رواية عن العشق والهوي الفصل الثاني عشر 12 بقلم نونا مصري
~ الفصل الثاني عشر ~
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
قراءة ممتعة للجميع ♡
- ذهبت مريم برفقة ادهم الى غرفته وكان قلبها ينبض بسرعة فائقة من شدة التوتر ، وعندما دخلا الى الغرفة اغلق هو الباب ثم التفت اليها حيث كانت تعطيه ظهرها وتفرك يديها بتوتر شديد فابتسم ولم يقل شيئاً بل خلع سترته ومر من جانبها قائلاً : من هنا ورايح احنا هنقعد في الاوضة دي مع بعض ، يعني دي بقت أوضتك انتي كمان وتقدري تعملي فيها كل اللي انتي عايزه .
قال ذلك بينما كان جالساً على الاريكة الفاخرة يفك رباطات حذائه فنظرت اليه وقالت بتلعثم : م.. ممكن اعرف انت ليه خبيت الحقيقة على عيلتك ؛ كنت تقدر تقولهم السبب الحقيقي اللي اتجوزنا علشانه ومكنش في داعي انك تكدب عليهم وتخترع حكاية ملهاش اساس .
فنهض ادهم ثم نظر اليها بجدية وقال : اولاً انا مخترعتش اي حكاية يعني انا قولت ايه اللي حصل بس بطريقة غير مباشرة وبعدين انا عارف بعمل ايه علشان كدا متفتحيش السيرة دي قدام اي حد انتي سامعه ؟
قال ذلك ثم فك اول زرين من قميصه فظهرت في عنقه سلسلة فضية ولكن مريم لم تتمكن من رؤيتها لانها اشاحت بنظرها عنه بسرعة بينما تابع هو قائلاً : ودلوقتي هخش اعمل شاور وبعدها ... هنكمل كلامنا.
قال جملته الاخيرة بصوت هامس وكأنه يحاول ان يوصل لها رسالة بكلامه المعقد فارتبكت ورمشت عدة مرات ثم اخذت تحرك نظرها في ارجاء الغرفة بينما ابتسم هو وخلع قميصه ثم دلف الى الحمام ، وما ان اغلق الباب حتى تنفست بعمق ووضعت يدها على صدرها قائلة في سرها : يا دي المصيبة... هعمل ايه دلوقتي ؛ ازاي هقدر اقعد معاه تحت سقف واحد ؟!
- وبينما كانت تتحدث مع نفسها سمعت صوت انسياب الماء صادر من الحمام المرفق بالغرفة ، فاستغلت الفرصة ثم تابعت استكشاف غرفة نومه التي تغيرت تغيراً جذرياً بأمر من السيدة كوثر لتصبح عش زوجية بعد أن كانت غرفة كئيبة وقد كانت واسعة جداً تتميز بديكور أنيق وهاديء تغلب عليه لمسة كلاسيكية واثاث ومنسوجات تأخذ الطابع الإمبراطوري العثماني العريق حيث كان السرير كبير ومصنوع من اغلى انواع الخشب " خشب المهوجاني " وظهره من الجلد الاصلي باللون البني الغامق الفاخر وعليه مفروشات حريرية مطرزة باللون الكريمي الممزوج بالذهبي وكانت في غاية الجمال والروعة ، اما الخزانة فكانت عملاقة تغطي معضم الحائط مصنوعة من نفس نوعية الخشب وفي الجهة الأخرى كانت مرآة طويلة مزخرفة ملتصق بها طاولة تزين باربعة ادراج كان عليها عدة زجاجات من العطور بانواع واشكل مختلفة وبعض الكريمات الخاصة بالرجل ، كما ان الستائر كانت طويلة وتتمتع بأناقة وفخامة وترف ألوان الاحمر البرغندي الغني کلون النبيذ المعتق لتعطي الغرفة اجواء رومانسية مع ثرية كريستالية ضخمة معلقة في السقف ينبعث منها شعاع ذهبي ساحر ينعكس على تلك السجادة الخمرية العملاقة التي اتخذت من ارضية الغرفة الرخامية موقعاً لها وحولها ثلاث أرائك مصنوعة من نفس نوعية خشب السرير بمفروشات مخملية فاخرة باللون الكريمي الممزوج بالذهبي وطاولة خشبية مربعة الشكل عليها اناء زهور فاح عبيرها في ارجاء المكان ، كما كانت الجدران ملبسة باجود وافخر انواع ورق الحائط الذي تغلب عليه عذوبة اللون الفضي الفاخر الذي يتعانق مع اللون الابيض معلقاً على احداها تلفاز كبير شاشتة رقيقة جداً ، بالاضافة إلى الشرفة الواسعة والتي عليها ارجوحة ومقاعد مريحة مصنوعة من القش وطاولة زجاجية .
فاخذت تجوبها بنظراتها التي غلبت عليها الدهشة لفخامة الديكور وقالت : بسم اللّه ما شاء الله... ايه العز دا كله ؛ دي أوضة نوم ولا متحف ؟!
- وبينما كانت تستكشف الغرفة التي ستعيش فيها منذ الان فصاعداً وقع نظرها على طاولة التزين فاقتربت منها ثم امسكت احدى زجاجات العطر الخاصة بزوجها ادهم ؛ رفعت الغطاء عنها ثم قربته من انفها فأغمضت عينيها وابتسمت ابتسامة واسعة وكأنها مدمن مخدرات اخذ حقنة وسببت له النشوة ، فابعدت غطاء الزجاجة عن انفها ثم اعادتها مكانها وبعدها اقتربت من الخزانة ... فتحتها واخذت تحدق بملابس حبيبها الفاخرة والتي كان معظمها باللونين الأبيض والأسود فمررت اصابعها على القمصان المرتبة حسب درجات الالوان ابتداءً من الابيض مروراً بالازرق الفاتح يليه الكحلي ثم الاسود ... وبعدها فتحت الشقة الاخرى حيث كانت البدلات الرسميّة المصنوعة من افخم انواع الاقمشة ومن تصمصم اشهر المصممين المحترفين وتساءلت بصوت خافت : هو ما بيلبسش غير الالوان الغامقة ولا ايه ؟
في تلك اللحظة سمعت مقبض باب الحمام يدور لذا انتابها التوتر فوراً فاغلقت الخزانة بسرعة ولم تعرف الى اين تذهب وسرعان ما خطرت على بالها فكرة غبية حيث انها استلقت على السرير وادعت النوم ؛ اما ادهم فخرج من الحمام وهو يرتدي روب الاستحمام الذي كان باللون الكحلي بينما كان ينشف شعره بمنشفة اخرى فابتسم تلقائياً عندما رآها مستلقية على سريره وتعطيه ظهرها ، ادرك على الفور انها تكذب فلم يعلق بل فتح خزانته واخذ يرتدي ملابسه بينما كانت هي تغمض عينيها بشدة وقد شعرت بقلبها يهوي خصوصاً لانه رمى المنشفة بجانبها على السرير فبدأت دقات قلبها تخفق بسرعة فائقة .
سرعان ما ارتدى ادهم ملابس عادية ومريحة مكونة من بنطال اسود وتيشرت رمادية ضيقة تبرز عضلات بطنه وكانت بأكمام طويله ثم امسك زجاجة العطر التي امسكتها مريم سابقاً ورش منها رشتين ثم اعادها الى مكانها والتفت الى تلك الكاذبة التي كانت تستلقي على سريره وتتنفس بسرعة فابتسم ثم قال بصوت رزين : انا هطلع دلوقتي علشان تعملي شاور براحتك والعشا هيبقى الساعة تمانيه ؛ متتأخريش .
قال ذلك ثم تحرك نحو باب الغرفة بخطوات رزينه وما ان خرج حتى فتحت مريم عينيها ثم اعتدلت بجلوسها على السرير وتنفست الصعداء قائلة : يا دي الكسفة... دا كان عارف اني مكنتش نايمة بس كدا احسن بكتير دلوقتي هقدر اتصرف على طبيعتي وهخش اعمل شاور بقى .
قالت ذلك ثم توجهت نحو حقيبة سفرها التي كانت في الزاوية بالقرب من الباب ثم حملتها ووضعتها على السرير وبعدها فتحتها واخذت تحدق بملابسها محتارة ما الذي يجب ان ترتديه على العشاء برفقة عائلته زوجها فهي ارادت ان تظهر امامهم بمظهر لائق ومحترم ، لذا اخرجت فستان اسود بسيط يصل الى حد الركبة باكمام طويلة مخرمة بالاضافة الى ملابسها الداخلية والشامبو الخاص بها ثم دلفت إلى الحمام الفاخر ؛ وضعت ملابسها جانباً واخذت تحدق بأرجاء المكان كما لو انها لم ترى حماماً من قبل فقالت بدهشة : هو دا حمام ولا ايه بالزبط ؟
وفي الاسفل حيث كان افراد عائلة السيوفي مجتمعين في غرفة المعيشة اقترب ادهم منهم وجلس مقابلاً لامه قائلاً : مريم هتنزل بعد ما تعمل شاور.
فابتسمت السيدة كوثر وقالت : مراتك باين عليها بنت حلال.. برافو عليك يا ابني عرفت تنقي .
اما رغد فقالت : قولي يا ادهم ...ايه شعورك بعد ما اتجوزت اخيراً وبقى عندك ابن ؟
فتغيرت تعابير وجه ادهم واصبحت جدية حيث قال : عارفه الشعور الحلو اللي يبقى معاه شعور الخوف والقلق.. هو دا شعوري دلوقتي ، انتي اكيد تعرفيه لأنك هتبقي ام بعد خمس شهور.
فسأله معاذ بقلق : ليه بتقول كدا يا ادهم ؟
اجابه ادهم : لان ابني خلق قبل آوانه يا معاذ يعني النمو عنده بطيء علشان كدا حجمه صغير اوي ، وكمان هو عمل عملية من كام يوم بس وكان من الممكن يجراله حاجه علشان كدا انا خايف عليه جداً اما مريم... فهي عاشت برا مصر لفترة طويلة وانا خايف انها مش هتقدر تتأقلم هنا وخصوصاً لانها لسه صغيرة .
فابتسمت سلوى قائلة : خوفك دا شيء طبيعي يا ادهم علشان انت اكتشفت ان عندك ابن من فتره قصيرة بس وكمان بقيت راجل متجوز دلوقتي و مسؤوليتك كبرت يعني طبيعي انك تقلق ...بس انا متأكدة ان الجاي هيبقى احلى لان مريم باين عليها بنت طيبة اوي ، دي حتى سمت ابنكوا على اسمك ودا لوحده دليل على انها بتحبك جداً .
في تلك اللحظة شرد ادهم بفكره واخذ يفكر بكلام سلوى فقال في سره : اه صحيح... هي مريم ليه سمت ابننا على اسمي ؛ كانت تقدر تسميه اسم تاني يبقى ليه اختارت تسميه بنفس الاسم ؟
وبعد تفكير تساءل : معقول تكون بتحبي زي ما قالت سلوى ؟!
وبينما كان يفكر قطع حبل افكره صوت امه التي قالت : متقلقش يا ابني...وزي ما قالت سلوى ان قلقلك دا شيء طبيعي واهم حاجة دلوقتي ان اخيراً بقى عندي حفيد هينور حياتنا .
في تلك اللحظة شعرت سلوى بالحزن حيث انها لم تنجب اي طفل خلال سنوات زواجها الستة فظهر ذلك على وجهها بينما كان حال زوجها معاذ كحالها وقد انتبه عليها فامسك بيدها قائلاً بهمس : متزعليش يا روحي.. دا امر ربنا وانتي مالكيش ذنب .
فقالت بصوت خافت : ونعم بالله.
بينما سأل ادهم اخته : امال فين جوزك انا مشفتوش من ساعة ما جينا.
فقالت رغد : هو قال ان عنده شغل وجايز يتأخر عشان كدا قال لي افضل عندكوا الليلة دي وهو هيجي يروحني بكرا الصبح.
وفي تلك الاثناء نزلت مريم من الغرفة وكانت جميلة كالعادة بذلك الفستان الأسود البسيط وتسريحة شعرها الناعمة كما انها لم تضع اي مستحضرات تجميل بل تركت جمالها الطبيعي يُظهر أنوثتها وبرائتها ؛ توجهت نحوهم بخطوات بطيئة وقالت بصوت مرتبك : مساء الخير يا جماعة.
فنظر الجميع اليها وابتسموا بينما ردت عليها السيدة كوثر قائلاً : مساء النور يا حبيبتي... تعالي اقعدي جنبي علشان ابصلك كويس .
شبكت مريم يديها ببعضهما ثم نظرت تلقائياً إلى ادهم الذي كان يحدق بها بهدوء وبنظرات تحمل الكثير من التساؤلات مما جعلها ترتبك اكثر لذا اشاحت بصرها عنه بسرعة ونظرت الى السيدة كوثر وابتسمت بلطف قائلة : حاضر يا طنت.
قالت ذلك ثم جلست بجانبها باحترام فاخذت السيدة كوثر تثني على جمالها وامسكت ذقنها بلطف قائلة : بسم اللہ ما شاء الله...ايه الحلاوة دي كلها يا حبيبتي انتي تاكلي ايه علشان تبقي حلوه بالشكل دا ؟
شعرت مريم بالخجل يعتلي وجنتيها فابتسمت وغمغمت : ربنا يكرمك.. دي عينيكي الحلوه علشان كدا بتشوف كل حاجة حلوه .
ابتسمت رغد وقالت ممازحة : ايه دا ايه دا...الظاهر ان ست الكل نسيتني انا وسلوى بعد ما قابلتك يا مريم .
فضحكت السيدة كوثر وسألت : هي الغيرة اشتغلت ولا ايه ؟
اما سلوى فابتسمت بلطف واردفت : ماما كوثر عندها حق ؛ انتي حلوه اوي يا مريم واكيد بناتك هيبقوا حلوين زيك .
فنظرت مريم الى ادهم وارتبكت بعد قول سلوى وسرعان ما التفتت اليها قائلة : ميرسي يا سلوى دا انتي اللي حلوه بس بصراحة انا مبفكرش اني اخلف تاني.
في تلك اللحظة سمعت صوته الرجولي يقول : بس انا عايز كمان ولاد .
التفت الجميع اليه حيث كان جالساً على نفس الوضعية واضعاً قدمه اليمنى فوق اليسرى ويكتف ذراعيه ولم يتحرك شبراً واحداً ، ونظرت مريم اليه بصدمة شديدة بينما اضاف قائلاً : يعني ابني لازم يبقى عنده اخ او اتنين علشان يلعب معاهم وميحسش بالوحده مش كدا يا ماما ؟
ابتسمت السيدة كوثر وصفقت بيدها مرة واحده قائلة بحماس : طبعاً يا حبيبي ...دا هيبقى على قلبنا احلى من العسل.
قالت ذلك ثم امسكت بيد مريم واضافت : علشان كدا عايزاكي تخلفيلنا بنوته حلوه زيك يا حبيبتي ماشي.
احنت مريم رأسها لان الخجل وصل بها الى ذروته فاحمرت وجنتيها وضاق تنفسها فابتلعت ريقها ولم تعلق بينما قالت رغد : مخلاص بقى يا جماعة... انتوا مش شايفين ان مريم مكسوفه ؟
فابتسم معاذ قائلاً : وتتكسف ليه دا شيء طبيعي بما انها متجوزه .
في تلك اللحظة اتت وفاء ابنة العم محمود وقالت : العشا جاهز يا طنت كوثر .
فنظرت السيدة كوثر اليها وقالت : ماشي يا وفاء.. يلا بينا يا جماعة .
- فنهض افراد العائلة بمن فيهم مريم التي كانت ما تزال مصدومة بسبب ما سمعته من ادهم بشأن انجاب المزيد من الاطفال ثم توجهوا جميعاً الى غرفة المائدة حيث كانت مرتبة بشكلٍ جميل وعليها أشهى المأكولات والمشروبات بانواع مختلفه ؛ جلست السيدة كوثر على رأس الطاولة بينما جلس ادهم مقابلاً لها وبجانبه من جهة اليمين جلست مريم اما على جهة اليسار فجلس معاذ وبجانبه زوجته سلوى ومعهما رغد وكانت مريم تشعر بالتوتر يسيطر عليها ولم تستطيع رفع رأسها ابداً فنظر الجميع اليها وقال معاذ : متتكسفيش يا مريم.. انتي بقيتي وحده من عيلتنا دلوقتي يعني اتصرفي على طبيعتك.
فنظرت اليه وقالت : متشكره.
اما رغد فقالت : يلا يا جماعة اتفضلوا.
وبدأوا يتناولون طعامهم بينما كانوا يتحدثون بأمور مختلفه ويضحكون الا مريم وادهم حيث كانا يتناولا طعامهما بصمت... فهو كان يفكر بما قالته سلوى وان كانت مريم تحبه حقاً ام لا اما هي فكانت تشعر بالرعب بسبب ما قاله بشأن انجاب أطفال اخرين حيث ان الفكره ارعبتها جداً خصوصاً لان علاقتهما كانت معقدة للغاية.
وبعد العشاء جلسوا في غرفة المعيشة فقالت رغد : قوليلي بقى يا مريم... انتي خريجة ايه ؟
مريم : انا خريجة برمجة تطبيقات وهندسة إلكترونيّة بس محصلتش على فرصة علشان اشتغل في البرمجة لغاية دلوقتي .
معاذ : ازاي يعني ؟
فقال ادهم : هي كانت متدربه في شركتي بس اقبل ما تبقى مبرمجة عينتها السكرتيرة بتاعتي وبعدها هي سافرت نيويورك وبقت تشتغل في شركة تجارية .
نظرت مريم اليه ثم ابعدت نظرها واضافت قائلة : ايوا...انا اشتغلت مدققة حسابات في شركة صديق ليا وبعد كدا بقيت مديرة قسم المالية في الشركة بس اضطريت اني اقدم استقالتي علشان ارجع مصر.
فسألتها سلوى : ومش ناويه تشتغلي هنا ؟
ارادت مريم ان تتحدث ولكن ادهم سبقها بقوله : هي هترجع تشتغل في شركتي وهتبقى السكرتيرة بتاعتي مرة تانية .
نظرت مريم إليه وقالت بدون وعي : عايزني ارجع وابقى السكرتيرة بتاعتك ؛ احنا متفقناش على كدا.
فرمقها بنظرة حادة لانها نسيت نفسها وقال بصوت يغلبه الجمود : هنتكلم في الموضوع دا بعدين.
في تلك اللحظة انتبهت الى الاخرين الذين كانوا يحدقون بها ورمشت عدة مرات ثم نهضت قائلة : هروح اطمن على ادهم الصُغير ، هي فين الاوضة بتاعته ؟
فقالت السيدة كوثر : جنب الاوضه بتاعتك انتي وادهم.
فنظفت مريم حلقها لان وقالت : متشكره ، عن اذنكوا يا جماعة.
قالت ذلك ثم تحركت بخطوات سريعة نحو السلالم وصعدت الى الطابق العلوي بينما كان في قلبها امواج تسونامي تتخبط في جدران صدرها... اما ادهم فنهض ايضاً وقال : وانا كمان هطلع انام اصلي تعبان اوي... تصبحوا على خير.
رد البقية عليه : تلاقي الخير.
- ثم صعد إلى غرفة ابنه حيث كانت مريم جالسه بجانب الصغير على السرير بينما كان هو نائماً بعمق في ذلك الفراش المبهج بالنسبة للاطفال حيث كان عليه رسومات لأبطال خارقين كما ان غرفته كانت مليئة بالألعاب بأشكل وانواع مختلفه وكان يغلب عليها اللون الازرق السماوي والابيض ؛ وقف عند عتبة الباب يحدق بها وهي تربت على صدر ابنها بلطف بينما كانت شاردة الذهن وكأنها سافرت بخيالها الى مكان بعيد ولم تسمعه عندما تحدث سألها : عجبك البيت ؟
بل استمرت بشرودها بينما كان يتحدث معها الى حين اقترب منها ووضع يده القوية على كتفها... وحين شعرت به شهقت شهقة صغيرة وسرعان ما انتفضت من مكانها ونظرت اليه وقالت باندفاع : خضيتني يا ادهم !
سحب ادهم يده وقال : بقالي ساعة بكلمك وانتي مش سمعاني !
قالت بارتباك : انا ...انا... كنت...
فقاطعها حين امسك معصمها فجأة وقال : خلاينا نتكلم في الاوضه بتاعتنا لان ادهم ممكن يصحى لو سمع صوتنا .
قال ذلك وسحبها خارج غرفة ابنهما ثم دخلا الى غرفتهما فاغلق الباب وقال : لو عايزه تسألي عن حاجة فانا هجاوبك دلوقتي.
نظرت اليه بينما كان نفسها على وشك الانقطاع من شدة التوتر ولكنها استجمعت رباطة جأشها وسألته : ممكن اعرف كان لازمته ايه هزارك البايخ اللي قولته قدام اهلك ؟
رفع ادهم حاجبه الايسر وقال : هزار ، بس انا مهزرتش خالص.
مريم : قصدي موضوع الخلفة دا... حضرتك كنت تقصد ايه لما قولت انك عايز ولاد غير ادهم ؟
كتف ادهم ذراعيه واجابها بثقة : انتي كنتي فاكره اني بهزر ، لا يا مريم انا كنت بتكلم جد وجد اوي كمان.
قطبت مريم حاجبيها وقالت بتلعثم : ق.. قصدك... انت عايز ...
فقاطعها بقوله : ايوا..
فقالت باندفاع : بعينك ، انا مش هسمحلك تلمسني مرة تانية ابداً... علشان كدا متقربش مني خالص انت فاهم !
قالت ذلك وهي ترتجف اما هو فشعر بالحزن لانها كانت تخاف منه فسألها بصوت تشوبه الحسرة والندم : لسه بتخافي مني بعد اللي حصل ؟
ذرفت الدموع وقالت : وانت نسيت اللي عملته فيا ؛ انا مش هقدر اسامحك ابداً ولا هسيبك تقرب مني وحط كلامي دا حلقه في ودانك.
ادهم : بس اللي حصل زمان كان اتفاق بينا وانا اتجوزتك علشان تبقى علاقتنا شرعية ولا انتي نسيتي الكلام دا ؟
اجابته بصوت مجروح وينزف ألم : انسى ... انا عمري ما هنسى ازاي عاملتني زي الـ ... المجرمين علشان كدا انا مش هسامحك ابداً ولا هسيبك تقرب مني خالص .
فاقترب ادهم منها بخطوة واحدة وقال : بس دا حقي الشرعي بما انك مراتي .
اما هي فعادت خطوتين للوراء وقالت بنبرة متألمة : حقك الشرعي وانا مش عايزه اديهولك... ايه رأيك بقى واعلى ما في خيلك اركبه يا ادهم بيه .
بعد قولها ذاك شعر ادهم بقلبه يتمزق لان محبوبته بدت خائفة منه للغاية لذا لم يريد ان يضغط عليها اكثر فتنهد وقال : ماشي يا مريم... عاندي ﺑﺮﺍﺣﺘﻚ دلوقتي بس مصيرك ﻫﺘوقعي ﻓﻰ ﺍﻳﺪي ساعتها هتديني كل حقوقي انا بوعدك .
قال ذلك ثم خرج من الغرفة كلها بوجه متألم وملامح حزينة وذهب الى غرفة ابنه ، جلس بجانبه ثم قال بصوت خافت : هتسامحيني يا مريم... وبكرا هتشوفي .
اما هي فجلست على احدى الارائك وبدأت تبكي بصمت فوضعت يدها على صدرها وقالت : انا اسفه يا ادهم.. بس عمري ما هقدر انسى معاملتك القاسية اللي عاملتني بيها... انت جرحتني اوي حتى انك ضربتني ومسبتنيش اكمل كلامي ولا سمعت مني .
في منتصف الليل....
عاد ادهم الى غرفته فاغلق الباب بهدوء ثم التفت فوجد زوجته نائمة على الاريكة بعد ان بدلت فستانها بملابس النوم ، وقف يحدق بها بتمعن ثم تنهد واقترب منها بخطوات هادئة وسرعان ما حملها بلطف ووضعها على السرير ثم استلقى بجانبها واخذ يتأمل وجهها الذي يعشقه بتمعن وبعدها حرك يده اليمنى ليبعد خصلة من شعرها الناعم حيث التصقت على جبينها فتنهدت اثناء نومها وسرعان ما اقترب منها ثم خطف قبلة صغيرة من شفتيها واستمر بالنظر إليها حتى غلبه النعاس وسقط في النوم .
اما في مكان اخر وبعيداً عن قصر عائلة السيوفي.....
كانت الهام مستلقية في سريرها ولكن لم يغمض لها جفن طوال الليل لانها كانت تفكر بحبيبها الذي فارقته فنزلت دمعة مريرة من عينها وقالت في سرها : معقول هقدر انساك يا خالد ؛ ازاي هقدر انسى حب دام اربع سنين ويا ترى انت هتفتكرني لو تقابلنا تاني في يوم من الايام ؟
وفي صبيحة اليوم التالي .....
ً
اشرقت الشمس لتملأ الكون نوراً وضياء معلنة عن بداية صباح يوم جديد تنبعث منه رآئحة الاشتياق يمتلىء بالحنين ، ففتحت مريم عيونها ببطء حتى أستقر نظرها على سقف الغرفة وسرعان ما بدأت تتذكر احداث اليوم السابق ولم تستوعب بعد انه كان نائماً الى جوارها ، ولكنها ادركت اخيراً ان ذراعاً قوية مألوفة كانت تعانق خصرها وتتشبث بها فتجمدت مكانها واتسعت عيناها على وسعهما دون أن تجرؤ على الاستدارة الى الجانب الآخر من السرير ؛ حركت رأسها ببطء لتتوقف عينيها على التيشرت الرمادية التي كانت ملتصقة بصدره العريض وفتحتهما أكثر لترتفع بنظرها الى عنقه ثم ذقنه حتى توقفت اخيراً عند وجه حيث كان نائماً بعمق وهو يحتضنها .
كتمت شهقتها بيدها بينما كاد قلبها يفر هارباً من بين ضلوعها لشدة تسارع نبضاته حيث بدأ صدرها يعلو ويهبط جراء تنفسها الغير منتظم واخذت تحدق به بغير تصديق ؛ ارادت ان تنهض بسرعة ولكن سرعان ما لفتت نظرها السلسلة الفضية التي كانت معلقة حول عنقه ، فرمشت عدة مرات ثم استجمعت شجاعتها وحركت يدها ببطء شديد وامسكت السلسلة بينما كانت عيونها تراقب وجهه بترقب وحذر شديدين .
وما ان اصبحت بيدها واخرجتها من تحت التيشرت حتى تغيرت ملامح وجهها واتسعت عيناها وعقدت حاجبيها وسرعان ما فتحت القلادة الملتسقة بها لتصبح صدمتها اكبر حيث ظهرت امامها صورتها هي وشقيقتها مرام عندما كانتا اصغر سناً ، فتجمدت حركتها تماماً وشل لسانها عن الكلام محاولة ان تستوعب ما الذي تفعله قلادتها حول عنق ادهم عزام السيوفي فهي فقدتها منذ خمس سنوات تقريباً حتى انها نسيت امرها تماماً لذا حركت نظرها نحو ذلك الرجل الذي كان يعانقها وهو نائم بهدوء واخذت تحدق به وعلامات الاستفهام تعلو وجهها ولكن ليس لوقت طويل ؛ فهو تحرك اثناء نومه وابعد يده التي كانت تحتجزها وسرعان ما فتح عيناه ببطء ليجدها جالسة بجانبه على السرير تحدق به بصدمة واضحة الامر الذي جعله يرسم ابتسامة صغيرة على شفتيه وقال : صباح الخير .
ثم ابعد الغطاء عنه وانتصب واقفاً بينما كانت هي تلاحقه بنظراتها بصمت مرعب وهو يتوجه نحو الحمام ، وسرعان ما انتفضت من مكانها كما لو ان افعى سامة قد لدغتها ثم لحقت به ووقفت امام باب الحمام بينما كان هو يغسل وجهه ودون أي مقدمات سألته : ايه اللي جاب السلسة بتاعتي لرقبتك يا ادهم ؟
في تلك اللحظة توقف ادهم عن غسيل وجهه لمدة ثواني ولكن سرعان ما تابع فعل ذلك دون ان يعلق اما هي فقالت مجدداً : انا سألتك سؤال يبقى جاوب عليه بسرعة !
اغلق ادهم صنبور المياه ثم امسك بالمنشفة الصغيرة ونشف وجهه وبعدها التفت اليها وقال بهدوء : دي بقالها معايا تقريباً خمس سنين وعمري ما شلتها عن رقبتي ابداً .
فنظرت اليه بغير تصديق وسألته بتلعثم : لاقيتها فين ؟
نظر اليها مطولاً ثم تحرك نحوها بخطوات ثابتة قائلاً : دي وقعت منك في الفيلا بتاعتي لما....
فقاطعته بقولها وهي تعود بخطواتها للوراء : طيب ليه احتفظت بيها ؛ ليه مارجعتها لي في اليوم اللي طلقتني فيه !
اجابها وهو يتقدم نحوها بخطوات بطيئة قائلاً بصوت ينبعث منه ألم الحنين والأشتياق : لاني كنت عايز حاجة تفكرني فيكي على طول .
فسألته بصوت يكاد يختفي : ليه ؟
أقترب منها اكثر وبحركة واحدة امسك بخاصرتها مما جعل قلبها يهوي ثم شدها اليه حتى اصبحت قريبة منه جداً وهمس لها بصوت عاشق ولهان : عشان بحبك يا مريم.
في تلك اللحظة اتسعت عيناها بشدة واخذت البرودة تسري في جسدِها بالرغم من دفء المكان وشعور مخيف تسلل الى اعماق قلبها عندما سمعت ما قاله فسبب لها دوار شديد وبالكاد حملتها اقدامها مما جعلها تمسك بالتيشرت التي كان يرتديها وعيونها المصدومة لا تفارق عيناه فقالت بصوت كاد ان يختفي : ق.. قولت... ايه !
لم يعلق بل امسك وجهها بكلتا يديه وجذبها نحوه دون ادنى اعتراض منها ووضع شفتيه على شفتيها مقبلاً اياها في عناق طويل ، وكل ما شعرت به بعد ذلك رعشة عنيفة ضربت اوصال جسدها وكأن النار اشتعلت فيها فحاولت ابعاده عنها ولكنه امسك بمؤخرة رأسها وغرس اصابعه بين خصلات شعرها الطويل ثم تابع تقبل شفتيها بتملك اوهنها واضعف ساقيها وكأنه عطشان منذ سنوات وجد ضالته اخيراً ليرتوي من شهد شفتيها دون توقف ؛ في تلك اللحظة اغمضت عيناها بشدة ونزلت دموعها ثم سمحت لمشاعر الحب ان تتحكم بها لذا ضغطت بيدها على التيشرت التي كان يرتديها بقوة ولولا حاجتهما للأوكسجين لما حرر شفتيها ، فابتعد عنها قليلاً ليعطيها مجالاً للتنفس بينما كان صدره يعلو ويهبط بسرعة ، بينما احنت رأسها بصمت واخذت الدموعها تنساب على وجنتيها فامسك بذقنها ثم رفع رأسها لتنظر اليه ومسح دموعها قائلاً بهمس : بحبك يا مريم... مش بس بحبك وانما بموت فيكي والكلام دا مش من دلوقتي ...انا حبيتك من اول مرة شفتك فيها وعارف انك طاهرة و بريئة وانك عملتي كل حاجة علشان تنقذي اختك الله يرحمها وكنت هقولك اني بحبك بس انتي سافرتي من غير ماتقوليش اي حاجة .
فاستمرت دموع مريم بالانهمار غزيرة وهي تنظر إلى عيناه وتستمع الى كلامه فقالت بصوت مبحوح : بتحبي ؛ امال ليه جرحتني يا ادهم ... ليه عاملتني بقسوة وسبت جرح كبير في قلبي ؟
فعانقها بقوة كادت ان تسحق عظامها وقال بنبرة متألمة : غصب عني... مكنتش اعرف الحقيقية وقتها وافتكرت انك... عملتي كل حاجة عشان الفلوس بس قلبي مقبلش يصدق اي حاجة علشان كدا اتجوزتك ومطلقتكيش لاني كنت عايز اعرف السبب اللي خلاكي ترخصي نفسك يا حبيبتي .
بعد قوله ذاك اجهشت مريم بالبكاء الشديد وانهمرت الدموع من عينيها كالسيل الجارف فغسلت وجهها وبللت جسمه وهو يحتضنها بقوة ولم تستطيع التحدث او قول اي شيء فقط تعالت أصوات شهقاتها لتخترق قلبه كما لو انها سهام ملتهبة اشعلت النار في صدره فانسابت دمعة من عينه جعلته يحكم عناقها بقوة اكبر وهمس في اذنها قائلاً : ششش... متعيطيش ، انا اسف .. والله العظيم اسف.
ولكن مريم استمرت بالبكاء في حضنه حتى اخرجت كل الألم والحزن الذان كانا يعتصران قلبها منذ سنوات ، واخذت تعبر عما في نفسها من لوعة وحسرة لذا بكت وبكت وبكت حتى احمرت عيناها وانفها واغرقت التيشرت التي كان يرتديها بالدموع... وبعد ان هدأت قليلاً ابعدها عنه لمسافة قصيرة ثم امسك ذقنها ورفع رأسها لتنظر اليه ثم مسح اثار دموعها عن وجنتيها قائلاً : انا اسف... اسف على كل حاجة....اسف لأنك سبتي مصر بسببي ، واهم حاجة اسف لاني طلقتك وسبتك تتعذبي لوحدك.
تدحرجت دمعة حارة من عينها اليسرى وهي تنظر اليه ثم رفعت يدها وابعدت يده عن وجهها ببطء قائلة بصوت مبحوح : لما انت بتحبني زي ما بتقول وكنت عارف الحكاية من الاول يبقى ليه اتعمدت تجرحني مرة تانية لما طلقتني في نيويورك .. ليه جرحتني بكلامك يا ادهم ؟
في تلك اللحظة احنى ادهم رأسه ولأول مرّة في حياته كلها وقف صامتاً لا يعلم ماذا يقول...عجز لسانه عن الكلام ووقف يحدق بالارض كوقفة سجين ينتظر حكم اعدامه ولم يبقى من عمره الا القليل واصابعه تعد ايامه فلم يقل اي شيء سوى كلمة واحدة مجروحة متوسلة نطق بها لتخترق قلب مريم وتصل إلى اعماق اعماقها " سامحيني "
قال ذلك ثم رفع رأسه ونظر اليها بعيون حمراء اغرقتها الدموع وسرعان ما انسابت على وجهه فذهلت مريم عندما رأت ان ذلك الرجل القوي البارد الجبار قد بكى من اجلها هي ..لقد كانت تظن انه اقوى شخص قابلته في حياتها ومن المستحيل ان يذرف الدموع في يوم من الايام امام اي احد ولكنه بشر ايضاً بالاضافة لكونه رجل قوي... واذا بكى رجل مثله لاجل امرأه فهذا يعني انه يحبها ولا يعيش الا لاجلها ..اذا بكى لاجل الحب فهذا هو الحب الصادق النبيل الذي يسمو فوق الكرامة وفوق كل الكلمات التي نصوغها عندما نقرر الفرار من الحب... نعم يبكي ليس ضعفاً ولا خذلان وانما لانه بشر فليس البكاء كما يقال دوماً هو للنساء فقط ، بل يبكي الرجل لان له قلبا ًوروحاً واحاسيس ، يبكي لان البكاء يريح القلب وقلبه هو ارهقته مآسي الحب ...حبه لها اصبح هوس بل اكثر وقد تعدى الجنون حيث انه احبها اكثر من نفسه واكثر من اي شيء في الوجود والشخص الوحيد الذي من الممكن ان ينافسها على حبه لها هو ثمرة حبهما الصغيرة ابنهم الذي زرع برعم الفرح والسرور في حياتهما الكئيبة.
- فلم تشعر بيدها الناعمة عندما ارتفعت ببطء لتمسح دموعه النادرة التي كانت اغلى من الماس بالنسبة لها وسرعان ما احتوته بين ذراعيها واخذت تربت على ظهره بلطف مما جعله يجهش بالبكاء قائلاً من تحت انفاسه الملتهبة : سامحيني يا مريم.. سامحيني يا حبيبتي.
احكمت مريم عناقه وكأنها نسيت كل شيء حدث او فقدت ذاكرتها وقالت : ششش متعيطش... معقول انت تعيط يا ادهم .. ليه ... مفيش حاجة في الدنيا دي كلها تستاهل انك تعيط علشانها.
فابتعد عنها قليلاً ثم نظر إلى وجهها قائلاً : لأ في... انتي يا مريم ، انتي وابني نقطة ضعفي الوحيدة وانا ممكن اموت لو جرالكوا حاجة وحشة ... انتي ما تتخيليش ازاي كنت عايش وانتي بعيدة عني... كنت شبه الميت لا بعرف انام ولا بعرف اصحى من غير ما افكر فيكي .
فنزلت دمعة اخرى من عيون مريم وقد شعرت بسعادة غامرة حيث ارتسمت علامات الفرح على محياها وانقشع عنها الشعور بالهزيمة وأصبحت تشعر بالنخوة والانتصار وكاد قلبها يقفز من بين ضلعوعها فرحاً وسروراً فملأ كيانها فرح فريد لم تعرفه من قبل وفيض من السعادة لا يوصف لان حبيبها الازلي الذي ظنت انه تزوجها من اجل ابنه قد اعترف بحبه لها واتضح أنه كان مغرماً بها منذ زمن بعيد فابتسمت ابتسامة غمرتها السعادة وتهللت أساريرها وبرقت عيناها وقد فاضتا دموعاً فازدادت جمالاً وقالت متلعثمة بكلماتها : للدرجة دي بتحبني يا ادهم ؟
شعور مفرح استوطن في قلب ادهم عندما رأى ابتسامتها الجميلة التي افقدته عقله فابتسم لها بدوره وگأنه مراهق صغير منفعل سيخرج مع حبيبته في أول موعد غرامي وامسك يدها مقبلاً اياها وكأنها ترياق خلصه من تأثير سم الاشتياق لها واردف قائلاً : حب ايه دا ... انا عديت المرحلة دي من زمان اوي وبقيت بعشق كل تفاصيلك مش بس بحبك... ضحكتك.. شعرك عينيكي الحلوه .. صوتك ، حتى ريحة الپارفان بتاعك لسه فاكرها وبتقوليلي حب !
فاحمرت وجنتاها خجلاً بعد سماع ذلك وتهدجت انفاسها وطاطات بنظرها الي الارض وقالت بينما كانت تبتسم : وانا كمان..
اتسعت ابتسامة ادهم واقترب منها اكثر قائلاً : قولتي ايه ؛ مسمعتش انتي قولتي حاجة ؟
ازدادت مريم خجلاً ولكن ذلك لم يمنعها من تكرر ما قالته فاردفت قائلة بينما تحني رأسها : وانا كمان... بحبك.
في تلك اللحظة صدرت ضحكة رنانه عن ادهم عندما اخذها في حضنه وقال بنبرة تملؤها السعادة : واخيراً...دا اسعد يوم في حياتي كلها.
قال ذلك وهو يعتصرها بين ذراعيه بينما كانت هي سعيدة ايضاً ولكن ليس لوقت طويل فلا بد للقدر من ان يلعب لعبته المعتادة حيث رن هاتف ادهم فتجاهله تماماً لكنها قالت له : موبايلك بيرن يا ادهم.
اجابها وهو يحكم عناقها : انسيه وخلينا في اللي احنا فيه دلوقتي.
فابتسمت وابتعدت عنه قليلاً ثم اردفت : لازم ترد... جايز مكالمة مهمة.
تأفأف ادهم وقال بتذمر : طيب هرد بس هنرجع نكمل كلامنا تاني ماشي .
قال ذلك وغمزها فاحمرت خجلاً وابتسمت اما هو فتوجه نحو هاتفه وعندما قرأ الاسم اجاب قائلاً : ايوا يا كمال .. عايز ايه من الصبح كدا ؟
فقال كمال بدون مقدمات وبنبرة جادة : احنا في مشكلة يا ادهم...
يتبع......