رواية الملاك المنقذ كامله وحصريه بقلم سما راضي
لِنظُنَ أن الليل ظلام كاحِل يتسللهُ بعض الإنارة البسيطة المُنبعثة من نچومهِ المُلونه وقمرهُ المُضاء ...... عالمٌ يسودهُ الهدوء والطمأنينة ....النوم العميق ..... ولَكِن في هذا الظلام الدامس
فرسٌ أسود يشبهُ الليل وظلامهُ..... عينيه حادة قوية يشوبها الوقار ..... يسابقُ سرعةَ الهواء وخصلاتهُ السوداء تتطاير خلفهُ بثقةٍ وشجاعة ....... تضرب حدوته الأرض الرملية بكل قوةٍ مُصدرةً ضجيجًا يشُقُ هدوء الليل وكأنها تُعلن عن تواجدها الآن وبكل غرورٍ...... وعلى ظهرهُ يظهر شخصٌ مُلثم لا يظهر منه سِوى عينيه القاتمه التي تشبه قتامة ثيابهُ يُناظر طريقهُ بثقةٍ وعينيه مُمتلِئة بالإصرار يُربتُ على غارب حِصانه وكأنه يبُث به الثقة والآمان ......فتزداد سرعتهُ وكأنهُ يصارعُ هدوء هذا الليل .... لم يُسمع إلا صوت أنفاسهما يسيران في مِرفقٍ واحد ...... إلا أن توقف (الآدهم)توقفًا فُجائيًا مُصدرًا صهيلًا إرتجت له أجواء الليل
إذ سَقط فارسهُ فاقدًا للوعي رافضًا السير على هذا النحو
لا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم
لـ/ســمــا راضــي
أصواتٌ متداخلة يستمع إليها.... الجميع في حالةٍ من الهرجِ والمرجِ...... فقد وصل إلى مشفاهُم الآن شخصية من أهم الشخصيات المؤثرة..... الجميع يسعى بُكل طاقتهُ لمحاولة إفاقتهُ من إغماء ليس له مصدر جسدي مُحدد.... نظر إلية الآطباء بتعجب من الهزل والضعف الباديان على بنيتهُ القوية ولكنها لا تزال يسودها الوقار والهيبة... بعد قليل من الوقت توصل الأطبآء إلى أن السبب بهذهِ الإنتكاسة والضعف ما هو إلا عامل نفسي يجهلهُ الجميع
وبعد وقتٍ ليس بقليل مَرَ بكثير من العَمَل والتوتر
إستقر وضع مريضُنا.... بعد أن هدأت الأوضاع وإطمئن الأطباء ..... حاولوا الوصول إلى فردًا من أفراد أُسرتهُ الصغيرة .... إلى أن توصلوا إلى (يامن الصاوي)فَهوَ يكون زوج أُختهُ وصديقهُ المُقرب
....والذي ما إن أكمل الطبيب حديثهُ هب مُسرعًا وهو يُحدث الطبيب ويسألة عن وضع رفيقهُ الآن وأين يتواجد؟
ظل يَطرح عليه الكثير من الأسئلة التي قابلها الطبيب بصدرٍ رحب وإحتوائًا لتوترهِ وإحترامًا لقلقهِ على رفيقهُ فهذهِ آداب مهنتهُ وحزنهُ من شعور الفقد وإحترامهُ لتخوفات أقرياء مريضهُ
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
لــ/ســمــا راضــي
بعد أن إطمئن قلبهُ قليلا وأيقن أن صديقهُ بخير الآن
أردف يامن بحُزنٍ على ما حَلَ برفيقهُ ويأس من إختفاءهُ الدائم
"ربنا يهديك يا (صالح)"
نهض (يامن)بعد أن لَمْلَمْ شتاتهُ من جديد ثم خرج مُتجِهًا إلى منزلهُ وهو يُفكر كيف سيُخبر زوجتهُ دون أن يجزعُها .... ثم أردف بيأس
"بُص يا يامن إنتَ مهما قولت هي هتتخض ف مترتبلهاش وسيبها زي ما تيجي تيجي"
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
بعد وقتٍ ضئيل وصل(يامن)إلى منزلهُ المُكون من طابقين ... الطابق الأول كان لوالدتهُ وشقيقتهُ (آسما) قبل أن يتوفى الله والدته والآن أصبح الطابق مِلكًا لشقيقتهُ ....والطابق الثاني لعائلته الصغيرة الدافئة وزوجتهُ الحنونة التي قد عرضّت على شقيقتهُ أن يُقيموا معًا ولكن (آسما)أبت وبقوةٍ لتترك لأخيها وزوجتهُ جُزئـًا من الخصوصية
نظر (يامن)إلى طابق شقيقتهُ وقد وجد أحد النوافذ مفتوحة ولِعلمهِ بإن شقيقتهُ (آسما) تعشق التنزُهه والسفر فدومًا ما يترُكُ لها حُريتها الكاملة فهي مُدللتهُ وإبنةُ الذي يثق من أخلاقها وإقترابها لله عز وجلّ ورفضها لإرتكاب المعاصي حتى وإن كانت صغيرة خوفًا من غضب لله وحُبًا للإقتراب والإرتقاء في درجاتها عند الله ..... صعد (يامن)إلى الطابق الخاص به غير عابئا وقد توقع أن شقيقتهُ نسيت إغلاقهُ..... ولكنه ُ توقف لإستماعهُ لحركةٍ داخل البيت ..... إقترب (يامن)متوقعًا تواجد عاملة التنظيف ولكن كان هناك شكٌ بأن يذهب ويطمئن قلبهُ ..... طرق بأصبعهُ طرقات خافته ..... وانتظر ثوانٍ معدودة .... إلى ان فتحت له فتاة في بداية العقد الثاني .... تبتسم لهُ بشفتيها الصغيرتين إبتسامةً يملؤها البرائة والنقاء..... لتنكمش عينيها البُنيةُ مُعلنةٌ عن هدوءِ صاحبتُا الآن
إبتسم (يامن) بوداعة وهو يُناظرُها بحُبٍ وهدوء بعد أن رفع إحدى كفييه يضعهُ أعلى وجنتيها وهو يتحسس حُمرتُها النقية ثم إقترب إليها مُردِفًا بالطافة
لــ/سمــا راضي
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
"آسما حبيبتي ... جيتي إمتة ... المفروض كُنتِ تيجي إنهاردة بالليل"
أردفت آسما بهدوء وبعض الخمول وهي تشعر بأنها ليست على ما يُرام
" حسيت إني مُرهقه شوية يا يامن فجيت قولت أرتاح شوية"
أردف (يامن) بقلق على شقيقتهُ
"تعبانه مالك؟ .... تعالي نروح لدكتور "
أردفت (آسما) بسرعةٍ
"انا كويسة والله محتاجه ارتاح بس ... وبعدين انت جاي بدي ليه فيه حاجه ؟"
أجابها يامن وهو يُهرول سريعًا إلى الأعلى
"مفيش بس أخو سُها في المُستشفى هقولها علشان نروح نجيبه "
أجابته (آسما) بتأثر ودُعاء
"ربنا يشفيه ويعافيه يا رب وينجيه"
ثم إتجهت إلى الداخل وهي تعاود الجلوس مرة أخرى برفقة كتابتُها التي لا تستطيع أن تفهمُها الآن من هي؟!
على الجانب الآخر تفاجئ (يامن) وهو يترجل إلى الداخل بخطوات هادئة غير مسموعة بزوجته (سُها)
التي ما إن رأتهُ إنطلقت إليه في خوفٍ ولهفه قائلة برقةٍ شديدةٍ وصوتٍ باکــٍ
"يامن لسه مفيش أخبار عن صالح انا قلبي واجعني أوي وخايفة "
إبتلع (يامن) كلماتهُ ثم إقترب إيلها يحاوطها بين زراعيه خوفًا من إصابتهُ أو إصابتها
ثم أردف بهدوء
"متخافيش يا حبيبتي"
ثم طالعها يامن بتوتر خشيةً مما سيتفوه به الأ وهو يحاول إنتقاء كلماته بهدوءٍ ثم إستنشق كميةً كبيرة من الهواء وأردف بسرعة وكأنه يرمي ما في داخلهُ
"صالح في المُستشفى دلوقتِ هو كويس والله بس نايم والدكاترة كلموني علشان نروحله هما هينقلوه لمُستشفى هنا في القاهرة وبعدين نروح ليه وهو كويس صدقيني والله"
ألقى هذه الكلمات دفعةً واحدةً ثم إحتوى رأسها داخل أعماق صدرهُ وهو يحاول الحد من خوفها وآلامِها
...إنتظر إلى أن يقل بُكاؤها فلم يقل.... سار بها إتجاة الأريكة ثم لتجلس هي من بين بُكائها .... إنحنى (يامن جلسًا على عقبيهِ أمامها ثم أردف بحنو وإحتواء
"فكرك يا سُها أنا لو صالح فيه حاجة هقعد كدا طبيعي ... صالح دا أخويا ... وبعدين أنا قولتلك علشان أطمنك يا سُهايا مش علشان تبكي يا عيوني "
نظرت إليه بوداعةٍ تحاول السيطرة على نوبة البُكاء التي تضربها من جديد لترمش عدة مرات في محاولةٍ منها لمنع دموعها من السقوط
نظر إليها (يامن)بقلة حيلة من برائتها المؤرقه لقلبهِ ثم أردف بإستياء مُصطنع
"آمري إلى الله يا سُها خلاص هجيبلك رواية جديدة من إختيارك "
إبتسمت (سُها)إبتسامة واسعة قائلة بتمرد
"وتغسل معايا الأطباق وتساعدني في شغل البيت "
أردف يامن بقلة حيلة وحب شديد وهو يقرص إحدى وجنتيها
"آمري إلى الله وبعدين تعالي هنا ... حد يبقى أخوه في المُستشفى ويكون ببفكر في الشُغل"
أردفت (سُها) بتأكيد وآمان
"أنا واثقة إن لو صالح فيه حاجة مكنتش هشوفك واقف قدامي بكل الهدوء دا يا يامن علشان أنت مش بس حبيبي انت سندي انا وصالح في الدُنيا دي إنتَ آمانِ يا يامن "
أردف يامن بتأثر وحب وهو يُقبل كفها الذي تتحسس بِهِ لحيتهُ الناعمة
"آدام الله نَبضُكِ لقلبي حياة"
توضيح بسيط
" فكرة إن الراجل يساعد أهل بيته دلوقتِ بقت فكرة مرفوضة وبتدل على إنعدام الشخصية و... و.... و.... مُعتقدات جهل بنزرعها في أولادنا وإحنا مش حاسين.... لما تكون البنت بتتعب في البيت وليه؟ علشان هي بنت دي وظيفتها .... طفل حصل منه موقف مُشابه لدا ولما سئلته ليه يا حبيبي مش بتعمل لنفسك أو بتساعد أُختك رد عليا بمنتهى الغرور وقالي علشان انا راجل وهي بنت
دي بقى المُعتقدات الخاطئة ال بنزرعها في عقليات أطفالنا وبالتالي نطلع جيل مليان بالآمراض النفسيه
انا كان ردي على الطفل دا إيه ؟
إن الرسول كان بيساعد بيته وأهل بيته في كل وقت يا حبيبي إلا وقت الصلاة وإن من صفات الرجولة إنك يكون عندك رحمة وتحس بأُختك وإنها مش ديمًا هتكون بخير قادرة إنها تعملك كل حاجه وبعدين مش إنت بتحب الرسول ونفسك تعمل حاجات جميلة شبهه علشان ربنا يحبك يبقى لازم نساعد بعض ومنتعبش بعض
ولنا في رسُولُنا الكريم قدوةً حسنةً
لــ/سما راضي
بعد مرور وقتٍ وقد كان تم نقل (صالح) إلى مشفى كبيرة بالقاهرة
كان يجلس فوق فراشهُ يحاول إستعادة وعيهُ بالكامل
حاول أن يجيب على جميع الأسئلة التي تدور في عقلهُ الآن ولكنه أفاق عندما وجد الباب يُفتح بقوة وشقيقتهُ(سُها) تركض إلى أحضانهِ وصوتها مختنق بالبُكاء ويليها رفيقهُ(يامن)وعينيه مليئه بالعتاب
لـ/سما راضي
إستقبلها (صالح)بكل حُبٍ وإحتواء قائلاً في محاولة منه لمواساتها
"إهدي يا حبيبتي أنا بخير "
رفعت (سُها)وجهها إليه قليلاً وهو تقول بسُخريه باكية
"واضح جدا إنك بخير لدرجة إني جيالك المُستشفى"
ناظرها صالح بثبات وهو يستعد الآن لإنفجارها المُصاحب للإنهيار والذي سينتهي ببكائها داخل أحضانه أو أحضان زوجها
لـ/سما راضي
ناظرته (سُها)بحُزن وصوتٍ حاد
"كنت فين يا صالح؟!... ها كنت فين ؟ مش هتبطل العادة دي ... انا تعبت ... انا بقيت قاعدة على أعصابي حرام عليك "
إقترب إليها (يامن) وهو يقول بمحاولة منه لتدارك زوجتهُ بعد أن رأى نظرات التأثر بعينين رفيقهُ
نظرت إليه (سُها مرة أخيرة ثم أردفت بنبرة آمرة غير قابلة للنقاش
"هتطلع من هنا على البيت عندي يا صالح ومفيش كلام تاني "
ثم هرولت إلى خالج الغُرفه وهي تحاول منع شهقاتها الحزينه
تابع أثرُها بحزنٍ بالغ
ثم ناظر صديقهُ (يامن) الذي ما إن خرجت زوجته إنقض على رفيقه بالكلمات المزبوحة والخائفة من فقدانه بسبب إختفائهُ الدائم
"إنت إيه يا صالح مش مقدرنا ليه انت مش عارف انا في كل لحظه ببقى عامل إزاي وانا حاطط إيدي على قلبي خوفًا من إن يجيلي خبر موت.."
قاطعهُ (صالح) وهو يقول بإستياء
"خلاص يا يامن حصل خير حقك عليا أنا آسف "
ناظرهُ ( يامن)بسُخريه ثم أردف بفظاظة وتوبيخ
"إعتذر إعتذر .... إنت غبي يا صالح إحنا خايفين عليك .... خايفين عليك انت الخطر في كل مكان حواليك وانت مش مقدر دا .... ولا حتى بتعرفنا إنت رايح فين"
أردف (صالح) محاولاً تدارك حُزن رفيقه وخوفه
"خلاص بقى يا يامن متبقاش قفل حقك عليا ..... روح شوف مراتك وانا هنام شويه لغايه ما تخلص أوراق الخروج "
أردف (يامن) وهو يربت على كتفه بتعاطف
"حاضر يا صاحبي... نام ومتشلش هم حاجه أنا موجود"
إستدار (يامن)قاصدًا الخروج إلى أن فاجئهُ (صالح)سائلاً بإهتمام
"مين ال وداني المُستشفى يا يامن"
أردف (يامن) بحيرة من إجابات الإستقبال والآطباء عند طرحهُ لهذا السؤال عليهم
"مش عارف يا صالح انا لما سألت قالوا إن ال جابك شخص بس مفيش حد شافه أو لحقهُ"
أردف (صالح) بتيهه وحيرة
"ماشي يا صاحبي ... يلا روح انت ل سُها وانا هنام شويه .... يامن خلي بالك منها"
"عنيا يا صاحبي "
أردف بها (يامن )وعينيه تفيض بالعشق ل سُهاه
ثم إستدار قاصدًا وجهتها
أسند (صالح) رأسهُ وهو يحاول تفسير ما حدث
رجع عقلهُ الي وقت الحادثه
Flash back
عندما كان فوق ظهر (الآدهم)يحارب أفكارهُ السوداء وهو يبُث حِصانه على مُسابقة الرياح ولكنه لا يعلم ما قد أصابهُ
إذ يشعُر وكأن الأرض تميل من تحتهِ وعينيه فقدت قدرتها على الإبصار .... تراخت يديه عن حِصانهُ وسقط أرضًا مُحاربًا عقلهُ بالإستسلام والخضوع لهذه الوعكة
End flash back
حاول أن يتذكر جميع الأحداث ولكن عقلهُ كان يصور لهُ عينين رماديتين زُجاجيتين
لآ حول ولآ قوة آلآ بآللهہ آلعلي آلعظـيمـ،
تذكر حِصانه (الآدهم)وآراد الإطمئنان ..... بحث عن هاتفه كالمطنون خشيةً من إصابتهُ بمكروهٍ
ثم ضغط عدة أرقام
وإنتظر عدة ثوانٍ ليأتيه الرد
"ألو ... حاج إبراهيم .... الآدهم عندك ...هو بخير "
"إطمن يا صالح هو عندي في حد إبن حلال جابه ..... بس هو حالته وحشه أوي يا صالح كأنه هيتجنن "
إلتقط (صالح)أنفاسهُ ثم أجابهُ بهدوء
"روح عنده يا عم إبراهيم وإفتح المايك لو سمحت خليه يسمع صوتي "
دخل الحاج (إبراهيم) إلي الإسطبل تلبيةً لكلمات (صالح)
ليستمع (صالح) إلى صهيل حصانه ورفضه للهدوء
أردف صالح بصوتٍ عالٍ
"الآدهم ........ الآدهم ..... أنا بخير "
عند تميز الحِصان لصوت فارسهُ وإطمئنانهُ بإنَ لم يصب فارسهُ مكروهٍ هدء (الآدهم )وإستكانت حركتهُ
أردفت (صالح)بإرهاق
"معلش يا حاج إبراهيم مضطر أقفل معاك دلوقتي "
ثم وضع هاتفه جانبا وإستلقى يغُض في نومٍ مصاحب للعينين الزُجاجيتين