رواية يائسة علمتها الحب الفصل الثالث 3
البارت الثالث
......... _ " و مين قـال اني هسمـح بحاجـة زي ديه تحصل ؟ "
عمـران ( يصـيح ) _" اجـيت أشوف المهـزلة لي بتحصل ، لقـيت بنت فطـرد الله اعلـم مين باعـته و بـدل ما تتصل بالبـوليس مقعـد البرنسيسة عندك في الاوضه .. واضح ان مخـك ضرب ؟.. "
يـامـن _ " أنت حـاطط جواسيسك وسط الحـراس بتاعـي ؟.. "
عمـران _ " عينـي فكل حتة .. ده مش موضـوع نقـاشنا دلـوقتي وسع كـده اسمعـيني أنتِ .. "
أشار بإصبعه ناحـية من أطلق عليها يـامن إسم غفـران لتسارع في دس رأسـها في تجـويف عنق يـامن الذي يشاطرها السرير ، شعـر بشفتيها على جـلده ترجـفان أما دمعـها فقـد بلَّل يـاقة قميصه إنهـا تبكـي ، خـائفة ، بـل مرعـوبة
يـامـن _ " إهـدئي ، مـفيش داعي للخـوف ده كله .. عمـران اطلع استنـاني بره أنت بتخوفـها .. "
عمـران ( يصيح ) _ " يا سلام بخـوفها ؟ و أنت مهـتم أوي بيـها ، ما تتفلق ، ولا تكـنش حبيتها مثلا في ظرف نص السـاعة .. "
يـامـن _ " حـب ايه بـس .. أنـا بطلب منـك بكـل رواء أن تتفـضل تطلع بره هسمحلك تنـاقشتي و تعـلي صوتك و تزعـقلي زي ما انت عـايز بس مش قدامـها .. "
عمـران ( غـاضب ) _ " أنت عملـتي ايه فى دماغـه ؟.. "
وجـه حديثه لها للمرة الثـانية و لم يلـقى منها ردا غـير تزايد رجـفة جـسدها و تمسكـها بالآخـر ، و بدل البكـاء الصامت أعلـنت شهقتـها الإنفلات تتبعها شهقـات أخـرى تتعالى فزاد يـامـن من شدة عنـاقها علـها تطمئن مما عمـق من انفعـال عمـران
عمـران _ " أووف .. اتكـتمي ده لي كـان ناقصنـا ، ممكن تخـدعي المغفـل ده بس أنا مش هتخـدع بعياطك و دور الضعيفة المسكينة لي قاعدة تلعـبيه مش داخـل عليا .. سامعـة .. "
غفـران _ " أنـا عملت ايه غلط .. ( شهـقة ) .. هـو .. ( شهـقة ) .. ليه بيزعـلي ؟ .. "
عمـران ( مغـتاظ ) _ " عملك أسـود و مهبب ، اللي عمليه جـيتي على المكـان الغلط .. "
يـامـن _ " انت هتسـوق فيها ولا اييه .. ( غـاضب ) .. انت مالك بيها ، كلمـني و سيبـها فحالها .. هـي خـايفة و متوتـرة من أسـاسه و أنت بتزود عليـها .. يـا توافق نتكـلم برا يـا تنقـلع .. "
عمـران _ " بتطـردني عشانـها .. ( مدهـوش ) .. "
يـامـن _ " ايـوه بطردك عشانـها .. "
عمـران ( بهـدوء ) _ " حـاضر أنـت معصب و تصرفـاتي لي مش عجـباك بتـزود من عصبيتك فخلينـا نتكـلم بهدوء بـرا زي مـا انت عايـز .. "
حـاول يـامـن جـاهدا اخراجـها مـن حضنه أو افـلات قبضتـها عـلى الأقـل دون جـدوى ، هـذه الصغـيرة تكـاد تخـترق صـدره ، مـع كـل محـاولة لإبعـادها تزيـد انغمـاسا بـه ، أقنعـها بعـد عنـاء بالنظـر إلـيه ثـم أزال الدمع عن وجـهها المحـمر
غفـران _ " هتمـشي معـاه و تسبني لوحـدي في الاوضه الكـبير ديه .. مش عايـزه أبقى لوحـدي "
يـامـن _ " مش هتأخـر .. بتعـرفي تعدي الأرقـام ، صح ؟.. "
غفـران _ " ممـم .. ( تومـئ ) .. "
يـامـن _ " للمـيتين .. غمضي عنيكـي .. و عـدي الأرقام للمـيتين هتفتحـي تلاقيني قدامك .. اتفقنـا ؟.. "
غفـران _ " وعـد ؟.. "
يـامـن _ " وعـد ، تعـالي أساعدك تنسدحـي على السـرير .. "
حط رأسـها بروية على الوسادة ، أسدلـها بالغطاء ليسير مبتعـدا أما عيـونها فلم تنزح عنه واصلت تتبعه حتى كـاد يتخطى عتبة البـاب برفقة المدعو عمـران فجـأة دفـع هذا الأخـير يـامـن خارجا ليحـكم إغلاق البـاب بالمفتـاح
يـامـن _ " ايـه اللي عملته ده ؟ عمـران افتحـلي الباب بلاهـا لعب العيـال الوسخ ده و إلا .. ( يصيـح ) .. "
عمـران _ " و إلا ايه ؟ .. أنـا مش طالـع من الأوضه ديـه قبـل ما اكـتشف سر البت ديه .. "
ساد بعـدها صمت ممزوج بالطرق الهمجي ليـامن على البـاب ختمه بركـلة قـوية مـا إن اخـترقت صرخـتها مسـامعه ، بـات فـي قمـة غضـبه
يـامـن _ " أوصلك بـس يا عمـران .. محـدش هيعـتق رقبتك من إيدي .. مش هرحمـك .. ههد البـاب ده فـوق دماغـك .. "
تلك المسكـينة بالداخـل ترتجـف ، و صرخـتها لم تكـن سـوى نِتاجـا لضغطه على مرفقـها ، أعينه كـانت بؤرة للشـر لـذا أغمضت جفـونها تتحـاشى رؤيتـه ، لـم يرحـم ضعفـها حـين أمسـك بذقنـها يعتصـره بين أصابعـه
غفـران _ " أنت .. بتـوجـ ..ـعـني .. سيبني .. ارجـ ..ـوك ( ببـوادر بكـاء ) .. "
عمـران _ " مين باعتك لينـا على هنا .. عايزه إيه ؟.. اللـي باعتك عايز مننـا إيه .. "
غفـران _ " مش عـارفة .. ( تشهـق ) .. صدقـني .. "
عمـران _ " ماشي ، خلينـي أسألك سؤال أسهـل .. ازاي وصلـتي لجـوا الصندوق ؟.. "
غفـران _ " مش عارفه .. مش عارفـة .. ( تصيـح باكـية ) .. "
عمـران _ " ( تتنهـد ) .. يعـني على الأقل عـارفة انت مـين ؟.. "
غفـران _ " هـو قـال .. أنـا غفـران .. "
عمـران _ " غفـران ،.. ( يهـمس ) .. ده إسـم اخـتي ، إسـم أخـتي الميته .. "
خُـلع قفـل البـاب المُـقفل ، بعـد تلقـيه للركـلات المتتـالية مـن قـدم يـامن ، اكـتسى العـرق جـبينه ينـهج مـن فرط المجـهود الـذي بدلَـه و برغـم ذلك لـم يستـرح بـل سـار صـوب عمران انتشلـه مـن عليـها ثم أطاحـه إرضـا بلكـمة
يـامن _ " ازاي تجـرأت تضحك عليـا ؟.. ( يصيـح ) اليوم هكـسر عضمك و هطلعك من هنـا على كرسي بعجـل ، هنتقم لهـا منك .. "
عمـران _ " تنتقم لهـا مني ؟.. هـي مين بالنسبالك ؟.. ديه حتت بنت منعرفلهـاش أصـل ولا فصـل .. لقيتـها فصندوق الله اعلـم لي باعته دفعلهـا كـام عشان تعمل المسرحـية البايخـه ديه ؟.. "
يـامـن _ " حـسِّـن ملافظك ،.. ( بحـدة ) .. "
استعـاد عمـران تـوازن وقفـته بصق الـدم المتكـتل في فمه و مـرر لسـانه عـلى أسنـانه يتحـرى سلامتـها و إصبـعه يتفقد الجرح عـلى حـافة فمـه
عمـران _ " غفـران ، أنت اللي سميتـها غفران صح ؟.. مـين اداك الحـق تسميها باسم اخـتي ، انت كـده بتوسخـه .. "
يـامـن _ " بوسخـه .. مش جـايز سميتها بنفـس الأسم لأني مش قـادر امحيها من عقلـي و لا قلبي عايز أفضل انطق بحـروف اسمها بلساني علـى طول .. "
عمـران _ " فوووق ، البنت ديه مش غفـران .. حـتى لو ندهتلها بالإسـم ده عمرها ما هتكـون غفـران و لا فمقـامها ،.. عارفك كـنت مجنون بحبها ، هي وحشـاك أوي بس ارجوك اقنـع عقـلك المـريض ان ديه مش غفـران .. "
يـامـن _ " أنـا مش مجـنون و لا مـريض .. "
عمـران _ " متتقبلش الحقيقة ده مرض هـوسـك بيها اللي ملوش أي مبـرر مـرض ( يصـرخ ) عصبيتك ديه بحـد ذاتـها مـرض .. انت عمـرك ما فكـرت تنهي صداقتنـا عشان حد مهـما كـان يكون اليـوم مستعد تهـدها عشان البنت ديه .. ( تنهـد ) .. يمكن ديه ترجـعلك وعيك .. "
لم تكـن قولـته تلك سـوى إنـذارا سبـق لكـمته الـتي سـددها ببـراعة إلـى فَك يـامـن الذي رد الضـربة ، لكـمة مـن هنا واحـدة مـن هنـاك ، إطاحـة هنـا إطاحـة هنـاك ، احـتدم النـزاع ، الآن حـان دور يـامـن لكـن قبضتـه ظلت في الهـواء معلـقة ، أحـدهم يتشبت بنطـاله .. و من سـواها يفعـل ؟
غفـران _ " بيكـ .. ( شهـقة ) ــفي أرجـوك .. ( شهـقة ) .. بس بقا خلـ .. ـاص .. "
يـامـن _ " غفـران .. ( يهمـس ) .. "
انسحب عمـران من الغرفة بل من المـنزل بأكمله ، لم ترقه المشاهد التي شهِـدها و لا طائل من الجـدال مع يـامن على الأقل حتى يهدأ و يعـي ذاتـه
جـالسة عـلى بـلاط الأرضية البـارد ، بيمنـاها تتمسك بـه أمـا بيـدها اليسـرى فتسعـى إلـى تقلـيل الضوضاء الـتي تنفد إلى أذنيـها بغلـق إحـداهما عـلى الأقـل ، وجـهها المحـمر جفـونها الذابـلة المبلله تـدل على طـول فترة بكـائها ، لكـنه التهى بالشجـار عنـها
غفـران _ " الدوشـة بتوجعـلي رأسـي .. "
لـم يعـقب ، انتشلـها مـن الأرض بيـن يديـه و سـار مغـادرا ، قـاصدا غرفة مجـاورة ، و مـا إن حط بهـا على السرير حـتى أطبق ذراعـيه عـلى جـسدها يعانقـها ، دام العـناق و دام معـه هـدوءها و سكـوته ، بعدها هب واقفـا فجـأة
غفـران _ " رايح فيـن ؟.. ( بلـهفة ) .. "
يـامـن _ " ( تبسـم ) بصي من الشبـاك نص الليل وصل و جـسمك محتاج ينـام و يرتـاح .. بس لازم الأول تاكـلي هطلب لك الشوربة و أدويتك .. "
غفـران _ " مش جعانه .. مش عايزه اي حاجـة بس خليك جنبي هنـا .. "
يـامـن _ " مـبن قـال إنـي طالـع من الأوضه .. بصـي هطلب من التلفـون الأرضي كـل اللي قلتلك علـيه .. "
غفـران _ " شكـرا .. "
يـامـن _ " العفـو يا ستـي .. ( يضحـك ) .. "
غفـران _ " ضحكـتك .. جـميلـة .. "
يـامـن _ " احـم ، عهمـل نفسـي مش سامـع .. "
لا حـدود لثرثرة يـامـن يحاول خلق أحـاديث مشتركة بينهـما فقط لينعم بسمـاع نغمة صـوتـها تـرن في أذنـه وصل الحـساء الساخـن ، ملأ ملعـقة ثـم دسـها في فمـها
غفـران _ " ( تسعـل ) .. طعمـه وحـش .. "
يـامـن _ " بـس مفيد لصحـتك ، لمـا تتعالجـي هبقـى أءكلك اللي نفسك فيه .. اتفقـنا ؟.. "
أكـلت حـتى أحـست بالشبـع ، استلـقت بمساعـدته ليشـرع هـو فـي دهـن جروحـها بالمرهم ، تتتبع بأعينـها أصابعـه التـي تمسد بمنتهى الرقـة إصاباتـها
غفـران _ " ( تأوهت ) .. بتوجـعني ، بس خلاص متحطليش منه تـاني .. بيحرقنـي .. "
يـامـن _ " اصبـري هيروح الوجـع .. هنفـخ عليه بالراحـة عشـان يخـف وجعك .. "
الخـدوش و الكـدمات بأكـملها طُليت ، أخـدت منه العلـبة لتضـع من محـتواها على خدوش وجـهه و بالمثـل أخـدت تنفخ عـلى جراحـه بأنفاسها الساخنة تسأله عـن الألم بينما هـو غارق فـي تأملها منعزل عمـا حـوله
غفـران _ " وجعـتك ؟.. "
يـامـن _ " أبـدا .. ايدك زي النسمـة خفيفة خالـص .. "
غفـران _ " بجـد ؟.. "
يـامـن _ " جد الجـد ، يـلا نـامي و متخـافيش هفضـل قاعد هنـا حدك .. ( تبسـم ) .. "
غفـران _ " الغطـا .. "
يـامـن _ " ضبطـت المكـيف عـلى درجـة حـرارة منـاسبة .. لسـا برادنـة ؟.. "
غفـران _ " لا .. بس هاتـيلي الغطـا .. "
يـامـن _ " لتكـوني .. خايفـة من الوحش لي تحـت السرير ياكـل صوابع رجـلك .. ( يضحك ) .. "
غفـران _ " أصل .. "
يـامن ( يكتم ضحكته ) _ " خلاص مالك اتحرجـتي مش قصدي ارخـم عليكي يا طفـلة .. "
غفـران _ " مش طفلـة .. "
يـامـن _ " واضح يا كـبير .. يلا نـامي .. "
نـامت فتسطح هو بجـانبها يضع مرفقـه عـلى الوسادة يسند رأسـه كـي يتمكـن مـن الحـملقة بهـا عـن كـثب ، لـيس يـدري متـى جرفـه النعـاس حـتى استيقـظ صباحـا على وقـع اختفـائها
يـامـن _ " غفـران .. غفـران .. هـي مش قادرة تمـشـي ، هتكـون راحـت فين ؟..