رواية طاقة حب الفصل الرابع 4 بقلم اسماء محمود
الحلقة الرابعة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه و من إهتدي بهديه إلى يوم القيامة فاللهم صلى وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
لكي تخبز أحلامك عليك أن تزرع الأمل، وتطحن الفشل، وتعجن اليأس.
وقفت براءة مع فاتح بعد أن إطمأنوا على حالة الفتاة
وقف يتأمل ملامحها ويتذكر شجاعتها في إنقاذ الفتاة وقلبها عليها إلى أن طمأنهم عليها الطبيب
لاحظت براءة نظراته لها فشعرت بالإحراج والخجل وحمحمت : مساء الخير
إنتبه لها فاتح وشعر بالحرج على طريقته ولكنه لم يمنع نفسه أن يعجب بها
براءة : حضرتك تقدر تروح وأنا هبات معاها
فاتح : لا طبعا، مينفعش بنت جميلة زيك وفي برائتك تبات برا بيتها كدا من غير ما حد ياخد باله منها؟
نظرت له براءة بخجل وتخبطت مشاعرها جدا ولكنها حاولت أن تبدو طبيعية وجادة : حضرتك أنا متعودة عادي، أنا دكتورة على فكرة
بدا عليه التعجب يبدو أنه تفاجأ كونها طبيبة وبدأ يراجع معاملة الطبيب لها وحديثه معها كأنه يعرفها هكذا إستطاع أن يربط الخيوط ببعضها
فاتح : يعني انتي بجد دكتورة؟
كان يتأملها بدهشة واضحة فأجابت : أيوة دكتورة، مش باين عليا؟
فاتح :صراحة خالص مش باين إنك دكتورة، كل اللي شايفه أدامي بنوتة أديها ٢٠ سنة بالكتير ويمكن أقل من كدا بكتير
شعرت بشئ من التقليل فحزنت من إطرائه وتحركت عدة خطوات تجاه غرفة الفتاة لكنه أمسك معصمها يمنعها : إستني بس إنتي زعلتي ولا إيه؟
نظرت لمعصمها ثم وجهت نظرة حادة له فترك يدها بسرعة وتوتر ملحوظ : أنا آسف، بس ممكن تستنى أفهمك؟
إستدارت توضح : عفوا لحضرتك بس إنت فعلا غريب عليا ولو سمحت ما تتخطاش حدودك، أنا دكتورة براءة المرشدي، وقولت لحضرتك تقدر تتفضل وأنا هبات مع المريضة بعد إذنك
تركته بدون إضافة آي كلمة أخرى وقد زاد تعجبه وإعجابه لها
أما براءة حاولت أن تبدو طبيعية وقررت أنها لن تسمح لنفسها مرة أخرى بتجاوز حدودها مع الجنس الأخر وكل ما سيربطها بأحد التعامل الرسمي
هاتفت جدتها التي كانت قلقة بشدة عليها وأخطرتها بما حدث وأنها ستبيت بالمشفى الليلة متخطية مواقف فاتح معها
كان فريد يتجول بسيارته طوال الليل لا يعرف أين يذهب ولا ماذا يفعل؟ كلام والدته يتردد في أذنه كثيرا، لا يعرف كيف يتصرف ولا ماذا يجب عليه أن يفعل بحق واجبه لوالدته أو ليمنع والده من أن يتجاوز في حقه هو ووالدته
هاتفه لا يمل من الرنين ومع ذلك هو لا يود أن يجيب أحد ولا لديه طاقة لأحد،
توقف بالسيارة وجلس وقتا بها بلا هدف وهو يفكر بحياته في السنوات الأخيرة وما الذي حل به ولم يكن هكذا؟
رن هاتفه للمرة التي لا يعلم عددها وكاد أن يغلقه تماما حتى يتوقف عن إزعاجه ولكنها كانت والدته تردد كثيرا بين أن يجيب أو يتجاهل هذه المكالمة وفي النهاية رفض المكالمة
منهيا الإزعاج هذا وهو يحاول أن يجد منفذا لأفكاره
في صباح اليوم التالي
إستيقظ فريد شاعرا بوهن غير طبيعي في جسده وصداع في رأسه محاولا تذكر أخر ما حدث ليكتشف أنه مازال في سيارته وقد غفا بها
إعتدل في جلسته ونظر في ساعته وقد تجاوزت العاشرة صباحا فتفاجأ كثيرا ؛ يا نهار الإجتماع؟ أنا عندي ميتنج مهم
نفخ بضيق من إهماله بحاله كثيرا وإستهتاره بحياته التي أصبحت مملة ومن ناحية ظهرت مشكلة والديه لتقضي على بقية حماسه في تلك الحياة التي يعيشها
كان يقود سيارته بسرعة كبيرة ووصل الشركة في قت قياسي، دلف بهيبته المعهودة إلى الشركة وكان جميع طاقم الموظفين في أعمالهم فصعد للدور الإداري الخاص بمقر شركته
قابلته السكرتيرة بتوتر : العملاء كلهم موجودين في غرفة الإجتماع من بدري يا فندم وحضرتك انا حاولت أكلمك كتير بس موبايل حضرتك مغلق
ضرب جبينه بخفة وغضب أنه نسي أمر أعماله وعلم أن تناقض شخصيته سيتسبب في صراعات دائمة له
توقف قليلا ونظر للسكرتيرة : طيب مستنية إيه جهزي الملفات بتاع الصفقة الجديدة وأجهزة العرض تكون جاهزة مع الفلاشات اللي عليها العرض وأنا ١٠ دقايق وهحصلك
تحركت السكرتيرة بسرعة : أمر حضرتك يا فندم
تحرك لغرفة كبيرة داخل غرفة المكتب وكانت غرفة واسعة بها سرير ضخم ودولاب واسع وثلاجة صغيرة بها كافة ما يحتاجه وإستلزامات كثيرة أي أنها تغنيه في أوقات كثيرة حينما يريد الإختلاء بنفسه
في المستشفى إستيقظت براءة على ضوضاء شديدة وبدأت تتذكر ما حدث أمس، أخرجت هاتفها كانت الساعة العاشرة فشهقت : يا نهار دا أنا نمت كتير جدا، أنا ازاي فضلت نايمة كل ده؟
نظرت لسرير الفتاة فكانت تنام هي الأخرى تنهدت ونهضت من مكانها ووضعت الغطاء جانبا لتتفاجأ بطرق على باب الحجرة : إتفضل
دلف فاتح وكانت تظنه الطبيب لتتفاجأ بمجيئه ثانية وهذه المرة بيده أكياس يبدو أنها طعام من رائحتها الفجة
فاتح بإبتسامة : صباح الخير!
براءة برقة :صباح النور! خير هو حضرتك رجعت تاني ليه؟
إبتسم فاتح بهدوء:أنا مروحتش أصلا يا دكتورة براءة
تعجبت وسألت : ومروحتش ليه يا أستاذ
فاتح : إسمي فاتح، فاتح المنشاوي، ومروحتش عشان أشوف طلباتكم ونفذت طلبك وفضلت بعيد بما إني غريب عنك ففضلت في المستشفى بس براقب من بعيد
براءة : وحد قالك إني صغيرة ومحتاجة حد يحرسني؟
إقترب منها فاتح وعلى محياه إبتسامة جميلة جعلتها تتخبط داخلها من جديد : إنتي أقوى من أن حد يحرسك كفاية شجاعتك إمبارح وإنتي بتنقذي البنت برغم إن رجالة بشنبات واقفين يتفرجوا، برهنتيلي إن الست المصرية أقوى ست في العالم
براءة : دي مش شجاعة بس، دي ثقة في ربنا قبل كل شئ، وخوفي عليها(أشارت على الفتاة) من لحظة جنان حطت نفسها فيها، لحظة هتدفع تمنها غالي للأبد
شرد فاتح بخاطرة بعيدة وردد بحزن : وليه متقوليش إنها ترتاح من دنيتها التي كانت عايشة فيها جحيم
لاحظت الحزن الصريح في عينيه فشعرت أنه مر بأزمة مشابهه فردت بهدوء وتأني : ومين قالك إنها لما تعمل كدا هترتاح ؟ بالعكس دي مش بس خسرت دنيتها، دي خسرت أخرتها اللي هي الحياة الحقيقية مش الحياة المزيفة اللي احنا عايشينها
نظر لها بتعجب فتابعت : ايوة دي حياة مزيفة، باطلة يعني مسرح بنتشاقى عليه فترة مؤقتة وبعدين كلنا بنرجع بيوتنا نستكمل حياتنا الحقيقية، يعني ربنا أوجدنا في الدنيا دي كإختبار عشان يشوف مين اللي يستحق جنة البقاء ومين اللي مصيره جحيم الشقاء وكل دا أبدى إلى أن يشاء الله م، مش دنيا معروف نهايتها الموت، إحنا بنستعجل مصيرنا، طب الموت طبيعي ليه نستعجله، ليه منكملش لنهاية الرحلة وأيا كانت الغلطات فيه رب إسمه الغفور الرحيم لكن ننهي حياتنا بسهولة كدا للأسف ملهاش غفران
نظر لها فاتح بفخر وحزن في نفس الوقت على الماضي وأنه لم يملك أي حيلة لإعادتها وتمنى لو أنه كان يستطيع أن يمحي ألامها أو يتحملها مكانها
براءة : الحياة دي أرض إحنا بتتعب ونزرع ونشقى فيها بس عشان نحصد الحصاد الكبير في النهاية ولكنه بيبقى بالصبر
لان الصبر على التعب أسمى المعاني وأثمن النتايج بتيجي من وراه، كلنا مكتوب علينا نتعب لازم يبقى جوانا نقص ميكملش كلنا بلا إستثناء حتى النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام رغم إنه أكمل البشر لكنه أكترنا إبتلاءات وأكتر واحد اتحمل واتظلم وشاف بلاوي من الكفار رغم إنه أقربنا إلى الله، كلنا مبتلون ولكن بدرجات متفاوتة وعلى حسب قدرات كل واحد فينا بتمشي حياته
قطعت كلامها وصمتت قليلا قبل أن تتابع وهي تنظر لفاتح :لو سمحت احنا بقينا في عز النهار أظن مش محتاجين حراسة ولا مراقبة، كتر خيرك، تقدر تتفضل دلوقتي
شعر بالإحراج ولكنه زاد إعجابا وإفتتانا بها وظل متأملا لها برهة شعرت بالخجل من نظراته إستدارت الناحية الاخري فإستدرك فاتح نفسه وردد :آسف، بعد إذنك
وخرج سريعا من الغرفة بل من المستشفى بأكملها وإستقل سيارته وعاد لبيته يراجع نفسه
أما في الغرفة في المستشفى
كانت براءة قد نوت أن تصلي الصبح قضاءا فدلفت للحمامات في المستشفى وتوضأت سريعا وخرجت تصلي وما أن إنتهت حتى دلفت غرفة الفتاة وجدتها مستيقظة وعندها ممرضة تمرضها
براءة للمرة : صباح الخير يا أمل
أمل الممرضة : صباح النور يا دكتور، إنتي هنا؟
براءة : أنا اللي وصلت الآنسة بليل
أمل : امم، اصلي استغربت وجودك
براءة : عادي، خلصتي؟
أمل : اه دقيقة واكون خلصت
براءة : طيب خدمة بعد إذنك إوصلي لعيادة الأسنان وابعتيلي ناهد لو سمحتي، أنا مش هطول هنا بس ابعتيلي ناهد
أشارت أمل على عيونها : من عنيا
إبتسم براءة : يسلملي عيونك
كل هذا كان تحت أنظار تلك الواهنة الراقد بضعف على سريرها تتمارض
دقيقة وخرجت أمل وبقيت براءة مع الفتاة تلك الفتاة التي حاولت إنهاء حياتها أمس لولا لطف الله ووجود تلك البراءة في نفس المكان، وكأن الله أراد أن يعطي تلك الفتاة فرصة جديدة قبل أن تلقى مصيرها الحتمي بفعلتها التي ليس لها توبة ولا غفران
تنهدت براءة وإقتربت من الفتاة وإلتقطت ذلك الكرسي الجانبي وجلست بجانب سريرها وعلى محياها إبتسامة جميلة
نظرت لها الفتاة بإستفاهمات كثيرة وعيونها تحكي الكثير والكثير ولكنها تساءلت : إنتي اللي أنقذتيني؟
هزت براءة رأسها وهي تجيب : ربنا اللي أنقذك، أنا بس وسيلة ربنا أنقذك بيا، عايز يديكي فرصة بعد تسرعك على إنهاء حياتك وشقائك
بكت الفتاة بقوة وبكائها يعلو تدريجيا وهي تتذكر حديث براءة منذ قليل فيبدو أنها كانت مستيقظة وإستمعت لما قالته منذ قليل
ضمتها براءة بقوة : إبكي إبكي وإعملي ما بدالك بدل من التهور ده
شعرت براحة وهي تجد من يحتويها ويدعمها دون أن تعرفها لكن الله وضعها في طريقها كي تكون سببا في نجاتها من جديد
ظلت تبكي وتخرج كبت داخلها وبراءة صامتة وتحمدالله على حياتها ونشأتها رغم كل ما يحدث حولها وفي حياتها ولكن تبقى أنها أفضل من غيرها، هدأت الفتاة تدريجيا
وقبل أن يتحدثوا بأي شئ سمعوا طرق على الباب
فسمحت براءة للطارق : إتفضل!
في البيت عند عدالة، إستيقظت متأخرة كعادتها عندما لا يكون لديها إلتزامات في الجامعة نظرت بجانبها فلم تجد براءة كانت تعلم ذلك فهي تستيقظ مبكرا عنها وإما الجامعة وإما المستشفى، حياتها مملة غريبة متمسكة بالتعليم، متمسكة بأخلاق غير مجدية متزمتة بأشياء بالية مضى على زمنها كثير
لديها عقدة من تمثيلية الأخلاق التي تدعيها شقيقتها، وعقدة الماضي أكبر حينما نشأت بلا أب وأم، يتيمة الأبوين وصدمت ممن كان السبب، كانت السبب في موتهم براءة وكان جدها يحملها اللوم دوما ويكبر بينهم الفجوة حتى أصبحت الهوة بينهم كبيرة وأصبحت تتضايق من وجودها بجانبها او بحياتها ودوما تختلق سوء الفهم بينهم، وتكره حب شقيقتها لها وحمايتها تعتبرها حصار كبير يخنقها
أمسكت هاتفها تتصفحه بإعجاب بعد أن لعبت علياء لعبتها كالوسواس حتى أصبحت عدالة في أيام تدمن الشهرة والفيديوهات وكلمت كبر حسابها يكبر غرورها وتكبر أحلامها بالإنفصال عن حياتها مع عائلتها وخصوصا شقيقتها
أصبح لديها المعجبين وملايين المتابعين ولا يزيدها إلا إقبالا وغرورا بنفسها وجمالها ولا مبالاتها
أصبحت علياء تسيطر عليها وتهوسها أكثر وتغرسها في هذا العالم أكثر
قضت وقتا طويلا في غرفتها حبيسة هاتفها، تنشئ الفيديوهات المشينة وتسمع لشيطان الإنهيار
نست أنها عليها الذهاب للجامعة اليوم بسبب حماسها بحسابها وشهرتها
وبينما هي منغمسة في بحر الفساد ظهر لها إشعار سيغير مجرى حياتها للأبد ألا وهو..........
يتبع
الخامس من هنا