اخر الروايات

رواية غمزة الفهد الفصل السابع 7 بقلم ياسمين الهجرسي

رواية غمزة الفهد الفصل السابع 7 بقلم ياسمين الهجرسي



رواية
(غمزة الفهد حب بالمصادفه)
مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
----------------------
سبحان الله وبحمده✨️ سبحان الله العظيم
----------------------

يرى المتشائم الصعوبة في كل فرصة، أما المتفائل فيرى الفرصة في كل صعوبة.....

ها هما يمشيان كالقضبان المتنافران، هو أنفاسه حارقه يكاد يلفظ نار من جوفه، وهى مسترخيه مستمتعه، تكاد تحلق كالفراشات بين الأغصان.....

قطع طريقهم أخيها "عبدالله"، الذى ظل يبحث عنها إلى أن وجدها، وبمجرد أن رأها، اختطفها من أرضها يحضنها بسعاده يحمد الله على سلامة لقياها....

هتف بغبطه :
-- الحمد لله أني لاقيتك ياحبيبتي أخيراً .. خوفت عليك جداً....

أهدى"فهد" ما بك يتاكل بعضك البعض..... تروى قليلا يافتى.....
ولكن أين التريث من قلب ينبض خافقه بدون أسباب.... ولكن كيف لا توجد أسباب..... بالطبع يوجد أسباب وإشعارات صادره ووارده بين العقل والقلب...... فنبضاته زائده فى حضرتها..... إحساسه كُليا جديد بقربها...... عقله مع عفويتها شارد....

احتضنها .. يدور بها .. يضحكان ولا يعتبران لى .. هاج وماج داخله .. تلفظ بما يكنه داخله يحدث نفسه :
-- دى طلعت متجوزه ولا أيه .. بس أزاى أكيد في حاجه غلط .. مش معقول أول ما قلبى يدق يبقى إحساسى غلط.....

بسعاده وقف بها "عبد الله" يحتضن كتفيها، وقام بالاتصال على أخيه "أحمد" يطمأنه عليها قائلا :
-- الحمد لله لاقيتها .. تعال عند الشجره اللي أختك بتحبها.....

تأبطت زراعه تحاول تهدئته هاتفه بحنو :
-- أهدى يا حبيبي أنا كويسه .. مفييش أي حاجه.....

ربت "عبد الله" على زراعها بحب
لتقع عينه على ضمادة كفها.....
صاح بذعر :
-- أيه ده .. أيدك مجروحه كده ليه .. ده شكله جرح كبير .. يلا نروح المركز عند "أحمد" يشوفك ويطمني عليكي........

تمسكت بيده تهدئ من روعه وهاتفته مبتسمه:
-- ده جرح سطحي وأنا مش حاسه بيه أصلا .. أهدى عشان خاطري لو بتحبني يا عبودي......

بسيطه هى علاقة الأخوات مدام القلب لم تلوثه الضغائن..
بأبسط الكلمات امتصت قلقه......

هتف عبد الله بحبور :
-- أنا أصلا بموت فيكي .. وبعد عبودي دي عشقتك.....
ضمها لأحضانه سعيد فرح لسلامتها......

فى حين لدينا عاشق جديد فى درب الهوى يسير، يجن جنونه من هيئتهم.... عقله ينهره لما العصبيه.... وقلبه يواسيه من الغيره الغبيه......
عصبيه مفرطه بدون سبب مقنع
تَمَلَكْ منه هوس الغيره.... إشعارات مفرداته كلها دلائل لعشقها.... يظل فقط الاعتراف بحبها......

زفر أنفاسه بغضب ولفرط عصبيته، باغتهم برصاصه فى الهواء، شتت جمعهم، وفزع قلوبهم......

اختلج "عبدالله" فى الحال، لتهوى "غمزة" من بين يديه تقع أرضا.....

بنزق هتفت "غمزة" متئفأفه :
-- أنت مجنون يا"عبد الله" ..
أزاى تعمل كده .. أنت وقعتني جامد وانا مش مستحمله أنا مصدقت نزيف أيدى وقف.. ....

استقامت بحنق وأشارت له باستهزاء تحدثه باستهجان :
-- أنت مجنون عشان تضرب رصاص .. أيه اللي حصل لكل ده .. أنت عارف في كام شخص سياتك خضيتهم و خوفتهم بعملك دى .. هى الناس ناقصه خضه .. مش كفايه عليهم خضة الحريق......

فى طريقه لهم شاهدها مطروحه أرضا، أصابه الخوف عليها، أسرع من هرولته وبأنفاس متلاحقه، اقترب يتطلع لجسدها ربما لاحقها أذى هتف "أحمد" بقلق :
-- أنتي كويسه .. أنا شوفتك واقعه في الأرض .. حصلك حاجه....

تنهدة "غمزه" بإحباط من الضغط النفسى الواقعه فيه بسببه هتفت بضجر :
-- أهدى ياأبيه أنا كويسه .. بس المجنون ده ضرب رصاصه فى الهوا .. وأشارت علي"فهد" مكمله .. وهو علي جنانه أصلا .. مجنون رسمى ناقص يروح الخنكه....

ربعت يديها تحت صدرها، وقلبت شفتيها كالأطفال، واسترسلت باستياء :
-- والمجنون الثاني "عبدالله" طبعا وقعني في الأرض .. وأنت عارفني حساسه ومش بستحمل شغل العيال ده......

تعالت ضحكات "أحمد" وهو يشير الى "عبدالله" قائلا :
-- هههههههههه المجنون ده وعارفين جنونه .. لما بيكون معاكي .. لكن مين بقى سعيد الحظ إللى أخذ لقب مجنون من الدكتوره "غمزه"..

استدار يتطلع لمن يقف خلفه، رمقه بتركيز، يتذكر أين رأه مسبقا، هذه الملامح ليست بغريبه عليه، سكنت الدهشه عيناه اقترب منه....
هتف بسعاده لمعرفة هويته :
-- والله زمان يافهد .. وحشنى ياجدع فينك من أيام ثانوى....

عانقه "أحمد" بمحبه وفرحة لقاء بعد غياب...
بادله "فهد" العناق مشدداً على احتضانه...

أردف فهد باشتياق :
-- أزيك يا"أحمد".. وأنت واحشني .. انا لسه واصل .. كنت هستريح وأنت أول حد هزوره....

صدح أحمد بالضحكات :
-- يعنى أول لما تيجي تولع فيها كده .. كنت قولونا وإحنا نستقبلك استقبال مفيهوش الدمار ده كله....

وأخذ يشير على حريق المزرعه .. وأكمل بدعابه :
-- كنت ولعت لك شمع واحتفالنا وهيصنا......

عقب فهد بحزن :
-- حرام عليك يا"أحمد" وأنا مالي .. ده شكل حد بيعزني قوي .. عشان كده حب يحرق قلبي على أغلى حاجه عندي صخر بيموت.....

هتف أحمد بمواساه :
-- معلش يافهد .. أنا عارف قيمه صخر عندك .. من أيام ما جيبته وأنت فى ثانوى وهو معاك زى ضلك .. بس ده نصيبه يا صاحبي.....

بتهكم هتفت غمزه :
-- هنفضل في الذكريات دى كتير .. يالا ياأبيه عشان صخر في العياده بتاعتي .. وبعدين أبقوا كملوا كلامكم......

أشار عليها فهد بشمئزاز وأردف بحده :
-- أنتى يا بتاعه أنا مستحملك بالعافيه اصلا .. نفسي أضربك رصاصه واخلص منك....

وأكمل بتهكم :
-- مش عجبك كلامنا .. وأنتى لما كنتِ واقفه تعملي غراميات أنتى والزفت اللي جنبك ده ..
وأشار علي عبدالله .. مكنتيش عارفه أن صخر فى العياده...

استطرد بامتعاض ساخر :
-- البعيده ولا عندك دم .. واقفه وبكل بجاحه بدلعيه كمان .. قال عبودي .. جاتك نيله في تقل دمك .. نفسي اخنقك.....
ليستفزها أكثر قلد طريقة دلعها بسخريه عبووووودى....

انهمرت دموعها بغزاره هاتفه بعصبيه :
-- مين دي يا متخلف أنت اللي بتعمل غراميات .. أنت واحد مش محترم .. متكبر ومغرور وما بتفهمش .. ومدام غبي ومش فاهم حاجه أصلاً يبقى تخرس وبلاش تتكلم.....

استشاط "فهد" من حديثها اقترب منها بعصبيه واخذ يصرخ عليها بجنون :
-- أنتي واحده مجنونه .. مين سمحلك تتكلمي معايا كده أصلا .. أنتى هتنسى نفسك يابت....

علق عبد الله فى المنتصف يفض بينهم قائلا :
-- أهدوا يا جماعه محصلش حاجه لده كله .. أهدى ياغمزه لو سمحتي...

أخذ يدها يشدد عليها لكى تهدئ .. سحبتها منه عنوه، وهتفت بعصبيه :
-- أبعد عني .. محدش يتكلم معايا دلوقت ..
نظرت ل فهد بنفور هاتفه :
-- شخص مغرور ومتكبر لا و غبي كمان.....

استفحل غضب فهد وصاح عاليا :
-- امشي من وشي بدل ما أأزيكي .. وأنتى مش هتستحملي اللي هعمله فيكى ..

شد وجذب وتطاول لفظى بين الطرفين يحدث أمام "أحمد" الذى يقف ساكن لا يحرك طرف، يشاهدهم باستغراب، مصدوم فى عصبية "غمزة" التى ولأول مره يراها، مندهش ل"فهد" الذى ولأول مره يصيح بفتاه......

حك ذقنه بنفاذ صبر من مهترات حديثهم، ونحى صدمته جانبا، وخرج عن صمته قائلا :
-- ياترى خلصتوا ولا لسه أنتَ وهي...

رمق فهد بعتاب :
-- لو سمحت يافهد .. أحنا أصحاب آه.. بس أنت كده بتجرح أختى .. وكده عيب في حقي .. أنا سايبك و بقول أنتم كبار كفايه .. لكن اللي أنا شايفه ده شغل عيال صغيره......

بتحدى رمقها فهد :
-- أنت شايف هي اللي غلطت الأول .. وبعدين أختك ازاي بقى .. أنت عندك أخت واحده وكانت كبيره مش عيله ولأ قصيره كمان
قال الأخيره وهو يطالعها باستفزاز.....

تطلعت غمزه لأخيها تعتذر منه أن يأذن لها بالحديث :
-- آسفه ياأبيه بعد أذنك أقوله كلمتين بس...

استدارت تقف أمامه تبادله نظرات التحدى هاتفه باستهزاء :
-- هو كان حد قالك أن طولك اللي زي عمود النور ده حلو .. ولا تكون فاكر أنك مميز يعني .. محدش قالك أنهم بيخوفوا العيال الصغيره بيك .. عشان متعملش بيبيه علي نفسها يعني من الآخر زى العفريت .. يااخى أنت مستحمل نفسك كده أزاى روح أتعالج بدل ما أنت ماشى تخبط فى خلق الله.....

صدحت ضحكات عبد الله :
-- يخربيتك ياغمزه طول عمرك رهيبه بتفصليني فعلا....

امتعض فهد منه وهتف باستهجان : -- أهووو الأراجوز بتاعها هيتكلم هو كمان ..
أشار علي عبد الله باشمئزاز :
-- مش عاوز اسمع صوتك فهمت يالا .. أنت بالأخص مش طايقك من ساعة ما شوفتك.....

ثار عبد الله لكراتمته وهتف بانفعال :
-- أنت أيه ياعم ما تهدى شويه .. أحنا هنا عشان نساعدك وفي الآخر هو ده جزائنا.....

التف يتطلع لأخته بضيق وأكمل:
-- يلا ياغمزه سيبيه يتفلق هو والحصان بتاعه .. ليه فاكر نفسك مين .. عشان عندك شويه فلوس تتكبر على الناس .. لا أتكبر على نفسك .. عشان أحنا ما ينفعش حد يتكلم معنا كده .. وبدل ما أنت واقف تحاسبنا .. روح شوف مين اللي عمل فيك اللي عمله ده وخرب بيتك.....

تدخل أحمد يُهدئ الوسط بينهم :
-- خلاص ياعبدالله .. فهد أعصابه تعبانه بسبب اللي حصل .. خذ أختك وصلها العياده وأنا جاي وراكم......

وأخير تنفس الصعداء، زفر تنهيده سعيده عند سماعه "أحمد" ينسبها ل عبدالله بأنها أخته، ضوت عينيه فرحا، وإبتسامه خفيفه زينت ثغره..

انتقل"فهد" بنظراته يتبادلها بين "أحمد" "عبدالله" وأردف :
-- أنا آسف .. بس فعلا أعصابى فلتت مني .. سامحني يا"أحمد" ما كانش قصدي .. وأنت يا"عبد الله" كمان سامحني .. أخوك الكبير ولازم تستحملني زى ما بتستحمل أحمد...

ذهب "أحمد" يتوسط غمزة وعبدالله هاتفا بمرح :
-- حصل خير .. أحب أعرفك على أجمل توأم في الدنيا"غمزه وعبدالله"....

ابتسم فهد معقبا :
-- الشرف ليا أني أتعرف عليكم...
ثم سلط نظراته على"غمزة"، خجلت ونظرت أرضاً، ليلمح ابتسامه مزيونه زينت ثغرها....

ارتبكت "غمزة" من نظراته، تلعثمت
فى محاوله منها لفك حصار عينيه وهتفت باستعجال :
-- طب يلا عشان أحنا أتاخرنا علي الحصان أوى بقلنا كتير بنتكلم......

أردف عبد الله يبرر :
-- معلش روحوا أنتم .. أنا هاروح أشوف أبوكِ سيبته مع عمى سعد و معرفش راح فين بعد كده......

انفعلت بدون مبرر هاتفه :
-- أنا هروح العياده لوحدي مش صغيره عشان حد يوصلوني ياأبيه.....

حاول أحمد تهدئتها :
-- أهدى يا"غمزه" أنا بعت أجيب الشنطه بتاعتي .. عشان أكشف على الناس اللي تعبانه من الدخان .. فكده كده هستني شويه هوصلك بالعربيه بسرعه وارجع للناس تانى....

قطع حديثهم هتاف الغفير مستغيثا :
-- الحقني يا دكتور .. الحقني يا دكتور .. في واحده مرات مزارع بتولد وتعبانه قوى.....

هرول"أحمد" وراءه قائلا باستعجال :
-- أنا جاي وراك بسرعه .. اسبقني واستعجل الغفير اللي راح يجيب الشنطه بتاعتي من العياده.....

خطى"عبدالله" نحوها يقرص أنفها هاتفا بمزاح :
-- أنا همشي ياأحمد اطمن على بابا بس هاخد العربيه عشان أوصله البيت .. ومتخافش دي "غمزه" تاكل الأسد لو طلعلها.....

اقترب "فهد" من "أحمد" يربت على كتفه داعما أياه :
-- روح أنت شوف الست بسرعه وأنا كده كده رايح معاها....

صاح عبدالله :
-- أهوو جه الحل من عند فهد .. مش حُصانه إللى رايح يتعالج.. يبقى ياخد الدكتوره معاه....

ابتسم أحمد بيأس من مشاكسته الدائمه لها، مما يجعلها تخرج عن طور تعقلها.....

أردف "أحمد" بغيظ :
-- أمشى الساعه دى ياعبدالله، شكلك مش ناوى تجيبها لبر أنا مسكتها عليك بالعافيه....

فر "عبدالله" مهرولا :
-- لا ياعم الطيب أحسن .. هروح أشوف أبويا الحج أحسن.....

اطمئن "أحمد" لوجود "فهد" جوارها أردف بحب :
-- كده أنا اطمنت عليكى ..
سلام يا أعظم دكتوره .. طولى بالك وبلاش تكسفيني مع فهد.....

هم ليرحل لاحظ عبوس وجهها دليل على تألمها، نظر لموضع عينيها، شاهد ضمادة على يدها ملطخه بدماء غزيره....
هتف بقلق :
-- أنتِ ليه ما قولتيش أن أيدك اتجرحت جرح كبير ده......

أرادت أن تطمأنه هتفت براحه :
-- ما تقلقش مش حاسه بحاجه .. ده جرح سطحي.. اعالج الحصان .. وأنت تكون خلصت الحالات اللي عندك .. وهجيلك العياده تغيرلى عليها......

انزعج من تحاملها على نفسها، ولم يقتنع بردها، ولكن لضيق الوقت تماشى مع حديثها وأردف :
-- أنا مش مقتنع .. بس تمام هبعتلك مسكن قوى أول لما الغفير يجيب الشنطه .. مؤقتا لازم تاخدى منه عشان يسكن لك الالم وتعرفى تكشفى عالحصان .. خديه على ما أشوفك واغير لك عالجرح....

ربت علي يديها هاتفا بحب أخوى :
-- ماشي ياغمزتى
أومأت له بابتسامه عذبه، لكى تريحه من عناء القلق عليها، وحاولت ان ترسم القوه هاتفه :
-- ان شاء الله يا حبيبي روح يلا واطمئن هبقى كويسه....

بينما الآخر عند استماعه لياء الملكيه، جز أنيابه يطحنها بغيظ من صديقه، سرعان ما تحولت نظراته لدهشه وهى ترسم القوه والثبات، وكأن ليس واقع عليها ضرر....

هتف يحدث نفسه :
-- بجد أنتى رهيبه في التحول .. فجأة بقيتى مؤدبه وكيوت .. بقي أنتي مش حاسه بألم .. ده أنتى هتموتي من الوجع بس بتكابري عشان تباني قويه.....

قطع أحمد عليه شروده في ملامحها ونظراتها المرتبكه التى أسرته قائلا :
-- مش هوصيك يا"فهد" خلي بالك منها ..
واقترب يدنو منه وبنره هامسه يستمعها وحده تابع :
-- هي تبان قويه .. بس دي طفله .. مش بتستحمل و بتنهار وتعيط زي الاطفال ..

عقب يحذره :
-- هي مش حملك .. هحاسبك لو زعلت...
مسد على كتفه يلقى عليه سهام عينيه يحدق به بمعنى هل فهمت مقصدى..أومأ له "فهد" بتفهم
ليحول نظره يتطلع ل"غمزه" قائلا :
-- سلام يا قلب أخوكي ...

----------------------

الزوجه الصالحه صندوق مجوهرات يكشف كل يوم جوهره جديده لتكون أفضل كنز للرجل، مهما عصفت بهم الصعاب، فهى تقف صامدة، ومهما مر عليها من أزمات تتخطاها، ومهما شعرت بخوف تجاوزته.....

ها هى "هنيه" نراها حزينه مهمومه من تكالب الأزمات على زوجها، بقلب مفطور تجرى هنا وهناك هى وفتياتها، تحاول مساعدة المصابين، وإغاثة النساء والاطفال....

يضج جنبات المكان بصراخ أمرأه تتوجع من آلام مخاض الولاده، تقف بجوارها هنيه تحاول تخفيف آلامها، تضع يدها على بطنها تمسدها،وهى تدعى بآيات الذكر الحكيم، واليد الأخرى تجفف لها تعرق جبينها، بينما الفتيات زينه وفجر" يقفوا بجوار بعضهم والخوف يأكلهم على حالتها، انتفضوا بفزع عندما تعالى صراخها، تمسكوا بكفوفهم يدعموا بعضهم...
صاحت الفتيات بغضب :
-- فين ياماما الدكتور .. اتأخر ليه
أجابت هنيه :
-- أهدوا يابنات .. مسافة السكه الغفير راح يجيبه متنسوش الدنيا برا متبهدله .. ربنا يعديها على خير....

دخل الدكتور"أحمد" مهرولا مع آخر كلماتهم .. اعتذر للتأخير هاتفا :
-- آسف عالتأخير ياجماعه..

التمست له "هنيه" العذر هاتفه :
-- كان الله فى العون يادكتور.. بس قولي هتحتاج حاجه أساعدك فيها....

أجابها أحمد :
-- شكرا يا ست الكل .. تعبكم راحه .. بس عاوز ميه سخن عشان أعقم الأدوات بتاعتي.....

أومأت له هنيه :
-- حاضر على طول ..
صاحت بالفتيات :
-- يالا منك ليها أجروا سخنوا ميه وهاتوها بسرعه..
هزت "زينه وفجر" رأسهما، وانطلقا يفعلوا ما أمروا به.....

رتبت "هنيه" على يد المرأه تشد من أزرها :
-- شدى حيلك يا أم يوسف .
أم يوسف بصراخ :
-- حاضر ياستنا بس مش قادره آآآآآه

بعد قليل دفعت الفتيات الباب ودلفوا، كلا منهم بيديها وعاء ممتلئ بالمياه الساخنه، أخذ "أحمد" ما بيدهم، ليصطفوا فى زاوية الغرفه، والدموع تترقرق من مقلتيهما.....

بنحيب هتفت "زينه" :
-- بتعيط حرام ياامي وليديها بقى...

بنشيج صاحت "فجر" بتذمر :
-- هي بتصرخ ليه اعمل حاجه يا دكتور .. أومال دكتور ازاى وهى لسه بتتوجع.....

التف بضجر يصيح بها، لتقع عينه عليها تصنم قليلا، ولانت ملامحه، ليقول بالين :
-- ممكن تتفضلوا بره ربع ساعه بالكتير وهتكون ولدت وكل حاجه خلصت.....

احتوت "هنيه" الموقف وجحظت بتحذير للفتيات هاتفه :
-- يالا يا بنات روحوا اطمنوا علي جدكم عشان كان تعبان......

بطاعه أومأت "فجر" :
-- حاضر يا ماما ..
مدت يدها تقبض على رسغ "زينه" هاتفه :
-- يالا إحنا يا"زينه" مش هقدر أقف اكتر من كده....
طواعتها وتمسكت بيدها يفروا للخارج.......

------------------------

نذهب الآن وراء الفتيات نستطلع كيف صارت معهم الأمور، نرى تلك الشقيه العفويه تتباطئ فى مشيتها، منهكه مبعثرة الهندام، تمشى بحنق من مظهرها الفوضى، كعادتها ردود أفعالها غير متوقعه، شاهدت سياره كبيره تصطف بجوار الدوار، بدون تردد تعالى صياحها على أختها "فجر"، تجرها كى تأتى معها، لترتب لفة حجابها....

هتفت زينه :
-- تعالي يا"فجر" اظبط الطرحه في شباك العربيه دى .. بدل ما أنا شكلى مسخره كده....

تسير كل صدفه بتوقيتها المحدد،
، هذه العربه التى شاهدتها ما هى الإ عربة "عبدالله" يجلس بداخلها يرتاح بها قليل بانتظار خروج والده من زيارة الحج "عبدالجواد الراوي"

متهوره لا تحسب حساب لتصرفاتها، لم تفكر لثواني أنَ من الممكن أنْ يكون بداخلها صاحبها...

وقفت تنظر لزجاج شباك السياره، فكت دبوس حجابها، تستعدل خصلاتها من تحته، لتفاجئ بالزجاج ينزل لأسفل والشباك يفتح ليطل عليها من الداخل "عبدالله" يبتسم على هيئتها، خجلت من نفسها، وتلجم لسانها، استدارت تفر هاربه منه، قبض على يدها يمنعها من الفرار، أهدها ابتسامه مرحه، وأشار بيده لها أن تكمل ما بدأته، ثم قام برفع زجاج السياره مره أخرى....

تطلع لها من خلف نافذة السياره وومضات لطيف يلمع بذاكرته حدث نفسه :
-- أنا حاسس أنى شوفتك قبل كده .. شكلك مش غريب عليا .. فيكى حاجه بتجذبنى ليكى .. أنتى طلعتيلى منين ياجَنْيٌَه.......

شرد في وجهها، يثبت نظراته عليها وكأنه يرسمها، دُهش لانجذابه السريع لها، ولأستماتة عيناه فى الاحتفاظ بملامحها فى مخيلته...

بينما هى فرت مهروله، كمن صعقت بماس كهربائى، ارتجفت أوصالها خجلا من نظراته، ولجت للداخل هى وأختها، تناست الأمر مؤقتا وذهبت تستطلع أمر جدها....

قطع شروده دق على نافذة السياره، ووالده يهتف باسمه، استمال قليلا يفتح الباب، استعجب عزت من شروده، هتف يسأله عن حاله :
-- مالك ياعبدالله سرحان فى أيه..

هز رأسه يزوم بشفتيه بتفكير :
-- مفيش حاجه مهمه .. بس مش عارف فى طيف وش حاسس أنى شوفته قبل كده .. بس فين مش عارف....

تنهد عزت بتعب :
-- ده تلاقيه بس تأثير مشكلة الحريق والقلق إللى عيشناه متحطش فى بالك .. واتحرك بسرعه عايز ارتاح.....

أومأ له فى صمت، يقود السياره متجه لمنزلهم، ولكن بذهنه يتردد..... صدفتك غريبة، جميله ومثيره.. قادك القدر فى طريقى .. صدفه عابره لسهام عيناكِ ألقت عليا سحر انتفض قلبى لأجلها وطار وراء طيفها .. هل يعقل العطر الذى اشتمه بأحلامى والوجه الذى يزاورنى فى منامى مصدره أنتى .. هل ساقك القدر لى فى صدفه حتى يتحقق حلمى صعب المنال .. آه منك جَنْيّتى صيرتى مُعذبتى فى صحوى ومنامى..........

------------------------

الجمال ليس فقط شيئا نراه، وإنما روح جميله تكتشفها...

تبادلت معه نظرات متمرده، وذهبت تمشى أمامه بالامباله....

بصوت متريث ونبره هادئه صاح عليها "فهد" ولكن لم تعطى لندائه بال، باغتها وقطع عليها الطريق يقف أمامها......
أردف باللين :
-- لو سمحت يا"غمزه" استنى هوصلك....

باستهجان تناظره، سحقت أسنانها من تحكمه فى أمرها هاتفه بغضب :
-- حد قالك أنى صغيره هتوه ..

هز رأسه بالرفض لتغتاظ أكثر، تناست نزيف كفها، ربعت يدها تحت صدرها ليحتك جرحها بتأبط زراعها، ليصدر منها صرخه مؤلمه،يلتمع بعينيها الدموع التى تأبى الهطول....
هتفت بغيظ :
-- لو سمحت عديني.. أنا اتأخرت على الحصان وده مش فى مصلحته......

شرد فى برأة ملامحها التى تخفيها وراء شراستها، وعقله يردد.....
يخربيت غمازاتك، عدى عليا ستات وبنات أشكال وألوان أول مره أشوف واحده وتسحرنى كده، زفر بحنق وأردف..... لا أنتى خطر عليا مش هستحمل تقفى قدامى كتيير.... نفض أفكاره جانبا وهتف بهدوء عكس ما يجيش داخله :
-- اسمحيلي أوصلك أنا كده كده رايح معاكي .. ثانياً مش هسمحلك تروحي لوحدك .. وبعدين أنا أديت كلمه لأخوكِ يرضيكِ أطلع قدامه عيل.....

تنهدت بنزق وهتفت :
-- تمام بس أنا همشي وأنت ورايا...

تهكم على حديثها قائلا :
-- ليه الحارس الشخصي بتاع جنابك عشان امشي وراكي.....

صدحت ضحكتها وتناست حنقها منه وهتفت بزهو :
-- هو أنت تطول أصلا عشان تحرسني .. أنت ليك الشرف أنك تحرس ليدى زيي....
تركته مستشاط وهرولت تجرى ورنين ضحكاتها يتصاعد يشعل رجولته....

صفع جبهته يستفيق من سطوة حضورها هتف لنفسه :
-- هو من جهة ليدى فأنتي طلقه صاروخ أرض جو .. من كله مفكيش غلطه .. ربنا يعني عليكي وجنانى ميكنش على أيديكِ.....

خطت بزهو تمشى وهو خلفها، إبتسامة إعجاب شقت ثغره وهو ينظر لخلفيتها انسيابية خطوتها وتناسق جسدها جعلته يردد بهمس :
-- أيه ده ولا بطله الأفلام الأمريكيه .. ولا غمزاتك .. هتموتينى ياقزمه .. يابركة دعاكي يا"هنيه" .. كنت عاوز اتجوز واحده قصيره وعندها غمزات ولقتها فيها....

باصرار تابع تحديقه فيها
أنتى بقيتي "غمزه الفهد" .. أما روضتك يا"كشمائى".... لازم الأول أفرمل لسانك وعنادك..... عشان نعرف نتعامل مع بعض.....

أما هى مع كل خطوه تشرد فى تفاصيله هتفت تكلم نفسها :
-- أول مره اشوف شاب وسيم كده .. طول، وعرض، وعضلات، وتفاحه ادم، وبشره خمريه، وشعر أسود بيشبه سواد الليل وضوء القمر عليه بيلمع زى أمواج البحر ..

زفرت تنهيده وهى تنعت زوجته بسعيدة الحظ.... يا بخت مراته بيه .. بس بتحضنه أزاى دى...
سريعا نهرت نفسها على تخيلها واستغفرت ربها....... أيه اللي بتقوليه ده يا مجنونه أنتى هبلك علي أيده طول ما هو كتله وسامه متحركه قدامك.......

استمع لثرثرتها الأخيره، فبدون قصد تعالت نبرتها ليصل إلى مسامعه حوارها التى أدارته مع نفسها، تعالت ضحكاته وأراد أن يشاكسها ويعلمها أنه استمع لما قالته.......
اقترب منها ودنى بجوار أذنها قائلا :
-- على فكره أنا مش متجوز أصلا .. بس دلوقتي بفكر ونفسي في بصراحه.....
أطلق ضحكه رنانه سحرتها وأربكتها
هتفت بتلعثم :
-- مين قالك أنى عاوزه أعرف أنت متجوز ولا لأ .. لو سمحت أبعد شويه....
تحجر الدمع بعينيها.. هُيئ لها أنه يسخر منها..

أرارد ايغاظتها أكثر صدح ضاحكا يستفزها :
-- انا لقيتك اتجننتي وبتكلمي نفسك .. قلت أريحك واطمنك أنى مش متجوز.... أصل أنا عارف أنى حلو وقمور....
ألقى كلماته وتقدمها يسبقها خطوتين هاتفا بالامباله لعبوسها الذى ارتسم علة ملامحها ..... هو فاضل علي العياده كتير.....

ووقفت تطالعه بعصبيه من تهكمه عليها، وهرولت تجرى أمامه هاتفه بسخط..... امشي ورايا أحنا تقريبا وصلنا.......

وأخيرا وبعد شد وجذب وصلوا لمكان العياده، هلع سيطر عليهم من حاله الفزع التى تحيط بالغفر والفلاحين، الحصان مازال يعتلى العربه النقل، ويستعصى عليهم الإمساك بزمامه، هياج وصهيل عالى، يرفس بأقدامه، ينازع بألم، يرنح رأسه بجنون....

بهلع صاح الغفير :
-- إحنا لازم نضربه بالنار بدل ما يموت حد فينا.....
بالفعل بحركه انفعاليه نظرا لخطورة الموقف، اقترب بحذر من العربه وسريعا أغلق بابها الخلفى، وأخرج سلاحه يوجهه نحو الحصان......

وما كاد أن يصوب عليه طلقات رصاصه، صدح صوت "غمزة" هاتفه بصراخ :
-- أبعد عنه تقتل مين .. أبعد ملكش دعوه بيه أنا هتصرف .. خذ الرجاله دي بعيد عنه.......

على صراخها الغاضب نادت على "مرعي" التمرجى المساعد لها بالعياده هتفت بأمر :
-- هات علبه السكر من جوه اللي علي المكتب عندى....

هز مرعي رأسه بطاعه :
-- حاضر يا دكتور حالا....
هرول ينفذ أوامرها، سريعا أتى ومعه السكر...

أخذته منه وهى تصيح فيهم :
-- مش عاوزه أشوف ولا واحد فيكم هنا لحد ما أنا أطلب اقفوا بعيد....

حدقت مرعى، ليتفهم عليها أوامرها
أردف قائلا :
سمعتوا الدكتوره قالت أيه يلا منك ليه على جنب.......

ما أن أقتربت من العربه أمسك "فهد" يدها ينظر لعينيها يمتص غضبها، تكلم بهدوء عكس ما يختلج صدره :
-- أنتى راحه فين أنتى مش شايفه الحصان هايج أزاى .. ده أكيد هيأزيكي وأنا مش هستحمل أشوفك كده .. أنا هقتله وارحمه من العذاب إللى هو فيه......

ابتلعت ريقها بصعوبه من قربه ومن أنفاسه التى تلفح بشرتها هتفت بتريث :
-- أنا بعفيك من أي مسؤوليه .. ده شغلي وأنا هتصرف....

تصاعد صهيل الحصان أكثر أخذ يلف ويدور ويشب ويقفز .. من كثرة هياجه ترنحت العربه فى وقفتها.....

نفذ صبره فى استمالتها للعدول عن رأيها صاح عليها بعصبيه :
-- أنتي متعرفيش حاجه اسمها حاضر .. لازم تعترضي على أى كلام يتقالك .. بس أنا مش هسمحلك...

لمعت في رأسها فكره و تفهمت عصبيته، بإصرار حفزت نفسها.... أنا اللي مش هسمحلك أنك تقتل الحصان....

شتت انتباهه، وأشارت خلفه هاتفه بفزع واهى :
-- الحق يا"فهد"
بمجرد أن استدار يتطلع خلفه، قفزت تنط داخل العربه مع الحصان.....

ماهى الا لحظه استمع فيها لتهليل وصياح الغفر والفلاحين، حتى التف يتطلع لها بصدمه من جرأة فعلتها، صدح بصوت جهورى.....
أنت مجنونه انزلي حالا هتموتى ياغبيه.....


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close