رواية غمزة الفهد الفصل الثامن 8 بقلم ياسمين الهجرسي
رواية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
---------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
----------------------
نمرتى .. معشوقتى......
هل خلقتي لتكوني كشمائى.....
أم لتكوني معذبتي.....
أعلم إنك لست بنمره عاديه ..
بل أشرس حوريه.....
أعلم أنك أقوى قطه بريه......
هل من هدنه لمخالبك القويه.....
قلبى وعقلى يتراشقان.... فى قربك يستعصى عليهما فهم الأبجديه، من تصرفاتك العفويه......
يقف متشنج العضلات عروق وجهه بارزة تكاد تنفجر من أحمرارها من شدة قلقه عليها، يستقدم خطوه نحوها، تنهره ليعود، يصرخ عليها لتهبط، تصيح ليصمت، أخذ يقلب كفيه يقبض على احدهما يصفع به الآخر يتصارع مع نفسه بجنون....
استنفذ صبره صرخ عليها :
-- أنتى مجنونه .. انزلي هيموتك....
أشارت له بهدوء أن يصمت ويتركها تتصرف وسيرى النتيجه، اقتربت من صخر بتروى، عندما رأها أخذ يصهل وهو يشب في الهواء...
مع زيادة هياج "صخر"، استقر على أن يصعد لها العربه، عاود النداء عليها مره أخرى لتفسح له المجال ليقفز جوارها، وبنبره أكثر حده وجنون صاح عليها :
-- وسعى وقفى على جنب .. بطلى تهور .. هتموتى ياغييه... أنتى عايزة تثبتى لنفسك انك دكتوره شاطره ..
حدجته بسخريه :
-- أنا شاطره وهتشوف .. أرجع أنا هتصرف معاه ده شغلي ياهندسه......
أستدارت للحصان مره أخرى، تذحف نحوه ببطئ، نظرت له بحنو مدت يدها وقبضت تمسك لجامه بإحكام، تطلعت ل فهد تنظر بانتصار.....
ولكن هو بأعصاب على حافة الهاويه، يقف مستنفر منها لعصيان كلامه والقذف به فى الهواء، كم يود تحطيم رأسها اليابسه، داخله يثور كمراجل النار....
فى حين أخذ الحصان يرفع قدميه الأمامية في الهواء، أحكمت غمزة" قبضتها على اللجام، تصاعد صوت صهيله، رمقته بحنو وتعاطف مع ألمه، ثبتت مقلتيها على عيونه، ترسل مواساة لروحه، ناجته بلين حتى يهدئ، قليلا وبدء فى الاسترخاء والاستجابه لنظراتها، ابتسمت بسعاده وتعالت ضحكاتها، لنجاحها ف احتواء هياجه....
أما هو تعب من المحاولات فى أن تعدل عن تهورها، حدثه قلبه أنك مقبل على عشق امرأه ليست عاديه.....
ولكن مهلا بعد قليل قلقه تحول لراحه، ابتسم بانبهار، وعقله يهنئ قلبه.... افرح أيها القلب لقد ابتليت بعشق أنثى.... لا تعرف من صفات البشر غير العند والقوى..... ازداد إصراره أكثر على عشقها..... ردد عقله وقلبه ترنيمه واحده..... أيتها النمره الشرسه سوف أروضك ل تكوني "غمزه الفهد".......
اعتلت الفرحه محياها وهتفت بصوت عالى :
-- "فهد" شوفت بعينك أنى قدرت أهدى "صخر" أزاى .. لازم تعرف أنى دماغي أنشف وأعند من "صخر" نفسه ..
أخرجت لسانها لتستفزه، واحتضنت رأس صخر تتحسسه بحنو ليهدء أكثر..
تطلعت تنظر ل"فهد" وتكلمت بتفاخر :
-- مفيش حد يقدر يقاوم "غمزه" حتي صخر في الآخر استسلم.......
أخذت قطع السكر من جيب سروالها، وبسطت يدها تأكل "صخر" السكر المخلوط بمخدر، حتى يهدئ تماما، بالفعل استكان فى وقفته، ولان هياجه.....
متمرده عفويه حدث بها نفسه، اقترب منهم وفتح الباب الخلفى للعربه، وبدأ يُصدر صفير مميز، صُفاره يعلمها "صخر"ويعلم من هوية صاحبها، استجاب صخر للنداء، هبط بسلاسه وهدوء
نظر لها بإعجاب قائلا :
-- برافو عليكي أيتها النمره الشرسه...
نظرت له بعدم إستيعاب وضيقت ما بين حاجبيها بعدم فهم، ولكن لم تعطى لكلامه أهمية، أولت ظهرها له ووقف أمام باب العياده وأشارت له هاتفه ........ دخله هنا
تركته يأتى بصخر ومشت تُحضر الأبره المخدره، بمجرد دخوله احتضنه فهد يربت على رأسه ليطمأن بوجوده، وساعده مرعى التمرجى بإمساكه من الخلف، تمكنت منه وأعطته الأبره بدون ألم ، ساعدوه، وطرحوه على أرضيه معقمه مجهزه نظرا لكبر حجمه، هدء تماما وتسطح يغط فى النوم، بدأت فى أداء مهمتها، وتقطيب جرحه، لعمق الجرح وطوله، استغرقت الكثير من الوقت، تقطع نياط قلبها عليه وهى تغرز سن الأبره لتضميد الجرح.....
غلبها ألمها لتهطل دموعها وجعا وقهرا عليه هتفت تحدثه وكأن فهد لا يوجد جوارها أردفت :
-- أنا مش متخيله في حد عنده قلب يعمل كده .. معقول يوصل انتقام انسان من حيوان بالبشاعه دى .. ليه عاوز يعذبك كده .. لدرجة أنه يجرحك من رقبتك لديلك .. ربنا المنتقم الجبار هيجيب لك حقك منه......
ترقرق الدمع بعينيه هاتفا بحزن :
-- هو كان قاصدني أنا .. حب يحرق قلبي عليه .. لانهم كلهم عارفين أنه غالي عندى......
عقبت عليه بشجن :
-- حسبي الله ونعم الوكيل .. فى كل إنسان مش بيخاف ربنا.....
استمرت فى عملها تضمد جرحه بإتقان مما أدهشه مهارتها....
ردد لنفسه باستغرب :
معقوله أنتى بالشطاره دي .. خيطتى جرح الحصان بطريقه ماهره ولا أجدعها دكتور تجميل .. باين عليكى قد حالك يا"كشمائى" ميتخافش عليكى يا"غمزتى".....
مرء وقت طويل ولم تنتهى بعد، بدأت علامات الألم تظهر على وجهها، أخذت تطقطق رقبتها وتحركها يمين يسار لعلها تلين من تيبسها...
رأف بحالها وحالة الإرهاق التى عليها هتف بحنو :
-- يادكتوره ممكن تاخدي بريك .. أنتي تعبتي جدا .. بقالك تقريبا ساعه بتخيطي جرح الحصان .. وتقريبا على الاقل لسه ساعه كمان وشكلك تعبتي......
عقبت عليه بإجهاد مردفه بأسف :
-- للأسف مينفعش أسيبه يتألم .. مدام بدأت في خياطة جرحه .. لازم اكمل قبل ما مفعول المخدر ينتهى .. متقلقش أنا كويسه الحمد لله......
نظرت إلى مرعي التمرجى تأمره :
-- جهز الأبره التانيه حالا دى مفعولها قرب يخلص .. يلا بسرعه مفيش وقت....
مرءت ساعه أخرى وبالفعل استطاعت تطيب جرحه بالكامل، أطمئنت على الحصان، وتركته معه تعطيه مساحته للاطمئنان عليه.........
--------------------------
خرجت تجلس في الهواء العليل تهدئ من وتيرة ألمها، ظلت تبكي فجرح يدها الغائر بدء يؤلمها نتيجة انتهاء مفعول المسكن الذى أعطاه لها الغفير الذى أرسله أخيها "أحمد"، حل التعب لتنهار بالبكاء كالأطفال، من يراها حاليا، لا يجزم إطلاقا أن تلك الأنثى المتمرد القويه منذ قليل، هى كائن ضعيف هش لا تقوى على فعل شئ سوى الأنخراط فى البكاء لعل أحدهم ينجدها......
اطمئن على صخر والتف يبحث عنها لم يجدها خرج للتفتيش عنها بالخارج، جذب مسامعه صوت شهقات، اقترب من الصوت ليتضح صوت بكائها العالى.....
استوقف أمامها وهتف بقلق :
-- أنتي كويسه .. في حاجه حصلت .. مالك تعبانه.......
بدموع انهارت فى البكاء، تتمسك بكفها والألم يوخزها بدون رحمه، اعتلى نحيبها وهتفت :
-- أنا فعلا تعبانه جدا .. مبقيتش قادره استحمل الألم......
صفع جبهته لتناسيه أمر جرج كفها اقترب منها قائلا بأسف :
-- أنا آسف انشغلت بصخر ونسيت أيدك ..
بسط يده يستأذنها :
-- ممكن اشوفها...
أمسكها وفك رباط المنديل الضامد للجرح، وبالفعل كان الجرح عميق يحتاج لغرز لتقطيبه، ملتهب بإحمرار شديد نتيجة إهمال علاجه لانها اهتمت بعلاج صخر بدلا عنها....
صدم من شكل الجرح وخصوصا بعد تجلط الدم، وما أفزعه تورم كفها بشكل يقلق مخافتا من أن يصيبها تسمم نتيجة تلوثه.......
صاح بنبره قلقه متوتره :
-- يالا نروح المستشفي "أحمد" شكله هيتأخر .....
انتحبت ببكاء هاتفه :
-- أنا هكلمه .. ممكن تاخد الفون من جيبي وتتصل عليه....
تطلع لها بأسف :
-- آسف يا"غمزه".. أنا كنت السبب في جرح أيدك ....
شرد فى عيونها الذابله أثر البكاء، تنحنح بحرج يطلب السماح منها لإخراج الهاتف من جيب سروالها، دنى بمحازتها وبأطراف أصابعه حاول أخرجه، ارتعشت أوصالها لقربه منها، قرعت نبضات خافقها كالطبول، أنفاسه تدغدغ حواسها، باءت محاولته بالفشل لارتعاش أنامله، وتعرق جبينه وكأنه أول مره يشاهد أنثى عن قرب...زفر بتوتر وقبض على كفه يقلل توتره، عاود الكرا مره أخرى ولكن أدخل كفه بالكامل ليستطيع إمساكه، حركته هذه جعلته يلامس جسدها، انتفضت تحبس أنفاسها، فمن يرى خلفيتهم يحسبه يحتضنها، شعر برجفتها، واحمرار وجهها، حاله لا يقل عنها، رمقها بنظرات شغوفه، رمقته بنظرات ناعسه وكأنها تناست ألمها... نهره عقله، وحثه على الاستفاقه من دوامة مشاعره التى لأول مره يختبرها، انتفض يبتعد عنها كمن مسه مس من الجن، نظر لها يطلب الغفران، تنفست هى الصعداء فى بعده، وطأطأت رأسها تومأ بخجل.....
جذبه أخيرا ليتنفس أنفاسه المسلوبه فى قربها، طلب منها الباص وورد أملته عليه، وما كان الا اسم والدتها المتوفاه "زهور"، فتحه ليشاهد خلفية هاتفها استشف أنها أمها نظرا لتقارب الملامح، تطلع لها بابتسامه جذابه فحالها شبيه حاله، أغمض مقلتيه وزفر براحه لتدبير القدر، عبث قى سجل الهاتف وأخرج اسم أخيها أحمد وقام بالاتصال عليه، بعد عدت رنات أتاه الرد....
بلهفه قلقه أجاب "أحمد" على تليفون غمزه :
-- أنتي فين يادكتوره "غمزه"
رد عليه فهد بتوتر :
-- الدكتور تعبانه جدا .. هتيجي ولا أخدها المستشفى....
عقب أحمد :
-- لا خليها تجيلي العياده أنا لسه مخلص ولادة الست اللى عندكم فى المزرعه، وعقبال ما تيجوا هكون انا سبقتكم ....
استوقفه بكاءها ليسأله باستفهام :
-- هي بتعيط ليه كده يافهد .. أدهالي أكلمها....
أجابه فهد :
-- ثواني ..
بسط يده لها قائلا :
-- أحمد عاوز يكلمك....
شهقت هاتفه بألم :
-- مش هقدر أمسك الفون .. ممكن تفتح الأسبيكر.....
حزن على حالها ونظر لها بحنو :
-- طب ممكن تهدي...
قام بفتح الأسبيكر وتابع بتروى :
-- أحمد اتخض عليكي .. وأنتى كده هتقلقيه أكثر.....
بنبره متألمه هتفت :
-- ياأبيه أنا أيدي بتوجعني جدا .. وحاسه من شده الألم هيغمي عليا .. والجرح ملتهب لدرجه مش قادره استحمله وعاوزه اقطعه.......
تدخل فهد بالحوار قائلا :
-- الجرح فى كلوة أيديها عميق ، اللحم بارز لبرا وشكله صعب خصوصا بعد ما التهب جامد، بص مش عارف أزاى أوصفلك ايديها .. أنا أسلم حل هجبهالك و هاجي....
رد عليه أحمد:
تمام يافهد انا مستنيكم فى العياده..
أغلق معه الهاتف واستدار يحثها على النهوض للسياره، أشار لها على العريه التى كان بها الحصان، فهى المتاحه الآن، صعدت تركب فى الكرسى الأمامي المجاور لعجلة القياده، وهو جلس بمقعد السائق، قاد سريعا ليصل بأقصى سرعه، كان يختلس النظرات لها، ليلاحظ بكائها المتألم.....
أراد أن يهون عليها وطأة الألم هتف يسألها :
-- دكتوره هو "صخر" هيفوق أمتى ده اولا .. وبعدين أنتي سيبَني أتكلم ومش عارف الطريق .. الغريب أعمى ولو كان بصير .. وأنا مسافر بقالى سنين وفى طرق جديده اول مره أشوفها......
بتتكلم بألم :
-- أمشى شمال هتلاقي المركز بتاعه في وشك ..
ابتلعت لعابها من الألم واستكملت :
-- صخر هيفوق علي بكره الصبح لأن الحركه غلط عليه .. وبعدين صخر حصان مش عادى .. بنيانه قوى هيقوم ويبقى زى الأول....
تطلعت للطريق وأشارت على العياده وصاحت :
-- إحنا وصلنا .. ممكن نقف هنا....
صدح صوته بقلق :
-- استنى افتحلك باب العربيه ...
هبط يلتف لجهة الباب المجاور لها، جذب المقبض يفتحه، نزلت سريعا تجرى للداخل، تركته يقف يقلب كفيه، يكلم نفسه :
-- الله يخربيت جنانك يا مجنونه بتجرى و بتعيطي كمان .. أنا مش عارف أنتى طفله ولا شابه كبيره... ذهب ورائها يستطلع أمرها.....
---------------------------
فى نفس الاثناء صعدت مكيده غرفتها كما أمرتها الحجه "راضيه" ظلت تأخذ الغرفه ذهابا وإيابا، سيجن عقلها من حديث السيده العجوز، صدى أحداث الخراب الذى افتعلته تثير قلقها، لان الذى استأجرته لم يسير كما خططت له، قبضت على هاتفها تدير اتصال مع أختها......
هتفت باستهجان :
-- الوليه العقربه اللي رجلها والقبر بتهددني عيني عينك .. زى ما تكون متاكده أنى أنا.. بس أنا مش هسمحلها أنها تسخن سعد عليه .. لأن سعد المره دى مش هقدر أقف قصاده ....
خرجت للشرفه تكمل كلامها فى سريه حتى لا يستمع لها أحد، صعقت عندما شاهدت عربات الشرطه تدخل الدوار،...
هتفت بفزع :
-- اقفلى أنتى دالوقت الشرطه ماليه الدوار .. ربنا يستر ....
لم تنتظر ردها وأغلقت الهاتف بوجهها وقررت النزول عندهم تستكشف أمرهم.......
--------------------------
الأخوات بهجة المنزل، فرح الجدران، أنس المكان، الأخوات نعمة لا يعرف عظمتها إلّا من تمتع بها......
بعد مضى قليل من الوقت دلفت للعياده، استمع احمد صوت بكائها خطى يفتح الباب، هرول لها قائلا :
-- أهدى ياحبيبتي تعالي...
استدار وتطلع ل فهد هاتفا..اتفضل..
صرخة وجع صاحت بها تسثغيث به :
-- الحقني ياأحمد هتجنن من الوجع .. مش قادره استحمل.....
أردف أحمد بلين :
-- أهدى يا قلب أخوكي....
بدأ بفك رباط المنديل الضماد على كفها، نظر لها بصدمه هاتفا :
-- ممكن أعرف الجرح ده وصل لأيدك ازاي.
انتحبت بالبكاء هاتفه بشهقات متقطعه أثر لصق المنديل للدم المتجلط وأردفت بوجع :
-- أنت عارف أنى كنت بولد العجل فى مزرعه الراوى، ولما خلصت وجيت أقف اتزحلقت بسبب الميه اللى فى الأرض .. وقعت على السكاكين اللى الجزار سيبها على الارض .. وبعدين اتلخمت فى جرح الحصان و"فهد" ربطه بمنديله عشان أوقف النزيف، والمسكن اللى بعتهولى سكن لى الألم لحد ما خلصت، وبعد كده كنت خلاص مقدرتش على التحمل خلصت.......
مع آخر كلمه أطلقت صرخة موجعه أثارت فزع فهد و أحمد... انتفضت واقفه عندما سأل دم جرحها من جديد وهتفت بألم......
-- اتصرف ياأحمد مش قادره استحمل....
انفزع "فهد" لمنظرها، آلمه قلبه وغُص من أجلها، يحمل نفسه الذنب فيما حدث لها.....
رتب أحمد على كتفها يحاول تهدئتها :
-- أهدي أحنا هنضف الجرح الأول، بس الأول هناخد أبره صغيره في دراعك عشان ما تحسيش بالألم .. أنا عارف أنك بتخافي من الحقن .. بس أنا أختى كبرت صح وبقيت دكتوره ومش بتخاف.....
بهستريه صاحت :
-- مستحيل أنت بتهزر صح
تعالى بكائها ورفعت رأسها تنظر ل فهد ودموعها تهطل بغزاره، تترجاه بنظراتها ولسانها :
-- قوله أنى بخاف من الحقن جدا يا فهد ......
استغرب أستنجدها به، ولكن لبى ندائها، تعمق فى نظراتها واقترب منها ونظر لأحمد بمعنى حضر الحقنه.......
اقترب منها يمد يده لها قائلا :
-- ممكن تهدى هتخافي وأنا معاكي .. دى حقنه بسيطه .. غمضي عيونك وفي لحظه مش هتحسي بحاجه خالص.....
تبادلت النظرات بقلق بين عينيه ويديه....
هز فهد رأسه يحثها على الأطمئنان هاتفا :
-- هاتى أيدك يا غمزه وامسك فيا....
كل هذا يحدث تحت نظرات أحمد المندهشه للهدوء الذى يسود بينهم....
بالفعل استكانت "غمزه" وتمسكت بيده، ولكن هلعها مازال مسيطر عليها، أغمضت جفونها بخوف، وغرزت أضافرها في معصمه، أدت إلى جرحه، لم يبالى بأصابته، كل همه توجعها، أثره برأة ملامحها، شرد فى نقاء طفولتها رغم كبر سنها....
انتهى "أحمد" من تقطيب جرحها، ولفه بالشاش واللاصق....
بينما هى من شدة الألم مازالت تضغط على يده، بينما هو مستمتع ينظر ليدها وقوة تمسكها به بسعاده.....
زفر أحمد براحه معلنا انتهائه :
-- الحمد لله ياستى .. خلصنا خلاص
جحظت غمزه مندهشه :
-- بجد أنا ليه محستش بحاجه...
داعبها أحمد :
-- اللى شاغل عقلك .. أكيد كنتى بتفكرى في حاجه مهمه اوى...
أردف فهد :
-- ألف سلامه عليكي يا دكتوره .. وآسف أنى كنت السبب في اللي حصلك.....
انتبهت ليدها ممسكه بيد، خجلت من فعلتها، سحبت يدها بعيدا عن يده، لتنتفض فجأة تقفز من علي سرير العياده....
هتفت معتذره :
-- أنا آسفه.. أنا جرحت أيدك من غير ما أقصد.. أنا عارفه نفسى جبانه وغبيه.....
بود أردف فهد :
-- أهدى محصلش حاجه .. ده جرح صغير محستش بيه أصلا.....
استقام أحمد ضاحكا :
-- بسيطه تعالى أطهرلك أيدك ..
واسترسل بمرح :
-- معرفش ليه البنات بتحب تربي ضوافرها وتخاف عليهم كأنهم كنز كبير .. عندها استعداد تخسر أي حاجه بس ضوافرها لا.....
عبست غمزه وزمت شفتيها :
-- أنا كده بردوا .. زعلانه منك علي فكره متكلمنيش تاني.....
تعالت ضحكات احمد يصفق بكفيه : -- مهما تكبرى هتفضلي طفله....
بينما هو غرق في شكلها الطفولي، سُحر بافتتان من برأتها التى تحثه على أكلها......
استفاق علي صوت أحمد يناديه :
-- اخلص تعالى أطهرلك مكان ضوافرها....
عقب عليه فهد :
-- بسيطه ياأحمد في أيه لده كله ..
تركه وخطى بجوار المنضدة الموضوع عليها المطهرات، جذب زجاجه ورش نها بضع قطرات على يده.......
نهره أحمد صائحا :
-- ايه يا ابني اللي حطيته ده .. دى ماده هتخليه يلتهب زياده .. أجرى أغسل أيدك بسرعه.
تطلع فهد لعينيها وهتف باعتذار :
-- عادى دى حاجه بسيطه .. المهم الدكتوره تسامحني اني كنت السبب في ألمها.....
توردت وجنتيها خجلا هاتفه :
-- مفيش حاجه مستدعيه للأعتذار .. أنا معملتش غير واجبى .. وكل حاجه بتحصل لينا مقدر ومكتوب .. الحمد لله أنها جت لحد كده......
نهض "أحمد" يجمع أشيائه بالحقيبه يستعد للمغادره، تطلع ل فهد قائلا :
-- تعالا يا"فهد" اركب معانا، مش هتعرف تسوق من أيديك الكحول اللى انت حطيته هيشد عليك مش هتعرف تمسك تارة الدريكسيون، وأبقى أبعت حد من الغفر ياخذ عربيتك.....
أومأ له فهد بالموافقه، وترجلوا سويا للسياره، استوقف فهد أمام الباب الخلفى كى يصعد....
أشارت له غمزه بتهكم :
-- أنت رايح فين يا أفندي أنت .. أنا اللي هركب ورا .. اتفضل أنت أركب جنب أحمد .. أثار حنقتها كلامه، أزاحته بيدها قليلا وفتحت باب العربه، وصعدت بهدوء تجلس بكبرياء
حدجته بحاجب مرفوع :
-- علي فكره أنا بفهم في الأصول...
استغراب .. اندهاش .. هذا شعوره الطاغي عليه الآن.....
ابتسم مشدوها من تصرفاتها... عندها مقدره رهيبه على التحول فى ثوانى..... مجنونه وقعت في حبها يا"فهد" اللي جاي كتير شكلها هتجننك... وهذا ما حدث به نفسه.....
استقر كلا منهم فى مقعده، وانطلقت السياره فى طريقها...
قطع أحمد صمت الطريق قائلا :
-- معلش يا"فهد" في سؤالى بس مين اللي بيكرهك أقوى كده عشان يدمر الدنيا بالشكل الرهيب ده......
نظره متحيره بادله أياها، هز رأسه بعدم معرفه مردفا :
-- مش عارف يا"أحمد" أنا بقالي كتير مسافر معرفش حاجه .. ولا سمعت أن في حد بيكرهنا أو بينا وبينه عداوه .. وعمر جدي ما ظلم حد .. ولا بابا كمان .. وأنت عايش في البلد وعارف هما بيتعاملوا مع الناس ازاي.....
شاركتهم "غمزه"حديثهم :
-- الحمد لله أن مفيش خساير في الأرواح .. ودي أهم حاجه دالوقت .. والباقي أن شاء الله يتعوض......
حل الصمت من جديد، ليقطعه صدوح رنين الهاتف، وكان الاتصال من والدها "عزت"...
اتسعت ابتسامتها وردت عليه بمشاغبه :
-- كده يا حبيبي ما تسألش عليا كل ده .. قلبك بقى قاسي قوي وانا مخصماك وأنسى أن لك حبيبه اسمها "غمزه".....
عذرا معنا عاشق فى درب الهوى جديد، كلماتها أضرمت النار فيه، حاله حال من يراه يجزم أنه سينفجر من شدة تشنج عضلاته، عروق وجه انتفضت بارزه، ضاق ما بين حاجيبه بعبوس مكفهر وكأن الشيطان سيتلبس جسده، زفر أنفاسه بحنق، التف لجهة الشباك حاول تهدئة وتيرة خفقاته، أغمض عيونه بشرود هامسا لنفسه :
-- يا بخته اللي أنتى بتحبيه الحب ده كله .. وبتعاتبيه بحب على اهماله لكي.....
قهرة المحب فى الحب موجعه عاتب حبيبها يحسده وكأنه يراه :
-- كم أنت محظوظ أيها المحب بما عشقها قلبي وامتلكت فؤدي...
استرسل يناشد قلبه :
-- اعتذر لك أيها القلب لأن من سكنتك .. أنت لا تملك قلبها....
غص قلبه من همسه المؤلم وتحجرت دموعه أسكنها مقلتيه عسى ألا يفضح أمره.....
بنزق محبب هتفت غمزه :
-- اتفضل يا"أحمد" كلمه أنت عشان أنا مخصماه......
بدعابه هتف "أحمد" :
-- دايما تجيب لنفسك الكلام .. رهيب أنت يا بابا .. عجبك كده أهي قلبت شفايفها علينا استلم بقى لما تجيلك.....
عزت بقلق :
-- أختك عامله أيه يا"أحمد" طمني عليكم .. الهانم سابيتنا أول ما دخلنا المزرعه ومعرفش عنها حاجه .. واتلهينا لحد ما "عبدالله" جه وقالى أنه شافها .. قولى يابنى هى بخير....
عقب أحمد مطمئناً أياه :
-- أحنا زي الفل حضرتك ما تقلقش .. ودلوقتي هجيب البرنسيس بتاعتنا عشان ترتاح هى مرهقه شويه لكن زى القرده صاغ سليم . وكمان معنا "فهد" تتصور طلع "فهد" زميلى من أيام الاعدادي والثانوي.
بمحبه هتف عزت :
-- طيب ياأحمد ادهولي أسلم عليه وأطيب خاطره بكلمتين فى المصيبه اللى حلت عليهم....
أما عنده هو أخيرا تنفس الصعداء، زفر نفس طويل وكأن حجر يجثو على صدره يعوق تنفسه، حمد الله أنه والدها....
حدث نفسه يلعن غبائه :
-- لتاني مره أظن غلط وفي الاخر يكون حد من أهلها.....
ابتسامه زينت ثغره تطلع لها بالمرآه لتتقابل عيناه بخاصتها هامسا لنفسه :
-- عشقت نمره شرسه في ملامح طفله...
على شروده لم يستمع لصوت أحمد وهو يقول :
-- اتفضل يا"فهد" الحاج عاوز يكلمك .. استفاق على أحمد يلكزه من كتفه .. فهو سارح فى ذات العيون اللوزيه.....
تنحنح فهد معتذرا :
-- آسف كنت سرحان
أخذ الهاتف يجيب على الاتصال قائلا :
-- السلام عليكم أزيك يا حاج.
أجابه عزت :
-- وعليكم السلام معلش يا ابنى قدر الله وماشاء فعل....
عقب فهد مردفا :
-- الحمد لله .. كل اللي يجيبه ربنا كويس .. شكرا ياحاج على سؤالك .. وشكرا لحضرتك على وقفه أحمد وعبد الله والدكتوره غمزه معنا.....
هتف عزت بود :
-- عيب يا ابنى الجيران لبعضها .. مابالك بأبوك ده عشرة العمر .. ربنا يعوض عليكم .. مع السلامه ربنا يستر طريقك....
أغلق المكالمه، واستدار يعطى الهاتف لغمزه، مدت يدها أخذته وملامحها عابسه فألم يدها مازال يداهما
فى نفس الأثناء تصاعد رنين هاتف "فهد" يعلن عن اتصال، أخرجه من جيب سرواله، ليجد المتصل والدته
أجابها على الفور قائلا بقلق :
-- خير يا أمى فى أيه........
عقبت هنيه بصوت مهزوز :
-- روح هات الدكتور أحمد، هو لسه ماشى من المزرعه، بس جدك تعب ومش عارفه رقمه عشان اتصل عليه...
أردف بلهفه متوتره :
-- متقلقيش ياأمى .. ثوانى مسافة السكه .. هو معايا اصلا .. هجيبه وأجى..
أغلق الهاتف، والتف يحدث أحمد :
-- معلش ياأحمد هتعبك معايا .. جدى تعبان جدا .. ومحتاجينك فى البيت ضرورى.....
أومأ أحمد بسعة صدر قائلا :
-- حاضر مفيش تعب خالص .. يالا بينا متقلقش ده كان متوقع بعد اللي حصل.......
قاطعتهم غمزه :
-- أنا هاجي معاكم عشان البقره اللي اتولدت النهارده كان لازم اكشف عليها .. أنا سيبتها ومشيت عشان صخر.....
احتنق فهد من تهورها مردفا :
-- أنتي لازم تروحي ترتاحي عشان انتي تعبانه.. كفايه اللي حصل لحد كده......
أيده أحمد مؤكدا :
-- فهد عنده حق .. وكمان عشان الحقنه اللي أخذتيها دي هتنيمك في اقل من نص ساعه.....
بلاش دماغك اللى انشف من الحجر، هتضرى نفسك جرح أيدك كبير ممكن ينزف تانى، بلاش تصدرى دماغ الصعايده النشفه دى...
اقتنعت برأيه، وأومأت بالموافقه وصلوا أمام البيت، هبطت تترجل من العربه، ودعتهم واستدارت تدلف للداخل
----------------------------
بينما داخل بيت عزت، القلق هو المسيطر عليهم.....
هتفت "أنعام" بحنو :
-- قوم يا"عزت" ارتاح شويه انت تعبت قوى بسبب اللي حصل النهارده، والحمد لله "أحمد" طمنك على "غمزة" وأهوو جايين فى الطريق، و"عبدالله" من وقت ما جه معاك دخل أوضته مخرجش شكله نام.....
جذبت يده تحثه على الخلود للنوم والراحه بعد عناء الأحداث السالفه.....
تنهد عزت بتعب مردفا :
-- ماشي ياأنعام ..
استقام يخطو بجوارها لغرفة نومه وهو يوصيها :
-- بس لما الولاد توصل ادخلي طمنيني.......
أومأت أنعام مبتسمه تجيبه :
-- حاضر بس ارتاح أنت .. هم مش لسه صغيرين .. أنت عندك رجاله حتي بناتك رجاله .. لما قاعدين جنبنا لحد الوقت من غير جواز......
هز "عزت" رأسه بيأس فزوجته لا تمل من هذه السيره، صعد مخدعه، يسطح جسده بارهاق...
عقب عليها :
-- لسه مجاش النصيب .. قولي يارب.....
أمنت أنعام على دعائه :
-- يارب يرزقهم بولاد الحلال اللي يهنوهم ويريحوهم .. نفسي افرح بيهم قبل ما أموت......
بحنو أردف عزت :
-- ليه السيره دى .. ربنا يبارك فى عمرك يا انعام .. احنا هنجوز العيال .. واخدك ونطلع نحج سوى أن شاء الله....
رتبت أنعام على يديه هاتفه :
-- ربنا يخليك لينا ياحبيبى
جذبت الغطاء دثرته، ودنت منه طبعت قبله على جبهته، واستقامت تطفئ الأنوار وغادرت الغرفه تنتظر باقى أولادها......
مر قليل من الوقت ليصدح صوت طرقات على باب البيت، همت ذاهبه تفتح، فوجئت ب"غمزة" بمفردها، أفسحت لها الطريق تدلف للداخل، على أقرب أريكه جلست "غمزة" بتعب ظاهر على جسدها المنهك........
أنتاب أنعام القلق هتفت بتساؤل :
-- مالك يا"غمزة" شكلك عامل كده ليه .. أيه اللى حصل يابنتى .. وفين "أحمد" مش كان جاى معاكِ........
أجابتها غمزة بارهاق :
-- أهدى ياماما أنا كويسه قدامك أهووو .. وأحمد عقبال ما وصلنا البيت جه ل فهد تليفون جده تعب .. فاضطر أحمد يروح معاه عشان يكشف على جده.....
تصاعد التوتر بقلب أنعام من شكل لفافة يدها، دنت منها تجلس جوارها وهتفت باستفهام :
-- كويسه أزاى وشكل لفة أيدك بتقول مجروحه جرح كبير ..
وضعت غمزه يدها على فمها تستحلفها أن تخفض صوتها :
-- بالله عليكى ياماما وطى صوتك .. شكل بابا دخل ينام هو مش بيستحمل السهر .. وأكيد تعب معاهم فى المزرعه .. فمش عايزة بابا يقلق عليا....
أزاحت يدها بحنو :
-- طب ياقلب ماما هو موصينى أول ما تيجى أطمنه عليكى .. أيه الحل فى المعضله دى.....
بنعاس نتيجة المخدر تتأبت هاتفه :
-- بصى ياماما تقريبا أنا الحقنه اللى أحمد أدهانى بدأت تتقل دماغى .. سيبنى أدخل أنام .. ولما بابا يصحى الصبح أنا هتفاهم معاه.....
قالت كلمتها الأخيره وهى تضع رأسها على صدر أنعام، تغط فى النوم.... ضمتها لصدرها بحب تربت على شعرها، تحمد الله على سلامتها، حاوطت خصرها لتستند عليها وخطت بها داخل غرفتها، وضعتها بالسرير، اطمأنت أنها غطت بالنوم، أطفئت الأنوار وغادرت لتغفو هى الأخرى......
------------------------
مرء القليل من الوقت، اصطفوا السياره بجوار الدوار، وهبطوا يترجلوا للداخل،
استوقف "أحمد" خطواته للقدوم للداخل، نظرا لحرمة وخصوصية البيت....
هتف بحياء :
-- اتفضل أنت أدخل الأول بلغهم أنى وصلت......
نهره فهد مقاطعا :
-- يالا ياأحمد .. أنت مش شايف الدوار مليان رجال شرطه بيعينوا الحريق...
تنحنح أحمد وولج وراء فهد لغرفة الحاج الراوى، ألقى التحيه وذهب يقف بجوار مخدعه هاتفا باطمئنان :
-- ألف سلامه عليك ياحج
أجابه بأنفاس متلاحقه :
-- أنا الحمد الله انتم قلقانين ليه انا بس ضغطي عالي شويه....
تبادلت "هنيه" النظرات بينها وبين الحجه "راضيه" وهتفت :
-- هو فعلا تعبان بجد يادكتور .. حتى نفسه مش قادر ياخده.....
وضع أحمد حقيبته على المنضده المجاوره للمخدع، وأخرج سماعته وجهاز قياس الضغط، وأخذ يفحصه بعنايه....
ربت سعد على كتفه مردفا :
-- يا حاج متزعلش نفسك .. وأنا أن شاء الله لازم أجيبلك اللي عمل كده تحت رجلك......
عقب فهد :
-- إن شاء الله هتقوم بسلامه يا جدى .. وحضرتك يا بابا سيبلي الموضوع ده وأنا هتصرف....
قاطعهم أحمد :
-- مش وقته يا جماعه الكلام ده .. الحاج لازم له راحه....
نظر ل فهد وتابع :
-- عوزك لحظه بره.....
ارتاب فهد فى نبرة أحمد وأمأ بالموافقه :
-- اتفضل ياأحمد، عن أذنك ياجدى، وأخذه وخرج يستفهم ما فى الأمر......
انتاب الفلق "هنيه" خرجت ورأهم باكيه تسأل بفضول :
-- عمى في حاجه .. تعبان صح.....
أجابها احمد بعمليه :
-- هو فعلا تعبان .. ده إنذار بذبحه صدريه .. هو صحته كويسه وبيقاوم .. بس الخوف أنه يتعب في أي وقت........
زفر فهد بحزن :
-- خلاص أعمل اللازم واللي جدى ممكن يحتاجه.....
تدخلت هنيه بلهفه قلقه:
-- ننقله المستشفى أحسن....
نظرت ل فهد بعيون تفيض بالدمع تستكمل بتوسل لإنقاذ أبيها الروحى :
-- انقل جدك المستشفى يافهد .. جدتك هتروح فيها لو حصله حاجه.....
مسد على كتفها قائلا بحنو:
-- أهدى يا أمى أن شاء الله مش هيحصله حاجه .. ولو محتاج انا مش هتأخر....
تبادل النظرات مع أحمد وأردف :
-- قولي يا أحمد ننقله .. اطلب الاسعاف تيجي حالا.....
عقب احمد برفض :
-- لا مش محتاج .. بس أنتو أبعدوا عنه أي انفعال .. وأنا هكتبله علي أدويه ياخدها في مواعيدها ويرتاح....
-------------------------
قطع كلامهم دخول "زينه" المفاجئ، دلفت تجرى ومن ورائها "فجر"، التفت تدور حولهم بصخب ضاحك، ترنحت خطوتها، وتمسكت بظهر"فهد" تختبئ منها...
صدحت "زينه"بصوت عالى :
-- أنا مستحيل أسيبك تضربيني.
صاحت هنيه بانفعال :
-- أيه أنتوا اتجننتوا .. مش عارفين أن جدكم تعبان .. مش كفايه اللي احنا فيه .. أيه الدلع والمسخره دى.....
أمسكت زراع "فجر" تزجرها :
-- وأنتى يا هانم ياعاقله .. اطلعي ذاكرى وبطلى دلع .. ودى آخر مره أشوف وشكم تحت النهارده......
موقف محرج وضعتها به أختها، لم تستطع الرد انهمرت دموعها، ثم رفعت رأسها كى تغادر، تلاقت عينيها بمقلتى أحمد، رمقها بإعجاب لثانى مره يشده برأتها....
تلعثمت خجله من حالها هاتفه :
-- أنا أسفه يا امي....
حاوط فهد كتفيها مهدئا أياه :
-- خلاص يا ماما محصلش حاجه...
ربت على وجنتيها بحنو :
-- وأنتى يا"فجر" يالا اطلعي ذاكرى وخدى معاكي الجبانة التانيه.....
أردفت فجر تعتذر :
-- آسفه ياأبيه مكنش قصدى...
ممكن اطمن علي جدو ......
قاطعتها هنيه بحزم :
-- مش وقته اطلعي وبعدين ابقي انزلي لما الدنيا تهدى.....
ناظرتهم وعينيها تغيم بالدموع هاتفه بحزن :
-- عن اذنكم
قالتها وهرولت سريعا كى تتوارى من إحراجها أمامهم.......
-----------------------
أما عنه فهو تائه مع جمالها الطبيعى، سابح فى ملكوت برأتها....
ابتسم "أحمد" يحدث نفسه بشرود :
-- بسم الله مشاء الله .. أيه الجمال ده والبراءة دى .. معقول في كده في الدنيا....
وعى لنفسه لينهرها، استغفر ربه، وطأطأ رأسه ينظر أرضا
صاح فهد :
-- روحت فين يا دكتور ..
تحمحم بإحراج
-- معاك اهوووو
عقبت هنيه :
-- اتفضل يا دكتور عند الحج جوا..
------------------------
خطوا باتجاه الغرفه قطع سيرهم صوت الغفير الذى يستأذن للسماح للضابط بالدخول، أومأ فهد له بالسماح...
صدح صوت الضابط بمهنيه :
-- بشمهندس "فهد" ممكن كلمتين عشان أقفل المحضر .. للأسف مفيش حد شاف حاجه وهو ماس كهربي دا اللي ظاهر قدامي من المعينه المبدئية .. ودالوقت محتاج الحاج الراوى ووالدك وريان أخوك .. لأنهم هما اللي فضلين. ..
أومأ فهد قائلا :
-- حاضر اتفضل في المكتب اشرب قهوتك علي ما الدكتور يخلص كشف علي جدى .. هستأذن منك نسيب أقوال جدى لبكرا لأنه زى ما أنت شايف من ساعة اللى حصل وهو تعبان.....
الضابط التمس العذر قائلا :
-- مفيش مشكله يبقى بكرا .. هاجى بنفسى أساله هنا عشان مجهدوش .. أدخل أنت اطمن عليه وألف مليون سلامه.....
صاحت هنيه على الخادمه :
-- يا"بهانه" وصلي حضرت الظابط المكتب واعمليله قهوه...
وحولت نظرها ل احمد اتفضل يا دكتور..... دلفوا لغرفة الحج الرواى، وجدوا يغفو فى النوم، وتجلس جواره الحجه راضيه تمسد على صدره بآيات الذكر الحكيم، تحمحمت "هنيه" للكلام، قاطعتها تشير لها بالصمت، تفهم أحمد الموقف أخذ حقيبته وغادر الغرفه...
بقلق أردف فهد :
-- أيه المطلوب ياأحمد شكله فعلا تعبان.....
بتريث عقب أحمد :
-- أن شاء الله هيبقي كويس .. بس أنت جيب الأدوية دى .. وياخدها بانتظام .. ولو حصل جديد كلمني هكون عندك خلال دقائق.....
أخرج دفتر روشة العلاج، كتب الأدويه المطلوبه وأعطاها له وأمسك حقيبته قائلا بإرهاق :
-- أسيبك أنا بقي عشان أنا كمان هلكان هروح أترمي علي السرير....
أردف فهد باعتذار :
-- آسف يا صاحبي تعبتك النهارده وخصوصا الدكتوره "غمزه"....
أحمد هتف بود :
-- عيب عليك كده أحنا أخواتك في ضهرك...
ابتسم يداعبه
-- بس فى الخير المره الجايه..
وتابع ينبه
-- طبعا مش معاك رقمى .. هتلاقى تليفونى متسجل علي الروشته... ابتسم يصافحه وخطى يسير للخارج.... بجواره يمشى فهد لتوصيله لبوابة الدوار الخارجيه مكان اصطفاف السياره...
بتهذيب هتف فهد عند توديعه :
-- ابقي سلميلي علي عبدالله واشكره هو والدكتوره قولهم ميزعلوش مننا....
رد عليه أحمد بود :
-- حصل خير .. ربنا يعوض عليكم مع السلامه ياأبوالفهود......
------------------------
زفر بتعب واستدار يدلف للداخل، يرى ما فى جعبة الضابط فهو لم يرتاح لكلماته، أحس أنه يوارى بعض الأشياء....
فتح فهد الباب هاتفا :
-- آسف اتأخرت علي حضرتك..
قالها وخطى يجلس علي كرسى المكتب.....
الضابط أردف :
-- لا أبدا عادى .. أنا يدوب لسه مخلص قهوتى ..
حك ذقنه وقطب حاجبيه قائلا :
-- تفتكر مين اللي ممكن يعمل كده .
مط فهد شفتيه لاسفل علامة على على معرفته :
-- أنا لسه راجع من السفر .. وفعلا مفيش لينا أعداء .. وحضرتك عارف الكلام ده كويس .. جدى ووالدى مشهود ليهم بالنزاهه....
تطلع له باستغراب وتابع :
-- ليه بتقول كده ... مع أنه برا حضرتك قولت أنه ماس كهربي....
الضابط بمهنيه :
-- ده عشان اللي شغالين في الفيلا لو فيهم حد هو اللي عملها او شريك فيها ياخد الامان .. بس الجرح اللي في حصانك الخاص بيقول أن في حد قاصد يعمل ده .. بس للاسف مفيش أي دليل عليه.....
استرسل بجديه :
-- بس احنا لسه بنجمع الخيوط، والتحقيق هيبقي سرى، عشان نحاول نكشف مين اللى ورا اللى حصل ... ودلوقتي ممكن والدك عشان اخد اقواله .. وريان شكله مش موجود ياريت تبلغه يجيني بكرا النيابه عشان أقفل المحضر.....
صدمه احتلته بعد كلام الظابط والذى أكد ظنه من البدايه....
هز فهد رأسه قائلا :
-- حاضر ثواني أندهولك...
استأذن منه، واستقام يخرج ينادى والده.... ولج لغرفة جده، ألقى التحيه وسأل على صحة جده
أجابه سعد :
-- الحمد لله نايم .. فين الأدويه بتاعته....
رد فهد :
-- أنا هبعت الغفير يجيب الأدويه.. بس الضابط عاوز يسألك كام سؤال...
نهض سعد يغادر قائلا :
-- خليك معاهم عشان لو احتاجوا حاجه....
هز فهد رأسه يطمأنه واستدار يهاتف أمه بحنو :
-- ماما لو سمحتي أكلي تيته أي حاجه عشان شكلها تعبان...
هنيه بحب :
-- عيوني يا حبيبي .. أنا قولت ل بهانه تحضر الأكل ..وهأكلها وأنت كمان خلص مع الظابط وهات الأدويه لأن أبوك شكله هو كمان تعبان بس بيكابر من ساعة ما خرج من المكتب بعد حفلة المحافظ وهو شكله متغير......
خطى فهد نحوها يقبل رأسها هاتفا بالين :
-- عيونى ياست الكل .. متقلقيش ياأمى كله هيبقى تمام .. بابا قوى بس هى شوية زوابع وهنخلص منها قريب ...
ذهب لمخدع جدته وجثى أمامها قائلا بحنو :
-- كده يا حجه "راضيه" معقول في حاجه صغيره تهزك كده يا جدتي.
مسدت الجده على يده برضا بقضاء الله هاتفه :
-- مفيش حاجه يا فهد أنا بس قلقت علي جدك.....
فهد بثقه :
-- جدى جبل يا كبيره عيله الراوى .. إن شاء الله هيقوم أحسن من الأول..
تابع بود :
-- محتاجه مني حاجه يا جدتي .
الحجه راضيه بحب :
-- ربنا يرضي عنك يا فهد يا كبد جدتك.....
فهد باستأذان :
-- عن أذنك يا جدتي..
غادر الغرفه ينادى على الغفير هريدى، هرول له بطاعه قائلا :
-- أمرك يا فهد بيه .
فهد بأمر :
-- روح هات الأدويه في لمحه البصر الأقيك هنا......
هز هريدى رأسه بطاعه :
-- أمرك يافهد باشا رهوان وهكون هنا... تركه مهرولا ليأتى بالأدوية.
---------------------------
فى نفس الأثناء خرج سعد من غرفة المكتب يجاوره الضابط.. هتف يودعه :
-- اتفضل ولو عرفت حاجه هبلغ حضرتك....
أجابه الضابط :
-- إن شاء الله .. مع السلامه..
استدار سعد ليشاهد فهد يخرج من غرفة جده، هتف بتساؤل :
-- جدك لسه نايم . أصلي قلقان عليه.
عقب عليه فهد بود :
-- آه لسه نايم .. متقلقش يابابا إن شاء الله جدى هيقوم زى الحصان ..
وتابع يبتسم بدعابه :
-- ويتجوز كمان علي كبيره االبلد الحجه راضيه......
فلتت ضحكات سعد :
-- دى جدتك كانت تقوم الحرب العالمية الثالثه ..
استرسل باهتمام :
-- المهم طمني علي حصانك حصله ايه بعد ما نقلته عند الدكتوره .
حاول فهد طمأنته :
-- خيطت الجرح ووأديته الأدوية اللازمه .. بس مخبيش عليك خايف بعد ده كلهة اضطر اقتله.....
تنهد سعد بإيمان :
-- ده نصيبه يا فهد ونصيبك انت كمان .. انا خايف عليك انت من زعلك عليه بس...
عقب فهد :
-- إن شاء الله ربنا كبير ومش هضطر لكده .. الدكتوره دى شكلها شاطره.....
باستحسان هتف سعد :
-- إن شاء الله خير .
قاطعتهم هنيه :
-- يالا عشان تتعشوا ....
أجابها فهد بإرهاق :
-- أنا آسف محتاج أنام .. جعان نوم وراحه .. وبكره ربنا يسهل أشوف الخراب اللي حصل في المزرعه .. هحاول أنام عشان أعرف أروح الصبح أطمن علي صخر .. ولو حصل حاجه صاحينى....
تابع برجاء :
-- عشان خاطرى ياأمى صالحي فجر قبل ما تنام عشان متنمش زعلانه.....
ابتسمت هنيه بحب :
-- هما ناموا .. بكره أصالحها ..
أكملت بأمر :
-- اطلع نام وأنا هبعتلك الأكل
فوق ومتقولش لأ .....
هتف فهد بطاعه :
-- خلاص هاتي الأكل أخده معايا عشان لو نمت محدش يقلقني...
اومأت له بحنو ودخلت تعد له وجبه خفيف وكوب لبن يساعده على الاسترخاء ..
أخد منها الاكل هاتفا :
-- تسلم أيدك يا ست الكل .. أنا هظبط المنبه عشان أبقى اطمن علي جدى .
أجابه سعد مقاطعا :
لا يا حبيبي احنا كلنا هنبات معاه ارتاح أنت جيت من السفر ومطبق بقالك يومين بسبب اللى حصل.....
استدار سعد وهنيه يدلفوا لغرفة الحج الراوى ليقضوا ليلتهم معه، حرصا منهم على سلامته....
هتفت الحجه راضيه باعتراض :
-- خد مرتك ياسعد واطلع أوضتك .. معيزاش حد معاى .. أنا زينه وابوك زين ولو جد جديد هنادم عليكم ياولدى .. اطلع ريح جتتك فى فرشتك .. أنت التعب ظاهر عليك بزياده وبكرا يوم طويل عشان تشوف حال المزرعه والفلاحين .. فهد لسه جاى مش هينفع تسيبه بطوله ..
أنهت كلامها تحدق فى هنيه بنظرات مطوله ذات مغزى، فهمت عليها مقصدها...
اقتربت هنيه من سعد تمسد على ظهره هاتفه :
-- الحجه عندها حق انت من قبل اللى حصل وانت تعبان، تعالى نطلع والصباح رباح كل حاجه هتبقى تمام....
تنهد بارهاق يوافقهم الرأى مردفا :
-- تمام ياحجه التليفون جانب راسك اى حاجه رنى عليا هتلاقينى تحت رجليكى....
دعت له الحجه راضيه بهدوء البال، وصلاح الحال، استودعوهم فى حفظ الله وغادروا......
------------------------
فى حين هو يصعد غرفته، مع كل درجة سُلم يصعدها حرب من الأفكار الضاريه تضرب رأسه، حديث الضابط يعبث بعقله، يؤكد له ظنه أن حريق المزرعه ما هو الإ تمويه للمخطط الرئيسى والمقصود به إصابة صخر، فعلة خبيثه الغرض منها إيلامى لمعرفتهم الشديده بمدى تعلقى به......
تهمهم بسخريه :
الأصابع الخفيه بدأت اللعب من أول وهله لرجوعى، بغتينى بوضع العثرات فى طريقى لتنالى منى، وتشعرينى بعجزى فى مقاومتك وردعك.....
بإصرار شحذ عزيمته :
-- هيهات لم أعد الطفل الصغير، ضعيف البنيان، ما حدث فى الماضى لن أسمح أن يكرره الزمان، افرحى قليلا بنشوة انتظارك المزيف، وأهلا بك فى جحيم اليتيم.....
قبض على الباب يفتحه بغضب، وضع صينية الطعام على المنضده، ووقف يضع يده بخصره يزفر أنفاسه بضيق، خلع عنه ملابسه، إلا من بعضا منها، ذهب لمخدعه يتسطح ليسطع بذهنه عدم تواجد أخيه، سؤال راوده أين هو من هذه الكوارث التى حطت على العائله، اعتدل قليلا وجذب هاتفه يحاول الاتصال به، أدار الإتصال عدة مرات، كلما حاول يأتيه الرد رنين طويل يتصاعد لنهايته بدون إجابه، زفر بملل التعب والإرهاق أخذ منه الكثير اليوم منهك الجسد عينيه بها نعاس لا يقاوم، ولكن لابد من طريقه للتواصل مع هذا المستهتر، عبث بتطبيق الواتس آب يكتب له رساله لعل عندما يستفيق يقرأها، بدأ يكتب ورأسه تترنح بثُقل، عينيه ترى الأحرف متداخله، وأخيرا فاز جسده وغلبه النعاس، ليسقط الهاتف من يديه دون إرسال الرساله....
سقط على الفراش بجسد منهك يغط فى النوم، وكل ما يردده ذهنه الهلاك لهذه الروح الشريره التى استوطنت العائله وآن الأوان لمقاومتها.......
----------------------------
يتبع............
---------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
----------------------
نمرتى .. معشوقتى......
هل خلقتي لتكوني كشمائى.....
أم لتكوني معذبتي.....
أعلم إنك لست بنمره عاديه ..
بل أشرس حوريه.....
أعلم أنك أقوى قطه بريه......
هل من هدنه لمخالبك القويه.....
قلبى وعقلى يتراشقان.... فى قربك يستعصى عليهما فهم الأبجديه، من تصرفاتك العفويه......
يقف متشنج العضلات عروق وجهه بارزة تكاد تنفجر من أحمرارها من شدة قلقه عليها، يستقدم خطوه نحوها، تنهره ليعود، يصرخ عليها لتهبط، تصيح ليصمت، أخذ يقلب كفيه يقبض على احدهما يصفع به الآخر يتصارع مع نفسه بجنون....
استنفذ صبره صرخ عليها :
-- أنتى مجنونه .. انزلي هيموتك....
أشارت له بهدوء أن يصمت ويتركها تتصرف وسيرى النتيجه، اقتربت من صخر بتروى، عندما رأها أخذ يصهل وهو يشب في الهواء...
مع زيادة هياج "صخر"، استقر على أن يصعد لها العربه، عاود النداء عليها مره أخرى لتفسح له المجال ليقفز جوارها، وبنبره أكثر حده وجنون صاح عليها :
-- وسعى وقفى على جنب .. بطلى تهور .. هتموتى ياغييه... أنتى عايزة تثبتى لنفسك انك دكتوره شاطره ..
حدجته بسخريه :
-- أنا شاطره وهتشوف .. أرجع أنا هتصرف معاه ده شغلي ياهندسه......
أستدارت للحصان مره أخرى، تذحف نحوه ببطئ، نظرت له بحنو مدت يدها وقبضت تمسك لجامه بإحكام، تطلعت ل فهد تنظر بانتصار.....
ولكن هو بأعصاب على حافة الهاويه، يقف مستنفر منها لعصيان كلامه والقذف به فى الهواء، كم يود تحطيم رأسها اليابسه، داخله يثور كمراجل النار....
فى حين أخذ الحصان يرفع قدميه الأمامية في الهواء، أحكمت غمزة" قبضتها على اللجام، تصاعد صوت صهيله، رمقته بحنو وتعاطف مع ألمه، ثبتت مقلتيها على عيونه، ترسل مواساة لروحه، ناجته بلين حتى يهدئ، قليلا وبدء فى الاسترخاء والاستجابه لنظراتها، ابتسمت بسعاده وتعالت ضحكاتها، لنجاحها ف احتواء هياجه....
أما هو تعب من المحاولات فى أن تعدل عن تهورها، حدثه قلبه أنك مقبل على عشق امرأه ليست عاديه.....
ولكن مهلا بعد قليل قلقه تحول لراحه، ابتسم بانبهار، وعقله يهنئ قلبه.... افرح أيها القلب لقد ابتليت بعشق أنثى.... لا تعرف من صفات البشر غير العند والقوى..... ازداد إصراره أكثر على عشقها..... ردد عقله وقلبه ترنيمه واحده..... أيتها النمره الشرسه سوف أروضك ل تكوني "غمزه الفهد".......
اعتلت الفرحه محياها وهتفت بصوت عالى :
-- "فهد" شوفت بعينك أنى قدرت أهدى "صخر" أزاى .. لازم تعرف أنى دماغي أنشف وأعند من "صخر" نفسه ..
أخرجت لسانها لتستفزه، واحتضنت رأس صخر تتحسسه بحنو ليهدء أكثر..
تطلعت تنظر ل"فهد" وتكلمت بتفاخر :
-- مفيش حد يقدر يقاوم "غمزه" حتي صخر في الآخر استسلم.......
أخذت قطع السكر من جيب سروالها، وبسطت يدها تأكل "صخر" السكر المخلوط بمخدر، حتى يهدئ تماما، بالفعل استكان فى وقفته، ولان هياجه.....
متمرده عفويه حدث بها نفسه، اقترب منهم وفتح الباب الخلفى للعربه، وبدأ يُصدر صفير مميز، صُفاره يعلمها "صخر"ويعلم من هوية صاحبها، استجاب صخر للنداء، هبط بسلاسه وهدوء
نظر لها بإعجاب قائلا :
-- برافو عليكي أيتها النمره الشرسه...
نظرت له بعدم إستيعاب وضيقت ما بين حاجبيها بعدم فهم، ولكن لم تعطى لكلامه أهمية، أولت ظهرها له ووقف أمام باب العياده وأشارت له هاتفه ........ دخله هنا
تركته يأتى بصخر ومشت تُحضر الأبره المخدره، بمجرد دخوله احتضنه فهد يربت على رأسه ليطمأن بوجوده، وساعده مرعى التمرجى بإمساكه من الخلف، تمكنت منه وأعطته الأبره بدون ألم ، ساعدوه، وطرحوه على أرضيه معقمه مجهزه نظرا لكبر حجمه، هدء تماما وتسطح يغط فى النوم، بدأت فى أداء مهمتها، وتقطيب جرحه، لعمق الجرح وطوله، استغرقت الكثير من الوقت، تقطع نياط قلبها عليه وهى تغرز سن الأبره لتضميد الجرح.....
غلبها ألمها لتهطل دموعها وجعا وقهرا عليه هتفت تحدثه وكأن فهد لا يوجد جوارها أردفت :
-- أنا مش متخيله في حد عنده قلب يعمل كده .. معقول يوصل انتقام انسان من حيوان بالبشاعه دى .. ليه عاوز يعذبك كده .. لدرجة أنه يجرحك من رقبتك لديلك .. ربنا المنتقم الجبار هيجيب لك حقك منه......
ترقرق الدمع بعينيه هاتفا بحزن :
-- هو كان قاصدني أنا .. حب يحرق قلبي عليه .. لانهم كلهم عارفين أنه غالي عندى......
عقبت عليه بشجن :
-- حسبي الله ونعم الوكيل .. فى كل إنسان مش بيخاف ربنا.....
استمرت فى عملها تضمد جرحه بإتقان مما أدهشه مهارتها....
ردد لنفسه باستغرب :
معقوله أنتى بالشطاره دي .. خيطتى جرح الحصان بطريقه ماهره ولا أجدعها دكتور تجميل .. باين عليكى قد حالك يا"كشمائى" ميتخافش عليكى يا"غمزتى".....
مرء وقت طويل ولم تنتهى بعد، بدأت علامات الألم تظهر على وجهها، أخذت تطقطق رقبتها وتحركها يمين يسار لعلها تلين من تيبسها...
رأف بحالها وحالة الإرهاق التى عليها هتف بحنو :
-- يادكتوره ممكن تاخدي بريك .. أنتي تعبتي جدا .. بقالك تقريبا ساعه بتخيطي جرح الحصان .. وتقريبا على الاقل لسه ساعه كمان وشكلك تعبتي......
عقبت عليه بإجهاد مردفه بأسف :
-- للأسف مينفعش أسيبه يتألم .. مدام بدأت في خياطة جرحه .. لازم اكمل قبل ما مفعول المخدر ينتهى .. متقلقش أنا كويسه الحمد لله......
نظرت إلى مرعي التمرجى تأمره :
-- جهز الأبره التانيه حالا دى مفعولها قرب يخلص .. يلا بسرعه مفيش وقت....
مرءت ساعه أخرى وبالفعل استطاعت تطيب جرحه بالكامل، أطمئنت على الحصان، وتركته معه تعطيه مساحته للاطمئنان عليه.........
--------------------------
خرجت تجلس في الهواء العليل تهدئ من وتيرة ألمها، ظلت تبكي فجرح يدها الغائر بدء يؤلمها نتيجة انتهاء مفعول المسكن الذى أعطاه لها الغفير الذى أرسله أخيها "أحمد"، حل التعب لتنهار بالبكاء كالأطفال، من يراها حاليا، لا يجزم إطلاقا أن تلك الأنثى المتمرد القويه منذ قليل، هى كائن ضعيف هش لا تقوى على فعل شئ سوى الأنخراط فى البكاء لعل أحدهم ينجدها......
اطمئن على صخر والتف يبحث عنها لم يجدها خرج للتفتيش عنها بالخارج، جذب مسامعه صوت شهقات، اقترب من الصوت ليتضح صوت بكائها العالى.....
استوقف أمامها وهتف بقلق :
-- أنتي كويسه .. في حاجه حصلت .. مالك تعبانه.......
بدموع انهارت فى البكاء، تتمسك بكفها والألم يوخزها بدون رحمه، اعتلى نحيبها وهتفت :
-- أنا فعلا تعبانه جدا .. مبقيتش قادره استحمل الألم......
صفع جبهته لتناسيه أمر جرج كفها اقترب منها قائلا بأسف :
-- أنا آسف انشغلت بصخر ونسيت أيدك ..
بسط يده يستأذنها :
-- ممكن اشوفها...
أمسكها وفك رباط المنديل الضامد للجرح، وبالفعل كان الجرح عميق يحتاج لغرز لتقطيبه، ملتهب بإحمرار شديد نتيجة إهمال علاجه لانها اهتمت بعلاج صخر بدلا عنها....
صدم من شكل الجرح وخصوصا بعد تجلط الدم، وما أفزعه تورم كفها بشكل يقلق مخافتا من أن يصيبها تسمم نتيجة تلوثه.......
صاح بنبره قلقه متوتره :
-- يالا نروح المستشفي "أحمد" شكله هيتأخر .....
انتحبت ببكاء هاتفه :
-- أنا هكلمه .. ممكن تاخد الفون من جيبي وتتصل عليه....
تطلع لها بأسف :
-- آسف يا"غمزه".. أنا كنت السبب في جرح أيدك ....
شرد فى عيونها الذابله أثر البكاء، تنحنح بحرج يطلب السماح منها لإخراج الهاتف من جيب سروالها، دنى بمحازتها وبأطراف أصابعه حاول أخرجه، ارتعشت أوصالها لقربه منها، قرعت نبضات خافقها كالطبول، أنفاسه تدغدغ حواسها، باءت محاولته بالفشل لارتعاش أنامله، وتعرق جبينه وكأنه أول مره يشاهد أنثى عن قرب...زفر بتوتر وقبض على كفه يقلل توتره، عاود الكرا مره أخرى ولكن أدخل كفه بالكامل ليستطيع إمساكه، حركته هذه جعلته يلامس جسدها، انتفضت تحبس أنفاسها، فمن يرى خلفيتهم يحسبه يحتضنها، شعر برجفتها، واحمرار وجهها، حاله لا يقل عنها، رمقها بنظرات شغوفه، رمقته بنظرات ناعسه وكأنها تناست ألمها... نهره عقله، وحثه على الاستفاقه من دوامة مشاعره التى لأول مره يختبرها، انتفض يبتعد عنها كمن مسه مس من الجن، نظر لها يطلب الغفران، تنفست هى الصعداء فى بعده، وطأطأت رأسها تومأ بخجل.....
جذبه أخيرا ليتنفس أنفاسه المسلوبه فى قربها، طلب منها الباص وورد أملته عليه، وما كان الا اسم والدتها المتوفاه "زهور"، فتحه ليشاهد خلفية هاتفها استشف أنها أمها نظرا لتقارب الملامح، تطلع لها بابتسامه جذابه فحالها شبيه حاله، أغمض مقلتيه وزفر براحه لتدبير القدر، عبث قى سجل الهاتف وأخرج اسم أخيها أحمد وقام بالاتصال عليه، بعد عدت رنات أتاه الرد....
بلهفه قلقه أجاب "أحمد" على تليفون غمزه :
-- أنتي فين يادكتوره "غمزه"
رد عليه فهد بتوتر :
-- الدكتور تعبانه جدا .. هتيجي ولا أخدها المستشفى....
عقب أحمد :
-- لا خليها تجيلي العياده أنا لسه مخلص ولادة الست اللى عندكم فى المزرعه، وعقبال ما تيجوا هكون انا سبقتكم ....
استوقفه بكاءها ليسأله باستفهام :
-- هي بتعيط ليه كده يافهد .. أدهالي أكلمها....
أجابه فهد :
-- ثواني ..
بسط يده لها قائلا :
-- أحمد عاوز يكلمك....
شهقت هاتفه بألم :
-- مش هقدر أمسك الفون .. ممكن تفتح الأسبيكر.....
حزن على حالها ونظر لها بحنو :
-- طب ممكن تهدي...
قام بفتح الأسبيكر وتابع بتروى :
-- أحمد اتخض عليكي .. وأنتى كده هتقلقيه أكثر.....
بنبره متألمه هتفت :
-- ياأبيه أنا أيدي بتوجعني جدا .. وحاسه من شده الألم هيغمي عليا .. والجرح ملتهب لدرجه مش قادره استحمله وعاوزه اقطعه.......
تدخل فهد بالحوار قائلا :
-- الجرح فى كلوة أيديها عميق ، اللحم بارز لبرا وشكله صعب خصوصا بعد ما التهب جامد، بص مش عارف أزاى أوصفلك ايديها .. أنا أسلم حل هجبهالك و هاجي....
رد عليه أحمد:
تمام يافهد انا مستنيكم فى العياده..
أغلق معه الهاتف واستدار يحثها على النهوض للسياره، أشار لها على العريه التى كان بها الحصان، فهى المتاحه الآن، صعدت تركب فى الكرسى الأمامي المجاور لعجلة القياده، وهو جلس بمقعد السائق، قاد سريعا ليصل بأقصى سرعه، كان يختلس النظرات لها، ليلاحظ بكائها المتألم.....
أراد أن يهون عليها وطأة الألم هتف يسألها :
-- دكتوره هو "صخر" هيفوق أمتى ده اولا .. وبعدين أنتي سيبَني أتكلم ومش عارف الطريق .. الغريب أعمى ولو كان بصير .. وأنا مسافر بقالى سنين وفى طرق جديده اول مره أشوفها......
بتتكلم بألم :
-- أمشى شمال هتلاقي المركز بتاعه في وشك ..
ابتلعت لعابها من الألم واستكملت :
-- صخر هيفوق علي بكره الصبح لأن الحركه غلط عليه .. وبعدين صخر حصان مش عادى .. بنيانه قوى هيقوم ويبقى زى الأول....
تطلعت للطريق وأشارت على العياده وصاحت :
-- إحنا وصلنا .. ممكن نقف هنا....
صدح صوته بقلق :
-- استنى افتحلك باب العربيه ...
هبط يلتف لجهة الباب المجاور لها، جذب المقبض يفتحه، نزلت سريعا تجرى للداخل، تركته يقف يقلب كفيه، يكلم نفسه :
-- الله يخربيت جنانك يا مجنونه بتجرى و بتعيطي كمان .. أنا مش عارف أنتى طفله ولا شابه كبيره... ذهب ورائها يستطلع أمرها.....
---------------------------
فى نفس الاثناء صعدت مكيده غرفتها كما أمرتها الحجه "راضيه" ظلت تأخذ الغرفه ذهابا وإيابا، سيجن عقلها من حديث السيده العجوز، صدى أحداث الخراب الذى افتعلته تثير قلقها، لان الذى استأجرته لم يسير كما خططت له، قبضت على هاتفها تدير اتصال مع أختها......
هتفت باستهجان :
-- الوليه العقربه اللي رجلها والقبر بتهددني عيني عينك .. زى ما تكون متاكده أنى أنا.. بس أنا مش هسمحلها أنها تسخن سعد عليه .. لأن سعد المره دى مش هقدر أقف قصاده ....
خرجت للشرفه تكمل كلامها فى سريه حتى لا يستمع لها أحد، صعقت عندما شاهدت عربات الشرطه تدخل الدوار،...
هتفت بفزع :
-- اقفلى أنتى دالوقت الشرطه ماليه الدوار .. ربنا يستر ....
لم تنتظر ردها وأغلقت الهاتف بوجهها وقررت النزول عندهم تستكشف أمرهم.......
--------------------------
الأخوات بهجة المنزل، فرح الجدران، أنس المكان، الأخوات نعمة لا يعرف عظمتها إلّا من تمتع بها......
بعد مضى قليل من الوقت دلفت للعياده، استمع احمد صوت بكائها خطى يفتح الباب، هرول لها قائلا :
-- أهدى ياحبيبتي تعالي...
استدار وتطلع ل فهد هاتفا..اتفضل..
صرخة وجع صاحت بها تسثغيث به :
-- الحقني ياأحمد هتجنن من الوجع .. مش قادره استحمل.....
أردف أحمد بلين :
-- أهدى يا قلب أخوكي....
بدأ بفك رباط المنديل الضماد على كفها، نظر لها بصدمه هاتفا :
-- ممكن أعرف الجرح ده وصل لأيدك ازاي.
انتحبت بالبكاء هاتفه بشهقات متقطعه أثر لصق المنديل للدم المتجلط وأردفت بوجع :
-- أنت عارف أنى كنت بولد العجل فى مزرعه الراوى، ولما خلصت وجيت أقف اتزحلقت بسبب الميه اللى فى الأرض .. وقعت على السكاكين اللى الجزار سيبها على الارض .. وبعدين اتلخمت فى جرح الحصان و"فهد" ربطه بمنديله عشان أوقف النزيف، والمسكن اللى بعتهولى سكن لى الألم لحد ما خلصت، وبعد كده كنت خلاص مقدرتش على التحمل خلصت.......
مع آخر كلمه أطلقت صرخة موجعه أثارت فزع فهد و أحمد... انتفضت واقفه عندما سأل دم جرحها من جديد وهتفت بألم......
-- اتصرف ياأحمد مش قادره استحمل....
انفزع "فهد" لمنظرها، آلمه قلبه وغُص من أجلها، يحمل نفسه الذنب فيما حدث لها.....
رتب أحمد على كتفها يحاول تهدئتها :
-- أهدي أحنا هنضف الجرح الأول، بس الأول هناخد أبره صغيره في دراعك عشان ما تحسيش بالألم .. أنا عارف أنك بتخافي من الحقن .. بس أنا أختى كبرت صح وبقيت دكتوره ومش بتخاف.....
بهستريه صاحت :
-- مستحيل أنت بتهزر صح
تعالى بكائها ورفعت رأسها تنظر ل فهد ودموعها تهطل بغزاره، تترجاه بنظراتها ولسانها :
-- قوله أنى بخاف من الحقن جدا يا فهد ......
استغرب أستنجدها به، ولكن لبى ندائها، تعمق فى نظراتها واقترب منها ونظر لأحمد بمعنى حضر الحقنه.......
اقترب منها يمد يده لها قائلا :
-- ممكن تهدى هتخافي وأنا معاكي .. دى حقنه بسيطه .. غمضي عيونك وفي لحظه مش هتحسي بحاجه خالص.....
تبادلت النظرات بقلق بين عينيه ويديه....
هز فهد رأسه يحثها على الأطمئنان هاتفا :
-- هاتى أيدك يا غمزه وامسك فيا....
كل هذا يحدث تحت نظرات أحمد المندهشه للهدوء الذى يسود بينهم....
بالفعل استكانت "غمزه" وتمسكت بيده، ولكن هلعها مازال مسيطر عليها، أغمضت جفونها بخوف، وغرزت أضافرها في معصمه، أدت إلى جرحه، لم يبالى بأصابته، كل همه توجعها، أثره برأة ملامحها، شرد فى نقاء طفولتها رغم كبر سنها....
انتهى "أحمد" من تقطيب جرحها، ولفه بالشاش واللاصق....
بينما هى من شدة الألم مازالت تضغط على يده، بينما هو مستمتع ينظر ليدها وقوة تمسكها به بسعاده.....
زفر أحمد براحه معلنا انتهائه :
-- الحمد لله ياستى .. خلصنا خلاص
جحظت غمزه مندهشه :
-- بجد أنا ليه محستش بحاجه...
داعبها أحمد :
-- اللى شاغل عقلك .. أكيد كنتى بتفكرى في حاجه مهمه اوى...
أردف فهد :
-- ألف سلامه عليكي يا دكتوره .. وآسف أنى كنت السبب في اللي حصلك.....
انتبهت ليدها ممسكه بيد، خجلت من فعلتها، سحبت يدها بعيدا عن يده، لتنتفض فجأة تقفز من علي سرير العياده....
هتفت معتذره :
-- أنا آسفه.. أنا جرحت أيدك من غير ما أقصد.. أنا عارفه نفسى جبانه وغبيه.....
بود أردف فهد :
-- أهدى محصلش حاجه .. ده جرح صغير محستش بيه أصلا.....
استقام أحمد ضاحكا :
-- بسيطه تعالى أطهرلك أيدك ..
واسترسل بمرح :
-- معرفش ليه البنات بتحب تربي ضوافرها وتخاف عليهم كأنهم كنز كبير .. عندها استعداد تخسر أي حاجه بس ضوافرها لا.....
عبست غمزه وزمت شفتيها :
-- أنا كده بردوا .. زعلانه منك علي فكره متكلمنيش تاني.....
تعالت ضحكات احمد يصفق بكفيه : -- مهما تكبرى هتفضلي طفله....
بينما هو غرق في شكلها الطفولي، سُحر بافتتان من برأتها التى تحثه على أكلها......
استفاق علي صوت أحمد يناديه :
-- اخلص تعالى أطهرلك مكان ضوافرها....
عقب عليه فهد :
-- بسيطه ياأحمد في أيه لده كله ..
تركه وخطى بجوار المنضدة الموضوع عليها المطهرات، جذب زجاجه ورش نها بضع قطرات على يده.......
نهره أحمد صائحا :
-- ايه يا ابني اللي حطيته ده .. دى ماده هتخليه يلتهب زياده .. أجرى أغسل أيدك بسرعه.
تطلع فهد لعينيها وهتف باعتذار :
-- عادى دى حاجه بسيطه .. المهم الدكتوره تسامحني اني كنت السبب في ألمها.....
توردت وجنتيها خجلا هاتفه :
-- مفيش حاجه مستدعيه للأعتذار .. أنا معملتش غير واجبى .. وكل حاجه بتحصل لينا مقدر ومكتوب .. الحمد لله أنها جت لحد كده......
نهض "أحمد" يجمع أشيائه بالحقيبه يستعد للمغادره، تطلع ل فهد قائلا :
-- تعالا يا"فهد" اركب معانا، مش هتعرف تسوق من أيديك الكحول اللى انت حطيته هيشد عليك مش هتعرف تمسك تارة الدريكسيون، وأبقى أبعت حد من الغفر ياخذ عربيتك.....
أومأ له فهد بالموافقه، وترجلوا سويا للسياره، استوقف فهد أمام الباب الخلفى كى يصعد....
أشارت له غمزه بتهكم :
-- أنت رايح فين يا أفندي أنت .. أنا اللي هركب ورا .. اتفضل أنت أركب جنب أحمد .. أثار حنقتها كلامه، أزاحته بيدها قليلا وفتحت باب العربه، وصعدت بهدوء تجلس بكبرياء
حدجته بحاجب مرفوع :
-- علي فكره أنا بفهم في الأصول...
استغراب .. اندهاش .. هذا شعوره الطاغي عليه الآن.....
ابتسم مشدوها من تصرفاتها... عندها مقدره رهيبه على التحول فى ثوانى..... مجنونه وقعت في حبها يا"فهد" اللي جاي كتير شكلها هتجننك... وهذا ما حدث به نفسه.....
استقر كلا منهم فى مقعده، وانطلقت السياره فى طريقها...
قطع أحمد صمت الطريق قائلا :
-- معلش يا"فهد" في سؤالى بس مين اللي بيكرهك أقوى كده عشان يدمر الدنيا بالشكل الرهيب ده......
نظره متحيره بادله أياها، هز رأسه بعدم معرفه مردفا :
-- مش عارف يا"أحمد" أنا بقالي كتير مسافر معرفش حاجه .. ولا سمعت أن في حد بيكرهنا أو بينا وبينه عداوه .. وعمر جدي ما ظلم حد .. ولا بابا كمان .. وأنت عايش في البلد وعارف هما بيتعاملوا مع الناس ازاي.....
شاركتهم "غمزه"حديثهم :
-- الحمد لله أن مفيش خساير في الأرواح .. ودي أهم حاجه دالوقت .. والباقي أن شاء الله يتعوض......
حل الصمت من جديد، ليقطعه صدوح رنين الهاتف، وكان الاتصال من والدها "عزت"...
اتسعت ابتسامتها وردت عليه بمشاغبه :
-- كده يا حبيبي ما تسألش عليا كل ده .. قلبك بقى قاسي قوي وانا مخصماك وأنسى أن لك حبيبه اسمها "غمزه".....
عذرا معنا عاشق فى درب الهوى جديد، كلماتها أضرمت النار فيه، حاله حال من يراه يجزم أنه سينفجر من شدة تشنج عضلاته، عروق وجه انتفضت بارزه، ضاق ما بين حاجيبه بعبوس مكفهر وكأن الشيطان سيتلبس جسده، زفر أنفاسه بحنق، التف لجهة الشباك حاول تهدئة وتيرة خفقاته، أغمض عيونه بشرود هامسا لنفسه :
-- يا بخته اللي أنتى بتحبيه الحب ده كله .. وبتعاتبيه بحب على اهماله لكي.....
قهرة المحب فى الحب موجعه عاتب حبيبها يحسده وكأنه يراه :
-- كم أنت محظوظ أيها المحب بما عشقها قلبي وامتلكت فؤدي...
استرسل يناشد قلبه :
-- اعتذر لك أيها القلب لأن من سكنتك .. أنت لا تملك قلبها....
غص قلبه من همسه المؤلم وتحجرت دموعه أسكنها مقلتيه عسى ألا يفضح أمره.....
بنزق محبب هتفت غمزه :
-- اتفضل يا"أحمد" كلمه أنت عشان أنا مخصماه......
بدعابه هتف "أحمد" :
-- دايما تجيب لنفسك الكلام .. رهيب أنت يا بابا .. عجبك كده أهي قلبت شفايفها علينا استلم بقى لما تجيلك.....
عزت بقلق :
-- أختك عامله أيه يا"أحمد" طمني عليكم .. الهانم سابيتنا أول ما دخلنا المزرعه ومعرفش عنها حاجه .. واتلهينا لحد ما "عبدالله" جه وقالى أنه شافها .. قولى يابنى هى بخير....
عقب أحمد مطمئناً أياه :
-- أحنا زي الفل حضرتك ما تقلقش .. ودلوقتي هجيب البرنسيس بتاعتنا عشان ترتاح هى مرهقه شويه لكن زى القرده صاغ سليم . وكمان معنا "فهد" تتصور طلع "فهد" زميلى من أيام الاعدادي والثانوي.
بمحبه هتف عزت :
-- طيب ياأحمد ادهولي أسلم عليه وأطيب خاطره بكلمتين فى المصيبه اللى حلت عليهم....
أما عنده هو أخيرا تنفس الصعداء، زفر نفس طويل وكأن حجر يجثو على صدره يعوق تنفسه، حمد الله أنه والدها....
حدث نفسه يلعن غبائه :
-- لتاني مره أظن غلط وفي الاخر يكون حد من أهلها.....
ابتسامه زينت ثغره تطلع لها بالمرآه لتتقابل عيناه بخاصتها هامسا لنفسه :
-- عشقت نمره شرسه في ملامح طفله...
على شروده لم يستمع لصوت أحمد وهو يقول :
-- اتفضل يا"فهد" الحاج عاوز يكلمك .. استفاق على أحمد يلكزه من كتفه .. فهو سارح فى ذات العيون اللوزيه.....
تنحنح فهد معتذرا :
-- آسف كنت سرحان
أخذ الهاتف يجيب على الاتصال قائلا :
-- السلام عليكم أزيك يا حاج.
أجابه عزت :
-- وعليكم السلام معلش يا ابنى قدر الله وماشاء فعل....
عقب فهد مردفا :
-- الحمد لله .. كل اللي يجيبه ربنا كويس .. شكرا ياحاج على سؤالك .. وشكرا لحضرتك على وقفه أحمد وعبد الله والدكتوره غمزه معنا.....
هتف عزت بود :
-- عيب يا ابنى الجيران لبعضها .. مابالك بأبوك ده عشرة العمر .. ربنا يعوض عليكم .. مع السلامه ربنا يستر طريقك....
أغلق المكالمه، واستدار يعطى الهاتف لغمزه، مدت يدها أخذته وملامحها عابسه فألم يدها مازال يداهما
فى نفس الأثناء تصاعد رنين هاتف "فهد" يعلن عن اتصال، أخرجه من جيب سرواله، ليجد المتصل والدته
أجابها على الفور قائلا بقلق :
-- خير يا أمى فى أيه........
عقبت هنيه بصوت مهزوز :
-- روح هات الدكتور أحمد، هو لسه ماشى من المزرعه، بس جدك تعب ومش عارفه رقمه عشان اتصل عليه...
أردف بلهفه متوتره :
-- متقلقيش ياأمى .. ثوانى مسافة السكه .. هو معايا اصلا .. هجيبه وأجى..
أغلق الهاتف، والتف يحدث أحمد :
-- معلش ياأحمد هتعبك معايا .. جدى تعبان جدا .. ومحتاجينك فى البيت ضرورى.....
أومأ أحمد بسعة صدر قائلا :
-- حاضر مفيش تعب خالص .. يالا بينا متقلقش ده كان متوقع بعد اللي حصل.......
قاطعتهم غمزه :
-- أنا هاجي معاكم عشان البقره اللي اتولدت النهارده كان لازم اكشف عليها .. أنا سيبتها ومشيت عشان صخر.....
احتنق فهد من تهورها مردفا :
-- أنتي لازم تروحي ترتاحي عشان انتي تعبانه.. كفايه اللي حصل لحد كده......
أيده أحمد مؤكدا :
-- فهد عنده حق .. وكمان عشان الحقنه اللي أخذتيها دي هتنيمك في اقل من نص ساعه.....
بلاش دماغك اللى انشف من الحجر، هتضرى نفسك جرح أيدك كبير ممكن ينزف تانى، بلاش تصدرى دماغ الصعايده النشفه دى...
اقتنعت برأيه، وأومأت بالموافقه وصلوا أمام البيت، هبطت تترجل من العربه، ودعتهم واستدارت تدلف للداخل
----------------------------
بينما داخل بيت عزت، القلق هو المسيطر عليهم.....
هتفت "أنعام" بحنو :
-- قوم يا"عزت" ارتاح شويه انت تعبت قوى بسبب اللي حصل النهارده، والحمد لله "أحمد" طمنك على "غمزة" وأهوو جايين فى الطريق، و"عبدالله" من وقت ما جه معاك دخل أوضته مخرجش شكله نام.....
جذبت يده تحثه على الخلود للنوم والراحه بعد عناء الأحداث السالفه.....
تنهد عزت بتعب مردفا :
-- ماشي ياأنعام ..
استقام يخطو بجوارها لغرفة نومه وهو يوصيها :
-- بس لما الولاد توصل ادخلي طمنيني.......
أومأت أنعام مبتسمه تجيبه :
-- حاضر بس ارتاح أنت .. هم مش لسه صغيرين .. أنت عندك رجاله حتي بناتك رجاله .. لما قاعدين جنبنا لحد الوقت من غير جواز......
هز "عزت" رأسه بيأس فزوجته لا تمل من هذه السيره، صعد مخدعه، يسطح جسده بارهاق...
عقب عليها :
-- لسه مجاش النصيب .. قولي يارب.....
أمنت أنعام على دعائه :
-- يارب يرزقهم بولاد الحلال اللي يهنوهم ويريحوهم .. نفسي افرح بيهم قبل ما أموت......
بحنو أردف عزت :
-- ليه السيره دى .. ربنا يبارك فى عمرك يا انعام .. احنا هنجوز العيال .. واخدك ونطلع نحج سوى أن شاء الله....
رتبت أنعام على يديه هاتفه :
-- ربنا يخليك لينا ياحبيبى
جذبت الغطاء دثرته، ودنت منه طبعت قبله على جبهته، واستقامت تطفئ الأنوار وغادرت الغرفه تنتظر باقى أولادها......
مر قليل من الوقت ليصدح صوت طرقات على باب البيت، همت ذاهبه تفتح، فوجئت ب"غمزة" بمفردها، أفسحت لها الطريق تدلف للداخل، على أقرب أريكه جلست "غمزة" بتعب ظاهر على جسدها المنهك........
أنتاب أنعام القلق هتفت بتساؤل :
-- مالك يا"غمزة" شكلك عامل كده ليه .. أيه اللى حصل يابنتى .. وفين "أحمد" مش كان جاى معاكِ........
أجابتها غمزة بارهاق :
-- أهدى ياماما أنا كويسه قدامك أهووو .. وأحمد عقبال ما وصلنا البيت جه ل فهد تليفون جده تعب .. فاضطر أحمد يروح معاه عشان يكشف على جده.....
تصاعد التوتر بقلب أنعام من شكل لفافة يدها، دنت منها تجلس جوارها وهتفت باستفهام :
-- كويسه أزاى وشكل لفة أيدك بتقول مجروحه جرح كبير ..
وضعت غمزه يدها على فمها تستحلفها أن تخفض صوتها :
-- بالله عليكى ياماما وطى صوتك .. شكل بابا دخل ينام هو مش بيستحمل السهر .. وأكيد تعب معاهم فى المزرعه .. فمش عايزة بابا يقلق عليا....
أزاحت يدها بحنو :
-- طب ياقلب ماما هو موصينى أول ما تيجى أطمنه عليكى .. أيه الحل فى المعضله دى.....
بنعاس نتيجة المخدر تتأبت هاتفه :
-- بصى ياماما تقريبا أنا الحقنه اللى أحمد أدهانى بدأت تتقل دماغى .. سيبنى أدخل أنام .. ولما بابا يصحى الصبح أنا هتفاهم معاه.....
قالت كلمتها الأخيره وهى تضع رأسها على صدر أنعام، تغط فى النوم.... ضمتها لصدرها بحب تربت على شعرها، تحمد الله على سلامتها، حاوطت خصرها لتستند عليها وخطت بها داخل غرفتها، وضعتها بالسرير، اطمأنت أنها غطت بالنوم، أطفئت الأنوار وغادرت لتغفو هى الأخرى......
------------------------
مرء القليل من الوقت، اصطفوا السياره بجوار الدوار، وهبطوا يترجلوا للداخل،
استوقف "أحمد" خطواته للقدوم للداخل، نظرا لحرمة وخصوصية البيت....
هتف بحياء :
-- اتفضل أنت أدخل الأول بلغهم أنى وصلت......
نهره فهد مقاطعا :
-- يالا ياأحمد .. أنت مش شايف الدوار مليان رجال شرطه بيعينوا الحريق...
تنحنح أحمد وولج وراء فهد لغرفة الحاج الراوى، ألقى التحيه وذهب يقف بجوار مخدعه هاتفا باطمئنان :
-- ألف سلامه عليك ياحج
أجابه بأنفاس متلاحقه :
-- أنا الحمد الله انتم قلقانين ليه انا بس ضغطي عالي شويه....
تبادلت "هنيه" النظرات بينها وبين الحجه "راضيه" وهتفت :
-- هو فعلا تعبان بجد يادكتور .. حتى نفسه مش قادر ياخده.....
وضع أحمد حقيبته على المنضده المجاوره للمخدع، وأخرج سماعته وجهاز قياس الضغط، وأخذ يفحصه بعنايه....
ربت سعد على كتفه مردفا :
-- يا حاج متزعلش نفسك .. وأنا أن شاء الله لازم أجيبلك اللي عمل كده تحت رجلك......
عقب فهد :
-- إن شاء الله هتقوم بسلامه يا جدى .. وحضرتك يا بابا سيبلي الموضوع ده وأنا هتصرف....
قاطعهم أحمد :
-- مش وقته يا جماعه الكلام ده .. الحاج لازم له راحه....
نظر ل فهد وتابع :
-- عوزك لحظه بره.....
ارتاب فهد فى نبرة أحمد وأمأ بالموافقه :
-- اتفضل ياأحمد، عن أذنك ياجدى، وأخذه وخرج يستفهم ما فى الأمر......
انتاب الفلق "هنيه" خرجت ورأهم باكيه تسأل بفضول :
-- عمى في حاجه .. تعبان صح.....
أجابها احمد بعمليه :
-- هو فعلا تعبان .. ده إنذار بذبحه صدريه .. هو صحته كويسه وبيقاوم .. بس الخوف أنه يتعب في أي وقت........
زفر فهد بحزن :
-- خلاص أعمل اللازم واللي جدى ممكن يحتاجه.....
تدخلت هنيه بلهفه قلقه:
-- ننقله المستشفى أحسن....
نظرت ل فهد بعيون تفيض بالدمع تستكمل بتوسل لإنقاذ أبيها الروحى :
-- انقل جدك المستشفى يافهد .. جدتك هتروح فيها لو حصله حاجه.....
مسد على كتفها قائلا بحنو:
-- أهدى يا أمى أن شاء الله مش هيحصله حاجه .. ولو محتاج انا مش هتأخر....
تبادل النظرات مع أحمد وأردف :
-- قولي يا أحمد ننقله .. اطلب الاسعاف تيجي حالا.....
عقب احمد برفض :
-- لا مش محتاج .. بس أنتو أبعدوا عنه أي انفعال .. وأنا هكتبله علي أدويه ياخدها في مواعيدها ويرتاح....
-------------------------
قطع كلامهم دخول "زينه" المفاجئ، دلفت تجرى ومن ورائها "فجر"، التفت تدور حولهم بصخب ضاحك، ترنحت خطوتها، وتمسكت بظهر"فهد" تختبئ منها...
صدحت "زينه"بصوت عالى :
-- أنا مستحيل أسيبك تضربيني.
صاحت هنيه بانفعال :
-- أيه أنتوا اتجننتوا .. مش عارفين أن جدكم تعبان .. مش كفايه اللي احنا فيه .. أيه الدلع والمسخره دى.....
أمسكت زراع "فجر" تزجرها :
-- وأنتى يا هانم ياعاقله .. اطلعي ذاكرى وبطلى دلع .. ودى آخر مره أشوف وشكم تحت النهارده......
موقف محرج وضعتها به أختها، لم تستطع الرد انهمرت دموعها، ثم رفعت رأسها كى تغادر، تلاقت عينيها بمقلتى أحمد، رمقها بإعجاب لثانى مره يشده برأتها....
تلعثمت خجله من حالها هاتفه :
-- أنا أسفه يا امي....
حاوط فهد كتفيها مهدئا أياه :
-- خلاص يا ماما محصلش حاجه...
ربت على وجنتيها بحنو :
-- وأنتى يا"فجر" يالا اطلعي ذاكرى وخدى معاكي الجبانة التانيه.....
أردفت فجر تعتذر :
-- آسفه ياأبيه مكنش قصدى...
ممكن اطمن علي جدو ......
قاطعتها هنيه بحزم :
-- مش وقته اطلعي وبعدين ابقي انزلي لما الدنيا تهدى.....
ناظرتهم وعينيها تغيم بالدموع هاتفه بحزن :
-- عن اذنكم
قالتها وهرولت سريعا كى تتوارى من إحراجها أمامهم.......
-----------------------
أما عنه فهو تائه مع جمالها الطبيعى، سابح فى ملكوت برأتها....
ابتسم "أحمد" يحدث نفسه بشرود :
-- بسم الله مشاء الله .. أيه الجمال ده والبراءة دى .. معقول في كده في الدنيا....
وعى لنفسه لينهرها، استغفر ربه، وطأطأ رأسه ينظر أرضا
صاح فهد :
-- روحت فين يا دكتور ..
تحمحم بإحراج
-- معاك اهوووو
عقبت هنيه :
-- اتفضل يا دكتور عند الحج جوا..
------------------------
خطوا باتجاه الغرفه قطع سيرهم صوت الغفير الذى يستأذن للسماح للضابط بالدخول، أومأ فهد له بالسماح...
صدح صوت الضابط بمهنيه :
-- بشمهندس "فهد" ممكن كلمتين عشان أقفل المحضر .. للأسف مفيش حد شاف حاجه وهو ماس كهربي دا اللي ظاهر قدامي من المعينه المبدئية .. ودالوقت محتاج الحاج الراوى ووالدك وريان أخوك .. لأنهم هما اللي فضلين. ..
أومأ فهد قائلا :
-- حاضر اتفضل في المكتب اشرب قهوتك علي ما الدكتور يخلص كشف علي جدى .. هستأذن منك نسيب أقوال جدى لبكرا لأنه زى ما أنت شايف من ساعة اللى حصل وهو تعبان.....
الضابط التمس العذر قائلا :
-- مفيش مشكله يبقى بكرا .. هاجى بنفسى أساله هنا عشان مجهدوش .. أدخل أنت اطمن عليه وألف مليون سلامه.....
صاحت هنيه على الخادمه :
-- يا"بهانه" وصلي حضرت الظابط المكتب واعمليله قهوه...
وحولت نظرها ل احمد اتفضل يا دكتور..... دلفوا لغرفة الحج الرواى، وجدوا يغفو فى النوم، وتجلس جواره الحجه راضيه تمسد على صدره بآيات الذكر الحكيم، تحمحمت "هنيه" للكلام، قاطعتها تشير لها بالصمت، تفهم أحمد الموقف أخذ حقيبته وغادر الغرفه...
بقلق أردف فهد :
-- أيه المطلوب ياأحمد شكله فعلا تعبان.....
بتريث عقب أحمد :
-- أن شاء الله هيبقي كويس .. بس أنت جيب الأدوية دى .. وياخدها بانتظام .. ولو حصل جديد كلمني هكون عندك خلال دقائق.....
أخرج دفتر روشة العلاج، كتب الأدويه المطلوبه وأعطاها له وأمسك حقيبته قائلا بإرهاق :
-- أسيبك أنا بقي عشان أنا كمان هلكان هروح أترمي علي السرير....
أردف فهد باعتذار :
-- آسف يا صاحبي تعبتك النهارده وخصوصا الدكتوره "غمزه"....
أحمد هتف بود :
-- عيب عليك كده أحنا أخواتك في ضهرك...
ابتسم يداعبه
-- بس فى الخير المره الجايه..
وتابع ينبه
-- طبعا مش معاك رقمى .. هتلاقى تليفونى متسجل علي الروشته... ابتسم يصافحه وخطى يسير للخارج.... بجواره يمشى فهد لتوصيله لبوابة الدوار الخارجيه مكان اصطفاف السياره...
بتهذيب هتف فهد عند توديعه :
-- ابقي سلميلي علي عبدالله واشكره هو والدكتوره قولهم ميزعلوش مننا....
رد عليه أحمد بود :
-- حصل خير .. ربنا يعوض عليكم مع السلامه ياأبوالفهود......
------------------------
زفر بتعب واستدار يدلف للداخل، يرى ما فى جعبة الضابط فهو لم يرتاح لكلماته، أحس أنه يوارى بعض الأشياء....
فتح فهد الباب هاتفا :
-- آسف اتأخرت علي حضرتك..
قالها وخطى يجلس علي كرسى المكتب.....
الضابط أردف :
-- لا أبدا عادى .. أنا يدوب لسه مخلص قهوتى ..
حك ذقنه وقطب حاجبيه قائلا :
-- تفتكر مين اللي ممكن يعمل كده .
مط فهد شفتيه لاسفل علامة على على معرفته :
-- أنا لسه راجع من السفر .. وفعلا مفيش لينا أعداء .. وحضرتك عارف الكلام ده كويس .. جدى ووالدى مشهود ليهم بالنزاهه....
تطلع له باستغراب وتابع :
-- ليه بتقول كده ... مع أنه برا حضرتك قولت أنه ماس كهربي....
الضابط بمهنيه :
-- ده عشان اللي شغالين في الفيلا لو فيهم حد هو اللي عملها او شريك فيها ياخد الامان .. بس الجرح اللي في حصانك الخاص بيقول أن في حد قاصد يعمل ده .. بس للاسف مفيش أي دليل عليه.....
استرسل بجديه :
-- بس احنا لسه بنجمع الخيوط، والتحقيق هيبقي سرى، عشان نحاول نكشف مين اللى ورا اللى حصل ... ودلوقتي ممكن والدك عشان اخد اقواله .. وريان شكله مش موجود ياريت تبلغه يجيني بكرا النيابه عشان أقفل المحضر.....
صدمه احتلته بعد كلام الظابط والذى أكد ظنه من البدايه....
هز فهد رأسه قائلا :
-- حاضر ثواني أندهولك...
استأذن منه، واستقام يخرج ينادى والده.... ولج لغرفة جده، ألقى التحيه وسأل على صحة جده
أجابه سعد :
-- الحمد لله نايم .. فين الأدويه بتاعته....
رد فهد :
-- أنا هبعت الغفير يجيب الأدويه.. بس الضابط عاوز يسألك كام سؤال...
نهض سعد يغادر قائلا :
-- خليك معاهم عشان لو احتاجوا حاجه....
هز فهد رأسه يطمأنه واستدار يهاتف أمه بحنو :
-- ماما لو سمحتي أكلي تيته أي حاجه عشان شكلها تعبان...
هنيه بحب :
-- عيوني يا حبيبي .. أنا قولت ل بهانه تحضر الأكل ..وهأكلها وأنت كمان خلص مع الظابط وهات الأدويه لأن أبوك شكله هو كمان تعبان بس بيكابر من ساعة ما خرج من المكتب بعد حفلة المحافظ وهو شكله متغير......
خطى فهد نحوها يقبل رأسها هاتفا بالين :
-- عيونى ياست الكل .. متقلقيش ياأمى كله هيبقى تمام .. بابا قوى بس هى شوية زوابع وهنخلص منها قريب ...
ذهب لمخدع جدته وجثى أمامها قائلا بحنو :
-- كده يا حجه "راضيه" معقول في حاجه صغيره تهزك كده يا جدتي.
مسدت الجده على يده برضا بقضاء الله هاتفه :
-- مفيش حاجه يا فهد أنا بس قلقت علي جدك.....
فهد بثقه :
-- جدى جبل يا كبيره عيله الراوى .. إن شاء الله هيقوم أحسن من الأول..
تابع بود :
-- محتاجه مني حاجه يا جدتي .
الحجه راضيه بحب :
-- ربنا يرضي عنك يا فهد يا كبد جدتك.....
فهد باستأذان :
-- عن أذنك يا جدتي..
غادر الغرفه ينادى على الغفير هريدى، هرول له بطاعه قائلا :
-- أمرك يا فهد بيه .
فهد بأمر :
-- روح هات الأدويه في لمحه البصر الأقيك هنا......
هز هريدى رأسه بطاعه :
-- أمرك يافهد باشا رهوان وهكون هنا... تركه مهرولا ليأتى بالأدوية.
---------------------------
فى نفس الأثناء خرج سعد من غرفة المكتب يجاوره الضابط.. هتف يودعه :
-- اتفضل ولو عرفت حاجه هبلغ حضرتك....
أجابه الضابط :
-- إن شاء الله .. مع السلامه..
استدار سعد ليشاهد فهد يخرج من غرفة جده، هتف بتساؤل :
-- جدك لسه نايم . أصلي قلقان عليه.
عقب عليه فهد بود :
-- آه لسه نايم .. متقلقش يابابا إن شاء الله جدى هيقوم زى الحصان ..
وتابع يبتسم بدعابه :
-- ويتجوز كمان علي كبيره االبلد الحجه راضيه......
فلتت ضحكات سعد :
-- دى جدتك كانت تقوم الحرب العالمية الثالثه ..
استرسل باهتمام :
-- المهم طمني علي حصانك حصله ايه بعد ما نقلته عند الدكتوره .
حاول فهد طمأنته :
-- خيطت الجرح ووأديته الأدوية اللازمه .. بس مخبيش عليك خايف بعد ده كلهة اضطر اقتله.....
تنهد سعد بإيمان :
-- ده نصيبه يا فهد ونصيبك انت كمان .. انا خايف عليك انت من زعلك عليه بس...
عقب فهد :
-- إن شاء الله ربنا كبير ومش هضطر لكده .. الدكتوره دى شكلها شاطره.....
باستحسان هتف سعد :
-- إن شاء الله خير .
قاطعتهم هنيه :
-- يالا عشان تتعشوا ....
أجابها فهد بإرهاق :
-- أنا آسف محتاج أنام .. جعان نوم وراحه .. وبكره ربنا يسهل أشوف الخراب اللي حصل في المزرعه .. هحاول أنام عشان أعرف أروح الصبح أطمن علي صخر .. ولو حصل حاجه صاحينى....
تابع برجاء :
-- عشان خاطرى ياأمى صالحي فجر قبل ما تنام عشان متنمش زعلانه.....
ابتسمت هنيه بحب :
-- هما ناموا .. بكره أصالحها ..
أكملت بأمر :
-- اطلع نام وأنا هبعتلك الأكل
فوق ومتقولش لأ .....
هتف فهد بطاعه :
-- خلاص هاتي الأكل أخده معايا عشان لو نمت محدش يقلقني...
اومأت له بحنو ودخلت تعد له وجبه خفيف وكوب لبن يساعده على الاسترخاء ..
أخد منها الاكل هاتفا :
-- تسلم أيدك يا ست الكل .. أنا هظبط المنبه عشان أبقى اطمن علي جدى .
أجابه سعد مقاطعا :
لا يا حبيبي احنا كلنا هنبات معاه ارتاح أنت جيت من السفر ومطبق بقالك يومين بسبب اللى حصل.....
استدار سعد وهنيه يدلفوا لغرفة الحج الراوى ليقضوا ليلتهم معه، حرصا منهم على سلامته....
هتفت الحجه راضيه باعتراض :
-- خد مرتك ياسعد واطلع أوضتك .. معيزاش حد معاى .. أنا زينه وابوك زين ولو جد جديد هنادم عليكم ياولدى .. اطلع ريح جتتك فى فرشتك .. أنت التعب ظاهر عليك بزياده وبكرا يوم طويل عشان تشوف حال المزرعه والفلاحين .. فهد لسه جاى مش هينفع تسيبه بطوله ..
أنهت كلامها تحدق فى هنيه بنظرات مطوله ذات مغزى، فهمت عليها مقصدها...
اقتربت هنيه من سعد تمسد على ظهره هاتفه :
-- الحجه عندها حق انت من قبل اللى حصل وانت تعبان، تعالى نطلع والصباح رباح كل حاجه هتبقى تمام....
تنهد بارهاق يوافقهم الرأى مردفا :
-- تمام ياحجه التليفون جانب راسك اى حاجه رنى عليا هتلاقينى تحت رجليكى....
دعت له الحجه راضيه بهدوء البال، وصلاح الحال، استودعوهم فى حفظ الله وغادروا......
------------------------
فى حين هو يصعد غرفته، مع كل درجة سُلم يصعدها حرب من الأفكار الضاريه تضرب رأسه، حديث الضابط يعبث بعقله، يؤكد له ظنه أن حريق المزرعه ما هو الإ تمويه للمخطط الرئيسى والمقصود به إصابة صخر، فعلة خبيثه الغرض منها إيلامى لمعرفتهم الشديده بمدى تعلقى به......
تهمهم بسخريه :
الأصابع الخفيه بدأت اللعب من أول وهله لرجوعى، بغتينى بوضع العثرات فى طريقى لتنالى منى، وتشعرينى بعجزى فى مقاومتك وردعك.....
بإصرار شحذ عزيمته :
-- هيهات لم أعد الطفل الصغير، ضعيف البنيان، ما حدث فى الماضى لن أسمح أن يكرره الزمان، افرحى قليلا بنشوة انتظارك المزيف، وأهلا بك فى جحيم اليتيم.....
قبض على الباب يفتحه بغضب، وضع صينية الطعام على المنضده، ووقف يضع يده بخصره يزفر أنفاسه بضيق، خلع عنه ملابسه، إلا من بعضا منها، ذهب لمخدعه يتسطح ليسطع بذهنه عدم تواجد أخيه، سؤال راوده أين هو من هذه الكوارث التى حطت على العائله، اعتدل قليلا وجذب هاتفه يحاول الاتصال به، أدار الإتصال عدة مرات، كلما حاول يأتيه الرد رنين طويل يتصاعد لنهايته بدون إجابه، زفر بملل التعب والإرهاق أخذ منه الكثير اليوم منهك الجسد عينيه بها نعاس لا يقاوم، ولكن لابد من طريقه للتواصل مع هذا المستهتر، عبث بتطبيق الواتس آب يكتب له رساله لعل عندما يستفيق يقرأها، بدأ يكتب ورأسه تترنح بثُقل، عينيه ترى الأحرف متداخله، وأخيرا فاز جسده وغلبه النعاس، ليسقط الهاتف من يديه دون إرسال الرساله....
سقط على الفراش بجسد منهك يغط فى النوم، وكل ما يردده ذهنه الهلاك لهذه الروح الشريره التى استوطنت العائله وآن الأوان لمقاومتها.......
----------------------------
يتبع............