رواية غمزة الفهد الفصل التاسع عشر 19 بقلم ياسمين الهجرسي
رواية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
------------------
عند الانتظار يطول الوقت كثيرا فتغدوا اللحظات وكأنها ساعات، تباطئ الوقت عليه وتسارعت دقات قلبه مخافتاً من هجر أخيه له ليصبح وحيداً مرةً أخرى بين تروس حياه لا ترحم وماضي يسحقه بلا شفقه، مضى الوقت عليه كحد السيف وهو يتكور على نفسه، أنفاسه فقط هي ما تدل على أنه ما زال على قيد الحياه ولكن هو يغوص فى ظلام عميق......
انتهى الطبيب من زيارته للاطمئنان على شقيقته وهو الان في طريقه للقيام برعايته الطبيه ل"ريان" صعد البنايه وقام بضرب الجرس مره اثنتان لم يأتيه الرد قام بإخراج مفاتيح الشقه من جيب سرواله فتح الباب ليجد الشقه مقلوبه رأساً على عقب و"ريان" مفترش الأرض، جرى نحوه يستكشف ما أصابه، هز جسده هزات بسيطه وهو يصيح باسمه لم يستجيب، حاول فتح جفونه لاحظ تهيج صحن عيناه بإحمرار شديد، صاح ينادى على فهد مرات ومرات ولكن لم يأتيه رد، حاول رفع رأسه لينتشله من أرضه ولكن لم يساعده تراخى جسده، وضعه وركض يأتى بكوب بماء نثر بعض منه على وجهه ليستفيق ولكن فشلت المحاوله، استقام وولج غرفته أحضر زجاجه العطر وحثى جواره ووضع القليل على يده ومررها بجانب أنفه ومسح بها على وجهه وأخذ يصفع وجنتيه صفغات خفيفه وهو يهتف بإسمه، ما بين الإغماء والصحو حرك أهدابه بثقل، زفر الدكتور حسن بارتياح وحمد الله على استجابته......
هتف بقلق :
-- ريان انت سمعنى .. لو سمعنى هز رأسك....
أومأ له ريان بصمت واستكان مره أخرى...
اردف حسن بخوف :
-- لأ وحياة ابوك أنا مش قد "فهد" أخوك.. اتحامل على نفسك ادخلك جوه.. ميعاد علاجك وجب ولازم تاخده عشان أعرف ايه وصلك للحاله دى..
انتشل "حسن" جسده بصعوبه جعله يعتدل يستند على صدره ويديه تحيط خصره، قدميه كالهلام أخذ يسحف بتهدل دلف غرفته وأخيرا لمخدعه، لثقله دفعه "حسن" ليسقط على الفراش زفر بتعب، قام بخلع حذائه ورفع قدميه على الفراش وعدل وضعية نومه، ركض خارج الغرفه أتى بأدوات الفحص الطبيه، فحص مؤشرات الحيويه وجد النبض ضعيف ودقات قلبه كذلك ودرجة حرارة جسده أخذت ترتفع قليلا مع هذيانه ببعض الكلمات الغير مفهومه، مسح على وجهه بعصبيه مخافتا من ان تصيبه نكسه، ولكن بالأخير هو ليس له ذنب هو تركه فى عهدة أخيه، قطب بين حاجبيه بغيظ واستدار يتفحص حقيبته وأخرج منها الأدويه المعالجه لحالته، أعطاه العلاج وجذب الغطاء دثره جيدا وأغلق النور وغادر الغرفه يتصل بأخيه ليعلم ماذا حدث وأين هو مما حدث....
قبض على هاتفه وحاول الاتصال على "فهد"، تصاعد الرنين عدت مرات الى أن أتاه الرد....
بنبره حاده هتف الدكتور حسن :
-- انت فين يا"فهد" باشا.. مش فى اتفاق بينا متسببش "ريان" الا لما أكون موجود عشان متحصلوش انتكاسة ويدخل فى كومه.. ده ممكن كان نزل ورجع يتعاطى مخدرات تانى واللى احنا تعبنا فيه بقالنا أسبوع يترمى عالأرض وبكده نكون فقدناه خالص......
صرخ "فهد" بعصبيه قائلا باضطراب :
-- فى أيه يادكتور ادخل فى الموضوع على طول "ريان"حصله أيه..
أجابه الدكتور حسن بامتعاض :
-- والله السؤال ده المفروض أنا اللى أسألهولك.. أنا سيبه فى عهدتك.. ايه حصل وصله للحاله اللى لاقيته عليها دى...
عقب عليه فهد بقلق :
-- حالة أيه أنا سايبه كويس.. كان واخد علاجه وحالته مستقره.. انا جالي تليفون فاضطريت انزل. طمني ماله ايه اللي حصل...
زفر الدكتور حسن بغيظ واجابه :
-- أنا جيت لقيت الشقه مكسره وهو مغمى عليه في الأرض.. بصعوبه عقبال ما فوقته واديته علاجه وسايبه دلوقتي نايم.. حضرتك فين...
توتر من حديث الدكتور عن حالة اخيه، الحزن شق صدره من تدهور الأمور بينهم بهذه الطريقة، ولكن هو لم يعطى له سبيل للعبور به من هذه المحنه....
أجلى صوته بنبره خشنه قائلا :
-- تمام يا دكتور أنا حاليا في طريقى للبيت الكبير بتاع العيله جدت ظروف مش هعرف أجي.. حضرتك هتبات معاه الليله والصبح ضروري ما تسيبهوش لأن أنا مش هبقى فاضي عندى اجتماع في المصنع وضروري أكون موجود.. حضرتك هتفضل معاه تباشر حالته لحد ما أنا أجي واللي حصل ده وعد مني انه مش هيتكرر....
على مضض وافق الدكتور على حديثه وأغلق معه الهاتف ودخل يطمئن على "ريان" ليجذب المقعد المجاور للمخدع يستريح جواره حتى اذا استفاق يشعر به....
أما "فهد" أغلق معه وبداخله نيران مستعره يود لو يقيم الحرائق في كل ما تطوله يده، خساره اخيه كانت وشيكه، ظل يدور بسيارته يتفتل بالشوارع وبرأسه مئات الاسئله يطرحها عقله حتى يستطيع تخطى تلك المرحله الصعبه من حياته، مرء الكثير من الوقت حتى حتى كسى ظلام الليل، ليحل على جسده التعب والأرهاق فلم يجد سبيل غير الذهاب لبيت العائله لأخذ قسط من الراحه حتى يتثنى له التفكير جيدا ويستعد لنهار صباح جديد يحمل فى طياته الكثير.....
--------------------------
مساء فى دوار الراوى دلف فهد بخطى ثقيله وجسد منهك وعلامات الإرهاق مرسومه على وجهه، ألقى التحيه فلم يجيبه أحد، فكل أفراد العائله كلا منهم بغرفته يتدبر شؤونه، صعد درجات السلم فتح باب غرفته وولج للداخل وضع متعلقاته على المنضده وخلع جاكيته وعلقه على مشبج خشبى بجوار الحائط، من الارهاق تمدد بملابسه على الفراش أغمض عينيه يستجدي الراحه، قليلا و تذكر والدته "هنيه" وقلقها عليه عندما تعلم أنه لم يأتي أو تأخر بالخارج....
تنهد بتعب واعتدل جذب هاتفه وبعث لها رساله فحواها أنه جاء للبيت متأخر وصعد غرفته كي يستريح لأنه يتوجب عليه الذهاب للمصنع مبكرا لعمل اجتماع طارق انتهى وأرسلها وتسطح على الفراش دثر نفسه وسبح فى نوم عميق يحاول إرحاة عقله من التفكير فيومه كان طويل واختتم بمشاده حاده بينه وبين أخيه كانت من الممكن أن تؤدى بحياة أخيه....
-------------------
يأتى الصباح حاملا فى طياته شمس الدفئ والعطاء ليخفى بأشعتها ظلمة اليأس وينسج بخيوطها روح الأمل نحو غدا أفضل.....
فى غرفة "هنيه وسعد" استيقظت قبله واعتدلت طبعت قبله على صدره وانسللت من أحضانه بهدوء، ولجت غرفة الحمام اغتلست وتوضأت وخرجت صلت فرضها، انتهت لتجذب هاتفها لترى كم الساعه، وجدتها السادسه صباحا وعليها ايقاظ الفتيات للمدرسه، لاحظت وجود رساله من فهد، فتحتها لكى يطمئن قلبها، حمدت الله أنه بخير، واستقامت تستكشف أحوال البيت وإعداد فطار خفيف ل "سعد" قبل إيقاظه.....
خرجت للردهه الفاصله بين الغرف وصل لأذنيها صوت القرآن الصادر من المذياع الذى بغرفة "فهد" فعلمت أنه استيقظ، طرقت الباب طرقات خفيفه لم يوصلها رده توقعت أنه بغرفة الحمام، ابتسمت وتوجهت للاسفل تحضر له إفطار مع أبيه....
بعد قليل انتهت وصعدت لغرفة ابنها، طرقت الباب ليسمح لها بالدخول، ألقت عليه التحيه وهى تسمى وتكبر من شر حاسد إذا حسد عندما شاهدته بهيئته التى تأثر العين...
ابتسم لها ولثم كفها قائلا :
-- صباح السعاده على عيونك ياأمى.. عامله أيه.. معلش مقصر معاكى بس مضغوط جدا.. حقك عليا.....
مسدت على كتفه بحنو :
-- حبيبى يسعد صباحك وأيامك.. ولا يهمك ياقلب أمك المهم انك بخير.. ربنا يهونها عليك ويفتح فى وشك أبواب الرزق.. ويفرحك بالسعاده اللى قلبك يستحقها..
أردف براحه :
-- ياالله عليكى ياهنون بحب دعواتك بتاعة الصبح حرفيا بتبارك بيها وبتكون بشاره حلوة بتلازمنى طول اليوم....
تابع بحب يستجدى دعواتها :
-- كترى من دعواتك النهارده ياأمى عندى مقابله ادعيلى تعدى على خير حاطط أيدى على قلبى لتقلب غم..
عقبت عليه بنفور :
-- يكفيك شر الغم يا حبيبي.. اللي يتعبك بلاش منه اهم حاجه راحتك..
أجابها بمشاعر صادقه :
-- ولو قلت لك ان هي راحتي بس للاسف الظروف معاكسه معنا وهي في الجنان ما اقولكيش....
تطلعت له تزوي ما بين عينيها مبتسمه هاتفه بمكر :
-- طبيت ولا ايه يا باشمهندس.. مش ناوي تقول لي مين سعيده الحظ اللي عششت في قلبك ومغيراك من ساعه ما جيت.....
رد عليها بسعاده يشوبها القلق من القادم :
-- لسه شويه يا أمى الدنيا مش متظبطه.. صدقيني لو أموري اتعدلت أول واحده هقول لها أنتى.. بس دلوقتي مش هينفع لان وارد أن الموضوع ما يمشيش.. فمش عايز اتكلم في حاجه سبقه أوانها.. بس ادعي لي كتير ربنا يهديها عليا وتبطل جنان وتفهمني.. هي حته قزعه صغننه قد كده...
قالها وهو يفعل حركه بأصبعيه يشبه بها حجمها.. وتابع يفتعل بيديه حركه تدل على الجنان قائلا :
بس مجنناني ومطيره النوم من عيني....
رتبت على صدره وهتفت بغبطه لفرحه ابنها التي تلمع بعينيه على ذكر حبيبته هاتفه بسرور :
-- ربنا يسعد قلبك يا حبيبي ويعمل لك اللي فيه الخير والصالح ويهديها لك.. كلهم في الأول بيبقوا مجانين وبعد كده بيبقوا سيد العاقلين.. بعد كده أنت اللي هتطلب منها الجنان وهي اللي مش هتبقى قادره تتجنن من المسؤليات اللى هتبقى عليها..
تابعت توصيه :
-- عيش يا حبيبي وافرح واتجنن معها هى دى أحلى أيام بعد كده مبتتعوضش.. اهم حاجه الحب يكون متبادل بينك وبينها.. ويكون في احترام وموده ورحمه دي اهم أركان علشان حياتك تبقى سعيده ومستقره.. قبل ما تاخد الخطوه عايزاك زي عوايدك فكر كويس هتناسبك ولا لأ.. ما هو برده مش كل المجانين في مجنونه بس محترمه وبنت أصول عندها بردوا العقل اللى وقت اللزوم بيطلع منها جواهر تزين بيه بيتها وتعشش على جوزها.. أنا مش هفهمك أنت كبير كفايه أظن فاهم أنا قصدي أيه يا حبيبي.. أنا مش هقول لك أنا عايزه أعرف هي مين بس أنا عارفه أن اختيارات ابني مش هتكون أى كلام.. أنا عارفه أن أنت عاقل ومقدر حالك ومكانتك ومقدر عيلتك.. فمش أى مجنونه هتليق ب"فهد الراوي".. ربنا يا ابني يراضيك باللي تكون أمك وأختك وبنتك وحبيبتك وزوجتك.. يوم الهنا ويوم المنى لما أشوفك عريس مالوا هدومك مأسس بيت عالحب والدفى والاحترام....
بسعاده أومأ لها بموافقته على حديثها قائلا بغبطه :
-- ربنا يخليكى ليا ياست الكل.. هو بالظبط كده كل اللى قولتيه موجود فيها.. بس ناقص أصرح ليها بمشاعرى.. لو تمام هعرفك عليها فورا..
دنت منه طبعت قبله على جبينه هاتفه بحنو :
-- ماشي يا قلب أمك طبعا أنت أيه مستعجل ومش هتقعد تفطر معانا.. عملت لك حاجه خفيفه كده زي اللي عاملاها لابوك يلا خد كوبايه لبن وشوية قراقيش افطر وتوكل على الله ربنا ييسر لك حالك ويسهل لك طريقك....
ابتعدت تغادر انتبه فهد وصاح يمنعها من الخروج قائلا :
-- يا امي ما تنسيش النهارده "أحمد وعبد الله" جايين عشان قرايه الفاتحه بتاعه البنات جهزوا الدنيا عشان الناس جايه بالليل ولو احتجتى أي حاجه رني عليا وأنا هجيبها معايا وأنا جاي.....
أومأت له بسعاده هاتفه :
-- على خير يا حبيبي يجوا على خير.. البيت جاهز من مجاميعه مفيش حاجه ناقصه.. إن شاء الله تبقى قاعده تشرفك أنت وأبوك وجدك ..
قالت كلماتها وتركته تغادر لغرفة ملاذها عشق الهنا والسعد.....
--------------------
داخلها حاله من الصراع بين مؤيد ورافض بعد كل ما مرأو به ليلة أمس، ليس من الهين عليها الانصياع لطلب أخيها والتغافل عن ما تمر به أختها، وسط هجوم أمها وتلميحاتها انها تشعر باخفائهم أمرا ما يزداد ترددها بعدم القبول بالعمل معه فبذلك ستعطى لهم حجه قويه لطرح مزيد من التساؤلات والتى سيكون مقابلها اجابات صعب الادلاء بها، خائفه من تلك الخطوه بل مرعوبه أن تخونها مشاعرها وتفقد السيطره على قلبها، مقابلته يوميا ومشاهدته عن قرب تثير رجفه فى أوصالها.....
ساقتها قدميها لخزانة الملابس تستخرج منها ثياب تناسب المقابله، ذهنها شارد فى كيفية التصرف فى ظل وجود أخيها، تنهدت بوجع ينخر روحها تستحوذ عليها مشاعر كثيره تغمرها بتثاقل رهيب فلا تستطيع التفكير أو كيفية المضى قدما بدون خسائر، تأرجحها بين قلبها وعقلها يزيد الصراع دخلها، زفرت بضيق لامتثالها لرغبة أخيها بالعمل معه وحثت نفسها بالتعامل معه برسميه والتحكم بضبط النفس.....
انتهت من ارتداء ملابسها مع مناداة أخيها عليها لاستعجلاها لاقتراب الموعد المحدد، كورت قبضت يدها بغضب وتحدثت من بين أسنانها هاتفه بحنق :
-- جايه يا عبدالله لسه بدرى بطل صياح عالصبح...
أما بالخارج كان قد استيقظ للتو عزت وأحمد على صوت عبدالله المزعج والضوضاء الذى يفتعلها لحث غمزة على الإسراع للذهاب للمصنع لمقابلة فهد....
هتف عزت بنعاس :
-- ايه يابنى صاحي وعامل دوشه ليه.. بالراحه صوتك جايب آخر الشارع...
مسح أحمد على وجهه بخمول معقبا عليه :
-- هو يابابا لو معملش كده تعرف انه تعبان.. بجد الله يكون فى عونها مراته المستقبليه مش هتلاحق على صداعه بتاع كل يوم الصبح....
بمرح أجابهم :
-- صباحين وحته على أحلى رجاله فى الحته.. مالك ياباشا منك ليه أنا صاحى مزاجى رايق.. واحد رايح يخطب النهارده هكشر ليه..
قالها وهو يقف جوار أبيه يلثم كفيه بحب...
ربت عزت على وجنته بحنو هاتفا بغبطه :
-- ماشى ياحبيبى ربنا يسعدك.. بس أهدى شويه انت شايف أختك رايحه المقابله وهى مش مبسوطه.. وأنا مش عارف مالها متغيره بقالها كذا يوم.. أهدى عشان متلقيهاش طالعه بزعابيب أمشير وتقولك مش رايحه...
اردف عبدالله بتفهم :
-- حاضر يا حاج هخلي بالي من النقطه دي ما تقلقش....
خرجت من غرفتها وعلامات الضجر مرسومه على وجهها هتفت بتأفأف :
-- خلصت يا"عبدالله" يلا بينا لو مستعجل عشان نمشي....
صاحت أنعام من داخل المطبخ هاتفه :
-- استني أنتي وهو رايحين فين مش تفطروا الاول...
أجابها عبد الله :
-- لا مفيش وقت يا نعوم هناخد أى حاجه خفيفه واحنا ماشيين عشان يا دوبك عقبال ما نوصل لأن انتي طبعا عارفه المصنع على مشارف البلد فى الارض الجديده وهياخد الطريق مننا وقت....
عقبت عليه أنعام باهتمام تذكره :
-- تمام يا عبد الله حاول ما تتأخرش أنت واختك علشان قرايه الفاتحه بالليل..
وتابعت وهى توزع نظراتها بينه وبين أحمد :
-- كل واحد يتمم على الهديه اللي جابها لخطيبته عايزين واحنا ماشيين ما تكونش في حاجه ناقصه هى قعدة تعارف وقراية فتحه بس الاصول لازم تتعمل...
أومأوا لها بحب يقولوا فى نفس واحد :
-- ما تقلقيش يا نعوم كله تمام..
تابع عبدالله مبتسما :
-- ان شاء الله اصلا مش هنتأخر ده هي مقابله ساعتين ومسافه الطريق يعني هي مش هتبدا شغل النهارده فهتلاقيني قبل الميعاد جاهز ومتظبط ده انا مستني اللحظه دي من زمان....
وقفت "أنعام" بجوار "عزت" يتطلعوا لأثار مغادرة "عبدالله وغمزة" داعين الله لهم بالتوفيق، نظرت لزوجها ففهمت مقصد نظراته لتجيبه بحب :
-- متقلقش ياحبيبى بنتنا زى الفل هى اللى ظروف رسالتها مخنقه معاها عشان كده مكنتش حبه ترتبط بشغل يزيد من الضغط عليها..
تنهد عزت براحه يلثم جبهتها بحب :
-- ربنا يريح قلبك يا انعام، متعرفيش كنت قلقان عليها قد ايه،
عقبت عليه بود :
-- يارب ديما مرتاح البال.. بناتنا مفيش فى ادبهم ولا تربيتهم ربنا يحافظ لنا عليهم..
وتابعت بمشاكسه :
- يلا يا راجل يا عجوز خش اتوضا وصلي عقبال ما اجهز لك الفطار عشان تلحق تشوف مصالحك قبل ما يجي ولادك من من اشغالهم...
ضحك عزت على مداعباتها له قائلا -- ربنا يسعدك ياأنعام زي ما دخلتي حياتنا ومليتيها سعاده...
طبعت قبله على صدره هاتفه :
-- انت اجمل هديه من ربنا ادهاني عشان تعوضني عن وجع السنين..
أنهوا حديثهم وكل منهم يذهب وجهته...
-----------------------
ركبت غمزه وعبدالله سيارتهم كانت شارده الذهن لم تعرف ماذا تفعل، مخيلتها ترسم سيناريوهات كثيره ليس لمقابله "فهد" فقط بل بالعمل معه الذي أجبرت عليه بسبب ألا ينكشف أمر أختها ظلت في دنياها تائهة
اما عبد الله كان يحدثها عن خطوبته وعن ما سيرتديه ولكنها لم تستمع له أو تنتبه لما يقوله...
هزها لكي ترد عليه قائلا :
-- غمزه في أيه يا بنتي أنا عمال اكلمك مش بتردي عليا.. اللي واخد عقك يتهنى بيه...
ابتسمت له بمشاكسه لكي تخفي قلقها هاتفه :
-- مالك عامل دوشه ليه هو مفيش حد هيخطب غيرك...
ضحك بقهقهه عاليه وهو يصفق بسعاده قائلا :
-- طبعا مفيش حد أسعد مني النهارده.. هخطب حبيبة قلبي وكلها كام شهر وهتبقى في بيتي ونعيش في تبات ونبات ونخلف صبيان وبنات....
اجابته بتساءل قائله :
-- أنت بتحبها قوي كده يا عبد الله معقوله حبيتها بالشكل ده أمتى.....
رد عليها بهيام ونظراته تتنقل بينها وبين الطريق مردفا :
-- بحبها قوي يا غمزه.. من أمتى بقى من يوم ما طلعت لي زي القضى المستعجل.. كنت بشوفها فى احلامى. حتى ريحتها كنت ديما بشمها حواليا.. عشان كده لما لاقيتها لقيت نفسي غرقان فحبها بدون سبب.....
زاغت بعينيها بعيدا عنه قائله بنبره مضطربه بسبب ما تعيشه من مشاعر جديده عليها :
-- هو كده الحب مش محتاج سبب عشان تحب شخص معين.. أنت بتلاقي نفسك كده غرقت في ضلمته وما بتلاقيش نور غير فى اللي بتحبه.. بيكون هو اللي منور ليك واقف في آخر طريق عتمة حياتك وأنت واقف لا عارف تقرب بسبب العواقب اللي هتواجهك لحد ما تمتلك الحب ده وتوصل للنور ده ولا انت قادر تبعد وتفضل عايش فى الضلمه زي ما أنت قبل ما تعرفه.. للاسف معادله صعبه.....
غمز لها عبد الله مردفا باستفهام :
-- هو أنا ليه حاسس أنك زي ما تكوني بتتكلمي على نفسك....
ارتبكت من سؤاله وأردات أن تغير مجري الحديث قائله :
-- هو لسه كتير على المصنع
هز رأسه بالنفى قائلا :
-- لأ خلاص قربنا.. بس حلو الطريقه الجديده دى.. اتهربي زي كل مره على قد ما تقدري.. بس صدقيني هيجي الوقت اللي لازم تيجي تحكي لي على كل حاجه...
قال كلماته وتذكر مثل لوالدته أردف به بمزاح :
-- وعلى رأى المثل زي ما الست "أنعام" بتقول "مسيرك يا حبه تيجي تحت الرحايا"........
عندما انهى حديثهم أوقف السياره أمام الباب الخارجي للمصنع، فتح له عامل الأمن البوابه يلج بسيارته الى مجمع من المباني يتوسطهم مبنى المصنع الأدارى مكون من ثلاث طوابق، الطابق الأخير خاص برئيس مجلس الإدارة، والطابق الثانى خاص بالشؤون الماليه والقانونيه، والطابق الأول خاص بمعمل كبييير لطاقم الدكاتره المشرفين على الخدمه الطبيه للعجول، الواجهه الخارجيه للمصنع زجاجيه صممت على الطراز الغربى من يراها للوهله الأولى يشعر انه انتقل من دوله لأخرى.....
ترجلت من السياره تنظر بانبهار للمكان، تطلعت ل عبد الله قائله باعجاب :
-- أكيد ده مش مصنع ده صرح كبير قوي يا"عبد الله" أيه الامبراطوريه دي....
رد عليها عبدالله قائلا مؤكدا :
-- يا بنتي المكان ده كله مجهز على أحدث تقنيات عالميه سواء المباني المعماريه أو التجهيزات للمصنع أو التقنيات اللي شغال بيها الآلات..
تابع يجذب انتباها أكثر قائلا :
-- لما هتشوفي كل حاجه هتنبهري.. عشان تعرفي اني كان عندي حق لما أقول لك أن الشغل ده هو اللي هتستفيدي منه قوي.. وهينقلك لمكان ثاني أكثر من اللي كنت بتحلميه بيه أو تتمنيه....
وضعت يدها على وشاح رأسها تعدل هندامه قائله بإيماءة موافقه :
-- واضح فعلا أن عندك حق...
دلف بها للداخل قائلا :
-- الطابق الثالث ده خاص بمجلس الاداره وهو اللي بيتم فيه جميع الصفقات والاجتماعات اللي بتتم داخل مؤسسه الراوي لانتاج اللحوم والالبان....
نظر في ساعه معصمه وامسكها من ذراعها قائلا :
-- فاضل 10 دقائق على ميعاد المتينج.. تعالي افرجك علي المصنع قبل ما نطلع.. هتنبهرى من اللي هتشفيه...
وأشار في بيده علي باب خلفي من المجمع الإدارى قائلا :
-- ده الباب الخاص بمديرنا الهمام "فهد الراوى" والمسؤولين اللي منهم اخوكي "عبدالله عزت"
نظرت له بفضلوا عملي وتناست كل الزوبعات التي تدور في عقلها وغلب عليها شقها العملي وسارت بجواره..
دلفوا الي المصنع القي التحية على فرد الأمن قائلا :
-- صباح الخير يا فوزى..
ابتسم له فرد الأمن قائلا بحبور :
-- أهلا يا بشمهندس "عبدالله"..
حول نظره الي "غمزه" قائلا :
-- حضرتك أكيد دكتوره "غمزه" اللي مبلغني عنها الباشمهندس "فهد" بأن كل أوامرها وطلبتها تنفذ بدون مناقشه....
هزت رأسها وهي تبتسم بهدوء وتبسط يدها له قائله بترحيب :
-- أهلا يا أستاذ "فوزى"....
قالتها وهي تفكر فى تعليمات "فهد" للأمن بالاهتمام بها....
فاقت من شرودها على صوت "عبد الله" قائلا :
-- يلا يا دكتوره "غمزه" عشان اعرفك على المصنع...
سارت بجواره وولجوا الى الطابق الأول للمصنع وكان عباره عن ماكينات تغليف لا تلمسها أيادى العمال كل ما يفعلوه هو وضع المنتج في عبوته المخصصة وأخذها ووضعها في المخزن لحين توزيعها للأماكن المخصصة للبيع....
نظرت له هاتفه بذهول :
-- معقول المصنع ده عندنا في مصر مش مصدقه بصراحة عيوني.. ده العمال عندنا بيتنفخوا من المجهود اللى بيعملوه التغليف والتعليب....
دلفت الي مكان تنظر للآلآت عن قرب تتطلع بانبهار لكيفية عملها بهذه التقنية الحديثة......
اقترب منها عبدالله قائلاً :
-- تعالي أوريكي قسم اللحوم الحمراء ومنتجاتها المصنعه. .
سبقته بخطوات سريعة تكتشفها وتنظر إلى كيفيه صناعه المنتجات، ظلت تدور بين الأقسام الصناعية والتجارية حتي انتهوا....
هتفت غمزة بحبور :
-- بصراحه عمرى ما كنت أتخيل أنى اشوف مصنع زى ده على أرض الواقع أو أنى اشتغل فيه.....
رد عليها عبد الله مؤكدا لما تقوله :
-- يا بنتي "فهد الراوي" درس في أمريكا وهلص وطلع على المانيا عشان يشوف احدث تقنيات فى المكن..
وتقدرى تقولى المصنع كله شغال بمكن وتقنيات حديثه جدا.. غير بيحصل فيها صيانه الكترونيه من على الأجهزه عندهم بره فى بلد منشئ الصنع..
الا لو حصل بقى تدخل يدوي واضطرينا اننا نجيب مهندسين صيانه من الشركه الأم المصنعه للآلات والمعدات دي في المانيا.. حقيقي انتي هترتاحي جدا فى الشغل هنا وهتنبهري بيه وهيفيدك قوي في دراستك....
كانوا أثناء حديثهم يغادرون المبنى الصناعي، دلفوا الى المبنى الاداري كان عباره عن عده غرف مكتبيه حوائطه زجاجيه عازله للصوت جميع الموظفين يعملون بجد ونشاط، وقفوا أمام الاسانسير، صعدوا به، ولكن هى كانت شارده الذهن كليا وجزئيا، لم يتبقى في عقلها ذره تفكير لشيء غير الذي تراه بعيناها، طقطق أخيها أصابعه أمام وجهها يحثها على الانتباه قائلا :
-- عاوز اعرف في أيه سرحانه وشارده في أيه...
ردت عليه وهي تهز رأسها بالنفي :
-- أنا مش سرحانه ولا شارده.. انا منبهره من اللي شوفته...
وضع يده بجيبه بنطاله بزهو وهو يضحك على مظهرها ولمعة الاعجاب الظاهره بعينيها قائلا :
-- يا بنتي منبهر من أيه ده "فهد الراوي".. أنتى بتهزري ده أقل حاجه ممكن يعملها.. وبعدين انتي ليه محسساني إنك مكنتيش لا سمعه ولا عارفه حاجه عن الآلات الحديثه دى...
لكزته في صدره قائله بحنق :
-- أنت هتستهبل مين قال لك أن مش عارفه حاجه عن الآلات الحديثه دى.. هو أنا جهله يعنى.. بس اغلب المستثمرين بيفضلوا يجيبوا عمال تقوم بالشغل ده توفير ليهم.......
تابعت بتوضيح :
-- يا ابني بص هصححلك معلوماتك.. أنا مندهشه ان لسه في ناس بتفضل صحه المستهلك واهتمامها بأن المنتج بتاعها يبقى براند عالمي.. بغض النظر عن التكلفه اللي ممكن يتعرض لها بسبب الفكره دي....
وافقها عبد الله الراي قائلا بتأييد :
-- صدقيني لو كل مستثمر عمل زي ما هو بيعمل كانت كل المنتجات المصريه تبقى براند عالمي.. هو أيه الفرق اللي ما بينا وما بين الدول بره.. أن الدول دي بتصنع الآلات اللي احنا بنستوردها منهم وبيستخدموها صح وبيصبح المنتج بتاعهم براند عالمي.. رغم انه ممكن يكون في الجوده أقل من منتجات عربيه كتير.. وده اللي مأخرنا للأسف إحنا كوطن عربي.....
أصدر الأسانسير صوت يعلن عن وصولهم الى الطابق المطلوب وكان الطابق الاخير في المبنى الاداري كان مثله مثل جميع ما ينطبق على المكان والذي يجعلك كلما تتوغل في المكان تنبهر أكثر...
ولجت تدخل مكتبه وكان أكثر انبهارا عن كل ما شاهدته، دخلت غرفه السكرتاريه التي كانت تجلس على مكتبها تعمل على حاسوبها النقال، فتاه شديده الجمال هيئتها تدل على أنها من الطبقه العاليه...
رفعت السكرتيره قامتها من على الحاسوب ووقفت ترحب بهم، اقتربت منهم بخطوات هادئه وبسطت يدها ترحب ب عبد الله هاتفه :
-- أزيك يا بشمهندس "عبد الله" أكيد دى أختك الدكتوره "غمزه"..
كانت "غمزه" تستمع لهم والنيران تشتعل داخلها هتفت لنفسها بغيره :
-- ياحلاوتك يا"فهد" أنت بتقعد مع الصاروخ ده طول اليوم.. معقول قادر تمسك نفسك قدام جمالها أكيد في بينكم حاجه.. معلش احنا بنتكلم دي ولا الجنيات اللي هربانه من الأساطير.....
فاقت على صوت ميريهان تنادى عليها :
-- رحتي لحد فين يا دكتوره "غمزه" أنا سعيده جدا إنك هتشتغلي معانا.. عشان أنا تعبت من الرجاله الكتير في المصنع.. بصراحه جبت أخرى مفيش جنس ناعم غيرى.. شكلنا هنبقى أصحاب جدا...
كانت تستمع لها وعقلها يشاور مع شياطينها :
-- طبعا يا أختي هنبقى أصحاب ما نبقاش أصحاب ليه.. لما نشوف أخرتها معاكي أنت والباشا اللي مصمم لي كل حاجه على أحدث تقنيه لا وجايبك أنتى كمان على احدث صايحه...
تطلعت لها مبتسمه ابتسامه لا تصل لعينيها هاتفه من بين أسنانها :
-- طبعا حبيبتي يشرفني أن إحنا نبقى أصحاب....
بسطت يدها تصافحها لتتفاجئ بأن فى يدها خاتم يدل على خطبتها...
شهقه خرجت عفويه من المفاحأه مردفه بسعاده مافيه لما كانت تشعر به منذ قليل :
-- أكيد هنبقى أصحاب يا حبيبتي ده شيء يسعدني...
تهللت أساريرها وهي تحمد ربها داخلها إنها مرتبطه، ولكن وسوس لها شيطانها أن تتأكد أكثر قائله :
-- وأنتى أكيد يا"مريهان" خطيبك شغال معاكي هنا في المصنع.. علشان كده بيهون عليك الملل اللي بتحسي بيه....
وضعت "مريهان" كفيها على وجهها تخفي ملامحها وتمثل البكاء هاتفه بحنق مصطنع :
-- يا ريت يا أختي يا ريت كان كله يهون.. للأسف هو مسافر لأنه بيأسس مصنع هو كمان وأنا هنا علشان أتدرب لحد ما ينتهي من تاسيسه......
ابتسمت لها غمزه بسعاده تعقبرعليها :
-- ربنا ياحبيبتي يجمعكم على خير يا رب.. ويهونها ان شاء الله شكلك بتحبيه...
اشارت ميرهان على قلبها بغبطه :
-- ده عشق العشق دى قصه حب جامده.. أن شاء الله نقعد مع بعض واحكي لك عليها....
ابتسمت غمزه بسعاده متمنيه لها الفرح والسعاده قائله :
-- ان شاء الله يا قلبي ده يسعدني...
صدح صوت جرس مكتبها انفزعت قائله :
-- أخذنا الكلام و نسينا الاجتماع اتفضلوا...
رد عليها عبدالله قائلا :
-- والله عنده حق البشمهندس "فهد" يخلي كل الشغالين هنا رجاله.. بقالكم ساعه بتتكلموا في كلام فاضي......
نظروا لبعضهم بصدمه من حديثه واشارت ل غمزه أن تخلص حقها فيما بعد.....
ضحك قائلا :
-- أنا هدخل أنا الأول بدل ما تقتلوني أنتم الاثنين....
قالها وفرمن أمامهم بالخطوه السريعه.....
هزت غمزه رأسها بسخريه تطلع لأثره قائله :
-- امشي أنا كمان بدل أحسن الشكل المدير بتاعكوا صعب ...
أجابتها ميرهان قائله بجديه :
-- دى حقيقه صعب جدا في الشغل...
تركتها ودلفت لغرفة مكتبه وجدت "عبد الله" قد جلس على يمين مقعد المكتب...
بسطت يدها تصافح "فهد" قائله برسميه :
-- أزاى حضرتك يا بشمهندس
صافحها بعمليه قائلا :
-- الحمد لله يا دكتوره "غمزه" يا رب إن شاء الله تنبسطي بالشغل معنا وتكوني قد المسؤولية...
جلست أمامهم على يسار مقعد مكتبه ودقات قلبها تقرع كطبول الحرب....
بسطت يدها وأعطته الملف الخاص بالسي في الذى يشمل على كل المعلومات التى تحتاجها للعمل..
ظل يقلب في صفحاته وهتف يثنى عليها :
-- واضح جدا أن الدكتوره شاطره ومتدربه في أكبر مستشفيات وعيادات بيطريه تخليني أثق في مهاراتك العمليه....
وتابع يشرح لها المطلوب منها قائلا :
-- إن شاء الله تتوفقي في الشغل معانا.. أنا مجهز ليكي فريق مساعد من خريجين دفعة السنه دي هيكونوا مساعدينك وفي خدمتك.. وطبعا ده هيسهل عليك جدا الشغل.. وكمان يهمني سير الانتاج يمشي زى الخطه اللي أنا حاطتها.. وده راجع لمتابعة مستمره لصحة العجول اللي موجوده في المزارع عندنا.. وده هيخليكي أنتى المسؤوله قدامي عن كل كبيره وصغيره...
ردت عليه بعمليه قائله :
-- إن شاء الله هتلاقي إنتاج أزيد من المطلوب كمان.. لأن أنا عارفه شغلي وعارفه أنا هعمل أيه..
أحابه يؤكد حديثها عن نفسها قائلا :
-- صدقيني أنا عارف ومعنديش شك فى كل اللي أنتى بتقولي عليه ده...
قال حديثه وأشار لهم على قاعة الاجتماعات الملحقه بمكتبه قائلا بجديه :
-- دلوقتي اتفضلوا معايا علشان هوريكي كل حاجه على الشاشه.. علشان يبقى عندك فكره قبل ما تستلمى الشغل ونمضي العقد.....
استقام عبد الله مبتسما :
-- أنا كده مهمتي خلصت.. وأنتم اتفقوا مع بعض.. وربنا يقدم اللي فيه الخير.. اعذروني علشان لازم أشرف بنفسي على علفة المواشي....
أومأ فهد برأسه يوافقه الحديث :
-- اتفضل يا بشمهندس
عقب عبد الله :
-- تمام لو حضرتك احتاجت حاجه كلمني..
تحدث واقترب من غمزه قائلا :
-- عاوزه حاجه يا حبيبة أخوكى...
ردت عليه بالنفى هاتفه بحبور :
-- لا يا حبيبي خلي بالك من نفسك ما تقلقش عليا لما اجي أروح هطلب أوبر......
دنى منها قائلا بمزاح :
-- أقلق عليك أنت يا وحش.. طب أزاى لا طبعا مش قلقان بس خلي بالك من نفسك....
رفعت حاجبها بغضب تجز على اسنانها بتوعد :
-- طب لم نفسك ويلا روح شغلك..
ابتسم لها بيأس، أخته لن تتغير في أي مكان، طباعها حاده ومتهوره..
ألقى التحيه وتركهم وغادر...
أما فهد لم يعقب على حديثها مع أخيها، هو الآن مبرمج كالريبورت بحكم معايشته ومحاكته للغرب اكتسب الجانب العملى منهم، يقسم حياته على محورين وقت العمل للعمل والعواطف تتنحى جانبا، لا يحبذ خلط الأشياء فهذا أفيد اذا كنت ترغب بأن تكون رجل أعمال ناجح.....
خطى بخطوات ثابته وجلس على مائده الاجتماعات ثم أمسك آلة التحكم وبدأ في عرض جميع ملحقات المزارع والمصنع مع تقديم شرح مفصل لكل الجزيئات الواجب التعامل معها وتنفيذها.....
فى حين تجلس هى على وضعية الانبهار بدء من هيئته المهيبه التى تفرض السيطره على المكان مما جعلها تستمع لحديثه بتركيز عالي، ولكن حفزت نفسها فهى لا تقل شأن عنه، تحب مجال عملها جدا وتصب اهتمامتها العمليه فيه، لولا تحديها للمفاهيم الذكوريه ما استطاعت السعى قدوما وراء حلمها....
أومأت برأسها باعجاب كم راق لها طريقته العمليه واسلوبه السلس فى طرح الأفكار التسويقيه التى يود بها أن يغزو الأسواق......
تعمقت معه فى شرح التقنيات الجديده وتجاذبت معه أطراف المناقشه على نفس منوال كلامه، مقابله أثمرت عن عقليات واعيه ملمه بما يحدث حولها لتواكب العصر الحديث....
مرء الوقت لينتهى النقاش بتفهم "غمزة" المطلوب منها فعله، بعمليه استقامت تجمع أشيائها من على منضدة الاجتماعات هاتفه بجديه :
-- تمام يافندم كده احنا استوفينا مناقشة كل النقط اللى حضرتك عايزينى اشتغل عليها.. أن شاء الله الجاى أفضل وهتشوف نتائج مبهره تنول اعجابك.. استأذن انا وعلى ميعادنا من بكرا هستلم الشغل بإذن الله تؤمر بحاجه تانى....
أجابها بنفس هيئته العمليه :
-- لا كده تمام.. ولو احتاجتى حاجه أنا موجود
عقبت عليه برسميه :
-- أكيد يافندم..
حملت حقيبتها و استدارت لتغادر استمعوا لطرق السكرتيره على الباب، سمح لها بالدخول، لتردف بإحترام:
-- دكتور خالد برا وعايز يدخل لحضرتك..
أجابها باقتضاب :
-- تمام خليه يدخل..
همت "غمزة: لتسير خارج الغرفه، استوقفها فهد قائلا :
-- استنى يادكتوره اتعرفى على دكتور "خالد" هيكون من ضمن طاقم العمل المنفذ للمشروع اللى هيكون تحت إشرافك....
أومأت له بهدوء ووقفت تنتظر، دخل مشرق الوجه مبتسم الثغر يهلل بنفاق قائلا :
-- حمد لله على سلامتك يابشمهندس نورت المصنع..
هز رأسه باقتضاب وهو يجيبه :
-- أحب أعرفك الدكتوره غمزة اللى المسؤله عن مشروع التسمين الجديد...
استدار لها يرمقها بنظرات إعجاب مقززة، ينهشها بعينيه، لم ترتاح لنظراته ولا لهيئته منذ دخوله....
قالت لنفسها
-- أن البداية ليست مبشره...
أما عند فهد اغتاظ من تحديقه بها وهو يتفرسها من رأسها لأخمص قدميها، لعن نفسه لاحضارها العمل هنا وسط أجواء كل التعامل فيها مع الرجال، فهذه النظرات اللعوبه هو على درايه بها، ولكن لن يكون ابن أبيه اذا سمح له بتجاوز حدوده تحت أى وضع، وقف يقطم على باطن شفتيه يتطلع له بامتعاض، يمنى نفسه بالصبر ليرى مصير ذلك التعارف المبتذل....
بسط دكتور خالد يده كى يصافحها بابتسامه بلهاء تحدث :
-- اتشرفت يادكتوره بمعرفتك.. معقول الجمال ده كله هينورنا.. ده لازم نهنى نفسنى أنى هكون من مساعدينك...
لم يرمش لها جفن استمعت له بنفور، فهى كشفته من الوهله الأولى، خسيس متملق، لم تبسط يدها لمصافحته والتفت بإيماءة هاتفه باقتضاب :
-- معلش مش بسلم على رجاله غريبه..
تراخت يدع ينزلها جواره هاتفا :
-- محصلش حاجه يادكتوره.. أنا أصلا بحب المحافظه
قوست شفتيها بامتعاض، واعطته ابتسامه لم تظهر سنتى من أسنانها، واستدارت تطلع ل فهد باستاذان :
-- بعد أذنك يابشمهندس اسمحلي همشى....
كان "فهد" يتابع بعيون فرحه، فعلتها جعلته منتشى سعيد....
حدث نفسه :
-- نمرتى الشرسه كشمائى
ما خاب ظني بكِ ابداً..
قطع حديثه نبرة صوتها العذبه، أومأ لها بابتسامه أودع فيها ما يود أن يبوح به، ليجيبها بغبطه :
-- اتفضلي يادكتوره سعيد بتعاونك معايا، وأن شاء الله تعاون مثمر...
تركتهم وغادرت ليذهب هو يجلس خلف مكتبه، يطالع المدعو خالد بنفور، هاتفا :
-- لو مفيش حاجه مهمه اتفضل شوف شغلك عشان انا مش فاضى...
أومأ له انه ليس يوجد شئ ضرورى ليستدير بنفسه يغادر المكتب تحت أنفاس فهد المستشاطه منه.....
------------------------
حل المساء ليتأهب الشباب للذهاب لعائله الراوي وطلب مصاهراتهم في الارتباط بفتياتهم....
باطلاله متناسقه جذابه أطلوا الشباب بملابس سمي فورمال..
حيث ارتدى "أحمد" قميص بيبي بلو مقلم وبنطلون كلاسيك كحلي وحذاء جملي وحزام من نفس اللون وساعه معدن ماركة روليكس...
بينما "عبدالله" أطل بمظهر شبابى اكثر، حيث ارتدى قميص أوف وايت فتح أول أزراره وقعص أكمامه لمنتصف كوعه، يعتليه بليزر كت كحلي بأزرار من نفس لون القميص، مع بنطلون جينز ازرق كحلي غامق بقصه ضيقه وجيوب جانبيه مع حذاء دبابه جملي وحزام بنفس اللون وساعه كاسيو بسوار جلدى جملي.....
انتهوا من ارتداء ملابسهم تحت مشاكسه "عبد الله" وتبادل الضحكات مع "أحمد" خرجوا لمكان تجمع العائله بحجره المعيشه حيث تجلس أنعام في انتظارهم بعد ان انتهت من تجهيز علب الجاتوه والشكولاته.....
هتفت أنعام تنادي على الفتيات قائله باستعجال :
-- يلا يا بنات لسه ما خلصتوش هنتأخر على ميعاد الراوي...
دلفت بسنت من حجرتها تجيبها :
-- يا ماما أنتم محدش قال إن إحنا رايحين معاكم....
جاءت من وراءها غمزه معقبه :
-- يا ماما هو احنا مروحنا ملوش لازمه دي قاعده تعارف مش محتاجه ناس كثير...
صدح صوت عزت بحنق قائلا :
-- بنات مين اللي هتروحي يا"انعام" أنتى نسيت الأصول ولا أيه.. دي قاعده تعارف بتاعه رجاله البنات ملهاش في القاعده دي.. ده حتى البنات اللي احنا رايحين نخطبهم كبيرهم هيجوا يسلموا ويمشوا مش هيقعدوا معنا.. احنا هنخيب على كبر ولا أيه.. وغير كده البيت في شباب رجاله ما ينفعش أخد البنات وألف بيهم.. لما يبقى في ارتباط رسمي ونحدد الخطوبه آه يجيوا ويفرحوا بأخواتهم، لكن دلوقتي القعده هتبقى مع الراوي الكبير وأنا فاهم الراجل ده بيفكر أزاى وبيبقى ليه نظره في النسب والناس اللي قاعد معاهم.. أنتى عايزه تصغريني معاهم ولا ايه...
انهى حديثه وصاح على البنات بصوت اجش :
-- يلا منك ليها على جوه ما حدش رايح معانا..
أومأت انعام باعتذار :
-- حقك عليا يا عزت مكانش قصدي والله أنا قلت البنات تروح وتفرح بأخواتهم.. لكن أكيد يعني هراعي الأصول وعموما اللي أنت شايفه صح هو اللي هيمشي...
أومأ لها قائلا بهدوء :
حصل خير ياأنعام.. واجبنا على بعض اللي تسقط منه حاجه الثاني يعرفهاله....
حاول عزت تحسين الاجواء تطلع للشباب هاتفا بحب :
-- ما شاء الله عليكم يا رجالتي.. العين عليكم بارده ربنا يحميكم ويكمل فرحتكم على خير...
ابتسم الشباب بفرحه هاتفين بسرور :
-- اللهم امين يا حاج ربنا يبارك لنا فيك وما يحرمناش منك ابدا يا رب
عقب عزت بسعاده :
-- طب يلا يا شباب عشان ما نتأخرش على الناس اللي مستنيانا...
قالها وأخذ أنعام تحت زراعيه يتأبطها بحب خطوا يتقدموا الشباب وهموا يغادرو لمصاهره ستتطرئ تغير جذرى على حياة العيلتين....
-------------------
داخل غرفة الفتيات حيث صخب أصواتهم وضوضاء الأغانى، افترش مخدعهم بثيبابهم واكسسوارت الزينه خاصتهم، تقف كلا منهم تتطلع لأشيائها بحيره، تأفأفوا من تأخير والدتهم فى الطلوع إليهم لتساعدهم فى انتقاء ملابس مناسبه لاستقبال خُطابهم.....
صاحت زينه تبرطم بحنق :
-- يعنى اعمل أيه دالوقت كل ده وأمك لسه ما طلعتش ينفع كده امال هنختار لبسنا امتى
قالتها وهي تنظر بغيظ لفجر
زفرت فجر بسأم من تكرار كلامها هاتفه بغيظ :
-- اتهمدي وبلاش جنان السعادي.. امك تحت على آخرها بتشرف مع جدتك على عشا الضيوف.. ما تخليهاش تطلع عليكى العرق الصعيدي وأبقى لاحقي بقى على عصبيتها لما بتطلع.. النهارده عايزينه يعدي على خير بلاش تخليها تشد أعصابها وتطلعه على عينينا....
صرخت زينه وهى تدب الارض كالأطفال هاتفه بتذمر :
-- يووووه بقى هو أنا طلبت أيه ولا عملت أيه.. أنا كل اللي عايزاه تيجي تختار معايا لبسى عشان أنا محتاره أنا مش هعطلها اصلا الموضوع مش هيكمل خمس دقائق وتنزل تانى.....
هبت "هنيه" من خلفهم كالعاصفه دفعت الباب بقوه وولجت للداخل بوجه عابس هاتفه باندفاع وعصبيه مفرطه :
-- يعني أنتي معندكيش دم.. ما بتفهميش خالص.. مبتعرفيش تتصرفي.. لازم على طول عايزة حد يساعدك.. لازم على طول يكون جانبك حد تعتمدي عليه.. أيه انتي مفيش مخ بيفكر ويقول الست دي مش فاضيه بتجهز لترتيبات ناس اغراب هيدخلوا علينا.. نازله رن رن فوق دماغي 50 تليفون اطلعي اطلعي بتستعجليني انت شايفاني انا قاعده بلعب..
بدون توقف باغتتهم بحديثها ردا على إزعاجهم اللاذع، ثم تجولت بعينيها فى أرجاء الغرفه لتتابع نوبة غضبها مستطرده:
-- وايه الفوضى اللي انتم عاملينها في الاوضه دي.. أيه القرف ده فاتحين الشنط دي كلها ليه.. مش دي الهدايا اللي لسه فهد جايبهالكم وهو جاي من السفر.. يعني كلها هدوم جديده.. يعني مش مستاهله كل الصريخ والسربعه اللي انت عاملاها لي دي.. يعني سهل أنك أنتى تختاري.. ايه مشكلتك في فستان تلبسيه.. أيه مشكلتك في طرحه هتحطيها على شعرك.. دي قاعده تعارف أصلا انتي مش هتقعدي.. أنتى كبيرك هتدخلي تسلمي عالناس وتحطي العصير وتمشى تغوري ما تورينيش وشك..
قبضت على ذراع الفتاتان وتابعت هجومها قائله :
-- أنتى يا بنت منك ليها جنان مش طالبه معايا جنان.. أنا واصله معايا لمناخيرى وعلى أخرى.. نعقل ونهدى كده علشان ما نضحكش الناس علينا...
قالت اخر حديثها ونفضت زراعيهم بحنق....
سكنت الدموع عين "زينه" تزم شفتيها كالاطفال هاتفه :
-- مكانش العشم يا مامتي تكسري فرحتي في يوم زي ده...
زوت "هنيه" بين عينيها تطالعها بتهكم هاتفه :
-- وحياه أمك بلاش الشويتين دول عليا.. بلاش يا بنت بطني سهوكه البنات دي.. مش يومها النهارده خالص.. اتعدلي معايا كده عشان نبقى حلوين مع بعض.. لما بكون رايقه بعملك كل اللى عوزاه...
نهرها قلبها لتوبخ نفسها على حدتها معها، فهى معها حق يوم كهذا لابد ان أغمرهم بالسعاده، جذبتهم من رأسهم و لثمتهم من وجنتيهم هاتفها بغبطه :
-- ألف مبروك يا قلب أمكم ربنا يا بناتى يجعلها لكم جوازه الهنا والسعد.. معلش حقكم عليا أنا مضغوطه تحت مع جدتكم وأنتم عارفين لما بيكون في عزومه جدتك بتبقى موقفه الدنيا على رجل....
شاكستهم فجر هاتفه :
-- والله يا هنون أنا قولتلها بلاش تنكشيها وتطلعي العرق الصعيدي دلوقتي مش هنعرف نلاحق عليها.. بس أنتى عارفه بنتك بقى عرق الهبل.. بس تصدقى ما وفق إلا لما اجمع جوز مجانين واتلموا على بعض...
اقتربت منها هنيه جذبتها من اذنها تقرصها بخفه هاتفه :
-- ماشي يا ست العقله نتلم بقى.. وكل واحده فيكم تطلع دريس بسيط مع طرحه تليق عليه واختاروا مع بعض من سكات من غير دوشه.. عشان أنا عايزه انزل اكمل مع جدتكم واطلع اشوف لبس أبوكم.....
زمجرة زينه هاتفها :
-- هو بصحيح يا مامتى انا مش هدخل اقعد معاكم وشوف خطيبي
حدقتها هنيه بيأس واجابتها باقتضاب ساخر :
-- ايوه يا حلوه مفيش قعاد هتسلمي وانتي واقفه ساعه ما تكوني داخله بصينيه العصير او صينيه القهوه.. غير كده ما لكيش في الليله دي.. ده اتفاق رجاله هتقعدي تهببي أيه..
لتلوى ثغرها هاتفه بغيظ :
-- ولا أنتى عايزه جدك يكسر دماغك ولا يخبطك رصاصه يخلص عليكى عشان نخلص من غباوتك وجنانك..
تابعت تذكرها :
-- انت نسيتي كلام أخوكى "فهد" قال لك ايه.. قال لك اعقلي واتقلي ومش اي حاجه تتقال ومش في اي وقت الدلع والهزار.. لازم تبقي غاليه تعرفي انتي بنت مين ومن عيله مين.. تصرفاتك محسوبه عليك يا أبله مبقيتيش صغيره.. اعرفي الصح من الغلط. وميزي أمتى تهزرى وأمتى تتكلمى جد.. اعقلي يا بنتي عشان ما تدخليش نفسك في متاهات انتي في غنى عنها.. عشان محدش يفهمك غلط.. ركزي ابوس على ايدك....
أنهت حديثها وأعطتهم ظهرها وولت من أمامهم تتركهم لمباحثاتهم فى انتقاء ما سوف يرتدون.....
زفرت الفتيات بامتعاض وذهبت كلا منهم ترتب الفوضى التى بالغرفه كى يتثنى لهم اختيار شئ مناسب لتلك الأمسية العجيبه من وجهة نظرهم، كيف خطبتهم ولا يستطيعوا المكوث مع خطابهم، تذمروا كثيرا من حديث أمهم، ولكن بالأخير عليهم الانصياع لاوامراها فهى أعلم منهم بادارة تلك الأمور.....
------------------
بالاسفل حيث "الحجه راضيه" في وسط المطبخ تقف تعطي تعليماتها للخادمات وتشرف على اعداد وليمه تليق بالراوي الكبير وضيوفه.. مرء القليل وأتت من خلفها "هنيه" تعتذر عن تركها بمفردها، لتومئ لها بأن لا مشكله فالأمور تسير في نصابها الصحيح...
استدارات كلا منهم تباشر عمل صنف مختلف من الطعام ليصدح من الخارج صوت الحج "عبد الجواد الراضي" ينادي عليها، خطت تمشي خارج المطبخ.....
وأجابته بود واحترام :
-- نعم يا حاج اؤمر طلباتك
رد عليها بحب :
-- ما يؤمرش عليكى ظالم يا حجه العزومه جهزت...
عقبت عليه بغبطه :
-- كله جهز على اكمل وجه..
البط والرومي اتحمروا والحمام اتحشى وصواني المكرونه والجلاش خلصت والمحاشي بأنواعها اترصت والفاكهه من كل شكل ولون موجود والعصير والساقع على التقديم...
ضيق ما بين عينيه هاتفا باستعلام :
-- ليه ده كله يا حجه دى قعده تعارف.. أنتى عمله وليمه تكفي البلد كلها.....
اجابته بالسرور فهي لها مغزى من هذا :
-- طب ما أنا عارفه يا حاج ان انا عامله بزياده.. بقى مناسبه زي دي ما طلعش فيها إطعام طعام لاجل ما ربنا يكملها لحفيداتي على خير وسعاده.. لازم كل بيت في البلد يبات يتراضي النهارده حلاوه ما ربنا يبعد العين والنفوس الخبيثه عن بناتي....
أومأ لها الحاج "عبد الجواد الراضي" بحبور فهي دائما عند حسن ظنه بها اجابها بامتنان وفخر :
-- دايما يا حجه سباقه بالخير. ربنا يعطيكى ويراضيكى زي ما بتراضي اللي حواليكى...
عقبت عليه بسعاده :
-- كله من خيرك يا حاج انا بتعلم منك ربنا يديم البيت مفتوح بحسك ودايما كده كبرنا وتاج راسنا.....
قطع حديثهم دخول هنيه هاتفها باستئذان :
-- معلش يا ماما الحاجه هستاذن منك اطلع اشوف سعد.. زي ما انتي عارفه مش هيجهز الا لما أكون انا موجوده.. واطمني كل حاجه في المطبخ خلصت زى ما أمرتى
ابتسمت لها الحاجه راضيه هاتفه بدعابه :
-- ماشي يا ست "هنيه" اطلعي شوفي "سعد" ما انا عارفه ابني مش هيخلص في يومه إلا لما تكوني انتي جانبه..
أومأت لها بكسوف واستدارت لتغادر ليوقفها صوتها هاتفه بتذكير :
-- ماتنسيش تدخلى ل "فهد" تصحيه عشان ما يتأخرش فى النوم.. يدوب يصحى يفوق الناس زمانها جايه.....
أجابتها بطاعه وغادرت تصعد لغرفة ابنها "فهد"، الذى جاء منهك وطلب منها أن يرتاح قليلا على أن توقظه قبل قدوم الضيوف لكى يستعد، طرقت الباب تنادى عليه ليأتيها الرد بنعاس :
-- أيوه ياأمى خلاص صحيت هاخد شاور وهلبس وانزل على طول....
تركته وعادت تدلف غرفتها هي ومعشوقها، تطلعت للغرفه وجدتها خاليه اندهشت عندما لم تشاهده ذمت شفتيها بحنق تسأل نفسهاماذا فعلت ليغضب منى، همت وجلست على مخدعها تتكئ على زاويته تضع يدها تحت خدها بحزن، فاليوم تكركب من جميع الجهات ليختم ب سعد، تنهدت بخوف فداخلها هواجس أن امرا ما سيحدث، استعاذت بالله من هذه الوساوس، قليلا واستمعت لصرير مياه يأتى من غرفه الحمام، تنهدت براحه لعدم تحقيق ظنها أنه غاضب منها، دقائق وخرج تفوح منه رائحة الشاور يرتدى ملابسه الداخليه والمنشفه على رأسه يستكمل تجفيف شعره، اقتربت منه بتروى ومدت يدها أخذت المنشفه تداعبه بحب :
-- نعيما ياابو العروسه. حمام الهنا والعافيه....
حاوط خصرها بيده بشاكسها :
-- أبو العروسه عايز عروسه،
حدقته بذهول لتجيبه بمراوغه :
-- ابو العروسه شهر وشهير والتانى قصير وهيبقى جدو.. يروح يدور لولاده الرجاله على عرايس مش يقول عاوز عروسه....
اغتاظ من كلمتها ليقرصها من خصرها هاتفا بجديه مزيفه :
-- أيه يامدام جدو اللى كل شويه تقوليها دى.. شايفني كحكت وصحتى قلت معاكى ولا أيه ده أنا أصبى من ولادى الرجاله..
تابع بمكر :
-- الأيام دى بقيتى بتنسى مهاراتى كتير ومحتاج أنعش ذاكرتك عشان متنسيش جوالات الأسد اللى معاكى.....
أنهى كلماته وهو يغمز بطرف عينيها ليثير كسوفها الذى ينعش قلبه.
تلعثمت قائله :
-- خلاص بقى ياسعد يالا ألبس عشان أبويا الحج مستنيك تحت...
قالتها وفرت من بين يديه تجذب جلبابه وتعطيه له وهى تطرف بعينيها خجلا من حركاته التى يفتعلها تدغدغ أوصالها.....
انتهى من ارتداء ثيابه وتعطر وجذب هاتفه ومفاتيحه وودعها كى يهبط للحج الراوى ويكون فى شرف استقبال الضيوف وتركها تستعد هى الأخرى....
سريعا أخذت شاور وتوضأت وخرجت ارتدت عبائتها ووشاحها ووقفت تستقبل قبلة الصلاه، تضرع الى الله أن يمرء التعارف على خير، وتتم الخطبه بسلام، انتهت وهمت تغادر غرفتها لترافق الحجه راضيه فى الترحيب بالضيوف...
-----------------------
أغلقت "هنيه" باب غرفتها واستدارت تهبط على درجات السلم لتقابل غريمتها ضرتها العدوه اللدوده لفرحتها، استعاذت من الشيطان الرجيم عندما طالعتها تنظر لها بعيون حاقده، سمت الله وكبرت من شر حاسد إذا حسد، وهمت لتنزل تجنبا لحمقاتها......
جذبتها "مكيده" من زراعها توقفها عنوه هاتفه بكره :
-- متزينه يابنت كلاف البهايم.. ولا وانضفتى وهتقعدى تتشرفى بنسب الراوى وهما جايين يخطبوا بنات الندامه....
قالت كلماتها اللاذعه بسخريه لتزيد من حنق هنيه...
جزت "هنيه" على أنيابها تود لو تكيل لها من الحديث ما تتلوى به أحشائها، ولكن صبرا ليس هذا بالوقت المناسب فرحة فتيات تستحق منى تضحيه بالصمت، حتى لا تنول مبتغاها وتفسد فرحتنا...
رمقتها هنيه باستعلاء، ونفضت يدها من عليها، وتركتها وهبطت دون أن تعطى لها أهميه....
تطلعت "مكيده" لظهرها وهى تغادر لتشتعل كالحطب فى النار، كورت قبضة يدها تضربها بقبضتها الأخرى، تلعنها وتسبها وهى تتوعد لها أنها لابد أن تنال منها الليله، بأى شكل يتحكم عليها إفساد فرحتها.
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
------------------
عند الانتظار يطول الوقت كثيرا فتغدوا اللحظات وكأنها ساعات، تباطئ الوقت عليه وتسارعت دقات قلبه مخافتاً من هجر أخيه له ليصبح وحيداً مرةً أخرى بين تروس حياه لا ترحم وماضي يسحقه بلا شفقه، مضى الوقت عليه كحد السيف وهو يتكور على نفسه، أنفاسه فقط هي ما تدل على أنه ما زال على قيد الحياه ولكن هو يغوص فى ظلام عميق......
انتهى الطبيب من زيارته للاطمئنان على شقيقته وهو الان في طريقه للقيام برعايته الطبيه ل"ريان" صعد البنايه وقام بضرب الجرس مره اثنتان لم يأتيه الرد قام بإخراج مفاتيح الشقه من جيب سرواله فتح الباب ليجد الشقه مقلوبه رأساً على عقب و"ريان" مفترش الأرض، جرى نحوه يستكشف ما أصابه، هز جسده هزات بسيطه وهو يصيح باسمه لم يستجيب، حاول فتح جفونه لاحظ تهيج صحن عيناه بإحمرار شديد، صاح ينادى على فهد مرات ومرات ولكن لم يأتيه رد، حاول رفع رأسه لينتشله من أرضه ولكن لم يساعده تراخى جسده، وضعه وركض يأتى بكوب بماء نثر بعض منه على وجهه ليستفيق ولكن فشلت المحاوله، استقام وولج غرفته أحضر زجاجه العطر وحثى جواره ووضع القليل على يده ومررها بجانب أنفه ومسح بها على وجهه وأخذ يصفع وجنتيه صفغات خفيفه وهو يهتف بإسمه، ما بين الإغماء والصحو حرك أهدابه بثقل، زفر الدكتور حسن بارتياح وحمد الله على استجابته......
هتف بقلق :
-- ريان انت سمعنى .. لو سمعنى هز رأسك....
أومأ له ريان بصمت واستكان مره أخرى...
اردف حسن بخوف :
-- لأ وحياة ابوك أنا مش قد "فهد" أخوك.. اتحامل على نفسك ادخلك جوه.. ميعاد علاجك وجب ولازم تاخده عشان أعرف ايه وصلك للحاله دى..
انتشل "حسن" جسده بصعوبه جعله يعتدل يستند على صدره ويديه تحيط خصره، قدميه كالهلام أخذ يسحف بتهدل دلف غرفته وأخيرا لمخدعه، لثقله دفعه "حسن" ليسقط على الفراش زفر بتعب، قام بخلع حذائه ورفع قدميه على الفراش وعدل وضعية نومه، ركض خارج الغرفه أتى بأدوات الفحص الطبيه، فحص مؤشرات الحيويه وجد النبض ضعيف ودقات قلبه كذلك ودرجة حرارة جسده أخذت ترتفع قليلا مع هذيانه ببعض الكلمات الغير مفهومه، مسح على وجهه بعصبيه مخافتا من ان تصيبه نكسه، ولكن بالأخير هو ليس له ذنب هو تركه فى عهدة أخيه، قطب بين حاجبيه بغيظ واستدار يتفحص حقيبته وأخرج منها الأدويه المعالجه لحالته، أعطاه العلاج وجذب الغطاء دثره جيدا وأغلق النور وغادر الغرفه يتصل بأخيه ليعلم ماذا حدث وأين هو مما حدث....
قبض على هاتفه وحاول الاتصال على "فهد"، تصاعد الرنين عدت مرات الى أن أتاه الرد....
بنبره حاده هتف الدكتور حسن :
-- انت فين يا"فهد" باشا.. مش فى اتفاق بينا متسببش "ريان" الا لما أكون موجود عشان متحصلوش انتكاسة ويدخل فى كومه.. ده ممكن كان نزل ورجع يتعاطى مخدرات تانى واللى احنا تعبنا فيه بقالنا أسبوع يترمى عالأرض وبكده نكون فقدناه خالص......
صرخ "فهد" بعصبيه قائلا باضطراب :
-- فى أيه يادكتور ادخل فى الموضوع على طول "ريان"حصله أيه..
أجابه الدكتور حسن بامتعاض :
-- والله السؤال ده المفروض أنا اللى أسألهولك.. أنا سيبه فى عهدتك.. ايه حصل وصله للحاله اللى لاقيته عليها دى...
عقب عليه فهد بقلق :
-- حالة أيه أنا سايبه كويس.. كان واخد علاجه وحالته مستقره.. انا جالي تليفون فاضطريت انزل. طمني ماله ايه اللي حصل...
زفر الدكتور حسن بغيظ واجابه :
-- أنا جيت لقيت الشقه مكسره وهو مغمى عليه في الأرض.. بصعوبه عقبال ما فوقته واديته علاجه وسايبه دلوقتي نايم.. حضرتك فين...
توتر من حديث الدكتور عن حالة اخيه، الحزن شق صدره من تدهور الأمور بينهم بهذه الطريقة، ولكن هو لم يعطى له سبيل للعبور به من هذه المحنه....
أجلى صوته بنبره خشنه قائلا :
-- تمام يا دكتور أنا حاليا في طريقى للبيت الكبير بتاع العيله جدت ظروف مش هعرف أجي.. حضرتك هتبات معاه الليله والصبح ضروري ما تسيبهوش لأن أنا مش هبقى فاضي عندى اجتماع في المصنع وضروري أكون موجود.. حضرتك هتفضل معاه تباشر حالته لحد ما أنا أجي واللي حصل ده وعد مني انه مش هيتكرر....
على مضض وافق الدكتور على حديثه وأغلق معه الهاتف ودخل يطمئن على "ريان" ليجذب المقعد المجاور للمخدع يستريح جواره حتى اذا استفاق يشعر به....
أما "فهد" أغلق معه وبداخله نيران مستعره يود لو يقيم الحرائق في كل ما تطوله يده، خساره اخيه كانت وشيكه، ظل يدور بسيارته يتفتل بالشوارع وبرأسه مئات الاسئله يطرحها عقله حتى يستطيع تخطى تلك المرحله الصعبه من حياته، مرء الكثير من الوقت حتى حتى كسى ظلام الليل، ليحل على جسده التعب والأرهاق فلم يجد سبيل غير الذهاب لبيت العائله لأخذ قسط من الراحه حتى يتثنى له التفكير جيدا ويستعد لنهار صباح جديد يحمل فى طياته الكثير.....
--------------------------
مساء فى دوار الراوى دلف فهد بخطى ثقيله وجسد منهك وعلامات الإرهاق مرسومه على وجهه، ألقى التحيه فلم يجيبه أحد، فكل أفراد العائله كلا منهم بغرفته يتدبر شؤونه، صعد درجات السلم فتح باب غرفته وولج للداخل وضع متعلقاته على المنضده وخلع جاكيته وعلقه على مشبج خشبى بجوار الحائط، من الارهاق تمدد بملابسه على الفراش أغمض عينيه يستجدي الراحه، قليلا و تذكر والدته "هنيه" وقلقها عليه عندما تعلم أنه لم يأتي أو تأخر بالخارج....
تنهد بتعب واعتدل جذب هاتفه وبعث لها رساله فحواها أنه جاء للبيت متأخر وصعد غرفته كي يستريح لأنه يتوجب عليه الذهاب للمصنع مبكرا لعمل اجتماع طارق انتهى وأرسلها وتسطح على الفراش دثر نفسه وسبح فى نوم عميق يحاول إرحاة عقله من التفكير فيومه كان طويل واختتم بمشاده حاده بينه وبين أخيه كانت من الممكن أن تؤدى بحياة أخيه....
-------------------
يأتى الصباح حاملا فى طياته شمس الدفئ والعطاء ليخفى بأشعتها ظلمة اليأس وينسج بخيوطها روح الأمل نحو غدا أفضل.....
فى غرفة "هنيه وسعد" استيقظت قبله واعتدلت طبعت قبله على صدره وانسللت من أحضانه بهدوء، ولجت غرفة الحمام اغتلست وتوضأت وخرجت صلت فرضها، انتهت لتجذب هاتفها لترى كم الساعه، وجدتها السادسه صباحا وعليها ايقاظ الفتيات للمدرسه، لاحظت وجود رساله من فهد، فتحتها لكى يطمئن قلبها، حمدت الله أنه بخير، واستقامت تستكشف أحوال البيت وإعداد فطار خفيف ل "سعد" قبل إيقاظه.....
خرجت للردهه الفاصله بين الغرف وصل لأذنيها صوت القرآن الصادر من المذياع الذى بغرفة "فهد" فعلمت أنه استيقظ، طرقت الباب طرقات خفيفه لم يوصلها رده توقعت أنه بغرفة الحمام، ابتسمت وتوجهت للاسفل تحضر له إفطار مع أبيه....
بعد قليل انتهت وصعدت لغرفة ابنها، طرقت الباب ليسمح لها بالدخول، ألقت عليه التحيه وهى تسمى وتكبر من شر حاسد إذا حسد عندما شاهدته بهيئته التى تأثر العين...
ابتسم لها ولثم كفها قائلا :
-- صباح السعاده على عيونك ياأمى.. عامله أيه.. معلش مقصر معاكى بس مضغوط جدا.. حقك عليا.....
مسدت على كتفه بحنو :
-- حبيبى يسعد صباحك وأيامك.. ولا يهمك ياقلب أمك المهم انك بخير.. ربنا يهونها عليك ويفتح فى وشك أبواب الرزق.. ويفرحك بالسعاده اللى قلبك يستحقها..
أردف براحه :
-- ياالله عليكى ياهنون بحب دعواتك بتاعة الصبح حرفيا بتبارك بيها وبتكون بشاره حلوة بتلازمنى طول اليوم....
تابع بحب يستجدى دعواتها :
-- كترى من دعواتك النهارده ياأمى عندى مقابله ادعيلى تعدى على خير حاطط أيدى على قلبى لتقلب غم..
عقبت عليه بنفور :
-- يكفيك شر الغم يا حبيبي.. اللي يتعبك بلاش منه اهم حاجه راحتك..
أجابها بمشاعر صادقه :
-- ولو قلت لك ان هي راحتي بس للاسف الظروف معاكسه معنا وهي في الجنان ما اقولكيش....
تطلعت له تزوي ما بين عينيها مبتسمه هاتفه بمكر :
-- طبيت ولا ايه يا باشمهندس.. مش ناوي تقول لي مين سعيده الحظ اللي عششت في قلبك ومغيراك من ساعه ما جيت.....
رد عليها بسعاده يشوبها القلق من القادم :
-- لسه شويه يا أمى الدنيا مش متظبطه.. صدقيني لو أموري اتعدلت أول واحده هقول لها أنتى.. بس دلوقتي مش هينفع لان وارد أن الموضوع ما يمشيش.. فمش عايز اتكلم في حاجه سبقه أوانها.. بس ادعي لي كتير ربنا يهديها عليا وتبطل جنان وتفهمني.. هي حته قزعه صغننه قد كده...
قالها وهو يفعل حركه بأصبعيه يشبه بها حجمها.. وتابع يفتعل بيديه حركه تدل على الجنان قائلا :
بس مجنناني ومطيره النوم من عيني....
رتبت على صدره وهتفت بغبطه لفرحه ابنها التي تلمع بعينيه على ذكر حبيبته هاتفه بسرور :
-- ربنا يسعد قلبك يا حبيبي ويعمل لك اللي فيه الخير والصالح ويهديها لك.. كلهم في الأول بيبقوا مجانين وبعد كده بيبقوا سيد العاقلين.. بعد كده أنت اللي هتطلب منها الجنان وهي اللي مش هتبقى قادره تتجنن من المسؤليات اللى هتبقى عليها..
تابعت توصيه :
-- عيش يا حبيبي وافرح واتجنن معها هى دى أحلى أيام بعد كده مبتتعوضش.. اهم حاجه الحب يكون متبادل بينك وبينها.. ويكون في احترام وموده ورحمه دي اهم أركان علشان حياتك تبقى سعيده ومستقره.. قبل ما تاخد الخطوه عايزاك زي عوايدك فكر كويس هتناسبك ولا لأ.. ما هو برده مش كل المجانين في مجنونه بس محترمه وبنت أصول عندها بردوا العقل اللى وقت اللزوم بيطلع منها جواهر تزين بيه بيتها وتعشش على جوزها.. أنا مش هفهمك أنت كبير كفايه أظن فاهم أنا قصدي أيه يا حبيبي.. أنا مش هقول لك أنا عايزه أعرف هي مين بس أنا عارفه أن اختيارات ابني مش هتكون أى كلام.. أنا عارفه أن أنت عاقل ومقدر حالك ومكانتك ومقدر عيلتك.. فمش أى مجنونه هتليق ب"فهد الراوي".. ربنا يا ابني يراضيك باللي تكون أمك وأختك وبنتك وحبيبتك وزوجتك.. يوم الهنا ويوم المنى لما أشوفك عريس مالوا هدومك مأسس بيت عالحب والدفى والاحترام....
بسعاده أومأ لها بموافقته على حديثها قائلا بغبطه :
-- ربنا يخليكى ليا ياست الكل.. هو بالظبط كده كل اللى قولتيه موجود فيها.. بس ناقص أصرح ليها بمشاعرى.. لو تمام هعرفك عليها فورا..
دنت منه طبعت قبله على جبينه هاتفه بحنو :
-- ماشي يا قلب أمك طبعا أنت أيه مستعجل ومش هتقعد تفطر معانا.. عملت لك حاجه خفيفه كده زي اللي عاملاها لابوك يلا خد كوبايه لبن وشوية قراقيش افطر وتوكل على الله ربنا ييسر لك حالك ويسهل لك طريقك....
ابتعدت تغادر انتبه فهد وصاح يمنعها من الخروج قائلا :
-- يا امي ما تنسيش النهارده "أحمد وعبد الله" جايين عشان قرايه الفاتحه بتاعه البنات جهزوا الدنيا عشان الناس جايه بالليل ولو احتجتى أي حاجه رني عليا وأنا هجيبها معايا وأنا جاي.....
أومأت له بسعاده هاتفه :
-- على خير يا حبيبي يجوا على خير.. البيت جاهز من مجاميعه مفيش حاجه ناقصه.. إن شاء الله تبقى قاعده تشرفك أنت وأبوك وجدك ..
قالت كلماتها وتركته تغادر لغرفة ملاذها عشق الهنا والسعد.....
--------------------
داخلها حاله من الصراع بين مؤيد ورافض بعد كل ما مرأو به ليلة أمس، ليس من الهين عليها الانصياع لطلب أخيها والتغافل عن ما تمر به أختها، وسط هجوم أمها وتلميحاتها انها تشعر باخفائهم أمرا ما يزداد ترددها بعدم القبول بالعمل معه فبذلك ستعطى لهم حجه قويه لطرح مزيد من التساؤلات والتى سيكون مقابلها اجابات صعب الادلاء بها، خائفه من تلك الخطوه بل مرعوبه أن تخونها مشاعرها وتفقد السيطره على قلبها، مقابلته يوميا ومشاهدته عن قرب تثير رجفه فى أوصالها.....
ساقتها قدميها لخزانة الملابس تستخرج منها ثياب تناسب المقابله، ذهنها شارد فى كيفية التصرف فى ظل وجود أخيها، تنهدت بوجع ينخر روحها تستحوذ عليها مشاعر كثيره تغمرها بتثاقل رهيب فلا تستطيع التفكير أو كيفية المضى قدما بدون خسائر، تأرجحها بين قلبها وعقلها يزيد الصراع دخلها، زفرت بضيق لامتثالها لرغبة أخيها بالعمل معه وحثت نفسها بالتعامل معه برسميه والتحكم بضبط النفس.....
انتهت من ارتداء ملابسها مع مناداة أخيها عليها لاستعجلاها لاقتراب الموعد المحدد، كورت قبضت يدها بغضب وتحدثت من بين أسنانها هاتفه بحنق :
-- جايه يا عبدالله لسه بدرى بطل صياح عالصبح...
أما بالخارج كان قد استيقظ للتو عزت وأحمد على صوت عبدالله المزعج والضوضاء الذى يفتعلها لحث غمزة على الإسراع للذهاب للمصنع لمقابلة فهد....
هتف عزت بنعاس :
-- ايه يابنى صاحي وعامل دوشه ليه.. بالراحه صوتك جايب آخر الشارع...
مسح أحمد على وجهه بخمول معقبا عليه :
-- هو يابابا لو معملش كده تعرف انه تعبان.. بجد الله يكون فى عونها مراته المستقبليه مش هتلاحق على صداعه بتاع كل يوم الصبح....
بمرح أجابهم :
-- صباحين وحته على أحلى رجاله فى الحته.. مالك ياباشا منك ليه أنا صاحى مزاجى رايق.. واحد رايح يخطب النهارده هكشر ليه..
قالها وهو يقف جوار أبيه يلثم كفيه بحب...
ربت عزت على وجنته بحنو هاتفا بغبطه :
-- ماشى ياحبيبى ربنا يسعدك.. بس أهدى شويه انت شايف أختك رايحه المقابله وهى مش مبسوطه.. وأنا مش عارف مالها متغيره بقالها كذا يوم.. أهدى عشان متلقيهاش طالعه بزعابيب أمشير وتقولك مش رايحه...
اردف عبدالله بتفهم :
-- حاضر يا حاج هخلي بالي من النقطه دي ما تقلقش....
خرجت من غرفتها وعلامات الضجر مرسومه على وجهها هتفت بتأفأف :
-- خلصت يا"عبدالله" يلا بينا لو مستعجل عشان نمشي....
صاحت أنعام من داخل المطبخ هاتفه :
-- استني أنتي وهو رايحين فين مش تفطروا الاول...
أجابها عبد الله :
-- لا مفيش وقت يا نعوم هناخد أى حاجه خفيفه واحنا ماشيين عشان يا دوبك عقبال ما نوصل لأن انتي طبعا عارفه المصنع على مشارف البلد فى الارض الجديده وهياخد الطريق مننا وقت....
عقبت عليه أنعام باهتمام تذكره :
-- تمام يا عبد الله حاول ما تتأخرش أنت واختك علشان قرايه الفاتحه بالليل..
وتابعت وهى توزع نظراتها بينه وبين أحمد :
-- كل واحد يتمم على الهديه اللي جابها لخطيبته عايزين واحنا ماشيين ما تكونش في حاجه ناقصه هى قعدة تعارف وقراية فتحه بس الاصول لازم تتعمل...
أومأوا لها بحب يقولوا فى نفس واحد :
-- ما تقلقيش يا نعوم كله تمام..
تابع عبدالله مبتسما :
-- ان شاء الله اصلا مش هنتأخر ده هي مقابله ساعتين ومسافه الطريق يعني هي مش هتبدا شغل النهارده فهتلاقيني قبل الميعاد جاهز ومتظبط ده انا مستني اللحظه دي من زمان....
وقفت "أنعام" بجوار "عزت" يتطلعوا لأثار مغادرة "عبدالله وغمزة" داعين الله لهم بالتوفيق، نظرت لزوجها ففهمت مقصد نظراته لتجيبه بحب :
-- متقلقش ياحبيبى بنتنا زى الفل هى اللى ظروف رسالتها مخنقه معاها عشان كده مكنتش حبه ترتبط بشغل يزيد من الضغط عليها..
تنهد عزت براحه يلثم جبهتها بحب :
-- ربنا يريح قلبك يا انعام، متعرفيش كنت قلقان عليها قد ايه،
عقبت عليه بود :
-- يارب ديما مرتاح البال.. بناتنا مفيش فى ادبهم ولا تربيتهم ربنا يحافظ لنا عليهم..
وتابعت بمشاكسه :
- يلا يا راجل يا عجوز خش اتوضا وصلي عقبال ما اجهز لك الفطار عشان تلحق تشوف مصالحك قبل ما يجي ولادك من من اشغالهم...
ضحك عزت على مداعباتها له قائلا -- ربنا يسعدك ياأنعام زي ما دخلتي حياتنا ومليتيها سعاده...
طبعت قبله على صدره هاتفه :
-- انت اجمل هديه من ربنا ادهاني عشان تعوضني عن وجع السنين..
أنهوا حديثهم وكل منهم يذهب وجهته...
-----------------------
ركبت غمزه وعبدالله سيارتهم كانت شارده الذهن لم تعرف ماذا تفعل، مخيلتها ترسم سيناريوهات كثيره ليس لمقابله "فهد" فقط بل بالعمل معه الذي أجبرت عليه بسبب ألا ينكشف أمر أختها ظلت في دنياها تائهة
اما عبد الله كان يحدثها عن خطوبته وعن ما سيرتديه ولكنها لم تستمع له أو تنتبه لما يقوله...
هزها لكي ترد عليه قائلا :
-- غمزه في أيه يا بنتي أنا عمال اكلمك مش بتردي عليا.. اللي واخد عقك يتهنى بيه...
ابتسمت له بمشاكسه لكي تخفي قلقها هاتفه :
-- مالك عامل دوشه ليه هو مفيش حد هيخطب غيرك...
ضحك بقهقهه عاليه وهو يصفق بسعاده قائلا :
-- طبعا مفيش حد أسعد مني النهارده.. هخطب حبيبة قلبي وكلها كام شهر وهتبقى في بيتي ونعيش في تبات ونبات ونخلف صبيان وبنات....
اجابته بتساءل قائله :
-- أنت بتحبها قوي كده يا عبد الله معقوله حبيتها بالشكل ده أمتى.....
رد عليها بهيام ونظراته تتنقل بينها وبين الطريق مردفا :
-- بحبها قوي يا غمزه.. من أمتى بقى من يوم ما طلعت لي زي القضى المستعجل.. كنت بشوفها فى احلامى. حتى ريحتها كنت ديما بشمها حواليا.. عشان كده لما لاقيتها لقيت نفسي غرقان فحبها بدون سبب.....
زاغت بعينيها بعيدا عنه قائله بنبره مضطربه بسبب ما تعيشه من مشاعر جديده عليها :
-- هو كده الحب مش محتاج سبب عشان تحب شخص معين.. أنت بتلاقي نفسك كده غرقت في ضلمته وما بتلاقيش نور غير فى اللي بتحبه.. بيكون هو اللي منور ليك واقف في آخر طريق عتمة حياتك وأنت واقف لا عارف تقرب بسبب العواقب اللي هتواجهك لحد ما تمتلك الحب ده وتوصل للنور ده ولا انت قادر تبعد وتفضل عايش فى الضلمه زي ما أنت قبل ما تعرفه.. للاسف معادله صعبه.....
غمز لها عبد الله مردفا باستفهام :
-- هو أنا ليه حاسس أنك زي ما تكوني بتتكلمي على نفسك....
ارتبكت من سؤاله وأردات أن تغير مجري الحديث قائله :
-- هو لسه كتير على المصنع
هز رأسه بالنفى قائلا :
-- لأ خلاص قربنا.. بس حلو الطريقه الجديده دى.. اتهربي زي كل مره على قد ما تقدري.. بس صدقيني هيجي الوقت اللي لازم تيجي تحكي لي على كل حاجه...
قال كلماته وتذكر مثل لوالدته أردف به بمزاح :
-- وعلى رأى المثل زي ما الست "أنعام" بتقول "مسيرك يا حبه تيجي تحت الرحايا"........
عندما انهى حديثهم أوقف السياره أمام الباب الخارجي للمصنع، فتح له عامل الأمن البوابه يلج بسيارته الى مجمع من المباني يتوسطهم مبنى المصنع الأدارى مكون من ثلاث طوابق، الطابق الأخير خاص برئيس مجلس الإدارة، والطابق الثانى خاص بالشؤون الماليه والقانونيه، والطابق الأول خاص بمعمل كبييير لطاقم الدكاتره المشرفين على الخدمه الطبيه للعجول، الواجهه الخارجيه للمصنع زجاجيه صممت على الطراز الغربى من يراها للوهله الأولى يشعر انه انتقل من دوله لأخرى.....
ترجلت من السياره تنظر بانبهار للمكان، تطلعت ل عبد الله قائله باعجاب :
-- أكيد ده مش مصنع ده صرح كبير قوي يا"عبد الله" أيه الامبراطوريه دي....
رد عليها عبدالله قائلا مؤكدا :
-- يا بنتي المكان ده كله مجهز على أحدث تقنيات عالميه سواء المباني المعماريه أو التجهيزات للمصنع أو التقنيات اللي شغال بيها الآلات..
تابع يجذب انتباها أكثر قائلا :
-- لما هتشوفي كل حاجه هتنبهري.. عشان تعرفي اني كان عندي حق لما أقول لك أن الشغل ده هو اللي هتستفيدي منه قوي.. وهينقلك لمكان ثاني أكثر من اللي كنت بتحلميه بيه أو تتمنيه....
وضعت يدها على وشاح رأسها تعدل هندامه قائله بإيماءة موافقه :
-- واضح فعلا أن عندك حق...
دلف بها للداخل قائلا :
-- الطابق الثالث ده خاص بمجلس الاداره وهو اللي بيتم فيه جميع الصفقات والاجتماعات اللي بتتم داخل مؤسسه الراوي لانتاج اللحوم والالبان....
نظر في ساعه معصمه وامسكها من ذراعها قائلا :
-- فاضل 10 دقائق على ميعاد المتينج.. تعالي افرجك علي المصنع قبل ما نطلع.. هتنبهرى من اللي هتشفيه...
وأشار في بيده علي باب خلفي من المجمع الإدارى قائلا :
-- ده الباب الخاص بمديرنا الهمام "فهد الراوى" والمسؤولين اللي منهم اخوكي "عبدالله عزت"
نظرت له بفضلوا عملي وتناست كل الزوبعات التي تدور في عقلها وغلب عليها شقها العملي وسارت بجواره..
دلفوا الي المصنع القي التحية على فرد الأمن قائلا :
-- صباح الخير يا فوزى..
ابتسم له فرد الأمن قائلا بحبور :
-- أهلا يا بشمهندس "عبدالله"..
حول نظره الي "غمزه" قائلا :
-- حضرتك أكيد دكتوره "غمزه" اللي مبلغني عنها الباشمهندس "فهد" بأن كل أوامرها وطلبتها تنفذ بدون مناقشه....
هزت رأسها وهي تبتسم بهدوء وتبسط يدها له قائله بترحيب :
-- أهلا يا أستاذ "فوزى"....
قالتها وهي تفكر فى تعليمات "فهد" للأمن بالاهتمام بها....
فاقت من شرودها على صوت "عبد الله" قائلا :
-- يلا يا دكتوره "غمزه" عشان اعرفك على المصنع...
سارت بجواره وولجوا الى الطابق الأول للمصنع وكان عباره عن ماكينات تغليف لا تلمسها أيادى العمال كل ما يفعلوه هو وضع المنتج في عبوته المخصصة وأخذها ووضعها في المخزن لحين توزيعها للأماكن المخصصة للبيع....
نظرت له هاتفه بذهول :
-- معقول المصنع ده عندنا في مصر مش مصدقه بصراحة عيوني.. ده العمال عندنا بيتنفخوا من المجهود اللى بيعملوه التغليف والتعليب....
دلفت الي مكان تنظر للآلآت عن قرب تتطلع بانبهار لكيفية عملها بهذه التقنية الحديثة......
اقترب منها عبدالله قائلاً :
-- تعالي أوريكي قسم اللحوم الحمراء ومنتجاتها المصنعه. .
سبقته بخطوات سريعة تكتشفها وتنظر إلى كيفيه صناعه المنتجات، ظلت تدور بين الأقسام الصناعية والتجارية حتي انتهوا....
هتفت غمزة بحبور :
-- بصراحه عمرى ما كنت أتخيل أنى اشوف مصنع زى ده على أرض الواقع أو أنى اشتغل فيه.....
رد عليها عبد الله مؤكدا لما تقوله :
-- يا بنتي "فهد الراوي" درس في أمريكا وهلص وطلع على المانيا عشان يشوف احدث تقنيات فى المكن..
وتقدرى تقولى المصنع كله شغال بمكن وتقنيات حديثه جدا.. غير بيحصل فيها صيانه الكترونيه من على الأجهزه عندهم بره فى بلد منشئ الصنع..
الا لو حصل بقى تدخل يدوي واضطرينا اننا نجيب مهندسين صيانه من الشركه الأم المصنعه للآلات والمعدات دي في المانيا.. حقيقي انتي هترتاحي جدا فى الشغل هنا وهتنبهري بيه وهيفيدك قوي في دراستك....
كانوا أثناء حديثهم يغادرون المبنى الصناعي، دلفوا الى المبنى الاداري كان عباره عن عده غرف مكتبيه حوائطه زجاجيه عازله للصوت جميع الموظفين يعملون بجد ونشاط، وقفوا أمام الاسانسير، صعدوا به، ولكن هى كانت شارده الذهن كليا وجزئيا، لم يتبقى في عقلها ذره تفكير لشيء غير الذي تراه بعيناها، طقطق أخيها أصابعه أمام وجهها يحثها على الانتباه قائلا :
-- عاوز اعرف في أيه سرحانه وشارده في أيه...
ردت عليه وهي تهز رأسها بالنفي :
-- أنا مش سرحانه ولا شارده.. انا منبهره من اللي شوفته...
وضع يده بجيبه بنطاله بزهو وهو يضحك على مظهرها ولمعة الاعجاب الظاهره بعينيها قائلا :
-- يا بنتي منبهر من أيه ده "فهد الراوي".. أنتى بتهزري ده أقل حاجه ممكن يعملها.. وبعدين انتي ليه محسساني إنك مكنتيش لا سمعه ولا عارفه حاجه عن الآلات الحديثه دى...
لكزته في صدره قائله بحنق :
-- أنت هتستهبل مين قال لك أن مش عارفه حاجه عن الآلات الحديثه دى.. هو أنا جهله يعنى.. بس اغلب المستثمرين بيفضلوا يجيبوا عمال تقوم بالشغل ده توفير ليهم.......
تابعت بتوضيح :
-- يا ابني بص هصححلك معلوماتك.. أنا مندهشه ان لسه في ناس بتفضل صحه المستهلك واهتمامها بأن المنتج بتاعها يبقى براند عالمي.. بغض النظر عن التكلفه اللي ممكن يتعرض لها بسبب الفكره دي....
وافقها عبد الله الراي قائلا بتأييد :
-- صدقيني لو كل مستثمر عمل زي ما هو بيعمل كانت كل المنتجات المصريه تبقى براند عالمي.. هو أيه الفرق اللي ما بينا وما بين الدول بره.. أن الدول دي بتصنع الآلات اللي احنا بنستوردها منهم وبيستخدموها صح وبيصبح المنتج بتاعهم براند عالمي.. رغم انه ممكن يكون في الجوده أقل من منتجات عربيه كتير.. وده اللي مأخرنا للأسف إحنا كوطن عربي.....
أصدر الأسانسير صوت يعلن عن وصولهم الى الطابق المطلوب وكان الطابق الاخير في المبنى الاداري كان مثله مثل جميع ما ينطبق على المكان والذي يجعلك كلما تتوغل في المكان تنبهر أكثر...
ولجت تدخل مكتبه وكان أكثر انبهارا عن كل ما شاهدته، دخلت غرفه السكرتاريه التي كانت تجلس على مكتبها تعمل على حاسوبها النقال، فتاه شديده الجمال هيئتها تدل على أنها من الطبقه العاليه...
رفعت السكرتيره قامتها من على الحاسوب ووقفت ترحب بهم، اقتربت منهم بخطوات هادئه وبسطت يدها ترحب ب عبد الله هاتفه :
-- أزيك يا بشمهندس "عبد الله" أكيد دى أختك الدكتوره "غمزه"..
كانت "غمزه" تستمع لهم والنيران تشتعل داخلها هتفت لنفسها بغيره :
-- ياحلاوتك يا"فهد" أنت بتقعد مع الصاروخ ده طول اليوم.. معقول قادر تمسك نفسك قدام جمالها أكيد في بينكم حاجه.. معلش احنا بنتكلم دي ولا الجنيات اللي هربانه من الأساطير.....
فاقت على صوت ميريهان تنادى عليها :
-- رحتي لحد فين يا دكتوره "غمزه" أنا سعيده جدا إنك هتشتغلي معانا.. عشان أنا تعبت من الرجاله الكتير في المصنع.. بصراحه جبت أخرى مفيش جنس ناعم غيرى.. شكلنا هنبقى أصحاب جدا...
كانت تستمع لها وعقلها يشاور مع شياطينها :
-- طبعا يا أختي هنبقى أصحاب ما نبقاش أصحاب ليه.. لما نشوف أخرتها معاكي أنت والباشا اللي مصمم لي كل حاجه على أحدث تقنيه لا وجايبك أنتى كمان على احدث صايحه...
تطلعت لها مبتسمه ابتسامه لا تصل لعينيها هاتفه من بين أسنانها :
-- طبعا حبيبتي يشرفني أن إحنا نبقى أصحاب....
بسطت يدها تصافحها لتتفاجئ بأن فى يدها خاتم يدل على خطبتها...
شهقه خرجت عفويه من المفاحأه مردفه بسعاده مافيه لما كانت تشعر به منذ قليل :
-- أكيد هنبقى أصحاب يا حبيبتي ده شيء يسعدني...
تهللت أساريرها وهي تحمد ربها داخلها إنها مرتبطه، ولكن وسوس لها شيطانها أن تتأكد أكثر قائله :
-- وأنتى أكيد يا"مريهان" خطيبك شغال معاكي هنا في المصنع.. علشان كده بيهون عليك الملل اللي بتحسي بيه....
وضعت "مريهان" كفيها على وجهها تخفي ملامحها وتمثل البكاء هاتفه بحنق مصطنع :
-- يا ريت يا أختي يا ريت كان كله يهون.. للأسف هو مسافر لأنه بيأسس مصنع هو كمان وأنا هنا علشان أتدرب لحد ما ينتهي من تاسيسه......
ابتسمت لها غمزه بسعاده تعقبرعليها :
-- ربنا ياحبيبتي يجمعكم على خير يا رب.. ويهونها ان شاء الله شكلك بتحبيه...
اشارت ميرهان على قلبها بغبطه :
-- ده عشق العشق دى قصه حب جامده.. أن شاء الله نقعد مع بعض واحكي لك عليها....
ابتسمت غمزه بسعاده متمنيه لها الفرح والسعاده قائله :
-- ان شاء الله يا قلبي ده يسعدني...
صدح صوت جرس مكتبها انفزعت قائله :
-- أخذنا الكلام و نسينا الاجتماع اتفضلوا...
رد عليها عبدالله قائلا :
-- والله عنده حق البشمهندس "فهد" يخلي كل الشغالين هنا رجاله.. بقالكم ساعه بتتكلموا في كلام فاضي......
نظروا لبعضهم بصدمه من حديثه واشارت ل غمزه أن تخلص حقها فيما بعد.....
ضحك قائلا :
-- أنا هدخل أنا الأول بدل ما تقتلوني أنتم الاثنين....
قالها وفرمن أمامهم بالخطوه السريعه.....
هزت غمزه رأسها بسخريه تطلع لأثره قائله :
-- امشي أنا كمان بدل أحسن الشكل المدير بتاعكوا صعب ...
أجابتها ميرهان قائله بجديه :
-- دى حقيقه صعب جدا في الشغل...
تركتها ودلفت لغرفة مكتبه وجدت "عبد الله" قد جلس على يمين مقعد المكتب...
بسطت يدها تصافح "فهد" قائله برسميه :
-- أزاى حضرتك يا بشمهندس
صافحها بعمليه قائلا :
-- الحمد لله يا دكتوره "غمزه" يا رب إن شاء الله تنبسطي بالشغل معنا وتكوني قد المسؤولية...
جلست أمامهم على يسار مقعد مكتبه ودقات قلبها تقرع كطبول الحرب....
بسطت يدها وأعطته الملف الخاص بالسي في الذى يشمل على كل المعلومات التى تحتاجها للعمل..
ظل يقلب في صفحاته وهتف يثنى عليها :
-- واضح جدا أن الدكتوره شاطره ومتدربه في أكبر مستشفيات وعيادات بيطريه تخليني أثق في مهاراتك العمليه....
وتابع يشرح لها المطلوب منها قائلا :
-- إن شاء الله تتوفقي في الشغل معانا.. أنا مجهز ليكي فريق مساعد من خريجين دفعة السنه دي هيكونوا مساعدينك وفي خدمتك.. وطبعا ده هيسهل عليك جدا الشغل.. وكمان يهمني سير الانتاج يمشي زى الخطه اللي أنا حاطتها.. وده راجع لمتابعة مستمره لصحة العجول اللي موجوده في المزارع عندنا.. وده هيخليكي أنتى المسؤوله قدامي عن كل كبيره وصغيره...
ردت عليه بعمليه قائله :
-- إن شاء الله هتلاقي إنتاج أزيد من المطلوب كمان.. لأن أنا عارفه شغلي وعارفه أنا هعمل أيه..
أحابه يؤكد حديثها عن نفسها قائلا :
-- صدقيني أنا عارف ومعنديش شك فى كل اللي أنتى بتقولي عليه ده...
قال حديثه وأشار لهم على قاعة الاجتماعات الملحقه بمكتبه قائلا بجديه :
-- دلوقتي اتفضلوا معايا علشان هوريكي كل حاجه على الشاشه.. علشان يبقى عندك فكره قبل ما تستلمى الشغل ونمضي العقد.....
استقام عبد الله مبتسما :
-- أنا كده مهمتي خلصت.. وأنتم اتفقوا مع بعض.. وربنا يقدم اللي فيه الخير.. اعذروني علشان لازم أشرف بنفسي على علفة المواشي....
أومأ فهد برأسه يوافقه الحديث :
-- اتفضل يا بشمهندس
عقب عبد الله :
-- تمام لو حضرتك احتاجت حاجه كلمني..
تحدث واقترب من غمزه قائلا :
-- عاوزه حاجه يا حبيبة أخوكى...
ردت عليه بالنفى هاتفه بحبور :
-- لا يا حبيبي خلي بالك من نفسك ما تقلقش عليا لما اجي أروح هطلب أوبر......
دنى منها قائلا بمزاح :
-- أقلق عليك أنت يا وحش.. طب أزاى لا طبعا مش قلقان بس خلي بالك من نفسك....
رفعت حاجبها بغضب تجز على اسنانها بتوعد :
-- طب لم نفسك ويلا روح شغلك..
ابتسم لها بيأس، أخته لن تتغير في أي مكان، طباعها حاده ومتهوره..
ألقى التحيه وتركهم وغادر...
أما فهد لم يعقب على حديثها مع أخيها، هو الآن مبرمج كالريبورت بحكم معايشته ومحاكته للغرب اكتسب الجانب العملى منهم، يقسم حياته على محورين وقت العمل للعمل والعواطف تتنحى جانبا، لا يحبذ خلط الأشياء فهذا أفيد اذا كنت ترغب بأن تكون رجل أعمال ناجح.....
خطى بخطوات ثابته وجلس على مائده الاجتماعات ثم أمسك آلة التحكم وبدأ في عرض جميع ملحقات المزارع والمصنع مع تقديم شرح مفصل لكل الجزيئات الواجب التعامل معها وتنفيذها.....
فى حين تجلس هى على وضعية الانبهار بدء من هيئته المهيبه التى تفرض السيطره على المكان مما جعلها تستمع لحديثه بتركيز عالي، ولكن حفزت نفسها فهى لا تقل شأن عنه، تحب مجال عملها جدا وتصب اهتمامتها العمليه فيه، لولا تحديها للمفاهيم الذكوريه ما استطاعت السعى قدوما وراء حلمها....
أومأت برأسها باعجاب كم راق لها طريقته العمليه واسلوبه السلس فى طرح الأفكار التسويقيه التى يود بها أن يغزو الأسواق......
تعمقت معه فى شرح التقنيات الجديده وتجاذبت معه أطراف المناقشه على نفس منوال كلامه، مقابله أثمرت عن عقليات واعيه ملمه بما يحدث حولها لتواكب العصر الحديث....
مرء الوقت لينتهى النقاش بتفهم "غمزة" المطلوب منها فعله، بعمليه استقامت تجمع أشيائها من على منضدة الاجتماعات هاتفه بجديه :
-- تمام يافندم كده احنا استوفينا مناقشة كل النقط اللى حضرتك عايزينى اشتغل عليها.. أن شاء الله الجاى أفضل وهتشوف نتائج مبهره تنول اعجابك.. استأذن انا وعلى ميعادنا من بكرا هستلم الشغل بإذن الله تؤمر بحاجه تانى....
أجابها بنفس هيئته العمليه :
-- لا كده تمام.. ولو احتاجتى حاجه أنا موجود
عقبت عليه برسميه :
-- أكيد يافندم..
حملت حقيبتها و استدارت لتغادر استمعوا لطرق السكرتيره على الباب، سمح لها بالدخول، لتردف بإحترام:
-- دكتور خالد برا وعايز يدخل لحضرتك..
أجابها باقتضاب :
-- تمام خليه يدخل..
همت "غمزة: لتسير خارج الغرفه، استوقفها فهد قائلا :
-- استنى يادكتوره اتعرفى على دكتور "خالد" هيكون من ضمن طاقم العمل المنفذ للمشروع اللى هيكون تحت إشرافك....
أومأت له بهدوء ووقفت تنتظر، دخل مشرق الوجه مبتسم الثغر يهلل بنفاق قائلا :
-- حمد لله على سلامتك يابشمهندس نورت المصنع..
هز رأسه باقتضاب وهو يجيبه :
-- أحب أعرفك الدكتوره غمزة اللى المسؤله عن مشروع التسمين الجديد...
استدار لها يرمقها بنظرات إعجاب مقززة، ينهشها بعينيه، لم ترتاح لنظراته ولا لهيئته منذ دخوله....
قالت لنفسها
-- أن البداية ليست مبشره...
أما عند فهد اغتاظ من تحديقه بها وهو يتفرسها من رأسها لأخمص قدميها، لعن نفسه لاحضارها العمل هنا وسط أجواء كل التعامل فيها مع الرجال، فهذه النظرات اللعوبه هو على درايه بها، ولكن لن يكون ابن أبيه اذا سمح له بتجاوز حدوده تحت أى وضع، وقف يقطم على باطن شفتيه يتطلع له بامتعاض، يمنى نفسه بالصبر ليرى مصير ذلك التعارف المبتذل....
بسط دكتور خالد يده كى يصافحها بابتسامه بلهاء تحدث :
-- اتشرفت يادكتوره بمعرفتك.. معقول الجمال ده كله هينورنا.. ده لازم نهنى نفسنى أنى هكون من مساعدينك...
لم يرمش لها جفن استمعت له بنفور، فهى كشفته من الوهله الأولى، خسيس متملق، لم تبسط يدها لمصافحته والتفت بإيماءة هاتفه باقتضاب :
-- معلش مش بسلم على رجاله غريبه..
تراخت يدع ينزلها جواره هاتفا :
-- محصلش حاجه يادكتوره.. أنا أصلا بحب المحافظه
قوست شفتيها بامتعاض، واعطته ابتسامه لم تظهر سنتى من أسنانها، واستدارت تطلع ل فهد باستاذان :
-- بعد أذنك يابشمهندس اسمحلي همشى....
كان "فهد" يتابع بعيون فرحه، فعلتها جعلته منتشى سعيد....
حدث نفسه :
-- نمرتى الشرسه كشمائى
ما خاب ظني بكِ ابداً..
قطع حديثه نبرة صوتها العذبه، أومأ لها بابتسامه أودع فيها ما يود أن يبوح به، ليجيبها بغبطه :
-- اتفضلي يادكتوره سعيد بتعاونك معايا، وأن شاء الله تعاون مثمر...
تركتهم وغادرت ليذهب هو يجلس خلف مكتبه، يطالع المدعو خالد بنفور، هاتفا :
-- لو مفيش حاجه مهمه اتفضل شوف شغلك عشان انا مش فاضى...
أومأ له انه ليس يوجد شئ ضرورى ليستدير بنفسه يغادر المكتب تحت أنفاس فهد المستشاطه منه.....
------------------------
حل المساء ليتأهب الشباب للذهاب لعائله الراوي وطلب مصاهراتهم في الارتباط بفتياتهم....
باطلاله متناسقه جذابه أطلوا الشباب بملابس سمي فورمال..
حيث ارتدى "أحمد" قميص بيبي بلو مقلم وبنطلون كلاسيك كحلي وحذاء جملي وحزام من نفس اللون وساعه معدن ماركة روليكس...
بينما "عبدالله" أطل بمظهر شبابى اكثر، حيث ارتدى قميص أوف وايت فتح أول أزراره وقعص أكمامه لمنتصف كوعه، يعتليه بليزر كت كحلي بأزرار من نفس لون القميص، مع بنطلون جينز ازرق كحلي غامق بقصه ضيقه وجيوب جانبيه مع حذاء دبابه جملي وحزام بنفس اللون وساعه كاسيو بسوار جلدى جملي.....
انتهوا من ارتداء ملابسهم تحت مشاكسه "عبد الله" وتبادل الضحكات مع "أحمد" خرجوا لمكان تجمع العائله بحجره المعيشه حيث تجلس أنعام في انتظارهم بعد ان انتهت من تجهيز علب الجاتوه والشكولاته.....
هتفت أنعام تنادي على الفتيات قائله باستعجال :
-- يلا يا بنات لسه ما خلصتوش هنتأخر على ميعاد الراوي...
دلفت بسنت من حجرتها تجيبها :
-- يا ماما أنتم محدش قال إن إحنا رايحين معاكم....
جاءت من وراءها غمزه معقبه :
-- يا ماما هو احنا مروحنا ملوش لازمه دي قاعده تعارف مش محتاجه ناس كثير...
صدح صوت عزت بحنق قائلا :
-- بنات مين اللي هتروحي يا"انعام" أنتى نسيت الأصول ولا أيه.. دي قاعده تعارف بتاعه رجاله البنات ملهاش في القاعده دي.. ده حتى البنات اللي احنا رايحين نخطبهم كبيرهم هيجوا يسلموا ويمشوا مش هيقعدوا معنا.. احنا هنخيب على كبر ولا أيه.. وغير كده البيت في شباب رجاله ما ينفعش أخد البنات وألف بيهم.. لما يبقى في ارتباط رسمي ونحدد الخطوبه آه يجيوا ويفرحوا بأخواتهم، لكن دلوقتي القعده هتبقى مع الراوي الكبير وأنا فاهم الراجل ده بيفكر أزاى وبيبقى ليه نظره في النسب والناس اللي قاعد معاهم.. أنتى عايزه تصغريني معاهم ولا ايه...
انهى حديثه وصاح على البنات بصوت اجش :
-- يلا منك ليها على جوه ما حدش رايح معانا..
أومأت انعام باعتذار :
-- حقك عليا يا عزت مكانش قصدي والله أنا قلت البنات تروح وتفرح بأخواتهم.. لكن أكيد يعني هراعي الأصول وعموما اللي أنت شايفه صح هو اللي هيمشي...
أومأ لها قائلا بهدوء :
حصل خير ياأنعام.. واجبنا على بعض اللي تسقط منه حاجه الثاني يعرفهاله....
حاول عزت تحسين الاجواء تطلع للشباب هاتفا بحب :
-- ما شاء الله عليكم يا رجالتي.. العين عليكم بارده ربنا يحميكم ويكمل فرحتكم على خير...
ابتسم الشباب بفرحه هاتفين بسرور :
-- اللهم امين يا حاج ربنا يبارك لنا فيك وما يحرمناش منك ابدا يا رب
عقب عزت بسعاده :
-- طب يلا يا شباب عشان ما نتأخرش على الناس اللي مستنيانا...
قالها وأخذ أنعام تحت زراعيه يتأبطها بحب خطوا يتقدموا الشباب وهموا يغادرو لمصاهره ستتطرئ تغير جذرى على حياة العيلتين....
-------------------
داخل غرفة الفتيات حيث صخب أصواتهم وضوضاء الأغانى، افترش مخدعهم بثيبابهم واكسسوارت الزينه خاصتهم، تقف كلا منهم تتطلع لأشيائها بحيره، تأفأفوا من تأخير والدتهم فى الطلوع إليهم لتساعدهم فى انتقاء ملابس مناسبه لاستقبال خُطابهم.....
صاحت زينه تبرطم بحنق :
-- يعنى اعمل أيه دالوقت كل ده وأمك لسه ما طلعتش ينفع كده امال هنختار لبسنا امتى
قالتها وهي تنظر بغيظ لفجر
زفرت فجر بسأم من تكرار كلامها هاتفه بغيظ :
-- اتهمدي وبلاش جنان السعادي.. امك تحت على آخرها بتشرف مع جدتك على عشا الضيوف.. ما تخليهاش تطلع عليكى العرق الصعيدي وأبقى لاحقي بقى على عصبيتها لما بتطلع.. النهارده عايزينه يعدي على خير بلاش تخليها تشد أعصابها وتطلعه على عينينا....
صرخت زينه وهى تدب الارض كالأطفال هاتفه بتذمر :
-- يووووه بقى هو أنا طلبت أيه ولا عملت أيه.. أنا كل اللي عايزاه تيجي تختار معايا لبسى عشان أنا محتاره أنا مش هعطلها اصلا الموضوع مش هيكمل خمس دقائق وتنزل تانى.....
هبت "هنيه" من خلفهم كالعاصفه دفعت الباب بقوه وولجت للداخل بوجه عابس هاتفه باندفاع وعصبيه مفرطه :
-- يعني أنتي معندكيش دم.. ما بتفهميش خالص.. مبتعرفيش تتصرفي.. لازم على طول عايزة حد يساعدك.. لازم على طول يكون جانبك حد تعتمدي عليه.. أيه انتي مفيش مخ بيفكر ويقول الست دي مش فاضيه بتجهز لترتيبات ناس اغراب هيدخلوا علينا.. نازله رن رن فوق دماغي 50 تليفون اطلعي اطلعي بتستعجليني انت شايفاني انا قاعده بلعب..
بدون توقف باغتتهم بحديثها ردا على إزعاجهم اللاذع، ثم تجولت بعينيها فى أرجاء الغرفه لتتابع نوبة غضبها مستطرده:
-- وايه الفوضى اللي انتم عاملينها في الاوضه دي.. أيه القرف ده فاتحين الشنط دي كلها ليه.. مش دي الهدايا اللي لسه فهد جايبهالكم وهو جاي من السفر.. يعني كلها هدوم جديده.. يعني مش مستاهله كل الصريخ والسربعه اللي انت عاملاها لي دي.. يعني سهل أنك أنتى تختاري.. ايه مشكلتك في فستان تلبسيه.. أيه مشكلتك في طرحه هتحطيها على شعرك.. دي قاعده تعارف أصلا انتي مش هتقعدي.. أنتى كبيرك هتدخلي تسلمي عالناس وتحطي العصير وتمشى تغوري ما تورينيش وشك..
قبضت على ذراع الفتاتان وتابعت هجومها قائله :
-- أنتى يا بنت منك ليها جنان مش طالبه معايا جنان.. أنا واصله معايا لمناخيرى وعلى أخرى.. نعقل ونهدى كده علشان ما نضحكش الناس علينا...
قالت اخر حديثها ونفضت زراعيهم بحنق....
سكنت الدموع عين "زينه" تزم شفتيها كالاطفال هاتفه :
-- مكانش العشم يا مامتي تكسري فرحتي في يوم زي ده...
زوت "هنيه" بين عينيها تطالعها بتهكم هاتفه :
-- وحياه أمك بلاش الشويتين دول عليا.. بلاش يا بنت بطني سهوكه البنات دي.. مش يومها النهارده خالص.. اتعدلي معايا كده عشان نبقى حلوين مع بعض.. لما بكون رايقه بعملك كل اللى عوزاه...
نهرها قلبها لتوبخ نفسها على حدتها معها، فهى معها حق يوم كهذا لابد ان أغمرهم بالسعاده، جذبتهم من رأسهم و لثمتهم من وجنتيهم هاتفها بغبطه :
-- ألف مبروك يا قلب أمكم ربنا يا بناتى يجعلها لكم جوازه الهنا والسعد.. معلش حقكم عليا أنا مضغوطه تحت مع جدتكم وأنتم عارفين لما بيكون في عزومه جدتك بتبقى موقفه الدنيا على رجل....
شاكستهم فجر هاتفه :
-- والله يا هنون أنا قولتلها بلاش تنكشيها وتطلعي العرق الصعيدي دلوقتي مش هنعرف نلاحق عليها.. بس أنتى عارفه بنتك بقى عرق الهبل.. بس تصدقى ما وفق إلا لما اجمع جوز مجانين واتلموا على بعض...
اقتربت منها هنيه جذبتها من اذنها تقرصها بخفه هاتفه :
-- ماشي يا ست العقله نتلم بقى.. وكل واحده فيكم تطلع دريس بسيط مع طرحه تليق عليه واختاروا مع بعض من سكات من غير دوشه.. عشان أنا عايزه انزل اكمل مع جدتكم واطلع اشوف لبس أبوكم.....
زمجرة زينه هاتفها :
-- هو بصحيح يا مامتى انا مش هدخل اقعد معاكم وشوف خطيبي
حدقتها هنيه بيأس واجابتها باقتضاب ساخر :
-- ايوه يا حلوه مفيش قعاد هتسلمي وانتي واقفه ساعه ما تكوني داخله بصينيه العصير او صينيه القهوه.. غير كده ما لكيش في الليله دي.. ده اتفاق رجاله هتقعدي تهببي أيه..
لتلوى ثغرها هاتفه بغيظ :
-- ولا أنتى عايزه جدك يكسر دماغك ولا يخبطك رصاصه يخلص عليكى عشان نخلص من غباوتك وجنانك..
تابعت تذكرها :
-- انت نسيتي كلام أخوكى "فهد" قال لك ايه.. قال لك اعقلي واتقلي ومش اي حاجه تتقال ومش في اي وقت الدلع والهزار.. لازم تبقي غاليه تعرفي انتي بنت مين ومن عيله مين.. تصرفاتك محسوبه عليك يا أبله مبقيتيش صغيره.. اعرفي الصح من الغلط. وميزي أمتى تهزرى وأمتى تتكلمى جد.. اعقلي يا بنتي عشان ما تدخليش نفسك في متاهات انتي في غنى عنها.. عشان محدش يفهمك غلط.. ركزي ابوس على ايدك....
أنهت حديثها وأعطتهم ظهرها وولت من أمامهم تتركهم لمباحثاتهم فى انتقاء ما سوف يرتدون.....
زفرت الفتيات بامتعاض وذهبت كلا منهم ترتب الفوضى التى بالغرفه كى يتثنى لهم اختيار شئ مناسب لتلك الأمسية العجيبه من وجهة نظرهم، كيف خطبتهم ولا يستطيعوا المكوث مع خطابهم، تذمروا كثيرا من حديث أمهم، ولكن بالأخير عليهم الانصياع لاوامراها فهى أعلم منهم بادارة تلك الأمور.....
------------------
بالاسفل حيث "الحجه راضيه" في وسط المطبخ تقف تعطي تعليماتها للخادمات وتشرف على اعداد وليمه تليق بالراوي الكبير وضيوفه.. مرء القليل وأتت من خلفها "هنيه" تعتذر عن تركها بمفردها، لتومئ لها بأن لا مشكله فالأمور تسير في نصابها الصحيح...
استدارات كلا منهم تباشر عمل صنف مختلف من الطعام ليصدح من الخارج صوت الحج "عبد الجواد الراضي" ينادي عليها، خطت تمشي خارج المطبخ.....
وأجابته بود واحترام :
-- نعم يا حاج اؤمر طلباتك
رد عليها بحب :
-- ما يؤمرش عليكى ظالم يا حجه العزومه جهزت...
عقبت عليه بغبطه :
-- كله جهز على اكمل وجه..
البط والرومي اتحمروا والحمام اتحشى وصواني المكرونه والجلاش خلصت والمحاشي بأنواعها اترصت والفاكهه من كل شكل ولون موجود والعصير والساقع على التقديم...
ضيق ما بين عينيه هاتفا باستعلام :
-- ليه ده كله يا حجه دى قعده تعارف.. أنتى عمله وليمه تكفي البلد كلها.....
اجابته بالسرور فهي لها مغزى من هذا :
-- طب ما أنا عارفه يا حاج ان انا عامله بزياده.. بقى مناسبه زي دي ما طلعش فيها إطعام طعام لاجل ما ربنا يكملها لحفيداتي على خير وسعاده.. لازم كل بيت في البلد يبات يتراضي النهارده حلاوه ما ربنا يبعد العين والنفوس الخبيثه عن بناتي....
أومأ لها الحاج "عبد الجواد الراضي" بحبور فهي دائما عند حسن ظنه بها اجابها بامتنان وفخر :
-- دايما يا حجه سباقه بالخير. ربنا يعطيكى ويراضيكى زي ما بتراضي اللي حواليكى...
عقبت عليه بسعاده :
-- كله من خيرك يا حاج انا بتعلم منك ربنا يديم البيت مفتوح بحسك ودايما كده كبرنا وتاج راسنا.....
قطع حديثهم دخول هنيه هاتفها باستئذان :
-- معلش يا ماما الحاجه هستاذن منك اطلع اشوف سعد.. زي ما انتي عارفه مش هيجهز الا لما أكون انا موجوده.. واطمني كل حاجه في المطبخ خلصت زى ما أمرتى
ابتسمت لها الحاجه راضيه هاتفه بدعابه :
-- ماشي يا ست "هنيه" اطلعي شوفي "سعد" ما انا عارفه ابني مش هيخلص في يومه إلا لما تكوني انتي جانبه..
أومأت لها بكسوف واستدارت لتغادر ليوقفها صوتها هاتفه بتذكير :
-- ماتنسيش تدخلى ل "فهد" تصحيه عشان ما يتأخرش فى النوم.. يدوب يصحى يفوق الناس زمانها جايه.....
أجابتها بطاعه وغادرت تصعد لغرفة ابنها "فهد"، الذى جاء منهك وطلب منها أن يرتاح قليلا على أن توقظه قبل قدوم الضيوف لكى يستعد، طرقت الباب تنادى عليه ليأتيها الرد بنعاس :
-- أيوه ياأمى خلاص صحيت هاخد شاور وهلبس وانزل على طول....
تركته وعادت تدلف غرفتها هي ومعشوقها، تطلعت للغرفه وجدتها خاليه اندهشت عندما لم تشاهده ذمت شفتيها بحنق تسأل نفسهاماذا فعلت ليغضب منى، همت وجلست على مخدعها تتكئ على زاويته تضع يدها تحت خدها بحزن، فاليوم تكركب من جميع الجهات ليختم ب سعد، تنهدت بخوف فداخلها هواجس أن امرا ما سيحدث، استعاذت بالله من هذه الوساوس، قليلا واستمعت لصرير مياه يأتى من غرفه الحمام، تنهدت براحه لعدم تحقيق ظنها أنه غاضب منها، دقائق وخرج تفوح منه رائحة الشاور يرتدى ملابسه الداخليه والمنشفه على رأسه يستكمل تجفيف شعره، اقتربت منه بتروى ومدت يدها أخذت المنشفه تداعبه بحب :
-- نعيما ياابو العروسه. حمام الهنا والعافيه....
حاوط خصرها بيده بشاكسها :
-- أبو العروسه عايز عروسه،
حدقته بذهول لتجيبه بمراوغه :
-- ابو العروسه شهر وشهير والتانى قصير وهيبقى جدو.. يروح يدور لولاده الرجاله على عرايس مش يقول عاوز عروسه....
اغتاظ من كلمتها ليقرصها من خصرها هاتفا بجديه مزيفه :
-- أيه يامدام جدو اللى كل شويه تقوليها دى.. شايفني كحكت وصحتى قلت معاكى ولا أيه ده أنا أصبى من ولادى الرجاله..
تابع بمكر :
-- الأيام دى بقيتى بتنسى مهاراتى كتير ومحتاج أنعش ذاكرتك عشان متنسيش جوالات الأسد اللى معاكى.....
أنهى كلماته وهو يغمز بطرف عينيها ليثير كسوفها الذى ينعش قلبه.
تلعثمت قائله :
-- خلاص بقى ياسعد يالا ألبس عشان أبويا الحج مستنيك تحت...
قالتها وفرت من بين يديه تجذب جلبابه وتعطيه له وهى تطرف بعينيها خجلا من حركاته التى يفتعلها تدغدغ أوصالها.....
انتهى من ارتداء ثيابه وتعطر وجذب هاتفه ومفاتيحه وودعها كى يهبط للحج الراوى ويكون فى شرف استقبال الضيوف وتركها تستعد هى الأخرى....
سريعا أخذت شاور وتوضأت وخرجت ارتدت عبائتها ووشاحها ووقفت تستقبل قبلة الصلاه، تضرع الى الله أن يمرء التعارف على خير، وتتم الخطبه بسلام، انتهت وهمت تغادر غرفتها لترافق الحجه راضيه فى الترحيب بالضيوف...
-----------------------
أغلقت "هنيه" باب غرفتها واستدارت تهبط على درجات السلم لتقابل غريمتها ضرتها العدوه اللدوده لفرحتها، استعاذت من الشيطان الرجيم عندما طالعتها تنظر لها بعيون حاقده، سمت الله وكبرت من شر حاسد إذا حسد، وهمت لتنزل تجنبا لحمقاتها......
جذبتها "مكيده" من زراعها توقفها عنوه هاتفه بكره :
-- متزينه يابنت كلاف البهايم.. ولا وانضفتى وهتقعدى تتشرفى بنسب الراوى وهما جايين يخطبوا بنات الندامه....
قالت كلماتها اللاذعه بسخريه لتزيد من حنق هنيه...
جزت "هنيه" على أنيابها تود لو تكيل لها من الحديث ما تتلوى به أحشائها، ولكن صبرا ليس هذا بالوقت المناسب فرحة فتيات تستحق منى تضحيه بالصمت، حتى لا تنول مبتغاها وتفسد فرحتنا...
رمقتها هنيه باستعلاء، ونفضت يدها من عليها، وتركتها وهبطت دون أن تعطى لها أهميه....
تطلعت "مكيده" لظهرها وهى تغادر لتشتعل كالحطب فى النار، كورت قبضة يدها تضربها بقبضتها الأخرى، تلعنها وتسبها وهى تتوعد لها أنها لابد أن تنال منها الليله، بأى شكل يتحكم عليها إفساد فرحتها.