رواية غمزة الفهد الفصل الخامس والعشرين 25 بقلم ياسمين الهجرسي
رواية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
----------------
من اعتاد أن يوزع الورد سيبقى شيئاً من العطر عالقاً على يده، فما أجمل أن ينثر الإنسان الحياة في كل مكان دون انتظار مقابل....
أتى المساء وأتى معه دفئ أحضان العائله، مساءً وبالتحديد فى دوار الراوى يجلس "سعد وريان" يتجاذبوا أطراف الحديث فى محاوله من سعد للتقرب من ولده حتى يهون عليه صعاب ما يعيشه فى مجابهة سحب المخدر اللعين من جسده..
صدح فى السماء صوت أذان المغرب يحث المؤمنين على الصلاه، قطع الحديث الدائر بينهم صوت سعد وهو يقول:
-- يالا قوم نتوضى ونصلى جماعه ياريان..
طأطأ ريان رأسه بانكسار وعينيه غامت بالخزى من نفسه..
لاحظ سعد شحوب وجه ولده وعلامات الاحراج طبعت تصبغ وجهه بالسواد..
مسد على كتفه قائلا بعطف:
-- مدام حسيت بالندم وعرفت غلطتك يبقى اتعلمت..
اجابه ريان بندم:
-- عرفت بس بعد أيه يابابا بعد ما خسرت كل حاجه..
بسط سعد يده يرفع رأسه كى ينظر له قائلا:
-- متقولش كده يابنى.. أنت لسه شباب والدنيا قدامك.. اوعى تبص وراك واستفيد من أخطائك.. ومهما حصل خاللى عندك عزيمه انك تتغير وتبنى مستقبلك من جديد.. جايز الهدر اللى أنت خدتوا ده كان تقيل وكسرك وهز ثقتك فى نفسك..
بس مش مهم الضربه اللى متموتش تقوى.. أهم حاجه متستسلمش وتقوم تعافر وتثبت للدنيا أنك عصب الراوى اللى مفيش حاجه تخليه ينحني....
جذب سعد كفه يقبض عليه يحثه على الوقوف قائلا:
-- من هنا ورايح هنرجع أب وابنه خطوتك سابقه خطوتى.. هيبتك من هيبتى.. عايزك متتكسفش منى أنا سترك وغطاك.. قوم اتوضى وهكون أنا الأمام بتاعك زى زمان هنرجع نقف كتف فى كتف.. ماهو لازم حد فينا يمد أيده للتانى عشان الضعيف يقوى ويشد عوده من جديد ودى البدايه ياعزوة ابوك وصلبه..
أومأ له ريان بإحراج ولم يستطع التفوه بكلمه اعتدل ناهضا ودلف لغرفة الحمام يتوضأ، قليلا وخرج وتبعه سعد توضأ ووقفوا اثنتيهم فى اتجاه القبله خاشعين للمولى عزوجل داعين أن يوفقهم لما يحبه ويرضاه وأن يزيح الغمه ويفك الكرب ويرفع عنهم البلاء والابتلاء، تضرعوا لله سبحانه وتعالى ساجدين يبوح كلا منهم بما يعتمل صدره من حزن وأسى، أنهوا صلاتهم وجلسوا قبالة بعضهم، تبادل سعد مع ريان نظرات سعيده فرحه لرجوعه لأحضان عائلته..
سأله سعد يطمئن على صحته:
-- عامل أيه يابنى فى علاجك مرتاح عليه ولا نغيره..
أجابه ريان براحه:
-- الحمد لله مرتاح يابابا متقلقش الدكتور حسن مظبط الادويه والمواعيد..
تابع بحب
-- انا مش عارف اشكركم ازاى على وقفتكم جانبى انا لولا مسامحتكم وفتحة دراعتكم ليا اللى احتوتنى كان زمانى ضايع فى الشوارع.. أنا بحمد ربنا على وجودك أنت فهد أخويا وماما هنيه.. من غيركم مش عارف كنت هعمل ايه..
جذبه سعد من رقبته يربت على ظهره بحنو وعطف يشفق على حاله من وجود أم مثل عدمها..
أردف سعد بمحبه:
-- ياعبيط أنت ابنى وواجب وفرض عليا حمايتك.. ممكن اكون معرفتش أوصلك من بدرى.. أو مسكت ايدك بس بطريقه غلط.. أو يمكن غلط لما سيبت زمام تربيتك لأمك عشان محرمكش منها وتحس أنى بفضل هنيه عليها.. بس صدقنى أنا الضافر اللى أنت بتخلعه وأنت بتتوجع بيمزع فى قلبى.. كله الا الضنى وأنت وأخواتك اللى طلعت بيهم من الدنيا ونفسى أشوفكم احسن ناس..
قطع دفئ لحظاتهم دخول فهد مبتسما وهو يصيح:
-- خونه بتحبوا فى بعض وسيبنى وسط كل المشاكل اللى عماله تقع فوق راسى..
قالها وهرول اليهم باسط زراعيه على مصرعيهما يأخذهما بين أحضانه، ملثما رأس أبيه وأخيه بحب نقى لا تشوبه شائبه..
اعتدل وجلس جوارهم أرضا يربع ساقيه مثلهما محولا نظره ل ريان يسأله باهتمام:
-- عامل أيه النهارده ياحبيب أخوك..
أجابه ريان بسكينه:
-- الحمد لله بخير طول ما انت فى ضهرى..
ابتسم سعد على احتواء فهد لأخيه، ولكن ما ينغص قلبه تكالب المشاكل فوق رأسه، رفع عينيه لتقابل عين فهد يستفسر منه عن حال المصنع:
-- أيه أخبار مشكلة حريق المصنع اللى حصلت إمبارح.. ومتخبيش عليا انا سمعت كل حاجه وانت بتكلم أخوك..
مط فهد شفتيه ببلاهه وهو يغمض عين ويفتح الأخرى قائلا بمرح:
-- هو معرفش اخبى حاجه عليك خالص ياحج ديما كده قفشنى...
حدقه سعد بسخريه وهو يحك ذقنه قائلا:
-- واد يابن سعد متلوعش واتكلم دوغري أنا مستنيك من بدرى ومدام أخوك عارف أحكى وخلصنى....
أومأ فهد بهدوء ورسم الجديه على ملامحه وبدء يقص ما حدث ليلة أمس بالتفصيل حتى انتهى بأحداث اليوم وما ترتب عليها..
تجهم وجه سعد من تلك الاخبار، والسؤال الذى يدور برأسه ويشغل باله لحساب من يعمل هذا المدعو خالد..
قبض ريان على كفيه بغيظ من هذا المتربص المجهول والذى لا ينفك أن يكيد لهم المتاعب وتدبير المصائب، ولكن سريعا ما خفق قلبه بشده على سيرة بسنت من عشقتها روحه..
باندفاع متلهف داهم ريان فهد قائلا باستفسار:
-- هو لسه عرضك ليا بمكان فى المصنع زى ماهو ولا غيرت رايك
اندهش فهد من اندفاعه ولكن عقب بحبور:
-- اكيد مكانك موجود.. أنت سندى بعد ربنا واستحاله ارجع فى كلمه أنا أديتهالك.. أنا بس كنت مستنى تفوق وتصلب حيلك وتنزل معايا.. بس لو حاسس نفسك هتقدر.. يبقى تمام ظبط مواعيد ادويتك مع دكتور حسن وانزل معايا من بكرا..
سُر ريان بحديث أخيه وحمد سعد الله على الألفة والمحبه بين قلوب أبنائه التى مهما تكيل لهم الدنيا يزيدوا عزيمه وترابط..
استقام سعد ناهضا وودع أمسيتهم متمنى لهم راحة البال والسكينة وترك الاخوه يتسامرون فى محبه
اعتدل فهد ينهض من الأرض ومد يده يجذب زراع أخيه، جلسا الاثنان قبالة بعضهما على الأريكه، ليتبادلوا النظرات بصمت قطعه فهد وهو يزوى بين عينيه هاتفا بمشاكسه:
-- انا شايف أن صحتك ردت فيك.. والدمويه جريت فى عروقك عن امبارح.. غريبه يعنى انا لما فتحت معاك موضوع الشغل مكنتش متحمس وسبحان الله دالوقت شايفك ناقص تبات على باب المصنع..
أنهى حديثه وهو يغمز له بطرف عينيه فللحديث مغزى
حك ريان ذقنه بإحراج من فضح أمره أمام أخيه، ولكن فرح برجوع عهده مع أخيه كما كان بالماضى، فهو الوحيد الذى يتفهم عليه من نظرة عين..
ابتسم بسعاده مردفا بمزاح:
-- مبروم على مبروم ميرولش يابن ابويا.. ما انت عارف اللى فيها.. عشق الروح هتكون موجوده وأنا أبقى متخزن فى البيت زى الولايا.. ده حتى يبقى عيب فى حق الديب
قال الأخيره وتعالت قهقهاته بالضحكات العذبه النابعه من قلبه..
تنهد فهد براحه من الفرحه التى صبغت وجه أخيه وابتسم قائلا:
-- ربنا يسعدك ياحبيب أخوك.. أنا معاك فى اى حاجه تقربك من حبك.. بس بالعقل ياريان بسنت بقت تترعب من فكرة قربك منها.. خاليها تثق فيك عشان تديك الأمان وتحبك.. دى بنت زى الالماظ نادر وجودها دالوقت...
أومأ له ريان يتفهم عليه حديثه
تابع فهد بهيام:
-- أصل أخوك سهام العشق صابته هو كمان من ساعة عينى ما وقعت على أختها..
خر ريان ضاحكا وهو يصفع كفيه ببعضهما ويتلاعب بحاجبيه يتهكم على أخيه من كشفه لغرامه منذ البدايه قائلا:
-- عيب عليك ياشقيق أنا كشفك من زمان بس سيبتك لما تقر وتعترف بمزاجك متنساش انا خبره فى العلاقات الغراميه..
صفعه فهد على مؤخرة رأسه قائلا:
-- ماشى ياديب هحكيلك لحسن أخوك قلبه وجعه وعايز يرتاح
ابتسم ريان بوجع متذكرا حاله فى عشقه:
-- شكلك بتحبها قوى..
فهد بنبره مغرمه:
-- غمزتى أنا بعشقها هي حته قد كده..
مثل بأصبعيه علي أنها صغيره وأكمل:
-- بس هزت كيان أخوك وزلزلته..
سكن الدمع مقلتيى ريان وأردف متمنى لأخيه السعاده:
-- ربنا يسعدك بيها ياحبيبى انت ابن حلال وتستاهل كل خير..
قبض فهد على كتفه يمسد عليه برجوليه قائلا:
-- صلي علي النبي كده وان شاء الله هتروق وتحلى وبسنت هتبقي نصيبك انت كمان ابن حلال وتستاهل سعادة الدنيا كلها.. اصبر وأنت تنول..
حضنه ريان بغبطه بعرفانه عليه بجميل العمر ووقفته الرجوليه فى إعادته للحياه من جديد..
أخرجه فهد من صدره واستقام يمسح على وجهه العبرات التى تهدد بالهطول، استنشق أنفاسه قائلا:
-- هسيبك تنام وترتاح عشان بكرا ورانا يوم طويل..
ودعوا بعضهما وكلا منه خلد لفراشه يسبح فى أحلامه التى ينسجها مع من عشقها منذ صدفة لقائهما...
---------------------
التفاف عائلى جميل وليلة دافئه محاطه بالحب، تجمع الجميع حول فراش غمزه يتحمدوا سلامتها..
تتسطح كالملاك البريئ قابعه بين أحضان أبيها يضمها بحمايه لصدره، يشملها بعطفه وحنانه..
بينما يجلس عبدالله بجوارها يمسك راحتها السليمه يداعبها بروحه المرحه قائلا:
-- حمد لله على سلامتك ياقزمه خضيتنا عليك ياقرده.. عمر الشقى بقى.. لو كنت استنيتى شويه كنت طلعت على روحك ورد ..
قال الأخيره بتلاعب ليفك من حالة التعب المسيطره عليها..
ضحكت غمزه بوهن هاتفه بخفوت:
-- أهون عليك ياعبودى..
لمع الدمع بعيون عبدالله على اعياءها وعدم مجارتها له كعادتها، مال عليها يحتضنها و يجهش بالبكاء مردفا:
-- لا متهونيش ياقلب عبدالله.. ده انا كنت هموت من خوفى عليك وأنتى مغمى عليك بسبب الحمى..
لكزه عزت فى كتفه يبعده عنها قائلا بحده:
-- بس ياواد ياخايب بُكا ونواح هتفول على أختك.. امسحى دموعك ياآمال غمزه بقت تمام
قال الأخيره بدعابه ليدخل البهجه على قلوب أبنائه
خر الجميع ضاحكين على مزحة عزت التى من النادر ظهورها
كفف عبدالله دموعه يمثل العبوث قائلا :
-- مقبوله منك ياكوباره.. ماهى اللى فى القلب مربعه حد يقدر يتكلم
صفعه عزت على مؤخرة رأسه قائلا:
-- ماشى ياخويا قولى بقى عملت إيه لما روحت المصنع
تنحنح عبدالله وهو يرفع عينيه ناظرا ل أحمد يستمد منه الدعم، يرمش بعينبه على أبيه بمعنى هل علم تفاصيل ما حدث، هز أحمد رأسه يحثه على التحدث فهو بالفعل قد تحدث مع غمزه..
قطع عزت التواصل البصرى بينهم قائلا:
-- اخلص يابيه غمزه حكيت لى اللى حصل بس أنا مستنى اعرف فهد هيعمل أيه..
رد عليه عبدالله بطاعه يقص عليه ما تم التوصل إليه دون الدخول فى تفاصيل حتى لا يُثير قلق أبيه..
استرسل بتوتر وهو يخبرهم بطلب فهد لمهندسة تشرف على ترميم المصنع من اثار الحريق قائلا باندفاع:
-- فهد طلب مهندسة تشرف على إصلاح تلفيات الحريق وأنا رشحت له بسنت..
شهقه فزعه صدرت من بسنت..
تطلعت لها أنعام بريبه هاتفه :
-- فى أيه مالك اتفزعتى كده ليه.. زى ما يكون قرصك تعبان..
تلعثمت بسنت وهى تعقب عليها:
-- أبدا ياماما مفيش حاجه بس بصراحه الشغل مع الناس دى يخوف مفيش مره بنقرب منهم إلا لما تحصل مشكله..
نطقت كلماتها بصعوبه ولكن الهدوء الذى أحاط وجه والدتها أعطها الطمأنينه أنها مرءت علي خير..
أردفت أنعام تصدق على كلامها:
-- فعلا يابنتى معاك حق تحسى قدمهم نحس على اللى بيجاورهم..
نهر عزت أنعام قائلا بغضب:
-- ايه التخاريف دى يامرييه يافاضله ياللى بتربى أجيال على الوعى والايمان بالقضاء والقدر..
حول نظره ل بسنت قائلا بعطف:
-- كله مقدر ومكتوب يا بسنت يابنتى.. لو مش حبه تشتغلي معاه تمام.. لكن بدون تجريح.. يعز عليا يكون ده تفكيرك انا مربتكيش على أنك تخذلى حد مد أيده ومحتاج مساعدتك..
طأطأت رأسها بإحراج هاتفه:
-- انا آسفه يابابا مكنش قصدى.. بس أنا قلقانه بسبب اللى حصل ل غمزه..
تدخل أحمد يطمئنها قائلا:
-- ياحبيبتى ده مش هيكون شغل مستديم.. ده كبيره اسبوعين تلاته وهتخلصى مهمتك وتمشى.. بس فهد فى ازمه ومينفعش نتخلى عنه..
التفتت تنظر ل غمزه تستمد منها المعونه كعادتهما سويا، وجدتها تغط فى النوم بسبب الأدويه، لعنت حظها العسير الذى أوقعها مع عائلتها ولا تدرى كيفية الرفض، تكاد تبكى من فرط غيظها من عائلة الراوى، كلما هدءت واطمأنت أن الأمور بدءت تستقر، يأتى شئ لم يكن بالحسبان يقلقل صفو حياتها من جديد، كبتت غيظها وهى تقطم على باطن شفتيها تلعن على مضض موافقتها على العمل..
انتهت أحاديثهم رغم كل ما يختلج صدورهم من تخوفات لما هم مقبلين عليه، ولكن هم مؤمنين ب
كلا لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..
------------------
انقضت ليلتهم بكل ما حملته لهم من صعاب، وأتى الصباح حاملا معه آمال جديده، وأحلام قيد التحقيق..
تجهز ريان وارتدى حلته بعد أن أخذ أدويته والتعليمات الواجب المحافظه عليها من دكتور حسن لتفادي أى انتكاسه، على أن يكون بالمنزل فى حالة لو شعر ببوادر أى تعب، وأحاط فهد علما بأن يكون تحت عينيه طيلة الوقت مشدداً عليه أن يكون حريص كل الحرص من حدوث أى خطأ يعود بهم لنقطة الصفر..
استعد أثنتيهم وهبطوا للأسفل وجدوا هنيه تقف فى انتظارهم وقد اعدت صندوق طعام خصيصا ل ريان، تطلعوا لها اثنتيهم باستغراب
هتف ريان بنبره مرحه قائلا باستفسار:
-- أيه ده ياهنون هو احنا تلامذه رايحين المدرسه مجهزه لينا السندوتشات..
مطت شفتيها بامتعاض من تهكمه هاتفه :
-- مهما تكبروا هتفضلوا فى عينى صغيرين..
اقتربت منه بعطف تمسد على صدره مردفه:
-- وحياتى عندك ما تاكلش حاجه من برا.. حافظ على نفسك ياحبيبى لحد ما تسترد صحتك.. لو بتحب هنيه أوعدني..
أومأ لها ريان بحب وانحنى يقبل يديها قائلا:
-- ربنا ميحرمنيش من حنيتك وعطفك ياأمى.. اوعدك اكون عند حسن ظنك.. ادعيلي ربنا يهونها عليا..
قطع دفئ لمتهم نعيق غراب البين مكيده وهى تصيح بانفعال:
-- هلا هلا ياعبدالله.. لابس ومتشيك وواجف تتمحدت مع اللى متتسماش عالصبح.. وياترى رايح فين أنت والمحروس ولد هنيه..
زفر ريان بحنق من مهاترات والدته التى لا تفض قائلا:
-- صباح الخير ياامى.. نازل أغير جو شويه مع فهد فى المصنع.. تؤمرينى بحاجه..
لكزته مكيده بغيظ فى صدره جعلته يتقهقر للخلف ليصطدم بصدر أخيه، حاوطه فهد بزراعيه وهو يقول بغضب:
-- مالك يا مرات ابويا أنتى بتعملى كده ليه.. أنتى هتمنعينى عن أخويا.. هو أنتى فاكره اللى حصل زمان هسيبك تكرريه من تانى.. من هنا ورايح كل واحد يلزم حده.. لحسن اللى جاى مش هتلاحقى تلمى عليه..
نطق كلماته بخشونه واحتدت نظراته وتجمرت بلهيب الماضى..
رساله مبطنه ألقاها بوجهها، جعلها تصعق من اسلوبه الجديد عليها..
ولكن كالحيه تتلون حسب طبيعة الجو بكت بدموع التماسيح هاتفه:
-- شايف أخوك وتطاوله عليا.. ينفع كده ياللى بجول عليك سندى وصلبى فى العيله دى..
أجابها ريان باقتضاب فهو على علم بمكر امه:
-- ياأمى محدش عملك حاجه.. وفهد مش قصده حاجه غير انه مش هيتخلى عنى زى زمان.. هو حرام تشوفينى مبسوط..
دفعته مره أخرى ولكن أشد وطأه فكانت قبضه قويه فى قلبه، جعلته يخر ساجدا من شدة قسوتها
شهقه حزينه صدرت من هنيه مهروله اليه تمسد على رأسه بحنو وعطف هو فى أمس الحاجه اليهم
بينما مكيده هتفت بغل:
-- ماشى يابن بطنى بكرا تندم على عصيانك ليا..
قالتها واندفعت تهرول للأعلى تأكل نار الحقد أحشائها..
جذبه فهد وساعده على النهوض متحدثا:
-- روق وفوق ولا يهمك من حاجه طول ما احنا مع بعض هنعدى الصعب.. سيبك من أى كلام يعكر مزاجك وانتبه لنفسك وصحتك..
أيدت هنيه كلام فهد واستودعتهم فى حفظ الله..
-----------------
الصباح فى بيت عزت يشوبه بعض القلق والتوتر، بهدوء تسحبت بسنت لغرفة غمزه، جلست جوارها تهمس لها برجاء كى تستيقظ، بتثاقل بدءت غمزه ترمش بأهدابها تحاول الإفراج عن جفونها، مسحت براحتها على عينيها تسمح لهم برؤية وجه اختها..
سألتها بنعاس:
-- فى ايه يابسنت حاجه حصلت بتصحينى ليه..
أجابتها بسنت بخفوت:
-- الحقينى عبدالله أخوكى جيبلى شغل فى مصنع فهد وعايزين أرمم آثار الحريق اللى حصلت.. وتحت اصرارهم وأسئلتهم الكتير معرفتش أرفض..
تتأبت غمره بتعب هاتفه:
-- روحى ومتقلقيش فهد بيعتبرك زى أخته وهيحمكى من أى حد يفكر يأذيكى.. ولو على ريان فهد هيعرف يظبطه..
جحظت بسنت بصدمه من تحول أختها، وضعت يدها على جبتها تستشعر حرارة جسدها ربما تكون آثارها سبب تخاريف ما تهذى به أختها..
هتفت بدهشه:
-- غمزه ياحبيبتى أنتى تعبتى تانى ولا أيه.. مالك ياماما اتحولتى وراضيه على فهد كده ومتخافيش وهيظبطه.. ده من امتى الحنيه دى كلها على فهد وأخوه..
جزت على أسنانها تتابع بحنق:
-- بت أنتى فوقى واتعدلى اقسم بالله انا ما فيا أعصاب.. أنا دمى نشف من إمبارح.. أنا مش عارفه هكون أنا وهو فى مكان واحد أزاى.. أبوس على أيدك قومى تعالى معايا وكده كده انت شغاله هناك وهيبقى طبيعى وجودك معايا..
رمشت غمزه بأهدابها كثيرا وهى تغمض عينيها وتفتحها تحاول استيعاب ما تفوهت به أختها، نفخت أوداجها بنزق واهى مردفه:
-- أنتى عبيطه يابسنت انا تعبانه وكنت بموت إمبارح ازاى عايزنى انزل الشغل النهارده.. اعقليها كده بابا وماما هيقولوا أيه..
تابعت بحالميه:
-- وبعدين ابو الفهود هيكون معاك متقلقيش سيبه معاك أسد حامى حما بنات عزت رقبته سداده هيجيبلك ريان تحت رجلك يقولك شبيك لبيك خدامك بين أيديكِ
لطمت بسنت على وجهها من استظراف أختها هاتفه بصراخ مكتوم:
-- ياخزان أحزان ياغمزة هو أنا ناقصه خفة دمك عالصبح.. مالك يابت بتحبى على نفسك كده ليه.. هو الحريق أثر على نفوخك يامه..
أكملت بنحيب:
-- غمزة حبيبة أختها هتتعدل وتتظبط وتشوف لى حل من غير تهييس..
صمتت وهى تضيق بين عينيها تطالعها بريبه فى أمرها وهى تقول
-- وقبل ده كله قوليلى هو ايه غير رأيك في فهد وبقى أبو الفهود حامى الحمى..
بسطت غمزه زراعيها تتمطأ يمين ويسار تعقب عليها وابتسامه سعادة زينة ثغرها هاتفه:
-- بصى يابسبوسة ياحبيبتى هو حوار كبير بس تقدرى تقولى أختك وقعت فى حبه من أول ما شفته بس كانت بتكابر.. بس الواد جان وعرف يخلينى أرفع الرايه واسلم..
قالتها بهيام وهى تضيق بعينيها كالقطه وابتسامه سعيده صبغت وجهها بلمعه جديده عليها جعلته يتورد بحمرة الحب الذى توغل لخافقها..
دهشه، تعجب، حيره، ريبه، نظره شموليه ألقتها بسنت على غمزة وهذا ما تشعر به نحو ما قالته، بالاخير مطت شفتيها مع أمأه من رأسها تعقب على حديثها بتهكم:
-- بقى الموضوع كده وأنا آخر من يعلم.. عالعموم الله يسهلك ياست هو الواد راجل ويستاهل يوقع مع واحده مجنونه زيك.. ربنا يعينه على ما ابتلاه..
قالت كلماتها وهى تضحك منقضه عليها تحتضنها بحب تتمنى لها السعاده والفرح..
قليلا وهدأت وتيرة ضحكاتهم السعيده خرجت بسنت من احضانها هاتفه باستسلام:
-- ماشى ياستى مفيش قدامي فرصه للهروب هروح وأمرى لله مدام حبيب القلب هيكون الدرع الواقى من حوادث التصادم مع ريان..
مالت نحوها لثمت وجنتيها بحب وودعتها مغادره تقابل فصل جديد فى قصة صدفة لقائهم العجيبه..
---------------------
لقاء السحاب بين الرعد والبرق تتسبب فى تغير مناخى سيطرأ على حالة الجو صباحا فى مصانع الراوى،
نستهل الصباح بظاهرة التغيير التى بدت واضحه للعيان حيث نشاهد رجل الأعمال فهد الراوى يترجل بشموخ من سيارته وبجواره ساعده الأيمن ريان الراوى لا يقل هيبه وعنفوان عن أخيه، وفى المقابل على الطرف الاخر نشاهد البشمهندس عبدالله ترافقه البشمندسه بسنت يقفوا بمحازة سيارتهم يتأهبوا لدخول البناية التى بها آثار الحريق...
تقابلت طرقاتهم سويا ليبدء عبدالله بالقاء التحيه بعمليه ليتبادلوا الرد عليه بابتسامه لطيفه، تلاها حديث فهد قائلا:
-- شكرا يابشمهندسه انك قابلتى تساعدينا.. معلش حظك معنا كده مش بتيجى الا عشان تزيلى اثار خراب.. بس بإذن الله المره الجايه تيجى فى الفرح ويكون تأسيس مكان جديد..
أنهى كلامه بجديه لينه حاول أن تكون مقابله ليست بعمليه بشكل كبير عندما لاحظ عبوس وصلابة وجهها..
أشار فهد بيده كى تسير للداخل ليُريها آثار الحريق وما ترتب عليه وما يجب أن تفعله كى يسترجع كفأة المكان فى أقرب وقت..
هزت رأسها بطاعه وأخذت جانب أخيها تمشى فى حما جواره، تعرقلت قدميها بأشياء عالقه فى الأرض تمسكت بزراع عبدالله فبادر سريعا وحاوط خصرها ليتفادى وقوعها أرضا، التقطت أنفاسها وهى تتشبث بملابسه، مستنده برأسها على صدره..
بينما ريان لولا ارتداءه نظارته الشمسيه لظهرت الحمم البركانيه التى اندلعت من عينيه بسبب الغيره التى أضرمها تقاربها بين زراعي أخيها، حاول ربط جأشه مكورً قبضة يديه يقهر الفراغات التى بين أصابعه لتخليها عن الامساك بها بدلا عن أخيها، ضغط على أسنانه الأماميه بغيظ يكشر عن أياب الديب الذى يستوطن داخله، قطم شفته السفلى حتى يمنع نفسه من الانقضاض عليها وجذبها عنوه من بين أحضان أخيها، ألسنه ناريه تسرى بأوردته تجعله ينصهر داخليا لترتفع حرارة الغيره ل مية سيلزيوس واكثر ولا سبيل لخفضها الا أن يزرعها بين أحضانه هو فقط من يحق له هذا التقارب..
لاحظ فهد تشنج رقبة ريان وبروز عظمة الفك لديه من كثرة الضغط على أسنانه، اقترب منه ضاغطا على كفه خفية حتى لا يثير الانتباه قائلا بخفوت:
-- أمسك نفسك مش طالبه غباء.. ده أخوها بلاش تهور وتخليها تخاف وتمشى..
عقب عليه ريان بأمأه من رأسه دون أن يتفوه، واستكمل طريقه دون أن يعطى لها اهتمام، ولكن داخله أبعد عن الثبات النفسى..
مضى القليل وهم الان داخل المعمل المضرم به الحريق، تجولت بسنت بعينيها فى زوايا المكان لينقبض قلبها وشهقت فزعه من المنظر وهى تتخيل أختها بالداخل، سكن الدمع عينيها وانهارت باكيه تتمسك بزراع عبدالله هاتفه بنحيب:
-- لما ده الشكل بعد النار ما هديت أومال شكلها كان أيه وهى غمزه جواه.. حبيبتى ياأختى ربنا ينتقم من اللى كان السبب..
مسد عبدالله على كتفها يطمأنها قائلا:
-- الحمد لله انها جت على قد كده وخرجت سليمه.. وبشرفى اللى عملها ما هسيبه غير لما يدوق نار جهنم على الأرض زى ما عمل فيها...
اليوم يوم الاعاصير والبراكين يختبروا صبر ريان وهو أبعد ما يكون عن الصبر، كتم أنفاسه بغضب محدثا نفسه بجنون:
-- يعنى انتى مصره تجنينى.. بتهيجنى برمشة عين.. أنتى مش عارفه أنك ملكى ومش مسموح لحد يلمسك غيرى.. طب اعمل فيكى أيه دالوقت أخدك غصب واللى يحصل يحصل..
فلتت زمام أموره وصاح بغضب:
-- فى أيه يابشمهندسه للعياط ده كله.. غلبتى العيال الصغيره عايزين نشوف شغلنا مش هنقضى اليوم كله فى المناحه دى..
احتقنت عين عبدالله بغيظ وجاء يرد عليه كلماته السخيفه، سبقه وقاطعهم فهد قائلا
-- فى أيه ياريان حقها يصعب عليها دى أختها اللى كانت جوه النار.. لازم نقدر شعور الناس.. مش كتر خيرها انها وافقت تيجى ترمم الخراب رغم اللى حصل لأختها..
نطق حديثه باستهجان وهو يوجه نظرات مستشاطه لأخيه من تهوره وعصبيته المفرطه..
لم يبالى ولم يكترث للمصاهره التى بينهم، كل ما يهمه الآن كرامة أخته المهدوره، جز نواجزه بغيظ ورد عليه الصاع صاعين متحدثا بتهكم:
-- معلش ياأستاذ ريان عالمناحه أصل القلوب على القلوب رحمه.. وعموما عايزين الغضب ده كله تطلعه وأنت بدور على إللى نازل حرايق وخراب فى مالكم.. مره المزرعه ومره المصنع..
ضرب فى الصميم بدون لفظ خارج، زفر كلماته باشمئزاز من عنجهيته المستفزة بدون داعى، الاحترام بالاحترام والجزاء من جنس العمل كرامة أفراد عائلته فى المقدمه وقلبه يتنحى جانبا...
رفعت بسنت رأسها بكبرياء تمسح على وجهها تزيل الدموع العالقه بأهدابها فرحه من مرضاة أخيها ورد اعتبارها من هذا المغرور..
قطم فهد على باطن شفتيه من تلك المهزله والتى سببها أخيه، ولم يكن لديه حجه كى يرد على تهكم عبدالله، أراد فض هذا الاحتقان الدائر بينهم أردف قائلا:
-- تمام يابشمهندسه هسيبك مع عبدالله ترفعى المقاسات وتشوفي المكان محتاج ايه وبعد ما تخلصى أنا مستنيكى فى مكتبى عشان نكمل اتفاق الشغل..
نطق حديثه بعمليه وجذب ريان من ساعده واخذه وخرج تاركا لها مساحه كى تنجز المهمه التى اتت من أجلها..
تطلعت لآثارهم بسنت وتنفست براحه هاتفه بحنق:
-- ياساتر عامل زى قباض الأرواح.. مش زى أخوه خالص.. تحسه عنده انفصام شخصيه وعقله ده فى الضياع..
رتب على كتفها قائلا بعطف:
-- معلش ياحبيبتى هو طبعه كده فى داء الغرور شويه.. بس مضطر استحمله عشان خاطر فهد راجل محترم.. وكمان متنسيش زينة القلب تبقى أخته..
قال الأخيره يهيام
ابتسمت بسنت على أخيها والمشقه التى يعانيها فى حب حبيبته بينها وبين أخويها وهتفت بمرح:
-- بس عجبتنى الداخله حلو الضرب من غير ما يسيب علامه.. مكنتش اعرف أن ليك فى قصف الجبهة...
رد على مداعبتها مبتسما:
-- كله الا اللى يقلل منك يابسبوسه على رقبتى ولا دمعه من عينك تنزل..
ثم تابع بجديه
-- يالا خليكى تخلصى شغلك مش عايزينهم يقولوا انك مهندسه نص لبه وفاشله فى شغلك.. وريهم بنت عزت بتعمل أيه..
أومات فرحه بحديث أخيها، وبدأت تتجول بالمكان ترفع المقاسات والابعاد التى دمرتها النار، ترسم تخيل مبدأي للتصاميم التى ستعمل عليها، ظلت هكذا تسجل كل ما تحتاجه من بيانات لتنفيذ المهمه على أكمل وجه..
-------------------
بينما فى الأعلى بمكتب فهد هاج على ريان من سوء تصرفه وصرخ يزجره قائلا:
-- أنا لحد أمتى هفهمك انك لازم تسيطر على أعصابك عشان متخسرش اللى بتحبهم.. لحد امتى هقولك عجرفتك دى مينفعش مع ناس عندهم عزت نفس.. أمتى هتفهم أن الناس دى فى بينا وبينهم نسب.. ده أنا لسه امبارح قايلك بحب أخته وعايز اتجوزها..أنت ليه مُصر تقل بينا قدامهم.. ليه مُصر تخليها تشوفك صغير..
باندفاع هاج وماج ولفظ كل ما يجثم على صدره من أفعال أخيه، يرجوه أن يستفيق من تلك الأفعال المشينه التى تقلل من شأنه وشان عائلته..
صفع ريان كفيه ببعضهما واردف بعصبيه:
-- بغييييير ياناس ولما بشوف حد قريب منها بتجنن اعمل ايه فى نفسى..
تابع برجاء
-- ارجوك يافهد افهمني.. ده غصب عنى مش عارف لما بشوفها بتجنن ومبعرفش اتحكم فى اعصابى..
همس بهذيان
-- انت عارف لو تريحني وتبادلنى حبى.. أو ترضى تتجوزنى حتى لو مش هتحبنى.. بس اضمن انها ليه.. بتاعتى ملكى.. أنا عارف أن اللى بطلبه مش طبيعى.. بس أنا بموت من فكرة أنها بعيده عنى ومش راضيه بيا..
لأول مره يجيش بما يكنه لها بهذه الصوره، حبه لها مرضى، هى منقذته والسبيل لخلاصه من ظلام حياته الدامس، وعقله لا يقبل بغير ذلك وقلبه وصم عشقها على نبضاته وانتهى الامر..
نفخ فهد اوداجه بغضب من تلك الدوامه التى لا ينفك يخرج منها حتى يتوه فيها من جديد..
تمالك نفسه يقبض على كفيه يناجى ربه ان يمده بالصبر لتخطى تلك المحنه، اقترب منه يضم منكبيه ويشدد عليه بخشونه قائلا:
-- كل اللى أنت بتقوله انا فهمه وحسيت بيه قبلك وكان بيوصل معايا للجنان.. بس مش بطريقتك دى حاول تهدى عشان تعرف تقرب منها.. أنت ماشوفتش هى خايفه تبص فى وشك ازاى.. كده عمر طريقكم ما هيكون واحد أهدى ياحبيب أخوك..
تنهد ريان بحراره وأخذ يستنشق أنفاسه بتروى ليهدء من ثورة مشاعره وأومأ قائلا
-- تمام يافهد هحاول أهدى..هو ممكن يكون من العلاج اللى باخده مش مخلينى عارف اتحكم فى اعصابى.. ادعيلي أزمتى دى تعدى على خير وارجع زى زمان.. وأنا هخليها ملكة على عرش قلبى، واعوضها الأمان اللي افتقدته معايا، بس يارب تكون نصيبي.. أنا بقيت عايش بس عشان ربنا يحقق لى الامنيه دى...
ابتسم له فهد براحه داعيا له
-- أن شاء الله خير.. والعلاج فتره وهيعدى.. وربنا يجمعك بيها ويسعد قلبك بعشقها..
تابع بعمليه:
-- انت تقعد دالوقت عشان ورايا ملفات كتير عايزه تخلص.. وكمان عشان اتصل ب مروان محتاجه يشوف لى حد ثقه يخلص لى موضوع الدكتور الزفت اللى كان هيتسبب فى موت غمزه
هز ريان رأسه بالايجاب واردف بتساؤل:
-- طب انا عايز أشتغل مش هينفع اتفرج عليك..
عقب فهد عليه وهو يجمع الملفات
-- تمام تعالى معايا على طربيزة الاجتماعات تطلع على الصفقات واللى مش هتفمه قولى وانا افهمك.. أنت اصلا دارس إدارة أعمال يعنى مش هتلاقى صعوبه انك تفهم الدنيا ماشيه ازاى..
جلسوا اثنتيهم يحيطهم الملفات يتبادلوا الأفكار وطرح الأسئله التى تخدم مصلحة العمل..
قطع حديثهم اشعار من مروان محتواه انتظرنى خلال ساعه سأحدثك فيديو كول بمجرد وصلى للفندق..
زفر فهد براحه على استجابة صديقه..
حول نظره ل ريان قائلا بصوت أجش:
-- اعمل حسابك لو بسنت دخلت قبل ما أتكلم مع مروان.. أنت اللى هتقعد معها وهتخلص شغل تجديد المكان.. المسؤليه الكامله هتكون عليك.. مش عايز غلطه الشق العملى بتاعك هيكون معها.. عايزك تثبت نفسك قدامها ومتخيبش ظنى فيك.. فرصه كويسه انك متخلطش الأمور ببعضها وتظهر قدامها بمظهر رجولى وتخليها تغير فكرتها اللى هى واخداها عنك..
تنهد ريان بقلق ولكن حاول الثبات وهز رأسه بتفهم داعى الله أن يمده بالقوه كى يتخطى تلك المرحله الصعبه من حياته...
------------------
بالاسفل مضى بعض الوقت وانتهت بسنت من إنجاز المهمه الموكله لها، ادارت اتصال على عبدالله كى تخبره بالأمر ليصعد معها للأعلى، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، للأسف عبدالله مشغول مع لجنه أتت من وزارة الصحه لمراقبة وفحص الجوده على منتجات اللحوم لضمان السلامه الغذائيه..
نفخت أوداجها بحنق من سوء حظها، وتنهدت بيأس من استحالة فرارها من تلك المقابله، فهى ضروريه للاتفاق على ميزانية ترميم هذا الخراب..
وقفت تهدء من تسارع دقات خافقها تمسد على قلبها وكأنها تواسيه فى القادم، نظرت للسماء تدعى ربها أن يشملها بستره وينجيها من براثن هذا المعتوه، جمعت أشيائها واتجهت تخطو للمصعد المؤدى للدور الادارى الذى يقطن فيه مكتب فهد الراوى..
قليلا ودلفت بسنت الي مكتب مريهان حسب الموعد المتفق عليه مع فهد استقامت ميرهان لترحب بها هاتفه:
-- أهلا وسهلا يابشمهندسه بسنت البشمهندس فهد منتظر حضرتك..
تابعت باستفهام :
-- بس قبل ما تدخلى ممكن تطمنيني على غمزة أنا اللى انقذتها إمبارح وتليفونها مقفول معرفتش اكلمها واطمن عليها.. يعلم ربنا انا حبتها من أول ما شوفتها واعتبرتها أختى ..
أجابتها بسنت بامتنان
-- الحمد لله بقت أحسن.. وبحب اتشكرك بالنيابه عن عيلتى كلها احنا مديونين لك العمر كله على وقفتك مع غمزه.. أنتى متعرفيش لو كان حصلها حاجه احنا كان ممكن يحصلنا أيه..
عقبت مريهان
-- مفيش شكر بين الأخوات.. ربنا يحميها ويبعد عنها كل شر..
ثم خطت نحوها تفتح باب مكتب فهد وهى تقول:
-- يا فندم البشمهندسه بسنت وصلت ادخلها لحضرتك
اجابها بعمليه:
-- أكيد أنا منتظرها....
دلفت بسنت بأقدام كالهلام وأنفاس متلاحقه كلما حاولت أن تهدأ يأتى بذهنها شبح واقعة مكتبها، قبضت على راحتها تفرغ شحنة توترها عندما وجدت ريان يجلس أمام أخيه يتجاهلها وهو يتفحص الملف الذى بحوزته، أرخت جفنيها قليلا تحمد الله أنه لم يرفع عينيه فيها، فتلك النظره التى يشملها بها تذيب أوصالها رعبا..
أشار لها فهد بأن تأتى تنضم لهم على طاولة الاجتماعات، أومأت له باحترام وذهبت تجلس جواره لتكون فى مواجهة ريان..
ارتدت قناع المرأه العمليه، و نحت جانبا كل مشاكلها ومخاوفها، وتذكرت فقط مهنتها التى دوما مجتهده فيها وتمارسها بإتقان ويشهد لها الجميع أنها ذات خبره ممتازة فى مجال هندسة المعمار والديكور..
أجلت حنجرتها وبدأت هى بالحديث هاتفه بعمليه:
-- مبدأيا كده الخساير متعتبرش كتير لأنه شكله كان هدفه غمزه مش المعمل، فعشان كده الأجهزة بس هى اللى انضرت وبالنسبه للتصدعات اللى فى الحيطان ده طبيعى نتيجة اللهب حصلت شروخ ودى سهل معالجتها..
أتى إشعار على اللاب توب الخاص ب فهد من مروان، جعل فهد يستوقف حديثها قليلا فأخيرا استجاب لرسالته وها هو الآن يهاتفه
استقام فهد معتذرا
-- انا اسف أنى قاطعت كلامك.. بس الفيديو كول ده ضروري ومهم ومش هينفع أجله.. معاك استاذ "ريان" هيكمل الشغل.. هو على درايه باللى احنا عايزينه وملم بكل التفاصيل.. وهو اللى هيكون مسؤول معاكي عن إعادة تجديد المكان.. أتمنى تتعاونوا مع بعض بشكل مثمر..
نطق حديثه بعمليه وهو يتبادل النظرات بينها وبين أخيه، يبث فيه الثقه ويعطى له قدره الذى يستحقه، وهى نظرة رجاء أن تنحى الخلافات جانبا وتنظر للشق العملى، متأملا أن تغير وجهة نظرها فى أخيه، متفائل بأخيه أنه لن يخذله مره أخرى لعلها الأخيره التى سيقف على أعتابها فمن الممكن أن لا تتكرر الصدف التى تجمع دروبهم مره اخرى..
أومأت له بعمليه واحترام ووضعت عينيها بالملف الذى يوجد أمامها تستكمل حديثها بجديه:
-- تمام نرجع لكلامنا.. الضرر مش كبير وسهل نشتغل عليه وفى ظرف عشر أيام شغل مكثف هيكون المكان رجع لكافأته من تانى..
اندمجت فى تفاصيل عملها الذى تعشقه وبأريحيه تناست ريان وأفعاله وظلت تتحدث وهى تتشارك معه الملف الذى أمامها، تشير له بيدها على الرسم الكروكي الذى صممته بالأسفل والابعاد التى رفعتها والمقاسات التى رأت تغيرها للاستفاده من اتساع المكان بشكل عملى أكثر..
تماشى ريان مع حديثها بهدوء وتعقل، دون ضغط أو تلميح لأى شئ سابق، أعجبه تفانيها فى مهنتها ومهارتها الهندسيه التى أبهرته بفكرها وسرعة بديهتها وأفكارها المتجدده..
لاحظ لين ملامحها وذهاب عبوس وجهها وهى تتحدث معه، وكأن تلبسها امرأه أخرى غير التى تهابه، ارتاح للشق العملى فى علاقتهم فيبدو أنها تناست مشاكلهم وسط اندماجها فى التخطيط والتنفيذ لمهمتها، وهذا حاليا يكفيه أن تكون بالقرب منه بدون نفور أو خوف..
تعامل هو أيضا بنفس الجديه والعمليه، يجيبها بحدود يسألها بمهنيه فى نطاق العمل، فهو بالأخير ليس بأقل حال منها، فهو له باع مع أبيه وجده فى التجاره والادارة ودراسته تخدم الشق العملى للمصانع وآن الأوان أن يسترد مكانته التى فرط بها، التزام من كليهما وراحة شملت اثنتيهم وهم يغضوا الطرف عن مشاكلهم القديمه، تجاذبوا أطراف الحديث بتريث وتطرقوا لمواضيع تخص مهنتها، سلامة الحديث بينهم فتحت مجال للتطرق لمواضيع خاصة بدراسة كلا منهم..
تحدث ريان منهى الحديث قائلا:
-- كده يبقى انا مستنى من حضرتك بكرا ال plan الى اتناقشنا فيها بالمخطط اللى حضرتك هتقدميه يكون مستوفى الشروط على ارض الواقع، وميزانيه وافيه بكل المصروفات اللى حضرتك هتحتاجيها عشان تنفذى شغلك ..
رفعت رأسها وهى تجمع أشيائها كى تستعد للمغادره هاتفه بتأكيد:
-- اكيد يافندم بكرا الصبح كافة التفاصيل بدقة عاليه هتكون على مكتب حضرتك..
ولكن استوقف ريان سؤال طرئ بذهنه فسألها باستفسار:
-- أنا ملاحظ أنك لوحدك ومفيش فريق عمل بيشتغل معاكي ويساعدك.. معقوله شغاله لوحدك طب كده مش هتلحقى تخلصى فى عشر أيام زى ما قولتى..
نطق بعمليه كى يطمئن على دقة المواعيد التى من خلالها سيوافى فهد بالجديد..
أجابته بثقه وعلى قدر كبير من المهنيه هاتفه:
-- لأ طبعاً عندى فريق خاص بيا.. أنا مكتب كبير وله اسمه.. معايا مهندسين ديكور ومعمار.. وعندى صنايعيه فى كل التخصصات اللى بتقوم بالشغل على أكمل وجه.. متقلقش هتستلم فى الميعاد اللى اتفاقنا عليه..
دق برأسه لفظها لكنية الفريق خاصتها بالمهندسين، أى مهندسين رجال ام نساء، كم ود لو يسالها لتريح رأسه التى تتخبط من كثرة الأسئله، ولكن بالاخير زفر بصعوبه لا يريد خسارة تلك الأريحيه التى صبغت وجهها مؤخرا وهى تتحدث معه، نحى غيرته واستقام يودعها بحبور ولمعت عينيه هى ما تحاكيها فقط..
ودعته بدون ان تصافحه كعادتها فى معاملة الرجال، ابتسم لتلك العادة التى تأسر قلبه منذ أن رأها..
ومن جانبها هى لم تكن احسن منه حالا، استغربت حالها مندهشه من اريحيتها وعدم نفورها منه، اندهشت أكثر من تعقله وهدوء، والذى تغير كثيرا عن ذى قبل او دعنا نقول عن ذى بضع ساعات، اين المغرور العنجهى ذو اللسان السليط والقلب المتجبر، والأكثر غرابه الشق العملى المبهر فى شخصيته، لأول مره تكتشف راجحة عقله و رجولته الطاغيه فى التعامل، ولكن ما اثار حيرتها هل هذا ذكاء اجتماعى أراد أن يظهره كى يغير فكرتها عنه، ام أن هذه حقيقته التى طمثت من خلال أعماله المشينه، نفضت الأفكار عن رأسها، فالأيام كفيله بكشف كل الحقائق المزيفه..
-----------------
يتبع.
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
----------------
من اعتاد أن يوزع الورد سيبقى شيئاً من العطر عالقاً على يده، فما أجمل أن ينثر الإنسان الحياة في كل مكان دون انتظار مقابل....
أتى المساء وأتى معه دفئ أحضان العائله، مساءً وبالتحديد فى دوار الراوى يجلس "سعد وريان" يتجاذبوا أطراف الحديث فى محاوله من سعد للتقرب من ولده حتى يهون عليه صعاب ما يعيشه فى مجابهة سحب المخدر اللعين من جسده..
صدح فى السماء صوت أذان المغرب يحث المؤمنين على الصلاه، قطع الحديث الدائر بينهم صوت سعد وهو يقول:
-- يالا قوم نتوضى ونصلى جماعه ياريان..
طأطأ ريان رأسه بانكسار وعينيه غامت بالخزى من نفسه..
لاحظ سعد شحوب وجه ولده وعلامات الاحراج طبعت تصبغ وجهه بالسواد..
مسد على كتفه قائلا بعطف:
-- مدام حسيت بالندم وعرفت غلطتك يبقى اتعلمت..
اجابه ريان بندم:
-- عرفت بس بعد أيه يابابا بعد ما خسرت كل حاجه..
بسط سعد يده يرفع رأسه كى ينظر له قائلا:
-- متقولش كده يابنى.. أنت لسه شباب والدنيا قدامك.. اوعى تبص وراك واستفيد من أخطائك.. ومهما حصل خاللى عندك عزيمه انك تتغير وتبنى مستقبلك من جديد.. جايز الهدر اللى أنت خدتوا ده كان تقيل وكسرك وهز ثقتك فى نفسك..
بس مش مهم الضربه اللى متموتش تقوى.. أهم حاجه متستسلمش وتقوم تعافر وتثبت للدنيا أنك عصب الراوى اللى مفيش حاجه تخليه ينحني....
جذب سعد كفه يقبض عليه يحثه على الوقوف قائلا:
-- من هنا ورايح هنرجع أب وابنه خطوتك سابقه خطوتى.. هيبتك من هيبتى.. عايزك متتكسفش منى أنا سترك وغطاك.. قوم اتوضى وهكون أنا الأمام بتاعك زى زمان هنرجع نقف كتف فى كتف.. ماهو لازم حد فينا يمد أيده للتانى عشان الضعيف يقوى ويشد عوده من جديد ودى البدايه ياعزوة ابوك وصلبه..
أومأ له ريان بإحراج ولم يستطع التفوه بكلمه اعتدل ناهضا ودلف لغرفة الحمام يتوضأ، قليلا وخرج وتبعه سعد توضأ ووقفوا اثنتيهم فى اتجاه القبله خاشعين للمولى عزوجل داعين أن يوفقهم لما يحبه ويرضاه وأن يزيح الغمه ويفك الكرب ويرفع عنهم البلاء والابتلاء، تضرعوا لله سبحانه وتعالى ساجدين يبوح كلا منهم بما يعتمل صدره من حزن وأسى، أنهوا صلاتهم وجلسوا قبالة بعضهم، تبادل سعد مع ريان نظرات سعيده فرحه لرجوعه لأحضان عائلته..
سأله سعد يطمئن على صحته:
-- عامل أيه يابنى فى علاجك مرتاح عليه ولا نغيره..
أجابه ريان براحه:
-- الحمد لله مرتاح يابابا متقلقش الدكتور حسن مظبط الادويه والمواعيد..
تابع بحب
-- انا مش عارف اشكركم ازاى على وقفتكم جانبى انا لولا مسامحتكم وفتحة دراعتكم ليا اللى احتوتنى كان زمانى ضايع فى الشوارع.. أنا بحمد ربنا على وجودك أنت فهد أخويا وماما هنيه.. من غيركم مش عارف كنت هعمل ايه..
جذبه سعد من رقبته يربت على ظهره بحنو وعطف يشفق على حاله من وجود أم مثل عدمها..
أردف سعد بمحبه:
-- ياعبيط أنت ابنى وواجب وفرض عليا حمايتك.. ممكن اكون معرفتش أوصلك من بدرى.. أو مسكت ايدك بس بطريقه غلط.. أو يمكن غلط لما سيبت زمام تربيتك لأمك عشان محرمكش منها وتحس أنى بفضل هنيه عليها.. بس صدقنى أنا الضافر اللى أنت بتخلعه وأنت بتتوجع بيمزع فى قلبى.. كله الا الضنى وأنت وأخواتك اللى طلعت بيهم من الدنيا ونفسى أشوفكم احسن ناس..
قطع دفئ لحظاتهم دخول فهد مبتسما وهو يصيح:
-- خونه بتحبوا فى بعض وسيبنى وسط كل المشاكل اللى عماله تقع فوق راسى..
قالها وهرول اليهم باسط زراعيه على مصرعيهما يأخذهما بين أحضانه، ملثما رأس أبيه وأخيه بحب نقى لا تشوبه شائبه..
اعتدل وجلس جوارهم أرضا يربع ساقيه مثلهما محولا نظره ل ريان يسأله باهتمام:
-- عامل أيه النهارده ياحبيب أخوك..
أجابه ريان بسكينه:
-- الحمد لله بخير طول ما انت فى ضهرى..
ابتسم سعد على احتواء فهد لأخيه، ولكن ما ينغص قلبه تكالب المشاكل فوق رأسه، رفع عينيه لتقابل عين فهد يستفسر منه عن حال المصنع:
-- أيه أخبار مشكلة حريق المصنع اللى حصلت إمبارح.. ومتخبيش عليا انا سمعت كل حاجه وانت بتكلم أخوك..
مط فهد شفتيه ببلاهه وهو يغمض عين ويفتح الأخرى قائلا بمرح:
-- هو معرفش اخبى حاجه عليك خالص ياحج ديما كده قفشنى...
حدقه سعد بسخريه وهو يحك ذقنه قائلا:
-- واد يابن سعد متلوعش واتكلم دوغري أنا مستنيك من بدرى ومدام أخوك عارف أحكى وخلصنى....
أومأ فهد بهدوء ورسم الجديه على ملامحه وبدء يقص ما حدث ليلة أمس بالتفصيل حتى انتهى بأحداث اليوم وما ترتب عليها..
تجهم وجه سعد من تلك الاخبار، والسؤال الذى يدور برأسه ويشغل باله لحساب من يعمل هذا المدعو خالد..
قبض ريان على كفيه بغيظ من هذا المتربص المجهول والذى لا ينفك أن يكيد لهم المتاعب وتدبير المصائب، ولكن سريعا ما خفق قلبه بشده على سيرة بسنت من عشقتها روحه..
باندفاع متلهف داهم ريان فهد قائلا باستفسار:
-- هو لسه عرضك ليا بمكان فى المصنع زى ماهو ولا غيرت رايك
اندهش فهد من اندفاعه ولكن عقب بحبور:
-- اكيد مكانك موجود.. أنت سندى بعد ربنا واستحاله ارجع فى كلمه أنا أديتهالك.. أنا بس كنت مستنى تفوق وتصلب حيلك وتنزل معايا.. بس لو حاسس نفسك هتقدر.. يبقى تمام ظبط مواعيد ادويتك مع دكتور حسن وانزل معايا من بكرا..
سُر ريان بحديث أخيه وحمد سعد الله على الألفة والمحبه بين قلوب أبنائه التى مهما تكيل لهم الدنيا يزيدوا عزيمه وترابط..
استقام سعد ناهضا وودع أمسيتهم متمنى لهم راحة البال والسكينة وترك الاخوه يتسامرون فى محبه
اعتدل فهد ينهض من الأرض ومد يده يجذب زراع أخيه، جلسا الاثنان قبالة بعضهما على الأريكه، ليتبادلوا النظرات بصمت قطعه فهد وهو يزوى بين عينيه هاتفا بمشاكسه:
-- انا شايف أن صحتك ردت فيك.. والدمويه جريت فى عروقك عن امبارح.. غريبه يعنى انا لما فتحت معاك موضوع الشغل مكنتش متحمس وسبحان الله دالوقت شايفك ناقص تبات على باب المصنع..
أنهى حديثه وهو يغمز له بطرف عينيه فللحديث مغزى
حك ريان ذقنه بإحراج من فضح أمره أمام أخيه، ولكن فرح برجوع عهده مع أخيه كما كان بالماضى، فهو الوحيد الذى يتفهم عليه من نظرة عين..
ابتسم بسعاده مردفا بمزاح:
-- مبروم على مبروم ميرولش يابن ابويا.. ما انت عارف اللى فيها.. عشق الروح هتكون موجوده وأنا أبقى متخزن فى البيت زى الولايا.. ده حتى يبقى عيب فى حق الديب
قال الأخيره وتعالت قهقهاته بالضحكات العذبه النابعه من قلبه..
تنهد فهد براحه من الفرحه التى صبغت وجه أخيه وابتسم قائلا:
-- ربنا يسعدك ياحبيب أخوك.. أنا معاك فى اى حاجه تقربك من حبك.. بس بالعقل ياريان بسنت بقت تترعب من فكرة قربك منها.. خاليها تثق فيك عشان تديك الأمان وتحبك.. دى بنت زى الالماظ نادر وجودها دالوقت...
أومأ له ريان يتفهم عليه حديثه
تابع فهد بهيام:
-- أصل أخوك سهام العشق صابته هو كمان من ساعة عينى ما وقعت على أختها..
خر ريان ضاحكا وهو يصفع كفيه ببعضهما ويتلاعب بحاجبيه يتهكم على أخيه من كشفه لغرامه منذ البدايه قائلا:
-- عيب عليك ياشقيق أنا كشفك من زمان بس سيبتك لما تقر وتعترف بمزاجك متنساش انا خبره فى العلاقات الغراميه..
صفعه فهد على مؤخرة رأسه قائلا:
-- ماشى ياديب هحكيلك لحسن أخوك قلبه وجعه وعايز يرتاح
ابتسم ريان بوجع متذكرا حاله فى عشقه:
-- شكلك بتحبها قوى..
فهد بنبره مغرمه:
-- غمزتى أنا بعشقها هي حته قد كده..
مثل بأصبعيه علي أنها صغيره وأكمل:
-- بس هزت كيان أخوك وزلزلته..
سكن الدمع مقلتيى ريان وأردف متمنى لأخيه السعاده:
-- ربنا يسعدك بيها ياحبيبى انت ابن حلال وتستاهل كل خير..
قبض فهد على كتفه يمسد عليه برجوليه قائلا:
-- صلي علي النبي كده وان شاء الله هتروق وتحلى وبسنت هتبقي نصيبك انت كمان ابن حلال وتستاهل سعادة الدنيا كلها.. اصبر وأنت تنول..
حضنه ريان بغبطه بعرفانه عليه بجميل العمر ووقفته الرجوليه فى إعادته للحياه من جديد..
أخرجه فهد من صدره واستقام يمسح على وجهه العبرات التى تهدد بالهطول، استنشق أنفاسه قائلا:
-- هسيبك تنام وترتاح عشان بكرا ورانا يوم طويل..
ودعوا بعضهما وكلا منه خلد لفراشه يسبح فى أحلامه التى ينسجها مع من عشقها منذ صدفة لقائهما...
---------------------
التفاف عائلى جميل وليلة دافئه محاطه بالحب، تجمع الجميع حول فراش غمزه يتحمدوا سلامتها..
تتسطح كالملاك البريئ قابعه بين أحضان أبيها يضمها بحمايه لصدره، يشملها بعطفه وحنانه..
بينما يجلس عبدالله بجوارها يمسك راحتها السليمه يداعبها بروحه المرحه قائلا:
-- حمد لله على سلامتك ياقزمه خضيتنا عليك ياقرده.. عمر الشقى بقى.. لو كنت استنيتى شويه كنت طلعت على روحك ورد ..
قال الأخيره بتلاعب ليفك من حالة التعب المسيطره عليها..
ضحكت غمزه بوهن هاتفه بخفوت:
-- أهون عليك ياعبودى..
لمع الدمع بعيون عبدالله على اعياءها وعدم مجارتها له كعادتها، مال عليها يحتضنها و يجهش بالبكاء مردفا:
-- لا متهونيش ياقلب عبدالله.. ده انا كنت هموت من خوفى عليك وأنتى مغمى عليك بسبب الحمى..
لكزه عزت فى كتفه يبعده عنها قائلا بحده:
-- بس ياواد ياخايب بُكا ونواح هتفول على أختك.. امسحى دموعك ياآمال غمزه بقت تمام
قال الأخيره بدعابه ليدخل البهجه على قلوب أبنائه
خر الجميع ضاحكين على مزحة عزت التى من النادر ظهورها
كفف عبدالله دموعه يمثل العبوث قائلا :
-- مقبوله منك ياكوباره.. ماهى اللى فى القلب مربعه حد يقدر يتكلم
صفعه عزت على مؤخرة رأسه قائلا:
-- ماشى ياخويا قولى بقى عملت إيه لما روحت المصنع
تنحنح عبدالله وهو يرفع عينيه ناظرا ل أحمد يستمد منه الدعم، يرمش بعينبه على أبيه بمعنى هل علم تفاصيل ما حدث، هز أحمد رأسه يحثه على التحدث فهو بالفعل قد تحدث مع غمزه..
قطع عزت التواصل البصرى بينهم قائلا:
-- اخلص يابيه غمزه حكيت لى اللى حصل بس أنا مستنى اعرف فهد هيعمل أيه..
رد عليه عبدالله بطاعه يقص عليه ما تم التوصل إليه دون الدخول فى تفاصيل حتى لا يُثير قلق أبيه..
استرسل بتوتر وهو يخبرهم بطلب فهد لمهندسة تشرف على ترميم المصنع من اثار الحريق قائلا باندفاع:
-- فهد طلب مهندسة تشرف على إصلاح تلفيات الحريق وأنا رشحت له بسنت..
شهقه فزعه صدرت من بسنت..
تطلعت لها أنعام بريبه هاتفه :
-- فى أيه مالك اتفزعتى كده ليه.. زى ما يكون قرصك تعبان..
تلعثمت بسنت وهى تعقب عليها:
-- أبدا ياماما مفيش حاجه بس بصراحه الشغل مع الناس دى يخوف مفيش مره بنقرب منهم إلا لما تحصل مشكله..
نطقت كلماتها بصعوبه ولكن الهدوء الذى أحاط وجه والدتها أعطها الطمأنينه أنها مرءت علي خير..
أردفت أنعام تصدق على كلامها:
-- فعلا يابنتى معاك حق تحسى قدمهم نحس على اللى بيجاورهم..
نهر عزت أنعام قائلا بغضب:
-- ايه التخاريف دى يامرييه يافاضله ياللى بتربى أجيال على الوعى والايمان بالقضاء والقدر..
حول نظره ل بسنت قائلا بعطف:
-- كله مقدر ومكتوب يا بسنت يابنتى.. لو مش حبه تشتغلي معاه تمام.. لكن بدون تجريح.. يعز عليا يكون ده تفكيرك انا مربتكيش على أنك تخذلى حد مد أيده ومحتاج مساعدتك..
طأطأت رأسها بإحراج هاتفه:
-- انا آسفه يابابا مكنش قصدى.. بس أنا قلقانه بسبب اللى حصل ل غمزه..
تدخل أحمد يطمئنها قائلا:
-- ياحبيبتى ده مش هيكون شغل مستديم.. ده كبيره اسبوعين تلاته وهتخلصى مهمتك وتمشى.. بس فهد فى ازمه ومينفعش نتخلى عنه..
التفتت تنظر ل غمزه تستمد منها المعونه كعادتهما سويا، وجدتها تغط فى النوم بسبب الأدويه، لعنت حظها العسير الذى أوقعها مع عائلتها ولا تدرى كيفية الرفض، تكاد تبكى من فرط غيظها من عائلة الراوى، كلما هدءت واطمأنت أن الأمور بدءت تستقر، يأتى شئ لم يكن بالحسبان يقلقل صفو حياتها من جديد، كبتت غيظها وهى تقطم على باطن شفتيها تلعن على مضض موافقتها على العمل..
انتهت أحاديثهم رغم كل ما يختلج صدورهم من تخوفات لما هم مقبلين عليه، ولكن هم مؤمنين ب
كلا لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..
------------------
انقضت ليلتهم بكل ما حملته لهم من صعاب، وأتى الصباح حاملا معه آمال جديده، وأحلام قيد التحقيق..
تجهز ريان وارتدى حلته بعد أن أخذ أدويته والتعليمات الواجب المحافظه عليها من دكتور حسن لتفادي أى انتكاسه، على أن يكون بالمنزل فى حالة لو شعر ببوادر أى تعب، وأحاط فهد علما بأن يكون تحت عينيه طيلة الوقت مشدداً عليه أن يكون حريص كل الحرص من حدوث أى خطأ يعود بهم لنقطة الصفر..
استعد أثنتيهم وهبطوا للأسفل وجدوا هنيه تقف فى انتظارهم وقد اعدت صندوق طعام خصيصا ل ريان، تطلعوا لها اثنتيهم باستغراب
هتف ريان بنبره مرحه قائلا باستفسار:
-- أيه ده ياهنون هو احنا تلامذه رايحين المدرسه مجهزه لينا السندوتشات..
مطت شفتيها بامتعاض من تهكمه هاتفه :
-- مهما تكبروا هتفضلوا فى عينى صغيرين..
اقتربت منه بعطف تمسد على صدره مردفه:
-- وحياتى عندك ما تاكلش حاجه من برا.. حافظ على نفسك ياحبيبى لحد ما تسترد صحتك.. لو بتحب هنيه أوعدني..
أومأ لها ريان بحب وانحنى يقبل يديها قائلا:
-- ربنا ميحرمنيش من حنيتك وعطفك ياأمى.. اوعدك اكون عند حسن ظنك.. ادعيلي ربنا يهونها عليا..
قطع دفئ لمتهم نعيق غراب البين مكيده وهى تصيح بانفعال:
-- هلا هلا ياعبدالله.. لابس ومتشيك وواجف تتمحدت مع اللى متتسماش عالصبح.. وياترى رايح فين أنت والمحروس ولد هنيه..
زفر ريان بحنق من مهاترات والدته التى لا تفض قائلا:
-- صباح الخير ياامى.. نازل أغير جو شويه مع فهد فى المصنع.. تؤمرينى بحاجه..
لكزته مكيده بغيظ فى صدره جعلته يتقهقر للخلف ليصطدم بصدر أخيه، حاوطه فهد بزراعيه وهو يقول بغضب:
-- مالك يا مرات ابويا أنتى بتعملى كده ليه.. أنتى هتمنعينى عن أخويا.. هو أنتى فاكره اللى حصل زمان هسيبك تكرريه من تانى.. من هنا ورايح كل واحد يلزم حده.. لحسن اللى جاى مش هتلاحقى تلمى عليه..
نطق كلماته بخشونه واحتدت نظراته وتجمرت بلهيب الماضى..
رساله مبطنه ألقاها بوجهها، جعلها تصعق من اسلوبه الجديد عليها..
ولكن كالحيه تتلون حسب طبيعة الجو بكت بدموع التماسيح هاتفه:
-- شايف أخوك وتطاوله عليا.. ينفع كده ياللى بجول عليك سندى وصلبى فى العيله دى..
أجابها ريان باقتضاب فهو على علم بمكر امه:
-- ياأمى محدش عملك حاجه.. وفهد مش قصده حاجه غير انه مش هيتخلى عنى زى زمان.. هو حرام تشوفينى مبسوط..
دفعته مره أخرى ولكن أشد وطأه فكانت قبضه قويه فى قلبه، جعلته يخر ساجدا من شدة قسوتها
شهقه حزينه صدرت من هنيه مهروله اليه تمسد على رأسه بحنو وعطف هو فى أمس الحاجه اليهم
بينما مكيده هتفت بغل:
-- ماشى يابن بطنى بكرا تندم على عصيانك ليا..
قالتها واندفعت تهرول للأعلى تأكل نار الحقد أحشائها..
جذبه فهد وساعده على النهوض متحدثا:
-- روق وفوق ولا يهمك من حاجه طول ما احنا مع بعض هنعدى الصعب.. سيبك من أى كلام يعكر مزاجك وانتبه لنفسك وصحتك..
أيدت هنيه كلام فهد واستودعتهم فى حفظ الله..
-----------------
الصباح فى بيت عزت يشوبه بعض القلق والتوتر، بهدوء تسحبت بسنت لغرفة غمزه، جلست جوارها تهمس لها برجاء كى تستيقظ، بتثاقل بدءت غمزه ترمش بأهدابها تحاول الإفراج عن جفونها، مسحت براحتها على عينيها تسمح لهم برؤية وجه اختها..
سألتها بنعاس:
-- فى ايه يابسنت حاجه حصلت بتصحينى ليه..
أجابتها بسنت بخفوت:
-- الحقينى عبدالله أخوكى جيبلى شغل فى مصنع فهد وعايزين أرمم آثار الحريق اللى حصلت.. وتحت اصرارهم وأسئلتهم الكتير معرفتش أرفض..
تتأبت غمره بتعب هاتفه:
-- روحى ومتقلقيش فهد بيعتبرك زى أخته وهيحمكى من أى حد يفكر يأذيكى.. ولو على ريان فهد هيعرف يظبطه..
جحظت بسنت بصدمه من تحول أختها، وضعت يدها على جبتها تستشعر حرارة جسدها ربما تكون آثارها سبب تخاريف ما تهذى به أختها..
هتفت بدهشه:
-- غمزه ياحبيبتى أنتى تعبتى تانى ولا أيه.. مالك ياماما اتحولتى وراضيه على فهد كده ومتخافيش وهيظبطه.. ده من امتى الحنيه دى كلها على فهد وأخوه..
جزت على أسنانها تتابع بحنق:
-- بت أنتى فوقى واتعدلى اقسم بالله انا ما فيا أعصاب.. أنا دمى نشف من إمبارح.. أنا مش عارفه هكون أنا وهو فى مكان واحد أزاى.. أبوس على أيدك قومى تعالى معايا وكده كده انت شغاله هناك وهيبقى طبيعى وجودك معايا..
رمشت غمزه بأهدابها كثيرا وهى تغمض عينيها وتفتحها تحاول استيعاب ما تفوهت به أختها، نفخت أوداجها بنزق واهى مردفه:
-- أنتى عبيطه يابسنت انا تعبانه وكنت بموت إمبارح ازاى عايزنى انزل الشغل النهارده.. اعقليها كده بابا وماما هيقولوا أيه..
تابعت بحالميه:
-- وبعدين ابو الفهود هيكون معاك متقلقيش سيبه معاك أسد حامى حما بنات عزت رقبته سداده هيجيبلك ريان تحت رجلك يقولك شبيك لبيك خدامك بين أيديكِ
لطمت بسنت على وجهها من استظراف أختها هاتفه بصراخ مكتوم:
-- ياخزان أحزان ياغمزة هو أنا ناقصه خفة دمك عالصبح.. مالك يابت بتحبى على نفسك كده ليه.. هو الحريق أثر على نفوخك يامه..
أكملت بنحيب:
-- غمزة حبيبة أختها هتتعدل وتتظبط وتشوف لى حل من غير تهييس..
صمتت وهى تضيق بين عينيها تطالعها بريبه فى أمرها وهى تقول
-- وقبل ده كله قوليلى هو ايه غير رأيك في فهد وبقى أبو الفهود حامى الحمى..
بسطت غمزه زراعيها تتمطأ يمين ويسار تعقب عليها وابتسامه سعادة زينة ثغرها هاتفه:
-- بصى يابسبوسة ياحبيبتى هو حوار كبير بس تقدرى تقولى أختك وقعت فى حبه من أول ما شفته بس كانت بتكابر.. بس الواد جان وعرف يخلينى أرفع الرايه واسلم..
قالتها بهيام وهى تضيق بعينيها كالقطه وابتسامه سعيده صبغت وجهها بلمعه جديده عليها جعلته يتورد بحمرة الحب الذى توغل لخافقها..
دهشه، تعجب، حيره، ريبه، نظره شموليه ألقتها بسنت على غمزة وهذا ما تشعر به نحو ما قالته، بالاخير مطت شفتيها مع أمأه من رأسها تعقب على حديثها بتهكم:
-- بقى الموضوع كده وأنا آخر من يعلم.. عالعموم الله يسهلك ياست هو الواد راجل ويستاهل يوقع مع واحده مجنونه زيك.. ربنا يعينه على ما ابتلاه..
قالت كلماتها وهى تضحك منقضه عليها تحتضنها بحب تتمنى لها السعاده والفرح..
قليلا وهدأت وتيرة ضحكاتهم السعيده خرجت بسنت من احضانها هاتفه باستسلام:
-- ماشى ياستى مفيش قدامي فرصه للهروب هروح وأمرى لله مدام حبيب القلب هيكون الدرع الواقى من حوادث التصادم مع ريان..
مالت نحوها لثمت وجنتيها بحب وودعتها مغادره تقابل فصل جديد فى قصة صدفة لقائهم العجيبه..
---------------------
لقاء السحاب بين الرعد والبرق تتسبب فى تغير مناخى سيطرأ على حالة الجو صباحا فى مصانع الراوى،
نستهل الصباح بظاهرة التغيير التى بدت واضحه للعيان حيث نشاهد رجل الأعمال فهد الراوى يترجل بشموخ من سيارته وبجواره ساعده الأيمن ريان الراوى لا يقل هيبه وعنفوان عن أخيه، وفى المقابل على الطرف الاخر نشاهد البشمهندس عبدالله ترافقه البشمندسه بسنت يقفوا بمحازة سيارتهم يتأهبوا لدخول البناية التى بها آثار الحريق...
تقابلت طرقاتهم سويا ليبدء عبدالله بالقاء التحيه بعمليه ليتبادلوا الرد عليه بابتسامه لطيفه، تلاها حديث فهد قائلا:
-- شكرا يابشمهندسه انك قابلتى تساعدينا.. معلش حظك معنا كده مش بتيجى الا عشان تزيلى اثار خراب.. بس بإذن الله المره الجايه تيجى فى الفرح ويكون تأسيس مكان جديد..
أنهى كلامه بجديه لينه حاول أن تكون مقابله ليست بعمليه بشكل كبير عندما لاحظ عبوس وصلابة وجهها..
أشار فهد بيده كى تسير للداخل ليُريها آثار الحريق وما ترتب عليه وما يجب أن تفعله كى يسترجع كفأة المكان فى أقرب وقت..
هزت رأسها بطاعه وأخذت جانب أخيها تمشى فى حما جواره، تعرقلت قدميها بأشياء عالقه فى الأرض تمسكت بزراع عبدالله فبادر سريعا وحاوط خصرها ليتفادى وقوعها أرضا، التقطت أنفاسها وهى تتشبث بملابسه، مستنده برأسها على صدره..
بينما ريان لولا ارتداءه نظارته الشمسيه لظهرت الحمم البركانيه التى اندلعت من عينيه بسبب الغيره التى أضرمها تقاربها بين زراعي أخيها، حاول ربط جأشه مكورً قبضة يديه يقهر الفراغات التى بين أصابعه لتخليها عن الامساك بها بدلا عن أخيها، ضغط على أسنانه الأماميه بغيظ يكشر عن أياب الديب الذى يستوطن داخله، قطم شفته السفلى حتى يمنع نفسه من الانقضاض عليها وجذبها عنوه من بين أحضان أخيها، ألسنه ناريه تسرى بأوردته تجعله ينصهر داخليا لترتفع حرارة الغيره ل مية سيلزيوس واكثر ولا سبيل لخفضها الا أن يزرعها بين أحضانه هو فقط من يحق له هذا التقارب..
لاحظ فهد تشنج رقبة ريان وبروز عظمة الفك لديه من كثرة الضغط على أسنانه، اقترب منه ضاغطا على كفه خفية حتى لا يثير الانتباه قائلا بخفوت:
-- أمسك نفسك مش طالبه غباء.. ده أخوها بلاش تهور وتخليها تخاف وتمشى..
عقب عليه ريان بأمأه من رأسه دون أن يتفوه، واستكمل طريقه دون أن يعطى لها اهتمام، ولكن داخله أبعد عن الثبات النفسى..
مضى القليل وهم الان داخل المعمل المضرم به الحريق، تجولت بسنت بعينيها فى زوايا المكان لينقبض قلبها وشهقت فزعه من المنظر وهى تتخيل أختها بالداخل، سكن الدمع عينيها وانهارت باكيه تتمسك بزراع عبدالله هاتفه بنحيب:
-- لما ده الشكل بعد النار ما هديت أومال شكلها كان أيه وهى غمزه جواه.. حبيبتى ياأختى ربنا ينتقم من اللى كان السبب..
مسد عبدالله على كتفها يطمأنها قائلا:
-- الحمد لله انها جت على قد كده وخرجت سليمه.. وبشرفى اللى عملها ما هسيبه غير لما يدوق نار جهنم على الأرض زى ما عمل فيها...
اليوم يوم الاعاصير والبراكين يختبروا صبر ريان وهو أبعد ما يكون عن الصبر، كتم أنفاسه بغضب محدثا نفسه بجنون:
-- يعنى انتى مصره تجنينى.. بتهيجنى برمشة عين.. أنتى مش عارفه أنك ملكى ومش مسموح لحد يلمسك غيرى.. طب اعمل فيكى أيه دالوقت أخدك غصب واللى يحصل يحصل..
فلتت زمام أموره وصاح بغضب:
-- فى أيه يابشمهندسه للعياط ده كله.. غلبتى العيال الصغيره عايزين نشوف شغلنا مش هنقضى اليوم كله فى المناحه دى..
احتقنت عين عبدالله بغيظ وجاء يرد عليه كلماته السخيفه، سبقه وقاطعهم فهد قائلا
-- فى أيه ياريان حقها يصعب عليها دى أختها اللى كانت جوه النار.. لازم نقدر شعور الناس.. مش كتر خيرها انها وافقت تيجى ترمم الخراب رغم اللى حصل لأختها..
نطق حديثه باستهجان وهو يوجه نظرات مستشاطه لأخيه من تهوره وعصبيته المفرطه..
لم يبالى ولم يكترث للمصاهره التى بينهم، كل ما يهمه الآن كرامة أخته المهدوره، جز نواجزه بغيظ ورد عليه الصاع صاعين متحدثا بتهكم:
-- معلش ياأستاذ ريان عالمناحه أصل القلوب على القلوب رحمه.. وعموما عايزين الغضب ده كله تطلعه وأنت بدور على إللى نازل حرايق وخراب فى مالكم.. مره المزرعه ومره المصنع..
ضرب فى الصميم بدون لفظ خارج، زفر كلماته باشمئزاز من عنجهيته المستفزة بدون داعى، الاحترام بالاحترام والجزاء من جنس العمل كرامة أفراد عائلته فى المقدمه وقلبه يتنحى جانبا...
رفعت بسنت رأسها بكبرياء تمسح على وجهها تزيل الدموع العالقه بأهدابها فرحه من مرضاة أخيها ورد اعتبارها من هذا المغرور..
قطم فهد على باطن شفتيه من تلك المهزله والتى سببها أخيه، ولم يكن لديه حجه كى يرد على تهكم عبدالله، أراد فض هذا الاحتقان الدائر بينهم أردف قائلا:
-- تمام يابشمهندسه هسيبك مع عبدالله ترفعى المقاسات وتشوفي المكان محتاج ايه وبعد ما تخلصى أنا مستنيكى فى مكتبى عشان نكمل اتفاق الشغل..
نطق حديثه بعمليه وجذب ريان من ساعده واخذه وخرج تاركا لها مساحه كى تنجز المهمه التى اتت من أجلها..
تطلعت لآثارهم بسنت وتنفست براحه هاتفه بحنق:
-- ياساتر عامل زى قباض الأرواح.. مش زى أخوه خالص.. تحسه عنده انفصام شخصيه وعقله ده فى الضياع..
رتب على كتفها قائلا بعطف:
-- معلش ياحبيبتى هو طبعه كده فى داء الغرور شويه.. بس مضطر استحمله عشان خاطر فهد راجل محترم.. وكمان متنسيش زينة القلب تبقى أخته..
قال الأخيره يهيام
ابتسمت بسنت على أخيها والمشقه التى يعانيها فى حب حبيبته بينها وبين أخويها وهتفت بمرح:
-- بس عجبتنى الداخله حلو الضرب من غير ما يسيب علامه.. مكنتش اعرف أن ليك فى قصف الجبهة...
رد على مداعبتها مبتسما:
-- كله الا اللى يقلل منك يابسبوسه على رقبتى ولا دمعه من عينك تنزل..
ثم تابع بجديه
-- يالا خليكى تخلصى شغلك مش عايزينهم يقولوا انك مهندسه نص لبه وفاشله فى شغلك.. وريهم بنت عزت بتعمل أيه..
أومات فرحه بحديث أخيها، وبدأت تتجول بالمكان ترفع المقاسات والابعاد التى دمرتها النار، ترسم تخيل مبدأي للتصاميم التى ستعمل عليها، ظلت هكذا تسجل كل ما تحتاجه من بيانات لتنفيذ المهمه على أكمل وجه..
-------------------
بينما فى الأعلى بمكتب فهد هاج على ريان من سوء تصرفه وصرخ يزجره قائلا:
-- أنا لحد أمتى هفهمك انك لازم تسيطر على أعصابك عشان متخسرش اللى بتحبهم.. لحد امتى هقولك عجرفتك دى مينفعش مع ناس عندهم عزت نفس.. أمتى هتفهم أن الناس دى فى بينا وبينهم نسب.. ده أنا لسه امبارح قايلك بحب أخته وعايز اتجوزها..أنت ليه مُصر تقل بينا قدامهم.. ليه مُصر تخليها تشوفك صغير..
باندفاع هاج وماج ولفظ كل ما يجثم على صدره من أفعال أخيه، يرجوه أن يستفيق من تلك الأفعال المشينه التى تقلل من شأنه وشان عائلته..
صفع ريان كفيه ببعضهما واردف بعصبيه:
-- بغييييير ياناس ولما بشوف حد قريب منها بتجنن اعمل ايه فى نفسى..
تابع برجاء
-- ارجوك يافهد افهمني.. ده غصب عنى مش عارف لما بشوفها بتجنن ومبعرفش اتحكم فى اعصابى..
همس بهذيان
-- انت عارف لو تريحني وتبادلنى حبى.. أو ترضى تتجوزنى حتى لو مش هتحبنى.. بس اضمن انها ليه.. بتاعتى ملكى.. أنا عارف أن اللى بطلبه مش طبيعى.. بس أنا بموت من فكرة أنها بعيده عنى ومش راضيه بيا..
لأول مره يجيش بما يكنه لها بهذه الصوره، حبه لها مرضى، هى منقذته والسبيل لخلاصه من ظلام حياته الدامس، وعقله لا يقبل بغير ذلك وقلبه وصم عشقها على نبضاته وانتهى الامر..
نفخ فهد اوداجه بغضب من تلك الدوامه التى لا ينفك يخرج منها حتى يتوه فيها من جديد..
تمالك نفسه يقبض على كفيه يناجى ربه ان يمده بالصبر لتخطى تلك المحنه، اقترب منه يضم منكبيه ويشدد عليه بخشونه قائلا:
-- كل اللى أنت بتقوله انا فهمه وحسيت بيه قبلك وكان بيوصل معايا للجنان.. بس مش بطريقتك دى حاول تهدى عشان تعرف تقرب منها.. أنت ماشوفتش هى خايفه تبص فى وشك ازاى.. كده عمر طريقكم ما هيكون واحد أهدى ياحبيب أخوك..
تنهد ريان بحراره وأخذ يستنشق أنفاسه بتروى ليهدء من ثورة مشاعره وأومأ قائلا
-- تمام يافهد هحاول أهدى..هو ممكن يكون من العلاج اللى باخده مش مخلينى عارف اتحكم فى اعصابى.. ادعيلي أزمتى دى تعدى على خير وارجع زى زمان.. وأنا هخليها ملكة على عرش قلبى، واعوضها الأمان اللي افتقدته معايا، بس يارب تكون نصيبي.. أنا بقيت عايش بس عشان ربنا يحقق لى الامنيه دى...
ابتسم له فهد براحه داعيا له
-- أن شاء الله خير.. والعلاج فتره وهيعدى.. وربنا يجمعك بيها ويسعد قلبك بعشقها..
تابع بعمليه:
-- انت تقعد دالوقت عشان ورايا ملفات كتير عايزه تخلص.. وكمان عشان اتصل ب مروان محتاجه يشوف لى حد ثقه يخلص لى موضوع الدكتور الزفت اللى كان هيتسبب فى موت غمزه
هز ريان رأسه بالايجاب واردف بتساؤل:
-- طب انا عايز أشتغل مش هينفع اتفرج عليك..
عقب فهد عليه وهو يجمع الملفات
-- تمام تعالى معايا على طربيزة الاجتماعات تطلع على الصفقات واللى مش هتفمه قولى وانا افهمك.. أنت اصلا دارس إدارة أعمال يعنى مش هتلاقى صعوبه انك تفهم الدنيا ماشيه ازاى..
جلسوا اثنتيهم يحيطهم الملفات يتبادلوا الأفكار وطرح الأسئله التى تخدم مصلحة العمل..
قطع حديثهم اشعار من مروان محتواه انتظرنى خلال ساعه سأحدثك فيديو كول بمجرد وصلى للفندق..
زفر فهد براحه على استجابة صديقه..
حول نظره ل ريان قائلا بصوت أجش:
-- اعمل حسابك لو بسنت دخلت قبل ما أتكلم مع مروان.. أنت اللى هتقعد معها وهتخلص شغل تجديد المكان.. المسؤليه الكامله هتكون عليك.. مش عايز غلطه الشق العملى بتاعك هيكون معها.. عايزك تثبت نفسك قدامها ومتخيبش ظنى فيك.. فرصه كويسه انك متخلطش الأمور ببعضها وتظهر قدامها بمظهر رجولى وتخليها تغير فكرتها اللى هى واخداها عنك..
تنهد ريان بقلق ولكن حاول الثبات وهز رأسه بتفهم داعى الله أن يمده بالقوه كى يتخطى تلك المرحله الصعبه من حياته...
------------------
بالاسفل مضى بعض الوقت وانتهت بسنت من إنجاز المهمه الموكله لها، ادارت اتصال على عبدالله كى تخبره بالأمر ليصعد معها للأعلى، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، للأسف عبدالله مشغول مع لجنه أتت من وزارة الصحه لمراقبة وفحص الجوده على منتجات اللحوم لضمان السلامه الغذائيه..
نفخت أوداجها بحنق من سوء حظها، وتنهدت بيأس من استحالة فرارها من تلك المقابله، فهى ضروريه للاتفاق على ميزانية ترميم هذا الخراب..
وقفت تهدء من تسارع دقات خافقها تمسد على قلبها وكأنها تواسيه فى القادم، نظرت للسماء تدعى ربها أن يشملها بستره وينجيها من براثن هذا المعتوه، جمعت أشيائها واتجهت تخطو للمصعد المؤدى للدور الادارى الذى يقطن فيه مكتب فهد الراوى..
قليلا ودلفت بسنت الي مكتب مريهان حسب الموعد المتفق عليه مع فهد استقامت ميرهان لترحب بها هاتفه:
-- أهلا وسهلا يابشمهندسه بسنت البشمهندس فهد منتظر حضرتك..
تابعت باستفهام :
-- بس قبل ما تدخلى ممكن تطمنيني على غمزة أنا اللى انقذتها إمبارح وتليفونها مقفول معرفتش اكلمها واطمن عليها.. يعلم ربنا انا حبتها من أول ما شوفتها واعتبرتها أختى ..
أجابتها بسنت بامتنان
-- الحمد لله بقت أحسن.. وبحب اتشكرك بالنيابه عن عيلتى كلها احنا مديونين لك العمر كله على وقفتك مع غمزه.. أنتى متعرفيش لو كان حصلها حاجه احنا كان ممكن يحصلنا أيه..
عقبت مريهان
-- مفيش شكر بين الأخوات.. ربنا يحميها ويبعد عنها كل شر..
ثم خطت نحوها تفتح باب مكتب فهد وهى تقول:
-- يا فندم البشمهندسه بسنت وصلت ادخلها لحضرتك
اجابها بعمليه:
-- أكيد أنا منتظرها....
دلفت بسنت بأقدام كالهلام وأنفاس متلاحقه كلما حاولت أن تهدأ يأتى بذهنها شبح واقعة مكتبها، قبضت على راحتها تفرغ شحنة توترها عندما وجدت ريان يجلس أمام أخيه يتجاهلها وهو يتفحص الملف الذى بحوزته، أرخت جفنيها قليلا تحمد الله أنه لم يرفع عينيه فيها، فتلك النظره التى يشملها بها تذيب أوصالها رعبا..
أشار لها فهد بأن تأتى تنضم لهم على طاولة الاجتماعات، أومأت له باحترام وذهبت تجلس جواره لتكون فى مواجهة ريان..
ارتدت قناع المرأه العمليه، و نحت جانبا كل مشاكلها ومخاوفها، وتذكرت فقط مهنتها التى دوما مجتهده فيها وتمارسها بإتقان ويشهد لها الجميع أنها ذات خبره ممتازة فى مجال هندسة المعمار والديكور..
أجلت حنجرتها وبدأت هى بالحديث هاتفه بعمليه:
-- مبدأيا كده الخساير متعتبرش كتير لأنه شكله كان هدفه غمزه مش المعمل، فعشان كده الأجهزة بس هى اللى انضرت وبالنسبه للتصدعات اللى فى الحيطان ده طبيعى نتيجة اللهب حصلت شروخ ودى سهل معالجتها..
أتى إشعار على اللاب توب الخاص ب فهد من مروان، جعل فهد يستوقف حديثها قليلا فأخيرا استجاب لرسالته وها هو الآن يهاتفه
استقام فهد معتذرا
-- انا اسف أنى قاطعت كلامك.. بس الفيديو كول ده ضروري ومهم ومش هينفع أجله.. معاك استاذ "ريان" هيكمل الشغل.. هو على درايه باللى احنا عايزينه وملم بكل التفاصيل.. وهو اللى هيكون مسؤول معاكي عن إعادة تجديد المكان.. أتمنى تتعاونوا مع بعض بشكل مثمر..
نطق حديثه بعمليه وهو يتبادل النظرات بينها وبين أخيه، يبث فيه الثقه ويعطى له قدره الذى يستحقه، وهى نظرة رجاء أن تنحى الخلافات جانبا وتنظر للشق العملى، متأملا أن تغير وجهة نظرها فى أخيه، متفائل بأخيه أنه لن يخذله مره أخرى لعلها الأخيره التى سيقف على أعتابها فمن الممكن أن لا تتكرر الصدف التى تجمع دروبهم مره اخرى..
أومأت له بعمليه واحترام ووضعت عينيها بالملف الذى يوجد أمامها تستكمل حديثها بجديه:
-- تمام نرجع لكلامنا.. الضرر مش كبير وسهل نشتغل عليه وفى ظرف عشر أيام شغل مكثف هيكون المكان رجع لكافأته من تانى..
اندمجت فى تفاصيل عملها الذى تعشقه وبأريحيه تناست ريان وأفعاله وظلت تتحدث وهى تتشارك معه الملف الذى أمامها، تشير له بيدها على الرسم الكروكي الذى صممته بالأسفل والابعاد التى رفعتها والمقاسات التى رأت تغيرها للاستفاده من اتساع المكان بشكل عملى أكثر..
تماشى ريان مع حديثها بهدوء وتعقل، دون ضغط أو تلميح لأى شئ سابق، أعجبه تفانيها فى مهنتها ومهارتها الهندسيه التى أبهرته بفكرها وسرعة بديهتها وأفكارها المتجدده..
لاحظ لين ملامحها وذهاب عبوس وجهها وهى تتحدث معه، وكأن تلبسها امرأه أخرى غير التى تهابه، ارتاح للشق العملى فى علاقتهم فيبدو أنها تناست مشاكلهم وسط اندماجها فى التخطيط والتنفيذ لمهمتها، وهذا حاليا يكفيه أن تكون بالقرب منه بدون نفور أو خوف..
تعامل هو أيضا بنفس الجديه والعمليه، يجيبها بحدود يسألها بمهنيه فى نطاق العمل، فهو بالأخير ليس بأقل حال منها، فهو له باع مع أبيه وجده فى التجاره والادارة ودراسته تخدم الشق العملى للمصانع وآن الأوان أن يسترد مكانته التى فرط بها، التزام من كليهما وراحة شملت اثنتيهم وهم يغضوا الطرف عن مشاكلهم القديمه، تجاذبوا أطراف الحديث بتريث وتطرقوا لمواضيع تخص مهنتها، سلامة الحديث بينهم فتحت مجال للتطرق لمواضيع خاصة بدراسة كلا منهم..
تحدث ريان منهى الحديث قائلا:
-- كده يبقى انا مستنى من حضرتك بكرا ال plan الى اتناقشنا فيها بالمخطط اللى حضرتك هتقدميه يكون مستوفى الشروط على ارض الواقع، وميزانيه وافيه بكل المصروفات اللى حضرتك هتحتاجيها عشان تنفذى شغلك ..
رفعت رأسها وهى تجمع أشيائها كى تستعد للمغادره هاتفه بتأكيد:
-- اكيد يافندم بكرا الصبح كافة التفاصيل بدقة عاليه هتكون على مكتب حضرتك..
ولكن استوقف ريان سؤال طرئ بذهنه فسألها باستفسار:
-- أنا ملاحظ أنك لوحدك ومفيش فريق عمل بيشتغل معاكي ويساعدك.. معقوله شغاله لوحدك طب كده مش هتلحقى تخلصى فى عشر أيام زى ما قولتى..
نطق بعمليه كى يطمئن على دقة المواعيد التى من خلالها سيوافى فهد بالجديد..
أجابته بثقه وعلى قدر كبير من المهنيه هاتفه:
-- لأ طبعاً عندى فريق خاص بيا.. أنا مكتب كبير وله اسمه.. معايا مهندسين ديكور ومعمار.. وعندى صنايعيه فى كل التخصصات اللى بتقوم بالشغل على أكمل وجه.. متقلقش هتستلم فى الميعاد اللى اتفاقنا عليه..
دق برأسه لفظها لكنية الفريق خاصتها بالمهندسين، أى مهندسين رجال ام نساء، كم ود لو يسالها لتريح رأسه التى تتخبط من كثرة الأسئله، ولكن بالاخير زفر بصعوبه لا يريد خسارة تلك الأريحيه التى صبغت وجهها مؤخرا وهى تتحدث معه، نحى غيرته واستقام يودعها بحبور ولمعت عينيه هى ما تحاكيها فقط..
ودعته بدون ان تصافحه كعادتها فى معاملة الرجال، ابتسم لتلك العادة التى تأسر قلبه منذ أن رأها..
ومن جانبها هى لم تكن احسن منه حالا، استغربت حالها مندهشه من اريحيتها وعدم نفورها منه، اندهشت أكثر من تعقله وهدوء، والذى تغير كثيرا عن ذى قبل او دعنا نقول عن ذى بضع ساعات، اين المغرور العنجهى ذو اللسان السليط والقلب المتجبر، والأكثر غرابه الشق العملى المبهر فى شخصيته، لأول مره تكتشف راجحة عقله و رجولته الطاغيه فى التعامل، ولكن ما اثار حيرتها هل هذا ذكاء اجتماعى أراد أن يظهره كى يغير فكرتها عنه، ام أن هذه حقيقته التى طمثت من خلال أعماله المشينه، نفضت الأفكار عن رأسها، فالأيام كفيله بكشف كل الحقائق المزيفه..
-----------------
يتبع.