رواية طاقة حب الفصل الثالث 3 بقلم اسماء محمود
الحلقة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي محمد أشرف المرسلين وخاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
(اللهم بحق عينك التي لا تنام وعزك الذي لا يُضام أرنا عجائب قدرتك في نصرهم.
الخذلان من أقرب الناس، قد يخلف في القلب جرح لا يلتئم أبداً، الخذلان لا يطاق ولا يحتمل، فقد يكر القلب والروح.....
في مطار القاهرة الدولي هبطت الطائرة القادمة من فلوريدا الأمريكية وهبط هو أخيرا عائدا لوطنه الذي إشتاق له كثيرا، رغم أن كل ذكرياته فيه لا تحمل إلا كل ما هو مؤلم
دخل المطار وأنهى إجراءات الوصول ومن ثم خرج ليواجه ماضيه
إستقل سيارة من المطار لتوصله إلى عنوانه الجديد، شرد في الطريق وهو يتأمل بلده التي تغيرت كثيرا عن تلك الأيام وتطورت بشكل مفاجئ بالنسبة له
ذكرى طارئة لفحت عقله لتذكره بذكريات وماضي تمنى لو بإستطاعته أن يعود للماضي ويصحح تلك الأخطاء أو تمني لو أنه كان كبيرا كاليوم وقتها هل كان كل هذا سيحدث؟ لا فهذا لن يحدث الأن والماضي حان أوانه ليعود وينتقم له حتى يبيض تلك الذاكرة التي عانت سواد المعيشة وذل كبير حتى إستطاع إن يتغلب على المصاعب ويبني مستقبل يلملم فيه شتات الماضي ويقف على أرض صلبة تمنحه الفرصة الجديدة ليكون إنسان أقوى إنسان ينسف كل الظروف ولا يسمح لها أن تهزمه مثلما هزم في الماضي
أيقظه السائق من شروده بعد وقت : على فين يا باشا؟
نظر للطريق خارج السيارة وهو يردد : روض الفرج
كانت تمشي في الشارع وحدها بلا هدى تتذكر حياتها التي عاشتها تلك الحياة التي لم تعطيها سوى الألم والخذلان من أقرب الناس لها
هي فتاة تعاني وتتخبط عدد بسيط من يدعم وجودها ويؤيد قراراتها، بشر نادرون من يقدرون قيمتها ويعيرونها الإهتمام
وهناك أشخاص طمحت لرضاهم ولكن كان خذلانهم لها الأقرب لقلبها
طبعت السنيين قسوتها ومرارتها على وجهي. أتعلم ما الفرق ما بين صدري والمقابر؟ المقابر مخصصة لدفن الأموات وصدري يدفن الأحياء بداخله.
كم كان يوما صعبا قاسيا على هذه الفتاة منعت من أن تعيش طفولتها بسلام بسبب ذلك الحمل الذي عانت وهي تحمله بقلبها تلك المعاناة وذلك الألم
منذ أن كانت طفلة وهي تشعر أنها محل للإنتقاد، دائمة المقارنة بينها وبين شقيقتها رغم أن شقيقتها هي الصغرى
فهم يرون أن من حقها أن تعيش حياتها لأنها حرمت من والديها منذ أن كانت طفلة، عدالة صغيرة تفعل ما يحلو لها، عدالة خسرت حنان الأب والأم معا دعها تتدلل، عدالة تتجنب براءة دوما وتكسر خاطرها دوما وتعاملها بدونية وبراءة لا بد لها أن تتحمل فعدالة إن كبرت ستظل طفلة لم تتدلل، براءة الكبرى عليها التحمل، عليها الصبر لا بد أن تتحمل المسؤولية ولذا أصبحت هكذا، أثبتت أخلاقها للجميع، أثبتت جدارتها بالمسؤولية لكنها كبتت بقلبها ظلت هكذا تخفي أي شعور يهفو على قلبها أو خاطرة مرت على خيالها لا بد وأن تظهر عكسها حتي لا تتمزق الصورة التي رسمها لها الجميع
وحينما دق قلبها معجبا بأحد، دق القلب فشعرت أن الدنيا تصالحت معها وتعطيها جانبا من السعادة وبنت أحلاما وردية بينها وبين نفسها وإستشفت أن عمرو يحبها أيضا يتمناها وترجمت اهتمامه ونظراته لها حبا لكنه حقا صدمها ليس هو بل الحياة صدمتها صدمة قوية حينما طلب منها أن تقربه من شقيقتها عدالة وتفتح معها موضوع حبه لها كي يتقدم لخطبتها، تقدم لها الكثير والكثير لكن لا أحد فيهم يصلح لقلبها وإنتظرت ولكن ليس دائما كل ما نتمناه ندركه، ظلت ترفض منتظره قلبا حقيقيا عوض لها عن حياتها وما مرت به لكن يبدو أنها ستظل لأخر عمرها تنتظر لم تقتنع يوما ان الحب لن يأتي لأنها مؤمنة به جدا ومع ذلك طال الإنتظار
رغم كل ما مرت به فهي منتظرة
هبطت دموعها بصمت وهي تمشي بلا هدى، كان الطقس في هذا الوقت يميل للبرودة تدريجيا والرياح تهوي بها حيث تشاء يبدو أنه يوما غير مهتدي هو الأخر بين الحين والأخر يتبدل الطقس، يبدو أنها ليست وحدها التي تشعر بالإضطراب
لم تكن تعلم إلى أين تذهب ولا أين أصبحت هي بعد أن سحبتها قدماها بلا هدى هكذا
تنهدت وهي تقترب من المقاعد الخشبية على النيل وجلست على أقرب مقعد قابلها أو إلى حد التقريب ألقت بجسدها الذي آنهكته الألام
أراحت رأسها على المقعد وسمحت لذكرياتها بزيارتها وسبحت في دواماتها المتعددة
حكم عليها الجميع أنها لا تصلح أن تُحِب أو تُحَب، فتاة أخلاقها لا يرى فيها الجميع شائبة حديثها صارم لا تسمح لأحد أن يحتك بها أو يتقرب حتى يتعرف عليها بين أصدقائها، حتى أصدقائها يرونها معقدة فهي ترفض الكثير بلا أسباب واضحة وترسم وهما لا تراه إلا في الروايات ولكن هل هذه الحياة تعاش في الروايات فقط؟ لا أظن فالحياة إلى الأن مختلفة وغريبة وكلنا نعيش على نفس الأرض لكننا لا نعيش نفس الحياة وطالما الله موجود إذا ليست السعادة للروايات ولا للخيال وإنما بيد رب العباد ومفتاحها الصبر والدعاء والشكر والحمد والله هو من خلقنا وهو يعلم ما بقلوبنا ويعطينا بقدر ما بقلوبنا
هكذا أكدت بداخل نفسها، هكذا كانت تبث في نفسها الأمل من جديد، عليها الإنتظار والشكر والحمد والدعاء كما تفعل دوما ورب العباد وحده يعلم كل ما عاشته ومرت به ويعلم صغائر أمورها وبراءة قلبها
رددت مع نفسها وهي تسلط بصرها على مياة النيل التي تلاعبها الرياح وضوء الهلال يزين السماء وسط النجوم : لازم دايما نبص على نص الكوباية المليان وإن شاء الله الخير جاي ، والخير فيما إختاره الله
وضعت يدها موضع قلبها وأخذت نفسا عميقا وزفرته وهي مغمضة العينين وبراحة : إنت لسه نصيبك مجاش، متستعجلش ، يمكن إنت ترجمت اهتمام عمرو غلط لكن من هنا ورايح انت مش اي رايح وجاي تدق وتتنطط كدا لازم نهدا ونختار صح ولازم نتأكد عشان مش ضامناك
ضحكت على أسلوبها في الحديث وفجأة خرج كل الكبت والبكاء على هيئة ضحكة رغم أنها ظهرت مهزوزة ولكنها أراحت قلبها قليلا وشعرت بشئ من السكينة
ضحكت ثانية وهي تنظر للمياة ثانية : بس انا مبسوطة النهاردة لان حصلت حاجات حلوة اكتر يعني بعيدا عن دكتور سامي ودعمه ليا وكلامه معايا اللي دايما يخفف عني، قابلت العميد وأعجب بتفكري والشئ المبهج في الموضوع إنه طلع صاحب بابا الله يرحمه لا يا براءة أعز إصحابه ياه يا بابا وحشتني الله يرحمك يا حبيبي
رفعت يديها للسماء وهي تلهج بالدعاء له ولوالدتها بعد أن تلت على روحهم فاتحة الكتاب والإخلاص
كان صفوت في غرفته منذ أن عاد من الجامعة ولم يخرج منها وفي يده ألبوما قديما أخذ يقلب فيه وهو يجاهد أن يبقى قويا ولا ينهار وكانت الصور تجمعه بعائلته وأصدقائه في الماضي وخصوصا كريم والد براءة، لم يكن يعلم أين تعيش تلك العائلة بعد فراق صديقه وزوجته فبعد ما حدث إختفوا وكأن الأرض إنشقت وبلعتهم وبال18 عام لم يعرف عنهم أي شئ، لم يكن يعلم أن إبنته بنفس الكلية التي يعمل بها ولصدفة غريبة ومتي يعلم بوجودها وهي تدرس بالماجستير، إذا لم تحضر الماجستير لم يكن ليعرف بوجودها؟ يا لتصاريف القدر، كأن الله أرسلها له وجعلها تدرس طب الأسنان وتحضر ماجستير وتقابله ليعلم بوجودها
شئ غريب لكنها صدفة جميلة وقدر أجمل، لكنه شعر بوخز في قلبه حينما مرت من أمامه ذكريات لا يتمنى عودتها وخصوصا لو عرفتها براءة ماذا سيكون ردها؟ ماذا ستفعل؟ كيف ستتصرف؟ وماذا عن عائلتها؟ أحبط بشدة بعد أن قد تحمس بعد معرفته بطريق العائلة لكنه خاف وبشدة من أن يكتشف هذا الأمر يوما، ماذا لو علموا أنه كان سببا غير مباشرا في مقتله هو وزوجته وتيتم بناته وإيلام والديه على فقدانه
دخلت زوجته فجأة لتتفاجأ من ملامحه ونظرت للألبوم بإستفهام، لم تعرف سبب خروجه في هذا الوقت ولما صور صديقه لما تذكرها بعد كل تلك السنوات؟ شعرت بريية من أمر زوجها
جلست بجانبه وربتت على يده : مالك يا صفوت؟
نظر لها صفوت بعمق وفكر ماذا لو علمت زوجته هي الأخرى بهذا السر أو فريد؟ الخوف ليس فقط من عائلة كريم بل الأكبر والمرعب كان على عائلته وخوفه من ردة فعلهم
زوجته لم تعرف شيئا طوال السنوات الماضية عن هذا السر ماذا لو عرفت أنه كان سببا حتى لو بعيدا في قتل أعز أصدقائه؟
نعم زوجته بينهم مشاكل لكنها عادية وطبيعية بسبب اهمالها له ولإبنها وحبها لعملها لكنها تظل زوجته وحب عمره وولده فريد هو ثمرة حياته الوحيد وهم عائلته كيف سيخسرهم؟
اليوم فقط أحس بالخوف الحقيقي وتبددت كل قناعات القوة من على وجهه شعر بأهمية العائلة والحب والصداقة في الحياة وماذا تعني له كل هذه الأمور؟
سمر نظرت له بعدم فهم، لم تفهم سبب نظرته تلك، ترى الخوف في عينيه وترى لمعة حبه لها ولهذا شعرت بالخزي لأنها فهمت مشاعر زوجها وأنه يخشى خسارتها هي أو ابنها مثلما فقد صديقه وتظل ذكرى ثقيلة عليه لا ينساها؟ أحست أنها كانت مهملة ولم تهتم بعائلتها ولهذا كان قرارها بالإجازة صحيح ويبدو أنها ستعتبرها إجازة طويلة لأنه على ما يبدو ليس فقط إبنها من يحتاج اهتمام وزوجها أيضا حب عمرها
ولهذا القرار أتى بوقته لإصلاح كل شئ
صفوت تنهد وحاول أن يبدو طبيعيا لكي يتمهل ويحاول محو كل تلك الذكريات السيئة ويقرر بعقل سليم كي لا يخسر عائلته و عائلة صديقه يكفي أنه عثر عليهم أخيرا
لهج بالدعاء في سره : يا رب زي ما خليت السر مستخبي السنين دي كلها، خليه مخفي لبقية العمر
سمر : مالك يا صفوت؟
صفوت : أنا الحمدلله كويس، بس ثانوية كريم الله يرحمه قربت
قبلت يده برقة محاولة مواساته : تعيش وتفتكر ،ربنا يرحمه ويرحم زوجته
إبتسم لها بحزن ثم همس لها : سامحيني
سمر بإستغراب : أسامحك؟ على إيه؟
صفوت : على أي حاجة، لو دايقتك، أو عملتلك حاجة مكنش قصدي وخصوصا على كلامي الصبح أكيد دايقك، لان مش انتي لوحدك المسؤولة عن فريد وأفعاله أنا زودتها شويتين
حاولت المزاح : شويتين بس؟ قول تلاتة أربعة عشرة، دا انت غسلتني
قبل جبينها : حقك عليا
سمر بحب : حقك عليا أنا، دي مسؤوليتي بس انا فعلا اديت شغلي ومشاكله مكانكم ودا كان أكبر غلط ومش هيتكرر صدقني
صفوت : مصدقك، المفروض كنا انتبهنا على فريد أكتر من كدا، صحيح فريد انسان ناجح وممتاز جدا في شغله وعمل اللي مقدرتش أعمله في مال ابويا بس فاشل في حياته الشخصية وفي أخلاقه، أنا قابلت بنت النهاردة كما يجب أن يقال عنها مثالية، أخلاق ناجحة في شغلها بشهادة زمايلها في المستشفي زمايلها في الجامعة ودكاترتها كمان البنت يا سمر كما يجب أن تكون أي بنت بتحضر ماجستير وبتشتغل في مستشفي حكومي ولبسها محتشم أخلاقها رقة وحماس تحسي إنك متمليش من القعدة ادامها
شعرت سمر ببعض الغيرة من حديث زوجها عن إمرأة اخري
قرأها صفوت في عينيها : أنا بفكر فيها
وقبل أن يكمل حديثه هبت واقفة كالعاصفة : انت بتقول ايه؟ بتفكر في مين؟ إنت واعي بتقول ايه؟ قول كدا بقي؟ إنت زهقت مني بعد العمر دا كله وعايز تغيرني بس بس
صفوت : اهدي بس وانا افهمك
سمر بحزن : تفهمني ايه ما خلاص وضحت، كل حاجة وضحت ادامي انت بتحاول بالمحسوس كدا تعرفني اني انتهيت من حياتك ودخلتلي في دايرة العواطف ومش عارفة ايه؟ وصاحبك وايه؟ وبعدين البنت ماشي يا صفوت ورحمة ماما مش قعدالك فيها
كالعاصفة خرجت من الغرفة وهي تشعر أنها تنهار
وصفوت متعجبا من عاصفة زوجته والتي لم تسمح له بقول اي شئ او توضيح حرف
مر يومان على نفس الحال ولم يستطع صفوت أن يتكلم أو يفهم سبب لزوبعتها فهي لا تعطيه فرصة هي فقط تبكي
وتندب نفسها وغبائها لإهمالها زوجها
كلما حاول الكلام معها ترفض وتصده حتى فريد لاحظ خصامهم ومحاولة والده مرىضاتها ولكن بلا فائدة
فريد: في إيه يا جماعة مالكم؟ عاملين زي اللي ميتلكم ميت
مالك يا بوب مزعل ماما ليه؟
صفوت : والله يا بني ما حصل، امك اللي عاملة زي العاصفة وتوابعها فجأة تقوم كدا من غير إنذار
كانت تنظر لها بشرر والحزن باديا عليها وفي بالها انه يتلكك لها كي يتخلص منها
فريد : مالك يا ست الكل مش متعود عليكي كدا، قوليلي بابا عملك ايه وانا اظبطهولك
نظر له صفوت بقوة فغمز له فريد وهو يكتم ضحكته
إبتسم صفوت واقترب من سمر وحاول أن يصالحها لكنها رفضت ونظرت لصفوت ثم حولت بصرها لفريد : عاوز تعرف ابوك مزعلني في ايه؟
فريد : اه ،قوليلي بس انا بكره اشوفك كدا، اللي يزعلك دا ملوش مكان على الكوكب اصلا دا انتي القمر بتاعي انا
نظر له صفوت بحدة : مش ملاحظ انك بتهزئني؟
غمز له فريد ثانية
سمر نظرت لصفوت : تحب اقوله؟
صفوت وهو يقبل يدها بمزاح : ابوس ايدك استري عليا يستر عليكي ربنا
نظر له فريد بصدمة من منظره فغمز له صفوت فلم يستطع فريد كتم ضحكاته أكثر ونظر لسمر : قوليلي قوليلي عمل ايه؟ انا ستر وغطى عليكي
نظرت له سمر ولوالده بغضب : بتتمئلسوا عليا انتو الاتنين؟ طب والله ما فيه منكم فايده يعني ابوك يعرف واحدة عليا وانتوا بتهزروا وعامليني مسخرة
استمع فريد لكلماتها وصدم من حديثها ثم نظر لوالده ومازال صامتا يحاول استيعاب ما قالته والدته للتو
فريد : بابا! الكلام دا حقيقي؟
صفوت : أكيد لا
سمر بغيظ : انكر انكر
صفوت : اسمعني يا فريد
تركه فريد وخرج من الفيلا وهو لا يصدق ما سمعه للتو، هل بيتهم الهادئ ستحل عليه تلك اللعنة وستفكك تلك الأسرة هل هذا معقول؟
هل الله يعاقبه على لهوه وعبثه مع الفتيات وهل ستدمر تلك الحياة لأنه إنسان طائش هل حلت عليه اللعنة؟ هل حان الأن وقت العقاب؟ هل وهل وهل؟ ألف سؤال يغزو عقله وهو يلعن تلك الفتاة من صميم قلبه وبل يلعن كل شئ حوله ليس حقيقيا هو فقط يحاول أن ينساها ويعيش بعيدا عنها يحاول أن يثبت لها أنها لا تعني شيئا وأنه يعيش حياته ولكن يثبت لمن؟ لها؟ أين هي الأن؟ تركته من أجل أخر إذا فهو ليس عقاب هو فقط كان يحاول أن يداوي جراحه باللهو والعبث يا فريد! أتمزح لتهون على عقلك حقيقية ما سمعت للتو؟ ضرب مقود سيارته بغضب وهو لا يعرف ما ذا يفعل؟ ولما فعل والده به وبوالدته هكذا وهو كان يمزح بالداخل ووالدته مجروحه حقا أحمق ولكن ما يفكر به هو من الفتاة ولماذا دخلت حياتهم وتريد تدميرها هكذا لا لن يسمح بذلك هو لن يسمح لوالده بهدم كل شئ في حياتهم لذا سيتصرف ويعيد هدوء منزله لطبيعته ولا يصح إلا الصحيح
في الداخل إشتعل صفوت ونظر لسمر بغضب : سبتك لما تهدي كبرتي الأمور ودخلتي ابنك في الموضوع انتو اصلا فاهمين الموضوع غلط
سمر ببكاء : ياريته غلط واكدب احساس انك متغير من فترات ومكنتش مهتمة مفكرة انك بتحبني ومش هتفكر في غيري
صفوت بتريقة : أديكي أخيرا اعترفتي انك مكنتش تهتمي
سمر : وعشان كدا قولت تعاقبني ولقيت اللي تهتم بيك؟ مش خايف على اسمك وسمعتك في الجامعة؟ مش خايف على سمعة ابنك؟ مش خايف على سمعتي؟
صفوت : ماشاء الله سمعتك سمعته، انتي مش شايفة انك اوفر انتي وابنك؟
سمر بسخرية : دلوقتي بقينا اوفر مش كدا؟ طلقني يا صفوت؟
نظر لها صفوت بصدمة : قولتي ايه؟
سمر : من قال ايه سمع، طلقني وروح اتجوزها واعمل ما يحلو ليك ربنا يسهلك
صفوت : بسهولة كدا بعد العمر كله؟ وقدرتي تقوليها؟ دا احنا كنا في عز خناقاتنا ومشاكلنا ما كانش لسانك بينطقها
سمر : دا كان قبل ما تفكر في غيري، كان لما كنت ضامنة حبك كنت ضامنة اننا ملناش غير بعض
صفوت بصدمة : كنت؟ إنتي ليه بتتكلمي؟
نظرت له بإستغراب وعدم فهم بينما تابع هو : من ساعة ما قولتلك حكاية البنت وانتي مفكرة اني ببص لغيرك لا وبخونك كمان دا ايه العظمة دي ورغم كدا بقالي يومين بحاول اتكلم وابررلك كلامي وانتي مش راضية تسمعي ودلوقتي دخلتي فريد في الموضوع مع انه موضوع صغير
بصتله : صغير؟ دا موضوع صغير تهديد حياتي موضوع صغير؟ ومش عايزني اقول لفريد ليه؟ ناوي تخبي عنه ولا تمهدله زي ما كنت بتحاول تمهدلي؟
صفوت : بالظبط! ممكن تسمعيني وهسيبك تقولي اللي انتي عايزاه وقبل اي قرار، اسمعيني لمرة وبعدين اتكلمي من هنا للصبح
سمر : هتقول ايه؟
صفوت................
أغمض عينيه يجاهد بألم كل هذه الذكريات السيئة التي عاشها وتعايش معها وكانت واقعا يحيط به كحبل يلتف حول عنقه
رآها نعم هي، رآها وهي تقترب منه وعلى وجهها إبتسامة حزينة وعيون دامعة ضمته لقلبها وقبلته قبل طويلة تبث فيها شوقها وحبها وأيامها تستودعه كل شئ في هذه القبلة التي لم يفهم معناها لكنه رحب بها وإستجاب لها بكل أشواقه
لم تنطق بأي شئ فقط إبتعدت عنه ورمقته بنظرات لم يفهمها، حيوات ضائعة، خسر كل شئ في لمح البصر
ثواني معدودة لم يجدها أمامه تلفت يمنا ويسرة عله يجدها ولكن لا أثر لها
ثواني وسمع صوت صراخها يدوي في أذنيه إرتعد قلبه وهو يراها أمامه ملطخة بالدماء صرخ بألامه، صرخ بقلبه صرخ وصرخ
ليتفاجئ بنفسه والجميع ملتف حوله يحاولون فهم ما به ولماذا يصرخ؟ ويطمئنون إن كان بخير
: إنت كويس يا بني؟ بتصرخ ليه مالك؟
نظر لهم بتفاجؤ من نفسه ومنهم وأخذ يتلفت حوله ليتفاجئ أنه كان يتخيل وعاد الماضي ليطارده ويظهر للسطح من جديد تنهد بألم من تلك الذكرى وهو يردد : أنا بخير، أنا بخير
ليتفاجئ أن ما حدث معه بسبب فتاة ألقت بنفسها في النيل أمام عينيه لذا تذكر تلك الذكرى التي مرت أمام عينه وحياته تنتهي من قبل أن تبدأ
وتحول الجميع من حوله وتجمعوا بالقرب من موقع الفتاة والجميع يحاول إنقاذ الفتاة قبل أن تهرول فتاة من وسط كل الحشد المتجمهر وألقت بنفسها في النيل لتنقذ الفتاة أمام كل العيون وخاصة عيونه هو وهو يرى فتاة بين مئات الشباب لا تهتم بشكلها ولا مخاطرتها وفي وقت مر أمام الأعين المترقبة أنقذت فتاة قوية فتاة أخرى ضعيفة وسوس لها الشيطان فأطاعت
إبتسم وهو يرى قوة تلك الفتاة ويبدو أنه أعجب بتلك الفتاة وبقوتها
فلاش باك
وقفت فتاة تبكي ومنهارة ويبدو أنها ضائعة ووحيدة وقفت تحاول انهاء حياتها وعلى مقربة منها طفل في عمر ال 10 سنوات لا يفهم ماذا تفعل وعينيه غائمة غير مفهومة
اقتربت منه ضمته وقبلته : أنا اسفة انا السبب، سامحني انت ملكش ذنب بس انا مضطرة، سامحني يا فاتح
فاتح : أسامحك على إيه يا ماما؟ هو إنتي عملتي ايه؟
سلوى ببكاء : خد بالك على نفسك، إوعي تثق في حد متديش لحد أمان خليك واثق في نفسك متسمحش للدنيا تهدك وعيش واتهني بس إوعي تضعف او تخلي حاجة اي حاجة في الدنيا تضعفك او تبقي نقطة ضعفك خليك اوي هد متتهدش ادي للدنيا على وشها متسمحلهاش تخربشك، خلي بالك من نفسك هتوحشني بس ابقي ادعيلي، ادعيلي لاني هبقي لوحدي
فاتح : هو انتي هتسيبيني ياماما؟ هو إحنا مش اتفقنا هنسافر؟
سلوى بشرود وهي تحتضنه : غصب عني الدنيا هرستني وانا سبتها تدوس عليا كنت مفكرة اني قوية ولازم أواجه بس لا معدش ينفع الندم ولا الرجوع بس انت، انت خلي بالك من نفسك
فاتح : ماما! ماما!
سمع صوت صراخها وكان اخر شئ سمعه من صوت والدته وهي قد إنتحرت امام عينيه وفي لمح البصر ماتت ملاذ الأمان وطعم الحنان وسبب دخول الجنان ماتت أمه
إقتربت منه فتاة : انت كويس؟
انها نفس الفتاة التي أنقذت أخرى من الموت المحتوم بل وأسعفتها قبل أن تأتي سيارة الإسعاف
ساعد فاتح الفتاة وحمل الفتاة فاقدة الوعي لداخل سيارة الإسعاف ودخل معها ومعه الفتاة الأخرى
وفي الطريق كان ينظر لها فاتح نظرات غامضة غير واضحة
الفتاة : انت كويس؟
هز رأسه إيجابا ثم سألها ومازال يتأملها : إسمك إيه ؟
نطقت الفتاة برقة : براءة، اسمي براءة المرشدي
يتبع