اخر الروايات

رواية حي المغربلين الفصل الثاني 2 بقلم شيماء سعيد

رواية حي المغربلين الفصل الثاني 2 بقلم شيماء سعيد



                                  
الفصل الثاني 
#بداية_الرياح_نسمة 
#حي_المغربلين 
#الفراشة_شيماء_سعيد 

+


جسدها يرتجف من الرعب كأنها بشهر ديسمبر، لا تشعر بما يحدث حولها... العالم خلفها بوادي و هي بوادي آخر، لا يصل إليها أصواتهم أو أي كلمة تخرج منهن. 

+


نظرات الشفقة بعين نساء العائلة و الغل الواضح بتعبيرات صفية ترى أمام عينيها حقيقة غير قادرة على تصديقها، عثمان فر هارباً بليلة ظلت تحلم بها معه منذ نعومة أظافرها.. 

+


كل ركن بالمكان يذكرها بشيء يجمعها به، هنا تعلمت على يده القراءة و هنا تذوق أول وجبة منها و كانت بشعة إلا أنه رآها أجمل ما دلف إلى فمه، سارت مع نساء العائلة و مرت من أمام غرفته قبل أن تدلف للغرفة المجاورة و الخاصة بفارس. 

+


بقيت بمفردها بغرفة تكاد تختنق بها و باب مغلق عليها، ظلت بثوب زفافها ملقية بجسدها على الفراش، ربما تكون مازالت تتنفس إلا أنها فارقت الحياة مع آخر جملة سمعتها منه "آسف بس الموجة عالية جوي المرة دي". 

+


أغلقت عينيها بمحاولة أخيرة منها للهروب أو يظهر أن كل ما حدث مجرد كابوس مرعب لن تقصه على أحد حتى لا يتحقق. 

+


بخفوت أغلق باب الغرفة خلفه، تحول من شقيق العريس و شاهد على عقد الزواج إلى العريس نفسه، خطف نظرة سريعة لها قبل أن يدلف للمرحاض، تائه لا يعلم ماذا يفعل أو على الأقل ما يحدث حوله. 

+


بعد عشر دقائق أردف بصوت هادي:

+


_ فرحة أنا عارف إنك صاحية لازم نتكلم. 

+


ارتجفت أصولها... هم بالصعيد و هذه من المفترض ليلة زفافهم، أخذها عقلها إلى مكان بعيد لتصرخ بكل قوتها و هي تنكمش بآخر زاوية بالفراش:

+


_ فارس أنا فرحة بنت عمك و حبيبة عثمان أرجوك بلاش تعمل أي حاجة تكسر اللي باقي مني، أنا تعبت أوي النهاردة و مش قادرة أتحمل كل ده. 

+


جلس على الطرف الآخر من الفراش بنفس هدوئه، حياته الفنية علمته التمثيل بشكل جيد حتى بأصعب الأوقات، إبتسم بوجهها قائلا:

+


_ متخافيش يا فرحة إنتي أختي مش بس بنت عمي، اللي حصل تحت ده مش عيب فيكي ده إنقاذ سمعة عيلة كاملة، مش مطلوب منك تعملي أي حاجة ربنا العالم إنتي عندي إيه زيك زي هادية أختي بالظبط، نامي على السرير و أنا على الأرض بكرا لازم تنزلي معايا القاهرة عندي تصوير، الواحد مش قادر يتكلم خالص النهاردة. 

+


لم تصدق ما قاله اتسعت مقلتيها بذهول منه و من حنانه، يا ليت لديها بالفعل شقيق مثله و بعقله، أشارت إلى الشرفة المفتوحة و الناس بالخارج مردفة بتوتر و خوف:

+


_ طيب و الناس اللي تحت دي هتعمل فيهم إيه يا ولد عمي؟! 

+


فتح ذراعيه لها لتحدقه بتردد قبل إن يشير إليها بالاقتراب قائلا بصوت خشن:

               
_ تعالي و متخافيش يا فرحة. 

+


ألقت بجسدها داخل أحضانها باكية ليلة العمر أصبحت رماد، حرك يده على ظهرها بهدوء يبث بعض الأمان بها رغم رعبه على أخيه و على ما هو قادم، بهمسة ضعيفة أردفت قبل أن تستسلم للنوم:

+


_ عثمان مستحيل يتخلى عني يا فارس صح؟! 

+


تأكد من نومها ليريح جسدها على الفراش و هو يبتسم على نفسه بسخرية من بقائها بثوب الزفاف، أخرج من خزانة الملابس سلا*حه الخاص و ذهب به إلى الشرفة، أنتهى من كل شيء و أخذ وسادة مع شرشف خفيف دثر جسده به قائلا بسخرية:

+


_ عجباً لك يا زمن بقى فارس المهدي أول ليلة له مع مراته تكون فرحة و كمان نايم على الأرض مكان الجزمة. 

2


______شيماء سعيد______

+


تقف خلف باب غرفتها تسمع أحاديثهم بالخارج ضحكته المعبرة عن سعادته مثل السم القاتل لها، رفعت هاتفها لترى رسالته الأخيرة بالصباح "الليلة هنكون لبعض قصاد الكل يا حب عمري كله". 

+


كذبة صغيرة بلحظة طيش لتنتهي بأخذ قطعة من روحها و هي فقط عليها المشاهدة عاجزة، مشاعر قاسية تسلب منها قلبها و تلقي بها بمكان مظلم، فتحت باب الغرفة لترى ملامحه التي تعشقها يبتسم إلى شقيقتها فهو بالنسبة له حقق حلم العمر. 

+


سقطت دموعها و ارتجف فكها بداخلها صرخة مكتومة لا تقدر على إخراج جزء بسيط منها، دقاتها تتألم و أنفاسها تأخذها بصعوبة على عدة مراحل.. 

+


بالخارج.. 

+


يجلس عابد يتأمل ملامحها التي وقع بغرامها من اللحظة الأولى، فريدة حبيبته من ثلاث أعوام و كلما أقترح عليها الزواج أجلت الأمر، يعلم أنه أخذ تلك الخطوة دون العودة إليها إلا أنه سعيد سعيد جداً. 

+


ترك الحاج منصور و جليلة بعض المساحة لهما ليبقى معها بمفرده، إقترب من مقعدها قائلا بشوق:

+


_ أخيراً الحلم اتحقق يا فريدة.. 

+


لم تجيبه استكفت فقط بإعطاء إبتسامة مجاملة إليه، تعجب من صمتها و تعجب أكثر من عدم وجود خاتمه الخاص بكفها، سألها بقلق بالغ:

+


_ مالك يا فريدة انتي مش مبسوطة إننا هنكون سوا؟! 

+


ابتلعت لعابها بتوتر لا تريد أن تجرحه بأي كلمة فعابد رجل فريد من نوعه، رفعت رأسها لترى نظرات جليلة المحذرة فهي حمقاء بالحديث و قليلة الذوق بكثير من الأوقات، فركت بأصابعها قائلة بنبرة هادئة :

+


_ أنا كويسة يا عابد و مبسوطة. 

+


مد يده يضم كفها إليه قائلا بحماس:

+


_ طيب يا حبيبتي يبقى نقرأ الفاتحة إيه رأيك. 

+


ردت عليه بسرعة البرق قائلة:

+


_ لا لالا، يعني أنا حابة أبيه فاروق يكون موجود في يوم زي ده. 

+


أومأ لها رغم معرفته لعدم حبها لفاروق و شعورها الدائم بالنقص و عدم الأمان بسببه، مرت الجلسة على خير... و بطريقه إلى الخارج لمح طيفها تقف خلف باب غرفتها، ثبت مكانه لعدة ثواني مع رؤية دموعها المتساقطة مثل قطرات الندى على أوراق الشجر. 

+




الثالث من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close