اخر الروايات

رواية حافية علي جسر عشقي الفصل التاسع عشر 19 بقلم سارة محمد

رواية حافية علي جسر عشقي الفصل التاسع عشر 19 بقلم سارة محمد 



حافية على جسر عشقي التاسع عشر
غُرقت في حُزنها، الظلام يسحبها رويداً، وكأن الحياة إن أبتسمت لها تعود وتصفعها مائة صفعة، لتؤكد لها أنها ليست عادلة..قاسية، تسلُب منك ما يُسعدك!!!!
نفضت الغطاء عنها لتضع قدميها على الأرضية، أخذت نفساً عميقاً ربما جعلها تختنق أكثر، ثم وثبت بضعفٍ لتتجه ناحية المرحاض، دلفت ببطئ مستندة على الحائط، خانتها قدميها لتنهار على الأرضية الصلبة باكية بضراوة، كوّرت كفيها لتضرب بهما الأرضية بقوة، لتدلف "فريدة" بهلعٍ، ركضت نحوها لتجلس بجوارها تجذب رأسها لأحضانها، لتتشبث "رهف" بها بإنهيار هادرة بنبرة مهتزة وجسدٍ ينتفض:
- أنا تعبت يا فريدة، أنا ليه بيحصل فيا كدا!!! دة حتى مسمعنيش، مش أداني فُرصة أفهمه و أقوله أن مش أنا اللي تخون جوزها، و أخون مين باسل!!!! يارب خُدني بقا وريحني يارب!!!!!

مسحت "فريدة" على خصلاتها لتقبل جبينها قائلة برجاءٍ:
- أهدي يا حبيبتي أهدي متعمليش في نفسك كدة عشان أبنك حتى!!!!!

نظرت لها "رهف" ثم عاودت النظر إلى معدتها، لتحاوطها قائلة ببكاءٍ:
- حبيبي أنت متخافش وملكش دعوة بكل دة، أنا كويسة والله ومش هعيط أهو بس أنت خليك جنبي، أنا مليش حد غيرك!!!!!

ثم مسحت دموعها بعنف لتبتعد عن "فريدة"، ثم نهضت متجهة إلى الفراش، لتستلقي عليه وهي تنظر أمامها بشرود، لتجلس "فريدة" جوارها تمسد على خصلاتها، لينفتح الباب برفق، نظرت "رهف" لتجدها "رُقية" و بيدها "يزيد" الذي ركض إلى "فريدة" مرتمياً في أحضانها، لتجلس "رقية" أمامهم على الفراش تهتف بحنو:
- بجيتي أحسن ياحبيبتي؟!!!!

أردفت "رهف" بسُخرية وهي تنظر أمامها:
- أنا مش هبقى أحسن غير لما أخليه يندم على اللي عمله، و ندمه هيبقى أضعاف لما يعرف أني مظلومة و أني معملتش حاجة!!!!

تنهدت "رقية" قائلة بحسرة:
- والله يابتي دة شيطان ودخل بينكوا!!!!

قبلّت "فريدة" وجنتي أخيها فهي بالفعل قد أشتاقت له، لتهمس له بأذنه بكلمات جعلته يومأ موافقاً، لينهض على الفراش بركبتيه متجهاً إلى"رهف" ثم مال عليها يحتضنها ببراءة قائلة بنبرة طفولية:
- متزعليش يا طنط أنتِ جميلة أوي ومينفعش تبقي زعلانه، أجبلك سوكولاتة؟!!!

أبتسمت"رهف" لتنساب الدمعات من عيناها تحتضنه بقوة تقول بنبرة حزينة:
- ياريتني أرجع صغيرة زيك كدا يا يزيد، لما كانت أقل حاجة بتفرحني ومعنديش مشاكل، ياريتني مـ كبرت!!!!!

أحتضنها "يزيد" مربتاً على ظهرها ببراءة، لتقول "رقية" بشبه حماس:
- عايزة تأدبي باسل يا رهف و تدوخيه!!!!

ألتفتت لها "رهف" وجهة حواسها بالكامل لها تومأ سريعاً، لتنتبه "فريدة" أيضاً لحديثها، لتلتمع حدقتي "رقية" بمكرٍ...!!!!!

• • • •

تفرقت أهدابه لتكشف عن حدقتي أبدع خالقه بخَلقهما، مزيجٍ مُدهش بين الأخضر القاتم والمنير مُحددة من الخارج بدقة، وجد نفسه نائماً بين ذراعيها على الأريكة، هي ملتصقة بظهر الأريكة تفرد ذراعها الأيسر أسفل رأسه، و ذراعها الأيمن موضوعاً على خصلاته ليعلم أنها كانت تعبث بهما قبل نومها، ليُبعد رأسه عن ذراعها فوجده شديد الإحمرار من ثقل رأسه علَيه، أخذ نفساً عميقاً ليجذب هو رأسها بلُطف على ذراعه، ممسداً على خصلاتها من الخلف، وذراعه الأخر حاوط به خصرها، ليُغمض عيناه مستمتعاً بقُربها، فبدأت "ملاذ" بالتملمُل ليُدعي "ظافر" النوم، ليجدها نهضت مستندة بمرفقها على الأريكة، تطالع وجهه بشرودٍ هائمة به، ثم مدت أنامله تعبث بذقنه الخفيفة مغمغمة بإبتسامة مُتيّمة:
- حتى و أنت نايم زي القمر!!!!!

ألتوى طرف ثغره بإبتسامة عابثة ليهتف و هو مغمضاً عيناه:
- م أنا عارف!!!!

أنتفضت "ملاذ" بخضّة لتستند على صدره محاولة النهوض، فوجدته يقبض على خصرها ليلصقها به مجدداً قائلاً بخبث:
- على فين يا هانم!!!!

دفعت صدره برفق محاولة خلق مسافة قائلة بقنوطٍ:
- يعني كنت صاحي وبتضحك عليا!!!! مــاشـي أبعد بقا عشان عايزة أقوم!!!!

أبتسمت عيناه قبل شفتيه، ليجذب كفها الذي تدفعه به مقبلاً إياه بحنو، لتبتسم "ملاذ"مستندة بأذنها على قلبه، لُيمسد هو على خصلاتها الطويلة، قائلاً بنبرة ذات مغزى:
- بعد كدا أنا مستحيل أبعدك عني، هتفضلي في حُضني لحد مـ أموت!!!!!

حاوطت "ملاذ" خصره قائلة سريعاً:
- بعد الشر عليك متجيبش سيرة الموت تاني يا ظافر!!!!

قبّل خصلاتها برقة ليتنهد مبتسماً بعشقٍ، يربت على ظهرها، ليقترب بثغره من أذنها هامساً بها بمكرٍ:
- ملاذ!!!!

رفعت "ملاذ" رأسها منتبهة له، لتجده أمسك بعنقها من الخلف ليجتاح شفتيها يرتوي منها، حاوطت "ملاذ" عنقه تتجاوب معه بحياء يهيم يه!!!!

• • • •

نهضت "ملك" لتجد رأسها يتوسد صدره، محاوطاً جسدها بذراعيه المفتولين، رفعت رأسها له لتجده غارقاً بالنوم، بعضٍ من خصلاته ساقطة على وجهه بمشهدٍ جعلها تكتم أنفاسها من شدة وسامته، ولكن طاف في ذهنها ما حدث البارحة، لتنتفض مبتعدة عنه جالسة على الفراش، لتجده قد أظهر خضراوتيه يرمقها بغرابة قائلاً:
- في أيه يا ملك؟!!!

سقطت بأنظارها بخجلٍ، تغرس أسنانها بشفتيها السفلى لتنظر له وهي تفرك أصابعها بتوترٍ:
- جواد أنا أسفة على اللي حصل بس أنا...

جذبها من ذراعها ليعتليها سانداً بكفه على الفراش جوارها، ليضع سبابته على شفتيها مغمغماً:
- شششش..!!!!

أبتلعت ريقها لتنظر له داخل عيناه الخضراوتان، لتُرفرف بأهدابها ببراءة عندما مال بثغره مقبلاً طرف شفتيها، حاولت إبعاده قائلة بخفوت:
- جواد..!!!
أستند بشفتيه على عيناها المغمضة مقبلهما برقة، متمتماً بخبثٍ:
- يعني مردتيش عليا أمبارح وسبتيني و مشيتي..

أصتنعت "ملك" النسيان لتردف:
- أمتى ده؟!!!

ضحك "جواد" عائداً برأسه للخلف، ليعود و هو ينظر لها قائلاً:
- مبتعرفيش تكدبي يا ملك!!!

أرتبكت لتفرك أصابعها قائلة بتوترٍ:
- أنا بجد مش فاكرة أنك قلتلي حاجة!!!!!

أقترب منها أكثر ليهمس بفحيحٍ كالأفعى:
- طب أيه رأيك نكمل اللي وقفنا عنده أمبارح يمكن تفتكري!!!!!

شهقت "ملك" واضعة كفيها على فمها بصدمة لتردف سريعاً:
- لاء خلاص خلاص أفتكرت!!!!

قهقه "جواد" ليقول بنبرة تحذيرية مازحة:
- أيوا كدا أتعدلي!!!!
ثم تابع مضيقاً عيناه قائلاً بضيق:
- يعني مش هتقوليها؟!!!

نفت "ملك" بإبتسامة أغاظته، ليتوعد لها قائلاً:
- ماشي يا ملك أنا هخليكي تقوليها وبمزاجك!!!!

نظرت له بعدم إرتياح لينهض من فوقها وأبتسامة خبيثة زُينت ثغره، ليتجه نحو المرحاض تاركها تفكر بما يخطط له، فور دخوله سمعت صوت طرقات شديدة على باب الغرفة، لتقطب حاجبيها بغرابة ثم نهضت ترتب خصلاتها سريعاً أمام المرآة، لتتجه نحو الباب ثم فتحته بإبتسامة بلهاء، وجدت"ياسمين" شقيقته ذات الجسد الممشوق والعينان السمراء الواسعة والبشرة البيضاء تضع كفيها على خصرها تطالعها بنظرات ساخرة، لتردف بحقدٍ متواري:
- ساعة عشان تفتحي، أبعدي من وشي عايزة أشوف جواد!!!!

نظرت لها "ملك" بصدمة لتتنهد متنحية جانباً فدلفت "ياسمين" تنظر لها بإشمئزاز قائلة وهي تجلس على الفراش:
- لاء بس براڤو عليكي بجد عرفتي توقعي أخويا!!!!

رفعت حاجبيها لتعقد ذراعيها أمام صدرها قائلة بدهشة:
- نعم!!!!

نهضت "ياسمين" تقف أمامها قائلة بنبرة لاذعة:
- أيه؟!! هتعملي نفسك عبيطة!!! إذا كانوا أهلك باعوكي من وأنتِ صغيرة لـ جواد يعني هُما أصلاً مش طايقينك، يبقى وقعتوه ولا لاء يا ست ملك!!!!

شعرت "ملك" بحديثها الذي يتقاذف بوجهها كالسموم القاتلة، لتعقد حاجبيها غضباً ثم رفعت سبابتها في وجهها قائلة بحدة شديدة:
- أنا مسمحلكيش تتكلمي بالأسلوب دة لا عليا ولا على أهلي، وأظن أنتِ عارفة كويس أن عيلة الهلالي عندهم اللي يكفيهم من قصور و أراضي احنا مش عارفين مكانها!!!! ولو متعرفيش أنا أعرفك كويس!!!! و أي كلمة هتقوليها في حقي أو حقهم هعرّفك مقامك كويس ومش هيحصل خير، فـ لما تتكلمي معايا تعرفي الكلام اللي بيخرج منك و توزنيه قبل مـ تحدفيه زي الدبش ولا أنتِ فاكراني هسكتلك لاء أنسي مش أنا!!!!!

رفعت "ياسمين" حاجبها الأيمن ليتقلص وجهها غضباً، ثم همت بالرد عليها ولكن لمحت "جواد" يخرج من الحمام لتجهش سريعاً في البكاء وهي تنظر أرضاً:
- أنا الحق عليا أني جاية أباركلك يا ملك تقومي تشخطي فيا كدا وعايزاني أطلع من أوضة أخويا!!!! ع العموم انا مش هزعجك تاني ياستي!!!!

كاد أن يصل فك المسكينة للأرضية من شدة خبث تلك الواقفة أمامها، لتلتفت إلى "جواد" الذي يقف عند الباب و ملامحه لا تُبشر بالخير إطلاقاً، ليزمجر بهم قائلاً بحدة:
- أيه اللي بيحصل هنا!!!!

ألتفتت له "ياسمين" قائلة والدموع تنهمر من عيناها:
- مافيش حاجة يا حبيبي، بعد إذنكوا!!!

ثم مضت نحو الباب بعينان خبيثتان تنبعان شراً يكفي لبلدة ويزداد، لتغلق الباب خلفها بقوة، بينما نظر لها "جواد" بعينان قاسيتان، ليتجه نحوها جاذباً ذراعيها بحدة نحو صدره قائلاً:
- أنتِ قولتلها أيه!!!!

حاولت إبعاد كفه الغليظ عن ذراعيها مغمضة عيناها بألم تهتف بنظرات شبه متوسلة:
- جواد أنت بتوجعني!!!!!

لانت قبضته على ذراعها ليتركه شديد الإحمرار و أصابعه تترك أثراً عليه، مسح على وجهه بعنف لينظر لها بعينان موقودة بنيران مشتعلة:
- رُدي عليا حالاً أيه اللي أنتِ عملتيه دة؟!!!

صرخت به بحدة:
- هي اللي كانت قليلة الأدب معايا وعايرتني أن أهلي جوزوني ليك و أنا صغيرة و أنهم مش بيحبوني!!!!!

ثم تابعت بعينان مدمعتان قائلة بنبرة أخذت بالخفوت رويداً:
- وأنا مش عايزة حد يقول عليا ولا على أهلي كدا يا جواد!!!!

أجهشت في البكاء تحاوط وجهها بكفيها، سرعان ما أقترب "جواد" منها ليحاوط كتفيها، جاعلاً من جسده الضخم يخفي جسدها وهو يضع وجهها على صدره ثم ربت على خصلاتها مقبلاً إياهما، يغمغم في حنوٍ شديد:
- ششش أهدي ياحبيبتي خلاص متعيطيش أنا أسف!!!!

ثم أبعدها عنه ليمد أنامله على وجهها يُزيل دمعاتها، قائلاً برقة:
- كفاية عياط بقا!!!!

أومأت وهي تمسح دموعها بظهر كفيها، ليبتسم هو مقبلاً عيناها ثم أمسك بكتفيها ليُجلسها على الفراش، جلس كالقرفصاء أمامها ممسكاً بكفيها قائلاً بهدوء:
- خليكي هنا مكانك و أنا ثواني وراجعلك!!!

أومأت قائلة بإنصياعٍ:
- حاضر..

أبتسم بتكلفٍ لينهض صافعاً الباب خلفه، ثم أتجه إلى غرفة شقيقته، أمسك بمقبض الباب ليديره مقتحماً الغرفة عليها دون أستئذان، وجدها تجلس على الفراش ممسكة بالهاتف وهي تضحك بسعادة، لتنتفض عندما وجدت أخيها يقف واضعاً كفيه بجيبه، وثبت وهي تفرك أصابعها قائلة بتوترٍ:
- في حاجة يا جواد؟!!!

أقترب منها ليرفع سبابته في وجهها قائلاً بحدة شديدة:
- ورحمة أبوكي يا ياسيمن لو لمستي شعرة منها ولا قولتلها كلمة تضايقها هعتبر أنك مش أختي وهتصرف معاكي تصرف مش هيعجبك فاهمة!!!!!

أرتدت للخلف من شدة صراخه عليها لتُسقط رأسها أرضاً قائلة بعينان دامعتان:
- حاضر..!!!!

قبض على ذراعها بقسوة ليجذبها خلفه متجهان إلى غرفته، قابلتهما والدته التي قالت بذهول:
- في أيه يابني؟!!!

نظر "جواد" لشقيقته قائلاً بحدة:
- الهانم تبقي تقولك يا أمي!!!!!
ثم ذهبوا تاركينها تقف بحيرة، فتح "جواد" باب غرفتهم ثم أمسك بذراع شقيقته ليدفعها بقسوة، نظرت لهم "ملك" بدهشة لتنهض قائلة بقلقٍ:
- في أيه يا جواد؟!!!

نظر إلى "ياسمين" التي تطالعها بحقدٍ دفين، ليزمجر بعنف قائلاً:
- أعتذري!!!!

ألتفتت له "ياسمين" بصدمة، همت بالحديث معترضة عما يقوله مِن تبعثر لكرامتها أمامها، ولكن عيناه القاتمة والتي توجه لها نظرات تحذيرية، لتلتفت إلى "ملك" التي قالت سريعاً:
- لاء أنا مش عايزاها تعتذر أنا مسامحاها خلاص!!!!

ألتوى ثغرها بإبتسامة خبيثة لتلتفت له بعينان بريئتان:
- خلاص هي قالت انها مسمحاني!!!!

- هتعتذري يا ياسمين، لو هي سامحتك أنا لسة مش مسامحك!!!!

تأففت بضيق لتنظر لها قائلة بقنوطٍ:
- أسفة!!!!

ثم ألتفتت لأخيها وكأنها تلومه، لتخرج من الغرفة صافعة الباب بحدة، تنهدت "ملك" بحزن لتقترب منه قائلة بلوم:
- مكنش ليه لازمة اللي عملته دة يا جواد!!!

نظر جانباً يُخفي عيناه عنها قائلاً بجمود:
- هي غلطانة، والغلطان بيعتذر!!!!

أمسكت بذقنه لتجعل وجهه يلتفت لها قائلة بحنو:
- ممكن متخبيش عينك عني!!!! أنا فاهماك أكتر من نفسك!!!!

ظلت تحرك أناملها على وجهه، ثم حاوطته برقة لتميل بثغرها على وجنتيه، تطبع قبلة صغيرة جعلته يرفع حاجبيه إندهاشاً، ليتناوب هو دورها ممسكاً بوجهها ليُلثم ثغرها بلُطفٍ جعلها تذوب رغماً عنها محاوطة عنقه تبادله قبلته بشغفٍ، ليحملها "جواد" بخفة، دفنت وجهها بعنقه متشبثة بقيمصه، قلبها يخفق بعنفٍ، ليضعها على الفراش برقة شديدة، ثم اشرف عليها واضعاً كفيه بجانب رأسها، ينظر إلى وجهها بتمعن متفرساً كل إنشاً بها، لينثنى بثغره نحو عنقها ليطبع عليه قبلاتٍ جعلتها متمسكة بقميصه أكثر مغمضة عيناه، تقول بإرتجافٍ ونبرة خافتة:
- جـواد..!!!!

بدى لم يسمعها، يقبل كل إنشاً بوجهها و عنقها، أمسكت بوجهه بإيدٍ مرتعشة لتجعله ينظر لها قائلة برجاءٍ:
- جواد والنبي بلاش، لما نعمل الفرح الأول!!!!
مسح على خصلاته بضيقٍ ليتنهد ينظر جانباً، نهض عنها بأنفاسٍ لاهثة بعض الشئ، ثم ركل الأرض بقدميه ليخرج من الغرفة بأكملها صافعاً الباب خلفه!!!!

زمت "ملك" شفتيها لتمسك بذهنها تعتصره بحدة، تعلم أن له الكثير من الحقوق عليها وهي لا تريد منعه عنها، ولكنها خائفة، لا بل مرتعبة منه، هي تعلم أنه لن يؤذيها بأي شكلٍ قط، تعلم أنه حنون معها منذ صغرها، ولكن هي فقط تحتاج أن يهدئها، أن يخبرها أن تطمئن، لتنهض جالسة على الفراش، ثم توسعت عيناها عندما تذكرت أن الملائكة ستلعنها لأنها لا تطيعه لتُخفي فمها بكفها من شدة الصدمة، ألتقطت أذنيهاصوت سيارته، لتركض تجاه النافذه تزيح ستائرها سريعاً، لتجد سيارته بالفعل تتحرك مسابقة للرياح، تاركة ورائه غائمة من الدخان الكثيف، لتنهمر العبرات من حدقتيها قائلة بندمٍ:
- أنا غبية..غبية!!!!

ثم ركضت خارج الغرفة تتخطى الدرج بخطواتٍ شبه مهرولة ولم تنتبه لتلك المنامة التي ترتديها، توجهت إلى والدته بالمطبخ قائلة بأنفاسٍ لاهثة وكأنها طوق النجاة لها:
- طنط!!!!!

ألتفتت لها "إيناس" بغرابة قائلة بقلقٍ:
- مالك يا حبيبتي أنتِ كويسة!!!!

أنسابت دموعها من عيناها قائلة ببكاءٍ:
- جـواد!!!!

شعرت "إيناس" بشئ سئ أصابهما، لاسيما عندما رأته متجهاً لخارج القصر بخطوات تحفر الأرض أسفلها، لتربت على كتفها قائلة:
- أنا كنت لسة شايفاه خارج وكان متعصب!!!

زادت جملتها من بكاءها أكثر لتحتضنها "إيناس" وهي لا تعلم ماذا تفعل فهي لا تريد التدخل في شئونهما، ولكنها تنهدت تهتف بعقلانية :
- حبيبتي أسمعيني، أياً كانت المشكلة اللي ما بينكم أنا متأكدة أنك ذكية وهتحليها لوحدك، أنا عارفة أن جواد صعب.. بس والله مافيش أحن منه خصوصاً أنه بيحبك أوي من زمان و أنا بشوف دة في عينه، أي ست عاقلة بتحتوي جوزها وبتفهمه، مافيش مشكلة وملهاش حل ياملك، و أنا عشان أمه بقولك حاولي متعنديش معاه بالعكس سايسيه و أقنعيه باللي أنتِ عايزاه بعقل، جواد يا بنتي من أول م أبوه مات من 5 سنين و هو أتشقلب، بقى حد تاني غير أبني اللي أعرفه، بقا عنيد ومش.بيسمع الكلام وعصبي جداً حتى لو حاجات تافهه، بس لما كان بيشوفك كنت بحس أنه بيرجع جواد القديم، فاكرة لما جيتي هنا و أنتِ صغيرة شوية، كنت بشوف في عينيه حنان تقريباً بيظهر معاكي أنتِ بس، أنا بس عايزة أقولك أنه زي الطفل، بحُضن تراضيه و تاخدي عينه ويشيلك فوق راسه كمان!!!! فاهماني يابنتي؟!!

أومأت "ملك" سريعاً وهي تكفكف دموعها، و بإبتسامة شقت ثغرها هتفت:
- أنا متشكرة أوي، أنتِ بجد ريحتيني أوي يا ماما!!!!

أبتسمت "إيناس" بحنو عندما وجدتها تنعتها بوالدتها، لتربت على كتفيها قائلة بودٍ:
- يا قلب أمك أنتِ!!!!

لتتابع تغمزها بخبثٍ محبب قائلة:
-يلا أستني لما يرجع وأتصالحوا و ألبسيله حاجة كدا حلوة دة جوزك يا عبيطة

أومأت "ملك" بخجلٍ لتقبلها من وجنتيها ثم ركضت لغرفتها بحماسٍ!!!!

• • • •
ترجل من السيارة بخطواتٍ سريعة، ليقف أمام بناية شاهقة الأرتفاع، لتنزوى شفتيه بإبتسامة ساخرة، دلف للناطحة ليستقل المصعد يضغط على الطابق المنشود، أنفتح المصعد تلقائياً ليتحرك "باسل" منتصباً أمام الباب، عيناه سوداوية تتقافز بهما الشياطين، ليكور قبضتيه يضرب على الباب بعنف شديد، أخذت ضرباته تزداد عنفاً حتى فُتح الباب قائلاً صاحبه بصرامة:
- مين اللي بيخبط بالطريقة دي...!!!!!!
شُل لسانه عن الحديث عندما وجد "باسل" أمامه، ليتراجع هلعاً و نظراته له كالجحيم بذاته، ليرفع كفيه مشيراً له بالهدوء و هو يهتف:
- بــاســل متتهورش و أهدى!!!!!

ظل واقفاً على عتبة الباب ليُشمر عن ساعديه بإبتسامة مستفزة و هو ينظر لأكمام قميصه، ثم عاود النظر له وقد تحول وجهه تماماً للجمود ثم و بدون مقدمات مد ساقه بأكمله ليدفعه بقسوة شديدة جعلته يرتطم على الأرضية صارخاً بألم ضاري و هو يضع يده على ظهره، ليدلف "باسل" يغلق الباب خلفه موصداً إياه بالمفتاح، ثم مال عليه ليمسكه من تلابيبه حتى يجعله يقف أمامه ليرفع كفه مرة أخرى منهال عليه بلكمات جعلته يبصق دماً مرتمياً على الأرضية، ثم أخذ بضربه في وجهه بقدمه صارخاً بنبرة هوجاء:
- اللي يلعب مع حد من عيلة الهلالي يستاهل اللي يجراله يابن ال**** يا *****

تمتم "سليم" و هو يتآوه ألماً ممسكاً بصدغه:
- هبلغ عنك يابن الهلالي!!!!أنت فاكر أن البلد مافيهاش قانون!!!!

قبض على خصلاته ليضرب برأسه الأرضية مرة أخرى هادراً بقسوة:
- أنا القانون هنا يا روح أمك!!!!!!!

ثم جلس أمامه على ركبتيه ممسكاً بعنقه يجأر بعينان مشتعلتان:
- قسماً بالله لو مـ حكيت الحقيقة دلوقتي هقتلك يا سليم!!!!!

وضع"سليم" كفيه على كفه يحاول إزاحته عن عنقه قائلاً برجاء:
- هقول هقول بس أبوس إيدك سيبني!!!!
أبعد "باسل" كفيه عن عنقه ليهتف بسُخرية:
- قول يا حيلة أمك!!!!!

تآوه "سليم" من فرط الألم ليفرك عنقه الأحمر، يحاول الجلوس على الأرضية القاسية تلك، لينظر له بخوفٍ قائلاً بتردد:
- هحيلك.. هحكيلك على كل حاجة!!!!!

تنهد "سليم" قائلاً بخبثٍ خفي:
- لما قابلتك أنت ورهف لما كنتوا خارجين من المطعم، بعدها على طول أتفاجأت بيها بتكلمني كل يوم و بتجُر معايا ناعم، وقالتلي كمان أنها عُمرها مـ حبتك و أنها أتجوزتك عشان فلوسك اللي هتخليها عايشة في نعيم، و أنا بتعشقني أنا و أنا ضعفت قدامها، و فعلاً خليتها تيجي هنا مرة واحدة بعد زنها أنها عايزة تشوفني لما تبقى أنت في الشغل و آآآآآه!!!!!

لكمه "باسل" في وجهه ليقبض على خصلاته بقسوة شديدة قائلاً بغلظة:
- عارف لو عرفت أنك كنت بتكدب في كلمة واحدة هعمل فيك أيه!!!!!

شعر "سليم" بخطورة ما هو مقدم على فعله فكاد أن يتراجع ويخبره بالحقيقة بأكملها ولكنه يعلم إن علِم ما فعلوه هو و "آسيا" لن يكتفي بقتله بل سيفعل أشياء تُشيب الرأس!!!! ليُِهتف بضعفٍ زائف:
- صدقني اللي بقولك عليه دة اللي حصل ومش بكدب في كلمة!!!، و أنا ضعفت قدامها و آآآ!!!!

أخذ "باسل" يسبه بأقبح الشتائم و هو يلكمه بوجهه حتى سقط "سليم" مغشياً عليه!!!!

لينهض "باسل" و كفيه أمتلئت بالدماء يُلقي به نظرات متقززة، ليخرج من الشقة و من العقار بأكمله، ثم أستقل سيارته بدماءٍ ملتهبة، عينان حمراوتان توحي بما يعانيه من شعيرات كادت أن تنفجر بعيناه، وجسد متشنج من فرط غضبه، أستند برأسه يرتطم وجهه بالمقود عدة مرات حتى شعر برأسه يفتكها الصداع، ليلكم المقود بقسوة لاهثاً بشراسة، أخرج هاتفه من بنطاله ثم ضغط على شاشته بأصابع قاسية، وضعه على أذنه منتظر الرد، و عندما أجابه الطرف الأخر هدر به بعنف:
- هات الرجالة و تعالى على العنون اللي هكتبهولك في رسالة تجيب ال*** اللي فشقة رقم 9 و تحطوه في المخزن، وتروقوه سامعني!!!

ثم أغلق معه ليبعث رساله له يخبره بها العنوان، ليضغط على شفتبه بعنف قائلاً بنبرة جحيمية:
- هقتلك يا رهف!!!!
• • • •

جلست متذمرة تضع كفها أسفل ذقنها تنظر له بوجومٍ و هي تراه تكاد عيناه تخرج من محلها على التلفاز يشاهد إحدى المباريات الهامة، تجلس جواره من أكثر من نصف ساعة تحاول لفت أنتباهه بشتى الطرق ولكنه لا يفعل شئ سوى أن يتمتم بـ "أستني يا ملاذ"، إلى ماذا ستنتظر، عقدت ساعديها أمام صدرها مغمغة برجاءٍ:
- ظافر!!!!

لم يتكبد عناء الألتفات لها و هو يردف:
- نعم يا حبيبتي؟!!

كادت أن تُجن وهي تزمجر بعنف لتلتقط جهاز التحكم ثم ضغطت على إحدى أزراره لتصبح الشاشة سوداء كعيناه التي أظلمت تماماً، ليلتفت لها صارخاٌ:
- ملاذ هاتي الريموت!!!!

لوحت بجهاز التحكم أمام وجهه قائلة بمرحٍ:
- تعالى خُده!!!!

ثم نهضت راكضة بعيداً عنه تُخرج لسانها له بإستفزاز، لينهض هو محذراً:
- أنتِ عارفة أنا لو جيتلك هعمل أيه؟!!!

أرتدت "ملاذ" للخلف عندما بدأ بالإقتراب منها لتهتف بنبرة مرتجفة:
- هتعمل أيه!!!

لمحت الخبث بعيناها لتتدارك نفسها ثم أخذت تركض مبتعدة عنه لتقفز فوق الأريكة ترفع يدها الممسكه بجهاز التحكم عالياً قائلة بحماسٍ:
- يلا خُده!!!!

ركض "ظافر" لها لتنتقل من أريكة لأخرى، وفي ثوانٍ، وجدت نفسها محلقة في الهواء، فقد حملها "ظافر" من ركبتيها لتدلى رأسها خلف ظهره و خصلاتها تسقط على عيناها، أخذت "ملاذ" تلكمه بظهره قائلة بضحكات عالية:
- نزلني يـا ظـافـر!!!!!

قهقه عالياً بضحكاته الرجولية ليهتف متجهاً لغرفتهم:
- مش قولتلك مسيرك يا ملوخية تيجي تحت المخرطة!!! و أنا هفرمك النهاردة!!!!

ضحكت "ملاذ" عالياً لتهتف بمرحٍ:
- طب نزلني و نتفاهم يا عم المفرمة!!!!

دلف للغرفة ليلقي بها على الفراش بقوة ولم ينتبه لظهرها الذي لازال مكدوماً، لتتآوه "ملاذ" بقوة ممسكة بظهرها، جزعت ملامحه ليميل عليها يصفع جبهته بكفه هاتفاً بسرعة:
- حبيبتي.. أنا غبي نسيت والله!!!!

حاولت كتم ضحكاتها فـ بالحقيقة ظهرها لا يؤلمها لتلك الدرجة التي تُظهرها له، ولكنها أمسكت بظهره قائلة بغنجٍ:
- ضهري يا ظافر!!!!

هتف "ظافر" بلهفة حانية و هو يميل عليها يمسد على وجنتيها بأنامله:
- يا روح ظافر!!!!

أبتسمت "ملاذ" لترفع ذراعيها تحاوط عنقه قائلة وهي تزم شفتيها:
- لاء أنا زعلانه منك!!!!

أستند إحدى ركبتيه على الفراش لتظل ساقه الأخرى على الأرضية، ليمد أنامله يُزيح خصلة ساقطة على وجهها ليضعها خلف أذنها، ثم مال ليهمس أمام شفتيها:
- طب و الفراولة بتاعتي أرضيها أزاي!!!!

نظرت داخل عيناه وهي تحاول تحديد لونهما لتقول بلا وعي:
- أنت عينك حلوة أزاي كدا!!!!!

نظر لها بدهشة ليقهقه عالياً يعود برأسه للخلف، لتبتسم هي على ضحكاته لتمتد أناملها تعبث بذقنه ليقبض هو على أصابعها يقبلهما بشوقٍ، متنقلاً من أصابعها لشفتيها و لوجهها بأكمله، يسحبها معه في عالم لا يوجد به سواهما، يغدقها بحنانٍ لم تعلمه سوى على يده!!!!

• • • •

- رهــف..رهــف!!!!
صدح صوته في بهو القصر ليقع قلب والدته أرضاً وهي ترى كفيه اللذان لُطخوا بالدماء لتضرب صدرها قائلة بشهقاتٍ جازعة:
- أيه يابني الدم دة!!!!

تركها "باسل" ليصعد الدرج بخطواتٍ سريعه، لتتركه "رقية" يصعد مبتسمة بمكرٍ، سمعت صوت صراخه بعد قليل يهدر بعنفٍ:
- هــي فــيــن!!!!! راحـت فـيـن!!!!!

تصنعت والدته عدم المعرفة و هي تقول بدهشة:
- هي فين أزاي مش في چناحكوا يابني؟!!!

ضغط على ذهنه بقسوة صارخاً و هو يبدو كم فقد صوابه:
- لاء .. يعني أيه!!!! هربت!!!!!

تركها ليخرج للحراس الذين يقفوا بأجسادهم الضخمة عند بوابة القصر، ليصرخ بهم قائلاً:
- في حد دخل أو خرج من هنا؟!!!

نفوا "الحراس يقولوا بتأكيد:
- لاء يابيه!!!!

أمسك أحدهم من قميصه ينهره بعنف:
- أومال المدام بتاعتي فين رُد!!!!!

هلعت أنظاره و هو يرى قميصه الأبيض تخضب من دماء كفيه ليردف بتوجسٍ:
- صدقني يا سعادة البيت مش عارف بس والله محدش خرج من القصر خالص!!!!

لكمه "باسل" ليقع أرضاً مغشياً عليه، ثم تركه ليدلف للقصر صارخاً:
- يعني أيه محدش شافها أختفت!!!! الخدامين مشافوهاش و أنتِ يا أمي وفريدة أزاي محدش عارف هي فين هتكون الأرض أنشقت وبلعتها يعني!!!!

أجابته "رقية" قائلة وهي تربت على كتفيه:
- أهدى بس يابني و هنلاجيها أكيد هتروح فين أهدى بس!!!!

لم يشعر "باسل" سوى و هو يطيح بكل ما يقابله لينقلب القصر رأساً على عقب، فلم تتحمل "رقية" لتحتضنه قائلة ببكاء:
- بس ياحبيبي أهدى أبوس يدك!!

هتف بجنون هيستيري و هو ينزع جسده من أحضانها:
- فين!!! راحت فين!!!!!

أخرج هاتفه من بنطاله ليهاتف أحد رجاله صارخاً بهم:
- مراتي تقلبولي الدنيا عليها!!!! وانا جايلكوا!!!!

• • • •
دسّت المفتاح في الباب بأنامل مرتجفة، لتدفع الباب برفق مطالعة تلك الشقة الراقية التي كانت أفخم مما تخيلت، لتضع قدميها بداخلها ثم أغلقت الباب خلفها، وجدت السكون يحوطها من كل جانبٍ، مسحت عليها بأنظارها لتجدها بالفعل نظيفة ويبدو أن "رقية جعلت من يتكلف بتلك المهمة، سحبت حقيبتها خلفها ثم أغلقت الباب بالمفتاح، لتبتسم بسُخرية لما آلت إليه حالتها، فمن كان يُمثل أماناً ليس له مثيل لها..أصبحت تهرب منه خشيةً من أن يصيبها هي و أبنها بمكروهٍ، ظلت تتأمل الشقة بحدقتي مهزوزة، لتجلس على أقرب أريكة قابلتها، تضم ركبتيها لصدرها تطالع ما حولها بخوفٍ، فهي في إحدى البيوت الغريبة، في مكانٍ لا تعلم عنه شئ، أنقلب كل شئ في ثوانٍ معدودة، أبتسمت ساخرة لتردف و قد أنسابت الدموع من عيناها:
- ليه يا باسل!!! ليه تعمل فيا أنا و أبنك كدا، ليه تشك فيا وتصدق أني ممكن أعمل كدا، ليه مكنتش واثق فيا لـيـه!!! دة أنت حتى مسمعتنيش، ليه بعد مـ كنت الأمان ليا بقيت بخاف من قُربك، دة أنا كنت بتحامى في حُضنك و أنا عارفة أنك عُمرك م هتفكر تأذيني، بس كنت غبية وأنت طلعت الأذى كله بالنسبالي!!! بس ملحوقة يا باسل، أنا هعرفك مين رهف كويس!!!!!

قالت جملتها الأخيرة وهي تسمح دموعها بعنفٍ شديد، لتمسك بهاتفها والتي أخرجت منه شريحتها القديمة ووضعت أخرى لم تُسجل بإسمها، ثم هاتفت بواب البناية والتي أخذت رقمه من "رقية" التي أوصته بجلب كل شئ تريده، ثم أخبرته بأن يجلب لها أطعمة بجميع أنواعها ومستلزمات أخرى للشقة، و بالفعل جلب لها البواب ما تطلبه، لتبدأ "رهف" في طهي الطعام ثم جلست تأكل بمفردها وهي تشعر بالطعام يسقط كالعلقم في جوفها!!!!

• • • •

مرت ثلاثة أشهر كمرور شاحنة على جسده، يكاد يجن لا يعلم أين ذهبت، رُغم ما حدث ولكن هو خائف أن يكون أصابها مكروه، أن تكون في الطرقات مُشردة، روحه تكاد تصعد للسماء من كثرة الألم الذي يعانيه، لم يترك مشفى أو فندق أو مطارات لربما غادرت البلاد أو حتى قسم للشرطة إلا وبحث فيه، جعل قوى خاصة من الشرطة تبحث عنها ولكن لا فائدة، لا ينام لياليه وهو يعلم أنها ربما تكون في خطر، وكيف يُريح رأسه وهي بعيدة عنه لا يعلم أي شئ عنها، وما يمزقه أضعافٍ وجود طفلهُ في أحشائها، ليته أستمع لها، فـ ربما هي لم تخونه، ولكن قد فات الآوان لندمٍ لم يعُد يفيد!!!!
تألمت "رقية" لحال أبنها، تمنت لو أن تستطيع أن تخبره بمكانها لكي تُريحه، تتواصل يومياً مع "رهف" سراً تخبرها بسوء حاله و ألمه، كم يقحم نفسه في العمل و في التدريب بغرفته يمارس تمارين عدة جعلت جسده أكثر ضخامة، تخبرها بغضبه الدائم وعصبيته الهوجاء على أي شئ، تترجاها أن تعود، و رُغم نبرات "رهف" التي تألمت لحالته، ولكنها ليست متأهبة للعودة قبل أن يعلم كل شئ، لا تعلم كيف سيحدث ذلك ولكن بالتأكيد لن ينتصر الشر أبداً!!
بينما "ملاذ" و "ظافر" حالتهما تزاد أُلفة و ودٍ، ولكن عندما قصّت لها "رقية" ما حدث تألم قلبها لحال "رهف" لتأخذ رقمها منها لكي تحادثها، وبالفعل حادثتها وأتفقت معها "ملاذ" أن تذهب لها يومياً، لم تتركها يوماً تذهب جالسة معها دائماً بالإضافة إخبارها لـ "ظافر" بما حدث مشددة عليه أن لا يخبر "باسل" أبداً، جنّ "ظافر" عندما علم بما أقترفه أخيه من خطأ مع زوجته، و عندما ذهب له ليعاتبه وجده بحالة لأول مرة يراه هكذا، وكأنه فقد حياته، نبرته لا يشوبها مرح و هو الذي كان دائماً يمزح معهم!!!

بينما "فريدة" كانت تتطور في عملها يوماً تلو الأخر، تصعد درج النجاح ركضاً، رُغم نظرات "إياد" والتي لم تريحها البتة، ولكنها صممت على التغيير، وبالفعل أصبحت "فريدة" أخرى، أزدادت جمالاً فوق جمالها، أصبحت ذات شخصية قوية لا تقبل الهزيمة و الأستسلام، أصبحت أكثر أهتماماً بها، تعمل وتعمل وتعمل حتى تتناسى ما عانته بحياتها.. أو تتناساه!!!

• • • •

جلس على مكتبه بالقصر كالعادة لا يستطيع لملمة شتاته، جسده بأكمله يهتز غضباً ليشعل لُفافة تبغه التي أدمنها مؤخراً، يراجع أوراقه بذهن شارد، ليجد من يطرق عليه الباب بخفوت، تشنجنت ملامحه صارخاً:
- أنا قولت مش عايز أشوف حد!!!!!

دلفت الخادمة بخطوات مرتعشة، لتقف أمامه تفرك أصابعها بتوترٍ:
- بس يابيه الموضوع اللي أنا عايزاك فيه مينفعش يتأچل!!!!

ضرب "باسل" المكتب بقسوة لينهض مزمجراً:
- و أنا قولت مش عايز أسمع حاجة!!! أطلعي برا حالاً!!!

رفعت الخادمة أنظاره تطالعه بشفقة، لتهتف بخوفٍ شديد:
- حتى لو الموضوع يخُص المدام رهف!!!!!

أنتفض "باسل" بصدمة ليبتعد عن خلف مكتبه مهرولاً لها يهدر بذهول:
- رهــف!!!!!!

أومأت الخادمة سريعاً ثم ألتفتت تغلق الباب ببطئ، ثم أجهشت بالبكاء بإنهيار قائلة:
- والله يا بيه أنا خوفت أجول أرچوك سامحني!!!!

قبض "باسل" على كتفيها لينهرها بقسوة قائلاً:
- أنطقي في أيه!!!!!

- المدام مظلومة يا بيه معملتش حاچة!!!!!
هتفت ببكاءٍ شديد لتتوسع عيناه وهو يستمع لما تقُصه عليه من صدمات كانت كالصفعات على وجهه، ليرتد للخلف ممسكاً برأسه بقوة يُميل بجزعه العلوي للأمام يزأر كالأسد، ليلكم الحائط بعنف حتى نزف كفه، ثم خرج من الغرفة يهدر بصوتٍ جعل القصر يهتز من شدته:
- آســــيــــا!!!!!!!!!!

أنتفضت "آسيا" داخل غرفتها بعينان جاحظتان برعبٍ، لتخرج من الغرفة وهي تحاول إظهار قوتها لتقول من أعلى الدرج و هي تنظر له بالأسفل:
- في أيه يا باسل بتزعق كدا ليه!!!!!!

نظر لها "باسل" بنظرات نارية موقودة، ليصعد لها الدرج ركضاً، ثم وثب أمامها ليرفع كفه عالياً لاطماً وجهها بصفعة جعلتها تسقط أرضاً على الفور واضعة كفها على وجنتها بصدمة، أنحنى لها "باسل" ليجذب خصلاتها القصيرة في يده ثم سحبها للدرج كالحيوانات، تجمع القصر بأكمله بصدمة لتصرخ به "رقية" قائلة بعنف:
- في أيه يا باسل أنت أتچنيت!!!!!!

ظل يجذبها خلفه وسط صرخاتها وجسدها بأكمله يرتطم بدرجات السلم، وخصلاتها التي كادت أن تُقتلع من جذورها، ليشدد عليهما أكثر ليجعلها تنهض ثم دفعها على الأرضية أمامه، تدخلت العمة و "رقية" يحتضنوها صارخين به ولكنه لم يبالي بهم، بل أنهال عليها بصفعات مهلكة!!!، يردد بهيستيرية:
- عملت فيكي أيه عشان تعملي معاها كدا!!! م ترُدي يا ***** يا ****

حاولت والدته إيقافه صارخه به:
- يابني قولي عملت أيه!!!!!!

بصق "باسل" في وجهها يرمقها بإشمئزاز، ليلتفت لوالدته صارخاً و هو يشير على جسدها الذي أصبح كالجثة الهامدة:
- بنت ال***** هي اللي أتفقت مع سليم خطيب مراتي القديم ومسكت موبايلها وبعتت رسايل على أساس أنها رهف، بس و رحمة أبويا م أنا سايبك!!!!

شهقت "رقية" بصدمة واضعة كفها على فمها، وكان نفس الحال مع "فريدة" التي سقطت على الدرج متمسكة بالدرابزين بصدمة شديدة متجهة نحوهم، و كذلك "سُمية" التي عقدت حاحبيها بدهشة، لجذب "باسل" خصلاتها مرة أخرى ثم أتجه بها إلى بوابة القصر ليدفعها على الارضية خارجه، أرتطم جسدها بالأسفلت بقسوة ليصرخ بها "باسل":
- أحمدي ربنا أني مقتلتكيش!!!! مش عايز أشوف وشك هنا ولا في أي مكان أنا فيه!!!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close