رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الثامن 8 بقلم سارة محمد
حافية على جسر عشقي
الفصل الثامن:
يديه مكبلة خلف ظهره ، شفتيه تنزف بدماءٍ جافة يححبها ذلك الشريط الذي أطبق علي ثغره ، وجهه مكدوم يغلب عليه اللون البنفسجي و خصلاته المشعثة ، رأسه عائدة إلى الوراء مغمضاً عيناه بإرهاق ، دلف "ظافر" بخطوات بطيئة يتلاعب بأعصابه ممسك بلُفافة تبغ ينفث داخنها بنظرة ثاقبة ، أطرق بأصبعيه ليلقي ذلك الرجل ذو الطول الضخم بدلوٍ ماء بارد على جسد ذلك الملقي ، شهق "سالم" بحدة وقد تجمدت عيناه بفزع على "ظافر" ، نظر له "ظافر" بقتامة جعلت فرائصه ترتعد ، أرتجف جسده بالكامل و هو يلصق ظهره بالكُرسي و بنبرة راجية مرتجفة قال :
- يا ظافر باشا أرجوك .. صدقني مكنتش أعرف ان ملاذ تخصك !!!! و آآآه !!!!
لكم "ظافر" فكه بقوة جعلته يتآوه ألماً ، سال خيط رفيع على ذقنه ليبصق "سالم" دماً ، نظر له "ظافر" بعيناه الحادة ، شد على خصلات "سالم" للخلف حتى كاد أن يقتلعهما من جذورهما ، حدقتيه تطلق شراراً مصوباً تجاه ليسترسل بفكٍ مشتنج :
- أسمها ملاذ هانم يا زباله ، و إياك تجيب سيرتها على لسانك ال*** دة تاني ..
نزل ببصره ليحل عقدة كفيّ ذلك الأخير ، ضغط عليهما "سالم" يفركهما بألم ، نظر له "ظافر" بقتامة و هو يُردف بنبرة سوداوية :
- فين أيدك اللي أتمدت عليها .!! اليمين ولا الشمال !!!!
أحتضن "سالم" كفيه إلى صدره يقول برجاء باكٍ :
- خلاص يا باشا و حياة أغلى حاجة عندك !! غلطة و مش هتتكر أنا أسف !!!! ، أبوس رجلك !!!
نظر له "ظافر" بتقزز ليمسك بتلابيبه يربت عليهم بهدوء ثلجي :
- مـ أنت لو مقولتليش دلوقتي يا حيلة أمك هكسرلك الأتنين و أستعوض ربنا فيهم بقا !!!!
نظر "سالم" له ، يعلم أنه لا يمزح و لن يتراجع عن كسر يداه بل و تأديبه لما فعل ، أرتجفت يداه اليُمنى و هي تمتد إلى ظافر" ، أمسكها"ظافر" وبلمح البصر كان يلويهما بقوة جعلت "سالم" يُقسم أنه سمع أحتكاك أضلُعه ببعضهما البعض ، صرخ"سالم" بكل ما أوتى من قوة و الألم الذي يشعر به بكفه لا يُحتمل ، حاول إبعاد يده ولكنه كان كالحجر المتصلب بجنون ، عيناه جامدتان على هيئة "سالم" المذرية ، كلما يتذكر أنه كان يعتليها و هي كالجثة الجامدة يصفعها بعنف يريد أن يقتلع قلبه من محله، طفلته الذي لا يطيق بها نسمة الهواء ، يرتجف قلبه عند إصابتها بالأذي ، غُشيّ على عيناه .. أصبح لا يرى شئ و هو يركل "سالم" بقدميه بمعدته ، أفرغ "سالم" ما بجوفه و هو ينوح بترجي أنها غلطة لن تتكرر ، و كيف أن تتكرر من الأساس ! ،تعالَ صراخ "ظافر" و هو لم يكف عن ركله بأبشع الطرق ، دلف "صلاح" متمتماً بتوجس وعيناه مسلطة على جثة "سالم" الهامدة :
- هيموت في إيدك يا باشا !!!!
ركله "ظافر" للمرة الاخيرة جعلت جسده ينتفض على الأرضية الباردة ، مسح "ظافر" على وجهه بعنف بصدرٍ بعلو ويهبط ، يكاد نفسه ينقطع من فرط مجهوده ، و عيناه المشتعلتان التي حكت عما بداخلها ، أشار بسبابته إلى "صلاح" يقول بصوتٍ لاهث منقطع :
- مش عايزه يموت !!! لسة حسابي معاه مخلصش !!!!!
• • • •
أنتفض جسدها بقوة عندما جرّها "مازن" إلى خارج السيارة جاذباً إياها من ساعدها ، نظرت حولها لتجد نفسها بمنطقة نائية شبه صحراوية ، نظرت للمبنى المخيف التي ستدلف له إجباراً ، كادت أن تتعركل بصخرة صغيرة و هي تحاول موازنة خطواتها ، حاولت إبعاد ذراعها عن كفه الغليظ ولكنه كان كالجبل لا يتزحزح ، فاضت عيناها بالدموع التي لهبت وجنتيها ، دلفا للمصعد ليضغط "مازن" على رقم الطابق الذي يقطن به ، حاولت "فريدة" كتم شهقة كادت أن تنفلت منها مطبقة جفونها بقوة عندنا شعرت بنظراته المشتعلة تكاد تحرقها ، أقترب منها "مازن" بخطوات بطيئة يتفرس ملامح وجهها ، وثب أمامها تماماً يحاصرها بذراعيه المفتولتين ، يراقب شفتيها التي غُرست بها أسنانها عندما شعرت بأنفاسه الحارقة تضرب وجهها بقوة ، حركتها جعلت الدماء تفور بأوردته ، ل يقترب أكثر قابضاً على خصرها ملصقها به ، أنتفضت "فريدة" و هي تضع كفيها على صدره تحاول إبعاده ، كانت كمن أشعلت فتيل قلبه عندما وضعت يداها الصغيرة بتلك الطريقة ، أمتدت أنامله ليضع خصلة ثائرة سقطت على وجهها خلف أذنها ، أقترب بدوره من أذنها ليهمس بفحيح كالأفعى جعلت دموعها تنهال على وجنتيها :
- موتك النهاردة يا فريدة .. صدقيني أنتِ بقيتي في جحيم مش هتطلعي منه !!!!!
حبست أنفاسها داخل رئتيها ليقشعر بدنها من قربه لها بذلك الشكل و هي و لأول مرة يقترب منها رجل بتلك الطريقة ، رفعت أنظارها لقامته الطويلة تنظر إلى عيناه القاتمة التي بعثت الخوف في نفسها ، حمدت ربها عندما وصل المصعد للطابق المنشود ، لا .. لا تريد الولوج لتلك الشقة الباردة ، قدميها ثُبتت بالأرض مانعة إياها من الدلوف ، كادت أن تسقط أرضاً عندما دفعها "مازن" للداخل صافعاً باب الشقة بحدة ، أعتدلت بوقفتها ناظرة له بحقد صارخة به بجنون :
- أنت حيوان !!!!
ألتوى ثغره بإبتسامة خبيثة و هو يفك أزرار قميصه متمتماً بمكرٍ خبيث و عينان جائعتان :
- أنا هوريكي الحيوان بيعمل أيه !!!
أرتدت إلى الخلف و هي تراه ينزع قميصه مظهراً صدره الصلب ، لا وقت للتفكير ، ركضت إلى الداخل مسرعاً ليركض "مازن" خلفها و بثوانٍ معدودة كان يجذبها من خصلاتها بقوة حتى كاد أن يقتلعهما ، صرخت "فريدة" بألم تحاول نزع كفه عن خصلاتها ناظرة له برجاء حار و هي تقول ببكاءٍ مزق قلبها :
- عشان خاطر ربنا سيبني !!! متعملش كدا يا مازن بالله عليك ..!!!
لا يعلم لما رق قلبه عندما رأى حالتها ، و لكن لن يهدأ إلا عندما يحقق أنتقامه منها ، هي من تحدته وصفعته بجرأة و وقفت بوجهه ، جذبها من خصلاتها وسط صرخاتها ليدلفا إلى غرفة يُطغى عليها اللون الأسود كسواد قلبه ، صفعها "مازن" بقوة لتسقط "فريدة" على الفراش تبكي بحُرقة و هي تشعر بتشنج فكها ، زحفت إلى الخلف تبعد جسدها عن مرمى يداه التي أمتدت لها ، تضم ساقيها إلى صدرها تُنفي برأسها بقوة و هي تسترسل بأنفاس منقطعة وعبرات لاهثة تترجاه بعينان ممتلئتان بالدموع :
- متعملش فيا كدا أرجوك ، أقتلني أضربني بس متدبحنيش بالطريقة دي يا مازن .. خد حق القلم اللي ضربتهولك عشرة .. أنا موافقة ، بس بلاش تعمل كدا فيا !!!!
لانت ملامحه ليكور كفيه بقوة مانعاً ذلك الشعور من التوغل بداخله ، مغمضاً عيناه حتى لا يرى دموعها التي تجعل قلبه يرتجف داخل أضلاعه ، ألتفت يوليها ظهره ماسحاً على وجهه بعنف ، لا يستطيع .. لا يستطيع أن يقترب منها ، يشعر بوخزٍ حاد في قلبه لصوت بكاءها الذي يتردد في أذنه ، هو كان يريد إذلالها و لكن لمَ يشعر أن تلك لم تكن رغبته بالبداية ، جل ما أراده أن يُكسر أنفها و لكن قلبه يؤلمه على حالها ، ألتفت لها يطالع حدقتيها البندقية المتوجسة و جسدها الذي يرتجف ، وضع قناع القسوة مجدداً ليقترب منها سانداً بذراعيه على ظهر الفراش ليصبح وجهه قبالة وجهها ، ظنت "فريدة" أنه لن يتراجع عما ينويه لتنفجر في بكاء حارق مزق قلبه تمزيقاً ، أخفت وجهها داخل كفيها كالطفلة الخائفة من عقاب مدير مدرستها القاسي ، نظر "مازن" للجانب يلعن قلبه الذي يبكي بدلاً منها و هو للأول مرة يخالجه ذلك الشعور المتضارب كأمواج البحر ، جلس أمامها ليبعد كفيها عن وجهها ، منع نفسه بصعوبة من النظر إلى عيناه الدامعتان ، يكاد يجزم أنه لو نظر لهما سيقع صريع سحرهما ، أدار وجهها للجانب يطالع وجنتها الملتهبة و جانب شفتيها النازفة أثر صفعته العنيفه ، مسح تلك الدماء بإصبعه مانعاً نفسه بكل ما أوتي من قوة حتى لا ينقض على شفتيها ، نظرت له "فريدة" بغرابة عندما نهض مبتعداً عنها متمتماً بنبرة قاسية :
- حسابي معاكي مخلصش !!! انا هسيبك دلوقتي بمزاجي .. دلوقتي بس !!!!
أبتهج وجهها كثيراً وكأنه حَكم عليها بالأفراج ، أستكانت قليلاً عندما خرج من الغرفة صافعاً الباب خلفه ، وضعت كفها على صدرها تطمئن قلبها بأنه أبتعد و أخيراً ، نهضت عن الفراش بخطواتٍ واهنه بطيئة ، أنتفضت بقوة عندما وجدته يدلف مجدداً ، ألتصقت بالحائط خلفها تتمنى لو أن يبتلعها ذلك الحائط بداخله ، أتجه "مازن" إلى الخزانه ليُخرج ملابس نسائية تُظهر أكثر مما تخفي ، القى به على "فريدة" التي ألتقطهما ، نظرت لهما لتشهق بحدة و هي تقول بفزع :
- اللبس دة مستحيل ألبسه .. أنت .. أنت أكيد بتهزر !!!!
نظر لها بدهشة أخفاها سريعاً أسفل ملامحه الجامدة و هو يُردف بفتور :
- لـيه ؟!!!
أردَفت هي بدهشة مماثلة :
- ليه !!! دة عريان أوي !!! وبعدين أنا متأكدة أن واحدة تانية لبسته قبلي .. انا هقعد بلبسي مش هغيره ..
أقترب منها يجز على أسنانه بحدة ، أنكمشت "فريدة" على نفسها تطالع عيناه المظلمتان التي هبطت لما ترتديه من بنطال من الخامة الجينز تعلوه كنزة بيضاء قصيرة ، و بلمح البصر كان يمزق كنزتها الخفيفة ، جحظت "فريدة" بقوة و هي لم تستوعب بعد ما فعله ، ضمت تلك ملابسها تنظر له بعدم أستيعاب !!!!
- كدة بقى للأسف معندكيش حاجة تلبسيها غير اللي في إيدك .. يا أما تلبسيه يا أما تفضلي من غير هدوم خالص ، و أنا بصراحة عاجبني الخيار التاني !!!!!
نظرت له بإشمئزاز تجلي في معالم وجهها و هي تتمتم بتقزز :
- مشوفتش أو** منك !!!!
- و أنا مشوفتش أرخص مِنك !!!!
قالها بإستفزاز ليخرج من الغرفة بعجرفة ، أنهالت الدموع على وجنتيها بضعفٍ تمنع نفسها من البكاء ، أتجهت نحو الخزانة تحاول إيجاد شئ يكُن أكثر سُتراً من هذا ، و لكنها لم تجد سوى قُمصانه العبِقة برائحته التي تمقتها !!! ، ألتقطت أحد قمصانه باللون الأبيض الزاهي أرتدته سريعاً تغلق أزراره بتعجل ، فردت خصلاتها الحريرية على كتفيها و هي تهمس بتحدٍ :
- ماشي يا مازن يا بن الهلالي !!!
خرجت من الغرفة سريعاً تتفحص تلك الشقة المشؤمة و التي يغلب عليها طابع راقي ، لم تجده بالشقة لتسمع صوت مكابح سيارته تتحرك ، أتجهت نحو النافذة سريعاً تنظر له بكُرهٍ عميق و هي تتمتم :
- روح إللهي مـ ترجع يا أخي !!!
نظرت لقميصه التي ترتديه بقرف و رائحة عطره التي ألتصقت بها تكاد تخنقها !!!
جحظت عيناها بقوة لتذهب نحو باب الشقة و كما توقعت وجدته موصد بالمفتاح ، لعنت على حظها العاثر الذي اوقعها بطريقه ..
• • • •
وصل أمام المشفى بعد أن بدل ملابسه التي تلطخت بدماء"سالم" ، ترجل من السيارة ليدلف إلى المشفى بهيبته المعهودة ، قطب حاجبيه و تصنم مكانه عندما وجد "براءة" شقيقة "ملاذ" تخرج من غرفتها و جوارها "فتحية" علِم "ظافر" سريعاً من الأبتسامة الخبيثة التي أرتسمت على شفتيها ، أنقبض قلبه من أن تكون قد فعلت إلى "ملاذ" شيئاً ، حدقت به "براءة" بوقاحة ممتزجة بإعجاب ، كم هو رجولي المظهر و شخصيته الفريدة من نوعها وعيناه الجذابة أيضاً ، تمنت لو أن تحصل عليه و يبقى ملكها .. هي وحدها ، نظر لها "ظافر" بجمود و كأنه يقرأ أفكار و يعلم بما تنتويه ، نظر لها بفتور قائلاً :
- كُنتِ بتعملي أيه عند ملاذ !!!!
قطبت "براءة" حاجبيها من أهتمامه الزائد بشقيقتها و هي تردد بحدة :
- و أنت مالك بـ "ملاذ" !!! "ملاذ" أختي أنا !!!
تمتم "ظافر" بسُخرية لاذعة ، و هو يضع يده في جيبه :
- أختك ؟!!! طب كويس والله أنك عارفة أن ملاذ أختك مش عدوتك !!!
نظرت له "براءة" و الكره بقلبها يزداد أكثر نحو "ملاذ" ، أكمل "ظافر" و هو يُردف بثقة ليجعلها تبتعد عن تلك الأفكار التي تدور بخلدها :
- و أحب أقولك أني هتكتب كتابي على ملاذ بكرة .. و طبعاً انتِ معزومة !!!
تخشبت ملامحها عكس "فتحية" التي أطلقت الكثير من الزغاريد مما جذب أنظار المتواجدين بالمشفى متهكمين على ما تفعله ، باركت إلى "ظافر" بحرارة و هي تقول :
- يا ألف مبروك يا ظافر بيه و الله أنت وملاذ حبيبتي لايقين على بعض أوي ، بس ملاذ أزاي متقوليش يابني .. أقولك أنا من بكرة هاجيلكم عشان أقف جنب ملاذ ..
أبتسم لها "ظافر" أبتسامة بسيطة و هو يؤكد على حضورها غداً ، و كأن بحديثها ذلك صبت النيران على البنزين لتشتعل "براءة" و هي تكور يداها بقوة ، ضغطت على ذلك الزر الملحق بالمقعد لتسير به بحدقتي أشبه بالبراكين التي إن أنفحرت ستؤذي كل من حولها !!!
ذهبت "فتحية" وراءها سريعاً تخشى أن تفعل بنفسها شيئاً ما ، دلف "ظافر" إلى غرفة "ملاذ" ليجدها تجلس على الفراش شاردة بالفراغ ، ترتدي بنطال من الجينز ملتصق بها برشاقة ، و كنزة باللون الأحمر الدموي ترفع خصلاتها على هيئة ذيل حصان ، لتسقط بعض الخصلات الثائرة على وجهها ، لم تنتبه لوجوده ليتيقن أن تلك الفتاة و التي من المفترض شقيقتها أزعجتها مجدداً ، شرد قليلاٌ بها ينتهز فرصة أنها لم تلاحظه ، بدايةّ بـ خصلاتها المموجة بنعومة والمسترسلة على ظهرها ، و حدقتيها البندقية الواسعة ، أنفها الحاد المستقيم و شفتيها الجميلتان ، و تلك الشامة التي تعتلى ثغرها و أيضاً طبع الحسن المنغرز بذقنها ، يداها التي تعقدهما و أناملها التي تفركهما ، وبلا وعي منه همس بنبرة متحشرجة :
- مـلاذ !!!!
رفعت "ملاذ" أنظارها بفزع لتثب متمتمه بدهشة :
- ظافر !!! أنت جيت أمتى أنا مخدتش بالي خالص ..
أفاق "ظافر" ليلملم شتات نفسه مستعيداً جمود عيناه و هو يقول :
- لسة جاي دلوقتي ، جاهزة عشان نمشي ؟!!
رفعت "ملاذ" حاجبيها بغرابة قائلة :
- نمشي !!! فين ؟!!
- هروّحك بيتك يا "ملاذ" عشان تجهزي لأن بكرة كتب كتابنا !!!!
جحظت "ملاذ" بقوة و هي تصيح :
- نــعــم !!!!! كتب كتاب مين !!!!
أبتسم بدوره و هو يقول متفرساً تعابير وجهها العفوية :
- كتب كتابنا يا ملاذ !!!!
- أنت بتهزر صح ؟!!!
قالت بتفاجأ لتكمل بعدم أستيعاب :
- لاء يا ظافر مش بُكرة أنا لسة عندي حاجات كتير أعملها ، أنا حتى لسة هتفق مع عماد عشان ننهي الخطوبة الـ fake دي !!!
أظلمت عيناه الزيتونية ليقترب منها مزمجراً بنبرة حاول أن يجعلها هادئة :
- مش قولتلك قبل كدا متجيبيش سيرة راجل على لسانك ، و بعدين أول مـ كتابنا هيتكتب عماد مش هيبقى ليه ظهور في حياتك أصلاً !!!
أنزوى ما بين حاجبيها و هي تقول بإعتراض تام :
- مستحيل عماد دراعي اليمين في شغلنا و أنا بثق فيه جداً !!!
أغمض عيناه بأنفعال ليفتحهما مجدداً قائلاٌ بإيجاز :
- هنبقى نشوف الموضوع دة بعدين !!!!
نظرت له "ملاذ" بتوتر و هي تقول بخفوت :
- ظافر دة جواز .. و أنا لسة مش عارفاك أوي و أنت متعرفنيش كمان ..!!!
أقترب منها "ظافر" لحدٍ خطير و هو لا يستيطع التحكم بنفسه ، نظرت "ملاذ" داخل عيناه و أنفاسه الساخنة تضرب وجهها ، وجدت يداه تمتد إلى خصلاتها تزيحها عن وجهها ، أغمضت عيناها تتنفس بصدرٍ مهتاج ، وصل إلى مسامعها همسه الخافت و هو يتمتم :
- لاء أنتِ عارفاني .. من لما كان عندك 5 سنين و كنتي بتعيطي عشان تطلعي من الأوضة اللي أبويا كان حابسك فيها ، يمكن متفتكريش بس المهم أني عارفك ، و عارفك كويس أوي يا ملاذ يمكن أكتر منك أنتِ نفسك ، عارف أن من وأنتِ صغيرة عنيدة ودماغك ناشفة ، مش بتسيبي حقك مهما حصل ، ذكية و قوية ومحدش يهزمك ، عارف كمان أن أكتر لون بتحبيه الأحمر ، و التاريخ اللي عدى عليكي و مستحيل تنسيه لما باباكي و مامتك .. أتوفوا ، عارف أنك بتحبي أختك جداً ومش بطيقي أن حاجة وحشة تحصلها ، عارف أنك عندك حرق كبير في رجلك الشمال بس مش عارف من أيه ، عارف أنك عصبية جداً .. و عارف أنك لما بتشوفي طفل صغير بتبقي طفلة زيه بالظبط ، عارف أن في حاجات جواكي مكتومة مش عايزة تطلعيها ، و أنك مش بتحبي أبداً تبكي قدام حد .. عارف أن في خراب جواكي بس مش بتظهري دة .. عارف أنك هشة جداً من جوا مع أنك من برا تباني أقوى بنت في الدنيا ، مهما حصلك دايماً بتبهريني بإبتسامتك وقوتك ، عشان كدا عجبتيني .. أنا عارف عنك حاجات كتير أوي يا ملاذ !!!
أغمضت عيناها بقوة .. لا لن تبكي .. لن تسمح لتلك الدمعة من الفرور خارج عيناها ، هو حقاً يعلم عنها كل شئ ، يعلم أدق تفاصيلها بل ويفهمها جيداً لأول مرة يُخبرها شخص بأنه يعلم أنها تمثل تلك الهالة القوية التي تحيط بها ، دائماً ما يندهشوا بالمظاهر لا يعلموا ما بداخلها ، لا يعلموا ان قلبها يتمزق من الداخل ، يتلقى صدماتٍ تجعله يدمي ، لا تصدق أنها حاولت أن تؤذيه .. بل وتفننت بذلك رُغم ذلك الحنان الذي يعاملها به ، طعنته بظهره لأجل شقيقتها التي لم تُحبها يوماً ، تعلم أنه سيتألم عندما يعلم بحقيقتها ، سيتألم عندما يعلم أنه وضع ثقته بإنسانه خائنة لا تستحق الحب من أي شخص ، لا تستحق شئ من تلك الحياة سوى الألم فقط ، راقب "ظافر" تعابير وجهها عن كثب ، أحاط بكفيها ليرفعهما إلى فمه مقبلاً إياها قائلاً بحنو لها فقط :
- أنتِ كويسة ؟!!
فتحت "ملاذ" عيناها المبتلة بالدموع التي علقت بأهدابها ، وقع قلبه أرضاً و هو يحاوط وجنتيها مردفاً بهلع :
- مالك ياملاذ ؟!!!
أندفعت "ملاذ" لترتمي بأحضانه بقوة ، تفاجأ "ظافر" و لكنه حاوط خصرها بذراع والأخر مسح على شعرها بحنوٍ مفرط ، شعر بإرتجاف جسدها بين يداه يعلم أنها تكتم بكائها بصعوبة ، تمتم بدوره قائلاً بحزن على حالها و هو يُزيد من أحتضانها :
- عيطي يا حبيبتي .. متكتميش في نفسك كدا .. عيطي !!!
كلماته كانت كالقشة التي قسمت ظهر البعير ، أنفجرت "ملاذ" في البكاء بحُرقة و هي تشدد على خصره ، تبكي و تبكي بقوة عما يخالج صدرها ، بكائها و ألمها أعمق من وصفه بمجرد الكلمات ، جل ما أستطيع قوله أنها كانت تبكي من داخل صميم قلبها لأول مرة ، أغمض "ظافر" عيناه بقلبٍ منفطر على حالها ، يمسد على خصلاتها و كأنها طفلته الصغيرة ، لتتشبث هي بقميصه أكثر و أكثر تقول بجسدٍ ينتفض بين الحين والأخر و عبرات متقطعة :
- أنا تعبت .. مبقتش قادرة أستحمل ، كل حاجة ضدي حتى أختي بتكرهني و بتتمنى موتي ، أنا وحشة للدرجة دي .. مستاهلش الحب أوي كدا !!!
أبعدها عن أحضانه بعنف طفيف ممسك كتفيها و هو ينهرها بحدة :
- متحبيش سيرة الموت على لسانك بعد الشر عليكي ، و أختك دي بني آدمة مريضة مش طبيعية ..!!!
نظرت له بألم شديد أحتل عيناها و هي تهمس بخفوت متقطع :
- أنت كمان هتكرهني زيها .. محدش هيفضل بيحبني .. أنا زي الوباء اللي كله بيبعد عنه ، كله بيقرب مني عشان مصلحته بس ، أنت كمان هتكرهني زيها يا ظافر !!!!
أغمض عيناه بألم ليحاوط وجنتيها مجدداً سانداً جبهته على جبهتها و أنفه يداعب أنفها هامساً :
- حتى لو كُنتي وباء .. مش هبعد عنك .. حتى لو همرض بيكي !!!!! مستحيل هبعد عنك أو أكرهك .. في حد عاقل يكرهك يا ملاذ !!! صدقيني أنتِ تستاهلي أن كل اللي حواليكي يحبوكي .. مش عشان أختك مش بتحبك يبقى كلنا مش بنحبك ، أنا جنبك ومش هسيبك أبداً ..!!!!
كم أحتاجت لتلك الكلمات التي كانت كالبلسم على قلبها ، تشبثت بياقة قميصه و وجهها لايزال مستنداً على وجهه هامسة بنبرة مهتزة :
- أنا أسفة .. أسفة أوي على اللي عملته .. سامحني يا ظافر أنا غبية صدقني !!!! غبية أوي !!!!
قبّل "ظافر" أرنبة أنفها قبل أن يبتعد قائلاً بتساؤل :
- أسامحك على أيه ؟!!
لم تجاوبه ، أندفعت متشبثة بعنقه تقف على أطراف أصابعها لتصل لطوله تسند وجهها على كتفه ، و فجأة شعر "ظافر" بتراخي جسده بين يداه ليعلم أنها فقدت الوعي ، تمسك بها جيداً ليضع يده أسفل ركبتيها و الأخرى على ظهرها يحملها بين يداه ، تشبثت "ملاذ" بعنقه بعفوية ليخرج من المشفى بأكملها ..
• • • •
دلف "باسل" الغرفة غير مصدقاً ما سمعه تواً ، ضغط على الهاتف الممسك به بقوة ، فُرغت عيناه من معاني الحياة عندما رآها مرتدية قميصه الأبيض الذي وصل إلى اعلى ركبتيها ، تنظر له بغرابة و هي تتجه نحوه محاوطة وجنتيه بكفيها الرقيقتان قائلة بقلق :
- مالك يا باسل ..؟ في حاجة ؟!!!
أمسك بكفيها ينزعهما ببطئ ينظر لها ببرودٍ أخافها ، لأول مرة ينظر لها بفراغ هكذا ، توجس قلبها و هي تتمتم :
- مالك ؟!! أنا ضايقتك في حاجة طيب ؟!!!
- لـيـه عملتي كدا !!!!
هتف مسطرداً بهدوءٍ ما قبل العاصفة ، لم تفهم "رهف" ما قاله ، همت بالرد لتجده يمسك بكتفيها بقوة ينهرها بعنف صارخاً بها :
- مـ تـردي يا هــانـم !!!!!
نظرت له بصدمة لتنظر إلى أظافره المنغرسة بذراعيها ، رفعت أنظارها له بجمود لتنزع ذراعيها من أسفل كفيه تفركهما بهدوء ، تفاجأ "باسل" بردة فعلها لتشتعل عيناه مطلقة جمرات من النار ، ثبَتت أنظارها عليه لتسترسل بنبرة فاترة :
- لما تبقى تسألني هجاوبك ..
ذهب "باسل" من أمامها ليجلب تلك الجريدة ، دلف للغرفة مجدداً وسط أنظارها المندهشة ، يقترب ممسكاً بكفها الصغير بحدة ليضع بها الجريدة بعنف ، نظرت له "رهف" بغضب لتفتح تلك الجريدة ، وجدت ذلك الخبر مدّون بالخط العريض حول فضيحة عائلة الهلالي ، جحظت عيناها بقوة لترفع أنظارها له بصدمة قائلة بصدقٍ :
- أنا والله معرفش حاجة عن اللي مكتوب دة يا باسل ، أنا أول مرة أقرأُه صدقني !!!!
أمسكها من عضديها مجدداً مزمجراً بها بعلو صوته :
- أنتِ كدابة يا رهف !!!!!
أمتعض وجهها بألم و هو يضغط بكل قوته على ذراعيها ، أمتلئت عيناها بالدموع و هي تتلوى بين ذراعيه :
- باسل سيبني .. بتوجعني !!!!
هزها بعنف و هو يجأر بوجهها :
- بــوجعـك !!! و أنتِ موجعتنيش لما خلتيهم ينزلوا الخبر دة !!!! طب لـيـه !!!!
نفت برأسها بقوة وقد أسترسلت الدموع على وحنتيها :
- والله ورحمة بابا معرفش حاجة يا باسل .. صدقني أنا مش خليتهم ينزلوا حاجة !!!!!
رق قلبه عندما وجدها تشهق ببكاء حاد ، تركها و هو يرى علامات أصابعه على ذراعها ، مسح على وجهه لا يعلم من الصادق ، ولكن ما يوقنه أنه عندما يراها تبكي يشعر أنه يختنق من داخله ، شعر أنه بالغ في ردة فعله بل وقسى عليها كثيراً ، أقترب منها ليهم بوضع يده على ذراعيها ، وجدها تبتعد عنه ملتصقة بالحائط تحتضن هي نفسها تنظر إلى الأرضية تحاول كبح جسدها من الأنتفاض أمامه ، أقترب منها "باسل" مجدداً و هو يقول :
- رهـف أنا ...
تبخرت من أمامه تاركة إياه لتذهب خارج الغرفة بأكملها ، سبّ "باسل" نفسه ليُطيح بالمزهرية التي تناثرت على الأرضية ، ذهب وراءها عازماً على أن لا يتركها وحدها ، وجدها تجلس على الأريكة ممسكة بكوب من الشاي بكفيها ، أقترب ليجلس جوارها ينظر لها بدفئ ، أقترب أكثر ليجدها تبتعد ملتصقة بآخر الأريكة و هي تقول زامة شفتيها كالأطفال :
- أبعد عني يا باسل ..!!!
وضع كفيه الغليظتان على كفيها الناعمتان الموضوعى على الكوب ، أبتلع يدها داخل يده ليرفع الكوب إلى فمه يرتشف منه ، أغمض عيناه بتلذذٍ مسطرداً بإطراء :
- أحلى شاي دوقته في حياتي !!!!
أرتبكت "رهف" تنظر إلى كل شئ عدا عيناه الساحرة ، أرتجف جسدها عندما سار بأنامله على ذراعيها المحمرتان أثر قسوته عليها ، نظر إلى ءراعها ليُميل بثغره ببطئ ، أطبق بشفتيه على تلك الكدمة التي هو من تسبب بها ، أغمضت "رهف" عيناه بوجهٍ تخضب بالدماء ، أرتفع "باسل" بأنظاره ليجدها مطبقة جفونها و وجهها أحنر كالفراولة الجاهزة للقضم ، غرس أنامله بخصلاتها محاوطاً وجهها بكفيه ، فتحت "رهف" عيناها تنظر له بحزن ممتزج بخذلٍ طفيف ، كم آلمته نظرتها .. لم تكن مجرد نظرة ، بل كانت خنجر استقر في قلبه ..، بات يعلم أن تلك البريئة لن تفعل شيئاً مشيناً كهذا ، أقترب بثغره يقبل شفتيها قبلة رقيقة هامساً بخفوت شديد :
- أسف .. أسف يا حبيبتي ..!!!
نفت برأسها و هي تقول مسبلة عيناها بحزن طفولي :
- لاء أنا زعلانه منك ..!!!
أبتسم بحنو ليقبل طرف ثغرها متمتماً بإعتذار حار ، تحولت قبلاته الهادئة إلى أخرى شغوفة موزعاً قبلاته على وجهها بأكمله مدغدغاً طيات قلبها ، تجولت يداه على قميصه التي ترتديه محاولاً فكّ أزراره و هو مازال يقبل شفتيها برقة ، تراخت "رهف" بين يداه ليتراخى معها ذلك الكوب الساخن ، و بلمح البصر سقط ذلك الكوب على قدمها !!! ، صرخت "رهف" بقوة لينتفض "باسل" جاحظاً عيناه ، قفزت "رهف" من محلها تقفز من شدة الألم ، حملها "باسل" سريعاً ليذهب نحو المرحاض وسط بكاءها ، أجلسها على حوض الاستحمام ليجلب رذاذ الماء ، فتح الصنبور ليتدفق الماء على قدمها ، تشبثت "رهف" برقبته و هي تبكي بألم ، مسح على ظهرها مقطباً حاجبيه ، جفف ذلك الحرق الملتهب بمنشفة نظيفة بلطف حتى لا يؤلمها ، حملها مجدداً ليدلف بها إلى غرفتهما ، وضعها على الفراش برقة ،ثم جلب مرهم مسكن للالآم ليضعه على مكان الحرق ، فركه بلطف شديد ثم نفخ بفمه على الحرق ليلطف تلك السخونة المنبعثة منه ، نظرت له "رهف" بحبٍ شديد لتراه يرفع أنظاره لها متسائلاً بقلق :
- بتوجعك يا حبيبتي .. أستني هتصل بالدكتورة تيجي تشوفك ، نفت برأسها بإبتسامة جذابة و هي تمسك بكفيه قائلة بحنان :
- لاء متجبش حد .. أنتَ كفاية عليا صدقني ..!!!
ذاب بنظراتها الحنونة لينهض جالساً بجانبها ، جذب رأسها إلى صدره يمسك على خصلاتها قائلاً بنبرة حزينة :
- أنا أسف يا حبيبتي .. أسف عشان قِسيت عليكي .. و أسف عشان أنا السبب في الحرق دة !!!
وضعت كلها على شفتيه قائلة بعشقٍ خالص :
- أنت ملكش ذنب في الحرق دة يا باسل ، متتأسفش ..
قبّل باطن كفها ليضمها له مجدداً بحنانٍ شديد ..!!
• • • •
دلف "مازن" إلى الشقة مترنحاً بخطوات غير متوازنه ، تفوح منه رائحة الخمر المقزز ، دلف لغرفته ليجدها ترتدي قميصه الأبيض على بنطالها الجينز تجلس أمام طاولة الزينة تمشط خصلاتها ، أنتقضت "فريدة" عندما وجدته بتلك الحالة الرثة وعيناه الزائغتان المحدقتان به، وقع قلبها أرضاً عندنا بدأ بالأقتراب منها رويداً ، ألتصقت "فريدة" بالحائط تمد ذراعيها للأمام علها تمنعه مما هو مقبل عليه ، و لكنه أقترب ممسك بكفيها يلويهما خلف ظهرها ملصق جسدها به ، أنهال على وجهها بالقبلات المتفرقة التي جعلتها تشمئز منه ، حاولت دفع جسده ولكنه كان يفوقها اضعاف ، فهي ضئيلة الحجم بجواره ، كان مغيب عن الوعي تماماً لا يسمع صراخها حتى ، رفع أنظاره لوجنتها الملتهبة ليبتعد عنها سريعاً يثبت خصرها بيداه ، مسح دموعها بسبابته قائلاً وقد برقت الدموع بعيناه :
- أنا مش وحِش أوي كدا .. ومش هأذيكي ، عشان مش قادر .. مش قادر أوجعك مع أن دة كان هدفي ، دموعك بتقتلني ، فريدة أنا حاسس أني بغرق ومش حاسس بنفسي ، حتى اللي كنت معاها من ساعة مقدرتش تنسيني أني مش عارف أذيكي ، أو يمكن مش عايز .. لو وجعتك هتوجع أكتر منك !!!!
جحظت عيناها تستمع له غير مصدقة ، لوهله ظهر بعيناها شفقة له ، علِمت أنه ليس سئ كما تصورت ، لربما الحياة هي من جعلته هكذا ، ربما هو ليس وَحش ولكنه قاسي ، رفعت أناملها ببطئ .. تتلمس تفاصيل وجهه ، أغمض "مازن" عيناه يستشعر لمستها الرقيقة بوهنٍ ، كادت أن تفر دمعه حزينة من عيناه ولكنه منعها بصعوبة ، حاوطت وجنتها بيدٍ واحدة و هي تقول ببعضٍ من الحنان :
- أيه اللي خلاك كدا طيب ؟!!
حاوط خصرها يسند رأسه على صدرها ، همت "فريدة" بأن تملس على خصلاته الحريرية ولكنها منعت نفسها بصعوبة ، أغمضت عيناها عندما دفن رأسه يكاد يخترق قلبها ، يشدد على خصرها لتجزم أن أضلاعها قد تكسرت ، أسبلت بعيناها عندما سمعته يقول بنبرة متحشرجة :
- أنا أتجوزتك مش عشان أنتقم منك يا فريدة .. بس أنا حسيت أنك الحاجة الوحيدة اللي هتنقذني من اللي أنا فيه .. أنا لما شوفتك كنت عامل زي الغريق اللي لقى قشاية يتعلق فيها عشان تنقذه ، أنا عارف أني صعب .. وقاسي و ممكن أكون حيوان كمان .. بس أنا عارف أنك هتقدري تغيريني عشان أنتِ الوحيدة اللي وقفت في وشي !!!!
لأول مرة تشعر أنها عاجزة لا تستطيع فعل شئ ، أتضمه وتخبره أن كل شئ سيصبح بخير ، أم تدفعه و تخبره أنها لن تستطيع تغيير وَحش مثله ، أنتصر قلبها بالأخير .. وبالفعل رفعت ذراعيها تحاوط وجهه تمسح على خصلاته وقد برقت عيناها بتصميم ، جذبت كفه لتجرّه وراءها ذاهبة صوب المرحاض ، وقفا أمام الحوض الصغير لتنظر له قائلة بنبرة لطيفة لأول مرة يسمعها منها :
- يلا عشان تُحط راسك تحت الميا عشان تفوق من اللي أنت فيه ..
بدى كالطفل يستمع لحديث أمه ، وبالفعل مال بجزعه يفتح الصنبور يضع رأسه تحت الماء بوهن ، كتفت "فريدة" ذراعيها تراقبه بصمت ، ثم جلبت المنشفة لتجفف خصلاته التي ألتصقت بجبينه ، شردت بعيناه السمرواتين وذقنه التي زينت بشرته السمراء ، تعمقت في حدقتيه الذابلة لتشفق عليه ، أخذته لينام مدثرة إياه بعنايه و كأنه طفلها ، أغلقت الضوء لتجلب وسادة صغيرة من على الفراش ، أتجهت صوب الأريكة الموضوعة بالغرفة ليوقفها "مازن" بنبرة صارمة :
- رايحة فين ؟!!!!
نظرت له بدهشة لتجيب ببساطة رافعة كتفيها :
- هنـام !!!!
ضرب الفراش جواره بخفة قائلاً :
- تعالي يا فريدة نامي هنا ..!!
هتفت "فريدة" بعناد قائلة :
- لاء هنام ع الكنبة !!!
أظلمت عيناه ليجأر بنبرة حادة :
- فريدة مبحبش أعيد كلامي مرتين !!!
تأففت تعلم أن العند معه لن يجلب لها شئ ، خاصة أنها عاهدت نفسُها بأن تُغير شخصيته القاسية ، ضربت الأرض بقدميها بطفولية لتذهب نحوه ، أستلقت على الفراش بخوف منه .. ما كاد يفعله الصباح بها لم تنساه ، دثرت جسدها بالغطاء لتحمي نفسُها منه ، جعلت بينهما مسافة كبيرة وساعدها بذلك حجم الفراش الكبير ، ولكنه مدّ ذراعه المفتول ليجذب بخصرها نحوه ، شهقت "فريدة" بحدة ، ليزمجر بها "مازن" قائلاً وهو يضع رأسها على صدره المفتول :
- هششش أتهدي بقا ونامي !!!!
ضربته "فريدة" على معدته ليتآوه بألم زائف :
- أنتِ قاسية أوي يا فريدة !!!!
رفعت "فريدة" رأسها تضيق حدقتيها قائلة بسُخرية :
- لا والله ؟!!!
قهقه "مازن" ملء فمه ليُقبل خصلاتها قائلاً بنعاس :
- يلا نامي بقا بلاش كلام كتير !!!
قضمت "فريدة" أظافرها بخوف قائلة :
- مازن أنت سكران .. مش في وعيك !!!!
أبتسم "مازن" مغمض عيناه :
- فريدة أنا هنام مش هغتصبك متقلقيش !!!!
شهقت "فريدة" لتنهض ضاربة صدره صارخة به :
- أنتِ قليل الأدب و وقح و أنا مش هنام جنبك !!!
أدمعت عيناه من كثرة الضحك ليجذبها دافناً وجهه في عنقها مقيداً حركتها بذراعيه ليغرق في النوم ، نظرت له "فريدة" بتوعد قائلة :
- و الله لأوريك يا مازن !!!!!
• • • •
أسندها إلى صدره بذراع و الأخر دسّ به المفتاح بالباب ، دفعه بقدمه ليُفتح على آخره ، حملها مجدداً ليدلف لشقته ، أنفاسها تضرب عنقه مدغدغه مشاعره ، دلف لغرفته الخاصة ليضعها على الفراش بلطفٍ ، ظل مائلاً برأسه عليها يسند يداه على الفراش متأملاً إياها ، أمتدت أنامله لتمسح تلك الدموع العالقة بأهدابها ، أبعد خصلاتها عن عيناها ليُقبل مقدمة رأسها بحنوٍ مفرط ، أصبح يعلم لما يدق قلبه بتلك الطريقة عندما يكن جوارها ، أحتضن كفها بكفيه الأثنين ليقبله بعشقٍ مغمضاً عيناه ، فتحت "ملاذ" عيناها البندقية لتنظر له بغرابة ، أعتدلت بجلستها ليُسند "ظافر" ظهرها بوسادة وثيرة ، جلس بجانبها محاوطاً وجنتها بكفٍ واحد و هو يقول بحنو :
- أنتِ كويسة ؟!!!
أومأت "ملاذ" دون أن تنبث ببنت شفة ، نظرت حولها لتلك الغرفة الغريبة عليها ، نظرت له قائلة بتوجس :
- أنـا فين ؟!!!!
- في شقتي !!!
أنتفضت "ملاذ" عقب جملته كمن لدغتها أفعى لتقول :
- شقتك!!!! لـيـه ؟!!!! أنا كنت عايزة أروح بيتي ..
أبتسم يطمأنها بنبرته الساخرة:
- متخافيش مش هاكلك يعني ..
ثم أكمل و هو يقترب من وجهها قائلاً بخبث و وقاحة :
- مع أنك تتاكلي بصراحة !!!!
عادت بظهرها إلى مسند الفراش بعينان جامدتان ، قهقه "ظافر" ملء فمه ليعود للخلف ، وثب يستعيد رزانته مجدداً قائلاً :
- هروح أحضرلك حاجة تاكليها ..
ثم أختفى من أمامها كأنه لم يأتي قط ، تحاملت "ملاذ" على نفسها لتنهض تحارب ألم معدتها من شدة الجوع ، ألتفت حولها تتفرس الغرفة بأكملها ، أتجهت نحو طاولة الزينة لتُمسك بزجاجة العطر الثمينة ، رفعتها إلى أنفها تشتمها بعمق ، أغمضت عيناها بإستمتاع فذلك العطر المميز ما ينثره دائماً على ملابسه ، وضعته محله لتتفقد باقي الغرفة بفضول ، ألتفتت لتجده يدلف ممسك بصينية وُضع عليها وعاء من الحساء الساخن مع كوب من الماء بجانبه شريط دواءها ، توترت ملامحها قليلاً و هي تُردف بتبرير :
- أنا بس كنت بتفرج على الأوضة و آآآ ..
أبتسم لها "ظافر" بحنو وهو يضع الصينية على الكومود :
- مش محتاجة تبرري .. أنا واثق فيكي !!!!!!
أرتجف جسدها لوهله ، ألمتها جملته حد الموت ، بل جعلتها تشعر بدناءتها حقاً ، أغمضت عيناها تمنع دموعها بالهطول .. هي و ببساطة تخون تلك الثقة الذي وضعها بها ..!!!
- يلا تعالي عشان تاكلي و تاخدي الدوا ..
أفاقت على جملته بتذهب نحو الفراش تجلس عليه مجدداً بخطى مرتعشة ، جلست قبالته على الفراش تنظر لزيتونتيه البرّاقة، تراقبه و هو ينفُخ بالملعقة ليجعلها تتناولها، قرّبها من فمها لتفتحه هي بلا وعي ، أغمضت عيناها بتلذذ و هي تقول بإستمتاع طفولي :
- طعمها حـلو أوي ..!!!
أبتسم لها "ظافر" قائلاً :
- بالهنا والشفا .. عايزك تخلصي الطبق كـلـه ..!!!
أومأت سريعاً ليسرع هو بإطعامها ، وبالفعل أنهت "ملاذ" الطبق بأكمله لمذاقه الطيب ، تناولت دواءها ليمسك هو بالكوب يجعلها ترتشف منه ، أبتسمت له "ملاذ" بشكر وما أجمل أبتسامتها ، و لكن سرعان ما أختفت تلك الأبتسامة وهي تنظر له بتأنيب ضمير ، ستخبره .. نعم ستخبره حتى و إن كرهها ولكنها لن تستطيع أن تواصل كذبها عليه بتلك الطريقة ، أمسكت "ملاذ" بكفه الأسمر و هي تهمس بخفوت :
- أنا عايزة أقولك على حاجة مهمه ..!!!
أومأ لها "ظافر" بقلق يحثها على الحديث ، همت "ملاذ" بفتح شفتيها لتجد هاتفه يعلن عن مكالمة، تناول هاتفه يضعه على أذنه قائلاً :
- عايز أيه ؟..
صمت قليلاً يستمع لما يقوله الطرف الأخر لينهض صارخاً بحدة جعلت "ملاذ" ترتجف :
- لـاء .. مستحيـل ، مستحيل نرجع نشتغل مع ****** دول ، بعد م كانوا هيخسرونا صفقة بـ 10 مليون جنيه وكذبوا علينا مستحيل أرجع أثق فيهم ، تغور الفلوس بس أنا مبديش فرصة تانيه الناس كدبوا عليا فـاهم !!!!!
أرتعدت أوصالها لتتراجع مئة خطوة حول أخباره بما فعلت ، لا تريد أن تخسر ثقته بها أبداً ، لا تريد أن تُخيب أمله بها .. أغلق "ظافر" هاتفه بعنف لتنظر له بقلق هاتفه :
- أنتَ كويس ؟!!
أومأ لها ليجلس أمامها مرة أخرى قائلاً بإبتسامة صفراء :
- كنتِ عايزة تقولي أيه ؟!!!
بللت ريقها و هي تقول بمزاح :
- كنت عايزة أقولك أن الشوربة اللي عملتها كانت حلوة أوي بجد !!!
أبتسم لها "ظافر" قائلاً :
- بالهنا والشفا .. هسيبك تنامي عشان ترتاحي و لو عوزتي حاجة قوليلي ع طول ..
أومأت "ملاذ" لتستلقي على الفراش ، دثرها "ظافر" جيداً ليخرج من الغرفة بعد أن أغلق الأنوار ، تمسكت "ملاذ" بالوسادة لتبدأ دموعها بالأنهمار مما هو قادم !!
الفصل الثامن:
يديه مكبلة خلف ظهره ، شفتيه تنزف بدماءٍ جافة يححبها ذلك الشريط الذي أطبق علي ثغره ، وجهه مكدوم يغلب عليه اللون البنفسجي و خصلاته المشعثة ، رأسه عائدة إلى الوراء مغمضاً عيناه بإرهاق ، دلف "ظافر" بخطوات بطيئة يتلاعب بأعصابه ممسك بلُفافة تبغ ينفث داخنها بنظرة ثاقبة ، أطرق بأصبعيه ليلقي ذلك الرجل ذو الطول الضخم بدلوٍ ماء بارد على جسد ذلك الملقي ، شهق "سالم" بحدة وقد تجمدت عيناه بفزع على "ظافر" ، نظر له "ظافر" بقتامة جعلت فرائصه ترتعد ، أرتجف جسده بالكامل و هو يلصق ظهره بالكُرسي و بنبرة راجية مرتجفة قال :
- يا ظافر باشا أرجوك .. صدقني مكنتش أعرف ان ملاذ تخصك !!!! و آآآه !!!!
لكم "ظافر" فكه بقوة جعلته يتآوه ألماً ، سال خيط رفيع على ذقنه ليبصق "سالم" دماً ، نظر له "ظافر" بعيناه الحادة ، شد على خصلات "سالم" للخلف حتى كاد أن يقتلعهما من جذورهما ، حدقتيه تطلق شراراً مصوباً تجاه ليسترسل بفكٍ مشتنج :
- أسمها ملاذ هانم يا زباله ، و إياك تجيب سيرتها على لسانك ال*** دة تاني ..
نزل ببصره ليحل عقدة كفيّ ذلك الأخير ، ضغط عليهما "سالم" يفركهما بألم ، نظر له "ظافر" بقتامة و هو يُردف بنبرة سوداوية :
- فين أيدك اللي أتمدت عليها .!! اليمين ولا الشمال !!!!
أحتضن "سالم" كفيه إلى صدره يقول برجاء باكٍ :
- خلاص يا باشا و حياة أغلى حاجة عندك !! غلطة و مش هتتكر أنا أسف !!!! ، أبوس رجلك !!!
نظر له "ظافر" بتقزز ليمسك بتلابيبه يربت عليهم بهدوء ثلجي :
- مـ أنت لو مقولتليش دلوقتي يا حيلة أمك هكسرلك الأتنين و أستعوض ربنا فيهم بقا !!!!
نظر "سالم" له ، يعلم أنه لا يمزح و لن يتراجع عن كسر يداه بل و تأديبه لما فعل ، أرتجفت يداه اليُمنى و هي تمتد إلى ظافر" ، أمسكها"ظافر" وبلمح البصر كان يلويهما بقوة جعلت "سالم" يُقسم أنه سمع أحتكاك أضلُعه ببعضهما البعض ، صرخ"سالم" بكل ما أوتى من قوة و الألم الذي يشعر به بكفه لا يُحتمل ، حاول إبعاد يده ولكنه كان كالحجر المتصلب بجنون ، عيناه جامدتان على هيئة "سالم" المذرية ، كلما يتذكر أنه كان يعتليها و هي كالجثة الجامدة يصفعها بعنف يريد أن يقتلع قلبه من محله، طفلته الذي لا يطيق بها نسمة الهواء ، يرتجف قلبه عند إصابتها بالأذي ، غُشيّ على عيناه .. أصبح لا يرى شئ و هو يركل "سالم" بقدميه بمعدته ، أفرغ "سالم" ما بجوفه و هو ينوح بترجي أنها غلطة لن تتكرر ، و كيف أن تتكرر من الأساس ! ،تعالَ صراخ "ظافر" و هو لم يكف عن ركله بأبشع الطرق ، دلف "صلاح" متمتماً بتوجس وعيناه مسلطة على جثة "سالم" الهامدة :
- هيموت في إيدك يا باشا !!!!
ركله "ظافر" للمرة الاخيرة جعلت جسده ينتفض على الأرضية الباردة ، مسح "ظافر" على وجهه بعنف بصدرٍ بعلو ويهبط ، يكاد نفسه ينقطع من فرط مجهوده ، و عيناه المشتعلتان التي حكت عما بداخلها ، أشار بسبابته إلى "صلاح" يقول بصوتٍ لاهث منقطع :
- مش عايزه يموت !!! لسة حسابي معاه مخلصش !!!!!
• • • •
أنتفض جسدها بقوة عندما جرّها "مازن" إلى خارج السيارة جاذباً إياها من ساعدها ، نظرت حولها لتجد نفسها بمنطقة نائية شبه صحراوية ، نظرت للمبنى المخيف التي ستدلف له إجباراً ، كادت أن تتعركل بصخرة صغيرة و هي تحاول موازنة خطواتها ، حاولت إبعاد ذراعها عن كفه الغليظ ولكنه كان كالجبل لا يتزحزح ، فاضت عيناها بالدموع التي لهبت وجنتيها ، دلفا للمصعد ليضغط "مازن" على رقم الطابق الذي يقطن به ، حاولت "فريدة" كتم شهقة كادت أن تنفلت منها مطبقة جفونها بقوة عندنا شعرت بنظراته المشتعلة تكاد تحرقها ، أقترب منها "مازن" بخطوات بطيئة يتفرس ملامح وجهها ، وثب أمامها تماماً يحاصرها بذراعيه المفتولتين ، يراقب شفتيها التي غُرست بها أسنانها عندما شعرت بأنفاسه الحارقة تضرب وجهها بقوة ، حركتها جعلت الدماء تفور بأوردته ، ل يقترب أكثر قابضاً على خصرها ملصقها به ، أنتفضت "فريدة" و هي تضع كفيها على صدره تحاول إبعاده ، كانت كمن أشعلت فتيل قلبه عندما وضعت يداها الصغيرة بتلك الطريقة ، أمتدت أنامله ليضع خصلة ثائرة سقطت على وجهها خلف أذنها ، أقترب بدوره من أذنها ليهمس بفحيح كالأفعى جعلت دموعها تنهال على وجنتيها :
- موتك النهاردة يا فريدة .. صدقيني أنتِ بقيتي في جحيم مش هتطلعي منه !!!!!
حبست أنفاسها داخل رئتيها ليقشعر بدنها من قربه لها بذلك الشكل و هي و لأول مرة يقترب منها رجل بتلك الطريقة ، رفعت أنظارها لقامته الطويلة تنظر إلى عيناه القاتمة التي بعثت الخوف في نفسها ، حمدت ربها عندما وصل المصعد للطابق المنشود ، لا .. لا تريد الولوج لتلك الشقة الباردة ، قدميها ثُبتت بالأرض مانعة إياها من الدلوف ، كادت أن تسقط أرضاً عندما دفعها "مازن" للداخل صافعاً باب الشقة بحدة ، أعتدلت بوقفتها ناظرة له بحقد صارخة به بجنون :
- أنت حيوان !!!!
ألتوى ثغره بإبتسامة خبيثة و هو يفك أزرار قميصه متمتماً بمكرٍ خبيث و عينان جائعتان :
- أنا هوريكي الحيوان بيعمل أيه !!!
أرتدت إلى الخلف و هي تراه ينزع قميصه مظهراً صدره الصلب ، لا وقت للتفكير ، ركضت إلى الداخل مسرعاً ليركض "مازن" خلفها و بثوانٍ معدودة كان يجذبها من خصلاتها بقوة حتى كاد أن يقتلعهما ، صرخت "فريدة" بألم تحاول نزع كفه عن خصلاتها ناظرة له برجاء حار و هي تقول ببكاءٍ مزق قلبها :
- عشان خاطر ربنا سيبني !!! متعملش كدا يا مازن بالله عليك ..!!!
لا يعلم لما رق قلبه عندما رأى حالتها ، و لكن لن يهدأ إلا عندما يحقق أنتقامه منها ، هي من تحدته وصفعته بجرأة و وقفت بوجهه ، جذبها من خصلاتها وسط صرخاتها ليدلفا إلى غرفة يُطغى عليها اللون الأسود كسواد قلبه ، صفعها "مازن" بقوة لتسقط "فريدة" على الفراش تبكي بحُرقة و هي تشعر بتشنج فكها ، زحفت إلى الخلف تبعد جسدها عن مرمى يداه التي أمتدت لها ، تضم ساقيها إلى صدرها تُنفي برأسها بقوة و هي تسترسل بأنفاس منقطعة وعبرات لاهثة تترجاه بعينان ممتلئتان بالدموع :
- متعملش فيا كدا أرجوك ، أقتلني أضربني بس متدبحنيش بالطريقة دي يا مازن .. خد حق القلم اللي ضربتهولك عشرة .. أنا موافقة ، بس بلاش تعمل كدا فيا !!!!
لانت ملامحه ليكور كفيه بقوة مانعاً ذلك الشعور من التوغل بداخله ، مغمضاً عيناه حتى لا يرى دموعها التي تجعل قلبه يرتجف داخل أضلاعه ، ألتفت يوليها ظهره ماسحاً على وجهه بعنف ، لا يستطيع .. لا يستطيع أن يقترب منها ، يشعر بوخزٍ حاد في قلبه لصوت بكاءها الذي يتردد في أذنه ، هو كان يريد إذلالها و لكن لمَ يشعر أن تلك لم تكن رغبته بالبداية ، جل ما أراده أن يُكسر أنفها و لكن قلبه يؤلمه على حالها ، ألتفت لها يطالع حدقتيها البندقية المتوجسة و جسدها الذي يرتجف ، وضع قناع القسوة مجدداً ليقترب منها سانداً بذراعيه على ظهر الفراش ليصبح وجهه قبالة وجهها ، ظنت "فريدة" أنه لن يتراجع عما ينويه لتنفجر في بكاء حارق مزق قلبه تمزيقاً ، أخفت وجهها داخل كفيها كالطفلة الخائفة من عقاب مدير مدرستها القاسي ، نظر "مازن" للجانب يلعن قلبه الذي يبكي بدلاً منها و هو للأول مرة يخالجه ذلك الشعور المتضارب كأمواج البحر ، جلس أمامها ليبعد كفيها عن وجهها ، منع نفسه بصعوبة من النظر إلى عيناه الدامعتان ، يكاد يجزم أنه لو نظر لهما سيقع صريع سحرهما ، أدار وجهها للجانب يطالع وجنتها الملتهبة و جانب شفتيها النازفة أثر صفعته العنيفه ، مسح تلك الدماء بإصبعه مانعاً نفسه بكل ما أوتي من قوة حتى لا ينقض على شفتيها ، نظرت له "فريدة" بغرابة عندما نهض مبتعداً عنها متمتماً بنبرة قاسية :
- حسابي معاكي مخلصش !!! انا هسيبك دلوقتي بمزاجي .. دلوقتي بس !!!!
أبتهج وجهها كثيراً وكأنه حَكم عليها بالأفراج ، أستكانت قليلاً عندما خرج من الغرفة صافعاً الباب خلفه ، وضعت كفها على صدرها تطمئن قلبها بأنه أبتعد و أخيراً ، نهضت عن الفراش بخطواتٍ واهنه بطيئة ، أنتفضت بقوة عندما وجدته يدلف مجدداً ، ألتصقت بالحائط خلفها تتمنى لو أن يبتلعها ذلك الحائط بداخله ، أتجه "مازن" إلى الخزانه ليُخرج ملابس نسائية تُظهر أكثر مما تخفي ، القى به على "فريدة" التي ألتقطهما ، نظرت لهما لتشهق بحدة و هي تقول بفزع :
- اللبس دة مستحيل ألبسه .. أنت .. أنت أكيد بتهزر !!!!
نظر لها بدهشة أخفاها سريعاً أسفل ملامحه الجامدة و هو يُردف بفتور :
- لـيه ؟!!!
أردَفت هي بدهشة مماثلة :
- ليه !!! دة عريان أوي !!! وبعدين أنا متأكدة أن واحدة تانية لبسته قبلي .. انا هقعد بلبسي مش هغيره ..
أقترب منها يجز على أسنانه بحدة ، أنكمشت "فريدة" على نفسها تطالع عيناه المظلمتان التي هبطت لما ترتديه من بنطال من الخامة الجينز تعلوه كنزة بيضاء قصيرة ، و بلمح البصر كان يمزق كنزتها الخفيفة ، جحظت "فريدة" بقوة و هي لم تستوعب بعد ما فعله ، ضمت تلك ملابسها تنظر له بعدم أستيعاب !!!!
- كدة بقى للأسف معندكيش حاجة تلبسيها غير اللي في إيدك .. يا أما تلبسيه يا أما تفضلي من غير هدوم خالص ، و أنا بصراحة عاجبني الخيار التاني !!!!!
نظرت له بإشمئزاز تجلي في معالم وجهها و هي تتمتم بتقزز :
- مشوفتش أو** منك !!!!
- و أنا مشوفتش أرخص مِنك !!!!
قالها بإستفزاز ليخرج من الغرفة بعجرفة ، أنهالت الدموع على وجنتيها بضعفٍ تمنع نفسها من البكاء ، أتجهت نحو الخزانة تحاول إيجاد شئ يكُن أكثر سُتراً من هذا ، و لكنها لم تجد سوى قُمصانه العبِقة برائحته التي تمقتها !!! ، ألتقطت أحد قمصانه باللون الأبيض الزاهي أرتدته سريعاً تغلق أزراره بتعجل ، فردت خصلاتها الحريرية على كتفيها و هي تهمس بتحدٍ :
- ماشي يا مازن يا بن الهلالي !!!
خرجت من الغرفة سريعاً تتفحص تلك الشقة المشؤمة و التي يغلب عليها طابع راقي ، لم تجده بالشقة لتسمع صوت مكابح سيارته تتحرك ، أتجهت نحو النافذة سريعاً تنظر له بكُرهٍ عميق و هي تتمتم :
- روح إللهي مـ ترجع يا أخي !!!
نظرت لقميصه التي ترتديه بقرف و رائحة عطره التي ألتصقت بها تكاد تخنقها !!!
جحظت عيناها بقوة لتذهب نحو باب الشقة و كما توقعت وجدته موصد بالمفتاح ، لعنت على حظها العاثر الذي اوقعها بطريقه ..
• • • •
وصل أمام المشفى بعد أن بدل ملابسه التي تلطخت بدماء"سالم" ، ترجل من السيارة ليدلف إلى المشفى بهيبته المعهودة ، قطب حاجبيه و تصنم مكانه عندما وجد "براءة" شقيقة "ملاذ" تخرج من غرفتها و جوارها "فتحية" علِم "ظافر" سريعاً من الأبتسامة الخبيثة التي أرتسمت على شفتيها ، أنقبض قلبه من أن تكون قد فعلت إلى "ملاذ" شيئاً ، حدقت به "براءة" بوقاحة ممتزجة بإعجاب ، كم هو رجولي المظهر و شخصيته الفريدة من نوعها وعيناه الجذابة أيضاً ، تمنت لو أن تحصل عليه و يبقى ملكها .. هي وحدها ، نظر لها "ظافر" بجمود و كأنه يقرأ أفكار و يعلم بما تنتويه ، نظر لها بفتور قائلاً :
- كُنتِ بتعملي أيه عند ملاذ !!!!
قطبت "براءة" حاجبيها من أهتمامه الزائد بشقيقتها و هي تردد بحدة :
- و أنت مالك بـ "ملاذ" !!! "ملاذ" أختي أنا !!!
تمتم "ظافر" بسُخرية لاذعة ، و هو يضع يده في جيبه :
- أختك ؟!!! طب كويس والله أنك عارفة أن ملاذ أختك مش عدوتك !!!
نظرت له "براءة" و الكره بقلبها يزداد أكثر نحو "ملاذ" ، أكمل "ظافر" و هو يُردف بثقة ليجعلها تبتعد عن تلك الأفكار التي تدور بخلدها :
- و أحب أقولك أني هتكتب كتابي على ملاذ بكرة .. و طبعاً انتِ معزومة !!!
تخشبت ملامحها عكس "فتحية" التي أطلقت الكثير من الزغاريد مما جذب أنظار المتواجدين بالمشفى متهكمين على ما تفعله ، باركت إلى "ظافر" بحرارة و هي تقول :
- يا ألف مبروك يا ظافر بيه و الله أنت وملاذ حبيبتي لايقين على بعض أوي ، بس ملاذ أزاي متقوليش يابني .. أقولك أنا من بكرة هاجيلكم عشان أقف جنب ملاذ ..
أبتسم لها "ظافر" أبتسامة بسيطة و هو يؤكد على حضورها غداً ، و كأن بحديثها ذلك صبت النيران على البنزين لتشتعل "براءة" و هي تكور يداها بقوة ، ضغطت على ذلك الزر الملحق بالمقعد لتسير به بحدقتي أشبه بالبراكين التي إن أنفحرت ستؤذي كل من حولها !!!
ذهبت "فتحية" وراءها سريعاً تخشى أن تفعل بنفسها شيئاً ما ، دلف "ظافر" إلى غرفة "ملاذ" ليجدها تجلس على الفراش شاردة بالفراغ ، ترتدي بنطال من الجينز ملتصق بها برشاقة ، و كنزة باللون الأحمر الدموي ترفع خصلاتها على هيئة ذيل حصان ، لتسقط بعض الخصلات الثائرة على وجهها ، لم تنتبه لوجوده ليتيقن أن تلك الفتاة و التي من المفترض شقيقتها أزعجتها مجدداً ، شرد قليلاٌ بها ينتهز فرصة أنها لم تلاحظه ، بدايةّ بـ خصلاتها المموجة بنعومة والمسترسلة على ظهرها ، و حدقتيها البندقية الواسعة ، أنفها الحاد المستقيم و شفتيها الجميلتان ، و تلك الشامة التي تعتلى ثغرها و أيضاً طبع الحسن المنغرز بذقنها ، يداها التي تعقدهما و أناملها التي تفركهما ، وبلا وعي منه همس بنبرة متحشرجة :
- مـلاذ !!!!
رفعت "ملاذ" أنظارها بفزع لتثب متمتمه بدهشة :
- ظافر !!! أنت جيت أمتى أنا مخدتش بالي خالص ..
أفاق "ظافر" ليلملم شتات نفسه مستعيداً جمود عيناه و هو يقول :
- لسة جاي دلوقتي ، جاهزة عشان نمشي ؟!!
رفعت "ملاذ" حاجبيها بغرابة قائلة :
- نمشي !!! فين ؟!!
- هروّحك بيتك يا "ملاذ" عشان تجهزي لأن بكرة كتب كتابنا !!!!
جحظت "ملاذ" بقوة و هي تصيح :
- نــعــم !!!!! كتب كتاب مين !!!!
أبتسم بدوره و هو يقول متفرساً تعابير وجهها العفوية :
- كتب كتابنا يا ملاذ !!!!
- أنت بتهزر صح ؟!!!
قالت بتفاجأ لتكمل بعدم أستيعاب :
- لاء يا ظافر مش بُكرة أنا لسة عندي حاجات كتير أعملها ، أنا حتى لسة هتفق مع عماد عشان ننهي الخطوبة الـ fake دي !!!
أظلمت عيناه الزيتونية ليقترب منها مزمجراً بنبرة حاول أن يجعلها هادئة :
- مش قولتلك قبل كدا متجيبيش سيرة راجل على لسانك ، و بعدين أول مـ كتابنا هيتكتب عماد مش هيبقى ليه ظهور في حياتك أصلاً !!!
أنزوى ما بين حاجبيها و هي تقول بإعتراض تام :
- مستحيل عماد دراعي اليمين في شغلنا و أنا بثق فيه جداً !!!
أغمض عيناه بأنفعال ليفتحهما مجدداً قائلاٌ بإيجاز :
- هنبقى نشوف الموضوع دة بعدين !!!!
نظرت له "ملاذ" بتوتر و هي تقول بخفوت :
- ظافر دة جواز .. و أنا لسة مش عارفاك أوي و أنت متعرفنيش كمان ..!!!
أقترب منها "ظافر" لحدٍ خطير و هو لا يستيطع التحكم بنفسه ، نظرت "ملاذ" داخل عيناه و أنفاسه الساخنة تضرب وجهها ، وجدت يداه تمتد إلى خصلاتها تزيحها عن وجهها ، أغمضت عيناها تتنفس بصدرٍ مهتاج ، وصل إلى مسامعها همسه الخافت و هو يتمتم :
- لاء أنتِ عارفاني .. من لما كان عندك 5 سنين و كنتي بتعيطي عشان تطلعي من الأوضة اللي أبويا كان حابسك فيها ، يمكن متفتكريش بس المهم أني عارفك ، و عارفك كويس أوي يا ملاذ يمكن أكتر منك أنتِ نفسك ، عارف أن من وأنتِ صغيرة عنيدة ودماغك ناشفة ، مش بتسيبي حقك مهما حصل ، ذكية و قوية ومحدش يهزمك ، عارف كمان أن أكتر لون بتحبيه الأحمر ، و التاريخ اللي عدى عليكي و مستحيل تنسيه لما باباكي و مامتك .. أتوفوا ، عارف أنك بتحبي أختك جداً ومش بطيقي أن حاجة وحشة تحصلها ، عارف أنك عندك حرق كبير في رجلك الشمال بس مش عارف من أيه ، عارف أنك عصبية جداً .. و عارف أنك لما بتشوفي طفل صغير بتبقي طفلة زيه بالظبط ، عارف أن في حاجات جواكي مكتومة مش عايزة تطلعيها ، و أنك مش بتحبي أبداً تبكي قدام حد .. عارف أن في خراب جواكي بس مش بتظهري دة .. عارف أنك هشة جداً من جوا مع أنك من برا تباني أقوى بنت في الدنيا ، مهما حصلك دايماً بتبهريني بإبتسامتك وقوتك ، عشان كدا عجبتيني .. أنا عارف عنك حاجات كتير أوي يا ملاذ !!!
أغمضت عيناها بقوة .. لا لن تبكي .. لن تسمح لتلك الدمعة من الفرور خارج عيناها ، هو حقاً يعلم عنها كل شئ ، يعلم أدق تفاصيلها بل ويفهمها جيداً لأول مرة يُخبرها شخص بأنه يعلم أنها تمثل تلك الهالة القوية التي تحيط بها ، دائماً ما يندهشوا بالمظاهر لا يعلموا ما بداخلها ، لا يعلموا ان قلبها يتمزق من الداخل ، يتلقى صدماتٍ تجعله يدمي ، لا تصدق أنها حاولت أن تؤذيه .. بل وتفننت بذلك رُغم ذلك الحنان الذي يعاملها به ، طعنته بظهره لأجل شقيقتها التي لم تُحبها يوماً ، تعلم أنه سيتألم عندما يعلم بحقيقتها ، سيتألم عندما يعلم أنه وضع ثقته بإنسانه خائنة لا تستحق الحب من أي شخص ، لا تستحق شئ من تلك الحياة سوى الألم فقط ، راقب "ظافر" تعابير وجهها عن كثب ، أحاط بكفيها ليرفعهما إلى فمه مقبلاً إياها قائلاً بحنو لها فقط :
- أنتِ كويسة ؟!!
فتحت "ملاذ" عيناها المبتلة بالدموع التي علقت بأهدابها ، وقع قلبه أرضاً و هو يحاوط وجنتيها مردفاً بهلع :
- مالك ياملاذ ؟!!!
أندفعت "ملاذ" لترتمي بأحضانه بقوة ، تفاجأ "ظافر" و لكنه حاوط خصرها بذراع والأخر مسح على شعرها بحنوٍ مفرط ، شعر بإرتجاف جسدها بين يداه يعلم أنها تكتم بكائها بصعوبة ، تمتم بدوره قائلاً بحزن على حالها و هو يُزيد من أحتضانها :
- عيطي يا حبيبتي .. متكتميش في نفسك كدا .. عيطي !!!
كلماته كانت كالقشة التي قسمت ظهر البعير ، أنفجرت "ملاذ" في البكاء بحُرقة و هي تشدد على خصره ، تبكي و تبكي بقوة عما يخالج صدرها ، بكائها و ألمها أعمق من وصفه بمجرد الكلمات ، جل ما أستطيع قوله أنها كانت تبكي من داخل صميم قلبها لأول مرة ، أغمض "ظافر" عيناه بقلبٍ منفطر على حالها ، يمسد على خصلاتها و كأنها طفلته الصغيرة ، لتتشبث هي بقميصه أكثر و أكثر تقول بجسدٍ ينتفض بين الحين والأخر و عبرات متقطعة :
- أنا تعبت .. مبقتش قادرة أستحمل ، كل حاجة ضدي حتى أختي بتكرهني و بتتمنى موتي ، أنا وحشة للدرجة دي .. مستاهلش الحب أوي كدا !!!
أبعدها عن أحضانه بعنف طفيف ممسك كتفيها و هو ينهرها بحدة :
- متحبيش سيرة الموت على لسانك بعد الشر عليكي ، و أختك دي بني آدمة مريضة مش طبيعية ..!!!
نظرت له بألم شديد أحتل عيناها و هي تهمس بخفوت متقطع :
- أنت كمان هتكرهني زيها .. محدش هيفضل بيحبني .. أنا زي الوباء اللي كله بيبعد عنه ، كله بيقرب مني عشان مصلحته بس ، أنت كمان هتكرهني زيها يا ظافر !!!!
أغمض عيناه بألم ليحاوط وجنتيها مجدداً سانداً جبهته على جبهتها و أنفه يداعب أنفها هامساً :
- حتى لو كُنتي وباء .. مش هبعد عنك .. حتى لو همرض بيكي !!!!! مستحيل هبعد عنك أو أكرهك .. في حد عاقل يكرهك يا ملاذ !!! صدقيني أنتِ تستاهلي أن كل اللي حواليكي يحبوكي .. مش عشان أختك مش بتحبك يبقى كلنا مش بنحبك ، أنا جنبك ومش هسيبك أبداً ..!!!!
كم أحتاجت لتلك الكلمات التي كانت كالبلسم على قلبها ، تشبثت بياقة قميصه و وجهها لايزال مستنداً على وجهه هامسة بنبرة مهتزة :
- أنا أسفة .. أسفة أوي على اللي عملته .. سامحني يا ظافر أنا غبية صدقني !!!! غبية أوي !!!!
قبّل "ظافر" أرنبة أنفها قبل أن يبتعد قائلاً بتساؤل :
- أسامحك على أيه ؟!!
لم تجاوبه ، أندفعت متشبثة بعنقه تقف على أطراف أصابعها لتصل لطوله تسند وجهها على كتفه ، و فجأة شعر "ظافر" بتراخي جسده بين يداه ليعلم أنها فقدت الوعي ، تمسك بها جيداً ليضع يده أسفل ركبتيها و الأخرى على ظهرها يحملها بين يداه ، تشبثت "ملاذ" بعنقه بعفوية ليخرج من المشفى بأكملها ..
• • • •
دلف "باسل" الغرفة غير مصدقاً ما سمعه تواً ، ضغط على الهاتف الممسك به بقوة ، فُرغت عيناه من معاني الحياة عندما رآها مرتدية قميصه الأبيض الذي وصل إلى اعلى ركبتيها ، تنظر له بغرابة و هي تتجه نحوه محاوطة وجنتيه بكفيها الرقيقتان قائلة بقلق :
- مالك يا باسل ..؟ في حاجة ؟!!!
أمسك بكفيها ينزعهما ببطئ ينظر لها ببرودٍ أخافها ، لأول مرة ينظر لها بفراغ هكذا ، توجس قلبها و هي تتمتم :
- مالك ؟!! أنا ضايقتك في حاجة طيب ؟!!!
- لـيـه عملتي كدا !!!!
هتف مسطرداً بهدوءٍ ما قبل العاصفة ، لم تفهم "رهف" ما قاله ، همت بالرد لتجده يمسك بكتفيها بقوة ينهرها بعنف صارخاً بها :
- مـ تـردي يا هــانـم !!!!!
نظرت له بصدمة لتنظر إلى أظافره المنغرسة بذراعيها ، رفعت أنظارها له بجمود لتنزع ذراعيها من أسفل كفيه تفركهما بهدوء ، تفاجأ "باسل" بردة فعلها لتشتعل عيناه مطلقة جمرات من النار ، ثبَتت أنظارها عليه لتسترسل بنبرة فاترة :
- لما تبقى تسألني هجاوبك ..
ذهب "باسل" من أمامها ليجلب تلك الجريدة ، دلف للغرفة مجدداً وسط أنظارها المندهشة ، يقترب ممسكاً بكفها الصغير بحدة ليضع بها الجريدة بعنف ، نظرت له "رهف" بغضب لتفتح تلك الجريدة ، وجدت ذلك الخبر مدّون بالخط العريض حول فضيحة عائلة الهلالي ، جحظت عيناها بقوة لترفع أنظارها له بصدمة قائلة بصدقٍ :
- أنا والله معرفش حاجة عن اللي مكتوب دة يا باسل ، أنا أول مرة أقرأُه صدقني !!!!
أمسكها من عضديها مجدداً مزمجراً بها بعلو صوته :
- أنتِ كدابة يا رهف !!!!!
أمتعض وجهها بألم و هو يضغط بكل قوته على ذراعيها ، أمتلئت عيناها بالدموع و هي تتلوى بين ذراعيه :
- باسل سيبني .. بتوجعني !!!!
هزها بعنف و هو يجأر بوجهها :
- بــوجعـك !!! و أنتِ موجعتنيش لما خلتيهم ينزلوا الخبر دة !!!! طب لـيـه !!!!
نفت برأسها بقوة وقد أسترسلت الدموع على وحنتيها :
- والله ورحمة بابا معرفش حاجة يا باسل .. صدقني أنا مش خليتهم ينزلوا حاجة !!!!!
رق قلبه عندما وجدها تشهق ببكاء حاد ، تركها و هو يرى علامات أصابعه على ذراعها ، مسح على وجهه لا يعلم من الصادق ، ولكن ما يوقنه أنه عندما يراها تبكي يشعر أنه يختنق من داخله ، شعر أنه بالغ في ردة فعله بل وقسى عليها كثيراً ، أقترب منها ليهم بوضع يده على ذراعيها ، وجدها تبتعد عنه ملتصقة بالحائط تحتضن هي نفسها تنظر إلى الأرضية تحاول كبح جسدها من الأنتفاض أمامه ، أقترب منها "باسل" مجدداً و هو يقول :
- رهـف أنا ...
تبخرت من أمامه تاركة إياه لتذهب خارج الغرفة بأكملها ، سبّ "باسل" نفسه ليُطيح بالمزهرية التي تناثرت على الأرضية ، ذهب وراءها عازماً على أن لا يتركها وحدها ، وجدها تجلس على الأريكة ممسكة بكوب من الشاي بكفيها ، أقترب ليجلس جوارها ينظر لها بدفئ ، أقترب أكثر ليجدها تبتعد ملتصقة بآخر الأريكة و هي تقول زامة شفتيها كالأطفال :
- أبعد عني يا باسل ..!!!
وضع كفيه الغليظتان على كفيها الناعمتان الموضوعى على الكوب ، أبتلع يدها داخل يده ليرفع الكوب إلى فمه يرتشف منه ، أغمض عيناه بتلذذٍ مسطرداً بإطراء :
- أحلى شاي دوقته في حياتي !!!!
أرتبكت "رهف" تنظر إلى كل شئ عدا عيناه الساحرة ، أرتجف جسدها عندما سار بأنامله على ذراعيها المحمرتان أثر قسوته عليها ، نظر إلى ءراعها ليُميل بثغره ببطئ ، أطبق بشفتيه على تلك الكدمة التي هو من تسبب بها ، أغمضت "رهف" عيناه بوجهٍ تخضب بالدماء ، أرتفع "باسل" بأنظاره ليجدها مطبقة جفونها و وجهها أحنر كالفراولة الجاهزة للقضم ، غرس أنامله بخصلاتها محاوطاً وجهها بكفيه ، فتحت "رهف" عيناها تنظر له بحزن ممتزج بخذلٍ طفيف ، كم آلمته نظرتها .. لم تكن مجرد نظرة ، بل كانت خنجر استقر في قلبه ..، بات يعلم أن تلك البريئة لن تفعل شيئاً مشيناً كهذا ، أقترب بثغره يقبل شفتيها قبلة رقيقة هامساً بخفوت شديد :
- أسف .. أسف يا حبيبتي ..!!!
نفت برأسها و هي تقول مسبلة عيناها بحزن طفولي :
- لاء أنا زعلانه منك ..!!!
أبتسم بحنو ليقبل طرف ثغرها متمتماً بإعتذار حار ، تحولت قبلاته الهادئة إلى أخرى شغوفة موزعاً قبلاته على وجهها بأكمله مدغدغاً طيات قلبها ، تجولت يداه على قميصه التي ترتديه محاولاً فكّ أزراره و هو مازال يقبل شفتيها برقة ، تراخت "رهف" بين يداه ليتراخى معها ذلك الكوب الساخن ، و بلمح البصر سقط ذلك الكوب على قدمها !!! ، صرخت "رهف" بقوة لينتفض "باسل" جاحظاً عيناه ، قفزت "رهف" من محلها تقفز من شدة الألم ، حملها "باسل" سريعاً ليذهب نحو المرحاض وسط بكاءها ، أجلسها على حوض الاستحمام ليجلب رذاذ الماء ، فتح الصنبور ليتدفق الماء على قدمها ، تشبثت "رهف" برقبته و هي تبكي بألم ، مسح على ظهرها مقطباً حاجبيه ، جفف ذلك الحرق الملتهب بمنشفة نظيفة بلطف حتى لا يؤلمها ، حملها مجدداً ليدلف بها إلى غرفتهما ، وضعها على الفراش برقة ،ثم جلب مرهم مسكن للالآم ليضعه على مكان الحرق ، فركه بلطف شديد ثم نفخ بفمه على الحرق ليلطف تلك السخونة المنبعثة منه ، نظرت له "رهف" بحبٍ شديد لتراه يرفع أنظاره لها متسائلاً بقلق :
- بتوجعك يا حبيبتي .. أستني هتصل بالدكتورة تيجي تشوفك ، نفت برأسها بإبتسامة جذابة و هي تمسك بكفيه قائلة بحنان :
- لاء متجبش حد .. أنتَ كفاية عليا صدقني ..!!!
ذاب بنظراتها الحنونة لينهض جالساً بجانبها ، جذب رأسها إلى صدره يمسك على خصلاتها قائلاً بنبرة حزينة :
- أنا أسف يا حبيبتي .. أسف عشان قِسيت عليكي .. و أسف عشان أنا السبب في الحرق دة !!!
وضعت كلها على شفتيه قائلة بعشقٍ خالص :
- أنت ملكش ذنب في الحرق دة يا باسل ، متتأسفش ..
قبّل باطن كفها ليضمها له مجدداً بحنانٍ شديد ..!!
• • • •
دلف "مازن" إلى الشقة مترنحاً بخطوات غير متوازنه ، تفوح منه رائحة الخمر المقزز ، دلف لغرفته ليجدها ترتدي قميصه الأبيض على بنطالها الجينز تجلس أمام طاولة الزينة تمشط خصلاتها ، أنتقضت "فريدة" عندما وجدته بتلك الحالة الرثة وعيناه الزائغتان المحدقتان به، وقع قلبها أرضاً عندنا بدأ بالأقتراب منها رويداً ، ألتصقت "فريدة" بالحائط تمد ذراعيها للأمام علها تمنعه مما هو مقبل عليه ، و لكنه أقترب ممسك بكفيها يلويهما خلف ظهرها ملصق جسدها به ، أنهال على وجهها بالقبلات المتفرقة التي جعلتها تشمئز منه ، حاولت دفع جسده ولكنه كان يفوقها اضعاف ، فهي ضئيلة الحجم بجواره ، كان مغيب عن الوعي تماماً لا يسمع صراخها حتى ، رفع أنظاره لوجنتها الملتهبة ليبتعد عنها سريعاً يثبت خصرها بيداه ، مسح دموعها بسبابته قائلاً وقد برقت الدموع بعيناه :
- أنا مش وحِش أوي كدا .. ومش هأذيكي ، عشان مش قادر .. مش قادر أوجعك مع أن دة كان هدفي ، دموعك بتقتلني ، فريدة أنا حاسس أني بغرق ومش حاسس بنفسي ، حتى اللي كنت معاها من ساعة مقدرتش تنسيني أني مش عارف أذيكي ، أو يمكن مش عايز .. لو وجعتك هتوجع أكتر منك !!!!
جحظت عيناها تستمع له غير مصدقة ، لوهله ظهر بعيناها شفقة له ، علِمت أنه ليس سئ كما تصورت ، لربما الحياة هي من جعلته هكذا ، ربما هو ليس وَحش ولكنه قاسي ، رفعت أناملها ببطئ .. تتلمس تفاصيل وجهه ، أغمض "مازن" عيناه يستشعر لمستها الرقيقة بوهنٍ ، كادت أن تفر دمعه حزينة من عيناه ولكنه منعها بصعوبة ، حاوطت وجنتها بيدٍ واحدة و هي تقول ببعضٍ من الحنان :
- أيه اللي خلاك كدا طيب ؟!!
حاوط خصرها يسند رأسه على صدرها ، همت "فريدة" بأن تملس على خصلاته الحريرية ولكنها منعت نفسها بصعوبة ، أغمضت عيناها عندما دفن رأسه يكاد يخترق قلبها ، يشدد على خصرها لتجزم أن أضلاعها قد تكسرت ، أسبلت بعيناها عندما سمعته يقول بنبرة متحشرجة :
- أنا أتجوزتك مش عشان أنتقم منك يا فريدة .. بس أنا حسيت أنك الحاجة الوحيدة اللي هتنقذني من اللي أنا فيه .. أنا لما شوفتك كنت عامل زي الغريق اللي لقى قشاية يتعلق فيها عشان تنقذه ، أنا عارف أني صعب .. وقاسي و ممكن أكون حيوان كمان .. بس أنا عارف أنك هتقدري تغيريني عشان أنتِ الوحيدة اللي وقفت في وشي !!!!
لأول مرة تشعر أنها عاجزة لا تستطيع فعل شئ ، أتضمه وتخبره أن كل شئ سيصبح بخير ، أم تدفعه و تخبره أنها لن تستطيع تغيير وَحش مثله ، أنتصر قلبها بالأخير .. وبالفعل رفعت ذراعيها تحاوط وجهه تمسح على خصلاته وقد برقت عيناها بتصميم ، جذبت كفه لتجرّه وراءها ذاهبة صوب المرحاض ، وقفا أمام الحوض الصغير لتنظر له قائلة بنبرة لطيفة لأول مرة يسمعها منها :
- يلا عشان تُحط راسك تحت الميا عشان تفوق من اللي أنت فيه ..
بدى كالطفل يستمع لحديث أمه ، وبالفعل مال بجزعه يفتح الصنبور يضع رأسه تحت الماء بوهن ، كتفت "فريدة" ذراعيها تراقبه بصمت ، ثم جلبت المنشفة لتجفف خصلاته التي ألتصقت بجبينه ، شردت بعيناه السمرواتين وذقنه التي زينت بشرته السمراء ، تعمقت في حدقتيه الذابلة لتشفق عليه ، أخذته لينام مدثرة إياه بعنايه و كأنه طفلها ، أغلقت الضوء لتجلب وسادة صغيرة من على الفراش ، أتجهت صوب الأريكة الموضوعة بالغرفة ليوقفها "مازن" بنبرة صارمة :
- رايحة فين ؟!!!!
نظرت له بدهشة لتجيب ببساطة رافعة كتفيها :
- هنـام !!!!
ضرب الفراش جواره بخفة قائلاً :
- تعالي يا فريدة نامي هنا ..!!
هتفت "فريدة" بعناد قائلة :
- لاء هنام ع الكنبة !!!
أظلمت عيناه ليجأر بنبرة حادة :
- فريدة مبحبش أعيد كلامي مرتين !!!
تأففت تعلم أن العند معه لن يجلب لها شئ ، خاصة أنها عاهدت نفسُها بأن تُغير شخصيته القاسية ، ضربت الأرض بقدميها بطفولية لتذهب نحوه ، أستلقت على الفراش بخوف منه .. ما كاد يفعله الصباح بها لم تنساه ، دثرت جسدها بالغطاء لتحمي نفسُها منه ، جعلت بينهما مسافة كبيرة وساعدها بذلك حجم الفراش الكبير ، ولكنه مدّ ذراعه المفتول ليجذب بخصرها نحوه ، شهقت "فريدة" بحدة ، ليزمجر بها "مازن" قائلاً وهو يضع رأسها على صدره المفتول :
- هششش أتهدي بقا ونامي !!!!
ضربته "فريدة" على معدته ليتآوه بألم زائف :
- أنتِ قاسية أوي يا فريدة !!!!
رفعت "فريدة" رأسها تضيق حدقتيها قائلة بسُخرية :
- لا والله ؟!!!
قهقه "مازن" ملء فمه ليُقبل خصلاتها قائلاً بنعاس :
- يلا نامي بقا بلاش كلام كتير !!!
قضمت "فريدة" أظافرها بخوف قائلة :
- مازن أنت سكران .. مش في وعيك !!!!
أبتسم "مازن" مغمض عيناه :
- فريدة أنا هنام مش هغتصبك متقلقيش !!!!
شهقت "فريدة" لتنهض ضاربة صدره صارخة به :
- أنتِ قليل الأدب و وقح و أنا مش هنام جنبك !!!
أدمعت عيناه من كثرة الضحك ليجذبها دافناً وجهه في عنقها مقيداً حركتها بذراعيه ليغرق في النوم ، نظرت له "فريدة" بتوعد قائلة :
- و الله لأوريك يا مازن !!!!!
• • • •
أسندها إلى صدره بذراع و الأخر دسّ به المفتاح بالباب ، دفعه بقدمه ليُفتح على آخره ، حملها مجدداً ليدلف لشقته ، أنفاسها تضرب عنقه مدغدغه مشاعره ، دلف لغرفته الخاصة ليضعها على الفراش بلطفٍ ، ظل مائلاً برأسه عليها يسند يداه على الفراش متأملاً إياها ، أمتدت أنامله لتمسح تلك الدموع العالقة بأهدابها ، أبعد خصلاتها عن عيناها ليُقبل مقدمة رأسها بحنوٍ مفرط ، أصبح يعلم لما يدق قلبه بتلك الطريقة عندما يكن جوارها ، أحتضن كفها بكفيه الأثنين ليقبله بعشقٍ مغمضاً عيناه ، فتحت "ملاذ" عيناها البندقية لتنظر له بغرابة ، أعتدلت بجلستها ليُسند "ظافر" ظهرها بوسادة وثيرة ، جلس بجانبها محاوطاً وجنتها بكفٍ واحد و هو يقول بحنو :
- أنتِ كويسة ؟!!!
أومأت "ملاذ" دون أن تنبث ببنت شفة ، نظرت حولها لتلك الغرفة الغريبة عليها ، نظرت له قائلة بتوجس :
- أنـا فين ؟!!!!
- في شقتي !!!
أنتفضت "ملاذ" عقب جملته كمن لدغتها أفعى لتقول :
- شقتك!!!! لـيـه ؟!!!! أنا كنت عايزة أروح بيتي ..
أبتسم يطمأنها بنبرته الساخرة:
- متخافيش مش هاكلك يعني ..
ثم أكمل و هو يقترب من وجهها قائلاً بخبث و وقاحة :
- مع أنك تتاكلي بصراحة !!!!
عادت بظهرها إلى مسند الفراش بعينان جامدتان ، قهقه "ظافر" ملء فمه ليعود للخلف ، وثب يستعيد رزانته مجدداً قائلاً :
- هروح أحضرلك حاجة تاكليها ..
ثم أختفى من أمامها كأنه لم يأتي قط ، تحاملت "ملاذ" على نفسها لتنهض تحارب ألم معدتها من شدة الجوع ، ألتفت حولها تتفرس الغرفة بأكملها ، أتجهت نحو طاولة الزينة لتُمسك بزجاجة العطر الثمينة ، رفعتها إلى أنفها تشتمها بعمق ، أغمضت عيناها بإستمتاع فذلك العطر المميز ما ينثره دائماً على ملابسه ، وضعته محله لتتفقد باقي الغرفة بفضول ، ألتفتت لتجده يدلف ممسك بصينية وُضع عليها وعاء من الحساء الساخن مع كوب من الماء بجانبه شريط دواءها ، توترت ملامحها قليلاً و هي تُردف بتبرير :
- أنا بس كنت بتفرج على الأوضة و آآآ ..
أبتسم لها "ظافر" بحنو وهو يضع الصينية على الكومود :
- مش محتاجة تبرري .. أنا واثق فيكي !!!!!!
أرتجف جسدها لوهله ، ألمتها جملته حد الموت ، بل جعلتها تشعر بدناءتها حقاً ، أغمضت عيناها تمنع دموعها بالهطول .. هي و ببساطة تخون تلك الثقة الذي وضعها بها ..!!!
- يلا تعالي عشان تاكلي و تاخدي الدوا ..
أفاقت على جملته بتذهب نحو الفراش تجلس عليه مجدداً بخطى مرتعشة ، جلست قبالته على الفراش تنظر لزيتونتيه البرّاقة، تراقبه و هو ينفُخ بالملعقة ليجعلها تتناولها، قرّبها من فمها لتفتحه هي بلا وعي ، أغمضت عيناها بتلذذ و هي تقول بإستمتاع طفولي :
- طعمها حـلو أوي ..!!!
أبتسم لها "ظافر" قائلاً :
- بالهنا والشفا .. عايزك تخلصي الطبق كـلـه ..!!!
أومأت سريعاً ليسرع هو بإطعامها ، وبالفعل أنهت "ملاذ" الطبق بأكمله لمذاقه الطيب ، تناولت دواءها ليمسك هو بالكوب يجعلها ترتشف منه ، أبتسمت له "ملاذ" بشكر وما أجمل أبتسامتها ، و لكن سرعان ما أختفت تلك الأبتسامة وهي تنظر له بتأنيب ضمير ، ستخبره .. نعم ستخبره حتى و إن كرهها ولكنها لن تستطيع أن تواصل كذبها عليه بتلك الطريقة ، أمسكت "ملاذ" بكفه الأسمر و هي تهمس بخفوت :
- أنا عايزة أقولك على حاجة مهمه ..!!!
أومأ لها "ظافر" بقلق يحثها على الحديث ، همت "ملاذ" بفتح شفتيها لتجد هاتفه يعلن عن مكالمة، تناول هاتفه يضعه على أذنه قائلاً :
- عايز أيه ؟..
صمت قليلاً يستمع لما يقوله الطرف الأخر لينهض صارخاً بحدة جعلت "ملاذ" ترتجف :
- لـاء .. مستحيـل ، مستحيل نرجع نشتغل مع ****** دول ، بعد م كانوا هيخسرونا صفقة بـ 10 مليون جنيه وكذبوا علينا مستحيل أرجع أثق فيهم ، تغور الفلوس بس أنا مبديش فرصة تانيه الناس كدبوا عليا فـاهم !!!!!
أرتعدت أوصالها لتتراجع مئة خطوة حول أخباره بما فعلت ، لا تريد أن تخسر ثقته بها أبداً ، لا تريد أن تُخيب أمله بها .. أغلق "ظافر" هاتفه بعنف لتنظر له بقلق هاتفه :
- أنتَ كويس ؟!!
أومأ لها ليجلس أمامها مرة أخرى قائلاً بإبتسامة صفراء :
- كنتِ عايزة تقولي أيه ؟!!!
بللت ريقها و هي تقول بمزاح :
- كنت عايزة أقولك أن الشوربة اللي عملتها كانت حلوة أوي بجد !!!
أبتسم لها "ظافر" قائلاً :
- بالهنا والشفا .. هسيبك تنامي عشان ترتاحي و لو عوزتي حاجة قوليلي ع طول ..
أومأت "ملاذ" لتستلقي على الفراش ، دثرها "ظافر" جيداً ليخرج من الغرفة بعد أن أغلق الأنوار ، تمسكت "ملاذ" بالوسادة لتبدأ دموعها بالأنهمار مما هو قادم !!