رواية لهيب الروح الفصل الخامس عشر15 بقلم هدير دودو
كان حديث مديحة كالشرارة المنطلقة التي أخفت سعادة الجميع وجعلت الأمر في المنزل ينقلب رأسًا على عقب بصدمة هدر فاروق بجليلة الواقفة تحت تأثير الصدمة
:- اتصلي بيه حالًا شوفيه هو فين لازم يطلق البت دي؟
اسرعت مأومأة برأسها أمامًا بضعف وسالت الدموع فوق وجنتيها بعدم تصديق خفوت
:- حـ… حاضر يافاروق حاضر خلاص اهدي أنتَ بس ولما يجوا هنتكلم معاه هو ورنيم ونشوف الكلام دة.
رمقها بنظرات حادة أخرستها تمامًا فأسرعت تنفذ ما يريده وقامت بالأتصال على جواد بقلق وحزن كانت تتمنى حياة افضل لابنها لكن من الواضح أن نصيبه في السعادة قليل وبضراوة، لا تعلم ماذا سيحدث له عندما يعلم وإصرار فاروق على الأنفصال لكن كانت محاولاتها بلا جدوى فجواد لم يرد عليها حاولت تكرار فعلتها عدة مرات لعلها تصل إلى شئ معه لكنها فشلت.
تطلع فاروق نحو مديحة مقتربًا منها ووقف معها في مكان بعيد عن الأنظار قليلًا صائحًا بها بعنف غاضب
:- انتي ازاي متعرفنيش حاجة زي كدة يا مديحة.
تابع حديثه بغرور غاضب
:- بقى مرات جواد الهواري تطلع مبتخلفش دة ابني الوحيد.
طالعته بعدم رضا من حديثه واجابته بحدة هي الأخرى
:- انت قصدك ايه بكلامك دة يافاروق، وايه مرات جواد اللي قولتها دي، هي فترة مؤقته وهيطلقها ويتجوز بنتي.
همهم يرد عليها بحدة مشددة وعاد مرة أخرى إلى جليلة متسائلًا بصرامة
:- إيه هو فين دلوقتي، قالك ايه لما كلمتيه؟
اجابته بتوتر محاولة اخفاءه لتجعله يهدأ
:- هو مش بيرد بس خلاص قرب يوصل اكيد متقلقش.
غمغم بتهكم ساخرًا ولم يعجبه حديثها
:- إيه خلاص مبقاش يرد عليكي عشانها ولسة مش جوزتيهاله هتشوفي اكتر من كدة.
تنهدت بضيق من حديثه الذي بلا فائدة وأجابته بهدوء مدافعة عن ابنها
:- مش كدة يا فاروق جواد ابنك مش كدة، هو بس تلاقيه داخل علينا اهدى واستني أنت بس.
رمقها بنظرات حادة معلنة رفضه وغضبه من كل مايحدث.
في نفس الوقت…
كانت رنيم جالسة في السيارة بجانب جواد في صمت عقلها شارد في ذكرى حدثث معها عن قريب تقف في حياتها معه كالخنجر كانت تود أن تقص عليه كا ما مرّ عليها من دونه لكنها خائفة نعم خائفة من نتيجة فعلتها، أغمضت عينيها بضعف مستسلمة لتلك الذكري التي تقف لها كالشوك في جميع أحلامها
أخبرتها احدي الخادمات أن فاروق يريد التحدث معها، سارت معه بخوف ورعب يملأ قلبها، خطوات متعثرة بطيئة لا تود رؤيته عالمة بمدى قوته وصرامته التي تخشاها لكنها لم تستطع الأعتراض ولجت غرفة المكتب الخاص به بتوتر شديد شاعرة أن قلبها سيتوقف داخلها وتمتمت بخفوت
:- ا.. ايوة يا فاروق بيه حـ… حضرتك عاوزني.
ظل للحظات مثبت عينيه نحوها بنظرات حادة اخترقت جسدها وجعلت خوفها يزداد وجدته ينهض بخطوات قوية مقتربًا منها ونظراته لازالت نحوها، تفاجأت به وهو يدور حولها بطريقة أرعبتها شاعرة أنها محاصرة فابتلعت ريقها بخوف وقلق وتمتمت بضعف
:- فـ… في حاجة يا فاروق بيه؟
وقف أمامها بحدة مغمغمًا بلهجة حازمة مشددًا فوق كل حرف يتفوهه
:- عملتي اللي عاوزاه وخلتيه عاوز يتجوزك.
علمت على الفور أنه يقصد جواد بحديثه فحركت رأسها نافية لما يردفه وتمتمت بتوتر متلعثمة تحاول الدفاع عن ذاتها أمامه
:- لـ…. لأ لأ والله مش كدة هـ.. هو حتى اللي طلب يتجوزني وكان مصمم أنا معملتش حاجة.
رمقها بمكر متمتمًا بحدة ونبرة قاسية
:- اسكتي خالص متفتحيش انتي بوقك بعدين مفيش مشكلة يستمتع ويتسلى بيكي كم يوم.
شعرت أن حديثه كالخنجر الذي طعنها به قاسٍ بضراوة عليها لا تعلم لماذا يعاملها هكذا طالعته بحزن والدموع اجتمعت داخل مقلتيها بقهر ثم تمتمت بكبرياء
:- بـ… بس انا مش للتسلية.
ضحك بصخب يطالعها باستهزاء لحديثها الساخر بالنسبة له مردفًا ببرود
:- انتي عارفة كويس اوي اتجوزتي عصام ليه اللي اشتراكي بفلوسه انتي واهلك الجعانين.
طالعته بتحدي وغضب مقررة عدم الصمت لحديثه المهين لها
:- بس جواد غير عصام وحضرتك عارف كدة يا فاروق بيه بالنسبة لجواد هبقى مراته بجد.
شعر بالغضب من حديثها الذي يعلم صحته وهذا شئ لن يقبل به مهما حدث كيف لجواد الهواري ان يتزوج من فتاة مثلها؟! هو وافق على زواجها من عصام لأنه متأكد من صمتها لما سيفعله بها حتى يحافظ على سمعة عائلة الهواري، هي بالنسبة له دمية حصل عليها مقابل المال لم يرى أن لها أي قيمة أمامه لذا قام بالضغط بقوة فوق ذراعها مسببًا لها ألم نتيجة ردها عليه متمتمًا بحدة صارمة
:- بقولك إيه يابت أنتي مش عاوز اسمع صوتك أنتي هتتجرأي وتردي عليا.
تألمت بين يديه بضعف متمتمة بخفوت وحزن يملأها لأهانتها الدائمة من تلك العائلة القاسية
:- طـ… طيب خـ.. خلاص يا فاروق بيه بس دراعي بتوجعني.
تركها رامقًا اياها بازدراء ونظرات محتقرة مغمغمًا بقسوة حادة تشبهه ووعيد ليجعلها تخاف وتنفذ ما يقوله ويريده
:- بصي يابت انتي واسمعي كلامي كويس اوي لو جواد عرف حاجة واحدة عن اللي كان بيحصلك اعتبريها نهايتك ونهايته هضره في شغله وجامد وانتي عارفة هو بيحب شغله ازاي لو مستغنية عنك وعنه ابقي افتحي بوقك بكلمة واحدة من اللي حصلت معاكي مع عصام.
طالعته بأعين متسعة بذهول من هول الصدمة من حديثه القاسي إلى هذا الحد عن جواد وتمتمت بعدم تصديق
:- بـ… بس دة ابنك انت مستحيل تأذيه.
ضحك ببرود على حديثها الأحمق مردفًا بلهجة حازمة ساخرًا منها
:- يبقى متعرفيش مين هو فاروق الهواري ويقدر يعمل إيه، سامعة كلامي كويس.
همهمت تجيبه بخفوت وخوف، حمقاء هي ظنت أنه يهتم لأمر ابنه فلو كان يهتم كان ساعده منذ البداية وزوجها له لأجل سعادته لكنه هو لا يفعل شئ في حياته سوى لمصلحة فاروق الهواري فقط.
فاقت من شرودها مع ذاتها من تلك الذكري المتسببة في صمتها إلى الآن على صوت جواد الهادئ
:- إيه ياحبيبتي وصلنا، بتفكري في إيه جامد كدة.
التقطت أنفاسها بصعداء لتبتسم أمامه بهدوء وتمتمت تجيبه بابتسامة رائعة يعشقها
:- ولا حاجة كنت سرحانة يلا ننزل خلاص.
جذب يدها مانعًا إياها من الترجل من السيارة مقربها نحوه وعينيه مثبتة فوق شفتيها بعشق جارف وقام بالتقاطهما برغبة عاشقة وحنان عليها لن تجده مع أحد سواه، محتضنها بقوة كأنه يود أن يضعها داخل قلبه الذي لازال ظمآن يود اقترابها اكثر إلى الآن يقترب منها كل مرة وكأنها مرتهما الأولى، عينيها تسحره تجعله لا يدرى ماحوله سواها هي فقط.
حاولت الإبتعاد عنه بتوتر متمتمة بخفوت متطلعة بعينيها أرضًا بخجل يصيبها من اقترابه في كل مرة
:- جـ…. جواد مينفعش كدة ممكن حد يشوفنا يلا ننزل خلاص.
قبل أن يمنعها كانت هي الأسرع وترجلت من السيارة مسرعة فضحك على فعلتها ونزل هو الآخر مقتربًا منها قائلًا لأحد الحراس بجدية
:- نزلوا الشنط من العربية وابقوا دخلوها على جوة.
همهم يرد عليه باحترام ووضع هو يده فوق خصرها يقربها منه أكثر وسار بها نحو الداخل متمتمًا بمرح
:- نطلع الأوضة فوق وأخد حقي عشان أنتِ ضحكتي عليا وأنا مخدتش حقي كويس.
طالعته متعجبة بذهول من حديثه الكاذب
:- إيه بعد كل دة ولسة مخدتش حقك.
اومأ لها برأسه امامًا مؤكد حديثه
:- اه لسة عاوز حقي اكتر نطلع بس وهتشوفي.
همس داخل أذنيها ببعض الكلمات الجريئة التي جعلتها تخجل بشدة متمتمة بتلعثم وعدم انتظام من وجهه الآخر التي لم تراه من قبل كانت دومًا تراه جاد صارم في بعض الأحيان لكنها الآن تجد شخص آخر أمامها شخص يؤكد في أفعاله قبل حديثه أنه يهواها حقًا
:- ا… اوعى كدة يـ… ياجواد كدة عيب مينفعش.
اعتلت ضحكاته بضراوة ما أن استمع إلى حديثها متمتمًا بسعادة من قلبه
:- دة جواد اصلا ميعرفش غير العيب نطلع بس واوريهولك.
لم تستطع منع ضحكاتها فانفجرت ضاحكة بسعادة وفرحة تدخل لقلبها على يده لكنها سرعان ما أبتلعت ضحكتها بخوف مبتعدة عنه عندما رأت جميع العائلة تتطلع نحوهم بأعين حادة غاضبة من الواضح أن هناك شئ يحدث لم تعلمه.
تمسكت بذراع جواد تحتمي به بخوف يملأ قلبها وعادت بعض الخطوات إلى الخلف لتقف خلفه مباشرة فربت فوق يدها بحنان وثقة ليطمئنها وغمغم متسائلًا بجدية تامة
:- في حاجة ولا إيه؟
كادت جليلة تتحدث وتخبره عما يحدث لكن فاروق كان الأسرع فأجابه بحدة تامة وعينيه مثبتة نحو رنيم بكره ملتعمة بالشر
:- في أنك اتضحك عليك من البت دي كانت فاكره انها هتعرف تضحك علينا عشان تعرف تتجوزك.
خشيت رنيم من نظراته المرعبة الحادة وحديثه الذي جعل قلبها كاد يتوقف برعب فتمتمت متلعثمة برهبة محاولة أن تفهم مقصده
:-ا… أنا مـ.. معملتش حاجة والله يـ… يافاروق بيه.
رمقها بتقليل دون اهتمام لما تتفوهه مردفًا بحدة صارمة أخرستها
:- انتي مين عشان تردي عليا انتي هتنسي نفسك يابت انتي.
صاح جواد بحدة يثأر لزوجته التي أهانها والده أمام الجميع
:- هو في ايه لكل دة يافاروق بيه وبعدين ايه هتنسي نفسك دي لا مش هتنسى نفسها هي بتتكلم بصفتها مراتي وليها كل الحق في اللي عاوزاه.
اجتمعت الدموع داخل مقلتيها بحزن لكنها حاولت تهدئة ذاتها بعد استماعها لحديث جواد الذي يربت فوق قلبها ويؤكد لها أنه افضل رجل في العالم مثلما تراه دومًا.
هدر فاروق في ابنه بعنف والغضب يغلي داخله من رده الدائم عليه، هو يود أن يفعل معه مثلما يفعل مع الجميع يكون حديثه واجب التنفيذ عنوة عنه وعما يحب ويريد ابنه
:- مراتك! أنت خلاص واقف قدامي عشان خاطر واحدة زي دي، دة أنا فاروق الهواري ومراتك اللي بتتكلم عنها دي ضاحكة عليك.
رد جواد عليه بصرامة حادة
:- دي مراتي يعني كرامتها من كرامتي دلوقتي وأنا مسمحش أن حد يتكلم معاها كدة مهما كان مين.
شعر فاروق بغضبه يزداد فأسرع يمسك ابنه من ياقة قميصه بعصبية يجذبه بعنف مغمغمًا بحزم مشدد
:- يعني ايه لأ فوق أنا ابوك واعمل اللي يعجبني مش أنتَ اللي هتعرفني اللي اعمله.
لم يصمت ورد عليه بجدية كما يفعل دومًا
:- أنا مقولتش كدة بس مينفعش تكلمني أنا ومراتي كدة ولا بالطريقة دي.
تطلعت رنيم مسرعة نحو جواد بأعين دامعة متمتمة بضعف وخفوت خوفًا مما يحدث أمامها للمرة الأولى
:- جـ….جواد خلاص عشان خاطري محصلش حاجة.
أسرعت جليلة تتدخل كعادتها لأنهاء مايحدث حولها ممسكة بذراع فاروق متمتمة بخوف وتوتر
:- فاروق اهدا شوية واقعد اتكلم معاه وأنت ياجواد اهدى يا حبيبي الأمور مبتتاخدش كدة.
دفعها فاروق إلى الخلف لتبتعد عنه صائحًا بجدية وحدة
:- اوعي انتي يا جليلة ومتدخليش المرة دي بالذات لأنك مشجعاه دايما.
ابتسمت مديحة بتسلية لما يحدث حولها سعيدة من تلك المشاجرة مقتربة من جليلة وبدأت تزرع سمها بخبث مدعية الحزن
:- معلش يا جليلة متزعليش بس هي البت دي كدة مش سهلة تلاقيها هي اللي مقوية جواد على ابوه دي حرباية.
تنهدت جليلة بحزن شديد وأجابتها بهدوء
:- لـ.. لا يا مديحة هي دايما العلاقة بينهم متوترة.
مصمصت شفتيها ساخرة من سذاجتها متطلعة أمامها مرة لتتابع مايحدث كأنها تشاهد مسرحية مسلية بالنسبة لها بضراوة، خاصة ما سيحدث لرنيم الآن.
استجاب فاروق لطلب زوجته وتركه هادرًا بغضب عارم يخبره حقيقتها
:- بعدين اللي بتدافع عنها دي وبتقول مراتك دي ضاحكة عليك وعلى الكل.
طالعه بعدم فهم متسائلًا بحدة وجدية
:- هي مين اللي ضاحكة عليا؟ ومسمحش أن حد يقول عليها كلمة من دلوقتي.
رمقه بتهكم وعينيه متوجهة نحوها كالنيران التي تحترقها تجعل جروح روحها تزداد، ووضح حديثه بحدة مشيرًا نحوها
:- مراتك اللي بتدافعلها وبتزعق قدامي دلوقتي عشانها، عقيمة عمرها ماهتخلف ومخبية عليك عشان طبعا متسيبهاش ماصدقت أنك هتتجوزها.
حديثه ضغط فوق أكبر جرح بها، جرح لن يُشفى مهما مر عليه، جرح لازال يقف لها في سعادتها كالغصة القوية، كلما ترى طفل مع والدته تبكي بقهر، لما حُرمت من ذلك الشعور الذي لا مثيل له؟! لماذا هي مَن حدث معها كل ذلك؟ كانت تود أن تحمل طفلها بيديها وتعتني به، تعطيه كل المشاعر التي افتقدها، وتغمره بحنانها الذي لا مثيل له، لكن كل ذلك أصبح أحلام داخل عقلها… أحلام تحزنها وترهق روحها عالمة بمدى استحالة تحقيق ما تريده ويريده قلبها.
تطلعت بأعين باكية يضراوة نحو جواد الذي ابتسم لها بهدوء ليجعلها تهدأ هي الأخرى يطمئنها أنه سيظل بجانبها مهما حدث، ووجه بصره نحو والده متسائلًا بجدية صارمة
:- وأنتَ مين قالك أنها مخبية عليا؟
قطب فاروق جبينه بصدمة متعجبًا من حديثه، لكن تكن الصدمة من نصيب فاروق فقط بل كانت من نصيب الجميع، وغمغم فاروق بعدم تصديق وذهول
:- بتقول إيه، قصدك أنها كانت قايلالك وعارف انها مبتخلفش واتجوزتها برضو.
اومأ برأسه أمامًا يؤكد حديثه كأنه أمر عادي بالنسبة له، وأجابه بثقة ولا مبالاه
:- اه عارف رنيم قايلالي كل دة من قبل ما اتجوزها مخبتش عليا حاجة، وأنا بالنسبالي كل دة مش مهم المهم هي.
ضرب فاروق المنضدة بعصبية مفرطة كادت توقف عقله، صائحًا بغضب عارم يعميه
:- لأ بقى أنت شكلك خلاص مش فاهم حاجة يعني ايه تتجوزها وهي كدة، ايه من قلة البنات ولا خلاص مفيش بت غيرها.
صمت لوهلة وأضاف معقبًا بسخرية
:- وياريتك متجوزها بت كمان، سكت على جوازك منها الأول لكن دلوقتي لأ مش هسكت.
لم يهتم بحديثه وأجابه ببرود شديد مسيطرًا على ذاته بمهارة
:- يعني إيه كلامك دة وايه اللي مش هتسكت عليه بقولك أنا كنت عارف وراضي كمان وموافق من الأول.
أجابه بحدة غاضبة آمرة والدماء تغلى داخل عروقه
:- قصدي وصلك كويس أوي بس هقوله قصدي أنك تطلقها وحالا خلاص قضيت معاها وقت كويس واتستمعت كفاية كدة بقى.
كان متعمد إهانتها في كل كلمة يتفوهها حديثه القاسي كان كالخنجر الذي غُرز في قلبها يود قــ ـتلها بحديثه المتجرد من معانٍ الرحمة، يتحدث كأنها عا’هرة يستمتع بها ابنه فقط لم يتعامل بحقيقة الأمر فهي زوجة جواد الهواري ليس مثلما يود ذلك القاسي.
لم يستطع جواد أن يصمت أيضًا بل صاح به بعصبية شديدة بعدما فهم مقصد حديث والده جيدًا
:- أنتَ بتقول ايه رنيم مراتي وهتفضل مراتي مهما حصل ومش أنت اللي هتقولي اطلق واتجوز أنا كبير وعارف انا بعمل ايه كويس، ورنيم مراتي وحبيبتي وانا مش عاوز عيال انا عاوزها هي بس.
اقترب محتضنها بحنان مقبلًا رأسها بفخر وعشق أمام الجميع ردًا منه على حديث والده السام الذي يعلم أنه جرحها به عن عمد.
طالعه والده رافضًا ما يفعله مغمغمًا بعدم رضا وحدة
:- جواد أنت هتطلق البت دي خلاص على كدة مش هتظلم نفسك معاها وتتخلى عن أهم حاجة عشان واحدة زي دي اتجوز غيرها وخلف وانسى كل دة طلقها يلا.
كان يحاول معه ليجعله ينفذ ما يريد ويتخلص من تلك الفتاة التي تقف في طريق ابنه بسبب حبه لها الذي جعله يلغي عقله تمامًا ويتنازل عن أهم شئ لأجلها.
باغته جواد برده الحاد وإصراره على رفض ما يقوله والده ليبدي مدى تمسكه الشديد بها وعشقه الصادق
:- انا عارف كويس أنا بعمل إيه ومش مهم عندي غير رنيم مراتي واكيد مش هتخليني اطلقها غصب عني.
تطلع نحوها بهدوء مردفًا بحنان عندما رأى حالتها المجهدة ودموعها التي لازالت تسيل على وجنتيها بحزن
:- يلا يا رنيم نطلع عشان ترتاحي شوية السفر كان طويل.
سار بها بجانب والده وهو محتضنها بشدة ليخبرها أنه معها وكل شئ يحدث لن يهتم به، هو لا يريد سواها في حياته، يؤكد لها بأفعاله أنه يعشقها حقًا وأنه كما تراه مختلف عن الجميع.
وقفت مديحة تشاهد مايحدث بغضب ترى تمسكه الشديد بها ووقوفه أمام والده معارض حديثه بضراوة وتصريحه بحبه لها أمام الجميع، ترى أن مخططاتها هي وابنتها ستُفسد بسبب رنيم التي أصبحت الآن اكبر عقبة في حياتهما بعد تأكدها من عشق جواد لها وعدم خضوعه لطلبات فاروق بل وقف أمامه ليتزوجها والآن ايضًا يقف أمامه متمسك بوجودها رافضًا فكرة الأبتعاد عنها.
طالعته جليلة بحزن لحياة ابنها وتمسكه برنيم التي كانت تعلمه جيدًا لكنها غير ىاضية عما فعله مع والده كما ايضًا ترفض تمسكه برنيم هي أم عنوة عنها تود الفرحة بأحفادها، تريد أن تحمل اطفال ابنها كما تحلم وتتمنى دومًا، تود أن تعلمهم العديد من الاشيتء والصفات الجيدة التي زرعتها في والدهم، لكنها الآن حُرمت من كل ذلك لذا كانت تطالعه برفض وعدم رضا لأول مرة عن أفعاله.
❈-❈-❈
جلست رنيم فوق الفراش تبكي بصمت عن كل ماحدث عقلها يحلل كل كلمة استمعت إليها أسفل، هي لديها جرح كبير من الواضح أنه لن يُشفى، تبكي بضراوة لعلها تخرج ما في قلبها، لا تعلم ماذا تفعل هل تسعد ذاتها وقلبها بحزن وظلم جواد وحرمانه من شعور مهم.
وجدته يجلس بجانها محتضن اياها بقوة مربتًا فوق ظهرها بحنان مردفًا بهدوء
:- كفاية عياط كدة عشان خاطري، هو في عروسة زيك قمر كدة بتعيط.
تمتمت بحزن من بين شهقاتها ولم تستطع تنفيذ ما يطلبه منها بل كانت مستمرة في بكاءها
:- لـ… لأ بس هـ… هما معاهم حق ياجواد هما صح، كلهم تحت عاوزين مصلحتك.
طبع قبلة رقيقة فوق يدها بحنان وتعقل ليحتوى ماتشعر به ورد عليها بشغف عاشق
:- أنا مصلحتي مش مع حد غيرك يارنيم، بعدين كنت اتجوزت من زمان لو عاوز لكن أنا عمري ما اتمنيت واحدة غيرك في الدنيا دي كلها.
غمغمت معترضة بخجل وضعف من حنانه الذي يغمرها به
:- بـ… بس كدة ياجواد أنت بتظلم نفسك.
التقط شفتيها بعشق جارف وأجابها بحنان
:- جواد هيظلم نفسه لو بعد عنك دقيقة واحدة.
اعتدل في جلسته أمامها مردفًا بتعقل
:- مش عاوزك تزعلي من اللي حصل تحت ولا تشغلي بالك.
ابتسمت له بسعادة ابتسامة رائعة يعشقها تزين ثغرها، غير مصدقة وجوده في حياتها متمتمة بهدوء
:- حاضر ياجواد، شكرا على وجودك معايا بجد أنت احسن واحد في الدنيا.
ابتسم لحديثها محتضنها بعشق شديد، مغمغمًا داخل اذنيها بمرح
:- ايوة افضلي عيطي عشان تضحكي عليا وماخدش حقي بقى.
أنهى حديثه غامزًا اياها فضحكت بخجل من بين دموعها متمتمة بتذمر
:- بس بقى يا جواد أنا مكنتش اعرف انك كدة على فكرة.
قام بمسح دموعها بحنان مغمغمًا بجراءة لم تعتاد عليها منه حقًا سوى من بعد زواجهما
:- لأ ما دي حاجات متشالة جوايا بقالها كتير جه وقت أنها تطلع بقى ولا انتي إيه رأيك.
ضحكت بخجل متمتمة بخفوت بعدما كسا اللون الأحمر وجنتيها
:- لـ… لأ طلعها بس ايه بعد كل دة مخلصتش لسة.
ظل يوزع قبلات متفرقة على عنقها وأجابها بغشق ولازال كل ذرة منه تحتاج وجودها بجانبه
:- ولا عمرها هتخلص دي طاقة سنين وحياة عنيكي اللي موقعني دول.
ضحكت بعشق وخجل لمدحه لها الدائم الذي يجعلها تشعر كالطائرة بسعادة محققة كل ما تريده وأحلامها التي ظنت أنها مستحيلة، هو عاد إليها سعادتها التي ظنت أنها انتهت تمامًا وابتسامتها التي عادت تزين وجهها من جديد بسبب أفعاله وحديثه المدلل لها.
كان يترك بصماته العاشقة فوق جسدها بحب يملأهما، كانت سعيدة لوجوده معها لكن هناك ما يجعلها تخاف أن تحرم من تلك السعادة ومنه، هي تود البقاء معه طيلة حياتها لكنها لن تظن أن ذلك سيحدث.
في كل حركة يفعلها يؤكد لها بها أنه يعشقها بصدق، لا يريد سوى سعادتها فقط، يجعلها ايضًا تعشق اقترابه منها، يود أن تحب كل شئ معه.
❈-❈-❈
داخل غرفة مديحة كانت تجلس بصحبة أروى بغضب بادي عليهما، صاحت أروى بغضب يعميها
:- يعني احنا كنا نقدر نمنع كل دة، عمي لو عرف أنها مبتخلفش قبل مايجوزهاله مكنش وافق ان الجوازة دي تتم.
أيدتها مديحة بضيق بعد شعورها بفشل ما تريده
:- ياريتني كنت اعرف انه مش عارف ما اخوكي ال*** كان بيقوله كل حاجة فقولت اكيد قايله
نهضت أروى تسير في الغرفة مغمغمة بغرور مشيرة بسبابتها نحو ذاتها
:- بقى يرفضني انا وميرضاش يتجوزني وواقف متمسك بال وسـ*ـة دي إيه خلاص اتجنن.
حاولت مديحة السيطرة على حزنها وغضبها حتى تجعل ابنتها تهدأ مغمغمة بقوة ووعيد والشر يلتمع داخل عينيها
:- استني بس انتي يا أروى والله ما هتتهنى يوم واحد هتشوفيني هعمل فيها إيه.
أيدت حديثها مسرعة بغضب
:- ايوة ياماما عشان فاكره انها هتقدر عليا وخدت جواد…. جواد مش لحد غيري انا مش هسكتلها.
تمتمت مديحة بمكر خافت حتى لا يصل صوتها الى مسامع أحد
:- استني بس عشان أنا عاوزاكي في حاجة مهمة دلوقتي هتجيبي حقك بيها من جواد.
طالعتها بعدم فهم متسائلة بخبث، هي تشبه والدتها كثيرًا بعدما زرعت بداخلها الكره والشر للجميع وأن ما تريده واجب التنفيذ وتسعى دومًا اليه عنوة عن الجميع
:- ايه هي الحاجة دي قولي على طول يا ماما.
التمعت عينيها بمكر متمتمة بشر وحقد
:- سـمـا حبيبة قلب ابوها وجواد كمان.
قطبت ما بين جبينها متسائلة بعدم فهم متعجبة من حديث والدتها الملئ بالألغاز
:- مالها سما ما توضحي كلامك.
أخبرتها بما استمعت اليها وغمغمت بحدة شارحة لها الامر وما تنوى فعله
:- سما في واحد لافف عليها انا بقى عاوزاكي تعرفيلي كل حاجة انا قولتلك اللي سمعته والبت بتحبه.
لم تفهم أروى ما تقصده والدتها فسما بعيدة عن كل ما تريده هي، فتمتمت بلا مبالاه وبرود
:- أنا عارفة الحوار دة من الاول بس دة واد فقير على قد حاله مش من مستواها بعدين ايه اللي دخل سما فالحوار انتي قصدك ايه.
أجابتها ساخرة بتهكم وإصرار على ذلك الشئ
:- هو ايه اللي مش من مستوانا وانا بقولك روحي اتجوزيه بعدين زي ماجواد مزعلك زعلي اخته شوفي بقى هتعمليها ازاي لفي على الواد، أو اديله فلوس اتصرفي بطريقتك.
اومأت براسها أمامًا ببرود بالرغم من عدم اقتناعها بحديث والدتها لكنها ستفعله لما لا هي لن تخسر شئ
:- ماشي ياماما هتصرف أنا في الموضوع دة.
خرجت تاركة والدتها مبتسمة بخبث متذكرة صورة جليلة أمامها وأردفت بمكر يلتمع بداخلها
:- ماشي ياجليلة قسما بالله لاقهرك على عيالك شوفي هتفرحي ازاي.
كانت تتحدث بإصرار ووعيد شديد لتنفيذ ما تريده وتخطط إليه دومًا، تفكر كيف ستنتقم من جليلة وتملأ حياتها بالحزن، الكره والغل يعمونها عن كل ما فعلته جليلة معها، هي تقابل كل ذلك بالكره.
❈-❈-❈
داخل غرفة فاروق كان يسير في الغرفة بغضب يملأ اوداجه مما فعله ابنه اسفل أمام الجميع، وتمسكه بتلك الفتاة التي ليس لها قيمة بالنسبة له.
كانت جليلة تطالعه بتوتر تعلم أنه يفكر الآن فيما سيفعله لتتفيذ ما يريده عنوة عن الجميع وعن رأى جواد، تمتمت بنبرة متلجلجة خائفة
:- فاروق تعالى اهدى بس واقعد وانا هتكلم معاه بس هو مينفعش يطلقها اصلا بالسرعة دي حرام عشان سمعة البنت.
لم يقتنع بحديثها كيف له ان يهدأ بعدما حدث، راى كيف جواد وقف أمامه متحدي ايأه لاجلها، لءلك أردف مغمغمًا بعصبية مفرطة
:- ايه دة اللي مينفعش، يعني هو اللي ينفع ان البت دي تضحك عليه ويفضل مكمل معاها انتي واعية للي بتقوليه.
حاولت التحدث بتوتر أمام غضبه العارم مصححة حديثه
:- بـ… بس يا فاروق البنت معملتش حاجة كانت معرفة جواد من الأول وهو عارف وموافق يعني حرام مغلطتش في حاجة ولا ضحكت غليه
اقتىب منها قابضًا فوق ذراعها بغضب، طالها صائحًا بها بعنف حاد
:- بقولك ايه اسكتي خالص تلاقيه كان قايلك وشجعتيه وعارفة كل حاجة بس لو انتي يا جليلة مش عاوزة تشوفي عياله انا عاوز، ايه ابنك عاوز يقطع اسم الهواري من الدنيا مش هسمح بكدة مهما حصل وهيطلقها غصب عنه.
تألمت بين يديه عالمة مدى الغضب الذي يشعر به الآن محاولة تهدئته
:- والله العظيم ما كنت اعرف حاجة ولا قايلي المرة دي وبعدين بتقول إيه اكيد نفسي اشوف عياله وافرح بيهم بس مش كدة مش هينفع تجبره هو مش صغير.
تركها بحدة رافضًا حديثها مغمغمًا بعدم تصديق بعد تردد حديث مديحة الدائم في عقله عنوة عنه
:- انتي برضو متعرفيش دة انتي الوحيدة اللي بيقولك كل حاجة ومشجعاه على غلط، زي ماكنتي عارفة انه بيحب البت دي وسالتك وقولتي لا برضو.
طالعته بحزن وأجابته بصدق متعجبة لطريقته الحادة معها دون سبب تلك المرة
:- والله ابدا يا فاروق والله ما كنت اعرف حاجة عن الموضوع دة انا اتفاجأت بكلام مديحة بس دلوقتي بتكلم معاك عشان بتقول هتخليه يطلقها غصب عنه فبقولك أن مينفعش عشان هو مش صغير هو عارف هو بيعمل ايه كويس.
رمقها بغضب وعدم رضا مغمغمًا بلهجة حازمة
:- فضلتي تقولي مش صغير مش صغير وتدافعيله لغاية ما بقى يقف قدامي ويرد عليا انتي السبب في للي الواد دة كله فيه.
لم تعقب على حديثه بل تطلعت أمامها بصمت وحزن لما يحدث معها وتغير فاروق المباغت، فقد اصبح أكثر حدة وعصبية معها هي بالتحديد في الفترة الأخيرة، تحاول دومًا ان تمرئ الأمر بهدوء خوفًا من غضبه على الجميع.
لم يرى إلى الآن انه يفعل شئ خطأ بل يرى دومًا أنه يفعل الصواب، لم يهتم برأي احد سواه كأن الجميع مخطئ عدا هو..
❈-❈-❈
في الصباح…
خرجت رنيم من المرحاض بملامح وجه هادئة لكنها سرعان ما عبست عندما وجدت جواد الذي يعد ذاته للذهاب اقتربت منه واقفة خلفه مباشرة بهدوء مغمغمة بحزن
:- ايه دة أنت هتمشي ولا إيه؟
اومأ لها برأسه امامًا وهو يقوم بغلق قميصه مسرعًا مردفًا بحنان
:- اه يا رورو ساعتين ولا حاجة وراجع مش هطول.
طالعته برفض لا تود أن يتركها بمفردها شاعرة بمدى قوتها وهو معها لكنها لم تريد أن تبقى في المنزل مع تلك العائلة بمفردها حاولت معه ليبقى
:- هتمشي وتسيبني؟! طب والحاجات المتشالة اللي لسة مخلصتش عندك.
طبع قبلة رقيقة فوق جبهتها مردفًا بمرح
:- لأ منا مخزنها لبليل استني انتي بس عليا.
ابتسمت ابتسامة مهزوزة وتمتمت بنبرة خافتة بخوف
:- طـ….طيب أنا خايفة متسيبنيش لوحدي عـ.. عشان اللي حصل امبارح يعني.
ابتسم أمامها يطمئنها بثقة محتضنها بقوة
:- متخافيش محدش هيكلمك ابقي اقعدي مع سما وماما ومتقلقيش.
تنهدت بعدم ارتياح لكنها تحاول أن تخفي شعورها حتى لا تزعجه مبتسمة بهدوء
:- ماشي يلا روح أنتَ ياحضرة الظابط عشان متتأخرش.
اقترب ملتقطًا شفتيها بنهم وشغف شديد لم يريد الأبتعاد عنها مغمغمًا بجراءة
:- بقولك ايه ما نتأخر عالشغل شوية، اصل ابقى ظابط غبي لو سيبت الشغل الحلو اللي في ايدي دة ومشيت.
ابتعد عنه بعض الخطوات إلى الخلف ضاحكة بسعادة وأجابته برفض
:- لأ طبعًا يلا روح عشان تلحق ترجع ومتتأخرش.
غمز لها بعينيه معقبًا بتوعد ومرح
:- ماشي استنيني بقى لما ارجع هاخد حقي كامل.
ضحكت بصخب معلنة عن سعادتها واحتضنته بحنان وعشق جارف وبدأ هو يلملم اشياءه مسرعًا حتى يذهب عمله.
❈-❈-❈
في المساء…
عاد جواد إلى المنزل للتو كان سيدلف إلى غرفته مباشرة ليطمئن عليها ويطفئ من اشتياقه لها لكنه وجد والدته تنتظره تمتمت بهدوء
:- لو فاضي يا حبيبي ممكن اتكلم معاك.
احتضنها بحنان متمتمًا بتعقل هادئ
:- اه طبعا ولو مش فاضي أفضالك ياست الكل هو أنا عندي اغلى منك.
ابتسمت بفخر لحنانه الدائم وحبه لها وجلست تتحدث معه بجدية وعتاب
:- ينفع اللي حصل امبارح ياجواد؟
تنهد بجدية مجيبًا اياها بعدم رضا هو الآخر
:- لا طبعا مينفعش بس هو غلط رنيم دلوقتي مراتي كرامتها من كرامتي يعني لازم احافظ عليها أنتي اللي معلماني كدة هو غلط فيها وقال في حقها كلام مينفعش ومحترمش وجودي.
حاولت أن تشرح به الامر كما يرى فاروق بطريقة اهدأ ليحاول فهم ما يريده بهدوء
:- ياحبيبي هو كان فاكر أنها مقالتلكش ماهو مجاش في باله إنك عارف حاجة زي كدة وموافق عليها، دة نفسه يشوف عيالك.
التقط أنفاسه بصعداء مغمغمًا بجدية
:- يا أمي المهم عنده المفروض تبقى سعادتي وكلكم عارفين أن سعادتي معاها.
ردت عليه معترضة بعدم رضا محاول أن تجعله يرى الامر كاملًا ليحكم بعقله بدلا من عاطفته المسيطرة عليه
:- جواد أنا وابوك نفسنا نفرح بعيالك أنا نفسي اربيهم زي ما ربيتك واعلمهم كل حاجة أنت عن نفسك كنت بتحلم بأنك بتخلف من زمان دلوقتي اتخليت عن كل دة وبقى مش مهم، طب أنا وابوك هنتخلى عنه ليه بلاش تلغي عقلك فكر كويس في كلامي واعرف انت بتقول ايه
صمتت لوهلة بأعين باكية وأضافت معقبة بحزن
:- أنا من زمان وأنا نفسي اشيل عيالك بحلم باليوم دة جواد وانت عاوز دلوقتي تحرمني منه.
لا يعلم كيف يخبرها أن كل ذلك لا يهمه، هو لن يسعد باطفاله مع غيرها، سعادته الحقيقية معها، حاول أن يجعلها تفهم ما يريده
:- يا أمي والله انا عارف كل دة بس لو جبت مية عيل مش من رنيم عمري ما هفرح، سعادة ابنك معاها مش مع غيرها، مش بايدي والله بس كل حاجة جوايا عاوزاها هي مش عاوزة غيرها.
لا تجد الرد المناسب لترد به عليه، كانت خائفة من رد فعل فاروق بعدما رأت اصرار ابنها الكبير عليها، اقترحت حل أحمق عالمة بمدى استحالته لكنها تحاول
:- بعد فترة طلقها واتجوز غيرها، اتجوز متستناش وهتنساها بكرة لما تتجوز وتخلف هتنساها.
أجابها برفض تام نافيًا حديثها الغير مقنع
:- كنت نسيتها وهي متجوزة هنساها دلوقتي، كدة هبقى بظلم نفسي وبظلم اللي هتجوزها أنا عمري ماهحب حد غيرها.
لا تجد ما تتفوه به فدعت له بحب متمنية من ربها أن يحقق ما تطلبه
:- ربنا يسعدك ياحبيبي ويحققلك لللي بتتمناه.
احتضنها بهدوء مقبلًا رأسها بحنان ثم تركها حتى ترتاح قليلًا وسار نحو غرفته بخطوات واسعة عينيه متلهفة باشتياق لرؤيتها.
وجدها جالسة بشرود صامتة لم تبدي رد فعل فاقترب يحتضنها بعشق وشاكسها بمرح هادئ
:- ايه ساكتة ليه، مفيش اي كلمة حلوة لجوزك حبيبك دة انا راجع بسرعة عشانك.
ظلت متصنمة كما هي بجمود لم تشاركه عناقه الدافئ، فقطب جبينه متعجبًا لطريقتها فغمغم متسائلًا بقلق واهتمام
:- في إيه مالك؟ حصل حاجة زعلتك وانا برة؟!
لم تجيب على سؤاله بل نهضت تقف قبالته بملامح باردة خالية من المشاعر وغمغمت ببرود حاد
:- طلقني ياجواد… طلقني وكفاية اوي لغاية كدة انا اصلا مكنتش عاوزاك ووافقت على جوازي منك غصب عني فطلقني أحسن.
لم يفهم معنى حديثها فطالعها بذهول متعجبًا مما تتفوهه ومتسائلًا مرة أخرى بعدم تصديق
:- ايه اللي بتقوليه دة؟
لم تهتم لنظراته المصوبة نحوها بل أجابته بلا مبالاه مؤكدة حديثها مرة أخرى
:- بقول للحقيقة، أنا مش عاوزاك وعاوزة اتطلق طلقني بقى صعبة دي.
❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈
يتبع…