اخر الروايات

رواية عن العشق والهوي الفصل الثالث عشر 13 بقلم نونا مصري

رواية عن العشق والهوي الفصل الثالث عشر 13 بقلم نونا مصري


~ الفصل الثالث عشر ~
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
قراءة ممتعة للجميع ♡
- اجاب ادهم على هاتفه قائلاً : ايوا يا كمال ، عايز ايه من الصبح كدا ؟
فقال كمال بدون مقدمات وبنبرة جدية : احنا في مشكلة يا ادهم... لازم تيجي الشركة بسرعة.
تغيرت تعابير وجه ادهم وسأله : في ايه ؟
كمال : في هاكر اختراق نظام المعلومات في الشركة ودمر الموقع الإلكترونية اللي كنا هنصدره اخر الشهر دا .
فقال ادهم باندفاع : بتقول ايه !!
مما جعل مريم تدرك ان امراً خطيراً قد حدث لذا أنتابها القلق اما هو اضاف متسائلاً : وقدرتوا تسيطروا على المشكلة ؟
كمال : احنا قدرنا نوقفوا بس مع الاسف بعد ما دمر الموقع.
ادهم : طيب يا كمال.. انا جاي حالاً.
قال ذلك ثم اغلق الهاتف والتفت الى مريم التي سألته بقلق : في ايه يا ادهم ؟؟
اجابها : في هاكر اخترق نظام الشركة وعمل مشكلة...علشان كدا لازم اروح هناك بسرعة.
مريم : هاكر ؛ طيب الخسارة كبيرة ؟
ادهم : السافل دمر الموقع اللي كنا هنصدره اخر الشهر دا يعني سبب لنا خسارة كبيرة.
مريم : طيب انا ممكن اساعد في حاجة ؟
ادهم : متقلقيش نفسك انتي... انا هتصرف.
فتنهدت قائلة : ماشي.
قبلها ادهم على جبينها ثم اردف : هروح اجهز نفسي بقى.
قال ذلك ودخل إلى الحمام اما هي فاعادت خصلة من شعرها ووضعتها خلف اذنها قائلة : وانا هروح اطمن على حبيب قلبي.
ثم خرجت من الغرفة وذهبت إلى غرفة ابنها فلم تجده في سريره مما جعل القلق يتسلل إلى قلبها لذا اخذت تبحث عنه في ارجاء الغرفة مثل المجنونة ولكنها لم تجده الامر الذي زاد قلقها ؛ فنزلت الى الاسفل حافية القدمين وجسدها يرتعش خوفاً بتلك البيجامة الحريرية ، ولكن سرعان ما تلاشى خوفها عندما رأته يصدر ضحكات رنانه بينما كان عمه معاذ يدغدغه والبقية جالسين حوله والفرحة تغمرهم والبسمة تعلو وجوههم وخصوصاً السيدة كوثر.
تنفست الصعداء عندما رأت ابنها يتأقلم مع عائلته الجديدة وبدى لها سعيد للغاية ، فأنتبهت عليها سلوى التي ابتسمت قائلة : صباح الخير يا مريم..
وفي تلك اللحظة نظر البقية إليها مما جعلها تشعر بالحرج لانها نزلت بملابس النوم اما السيدة كوثر فقالت : صباح الخير يا حبيبتي... اكيد جيتي تدوري على ادهم مش كدا ؟
نظفت مريم حلقها وقالت : صباح النور... انا اسفة يا جماعة بس كنت خايفه عليه وافتكرت ان جراله حاجة وحشة علشان كدا مخدتش بالي من هدومي... هروح اغيرهم بسرعة.
قالت ذلك ثم ركضت بسرعة نحو الدرج وصعدت الى غرفة زوجها فضحكت سلوى قائلة : البنت دي عسل والله .
معاذ : عندك حق ، دي حتى مغيرتش هدومها من الخوف !
فقالت السيدة كوثر : طبيعي تخاف يا يا ابني ؛ الامومة بتجبرها انها تفضل دايماً خايفة على ولادها حتى لو بقى عندهم 100 سنة .
لم يعلق معاذ على كلام امه بل اخذ يدغدغ الصغير الذي كان يضحك بسعادة غامرة ، اما مريم فعادت الى الغرفة حيث كان ادهم قد انهى حمامه بالفعل وكان واقفاً أمام المرآة يعقد ربطة عنقه ، فنظر إلى انعكاس صورتها عندما دخلت وابتسم تلقائياً ثم سألها : كُنتي فين يا روح قلبي ؟
ابتسمت بخجل وقالت : كنت بتطمن على ادهم بس ملقتهوش في الاوضه ولما نزلت ادور عليه كان قاعد مع اهلك ؛ الظاهر انه حبهم اوي لانه كان بيضحك جامد.
فالتفت اليها وقال : طب دا كويس...بس انتي نزلتي.... كدا !
قال ذلك واخذ يحدق بملابسها الحريرية التي تصل إلى ركبتها وتكشف عنقها وكتفيها فتحركت نحو الاريكة وجلست غير منتبهة لذلك الكائن الذي تحولت عيناه الى لهب مدمر وقالت : شوفت الكسفة ؛ انا قلقت اوي لما دخلت أوضة ادهم ومالقتهوش ومخدتش بالي اني لسه مغيرتش هدومي بس الحمد لله انهم مدققوش في منظري .
قطب ادهم حاجبيه بشدة وقال بنبرة حادة يغلبها التهديد والغضب : دي اول واخر مرة تعملي غلطة زي دا انتي سامعة ؛ ولو كررتي اللي عملتيه هيبقى ليا معاكي تصرف تاني يا مريم ومش هيعجبك ابداً .
بعد قوله ذاك شعرت مريم بالخوف منه لذا اشاحت بنظرها عنه بسرعة وقالت بصوت اختنق تحت الدموع : انا اسفه .. مكنش قصدي بس خفت على ابننا علشان كدا جريت ادور عليه .
اما هو رفع حاجبه الايسر وارتسمت ابتسامة صغيرة على زاوية شفتيه ثم اقترب منها بخطوات بطيئة بينما كانت هي تحني رأسها وتحاول منع دموعها عن النزول ؛ أمسك ذقنها بلطف ثم رفع رأسها لتنظر اليه وابتسم قائلاً بنبرة هادئة : انتي زعلتي مني ولا ايه يا روحي ؟
حركت مريم رأسها جانباً لتتجنب النظر اليه ولم تقل شيئاً بل دموعها هي التي تحدثت فعاد وامسك بذقنها واضاف : طيب انتي عارفه انا ليه مش عايزك تعملي كدا تاني ؟
هزت رأسها نفياً فتابع : لان البيت دا في رجالة تانين وممنوع حد يشوفك بالمنظر دا غيري انا لاني بغير عليكي جداً ومش هقدر استحمل فكرة ان حد غيري هيبص على الجمال دا كله .
أحمرت وجنتيها خجلاً وابتسامة صغيرة لونت شفتيها عندما ادركت قصده واحنت رأسها قائلة بغنج : حاضر... مش هكرر الغلطة دي ابداً .
اتسعت ابتسامة ادهم الساحرة ثم طبع قبلة لطيفة على خدها الايمن بالقرب من فمها وتعمد ان يجعلها بطيئة حتى شعر بجسدها يرتعش ؛ فابتسم ابتسامة النصر ثم ابتعد عنها قليلاً وقال بصوت اشبه للهمس امام شفتيها : هروح الشغل دلوقتي لاني مضطر بس لما ارجع هيبقالنا كلام تاني لان في دين عليكي ولازم تدفعيه .
وبعد قول تلك الجملة التي جعلتها تذوب خجلاً ابتعد للوراء فقالت بصوت يكاد يختفي : ادهم...
فنظر اليها وقال بحب فائق : ايوا يا روح ادهم.
احنت رأسها بخجل وسألته : مش هتديني السلسلة بتاعتي بقى ؟
ابتسم ادهم بإشراقة على خجلها واردف بخبث : لو عايزاها يبقى تعالي خديها بنفسك .
فنظرت اليه مباشرةً ولكن ليس لوقت طويل حيث ان خجلها قد اذابها تماماً فهي تعلم علم اليقين ما الذي سيحدث لها ان اقتربت منه وحاولت نزع القلادة عن عنقه لذا ابتسمت بخجل شديد ثم نهضت وركضت نحو الحمام وتركته خلفها يضحك على لطافتها الممزوجة بالخجل ؛ فقال بصوت مسموع : هديكي فرصة علشان تاخديها النهاردة بالليل بس ما يتهيأليش انك هتقدري تعملي كدا لان اديكي هتبقى مشغولة بحاجات تانية .
قال ذلك وخرج من الغرفة وتركها تتصارع مع نبضات قلبها الذي كاد ان يخرج من بين ضلوعها بينما اكتست وجنتيها بحمرة الورد لتزيد من جمالها جمالاً ؛ وقد نزل الى حيث كان افراد عائلته وابتسم تلقائياً عندما رأى ابنه جالساً في حضن عمه معاذ الذي كان يعلمه كيف يلعب بأحدى الألعاب الالية ، فقال برقة : صباح الخير.
قال ذلك ثم توجه فوراً نحو ابنه فاجابه الجميع بـ صباح النور ؛ اما ادهم الصغير فاعتلت البسمة وجهه عندما رأى والده الذي حمله قائلاً : عامل ايه يا بطل ؛ مبسوط لان عمو معاذ بيلعب معاك ؟
فضحك الصغير وقال : بابا انا حبيت الالعاب والبيت دا اوي .
ابتسم ادهم وهو يحمله ثم قبله على خده بقوة وقال : علشان كدا عايزك تخف بسرعة وتلعب بكل الالعاب اللي في أوضتك ماشي يا بطل .
أومأ الصغير برأسه اما معاذ فقال مبتسماً : الواد دا عسل يا ادهم... دا شبهك اوي لما كنت صغير.
اما سلوى فقالت ممازحة : شبهك في الشكل بس وانما الطبع ؛ انا بقول هو طالع حنين لمريم .
فضحك الجميع اما ادهم فاعاد وضع ابنه في حضن معاذ قائلاً : فكرك هزعل يعني لو قلتي كدا ؛ لأ اطمني يا حضرة الدكتورة.
وقالت امه بتعجب : ياااه انت تغيرت اوي يا ادهم...والله برافو عليكي يا مريم قدرتي تغيري جبل التلج .
فابتسم ادهم واستطرد : طيب يا جماعة انا لازم اروح الشغل دلوقتي.
وسألته امه : مش عايز تفطر الاول ؟
فتنهد ادهم وقال بجدية : معنديش وقت لان حصلت مشكلة في الشركة ولازم اروح هناك حالاً .
معاذ : خير ان شاء الله ، مشكلة ايه دي اللي حصلت ؟
ادهم : في هاكر اخترق نظام امن الشركة وسبب لنا مشكلة.
معاذ : طيب وهتعملوا ايه ؟
ادهم : مش عارف لغاية دلوقتي... علشان كدا لازم اروح الشركة والاقي حل للمشكلة دي بسرعة .
فقالت السيده كوثر : طيب يا حبيبي... روح شوف شغلك ومتقلقش على مراتك وابنك لاني هحطهم جوا عينيا.
ابتسم ادهم قائلاً : ربنا يخليكي يا ست الكل... سلام دلوقتي.
قال ذلك ثم غادر وما ان صعد في سيارته متوجهاً إلى شركته الضخمة حتى تغيرت تعابير وجهه لتعود باردة من جديد وكأنه لم يبتسم منذ دهور لا بل اصبح وجهه متشنجاً كثيراً حتى برزت عظام فكيه القوية وكانت عيناه مشتعلة يكاد اللهب يخرج منهما وهو يركز على الطريق .
وسرعان ما وصل حتى ركن سيارته في مكانها المعتاد ثم نزل منها كالأسد الهائج ودخل إلى الشركة كأنه اعصار اقسم على ان يدمر كل شيء يقف في طريقه بينما كان الموظّفين يرتعدون خوفاً من بطشه حيث مر في ردهة الشركة كما لو ان هالة شيطانية قد تلبسته وذهب إلى قسم المراقبة الالكترونية حيث كانت المشكلة ؛ ما ان وطأت قدماه ذالك القسم حتى قال بصوت اشبه بهزيم الرعد : ايه اللي سمعتو دا ، ازاي قدر الهاكر الحقير دا انه يخترق نظام شركة ادهم عزام السوفي ويتسبب في مشكلة ؟
- رعب مميت تسلل إلى قلوب الموظفين المساكين وخوف مهلك خيم على وجوههم التي شحب لونها تماماً جعل ألسنتهم تُشل فعم الصمت في ارجاء القسم الا من صوت انفاسه الملتهبة التي عبرت عن مدى غضبه الشديد ؛ فأتاه صوت كمال الذي قال بتوتر : اهدا يا ادهم.... احنا قدرنا نتعامل مع المشكلة دي وقدرنا نحمي باقي المواقع بس مع الاسف مقدرناش نعرف مين السافل اللي عمل كدا او ايه هي الغاية بتاعته .
فصاح ادهم بصوت هادر كصوت ضرب المياه على الصخور قائلاً : ازاي دا يحصل في شركتي انا ؛ كنتوا فين لما الكلب دا اخترق نظام الشركة ؟؟؟
زاد خوف الموظفين ولم يجرؤ أحد على النطق بأي كلمة لان ادهم كان في ذروة غضبه المرعب اما كمال فازداد توتره وقال بارتباك شديد : ارجوك يا ادهم اهدا لان العصبية مش هتحل المشكلة دلوقتي وقولنا هنعمل ايه .
فرفع ادهم يده اليمنى وغرس اصابعه في شعره الاسود الكثيف وشد عليه بشدة حتى كاد ان يقتلعه من جذوره بينما اغمض عيناه وتنهد بقوة وكأنه يحاول السيطرة على غضبه قبل ان يثور ويسبب كارثة داخل الشركة ، وبالفعل استطاع أن يحافظ على هدوئه ونظر إلى كمال قائلاً بنبرة حادة : عايز كل حاجة ترجع زي ما كانت بسرعة يا كمال وكأن محصلش اي اختراق ، يعني الموقع هيتصدر في معاده انت فاهم !
قطب كمال حاجبيه وقال : بس يا ادهم انت عارف ان دا مستحيل... يعني ازاي هنرجع نصمم الموقع بسرعة ؛ دا هيحتاج على الاقل تلات اسابيع ومعاد العرض بتاعه بعد اسبوع واحد !
رمقه ادهم بنظرة ثاقبة واردف بصوت اجش : اللي قلته يتنفذ بالحرف الواحد يا كمال والا اعتبروا ان المسألة دي مش هتعدي على خير ابداً والاحسن انكوا تبتدوا شغل من دلوقتي علشان نرجع الخسارة اللي حصلت بسبب فريق المراقبة الفاشل اللي حضرتك مشغله.
فتنهد كمال بضيق وقال : حاضر يا ادهم ؛ واحنا اسفين على الغلطة دي وبوعدك انها مش هتتكرر.
في تلك اللحظة شعر ادهم بالغضب من نفسه لأنه تحدث بعصبية مع زوج اخته وشريكه وصديقه وبئر اسراره امام الجميع ولكن لا مجال للتهاون في ما يخص العمل بالنسبة له لذا قال بصوت عادي ولكن يغلبه الجمود : اتفضلوا على شغلكوا.
ثم غادر المكان بأنزعاج اما كمال فكان يشعر بداخل اعماقه بالهزيمة والانكسار لان فريق عمله كان مهملاً للغاية وتسبب في مشكلة كبيرة للشركة لذا صاح بهم بصوت هز ارجاء المكان : يكون في علمكوا لو الغلطة دي اتكررت تاني فاعتبروا ان نهايتكوا قربت انتوا سامعين !!!
قال جملته الاخيرة وهو يشدد عليها ثم خرج من القسم وذهب إلى قسم التصميم لكي يخبر الموظفين بأن يبدأوا في تصميم موقع جديد قبل ان يبطش بهم ادهم الذي ذهب إلى مكتبه مع نوبة غضب مرعبة ؛ وهناك انتصبت سكرتيرته سلمى واقفة وقد لاحظت فوراً الهالة الشيطانية التي كانت تحيط به فلم تتجرأ وتتكلم بل صمتت واخذت تلاحقه بنظراتها وهو يدفع باب مكتبه بقوه ثم يعاود اغلاقه بقوة اكبر كادت ان تكسره مما جعل جسدها يرتجف ؛ تنفست الصعداء بعدما دخل وقالت بصوت خافت : يا نهار اسود... اليوم دا باين انه مش هيعدي على خير ابداً .
- دخل ادهم ثم اخذ يفك ربطة عنقه بعنف وكأنها كانت تمنع عنه الهواء وسرعان ما صب جام غضبه على محتويات الغرفة المسكينة فاخذ يحطم كل شيء من حوله وهو يصرخ بزمجرة كزئير التنِّين الغاضب بينما كانت سلمى ترتعد خوفاً في الخارج وهي تسمع صوت التحطيم ...
عودة إلى قصر عائلة السيوفي......
كانت مريم جالسة برفقة السيدة كوثر وأمينة وابنتها وفاء بعد ان غادر معاذ وزوجته الى عملهما فابتسمت امينة وقالت بنبرة اعجاب : بسم اللّه ما شاء الله... انتي قمر منور يا ست هانم .
ابتسمت مريم بخجل وقالت : متشكرة يا طنت امينة.
اما وفاء فقالت وهي تلعب مع ادهم الصغير : اخيراً بقى في حد اتسلى معاه في البيت الكئيب دا.
فضحكت السدة كوثر بينما نهرت امينة أبنتها بقولها : بت انتي... اتأدبي بدل ما اقطع لسانك.
ردت عليها السيدة كوثر من بين ضحكاتها : سيبيها يا امينه... دي لسه صغيرة وبعدين معاها حق يعني... احنا فعلاً كنا عايشين في كآبة لحد ما اكتشفنا ان عندنا حفيد وكنة حلوه زي القمر نوروا البيت من ساعة ما جم.
أبتسمت مريم واردفت : ربنا يخليكي يا طنت... دي انتي اللي زي القمر وحنينه.
فقالت امينه : ياااه جمال وادب واخلاق... فعلاً ادهم بيه اختار جوهرة.
في تلك اللحظة شعرت مريم بالخجل يكسو وجنتيها من فرط المديح والثناء الذي سمعته من امينة والسيدة كوثر منذ الصباح فأرادت ان تفتح موضوعاً اخر لذا استطردت : قوليلي بقى يا وفاء... انتي عندك كام سنه يا حبيبتي ؟
فأبتسمت وفاء قائلة : يناير الجاي هتم 18 سنه.
مريم : يعني بقيتي عروسه.... خلي بالك اكيد العرسان هيتجننوا عليكي.
احنت وفاء رأسها وابتسمت بخجل دون ان تعلق بينما تدخلت امها قائلة : وفاء لسه صغيرة يا مريم هانم يعني لسه قدامها طريق طويلة لغاية ما تفكر في الموضوع دا وبعدين اهم حاجة دلوقتي انها تتخرج من المدرسة علشان تخش الكلية لان دي رغبة بباها.
قالت جملتها الاخيرة وهي تشد على كلماتها وتنظر إلى ابنتها التي كانت بجانبها وكأنها تهددها بأن لا تفكر في موضوع الزواج قبل التخرج من الجامعة حتى ؛ فأدركت مريم ما كانت تقصده هذه المرأة العنيدة لذا ابتسمت بلطف وقالت : عندك حق... اهم هاجة دراستها.
اما السيدة كوثر فضحكت قائلة : الله عليكي يا امينه...عمرك ما هتتغيري ابداً وهتعملي اللي في دماغك دايماً... يعني فيها ايه لو لاقيتي عريس كويس لبنتك وجوزتيها صغيرة ؛ مهو انا كمان اتجوزت لما كنت في سنها واديني عايشة مبسوطة والحمد لله وعيالي حوليا.
ابتسمت امينة واردفت : زمنهم غير زمنا يا ست هانم يعني هي لازم تتعلم ويبقى عندها خبرة في الحياة قبل ما تتجوز .
فقالت وفاء بجرأة : متقلقيش يا ماما... انا هكمل دراستي الاول وبعدها لو حصل نصيب هتجوز يعني اكيد مش هتخلليني جنبك صح.
في تلك اللحظة انفجرت السيدة كوثر ضاحكة بينما ابتسمت مريم بلطف اما امينة فنظرت إلى بنتها وقالت بدهشة : يخرب بيتك... انتي جبتي البجاحة دي منين يا بنت !
ابتسمت وفاء بسذاجة وردت عليها : دي مش بجاحة يا ماما دي اسمها ثقه.. على العموم انا هروح اعمل شوية اكل لادهم بيه الصغير علشان باين عليه جعان اوي .
فقالت مريم : خليكي يا وفاء...انا اللي هقوم اعمله الأكل.
فقالت امينة باندفاع : والله ما هتعبي نفسك... هي اللي هتعمله .
واضافت السيدة كوثر : ايوا يا مريم... متعبيش نفسك يا حبيبتي .
فابتسمت مريم قائلة : معلش يا جماعة بصراحة انا عايزه اتفرج على البيت اصلي لسه معرفش حاجة فيه.
السيدة كوثر : قولي كدا من الاول... يلا يا وفاء يا بنتي قومي فرجي مريم على البيت وانا ومامتك هنخلي بالنا من ادهم الصغير .
فنهضت وفاء قائلة : حاضر يا طنت... يلا يا مريم هانم علشان افسحك في البيت ، دا هيعجبك اوي وخصوصاً الخيل .
فابتسمت مريم كما لو انها مراهقة وسألتها باندفاع : هو في خيل هنا ؟!
ابتسمت وفاء بدورها لمريم التي شعرت وكأنها تعرفها منذ ازل وقالت : طبعاً ...دول بتوع ادهم بيه وهما اربع حصنه... تعالي علشان تشوفيهم.
فتشبثت مريم بيدها وكأنهما صديقتين بنفس السن ثم ابتسمت قائلة : يلا بينا.
اما في منزل اهل الهام فكانت هي جالسة بملل امام التلفاز في غرفة المعيشة بينما كانت امها تقوم بخياطة بعض الملابس وكان الصمت حليفهما ما عدا صوت التلفاز ، ولكن الامر لم يطل حيث قالت امها : مالك يا الهام يا بنتي ، شكلك تعبانه اوي.
فنظرت الهام اليها قائلة : متقلقيش يا ست الكل انا بس زهقانه شويه لاني سبت مريم.
الأم : آن الآوان علشان ترجع لجوزها يا حبيبتي يعني اكيد مش هتفضل قاعدة معاكي طول العمر وانتي كمان لازم تتجوزي وتبقى زيها.
فابتسمت الهام ابتسامة مريرة عندما تذكرت حبها الطويل لخالد وقالت بتعب : ارجوكي يا ماما بلاش تفتحيلي موضوع الزواج دلوقتي لاني مش عايزة اتجوز حد.
قالت ذلك ثم هبت واقفة وتوجهت إلى غرفتها فاغلقت الباب خلفها وسرعان ما خانتها دموعها وانسابت على وجهها رغماً عنها حيث تذكرت السنين الماضية التي اضاعتها عبثاً في اخفاء عشقها لخالد حبيبها الاول والاخير فقالت بنبرة منكسرة : ربنا يسعدك يا خالد.. ربنا يسعدك يا حبيبي.
اما امها فتنهدت بقوة وهي تحدق بباب الغرفة وقالت بصوت متألم : ربنا ينولك اللي في بالك يا بنتي ويجمعك باللي يقدرك ويحبك.
تسارع في الاحداث...........
حل المساء وعاد ادهم الى المنزل بعد يوم طويل متعب حافل بالمشاكل ونوبات الغضب الجنونية التي كان يفرغها على موظفيه المساكين فكانت ملامح وجهه متشنجة جداً وباردة يغلبها الجمود والانزعاج الشديد ، دخل الى المنزل بعد ان فتحت له وفاء الباب قائلة بابتسامة : نورت يا بيه.
في تلك اللحظة انجلا الانزعاج عن وجهه عندما رأى ابتسامة تلك الصغيرة الشقية التي قام بتربيتها بنفسه منذ ان وعت على الدنيا ويعتبرها اخته الصغرى لا بل ابنته فهو من يتكفل بمصاريف دراستها وكل شيء متعلق بها ؛ قرص وجنتها بصمت ثم دلف الى الداخل فشعرت هي بأنه مهموم ولكنها لم تعلق بل اغلقت الباب وعادت إلى المطبخ حيث كانت امها تعد العشاء للعائلة .
اما هو فأخذ يبحث بنظره في ارجاء المنزل عن مريمته التي اصبحت كالمخدّرات بالنسبة له ولا يهدأ ان لم يراها ولكنه وجد امه جالسة برفقة معاذ وسلوى في غرفة المعيشة بينما كانت مريم في غرفة ابنها تعطيه الدواء حتى ينام بعد أن تناول عشائه ، اقترب منهم على مضض وقال بصوت خالي من المشاعر : مساء الخير.
نظر الجميع اليه ومن قسمات وجهه المتجهم عرفوا انه منزعج فلم يشاء احد ان يزعجه في تلك الساعة لذا ردت عليه امه بصوت هادئ : مساء النور يا حبيبي.
اقترب منهم ولكن لم يجلس بل سأل : فين مريم ؟
ردت ت عليه سلوى : فوق مع ادهم الصغير.
فتنهد بقوة ثم قال : طيب انا تعبان وعايز اريح شوية يا ريت محدش يزعجني.
قال ذلك وصعد إلى الطابق العلوي تاركاً خلفه افراد عائلته في حيرة من امرهم حيث قال معاذ : باين ان مشاكل الشغل جامده اوي والا مكنش ادهم قلب من تاني ورجع فيها جبل التلج.
ردت عليه سلوى قائلة : عندك حق... دا حتى مسألش عن ابنه هو بس سأل عن مريم !
فتنهدت السيدة كوثر وقالت : الراجل لما يبقى تعبان يا بنتي ما بيسألش عن حد غير مراته لانها هي الوحيدة اللي بتفهمه ويقدر يرتاح معاها.
في تلك الاثناء كانت مريم قد البست ابنها ملابس نوم نظيفة جداً ثم وضعته في السرير واخذت تقص عليه قصة جزيرة الكنز حتى ينام وبالفعل ما هي الا عشر دقائق حتى غفى الصغير فقبلته على جبهته ثم احكمت تغطيته وقررت ان تنزل لتناول العشاء مع البقية وقلبها ينبض شوقاً لحبيبها الذي غادر منذ الصباح ولم تسمع منه خبراً بعد ذلك ؛ خرجت من غرفة نوم ابنها وتوجهت إلى غرفتها هي وزوجها حيث انها قررت الاتصال به لتسمع صوته العذب فامسكت بالهاتف مترددة هل تضغط رقمه اما لا ولكنها حسمت أمرها بعدم الاتصال لذا اعادت الهاتف الى الشاحن وتوجهت نحو باب الغرفة لتخرج .
صادف انها خرجت من الغرفة في نفس الوقت الذي وطأت أقدام ادهم اخر درجات السلم فنظرت اليه ثم ابتسمت تلقائياً لانها فكرت به وها قد رأته امامها ، اما هو فشعر بشعور غريب ممزوج بالاشتياق والحنين لذا تقدم نحوها بخطوات اشبه بالعدو وبحركة واحدة احاط خاصرتها ودفن رأسه بين خصلات شعرها المتناثرة وهو يدفعها الى داخل الغرفة واغلق الباب بقدمه مما جعلها تندهش من ردة فعله فقالت بقلق : مالك يا ادهم ؛ انت كويس ؟!
لم تسمع منه رداً الا ان ذراعيه القويتان اللتان كانتا تحاوطانها بشدة كانتا كفيلتين بأن تخبرانها مدى حاجته لها في تلك اللحظة حيث شدها اليه اكثر وكأنه يستمد طاقته منها ، فتنهدت بعمق ثم عانقته بدورها واخذت تربت على ظهره برفق قائلة : خلاص يا حبيبي... انسى كل حاجة حصلت في الشغل النهاردة ومتعبش دماغك بالتفكير ماشي .
احكم ادهم عناقها اكثر وهمس في اذنها بصوت متعب قائلاً : متتخيليش انتي وحشتيني قد ايه يا حبيبتي... اوعي تسيبيني تاني يا مريم لاني هضيع من غيرك...انتي سامعة ، انا ممكن اموت لو سبتيني مرة تانية .
قال ذلك وهو يشدها الى صدره وكأنه يحاول ان يسكنها بين ضلوعه ويخفيها عن العالم أجمع ، فتعجبت هي من هذا الضعف المفاجئ الذي اظهره لذا همست له قائلة بصوتها العذب : انا مستحيل اسيبك يا ادهم لو انت ما سبتينيش الاول... خلي كلامي دا حلقة في ودانك لاني مستحيل احل عنك بعد ما قررت اني اصلح كل حاجة انت فاهم ؟
قالت كلمتها الاخيرة بنبرة مرحة وضربته بخفة على كتفه فشعر بالطمأنينة بعد ان سمعها توعده بالتواجد معه دائماً لذا ارتسمت إبتسامة صغيرة على وجهه وقال بهمس اشبه بفحيح الافاعي : خلكي فاكرة كلامك دا كويس وتأكدي اني عمري ما هسيبك يا قلبي .
قال ذلك وهو يستنشق عبير عنقها الذي لطالما عشقه بجنون فشعرت بنبرة خبيثة امتزجت في حروف كلماته التي كانت تلامس عنقها بلطف لذا تسللت إلى عقلها فكرة جعلتها تبتعدت عنه بسرعة وسرعان ما تلونت بـ لون الخجل وقالت بأرتباك دون ان تنظر اليه : احم... انا... انا هنزل دلوقتي وانت ريح شويه وبعدها تعالى علشان العشا بقى جاهز .
ثم حاولت ان تغادر الغرفة باسرع مايمكن ولكنه امسك معصمها قائلاً : مش بالسرعة دي .
فنظرت اليه لتجد ابتسامة صفراء ممزوجة بالخبث قد خيمت على زاوية شفتيه وكأنه اسد جائع ينظر إلى غزالة صغيرة اغرته بأن ينقض عليها ويلتهمها دفعة واحدة ؛ ابتلعت ريقها واشاحت بنظرها عنه بسرعة ولكنه امسك بذقنها وقال بصوت هامس : مش كنتي عايزة السلسة بتاعتك يا مريم ، اهي قدامك بقى يلا تعالي علشان تاخديها..
قال ذلك ثم اخرج القلادة من تحت قميصه واخذ يحركها يميناً ويساراً امام نظر مريم التي زاغت عيناها وقالت بارتباك : لو... لو كانت عجباك يبقى خليها في رقبتك انا مش عايزاها.
قالت ذلك وارادت التملص من قبضته القوية التي كانت تمسك بمعصمها فاتسعت ابتسامة الخبث على وجهه واقترب منها بخطوتين حتى اصبح واقفاً امامها كالجدار البشري بذلك الجسد الرياضي المثالي وطوله الفارع وحلته السوداء التي زادته جاذبية مما جعل الكائن الصغير الذي كان يختبئ خلف ضلوعها يكاد يفر هارباً من صدرها ؛ تجمدت اطرافها وكاد نفسها ان ينقطع حين انحنى بوجهه بالقرب من وجهها الاحمر وهمس لها قائلاً : طيب مش عايزه نكمل كلامنا بتاع الصبح ؟؟
وبعد قول ذلك مباشرةً شعرت مريم بيده تحاوط خاصرتها مجدداً بينما ابتعدت يده الاخرى عن معصمها لتصعد الى ذقنها وامسك به برفق ورفعه لتنظر اليه بنظراتها المرتعبة اكثر من كونها خجلة وسرعان ما طبع قبلة صغيرة على جبينها اجبرتها بأن تغمض عينيها الجميلتين ثم نزل بقبلته الى جفونها المغلقة وقبلها وهي ما تزال ترتجف بين يديه ثم وصل إلى شفتيها المكتنزتين ... ابتسم عندما رأى حمرة الخجل تكسوهما فلم يستطيع منع نفسه من تقبيلها بشغف كبير جعل الرعشة تسري في داخلها بينما أرادت هي ان تبتعد ولكنه تشبث بها واخذ يقبلها بلطف وقلبه يفيض حباً وعشقاً وهوساً بها حيث كانت قبلته تلك ناعمة جداً على عكس قبلة الصباح التي كانت جامحة للغاية وكادت ان تمزق شفتيها.
وبعد حرب المشاعر تلك أبتعد عنها ببطء ثم نظر إلى وجهها وهي تحني رأسها بخجل شديد مما جعله يبتسم ويعانقها برقة هامساً في اذنها : هنكمل كلامنا بعد العشا يا حلوه ، خليكي فاكرة الكلام دا كويس.
قال ذلك ثم قبل جبينها للمرة الثانية وبعدها ابتعد عنها وهو يبتسم ثم دلف الى حمام الغرفة بسعادة انسته كل مشاكل العمل ؛ اما هي فكانت واقفة في مكانها وكأنها تعرضت لصاعقة كهربائية شلت حركتها تماماً حيث انها كانت مرعوبة مما تخبئه لها هذه الليلة ؛ رفعت يدها ببطء ولمست شفتيها المتورمتين بغير تصديق لأن ادهم البارد والذي عاشرها سابقاً بقسوة كبيرة لن تنساها أبداً قد قبلها بلطف وهدوء هذه المرة لا بل كان رومانسياً جداً وهو يهمس في اذنها بكلام اذابها كقطعة سكر .
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها ممزوجة بالخوف والقلق وافكار كثيرة تسللت إلى عقلها جعلتها تذهب برحلة الا وعي الفكري ولكن سرعان ما سمعت طرقعة اصابع اعادتها الى الواقع حيث رأته واقفاً امامها بعد أن خلع سترته السوداء ورفع اكمام قميصه الابيض ؛ نظرت إليه ولم تقل شيئاً بينما امسك هو بيدها اليمنى وطبع عليها قبلة لطيفة وبعدها ابتسم قائلاً : يلا عشان ننزل نتعشا.
رمشت مريم عدة مرات وهي تنظر إليه وسرعان ما نظفت حلقها وقالت بتوتر : اوك.
- نزلا الى حيث كان الجميع جالسين حول مائدة الطعام الفاخرة فجلس كل من ادهم ومريم بجانب بعضهما في جهة اليمين ومن ثم بدأوا يتناولون العشاء وهم يتحدثون بأمور كثيرة اهمها المشكلة التي حدثت في الشركة ....
تسارع في الاحداث / الساعة العاشرة مساءً .....
صعدت برفقته الى الغرفة بينما كانت خائفة جداً او لنقول مرعوبة كما لو انها شاة تم جرها الى المسلخ ليذبحوها ، وما ان اغلق باب الغرفة حتى تحرك نحوها بخطوات رزينة ثم وقف خلفها واحاط خاصرتها بينما استقر رأسه على كتفها وانفه يداعب خصلات شعرها الذي يشكل له هوساً برائحته الخلابة ؛ همس في اذنها : بحبك يا مريم... وعايزك تبقى جنبي على طول.
اما هي فكانت خائفة جداً...نعم تحبه لا بل تعشقه ولكن فكرة ان يتكرر ما حدث سابقاً في تلك الفيلا الكئيبة جعلتها تخافه كثيراً وما زاد الطين بلّة هو جرأته التي سمحت له بأن يقبل عنقها نزولاً إلى كتفها الذي انزل عنه قطعة القماش التي كانت تغطيه مما جعلها تنتفض من قبضته كمن لدغته افعى وقالت بنيرة مرتبكة وهي تعاود تغطية كتفها : انا تعبانه يا ادهم وعايزه انام .
قالت ذلك ثم استلقت على السرير وأعطته ظهرها ولكن تصرفها كان متوقعاً بالنسبة له فلحق بها وجلس بجانبها ثم قبل كتفها قائلاً : مالك يا حبيبتي ، ما احنا كنا كويسين من شوية.
اجابته دون ان تنظر : من فضلك يا ادهم انا عايزه انام دلوقتي.
ابتسم ادهم وهو يمرر يده على ذراعها قائلاً : انتي مكسوفه يا مريم ؛ متتكسفيش يا عبيطة انا جوزك !
اغمضت مريم عيناها بشدة وقالت بصوت مرتجف : مش مكسوفه .
فاتسعت ابتسامته ثم اقترب منها وهمس في اذنها : اساساً مفيش حاجة بتكسف احنا متجوزين ودا شيء عادي.
قال ذلك ثم هبط بوجهه ليقبلها فضغطت على نفسها وهي تغمض عينيها وخرجت الكلمات من فمها على شكل صراخ حيث قالت : ارجوك مش دلوقتي.
ابتعد ادهم عنها بسرعة عندما سمع صوتها المرتجف واستشعر الخوف الذي سرى في جسدها فنظر إلى وجهها ووجد الدموع تغطيه مما سبب له صدمة فسألها بنبرة متألمة : انتي لسه بتخافي مني يا مريم ؟!
ضغطت مريم على الغطاء بينما كانت تغمض عينيها ولم تعلق بل اكتفت بالبكاء الصامت الذي اثار جنون ادهم فاستلقى بجانبها فوراً وعانقها بشدة هامساً في اذنها : ششش متعيطيش يا حبيبتي... لو انتي مش عايزه مش هقرب منك ابداً بس ارجوكي بلاش تعيطي.
ازدادت مريم بالنحيب بين ذراعيه مما جعله يعانقها اكثر قائلاً : اسف... والله العظيم مكنتش عايز اخوفك مني بس اللي حصل كان غصب عني لاني كنت متعصب اوي.
فقالت من بين شهقاتها : ارجوك اديني فرصة لغاية ما انسى اللي حصل...انا بوعدك لما ابقى جاهزه هقولك بس بلاش تضغط عليا.
قبل ادهم جبينها وغمغم بصوت يغلبه الانكسار : بوعدك يا مريم... مش هلمسك طلما انتي مش موافقة ودا وعد شرف مني ليكي بس ارجوكي بلاش تبعديني عنك.
فقالت بعد ان هدأ روعها قليلاً : مش هبعدك يا ادهم بس ايه رأيك اننا نتعرف على بعضنا الاول ؛ احنا مخدناش الفرصة دي في علاقتنا وفي حاجات كتيرة متعرفهاش عني زي ما انا معرفش عنك كتير .
أبعدها ادهم عنه قليلاً ثم نظر إلى وجهها وقال : لو دا هيخليكي تبقى مبسوطة فانا هعمل كل اللي انتي عايزه.
احاطت يديها حول صدره واسندت رأسها عليه قائلة بنبرة حزينة : متزعلش مني يا حبيبي بس انا عايزاك تصبر عليا لغاية ما اعدي المرحلة دي.
ادهم : قولتك مش هلمسك يا مريم غير اما تطلبي انتي ؛ ثقي فيا يا روحي .
مريم : انا واثقة فيك.
- أخذ ادهم يملس شعرها بيده وعلامات الانكسار تعلو وجهه لان مريمته... معشوقته الصغيرة ما تزال خائفة منه بسبب معاملته الخشنة التي عاملها بها سابقاً فكره نفسه في تلك اللحظة حد الموت لأنه جعلها تتألم في ما مضى وتمنى لو انه مات قبل ان يفعل ذلك فاحاطها بيديه اكثر وهمس لها قائلاً : قوليلي بقى انتي عايزه تعرفي عني ايه؟
رفعت رأسها قليلاً ثم نظرت اليه قائلة : لو سألتك عن حاجة مش هتزعل مني ؟
ابتسم ثم امسك انفها واخذ يداعبه قائلاً : انا مستحيل ازعل منك يا قمر.
فابتسمت واردفت : طيب قولي مين هي ميرا ؟
في تلك اللحظة تغيرت تعابير وجهه ادهم لتصبح متشنجة وجادة فأبتعد عنها وجلس وسألها : انتي سمعتي اسمها فين ؟
جلست مريم ايضاً وقالت : فاكر لما رجعنا من السفر انا سمعت معاذ قال انك اخيراً قدرت تتجوز وتنسها....كنت بتحبها مش كدا ؟
فنظر ادهم اليها مطولاً ثم تنهد وغطى وجهه بيديه قائلاً بتعب : كانت اكبر غلطة في حياتي كلها ، بسببها بقيت بكره كل الستات وبقى قلبي قاسي مبفكرش غير في نفسي وبس.
امسكت مريم يده وسألته بنبرة متألمة : للدرجة دي بتحبها يا ادهم ؟
شعر ادهم بالحزن الذي كان يرافق صوتها لذا نظر اليها فوجد عيناها اغرقت بالدموع فما كان منه سوى ان يحتويها بذراعيه قائلاً : کنت بحبها من زمان اوي يعني من تسع سنين بس بعد ما قابلتك بقيتي كل حاجة بالنسبة لي... انتي حبيبتي الوحيدة وهتفضلي كدا لغاية ما يجي اليوم اللي هموت فيه.
شعرت مريم بالراحة من كلامه فقالت وهي تسند رأسها على صدره : طيب ايه اللي حصل بينك وبينها ؟
قال وهو يملس شعرها براحة يده : اللي حصل انها كانت ماتستهلش الحب والثقة اللي اديتهم ليها وطلعت وحدة خاينه وكانت.... كانت بتخدعني طول الوقت علشان فلوسي وانا لاني بحبها وثقت فيها ...
- ثم اخذ يحكي لها قصته مع ميرا عندما كان في اميركا واخبرها كيف خدعته لتحصل على المال وكيف هربت هي وحبيبها المدمن وكيف سخر منهما القدر وجعلهما يتعرضان لحادث سيارة مروع اسفر عن مقتلهما معاً ، فأبتعدت مريم عنه بسرعة وقالت بدهشة : هي ماتت !
أومأ لها برأسه قائلاً : ايوا... ودا اللي قهرني انها ماتت ببساطة كدا من غير ما اخد حقي منها ومن ساعتها وانا قفلت على قلبي ومقربتش على اي ست غيرك انتي لانك الوحيدة اللي حبيتها من كل قلبي حتى اكتر من ميرا نفسها.
بعد قوله ذاك تجمعت الدموع في عيون مريم ولم تشعر بنفسها عندما عانقته بقوة وغمغمت قائلة : انا بوعدك اني هعوضك عن كل اللي حصلك بسببها بس اصبر عليا يا ادهم.... مش عايزه منك غير انك تصبر عليا وتديني شوية وقت لغاية ما انسى .
فعانقها ادهم بدوره واردف : وانا قولتلك يا حبيبتي مش هقرب منك ابداً غير اما تبقي جاهزه.
قال ذلك ثم قبل جبينها واضاف : يلا علشان ننام.
أومأت له برأسها واستلقت بجانبه وهي تحاوط صدره بينما كانت يده تربت على كتفها بحنان كما لو انها طفلة نائمة في حضن ابيها وقد اعادته لذكرى مؤلمة جعلته يغمض عيناه بشدة وقسمات وجهه اصبحت متشنجة للغاية .
تسارع في الاحداث......
انطوى الليل بظلامة وحل مكانه فجر يوم جديد فاشرقت الشمس لتبعث شعاعها الذهبي الذي انتشر في سماء مصر ، استيقظت مريم قبل ادهم الذي كان نائماً بعمق وارتفعت بجسدها قليلاً ثم اخذت تحدق به بنضرات تفيض حباً ؛ مدت يدها واخذت تملس شعره الكثيف قائلة بهمس : بوعدك يا حبيبي... هنسيك كل الوجع اللي عشته بسببي وبسبب البنت اللي اسمها ميرا دي ومن النهاردة مش هتشوف غير السعادة والفرح.
قالت ذلك ثم طبعت قبلة صغيرة على جبينه وبعدها نهضت ودلفت الى حمام الغرفة حتى تستحم بينما استمر هو في نومه وكأنه سقط في غيبوبة من شدة التعب والإرهاق حيث كان اليوم السابق مرهق جداً بالنسبة له.
اما في منزل العم أمين.....
فخرجت الهام من غرفتها وهي ترتدي ملابس الخروج ونظرت إلى امها التي كانت تضع الفطور على الطاولة وقالت : انا هخرج يا ماما.
نظرت اليها امها وسألتها : هتروحي فين يا بنتي ؟
الهام : هروح ادور على شغل بدل ما افضل قاعدة كدا من غير ما اعمل حاجة.
الأم : ومالو... ربنا يسهلك بس ليه ما تطلبي من مريم انها تكلم جوزها علشان يرجعك تشتغلي في شركته ؟
الهام : لا يا ماما... هيبقى شكلي وحش لو عملت كدا... متشغليش بالك انتي بس ادعيلي.
رفعت المراة يديها تدعي لأبنتها قائلة : ربنا يوفقك يا الهام يا بنتي ويبعتلك ابن الحلال اللي يسعدك ويحفظك.
فابتسمت الهام ثم قبلت جبين امها وقالت : ربنا يخليكي ليا... سلام دلوقتي.
قالت ذلك وخرجت تبحث عن عمل بينما كان قلبها دائم التفكير بحبيبها الذي لم تحب احداً كما احبته.
عودة الى منزل عائلة السيوفي.....
استيقظ ادهم في تمام الساعة التاسعة صباحاً وكانت هذه المرة الأولى التي يستيقظ متأخراً بهذا الشكل حيث كان دائماً يستيقظ في تمام السادسة صباحاً ، فنظر الى الساعة بجانبه ثم هب واقفاً وقال : يا نهار مش فايت...ازاي فضلت نايم لغاية دلوقتي !
قال ذلك ثم نظر حوله ولم يجد مريم فتنهد ودلف الى الحمام ، وما هي الا ربع ساعة قد مضت حتى خرج من غرفته وهو يرتدي حلته الرمادية والقميص الكحلي ولانه كان متأخراً لم يضع ربطة عنق بل فتح اول زرين من قميصه لتظهر السلسلة الفضية التي اصبحت تشكل جزءاً من جسده ؛ نزل الى الاسفل حيث كانت وفاء تنظف الارض لانها كانت في العطلة الصيفية ولا يوجد مدرسة فنظرت إليه وابتسمت قائلة : صباح الخير يا فندم ؛ تحب احضرلك الفطار ؟
ادهم : لأ يا وفاء انا مش جعان ، قوليلي فين مريم ؟
وفاء : الهانم قاعدة في الجنينة مع البيه الصغير وطنت كوثر.
ادهم : طيب متشكر.
قال ذلك وخرج الى الحديقة حيث كانت مريم جالسة على الارجوحة الخشبية وابنها في حضنها بينما كانت السيدة كوثر جالسة بالقرب منهما على المقاعد الخشبية تشرب الشاي وتبتسم على منظر الصغير الذي كان سعيداً ، فأقترب منهم وقال : صباح الخير.
نظرت مريم اليه وابتسمت قائلة : صح النوم...نمت كويس يا حبيبي ؟
حمل ادهم ابنه من حضنها وقبله على وجنته قائلاً : ودي عملة تعمليها يا مريم ؛ انا عمري ما صحيت متأخر بالشكل دا بس لانك ضبطي المنبه على الساعة تسعه هضطر اجري زي المجنون علشان اوصل الشركة.
فضحكت مريم والسيدة كوثر التي قالت : وفيها ايه يعني لما تتأخر شوية ؛ مهي شركتك يابني ومحدش هيحاسبك.
اجابها ادهم وهو يعيد ابنه الى حضن امه قائلاً : الشركة بتمر في ظروف صعبة الفترة دي يا ماما و ماينفعش اسيب كل حاجة لكمال لان المسكين بيستحمل فوق طاقته .
مريم : انا اشفتك تعبان وقلت اسيبك تنام كمان شويه .
ادهم : طيب يا حبيبتي انا لازم اروح الشغل دلوقتي ومن بكرا جهزي نفسك علشان تبتدي شغل انتي كمان.
مريم : لسه عايزني ابقى السكرتيره بتاعتك ؟
ادهم : اظن اننا اتكلمنا في الموضوع دا.
قال ذلك ثم قبل وجنتها واضاف : يلا سلام دلوقتي.
ثم اخذ قبله من خد ابنه وغادر وهو يضع نظارته الشمسية لتحجب اشعة الشمس عن عيناه وبعدها صعد في سيارته الفاخرة وخرج بها من حدود القصر متوجهاً إلى الشركة ؛ ما هي الا مده معينة قد مضت حتى وصل فنزل من السيارة وصادف كمال في طريقه وادعى هذا الاخير عدم رؤيته لذا استمر بالمشي ولكنه ناداه قائلاً : كمال... استنى.
فتنهد كمال وتوقف عن السير بينما ركض ادهم قليلاً حتى ادركه وسأله دون مقدمات : لسه زعلان مني يا كمال ؟
اجابه كمال معاتباً : ايوا يا ادهم لاني هنت عليك وبهدلتني قدام الموظفين بالساهل كدا.
تنهد ادهم بتعب واردف : متزعلش مني يا صاحبي انت عارف اني مكنش قصدي اعمل كدا بس كنت متعصب اوي بسبب الهاكر الواطي وانا لما بتعصب مبفكرش ابداً ما انت عارفني كويس.
كمال : خلاص انسى.. محصلش غير الخير.
فابتسم ادهم وضربه على كتفه بخفه قائلاً : يعني مش زعلان ؟
ابتسم كمال ايضاً واردف : لا مش زعلان... قولي بقى مريم والامير الصغير عاملين ايه ؟
اتسعت ابتسامة ادهم واجاب بسعادة غامرة : كويسين والحمد لله والجميل ان ابني مبسوط اوي لان بقى عندنا عيلة كبيرة اما مريم... فهي كمان مبسوطة اوي.
قال جملته الاخيرة وهو يتنهد بعشق فانتبه عليه كمال لذا ابتسم بخبث وقال : الظاهر ان في واحد اعترف بحبه اخيراً ولا ايه ؟
وضع ادهم يديه بجيوب بنطاله قائلاً بابتسامه : ايوا... اخيراً قدرت اقولها اني بحبها..
كمال : هايل طيب وهي كان ردها ايه ؟
اجابه ادهم بضحكة : وهي كمان بتحبي يا كمال.
فاتسعت ابتسامة كمال وعانقه قائلاً : الف مبروك يا صاحبي....فرحتلك من كل قلبي والله.
ادهم : متشكر... يلا خلاينا نشوف شغلنا.
كمال : يلا .
تسارع في الاحداث / الساعة الثانية بعد الظهر...
اتصلت مريم على الهام وعندما اجابتها قالت : ازيك يا لولو ، وحشتيني يا بت .
فقالت الهام ممازحة : معقول وحشتك وحبيب القلب الحمش جنبك يا مريم !
ابتسمت مريم قائلة : متقوليش كدا... انتي اختي يا بت واكيد هتوحشيني.
فضحكت الهام واردفت : انا بهزر معاكي.... وانتي كمان وحشاني موت .
مريم : طيب ايه رأيك نتقابل ؟
الهام : وماله بس هيسمحلك جبل التلج انك تخرجي من البيت ؟
فقالت مريم بحدة : انا مش سجينة عنده يا الهام.
- وسراعان ما تغيرت نبرة صوتها لتقول بدلع : وبعدين ليه بتقولي عنه جبل تلج ؛ دا طلع رومانسي جداً وكمان حنيّن اوي .
ضحكت الهام وقالت : الله...كل اللي قعدتيهم في بيته يومين بس وبقيتى بتقولي عنه رومانسي ؛ الظاهر ان عم ادهم دا كان رقيق اوي ومش بعيد اني هسمع ان في بيبي تاني جاي في السكة.
فقالت مريم بخجل : تأدبي يا بت وقوليلي هنتقابل فين.
فضحكت الهام قائلة : طيب ماشي.... فاكرة الكوفي شوب اللي كنا بنقعد فيه ايام الجامعة ؛ انا قريبه منه دلوقتي وينفع اقبلك هناك.
مريم : طيب مسافة السكة وهكون عندك.
الهام : تمام وانا هستناكي.
- اغلقت مريم هاتفها وتوجهت نحو غرفة المعيشة حيث كانت السيدة كوثر جالسة تداعب حفيدها فقالت : ماما ينفع اخرج من البيت علشان اقابل صاحبتي ؟
نظرت السدة كوثر اليها وابتسمت قائلة : طبعاً يا روحي اساساً انتي مش محتاجة اذني علشان تخرجي بس قولي لجوزك الاول لان دي الاصول يا بنتي.
فابتسمت مريم واردفت : اكيد... هروح اكلمه دلوقتي بس ينفع اسيب ادهم عندك لاني مش هقدر اخده معايا والا هيتعب بسبب الحرارة.
السيدة كوثر : طبعاً... دا هيبقى على قلبي احلى من العسل.
مريم : ربنا يخليكي ، عن اذنك.
قالت ذلك ثم ابتعدت لتهاتف ادهم وما ان طلبت رقمه حتى اجابها فوراً وقال بصوته الشجي : جرى ايه ، هو انا وحشتك بالسرعة دي ؟
فابتسمت بخجل وقالت : بصراحة انا اتصلت بيك علشان اقولك على حاجة.
ادهم : ايه هي ؟
مريم : انا عايزه اخرج من البيت عشان اقابل الهام صاحبتي بس قلت اخد اذنك الاول .
فأبتسم ادهم وقال : برافو عليكي وانا مبسوط لانك طلبتي مني قبل ما تخرجي.
مريم : يعني انت موافق اني اخرج ؟
ادهم : ايوا يا حبيبتي اخرجي براحتك وزي ما انتي عايزه بس اطلبي من سمير يوصلك وبلاش تلبسي حاجات ملفته عشان بغير.
فابتسمت مريم قائلة : حاضر .
ادهم : وكمان بلاش ضحك ومهيصة انتي والهام دي واقعدوا في مكان محترم ويا ريت ميكونش فيه رجاله وكمان متتأخروش.
فضحكت مريم وقالت : جرى ايه يا ادهم ، عايز تديني محاضرة زي ما كون عيلة صغيره !
ادهم : اسمعي الكلام يا مريم.
مريم : حضار... مش هنتأخر ومش هلبس حاجات ملفته وهنقعد في مكان محترم.... في حاجة تانية ؟
فابتسم ادهم بغرور وقال : لا بس وحشتيني.
ردت عليه بخجل : وانت كمان.
ادهم : هتاخدي ادهم معاكي ؟
مريم : لأ هسيبه في البيت.
ادهم : طيب كويس... يلا روحي دلوقتي.
مريم : اوك.. سلام .
- ثم اغلقت الخط وتوجهت الى غرفتها ، بدلت ملابسها وخرجت حيث اوصلها سمير الى وجهتها حيث كانت الهام تنتظرها وما ان رأتها حتى نهضت وعانقتها بابتسامة فبادلتها العناق ثم جلسن وقالت الهام : وشك منور يا مريم.. ايه الحكاية يا بت ؟
فابتسمت مريم بخجل واعادت شعرها خلف اذنها قائلة : ادهم بيحبني يا لولو... هو قالي انه بيحبي من زمان اوي و ماكنش عايز يطلقني اساساً.
الهام : بجد يا مريم !
هزت رأسها بالموافقة فقالت الهام : الف مبروك يا حبيبتي... فرحتلك من كل قلبي .
مريم : تسلمي يا روحي... قوليلي انتي اخبارك ايه ؟
تنهدت الهام بضيق شديد وسرعان ما تجمعت الدموع في عينيها مما جعل مريم تقلق فسألتها : مالك يا الهام ؟؟
في تلك اللحظة انفجرت الهام باكية وقالت : مش قادرة استحمل بعده عني يا مريم... انا بحبه والله العظيم بحبه اكتر من روحي .
يتبع..........



الرابع عشر والاخير من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close