اخر الروايات

رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم سارة محمد

رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم سارة محمد 



حافية على جسر عشقي الحادي والعشرون:

شددت على كفه الدافئ تستشعر دفئه الذي حُرمت منه لأيام وشهورٍ عديدة، مغمضة عيناها بألمٍ حاولت ألا تُظهره على محياها، فتحت عيناها ببطئ تطالع نظراته العطوفة لها، ليقسو وجهها تنفض ذراعه بعيداً وكأنه سيلوثها، تُلقي عليه نظرات قاسية تنبع من عيناها البريئتان لأول مرة، لتضغط على أسنانها بعنف تنظر له بنظرات لو كانت تقتل لسقط صريعاً، نظرات عتاب قاسي على قلبه، أشتدت صدمته عندما صرخت به بصوتٍ رنان:
- أنت أزاي تسمح لنفسك تيجي هنا!!! جايب البجاحة دي كلها منين!!!!

حاول التحكم بأعصابه مُراعياً حالتها الهيستيرية، لتتجمد ملامحه قليلاً ثم جلس جوارها ليمُد كفيه فـ كاد أن يحاوط وجهها المُرهق، لتعود صافعه كفيه بعنفٍ مزمجرة بقسوة:
- أبعد إيدك عني!!!!

أبعد كفيه ينظر جانباً مغمضاً عيناه، قلبه مُلتاع غضباً منها وندماً على ما أوصلهم لتلك الحالة، نظرت له بترقبٍ، متوقعة منه أن يصرخ بها لمعاملتها الجافة معه رُغم أنها لم تجعله يرى قسوتها بعد، ولكنها تفاجأت بملامحٍ مشدودة، وكفين تكورتا و كأنه يمنع نفسه من الرد عليها، لتبتسم تشفياً وهي تزداد في قسوتها قائلة بنبرة مُحتدة:
- أطلع برا مش عايزة أشوف وشك هنا تاني!!!!

نهض "باسل" لينثنى عليها واضعاً كفيه بجوار رأسها المتسلقية على الفراش، لترتد "رهف" للخلف بذعرٍ تنظر لحدقتيه التي أصبحت أكثر سوداوية، وفكه الذي ينبض بإنفعالٍ زائد، أمسكت بالملاءة تضمها لصدرن بخوف بخوف حاولت موارته، لتنظر جوارها بنقطةٍ ما مغمضة عيناها لكي لا تنظر له، ليأخذ هو نفساً يحاول لملمة شتاته عندما لمح الخوف بعيناها المشابهة لحبات البندق، ليقتنص هو الفرصة وظل محدقاً بوجهها الذي بدى عليه الإرهاق، ولكنها لازالت جوهرته التي سيفعل أي شئ ليستردها!!
زفر بهدوءٍ لينثنى طابعاً قبلة على وجنتيها الظاهرة أمامه، لتفتح هي عيناها بتفاجأ جاحظة به بإستياء، يتغاضى هو عن نظراتها يزفر بهدوءٍ، قائلاً بنبرة ليّنة:
- أنا مش هرد عليكي عشان مِراعي حالتك كويس، بس لما تتكلمي مع جوزك تتكلمي بأحترام أكتر من كدا، مش هحاسبك على اللي قولتيه ده وهسيبك تهدي شوية بس بعدها هتيجي معايا القصر، عايز أعرف كل حاجة حصلت في الشهور دي!!!!

أنتفضت "رهف" و كُل خلية بجسدها متأهبة للإنقضاض عليه، لتضرب بقبضتيها المتكورة على الملاءة تهتف بعنف ضاري:
- في أحلامك أني أجي معاك في حتة و لا أعيش معاك تحت سقف واحد!!!!

نظر لها بشراسةٍ ليقبض على كتفيها بهدوء ولكن خرج صوته حاداً قاطعاً:
- أنتِ اللي في أحلامك لو فاكرة أني ممكن أسيبك بعد مـ لقيتك، أنا دوخت عشان أعرف ألاقيكي يا رهف و إياكي تفكري ثانية واحدة أني هخليكي تمشي!!!!

شعرت بغصة في حلقها، تقاوم بصعوبة البكاء أمامه و إظهار ضعفها له، قلبها يؤلمها أضعاف جسدها، شعر "باسل" بأنها تريد البوح بما يؤرقها وبما تحمله له من ضغينة، وبالفعل صاحت "رهف" به بصوتٍ أسمتع له من بالخارج:
- أنت عايز مني أيه مش كفاية اللي عملته فيا، أنت كسرتني!! دبحتني يا باسل!!! كل اللي أنا فيه دة بسببك، أبني مات بسببك، حياتي أتدمرت لمجرد أنك مش واثق فيا، أنا جوايا كلام كتير أوي مش قادرة و مش عارفة أقولهولك!!! بس أقولك حاجة، كفاية أني فقدت الأمان معاك!!!!

تباطأت نبضات قلبه و كأنه على وشك الموت، ليبتعد عنها واثباً يحاول التماسك بقدر الإمكان، كلماتها كانت كـ اللكمات في منتصف قلبه، ليُلقي لها نظرة جامدة تُضاد ما يُجيش بصدره، ثم ألتفت يُعطيها ظهره مغمضاً عيناه و يتيقن بأنه سيتعب للغاية لكي يستردها، سار بأقدام تكاد أن تترك أثراً بالأرضية من شدة غضبه، ليتلاشى من أمامها كالزئبق صافعاً الباب خلفه!!!!

فور خروجه من الغرفة تساقطت الدمعات من عيناها كزخات مطرٍ هادر!!!

• • • •
خرج من الغرفة بـ وتيرة أنفاسٍ عالية، ليجد العائلة قد تجمهرت حوله لكي يطمئنون عليها، نظر لهم نظراتٍ عابرة ثم تركهم و أتجه إلى الطبيب الذي كان يقف مع ممرضته على بُعدٍ يحدثها، أنتصب أمامه ليكور كفيه ثم وضعهما خلف ظهره قائلة بنبرة قوية:
- مراتي هتخرج أمتى؟!!

تنحنح الطبيب بتوترٍ ليُثبت نظارته الطبية على وجهه بسبابته، ثم هتف بنبرة مهتزة:
- المدام هتحتاج للراحة والهدوء، فـ هي هتفضل هنا يومين كمان عشان أبقى مطمن عليها..آآ قصدي نبقى مطمنين عليها يعني!!!!

رفع "باسل" أحد حاجبيه لتزداد حدقتيه قتامة، ونظر جانباً يبتسم بتهكمٍ ليقترب منه، ثم مدّ أنامله يرتّب تلابيب مئزره الطبي،ليفاجأه و هو يشدد عليهما بقسوة مقرباً وجه الأخير الذي انتفض جسده رُعباً، قرّب وجهه منه لُيشدد على كل حرفٍ يخرج من فمه:
- إياك تغلط معايا، عشان أنا الغلطة عندي بموتة!!!!!

أومأ الطبيب بتوجسٍ جلى بعيناه، لتنظر لهما الممرضة برُعب تراقب ما يحدث، نفضه "باسل" بعيداً ثم سار هو خارج المشفى، بخطواتٍ واثقة، مظهره ثابت، لا يوحي بالعواصف التي تُقام داخله!!!!

أستقل سيارته ثم أبتعد لنقطة بعيدة جداً، وقف أمام مظهرٍ يخطف الأنفاس، جبالٍ عالية أمامه، يستطيع رؤية السيارات التي تسير بسرعات جنونية، و المرء يسيرون بهدوءٍ تام، جلس هو على إحدى الصخور، ظل ينفث عبق الكثير من لُفافات التبغ، يُضيق بعيناه و كلماتها تتردد بأذنه، يعلم أنها تتألم، هو يعلم كل المعارك بداخلها، يعلم عنها ما لا تُدركه هي عن نفسها، كل شئ ستقوله قبل أن يُلفظ من شفتيها، كل شئ ستفعله قبل أن تقوم به، يعلم أدق تفاصيلها، كل إنشٍ بها يحفظه عن ظهر قلب، فو رما رآها كان يود لو أن يأخذها بعناقٍ لم ترى بقوته وحنانه معاً من قبل، كان يستطيع فعلها ولكنه لا يريد إرغامها على شئ، يريد إجبارها على العودة معه ولكن بالوقت ذاته لا يريد أن تكرهه أكثر، فما فعله بها أكبر خطأ أقترفه بحياته، قضى أكثر من ثلاثة ساعات ينظر للاشئ، لينهض و هو يزفر بقوة، ثم أستقل مقعده لينطلق بسيارته!!!
• • • •
ترجلت قدميه من فوق متن الطائرة، ممسكاً بـ بذلته على كتفه بكفٍ واحد والآخر نزع عن حدقتيه نظارة سوداء لتظهر عيناه السمراء ذات البريق المميز، سار في مطار القاهرة ليتجه إلى حقائبة ثم حملها، كان سائقه الخاص ينتظره بإبتسامة هادئة تعلو شفتيه، ليركض نحوه حاملاً عنه الحقائب، أتجه "مازن" إلى السيارة مستقلاً في الأريكة الخلفية، أغمض عيناه ليعود برأسه للخلف، شعر أن روحه قد عادت له وهو يعلم أن ساعات قليلة و سيذهب لها، سيراها وأخيراً بعد تلك الأشهر التي مرات عليه كـ سنوات عديدة، نظر إلى سائقه الذي نظر له منتظراً إخباره بوجهته، ليهتف "مازن" بهدوءٍ رزين:
- أطلع على شقتي اللي في الزمالك!!!!

• • • •
فتح باب شقته بهدوءٍ تام، ثم ألتفت ليفتح الأنوار، كانت شقة يطغو عليها اللون الرُصاصي و الأحمر القاتم للغاية، أثاثها حديث يصرخ بالفخامة، نظيفة كما لو أنه زارها البارحة، فهو قد أوصى البواب أن يجلب مَن يُنظفها، أسند حقائبه على الحائط ليدلف نازعاً عنه حذائه، ثم جلس على الأريكة يُطالع جميع زوايا منزله بدقة، حرر أزرار قميصه الأبيض ثم نزعه عنه، أخرج هاتفه من جيب بنطاله الُكحلي القاتم، ثم هاتف صديقه المسئول عن تولى أمور شركته في غيابه، ليهتف بجمود عندما آتاه رده:
- يوسف أنا نزلت مصر دلوقتي، عايزك تاخد بالك وتحُط عينك في وسط راسك وصفقة روسيا خليها ماشية زي مـ هي، انا 5 أيام بالكتير وهبقى عندك!!!

هتف المدعو "يوسف" بصوته الرجولي قائلاً بجدية:
- متقلقش يا مازن خُد راحتك وانا هاخد بالي من كل حاجة!!!!!!

- تمام..!!
أغلق معه "مازن" لينهض ماسحاً على خصلاته، أنحنى يبحث عن أدويته في تلك الحقيبة الصغيرة المجاورة لحقيبته الضخمة، ليمسك بعبوة بها حبوب بيضاء، ثم أبتلع واحدة منها، رمى بالعبوة المغلقة بعيداً، بات يسأم من حاله، أتجه إلى المرحاض ليصفع بابه بعنف، وقف أمام مرآة الحمام العريضة، مسح وجهه بكفيه، مستنداً بذراعيه على حوض الأغتسال، يطالع ملامحه الوسيمة وعيناه التي تبرق بـ بريق لا يفهمه إلا من عَشِق، عيناه والتي لطالما كانت قاسية لا روح فيها، أصبحت تضُج بالحياة وبفضلُها، كم هو متشوق لرؤيتها ومعانقتها وليتوقف الزمن عند تلك النُقطة لا يريد شيئاً آخر، فقط يُريد الوقوف أمامها والنظر إلى كُل إنشاً بها، هو الذي لم يكل عن معرفة أخبارها يومياً، هو الذي عشق كل شيئاً صغيراً بها، ولكنه سيصبر حتى تُحبه هي الأخرى، فـ هو فعل بها الكثير من الأشياء التي لن تغفرها بسهولة فور رؤيته!!!

• • • •

دلفت العائلة بأكملها للغرفة لتمسح "رهف" دمعاتها سريعاً مبتسمة لهم، أت جهت لها "رقية" تحتضنها بحنو أموي قائلة:
- ليكي وحشة ياضنايا!!!

عانقتها "رهف" بشوق، لتنفجر في بكاءٍ يقطع نياط القلب، حزنوا جميعاً عليها، ليدلف "ظافر" خارج الغرفة لكي يترك لهم مساحة من الحرية، أحتضنتها "ملاذ" على الجانب الآخر و "فريدة" التي أمسكت بكفيها، و أيضاً "ملك" التي تربت عليها بحزن، فركت "رهف" عيناها لتعتدل جالسة، ثم هتفت وهي تراقب تعابير وجوههم:
- أنا لسة حامل يا مام و أنا اللي قولت للدكتور يخبي عليكوا ويقولكوا أن الجنين مات!!!!!!

أعتلت الصدمة وجوههم، لتجحظ عينان "رقية" بشدة وهي تقول تشعر وكأنها لكمت بوجهها بقوة:
- ليه تعملي أكده يابنتي، ليه تكذبي على چوزك و علينا، هو لو عرف آآآ!!!!

قاطعتها "رهف" ممسكة كفيها ثم هتفت:
- أنا هقوله يا ماما والله بس بعد مـ نطلق، هو لو عرف دلوقتي مش هيطلقني عشان خاطري أنتوا كلكوا ساعدتوني في الأول، متتخلوش عني دلوقتي!!!!!

تنهدت "رقية" بقلة حيلة، لتردف "ملاذ" و هي تزم شفتيها بيأسٍ:
- يعني مصممة على الطلاق يا رهف!!!!!

نظرت لها "رهف" سريعاً ثم هتفت بصوتٍ مُهتز:
- أيوا يا ملاذ!!!!!

أسرعت "ملك" قائلة محاولة إقناعها بشتى الطرق:
- سامحيه يارهف صدقيني باسل بيحبك و كلنا بنغلط أحنا بشر بنغلط عشان نرجع لربنا و نتوب، أديله فرصة تانية يا حبيبتي!!!!

قبضت على ذهنها تُفركه بقوة، لتهتف بغضبٍ:
- أنتِ بتقولي كدا عشان هو أخوكي يا ملك، باسل مكنش مجرد جوزي، دة كان أبويا وأخويا وصاحبي و حبيبي وكل حاجة ليا يا ملك، مكنتش أتخيل حتى انه يعمل فيا كدا!!!، دة حتى مسمعنيش، مدانيش فرصه أفهمه، بس عارفة، أخوكي أداني درس عُمري مـ هنساه، عرّفني يعني أيه أن الطعنة تجيلك من أقرب حد ليك، و أني مينفعش أثق في حد زيادة عن اللزوم حتى لو كان جوزي، بس أنا مسامحاه رغم كل دة مش زعلانه منه والله، لأن كان في بينا ذكريات كتير أوي حلوة مش هقدر أنساها، لكن هو هنساه و هربي أبني اللي جاي!!!!

صمتت "ملك" و صمتوا جميعاً، فهي مُحقة بـ كل شئ قالته، نظرت لها "فريدة" بشرودٍ، فهي أكثر شخصٍ يستطيع فهمها، فقد عانت "فريدة" ما يُشابه بمعاناة رفيقتها، خرجت من الغرفة لشعورها بالإختناق، لتجلس على المقعد بمفردها، أخرجت هاتفها من حقيبتها لتضغط على شاشته، ثم وضعته على أذنها لتأتي صوت مُربية "يزيد" بالقصر، فهتفت "فريدة" بلهفة:
- أزيك يا دادة، و يزيد عامل أيه!!!!!

أتى صوت المربية على الطرف الآخر مبتسمة:
- أنا و يزيد بخير ياست هانم، هو أكل و نام أهو يا حبة عيني!!!

هتفت "فريدة" بلُطف:
- أنا بجد مش عارفة أقولك أيه يا دادة أنا أهملت فيه شوية عشان شغلي بس أنا بفكر أخد أجازة يومين كدا و أقعد معاه!!!

- لاء ياست هانم لا تعب ولا حاچة يزيد هادي و مش بيتعبني واصل، خليكي أنتِ في شغلك يا هانم و هو في عيني والله!!!!

تنهدت "فريدة" قائلة:
- إن شاء الله!!!!

أغلقت معها لتجلس مكتفة ذراعيها أمام صدرها، تنظر للفراغ بشرودٍ، لتشعر بمن أقترب ليجلس جوارها بالضبط، أنتفضت "فريدة" بهلعٍ لتنظر إلى "أياد" الذي أبتسم لها بعذوبة ثم هتف قائلاً بلُطف:
- طمنيني يارهف قريبتك دي لسة تعبانه !!!

نظرت له "فريدة" مبتسمة بتكلف وهي تقول بخفوت:
- لاء بقت كويسة الحمدلله!!!!

أومأ "أياد" لينظر لها متأملاً ملامحها الرقيقة، لتتورد وجنتيها بخجلٍ وضيق معاً عندما وجدت أنظاره مثبتة عليها، أبتعدت عنه قليلاً وقد بدأ نظراته تُرهبها، ليُفاجأها بسؤال لم تتوقعه:
- هو أزاي مازن يسافر ويسيبك!!!!!

ألتفتت له "فريدة" بصدمة قائلة بنبرة متثاقلة:
- أنت عرفت أزاي!!!!!

أبتسم بسُخرية على سذاجتها، ليردف ببرودٍ:
- عيلة الهلالي أخبارهم بتنزل على النت أول بأول يا فريدة، يعني سهل أعرف كل حاجة خصوصاً أني دكتور في المستشفى دي، و الغريبة أن مرات مازن الهلالي ممرضة هنا!!!!

نظرت له بضيق لتنتصب واقفة، ثم هتفت بحدة شديدة:
- عن إذنك!!!!

تركها تدلف للغرفة، ليحدق بأثرها و ثغره يلتوي بإبتسامة خبيثة، قائلاً بمكر:
- أهربي يافريدة، هييجي اليوم و مش هسيبك غير و أنتِ ملكي أنا.. و أبقي وريني هتهربي أزاي!!!!!

• • • •

ذهب "ظافر" إلى شركته ليتابع أعماله مع "جواد" الذي سأل بلهفةٍ على زوجته، طمأنه "ظافر" عليها ثم جلس على مقعده ذو الجلد الوثير، ليهتف بصلابة:
- عاملين أيه مع بعض؟!!

أومأ "جواد" و هو ينظر للأوراق أمامه:
- كويسين الحمدلله!!!!

نهض "ظافر" ليجلس على المقعد أمامه، ثم عقد كفيها معاً ليثنى بجزعه العلوي، ينظر له بشرراتٍ تطاير من عيناه، ثم هتف قائلاً:
- أقسم بالله يا جواد لو زعلتها هتشوف مني وش تاني خالص، مش معني أني مشغول ومبسألش كتير عليها يعني أني سايبهالك كدا تعمل فيها اللي أنت عاوزه، أنا عارف أنك عصبي بس لو عصبيتك دي طلعت عليها هتخسرها و هتخسرني!!!!

ترك "جواد" الأوراق جانباً ليوّجه له نظراتٍ باردة، ثم هتف مشدداً على حروف كلماته:
- أنا مش هرد عليك يا ظافر، بس تهديداتك دي متفرقش معايا ملك مراتي ومش هأذيها أبداً عشان هي حبيبتي، مش عشان كلامك دة، أنا مبتهددش ياصاحبي!!!!

حلت على وجهه أبتسامة منتصرة زينت ثغره، فصديقه أثبت له وبجداره أنه يستحق شقيقته الوحيدة، ليعود مستنداً بظهره على المقعد بإرتياح قائلاً بجدية:
- عايزين نخلص من تجارة السلاح في أقرب وقت!!!!

دُهش "جواد" من تغير حال صديقة مائة وثمانون درجة في دقيقتين، فهو توقع أن يغضب أو يزمجر لحديثه معه لذلك تأهب لمعركة حديثية بينهما، ولكنه تفاجأ ببروده الشديد، ليضرب كفاً بأخر ثم أخذ يفرك ذهنه بتشتت قائلاً:
- عارف، أديني يومين وكله هيخلص يا ظافر، لأن أنا كمان مش حابب ملك تعرف أن جوزها و أخوها تُجار سلاح!!!!!

أومأ "ظافر" مؤكداً صدق حديثه، لينظر للأوراق بيده يتفرسها بهدوءٍ بارد!!!

• • • •

خطى خطواتٍ رزينة في ممر المشفى الفارغ، ليتجه لغرفتها، ثم أمسك بالمقبض ليُديره ببطئ، وجدها نائمة على الفراش مُغمضة عيناها غارقة في سُبات عميق، والجميع حولها متجمهرون، دلف ببطئٍ ثم أغلق الباب خلفه بحذر، لينظر لوالدته قائلاً بلُطف:
- أمي أنتِ تعبتي النهاردة أنا هبعت السواق يوديكوا القصر ومعاكي ملك وملاذ وفريدة!!!!

ربتت "رقية" على كتفه لتقول بحنو:
- و الله يابني أنا مش رايدة أتركها لحالها بس أنا عارفة أنك هتراعيها زِين، ولو أحتچت حاچة كلمني!!!!

أومأ "باسل" بإبتسامة صفراء، لتعترض "ملاذ" قائلة:
- أنا بقول أكلم ظافر يروحنا أنا و ملك و أكيد جواد هيبقى معاه!!!!

نظر لها "باسل" قائلاً بهدوءٍ رزين:
- لاء أنا هكلم ظافر وجواد ييجوا على القصر و بكرة اعملوا اللي أنتوا عايزينه!!!!

• • • •
بعث "باسل" السائق لكي يقلهما للقصر بالصعيد، ثم أمر ذلك الطبيب بأن يضع فراش جوارها له، وبالفعل دلف لغرفتها ليجد فراش أبيض صغير ملتصق بفراشها، أغلق الباب بهدوءٍ ليمضي نحوها بتأنٍ، مال نحوها ليمسح على خصلاتها المفترشة جوارها وهو ينظر لشفتيها أبتسم و هو يحمد ربه أنها أخذت منوم من قِبل الممرضة قبل قليل لتسنح له الفرصة في مراقبتها دون ضيق أو تذمر منها، وضع ذراعاً أسفل رأسها والأخر قرب به جسدها منه، ليمسد على ظهرها و هو يدفن وجهها بعنقه، ينعم بقربها و هو يعلم أن تلك اللحظات لن تتكرر مرة أخرى، يسرق معها دقائق جعلته يعود للحياة مجدداً لينثنى مقبلاً كل إنش بوجها بقبلاتٍ رقيقة خفيفة، و يداه تعبث بخصلاتها، ثم قرّب ثغره من شفتيها لينهل منهما في قبلةً بث بها أشتياقه و عشقه لها، سعادته بأنها بقربه بعد أن تعذب ليجدها وبنفس الوقت خوفه من ان تتلاشى من بين ذراعيه، بعد أن سهر الليالي ممسكاً بصورتها، كان يود فقط لمحها لدقيقه ليعانقها، وحلمه تحقق وهي الأن جواره حتى و إن كان بدون وعياً منها، قطع قبلته لشعوره بتململها، لتتشبث بحركة لا إرادية بقميصه مُقربة شفتيها من صدغه، ليُغمض هو عيناه، وشفتيها الناعمه ملتصقة بصدغه بطريقه جعلت قلبه يخفق بعنفٍ، لينظر لها بطرف عيناه فوجدها لازالت نائمة تتمتم بعدة أشياء ليست مفهومة، أبتسم هو ليضع قبلة على خصلاتها الناعمة، حاوط وجهها بكفٍ واحد ليلصف أنفه بأنفها، مستمتعاً بكُل نفس يخرج منها ويدلف لرئتيه، متغلغلاً في خلاياه بأكملها!!!!

• • • •

خرّج "مازن" من المرحاض محاوط جزعه العلوي بمنشفة سوداء، وقطرات المياه تتساقط على جسده هادرةً، بالإضافة إلى خصلاته البُنية الساقطة على وجهه والتي تقطر أيضاً بالمياة، أرتدى بنطال باللون الرصاصي تعلوه كنزة سوداء بحمالات عريضة، ثم أتجه إلى فراشه ليغلق الأنوار، ألقى بجسده فوق الفراش الوثير مغمضاً عيناه، يتمنى أن يزورها في أحلامه، فالواقع لم يجمعها به!!!!!

• • • •
دلفت "ملاذ" لجناحهما لتُلقي بحقيبتها أرضاً بإرهاق، ثم نزعت الحذاء عن قدميها لتفركهما بألم، أتجهت إلى المرحاض لتغتسل، مضت بعض الدقائق لتخرج هي محاوطة جسدها بمنشفة ثقيلة، وقفت أمام المزينة لتجفف خصلاتها بمنشفة صغيرة دلفت لغرفة الملابس لتنزع عنها المنشفة و أرتدت بنطال خفيف واسع، مع كنزة خفيفة ذات حمالات رفيعة للغاية أظهر كامل ذراعيها باللون الوردي، كادت أن تتجه إلى الفراش ولكن وجدت "فريدة" تقتحم الغرفة لتنتفض "ملاذ" بدهشة وهي تجدها أقتربت منها لتقبض على ذراعها ثم جذبتها خلفها ليخرجا من الغرفة، لازالت"ملاذ" لا تستوعب ما يحدث لتردف بصدمة:
- في أيه يا فريدة ساحباني وراكي كدا ليه!!!

ألتفتت لها "فريدة" قائلة:
- ماما رُقية قررت أننا هنّام معاها النهاردة أنا و أنتِ و ملك وقالتلي أجيبك!!!

قطبت حاجبيها بغرابة قائلة:
- أشمعنا يعني؟!!!

رفعت كتفيها بعدم أهتمام قائلة:
- والله مش عارفة بس هي قالت كدا!!!

أومأت "ملاذ" لتذهب معها، دلفا للغرفة ليجدوا "رقية" تجلس نصف جلسة على الفراش و "ملك" بأحضانها تمسد على خصلاتها، بينما الأخرى مستكينة تماماً بأحضان والدتها التي أشتاقت لها تُخبرها عن حياتها الوردية مع زوجها، و "يزيد" جالس على الأرضية يلعب بألعابٍ كثيرة متناثرة حوله، لتعود بأنظارها إلى "ملك" ووالدتها بشرود، هي منذ زمن حُرمت من ذلك العناق، حُرمت من الحنان المغدق على "ملك"، أبتسمت بسُخرية فقبل موتهما أيضاً لم تشعر بحنانهم سوى إلى "براءة"، اضطرب قلبها قلقاً فهي منذ الرسالة التي أحتوت على كلمات كانت كالسهام المسمومة أصابتها في مقتل لم تعلم عنها شيئاً، أتجهت "فريدة" نحوهما لتلقي بجسدها على الفراش بجانبهم تحتضن "رقية" أيضاً التي تقبلتها بصدرٍ رحب، وقفت "ملاذ" على أستحياء خائفة من الأقتراب، لتحثها "رقية" قائلة بإبتسامة حنونة:
- تعالي يا ضنايا في حُضني!!!

حمحمت "ملاذ" بتوتر لتهتف وهي تفرك أصابعها قائلة:
- أصل أنا يا ماما كنت هستنى ظافر هو باسل كلمه و قالي أنه كمان شوية وهييجي فـ أنا لازم أروح الجناح دلوقتي!!!

عقدت "رقية" حاجبيها بضيق زائف قائلة:
- إكده يا ملاذ، أنتِ و ظافر شبعانين من بعض لكن أنا يبنتي بجالي زمن مش عشوفك، بس أنا مش هچبرك يا بنتي على حاچة اللي أنتِ رايداه!!!
قالت جملتها الأخيرة بحزن حقيقي لم تصتنعه، لتندفع "ملاذ" متقدمة بخطوة نحوها قائلة سريعاً تبرر ما تفوهت به:
- مش قصدي والله!!!!

نهرتها "ملك" و "فريدة" يقولن:
- تعالي بقا يا ملاذ

هتفت "فريدة" سريعاً قائلة:
- و ياستي لما ظافر ييجي روحيله على طول!!!!

أومأت "ملاذ" بخجل لتتقدم منهما، أفسحت "ملك" لها لتجلس بمحلها، لتحاوطها "رقية" بحنو مبتسمة على براءتها، فقد قصّ لها "ظافر" من قبل عن الحادثة التي أصابت والديها، أرادت "رقية" أن تعوض حنان والدتها ولو بمقدار ذرة، لتستند "ملاذ" برأسها على صدرها تستشعر دفئها، بينما "فريدة" و "ملك" لعبتا مع "يزيد" الذي أخذ يصفق بإستمتاع!!!
كادت "ملاذ"أن تذرف دمعة هاربة لم تلاحظها "رقية" ولكنها مسحتها سريعاً، لتتسأل "رقية" تنظر إلى "ملك":
-ملك حبيبتي جوزك عامل أيه؟!!

أبتسمت لها "ملك" قائلة:
- زي الفل ياماما متقلقيش!!!!

تابعت "رقية" قائلة بجدية:
- وناويين تعملوا فرحكوا مِتى؟!!!عايزة أفرح بيكي يابنتي!!!!

نظرت لها "ملك" بدهشة فقد نست تماماً أمر زفافهما، لتتورد وجنتيها قائلة:
- هكلمه في الموضوع دة إن شاء الله يا ماما قريب!!!!

أومأت "رقية" قائلة بتساؤل:
- هو مش هييچي ولا أيه!!!

أجابت "ملك" قائلة بهدوءٍ:
- هو قالي هييجي مع ظافر كمان شوية!!!!

فور إنتهاء جملتها وجدت "ظافر" يقتحم الغرفة بعنف، لينتفض جسدها برعبٍ من دخوله المفاجئ، رأت أشتعال حدقتيه و هو ينظر لما ترتديه، لتطبق هي على شفتيها تلعن حالها فهي لم تنتبه أبداً بما ترتديه عندما خرجت من الغرفة مع "فريدة" بينما نظروا "ملك" و "فريدة" لبعضهم البعض بدهشة، لتبتسم "رقية" بعطفٍ قائلة:
- تعالى ياحبيبي أجعد معانا!!!

أتجه نحوها ليجذب ذراعها نحوه بعنف لترتطم بصدره، نظر لها نظرات جامدة أرعبتها، ليعود ناظراً إلى والدته قائلاً بفتور:
- بعد إذنك يا أمي!!!!

أومأت له "رقية" بقلق، ليقبض على ساعدها بشراسة ثم سحبها معه لخارج الغرفة، ليتركها و هو ينزع سترته عنه فظهرت عضلاته أسفل قميصه الأسود، وضعها على كتفها بقسوة ثم جذبها خلفه مرة أخرى، وصلا لجناحهما ليفتح الباب ثم دفعها للداخل بضراوة، كادت أن تسقط لولا تشبثها بالمقعد، صفع "ظافر" الباب بحدة شديدة أرتجف لها قلبها، لتسقط على الفراش عندما وجدته يقترب منها بخطوات سريعة مداهمة، فسقطت سترته جوارها، أنثنى نحوها ليمسك بكتفيها غارزاً أظافر بعضدها الغض، لتتآوه هي ألماً تتلوي بين ذراعيه، صرخ بها هو بقسوة ظهرت بادية على عيناه:
- أنتِ غبية مبتفهميش، أزاي تطلعي بمنظرك دة برا الجناح أفرضي جواد اللي كان معايا دخل هو الأوضة مكاني!!!!!، و أزاي أصلاً تقعدي قدام البنات كدا و أمي!!!! ورحمة أبويا يا ملاذ لو مسمعتيش كلامي هتشوفي وش عُمرك مـ شوفتيه!!!!!

صُدمت من صراخه بها بهذه الطريقه، نظرت لقبضته على ذراعيها لتجده قد تلوّن بالأحمر الممزوج بزُرقة طفيفة، حاولت أمتصاص غضبه لتضع كفيها على صدره ثم هتفت بهدوء:
- ظافر أهدى و أنا هفهمك!!!!!

أشتعلت الدماء بجسده أكثر لبرودها لينهرها و هو يُحرك كتفيها بقسوة قائلاً بصراخٍ عالي بوجهها:
- أهدى!!! طالعالي بلبس مسخرة زي دة و أنتِ عارفة أن في زفت رجالة وخدم هنا أنا مبطيقش حد يُبصلك مُجرد بصة الدم بيغلي في عروقي!!!!

أبتلعت غصة بحلقها لتبعد كفيها من على صدره، ليتركها هو الأخر و ينفضها من يده، تاركاً أصابعه طابعة على عضديها، و أظافر تاركة حُفراً كادت أن تتلون بالدماء، زفر بإختناق ليُحرر أزرار قميصه ثم نزعه سريعاً ليُلقي به على الأرضية، جحظت عيناها رعباً ظناٌ أنه سيتهور، لتبتعد عنه تزحف لأخر الفراش، طالعها هو بضيق ثم تركها ليدلف إلى الشرفة الواسعة للغاية، وقف في منتصفها مستنداً بكف على الشرفة والأخر ممسكاً بلُفافة تبغ بنية اللون يُنفث دخانها و عيناه تضيق شيئاً فشيئاً تزداد حدةً، نظرت له "ملاذ" بإنزعاج، لتنهض من على الفراش ثم جذبت غطاءً سميك و وسادة ووضعتهما على الأريكة، لتتركهم متجهة نحوه بعد أن حاوطت كتفيها بوشاحٍ رقيق، وقفت خلفه لتعقد ذراعيها أمام صدرها تقاوم بصعوبة ذلك الألم الذي خدّر عضديها، لتخرج نبرتها حادة قائلة:
- أنا مطلعتش كدا بمزاجي أنا لبست اللبس دة وكنت هنام ولقيت فريدة دخلت عليا وطلعتني برا الجناح عشان ماما "رقية" عايزاني اقعد معاها و مخدتش بالي من لبسي، أسمع بقا يا ظافر أنا مقبلش أن حد يتحكم فيا ولا أصلاً يتكلم معايا بأسلوبك دة لأن انا مغلطتش عشان تعاملني كدا حاولت أمتص غضبك و أفهمك اللي حصل بس أنت لا كنت سامعني ولا شايفني أصلاً، و ياريت مرة تانية قبل مـ تحكم على حد أبقى أسأل الأول وأفهم، لأن دي أخر مرة هخليك تكلمني كدا بطريقتك دي أو تستقوى عليا بدراعك!!!!

تركته و ذهبت بل عفواً هربت من أمامه و هي تجزم أن بداخله براكين لن تنطفئ، حمدت ربها أنه كان يُدير لها ظهره لكي لا ترى عيناه الزيتونية والتي تصبح أكثر قتامة عند غضبه، لتستلقى على الأريكة سريعاً ثم خبئت جسدها متشبثة به بقوة، أغمضت عيناها عندما شعرت بخطواته تقترب ليدلف للغرفة ثم أغلق الشرفة صافعاً أبوابها لتنتفض هي مكانها ولكن حاولت قدر المستطاع لملمة شتاتها، أطبقت على عيناها بشدة عندما هتف بلهجة باردة أدهشتها:
- قومي نامي على السرير!!!!

ظنت أنه سيُفرغ غضبه بها لما تفوهت به، ولكنه دائماً يُفاجئها!!!، لم تعيره أنتباه و هي لازالت على حالها، لتشهق بعنف عندما وجدت جسدها بين ذراعيه المفتولين لتتشبث بعنقه خوفاً أن تسقط أرضاً قائلة بحدة:
- نزلني!!!!!

أتجه إلى الفراش لتركل هي الهواء بقدميها تصرخ به بغضب:
- مش عايزة أنام جنبك هو بالعافية!!!!

ألقى بجسدها على الفراش بقسوة لتشهق هي بألم شديد ممسكة بظهرها، لتنظر له بغلٍ عندما هتف ببرود:
- بالعافية ياملاذ!!!!!

أستلقى جوارها لتزيح الغطاء عنها ثم همت بالنهوض ليقبض على خصرها بشراسة ثم أنزلها لمستواه محاوطاً خصرها بقوة، ليُكبل قدميها بقدميه لكي لا تحاول النهوض، كادت "ملاذ" أن تبكي بإنهيار لتضرب صدره بعنف قائلة:
- أبعد عني بقا أنا مش هنام جنبك!!!!

لانت عيناه ليحاوط خصرها أكثر وكفه الآخر حاوط وجنتها ليُميل مقبلاً صدغها قائلاً برفق:
- طيب أهدي، مهما حصل بينا يا ملاذ مش هتنامي غير في حضني حتى لو كُنا زعلانين من بعض!!!!

صرخت به تضرب بكفيها صدره بتحدٍ قائلة وهي تنظر له بغضب:
- لاء هنام بعيد عنك يا ظافر و مش هنام في حضنك أبداً!!!!
زفر بعنف ليقبض على مؤخرة عنقها بقسوة هادراً بعينان تشتعلان:
- أنا عارف هتسكتي أزاي!!!!

ثم أنقض على شفتيها بقسوة جعلتها تبتلع ما كان ستقوله داخل جوفه، لينتقل لوجهها بأكمله، وكفيها التي وضعت على صدره تحاول إبعاده ولكن برفق و كأنها لا تريده أن يبتعد، أنتقل من شفتيها إلى عنقها يطبع عدة قبلات عليه، ليبتعد هو بصعوبة ولكنه أبتسم بمكرٍ ممزوج بنظرات عاشق و هو يرى عيناها المغمضتان وشفتيها والتي ترتجف و ليفترب منها مرة ثانية على خصرها بلُطف ليطبع عدة قبلات خفيفة على شفتيها، حاولت "ملاذ" التماسك أمامه لتضع كفيها على صدره العاري مما زاد الأمر سوءاً عندما هتفت بأسمه برقة شديدة جعلته يهمس أمام شفتيها:
- أنتِ بتعملي فيا أيه!!!!!

• • • •
أجتازت "ملك" الدرج لتقف في بهو القصر تبحث عنه، ألتفتت يميناً و يساراً بقلق لتجد من يطبق على خصرها من الخلف فأنتفضت فزعاً، هدئها"جواد" منفجراً بضحكاتٍ رجولية، لينثنى مقبلاً شامة صغيرة على جانب عنقها، فأبتسمت هي برقة محاوطة ذراعيه،قبضت أنامله على خصرها أكثر ثم لفّها له، حاوطت "ملك" عنقه بذراعيها لينظر هو لها مبتسماً بإبتسامة أذابت قلبها، لتتصاعد أناملها الرقيقة تتفحص وجهه، بدايةً من عيناه الخضراء مروراً بأنفه الحاد و ذقنه التي أعطته مظهر أكثر جاذبية!!
أعتلت ثغره إبتسامة مغمضاً عيناه مستشعراً لمساتها الرقيقة، ليمسك أصابعها بكفه الغليظ، ثم قربها من ثغره ليطبع عليهما قبلة لطيفة تحولت سريعاً لعدة قبلات على أناملها لتضحك هي بنعومة، ولكنها سريعاً ما عقدت حاجبيها قائلة وبطنها تتقلص من شدة الجوع:
- أنا جعانة!!!!

رفع حاجبيه لينظر لها بصدمة، ثم سرعان ما أنفجر بالضحك ليترك أناملها محاوطاً وجهها، ثم هتف و هو يقرص وجنتيها قائلاً بإبتسامة مازحة:
- أنتِ همِك على بطنك دايماً كدا يا هادمة الملذات واللذات!!!!

نفخت وجنتيها بضيق زائف لتُزيح كفيه قائلة بقنوط:
- أيوا مش هتأكلني يعني!!!!

كتّف ذراعيه أمام صدره ليهتف قائلاً و هو يميل عليها بخبث:
- والله المفروض أنتِ اللي تأكليني عشان أنا هفتان!!!!

ضربت على جبينها بتذكر قائلة وهي تومأ برأسها تأكيداً على حديثه:
- أنت معاك حق!! تعالى نعمل الأكل بقا!!!!

عادت رأسه للوراء من شدة ضحكاته ليعود ينظر لها بمكرٍ:
- لاء ياحبيبتي أنا مش هاكل النواشف دي!!!!

نظرت له بدهشة لتقطب حاجبيها بتساؤل قائلة:
- أزاي يعني أومال هتاكل أيه!!!!

قرص وجنتيها ليميل مقبلاً حافة ثغرها يهتف بإبتسامة شيطيانية:
- هاكلِك أنتِ يا ياقمر!!!!!!

جحظت عيناها بشدة لتضربه على صدره هادرة بإنزعاج:
- والله أنت قليل الأدب!!!!

أطلق ضحكة رجولية بحتة و هو يهتف عاقداً ذراعيه:
- هو أنا مقولتلكيش قبل الجواز أني متربتش أصلاً؟!!!!

كتمت أبتسامتها لتُضيق عيناها قائلة وهي تضرب صدرها بحزن زائف:
- و أنا اللي كنت فاكرة أنك محترم ياحسرة عليا أتخدعت فيك ومطلعتش وِلد ولود!!!!!!!

لم يستطيع السيطرة على ضحكاته ليجحظ بعيناه عند آخر جملتها ثم أمسك بكنزتها يُقربها منه قائلاً بصدمة:
- وِلد ولود!!!!!!

أومأت بعينان كالجرو تنظر له ببراءة، ليتركها ضارباً كفه بالأخر، يهتف بدهشة:
- أنا حاسس أني متجوز عيلة صغيرة!!!!

رفعت حاجبيها لتقبض على تلابيب قميصه قائلة بقنوط:
- عيلة صغيرة!!! أنا عيلة صغيرة يا جواد!!!!

حاوط خصرها ليهمس بخفوت:
- أنتِ مافيش أعيل منك يا حبيبتي!!!

تركت قميصه لتحاول إزاحة ذراعيه قائلة بضيق:
- ماشي يا جواد!!!!

شعرت بجسدها محلق في الهواء لتحاوط خصره سريعاً و هي تراه يتجه نحو المطبخ، لتردف قائلة:
- طيب نزلني عشان أعملك الأكل!!!

توقف لينظر لها يهتف بجدية:
- أنا اللي هعمله!!!!

صُدمت مما قاله لتجحظ عيناها تُشير إليه بسبابتها قائلة:
- بجد أنت هتعمل الأكل!!!!
أومأ ببساطة ليدلفا داخل الطبخ الذي كان فارغاً تماماً من الخدم فالجميع خلد لفراشه نظراً للوقت الذي شارف على منتصف الليل أجلسه كالطفلة على رخام باللون الزهري ثم وضع كفيه جانبها قائلاً بحزم صارم:
- أقعدي هنا و إياكي تقومي ولا تمدي إيدك في حاجة فاهمه!!!

أومأت بحماس كفولي لتبتسم بشدة تضم كفيها معاً لصدرها، أبتسم هو ثم مدّ سبابته ليصفع أرنبة أنفها بخفة، أنحنى لها قليلاً ليطبع قبلة على وجنتيها قائلاً بنظرات حانية:
- بحبك!!!
تحرّك في أرجاء المطبخ الواسع يطهى قطع من اللحم جوار معكرونة بالصوص الأبيض، لتتربع هي بقدميها تضع كفيها أسفل ذقنها تراقبه بعشقٍ خالصاً، تشكلّت على ثغرها نصف أبتسامة لا تستطيع منع نظراتها عنه، بقميصه الأسود مشمراً عن ذراعيه حتى لا يُعيقه، أنامله التي تتلاعب بالسكين بإحترافية دُهشت هي منها، خِفته وهو ينتقل من مكان لأخر، و نظراته التي يُلقيها عليها بين الحين والأخر مبتسماً لتزداد أبتسامتها أتساعاً، أستيقظت من شرودها لتنهض حتى تساعده في عمل السلطة، وبدون قصدِ منها همت رأسها بالإرتطام في ضلفة مفتوحة على آخرها، ليهرع هو نحوها واضعاً كفه على مقدمة رأسها قبل أن ترتطم بالضلفة ليجذبها من خصرها يحاوطه بقلقٍ ثم هتف بنظرات متوجسة و هو يتفحص جبينها بأنامله قائلاً:
- حصلك حاجة؟!!!!

نظرت "ملك" للقلق الذي أحتل عيناه، لتنفي برأسها سريعاً مبتسمة لينظر لها بحدة قائلاً بعتاب صارم:
- بتضحكي على أيه يا ملك أنتِ أتهبلتي!!!، قولتلك متقوميش من مكانك و راسك كانت هتورّم دلوقتي!!!!

أرتمت في أحضانه بدون مقدمات محاوطة خصره بقوة لتدفن وجهها في صدره، ورائحة عطره تتغلغل في روحها، ليبادلها هو العناق بآخر أكثر شدة محاوطاً خصرها بذراعٍ والأخر ربت على خصلاتها بحنان، مقبلاً جبينها الذي أستقر أسفل ذقنه برقة، لتبتسم هي بعذوبة، ثم نزعت نفسها من بين أحضانه لتشير له بالأقتراب و السقوط لمستواها، ففعل هو بغرابة لتحاوط وجهه مُقبلة وجنتيه بقوة فضحك هو على أفعالها الطفولية، ليبدّل هو الأدوار يطبع قبلة تعمد أن تكُن عنيفة على وجنتيها يُريد قضم تلك الفراولتان القابعتان بخديها الأحمر، منتقلاٌ إلى شفتيها ، و كفه يضم جسدها له أكثر بينما هي تكاد أن تذوب من رقة قبلاته، بادلته هي بعد قليل بحياء ثم فتحت عيناها لتقع نظراتها على الطعام الذي تصاعد منه أدخنه كثيفة، شهقت بعنف لتدفعه من صدره صارخة وهي تضع كفيها على فمها هادرة:
- الأكل!!!!!

توسعت عيناه ليلتفت ثم أسرع يغلق المُشعل ليمسك بالغطاء الساخن غير عابئاً بأنامله الملتهبة يزيحه و هو يرى المعكرونه قد تحولت للون الاسود، أغمض عيناه يسُب حاله فقد نُثر تعبه على هبائاً، ليلتفت إلى "ملك" التي أطبقت على عيناها رافعة كفيها على ثغرها، توزع أنظارها على الطعام و عليه، ليصرخ بها "جواد" بشدة:
- أنتِ السبب!!!!!

نظرت له بصدمة لتصرخ هي الأخرى:
- وانا مالي بقا!!!! أنت اللي آآآ..!!!

قطعت حديثها لتتساقط أنظارها خجلاً، فأبتسم هو بمكر ثم اقترب منها قائلاً و هو يغمز بعيناه اليُمنى:
- أنا اللي أيه يا ملك!!!!

زمت شفتيها بضيق لتضربه على صدره بخفة، ثم نظرت له بحزن لتبرق عيناها بالدموع، ليسرع هو محاوطاً وجهها يهتف بقلق حقيقي:
- بتعيطي ليه طيب دلوقتي!!!!

أمسكت بمعدتها لتبلل شفتيها قائلة بحزنٍ شديد:
- أنا أصلي كنت جعانه أوي!!!!

غرز أسنانه بشفتيه بعنف ليُقرب كفيه من وجهها وكأنه على وشك ضربها، أبتعدت هي تضحك بقوة، ليلتفت للطعام ثم قال بقلة حيلة:
- شكلنا هنقضيها دليڤري!!!!!

• • • •

أجتمع الجميع على طاولة الطعام باليوم التالي عدا "باسل" الذي قضى نهاره جوار "رهف"، جلس "ظافر" في مقدمة الطاولة تجاوره "ملاذ" على الجهة اليسرى ووالدته على اليُمنى جوار "ملك" و زوجها الذين أخذوا يتبادلوا الحديث بخفوت والأبتسامة لا تُخفى من فوق ثغرها ، بينما "فريدة" و أخيها جوار "ملاذ" تُطعمه بإهتمام وهي تُغدغه ليمتلئ القصر بضحكات الصغير، نظرت "ملاذ" إلى "ظافر" لتجده جامد المِحيا، حدقتيه باردة و هو ينظر إلى وعائه، لتقطب حاحبيها بضيق فمن من المفترض أن يحزن من الآخر، نظرت إلى ما ترتديه لتتذكر عندما شدد عليها أن ترتدى تنورة واسعة مليئة بالألوان المبهجة والراقية معاً، تعلوها حِلة جلدية سوداء اللون، و هي تعقص خصلاتها على هيئة ذيل حُصان، متحججاً بوجود "جواد" في القصر، زمت شفتيها من غيرته التي باتت تجثى على صدرها، بل لم يكتفي بتلك الملابس أراد أيضاً أن تضع وشاح على خصلاتها، هُنا أنفجرت هي به صارخة بسأمٍ:
- حجاب أيه يا ظافر الخطوة دي لما أخُدها لازم أبقى مقتنعة جداً بيها مش هتفرضه عليا كمان!!!

تذكرت ردّه الجامد هاتفاً:
- لاء هفرضها عليكي يا ملاذ أنا كُنت سايبك كل دة براحتك لكن الظاهر أني دلعتك زيادة و من هنا ورايح هتسمعي كلامي من غير حرف واحد!!!!

صُدمت من طريقته القاسية في الحديث معها، لتضع خصلة ساقطة على وجهها خلف أذنها وهي تتحدث بإنفعال:
- كفاية بقا يا ظافر أنا عملت عشانك حاجات كتير وضحيت كتير عشان أرضيك لكن لحد هنا وخلاص أنا مش هعمل حاجة بعد كدة غير لما أكون مقتنعة بيها!!!!

نظر لها نظرات أخرستها، ليقترب منها فوقفت هي ثابته ترفع أنفها بشموخٍ لا تهتز لها سوى حدقتيها، نظرت لسبابته التي رُفعت بوجهها ليهتف بنبرة جعلت جسدها يرتعش من شدة الخوف:
- أنا هعرّفك أزاي تعلي صوتك وتتكلمي معايا كدا!!!

ثم أطاح بالمزهرية أرضاً ليخرج من الغرفة صافعاً الباب خلفه، رفعت "ملاذ" أنظارها له لتجده لازال على حاله، نهضت عن الطاولة واثبة وهي تردف بهدوءٍ:
- الحمدلله شبعت!!!!

كادت أن تذهب لولا كفه الذي وُضع بقسوة على كفها الموضوع فوق الطاولة، ثم شدد عليه بأنامله بعنف قائلاً بنبرة جامدة و هو ينظر أمامه:
- متعلمتيش قبل كدا أنك متقوميش من على السُفرة إلا لما جوزك يخلص أكله!!!!!

ترقرقت الدموع بعيناها لتجلس مجدداً ببطئ وكفها لازال مُقيد بكفه، لينظر لها "ظافر" بجمود، ولكن عندما وجدها تُخفي دمعاتها العالقة بعيناها شعر كما لو أن قلبه أُعتصر بقسوة، ليترك كفها ثم نهض يلتفت ملتقطاً بذلته من خلف المقعد و مفاتيح سيارته الموضوعة على الطاولة ثم نظر إلى "جواد" قائلاً بهدوءٍ:
- جواد يلا عشان ورانا شغل كتير!!!!

ثم تركه يمضي نحو باب القصر بخطوات تركت صدى بالقصر من شدة الهدوء، لينهض "جواد" مُقبلاً جبين زوجته التي ثُبتت عيناها على "ملاذ" تنظر لها بعطف، ذهب "جواد" خلفه مستأذناً من الجميع، لتنظر "فريدة" إلى "ملاذ" بشفقة، ثم مدت كفها لتُربت على كتفيها بحنان فنظرت لها "ملاذ" بإبتسامة تُخفي خلفها الكثير، نظرت لها "رقية" أيضاً قائلة وهي تحاول نزعها من ذلك الجو المشحون:
- ملاذ أطلعي ياحبيبتي و اجعدي مع ملك وفريدة!!!

أومأت "ملاذ" لتترك الطاولة متجهة إلى غرفتها بخطوات أشبه بالركض، دلفت للغرفة لترتمي على الفراش لتجهش بالبكاء تُكتم شهقاتها بالوسادة، ورائحته العالقة بالفراش تكاد تخنقها، لتجد الباب يُفتح ببطئ ثم دلفا كلاً من "فريدة" و "ملك" للغرفة، لتظل "ملاذ" على حالتها ولم تتحرك، أقتربت منها "فريدة لتجلس جوارها تُربت على كتفيها قائلة بحنو:
- أهدي ياحبيبتي متعمليش في نفسك كدا!!!

هتفت "ملك" و هي تجلس بالقرب منها على الجانب الآخر قائلة بعطف:
- هو أكيد كان مضايق شوية من اللي حصل لباسل ورهف ومكنش قصده!!!

ثم هتفت بمرح وهي تقرص وجنتيها التي أمتلئت بالدموع:
- وبعدين اراهنك انه هييجي يصالحك بليل ويعتذرلك على اللي قاله، والله ظافر مافيش أحن منه!!!

أومأت "فريدة" بتأكيد وهي تمسح على خصلاتها قائلة:
- ملك عندها حق قومي بقا وفرفشي كدا عشان عايزين نروح للبت رهف مش عايزين نسيبها كدا لوحدها!!!!

نهضت "ملاذ" جالسة على الفراش لتكفكف دمعاتها بأناملها، لتضم ساقيها إلى صدرها مستندة بذقنها على ركبتيها، أفترشت خصلاتها جوارها لتترقرق عيناها بالدموع مجدداً، لتبرق عيناها ثم أنتفضت من فوق الفراش هادرة بلا وعي:
- انا هروحله!!!!

نهضت معها "ملك" صارخة بحماس:
- ايوا كدا يلا روحيله!!!

نظرت لهم "فريدة" بصدمة لتنفجر في الضحك ضاربة كفيها ببعضهما ثم هتفت وسط ضحكاتها:
- والله أنتوا مجانين!!!

أتجهت "ملاذ" إلى خزانتها ثم فتحتها سريعاً لتلتفت لهم قائلة بحيرة:
- ألبس أيه؟!!!

• • • •
فتحت حدقتيها ببطئٍ شديد، فشعرت بجسدها مُكبل بأكمله، لتشُخص عيناها وهي ترى كفها متشبث بقميصه الأسود، جزعها العلوي يكاد يدلف لقفصه الصدري من شدة أحتضانه لها، أرتفعت بأنظارها بحذرٍ فوجدته مغمض العينان و انفاسه تخرج بهدوءٍ منتظم، نظرت لذراعه الذي يحاوط خصرها بإحتواء، لتغمض عيناها تُخبر نفسُها بأنها ستنعم قربة لثوانٍ فقط ثم ستدفعه بعيداً عنها، ولكن طالت الثواني والدقائق هي ضامة ذراعيها تدفن أنفها بصدره أكثر، تشتم رائحته التي حُرمت منها، ثم وعت على نفسها بعد وقتٍ ليس بقليل، لتستجمع قواها ثم دفعته من صدره بقسوة، أنتفض "باسل" بهلعٍ مصدوماً، ليمسك كتفيها قائلاً و هو يتفحصها بقلق:
- في أيه حصلك حاجة!!!!!

تلوت بين ذراعيه تحاول نزع ذراعيها من بين كفيه و هي تضربه على صدره عدة ضربات:
- أبعد عني!!!!

جَمِدت ملامح وجهه ليبتعد عنها بالفعل، ثم نهض و هو يفرك عيناه يُزيل عنها بوادر النعاس، لينظر لها بعينان باردتان قائلاً بفتور:
- أعملي حسابك هتطلعي من المستشفى وهتيجي معايا القصر!!!!

نظرت له بهلع لتصرخ به قائلة:
- مستحيل!!!!!

ألقى لها نظرة تهكمية و هو يبتسم ساخراً وكأنه يؤكد لها حتمية الذهاب معه إلى أي مكان يقبع به، ليقترب منها بخطوات بطيئة واضعاً كفيه في جيبة، نظرت هي له بتوجس، وضع كفيه جوار رأسها ليميل برأسها نحوها لايفصلهما سوى إنشات، دست هي رأسها بقوة في الوسادة خلفها تُغمض عيناه بتوترٍ، و انفاسه تصفع وجهها بقوة،ليبتسم هو قائلاً بنبرة جدية متأملاً ملامحها:
- أي مكان هبقى فيه هتبقي أنتِ معايا وفي حضني، بمزاجك أو غصب عنك!!!!
ثم أنثنى نحوها ببطئٍ مُثبتاً أنظاره على شفتيها، ليُقبل شفتيها برقه جحظت "رهف" بعيناها لتضع يدها على صدره محاولة إبعاده عنها ليصعد بنظراته لها ثم مسح بأنامله على مقدمة رأسها هبوطاً بوجنتيها، لتستقر أنامله على شفتيها ، تلمسها بإبهامة يردف بهمسٍ جعل القشعريرة تسرى في جسدها:
- كُل مرة هتبعديني هقرّب أكتر، أنتِ بتاعتي وملكي يارهف، ولازم تقبلي دة!!!!

قاومت "رهف" ملء عيناها بالدموع، ليبتسم هو بحنو مقبلاً حفونها المغمضة، ثم تركها متجهاً إلى الخارج، لتجهش هي بالبكاء تحاوط وجهها بكفيها!!!!

• • • •
ترجلت "ملاذ" من سيارتها والسعادة تشع من وجهها، ممسكة بـ باقة من الورود ذات اللون الأبيض والأحمر، أبتسمت عيناها و هي ترى شركته التي لم تدلف لها منذ زمن، و بدلاً من النظرات الكارهه التي كانت ترمقه بها باتت نظراته تنطق عشقاً له، لتسير بحذائها ذو الكعب العالي، تدلف للشركة بشموخٍ ليسارعوا الحُراس بالإبتسام لها قائلين بإحترام بالغ:
- أتفضلي يا ملاذ هانم!!!!

أكملت سيرها وسط أنظار المتواجدين الذين رمقوها بإعجابٍ، فهم كانوا بالفعل يتمنون رؤية "ملاذ الشافعي" على الحقيقة، وقفت أمام المصعد تنتظر نزوله لها، لترى شخصٍ، يبدو بالثلاثينات يقف جوارها واضعاً كفيه في جيب بنطاله بهيبة، ألتفتت له بغرابة لتقف أمام المصعد الأخر حتى تصعد، فُتح الباب ولكن قبل دلوفها سمعته يهتف بجمودٍ:
- نورتي يا ملاذ!!!!

ألتفتت له بدهشة لتشير إلى نفسها قائلة بغرابة:
- أنت تعرفني!!!!

أبتسم بألم لتشع عيناه ببريقٍ عاشق تعلمه، ليهتف قائلاً ببساطة:
- أطلعي يا ملاذ، أطلعي لجوزك!!!!

صُدمت "ملاذ" من حديثه، لتتركه و هي تفكر إن كانت رأته من قبل، لتدلف للمصعد، ففوجئت به قبل غلقه يدلف له هو الأخر بهدوء، أنتفضت برعب منه لتبتعد لآخر المصعد ونظراته لم تريحها أبداً، ضغط على الطابق الخاص بـ "ظافر" ثم على الطابق الذي يريده، أراد إقالتها هي قبله لكي يتمتع بأكبر قدر من التأمل بها بطرف عيناه الزرقاء، ليبتسم ساخراً و هو يرى توجسها
فهي تظن أنه سيؤذيها، لا تعلم أن قلبه يسقط صريعاً إن أصابها خدش، فُتح الباب لطابق "ظافر" لتهرول هي تخرح من المصعد سريعاً، فتركت رائحتها خلفها ليستنشقها هو كما لو أن روحه عادت له، ليُخرج كفيه من جيب بنطاله عندما تأكد من غلق باب المصعد، ثم وضعهم على وجهه يمسح فوقه بعنف مستنداً على الجدار جواره، يهتف و هو يضرب على الحائط عدة مرات هادراً:
- أطلعي من دماغي بقا!!!!

• • • •

سارت "ملاذ" في ممر الشركة، لتشرُق ملامحها عندما وجدت مكتبه أمامها تحاول تناسي ذلك الرجل لتلتفت إلى سكرتيرته ذات الوجه الذي أمتلأ بمستحضرات تجميل صارخة، وجسد متناسق كـ "ملاذ"، خصلاتها بنية بلونٍ جذاب، تجمدت ملامحها عندما وجدت تلك السكتيرة بهيئة لا توحي سوى بأنها تريد إغراء مديرها، لتخرج كلماتها باردة وهي تقول:
- ظافر موجود!!!!

نظرت لها الفتاة بضيق فهي رأتها مراتٍ عديدة في الصور ولكن على الحقيقة هي أجمل بكثير، لتهتف بفتورٍ:
- موجود ياملاذ هانم بس هو طلب مني أني مدخلش عليه أي حد!!!!!

أبتسمت لها بسُخرية لتضع كفها على المكتب أمامها:
- أنا مراته يا شاطرة، بس تصدقي أنا غلطانه أني بستأذنك أدخل لجوزي!!!!

اشتعلت حدقتي الأخيرة لتمضي "ملاذ" نحو الباب وخطواتها تكاد تحفر الأرض أسفلها، ثم فتحت الباب بعنف، فوجدته ينظر لأوراقه بإهتمام لتلمح شراراً من عيناه فهو لا يتخيل أن يقتحم أحد المكتب عليه بتلك الطريقة رفع أنظاره ينوي تلقينه درسٍ قاسي ولكن علت نظراته الدهشة لينهض يهتف بعدم تصديق:
- ملاذ!!!!

أبتسمت له "ملاذ" بحب، لتظهر خلفها سكرتيرته التي هتفت بأدبٍ تدافع عن نفسها:
- صدقني حضرتك أنا قولت للمدام مينفعش تدخل بس هي آآآ!!!!

قاطعها "ظافر" بحدة شديدة قائلاً:
- المدام تدخل وقت مـ تحب و لو عرفت مرة تانية أنك حاولتي تمنعيها تقدمي أستقالتك و مشوفش وشك هنا في الشركة!!!!

نظرت له "ملاذ" وهي تكاد تركض لكي تضمه لها، لتلتفت تنظر إلى السكرتيرة بتهكمٍ فسقطت الأخيرة بنظراتها أرضاً و هي تومأ ثم خرجت تغلق الباب خلفها بهدوء، ألتفتت "ملاذ" له لتجده يتوجه نحوها ممسكاً بكتفيها بكفٍ والأخر حاوط وجهها بقلق هاتفاً:
- في أيه يا ملاذ حد حصلُه حاجة!!!!

نفت "ملاذ" برأسها و الأبتسامة لازالت مرتسمة على وجهها، ثم رفعت باقة الورد له قائلة بطفولية:
- اتفضل!!!!

نظر "ظافر" للورود بدهشة ليلتقطها منها ثم هتف بإبتسامة ساخرة:
- جيبالي ورد!!!!

زمت شفتيها بقنوط لترتمي بأحضانه ثم هتفت مقطبة حاحبيها:
- طب أعمل أيه عشان متزعلش مني؟!!!

وضع الورود على الأريكة الخاصة به ليُبعدها عنه يحاوط وجنتيها وأنامله تعبث بهما ثم قرّب وجهه منها قائلاً:
- كفاية أنك جيتي!!! مش هتصدقي مجيتك هنا فرحتني أزاي!!!
حاوط خصره بذراعي دون أحتضانه قائلة بسعادة:
- بجد!!!!

أومأ هو لها مقبلاً طرف شفتيها، ليقبض على كفها برفق متجهين نحو الأريكة ليجلسا عليها، ثم حاوط كفيها بكفيه لتتحول معالم وجهه إلى الجدية قائلاً:
- بُصي يا ملاذ، أنا مش هغصبك على الحجاب أنا عايزك تفهمي كلامي كويس، أنتِ مراتي و مسئولة مني ياحبيبتي، يعني مش هتتحاسبي لوحدك أنا هتحاسب عليكي، الحجاب مش هيقلل منك ولا حاجة بالعكس دة هيزيدك رقة، أنتِ ملكي أنا ياملاذ مش من حق أي حد يشوف لا شعرك ولا حتى يشوفك باللبس الضيق اللي متعودة تلبسيه و أنا عارف انك دلوقتي بدأتي تتغيري و مش بتلبسيه، بس أنا مرضاش أبداً أن حد يبُصلك بحس أن في نار جوايا وبيبقى هاين عليها اطلع عينه في إيدي، عايزك تفهمي أن أنا مش بتحكم فيكي أنا بصونك لكن والله أنا لو أطول أخليكي تتنقبي هعمل كدا عشان محدش يشوف القمر دة غيري!!، زي مـ أنا بحاول أغير من نفسي أنتِ كمان لازم تعملي دة صح ياحبيبتي؟!!!

نظرت له "ملاذ" بدهشة ترفع حاجبيها معاً، فحديثه تغلغل داخلها مداعباً كل خلية بها، لا تصدق أهو يمارس لها تنويم مغناطيسياً لتنصاع له و بإرادته، أبتسمت بشدة لتضع كفها اسفل ذقنها شاردة به، لتهتف قائلة وهي تُقبل وجنته قائلة:
- كل مرة بتثبتلي أني أتجوزت راجل بكل معنى الكلمة!!!!

لاحظت أبتسامته الهادءه لتهتف متابعة:
- عشان كدا أنا هعمل اللي أنت عايزة وأنا مقتنعة بيه!!!!

لم يستطيع السيطرة على فرحته ليُقرب منكبيها من جسده يحتضنها بشوقٍ، مقبلاً خصلاتها ليهتف بسعادة جلجلت بصوته:
- من النهاردة هتلاقي عندك كل أنواع الحجاب اللي في مصر و كل ألوانه، ومعاهم لبس واسع و شيك هيجيلك لحد عندك!!!!

• • • •

نزلت "فريدة" الدرج بخطوات متأنية، تحمل "يزيد" بأحضانها تُقبل وجنتيه بسعادة، ليحاوط هو عنقها يُقبلها هو الأخر ببراءة، ثم هتف بطفولية قائلاً:
- هناكل أيه يا ديدا؟!!!

- اللي أنت تحبه يا روح ديدا!!!!
هتفت "فريدة" متجهة به نحو طاولة الطعام، لتجلسه على مقعده ثم جلست كالقرفصاء أمامه ترمقه بإبتسامة وهي تراه يضع سبابته على ذقنه يُفكر بما يُريد أن يأكل، ليهتف قائلاً بحماس:
- أنا عايز بيتزا!!!!

نظرت له "فريدة" بدهشة ثم هتفت مقبلة كفه الصغير:
- انت صغير ياحبيبي على البيتزا، أجيبلك corn flex؟!!

أومأ "يزيد" يُصفق بسعادة، لتنهض هي متجهة نحو المطبخ قائلة:
- خليك مكانك يا يزيد و أوعى تتحرك و أنا ثواني وجيالك!!!!

دلفت للمطبخ لتحضر طعامه، ثم أمسكت بالصينية داخلها وعاء صغير يُمثل إحدى الأشكال الكارتونية، ثم أتجهت للخارج، لتتسمر قدميها بالأرض وهي تشعر بدلواً من الماء البارد أُلقي على رأسها، لتتوسع بؤبؤ عيناها شيئاً فشيئاً وهي ترى أخيها يصرخ بحماس برئ و هو يركض لذلك الجسد المنتصب بهيبة:
- مــــازن!!!!!!!!

جسدها لم يعد يقوى على حملها، لتقع الصينية منها أرضاً فأفترش الحليب مسكوباً على الأرضية!!!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close