رواية غمزة الفهد الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم ياسمين الهجرسي
رواية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
----------------
فى نفس الأثناء انتهى دوام الموظفين بالمصنع وحان موعد انصرافهم، ذهبت "ميرهان" كى تستقل سيارتها والتى تركنها بالكراج الواقع بالقرب من المعمل، ترجلت تصعد لسيارتها لتقودها مغادره لاحظت صعود ألسنه دخان والنار تخرج من النوافذ...
هبطت سريعا وأخذت تجرى مندفعه للداخل تستنجد بأمن المصنع كى ينقذوا ما يمكن انقاذ فهى ليس لديها علم بأن صديقتها بالداخل، بالفعل تجمع الأمن أمام الباب ومعهم حاملات إطفاء الحريق، وبدءوا بكسر الباب من الخارج وهم يوجهوا خراطيم المياه كى يطفئوا النار المشتعله بالداخل..
انفتح الباب لينصدموا بجسد غمزة المفترش بالأرض وهى بين الوعى ولاوعى، هرولت عليها ميرهان تحتضنها بخوف تصرخ على الأمن كى يساعدوها فى حملها للخارج، انهارت بالبكاء على حال صديقتها، وضعوها على أقرب كرسى كى تساعدها أن تستفيق، صرخت فى أحد العمال ان يأتى لها بحقيبتها من السياره، بالفعل أتوا بها لتعبث بها وتخرج هاتفها تدير اتصال على شؤون العاملين كى يتواصلوا مع عبدالله أخيها ليأتى ليتدبر أمرها..
أتاها الرد أنه خارج المصنع منذ الظهيره يأتى بطلبية أسمدة وكيماويات للارض الزراعيه من المنطقه الجديده..
زفرت بضيق وهى تلعن سوء حظها، و"فهد" هو الاخر خرج مبكرا لحضور اجتماع طارئ خارج المصنع، قطمت على شفتيها بغيظ وأخذت من حقيبتها قنينة العطر ونثرت منها على كفها وبدأت تمرره على أنفها، تململت غمزه تفتح جفنيها بتثاقل، تومئ لها وهى تسبل أهدابها بارهاق..
حمدت "ميرهان" ربها على استجابتها، تركت الأمن يطفئ الحريق وطلبت من أحد العمال أن يأتى معها لايصالها بالسياره حتى يتسنى اسعافها، تأبطتها وترجلت بها تصعد المقعد الخلفي للسياره لتنطلق لأقرب مشفى ولكن للأسف هى ليست من أهل البلده ولا تعرف الكثير عنها..
أخيرا نطقت غمزة تحاول استيعاب ما يحدث لها :
-- "ماهى" أنا فين وأيه اللى حصل..؟؟
أجابتها "ماهى" براحه :
-- حمدلله على سلامتك ياقلبى خضتينى عليكى..
اعتدلت "غمزة" بجلستها ترفع رأسها بخمول هاتفه بتعب:
-- الله يسلمك عمر الشقى بقى.. أنا كويسه..
أثناء كلامهم قطع عليهم الحديث صوت السائق وهو يقول :
-- احنا قدام دوار الراوى الكبير وفهد بيه نازل من عربيته بيجرى داخل جوه
قالها وصاح ينادي عليه كى ينتبه لهم...
صعق "فهد" من سيارة "ميرهان" التى تصطف أمام الدوار والسائق ينادي بصياح، عدل وجهته وسار نحوهم ليجحظ من هيئة "غمزة" الشاحبه ومظهرها البالى عكس ما كانت فى الصباح..
هرول يفتح باب السياره يسأل باستفهام قلق :
-- فى ايه يا"غمزه" مالك.. انطقى أيه اللى حصل..؟؟
تلعثمت "غمزه" من نبرة صوته القلقه عليها، حولت نظرها الى ميرهان تستنجد بها، فهمت مغزى نظراتها، هتفت تجيبه بدلا عنها قائله:
-- أنا هقولك يافهد اللى اعرفه عشان هى تعبانه دالوقت ومش هتقدر تتكلم.. أنا مروحه عشان اركب عربيتى لاحظت أن المعمل مولع والدخان معبى المكان.. حاولنا نكسر الباب ونطفى الحريق وبعدها اكتشفنا ان غمزة جوه والنار محوطاه.. انقذتها واخدتها ومشيت عشان اسعفها.. واحنا فى الطريق شفناك هى دى كل الحكايه.. معرفش تفاصيل كتيره بس أنا سيبه الأمن بيتصرف مع الحريق..
جز على أنيابه بغضب وهو يمسح على وجهه بحزن على حالتها، أوما بتفهم ل"ميريهان" ووجه حديثه ل "غمزه" هاتفا بقلق :
-- "غمزة" ممكن تتحاملى على نفسك وتنزلى معايا أسعفك بدل ما تروحى بشكلك ده وتقلقى والدك ووالدتك عليكى..
هزت رأسها بنفى هاتفه:
-- لا معلش ودينى عند "أحمد" العياده وهو هيتصرف
أجابها بحنق من تيبس رأسها قائلا :
-- لو على "أحمد" هو فى الطريق انا اتصلت بيه جاى يكشف على جدى عشان تعبان..
أومات بقلة حيله وهبطت تقف جواره وهى تنظر ل"ميرهان" تقول:
-- شكرا ياماهى على انقاذ ليا.. مديونالك بعمرى اللى انكتب على ايدك اعيشه من جديد..
سمحت "ميريهان" لعبراتها ان تنسدل حزنا على رفيقه أهداها لها القدر مؤخرا لتكون بمثابة أخت هاتفه بابتسامه رقيقه
-- مفيش شكر بينا يا"غمزة" أنا اعتبرتك أختى من يوم ما شوفتك.. حمد لله على سلامتك حبيبتى
صدح "فهد" قائلا :
-- انزلى يا"ميريهان" ادخلى معنا مينفعش تمشى كده
اجابته وهى تكفكف عبراتها هاتفه :
-- لا مينفعش بعد تعب أعصابى دى انزل معاكم انا يدوب اطير على بيتنا أخد شاور منعش يفك حالة الصدمه اللى لسه مش قادره استوعبها واترمى فى حضن مامى عشان اعرف انام محلمش بكوابيس..
قالتها وصدحت ضحكاتها لتفك عبوس تعب "غمزة" التى بادلتها الضحكات بابتسامه..
انطلقت سيارة "ميرهان"، وأخذ "فهد" "غمزة" للداخل، تزامنا مع دخول "أحمد".....
---------------------
يوم مرير لم تنتهى أحداثه بعد، تحجرت عين "أحمد" وهو يشاهد أخته تترنح باعياء شديد وحالتها مزريه ملابسها ممزقه متسخه ووجها شاحب يحاكى الموتى، هرول عليها يحتضنها بخوف قائلا بقلق :
-- مالك ياقلب أخوكى فيكى أيه..؟؟
أيه حصل بهدلك كده..؟؟
رتبت على وجنتيه بارهاق هاتفه تطمئنه:
-- انا بخير أهدى متقلقش.. حرق بسيط مسك فى أيدى..
تجهم وجه "أحمد" وهو يسأل باستفسار :
-- ازاى يعنى حرق بسيط.. وده حصل ازاى.. المفروض انت كنتى فى المصنع معنى كده أن فى مشكله حصلت معاكى ومخبيه عنى
قالها وهو ينظر ل فهد بعلامات استفهام يريد لها تفسير
عقب عليه فهد بعدم معرفه:
-- أنا زى زيك معرفش حاجه أنا برا المصنع من الضهر وجاى على ملا وشى لما بلغونى أن جدى تعبان.. يعنى لسه معرفش سبب للى حصل ولا حصل أزاى.. صدقنى يا"أحمد" اكيد مش ههمل فى "غمزه" أو هكون حابب أذى ليها...
زفرت "غمزه" بقلة حيله هاتفه تفض هذا النقاش :
-- يا"أحمد" متظلمش "فهد" هو ذات نفسه ميعرفش حاجه.. صدقنى هحكيلك على كل حاجه بس انا حاليا مش قادره والحرق بيشد عليا مش قادره استحمل
قالتها وسمحت لنفسها ان تنهار بالبكاء...
شدد من احتضانها يهدء من وجيعتها التى تفتك بها قائلا :
-- تمام هتقدرى تتمسكى لحد ما اكشف على الحج الراوى و أخدك العياده..
هزت رأسها بالنفى لما يعد لديها مقدره على التحمل فآلآم زراعها تنخر بها بلا رحمه..
قطم على باطن شفتيه بضيق واستدار ينظر ل"فهد" الذى يستمع بحزن وبداخله يستعير كى يعرف أصل الحكايه..
هتف بضيق:
-- عاوز أوضه فاضيه اسعف فيها غمزه مؤقتا..
أومأ له "فهد" بالايجاب وهو يشير بيده للداخل على غرفة المضيفه قائلا:
-- اتفضلوا هنا لحد ما أنادي على أمى
قالها وتركهم ذاهبا يستدعي والدته.
----------------
ولجوا للداخل أسندها كى تجلس بأريحية على الأريكه، ووضع حقيبته على المنضده واستدار يكشف عن زراعها الملتهب بحرق غائر سألها باستفهام والخوف يغلف صوته :
-- ايه قطع كم القميض كده.. وأيه مبهدل هدومك كده وكأنك كنتى بتسحفى على الأرض.. هتفضلى ساكته كده كتير..
اجهشت بالبكاء هاتفه:
-- وحياتك هحكيلك كل حاجه بس انا مش قادره دالوقت..
زم شفتيه بغيظ والتزم الصمت وهو يستقيم فاتحا الحقيبه يخرج منها بعض الأدويه المعقمه للحروق.
أطلت عليهم "هنيه" بقلق من هيئة تلك الفتاه التى علمت من "فهد" أنها أخت "أحمد" خطيب ابنتها، دلفت تهتف بشجن :
-- ألف سلامه عليكى يابنتى.. كفى الله الشر ياحبيبتى ان شاءالله اللى يكرهوكى.. شدى حيلك وبأذن الله هتبقى احسن..
طأطأت غمزة رأسها بخجل من وضعها المخزى ورؤيتها لها لأول مره بتلك الحاله تجيبها:
-- الله يسلمك ياطنط شكرا لاهتمام حضرتك.. حاجه بسيطه وعدت على خير..
عقبت "هنيه" بذهول من تلك الصغيره التى تهون آلامها رغم مظهرها الباكى هاتفه:
-- ربنا يحميكى يابنتى.. انتى بتهونى عليا ولا على نفسك.. شكلك شقيه وبتحبى المغامرات..
قالتها وهى تقرص وجنتيها تداعبها بحب...
صدحت ضحكات "أحمد وفهد" على مزاح "هنيه" قائلين فى نفس واحد :
-- ياااااه ياامى ظنك فيها مخيبش
امتعض وجه "غمزه" بغيظ هاتفه :
-- ماشى يا"أحمد" لينا بيت هيجمعنا.. بس دالوقت خلص ارجوك مش قادره استحمل..
قالتها وهى تزم شفتيها كالاطفال تلمع عينيها بالعبرات من جديد
هرول لها يضمها بحب أخوى قائلا:
-- وحياتى عندك متبكيش ان شاء الله هتبقى زى الفل بس عايزك تستحملى شويه لحد ما أخلص الحرق كبير واخد نص دراعك..
أومات له بصمت وهى تقبض على كف يدها السليم تكتم تأوهاتها الموجعه..
-------------------
خطى "أحمد" نحو الحقيبه أخذ منها قطعة قطن وكحول وبدء فى التطهير حول الحرق تحت أنينها المتألم..
استدار يعبئ سرينجه الدواء وهو يتوجس من فوبيا الحقن التى تنتابها كالأطفال، انتهى من تعبئتها وهو ينظر ل"فهد" الذى يعلم ما سوف يحدث، فهو رأى لها سابقه مع الحقن..
تطلعت لهم "هنيه" باستغراب من تبادلهم النظرات وابتسامة ساخره تزين محياهم، هزت رأسها بمعنى ما الأمر، أشار لها "فهد" بالصبر وسوف ترى..
اعتدل "أحمد" يخطو نحوها بتوتر مخافتا من صياحها قائلا:
-- حبيبة قلب اخوها ممكن تديني دراعك السليم شكه صغيره عشان متتألميش وأنا بشيل الجلد الميت اللى على الجرح لانه شكله كده اتلوث ولازم اقصه وأنتى مش هتستحملى
امتعض "فهد" من تلقيبه لها بالحبيبه ولكن تغاضى عنه نظرا لوجعها، واقترب منها بتروى، لتقف أمامه "هنيه" وهى تقول :
-- بنوتى الحلوه هتيجى فى حضن أمها وتمسك فيا ووعد مش هتحسى بحاجه..
ابتلعت شهقاتها وهى تزم شفتيها بغضب طفولى تومئ لها بالموافقه، اخذتها "هنيه" بأحضانها تمسد على ظهرها بحنو..
وضع "أحمد" سن الأبره بوريدها، لتأن بخفوت، شددت "هنيه" على ضمها كى تهدئها، ارتخت فى احضانها الدافئه، مما سهل على "أحمد" عمله، رش لها اسبراى يزيل الجلد الميت من آثار الحرق، وبدء يقص أطرافه كى يعقمه على نظافه، ثم قام بتطهيره جيدا ووضع مرهم مضاد للحروق والالتهابات، ثم غطاه بالشاش الطبى ولفه عليه باحكام، انتهى من تضميد حرقها ليزفر براحه مرتبا على ظهرها كى تستفيق قائلا:
-- خلصنا خلاص ياشقيه.. قومى يالا عشان اوصلك..
خرجت من صدر "هنيه" تزيل العبرات العالقه بأهدابها وهى تقول :
-- انا ياأبيه الله يسامحك أهون عليك..
قالتها ورفعت عينيها لتقابل"هنيه" هاتفه :
-- شوفى ياطنط كلهم عليا.. ظالمينى خالص والله انا ماليش ذنب.. لما تعرفى الحقيقه هتعذرينى
انحنت "هنيه" تطبع قبله على رأسها هاتفه بحب:
-- من خوفه عليكى ياحبيبتى متزعليش من اخوكى ده "أحمد" زينة الرجال..
ضحكت "غمزة" بحبور هاتفه بمشاكسه:
-- مين يشهد للعروسه.. ماشيه معاك ياعم حماتك راضيه عنك..
صفعتها "هنيه" على رأسها هاتفه بمزاح:
-- كده ضمنت أنك خفيتى ياغلبويه..
قاطعهم صوت الخادمه تنادى على "هنيه" كى تذهب للحجه "راضيه" التى قلقت بسبب تأخر الدكتور
تأفأفت "هنيه" من سهوها هاتفه بحنق :
-- معلش يا"أحمد" يابنى تعالى معايا نشوف جدك الراوى لحسن تعبان من الصبح....
أومأ لها بالقبول، وأخذ يجمع أشيائه سريعا وقبل ان يغادر هتف قائلا:
-- ارتاحي شويه هى الحقنه هتسكن لك الوجع وهترخى أعصابك، لحد ما اشوف الحج الراوى ونمشى سوا..
هتفت بعناد :
-- متقلقش عليا انا بقيت كويسه انا هروح وانت خلص براحتك
زمجر من عنادها وخرج وهو يقول :
-- اسمعى الكلام وبطلى راسك النشفة دى..
قطع عليهم الحوار "فهد: قائلا:
-- روح شوف جدى وانا معها اطمن
أومأ له "أحمد" وتركها مغادرا للكشف على الراوى الكبير...
----------------------
رمقها "فهد" بغيره من انكشاف جسدها وتطاير خصلاتها أخذ يخطو نحوها بثبات يرتدى قناع البرود، جعلها تزدرد لعابها من نظراته التى تشملها من أسفلها لأعلها، تقهقرت للخلف تهتف باضطراب من قربه المهلك هاتفه :
-- مالك بتبصلى كده ليه
مال عليها بجوار أذنها هامسا بأمر:
-- اتفضلي ادخلي الحمام تالت باب علي اليمين اعدلي حجابك شعرك نصه باين ولو بان منه شعره هعلقك منها يا "نمرة الفهد".. وهبعتلك "زينه" تجيب لك لبس بدل اللى اتقطعت عليكى دى لحد معرف ايه سبب الكارثه اللى وصلك لكده فاهمه يا"كشمائي"...
اندفعت "غمزه" كى ترد على كلماته الآمره، ولكن أشار لها أن تصمت قبل أن تتفوه بكلمه، زوى بين عينيه رافعا حاجبيه بامتعاض قائلا بنفى قاطع:
-- ولا كلمه زياده تمشى زى الشاطره تنفذى اللى قولتلك عليه بدل ما انا اللى اظبطلك الحجاب واللبس..
نطق كلماته بتلاعب وهو يدنو منها يبسط يده يتلمس خصلاتها..
ذُهلت "غمزه" من حركته الصبيانيه، وارتعشت أوصالها من أنفاسه التى تضرب وجهها، نفضت كفه عن رأسها، وابتعدت قليلا عن مرمى عينيه التى تصيب قلبها بسهام كيوبيد القاتله، رفعت يدها تتحسس حجاب رأسها وجدت بالفعل خصلات شعرها ظاهره بسخاء، ومقدمة قميصها مفتوح، مع قطع كمه كشف عن زراعها، خجلت من نفسها هاتفه بعدم تصديق:
-- هو أنا شعري باين ليه كده.. يالهوى واقفه قدامه وزراير قميصى مفتوحه ودراعاتى باينه.. يادى النيله شكلى بقى زباله قدامه..
ثم تابعت تحدث نفسها
-- بس هو أصلا ماله ما هو اللى أنا فيه بسببه.. ومين سمحله يكلمني كده.. وبعدين أيه نمرة الفهد دى كمان مره نمره ومره كشماء هو ناوى على جنانى.. أوووف منه ياساتر مش كفايه اللى انا فيه بدل ما يسأل عن السبب فى اللى جرالى..
قطع "فهد" همهمتها قائلا بسخريه:
-- خلصتي كلام لنفسك انا معنديش وقت اعرف كنتي بتفكرى في ايه.. بس أوعدك أنى هعرف بعدين..
تلفظ كلماته تحت سخطها وتركها ودخل يطمئن على جده وهو يضحك علي شكلها المنصدم بسبب كلامه....
----------------
مازلنا فى عشية ليله لأحداث مربكه مرءت على الجميع بصعوبه بفعل يد آثمه تتوغل بينهم هدفها الوحيد تدميرهم..
ذهب "أحمد" ومن ورائه "فهد" للاطمئنان على صحة الحج الراوى، مع تشديد "فهد" على "أحمد" بعدم الإفصاح أمام جده عن ما حدث بالمصنع، باشر "أحمد" الكشف ليتصاعد رنين هاتف "فهد"، استأذن وخرج يجيب على الاتصال تحت نظرات والده القلقه..
أنهى "أحمد" الكشف وطلب منه الراحه التامه والبعد عن اى إزعاج فهذه المره غير سابقتها وهذا مؤشر خطر يجب الحيطه أكثر من ذلك، تفهم الجميع عليه، جدد له روشته العلاج القديمه مع تغير بسيط فى بعض الأدوية، تحمد السلامه للحج الراوي وألقى عليهم التحيه..
أثناء خروجه استوقفته "هنيه" وهى تقول :
-- معلش يا"أحمد" يابنى الست اللى أنت ولدتها ساعة الحريق ابنها تعبان من يوم ما اتولد وهى مش عارفه تتصرف ممكن ابعت معاك الغفير تكشف عليه وتطمن قلبها.. لحسن ياعينى مالحقتش تفرح بيه وصحته فى النازل..
أومأ لها باحترام مجيبها بالقبول قائلا بحبور :
-- تؤمرينى ياأمى من عينيا.. ربنا يجعله فى ميزان حسناتك.. رغم ضيقتكم بتفكرى فى غيرك..
تنهدت برضا هاتفه:
-- الحمد لله يابنى على كل عطاياه.. هنجزع من أيه اللى مكتوب هنشوفه.. واحنا ربنا جعلنا أسباب لغيرنا.. ربنا كبير مش بينسى عبيده.. كله بيعدي بس السيره الكويسه والعمل الطيب هما اللى بيقعدوا..
انهت كلماتها وصاحت تنادى على الغفير، الذى أتى مهرولا مستجيبا لندائها، أمرته بالذهاب مع الدكتور "أحمد" للكشف عن ابن أحد العاملين بالمزرعة، امتثل "أحمد" لطلبها وغادر متناسى "غمزه"....
--------------------
بالخارج أنهى فهد الاتصال مع رجال الأمن الخاصه بالمصانع، وعلمه بحضور الشرطه للمعاينه ومعرفة سبب ما حدث ووجوب حضوره أمامهم فى الصباح الباكر لاستيفاء المحضر المبرم على خلفية تلك الحادثه، استدار يلج للداخل اصطدمت عيناه بأخيه ريان الذى كان يقف يستمع لتلك المحادثه وعينيه تتجمر غضبا..
صاح ريان باستهجان قائلا:
-- فى ايه حصل تانى..؟؟
هو احنا بقينا ملطشة لكل من هب ودب.. مره المزرعه ومره المصنع.. كده زاد عن حده ولازم واقفه لكل كليله عشان يعرفوا مين هم عيلة الراوى..
هرول اليه فهد بذهول من صياحه، بسط يده ووضعها على فمه يكممه كى يمنعه من تواصل حديثه، حتى لا يصل الكلام لمسامع جده بالداخل، جذبه من عنقه ودلف به غرفة المضيفه المجاوره لباب الدوار، ودفعه بحده تاركا اياه وهو يزفر بغضب من تهوره الأرعن..
طحن على أسنانه بغيظ قائلا:
-- يابنى آدم نفسى تفهم. جدك تعبان ولو سمع كلامك ممكن يطب ساكت فيها. نفسى تفكر من غير تهور.. أبوس على ايدك مش وقت فتحة صدر وحمقه كدابه.. أنا من ساعة رجوعى والمصايب نزله على دماغى مستقصدانى وكأن مفيش فى الدنيا غيرى أنا..
صمت يزفر انفاسه بحرقه مما يختلج صدره من تكالب المصائب فوق رأسه بدون هواده، ضيق بين عينه وهو يلوى ثغره بتهكم يشبك الأحداث ويربط بينهم، لتضرب برأسه هيئة شخص واحد هو صاحب المصلحه الوحيده فى هذه الكوارث التى تحل عليه، كور يديه بغضب ساحق، من تهاونه فى القصاص منه، ولكن مهلا كل مره يأخذه على غفله دون أخذ الحيطه، وهذه المره كانت أبعد مما تصور فالأيادى الآثمه وصلت لعقر مصنعه لم تكتفى بشخصه ولكن اللعب الان فى تدمير تعب ومجهود ودراسة لسنوات حتى انشئ هذا الصرح، باتت الامور واضحه وانقشعت الغيوم عن الحقيقه وجاء وقت الرد عليها و اللعب معها بالمثل..
تطلع فهد لأخيه الذى ينظر له بتجهم قائلا
-- مش انت عايز ترد على كل اللي بيحصل معنا.. تمام انا بقى عايزك راجل فى ضهرى وتقف معايا كتف فى كتف فى المصانع والاراضي ونوريهم ان احنا قوه محدش يستهان بيها.. أيه رأيك ياديب..؟؟
تعمق فهد فى النظر بعينيه وهو يشاهد تخبطه وأردف ما يجعله يشحذ عزيمته قائلا بتوضيح:
-- دالوقت أنت عدى على فترة علاجك شهرين.. شهر وأنا قاعد معاك فى شقة المحافظه وشهر وانت قاعد فى دوار العيله.. يعنى نقدر نقول أنت عديت مرحله كبيره من علاجك والكيمياء مش هيبقى ليها تأثير عليك زى الأول.. وأنت دالوقت اللى تقدر تتحكم فى نفسك.. يعنى من الآخر كده يا"ريان" مبقتش لا ضعيف ولا محتاج حد تستند عليه. وجه الوقت اللى تسند فيه أهلك ونفسك.. يغنى مثلا لو لا قدر الله انا الصبح جرالى حاجه العيله دى مين اللى هيبقى سندهم وضهرهم غيرك.. يعنى مبقاش قدامك حلول غير أنك تبقى "ريان سعد الراوى"
قالها وهو ينظر ل خيال تلك التى تقف خارج الغرفه تسترق السمع على ما يقولوه كى يفسد مخططها..
أومأ له ريان والعبرات تسكن عينيه قائلا بحزن:
-- بعد الشر عليكى ياخويا ان شاءالله عدوينك وانت لأ..
تابع بموافقه:
-- أنا موافق على كل اللى تقوله.. احنا مالناش غير بعض صلب الراوى ابا عن جد..
ثم اعترض بتوضيح:
-- بس متزعلش منى يافهد ده مالك وتعبك وشقاك.. وانا زى ما انت شايف ضيعت كل فلوسى اللى اخدتها من جدك يعنى ماليش الحق فى أنى اشاركك شغلك..
جذبه "فهد" من رقبته قائلا بحب:
-- أنت اخويا ومالى مالك.. وأنا وعدتك هوقفك على رجلك من جديد.. مش عايزك تشيل فى نفسك ولا تفرق بينا فى حاجه.. اللى فات مات واحنا ولاد النهارده..
قالها وأدخله بصدره يشدد من ضمه واحتوائه يبث الحب الذى يحتاجه كى يصمد فى طريق علاجه ويعود لحياته الآمنه..
ابعده وهو يربت على كتفه برجوليه قائلا :
-- يالا روح خد علاجك ونام بدرى عايزك تخف بسرعه ورانا حاجات كتير عايزين نعملها مع بعض ونعيش ونعوض اللى فاتنا....
دنى ريان منه وطبع قبله على صدره هاتفا بحب:
-- شكرا يافهد على كل اللى بتعمله عشانى.. ربنا يخليك ليا ياخويا
مسد فهد على كتفه بمسانده قائلا
مفيش بينا شكر..
قالها وتأبطه مغادرا به للخارج
--------------------
استمعت مكيده لحديثهم والنار تأكل أحشائها من تصافيهم، لعنة "فهد" على احتوائه لأخيه ودهس مخطاطتها الشريره، فرت هاربه للأعلى وراسها تعمل كالمكوك للتخلص من هذه العائله....
-------------------
على جانب آخر من الأحداث أثناء خروج "غمزه" قابلتها "زينه" كما أمرها فهد، ابتسمت لها بحبور معرفه بنفسها :
-- أنا زينه يادكتوره غمزه
ابتسمت "غمزه" هاتفه بحب
-- حبيبتى الله يسلمك.. كان نفسى أشوفك فى ظروف احسن من دى.. سعيده بشوفتك ياقمر..
أجابتها زينه بسرور:
-- أنا الأسعد
وتابعت بمشاكسه
-- بس شكلك بتحبى المغامرات.. مره حريق المزرعه ومره حريق المصنع.. سيطك يابنتى مسمع ماما وجدتى ديما بيدعولك من ساعة ما انقذتى المواشي.. رغم مشفوكيش بس بيحبوكى لله فى لله.. يا بختك محظوظه اللى ترضى عليها راضيه وهنيه..
قالتها وهى تتعالى ضحكاتها الصبوحه..
هزت غمزه رأسها بدهشه هاتفه:
-- تصدقى ان شاء الله هتصدقى فوله وانقسمت نصين.. انتى متتخيريش عن عبدالله اخويا فى خفة دمه وروحه الحلوه.. ربنا يحميكى ياحبيبتى.. وانا يعلم ربنا بحبكم ..
تحولت نبرتها وأكملت بألم :
-- انا ممكن اطلب منك طلب صغير.
بخضه من هيئتها وتناسيها حالتها هتفت زينه بحب:
-- حبيبتي انتي تؤمرى حقك عليا نسيت اللى "فهد" قالهولى..
اشارت لها غمزه بألم على زراعها هاتفه:
-- زي ما انتي شايفه أيدي اتحرقت و محتاج اضبط الحجاب بتاعي ولو ممكن بلوزة بدل اللى اتقطعت دى وبصراحه انا مش هعرف اعمل ده كله لوحدى ممكن تساعديني.
أومأت زينه مؤكده:
-- طبعا ياحبيبتى بس كده انا أساعدك بعيونى.. بس مش هينفع فى الحمام الداخلى ده.. اتفضلي تعالى معايا في الأوضه فوق وانا اظبطلك كل حاجه..
شكرتها غمزه توافقها الرأى وخطت تمشى جوارها صاعده للأعلى، تحت ثرثرة زينه المعتاده وهى تقول
-- بما انى هنقضى وقت مع بعض تعالى نتعرف على بعض اكتر.. انا بحب الناس ما بالك اخت جوزى المستقبلى..
ضحكت غمزه على لطفها وثغرها الضاحك وأومأت لها بحبور تستمع لها بسعة صدر..
-- أنا بقى اسمي زينه سعد الراوى فى ثالثه ثانوي وانتي .
أجابتها غمزه مبتسمه:
-- انا اسمي غمزه عزت دكتوره بيطريه وبحضر الدكتوراه وشغاله حاليا فى مصانع الراوى...
صفقت زينه بسعاده هاتفه:
-- شكلنا هنبقى اصحاب أنتى حبابه ومش قفوشه ولا تنكه.. آه انا صغيره عنك شويه بس ممكن تبقى اختنا الثالثه...
قالتها بعبوس لطيف تنتظر ردها
عقبت عليها غمزه وهى تهز رأسها بالقبول :
-- طبعا أخوات مش أصحاب.. أنا عندي أخت أكبر مني مهندسه معماريه اسمها "بسنت" بس لو شوفتيها هتحبيها جدا دمها خفيف زيك..
قبضت زينه على كفها ترفع سبابتها بعلامة الاوكيه هاتفه بطفوليه:
-- يبقى اتفقنا أحنا أخوات وأنا عندي أختى "فجر" كده بقينا اربع بنات قمرات..
تحدثت وبسطت كفها تصافح "غمزه" بغبطه وهى تقول : اتفضلي
مدت يدها تقبض على باب الغرفه تفتحه، وجدته موصد من الداخل، طرقته عدة مرات ولا يوجد رد، نادت على فجر فلم تستجيب لمناداتها فهى تأخذ شاور وكالعاده تغلق الباب حتى تنتهى..
اعتذرت غمزه من زينه هاتفه
-- خلاص مش مشكله ممكن ادخل الحمام عادى.. لحسن بجد مش قادره ومفعوله الحقنه بدء يشتغل وحاسه بخمول وهمدان
تجهم وجه زينه بحزن على حالتها المتعبه هاتفه :
-- بصى تعالي معايا اتفضلي الأوضه دي أكيد فاضيه وده انا بقى متأكده منه..
تحدثت ممسكه بيدها ثم فتحت باب الغرفه، دلفت بها للداخل وتركتها وهى تقول :
-- خاليكى هنا هاروح اجيبلك دبابيس من أوضه ماما وهشوفلك حاجه مؤقته من عندها لحد ما فجر تخلص.. لان فجر لما بتاخد شاور بتنسي الدنيا وممكن تنام في الحمام.
ألقت كلماتها وتركتها تنعم بعبق تلك الرائحه التى جذبتها و توغلت لأنفها منذ دخولها، ظلت تستنشق تلك العطر الذى يلوح بالغرفه باستمتاع شهيق وزفير تملئ صدرها باشتهاء محبب
حدثت نفسها:
-- دى ريحته انا متاكده أنا لسه شماها وهو واقف جانبى معقوله دى أوضته..
تطلعت حولها تدور بعينيها فى زوايا الغرفه باستمتاع هاتفه:
-- الله الأوضه دي جميله قوي.. ما شاء الله الديكور بتاعها شيك..
وقعت عينيها على صوره ل فهد ومعه أخته زينه وتوقعت الأخرى فجر وهو يتوسطهم..
أمسكت الصوره تحدثها بتيه :
-- أنت مالك بيا وعاوز مني أيه بقى..؟؟
من اول ما قابلتك وأنت مش بتطلع من دماغي و في خيالي وفي الواقع بتفرض نفسك عليا.. اتملكت من تفكيري برغم كل المشاكل اللى وقعنا فيها بس مش عارفه أخرجك من دماغى سكنت قلبى وعقلى.. يادوب معرفت بيك من كام شهر بس مش عارفه هتاخد قلبي علي فين.. تعبت وانا بتجاهلك وكدب مشاعرى.. أنا محتاجلك قوى ومش لقيا حل...
انسلت دمعه حزينه من عينيها وهى تحدث صورته وضعتها مكانها، وبدأت رأسها تثقل من أثر المخدر، صعدت على الفراش بخمول ليغلبها النعاس وتغط بالنوم..
---------------
بعد قليل أطلت زينه دالفه للغرفة تبحث عن غمزه بعينيها وجدتها تغط فى النوم، اندهشت جدا من تسطحها بدون حراك
حدثت نفسها هاتفه :
-- ده أكيد من الجرح
أرادت ايقاظها ظلت تنادى عليها كى تستفيق، رتبت على وجها تهتف باسمها :
-- اصحي يا غمزه.. قومى ياحبيبتى عشان تغيرى هدومك..
أخذت تهزها بدون رد ولا وعى ولا استجابه منها..
زفرت زينه بقلة حيله هاتفه:
-- انا هسيبها تنام شويه عشان تعبانه ولما أخوها يخلص هينادى عليها..
دثرتها بالغطاء وتركتها مغادره وأغلقت الباب خلفها واستدارت متجهه لغرفتهم...
---------------------
اصطدمت زينه ب فجر عند فتح باب الغرفه وهى تصيح عليها بغضب:
-- أنتى نزله خبط على الباب رغم انك عارف انى باخد شاور هو انتى ديما غبيه مبتفكريش..
صمتت لثواتى وهى تقوس فمها وتضيق عينيها بتساؤل:
-- هو أنتى خارجه من أوضه فهد هو جه ولا لسه...؟؟
ولا انتى راحه تفتحى الباب تشوفيه..؟!
أمسكتها زينه من معصمها تجذبها للداخل هاتفه بامتعاض :
-- استني انتي أيه قطر ماشي بيدوس ولا يهمه..
اكملت بتوضيح :
-- وبعدين انا كنت جوه مع "غمزه" عشان نايمه تعبانه...
حدقتها فجر باندهاش هاتفه باستفهام :
-- مين غمزه دى.. اخوكي فهد ملوش في الحاجات الشمال..
قبضت زينه على فمها تمنعها من استرسال مهاتراتها هاتفه بحنق:
-- انا اللى مبفهمش شوفى نفسك.. هو اخوكي يا هبله له في الكلام الفارغ ده.. انتى اتجننتي عالاخر دي الدكتوره غمزه أخت خطيبك يافلحه واللي انقذت المواشي ساعه حريق المزرعه من كام شهر.. وشكلها واقعه فى مشكله جديده ايديها محروقه ولبسها متبهدل خالص وتعبانه عالاخر وسيبتها عشان أجيب لها لبس من عند ماما جيت لاقيتها نامت وهي قاعده على السريره...
فجر بصلابه وتيبس فهم:
-- أيوه برضو ده أيه اللي دخلها أوضه أبيه فهد..
قالت وهى تربع يديها أسفل صدرها تطالع باستفهام ..
ضجرت زينه من عدم استيعابها هاتفه:
-- ألطم على وشى ويقولوا اتجننت.. ما هو أنتى السبب عشان حضرتك قافله الباب علي نفسك من جوه.. وهى كانت عاوزه تظبط طرحتها وتغير بلوزتها عشان متبهدله.. يدوب قلعت الطرحه ورحت أجيب دبابيس من عند امك وعبايه تلبسها رجعت لاقيتها نامت...
بلامباله صاحت فجر :
-- جات بردو ليه الدوار مش فهمه يعني
قالتها وهى تبتسم بغباء.
صرخت زينه تصفع رأسها بنزق من تلك البلهاء :
-- بيقولوا عليكى عاقله وبتفهمى بسرعه.. يجيوا يشوفوا الغباء البيور اللى بينقط من صواميل مخك.. ياام المفهوميه جات مع فهد ومعاهم الدكتور الموز خطيبك الحليوه عشان يكشف علي جدك..
نهرتها فجر بتهكم :
-- خلاص ياختى مكنش سؤال اللى هتعملى عليه محاضره.. وبعدين أنتى هتكرشي علي خطيبى خليكى فى خطيبك المجنون
طالعتها زينه بزهو وهى تخطو امامها بتمخطر هاتفه:
-- مجنون بس دمه شربات مش خطيب المنشى شكله جد أوى ودمه تقيل.. لكن انا خطيبى واحد فرفوش بيحب الهزار أنا عايزة واحد يدلعنى مش يحنطنى جانبه..
تحدثت ورفعت يديها تصفعها على مؤخرة راسها هاتفه بتهكم :
-- فهمتي يا نكديه أقولك شكلكم لايق علي بعض..
قالتها واخرجت لسانها تلاعبه بإغاظه وفرت تجرى لغرفة الحمام..
-------------------
بالأسفل أنهى فهد وريان حديثهم واتجه فهد يبحث عن غمزه استدار يلتف حوله بالمكان لم تقع عينه عليها، فى حين تنحنح أحمد والجاً مع الغفير كى يأخذ أخته
هتف أحمد بإرهاق
-- لو سمحت يافهد نادى على "غمزه" عشان نمشى
اجابه فهد بعدم معرفه:
-- مش عارف انا من ساعه ما سيبتها مشفتهاش..
صمت ثوانى يفكر انها من الممكن أن تكون غضبت بسبب ما تفوه به معها
حدث نفسه بحنق:
-- مش مهم تزعل هي بقت غمزة الفهد
قالها ولاحت ابتسامه على محياه وقلبه يردد
وأجمل نمره تستحق الفهد....
صاح أحمد يهزه ليستفيق قائلا:
-- روحت فين.. عموما هى دماغها ناشفه ومش بتسمع الكلام اكيد روحت.. أنت عارف أنها مش هتحستمل وهتحتاج تنام.. أصلي اديت لها حقنه منومه لاني عارفها هي بتحب تبان قويه وهي العكس خالص مش بتستحمل نسمه الهوا..
تنهد أحمد بشفقه على حال أخته وكوارثها التى أصبحت متكرره فى الفتره الاخيره، ودع فهد وتركه وذهب كى ينعم بقسط من الراحه....
---------------------
اطمئنت هنيه على الوضع الصحى للحج الراوى واستأذنتهم لترى شؤون الدوار والفتيات وتطمئن على فهد الذى منذ مجئ الاتصال له اختفى، خرجت لتصطدم وهى تشاهد سعد يجلس منزوى بأحد المقاعد فى بهو الدوار يطأطأ رأسه للاسفل يشبك أصابعه بين ساقيه متجهم الوجه يتنهد بحسره على ثمرة عمره التى تعصفها الرياح كما تشاء..
جلست جواره تمسد على كتفه تواسيه هاتفه بعطف :
-- مالك ياسعد شد حيلك ياحبيبى كله هيعدى واحنا مع بعض.. عمى بقى زى الفل وريان كمان هيرجع زى الأول واحسن أنا وعدتك وعمرى ما هخذلك أبدا.. بس محبش أشوفك حزين ومهموم كده.. أنا بستمد قومى منك..
ربت على ظهرها بحنو قائلا:
-- كان بودى أتحضن بولادى لما أكبر بس الدنيا جايه عليا وعليهم ومش عارف هتودينى لفين..
تابع بأسى:
-- أنا لما خرجت سمعت ريان وهو بيكلم فهد على الحريق اللى حصل فى المصنع، مقدرتش أقف من الصدمه جيت قعدت زى ما أنتى شايفه.. ابنى بقى مش ملاحق نصايب وكوارث مش عارف الدنيا مستكتره ولادى عليا ليه.. أيه عملته بتحاسب عليه كده بأبشع الطرق.. بتقى الله واراعى ربنا فى الكبير والصغير والنفس اللى بتنفسه.. ورغم كده النفوس الحقوده مش سيباني فى حالى.. اعمل أيه عشان أعيش مرتاح مع ولادى..
صمت والدموع تسكن عينيه ما يجيش بصدره يجثم على أنفاسه يسحب روحه بلا شفقه..
دنت هنيه منه وطبعت قبله على جبهته وهى تربت على صدره هاتفه بشفقه على حاله:
-- ربك كبير والمؤمن بس هو المنصاب.. وميزان العدل مسيره يجيله يوم ويرد لكل مظلوم حقه.. فوض أمرك لله وان شاء الله تتحضن بولادك فى حياتك خيرك وعزك وتشوف أحفادك كمان ياجدو..
قالت الأخيره وهى تحدق به بتلاعب وابتسامه مشاكسه تزين ثغرها كعادتها إذا أرادت أن تراوغه كى تخرج به من دوامة حزنه..
بادلها الابتسام بهدوء على غير عادتها واستقام قائلا:
-- ربنا يخليكى ليا ياهنيه.. انتى الحاجه الوحيده اللى مهونه عليا الدنيا..
أكمل بإرهاق :
-- انا طالع استريح.. اطمنى على فهد وخالى الخدم يجهزولوا العشا وحصلينى عشان عايز انام..
أومات له بصمت وهى تنظر له بعينين دامعتين حزينه على حاله وما آلت لها الظروف من تكالب المحن عليه..
------------------
استدارت تبحث بعينيها عن فهد فى الأرجاء شاهدته يخرج من غرفة المضيفه، اندهشت من الحيره المطبوعه على محياه وتقوس حاجبيه وهو يحدث نفسه بتيه..
سألته بقلق :
-- مالك يافهد أيه مغير شكلك كده.. وصلت لحاجه فى حريق المصنع..
أجابها باختناق:
-- للأسف لسه بس الاكيد المعلومات كلها عند غمزه وده اللى مجننى.. أيه دخلها فى اللى حصل معرفش.. والغبيه اتهورت زى عوايدها ومشيت من قبل ما تحكى لى عن اللى حصل..
لا حول ولا قوة الا بالله هذا ما نطقه لسانها فوضت أمرها لله هاتفه تطمئنه:
-- يابنى تبات نار تصبح رماد.. بكرا الصبح تشوفها وتفهم منها كل حاجه.. بلاش بالك يفضل مشغول ممكن تكون حادثه مش مقصوده.. لاحظ انه معمل ووارد جهاز من الأجهزة يكون لمس وعمله قفله ولعت فى المكان.. طمن قلبك وبأذن الله مش هتكون حاجه كبيره تقلق..
هى تواسيه وتشد من أزره، وهو شارد فى نقطه معينه يسأل نفسه:
-- لما هذا التوقيت بالأخص وهى حديثة العمل معه، هل ما حدث له علاقه بنفوق العجول واعادتها سحب عينات لمعرفة السبب..
استفاق على يد هنيه تهزه هاتفه :
-- التفكير الزياده غلط عليكى يابنى قوم هجهزلك العشا اتعشى ونام وارتاح والصباح رباح كل سؤال شاغل بالك هتعرفه له أجابه بإذن الله..
اومأ له وتنهيده حاره تشق أنفاسه قائلا :
-- تمام ياأمى هطلع ارتاح بس ماليش نفس للعشا سيبيني انام خفيف..
نهرته بعطف وخوف ام هاتفه:
-- مينفعش ياقلب امك انت كده صحتك تتعب.. شغل وتفكير واكل مفيش.. حرام عليك نفسك انت مش ملاحق تفوق كل واصلب حيلك عشان تباشر مصالحك.. أنا هعملك ساندويتشات وكوب لبن عشا خفيف تأكل وتنام..
قالت حديثها وهى تربت على صدره وتركته قبل أن يعترض..
استكان بوقفته يتطلع لزوايا الدوار يسترجع ذكرياته مع جده وجدته وأخواته وأمه وأبيه، تنهد بأسى على حاله كلما حاول مد جسور الأمان بينهم ليعيشوا بسلام أتى ما ينغص عليهم جمعهم ويفرق شملهم.
قطع شروده هنيه وهى تتقدم منه تعطيه صنية الطعام هاتفه بحب:
-- خدى الصينيه معاك واطلع خد حمام دافئ واتعشى عشان تعرف تنام براحه..
أخذها منها مُلثماً جبهتها قائلا:
-- شكرا ياامى ربنا ميحرمنيش منك.. تصبحي على خير ياحبيبتى
قالها واستدار يصعد للأعلى بقوى منهكه..
--------------------
بعيداً عن صخب ما يحدث معه تظل هى مستحوذه على تفكيره مشاعره نحوها نبع صافى يود الاستزاده منه حتى الثماله يحلم أن تتلاشى بينه وبينها المسافات..
دلف فهد غرفته وأغلق بابها، خطى نحو المنضده وضع صينية العشاء، وشلح عنه الجاكيت وألقاه على الأريكه باهمال، التف للمرآه يمسح على وجهه بإرهاق ثم قام بخلع التيشيرت وبسط زراعه وهو يزوى بجانب عينيه ليلقيه جوار الجاكيت، لاح طيف "غمزه" ينعكس بالمرآه، فرك عينيه براحتيه يتوهم ما رآه قبض على جفونه وفتحهما يرفرف بأهدابه جاحظا
يحدث نفسه بتيه:
-- لا أنت بقيت مجنون عشان بتتخيلها في سريرك..
استدار بحذر يتطلع وراءه، صعق أنها حقيقه وليست بخيال، كالمسحور اقترب من فراشه الذى يضم جسدها، ووقف مكانه مشدوها بجمالها الذى فاقت محاسنه كل تصور، وجهها الملائكي وملامحها الفتانه، شعرها المنتشر حولها كأشعه الشمس التي تحيط بوجهها كأطار من الذهب يعكس جمالها..
همس بلسان قلبه
-- يامن رأيتك في أحلامي ويقظتي ومخيلتي.
هل تعلمي أنكِ تملكتي من أصغر ذره في كياني حتي اصبح قربك وبعدك عني عذاب..؟!
اااااه يا نمرتي الشرسه تمنيت أن ادفنك بين ثنايا قلبي وأن لا يراكِ غيرى.
هل تعلمي يا فتاه أنى حدثت الله عنك وأنك أشد أشيائي حبا ودعوته أن يجعلك من نصيبي في الدنيا والاخره..؟!
جثى أمامها أرضا ينظر لها بعشق يحدثها بدهشه لا يستوعب حقيقة أنها بغرفته وعلى فراشه
-- انتي جنينتي يا"غمزه" عاوزه منى ايه؟! بقيت اتخيلك في سريرى كمان معقول انتي حقيقه ولا حلم ولا انا اتجننت من كتر ما بفكر فيكي.. تعرفي متمنتش من الدنيا في اللحظه دى غير أنك تكوني حلالي وأخدك في حضني..
يا ترى هيكون رد فعلك ايه لما تعرفي انك اتملكتي قلبي من لحظه ما شفتك..؟!
تنهد بشجن مستكملا:
-- مش عارف قلبي هيعمل أيه لو كنتِ بتحبي حد تاني.. ما هو أنا مقدرش أقف في طريق سعادتك. رغم أنك ملكتي قلب الفهد يا"غمزة الفهد"..
أنهى حديثه وهو يقف دنى من شرشف السرير دثرها جيدا، وخطى نحو الأريكه يجلس عليها يتطلع لها بعيون يسكنها عشقها الذى توغل لقلبه من لحظة صدفة لقائهما...
قليلا وبدأت همهماتها المتألمه تعلو شيئا فشيئا تأن بألم تهذى ببعض الكلمات وهى نائمه
-- ماما شوفتى أيدى واللى جرالى..
ماما أنا جعانه ومش قادره افتح عيوني..
كانت تزم شفتيها بطفوليه تهذى وعبراتها تنساب من بين أهدابهاوهى تأن متوجعه..
اندهش فهد من عفويتها وابتسم قائلا
-- معقوله أنتى قد كده جواكٍ طفله
استقام يصفع كفيه بقلة حيله، ذهب نحو الخزانه جذب تيشيريت نظيف ارتداه على عجاله وسار للمنضده أخذ سندويتش من الصينية الموضوع بها الطعام، وبهدوء جلس جوارها وهى نائمه سابحه فى عالمها لا تشعر بوجوده، بسط يده ووضع الساندويتش بين شفتيها، أفرجت عنهما قليلا وأخذت تمضغ بدون وعى..
زفر براحه وهى تهمهم باسم والدتها، واستمتاعها بالطعام، ولكن التزم الصمت كى لا تنتبه لصوته فتفيق من غفوتها..
ظل ممسك بالساندوتش لتقطم هى قطمه أخرى لكتها بفمها حتى ثقلت رأسها وانحنت لأسفل تغط فى نوم عميق تاركه آخر قطمه بين يديه...
حدق بها فهد مصعوقا
هل يعقل أن تغط بالنوم وهى تأكل..
سحب من على شفتيها بقية الساندويتش دون أن يرف لها جفن، ووضعه بفمه يلعق رطابها من عليه يمضغه بتلذذ وانتشاء ، يبتسم على هيئتها الطفوليه، سلط نظراته عليها يتحدث بلسان قلبه يناجى ربه:
-- يارب زى ما شاركتني عيشي وملحي تشاركني عمرى وحياتي كلها..
وأكمل بشرود
-- يمكن يكون غريب أنى حبتها بسرعه.. بس قلبي محبش بنت قبل كده غيرها..
تابع برجاء
-- هونها عليا يارب.. وحنن قلبها تركن المشاكل على جنب وتدى قلبها فرصه يحس بعشقى ليها...
اعتدل واقفا وجلس على الأريكه يتكئ بظهره على الأريكه وأرخى رأسه على مخدعها جاذباً جايكته يضعه على جسده مربعا يديه على صدره يرمقها بعشق يتفحص محياها الغافى بانتشاء حتى رأفت به جفونه لتغمض بإرهاق من تثاقل رأسه بالأفكار..
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
----------------
فى نفس الأثناء انتهى دوام الموظفين بالمصنع وحان موعد انصرافهم، ذهبت "ميرهان" كى تستقل سيارتها والتى تركنها بالكراج الواقع بالقرب من المعمل، ترجلت تصعد لسيارتها لتقودها مغادره لاحظت صعود ألسنه دخان والنار تخرج من النوافذ...
هبطت سريعا وأخذت تجرى مندفعه للداخل تستنجد بأمن المصنع كى ينقذوا ما يمكن انقاذ فهى ليس لديها علم بأن صديقتها بالداخل، بالفعل تجمع الأمن أمام الباب ومعهم حاملات إطفاء الحريق، وبدءوا بكسر الباب من الخارج وهم يوجهوا خراطيم المياه كى يطفئوا النار المشتعله بالداخل..
انفتح الباب لينصدموا بجسد غمزة المفترش بالأرض وهى بين الوعى ولاوعى، هرولت عليها ميرهان تحتضنها بخوف تصرخ على الأمن كى يساعدوها فى حملها للخارج، انهارت بالبكاء على حال صديقتها، وضعوها على أقرب كرسى كى تساعدها أن تستفيق، صرخت فى أحد العمال ان يأتى لها بحقيبتها من السياره، بالفعل أتوا بها لتعبث بها وتخرج هاتفها تدير اتصال على شؤون العاملين كى يتواصلوا مع عبدالله أخيها ليأتى ليتدبر أمرها..
أتاها الرد أنه خارج المصنع منذ الظهيره يأتى بطلبية أسمدة وكيماويات للارض الزراعيه من المنطقه الجديده..
زفرت بضيق وهى تلعن سوء حظها، و"فهد" هو الاخر خرج مبكرا لحضور اجتماع طارئ خارج المصنع، قطمت على شفتيها بغيظ وأخذت من حقيبتها قنينة العطر ونثرت منها على كفها وبدأت تمرره على أنفها، تململت غمزه تفتح جفنيها بتثاقل، تومئ لها وهى تسبل أهدابها بارهاق..
حمدت "ميرهان" ربها على استجابتها، تركت الأمن يطفئ الحريق وطلبت من أحد العمال أن يأتى معها لايصالها بالسياره حتى يتسنى اسعافها، تأبطتها وترجلت بها تصعد المقعد الخلفي للسياره لتنطلق لأقرب مشفى ولكن للأسف هى ليست من أهل البلده ولا تعرف الكثير عنها..
أخيرا نطقت غمزة تحاول استيعاب ما يحدث لها :
-- "ماهى" أنا فين وأيه اللى حصل..؟؟
أجابتها "ماهى" براحه :
-- حمدلله على سلامتك ياقلبى خضتينى عليكى..
اعتدلت "غمزة" بجلستها ترفع رأسها بخمول هاتفه بتعب:
-- الله يسلمك عمر الشقى بقى.. أنا كويسه..
أثناء كلامهم قطع عليهم الحديث صوت السائق وهو يقول :
-- احنا قدام دوار الراوى الكبير وفهد بيه نازل من عربيته بيجرى داخل جوه
قالها وصاح ينادي عليه كى ينتبه لهم...
صعق "فهد" من سيارة "ميرهان" التى تصطف أمام الدوار والسائق ينادي بصياح، عدل وجهته وسار نحوهم ليجحظ من هيئة "غمزة" الشاحبه ومظهرها البالى عكس ما كانت فى الصباح..
هرول يفتح باب السياره يسأل باستفهام قلق :
-- فى ايه يا"غمزه" مالك.. انطقى أيه اللى حصل..؟؟
تلعثمت "غمزه" من نبرة صوته القلقه عليها، حولت نظرها الى ميرهان تستنجد بها، فهمت مغزى نظراتها، هتفت تجيبه بدلا عنها قائله:
-- أنا هقولك يافهد اللى اعرفه عشان هى تعبانه دالوقت ومش هتقدر تتكلم.. أنا مروحه عشان اركب عربيتى لاحظت أن المعمل مولع والدخان معبى المكان.. حاولنا نكسر الباب ونطفى الحريق وبعدها اكتشفنا ان غمزة جوه والنار محوطاه.. انقذتها واخدتها ومشيت عشان اسعفها.. واحنا فى الطريق شفناك هى دى كل الحكايه.. معرفش تفاصيل كتيره بس أنا سيبه الأمن بيتصرف مع الحريق..
جز على أنيابه بغضب وهو يمسح على وجهه بحزن على حالتها، أوما بتفهم ل"ميريهان" ووجه حديثه ل "غمزه" هاتفا بقلق :
-- "غمزة" ممكن تتحاملى على نفسك وتنزلى معايا أسعفك بدل ما تروحى بشكلك ده وتقلقى والدك ووالدتك عليكى..
هزت رأسها بنفى هاتفه:
-- لا معلش ودينى عند "أحمد" العياده وهو هيتصرف
أجابها بحنق من تيبس رأسها قائلا :
-- لو على "أحمد" هو فى الطريق انا اتصلت بيه جاى يكشف على جدى عشان تعبان..
أومات بقلة حيله وهبطت تقف جواره وهى تنظر ل"ميرهان" تقول:
-- شكرا ياماهى على انقاذ ليا.. مديونالك بعمرى اللى انكتب على ايدك اعيشه من جديد..
سمحت "ميريهان" لعبراتها ان تنسدل حزنا على رفيقه أهداها لها القدر مؤخرا لتكون بمثابة أخت هاتفه بابتسامه رقيقه
-- مفيش شكر بينا يا"غمزة" أنا اعتبرتك أختى من يوم ما شوفتك.. حمد لله على سلامتك حبيبتى
صدح "فهد" قائلا :
-- انزلى يا"ميريهان" ادخلى معنا مينفعش تمشى كده
اجابته وهى تكفكف عبراتها هاتفه :
-- لا مينفعش بعد تعب أعصابى دى انزل معاكم انا يدوب اطير على بيتنا أخد شاور منعش يفك حالة الصدمه اللى لسه مش قادره استوعبها واترمى فى حضن مامى عشان اعرف انام محلمش بكوابيس..
قالتها وصدحت ضحكاتها لتفك عبوس تعب "غمزة" التى بادلتها الضحكات بابتسامه..
انطلقت سيارة "ميرهان"، وأخذ "فهد" "غمزة" للداخل، تزامنا مع دخول "أحمد".....
---------------------
يوم مرير لم تنتهى أحداثه بعد، تحجرت عين "أحمد" وهو يشاهد أخته تترنح باعياء شديد وحالتها مزريه ملابسها ممزقه متسخه ووجها شاحب يحاكى الموتى، هرول عليها يحتضنها بخوف قائلا بقلق :
-- مالك ياقلب أخوكى فيكى أيه..؟؟
أيه حصل بهدلك كده..؟؟
رتبت على وجنتيه بارهاق هاتفه تطمئنه:
-- انا بخير أهدى متقلقش.. حرق بسيط مسك فى أيدى..
تجهم وجه "أحمد" وهو يسأل باستفسار :
-- ازاى يعنى حرق بسيط.. وده حصل ازاى.. المفروض انت كنتى فى المصنع معنى كده أن فى مشكله حصلت معاكى ومخبيه عنى
قالها وهو ينظر ل فهد بعلامات استفهام يريد لها تفسير
عقب عليه فهد بعدم معرفه:
-- أنا زى زيك معرفش حاجه أنا برا المصنع من الضهر وجاى على ملا وشى لما بلغونى أن جدى تعبان.. يعنى لسه معرفش سبب للى حصل ولا حصل أزاى.. صدقنى يا"أحمد" اكيد مش ههمل فى "غمزه" أو هكون حابب أذى ليها...
زفرت "غمزه" بقلة حيله هاتفه تفض هذا النقاش :
-- يا"أحمد" متظلمش "فهد" هو ذات نفسه ميعرفش حاجه.. صدقنى هحكيلك على كل حاجه بس انا حاليا مش قادره والحرق بيشد عليا مش قادره استحمل
قالتها وسمحت لنفسها ان تنهار بالبكاء...
شدد من احتضانها يهدء من وجيعتها التى تفتك بها قائلا :
-- تمام هتقدرى تتمسكى لحد ما اكشف على الحج الراوى و أخدك العياده..
هزت رأسها بالنفى لما يعد لديها مقدره على التحمل فآلآم زراعها تنخر بها بلا رحمه..
قطم على باطن شفتيه بضيق واستدار ينظر ل"فهد" الذى يستمع بحزن وبداخله يستعير كى يعرف أصل الحكايه..
هتف بضيق:
-- عاوز أوضه فاضيه اسعف فيها غمزه مؤقتا..
أومأ له "فهد" بالايجاب وهو يشير بيده للداخل على غرفة المضيفه قائلا:
-- اتفضلوا هنا لحد ما أنادي على أمى
قالها وتركهم ذاهبا يستدعي والدته.
----------------
ولجوا للداخل أسندها كى تجلس بأريحية على الأريكه، ووضع حقيبته على المنضده واستدار يكشف عن زراعها الملتهب بحرق غائر سألها باستفهام والخوف يغلف صوته :
-- ايه قطع كم القميض كده.. وأيه مبهدل هدومك كده وكأنك كنتى بتسحفى على الأرض.. هتفضلى ساكته كده كتير..
اجهشت بالبكاء هاتفه:
-- وحياتك هحكيلك كل حاجه بس انا مش قادره دالوقت..
زم شفتيه بغيظ والتزم الصمت وهو يستقيم فاتحا الحقيبه يخرج منها بعض الأدويه المعقمه للحروق.
أطلت عليهم "هنيه" بقلق من هيئة تلك الفتاه التى علمت من "فهد" أنها أخت "أحمد" خطيب ابنتها، دلفت تهتف بشجن :
-- ألف سلامه عليكى يابنتى.. كفى الله الشر ياحبيبتى ان شاءالله اللى يكرهوكى.. شدى حيلك وبأذن الله هتبقى احسن..
طأطأت غمزة رأسها بخجل من وضعها المخزى ورؤيتها لها لأول مره بتلك الحاله تجيبها:
-- الله يسلمك ياطنط شكرا لاهتمام حضرتك.. حاجه بسيطه وعدت على خير..
عقبت "هنيه" بذهول من تلك الصغيره التى تهون آلامها رغم مظهرها الباكى هاتفه:
-- ربنا يحميكى يابنتى.. انتى بتهونى عليا ولا على نفسك.. شكلك شقيه وبتحبى المغامرات..
قالتها وهى تقرص وجنتيها تداعبها بحب...
صدحت ضحكات "أحمد وفهد" على مزاح "هنيه" قائلين فى نفس واحد :
-- ياااااه ياامى ظنك فيها مخيبش
امتعض وجه "غمزه" بغيظ هاتفه :
-- ماشى يا"أحمد" لينا بيت هيجمعنا.. بس دالوقت خلص ارجوك مش قادره استحمل..
قالتها وهى تزم شفتيها كالاطفال تلمع عينيها بالعبرات من جديد
هرول لها يضمها بحب أخوى قائلا:
-- وحياتى عندك متبكيش ان شاء الله هتبقى زى الفل بس عايزك تستحملى شويه لحد ما أخلص الحرق كبير واخد نص دراعك..
أومات له بصمت وهى تقبض على كف يدها السليم تكتم تأوهاتها الموجعه..
-------------------
خطى "أحمد" نحو الحقيبه أخذ منها قطعة قطن وكحول وبدء فى التطهير حول الحرق تحت أنينها المتألم..
استدار يعبئ سرينجه الدواء وهو يتوجس من فوبيا الحقن التى تنتابها كالأطفال، انتهى من تعبئتها وهو ينظر ل"فهد" الذى يعلم ما سوف يحدث، فهو رأى لها سابقه مع الحقن..
تطلعت لهم "هنيه" باستغراب من تبادلهم النظرات وابتسامة ساخره تزين محياهم، هزت رأسها بمعنى ما الأمر، أشار لها "فهد" بالصبر وسوف ترى..
اعتدل "أحمد" يخطو نحوها بتوتر مخافتا من صياحها قائلا:
-- حبيبة قلب اخوها ممكن تديني دراعك السليم شكه صغيره عشان متتألميش وأنا بشيل الجلد الميت اللى على الجرح لانه شكله كده اتلوث ولازم اقصه وأنتى مش هتستحملى
امتعض "فهد" من تلقيبه لها بالحبيبه ولكن تغاضى عنه نظرا لوجعها، واقترب منها بتروى، لتقف أمامه "هنيه" وهى تقول :
-- بنوتى الحلوه هتيجى فى حضن أمها وتمسك فيا ووعد مش هتحسى بحاجه..
ابتلعت شهقاتها وهى تزم شفتيها بغضب طفولى تومئ لها بالموافقه، اخذتها "هنيه" بأحضانها تمسد على ظهرها بحنو..
وضع "أحمد" سن الأبره بوريدها، لتأن بخفوت، شددت "هنيه" على ضمها كى تهدئها، ارتخت فى احضانها الدافئه، مما سهل على "أحمد" عمله، رش لها اسبراى يزيل الجلد الميت من آثار الحرق، وبدء يقص أطرافه كى يعقمه على نظافه، ثم قام بتطهيره جيدا ووضع مرهم مضاد للحروق والالتهابات، ثم غطاه بالشاش الطبى ولفه عليه باحكام، انتهى من تضميد حرقها ليزفر براحه مرتبا على ظهرها كى تستفيق قائلا:
-- خلصنا خلاص ياشقيه.. قومى يالا عشان اوصلك..
خرجت من صدر "هنيه" تزيل العبرات العالقه بأهدابها وهى تقول :
-- انا ياأبيه الله يسامحك أهون عليك..
قالتها ورفعت عينيها لتقابل"هنيه" هاتفه :
-- شوفى ياطنط كلهم عليا.. ظالمينى خالص والله انا ماليش ذنب.. لما تعرفى الحقيقه هتعذرينى
انحنت "هنيه" تطبع قبله على رأسها هاتفه بحب:
-- من خوفه عليكى ياحبيبتى متزعليش من اخوكى ده "أحمد" زينة الرجال..
ضحكت "غمزة" بحبور هاتفه بمشاكسه:
-- مين يشهد للعروسه.. ماشيه معاك ياعم حماتك راضيه عنك..
صفعتها "هنيه" على رأسها هاتفه بمزاح:
-- كده ضمنت أنك خفيتى ياغلبويه..
قاطعهم صوت الخادمه تنادى على "هنيه" كى تذهب للحجه "راضيه" التى قلقت بسبب تأخر الدكتور
تأفأفت "هنيه" من سهوها هاتفه بحنق :
-- معلش يا"أحمد" يابنى تعالى معايا نشوف جدك الراوى لحسن تعبان من الصبح....
أومأ لها بالقبول، وأخذ يجمع أشيائه سريعا وقبل ان يغادر هتف قائلا:
-- ارتاحي شويه هى الحقنه هتسكن لك الوجع وهترخى أعصابك، لحد ما اشوف الحج الراوى ونمشى سوا..
هتفت بعناد :
-- متقلقش عليا انا بقيت كويسه انا هروح وانت خلص براحتك
زمجر من عنادها وخرج وهو يقول :
-- اسمعى الكلام وبطلى راسك النشفة دى..
قطع عليهم الحوار "فهد: قائلا:
-- روح شوف جدى وانا معها اطمن
أومأ له "أحمد" وتركها مغادرا للكشف على الراوى الكبير...
----------------------
رمقها "فهد" بغيره من انكشاف جسدها وتطاير خصلاتها أخذ يخطو نحوها بثبات يرتدى قناع البرود، جعلها تزدرد لعابها من نظراته التى تشملها من أسفلها لأعلها، تقهقرت للخلف تهتف باضطراب من قربه المهلك هاتفه :
-- مالك بتبصلى كده ليه
مال عليها بجوار أذنها هامسا بأمر:
-- اتفضلي ادخلي الحمام تالت باب علي اليمين اعدلي حجابك شعرك نصه باين ولو بان منه شعره هعلقك منها يا "نمرة الفهد".. وهبعتلك "زينه" تجيب لك لبس بدل اللى اتقطعت عليكى دى لحد معرف ايه سبب الكارثه اللى وصلك لكده فاهمه يا"كشمائي"...
اندفعت "غمزه" كى ترد على كلماته الآمره، ولكن أشار لها أن تصمت قبل أن تتفوه بكلمه، زوى بين عينيه رافعا حاجبيه بامتعاض قائلا بنفى قاطع:
-- ولا كلمه زياده تمشى زى الشاطره تنفذى اللى قولتلك عليه بدل ما انا اللى اظبطلك الحجاب واللبس..
نطق كلماته بتلاعب وهو يدنو منها يبسط يده يتلمس خصلاتها..
ذُهلت "غمزه" من حركته الصبيانيه، وارتعشت أوصالها من أنفاسه التى تضرب وجهها، نفضت كفه عن رأسها، وابتعدت قليلا عن مرمى عينيه التى تصيب قلبها بسهام كيوبيد القاتله، رفعت يدها تتحسس حجاب رأسها وجدت بالفعل خصلات شعرها ظاهره بسخاء، ومقدمة قميصها مفتوح، مع قطع كمه كشف عن زراعها، خجلت من نفسها هاتفه بعدم تصديق:
-- هو أنا شعري باين ليه كده.. يالهوى واقفه قدامه وزراير قميصى مفتوحه ودراعاتى باينه.. يادى النيله شكلى بقى زباله قدامه..
ثم تابعت تحدث نفسها
-- بس هو أصلا ماله ما هو اللى أنا فيه بسببه.. ومين سمحله يكلمني كده.. وبعدين أيه نمرة الفهد دى كمان مره نمره ومره كشماء هو ناوى على جنانى.. أوووف منه ياساتر مش كفايه اللى انا فيه بدل ما يسأل عن السبب فى اللى جرالى..
قطع "فهد" همهمتها قائلا بسخريه:
-- خلصتي كلام لنفسك انا معنديش وقت اعرف كنتي بتفكرى في ايه.. بس أوعدك أنى هعرف بعدين..
تلفظ كلماته تحت سخطها وتركها ودخل يطمئن على جده وهو يضحك علي شكلها المنصدم بسبب كلامه....
----------------
مازلنا فى عشية ليله لأحداث مربكه مرءت على الجميع بصعوبه بفعل يد آثمه تتوغل بينهم هدفها الوحيد تدميرهم..
ذهب "أحمد" ومن ورائه "فهد" للاطمئنان على صحة الحج الراوى، مع تشديد "فهد" على "أحمد" بعدم الإفصاح أمام جده عن ما حدث بالمصنع، باشر "أحمد" الكشف ليتصاعد رنين هاتف "فهد"، استأذن وخرج يجيب على الاتصال تحت نظرات والده القلقه..
أنهى "أحمد" الكشف وطلب منه الراحه التامه والبعد عن اى إزعاج فهذه المره غير سابقتها وهذا مؤشر خطر يجب الحيطه أكثر من ذلك، تفهم الجميع عليه، جدد له روشته العلاج القديمه مع تغير بسيط فى بعض الأدوية، تحمد السلامه للحج الراوي وألقى عليهم التحيه..
أثناء خروجه استوقفته "هنيه" وهى تقول :
-- معلش يا"أحمد" يابنى الست اللى أنت ولدتها ساعة الحريق ابنها تعبان من يوم ما اتولد وهى مش عارفه تتصرف ممكن ابعت معاك الغفير تكشف عليه وتطمن قلبها.. لحسن ياعينى مالحقتش تفرح بيه وصحته فى النازل..
أومأ لها باحترام مجيبها بالقبول قائلا بحبور :
-- تؤمرينى ياأمى من عينيا.. ربنا يجعله فى ميزان حسناتك.. رغم ضيقتكم بتفكرى فى غيرك..
تنهدت برضا هاتفه:
-- الحمد لله يابنى على كل عطاياه.. هنجزع من أيه اللى مكتوب هنشوفه.. واحنا ربنا جعلنا أسباب لغيرنا.. ربنا كبير مش بينسى عبيده.. كله بيعدي بس السيره الكويسه والعمل الطيب هما اللى بيقعدوا..
انهت كلماتها وصاحت تنادى على الغفير، الذى أتى مهرولا مستجيبا لندائها، أمرته بالذهاب مع الدكتور "أحمد" للكشف عن ابن أحد العاملين بالمزرعة، امتثل "أحمد" لطلبها وغادر متناسى "غمزه"....
--------------------
بالخارج أنهى فهد الاتصال مع رجال الأمن الخاصه بالمصانع، وعلمه بحضور الشرطه للمعاينه ومعرفة سبب ما حدث ووجوب حضوره أمامهم فى الصباح الباكر لاستيفاء المحضر المبرم على خلفية تلك الحادثه، استدار يلج للداخل اصطدمت عيناه بأخيه ريان الذى كان يقف يستمع لتلك المحادثه وعينيه تتجمر غضبا..
صاح ريان باستهجان قائلا:
-- فى ايه حصل تانى..؟؟
هو احنا بقينا ملطشة لكل من هب ودب.. مره المزرعه ومره المصنع.. كده زاد عن حده ولازم واقفه لكل كليله عشان يعرفوا مين هم عيلة الراوى..
هرول اليه فهد بذهول من صياحه، بسط يده ووضعها على فمه يكممه كى يمنعه من تواصل حديثه، حتى لا يصل الكلام لمسامع جده بالداخل، جذبه من عنقه ودلف به غرفة المضيفه المجاوره لباب الدوار، ودفعه بحده تاركا اياه وهو يزفر بغضب من تهوره الأرعن..
طحن على أسنانه بغيظ قائلا:
-- يابنى آدم نفسى تفهم. جدك تعبان ولو سمع كلامك ممكن يطب ساكت فيها. نفسى تفكر من غير تهور.. أبوس على ايدك مش وقت فتحة صدر وحمقه كدابه.. أنا من ساعة رجوعى والمصايب نزله على دماغى مستقصدانى وكأن مفيش فى الدنيا غيرى أنا..
صمت يزفر انفاسه بحرقه مما يختلج صدره من تكالب المصائب فوق رأسه بدون هواده، ضيق بين عينه وهو يلوى ثغره بتهكم يشبك الأحداث ويربط بينهم، لتضرب برأسه هيئة شخص واحد هو صاحب المصلحه الوحيده فى هذه الكوارث التى تحل عليه، كور يديه بغضب ساحق، من تهاونه فى القصاص منه، ولكن مهلا كل مره يأخذه على غفله دون أخذ الحيطه، وهذه المره كانت أبعد مما تصور فالأيادى الآثمه وصلت لعقر مصنعه لم تكتفى بشخصه ولكن اللعب الان فى تدمير تعب ومجهود ودراسة لسنوات حتى انشئ هذا الصرح، باتت الامور واضحه وانقشعت الغيوم عن الحقيقه وجاء وقت الرد عليها و اللعب معها بالمثل..
تطلع فهد لأخيه الذى ينظر له بتجهم قائلا
-- مش انت عايز ترد على كل اللي بيحصل معنا.. تمام انا بقى عايزك راجل فى ضهرى وتقف معايا كتف فى كتف فى المصانع والاراضي ونوريهم ان احنا قوه محدش يستهان بيها.. أيه رأيك ياديب..؟؟
تعمق فهد فى النظر بعينيه وهو يشاهد تخبطه وأردف ما يجعله يشحذ عزيمته قائلا بتوضيح:
-- دالوقت أنت عدى على فترة علاجك شهرين.. شهر وأنا قاعد معاك فى شقة المحافظه وشهر وانت قاعد فى دوار العيله.. يعنى نقدر نقول أنت عديت مرحله كبيره من علاجك والكيمياء مش هيبقى ليها تأثير عليك زى الأول.. وأنت دالوقت اللى تقدر تتحكم فى نفسك.. يعنى من الآخر كده يا"ريان" مبقتش لا ضعيف ولا محتاج حد تستند عليه. وجه الوقت اللى تسند فيه أهلك ونفسك.. يغنى مثلا لو لا قدر الله انا الصبح جرالى حاجه العيله دى مين اللى هيبقى سندهم وضهرهم غيرك.. يعنى مبقاش قدامك حلول غير أنك تبقى "ريان سعد الراوى"
قالها وهو ينظر ل خيال تلك التى تقف خارج الغرفه تسترق السمع على ما يقولوه كى يفسد مخططها..
أومأ له ريان والعبرات تسكن عينيه قائلا بحزن:
-- بعد الشر عليكى ياخويا ان شاءالله عدوينك وانت لأ..
تابع بموافقه:
-- أنا موافق على كل اللى تقوله.. احنا مالناش غير بعض صلب الراوى ابا عن جد..
ثم اعترض بتوضيح:
-- بس متزعلش منى يافهد ده مالك وتعبك وشقاك.. وانا زى ما انت شايف ضيعت كل فلوسى اللى اخدتها من جدك يعنى ماليش الحق فى أنى اشاركك شغلك..
جذبه "فهد" من رقبته قائلا بحب:
-- أنت اخويا ومالى مالك.. وأنا وعدتك هوقفك على رجلك من جديد.. مش عايزك تشيل فى نفسك ولا تفرق بينا فى حاجه.. اللى فات مات واحنا ولاد النهارده..
قالها وأدخله بصدره يشدد من ضمه واحتوائه يبث الحب الذى يحتاجه كى يصمد فى طريق علاجه ويعود لحياته الآمنه..
ابعده وهو يربت على كتفه برجوليه قائلا :
-- يالا روح خد علاجك ونام بدرى عايزك تخف بسرعه ورانا حاجات كتير عايزين نعملها مع بعض ونعيش ونعوض اللى فاتنا....
دنى ريان منه وطبع قبله على صدره هاتفا بحب:
-- شكرا يافهد على كل اللى بتعمله عشانى.. ربنا يخليك ليا ياخويا
مسد فهد على كتفه بمسانده قائلا
مفيش بينا شكر..
قالها وتأبطه مغادرا به للخارج
--------------------
استمعت مكيده لحديثهم والنار تأكل أحشائها من تصافيهم، لعنة "فهد" على احتوائه لأخيه ودهس مخطاطتها الشريره، فرت هاربه للأعلى وراسها تعمل كالمكوك للتخلص من هذه العائله....
-------------------
على جانب آخر من الأحداث أثناء خروج "غمزه" قابلتها "زينه" كما أمرها فهد، ابتسمت لها بحبور معرفه بنفسها :
-- أنا زينه يادكتوره غمزه
ابتسمت "غمزه" هاتفه بحب
-- حبيبتى الله يسلمك.. كان نفسى أشوفك فى ظروف احسن من دى.. سعيده بشوفتك ياقمر..
أجابتها زينه بسرور:
-- أنا الأسعد
وتابعت بمشاكسه
-- بس شكلك بتحبى المغامرات.. مره حريق المزرعه ومره حريق المصنع.. سيطك يابنتى مسمع ماما وجدتى ديما بيدعولك من ساعة ما انقذتى المواشي.. رغم مشفوكيش بس بيحبوكى لله فى لله.. يا بختك محظوظه اللى ترضى عليها راضيه وهنيه..
قالتها وهى تتعالى ضحكاتها الصبوحه..
هزت غمزه رأسها بدهشه هاتفه:
-- تصدقى ان شاء الله هتصدقى فوله وانقسمت نصين.. انتى متتخيريش عن عبدالله اخويا فى خفة دمه وروحه الحلوه.. ربنا يحميكى ياحبيبتى.. وانا يعلم ربنا بحبكم ..
تحولت نبرتها وأكملت بألم :
-- انا ممكن اطلب منك طلب صغير.
بخضه من هيئتها وتناسيها حالتها هتفت زينه بحب:
-- حبيبتي انتي تؤمرى حقك عليا نسيت اللى "فهد" قالهولى..
اشارت لها غمزه بألم على زراعها هاتفه:
-- زي ما انتي شايفه أيدي اتحرقت و محتاج اضبط الحجاب بتاعي ولو ممكن بلوزة بدل اللى اتقطعت دى وبصراحه انا مش هعرف اعمل ده كله لوحدى ممكن تساعديني.
أومأت زينه مؤكده:
-- طبعا ياحبيبتى بس كده انا أساعدك بعيونى.. بس مش هينفع فى الحمام الداخلى ده.. اتفضلي تعالى معايا في الأوضه فوق وانا اظبطلك كل حاجه..
شكرتها غمزه توافقها الرأى وخطت تمشى جوارها صاعده للأعلى، تحت ثرثرة زينه المعتاده وهى تقول
-- بما انى هنقضى وقت مع بعض تعالى نتعرف على بعض اكتر.. انا بحب الناس ما بالك اخت جوزى المستقبلى..
ضحكت غمزه على لطفها وثغرها الضاحك وأومأت لها بحبور تستمع لها بسعة صدر..
-- أنا بقى اسمي زينه سعد الراوى فى ثالثه ثانوي وانتي .
أجابتها غمزه مبتسمه:
-- انا اسمي غمزه عزت دكتوره بيطريه وبحضر الدكتوراه وشغاله حاليا فى مصانع الراوى...
صفقت زينه بسعاده هاتفه:
-- شكلنا هنبقى اصحاب أنتى حبابه ومش قفوشه ولا تنكه.. آه انا صغيره عنك شويه بس ممكن تبقى اختنا الثالثه...
قالتها بعبوس لطيف تنتظر ردها
عقبت عليها غمزه وهى تهز رأسها بالقبول :
-- طبعا أخوات مش أصحاب.. أنا عندي أخت أكبر مني مهندسه معماريه اسمها "بسنت" بس لو شوفتيها هتحبيها جدا دمها خفيف زيك..
قبضت زينه على كفها ترفع سبابتها بعلامة الاوكيه هاتفه بطفوليه:
-- يبقى اتفقنا أحنا أخوات وأنا عندي أختى "فجر" كده بقينا اربع بنات قمرات..
تحدثت وبسطت كفها تصافح "غمزه" بغبطه وهى تقول : اتفضلي
مدت يدها تقبض على باب الغرفه تفتحه، وجدته موصد من الداخل، طرقته عدة مرات ولا يوجد رد، نادت على فجر فلم تستجيب لمناداتها فهى تأخذ شاور وكالعاده تغلق الباب حتى تنتهى..
اعتذرت غمزه من زينه هاتفه
-- خلاص مش مشكله ممكن ادخل الحمام عادى.. لحسن بجد مش قادره ومفعوله الحقنه بدء يشتغل وحاسه بخمول وهمدان
تجهم وجه زينه بحزن على حالتها المتعبه هاتفه :
-- بصى تعالي معايا اتفضلي الأوضه دي أكيد فاضيه وده انا بقى متأكده منه..
تحدثت ممسكه بيدها ثم فتحت باب الغرفه، دلفت بها للداخل وتركتها وهى تقول :
-- خاليكى هنا هاروح اجيبلك دبابيس من أوضه ماما وهشوفلك حاجه مؤقته من عندها لحد ما فجر تخلص.. لان فجر لما بتاخد شاور بتنسي الدنيا وممكن تنام في الحمام.
ألقت كلماتها وتركتها تنعم بعبق تلك الرائحه التى جذبتها و توغلت لأنفها منذ دخولها، ظلت تستنشق تلك العطر الذى يلوح بالغرفه باستمتاع شهيق وزفير تملئ صدرها باشتهاء محبب
حدثت نفسها:
-- دى ريحته انا متاكده أنا لسه شماها وهو واقف جانبى معقوله دى أوضته..
تطلعت حولها تدور بعينيها فى زوايا الغرفه باستمتاع هاتفه:
-- الله الأوضه دي جميله قوي.. ما شاء الله الديكور بتاعها شيك..
وقعت عينيها على صوره ل فهد ومعه أخته زينه وتوقعت الأخرى فجر وهو يتوسطهم..
أمسكت الصوره تحدثها بتيه :
-- أنت مالك بيا وعاوز مني أيه بقى..؟؟
من اول ما قابلتك وأنت مش بتطلع من دماغي و في خيالي وفي الواقع بتفرض نفسك عليا.. اتملكت من تفكيري برغم كل المشاكل اللى وقعنا فيها بس مش عارفه أخرجك من دماغى سكنت قلبى وعقلى.. يادوب معرفت بيك من كام شهر بس مش عارفه هتاخد قلبي علي فين.. تعبت وانا بتجاهلك وكدب مشاعرى.. أنا محتاجلك قوى ومش لقيا حل...
انسلت دمعه حزينه من عينيها وهى تحدث صورته وضعتها مكانها، وبدأت رأسها تثقل من أثر المخدر، صعدت على الفراش بخمول ليغلبها النعاس وتغط بالنوم..
---------------
بعد قليل أطلت زينه دالفه للغرفة تبحث عن غمزه بعينيها وجدتها تغط فى النوم، اندهشت جدا من تسطحها بدون حراك
حدثت نفسها هاتفه :
-- ده أكيد من الجرح
أرادت ايقاظها ظلت تنادى عليها كى تستفيق، رتبت على وجها تهتف باسمها :
-- اصحي يا غمزه.. قومى ياحبيبتى عشان تغيرى هدومك..
أخذت تهزها بدون رد ولا وعى ولا استجابه منها..
زفرت زينه بقلة حيله هاتفه:
-- انا هسيبها تنام شويه عشان تعبانه ولما أخوها يخلص هينادى عليها..
دثرتها بالغطاء وتركتها مغادره وأغلقت الباب خلفها واستدارت متجهه لغرفتهم...
---------------------
اصطدمت زينه ب فجر عند فتح باب الغرفه وهى تصيح عليها بغضب:
-- أنتى نزله خبط على الباب رغم انك عارف انى باخد شاور هو انتى ديما غبيه مبتفكريش..
صمتت لثواتى وهى تقوس فمها وتضيق عينيها بتساؤل:
-- هو أنتى خارجه من أوضه فهد هو جه ولا لسه...؟؟
ولا انتى راحه تفتحى الباب تشوفيه..؟!
أمسكتها زينه من معصمها تجذبها للداخل هاتفه بامتعاض :
-- استني انتي أيه قطر ماشي بيدوس ولا يهمه..
اكملت بتوضيح :
-- وبعدين انا كنت جوه مع "غمزه" عشان نايمه تعبانه...
حدقتها فجر باندهاش هاتفه باستفهام :
-- مين غمزه دى.. اخوكي فهد ملوش في الحاجات الشمال..
قبضت زينه على فمها تمنعها من استرسال مهاتراتها هاتفه بحنق:
-- انا اللى مبفهمش شوفى نفسك.. هو اخوكي يا هبله له في الكلام الفارغ ده.. انتى اتجننتي عالاخر دي الدكتوره غمزه أخت خطيبك يافلحه واللي انقذت المواشي ساعه حريق المزرعه من كام شهر.. وشكلها واقعه فى مشكله جديده ايديها محروقه ولبسها متبهدل خالص وتعبانه عالاخر وسيبتها عشان أجيب لها لبس من عند ماما جيت لاقيتها نامت وهي قاعده على السريره...
فجر بصلابه وتيبس فهم:
-- أيوه برضو ده أيه اللي دخلها أوضه أبيه فهد..
قالت وهى تربع يديها أسفل صدرها تطالع باستفهام ..
ضجرت زينه من عدم استيعابها هاتفه:
-- ألطم على وشى ويقولوا اتجننت.. ما هو أنتى السبب عشان حضرتك قافله الباب علي نفسك من جوه.. وهى كانت عاوزه تظبط طرحتها وتغير بلوزتها عشان متبهدله.. يدوب قلعت الطرحه ورحت أجيب دبابيس من عند امك وعبايه تلبسها رجعت لاقيتها نامت...
بلامباله صاحت فجر :
-- جات بردو ليه الدوار مش فهمه يعني
قالتها وهى تبتسم بغباء.
صرخت زينه تصفع رأسها بنزق من تلك البلهاء :
-- بيقولوا عليكى عاقله وبتفهمى بسرعه.. يجيوا يشوفوا الغباء البيور اللى بينقط من صواميل مخك.. ياام المفهوميه جات مع فهد ومعاهم الدكتور الموز خطيبك الحليوه عشان يكشف علي جدك..
نهرتها فجر بتهكم :
-- خلاص ياختى مكنش سؤال اللى هتعملى عليه محاضره.. وبعدين أنتى هتكرشي علي خطيبى خليكى فى خطيبك المجنون
طالعتها زينه بزهو وهى تخطو امامها بتمخطر هاتفه:
-- مجنون بس دمه شربات مش خطيب المنشى شكله جد أوى ودمه تقيل.. لكن انا خطيبى واحد فرفوش بيحب الهزار أنا عايزة واحد يدلعنى مش يحنطنى جانبه..
تحدثت ورفعت يديها تصفعها على مؤخرة راسها هاتفه بتهكم :
-- فهمتي يا نكديه أقولك شكلكم لايق علي بعض..
قالتها واخرجت لسانها تلاعبه بإغاظه وفرت تجرى لغرفة الحمام..
-------------------
بالأسفل أنهى فهد وريان حديثهم واتجه فهد يبحث عن غمزه استدار يلتف حوله بالمكان لم تقع عينه عليها، فى حين تنحنح أحمد والجاً مع الغفير كى يأخذ أخته
هتف أحمد بإرهاق
-- لو سمحت يافهد نادى على "غمزه" عشان نمشى
اجابه فهد بعدم معرفه:
-- مش عارف انا من ساعه ما سيبتها مشفتهاش..
صمت ثوانى يفكر انها من الممكن أن تكون غضبت بسبب ما تفوه به معها
حدث نفسه بحنق:
-- مش مهم تزعل هي بقت غمزة الفهد
قالها ولاحت ابتسامه على محياه وقلبه يردد
وأجمل نمره تستحق الفهد....
صاح أحمد يهزه ليستفيق قائلا:
-- روحت فين.. عموما هى دماغها ناشفه ومش بتسمع الكلام اكيد روحت.. أنت عارف أنها مش هتحستمل وهتحتاج تنام.. أصلي اديت لها حقنه منومه لاني عارفها هي بتحب تبان قويه وهي العكس خالص مش بتستحمل نسمه الهوا..
تنهد أحمد بشفقه على حال أخته وكوارثها التى أصبحت متكرره فى الفتره الاخيره، ودع فهد وتركه وذهب كى ينعم بقسط من الراحه....
---------------------
اطمئنت هنيه على الوضع الصحى للحج الراوى واستأذنتهم لترى شؤون الدوار والفتيات وتطمئن على فهد الذى منذ مجئ الاتصال له اختفى، خرجت لتصطدم وهى تشاهد سعد يجلس منزوى بأحد المقاعد فى بهو الدوار يطأطأ رأسه للاسفل يشبك أصابعه بين ساقيه متجهم الوجه يتنهد بحسره على ثمرة عمره التى تعصفها الرياح كما تشاء..
جلست جواره تمسد على كتفه تواسيه هاتفه بعطف :
-- مالك ياسعد شد حيلك ياحبيبى كله هيعدى واحنا مع بعض.. عمى بقى زى الفل وريان كمان هيرجع زى الأول واحسن أنا وعدتك وعمرى ما هخذلك أبدا.. بس محبش أشوفك حزين ومهموم كده.. أنا بستمد قومى منك..
ربت على ظهرها بحنو قائلا:
-- كان بودى أتحضن بولادى لما أكبر بس الدنيا جايه عليا وعليهم ومش عارف هتودينى لفين..
تابع بأسى:
-- أنا لما خرجت سمعت ريان وهو بيكلم فهد على الحريق اللى حصل فى المصنع، مقدرتش أقف من الصدمه جيت قعدت زى ما أنتى شايفه.. ابنى بقى مش ملاحق نصايب وكوارث مش عارف الدنيا مستكتره ولادى عليا ليه.. أيه عملته بتحاسب عليه كده بأبشع الطرق.. بتقى الله واراعى ربنا فى الكبير والصغير والنفس اللى بتنفسه.. ورغم كده النفوس الحقوده مش سيباني فى حالى.. اعمل أيه عشان أعيش مرتاح مع ولادى..
صمت والدموع تسكن عينيه ما يجيش بصدره يجثم على أنفاسه يسحب روحه بلا شفقه..
دنت هنيه منه وطبعت قبله على جبهته وهى تربت على صدره هاتفه بشفقه على حاله:
-- ربك كبير والمؤمن بس هو المنصاب.. وميزان العدل مسيره يجيله يوم ويرد لكل مظلوم حقه.. فوض أمرك لله وان شاء الله تتحضن بولادك فى حياتك خيرك وعزك وتشوف أحفادك كمان ياجدو..
قالت الأخيره وهى تحدق به بتلاعب وابتسامه مشاكسه تزين ثغرها كعادتها إذا أرادت أن تراوغه كى تخرج به من دوامة حزنه..
بادلها الابتسام بهدوء على غير عادتها واستقام قائلا:
-- ربنا يخليكى ليا ياهنيه.. انتى الحاجه الوحيده اللى مهونه عليا الدنيا..
أكمل بإرهاق :
-- انا طالع استريح.. اطمنى على فهد وخالى الخدم يجهزولوا العشا وحصلينى عشان عايز انام..
أومات له بصمت وهى تنظر له بعينين دامعتين حزينه على حاله وما آلت لها الظروف من تكالب المحن عليه..
------------------
استدارت تبحث بعينيها عن فهد فى الأرجاء شاهدته يخرج من غرفة المضيفه، اندهشت من الحيره المطبوعه على محياه وتقوس حاجبيه وهو يحدث نفسه بتيه..
سألته بقلق :
-- مالك يافهد أيه مغير شكلك كده.. وصلت لحاجه فى حريق المصنع..
أجابها باختناق:
-- للأسف لسه بس الاكيد المعلومات كلها عند غمزه وده اللى مجننى.. أيه دخلها فى اللى حصل معرفش.. والغبيه اتهورت زى عوايدها ومشيت من قبل ما تحكى لى عن اللى حصل..
لا حول ولا قوة الا بالله هذا ما نطقه لسانها فوضت أمرها لله هاتفه تطمئنه:
-- يابنى تبات نار تصبح رماد.. بكرا الصبح تشوفها وتفهم منها كل حاجه.. بلاش بالك يفضل مشغول ممكن تكون حادثه مش مقصوده.. لاحظ انه معمل ووارد جهاز من الأجهزة يكون لمس وعمله قفله ولعت فى المكان.. طمن قلبك وبأذن الله مش هتكون حاجه كبيره تقلق..
هى تواسيه وتشد من أزره، وهو شارد فى نقطه معينه يسأل نفسه:
-- لما هذا التوقيت بالأخص وهى حديثة العمل معه، هل ما حدث له علاقه بنفوق العجول واعادتها سحب عينات لمعرفة السبب..
استفاق على يد هنيه تهزه هاتفه :
-- التفكير الزياده غلط عليكى يابنى قوم هجهزلك العشا اتعشى ونام وارتاح والصباح رباح كل سؤال شاغل بالك هتعرفه له أجابه بإذن الله..
اومأ له وتنهيده حاره تشق أنفاسه قائلا :
-- تمام ياأمى هطلع ارتاح بس ماليش نفس للعشا سيبيني انام خفيف..
نهرته بعطف وخوف ام هاتفه:
-- مينفعش ياقلب امك انت كده صحتك تتعب.. شغل وتفكير واكل مفيش.. حرام عليك نفسك انت مش ملاحق تفوق كل واصلب حيلك عشان تباشر مصالحك.. أنا هعملك ساندويتشات وكوب لبن عشا خفيف تأكل وتنام..
قالت حديثها وهى تربت على صدره وتركته قبل أن يعترض..
استكان بوقفته يتطلع لزوايا الدوار يسترجع ذكرياته مع جده وجدته وأخواته وأمه وأبيه، تنهد بأسى على حاله كلما حاول مد جسور الأمان بينهم ليعيشوا بسلام أتى ما ينغص عليهم جمعهم ويفرق شملهم.
قطع شروده هنيه وهى تتقدم منه تعطيه صنية الطعام هاتفه بحب:
-- خدى الصينيه معاك واطلع خد حمام دافئ واتعشى عشان تعرف تنام براحه..
أخذها منها مُلثماً جبهتها قائلا:
-- شكرا ياامى ربنا ميحرمنيش منك.. تصبحي على خير ياحبيبتى
قالها واستدار يصعد للأعلى بقوى منهكه..
--------------------
بعيداً عن صخب ما يحدث معه تظل هى مستحوذه على تفكيره مشاعره نحوها نبع صافى يود الاستزاده منه حتى الثماله يحلم أن تتلاشى بينه وبينها المسافات..
دلف فهد غرفته وأغلق بابها، خطى نحو المنضده وضع صينية العشاء، وشلح عنه الجاكيت وألقاه على الأريكه باهمال، التف للمرآه يمسح على وجهه بإرهاق ثم قام بخلع التيشيرت وبسط زراعه وهو يزوى بجانب عينيه ليلقيه جوار الجاكيت، لاح طيف "غمزه" ينعكس بالمرآه، فرك عينيه براحتيه يتوهم ما رآه قبض على جفونه وفتحهما يرفرف بأهدابه جاحظا
يحدث نفسه بتيه:
-- لا أنت بقيت مجنون عشان بتتخيلها في سريرك..
استدار بحذر يتطلع وراءه، صعق أنها حقيقه وليست بخيال، كالمسحور اقترب من فراشه الذى يضم جسدها، ووقف مكانه مشدوها بجمالها الذى فاقت محاسنه كل تصور، وجهها الملائكي وملامحها الفتانه، شعرها المنتشر حولها كأشعه الشمس التي تحيط بوجهها كأطار من الذهب يعكس جمالها..
همس بلسان قلبه
-- يامن رأيتك في أحلامي ويقظتي ومخيلتي.
هل تعلمي أنكِ تملكتي من أصغر ذره في كياني حتي اصبح قربك وبعدك عني عذاب..؟!
اااااه يا نمرتي الشرسه تمنيت أن ادفنك بين ثنايا قلبي وأن لا يراكِ غيرى.
هل تعلمي يا فتاه أنى حدثت الله عنك وأنك أشد أشيائي حبا ودعوته أن يجعلك من نصيبي في الدنيا والاخره..؟!
جثى أمامها أرضا ينظر لها بعشق يحدثها بدهشه لا يستوعب حقيقة أنها بغرفته وعلى فراشه
-- انتي جنينتي يا"غمزه" عاوزه منى ايه؟! بقيت اتخيلك في سريرى كمان معقول انتي حقيقه ولا حلم ولا انا اتجننت من كتر ما بفكر فيكي.. تعرفي متمنتش من الدنيا في اللحظه دى غير أنك تكوني حلالي وأخدك في حضني..
يا ترى هيكون رد فعلك ايه لما تعرفي انك اتملكتي قلبي من لحظه ما شفتك..؟!
تنهد بشجن مستكملا:
-- مش عارف قلبي هيعمل أيه لو كنتِ بتحبي حد تاني.. ما هو أنا مقدرش أقف في طريق سعادتك. رغم أنك ملكتي قلب الفهد يا"غمزة الفهد"..
أنهى حديثه وهو يقف دنى من شرشف السرير دثرها جيدا، وخطى نحو الأريكه يجلس عليها يتطلع لها بعيون يسكنها عشقها الذى توغل لقلبه من لحظة صدفة لقائهما...
قليلا وبدأت همهماتها المتألمه تعلو شيئا فشيئا تأن بألم تهذى ببعض الكلمات وهى نائمه
-- ماما شوفتى أيدى واللى جرالى..
ماما أنا جعانه ومش قادره افتح عيوني..
كانت تزم شفتيها بطفوليه تهذى وعبراتها تنساب من بين أهدابهاوهى تأن متوجعه..
اندهش فهد من عفويتها وابتسم قائلا
-- معقوله أنتى قد كده جواكٍ طفله
استقام يصفع كفيه بقلة حيله، ذهب نحو الخزانه جذب تيشيريت نظيف ارتداه على عجاله وسار للمنضده أخذ سندويتش من الصينية الموضوع بها الطعام، وبهدوء جلس جوارها وهى نائمه سابحه فى عالمها لا تشعر بوجوده، بسط يده ووضع الساندويتش بين شفتيها، أفرجت عنهما قليلا وأخذت تمضغ بدون وعى..
زفر براحه وهى تهمهم باسم والدتها، واستمتاعها بالطعام، ولكن التزم الصمت كى لا تنتبه لصوته فتفيق من غفوتها..
ظل ممسك بالساندوتش لتقطم هى قطمه أخرى لكتها بفمها حتى ثقلت رأسها وانحنت لأسفل تغط فى نوم عميق تاركه آخر قطمه بين يديه...
حدق بها فهد مصعوقا
هل يعقل أن تغط بالنوم وهى تأكل..
سحب من على شفتيها بقية الساندويتش دون أن يرف لها جفن، ووضعه بفمه يلعق رطابها من عليه يمضغه بتلذذ وانتشاء ، يبتسم على هيئتها الطفوليه، سلط نظراته عليها يتحدث بلسان قلبه يناجى ربه:
-- يارب زى ما شاركتني عيشي وملحي تشاركني عمرى وحياتي كلها..
وأكمل بشرود
-- يمكن يكون غريب أنى حبتها بسرعه.. بس قلبي محبش بنت قبل كده غيرها..
تابع برجاء
-- هونها عليا يارب.. وحنن قلبها تركن المشاكل على جنب وتدى قلبها فرصه يحس بعشقى ليها...
اعتدل واقفا وجلس على الأريكه يتكئ بظهره على الأريكه وأرخى رأسه على مخدعها جاذباً جايكته يضعه على جسده مربعا يديه على صدره يرمقها بعشق يتفحص محياها الغافى بانتشاء حتى رأفت به جفونه لتغمض بإرهاق من تثاقل رأسه بالأفكار..