رواية لهيب الروح الفصل السادس عشر16 بقلم هدير دودو
استمع جواد إلى حديثها بصدمة وقد ازدادت ملامحه حدة وغضب لكنه تنهد بصوت مرتفع محاولًا السيطرة على ذاته أمامها، ظل يطالعها بعدم تصديق عالمًا سبب تفوهها بذلك الحديث لكنه لازال غاضبًا لا يعلم كيف استطاعت التفوه بتلك الكلمات القاسية الناهية لعشقهما..
سار من أمامها بخطوات واسعة غاضبة يود الفرار من أمامها بدلًا من لهفته لرؤيتها، محاولًا أن يسيطر على غضبه العارم من حديثها.
أسرعت تحاول ملاحقته ومنعه من الذهاب بخطوات شبه راكضة مغمغمة باسمه بحزن
:- جـ… جواد… جـ… جواد استنى طيب.
لم يلتفت نحوها ولم يبالي بهتافها باسمه بل استكمل طريقه بخطوات سريعة يفر من أمامها حتى لا ينفجر بها بعد طلبها في الإبتعاد عنه.
وقفت باكية بعنف والحزن يملأ قلبها لما يحدث بينهما، اقتربت جليلة منها التي رأتها محتضنة أياها بهدوء عندما رأت هيئتها الباكية، مغمغمة بهدوء
:- اهدي ياحبيبتي متعيطيش محصلش حاجة.
تمتمت بنبرة حزينة ضعيفة خرجت من بين شفتيها مهزوزة بقلق
:- سـ… سابني ومشي.
لم تفهم جليلة سبب ماحدث بينهما، لكنها حاولت تهدئتها بتعقل وحنان
:- لا يارنيم هو دايمًا كدة لما بيتعصب بيمشي حتى لما بزعل أنا وهو، متزعليش انتي بس واهدي ياحبيتي بلاش عياط هو هيهدا وهيرجع زي ما بيعمل على طول.
ساعدتها بحنان حتى تدلف غرفتها وظلت معها تحاول تهدئتها لكنها لازالت مستمرة في البكاء بضعف غمغمت بحنان مربتة فوق ظهرها
:- خلاص بقى عشان خاطري متعيطيش طب هو مزعلك في ايه وازعلهولك أنا لما يرجع وبلاش عياط كفاية.
اجابتها نافية بحزن متلعثمة من بين دموعها التي لم تتوقف للآن
:- أ… انا اللي مزعلاه، هـ… هو سابني عشان أنا زعلته.
ابتسمت جليلة بهدوء مردفة بمرح
:- دة بيهدا على طول مش هيكمل حاجة وهتلاقيه رجع وهو اللي بيصالحك، جواد مفيش حد أطيب ولا أحن منه والله اهدي بقى وبلاش عياط بقى.
اومأت لها برأسها أمامًا بهدوء محاولة منع دموعها لكنها فشلت واجهشت في دوامة مريرة من البكاء بلا توقف، حاولت جليلة تهدئتها إلا أنها استمعت الى صوت فاروق الجهوري الذي يردف باسمها متسائلًا عنها بعض احدى العاملات في المنزل التي دلفت وأخبرتها باحترام
:- فاروق بيه عاوز حضرتك.
نهضت لتذهب إليه مسرعة متمتمة لرنيم بهدوء
:- هروح عشان اشوفه يا حبيبتي ارتاحي انتي شوية واهدي والله هتلاقي جواد جاي هادي ومفيش حاجة هو مش بيزعل من اللي بيحبهم.
همهمت تجيبها بخفوت هادئ، متمنية أن يكون حديثها صحيحًا ويعود جواد سريعًا، لاعنة ذاتها على حديثها القاسي معه، وفكرة الأنفصال التي اكدتها لكنها تفعل كل ذلك عنوة عنها، لا تريد أن تتسبب في ظلمه معها وتحرمه من أن يكون أب كما كان يريد، استمعت الى حديث والدته الغير راضية عما فعل، على الرغم من أنها وقفت بجانبها الآن بحنان وهدوء لكنها تعلم شعورها الحقيقي، هي ستتسبب حرمانه وظلمه، هي عالمة جيدًا بصعوبة شعور الحرمان الذي يعاني منه قلبها، منذُ أن كانت صغيرة كانت تحلم باليوم التي ستصبح مسؤولة عن طفلها، وتعتني بكل ما يريده، وعندما آتى اليوم المنتظر منذُ سنوات طويلة، افتقدته بأبشع طريقة يتخيلها عقلها، فشلت عن حمايته من ظلم وقسوة زوجها وافتقدت معه أمومتها للأبد.
ظلت كما هي تبكي وتتذكر تلك الذكري الأليمة المتواجدة في عقلها التي لم تُمحى إلى الآن وقد شرد عقلها في بعض الذكريات المؤلمة عندما كانت تُهان بأبشع الطرق الجـسدية والنفسية، لكنها الآن تعيش حياة سعيدة معه عالمة جيدًا أن سعادتها لن تدوم.
لا تعلم كم مرّ عليها وهي لازالت حالتها هكذا تبكي وعقلها يخيل لها العديد من الذكريات المؤلمة حتى تفاجأت بجواد الذي ولج الغرفة للتو، ألقى نظرة سريعة عليها متفحصًا هيئتها، راى دموعها التي تسيل بلا توقف، وعينيها البنيتان المتورمان من فرط البكاء كان سيذهب يحتضنها بحنان، لكنه قرر أن يقسى عليها قليلًا حتى تتعلم لتنهي تلك الفكرة من عقلها؛ لذلك تجاهل هيئتها تمامًا كأنه لم يراها.
أسرعت مقتربة منه بلهفة تطالعه بعدم تصديق، ملتقطة أنفاسها بصعداء لعودته مرة أخرى، وتمتمت بضعف خافت
:- جـ…. جواد أنتَ جيت بجد.
جاهد بصعوبة بالغة حتى لا يرد عليها مغمغمًا ببرود حاد ساخرًا
:- انتي شايفة إيه؟!
ابتلعت ريقها بتوتر وأجابته بضعف متلعثمة بقلق محاولة إنهاء غضبه منها
:- أ…. أنا مكنش قصدي حـ… حاجة.
لم يبالي بحديثها بل سألها بحدة مشددًا فوق كل كلمة يتفوهها
:- انتي قولتي إيه قبل ما امشي عيدي كلامك كدة
طالعته بخوف من تنفيذ حديثها متخيلة فكرة ابتعاده عنها كم هي قاسية لها ولقلبها، ستعود مرة أخرى إلى بئر ظلماتها القاسي عليها، ظلت صامتة كما هي لم تتفوه بأي شي تطالعه ببنيتيها بصمت تام.
فأعاد حديثه عليها مرة أخرى بنبرة مشددة حادة
:- سألتك قولتي إيه قبل ما امشي ردي عليا وقولي كلامك تاني.
تنهدت بصوت مرتفع ملتقطة انفاسها بصعداء وأجابته بتوتر تعيد حديثها مرة أخرى بخوف
:- ا… انا قولتلك عاوزة اتطلق، بـ… بس قولت كدة عشانك والله.
لم يهتم بحديثها بل أجابها بجدية تامة تعكس مدى غضبه منها
:- عشاني ليه عيل صغير أنا، بس ماشي هعملك اللي عاوزاه يا رنيم.
تطلع داخل عينيها وغمغم متسائلًا ليتأكد من حديثها
:- عاوزة تطلقي يا رنيم بجد؟
لم تستطع النظر داخل عينيه فتطلعت بعيدًا بضعف وغمغمت ترد عليه بضعف ونبرة باكية ضعيفة خرجت من بين شفتيها بصعوبة
:- جـ…. جواد أنتَ عاوز إيه د… دلوقتي
أعاد سؤاله عليها مرة أخرى بنبرة هادئة قليلًا عندما رأى حالتها
:- ردي عليا يارنيم، عاوزة تسيبيني بجد؟
حركت رأسها نافية بضعف وبدأت تبكي بنبرة مرتفعة ملقية ذاتها داخل حضنه بضعف متمتمة بخفوت وضعف بعدما ارتفعت شهقاتها عاليًا بانهيار داخل حضنه الدافئ الآمن
:- لـ… لا يا جواد… لأ متنسيبنيش بس أنا سمعت كلام طنط جليلة ليك حـ… حسيت إن هي معاها حق أنا بظلمك معايا وبحرمك من حاجة مهمة أي حد بيتمناها.
شعر بحزنها جيدًا فشدد من احتضانه عليها عالمًا بحقيقة مشاعرها فغمغم بتعقل هادئ محاولًا ان يجعلها تثق به قليلًا وتعلم كم يهواها ومتيم بها، لا يريد شئ سوى وجودها معه فقط وقد وصل إليها بعد عناء
:- وانتي كمان اكيد سمعتي ردي عليها يارنيم كل دة ملوش عندي أهمية أنا عارف من البداية قولتلك أن دة شئ عادي، انتي بس لو تثقي فيا هتفهمي أن أنا عاوزك انتي فعلا مش عاوز غيرك، بس انتي لسة مش واثقة فيا.
تطلعت أرضًا بخجل هي تثق به لكن ما رأته ليس سهلًا فأهلها واقرب الناس إليها قد تخلوا عنها كيف ستستطع أن تثق به بسهولة مثلما يطلب، أغمضت عينيها الباكية بضعف متمتمة بخجل
:- ا… أنا بثق فيك ياجواد بس مش قادرة حاسة أني بظلمك معايا.
التقطت أنفاسها بصعداء لوهلة وغمغمت بأسف وضعف
:- ا… أنا اسفة مكنش قصدي و… والله مش عاوزاك تبعد عني، بس برضو عاوزاك تبقى احسن واحد.
طبع قبلة رقيقة فوق كفها بحنان مغمغمًا بشغف هادئ
:- أنا هبقى أحسن واحد فعلا طول ما أنتي معايا متفكريش تبعدي عني تاني.
ابتسمت بخجل تستند رأسها فوق صدره مستمعة لنبضاته العاشقة لها لتنعم من حنانه وعشقه لها الذي دومًا يعترف به بأفعاله قبل حديثه، تعلم أن معها رجل حقًا رجل يود حمايتها من أي شئ يزعجها، والأهم أنه يريدها معه ويحبها، لم يخجل من إظهار حبه لها أمام اي شخص، استمعت إلى حديثه مع والديه في مرات مختلفة وفي كل مرة تجده يعترف باحتياجه لها ولوجودها وحبه لها الشديد.
ظل يربت فوق ظهرها بحنان حتى هدأت بين ذراعيه فغمغم بمرح
:- على فكرة أنتي كدة بتضحكي عليا وبتاكلي حقي في الزعل دة، أنا راجع بدري عشانك.
ضحكت بسعادة مغمغمة بهدوء وخجل بعدما دفنت وجهها في عنقه
:- هـ… هو أنا قولت حاجة، ما أنا ساكتة اهو.
أسرع ملتقطًا شفـ تيها بين خاصته بعشق ولهفة مغمغمًا بسعادة وهي بين يديه
:- تصدقي صح الحق عليا أنا غلطان، بس هصلح غلطي حالًا.
اعتلت ضحكاتها بصخب بسعادة تبادله شعوره وعشقه بفرح لكونها معه وأخيرًا، كم تمنت منذُ زمن أن تصبح معه لكنها ظنت أن كل ذلك أمنيات مستحيلة، وها هي تحققها الآن بسعادة أكثر مما تتخيل.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع…
جلست مديحة مع ابنتها غمغمت أروى متسائلة بحدة وغيظ
:- إيه ياماما أخرة حوار جواد والزفتة دي امتى ولا أونكل كان بيضحك عليكي؟
أجابتها نافية بثقة تامة موزعة نظراتها الماكرة
:- لا طبعا فاروق عمره ما كان بيضحك عليا، قريب أوي هيطلقها والله.
طالعتها ابنتها متذمرة بملل وعدم رضا معترضة لحديثها الدائم الذي بلا نتيجة
:- مش ملاحظة إنك دايما بتقولي كدة ومفيش حاجة حصلت، بعدين انتي واثقة من أونكل فاروق كدة ليه ما ممكن يسيبه ما أنتي شوفتي جواد اهو مطلقهاش رغم انها مبتخلفش.
فكرت مديحة في حديثها لكنها عادت مرة أخرى مغمغمة بجدية وإصرار على حديثها
:- لأ يا اروى فاروق عمره ما هيرجع في كلمة قالهالي وأنا واثقة من اللي بقوله وعارفة كويس أنا بعمل ايه.
غمغمت بعدم رضا ولازالت مندهشة في طريقة والدتها وثقتها التامة به
:- ماما أنتي متاكدة من كلامك وإيه اللي هيخلي أونكل يسمع كلامك كدة، بعدين جواد مش بيسمع غير كلام نفسه وانتي عارفة كدة.
شردت بذاكرتها لذكري قوية فعلتها في الماضي واجابت ابنتها بشرود غير واعية لما تتفوهه
:- اللي بيني أنا وفاروق كبير جدا يخليه ينفذ وعده ليكي وزيادة وهيغصب على ابنه وهيجوزهولك مهما حصل، لا جواد ولا جليلة حتى هتقدر تمنعه أنا عارفة أنا بقولك إيه.
قطبت أروى جبينها متعجبة لحديث والدتها الغير مفهوم وتسائلت بدهشة
:- انني قصدك ايه ياماما بالكلام دة ايه اللي بينك وبين أونكل فاروق.
فاقت مديحة مسرعة قبل أن تتفوه بشئ زاجرة ذاتها بعنف، وأجابتها بتوتر
:- مـ…. مفيش يا أروى ايه اللي بتقوليه دة هو بيعمل كدة عشان خاطر أخوه غير كدة ولا كان سأل فينا.
رمقتها بعدم اقتناع بذلك الحديث الأبله الذي تبدل منذُ وهلة وغمغمت تتحدث مرة أخرى بشك
:- انتي اللي قولتي أن في حاجة بينك وبينه ياماما أنا مقولتش حاجة، أنا بس عاوزة اعرف.
صاحت بها بعنف وحدة أخرستها تمامًا على الرغم من توترها بداخلها
:- إيه يا اروى تعرفي إيه انتي اتجننتي ماقولتلك مفيش حاجة، أنا غلطانة إني عاوزة اجوزك جواد عشان تأمني مستقبلك.
لم تعقب على حديث والدتها بل طالعتها بصمت وهي متأكدة أن هناك شئ ما والدتها تخفيه عنها فنهضت مديحة بغضب تاركة إياها لاعنة ذاتها على حديثها التي تفوهت به بالخطأ.
❈-❈-❈
دق جواد الباب الخاص بغرفة شقيقته مستاذنًا منها بهدوء بعدما سمحت له أن يدلف
:- ادخل ولا مش فاضية دلوقتي؟
اتسعت ابتسامتها عندما رأته وأجابته بمرح مرحبة بوجوده
:- انت بالذات تدخل في اي وقت.
اقترب محتضنها بحنان مقبلًا رأسها وجلس بجانبها مبتسما وسألها بمكر
:- انتي قولتيلي اسمه خالد ايه قولي تاني كدة؟
أسرعت تجيبه بحماس وقلق بداخلها خوفًا مما سيفعله شقيقها لأنها ستستمع إلى حديثه على الفور
:- خالد ابراهيم محمد ياجواد أنت لحقت تنسى اسمه.
أجابها ضاحكًا بمرح وثقة مرتسم فوق ملامحه الجادة الهادئة
:- عيب عليكي أخوكي برضو ينسى حاجة مهمة زي دي، أنا سألت عنه زي ماقولتلك.
لم تستطع أن تخفي فضولها وتوترها فأسرعت متسائلة بلهفة عاشقة حقيقية علمها جواد على الفور
:- بجد ياجواد؟! وطلع إيه كويس صح زي ماقولتلك؟
ابتسم بتعقل ابتسامة هادئة لهيئة شقيقته الجديدة عليه، وأجابها بثقة هادئة متعقلًا
:- اه طلع كويس ومحترم كمان والأهم من دة كله أن شكلك بتحبيه بجد.
ابتسمت سما بخجل متطلعة أرضًا بصمت شاعرة بدقات قلبها تتسارع بعنف، لم تستطع التفوه بحرف واحد، فرفع جواد وجهها إلى أعلى مازحًا معها
:- بتحبيه جامد على كدة، انتي كبرتي امتى كدة يابت دة أنتي لسة كنتي عيلة صغيرة بتجري في البيت.
ضحكت بمرح ولازالت شاعرة بالخجل متمتمة بتوتر خافت
:- يـ… ياجواد بس بقى متكسفنيش على فكرة مراتك هي كمان بتتكسف أكتر مني.
شاركها الضحك بمرح مغمغمًا بغرور زائف
:- لأ انا مراتي تعمل اللي يعجبها وتتكسف براحتها دي مرات حضرة الظابط جواد الهواري انتي فاكرة ايه.
أجابته بغرور هي الأخرى ضاحكة
:- وأنا كمان أخت الظابط جواد الهواري على فكرة، بعدين الواحد هيغير من رنيم بقى.
احتضنها بحنان مربتًا فوق ذراعها، فانتهزت الفرصة متمتمة بضعف خافت وهي شاعرة بالخجل الشديد داخلها متلعثمة في حديثها بعدم انتظام خوفًا مما سيحدث في حياتها القادمة
:- طـ… طيب ياجواد يعني أنتَ هتساعدني بجد، عـ… عشان يعني بعد كدة نتجوز بس لما اخلص اخر سنة وهو يظبط حاله.
تنهد بصعداء وأجابتها بتعقل هادئ واتزان
:- اه هساعدك وهقف معاكي كمان، طالما هو كويس وطموح وشاريكي والأهم أنك بتحبيه بجد ياسما.
ابتسمت بارتياح وعادت ابتسامتها تزين ثغرها شاكرة ربها لوجوده معها دومًا، لكن سرعان ما تذكرت امر هام هو الذي سيمنع كل شئ فغمغمت بتوتر وضعف
:- بـ… بس ياجواد بـ… بابا… بابا مش هيرضى اكيد مهما حصل.
ابتسم بهدوء ليطمئنها عندما لاحظ تغيرها المباغت خوفًا من رد فعله القاسي مع الجميع
:- متخافيش بابا أنا هقف قصاده مش هيقدر يعمل حاجة ولا أنتي مش واثقة في اخوكي.
ضحكت بسعادة لوقوفه الدائم معها لكن قبل أن تتفوه بأي كلمة وجدت فاروق يقتحم الغرفة صائحًا بغضب حاد
:- اه انتي لازم تثقي فيه ماهو هيعمل اللي على هواكي واللي عاوزاه حتى لو غصب عن ابوكي وعن الكل فلازم يبقى حبيبك بقى تعملي اكتر من كدة ماهو مقويكي.
تشبتت بذراع جواد بخوف متمتمة بضعف متلعثمة
:- لـ… لا والله يـ… يابابا مش كدة، بس جواد شايف ا… اني معملتش حاجة غلط فعشان كدة واقف معايا بس
صاح بها بحدة غاضبة اخرستها تمامًا
:- انتي هتردي عليا ماتحترمي نفسك وطول منا بتكلم مش عاوز اسمع صوتك سمعتي.
اومأت برأسها أمامًا بصمت خوفًا من حديث والدها الصارم الذي يعكس مدى غضبه منها وعدم رضاه عما تريده ويتمناه قلبها.
وجه بصره نحو جواد يرمقه بنظرات حادة مغمغمًا بقسوة غاضبة مشددًا فوق كل حرف بتفوهه
:- أنت بقى هتساعدها بتاع إيه أنت مالك بيها، طريقتك دي مش هتنفع معايا خاصة لـسما بالذات، ولا أنت عشان وقعت في جوازة اي كلام عاوز تعمل كدة معاها وتكوش على كله فالأخر دة أنتَ مش سهل.
حاول جواد السيطرة على غضبه هو الأخر مردفًا بجدية حازمة محاولًا انهاء الحديث الثقيل على قلبه بضراوة، وكأنه لم يتحدث مع والده، ففي الحقيقة لم تكن علاقتهما كوالد وابنه
:- مالها جوازتي أنا فرحان بيها وعمري ماكنت هبقى مبسوط زي دلوقتي، وأنا هساعد سما عشان هي اختي ودة واجبي وانا عمري ما هبقى زيك واحرمها من حاجة عاوزاها خاصة لو مش هتضرها.
ازدادت نظرات فاروق حدة مغمغمًا بلهجة مشددة حازمة يملأها الغضب
:- أنت فاكر أنك هتبان احسن بكلامك دة، أنتَ عمرك ماهتعرف مصلحة بنتي اكتر مني ماتفوق لنفسك، انت بس بتدور على مصلحتك مش اكتر من كدة.
طالعه جواد بتحدي غاضب من نظرته به، شاعرًا أنه يتعامل مع شخص غريب لم يعلمه ليس والده، وهتف بحدة هو الاخر
:- انا اللي بيهمني سعادة اختي بس أنت للأسف اللي بيهمك اي حاجة تانية غير سعادتنا، وانا فعلا هقف معاها وهعملها كل اللي عاوزاه طالما صح ومغلطتش واديني معرفك.
تطلع نحو شقيقته وواصل حديثه بنبرة اهدأ
:- ارتاحي انتي ياسما نبقى نكمل كلامنا بعدين ياحبيبتي لما نبقى لوحدنا.
ظلت صامتة كما هي بخوف لا تعلم ماذا يجب عليها أن تفعل او تتحدث وهي في أمر هكذا، كانت نظرات فاروق حادة غاضبة كأنها ستقـ تله لكن جواد لم يبالي ووقف يطالعه بجدية يخبره بنظراته انه لن يفعل شئ خاطئ ليصمت لأجله.
سار فاروق تاركًا الغرفة بخطوات واسعة غاضبة مقررًا ألا يصمت في ذلك الأمر بل سيفعل كل شئ حتى يجعله مستحيل..
غمغمت سما بتوتر وخوف بعدما ذهب والدها
:- جـ… جواد بابا شكله مش هيسكت باين عليه أنه مش هيوافق خالص مهما حاولنا.
ابتسم لها بثقة لتهدأ وتطمئن عندما رأي حالتها الخائفة وأجابها باتزان
:- متخافيش اللي عاوزه ربنا هو اللي هيحصل اهدى بس وعاوزك تركزي في دراستك اهم حاجة.
ابتسمت له بهدوء وحنان فسار هو الآخر تارك الغرفة ليتركها ترتاح شاعرًا بالدماء تغلي داخل عقله من والده القاسي الحاد الطباع، الذي دومًا يتعامل معه بقسوة دون النظر لمشاعر مَن حوله.
ولج جواد الغرفة بغضب وجسد متشنج ذو عروق بارزة، فرمقته رنيم بدهشة متعجبة لحالته التي تبدلت تمامًا بعد عودته من غرفة شقيقته.
اقتربت منه بهدوء جالسة بجانبه متسائلة بتعقل
:- في إيه مالك ياجواد؟ ايه اللي زعلك كدة ما انت كنت راجع كويسة؟
ابتسم بهدوء أمامها حتى لا يجعلها تشعر بشئ مغمغمًا بلا مبالاه
:- مفيش حاجة يا رورو متشغليش أنتي بالك بس.
رمقته بعدم اقتناع وكادت تتحدث لتفهم ما به لكنها وجدته يضع رأسه فوق ساقها بهدوء لينعم من حنانها واقترابها منه الدائم، بدأت تمرر يدها بين خصلات شعره بحنان متسائلة بقلق
:- جـ… جواد أنت متأكد انك كـ… كويس بجد؟ في إيه مزعلك؟
تناول كفها طابعًا فوقه قبلة حانية بهدوء
:- متخافيش أنا كويس اهو خليكي معايا بس.
اومأت تنفذ ما يريده بخوف من حالته، ظلت صامتة لكنها تشعر بالقلق خوفًا من أن يكون به شئ، لكنها ستتحدث معه في وقت آخر لتفهم ما به، وقبل أت يمر شئ وجدته يتحدث هو مغمغمًا بحزن
:- مش عارف هو عاوز ايه ولا بيعمل معايا كدة، دة أنا ابنه، هو في أب بيعمل كدة في ابنه.
أجابته بحزن شديد متذكرة تطابق حديثه وأفعال والده بافعال والديها القاسية عليهما
:- في ياجواد في اكتر من كدة بكتير، في بيرموا عيالهم ولا بيسألوا فيهم حتى، انا اكتر واحدة مجربة.
اعتدل في جلسته عندما شعر بدموعها التي تسيل فوق وجنتيها بحزن محتضنها مغمغمًا بحنان
:- انا جوزك واهلك وكل حاجة ليكي سيبك من الكل اعملي زيي، خليكي قوية زي جوزك حبيبك.
ابتسمت لطريقته معها وسندت رأسها فوق صدره مغمغمة بشغف لتجعله ينسى كل شئ يحزنه
:- انت عارف ان انت الحاجة الوحيدة الحلوة في حياتي كلها، مش عاوزاك تزعل ابدا.
صمتت لوهلة بحزن وغمغمت متسائلة بحزن ودموعها تسيل فوق وجنتيها بصمت
:- تفتكر كـ… كنت هبقى أم كويسة و.. ولا ربنا عـ… عمل كدة عشان هبقى أم وحشة.
ابتسم بهدوء ليخفف عنها مقبلًا كفها بحنو بعد استماعه لحديثه الذي يقطع أنياط قلبه
:- والله ما في أم ولا ست في الدنيا كلها احلى منك، دة أنا محظوظ أوي عشان ربنا جمعني بيكي.
حديثه يجعلها تنسي كل حزنها تنسي ذاتها باكملها تود أن تنعم باقترابه منها وحنانه عليها فقط، لم ينتظر بل اقترب بشـ فتيه طابعًا اياهم فوق خاصتها بعشق لينال من جمالها الساحر الذي يسلبه عقله، بادلته عشقه بسعادة أصبحت تحب جميع تفاصيلهم الخاصة وطريقته الدائمة معها..
❈-❈-❈
في الصباح…
ولجت مديحة المكتب الخاص بفاروق مغمغمة بجدية غاضبة تظهر عدم رضاها ونفاذ صبرها
:- فاروق مش كفاية كدة، أنا اروى بدأت تزعل وتزهق وأنا كمان، وابنك عايش حياته مع البت دي كأنه ماصدق، لأمتى هيفضل كدة ماخلاص يرميها ونخلص.
تنهد بجدية وعقله يفكر في أمر آخر، وغمغم يجيبها ببرود
:- هو لحق يامديحة ما تهدي شوية هو هيزهق منها بس اصبري، بعدين لما يلاقيني عاوزه يسيبها هيتمسك بيها أكتر لكن كدة هيزهق ويرميها من نفسه.
مصمصت شفتيها بضيق مردفة بتهكم ساخرًا
:- اه بنتي تقعد مستنياه لغاية مايزهق وأنت مش هتدخل، بس دة مش كلامنا يافاروق ولا اتفاقنا أنت بترجع في اتفاقك كدة ودة هيزعلنا كلنا.
هدر باسمها بعنف حاد أخرسها مشددًا فوق حديثه، عالمًا جيدًا ماتعنيه بحديثها الماكر
:- مـديـحـة بلاش الأسلوب دة أنتي عارفة كويس أوي أنه مش معايا، أنا فاروق الهواري اللي يقف قدامي امحيه من على وش الأرض مينفعش تنسي كلامي لانك بتغلطي لما تنسي إنك بتتعاملي مع فاروق الهواري.
لم تتراجع عن حديثها مثلما تفعل دومًا بل ردت عليه بجدية هي الأخرى
:- أنا منستش حاجة بس أنت بتظلم بنتي بعد ما اتفاقنا وخلصنا الاتفاق دة من زمان.
هب واقفًا بجسد متشنج غاضب مغمغمًا بعصبية ضارية مسيطرة عليه
:- أنا مش فايق لكلامك بتاع كل شوية أنا لسة عند كلامي وبنفذه، شوفي مين اللي منفذش كلامه بقى وبيقول كلام عالفاضي.
قطبت مابين حاجبيها بدهشة متسائلة بعدم فهم
:- منفذتش إيه وقولته على الفاضي؟ مانا عملت كل حاجة من زمان؟
تنهد بصعداء ناهيًا ذلك الحديث بحزم مشدد
:- أنا مش قصدي كدة، انتي مش قولتي هتبعدي سما عن موضوع الواد النصاب دة منفذتيش ليه كنتي بتثبتيني؟
ضحكت ببرود بعدما علمت مايريده مغمغمة بجدية وبرود
:- ماهي بعدت عنه اهو بعدين انت مكبر الحوار على الفاضي دة برصاصة كان زمانه خلص.
لازال رافضًا تلك الفكرة مغمغمًا بتعقل جاد
:- ملوش لازمة اننا نعمل حاجة زي دي، بعدين جواد كان بيسأل عنه يعني لو الواد حصله حاجة جواد هيعرف ومش هيسكت وقتها.
ازدادت ضحكتها ساخرة بعدما طالعته بدهشة من طريقته الغير معتادة، وغمغمت متسائلة بمكر لتشعل النيران بداخله كعادتها
:- إيه يافاروق مالك شايفاك متغير، عامل حساب لجواد كدة ليه من امتى وأنت بتفكر كدة
أجابها بحدة وشموخ ولازال متمسكًا برأيه بتعقل
:- دة الصح واللي لازم يحصل مينفعش اتصرف بالسرعة دي انتي اللي مش فاهمة وبتتعاملي بتهور من غير ما تفكري في اللي بتعمليه.
رمقته بعدم رضا عندما رأته يقلل منها، وأجابته بغيظ غاضب
:- لأ وماله ابقى اغير طريقتي زي ما أنت عملت.
لم يهتم بحديثها الذي بلا فائدة وسألها مردفًا بجدية ونفاذ صبر
:- سيبك من دة كله يامديحة هتعرفي تتصرفي في حوار سما زي ماقولتي ولا اشوف حل تاني.
التمعت عينيها بشر وابتسامة ماكرة تشبهها زينت محياها مغمغمة بثقة وخبث مقررة انتهاز تلك الفرصة جيدًا
:- لا هعرف اعتبره حصل وبعد عنها أنا هتصرف بطريقتي احسن تلاقي جليلة هي كمان بقت واقفة معاها وتجوزها.
لم يعقب على حديثها فرمقته بغيظ وخرجت من الغرفة متمتمة بجدية
:- خلص حوار ابنك دة بسرعة عشان أروى زعلانة.
خرجت من الغرفة تاركة إياه يفكر بصمت لما سيفعله مع أولاده الغير متفقين معه في شئ، هما حقًا يشبهون جليلة في جميع صفاتها وحنانها وهدوءها وقلبها الطيب، هي مَن زرعت بهم جميع الصفات الجيدة بالرغم من تضادها مع صفاته تمامًا وها هو الآن معترض على أفعالهم دومًا ويحاول إفسادها..
❈-❈-❈
بعد مرور يومين…
جلست رنيم مع جليلة متمتمة بهدوء عندما رأت معاملتها الجيدة لها في الفترة السابقة وحنانها الدائم في التعامل معها
:- انتي طيبة أوي ياطنط جليلة جواد طالع زيك في حاجات كتير.
احتضنتها جليلة بسعادة مربتة فوق ظهرها بحنان وأجابتها بفخر مبتسمة
:- جواد فعلا واخد كتير مني ربنا يحفظه لينا، ومش عاوزاكي تزعلي من أي حاجة حصلت أنا زي مامتك ولو عاوزة أي حاجة قوليلي.
ابتسمت بارتياح غير مصدقة أنها زوجة فاروق، كيف لها ان تتزوج من شخص مثله هي تختلف عنه في كل شئ، لجواد كل الحق لتعلقه بها وخوفه الدائم عليها، ابتسمت تجيبها بهدوء
:- شكرا بجد ياطنط انتي جميلة اوي، كـ… كنت خايفة بصراحة احسن تكوني زعلانة مني عشان اللي حصل.
ربتت فوق كفها بحنان لتطمئنها مردفة بتعقل هادئ هي الأخرى مراعية كل كلمة تتفوهها حتى لا تجرحها
:- لا ياحبيبتي طبعا هزعل منك ليه، دة أنا محظوظة أن جواد اتجوز واحدة زيك، وبعدين دي حياتكم اعملوا فيها اللي يعجبكم جواد مبيعرفش يسمع لأي حد مهما حصل.
أنهت حديثها طابعة قبلة رقيقة فوق رأسها وكأنها تتحدث مع سما ابنتها، تعاملها برفق ولين تخشى أن تزعجبها بأي كلمة عالمة بشعورها جيدًا.
في تلك الأثناء أتت سما التي غمغمت بمرح عندما رأت ذلك المشهد
:- الله بقى دة الحب كله رنيم هتاخده الواحد يغير منك أنا مستحملة جواد بس يبقى جواد وماما.
ضحكت رنيم مبتعدة عن جليلة بهدوء ولأول مرة تشعر بالدفء والأمان، الأطمئنان والسعادة، منذُ أن تزوجت وهي تشعر كأن حياتها تبدلت تمامًا إلى أخرى، تنال قدر من السعادة كبير لم تشعر به من قبل طيلة حياتها، هناك العديد من الأشياء الجيدة التي تبدلت في حياتها المظلمة كل شئ تبدل بوجودها مع جواد.
ظلت جالسة مع تتحدث مع والدته وشقيقته بارتياح ومرح الى أن عاد جواد من الخارج وسار بصمت وخطوات واسعة متجهًا إلى غرفته من دون أن يفعل شئ، قطبت جبينها بدهشة غير عالمة مابه وغمغمت بهدوء مستأذنة منهم
:- عن أذنكم هطلع عشان اشوف جواد.
ابتسمت جليلة باستحسان تحثها على الذهاب إليه خاصة بعد علمها بأن هناك شئ ما يزعج ابنها.
صعدت رنيم الغرفة وجدته يبدل ثيابه بملامح جادة تؤكد ظنها بأن هناك شئ ما لايرام.
سارت مقتربة منه بهدوء محتضنه أياه من الخلف متسائلة باهتمام وقلق لأجله
:- في إيه ياجواد مالك؟ ايه اللي حصل ومزعلك كدة؟
تنهد بصوت مرتفع مغمغمًا بجدية تامة لم تعتاد عليها منه
:- مفيش يارنيم سيبيني لوحدي دلوقتي شوية مشاكل في الشغل.
وجدته يبتعد عنها متجاهلًا وجودها معه وجلس بصمت، طالعته بذهول متعجبة لفعلته الغير معتادة واقتربت منه مرة أخرى جالسة بجانبه واحتضنته بهدوء متسائلة
:- إيه اللي حصل ياجواد في إيه؟
ابتسم على فعلتها بهدوء لكنه غمغم بجدية
:- مفيش شوية مشاكل في الشغل وأنا بحب ابقى لوحدي هفوق واحكيلك.
اومأت برأسها مبتعدة عنه بهدوء لتجعله يرتاح كما يحب، وغمغمت مقترحة
:- طب تحب انزل اعملك قهوة مش أنتَ بتحب تشربها بليل واجهزلك الأكل.
لم يرفض طلبها لانه كان يحتاجه فهمهم موافقًا بهدوء
:- ماشي بس متتأخريش اعملي القهوة بس مش عاوز حاجة تاني.
أسرعت تنفذ طلبه منها بدقة لعلها تستطع فهم مايحدث معه ولما هو منزعج هكذا؟
صعدت مرة أخرى الغرفة بعدما انتهت من أعداد القهوة الخاصة به التي كانت تهتم بها وكأنها تفعل شئ مستحيل، متذكرة مدحه الدائم لها عندما تعدها لأجله في كل مرة.
تناولها منها بهدوء عندما رآها وبدأ يرتشفها مغمغمًا بحنان طابعًا قبلة رقيقة فوق كفها
:- تسلم ايدك بجد احلى قهوة بشربها لما تبقي انتي اللي عاملاهالي.
ابتسمت بسعادة متطلعة أرضًا بخجل فأسرع يضمها داخل أحضانه بشغف فحاولت التخلص من خجلها الدائم متسائلة اياه بنبرة خافتة متلعثمة
:- ا.. ايه بقى كان مالك راجع متضايق اوي؟
شدد من ضمه لها بين ذراعيه وأجابها متنهدًا بجدية
:- مفيش شوية ضغط في الشغل وشغال على قضية صعبة اليومين دول.
ابتسمت مردفة بهدوء محاولة التخفيف عنه بعدما شعرت بكم الجهد والضغط الذي يشعر به
:-متقلقش ياحبيبي ربنا معاك.
لم يستطلع منع ذاته خاصة وهي بين يديه، فاسرع ملتقطًا شفتيها بحنان ورغبة ملتهفة وهو كل مرة يقترب منها يشعر وكأنها مرتهما الأولى، هي قادرة على تحويل كل ما به، رؤية عينيها تفقده صوابه وعقله تمامًا، هي ساحرة تسحره كل يوم في عشقها، تحدث مغمغمًا بصوت اجش وهي تلتقط أنفاسها اللاهثة
:- هو أنا قولتلك أنك وحشاني اوي انهاردة.
حركت رأسها نافية بخجل وأجابته بتوتر خافت
:- لـ… لا بس احنا كنا بنتكلم دلوقتي.
ضحك بصخب ويديه تعبث في ملابسها ليحررها منهم مغمغمًا بمرح
:- لا كلام إيه دة شغل عندي، بس مفيش أحلى من الكلام دة وحياة عنيكي اللي مدوخني دول.
رمشت بأهدابها عدة مرات بخجل مستسلمة لعشقه لها بل تبادله بشغف وعشق هي الأخرى، لتدلف معه في رحلة عاشقة سعيدة لقلبها، يكن هو المتحكم بجميع تفاصيلها بما يشاء..
❈-❈-❈
في الصباح الباكر…
انتهزت مديحة تلك الفرصة الذهبية التي آتت إليها دون مجهود منها، وتوجهت نحو غرفة رنيم منتهزة عدم وجود أحد معها في المنزل بعد ذهاب الجميع إلى أماكن مختلفة.
وجدت مديحة رنيم لازالت نائمة غير واعية بشئ تطلعت نحوها بحقد والشر يتطاير من عينيها الملتهمة لجسدها الشبه عـ اري أمامها بكره، أسرعت مقتربة منها صافعة إياها بقوة ضارية لتجعلها تستيقظ بغل جاعلة الدماء تسيل من فمها.
فتحت رنيم عينيها متألمة بوجع واضعة يدها فوق وجنتها ولازالت لم تستجمع مايحدث لها إلى أن آتى إليها صوت مديحة الماكر
:- إيه ياختي نايمة ولا على بالك فاكرة أنك ارتاحتي مني شكلك متعرفيش أنا مين، أنا اللي مش هتخلصي مني غير لما أخد روحك بأيدي.
طالعتها بصدمة جمّدت جميع أطرافها وظلت ثابتة مكانها بذهول وأسرعت تغطي ذاتها بشرشف الفراش متمسكة به لتحمي ذاتها شاعرة بالخوف من نظرات مديحة المصوبة نحوها بكره، تشعر أنها كالفريسة التي سقطت إليها لتفترسها وتفعل بها ما يشاء، ستفعل هي ذلك حقًا مستغلة غياب الجميع.
حاولت رنيم الزحف إلى الخلف مبتعدة عنها لعلها تستطع الهروب من نظراتها لكن كانت مديحة تقترب منها بشر مبتسمة تطالعها بنظرات أرعبت تلك المسكينة التي لا تعلم ماذا ستفعل لتهرب؟!
❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈
يتبع…