رواية احببت كاتبا الفصل الرابع عشر14 بقلم سهام صادق
الفصل الرابع عشر
*************
وأقترب منها بعدما وقفت هي مذعوره ولم تهرب للداخل كما فعلت أروي كي تتفادي بطشه، وألتفت اليه وضربات قلبها مازالت تتسارع
الي ان سلطت ببصرها علي شئ ما ، جعله يطالعها بجمود افزعها لتنطق خيرا وهي تتنحنح خوفا
جنه : هو ايه اللي وراك ده
ليلتف جاسر بجسده القوي، كي يري ماكان بصرها مُعلق عليه ، ليجدها قد خدعته بدهاء طفله .. ليقبض علي يديه بقوه وضباب الشر يتطاير من عينيه قائلا : بتضحكي عليا جنه ، ده علي اساس مافيش أوضه هتجمعنا .. ماشي ياجنه مبقاش جاسر العامري ام خليتك تعرفي تضحكي كويس
وظل صوت ضحكاتها يعلو علي مسمعه عندما هربت من برثانه ونجحت لعبة خداعها له، ولكن شئ ما كان يجعله يعيد كل تفاصيل هذه اللحظه التي وقفت فيها مذعوره منه بأنف ووجهه مُلطخ بالدقيق بعشوائيه وخصلات شعرها قد هربت من حجابها بتمرد وسقطت علي اعينها لتأخذ ايضا نصيبها من عبث الدقيق .. الي ان حرك رأسه بقوه وهو يتوعد لها بالشر الذي يتطاير فوق رأسه الان
..............................................................
اتسعت ابتسامة فاتن وهي تحمل بيدها المبلغ الضخم الذي تبارع به صحابه الان ، لتطالعه ببريق لامع من الفرحه حتي نطقت اخيرا : ربنا يباركلك ياعامر بيه ، وشكرا انك قبلت دعوة الدار النهارده
ليحرك عامر رأسه بإيمائه بسيطه وبرضي يمتلك قلبه الي ان قال اخيرا : اوعدك ان زيارتي مش هتكون اول واخر مره
ليعلو صوتها خلفهم قائله: ماما فاتن انا هبدء بفقرة الأراجوز دلوقتي
فتشير اليها فاتن بالأقتراب اكثر قائله : حياه هي اللي كتبت عنوان الدعوه (دي دعوه من ربنا ليك ، حاول تفوز بيها )
ليرفع عامر بيده كي يُسلم عليها ، فأبتسمت هي بحبور واخرجت من جيب تنورتها احد البلالين قائله : اتفضل
فما كان منه غير انه ابتسم ، من مغزي تلك الهديه .. فناولته الهديه بأطراف أناملها وهي سعيدة بأنه قد تقبل رفضها بأن تصافحه
الي ان أبتسمت فاتن قائله : روحي ابدأي فقرة الاراجوز ياحياه ، عشان استاذ عامر يحضرها لانه شكله مستعجل
لتتحرك حياه من امامهم وهي سعيده بأن دعوتها لأصحاب المال قد أثرت فيهم ومعظمهم قد أتوا بأنفسهم ..فيركضوا اليها بعض الاطفال ضاحكين وهم يحتضنوها بهداياهم الجميله التي جُلبت اليهم من البعض .. وامسكوا بأيديها
وكأنها هي وحدها هديتهم الجميله في الحياه كأسمها
فيطيل عامر النظر الي كل ما يحدث ، حتي اخيرا أبتسم بسؤال ظل يلح في ذهنه منذ ان رأها عند باب حديقة الملجئ تطعم احد الكلاب
عامر : هي ديه مربيه هنا
لترد عليه فاتن قائله : لاء يابني ديه متطوعه هنا من 5 سنين ، بتساعد الاطفال وبتهون عليهم حياتهم .. حياه وهي حياه فعلا
................................................................
جهدت نفسها ان تظل هادئه حتي يبتعد بأنفاسه الساخنه عن وجهها ، فطال تحديقه بها حتي قال : انا عارف انك صاحيه ياجنه ، متحاوليش تهربي مني بالنوم .. بدل ما اعمل حاجه اخليكي تندمي عليها
لتتمالك نفسها من تهديده لها ، وتهدء من أضطربات تنفسها وضربات قلبها الذي ينبض بقوه من اثر قربه الذي اطغي علي جسدها الدفئ ..
ليقترب منها جاسر اكثر ، بطريقه جعلتها تشهق بفزع وهي تلامس شفتاها بأناملها المرتعشه، فقد كان سيقبلها
وفي لحظه نفضت نفسها من أريكتها ووقفت عليها كالملسوع ، وهي تصرخ قائله : انت قليل الادب
ليضحك جاسر ساخرا بهيئته التي جعلتها تنتفض اكثر فقد كان عاري الصدر لا يرتدي سوا بنطالا قطنيا .. وشعره مبلل بطريقه جعلتها تغمض عيناها بقوه من هول ما يحدث معها
واخيرا نطق بخبث : عشان متحاوليش تلعبي معايا تاني سامعه ..واتجه ناحية علبة سجائره ليشعل احدي السجائر بتمهل قائلا : انتي هنا في بلد في الصعيد ، والناس هنا ليها قواعد غير مكانتي وسط الناس بحذرك من اي تصرف يهز صورتي ، لا الا هوريكي الجزء الاوحش من جاسر العامري .. واللي حصل النهارده هعتبره غلطه
وألتف اليها كي يري هل تقف كما كانت تقف خائفه منتفضه الا انه وجدها مستلقيه علي الاريكه تعبث في هاتف قديم بطريقه عشوائيه فلو كان حديثا لكان ظن انها تتصفح مواقع النت ولكن هيئته الرثه دلت علي انها تبعث بأزراره فقط كالبلهاء
فأستشاط غضبا من برودها حتي اقترب منها ومال عليها قائلا : طب برود ببرود بقي ياجنه ، قومي هاتي مايه سخنه واغسليلي رجلي .. ما انا النهارده حابب ألعب معاكي لعبة القط والفار
لتبتسم هي بأبتسامه واسعه ، وتقف قائله ببرود اكثر : حاضر
لتتطاير نيران الشر في عينيه ويضغط علي شفتيه الغليظه بقوه وهو يحادث نفسه : ماشي ياجنه
وبعد لحظات .. كنت تجلس تحت قدميه تُدلكها له بتمهل حتي قال هو بهدوء : قولتلك اللعب مع جاسر مينفعش
لترفع هي وجهها المتعرق قائله : هو انت فاكر أن انا بعمل كده عشان خايفه منك ، يبقي للاسف مفهمتنيش ياابن العامري .. بس انا برضيك عشان رضي ربنا
ثم قالت بخبث بمثال لخبثه بل أكثر
جنه :وغير اني لما اطلب منك وانا تعبانه تغسلي رجلي تبقي تغسلها ليا
فتقف حركة قدميه عن الحركه ليرفع بأحد حاجبيه قائلا : نعم ياختي
جنه : اه وفيها ايه ، هقدم السبت عشان الاقي باقي الاسبوع ..غير ان اللي أنا أعرفه ان سيادة النائب راجل خدوم واللي بيقدم ليه خدمه بيقدمله عيونه ولا ايه
لينتفض جاسر من وضعته تلك ويبتعد عن طبق الماء قائلا : نجوم السما أقربلك ، وشكلي اتهونت معاكي في حاجات كتير
فنهضت قبلته قائله بجمود : هتضربني تاني ، بس افتكر ان كل ضربه هتضربهالي بتفقد فيها رجولتك
ليصرخ بها عاليا بقوه : اطلعي بره الاوضه مش عايز اشوف وشك السعادي ،غوري نامي في اي مكان تاني
لتترك له غرفته التي يدور بها كالمجنون يلعنها فيها
فتضحك هي بسعاده علي درجات السُلم الرخامي وهي تهبط لأسفل ، فتتلاقي اعينها بأعين أروي التي قالت بندم :
انا أسفه ياجنه !
................................................................
اغمض عيناه بقوه وهو يطرد أحداث ذلك اليوم من عقله ، فقد اصبح يكره التفكير في اي يوم يمر عليه ولكن اليوم كان مختلفاً تمام عن باقي الايام .. ليتذكر تفاصيل يومه في دار الايتام ويتذكرها هي خصيصاً وكيف انتهت حفلته بأخر نظره قد ألقاها عليها قبل الرحيل .. فتمايل بجسده علي جانبه الايمن وهو يري تفاصيل ملامحها في خياله فلم تكن بارعة الجمال فجمالها الاكثر كان يشع من حنان عينيها الذي يطغي عليه الحزن اكثر فيتأوه من افكاره .. ويعود ليتسطح علي ظهره وعيناه تطالع عدد لمبات نجفة حجرته
لتأتي صورة من كانت تجمعه علي طاولة العشاء الذي قد دعاه اليه أكرم ..فالعروس حقا كانت رائعه من ثقافه وجسد كعارضات الازياء وجمال أظهرته أكثر مساحيق التجميل ، وحتي حديثها لا يمل منه أحداً فقد اعجبته حقا ولا ينكر ذلك
ولكن ظل اسمها يضرب بذهنه يذكره بها وحدها : حياه !
.................................................................
كان الملل يتملك كل جزء من ذهنها فلا شئ يُسليها في ذلك المنفي ، رغم انه منفي جميلا وبجانب من تمنته دوماً إلا انه كالجليد مثل صاحبه .. فتنفست صفا بأضطراب وهي تُفكر في شئ تفعله الا ان وقفت امام دولابها الذي قد ملئه لها ذلك الجافي بملابس أكراما لها لموافقتها علي هذا الزواج محدود المُده .. وأخذت بتنوره قصيره لا تعرف كيف جلبها لمحجبه ونظرت الي تلك البلوزه رائعة التصميم فقد كانت سكرية اللون بسيطة الشكل مع اضافات بسيطه من لمسات الجمال
وأرتدتهم بسعاده غارمه ، وظلت تدور بالتنوره القصيره علي احد النغمات وشعرها يتطاير نحوها .. لتتذكر رقصتها التي أصرت عليها ناهد بأن ترقصها وسط صباح وسعاد رفيقاتها بالقصر .. ليأتي صورة ناهد بذهنها فتتذكرها وهي تتمني محادثتها ولكن اين هاتفها فقد تحطم منها قبل ان تأتي هنا .. فجلست علي فراشها بأسي .. وضاعت فكرة جنونها مع أحزانها
ومع مشاعرها الحزينه المشتاقه ، لم تسمع صوت طرقات باب حجرتها ودخوله اليها وهو يضع هاتفه علي أذنيه قائلا لما يحادثها : ثواني ياماما هخليكي تكلميها
ورفع بهاتفه قائلا : صفا .. ماما عايزه تكلمك لانك وحشاها
فتنهض صفا بسعاده من فراشها غير مُدركه لما ترتديه امامه ، وتتمايل بحركاتها وضحكاتها مع ناهد التي عُلم من محادثته معه أنها سُعدت عندما تزوجها رغم انها تجهل تفاصيل هذا الزواج
فظلت عيناه تتأملها بتفحص ، حتي أنهت هي مكالمتها بسعاده قائله وهي تعطيه هاتفه : عارف انا كان نفسي أكلمها اووي ، مكنتش عارفه ان ربنا هيحققلي امنيتي بالسرعه ديه
ولكن لا ردود كانت علي وجهها ، لتبرق عينيها من هول ما جاء في ذهنها ، فهو يراها الأن بتلك المسخره
حتي صرخت وهي تركض من امامه قائله : الله يخليك غمض عينك
وتركت الغرفه ، وتركته وهو يضحك بقوه علي ردود أفعالها الغريبه
احمد ضاحكا : مجنونه فعلا ياصفا ، ولذيذه كمان وبدون أن يشعر وجد نفسه يبتسم ليقول : وجميله كمان
.................................................................
ظل عقلها شارد بأحداث يومها المخجل امامه ، ولكن ما يشغلها أكثر لماذا دوما يصر علي قضاء امسية مسائه معاها
لتتأمل أحد الكُتب الانجليزيه بملل ، فقد اشتاقت لرواياتها البسيطه وليست هذه الكُتب المعقده التي تحكي عن الحروب والريف الأنجليزي والخيال العلمي .. لتفر أوراقه بملل
فيضحك هو قائلا : مش عجبك الكتاب ياصفا
لتحادثه وهي مازالت خافضة وجهها بين سطور ذلك الكتاب
صفا : بصراحه مش عارفه اقراه ، انا كويسه في الالماني بس الانجليزي لاء بصراحه لغتي فيه ضعيفه شويه
ليضحك احمد ناهضا من كرسيه البعيد عنها واقترب منها وهو يمسك بأحدي كُتب الشعر قائلا : تحبي تقري شعر
فأبتسمت هي بسعاده فحبيبها يقرء شعر ، فظل قلبها يرفرف كالطير السعيد
صفا بمشاغبه : بس ياريت يكون مترجم ، ما انا مش لسا هترجم سطر سطر
ليجلس بجانبها ضاحكا اكثر من بساطتها
احمد : لاء متخافيش ياستي انا هترجملك وهقرهولك كمان
ويا للصدمه حبيبها يقرء شعراً عن الرثاء ، فتغمض عيناها وهي تتمتم : رثاء ..
............................................................
أجازتها تقضيها تنظف البيت بأكلمه من مسح وكنس وتلميع وطبخ ، وزجة اخ تطالعها بتأفف
سناء : ما تشهلي ياست حياه ، ولا عايزه اخويا مسعد يجي يلاقي البيت يضرب يقلب ، والأكل لسا مخلصش
لتطالعها حياه بأرهاق قائله : معلشي ياسناء هخلص اه ، ما انتي عارفه غسيل الهدوم اخد اليوم كله مني
سناء : عشان تعرفي بس انا بشيل عنك ازاي
لتبتسم لها تلك المسكينه برضي قائله : ربنا يعينك يامرات اخويا
وتنهض سناء من جلستها قائله بخبث : مسعد هيقرء فتحتك النهارده مع رجب.. هو رجب ملقيش
حياه بصدمه : رجب وافق عليه !
..........................................................
اليوم هو قدوم عمتها وعمها من العمره ولكن ماجعلها تتألم اكثر هو ان لا أحد قد سأل عنها كي يصطحبوها معهم لا أروي ولا حتي هو وكأنها لا شئ، فسقطت دموعها وهي تقف في المطبخ وسط هاتان الخادمتان اللاتي يعملان بهمه لتقول بعدما أزالت أثردموعها سريعا
جنه : اساعدكم ياخاله هنيه في حاجه
لتشهق السيده فزعاُ وهي تراها تشمرعن كلتا ذراعيها وتهم بالمساعده
هنيه : لا ياست جنه ، متودنيش في داهيه ياغاليه انا وصالحه هنخلص كل حاجه قبل الحج والحجه مايجوا
لتبتسم جنه بسعاده قائله : وفيها ايه ياخاله هنيه ، هو انا مش زي صالحه بنتك .. خليني اساعدكم انا قاعده فاضيه
فتقبل تلك السيده تنفيذ رغبتها الطيبه وتظل هي تمازحهم حتي قالت صالحه بتلقائيه : هو انتي مروحتيش ليه مع جاسر بيه جوزك ياست جنه ، فاخر بيه اخد معاه الست هدي وكمان اروي .. اشمعنا انتي
لتلجمها امها قائله : مالكيش صالح بلي بيحصل ياصالحه ،اسكتي خالص
فتتحمل جنه كلماتها الغير مقصوده وتبتسم برضي قائله : ها هنعمل ايه تاني ،قبل ما يجوا من ...
وكادت ان تكمل كلماتها الا انها وجدت كل من يعمل بالبيت الكبير يفر ، لسماع طلقات النار وصوت السيارات يعلو خارجا ...
فتقف مفزوعه ، وتسير خارج المطبخ مثل الباقيه .. وتقف تنتظر عمها وعمتها بفرحه ، ولكن الصدمه ألجمتها وهي تري تلك المدعوه نيره تحاول ان تتشبث في ذراعيه وتمازحه بمياعه
وما افاقها من شرودها صوت عمها صفوت وهو يمد يدهه لاول مره كي يصافحها بعدما طردها اشد طرده عندما جائت تطلب مساعدتهم
صفوت : اهلا ببنت اخويا الغالي ومرات ابن اخوي
...............................................................
ظلت دموعها تهطل بقوه وهي تسمع أخاها يكل من عبئها رجب : هتفضلي لحد امتا ترفضي اللي بيتقدمولك ياحياه ، مسعد راجل مش هتلاقي زيه ..
لتضحك هي بأسي قائله : مش عايزه اتجوز يارجب ، وبالذات مسعد الله يخليك
واقتربت منه وهي تمسح دموعها : انت زهقت مني يارجب ، لو عايزني اطلع من البيت وأروح اعيش عند خالتي همشي يا اخويا
ليخفض رجب رأسه ارضا قائلا : لازم تتجوزي مسعد ياحياه ، مسعد كاتب عليا شيك كبير اوي لا الا كده اخوكي هيتحبس ياحياه
وتركها راحلا بجزع وهو يُتمتم بأسي :
انا أجلت كتب الكتاب لأسبوعين قدام نكون جهزنا حاجتك ..
...............................................................
الألم يزداد اكثر واكثر في قلبها ، لتجدهم جميعهم يجلسون يتمازحون الا هي تجلس في زاوية بعيده تتلاعب بتطريز عبائتها الورديه وتتذكر حديث امها عندما حادثتها صباحاً
صافيه : الست الشاطره تكسب جوزها يابنتي ، وجوازات كتير كانت كده ونجحت بالعشره والموده .. ابن عمك راجل ميعبهوش حاجه متضيعهوش من ايدك
لتهاتفها جنه برجاء قائله : انتوا هتيجوا تزوروني امتا ، ولا خلاص نستوني هنا
فتضحك صافيه قائله : نسناكي مين ياهابله ، قريب اوي هنجيلك انا وابوكي
ليقطع شرودها صوت عمها حسن قائلا : تعالي يامرات والدي جنبي ، وتابع بحديثه قائلا :جوزك زهقني من كلامه اللي كله عن الشغل والاراضي
فأقتربت هي منهما بتوتر ونظراته المُتحجره تحرقها بقوه ، الي ان نطقت تلك الحرباء
نيره : ومينفعش اقعد انا جنبك ياجوز خالتي
ليتمتم حسن بخفوت لم يسمعه سوا جاسر الجالس بجانبه : قبر يلم العفش
فينطق هو اخيراً بعدما تطلع الي اخاه فاخر الذي يجلس يحمل طفله ويداعب زوجته بالحديث ، وايضا هاشم الذي يختلس النظرات بينه وبين ياأروي ليعلو صوته قائلا : عايزك يافاخر انت وهاشم في المكتب
ويترك لها المكان كله وكأنها وباء ينقل له العدوه عندما تُجالسه نفس الاريكه .. فتنهض تلك الحرباء وتقترب من احد أذنيها
نيره : اول ماقربتي مننا القاعده باظت ياساتر عليكي بومه !
.............................................................
اسبوعا طويلا قد مر عليه وهو يقاوم رغبته في الذهاب الي ذلك الملجئ ، ولكن كيف يفكر بها وهو قد قرار داخل نفسه بأنه سيتزوج هذه الطبيبه .. التي قد اصطحبها معه أمس لقصره وتعرفت عليها ناهد ولكن كان رأيها واحد
أنها تمقت تلك الزيجه ، ولم تحب هذه الفتاه
ليتنهد عامر بضيق من مشاعره المضطربه ، فاليوم الذي تخلي عنه الماضي بعواصفه ،اصبح هاجس الحاضر والمستقبل يُحاصره واخيرا نهض من علي كرسيه وهو يلغي احد اجتماعته ويذهب الي مقصده
وعندما وصل الي مقصده ، تهللت أسارير فاتن وهي تراه يحمل الهدايا هو وسائقه
فأقتربت منه قائله : عامر بيه نورت الدار ، انا قولت خلاص مش هنشوفك تاني
ليطالع عامر المكان باحثا عنها ، ولكن لا أثر لها .. فأنتبه لحديث فاتن التي نطقت اخيرا بأسف: حياه هتتجوز ومش هتيجي الدار تاني خلاص
*************
وأقترب منها بعدما وقفت هي مذعوره ولم تهرب للداخل كما فعلت أروي كي تتفادي بطشه، وألتفت اليه وضربات قلبها مازالت تتسارع
الي ان سلطت ببصرها علي شئ ما ، جعله يطالعها بجمود افزعها لتنطق خيرا وهي تتنحنح خوفا
جنه : هو ايه اللي وراك ده
ليلتف جاسر بجسده القوي، كي يري ماكان بصرها مُعلق عليه ، ليجدها قد خدعته بدهاء طفله .. ليقبض علي يديه بقوه وضباب الشر يتطاير من عينيه قائلا : بتضحكي عليا جنه ، ده علي اساس مافيش أوضه هتجمعنا .. ماشي ياجنه مبقاش جاسر العامري ام خليتك تعرفي تضحكي كويس
وظل صوت ضحكاتها يعلو علي مسمعه عندما هربت من برثانه ونجحت لعبة خداعها له، ولكن شئ ما كان يجعله يعيد كل تفاصيل هذه اللحظه التي وقفت فيها مذعوره منه بأنف ووجهه مُلطخ بالدقيق بعشوائيه وخصلات شعرها قد هربت من حجابها بتمرد وسقطت علي اعينها لتأخذ ايضا نصيبها من عبث الدقيق .. الي ان حرك رأسه بقوه وهو يتوعد لها بالشر الذي يتطاير فوق رأسه الان
..............................................................
اتسعت ابتسامة فاتن وهي تحمل بيدها المبلغ الضخم الذي تبارع به صحابه الان ، لتطالعه ببريق لامع من الفرحه حتي نطقت اخيرا : ربنا يباركلك ياعامر بيه ، وشكرا انك قبلت دعوة الدار النهارده
ليحرك عامر رأسه بإيمائه بسيطه وبرضي يمتلك قلبه الي ان قال اخيرا : اوعدك ان زيارتي مش هتكون اول واخر مره
ليعلو صوتها خلفهم قائله: ماما فاتن انا هبدء بفقرة الأراجوز دلوقتي
فتشير اليها فاتن بالأقتراب اكثر قائله : حياه هي اللي كتبت عنوان الدعوه (دي دعوه من ربنا ليك ، حاول تفوز بيها )
ليرفع عامر بيده كي يُسلم عليها ، فأبتسمت هي بحبور واخرجت من جيب تنورتها احد البلالين قائله : اتفضل
فما كان منه غير انه ابتسم ، من مغزي تلك الهديه .. فناولته الهديه بأطراف أناملها وهي سعيدة بأنه قد تقبل رفضها بأن تصافحه
الي ان أبتسمت فاتن قائله : روحي ابدأي فقرة الاراجوز ياحياه ، عشان استاذ عامر يحضرها لانه شكله مستعجل
لتتحرك حياه من امامهم وهي سعيده بأن دعوتها لأصحاب المال قد أثرت فيهم ومعظمهم قد أتوا بأنفسهم ..فيركضوا اليها بعض الاطفال ضاحكين وهم يحتضنوها بهداياهم الجميله التي جُلبت اليهم من البعض .. وامسكوا بأيديها
وكأنها هي وحدها هديتهم الجميله في الحياه كأسمها
فيطيل عامر النظر الي كل ما يحدث ، حتي اخيرا أبتسم بسؤال ظل يلح في ذهنه منذ ان رأها عند باب حديقة الملجئ تطعم احد الكلاب
عامر : هي ديه مربيه هنا
لترد عليه فاتن قائله : لاء يابني ديه متطوعه هنا من 5 سنين ، بتساعد الاطفال وبتهون عليهم حياتهم .. حياه وهي حياه فعلا
................................................................
جهدت نفسها ان تظل هادئه حتي يبتعد بأنفاسه الساخنه عن وجهها ، فطال تحديقه بها حتي قال : انا عارف انك صاحيه ياجنه ، متحاوليش تهربي مني بالنوم .. بدل ما اعمل حاجه اخليكي تندمي عليها
لتتمالك نفسها من تهديده لها ، وتهدء من أضطربات تنفسها وضربات قلبها الذي ينبض بقوه من اثر قربه الذي اطغي علي جسدها الدفئ ..
ليقترب منها جاسر اكثر ، بطريقه جعلتها تشهق بفزع وهي تلامس شفتاها بأناملها المرتعشه، فقد كان سيقبلها
وفي لحظه نفضت نفسها من أريكتها ووقفت عليها كالملسوع ، وهي تصرخ قائله : انت قليل الادب
ليضحك جاسر ساخرا بهيئته التي جعلتها تنتفض اكثر فقد كان عاري الصدر لا يرتدي سوا بنطالا قطنيا .. وشعره مبلل بطريقه جعلتها تغمض عيناها بقوه من هول ما يحدث معها
واخيرا نطق بخبث : عشان متحاوليش تلعبي معايا تاني سامعه ..واتجه ناحية علبة سجائره ليشعل احدي السجائر بتمهل قائلا : انتي هنا في بلد في الصعيد ، والناس هنا ليها قواعد غير مكانتي وسط الناس بحذرك من اي تصرف يهز صورتي ، لا الا هوريكي الجزء الاوحش من جاسر العامري .. واللي حصل النهارده هعتبره غلطه
وألتف اليها كي يري هل تقف كما كانت تقف خائفه منتفضه الا انه وجدها مستلقيه علي الاريكه تعبث في هاتف قديم بطريقه عشوائيه فلو كان حديثا لكان ظن انها تتصفح مواقع النت ولكن هيئته الرثه دلت علي انها تبعث بأزراره فقط كالبلهاء
فأستشاط غضبا من برودها حتي اقترب منها ومال عليها قائلا : طب برود ببرود بقي ياجنه ، قومي هاتي مايه سخنه واغسليلي رجلي .. ما انا النهارده حابب ألعب معاكي لعبة القط والفار
لتبتسم هي بأبتسامه واسعه ، وتقف قائله ببرود اكثر : حاضر
لتتطاير نيران الشر في عينيه ويضغط علي شفتيه الغليظه بقوه وهو يحادث نفسه : ماشي ياجنه
وبعد لحظات .. كنت تجلس تحت قدميه تُدلكها له بتمهل حتي قال هو بهدوء : قولتلك اللعب مع جاسر مينفعش
لترفع هي وجهها المتعرق قائله : هو انت فاكر أن انا بعمل كده عشان خايفه منك ، يبقي للاسف مفهمتنيش ياابن العامري .. بس انا برضيك عشان رضي ربنا
ثم قالت بخبث بمثال لخبثه بل أكثر
جنه :وغير اني لما اطلب منك وانا تعبانه تغسلي رجلي تبقي تغسلها ليا
فتقف حركة قدميه عن الحركه ليرفع بأحد حاجبيه قائلا : نعم ياختي
جنه : اه وفيها ايه ، هقدم السبت عشان الاقي باقي الاسبوع ..غير ان اللي أنا أعرفه ان سيادة النائب راجل خدوم واللي بيقدم ليه خدمه بيقدمله عيونه ولا ايه
لينتفض جاسر من وضعته تلك ويبتعد عن طبق الماء قائلا : نجوم السما أقربلك ، وشكلي اتهونت معاكي في حاجات كتير
فنهضت قبلته قائله بجمود : هتضربني تاني ، بس افتكر ان كل ضربه هتضربهالي بتفقد فيها رجولتك
ليصرخ بها عاليا بقوه : اطلعي بره الاوضه مش عايز اشوف وشك السعادي ،غوري نامي في اي مكان تاني
لتترك له غرفته التي يدور بها كالمجنون يلعنها فيها
فتضحك هي بسعاده علي درجات السُلم الرخامي وهي تهبط لأسفل ، فتتلاقي اعينها بأعين أروي التي قالت بندم :
انا أسفه ياجنه !
................................................................
اغمض عيناه بقوه وهو يطرد أحداث ذلك اليوم من عقله ، فقد اصبح يكره التفكير في اي يوم يمر عليه ولكن اليوم كان مختلفاً تمام عن باقي الايام .. ليتذكر تفاصيل يومه في دار الايتام ويتذكرها هي خصيصاً وكيف انتهت حفلته بأخر نظره قد ألقاها عليها قبل الرحيل .. فتمايل بجسده علي جانبه الايمن وهو يري تفاصيل ملامحها في خياله فلم تكن بارعة الجمال فجمالها الاكثر كان يشع من حنان عينيها الذي يطغي عليه الحزن اكثر فيتأوه من افكاره .. ويعود ليتسطح علي ظهره وعيناه تطالع عدد لمبات نجفة حجرته
لتأتي صورة من كانت تجمعه علي طاولة العشاء الذي قد دعاه اليه أكرم ..فالعروس حقا كانت رائعه من ثقافه وجسد كعارضات الازياء وجمال أظهرته أكثر مساحيق التجميل ، وحتي حديثها لا يمل منه أحداً فقد اعجبته حقا ولا ينكر ذلك
ولكن ظل اسمها يضرب بذهنه يذكره بها وحدها : حياه !
.................................................................
كان الملل يتملك كل جزء من ذهنها فلا شئ يُسليها في ذلك المنفي ، رغم انه منفي جميلا وبجانب من تمنته دوماً إلا انه كالجليد مثل صاحبه .. فتنفست صفا بأضطراب وهي تُفكر في شئ تفعله الا ان وقفت امام دولابها الذي قد ملئه لها ذلك الجافي بملابس أكراما لها لموافقتها علي هذا الزواج محدود المُده .. وأخذت بتنوره قصيره لا تعرف كيف جلبها لمحجبه ونظرت الي تلك البلوزه رائعة التصميم فقد كانت سكرية اللون بسيطة الشكل مع اضافات بسيطه من لمسات الجمال
وأرتدتهم بسعاده غارمه ، وظلت تدور بالتنوره القصيره علي احد النغمات وشعرها يتطاير نحوها .. لتتذكر رقصتها التي أصرت عليها ناهد بأن ترقصها وسط صباح وسعاد رفيقاتها بالقصر .. ليأتي صورة ناهد بذهنها فتتذكرها وهي تتمني محادثتها ولكن اين هاتفها فقد تحطم منها قبل ان تأتي هنا .. فجلست علي فراشها بأسي .. وضاعت فكرة جنونها مع أحزانها
ومع مشاعرها الحزينه المشتاقه ، لم تسمع صوت طرقات باب حجرتها ودخوله اليها وهو يضع هاتفه علي أذنيه قائلا لما يحادثها : ثواني ياماما هخليكي تكلميها
ورفع بهاتفه قائلا : صفا .. ماما عايزه تكلمك لانك وحشاها
فتنهض صفا بسعاده من فراشها غير مُدركه لما ترتديه امامه ، وتتمايل بحركاتها وضحكاتها مع ناهد التي عُلم من محادثته معه أنها سُعدت عندما تزوجها رغم انها تجهل تفاصيل هذا الزواج
فظلت عيناه تتأملها بتفحص ، حتي أنهت هي مكالمتها بسعاده قائله وهي تعطيه هاتفه : عارف انا كان نفسي أكلمها اووي ، مكنتش عارفه ان ربنا هيحققلي امنيتي بالسرعه ديه
ولكن لا ردود كانت علي وجهها ، لتبرق عينيها من هول ما جاء في ذهنها ، فهو يراها الأن بتلك المسخره
حتي صرخت وهي تركض من امامه قائله : الله يخليك غمض عينك
وتركت الغرفه ، وتركته وهو يضحك بقوه علي ردود أفعالها الغريبه
احمد ضاحكا : مجنونه فعلا ياصفا ، ولذيذه كمان وبدون أن يشعر وجد نفسه يبتسم ليقول : وجميله كمان
.................................................................
ظل عقلها شارد بأحداث يومها المخجل امامه ، ولكن ما يشغلها أكثر لماذا دوما يصر علي قضاء امسية مسائه معاها
لتتأمل أحد الكُتب الانجليزيه بملل ، فقد اشتاقت لرواياتها البسيطه وليست هذه الكُتب المعقده التي تحكي عن الحروب والريف الأنجليزي والخيال العلمي .. لتفر أوراقه بملل
فيضحك هو قائلا : مش عجبك الكتاب ياصفا
لتحادثه وهي مازالت خافضة وجهها بين سطور ذلك الكتاب
صفا : بصراحه مش عارفه اقراه ، انا كويسه في الالماني بس الانجليزي لاء بصراحه لغتي فيه ضعيفه شويه
ليضحك احمد ناهضا من كرسيه البعيد عنها واقترب منها وهو يمسك بأحدي كُتب الشعر قائلا : تحبي تقري شعر
فأبتسمت هي بسعاده فحبيبها يقرء شعر ، فظل قلبها يرفرف كالطير السعيد
صفا بمشاغبه : بس ياريت يكون مترجم ، ما انا مش لسا هترجم سطر سطر
ليجلس بجانبها ضاحكا اكثر من بساطتها
احمد : لاء متخافيش ياستي انا هترجملك وهقرهولك كمان
ويا للصدمه حبيبها يقرء شعراً عن الرثاء ، فتغمض عيناها وهي تتمتم : رثاء ..
............................................................
أجازتها تقضيها تنظف البيت بأكلمه من مسح وكنس وتلميع وطبخ ، وزجة اخ تطالعها بتأفف
سناء : ما تشهلي ياست حياه ، ولا عايزه اخويا مسعد يجي يلاقي البيت يضرب يقلب ، والأكل لسا مخلصش
لتطالعها حياه بأرهاق قائله : معلشي ياسناء هخلص اه ، ما انتي عارفه غسيل الهدوم اخد اليوم كله مني
سناء : عشان تعرفي بس انا بشيل عنك ازاي
لتبتسم لها تلك المسكينه برضي قائله : ربنا يعينك يامرات اخويا
وتنهض سناء من جلستها قائله بخبث : مسعد هيقرء فتحتك النهارده مع رجب.. هو رجب ملقيش
حياه بصدمه : رجب وافق عليه !
..........................................................
اليوم هو قدوم عمتها وعمها من العمره ولكن ماجعلها تتألم اكثر هو ان لا أحد قد سأل عنها كي يصطحبوها معهم لا أروي ولا حتي هو وكأنها لا شئ، فسقطت دموعها وهي تقف في المطبخ وسط هاتان الخادمتان اللاتي يعملان بهمه لتقول بعدما أزالت أثردموعها سريعا
جنه : اساعدكم ياخاله هنيه في حاجه
لتشهق السيده فزعاُ وهي تراها تشمرعن كلتا ذراعيها وتهم بالمساعده
هنيه : لا ياست جنه ، متودنيش في داهيه ياغاليه انا وصالحه هنخلص كل حاجه قبل الحج والحجه مايجوا
لتبتسم جنه بسعاده قائله : وفيها ايه ياخاله هنيه ، هو انا مش زي صالحه بنتك .. خليني اساعدكم انا قاعده فاضيه
فتقبل تلك السيده تنفيذ رغبتها الطيبه وتظل هي تمازحهم حتي قالت صالحه بتلقائيه : هو انتي مروحتيش ليه مع جاسر بيه جوزك ياست جنه ، فاخر بيه اخد معاه الست هدي وكمان اروي .. اشمعنا انتي
لتلجمها امها قائله : مالكيش صالح بلي بيحصل ياصالحه ،اسكتي خالص
فتتحمل جنه كلماتها الغير مقصوده وتبتسم برضي قائله : ها هنعمل ايه تاني ،قبل ما يجوا من ...
وكادت ان تكمل كلماتها الا انها وجدت كل من يعمل بالبيت الكبير يفر ، لسماع طلقات النار وصوت السيارات يعلو خارجا ...
فتقف مفزوعه ، وتسير خارج المطبخ مثل الباقيه .. وتقف تنتظر عمها وعمتها بفرحه ، ولكن الصدمه ألجمتها وهي تري تلك المدعوه نيره تحاول ان تتشبث في ذراعيه وتمازحه بمياعه
وما افاقها من شرودها صوت عمها صفوت وهو يمد يدهه لاول مره كي يصافحها بعدما طردها اشد طرده عندما جائت تطلب مساعدتهم
صفوت : اهلا ببنت اخويا الغالي ومرات ابن اخوي
...............................................................
ظلت دموعها تهطل بقوه وهي تسمع أخاها يكل من عبئها رجب : هتفضلي لحد امتا ترفضي اللي بيتقدمولك ياحياه ، مسعد راجل مش هتلاقي زيه ..
لتضحك هي بأسي قائله : مش عايزه اتجوز يارجب ، وبالذات مسعد الله يخليك
واقتربت منه وهي تمسح دموعها : انت زهقت مني يارجب ، لو عايزني اطلع من البيت وأروح اعيش عند خالتي همشي يا اخويا
ليخفض رجب رأسه ارضا قائلا : لازم تتجوزي مسعد ياحياه ، مسعد كاتب عليا شيك كبير اوي لا الا كده اخوكي هيتحبس ياحياه
وتركها راحلا بجزع وهو يُتمتم بأسي :
انا أجلت كتب الكتاب لأسبوعين قدام نكون جهزنا حاجتك ..
...............................................................
الألم يزداد اكثر واكثر في قلبها ، لتجدهم جميعهم يجلسون يتمازحون الا هي تجلس في زاوية بعيده تتلاعب بتطريز عبائتها الورديه وتتذكر حديث امها عندما حادثتها صباحاً
صافيه : الست الشاطره تكسب جوزها يابنتي ، وجوازات كتير كانت كده ونجحت بالعشره والموده .. ابن عمك راجل ميعبهوش حاجه متضيعهوش من ايدك
لتهاتفها جنه برجاء قائله : انتوا هتيجوا تزوروني امتا ، ولا خلاص نستوني هنا
فتضحك صافيه قائله : نسناكي مين ياهابله ، قريب اوي هنجيلك انا وابوكي
ليقطع شرودها صوت عمها حسن قائلا : تعالي يامرات والدي جنبي ، وتابع بحديثه قائلا :جوزك زهقني من كلامه اللي كله عن الشغل والاراضي
فأقتربت هي منهما بتوتر ونظراته المُتحجره تحرقها بقوه ، الي ان نطقت تلك الحرباء
نيره : ومينفعش اقعد انا جنبك ياجوز خالتي
ليتمتم حسن بخفوت لم يسمعه سوا جاسر الجالس بجانبه : قبر يلم العفش
فينطق هو اخيراً بعدما تطلع الي اخاه فاخر الذي يجلس يحمل طفله ويداعب زوجته بالحديث ، وايضا هاشم الذي يختلس النظرات بينه وبين ياأروي ليعلو صوته قائلا : عايزك يافاخر انت وهاشم في المكتب
ويترك لها المكان كله وكأنها وباء ينقل له العدوه عندما تُجالسه نفس الاريكه .. فتنهض تلك الحرباء وتقترب من احد أذنيها
نيره : اول ماقربتي مننا القاعده باظت ياساتر عليكي بومه !
.............................................................
اسبوعا طويلا قد مر عليه وهو يقاوم رغبته في الذهاب الي ذلك الملجئ ، ولكن كيف يفكر بها وهو قد قرار داخل نفسه بأنه سيتزوج هذه الطبيبه .. التي قد اصطحبها معه أمس لقصره وتعرفت عليها ناهد ولكن كان رأيها واحد
أنها تمقت تلك الزيجه ، ولم تحب هذه الفتاه
ليتنهد عامر بضيق من مشاعره المضطربه ، فاليوم الذي تخلي عنه الماضي بعواصفه ،اصبح هاجس الحاضر والمستقبل يُحاصره واخيرا نهض من علي كرسيه وهو يلغي احد اجتماعته ويذهب الي مقصده
وعندما وصل الي مقصده ، تهللت أسارير فاتن وهي تراه يحمل الهدايا هو وسائقه
فأقتربت منه قائله : عامر بيه نورت الدار ، انا قولت خلاص مش هنشوفك تاني
ليطالع عامر المكان باحثا عنها ، ولكن لا أثر لها .. فأنتبه لحديث فاتن التي نطقت اخيرا بأسف: حياه هتتجوز ومش هتيجي الدار تاني خلاص