رواية لهيب الهوي الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيماء الجندي
الحلقه الرابعه عشر ” نسيان ”
جلست أعلى الفراش تتأمل ظهره العاري وهو يصفف خصلاته لتستمع إليه يقول بعبث:
-روني !! اتعبي وهاتيلي قميص ألبسه..!! عشان أخرت !!
تأففت
وهي تلقي الغطاء عنها بغضب تهب واقفة تسير ببرود إلى غرفة الملابس … اعتدل
بجسده قليلا ليرقب حركتها بتلك القطعة السوداء الشفافة التي أظهرت من
فتنتها وجمالها الباهر الكثير والكثير له.. سار بعينيه العابثتين أعلى
تفاصيل جسدها يتأملها بابتسامة حاول مواراتها عنها …
سارت أمامه متجاهلة
إياه تمامًا تنفذ مطلبه وقفت أمام ملابسه لأول مره تعبث بيدها ببرود لتشهق
حين جذبها إلى صدره محيطا خصرها يهمس بالقرب من شفتيها ويده الأخرى تسير
أعلى ذراعها بحركة بطيئة دبت القشعريرة بجسدها … من لمساته ومن هذا القرب
الغير منصف لها:
-مش المكالمة كانت قدامك يارنيم !! ممكن أفهم زعلانة مني ليه !
رمشت عده مرات تعض على شفتيها بخجل تقول وهي تعقد حاجبيها بغضب:
-انت حابسني هنا وهتنزل انت !! الدنيا مش هتطير يعني لو استنوا لبكره … !!
زفر أنفاسه بهدوء محاولا تهدئتها يجيبها بصوته الأجش قائلا ببحته الرجولية …
-رنيم إنتي عارفة يعني أيه عجز في المخازن في الفترة اللي إحنا فيها دي.. أنا لازم أفهم.. حصل إزاي وليه ففترة التسليم !!
لم
تجبه بل نكست رأسها مغلقة لبنيتيها بأسى عاقدة حاجبيها الرقيقين باستياء
واضح تأملها لحظات ليشدد من احتضانه لها جاذبا إياها إلى صدره العاري بقوة
يهمس أمام شفتيها واضعا أصابعه أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه برفق:
-وبعدين بقى فكي التكشيرة دي إنتي عارفة ومتأكدة إني مش عايز أبعد عنك أبداا بس مفيش حل تاني … أوعدك مش هتأخر !!
ثم
هبط بشفتيه يلتهم شفتيها بقوة لتحيط عنقه بذراعيها تلتصق بجسده الدافئ
تبادله قبلاته اللاهبة رافضة تركه … ليحيط جسدها بقوة أكبر هابطا بشفتيه
إلى رقبتها لاهثا بعنف يجز على أسنانه لاصقا إياها بالحائط خفلها وهو
أمامها.. يهمس لها من بين قبلاته:
– إوعي تنامي … مش هأخر !! أوعدك !
ابتسمت تحل عقدة حاجبيها توميء له بعد أن شعرت بالخجل من أفعالها معه لاحظ احمرار وجهها وليردد بمكر:
-سبحان مغير الأحوال … اللي يشوفك وإنتي لازقة فيا كده مايشوفكيش من كام يوم وإنتي مش طيقاني !
عضت على شفتيها بخجل شديد ثم همست له بهدوء
-مين قالك إني مكنتش طيقاك !!
رفع أحد حاجبيه يهمس لها مثلما فعلت واضعا جبينه أعلى جبينها محاولا استعادة أنفاسه التي سرقتها تلك الفاتنة ….
-كنتي بتحبيني وساكتة يعني؟ !!
حاولت دفعه من صدره بخجل مسيطر على جميع حواسها ليفلتها بهدوء بعد أن تأملها لحظات محاولا السيطرة على نفسه يقول بصوت أجش:
-رايحة فين مش هتختاري الهدوم … اخرت !!
ضربت جبينها بخفه تبتسم له تقول مسرعة:
-نسيت …. سيبني بقي عشان أختارهم لك !!
ترك يدها يراقبها وهي تتحرك إلى الملابس بخفة ملتقطة مايعجبها بملابسه ثم دارت له تعطيه إياها ليجذبها إليه من خصرها هامسا بخبث:
-طيب مش هتساعديني ف اللبس.!!
رفعت أحد حاجبيها وكانت تتحدث ليكمل مبتسما بمكر..
-عشان اخرت !!
عاونته
بالارتداء بابتسامة خجلة من همساته ولمساته المتعمدة لجسدها تاركا إياها
تغلق أزاره ليعبث هو بيده بقمصيها ارتفعت ضحكاتها بين أحضانه تقول بخجل وهي
تدفعه عنها مرددة بعد أن أنهت مهمتها:
– إوعي يا أيهم هتأخر وانت مش ناقص … !!
أفتلها
أخيرا متنهدا بهدوء مستعيدا رصانته حين رن هاتفه ليلتقط أشياءه مسرعا
مودعا إياها بقبلة أعلى شفتيها الدافئتين مقبلا جبينها يهمس لها:
-خلي بالك من نفسك ومن عمر وجوان !!
رفعت عنييها إليه لتجده يلتقط متعلقاته مسرعا مغادرا الغرفه بخطوات واسعة….
ابتسمت
بهدوء لتستمع إلى صوت صريخ فتاتها … اتجهت مسرعة إلى الغرفة تحاول هدهدتها
وطمأنتها بأحضانها الدافئة موزعة قبلاتها عليها تبتعد بها عن أخيها حتى لا
توقظه … جلست فوق الفراش محتضنة إياها تدندن لها..تداعبها بأصابعها
الرقيقة ولم تستغرق دقائق معدودة حتى غطت الطفلة وأمها بالنوم …..
اعتدلت
فزعة تكتم صرختها بيدها تنظر إلى صغيرتها بأعين مذعورةمن إيقاظها من ذلك
الكابوس الذي داهمها … نظرت من حولها تتقفد وجوده … فلم تجده انتفضت من فوق
الفراش تجوب الجناح باحثة عنه بأعين دامعة لتلتقط هاتفها محاولة الاتصال
به….ليأتها صوت الصفير الهادئ…. فترتفع دقات قلبها مع كل صافرة…. حتى شعرت
أن قدميها لا تحملها اتكأت إلى يد الأريكة تحاول مرة أخرى بقلب مرتعب
وأصابع تنتفض.. ليأتيها أخيرا الرد …. لكن بصوت “سيف” يجيب بهدوء:
-أيوه يارنيم !!
ارتعشت شفتيها بتوتر بالغ … أين هو لما لا يجيبها … خرج صوتها المبحوح تقول:
-فين أيهممم!!
ارتج
قلبها بمكانها برعب وهي تستمع إلى تنهيدته وزفير أنفاسه …شعرت بالأرض تميد
بها … كادت أن تسقط مغشي عليها من فرط رعبها … لتستمع إليه يجيبها بهدوء:
-أيهم في العمليات … !!!
لا
تعلم كيف وصلت إلى تلك المشفى.. لم تشعر بنفسها سوى وهي ترتدي ملابسها
تقود سيارتها بسرعة هائلة متجهه إليه … قبلها ينتفض …. دموعها كالأمطار …
لايمكنه تركهااا … لقد أحبته … بل عشقته …. بل أحرقها لهيب عشقه … لن يفعل
بها ذلك … قد وعدها …. اعتادت أن يوفي بعهده معها … لن يتركها …. ركضت
بأروقة المستشفى بعد أن استقبلها أحد أفراد الأمن الخاصين به تسبقه إلى
المكان رغم جهلها به … ها هو “سيف” رفيقها … يقف مستندا إلى الحائط بحالة
يرثى لها أسرعت إليه وشهقاتها تتعالى جسدها ينتفض وأعينها جاحظة تحاول
استجماع الكلمات …
أسندها سيف يربت على ذراعيها برفق … لم تعطها “صافي”
فرصة الاستفسار اتجهت إليها تجذبها بغضب من ذراعها تغرس أظافرها الحادة بها
صائحة بغضب:
-ارتحتي كده إنتي وأهلك عايزة تخلصي عليه زي شهااب … مش هسيبك تعملي فيه كده ياحربااية !!
اتسعت
عيناها بهلع غير آبهة بتلك الآلام الناتجة عن غرس أظافرها تنظر فورا إلى
“سيف” الذي بدا لها بعالم آخر لأول مره ترى دموعه تتساقط هكذا !! … نظرت له
ببكاء يقطع نياط القلب تستجديه برعب أن يحلل لها ما يحدث تهمس برعب:
-أي حصل … فين أيهم ياسيف !!!
ضغطت “صافي” بقوة على عظامها مستغلة ضعفها هكذا تصيح بغضب تهز جسدها بعنف شديد:
-أيهم !! إنتي ليكي عين تنطقي اسمه بعد ماسلطتي البلطجية عليه إنتي وعيلتك.. ده أنا هوديكم في داهية …!!
جحظت
عيناها برعب تنفلت شهقاتها العالية ليفصلها “سيف” عن “صافي” جاذبا إياها
بعيدا يجلسها فوق الكرسي جاثيا أمامها على ركبتيه يقول لها مهدئا بعد أن
كور وجهها بين يديه:
-متخافيش هو لسه في العمليات … ادعيله يارنيم..هو محتاج دعواتنااا !!
صاحت به “صافي” بعنف تقول بغضب:
-انت مصدق الحركتين دول …أنا متأكدة إنها هي اللي ورا ده.. زي ماعملت في شهاا.. آآآ!!
اصمتتها تلك الصفعة المدوية…حيث صاح “سيف” بغضب بعد أن أخرسها بصفعته يقول:
-إياااااكِ ياصافي !!! ولا كلمة تاني عنها أو عن إخواتي !!
عم الصمت بالأجواء … بعد أن كظم أبيها وأمها غيظهم جاذبين إياها بعيدا حتى تهدأ الأجواء …
عاد “سيف” إلى “رنيم” التي احتضنت جسدها تبكي بقهر متمتمة بكلمات لا يفقهها.. جلس بجانبها يلقي عليها نظرات حزينة موااسية..
أخيرا
خرج ذلك الطبيب بعد أن مرت عدة ساعات وهي لم تتوقف عن البكاء والتضرع برعب
جلي على قسمات وجهها.. التف الجميع حوله باستفسار عن حالته ليقول بعد أن
استجمع كلماته بعملية وبرود تام:
-الحاله كانت هتموت ولحقناها على آخر
وقت.. في كسور وشروخ ف أنحاء الجسد بجانب رصاصة كانت في الكتف الأيمن
خرجناها بعناء.. وجرح في الرأس نتيجة اصطدام العربية وإنها اتقلبت بيه … !!
هيتنقل العناية دلوقت وبكره الصبح هنقدر نكشف عليه أفضل !!
اتسعت
عيناها مما يقوله … رصاص.. كسور … شروخ.. انقلاب… اصطدام سيارة !! رباااه
ماذا عاني معشوقي !! أفاقت حين بدأ الطبيب بالانصراف لتمسك ذراعه مسرعة
تتوسله:
-أرجوك أنا محتاجة أشوفه … مش هقرب منه والله.. هشوفه من بعيد … !! أرجووك !!
انهمرت
دموعها متتالية ليحيط “سيف” كتفها محاولا تهدئتها لكنها تشبثت بذراع
الطبيب كالأطفال تتوسله بأعينها… رضخ لمطلبها … ينادي الممرضة يلقي عليها
التعليمات المشددة قبل أن يأمر باصطحابها بمفردها معها. ….
دلفت إلى
الداخل معها بهدوء تنظر له من بعيد وضعت يدها أعلى فمها من فوق تلك الكمامة
تكتم شهقاتها ضاغطة بعنف على فمها … رُباه ماتلك الحالة سارت بأعينها على
تلك الأجهزة المتصلة بجسده.. صدره العاري المليئ بالجروح والندوب … وجهه
الذي بدت عليه الكدمات تراها بالعين المجردة من مكانها هذا … استغلت خروج
الممرضة لتقترب قليلا تتقفده تسير بإصبعها على صدره العاري ثم وجهه بخفة
بكت لهيئته المدمرة هكذا هبطت بجسدها بجانب يده تتلمسها بحذر شديد تمسك
برأسه تقبلها بحزن ثم وقفت حين عادت الممرضة تجذبها بعيدا عنه لتتحرك معها
وأعينها تمسح جسده مسلطة عليه لم تفارقه.. تاركة قلبها المكلوم بجانبه !!!
مر
يومان عليها وهي يقظة تستعيد أحداث الأسبوع الماضي عادت مرة واحدة إلى
المنزل تبدل ملابسها وتطمئن على أطفالها وتعد ملابس له.. بعد إصرار من
“سيف” عليها ….شردت أثناء جلوسها غير آبهة بتلك النظرات المشتعلة من ابنة
عمه اللعينة التي تصارعها بضراوة …. أحضانه الدافئة …دلاله لها..أحاديثه
اللينة.. هداياه الرقيقة الهادئة… تبكي وتبكي.. مسترجعة همساته ولمساته …
ترغب الآن بالارتماء بأحضانه … أصبحت تعشقه … لقد سحبها إلى عالمه … حاوطها
بالعشق فلم تجد مفر منه …. لقد ألهبها الهوي..وبشدة ….. أفاقت على صوت
أقدام الطبيب تقترب منهم … يدلف إلى الداخل ليتابعوه بأعينهم.. بعضها
خائفة.. وبعضها مترقبة …. وأخرى حاقدة طامعة.
لم تتحمل البقاء أسرعت
خلفه تدلف إليه … غافلة عن تلك الأعين المبتسمة بمكر شديد …. تراقب برعب
أيدي الطبيب وهي تتفقده … وقفت بجانبه ولاحظت أعينه حين بدأت ترمش محركا
جفونه بإرهاق تام … دلف باقي أفراد الأسرة لمراقبة ما يحدث.. جاورها “سيف”
بوقفتها يحدق به هو الآخر لتتسع أعين الجميع حين فتح رماديتيه ينظر إليها
مطولا بصمت تام … صمت لحظات ليحرك شفتيه قائلا وأعينه تدور عليهم عاقدا
حاجبيه ليعود إليها محدقا بها لوهلة:
-إنتي مين !!!!
اتسعت
عيناها تحدق به وقد تسارعت نبضات قلبها برعب تكاد تستمع إلى خفقانها الآن
…. هو يُمازحها !! لكن لا ملامحه المرهقة.. عُقدة حاجبيه … أسلوبه المندهش …
طريقته التلقائية.. حبست أنفاسها تدعو أن يكون ما ببالها خاطئ …. لتتلقي
الكلمات التي أصعقتها حين ارتفع قليلا بجسده يقول بهمس وأعينه مسلطة على
شيء خلفها …
-صافي واقفة بعيد ليه ياحبيبتي !!
اتسعت أعينها هي
و”سيف” بصد@مة جلية… ماذااا حبيبته ! من انتي !! … ماذا يفعل !! لم يفعل
ذلك بهااا … راقبت تلك الأفعى وهي تتقدم منه بدموع أغرقت وجهها.. لا تعلم
من أين أتت.. ترتمي بأحضانه تبكي محاوطة رقبته أمام أعين الجميع …. اتسعت
لبنيتاها تحدق بهم بصد@مة وكأن لسانها قد عُقد ارتعش جسدها من ذلك التلامس
الجسدي بينهم أفاقت على تساؤله مرة أخرى عن هويتها قائلا بصرامة:
-مردتيش علياا … إنتي مين !!
كاد “سيف” أن يجيبه لكن منعته يد الطبيب يطلب منهم الخروج جميعا لتستمع إلى تلك اللعينة تقول له بميوعه شديدة:
-دي مراتك يا حبيبي.. اللي قولتلك عنها !!
حسنًا
يبدو أنه فقد الذاكرة… ها هي تلك الأفعى تذكره بماهيتها.. لمَ لم يلقيها
من أحضانه مرحبا بها هي الآن … بل االأقسى والأشد وكأنها حين استمعت إلى
تكملة كلماته يقول بغضب واضح ملقيا إياها بنظرات قاسية..
-ومستنية أيه اطلعي برااااا !!
اتسعت
أعينها بصد@مة … تصنمت بمحلها لحظات تلقيه بنظرات مدهوشة … مصدومة … وكأنه
لا يحادثها … لتستمع إلى سعاله الغاضب يصيح بصوت متقطع من بين سعاله:
-مش ساامعة !!! براااا!!
اتجهت
إليها الممرضة تخرجها إلى الخارج … لتسير معها بجسد بلا روح …. وتلك
الصد@مة قد احتلت جميع جوارحها سيطرت الرعشة على جسدها … تستند إلى الممرضة
بصمت … وقد خارت قواها … شاعرة أن قدميها لم تعد تحملها …
هبت واقفة تقول بغضب …
-يعني أيه بيخدعوه قدامنا كلنا !!! أنا هروح أفهمه كل حاجة !!
وقف الطبيب يقول بأسف شديد:
–
للأسف المريض مش هيستحمل الكلام ده … ده لسه خارج من عمليات صعبة جداااا
ماينفعش نلخبط الأمور وهو خارج من عمليه صعبه كدا !! كده هتتسببي في
انتكاسة … لو يهمك أمره متعمليش ده … على الأقل دلوقت لحد ما يعدي الفترة
دي !!
راقب “سيف” الحديث ليقول متسائلا !
-أيوه بس ده عارف حاجات غلط تماما … !! ده هيأثر علي حاجات كتير جدااا …. !!
رفع الطبيب أكتافه ليكمل “سيف” بغضب:
-وفترة الفقدان دي قد أيه تقريبا !! يعني ذاكرته ترجعله إمتي !!
رفز الطبيب أنفاسه معلقا:
-ده مع الوقت … يعني بشكل تدريجي وطول إن مفيش ضغط عليه يعمله انتكاسة …ده هيساعده أكتر … !!
حدقت بهم بصمت تلقي بجسدها فوق الكرسي وقد خارت قواها تماما ….. ها هي تفقده … مثلما فقدت الجميع ….!!!
سارت بجانب “سيف” بصمت تام تخرج من المشفى بعد أن صرخ بها غاضبا يطلب عودتها والابتعاد عنه تماما !!
جلست
بالسيارة وقد سالت دموعها كالأنهار …. انهارت تماما …. طردها … نبذها
مثلهم … عاملها بأشد المعاملات قسوة … لينهار عالمها الوردي..كعادتها.. منذ
متى وهي تملك عالم وردي … لتعتاد.. ولتفكر ماذا تفعل بفترتها
القادمة!!!؟؟؟