رواية صماء لا تعرف الغزل الفصل السادس 6 بقلم وسام الأشقر
قاطع تركيزها على الأوراق حديث شادي ليوسف:
– إيه يا باشا، شكلك رجعت عن اللي كان في دماغك معاها.
رفع يوسف وجهه ونظر لها وهي مخفضة رأسها للأوراق وقال:
– مين قال اني رجعت؟ انا بس سايبها تستوي على الاخر.
شادي:
– مش فاهمك يا يوسف بصراحة، ما تكبر دماغك وتسيبها في حالها بقي.. شكلها مش من النوعية اللي انت فاكرها.
يوسف بسخرية:
– دي غير! هو انت فاكر اني حاطتها في دماغي حبًا فيها.. يعني على آخر الزمن يوسف الشافعي يحب واحدة خرسة وطرشة.. انا بس عايز اعلمها الأدب..
واكمل بتهكم
– انت متعرفش الهانم دي بتفكر في ايه وبتخطط لإيه.
تراهن ياشادي انها في اقل من شهر هتكون في سريري زي اللي قبلها.
نظر شادي لها وقال:
– مش عارف يا يوسف نفسي اصدقك بس حاسس أن غزل مش من النوع ده.
يوسف:
– بكره نشوف!
ولم يلاحظ كلاهما تصلب جسد غزل عندما ذكر اسمها وهذه الدموع المتحجرة في عيونها تأبي الخروج، ألهذه الدرجة يراها سيئة، يراها فتاة لعوب.. لماذا؟! هل صدر منها ما يشينها؟ ما يعيبها؟ إنها دائمًا تتجنبه وتتجنب الحديث معه خارج إطار العمل!
وما الشيء الذي تخطط هي إليه كما قال! صدق حدسها اتجاهه أن نواياه غير سليمة اتجاهها، يجب ان تترك هذا العمل في أسرع وقت هذا ما قررت فعله.
……………………………
– إيه يا ملك هتحايل عليكِ عشان تردي؟ مش بتردي على تليفونك ليه؟
قالها الشخص بغضب، فقالت ملك بتوتر:
– بقولك إيه أنا مش بحب حد يكلمني بالطريقة دي وكمان أنا.. انا خايفة.
الشخص:
– من ايه.. مني؟
ملك وهي تقضم أظافرها:
– لا مش الفكرة، أنا خايفة من.. من يوسف، دا لو عرف إني بكلمك ممكن يقتلني.
زفر الشخص وأغمض عينيه بقوة وقال:
– يا ملك قولتلك اللي بيني وبين يوسف ملكيش دخل بيه.. انا بحبك ونفسي النهاردة قبل بكره اروح ليوسف وأقوله بس أنتِ عارفه لازم استني شوية، في ترتيبات لازم أعملها معاه عشان اضمن انه ميرفضنيش.
ملك:
– خلاص لحد ما تكلمه بلاش نتقابل ولا نتكلم أنا خايفة ومرعوبة.
الشخص:
– لو على المقابلات انا موافق لكن التليفون ده الحاجة الوحيدة اللي مصبراني، مش هقدر لازم اسمع صوتك.
ملك:
– خلاص موافقه بس اتصالاتنا تكون بليل ولما ارنلك انا.. ماشي ”
الشخص:
– ماشي، هو انا اقدر أرفض.
…………………….
قطع شرودها تقى:
– كنتي بتكلمي مين؟
ملك بارتباك:
– ها مافيش دي.. دي واحدة صحبتي.
تقى ولم يخف عليها ارتباكها: صاحبتك.. اممم طيب.
……………
– آنسة غزل .. آنسه غزل
انتبهت غزل اثناء سيريها لشراء بعض الطلبات لإعداد المعجنات الخاصة بعامر و هو ما يناديها بلهفه وهو قريب منها شعرت بالتوتر فهي دائمًا تشعر بالألفة معه ونظرات تقول الكثير نظرات حب واحتواء تشعر بالأمان في وجوده .. حركت رأسها له تلقى عليه السلام بصمت فقال بابتسامة جلية:
– صباح الأنوار عليكي، انا كده ضمنت إن يومي من اوله هيكون زي الفل.
ضحكت غزل على ملاطفته الدائمة، فقاطع تفكيرها وقال:
– هو محمد مقلكيش حاجة بخصوصي؟
عقدت حاجبها بتعجب وتحرك رأسها بالنفي.. رد عامر مسرعًا:
– طيب في موضوع كنت فتحت محمد فيه، كنت عايز أخد رايك فيه لو ينفع نتقابل في مكان عام بعيد عن المنطقة عشان محدش يتكلم و متقلقيش مش هاخد من وقتك كتير.
قلقت غزل من طلبه الغريب ولكنها اضطرت للموافقة فضولها يقتلها.
……………………..
– ايه ياعمي كل ده في تركيا؟ يعني ينفع أعمل الحفلة عشان رجوعك واتفاجأ قبلها بساعتين انك مش جاي؟
قالها يوسف وهو يمضي بعض الأوراق أمامه.
ناجي:
– معلش يايوسف أنا عارف اني سايب راجل ورايا والحمل كله عليك متزعلش، وكمان هو مسك فيا أقعد يومين معاه.
يوسف:
– ايه اللي بتقوله ده بس دا أنا ابنك اللي مخلفتوش، أنا بس قلقان عليك وعلى صحتك.. ولو عايز تقعد يومين كمان معاه براحتك.. عمومًا طمني وصلت لحاجه؟
ناجي:
– لسه يابني، أدينا بندور وربنا يرد الغايب.
يوسف بابتسامة:
– كله بأوانه ياعمي.
ثم انهى المكالمة ليستمع اللي بعض الضوضاء والجلبة بالخارج، فتوجه للباب ليتفاجأ بسوزان وأمامها علبة متوسطة مملوءة بالمعجنات الشهية الساخنة، وتقوم بقضم قطعة وهي مغمضة عينها وتمضغها باستمتاع، وتخرج خلال المضغ أصوات تدل على استمتاعها، فرفع حاجبه الأيمن باستغراب على وضعها الذي أول مرة يراها فيه واقترب بهدوء ليقف أمامه ليمد يده بقطعة من نفس المعجنات ليتذوق منها، ليتوقف فجأة عن أكلها ويرفع حاجباه ويقول:
– لذيذة جدًا.
لتنتفض سوزان اثر صوت يوسف وتفتح عيناها باتساع وتقف برعب وبيدها قطعه متبقيه من المعجنات، فيقول:
– ممكن أفهم إيه اللي أنا شايفه ده؟
سوزان بتوتر:
– ده.. ده..
يوسف بعصبية:
– اخلصي.
سوزان:
– والله يافندم أول مرة أكل أثناء الشغل، وبستني البريك.. بس الأكل لسه جايلي فقولت أدوق.
– مممم تدوقي؟ قالها يوسف وهو يكمل أكله منها.. ثم اكمل وفمه مملوء بالطعام:
– عمومًا هي مش بطالة.. بس أبقي زودي حبة زعتر علي الوش.
وتركها ليعود للمكتب فأوقفه كلام سوزان:
– هبقى اقولها.. التف إليها وتساءل:
– تقولي لمين؟
سوزان بثقه:
– لغزل.
عقد حاجباه بتساؤل فأجابته سريعًا:
– ماهي اللي عاملة الحاجات دي، ده كل الشركة بتستناها كل يوم. وأكملت بسعادة:
– اصلها بتوزع على الزملاء كل يوم منها وبنديها فلوس، أصلها جميله أوي.
لم تلاحظ الغضب الذي اعتلى وجه يوسف وخروجه من حجرة سوزان مندفعًا ليرى هذه المهزلة الموجودة بشركته.
مر يوسف على جميع المكاتب ليجد الرجال قبل النساء يتناولون من معجناتها هذه الشيطانة تعدت القوانين الخاصة بالشركة.. اليوم تبيع المعجنات وغدا سيجدها تحمل حقيبة سفر مملوءة بشربات وقمصان بيبي دول وفرش للأطفال ما هذه المهزلة التي تحدث ؟!
عند مروره لمحها في مكتب من المكاتب يحدثها موظف في الشئون القانونية وترسل له ابتسامه وهو ممسك بعلبه مشابهه لعلبه سوزان استشاط غضبًا عندما لاحظ هذا البارد الذي يحاول التقرب منها بخفه ظله دخل مندفعًا:
– ايه المهزلة اللي بتحصل هنا؟
اهتزت غزل عند رؤيته وتشبثت بالعلبة الأخيرة بأحضانها ونظرت له بخوف، فأكمل:
– الشركة متحولة للتحقيق عشان المهزلة دي.. وانتِ تعالي معايا على المكتب.
واتجه بغضب يمسكها من ذراعها بغضب فحاولت إزالة يديه فلم تستطع.
…………………………
داخل المكتب الخاص بيوسف وقفت ترتعش من منظره وتحتضن علبتها كأنها درع يحميها منه هي لم تقصد المتاجرة بل انتشر خبر إعدادها المعجنات من إحدي الموظفات التي كانت تتذوق طعمها من قبل وأعجبت به، فألح الجميع عليها إعدادها لهم مقابل المال وهي لم تخطئ في شيء، وقف أمامها يعتليه الغضب ولكن لا يعرف سبب الغضب الحقيقي هل لأنها تظهر دور الملاك؟ ام لأنها تتجاهله دائمًا؟ أم لأنها باعت طعام بالشركة؟ ام لأنها لم تعرض عليه معجناتها لتذوقها مثل الغير؟ لام نفسه علي تفكيره الذي أخذ منحنى مختلف.
فأجلي صوته وقال:
– ممكن أفهم اللي حصل ده؟ إزاي واحدة المفروض محترمة بتشتغل في شركة ليها اسمها تعمل الأعمال السوقية دي.. أنتِ ولا كأنك واحدة من الشارع جيبنها تشتغل.. انتِ المكان اللي عايشه فيه نساكي انتِ بتشتغلي عند مين؟
كانت تنظر له وتتلقى كلماته المؤلمة الذي يلمح فيها عن مستواها الذي لا يشرفه فاكمل بسخرية وهو يقترب منها:
– لو كنتِ طمعانة في قرشين زيادة كنتِ قولتيلي وانا كنت زودتلك مرتبك أو اديتك اللي انتِ عايزاه من غير ما حد يعرف.
وأكمل كلامه وهو يضع أنامله أسفل ذقنها.. أرتفع صدرها وانخفض من توترها ومن اقترابه الذي يخنقها، انه عطره القاتل الذي يخنقها.. أكمل بسخرية:
– إيه مش هتدافعي عن نفسك؟ بيتهيألي نلعب على المكشوف أحسن.
رجعت غزل خطوتين للخلف لتجد نفسها ملتصقة بالجدار ومحاصرة بيوسف.. حاصرها بذراعيه ولفحت أنفاسه الساخنة وجهها فارتعشت بسبب هذا الاقتراب المخجل وعطره الخانق لها، قطع شرودها يده التي رفعها ليلمس جانب شعرها كالمغيب وبندقيته تلتقي برماديتها المهتزة.
ماذا تفعل الآن؟ لماذا تشعر بشلل اطرافها؟ لما لا تبعده بقوة؟ فاقترب أكثر من وجهها ليطبع قبلة شهوانية على شفاها الوردية المنفرجة ليأسرها مثلما أسر غيرها.. ولكن لم تدم هذه اللحظات إلا وآفاق على يدين صغيرتان تدفع بكل قوة حركته للخلف خطوة.. وصفعة على وجهه شلت حركته من الصدمة لم يستوعب ما حدث إلا وهو يرد لها صفعتها بكل قوة على وجنتها كرد فعل فجائي منه.. لتسقط أسفل قدميه من قوه الصفعة.
ريأكت قبل القراءة عشان الفصل يوصل لعدد أكبر.
———————-
انحنى إليها وأمسكها من مؤخرة رأسها وقبض على شعرها ليقول بصوت يملأه الكره:
– بقى تمدي ايديك عليا أنا يا حثالة؟ عملالي فيها خضرة الشريفة يا و***.
سالت دموعها على وجنتيها بدون صوت لصدمتها من كلامه ورد فعله، هو من اخطأ وليست هي، حاولت التخلص من يديه الممسكة بشعرها دون جدوي لتأن بصوت مكتوم ليدفعها بكل قوته لتصطدم مرة اخرى بالأرض ليقول بغضب:
– اطلعي بره مش عايز اشوفك قدامي.
تحركت غزل وهي تتحامل على نفسها بسبب آلامها الجسدية والنفسية اكثر واتجهت إلى الباب لتفتحه ببكاء فتوقفت على صوته الجهوري يقول:
– استني.. اتفضلي روحي الحمام. ظبطي شكلك ده متخرجيش للموظفين بالمنظر ده.
فاتجهت بأرجل مهتزة لا تستطيع حملها إلى الحمام لتغسل وجهها بالمياه لعلها تهدئ من وجهها، لقد اتخذت قرارا بعدم الرجوع إلى هذه الشركة مرة اخرى، خلعت سماعة أذنها لتسندها على رف أعلى الحوض وقامت برفع جانب شعرها بأناملها لتصدم بأثار أصابعه على وجنتها، فرتبت شعرها سريعًا ومسحت دموعها وخبأت وجهها كما اعتادت خلف شعرها، فتحت الباب فتحة بسيطة لتراقبه منها خوفًا من أن ينقض عليها مرة أخرى، تريد أن تهرب تريد الارتماء على السرير والبكاء حتى تنفذ دموعها.
أما هو لم يكن حاله اقل حالًا منها، جلس خلف مكتبه بقميصه بعد أن رمى جاكيت البدلة بإهمال على الأرض وترك أزرار كميه وصدره مفتوحين ودفن وجهه بين يديه يظهر للناظر كأنه تمثال لولا حركه جسده الظاهر الناتجة عن قوه تنفسه، يحاول كبت غضبه منها ومن نفسه، كيف فقد السيطرة وضربها حتي لو كانت تستحق هذا؟ لما لم يسيطر على غضبه؟ يشعر دائمًا أنها تقصد إهانته والتقليل منه، لا يوجد واحدة رفضته دائمًا يتقربن منه ويتوددن.. إلا هي.. يشعر بنار تأكله منذ متى لا يعلم ؟!
كل ما يعلمه أن ناره اشتعلت أكثر منها عندما رآها بعد انتهاء الدوام تركب بسيارة ما يسمى عامر والابتسامة على وجهيهما لا يعرف وقتها كيف ركب سيارته ليتبعها إلى هذا المطعم كأنه يريد أن يؤكد لنفسه انها لعوب ليست كما تظهر لغيره، لم يقطع شروده إلا سماع صوت إغلاق بالباب.. ناره تزيد يريد اطفائها فاتجه بغضب للحمام الملحق ليغسل وجهه لعله يهدأ، وقف لينظر إلى وجهه بالمرأة ولكن لفت نظره شيء على الرف شيء غريب امسكه بأصابعه ورفعه أمام ناظريه ليقول بتعجب:
– ايه ده؟
…………………
بعد مرور خمسه أيام.
تجلس على سريرها شاردة في الأحداث التي مرت عليها في هذه الأيام وكيف تغير حالها عندما أرسلت رساله مختصرة لعامر تقول:
– أنا موافقة ياعامر.
هذه الجملة القصيرة غيرت حال الجميع من بين قلق للبعض وكره للبعض وحب وأمان ورغبة للبعض، فعامر بالنسبة لها أمانها ملجأها بعد ما تعرضت له على يد يوسف شعرت بالخواء والبرودة، ليس لديها من يساندها تعلم أنها إذا أخبرت محمد سيهدم المعبد على رأس هذا المتعجرف ولكنها تخشى عليه هو نفسه، لا تريده أن يفقد وظيفته بعد أن استقر بها.. لا تريد خطف سعادته وقد لاحظت عليه اهتمامه بسوزان و سعدت لذلك.. اخيرًا سيجد شريكة حياته، دخلت صفا لتجلس أمامها ثم قالت:
– عاملة إيه ياغزل دلوقت؟
ردت غزل بروزمانتها من أسفل وسادتها لتكتب:
– الحمد لله يا ماما.
صفا:
– الحمد لله.. مش هتروحي شغلك النهاردة كمان ياغزل؟
حركت غزل رأسها بلا.. فتنهدت صفا ووضعت كف يدها على ساق غزل تربت عليها وتقول:
– طيب ريحيني يابنتي في حاجة ضايقتك في الشغل؟ انتِ من ساعة ما رجعتي من الشركة معيطة ووشك غريب وانتِ مش بتخرجي من أوضتك ولما محمد سالك قولتيله انك وقعتي على وشك عشان كده تعبانة ومش هتروحي الشغل.. ريحيني لو في حاجه مضيقاكي ”
كتبت لها:
– مافيش يا ماما اطمني.. أنا حاسة إني خلاص مش محتاجه الشغل ده وهقدم استقالتي.
…………………….
رن هاتف المكتب لتزفر سوزان بقوة تقول لنفسها قبل أن تجيب:
– أنا كان مالي ومال الشغلانه دي ياربي.. كل شويه يتصل.
ثم أجابت وقالت:
– أيوه يا بشمهندس… لا يافندم ماجتش برضه.
فبعدت السماعة عن أذنها لتتفادي صريخه لتقول:
– يافندم انا ذنبي إيه حضرتك.. هي مش بتيجي بقالها كام يوم!.. حاضر يافندم حاضر هحاول اجيب تليفونها… خلاص يافندم هبعتلها رساله.
اغلقت الخط ثم زفرت:
– كان يوم مهبب يوم ما عرفتك ياغزل.
ضحك شادي بشدة قائلًا
– انتِ إتجننتي ولا إيه يا سوزي؟ قالها شادي وهو على باب المكتب
سوزان:
– هو اللي يشتغل معاكم هيبقى عنده عقل! انا خلاص شويه وهقدم استقالتي.
شادي:
– ليه كل ده؟ مش قادرة تستحملي الجنيرال.
سوزان:
– يا أستاذ شادي إحنا مستحملين بس ما توصلش أن البشمهندس يتصل بيا كل ساعه يسألني غزل جت ولا لا؟ بقالي خمس ايام على كده.. وكمان أنا بلغته إن أستاذ محمد قال أنها تعبانة ومش قادرة تيجي ومع ذلك بيسأل أنا عمري ما شفته كده.
.شادي وهو يحاول التقليل من توترها:
– معلش ياسوزان، هو متوتر اليومين دول انا داخله.
سوزان:
– اتفضل.
………
كان يجلس شارد في شيء ما يتفحصه بأصابع يده دخل عليه شادي ليقول:
– السلام عليكم، إيه ياجينيرال مالك؟ قالب زعابيب أمشير ليه؟
لم يجبه.. فقال شادي:
– انت لسه ماسك البتاعة دي؟ خلاص يا يوسف طلعها من دماغك بقى.
رفع يوسف عينيه ليواجهه شادي ويقول:
– أنت عارف إني اكبر حمار في الدنيا.. الهانم كانت بتسمع ومستهبلاني ياشادي.
شادي:
– تسمع ماتسمعش هي حره، إيه اللي يضايقك في كده؟
رد يوسف باحتقان:
– معناها إنها كانت بتسمع كل كلمه بنقولها عليها ونلمح بيها يا أستاذ.
– آها..
ثم فجأة جحظت عين شادي من كلام يوسف وقال:
– إيـــــه؟
يوسف بابتسامة ساخرة:
– أيوه زي ما فهمت بالضبط.
شادي بتوتر مما سمعه:
– يعني هي سمعت الكلام اللي انت قولته عليها انها…
يهز يوسف رأسه مجيبًا:
– للأسف.. سمعت أومال تفسر وجود سماعتها في حمامي بعد خروجها إيه؟
شادي وهو يحك رأسه:
– يمكن مش بتاعتها؟
زفر يوسف بضيق يقول:
– يابني آدم مافيش حد بيدخل حمامي غيري، والمرة اللي هي دخلت فيها بعد خروجها لقيت السماعة جوه تبقى أكيد بتاعتها
شادي:
– دي كده باظت على الأخر.. طيب هتعمل إيه؟ وهتصلح اللي أنت عملته إزاي؟ دي بقالها خمس أيام مش بتيجي وشكلها كده مش راجعة تاني.
……
تجلس بجواره بتوتر وجنتيها كحبات الفراولة.. تتساءل لما اليوم أزداد توترها عن ذي قبل؟
فهي ليست المرة الاولى التي تكون معه وعن هذا القرب.. شعرت بيد تقبض على كف يده لتنتبه له فسحبت يدها منه بخجل تنظر إليه وهو يقول بابتسامه جلية تزيد من حلاوته:
– سرحانه في إيه؟ ابتسمت وهزت رأسها بلا شيء.
فاكمل حديثه:
– انا فرحان أوي ياغزل انا مش مصدق اننا رايحين نشتري الدبل.
أرسلت له غزل ابتسامة هادئة لا تعرف إذا كانت هذه الخطوة صحيحة أم لا.
…….
دخلت المصعد وقامت بتحديد رقم الطابق الذي يوجد به مكتبه فهي قد طلبت من عامر أن يوصلها الشركة بعد الانتهاء من انتقاء الدبل، تذكرت كيف أصر عليها أن تختار خاتم بجوار دبلتها، فخضعت لطلبه بعد إلحاحه، فتحت باب المصعد واتجهت إلى مكتب سوزان.
………..
كان يقف أمام النافذة الزجاجية شارد بالطريق أسفل البناية ينفث الدخان من سيجارته ويده الأخرى في جيب سرواله، أنتبه لطرق الباب وصوت سوزان يقول:
– بشمهندس يوسف في أوراق محتاجة حضرتك…
قاطعها يوسف بدون أن يلتف إليها:
– سبيهم عندك وروحي على مكتبك.
انتبه يوسف ان سوزان تحاول قول شيء فالتفت لها يقول:
– فيه حاجه تانية؟
سوزان بتوتر:
– أيوه يافندم اصل حضرتك طلبت لو الآنسة غزل جت ابلغ حضرتك وهي جت وسابت لحضرتك استقالتها.
ومدت يدها بها بالورقة، فاتسعت عين يوسف ويقول:
– نعـــم؟
ليأخذ الورقة ليقرأها وتتسع عينيه ويقول بصراخ:
– هي فيــــن؟
أشارت سوزان بخوف من صوته وقالت:
– كانت بره لسه ماشية…
لم تكمل حديثها لتجده يندفع خارجًا من مكتبه يجري باتجاه المصعد ليراها تدخل المصعد فتفاجئ هي بمن يضع قدمه ليمنعه من الانغلاق، لم تفق من صدمتها إلا على ضغطه على زر توقيف المصعد لتجد نفسها هي وهو داخل المصعد لا يفصلهم إلا مسافة بسيطة وهو مشرف عليها بجسده وصدره الذي يعلو وينخفض بشده كأنه خارج من سباق وعينه مثبته على عينيها، فيقطع هذا السكون صوته الهامس:
– هو اللي يقدم استقالته مش يسلمها بردوا لصاحب الشركة ويستنى أمضته عليها؟
اهتزت حدقتها برعب منه فهي لن تتحمل إيذائه مرة اخرى، فتلاحظ حركة يده التي أدخلها داخل جيبه ليخرج يده مقبوضة على شيء ما ويرفعها مام وجهها فتنتفض من الخوف وترفع ذراعها أمام وجهها لتحميه من اعتدائه…
اتسعت عينيه لخوفها ليقول لنفسه أتعتقد انه سيضربها مرة اخرى؟
يخفض يدها بيده ويشير لها بشي بين أصابعه ويقول:
– عارفة إيه ده ولا مش عارفة؟ سماعتك ناسيتيها في الحمام.
اتسعت عينها لتنظر لسماعتها بتوتر فابتسم يوسف نصف ابتسامه لتوترها ليقربها أكثر لها فتأخذها بأصابع مرتعشة وتضعها على أذنها اليسرى ثم تخفي أذنها خلف شعرها.
يوسف:
– بيتهيألي أنتِ دلوقت سمعاني كويس؟
هزت غزل رأسها بنعم، رفعت رأسها لتجد المصعد يفتح مرة اخرى ويقول بأسلوب آمر:
– ورايا على المكتب.
يتبع….