثر من قبل لتستعطف قلبه قائلة ( انت كدا مش هتبقى مهندس ولا هتحقق كل احلامك .. مش هتساعد ماما ولا حور ولا حتى انا .. انت كدا هضيع مستقبلك وهتخسرنا عشان الشغل دا اخرته سجن والله .. انا عايزة مصلحتك ياكريم !) هز كريم رأسه بتنهيدة ( حاضر يافرح .. حاضر ..!) هزت رأسها بابتسامة خافتة ( حضرلك الخير ياحبيبي !) ثم قامت من امامه واخذت ذلك الكيس ( انا هرميه .. اهتم بدراستك ياكريم انت في شهادة !) هز رأسه بتلعثم ثم اخذت ذلك الكيس وغادرت لغرفتها .. جلست علي فراشها واخذت تتطلع للكيس بشرود وهي تتذكر ذلك الماضي ..
ذلك الماضي الذي جبرها ان تتاجر بتلك الاشياء الخطرة لتكسب النقود من اجل والدتها المريضة واخوتها الصغار .. ذلك الماضي المليئ بالمصائب والتي تخاف دوماً ان تخبر سليم به فيكرهها .. ذلك الماضي الذي طالما خافت منه ان يظهر لها في المستقبل .. فـ به ستخسر كل شئ .. حياتها .. رؤية عائلتها وحتى سليم ..
سليم الذي دخل حياتها فغيرها رأساً علي عقب .. اخذها من الشارع وسترهم في منزله .. وأدخل اخوتها المدرسة .. وها هم بحال افضل بسببه .. وهو يطلب يديها .. لا تريد الموافقة حتى لو تلوث سمعته بما فعلته في الماضي .. تتوقع قدوم ذلك اليوم الذي ستنكشف به .. اخذت نفسا عميقا تتذكر ذلك اليوم عندما كشفها وتركها في ذلك المنزل وتلك الغرفة المعزولة يومين كاملين .. لم تكن هي بالفعل لأنها توقفت عن ذلك العمل قبل ان يدخل حياتها .. ولكنها للحظة شكت انه علِم بما فعلته مسبقاً ..
استفاقت من شرودها علي صوت رسالة في هاتفها منه محتواها " نتقابل في الكافية كمان ساعة " .. تنهدت بعمق ثم قامت تساعد والدتها قليلا حتى تغادر لتراه ..
............................................................................................................................................................
+
- حنين -
** كانت تجلس في المنزل عابسة الوجه .. بدون روح وكأنها سُحبت من حياتها منذ قدوم اهلها من أسبوع كاملاً .. يريد والدها تزويجها لذلك الرجل الكبير الذي يكبره عمراً .. يريد التخلص منها وكأنها ليست ابنته .. فقط ليكسب النقود من وراء تلك الصفقة .. وجود فارس جوارها هذه اليوم هو الذي يقويها الآن .. فهو من يدافع عنها ويقف في وجه والده لاجلها ولاجل مستقبلها .. نظرت لهاتفها الذي يهتز بجوارها بإسم ليث .. ذلك الهاتف الذي يرن منذ اسبوع بإسمه وهي لا تجيب .. لم تتحدث معه منذ اسبوع .. لا تعلم ماذا تخبره او كيف تخبره بما يريد والدها فعله .. وضعت الهاتف على وضعه الصامت مثلما تفعل دوماً .. وها هو يخرج والدها من غرفته عن ذكراه .. نظر إليها بحدة قائلا ( الراجل هيجي النهاردة بليل يتقدملك .. اتعاملي كويس انتي فاهمة !) تطلعت إليه بقهر ممزوج بضيق من داخل قلبها قائلة ( في المشمش .. انا مش هشوف حد انا مش هتجوز واحد اكبر منك .. ) تقدم منها ممسكا اياها من شعرها قائلا بصوت حاد مرتفع ( احترمي نفسك ياحنين احسنلك .. الي انا بقوله يتنفذ ورجلك فوق رقبتك انتي فاهمى يابت ) .. خرجت والدتها على ذلك الصوت وابعدت والدها عنها قائلة ( خلاص خلاص اهدا .. اهدا عشان خاطري .. ) ابتعدت حنين وهي تبكي بقهر ثم توجهت لغرفتها واغلقت الباب خلفها ....
............................................................................................................................................................
+
- تيم وطيف -
+
** كانت تعد الفطار وهي مبتسمة ابتسامتها المتسعة .. ابتسامة مُشرقة جميلة .. دلف تيم إليها ووقف خلفها يحتضنها بحنان بالغ قائلا ( الحلو عاملنا فطور اي النهاردة ؟!) ابتسمت برقة وهي تقول بخفوت ( بيض مقلي وبطاطس ومربى وجبنة !) همهم بخفوت ثم ابتعد عنها واخذ الأطباق يضعها علي الطاولة قائلا ( عملتي شاي ؟) هزت رأسها بإيجاب وجلست على الطاولة ( اه عملت !) ثم صبت الشاي في كأسه ووضعته امامه .. فأبتسم بحب قائلا ( تسلمي ) ابتسمت بحب ( الف هنا !) شرعا هما الإثنين بتناول الطعام بينما هي نظرت إليه ولتغيره بعدما فتح لها قلبه ..
- فلاش باك -
جلس جوارها وهو يقول بهدوء ( طيف انا تربيتي هي السبب في الي انا فيه دلوقتي .. انا عشت طفولة قاسية .. ومراهقة قاسية و نضوج قاسي .. انا عشت مع ام واب مش كويسين .. عشت مع ام واب اهم ماعندهم هو انهم يكونوا مبسوطين في حياتهم وانا في داهيه .. كنت الابن الوحيد الي جه نكد عليهم حياتهم وقطع عليهم خيانتهم لبعض .. انا النحس الي عشت معاهم وكنت حمل علي قلبهم .. هما الاتنين اتجوزوا لمصالح .. هو اتجوزها عشان نفوذ عيلتها عشان يكبر ويبقى معاه فلوس وهي اتجوزته عشان هو كان شب حلو اهو تقضي معاه يومين .. ومتوقعتش انها ممكن تحمل وتجيبني !) اخذ نفسا عميقا قائلا بنبرة مختنقة ( يا طيف انا بعمل كدا من القسوة الي شوفتها وانا صغير والضرب الي اتضربته .. ربتني نانا كانت تعتبر هي امي اللي وقت همي بجري اشتكيلها .. وقت ما يضربوني امي ولا ابويا اجري علي حضنها هي .. ) ثم داخل عينيها بترجي ( غيريني وخليني بتاعك انتي .. خليني ابعد عن العصبية والي انا بعمله ... وقت عصبيتي هديني واحتويني !) كانت تنظر له وعينيها مليئة بالدموع .. تلك الدموع الحزينة علي حاله وعلي طفولته .. اكمل وهو يبعد نظره عنها حتى لا ترى التماع عينيه بالدموع قائلا ( انا كبرت نفسي اشتغلت .. وخدت شركته بعد ما مات وكبرت الشغل والشركة .. اه خدت اسمه بس انا مش عايز اخد طبعه ) ضمت شفتيها بحزن بالغ واقتربت منه تحتضنه بحنانها البالغ قائلة ( انا هعمل كدا يا تيم .. بس انت كمان ساعدني مبقاش انا بحتويك وبهديك وانا بتهين فيا .. انت عارف ومتأكد اني مليش غيرك .. وبكل الي انت عملته فيا انا هحاول انساه واتخطاه وانت بمعاملتك ليا هتخليني انسى كل دا .. بالصفحة الجديدة الي هنفتحها ياتيم .. نفتح صفحة جديدة ونمحي الكتاب القديم عشان ميفضلش فيا أثر وحش بسببك وبإيدك انت عملته !) .. هز رأسه سريعاً وكأنه طفل رضيع يستمع لكلام امه الحنونه قائلا ( هعمل كدا وعد .. متسبنيش عشان انتي ادتيني حياة وانا معاكي !) اشتدت في احتضانه وكأنها ترد علي حديثه بحنان بالغ منها ...
- عودة للواقع -
استفاقت على كلامه ( طيفف انتي فين ؟!) نظرت له بإنتباه ( ها !؟) هز رأسه بقلة حيلة ( دانتي مش معايا خالص .. بقولك انا ماشي انتي عايزة حاجة ؟) ابتسمت بخفوت قائلة ( لا ياقلبي .. خد بالك من نفسك !) هز رأسه وقام من مكانه ومال عليها يقبّل رأسها بحنان ( ماشي !) ثم غادر تحت نظراتها له ..
............................................................................................................................................................
+
السابع عشر من هنا