اخر الروايات

رواية غمزة الفهد الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم ياسمين الهجرسي

رواية غمزة الفهد الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم ياسمين الهجرسي



رواية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------
سبحان الله وبحمده✨️ سبحان الله العظيم
------------------

مَن قال بأن الأشياء الثمينة يجب أن تكون ماديّة و ملموسة؟!
إن أعظم و أثمن الأشياء التي قد يظفر بها الإنسان لا يلمس كيانها بيديه.. بل يستشعرها في أعماقه
كالطمأنينة ، السعادة ، الرِضا ، السلام ، السَّكينة ، البهجة ، الثقة ، الراحة.. هي أشياء لا تُشترَى......

فى صباح يوم جديد تهل بشاير خيوط الصباح الذى يحمل فى جدائله أمل جديد ينعش القلوب التى أرهقها الحزن، ويوارى خلفه عتمة ليل موحشه، لعل قدرهم يبتسم وتتبدل الأحوال..

استيقظت "هنيه" بتثاقل ترفرف بأهدابها تحث جفونها على الإفراج عن مقلتيها عندما سمعت صوت "ريان" يهتف بمزاح متغزلا بهم:
-- يا جمال الرومانسيه إيه الجمال ده تعرفي يا هنون نفسي اتجوز ست زيك الاقيها فين...؟؟

حمدت "هنيه" ربها على استيقاظه بصحه جيده هاتفه تجاريه فى حديثه:
-- اتقي ربنا فيها وعاملها باحترام واعشقها بكل دقه في قلبك.. هتلاقي زى واكتر بس اياك في يوم من الأيام تكسرها حتي لو قدام نفسها مش قدام حد غريب عنكم.. وهتلاقيها تعشقك وتصونك وتشيلك علي دماغها..

تابعت بغبطه تبوح بما تكنه بمشاعر لأبيه:
-- أبوك ده أنا أديله عمرى من غير ما افكر.. عمره ما كسرني ولا جرحني ولا نيمني زعلانه.. حتي لو انا اللي غلطانه عتابه ليا محترم.. عقابه ليا فيه رحمه.. غضبه مني كله حمايه.. بيحمني حتي من نفسه...

مع آخر كلماتها افرج "سعد" عن مقلتيه منتشى من حديثها الذى اثلج صدره ليفيض عشقها يتوغل بروحه مرار وتكرار حتى تغادر روحه لخالقها جذبها لحضنه يلثم رأسها قائلا بحب:
-- أنتي اللي أجمل هديه من ربنا ليا.. عمرك ما زعلتيني صينانى وصينه بيتى وولادى ربنا ما يحرمنى منك

ثم حول نظره ل ريان قائلا بحنق:
-- وانت بتعكسها يالا.. شكلي هضربك بالنار أنت والبقف التاني.. كل واحد فيكم الاقيه حضنها امتي اجوزكم واخلص منكم..

تطلع ل هنيه يتابع بأمر:
-- اعملي حسابك العيال دى مش هتتجوز في الدوار معنا انا مش هطيقهم يكلموكي كده تاني .

دفع فهد الباب دالفا للداخل مع آخر حديثه هاتفا بمشاكسه:
-- يبقي انت مستغني عنها عشان احنا مش هنسبها هنخدها تعيش معانا مش كده يا ريان.

أكد ريان على كلامه:
--- ده موضوع مفروغ منه مش كده يا امي.

هنيه بحبور عقبت عليهم:
-- طبعا ما انا مقدرش أبعد عن ولادى أصلا معاكم مين ما تكونوا.

تبادل "ريان" الغمزات واللمزات مع "فهد" واستقاموا يحضنوها على بغته من أبيهم الذى تجمرت عينه من فعلتهم ليصيحوا مهللين في صوت واحد :
--ربنا يخليكي لينا يا امي .

أثاروا حمية "سعد" الذى يستشيط غيره من أولاده ليصيح بغضب :
-- انتم يا ولا گ...... ابعدوا عنها

واستدار لها يهدر بها بغيظ :
-- وانتي ليكي حساب معايا
قالها وتركها مغادرا والغيره تنهش روحه بلا رحمه...

رمقتهم "هنيه" بحزن هاتفه:
-- ينفع كده اهووو زعل مني وزعله وحش...

أجابها "فهد" بدعابه:
-- هو يا جميل يقدر يزعلك هتلاقيه هو اللي هيصلحك .

تلاعب "ريان" بحاجبيه قائلا بمشاكسه:
-- ياهنون البسي حاجه حلوه بيحبها وانتي هتلاقيه يقدم فروض الولاء والطاعه..

صفعته "هنيه" على مؤخرة رأسه هاتفه بتقزز:
-- اخرس يا منحرف..

ليتمادى "ريان" أكثر:
-- والله احنا غلابه قدام دلعكم

لكزته بصدره خحله من حديثه، وغيرة مجرى الكلام هاتفه :
-- اسمعوني أنتم الاتنين "ريان" عشان خاطري بلاش تاكل او تشرب حاجه من ايد أي حد غيري أنا وأخواتك ومن غير ما تسأل بعدين اقولك..

ثم حولت نظرها ل "فهد" وانت كمان اتفضل انزل روح مصنعك وشوف أشغالك المتعطله...

زفر "فهد" متأفافاً من سهوه عن المواعيد المتراكمة عليه، تطلع لساعة معصمه قائلا:
-- فعلا ياأمى يدوب انزل الساعه بقت تسعه وفى ناس منتظرانى بالمصنع....

تابعت "هنيه" حديثها وهى تزفر بحنق :
-- تمام وانا هروح أشوف هصالح ابوكم ازاى بعد المقلب اللى عملتوه فيه.. ونص ساعه واجيبلك الفطار يا"ريان" ودالوقت هبعتلك الدكتور "حسن" يجى يقعد معاك..

تعالت ضحكات "ريان" قائلا بمزاح:
-- هتصالحيه في نص ساعه بس يا هنون ده انتم محتاجين سنه بس عموما هصدقك .
قالها وانخرط فى ضحك مرح يشاكسها بطفوله..

هزت "هنيه" رأسها بيأس من مشاكسته وتركتهم وانصرفت

اقترب منه "فهد" يربت على وجنتيه بحب يستودعه السلامه وغادر منصرف ليباشر أعماله...
-----------------

منذ أن دلفت الغرفه وهو يتجاهل وجودها، تمنحه عذب الكلمات يصم أذنه، تستعطف خافقه الغيور يثور قلبه كالثور، حميته تستعر داخله من غيرته المفرطه، مخيلته تعيد عليه دلال أولاده عليها ومجارتها لأحاديثهم التى دوما كانت المنغص لحياتهم..

أخذت الغرفه ذهابا وأيابا تدور وراءه فى حلقات واهيه من صنعه كى يثير حنقها وهى تساعده فى ارتداء ثيابه، رغم قسوة غيرته ولكن هى يطيب لها دلاله، فالعاشق دوما غيور فيجب على المحب ان يكون على الحبيب صبور، ظلت هكذا لا تخلو خطواتها من الاعتذار وطلب الصفح والغفران، تاره تلقى كلماتها بنعومه، وتاره بخشونه، يطالعها بقسوه فتلين ملامحها بغرامه، تتهدج أنفاسها مقتربه منه بدلال، يزفر بحرقه مبتعد عن غنجها المثار، زمجرت من عناده جذبت من يده جلبابه حتى يتطلع لها هاتفه باعتذار ناعم :
-- آسفه يا"سعد" حقك عليا مش هعملها تاني..

لم يبالى لاعتذارها الذى لم تمل منه، ليجعله ينتشى حتى الثماله، مراضتها له ارضت غروره الذكورى، تمادى فى تجاهله ومد يده جاذبا جلبابه منها بعصبيه، يحاول إخفاء نظراته المحبه لها، ارتداها وهو يوليها ظهره كى لا ترى عينيه التى تحتضنها بعشق، أمسك جواربه الموضوعه على المنضده وخطى نحو الأريكه يجلس بامتعاض واهى يتحاشى النظر لها، كاد ان يرتديه جذبته من بين كفيه وجثت أمامه على ركبتيها تطلع له بعيونها التى تشبه القطه الناعسه، وعلى غره لمعت برأسها فكره أرادت أن تفك عبوسه معها، بسطت أناملها تداعب باطن قدمه فى حركه تثيره وتدغدغ جسده ليصدح بالضحك وهو ينظر لها بعدم استيعاب من حركتها الطفوليه، رفع احدى حاجبيه هاتفا بمكر :
-- أنتى قد الحركه دى

اطلقت ضحكه رنانه وهى تبادله نظراته اللعوبه هاتفه :
-- أيوووووه النبى تبسم ياسعد.. اضحك خالى حياتى تنور بضحكتك
بحبك يا سعدى معقول تزعل من هَناك ..
قالتها وزاد غنج ضحكها الطروب الذى يثلج صدره سعاده..

وكان لها ما طلبت وتمنت نالت الصفح بضحكاته المشرقه، جذبها من يدها لتقف بسط زراعيه يحاوط خصرها يجلسها على ساقيه قائلا بتيه من جمالها الناعم الذى يأثر روحه:
-- أنتى بتعملي فيا أيه يا بت أنتي ناويه تجننينى.. أنا مقدرش ازعل منك بس بغير عليكي وده عشان انتي هنا
قالها وهو يشير علي قلبه .

هنيه هتفت تستجدى عطفه ومسامحته:
-- حبيبي يا سعد سامحني انت عارف "ريان" محتاجني و"فهد" ده ابني واول فرحتي.. وبعدين أنت ساكن القلب والعين ولوبعد مليون سنه هفضل احبك أنت وبس.

امتصت لهيب غيرته بأبسط الكلمات واحساسها مع كل كلمه تتلفظ بها ينبض من بين جنباتها عشق خالص له يستشعره بدون مجهود، عاشقه هى لا تبخل على معشوقها أن تبثه أعذب الحان الغرام..

تنهد سعد براحه من تلك العاشقه المحبه له مهما كانت خصاله صعبة فهى دوما على أتم إستعداد لتطيب جروح قلبه ومداوة غيرته بحبها العذب..

ضمها سعد لصدره بتملك يملس على شعرها بحب قائلا:
-- ربنا يخليكي لينا.. بس سامحيني واستحمليني الأيام الجاية عشان غيرتي عليكي هتبقى نار ومرار، وأنتي مش هتسمعي الكلام وأنا مش بقدر استحمل...

أومأت "هنيه" بطاعه:
-- حاضر يا قلبي ربنا يخليك لينا.. وبعدين أنا عمرى ما أزعل منك أبدا مهما تعمل..
نطقتها ومالت عليه تدفن وجهها فى جيده تلثمه بحب..

زفر "سعد" بحراره قائلا :
-- أهدى يا بت أصل أحبسك هنا واكلك وعمك يقتلني لانه طالب منى حاجات قد كده اعملها .

استقامت "هنيه" بفزع واهى من مغزى كلامه وهى تزم شفتيها كالاطفال تشير على نفسها ببلاهه هاتفه:
-- مين دى اللي تتحبس ده انا عندى حاجات قد كده.. لسه هفطر "ريان" وأشوف البنات بعد ليلة امبارح وهنزل ل ماما الحجه عشان الإطعام اللى كانت عملاه .. يعنى بكل الطرق مينفعش حبسه خالص.. أنا هجرى دالوقت ياسعدى واشوفك بالليل فى عشنا الهادى .
قالتها بغنج وهى ترسل له قبله فى الهواء وضحكتها تتصاعد بسعاده تهرول خارج الغرفه..

نظر "سعد" لطيفها بسعاده يحمد الله على نعمة وجودها بحياته، استكمل ارتداء ثيابه وتعطر ثم أخذ هاتفه ومفاتيحه وهبط للأسفل يباشر أعماله....

--------------

بالأسفل حمل الصباح لهم عبق نسيم مختلف ليلوح فى الأفق سحابه تعكر صفو النهار..

هبطت "هنيه" تلتفت يمين ويسار تبحث بعينيها عن الحجه راضيه، ولجت للمطبخ تسأل الخادمه عنها أجابتها باحترام انها بغرفتها مع الحج الرواى، ذهبت لهم تطرق باب الغرفه، سمحت لها الحجه "راضيه" بالدخول جحظت بذهول من هيئة الحج وهو متسطح على الفراش يتصبب عرقا وهى تجلس جواره تجفف عرق وجهه لتسمعها تقول :
-- احنا لازم نبعت نجيب الدكتور "أحمد" شكلك ضغطك على من اللى حصل امبارح

ليجيبها بارهاق وتعب ظاهر بصوته :
-- أنتى ديما جلجانه كده ياحجه انا كويس شويه وهروج متجلجيش الولاد عليا..

خطت نحوه هنيه بقلق تعقب عليه :
-- مينفعش ياعمى تقول كده.. لو مش احنا اللى نقلق ونهتم بيك مين يهتم.. احنا مالناش بركه بعد ربنا غير فى حضرتك.. بعد أذنك هقول ل سعد يتصل بالدكتور انت بتصب عرق وكده غلط على صحتك..

أراد الحج الراوى أن يقاطع حديثها، أولته ظهرها وهرولت للخارج تنادى على زوجها...

جرت تهرول على درجات السلم اصطدمت ب سعد وهو يهبط، حاوطها بزراعيه قبل أن تسقط، ليأسلها بقلق مستفهاماً :
-- مالك وشك مخطوف وطالعه تجرى ليه.. أيه حصل لكل ده

بأنفاس متقطعه أجابته :
-- عمى الحج ضغطه عالى وشكله تعبان قوى اتصل بالدكتور احمد يجى يكشف عليه.. ربنا يسلم شكل حوار "ريان" أثر عليه..

ضمها يمسد على ظهرها يهدء من روعها وأخذها وهبط للأسفل، ولج لغرفة والديه والخوف ينهش قلبه على أبيه، القى التحيه وانحنى يقبل جبهة أبيه هاتفا بتساؤل :
-- مالك ياحج حاسس بأيه

رد عليه بصوت خافت:
-- مفيش ياولدى هى أمك وهنيه اللى بيحبوا يهولوا المواضيع أنا زى الفل..

أومأ له بحزن قائلا:
-- ماشى ياحج انت زى الفل بس احنا نحب نطمن عليك بزياده.. اسمح لى هتصل بالدكتور "أحمد" يجى يشوفك انت بتدلع علينا ليه

قالها وهو يقبض على عبراته التى سكنت مقلتيه يمنعها من الهطول وأولاه ظهره خارجا يدير اتصال على الدكتور، لمحت هنيه الحزن الساكن بعينيه، ذهبت وراءه تواسيه وتشاركه ثقل الأيام الموضوعه على عاتقه...
----------------

ظل روتين حياة العائلتين فى جذب وشد، شق معالجة ريان وحرص هنيه على وضعه الصحى مخافتا من أى انتكاسه وتكون مصدرها مكيده فدوما تحيطه برعايتها.. ونجد تقرب سعد من ريان واحتوائه ومحاولة تعويضه ما يفتقده من أمان وعطف.. وشق الفتيات مع خطابهم فى حدود المسموح به من زيارات رسميه.. والنصيب الأكبر ل فهد الأخ السند والعمود الفقرى لعائلة الراوى، حيث استمر فى متابعة أعمال المصنع وفى نفس الوقت عيونه تتابع وتراقب عدوهم اللدود حتى يأتى الوقت المناسب الذى يضرب بيد من حديد، ولم ينسى فى ظل كل هذه الدوامه أخواته ريان وزينه وفجر رأس ماله فى هذه الحياه المكسب الوحيد الذى فاز به من معارك الحياه ويستميت من أجل المحافظه عليه.. ولا ننسى الجد والجده على رأس عائلة الراوى بركة العائله والنفحه المعطره من عبق الزمن الحميل...

بينما على النحو الآخر بيت عزت حيث أنه الأكثر استقرارا وهدوءا، عزت وأنعام مثال للزوج والزوجه القدوه رمانة ميزان هذا المنزل أنشأوه على المحبه والموده وعدم التفرقه، وزرعوا فيهم الحب والألفه.. نجد الشابان فى ممارسة حياتهم الطبيعيه بدون خلل، ولا تخلو أيامهم من زيارات العرائس زينه وفجر مع مشاكسة عبدالله وجنان زينه، وهدوء أحمد الذى يهدد بنفاذ صبر فجر من تجاهله الدائم لها ولا تعلم له سبب.. فى حين اجتهاد غمزه فى عملها لإثبات مهنيتها لتكون جديره بثقة فهد فى العمل معه، ظلت تبحث وتتحرى عن كل كبيره وصغيره تحت عيون مترصده كل تحركاتها والتى جعل الشك بقلبها يزيد من تورطه فى شئ ما وعليها اكتشافه.. ونرى بسنت مندمجه فى حياتها العمليه لا جديد فيها الا من القلق المسيطر عليها من هدوء ريان على غير طبيعته..

---------------

*بعد مرور شهر*

فى صباح أحد الأيام بمصانع الراوى وأحداث مختلفه، ستهز الأرجاء وتكشف الألغاز والمؤامرات التى تدبر لهم فى الخفاء..

دلفت غمزه الى المصنع وهي تحمل بوكس فيه بعض المخبوزات من صنع يدى والدتها "أنعام" وصعدت الي مكتب "مريهان" سكرتيرة "فهد' وعلي وجهها ابتسامه هادئه،اقتربت منها تلقي عليها التحية قائله
-- صباح الخير يا ماهي.

استقامت ماهي لكي ترحب بها اقتربت منها والتقوا الاثنين معاً يحتضنون بعضهم بحبور هاتفه ماهي:
-- نورتي يا"غمزه" المصنع كله .

ضحكت "غمزه" وهي تضع الأكياس علي سطح المكتب هاتفه :
-- ده نورك يا ماهي ياقمر انتي تعالي بقي شوفي أنا جيبالك أيه معايا...

أقتربت ماهي وعلي وجهه أبتسامة هادئه تقول
-- الله الله علي روائح المخبوزات الجميلة...
وبسطت يدها وأخذت قطعه تلتهمها بنهم تغمض عينيها وهي تتشدق بها باستمتاع هاتفه:
-- هو في طعامه بالشكل ده .

أشارت لها غمزه أن تجلس هاتفه بزهو:
-- طبعا يا بنتي متلاقيش الطعامه دى غير في قراقيش الست أنعام ده صنع ايديها معمول بالسمن البلدي يا بنتي مش أي كلام وجبنه قريش كمان صنع محلي مضمون وتُرمس شاي باللبن يعني فطار معتبر .

جلسوا يتثامرون وهم يتناولون الطعام أمسكت ماهي قطعه جبنه تتناولها بنهم هاتفه:
-- عارفه يا غمزه لو إنتاج المصنع من الجبنه يكون بالشكل ده أوعدك اننا هنكون برند عالمي .

أبتسمت لها غمزه وهي تأكل هاتفه بإصرار :
-- صدقيني هو ده اللي أنا هعمله لازم خط الإنتاج يكون منتج طبيعي وعلشان كده جايبه خطه إنتاج هعرضها على بشمهندس "فهد" هي هتبقي تكلفتها عالية جداً بس هتخلي أسم المصنع ده في حته تانية خالص.

اومأت لها ماهي وهي تهز راسها بتأييد:
-- لو قدرتي فعلا تنفذى اللي قولتي عليه ده تبقي بجد ممتازه وانا عندي ثقه فيكي لأنك شكلك دكتوره ممتازه وكمان شغلك مع بشمهندس "عبدالله" هيساعدك كتير.

اكدت غمزه علي حديثها
-- اكيد مش علشان عبدالله اخويا بالعكس علشان هو مهندس شاطر

ابتسمت لها تتفق معها فى الرأى:
-- دى حقيقية فعلاً بشمهندس عبدالله من اكفا المهندسين الزراعيين المعروفين على المحافظه كلها.
----------------------

ولج "فهد" القى عليهم التحيه، استقام الأثنتين، ابتلعت غمزه ما في فمها وردت عليه التحية، أكمل سيره لمكتبة وهو يتحدث ل ميريهان بأمر:
-- هاتلي كل الأوراق المطلوبة علشان إجتماع النهاردة.

أجابته بعمليه هاتفه:
-- حاضر يا فندم .

بسطت "غمزه" يدها تسحب منديل تنظف فمها من بقايا الطعام عليه وأمسكت ملفاتها ونظرت لها
-- يالا بينا إحنا الأتنين وهاتي ملفات الإجتماع.

ابتسمت لها ماهي ودلف الاثنتين الى مكتب "فهد" وضعت ماهي الملفات على المكتب أمامه هاتفه باحترام:
-- اتفضل يا فندم كل المعلومات اللي حضرتك طلبتها واللي انت هتحتاجها في اجتماعك مع الدكتوره غمزه .

أومأ لها وهو يقلب صفحات الملف ينظرل لها قائلا :
--شكرا يا"ماهي" اتفضلي أنتى على مكتبك وابعتي لي فنجان قهوه وشوفي الدكتوره هتشرب ايه

ابتسمت له ماهى :
-- أنا عارفه طلب الدكتوره بعد اذنكم تركتهم وغادره المكتب تستعجل ما طلبه...

اشار ل"غمزه" ان تجلس وتحدث بعمليه قائلا :
-- اتفضلي يا دكتوره واقفه ليه.

جلست وهي تبسط يدها بالملف الذي به خطه العمل التي ستنفذ على ارض الواقع هاتفه بعمليه :
-- اتفضل يا باشمهندس دي الاوراق والخطه المطلوب تنفيذها وتطبيقها على المواشي علشان خطه الانتاج تكون اسرع وتحقق ربح أكبر..

ظل الاجتماع دائر بينهما لمده ساعتين انتهى بقبول فهد لخطتها وموافقتها الراى فيما قدمته، جمعت غمزة ملفاتها وهمت لتغادر..

أوقفها صوته المعاكس نبرته لما كان عليه منذ قليل قائلا بغبطه:
-- مبروك لاخواتك وعقبالك انت كمان..

ادارت جسدها له هاتفه بسرور :
-- الله يبارك فيك يا باشمهندس مبروك ليهم ولينا.. وانا مبسوطه جدا اني بقى لي اخوات زي "زينه وفجر" ربنا يتمم ليهم بخير يا رب

قالت كلماتها وتابعتها تستأذن
-- بعد أذنك علشان عندي شغل كثير جدا
تركته وغادرت المكتب تحت نظراته التي تحتضن كل أنشن بها. اقترب من النافذه يطل منها على الممر الرئيسي لمدخل المصنع حتى يملي عينه منها يحدث نفسه قائلا:
-- أمتى بس هتبقي حلالي وأقدر أخدك في حضنى وما فراقيش ولا ثانيه واحده بس ربنا ييسر الامور كلها تتحل واقدر اعمل ده فعلا.
--------------

هبطت غمزة لمعمل التحاليل الخاص بالمصنع وجدت بطريقها أخيها "عبدالله"، دار بينهم حوار عملى عن ايجاد حل لمشكلة العجول النافقه التى ما أن يتم تسمينها كى تدر عليهم بخيرها من لبن ولحم، حتى يضيع مجهودهم وتنفق بدون سبب واضح..
عقبت غمزة على حديثه هاتفه بعمليه :
-- متقلقش يا"عبدالله" ده حطاه من ضمن الخطه اللى عرضتها دالوقت على البشمهندس فهد..

تابعت بغموض:
-- بس فى حاجه غلط فى التحاليل انا شاكه فيها.. مش معقول الدكتور اللى اسمه "خالد" مقدرش يتوصل لحاجه.. فى سر وأنا لازم اكتشفه

استرسلت بمقت:
-- الراجل ده أنا من ساعة ما شفته مرتحتلوش.. متملق ومنافق ونظراته خبيثه..

استطردت باصرار:
-- بس على مين هو ميعرفش وقع فى ايد مين.. شغلى انا لازم أطلعه مظبوط عالشعره يبقى يورينى هيقف قصادى أزاى..

شدد "عبدالله" من مأزراتها وشحذ عزيمتها قائلا:
-- ربنا معاكى بس خلى بالك من نفسك أنا واثق انك قدها.. بس كوني حذره لو شكك طلع صح أحنا مش عارفين هو بيعمل كده ليه أو مين وراه وزه على العمله السودة دى.. هو قصده خراب ل "فهد" ومتنسيش حريق المزرعه اول يوم ما جه من السفر..

قال الأخيره وهو يربت على كتفها يذكرها بما حدث لتأخذ حيطتها فيما هى مقدمه عليه.

عقبت عليه غمزة بتفهم هاتفه:
-- سيبها على الله..
كلا لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..
انا همشي دالوقت عشان عندى شغل كتير..

ودعته وغادرت وهو ظل يتطلع لآثارها وبدء ينمو داخله هاجس خائف من القادم، دعى ربه ان يحفظها من كل سوء وضر وانصرف هو الاخر يباشر عمله...
---------------------

قبضت على الباب لتلج للداخل ليتطرق لأذنها صوت الدكتور "خالد" وهو يقول لأحد ما بصوت خائف:
-- جاب دكتوره جديده وباين عليها شاطره وبتفهم فى شغلها الحل ايه لو كشفت شغلنا..

تسرعت وفرجت عن باب المعمل تفتحه على مصرعيه، ليفزع الدكتور وتبهت معالم وجهه وينسدل الهاتف من على أذنه يغلقه سريعا حتى لا يكشف أمره قائلا بتلعثم:
-- خير يادكتوره فى حاجه مالك داخله هجم كده ليه

نظرت له "غمزة" باشمئزاز هاتفه بامتعاض :
-- نعم هجم اللى هو ازاى.. ده معمل فى مصنع بشتغل فيه يعنى شغلى.. مش أوضه فى بيتكم هستأذن قبل ما ادخل.. فى أيه يادكتور مش تحاسب على كلامك...

أجابها سريعا معتذرا
-- انا آسف يادكتوره مش قصدى اللى وصل لحضرتك بعتذر لو التعبير خانى..

أومأت له بدون ان تتفوه موليه ظهرها تباشر بأخذ الأشياء التى ستساعدها فى أخذ عينات من العجول..

يقف يتطلع لما تفعله بحيره والخوف بصدره يتصاعد من ظنه فيما هى مقدمه عليه

سألها باستفهام :
-- خير يادكتوره بتجمعى أدوات سحب عينات التحاليل فى حاجه عايزنى أساعدك فيها..

لمعت برأسها فكره ولما لا اختبار بسيط لا يضر كى ترى صدق حدثها فيما تظنه به هتفت تطلب مساعدته :
-- اه طبعا هحتاج مساعدتك معايا تحت فى عنبر العجول والمواشى هسحب عينات جديده عشان أشوف ايه السبب فى نفوق المواشي

أجابها باندفاع :
-- لأ متتعبيش نفسك أنا لسه ساحب عينات من يومين ومفيش جديد ومفيش أسباب واضحه للى بيحصل..

قالها وتجهم وجهه ليتصبب عرقا فى محاوله منه لردعها عن تنفيذ ما تنتوى عمله...

زوت بين عينيها وهى تمط شفتيها بامتعاض ساخر هاتفه ببرود :
-- معلش دى وجهة نظرك احتفظ بيها لنفسك. بس اللى اتعمل من يومين ميخصنيش لانه مش شغل أيديا.. وأنا بحب شغلى يكون نتاج أيدى مش أيد غيرى.. معلش يا دكتره موسوسه بقى تقول أيه..

قالت الأخيره بتهكم لتزيد من اصفرار وجهه واحتقان حنجرته وهو يزدرد ريقه بصعوبه..

وصلت لغرضها من زعزعة ثباته لكشف جزء من هوية ما يخفيه وأنه الزراع الخفيه التى يستعملوها للقضاء على مصانع "فهد" الراوى، حملت الحقيبة الموضوع بها الأدوات وغادرت المعمل تحت سخط الدكتور "خالد" وسبه ولعنه لها، هرول ورائها ليشاهد ما سوف تفعله بالأسفل لينقل آخر المستجدات لمن موكل بخدمته فى الشر....
-------------------

مضى الكثير من الوقت فى أخذ العينات من عنابر العجول، صعدت للمعمل تضع العينات فى أجهزة الفحص والتحليل، لتنتظر قليلا حتى يتحين خروج النتيجه بأعصاب على حافة الهاويه، جلست تحملق فى الاجهزة تزفر بملل وإرهاق وأخيرا وبعد مرور وقت مضنى قضته فى التفكير صفقت بانتصار عندما صدق حدثها واظهرت النتائج الكشف عن كارثه هى التى تؤدى بنفوق العجول..

أما الدكتور "خالد" بعدما هاتف اليد العُليه المسؤله عن تلك الكارثه، أخذ أوامر بالتخلص منها سريعا حتى لا يفضح أمرهم، دلف اليها وعلامات الغضب والحقد مرسومه على هيئته الاجراميه، فمن يبيع ضميره للشيطان على أتم إستعداد لارتكاب أبشع الجرائم بدون أن يرف له جفن..

دخل بعيون مستوحشه يتفحصها بجرأه يقف ورائها وهى تخرج النتائج لتفزع من قربه بهذا الشكل، دفعته بعيدا هاتفه بغضب :
-- فى أيه يادكتور المفروض تحترم المسافه اللى بينا حتى لو عايز تشوف نتايج الجهاز تستأذن وانا أوسع لك المكان مش تقرب بالشكل المقزز ده

عقب عليها بسخريه
-- محصلش حاجه لده كله يادكتوره هدى نفسك..

طالعته بغضب هاتفه
-- فى ايه يادكتور "خالد" مش تظبط كلامك ولا أيه..

ابتعدت عنه بمسافة آمنه وجمعت نتائج الفحوصات والتحاليل فى ملف وخطت نحو الباب كى تغادر صاعده لمكتب "فهد الرواى" تخبره بما اكتشفته من نتائج كارثيه، اندفع ورائها مهرولا يغلق الباب يحتجزها بينه وبين الباب..

صعقت من فعلته وتجمرت عينيها بغضب تدفعه بصدره تزيحه من أمامها هاتفه باستهجان :
-- فى أيه يادكتور انت هتخيب ولا أيه.. أيه حركات العيال دى

سريعا وعنوة عنها انتشل منها الملف الذى به الأوراق التى دونت بها نتائج التحاليل، ليفك حصارها وهو يقول :
-- فعلا اللى انتى بتعمليه ده هو اللى شغل عيال.. بقى عايزة تضيع شغل بقاله شهور عشان تثبتى لنفسك انك شاطره وبتفهمى.. شكلك عبيطه ومش فهمه أنتى دخلتى نفسك فى أيه.. اللعبه كبيره عليكى ياحلوه وأنتى مش قدها..

قبضت على كفيها بمقت والغضب يتستعير بداخلها كمراجل النار تصيح بانفعال:
-- يعنى شكى طلع فى محله وأنت اللى بتدى العجول علاج غلط عشان الماده الفعاله فى جسمهم تقل فبالتالى عملية التسمين تفشل وتبدء تظهر اعراض جانبيه تأدى لنفوق العجول.. اه ياقاتل ياخاين للأمانه.. بتعض الايد اللى اتمدتلك بالخير وبتاكل من خيرها.. أنا لازم أبلغ بشمهندس "فهد" بكل عميلك السوده دى..

نطقت حديثها بغضب صارخ والتفت تغادر، لم يمهلها الفرصه جذبها من ساعدها يقبض علي زراعها بعنف تمزق كم قميصها من شدة جذبه لها، صرخت بوجهه تزجره بحده هاتفه بصراخ صاخب :
-- أنت اتجننت أنا هوديك فى ستين داهيه ياحيوان..

جحظت عيناه بشر وهو يصرخ عليها بغل:
-- هو انتى فكره دخول الحمام زى خروجه.. لا ياحلوه مدام مش معنا مينفعش تبقى علينا والاوامر صدرت بموتك.. "فهد" مين اللى تقوليله هو أنتى فكره أن رجلك هتخطى خطوه برا المعمل ده تانى اتشهدى على روحك ياحلوه..
--------------------

أشعل "خالد" قداحته وقذفها باتحاه جهاز فحص العينات الموضوع جواره مواد كيميائية كثيره تستخدم فى استخلاص النتائج، ادت لسرعة الاشتعال، تحت صراخها دفعها يلقيها أرضا لتصطدم رأسها بشده فى الحائط وتلوى ساقيها تحت جسدها لتسمع صوت طقطقة عظامها، من شدة دفعه لها خارت قواها لا تساعدها على النهوض فى ثوانى شَبة ألسنة لهيب النار من حولها...

أما ذلك الخائن عندما تأكد من اندلاع الحريق كما أراد فر هاربا وأوصد عليها الباب خلفه حتى يصعب عليها الفرار، وتركها تلاقى مصيرها المجهول وسط حريق غاشم يلتهم ما يراه دون تمييز...

أخذ المعمل يصدر أصوات انفجارات فى الأجهزة مما أدى إلى تطاير الشظايا بالارجاء، أصابتها حاله من الهلع والخوف تضع يدها على أذنيها تصمهم من الفرقعه التى تحدثها كابلات الكهرباء الموصله بالأجهزه، لم يمضى الكثير وتعبئ المعمل بألسنة الدخان مما أصابها بحاله من الاختناق..

ظلت تسعل بشده عقلها توقف عن العمل لا حيله لديها كى تنجو من تلك الكارثه، هنيهة زفرت بتعب وعبراتها تهطل بغزاره حتى وجدت حل مؤقت كى تستجمع انفاسها المهدور..

دوار رأسها وكدمة قدمها لم تسعفها كى تستقيم تنقذ حالها، أخذت تسحف على جانبها الايمن متحامله على زراعها المكشوف حتى احتمت من وطأة ألسنة النار تحت المنضده الموضوعه أسفل صنبور المياه، والتى لحسن حظها كان يتسرب منه بعض القطرات التى ساعدتها فى ترطيب وجهها وأن تستنشق أنفاسها الى حد ما..

هدءت قليلا وزفرت تنظم أنفاسها، وتذكرت الأسكرف الموضوع على رقبتها فكت عقدته وجذبته تضعه على أنفها وفمها وعقدته من جديد، طحنت أنيابها بشده تنفث عن آلامها الذى يجتاحها بلا هواده ثم تحاملت على نفسها وظلت تسحف بجانب الحائط بجسدها المفترش الأرض تترنح يمين يسار تستند على زراعها الذى يلامس الارض، صرخت بألم من احتكاكه بشظايا النار المتناثره بالأرض نتيجة تمزق كم قميصها، مما أدى إلى تجلط زراعها بحرق غائر، انسابت عبراتها بحزن على ما أصابها على يد ذلك الخائن، لم تستسلم ظلت متماسكه، حاولت انتشال نفسها من الأرض، بعد عدت محاولات نجحت تقفت بصعوبه تجر أقدامها بثقل رهيب الى أن وصلت لباب المعمل، بسطت يدها تقبض عليه كى تفتحه، ولكن لسوء حظها ذلك الخائن أوصده باحكام حتى لا يتسنى لها الخروج تراخت عزيمتها نوعا ما أخذت تطرق الباب تستغيث بأى أحد من الخارج لانقاذها، حتى ثقلت رأسها وبدأت تفقد الوعى شيئا فشيئا...

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close