رواية غمزة الفهد الفصل الثاني 2 بقلم ياسمين الهجرسي
رواية (غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
-------------------------
هبطت درجات السلم الداخلى للدوار فى اثناء مغادرتهم للمطبخ ليصل إلى مسامعها صدى كلمات أثارت حميتها على ابنها .. كلمات دبت بأوصالها غابات من الحرائق .. كل ما يسيطر عليها الآن أن تكيل لها لطمات قاسيه تطيح بغرورها الأرض........
زفرت بغضب وأقسمت لتأخذ من سُم كلامها ترياق تشفى به أذنايها وتطيب به كرامة ابنها وسمعته......
كالمحارب فى خطواته دبت الارض بقدم غليظه تدكها من تحتها .. حملت سلاحها الفتاك الذى دوما يثير جنون ضُرَتّها وأقسمت أن تعكر صفو غرورها الخبيث وتخمد النيران التى تحاول افتعالها لتفرقة الأخوات......
ولجت لداخل المطبخ مستشاطه من حديثها اللاذع وأردفت بحده وبِلَكْنه صعيديه لا تستخدمها كثيرا إلا لإغاظتها هتفت :
-- قبل ما تَكملي كلامك أنا هكلمك باللغه اللي تفهميها يا "مكيده" .. خشمك دا يتجفل لما تجيبي سيره "فهد" والدى وتجولي كلمه عفشه عليها هكون جطعه لسانك من لغلوغه ..
وأشارت بيدها على فمها بوضعية فتحة المقص كعلامه تهديد لتحذرها مما يتفوه به لسانها
واسترسلت بثقه وفخر :
-- ولدى يعرف ربنا كويس، وبيصلي ومبيفوتش فرد، وبيخاف ربنا من هو عيل صغير ابن سبع سنين ..
وبتهكم أشاحت لها بيدها بحركات دائريه وهى تضيق بين عينيها لترمى لها سهام معنى كلماتها التى تحملها بين طيات الحروف
تابعت ضغط حديثها الساخن :
-- وبلاش أجول كلام يزعلك مني .. ولا اعمل حاجه توجعك .. أصل ياضرتى وقت شرى متقدرش بس أنا شاريه ولادى وأبوهم .. عمرى ما أبيع الغالى بالرخيص .. حطى الكلمتين دوول فى راسك العفشه وحيلى عن سمايا .. ولو مش عچبك اللي بيحصل وبيهرى مصرينك .. اطلعي اجفلي عليكي باب منضرتك .. عشان الغل اللي بيحرج جلبك لما خلاه فحمه سوده يطولك لوحدك .. كفايه الدخان اللي طالع من ودانك ده خنجني بصراحة....
وفى حركه افتعلتها عمدا لاثارة حنقها لوحت بيدها في الهواء وكأن المكان معبأ بالدخان ويتطاير من حولهم فبدأت تلوح يمينا ويسارا وتشهق مصدرة صوت سعال (كح . كح . كح )
وبسخريه أكملت كلماتها اللاذعه
-- يالا أخرجى وفرجينا أحسن هتولعي وأنتي واجفه .. ومن الآخر محدش فاضي يطفيكي.....
واستدارات للفتيات
-- مش كده يا بنات .. ابعده أصل الدخان يخنجكم ياحبايبى
بسطت يديها وأخذت تحرك الفتيات بعيدا عن مكان وقوف "مكيده" بشمئزاز ورسمت على وجهها علامات الخوف والهلع من أن يصيبهم مكروه بوجودها الغير مرغوب فيه....
تعالت قهقهات الفتيات والخدم لا حيله لهم أمام هجوم "هنيه" الشرس وهى تكيل لها بوابل من الكلمات التى أطلقتها كالرصاص .. أطاحت بغرورها الأرض .. تقف كلا منهم تضع يدها على فمها تكتم ضحكاتها .. تتجنب سخط "مكيده" عليهم .. حتى لا تَصُب غضبها فيهم.....
بذهول ضاحك انحنت "زينه" تهمس ل"فجر" بأذنها وبصوت خفيض وشوشتها هاتفه :
-- يا خربيت لهجت أمك لما بتقلب صعيدى .. نفسي أعرف اشمعني طنط "مكيده" اللي بتكلمها صعيدى .. بيبقي مشهد عاوز يتصور وينزل مسرح مصر .. بجد مسخره أمك مسحت بيها بلاط المطبخ وطلعت سلاحها متعدد الطلقات إللى نادر ما بتسخدمه.....
جذبتها "فجر"عليها أكثر وأحاطت رقبتها بيدها تبادلها وشوشة كلماتها على نفس نبرتها الخفيضه هاتفه بسخريه :
-- تعالي أقولك يا هبله .. عشان طنط مكيده دايما تتريق علي ماما أنها مش بتعرف تتكلم صعيدى ..
تهكمت فى نطق الكلمات واكملت
-- قال أيه عشان ماما كان أهلها ناس علي قد حالهم وعيشتهم ما بين البندر والصعيد بحكم جدتنا كانت اسكندرانيه وجدك هو اللى كان صعيدى .. فهى مش مأصله أبا عن جد .. فهى تبقي معندهاش أصل ومتعرفش تتكلم صعيدى ..
استطردت بغيظ :
-- قال الأعيان وولاد العائلات الكبار هم اللي لسه بيتكلموا صعيدى .. وطبعا طنط "مكيده" بتعتبر ماما فقيره ومش منهم .. عشان كده وقت الزوم ماما بتطلع قاموسها الصعيدى وبتسحب سلاح كلامها اللى مخزناه وطخ طخ طخ طخ
وفي الآخر طنط "مكيده" بيبقي ده شكلها هتولع من أمك زى دلوقتي....
باستمتاع كانت الحجه "راضيه" تشاهد ما يدور بين الكنتين سعيده من تراشق الكلمات التى تقذفها "هنيه" بوجهه "مكيده" مما أثلج صدرها وأراح قلبها.. "هنيه" كنه أهداها لهم القدر لتكون عوض حفيدها عن أمه المتوفاه ..
زفرت قليلا وحاولت رسم الغضب والعصبيه حتى لا يتفاقم الوضع ويخرج عن السيطره هتفت بحده :
-- يالا انتي وهي بلاها كلام فارغ ملوش لازمه عاد .. الكلام مهيفضش ومحناش ناجصين عطلة .. إلى هيساعدنا يُجَفْ واللى هيتنمظر يورينى عرض كتافه......
واستدارت تهاتف الفتيات بنفس وتيرة حدتها كى تمنعهم من مواصلة همهماتهم الجانبيه :
-- أنتى يابت منك ليها جهزتوا أوضه أخوكم .. عشان هو جايل ومشدد عليا محدش يدخل غيركم أنتو الأتنين يرتبها....
اعتدلت زينه بوقفتها واتجهت إليها تحاوط كتفيها بحب هاتفه :
-- طبعاً يا جدتي الجميلة حضرتك عارفه ست الكل عملت فينا أيه....؟!
أشاحت بيديها أعلى واسفل بحركات بهلوانيه تشرح لها معانتهم فى تنفيذ تعليمات "هنيه" واردفت بمزاح محبب :
-- دى طلعت عنينا عشان نرتب الأوضه .. بعد طبعاً ما غيرت كل حاجة في الأوضه .. بس مقولكيش ياجدتى ولا أخفى عليكى سرا
لتقهقه فتلكزها جدتها لتستكمل :
-- الأوضه الجديده رهيبه لما اتفشرت وغيرت الستاتر بالألوان اللي بيحبها أبيه "فهد" ناقصها عروسه.......
اقتربت "فجر" منهم ووضعت يدها على كتف أختها وقاطعتها من الاسترسال بالحديث هاتفه :
-- بس يابت يا"زينه" أنتى فكرك رغم أن الأوضه ملوكي وتخطف العقل من جمالها .. بس ست الكل مش هتسمح أنه يتجوز في أوضه..
فى حركه شقيه بسطت يدها تقرص وجنة أختها بحالميه وأردفت :
-- مش بعيد تبني له قصر من دهب....
وتطلعت ل "مكيده" لتزيد من حنقها هاتفه :
-- مش كده ولا أيه يا مرات أبويا
صفعت رأسها ببلاها وكأنها قد تناست وهتفت :
أوبسسسس اسفه .. قصدى يا طنط "مكيده".....
اغتاظت "مكيده" من الحوار الدائر ومرارة حقدها تعيق تنفسها زفرت والقت عليهم كلمات أثارت حفيظتهم
-- محدش عارف مين هيعيش ومين هيتجوز ..
حدقت "هنيه" بغل وقوست حاجبيها ترفعهم لها بتحدى سافر هاتفه بتهكم :
-- ادعيله يا ضرتي .. ربنا يبارك في عمره عشان يتجوز.....
والتفت تنظر للحجه "راضيه" تزيد على تهكمها حقد ووعيد أظهرته بنبرة صوتها وجحوظ عينيها وأردفت :
-- وأنتي كمان يا مرات عمي أدعيله أكيد دعوتك فيها البركه.....
زمت شفتيها يمنيا ويسار وخطت تجلس علي الكرسي المخصص للحجه "راضيه" أرادت أن توصل لضرتها أنها كبيرة العائله القادمه بلا منازع .. اتكأت بأريحيه تضع قدم على الاخرى تتطلع لها بحقد ترسل نظرات وعيد وتهديد تحذرهم من عاصفة غضبها القادمه إليهم.......
-----------------------
تزامنا مع حديثهم دلف الحج "عبدالجواد الرواى" ومعه "سعد" ولده وسمع حديثها وشاهد جلستها التى صدمته وغصت قلبه.. فهو ممنوع وغير مسموح بجلوس أحد عليه غيرها .. فهذا الكرسى بالتحديد له مكانه خاصه بقلبه فهو كرسى ملكى ضخم الشكل اشتراه والده من أحدي مزادات التحف والأنتيكات وأهداه لوالدته قديما لرفعة مكانتها فى قلبه وآل لزوجته بعد أن أوصت لها به بعد مماتها نظرا لحسن معاملتها ومراعاتها فى شيبتها وحكمتها فى إدارة الأمور.......
دب عكازه الأرض بسخط قائلا بصوته الاجش :
-- سمعينى بتجولي أيه ياحُرمه.
وأشار بعصاه فى اتجاهها وبنبره مشمئزه استرسل :
-- وقومي فزى من مكانك .. الكرسي ده محدش يجعد عليه .. لأنه بتاع الحجه "راضيه" ست النسا والناس .. وست الدار والبلد والدنيا كلها......
احتدت نبرته أكثر وعَلى صوته بعصبيه يتابع :
-- وبجولها قدام الكل لو شفت مخلوجه منيكم جاعده عليه هجطع خبرها من الدنيا نهائي.....
أصاب الواقفين الهلع من تشنج مظهره وعتامة وجهه حديثة العهد عليه .. تبادلوا النظرات مع الحجه راضيه يحثوها على تهدئة الموقف
بخطى هادئه اقتربت منه هاتفه بحب :
-- حمدالله علي سلامتك يا حاج .. وغلاوتى أهدى عشان صحتك......
تطلعت ل مكيده بتقزز واكملت
-- أنت عارف كلامها اللي زى السم يا حاج .. سيبك من كلام الستات الماسخ ده وأجعد ارتاح....
انطلقت الفتيات بمرحهم يقبلوا يد جدهم وأبيهم بحبور.......
لتستشعر "هنيه" القلق والتوتر على محياه تدخلت بطيبتها المعهوده وبسطت يدها تعطيه كوب ماء هاتفه بحنو :
-- حمد لله على سلامتك ياعمى .. اتفضل اشرب بل ريقك شكلك تعبان
مد يده وأخذ الكوب تناول الماء وعندما انتهى أعطاه لها داعيا :
-- ربنا يرضي عنك يا بنتي .. زى ما أنتى بتراضى الكبير والصغير.....
أومأت له شاكره لتستكين فى وقفتها تستعيد كلام ضرتها الذى دب الرعب بقلبها.....
عيناه تطالعها دون أن تحيد عنها .. لا يرى مخلوق سواها .. يترصد نظراتها واستكانتها بصمت .. يتقاسم أنفاسها ولكن الدمع الساكن بمقلتيها يؤرقه .. يريد أن يكفكف دموعها ويطيب ما يشغل خاطرها .. زفره حارقه شقت صدره يتوجع لألآمها الساكنه محياها هتف يحدث نفسه بألم :
-- مالك يا هنايا كل ما أسيبك أرجع الاقي شمسك غابت والغيوم كحلت عيونك يا قلب سعد .. نفسي أسعدك مش عارف.......
استفاق علي صوت غراب البيت تهتف بخبث :
-- حمدالله علي السلامه يا عمي الحج .. آسفه مكنش جصدى طبعاً اجعد علي كرسي مرات عمي....
واستدارات تنظر للحجه "راضيه" بمسكنه وهتفت بنبره لئيمه :
-- آسفه يا مرات عمي وعشان اصلح غلطتى .. هروح اعمل لعمى الجهوه اللي بيحبها .
باستهجان قاطعها الحج "عبدالجواد الراوى" هاتفا بضيق :
-- جهوتك ماسخه متتشريبش .. بلاش تعمليها عشان أعرف اشربها بمزاج .. وبعدين متبجيش تعملي حاجه من غير جصد معدتش صغيره عاد........
هم والتفت للفتيات وارتسم على محياه البشاشه مردفا :
-- روحوا أنتم يا بنات اعملوا الجهوه بتاعتي....
اومأت له الفتيات وهرولوا فى صمت لتحضير قهوته كما يحب....
وتابع حديثه ولكن يوجهه لزوجته
-- وأنتى يا حجه أتاكدى أن الطابخين مش محتاجين حاجة......
عقبت عليه الحجه "راضيه" بأن كل التجهيزات التى أمر بها تم تنفيذها كما ينبغى.......
امتعض وجه "مكيده" ورسمت ابتسامه صفراء لتقطع كلامه ثم هتفت من تحت أسنانها :
-- مجبوله منك يا عمي
على أقرب كرسى جلست بتوتر تهز ساقيها بحنق لتثير اشمئزاز الحج الراوى ليهتف بضجر :
-- بطلي يا بنتي تهزى رجلك هتجبلنا الفَجْر والغم.....
لم تتحمل "مكيده" نظرات "سعد" المبتسمه ل"هنيه" ولا انتقادات الحج صفعت عدة صفعات على ساقيها واندفعت باستهجان هاتفه :
-- حاضر يا عم الحاج......
لااااااكله ألاااا الفجر والغم طبعاً
ثم قطمت على باطن شفتيها تجز على أنيابها بغيظ تلوى ثغرها على جنب .. تكن غيره وكره للجميع يكفى ويفيض .....
بينما سعد استكفى من النظرات، استقام مستأذنا أبيه باحترام قائلا :
-- طيب يا حج هطلع أنا أغير وأنزل لحضرتك ..
والتفت ل "هنيه" ولمعة عينيه تحكى اشتياقه قائلا :
-- يالا يا"هنيه" عشان تساعديني...
لعب على وتر غيرتها من ضرتها لتستشاط أكثر وأكثر وأردفت بعصبيه وبصوت خرجت نبرته تهكميه عالية الصدى هاتفه :
-- ليه "هنيه" أن شاء الله...
اشمعني هتغير في أوضتها .. ولا هدومك اللي عندى فيها شوك ..
مش كفايه امبارح واللي عملته .. ونومتك عندها....
اعتدل يواجه وجهها البغيض لقلبه وتحدث بحده :
-- صوتك دا ميعلاش قدام الحاج .. وأن كان علي هدومي اللي عندك مش فيها شوك .. لا فيها إهمال وتكبر .. وأنا مش عاوز البسها ..
تابع بتهكم يقلل من شأنها:
-- تقدرى تقوليلي ابنك فين .. ليه مش واقف يشرف علي تجهزات احتفال أخوه .. ولا بيستغفلك طبعاً .. البيه راجع وش الصبح سكران طينه .. وانتى ولا همك .. يا شيخه منك لله فسادتي ابني وطلعتيه فاشل ..
باامتعاض ساخر واصل كلامه :
-- ما الهانم مش فاضيه غير كل يوم والتاني عند حد من أخواتها ومش علي بالها ابنها .. هي بس مش فاضيه غير عشان تفكر في اللي حواليها.....
أراد إثارت حنقها أكثر استطرد :
-- شكلك نسيتي أنا قولت هقعد مع "هنيه"شهر مش أسبوع.......
كلماته أصابت الهدف ليثير جنون عظمتها وغرورها كيف يَسُبها فى تربية ابنها فقدت السيطره على أعصابها وبنبره محتده رنانه هتفت :
-- أنا ابني مش فاشل .. وبكره هتعرف انه أحسن من "فهد" اللي طالعين به الجلعه .. انتم اللي فرجتوا في المعامله بينه وبين "ريان" .. خليتوا "فهد" سافر واتعلم بره .. وفتح بدل الشركه اتنين .. وبدل المصنع أربع مصانع .. وطبعا الاستاذ "سعد" ماسك المصانع في مصر و"فهد" باشا بره .. وطبعا كل شويه ياخد فلوس ما هو اللي علي الحجر ......
طفح الكيل وزاد الأمر عن حده هو ترك زمام الأمور لابنه فيما يخصه بزوجاته، ولكن فيما يخص حفيده فهو كفيل بالرد على مهتارتها الكاذبه، احتدت نبرت الحج "عبدالجواد الراوى" وزئر بصوته الاجش قائلا :
-- اسمعي يا مرات ابني أنا مش هسمحلك تجيبي سيرت حفيدى بكلمه عفشه .. كلكم في كفه و"فهد" في كفه تانيه .. وبالنسبه لتلميحك الخايب أنى بفرق في المعامله ..
لعلمك أنا لما فتحت حساب خاص فى البنك لكل واحد فيهم "ريان' حفيدى أخد نفس الفلوس اللي خدها "فهد" حفيدى بس ابنك ضيعهم في سنتين .. وأنا لما اتكلمت معاه عرفت أنه صرفهم في الهلس والمسخره علي الشرب والنسوان........
زفر بحنق وتابع بغصه :
-- وعشان كده سحبت الباقي، وكملتهم تاني عشان يبقي زى "فهد" أخوه يامرت والدى ..
قال الأخيره بتهكم واسترسل :
-- وقولت اللي انصرف خلاص العوض عليه، وحطتهم وديعه في البنك، عشان ميعرفش يوصلهم .. لأنه مهما طال الوقت مسيره يعقل ويفهم وهيحتاج الفلوس......
تابع بأمل فى الله وثقه فى حفيده
-- بس أنا عارف أن اللي هيعدله أخوه "فهد"........
تعالت نبرته أكثر وصدح بصوت جهور يأمرها :
-- وعشان صوتك علَيا وعلى جوزك وفي وجودى .. ومش عامله اعتبار لحد .. ولا اتعلمتي تحترمي حد .. ولا عاوزه تغيري من نفسك .. مشفش وشك النهارده خالص .. فهمتي ولا اجولك تاني ..
تملك منه الغضب أكثر بسبب نظراتها الممتعضه .. شخط فيها
يلا علي فوج واجفه زى الصنم ليه.....
استدار يهاتف "سعد" على نفس حدته وأشار له مردفا :
-- وأنت يا"سعد" خد مرتك واطلع اتسبح .. عكرته دمي .. وسبوني مع الحجه وبناتي الحلوين عشان هيرحوا يعملوا لى جهوه بدل اللي بردت دى.......
غادرت "مكيده" والحقد يأكل قلبها تمشى تُتمتم ( تبرطم ) بكلام غير مفهوم......
بينما الحفيدات تزين وجههم بابتسامه ساحره وجلسا يحاوطا جدهم بحبور
هتفت زينه بسعاده :
-- عفارم عليك ياجدو .. أنت حبيبى .. بجد أنت وحشتني اوووووووي .. وبقالى كتيييير مقعدش معاك .. أنا مشغوله فى المذاكره وأنت مشغول لاستقبال أبيه "فهد"......
قاطعتها "فجر" لتحدث جدها بفخر تشير بيدها بكبرياء :
-- تعرف يا جدى أنا نفسي أتجوز راجل زيك كده ياااااه........
كلمته تتهز لها جبال.....
التفت تطالع جدتها وهى تحتضن جدها مكمله بغبطه :
-- يا بختك يا حجه "راضيه" أخدتى الرجوله والشهامه كلها........
اعتلت الضحكه ثغر الجده وهتفت : -- اتحشمي يا بت انتي وهي .. قال عاوزه راجل زيه قال .. جدك ده زينة الرجال ومفيش منه اتنين....
ما أحلى الضحكه النابعه من القلب تأتى تزيل هموم عصفتها غيوم الحقد .. شاركتهم هنيه الضحكات لينفرج ثغرها متحدث بمزاح :
-- بتضحكوا استلموا بقي انتي وهي .. جدتكم بتغير علي جدكم من الهوا المعدى يخبط فى جلبيته .. شفوا هتعمل فيكم أيه .. أنا طالعه وهسيبكم لها تأدبكم ..
ومازالت على ضحكاتها تابعت
-- استلمي يا ماما بيعكسوا عمى الحج وحضرتك موجودة....
صدح صوت سعد بداعبه غامزا هنيه بطرف عينيه لتجاريه فى كلامه :
-- يالا بقي يا هنيه طولتى فى الكلام وأنا عايز اتسبح وأغير خلجاتى...... ابتسم لها وسحبها من يدها يصعد الدرج تحت ضحكاتهم...
هللت الفتيات بفرحه وتعالى تصفيرهم......
هتفت "زينه" بحالميه :
-- الله الله علي رميو وجوليت.....
التقطت "فجر" منها بقية الكلام وهتفت بفكاهه مرحه :
-- مفيش أحلى من بتنا فيه كل الأفلام الرومانسيه والدراميه والاكشن....
تخصبت وجنتى "هنيه" بحمرة الخجل وسحبت يدها منه وطأطأت بنظراتها أرضا هاتفه بحنق :
-- مبسوط كده بنتك بتتريق علينا .. والتانيه هتحفل معها .. وهبقي مسخرتهم النهارده ..
هذا السعد اللئيم الماكر تعالت ضحكاته وهو يحاوط خصرها يزيد خجلها أكثر قائلا :
-- لسه بتتكسفي مني ياهنايا أنا
دنى من أذنها يضرب بشرتها بأنفاسه الساخنه وهمس بنبره اهلكتها :
-- مش عاوز أشوفك مكسوفه تاني فهمتي......
استدار لابنتيه وتزين ثغره بالضحكات واردف يشاكسهم :
-- كملوا كملوا .. ليكم يوم
بس عارفين دى أحلى چوليت في الدنيا.....
تركهم وصعد الدرج تحت ضحك الفتيات ومرحهم مع جدهم وجدتهم.......
-------‐----------------------
على جهه أخرى من البلده وفي منزل سنطرق بابه لأول مره بيت الاستاذ "عزت رشدى" رجل فى أواخر الأربعين، محاسب فى وزارة الماليه، وبعد الظهيره لديه مكتبه الخاص، يعمل فى التسويق العقارى وأعمال المحاسب، ميسور الحال يمتلك قطعة أرض كبيره تعينه على المعيشه.... لديه من زوجته المتوفاه ولد وبنت توأم "عبدالله" مهندس زراعي، و"غمزة" طبيبه بيطريه .........
وحاليا متزوج من السيده "أنعام" سيده فى أوائل الاربعين مديرة مدرسه ثانويه للبنات بالبلده .. كانت متزوجه قبله ولكن توفاه الله أثر حادث نتيجة تناول جرعه كبيره من الكحليات (الخمور) .. وأنجبت منه ولد وبنت "أحمد" دكتور بشرى، و "بسنت" مهندسة معماريه إلى جانب تصميم الديكور ....
فى جو أخوى يسوده الألفه والمحبه يجلس كلا من "أحمد وعبدالله وبسنت" يرتبوا لتحضير مفاجأه لأختهم "غمزه" بمناسبة عيد ميلادها الذى يوافق غدا.
تحدث "أحمد" باستعجال :
-- يا بابا ياحبيبى تعالى بقي لما نتفق عشان عاوزه انزل العيادة.....
صاحت "بسنت" بخوف :
-- يا ماما اخلصي زمانها راجعه ومش هنعرف نتكلم اخصلوا بقي....
أتى "عزت" يشيح بيده قائلا بضيق :
-- ايه مالكم عاملين هيصه ليه .. اخلصوا عاوزين إيه ..
وتطلع ناحية المطبخ يهتف على زوجته :
-- تعالي يا أم "أحمد" لما نشوف عاوزين أيه.......
تحدث عبدالله :
-- أحنا رتبنا كل حاجه لعيد ميلاد "غمزه" بكره .. وأهم حاجه الهدايا بقي ..
وضع هديته على المنضده وأردف :
-- و أنا أول واحد مجهز هديته جبتلها اللاب توب عشان تبعد عن بتاعى....
وعقب "أحمد" يخبرهم بهديته هو الآخر :
-- وأنا جبتلها المتوسكل اللي نفسها فيه وبالمواصفات اللي هي عاوزها....
أما "بسنت" أخت على درجة صديقه تابعت تسرد هديتها :
-- وأنا خلصت البيت القديم، وعملته عياده تليق بحيونات البلد كلها ..
بفكاهه استطردت :
-- وطبعا عشان أختي حبيبتي بتحب النوم .. فرشت لها أوضه يرمح فيها الخيل ..
لتقهقه مسترسله :
-- أوضه نوم كامله وحياتك ياولدى عشان تنام وترتاح جنب البهايم وهى بتعالجهم ...
حدقتها والدتها وأشارت على فمها علامة بأن تصمت عن الثرثره التى تتفوه بها..
لتضع "بسنت" يدها على فمها علامة سكوتها.. ولكن تهتف باختناق :
-- انا كده هتخنق ولسه مخلصتش كلامى...
ببشاشه ابتسم "عزت" يحثها على متابعة كلامها...
نفضت يدها من على فمها وتابعت :
-- بس ناقص حضرتك وست الكل تيجوا تشفوها وتقولوا رايكم....
بغبطه لروح التألف والمحبه التى تسود بينهم هتفت انعام :
-- ربنا يخليكم لبعض .. أنتم أحن اخوات في الدنيا وهي "غمزه" جدعه وتستاهل.....
هَمَ "أحمد" واستقام قائلا :
--كده اجهزوا أنتم الاتنين عقبال ما اسخن العربيه .. وتعالوا أخدكم معايا تشوفوا عيادة بنتكم وباركوها .. عشان متزعلش أنكم مشفتوش العياده ......
أوما "عزت" بارتياح لمحبة أولاده وأردف :
-- روحي يا ام "أحمد" البسي عشان نروح مع ابنك قبل ما ترجع، وتقول رايحين فين، ونضطر نكدب ونشيل ذنب.....
واستدار ووجه كلامه ل بسنت :
-- وأنتى يا بشمهندسه تعالي معنا
وتابع إلقاء تعليماته :
-- وانت يا بشمهندس "عبدالله" خليك هنا عشان اختك لما ترجع متشكش فى حاجه....
أومأ له عبدالله وهتف بمزاح :
-- ماشي هسيبكم تروحوا من غيرى .. بس أبقوا بصوا على جنينه العياده اللي أنا زرعتها .. عشان الحيوانات تكون نفسها مفتوحه وهي بتتعالج .. ماهو العامل النفسي مهم بردوا ..
قهقهه الجميع على طرافته وهموا بالانصراف يقصدوا وجهتهم بسعاده.....
-----------------------------
فى نفس الأثناء بدوار الراوى نطرق أحد أبواب الدوار .. حجرة الحفيد الثانى للعائله
"ريان سعد عبدالجواد الراوى" شاب فى أواخر العقد العشرين.. يافع الطول، عريض المنكبين، حنطى البشره، لديه شارب ولحيه يزيدوه جاذبيه، ويدق على جسده أكثر من وشم، معصمه اليمين نقش عليه تاريخ سفر أخيه والذى يعتبره تاريخ لبداية انهياره وغرزه فى معاصي الدنيا وشهوتها.. والمعصم اليسار وشم طائر العنقاء أملا فى يد تنتشله لبداية ولادة عهد جديد لحياته......
كان يشع فيما مضى حيويه ونشاط ومحبه لمن حوله ولكن الآن هو هزيل ضعيف، شاحب الوجهه الهالات السوداء تحيط عينيه، طائش متهور عديم المسؤليه ..
كان قوامه صحيح وهو تحت كنف عائلته.. ولكن لديه أم كالحيه .. بخت سُم أحاديثها الكاذبه فى أذنه .. وأدخلت برأسه قصص واهيه .. ليبتعد عن عائلته التى كانت تقومه للصواب وتراعيه بمحبه .. لتصبح حياته الآن ما هى الإ لهو، ومجون، وعربده من خمر ومخدرات لينتهى لاخر المحرمات وهى ممارسة الرزيله مع الفتايات ..
بعد سهره ماجنه من سهراته ينام مقتول من التعب والإرهاق الذى أحل بجسده طيلة الليل ...
حتى دخلت عليه والدته بَسُمَهَا المعهود تحاول إيقاظه من النوم .. ولكن لا حياه لمن تنادى .. ذهبت إليه تدعى البرأه والحنيه .. فهى وللأسف مشاعرها كلها زيف حتى لأقرب الناس إليها.. قلبها لا يعرف الحب ألا لسواها فقط نفسها ثم نفسها والطوفان من بعدها............
اتجهت "مكيده" بغيظ لمخدعه تجذب من عليه غطاء الفراش تهم بالصراخ عليه كى يستفيق هاتفه :
-- قوم يا ولدى زمان اللى ما يتسمى أخوك علي وصول ولازم يلاقيك في انتظاره..........
أردف ريان بنعاس :
-- يوووه يا ماما سبيني أنام شويه.. وأيه يعني لما يرجع.. هو لازم يلاقيني منتظره.
لم يمهل نفسه السماع لردها سحب الوساده يضعها على رأسه يحاول استرجاع غفوته التى أفسدتها.......
سحبت "مكيده" الوساده وطرحتها أرضا، ثم بحنق واهى هتفت بخسه تشعل حميته تجاه عائلته، وبنبره لينه من فرطها يصفق لها الشيطان لإجادة تصنعها الحنان أردفت :
-- قوم يا ولدى ما هو ده اللي هى عوزاه مرات أبوك.. أنك كده متبجاش واجف جنب أبوك وجدك في انتظار أخوك الكبير .. جوم ياوالدى الله يرضى عنيك.. لازم لما يجى يعرف أنك الكل في الكل هنا..
وتابعت بَخَ سُمْ الحنيه المزيفه :
-- أنت متعرفش أنا عملت عشانك أيه النهارده.. رغم أنى عارفه أن جدك مش هيعديها لى علي خير.. بس أنا مهمنيش وسمعتها لكل كليله فى الدار........
مازل "ريان" مستلقي على مخدعه يسمعها والنعاس يملئ جفونه، وضع يده على جبتهه يدلكها من فرط الصداع الذى ينخر برأسه وهتف بامتعاض ساخر :
-- يعني لما أقوم أقع تحت هيقولوا عليا راجل .. والكل في الكل .. ما انتى عارفه أنه محدش بيحبني بسبب تصرفاتك ..
وتابع بتهكم :
-- وأكيد عملتي حاجه خلتيهم يكرهوني أكتر.. هو أنا تايه عنك شارب من مقالبك كتييير....
زفر أنفاسه بغضب وحاول الاعتدال واستند برأسه على ظهر المخدع يذكرها بما فعلت فى الماضى القريب :
فاكره زمان وبسبب عمايلك "زينه وفجر" بقوا بيخافوا يقربوا مني .. ويادوب بيكلموني بالعافيه..
اعتملت غصه بحلقه واستطرد :
-- حتي طنط "هنيه" اللى كانت بتحن عليا زى ابنها خلتيها بسبب تصرفاتك معاها خلتني أبعد عنها.. عشان تتقى شرك.....
صرخت به "مكيده" بحده هاتفه :
-- "هنيه"مين دى اللى تشبها بيا وتقول أمى.. أنت مالكش غير أم واحده فاهم ولا لأ .. مسمعكش تكرر الحديت الماسخ ده ..
أشار على فمه لتصمت من ذكر تلك الاسطوانة التى ترهق أذنه عند سماعها قائلا بنزق :
-- عشان اريحك وأخلص من ذنك .. انا هقوم ألبس وأنزل يمكن تنزلى من على ودانى...
نهض من الفراش ووطئ بقدمه الأرض، ومد يده يقبض على علبة سجائره الموضوعه على الكمودينو الذى يجاور مخدعه، وتناول سيجاره ملفوفه بنوع من الأعشاب المخدره ما يطلق عليها (حشيش)
لطمت مكيده على خدها ومدت يدها وانتزعها منه تندب بصراخ مزيف وكأنها لا تعلم :
-- حشيش يابنى بطنى.. أنت مش ناوى تفوق .. ارمي الزفت ده ريحتك هتبقي هباب .. وأبوك هيبهدلك جدام الكل ويقولوا "مكيده" ابنها صايع.......
باستهجان اعتدل بوقفته يحدثها بسخط قائلا :
-- أيه العيشه القرف دى .. كل اللى يهمك شكلك قدامهم بس .. وأنا مش مهم .. مش فارق معاكى تخافى عليا ..
اغتص قلبه على محبة أمه التى يتمناها، يستجدى أن يستشعر خوفها عليه، زفر "ريان" بغضب ينهى حديثها قائلا :
-- تمام ياأمى اتفضلي اطلعي بره.. هلبس وأنزل عشان أشوف سي زفت اللي عامل فيها كبير هو كمان.....
خطت "مكيده"تجاوره وتمسح على كتفه هاتفه بدعاء باطنه استعلاء :
-- ربنا يهديك يا ولدى . عوزاك توجف كَيِفْ الصجر وسط الناس.. فهمت ولا لسه .. وأنا هروح استسمح جدك أنه يسبني أنزل عشان أحضر الإحتفال .. بدل ما "هنيه" تاخد كل حاجة .. وتخلي البلد كلها تتكلم عليها .. وكأن مفيش ست للدار غيرها.......
اتجهت للباب مغادره ليركل بغيظ منها المنضده التى توضع فى منتصف الغرفه بقدمه، وليعاندها أكثر سحب سيجارته الملفوفه بتبغ يُذْهَبْ العقل، وتناولها يستنشق دخانها وهو يسب ويلعن بأغلظ الشتائم فيهم جميعا..........
----------------------
على صعيد آخر بتناغم تهادى بها صاعدا غرفتهم يُطرب أُذنيها بمشاعره الغناء
وصل أمام الغرفه فتح بابها وباغتها يميل بجذعه قليلا ويضع يده أسفل ساقيها، يحملها بين زراعيه .. رفعت رأسها تنظر له بعيون ناعسه .. لتضرب أنفاسه بشرتها يهمس بين شفتيها :
-- وحشتيني أوووووووي يا هنايا الحبه الصغيرين دوول كأنهم سنه...
ابتسمت سعيده على عشقه الذى لا يكف عن ضخه لها حاوطت رقبته بيد ورفعت الاخرى تمسك أنفه تقرصه بدعابه وتطبع قبله على وجنته تهمس له :
-- مش هتكبر بقى ياسعد .. كبرنا على حركات الشيل دى .. عيب فى حقك كده كلها كام شهر وهتبقى جد وبتساعده كمان يغير هدومه
صُدم مما تفوهت به، رفع رأسه عن شفتيها لينظر لها باندهاش ثم وضعها أرضاً يحك مؤخرة رأسه ليسحبها من يدها يجلس بها على مخدعهم مردفا بعدم فهم :
-- ده اللى هو إزاى بقى .. أنا عايز أبقى أب تانى منك .. تقوليلى هتبقى جدو..........
تعالت ضحكات "هنيه" هاتفه :
أيوووووه يا"سعد" أحيييييه
انت بتهزر كبرنا ياحبيبى على الكلام ده.......
بمزاح قبض على خصرها يقرصها بخفه مردفا بمشاكسه :
-- حلاوتك لما بتعوجى لسانك إسكندرانى...
أحبووووووو وهو رايق وطعم كده...
تخصبت لتدفعه بخفه فى صدره هاتفه بنزق محبب :
-- بتخرجنى عن شعوري وأنا جوايا ست مؤدبه ينفع كده...
صفق بلهو يمازحها :
-- أحبك ياأبيض ياعرسى .. أخرجى ولا يهمك أنتى مع جوزك حبيبك .. طلعى البت الاسكندرانيه الشقيه اللى بتجنني بشقاوتها .. وحشنى شقاوتك ودلعك ياهنايا...
سحبت يده رفعتها على فمها تطبع قبله محبه هامسة :
-- محدش بيعرف يخرج البت الشقيه الا أنت ياعمرى كله .. من يوم الدنيا ما لفت وأديت ضهرها لينا واضطرينا نسيب إسكندريه ونستقر فى الصعيد دفنتها عشان أعرف اعيش فى جو البلد .....
سحبها من مقدمة ملابسها لتصطدم بجبهته مردفا بغلاظة مصطنعه :
-- لااااا ياهنايا انا بقولك فُكى .. مش تفكرى فى قديمه .. عيشى اللحظه يابت .. وبعدين متوهيش فى الكلام جد مين ده بقى...
ضحكت على فعلته هو معها ينسى السن ويعيش على سجيته، سحبت يده من على ملابسها ورتبتها بزهو لتبادله نظراته المترقبه لحديثها هاتفه بفخر :
-- هجوز ابني البشمهندس "فهد سعد الراوى" أول ما يوصل .. مش خلاص خلص وأخد الدكتوراه .. ملوش عذر بقي .. هنقي له بنت زى القمر .. تكون شكلي كده .. وافرح به بقي وأجوزه .. ادفع نص عمرى واشوفه سعيد وفرحان ببنت الحلال.......
باندهاش سألها :
-- بتحبيه اوى كده يا"هنيه" رغم انك مش أمه........
بغضب نادرا ما يظهر عليها فى وجوده استقامت بغصه تعتصر قلبها، أخذت الدموع تترقرق بمقلتيها، خرجت شهقه مؤلمه شقت حلقها وهتفت بانفعال :
-- مين قال أني مش أمه .. أنا إللى ربيته وهو كان عنده كام شهر .. حبيته، وكبرته، وحسيت أنه ابني...
زادت شهقاتها وانهمرت دموعها كالسيل على وجنتيها واسترسلت :
-- ده أنا داعيت ربنا ما يرزقنيش بولد .. عشان حبه ميقلش في قلبي .. ولما خلفت البنات حمدت ربنا .. ومرضتش اخلف تاني....
احتد صوتها واسترسلت :
-- "فهد" ابني غصب عن أي حد حتي انت يا"سع

د"
ظلت على حالها تبكى هل بعد كل هذا العمر يشكك فى حبى لابنه.. بل ابنى أنا .. ليست الأم من تنجب بل هى من تربى .. أمه الحقيقيه بجوار خالقها لا انكر حقها .. ولكن انا أمه بالله هو قطعه من روحى .. لما التشكيك فى محبتى ومعزتى له ..
نهض بفزع على هيئتها وضمها لصدره يهدئ من وتيرة غضبها .. يحتويها بحضنه يمسح على شعرها ويقبل رأسها مردفا بحب :
-- آسف ياعمرى .. ما تزعليش منى .. عشان كده أنا بحبك .. حبيتك من أول ما شُفتك وعشقتك بسبب حنيتك عليه .. متزعليش مني
عقب يمازحها ليمتص حنقها :
-- أنتي أمه وأمي أنا كمان ..
أيه رايك وأنتي مهمله في ابنك .. وعاوز يدلع لأنك وحشتيه....
أبعدها عن صدره وغمز بعينيه يشاكسها :
-- روحى ألبسي حاجه حلوه .. وسيبيني اشبع منك قبل ما "فهد" يوصل .. ومش هعرف أتلم عليكي .. مش هيبقى وراكى غير هحضر أكل "فهد" هقعد مع "فهد" هقوم اصحي "فهد" بحضر فطار "فهد" بعمل الغدا اللي بيحبه "فهد"........
بسجيتها وعفويتها الجميله وبحركه شهيره للحسد خمست بكفها فى وجهه هاتفه :
-- الله اكبر .. أنت بتحسد ابني يا راجل أنت.....
كفكفت دموعها واستردت انفاسها وتابعت :
-- أه هعمله كل حاجة ولو طولت اغيرله هدومه زى مكان صغير هعملها........
سكتت شهرزاد عن الكلام المباح ليحين موعد سن سيف مسرور الشهير لتنفيذ أوامر شهريار لقطع رقبة أميرتنا لثرثرتها فيما يثير جنون مَلِكْنَا الهُمَام.....
نطلب لك الرحمات "هنيه" ضغطى بالخطأ على خفقاته النابضه بالغيره هو عند هذه النقطه يتحول لثور هائج لا يرى لا يسمع لا يتفاهم....
غيرته وحبه وجهان لعمله واحده .. دماءه الشرقيه حاره سريعة الأشتعال .. عقليته فى غيرته بربريه .. فى رمشة عين تحول من رجل عاشق رومانسي .. لرجل بربرى همجى متوحش.. غيرته متملكه فى كل ما يخصها .. يرى انها جوهره ثمينه لا يستحق أن يتشاركها معه أحد حتى ولو بناتها .. فما الحال بابنه رجل يافع ..هو ينهار من اقتراب أى أحد منها.. هو مريض بعشقها غيرته عليها ليس لها مصل مضاد ليشفى منها .. يحاول التمسك بضبط النفس لأقصى درجه فيما مضى ولكن الآن فشل فشل ذريع .. فالغائب سيعود ليستقر .. فلابد من وضع خطوط حمراء بينهم حتى لا تتعداها .. فيضطر يطيح بكل غالى ونفيس
بالتصوير البطيئ يخطو نحوها بخطوات ثقيله .. يتفحصها بنظره شموليه .. يكتم أنفاسه الحاره .. يحدقها بعيون متوهجه .. اقترب منها وقبض على زراعها يهزها بعنف وهياج متحدثا بألم...........
--------------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
-------------------------
هبطت درجات السلم الداخلى للدوار فى اثناء مغادرتهم للمطبخ ليصل إلى مسامعها صدى كلمات أثارت حميتها على ابنها .. كلمات دبت بأوصالها غابات من الحرائق .. كل ما يسيطر عليها الآن أن تكيل لها لطمات قاسيه تطيح بغرورها الأرض........
زفرت بغضب وأقسمت لتأخذ من سُم كلامها ترياق تشفى به أذنايها وتطيب به كرامة ابنها وسمعته......
كالمحارب فى خطواته دبت الارض بقدم غليظه تدكها من تحتها .. حملت سلاحها الفتاك الذى دوما يثير جنون ضُرَتّها وأقسمت أن تعكر صفو غرورها الخبيث وتخمد النيران التى تحاول افتعالها لتفرقة الأخوات......
ولجت لداخل المطبخ مستشاطه من حديثها اللاذع وأردفت بحده وبِلَكْنه صعيديه لا تستخدمها كثيرا إلا لإغاظتها هتفت :
-- قبل ما تَكملي كلامك أنا هكلمك باللغه اللي تفهميها يا "مكيده" .. خشمك دا يتجفل لما تجيبي سيره "فهد" والدى وتجولي كلمه عفشه عليها هكون جطعه لسانك من لغلوغه ..
وأشارت بيدها على فمها بوضعية فتحة المقص كعلامه تهديد لتحذرها مما يتفوه به لسانها
واسترسلت بثقه وفخر :
-- ولدى يعرف ربنا كويس، وبيصلي ومبيفوتش فرد، وبيخاف ربنا من هو عيل صغير ابن سبع سنين ..
وبتهكم أشاحت لها بيدها بحركات دائريه وهى تضيق بين عينيها لترمى لها سهام معنى كلماتها التى تحملها بين طيات الحروف
تابعت ضغط حديثها الساخن :
-- وبلاش أجول كلام يزعلك مني .. ولا اعمل حاجه توجعك .. أصل ياضرتى وقت شرى متقدرش بس أنا شاريه ولادى وأبوهم .. عمرى ما أبيع الغالى بالرخيص .. حطى الكلمتين دوول فى راسك العفشه وحيلى عن سمايا .. ولو مش عچبك اللي بيحصل وبيهرى مصرينك .. اطلعي اجفلي عليكي باب منضرتك .. عشان الغل اللي بيحرج جلبك لما خلاه فحمه سوده يطولك لوحدك .. كفايه الدخان اللي طالع من ودانك ده خنجني بصراحة....
وفى حركه افتعلتها عمدا لاثارة حنقها لوحت بيدها في الهواء وكأن المكان معبأ بالدخان ويتطاير من حولهم فبدأت تلوح يمينا ويسارا وتشهق مصدرة صوت سعال (كح . كح . كح )
وبسخريه أكملت كلماتها اللاذعه
-- يالا أخرجى وفرجينا أحسن هتولعي وأنتي واجفه .. ومن الآخر محدش فاضي يطفيكي.....
واستدارات للفتيات
-- مش كده يا بنات .. ابعده أصل الدخان يخنجكم ياحبايبى
بسطت يديها وأخذت تحرك الفتيات بعيدا عن مكان وقوف "مكيده" بشمئزاز ورسمت على وجهها علامات الخوف والهلع من أن يصيبهم مكروه بوجودها الغير مرغوب فيه....
تعالت قهقهات الفتيات والخدم لا حيله لهم أمام هجوم "هنيه" الشرس وهى تكيل لها بوابل من الكلمات التى أطلقتها كالرصاص .. أطاحت بغرورها الأرض .. تقف كلا منهم تضع يدها على فمها تكتم ضحكاتها .. تتجنب سخط "مكيده" عليهم .. حتى لا تَصُب غضبها فيهم.....
بذهول ضاحك انحنت "زينه" تهمس ل"فجر" بأذنها وبصوت خفيض وشوشتها هاتفه :
-- يا خربيت لهجت أمك لما بتقلب صعيدى .. نفسي أعرف اشمعني طنط "مكيده" اللي بتكلمها صعيدى .. بيبقي مشهد عاوز يتصور وينزل مسرح مصر .. بجد مسخره أمك مسحت بيها بلاط المطبخ وطلعت سلاحها متعدد الطلقات إللى نادر ما بتسخدمه.....
جذبتها "فجر"عليها أكثر وأحاطت رقبتها بيدها تبادلها وشوشة كلماتها على نفس نبرتها الخفيضه هاتفه بسخريه :
-- تعالي أقولك يا هبله .. عشان طنط مكيده دايما تتريق علي ماما أنها مش بتعرف تتكلم صعيدى ..
تهكمت فى نطق الكلمات واكملت
-- قال أيه عشان ماما كان أهلها ناس علي قد حالهم وعيشتهم ما بين البندر والصعيد بحكم جدتنا كانت اسكندرانيه وجدك هو اللى كان صعيدى .. فهى مش مأصله أبا عن جد .. فهى تبقي معندهاش أصل ومتعرفش تتكلم صعيدى ..
استطردت بغيظ :
-- قال الأعيان وولاد العائلات الكبار هم اللي لسه بيتكلموا صعيدى .. وطبعا طنط "مكيده" بتعتبر ماما فقيره ومش منهم .. عشان كده وقت الزوم ماما بتطلع قاموسها الصعيدى وبتسحب سلاح كلامها اللى مخزناه وطخ طخ طخ طخ
وفي الآخر طنط "مكيده" بيبقي ده شكلها هتولع من أمك زى دلوقتي....
باستمتاع كانت الحجه "راضيه" تشاهد ما يدور بين الكنتين سعيده من تراشق الكلمات التى تقذفها "هنيه" بوجهه "مكيده" مما أثلج صدرها وأراح قلبها.. "هنيه" كنه أهداها لهم القدر لتكون عوض حفيدها عن أمه المتوفاه ..
زفرت قليلا وحاولت رسم الغضب والعصبيه حتى لا يتفاقم الوضع ويخرج عن السيطره هتفت بحده :
-- يالا انتي وهي بلاها كلام فارغ ملوش لازمه عاد .. الكلام مهيفضش ومحناش ناجصين عطلة .. إلى هيساعدنا يُجَفْ واللى هيتنمظر يورينى عرض كتافه......
واستدارت تهاتف الفتيات بنفس وتيرة حدتها كى تمنعهم من مواصلة همهماتهم الجانبيه :
-- أنتى يابت منك ليها جهزتوا أوضه أخوكم .. عشان هو جايل ومشدد عليا محدش يدخل غيركم أنتو الأتنين يرتبها....
اعتدلت زينه بوقفتها واتجهت إليها تحاوط كتفيها بحب هاتفه :
-- طبعاً يا جدتي الجميلة حضرتك عارفه ست الكل عملت فينا أيه....؟!
أشاحت بيديها أعلى واسفل بحركات بهلوانيه تشرح لها معانتهم فى تنفيذ تعليمات "هنيه" واردفت بمزاح محبب :
-- دى طلعت عنينا عشان نرتب الأوضه .. بعد طبعاً ما غيرت كل حاجة في الأوضه .. بس مقولكيش ياجدتى ولا أخفى عليكى سرا
لتقهقه فتلكزها جدتها لتستكمل :
-- الأوضه الجديده رهيبه لما اتفشرت وغيرت الستاتر بالألوان اللي بيحبها أبيه "فهد" ناقصها عروسه.......
اقتربت "فجر" منهم ووضعت يدها على كتف أختها وقاطعتها من الاسترسال بالحديث هاتفه :
-- بس يابت يا"زينه" أنتى فكرك رغم أن الأوضه ملوكي وتخطف العقل من جمالها .. بس ست الكل مش هتسمح أنه يتجوز في أوضه..
فى حركه شقيه بسطت يدها تقرص وجنة أختها بحالميه وأردفت :
-- مش بعيد تبني له قصر من دهب....
وتطلعت ل "مكيده" لتزيد من حنقها هاتفه :
-- مش كده ولا أيه يا مرات أبويا
صفعت رأسها ببلاها وكأنها قد تناست وهتفت :
أوبسسسس اسفه .. قصدى يا طنط "مكيده".....
اغتاظت "مكيده" من الحوار الدائر ومرارة حقدها تعيق تنفسها زفرت والقت عليهم كلمات أثارت حفيظتهم
-- محدش عارف مين هيعيش ومين هيتجوز ..
حدقت "هنيه" بغل وقوست حاجبيها ترفعهم لها بتحدى سافر هاتفه بتهكم :
-- ادعيله يا ضرتي .. ربنا يبارك في عمره عشان يتجوز.....
والتفت تنظر للحجه "راضيه" تزيد على تهكمها حقد ووعيد أظهرته بنبرة صوتها وجحوظ عينيها وأردفت :
-- وأنتي كمان يا مرات عمي أدعيله أكيد دعوتك فيها البركه.....
زمت شفتيها يمنيا ويسار وخطت تجلس علي الكرسي المخصص للحجه "راضيه" أرادت أن توصل لضرتها أنها كبيرة العائله القادمه بلا منازع .. اتكأت بأريحيه تضع قدم على الاخرى تتطلع لها بحقد ترسل نظرات وعيد وتهديد تحذرهم من عاصفة غضبها القادمه إليهم.......
-----------------------
تزامنا مع حديثهم دلف الحج "عبدالجواد الرواى" ومعه "سعد" ولده وسمع حديثها وشاهد جلستها التى صدمته وغصت قلبه.. فهو ممنوع وغير مسموح بجلوس أحد عليه غيرها .. فهذا الكرسى بالتحديد له مكانه خاصه بقلبه فهو كرسى ملكى ضخم الشكل اشتراه والده من أحدي مزادات التحف والأنتيكات وأهداه لوالدته قديما لرفعة مكانتها فى قلبه وآل لزوجته بعد أن أوصت لها به بعد مماتها نظرا لحسن معاملتها ومراعاتها فى شيبتها وحكمتها فى إدارة الأمور.......
دب عكازه الأرض بسخط قائلا بصوته الاجش :
-- سمعينى بتجولي أيه ياحُرمه.
وأشار بعصاه فى اتجاهها وبنبره مشمئزه استرسل :
-- وقومي فزى من مكانك .. الكرسي ده محدش يجعد عليه .. لأنه بتاع الحجه "راضيه" ست النسا والناس .. وست الدار والبلد والدنيا كلها......
احتدت نبرته أكثر وعَلى صوته بعصبيه يتابع :
-- وبجولها قدام الكل لو شفت مخلوجه منيكم جاعده عليه هجطع خبرها من الدنيا نهائي.....
أصاب الواقفين الهلع من تشنج مظهره وعتامة وجهه حديثة العهد عليه .. تبادلوا النظرات مع الحجه راضيه يحثوها على تهدئة الموقف
بخطى هادئه اقتربت منه هاتفه بحب :
-- حمدالله علي سلامتك يا حاج .. وغلاوتى أهدى عشان صحتك......
تطلعت ل مكيده بتقزز واكملت
-- أنت عارف كلامها اللي زى السم يا حاج .. سيبك من كلام الستات الماسخ ده وأجعد ارتاح....
انطلقت الفتيات بمرحهم يقبلوا يد جدهم وأبيهم بحبور.......
لتستشعر "هنيه" القلق والتوتر على محياه تدخلت بطيبتها المعهوده وبسطت يدها تعطيه كوب ماء هاتفه بحنو :
-- حمد لله على سلامتك ياعمى .. اتفضل اشرب بل ريقك شكلك تعبان
مد يده وأخذ الكوب تناول الماء وعندما انتهى أعطاه لها داعيا :
-- ربنا يرضي عنك يا بنتي .. زى ما أنتى بتراضى الكبير والصغير.....
أومأت له شاكره لتستكين فى وقفتها تستعيد كلام ضرتها الذى دب الرعب بقلبها.....
عيناه تطالعها دون أن تحيد عنها .. لا يرى مخلوق سواها .. يترصد نظراتها واستكانتها بصمت .. يتقاسم أنفاسها ولكن الدمع الساكن بمقلتيها يؤرقه .. يريد أن يكفكف دموعها ويطيب ما يشغل خاطرها .. زفره حارقه شقت صدره يتوجع لألآمها الساكنه محياها هتف يحدث نفسه بألم :
-- مالك يا هنايا كل ما أسيبك أرجع الاقي شمسك غابت والغيوم كحلت عيونك يا قلب سعد .. نفسي أسعدك مش عارف.......
استفاق علي صوت غراب البيت تهتف بخبث :
-- حمدالله علي السلامه يا عمي الحج .. آسفه مكنش جصدى طبعاً اجعد علي كرسي مرات عمي....
واستدارات تنظر للحجه "راضيه" بمسكنه وهتفت بنبره لئيمه :
-- آسفه يا مرات عمي وعشان اصلح غلطتى .. هروح اعمل لعمى الجهوه اللي بيحبها .
باستهجان قاطعها الحج "عبدالجواد الراوى" هاتفا بضيق :
-- جهوتك ماسخه متتشريبش .. بلاش تعمليها عشان أعرف اشربها بمزاج .. وبعدين متبجيش تعملي حاجه من غير جصد معدتش صغيره عاد........
هم والتفت للفتيات وارتسم على محياه البشاشه مردفا :
-- روحوا أنتم يا بنات اعملوا الجهوه بتاعتي....
اومأت له الفتيات وهرولوا فى صمت لتحضير قهوته كما يحب....
وتابع حديثه ولكن يوجهه لزوجته
-- وأنتى يا حجه أتاكدى أن الطابخين مش محتاجين حاجة......
عقبت عليه الحجه "راضيه" بأن كل التجهيزات التى أمر بها تم تنفيذها كما ينبغى.......
امتعض وجه "مكيده" ورسمت ابتسامه صفراء لتقطع كلامه ثم هتفت من تحت أسنانها :
-- مجبوله منك يا عمي
على أقرب كرسى جلست بتوتر تهز ساقيها بحنق لتثير اشمئزاز الحج الراوى ليهتف بضجر :
-- بطلي يا بنتي تهزى رجلك هتجبلنا الفَجْر والغم.....
لم تتحمل "مكيده" نظرات "سعد" المبتسمه ل"هنيه" ولا انتقادات الحج صفعت عدة صفعات على ساقيها واندفعت باستهجان هاتفه :
-- حاضر يا عم الحاج......
لااااااكله ألاااا الفجر والغم طبعاً
ثم قطمت على باطن شفتيها تجز على أنيابها بغيظ تلوى ثغرها على جنب .. تكن غيره وكره للجميع يكفى ويفيض .....
بينما سعد استكفى من النظرات، استقام مستأذنا أبيه باحترام قائلا :
-- طيب يا حج هطلع أنا أغير وأنزل لحضرتك ..
والتفت ل "هنيه" ولمعة عينيه تحكى اشتياقه قائلا :
-- يالا يا"هنيه" عشان تساعديني...
لعب على وتر غيرتها من ضرتها لتستشاط أكثر وأكثر وأردفت بعصبيه وبصوت خرجت نبرته تهكميه عالية الصدى هاتفه :
-- ليه "هنيه" أن شاء الله...
اشمعني هتغير في أوضتها .. ولا هدومك اللي عندى فيها شوك ..
مش كفايه امبارح واللي عملته .. ونومتك عندها....
اعتدل يواجه وجهها البغيض لقلبه وتحدث بحده :
-- صوتك دا ميعلاش قدام الحاج .. وأن كان علي هدومي اللي عندك مش فيها شوك .. لا فيها إهمال وتكبر .. وأنا مش عاوز البسها ..
تابع بتهكم يقلل من شأنها:
-- تقدرى تقوليلي ابنك فين .. ليه مش واقف يشرف علي تجهزات احتفال أخوه .. ولا بيستغفلك طبعاً .. البيه راجع وش الصبح سكران طينه .. وانتى ولا همك .. يا شيخه منك لله فسادتي ابني وطلعتيه فاشل ..
باامتعاض ساخر واصل كلامه :
-- ما الهانم مش فاضيه غير كل يوم والتاني عند حد من أخواتها ومش علي بالها ابنها .. هي بس مش فاضيه غير عشان تفكر في اللي حواليها.....
أراد إثارت حنقها أكثر استطرد :
-- شكلك نسيتي أنا قولت هقعد مع "هنيه"شهر مش أسبوع.......
كلماته أصابت الهدف ليثير جنون عظمتها وغرورها كيف يَسُبها فى تربية ابنها فقدت السيطره على أعصابها وبنبره محتده رنانه هتفت :
-- أنا ابني مش فاشل .. وبكره هتعرف انه أحسن من "فهد" اللي طالعين به الجلعه .. انتم اللي فرجتوا في المعامله بينه وبين "ريان" .. خليتوا "فهد" سافر واتعلم بره .. وفتح بدل الشركه اتنين .. وبدل المصنع أربع مصانع .. وطبعا الاستاذ "سعد" ماسك المصانع في مصر و"فهد" باشا بره .. وطبعا كل شويه ياخد فلوس ما هو اللي علي الحجر ......
طفح الكيل وزاد الأمر عن حده هو ترك زمام الأمور لابنه فيما يخصه بزوجاته، ولكن فيما يخص حفيده فهو كفيل بالرد على مهتارتها الكاذبه، احتدت نبرت الحج "عبدالجواد الراوى" وزئر بصوته الاجش قائلا :
-- اسمعي يا مرات ابني أنا مش هسمحلك تجيبي سيرت حفيدى بكلمه عفشه .. كلكم في كفه و"فهد" في كفه تانيه .. وبالنسبه لتلميحك الخايب أنى بفرق في المعامله ..
لعلمك أنا لما فتحت حساب خاص فى البنك لكل واحد فيهم "ريان' حفيدى أخد نفس الفلوس اللي خدها "فهد" حفيدى بس ابنك ضيعهم في سنتين .. وأنا لما اتكلمت معاه عرفت أنه صرفهم في الهلس والمسخره علي الشرب والنسوان........
زفر بحنق وتابع بغصه :
-- وعشان كده سحبت الباقي، وكملتهم تاني عشان يبقي زى "فهد" أخوه يامرت والدى ..
قال الأخيره بتهكم واسترسل :
-- وقولت اللي انصرف خلاص العوض عليه، وحطتهم وديعه في البنك، عشان ميعرفش يوصلهم .. لأنه مهما طال الوقت مسيره يعقل ويفهم وهيحتاج الفلوس......
تابع بأمل فى الله وثقه فى حفيده
-- بس أنا عارف أن اللي هيعدله أخوه "فهد"........
تعالت نبرته أكثر وصدح بصوت جهور يأمرها :
-- وعشان صوتك علَيا وعلى جوزك وفي وجودى .. ومش عامله اعتبار لحد .. ولا اتعلمتي تحترمي حد .. ولا عاوزه تغيري من نفسك .. مشفش وشك النهارده خالص .. فهمتي ولا اجولك تاني ..
تملك منه الغضب أكثر بسبب نظراتها الممتعضه .. شخط فيها
يلا علي فوج واجفه زى الصنم ليه.....
استدار يهاتف "سعد" على نفس حدته وأشار له مردفا :
-- وأنت يا"سعد" خد مرتك واطلع اتسبح .. عكرته دمي .. وسبوني مع الحجه وبناتي الحلوين عشان هيرحوا يعملوا لى جهوه بدل اللي بردت دى.......
غادرت "مكيده" والحقد يأكل قلبها تمشى تُتمتم ( تبرطم ) بكلام غير مفهوم......
بينما الحفيدات تزين وجههم بابتسامه ساحره وجلسا يحاوطا جدهم بحبور
هتفت زينه بسعاده :
-- عفارم عليك ياجدو .. أنت حبيبى .. بجد أنت وحشتني اوووووووي .. وبقالى كتيييير مقعدش معاك .. أنا مشغوله فى المذاكره وأنت مشغول لاستقبال أبيه "فهد"......
قاطعتها "فجر" لتحدث جدها بفخر تشير بيدها بكبرياء :
-- تعرف يا جدى أنا نفسي أتجوز راجل زيك كده ياااااه........
كلمته تتهز لها جبال.....
التفت تطالع جدتها وهى تحتضن جدها مكمله بغبطه :
-- يا بختك يا حجه "راضيه" أخدتى الرجوله والشهامه كلها........
اعتلت الضحكه ثغر الجده وهتفت : -- اتحشمي يا بت انتي وهي .. قال عاوزه راجل زيه قال .. جدك ده زينة الرجال ومفيش منه اتنين....
ما أحلى الضحكه النابعه من القلب تأتى تزيل هموم عصفتها غيوم الحقد .. شاركتهم هنيه الضحكات لينفرج ثغرها متحدث بمزاح :
-- بتضحكوا استلموا بقي انتي وهي .. جدتكم بتغير علي جدكم من الهوا المعدى يخبط فى جلبيته .. شفوا هتعمل فيكم أيه .. أنا طالعه وهسيبكم لها تأدبكم ..
ومازالت على ضحكاتها تابعت
-- استلمي يا ماما بيعكسوا عمى الحج وحضرتك موجودة....
صدح صوت سعد بداعبه غامزا هنيه بطرف عينيه لتجاريه فى كلامه :
-- يالا بقي يا هنيه طولتى فى الكلام وأنا عايز اتسبح وأغير خلجاتى...... ابتسم لها وسحبها من يدها يصعد الدرج تحت ضحكاتهم...
هللت الفتيات بفرحه وتعالى تصفيرهم......
هتفت "زينه" بحالميه :
-- الله الله علي رميو وجوليت.....
التقطت "فجر" منها بقية الكلام وهتفت بفكاهه مرحه :
-- مفيش أحلى من بتنا فيه كل الأفلام الرومانسيه والدراميه والاكشن....
تخصبت وجنتى "هنيه" بحمرة الخجل وسحبت يدها منه وطأطأت بنظراتها أرضا هاتفه بحنق :
-- مبسوط كده بنتك بتتريق علينا .. والتانيه هتحفل معها .. وهبقي مسخرتهم النهارده ..
هذا السعد اللئيم الماكر تعالت ضحكاته وهو يحاوط خصرها يزيد خجلها أكثر قائلا :
-- لسه بتتكسفي مني ياهنايا أنا
دنى من أذنها يضرب بشرتها بأنفاسه الساخنه وهمس بنبره اهلكتها :
-- مش عاوز أشوفك مكسوفه تاني فهمتي......
استدار لابنتيه وتزين ثغره بالضحكات واردف يشاكسهم :
-- كملوا كملوا .. ليكم يوم
بس عارفين دى أحلى چوليت في الدنيا.....
تركهم وصعد الدرج تحت ضحك الفتيات ومرحهم مع جدهم وجدتهم.......
-------‐----------------------
على جهه أخرى من البلده وفي منزل سنطرق بابه لأول مره بيت الاستاذ "عزت رشدى" رجل فى أواخر الأربعين، محاسب فى وزارة الماليه، وبعد الظهيره لديه مكتبه الخاص، يعمل فى التسويق العقارى وأعمال المحاسب، ميسور الحال يمتلك قطعة أرض كبيره تعينه على المعيشه.... لديه من زوجته المتوفاه ولد وبنت توأم "عبدالله" مهندس زراعي، و"غمزة" طبيبه بيطريه .........
وحاليا متزوج من السيده "أنعام" سيده فى أوائل الاربعين مديرة مدرسه ثانويه للبنات بالبلده .. كانت متزوجه قبله ولكن توفاه الله أثر حادث نتيجة تناول جرعه كبيره من الكحليات (الخمور) .. وأنجبت منه ولد وبنت "أحمد" دكتور بشرى، و "بسنت" مهندسة معماريه إلى جانب تصميم الديكور ....
فى جو أخوى يسوده الألفه والمحبه يجلس كلا من "أحمد وعبدالله وبسنت" يرتبوا لتحضير مفاجأه لأختهم "غمزه" بمناسبة عيد ميلادها الذى يوافق غدا.
تحدث "أحمد" باستعجال :
-- يا بابا ياحبيبى تعالى بقي لما نتفق عشان عاوزه انزل العيادة.....
صاحت "بسنت" بخوف :
-- يا ماما اخلصي زمانها راجعه ومش هنعرف نتكلم اخصلوا بقي....
أتى "عزت" يشيح بيده قائلا بضيق :
-- ايه مالكم عاملين هيصه ليه .. اخلصوا عاوزين إيه ..
وتطلع ناحية المطبخ يهتف على زوجته :
-- تعالي يا أم "أحمد" لما نشوف عاوزين أيه.......
تحدث عبدالله :
-- أحنا رتبنا كل حاجه لعيد ميلاد "غمزه" بكره .. وأهم حاجه الهدايا بقي ..
وضع هديته على المنضده وأردف :
-- و أنا أول واحد مجهز هديته جبتلها اللاب توب عشان تبعد عن بتاعى....
وعقب "أحمد" يخبرهم بهديته هو الآخر :
-- وأنا جبتلها المتوسكل اللي نفسها فيه وبالمواصفات اللي هي عاوزها....
أما "بسنت" أخت على درجة صديقه تابعت تسرد هديتها :
-- وأنا خلصت البيت القديم، وعملته عياده تليق بحيونات البلد كلها ..
بفكاهه استطردت :
-- وطبعا عشان أختي حبيبتي بتحب النوم .. فرشت لها أوضه يرمح فيها الخيل ..
لتقهقه مسترسله :
-- أوضه نوم كامله وحياتك ياولدى عشان تنام وترتاح جنب البهايم وهى بتعالجهم ...
حدقتها والدتها وأشارت على فمها علامة بأن تصمت عن الثرثره التى تتفوه بها..
لتضع "بسنت" يدها على فمها علامة سكوتها.. ولكن تهتف باختناق :
-- انا كده هتخنق ولسه مخلصتش كلامى...
ببشاشه ابتسم "عزت" يحثها على متابعة كلامها...
نفضت يدها من على فمها وتابعت :
-- بس ناقص حضرتك وست الكل تيجوا تشفوها وتقولوا رايكم....
بغبطه لروح التألف والمحبه التى تسود بينهم هتفت انعام :
-- ربنا يخليكم لبعض .. أنتم أحن اخوات في الدنيا وهي "غمزه" جدعه وتستاهل.....
هَمَ "أحمد" واستقام قائلا :
--كده اجهزوا أنتم الاتنين عقبال ما اسخن العربيه .. وتعالوا أخدكم معايا تشوفوا عيادة بنتكم وباركوها .. عشان متزعلش أنكم مشفتوش العياده ......
أوما "عزت" بارتياح لمحبة أولاده وأردف :
-- روحي يا ام "أحمد" البسي عشان نروح مع ابنك قبل ما ترجع، وتقول رايحين فين، ونضطر نكدب ونشيل ذنب.....
واستدار ووجه كلامه ل بسنت :
-- وأنتى يا بشمهندسه تعالي معنا
وتابع إلقاء تعليماته :
-- وانت يا بشمهندس "عبدالله" خليك هنا عشان اختك لما ترجع متشكش فى حاجه....
أومأ له عبدالله وهتف بمزاح :
-- ماشي هسيبكم تروحوا من غيرى .. بس أبقوا بصوا على جنينه العياده اللي أنا زرعتها .. عشان الحيوانات تكون نفسها مفتوحه وهي بتتعالج .. ماهو العامل النفسي مهم بردوا ..
قهقهه الجميع على طرافته وهموا بالانصراف يقصدوا وجهتهم بسعاده.....
-----------------------------
فى نفس الأثناء بدوار الراوى نطرق أحد أبواب الدوار .. حجرة الحفيد الثانى للعائله
"ريان سعد عبدالجواد الراوى" شاب فى أواخر العقد العشرين.. يافع الطول، عريض المنكبين، حنطى البشره، لديه شارب ولحيه يزيدوه جاذبيه، ويدق على جسده أكثر من وشم، معصمه اليمين نقش عليه تاريخ سفر أخيه والذى يعتبره تاريخ لبداية انهياره وغرزه فى معاصي الدنيا وشهوتها.. والمعصم اليسار وشم طائر العنقاء أملا فى يد تنتشله لبداية ولادة عهد جديد لحياته......
كان يشع فيما مضى حيويه ونشاط ومحبه لمن حوله ولكن الآن هو هزيل ضعيف، شاحب الوجهه الهالات السوداء تحيط عينيه، طائش متهور عديم المسؤليه ..
كان قوامه صحيح وهو تحت كنف عائلته.. ولكن لديه أم كالحيه .. بخت سُم أحاديثها الكاذبه فى أذنه .. وأدخلت برأسه قصص واهيه .. ليبتعد عن عائلته التى كانت تقومه للصواب وتراعيه بمحبه .. لتصبح حياته الآن ما هى الإ لهو، ومجون، وعربده من خمر ومخدرات لينتهى لاخر المحرمات وهى ممارسة الرزيله مع الفتايات ..
بعد سهره ماجنه من سهراته ينام مقتول من التعب والإرهاق الذى أحل بجسده طيلة الليل ...
حتى دخلت عليه والدته بَسُمَهَا المعهود تحاول إيقاظه من النوم .. ولكن لا حياه لمن تنادى .. ذهبت إليه تدعى البرأه والحنيه .. فهى وللأسف مشاعرها كلها زيف حتى لأقرب الناس إليها.. قلبها لا يعرف الحب ألا لسواها فقط نفسها ثم نفسها والطوفان من بعدها............
اتجهت "مكيده" بغيظ لمخدعه تجذب من عليه غطاء الفراش تهم بالصراخ عليه كى يستفيق هاتفه :
-- قوم يا ولدى زمان اللى ما يتسمى أخوك علي وصول ولازم يلاقيك في انتظاره..........
أردف ريان بنعاس :
-- يوووه يا ماما سبيني أنام شويه.. وأيه يعني لما يرجع.. هو لازم يلاقيني منتظره.
لم يمهل نفسه السماع لردها سحب الوساده يضعها على رأسه يحاول استرجاع غفوته التى أفسدتها.......
سحبت "مكيده" الوساده وطرحتها أرضا، ثم بحنق واهى هتفت بخسه تشعل حميته تجاه عائلته، وبنبره لينه من فرطها يصفق لها الشيطان لإجادة تصنعها الحنان أردفت :
-- قوم يا ولدى ما هو ده اللي هى عوزاه مرات أبوك.. أنك كده متبجاش واجف جنب أبوك وجدك في انتظار أخوك الكبير .. جوم ياوالدى الله يرضى عنيك.. لازم لما يجى يعرف أنك الكل في الكل هنا..
وتابعت بَخَ سُمْ الحنيه المزيفه :
-- أنت متعرفش أنا عملت عشانك أيه النهارده.. رغم أنى عارفه أن جدك مش هيعديها لى علي خير.. بس أنا مهمنيش وسمعتها لكل كليله فى الدار........
مازل "ريان" مستلقي على مخدعه يسمعها والنعاس يملئ جفونه، وضع يده على جبتهه يدلكها من فرط الصداع الذى ينخر برأسه وهتف بامتعاض ساخر :
-- يعني لما أقوم أقع تحت هيقولوا عليا راجل .. والكل في الكل .. ما انتى عارفه أنه محدش بيحبني بسبب تصرفاتك ..
وتابع بتهكم :
-- وأكيد عملتي حاجه خلتيهم يكرهوني أكتر.. هو أنا تايه عنك شارب من مقالبك كتييير....
زفر أنفاسه بغضب وحاول الاعتدال واستند برأسه على ظهر المخدع يذكرها بما فعلت فى الماضى القريب :
فاكره زمان وبسبب عمايلك "زينه وفجر" بقوا بيخافوا يقربوا مني .. ويادوب بيكلموني بالعافيه..
اعتملت غصه بحلقه واستطرد :
-- حتي طنط "هنيه" اللى كانت بتحن عليا زى ابنها خلتيها بسبب تصرفاتك معاها خلتني أبعد عنها.. عشان تتقى شرك.....
صرخت به "مكيده" بحده هاتفه :
-- "هنيه"مين دى اللى تشبها بيا وتقول أمى.. أنت مالكش غير أم واحده فاهم ولا لأ .. مسمعكش تكرر الحديت الماسخ ده ..
أشار على فمه لتصمت من ذكر تلك الاسطوانة التى ترهق أذنه عند سماعها قائلا بنزق :
-- عشان اريحك وأخلص من ذنك .. انا هقوم ألبس وأنزل يمكن تنزلى من على ودانى...
نهض من الفراش ووطئ بقدمه الأرض، ومد يده يقبض على علبة سجائره الموضوعه على الكمودينو الذى يجاور مخدعه، وتناول سيجاره ملفوفه بنوع من الأعشاب المخدره ما يطلق عليها (حشيش)
لطمت مكيده على خدها ومدت يدها وانتزعها منه تندب بصراخ مزيف وكأنها لا تعلم :
-- حشيش يابنى بطنى.. أنت مش ناوى تفوق .. ارمي الزفت ده ريحتك هتبقي هباب .. وأبوك هيبهدلك جدام الكل ويقولوا "مكيده" ابنها صايع.......
باستهجان اعتدل بوقفته يحدثها بسخط قائلا :
-- أيه العيشه القرف دى .. كل اللى يهمك شكلك قدامهم بس .. وأنا مش مهم .. مش فارق معاكى تخافى عليا ..
اغتص قلبه على محبة أمه التى يتمناها، يستجدى أن يستشعر خوفها عليه، زفر "ريان" بغضب ينهى حديثها قائلا :
-- تمام ياأمى اتفضلي اطلعي بره.. هلبس وأنزل عشان أشوف سي زفت اللي عامل فيها كبير هو كمان.....
خطت "مكيده"تجاوره وتمسح على كتفه هاتفه بدعاء باطنه استعلاء :
-- ربنا يهديك يا ولدى . عوزاك توجف كَيِفْ الصجر وسط الناس.. فهمت ولا لسه .. وأنا هروح استسمح جدك أنه يسبني أنزل عشان أحضر الإحتفال .. بدل ما "هنيه" تاخد كل حاجة .. وتخلي البلد كلها تتكلم عليها .. وكأن مفيش ست للدار غيرها.......
اتجهت للباب مغادره ليركل بغيظ منها المنضده التى توضع فى منتصف الغرفه بقدمه، وليعاندها أكثر سحب سيجارته الملفوفه بتبغ يُذْهَبْ العقل، وتناولها يستنشق دخانها وهو يسب ويلعن بأغلظ الشتائم فيهم جميعا..........
----------------------
على صعيد آخر بتناغم تهادى بها صاعدا غرفتهم يُطرب أُذنيها بمشاعره الغناء
وصل أمام الغرفه فتح بابها وباغتها يميل بجذعه قليلا ويضع يده أسفل ساقيها، يحملها بين زراعيه .. رفعت رأسها تنظر له بعيون ناعسه .. لتضرب أنفاسه بشرتها يهمس بين شفتيها :
-- وحشتيني أوووووووي يا هنايا الحبه الصغيرين دوول كأنهم سنه...
ابتسمت سعيده على عشقه الذى لا يكف عن ضخه لها حاوطت رقبته بيد ورفعت الاخرى تمسك أنفه تقرصه بدعابه وتطبع قبله على وجنته تهمس له :
-- مش هتكبر بقى ياسعد .. كبرنا على حركات الشيل دى .. عيب فى حقك كده كلها كام شهر وهتبقى جد وبتساعده كمان يغير هدومه
صُدم مما تفوهت به، رفع رأسه عن شفتيها لينظر لها باندهاش ثم وضعها أرضاً يحك مؤخرة رأسه ليسحبها من يدها يجلس بها على مخدعهم مردفا بعدم فهم :
-- ده اللى هو إزاى بقى .. أنا عايز أبقى أب تانى منك .. تقوليلى هتبقى جدو..........
تعالت ضحكات "هنيه" هاتفه :
أيوووووه يا"سعد" أحيييييه
انت بتهزر كبرنا ياحبيبى على الكلام ده.......
بمزاح قبض على خصرها يقرصها بخفه مردفا بمشاكسه :
-- حلاوتك لما بتعوجى لسانك إسكندرانى...
أحبووووووو وهو رايق وطعم كده...
تخصبت لتدفعه بخفه فى صدره هاتفه بنزق محبب :
-- بتخرجنى عن شعوري وأنا جوايا ست مؤدبه ينفع كده...
صفق بلهو يمازحها :
-- أحبك ياأبيض ياعرسى .. أخرجى ولا يهمك أنتى مع جوزك حبيبك .. طلعى البت الاسكندرانيه الشقيه اللى بتجنني بشقاوتها .. وحشنى شقاوتك ودلعك ياهنايا...
سحبت يده رفعتها على فمها تطبع قبله محبه هامسة :
-- محدش بيعرف يخرج البت الشقيه الا أنت ياعمرى كله .. من يوم الدنيا ما لفت وأديت ضهرها لينا واضطرينا نسيب إسكندريه ونستقر فى الصعيد دفنتها عشان أعرف اعيش فى جو البلد .....
سحبها من مقدمة ملابسها لتصطدم بجبهته مردفا بغلاظة مصطنعه :
-- لااااا ياهنايا انا بقولك فُكى .. مش تفكرى فى قديمه .. عيشى اللحظه يابت .. وبعدين متوهيش فى الكلام جد مين ده بقى...
ضحكت على فعلته هو معها ينسى السن ويعيش على سجيته، سحبت يده من على ملابسها ورتبتها بزهو لتبادله نظراته المترقبه لحديثها هاتفه بفخر :
-- هجوز ابني البشمهندس "فهد سعد الراوى" أول ما يوصل .. مش خلاص خلص وأخد الدكتوراه .. ملوش عذر بقي .. هنقي له بنت زى القمر .. تكون شكلي كده .. وافرح به بقي وأجوزه .. ادفع نص عمرى واشوفه سعيد وفرحان ببنت الحلال.......
باندهاش سألها :
-- بتحبيه اوى كده يا"هنيه" رغم انك مش أمه........
بغضب نادرا ما يظهر عليها فى وجوده استقامت بغصه تعتصر قلبها، أخذت الدموع تترقرق بمقلتيها، خرجت شهقه مؤلمه شقت حلقها وهتفت بانفعال :
-- مين قال أني مش أمه .. أنا إللى ربيته وهو كان عنده كام شهر .. حبيته، وكبرته، وحسيت أنه ابني...
زادت شهقاتها وانهمرت دموعها كالسيل على وجنتيها واسترسلت :
-- ده أنا داعيت ربنا ما يرزقنيش بولد .. عشان حبه ميقلش في قلبي .. ولما خلفت البنات حمدت ربنا .. ومرضتش اخلف تاني....
احتد صوتها واسترسلت :
-- "فهد" ابني غصب عن أي حد حتي انت يا"سع

د"
ظلت على حالها تبكى هل بعد كل هذا العمر يشكك فى حبى لابنه.. بل ابنى أنا .. ليست الأم من تنجب بل هى من تربى .. أمه الحقيقيه بجوار خالقها لا انكر حقها .. ولكن انا أمه بالله هو قطعه من روحى .. لما التشكيك فى محبتى ومعزتى له ..
نهض بفزع على هيئتها وضمها لصدره يهدئ من وتيرة غضبها .. يحتويها بحضنه يمسح على شعرها ويقبل رأسها مردفا بحب :
-- آسف ياعمرى .. ما تزعليش منى .. عشان كده أنا بحبك .. حبيتك من أول ما شُفتك وعشقتك بسبب حنيتك عليه .. متزعليش مني
عقب يمازحها ليمتص حنقها :
-- أنتي أمه وأمي أنا كمان ..
أيه رايك وأنتي مهمله في ابنك .. وعاوز يدلع لأنك وحشتيه....
أبعدها عن صدره وغمز بعينيه يشاكسها :
-- روحى ألبسي حاجه حلوه .. وسيبيني اشبع منك قبل ما "فهد" يوصل .. ومش هعرف أتلم عليكي .. مش هيبقى وراكى غير هحضر أكل "فهد" هقعد مع "فهد" هقوم اصحي "فهد" بحضر فطار "فهد" بعمل الغدا اللي بيحبه "فهد"........
بسجيتها وعفويتها الجميله وبحركه شهيره للحسد خمست بكفها فى وجهه هاتفه :
-- الله اكبر .. أنت بتحسد ابني يا راجل أنت.....
كفكفت دموعها واستردت انفاسها وتابعت :
-- أه هعمله كل حاجة ولو طولت اغيرله هدومه زى مكان صغير هعملها........
سكتت شهرزاد عن الكلام المباح ليحين موعد سن سيف مسرور الشهير لتنفيذ أوامر شهريار لقطع رقبة أميرتنا لثرثرتها فيما يثير جنون مَلِكْنَا الهُمَام.....
نطلب لك الرحمات "هنيه" ضغطى بالخطأ على خفقاته النابضه بالغيره هو عند هذه النقطه يتحول لثور هائج لا يرى لا يسمع لا يتفاهم....
غيرته وحبه وجهان لعمله واحده .. دماءه الشرقيه حاره سريعة الأشتعال .. عقليته فى غيرته بربريه .. فى رمشة عين تحول من رجل عاشق رومانسي .. لرجل بربرى همجى متوحش.. غيرته متملكه فى كل ما يخصها .. يرى انها جوهره ثمينه لا يستحق أن يتشاركها معه أحد حتى ولو بناتها .. فما الحال بابنه رجل يافع ..هو ينهار من اقتراب أى أحد منها.. هو مريض بعشقها غيرته عليها ليس لها مصل مضاد ليشفى منها .. يحاول التمسك بضبط النفس لأقصى درجه فيما مضى ولكن الآن فشل فشل ذريع .. فالغائب سيعود ليستقر .. فلابد من وضع خطوط حمراء بينهم حتى لا تتعداها .. فيضطر يطيح بكل غالى ونفيس
بالتصوير البطيئ يخطو نحوها بخطوات ثقيله .. يتفحصها بنظره شموليه .. يكتم أنفاسه الحاره .. يحدقها بعيون متوهجه .. اقترب منها وقبض على زراعها يهزها بعنف وهياج متحدثا بألم...........