رواية غمزة الفهد الفصل الثامن عشر 18 بقلم ياسمين الهجرسي
واية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
------------------
صارت تجرى بين ممرات بناية قسم الشرطه بلا هواده، أنفاسها تعلو وتهبط وكأنها تجرى بمارثون، تود لو عقلها يتوقف عن التفكير وقلبها يتوقف عن النبض، تود لو تنتفض جميع حواسها تعلن احتجاجها عن كل الازمات التى عصفت بها، وترفع راية الاستسلام وترحل بعيدا عن دنيا الغابه التى تعيشها، لعلها تجد فى الحياه الأخرى الراحه الأبديه التى تحتاجها روحها.....
هبطت درجات السلم تتكفى على وجها، أختها تصيح عليها تحثها على التوقف ولكن لم تستجيب للنداء، ظلت تهرول للأسفل كل ما يشغلها بشاعة ما تعيشه، عقلها يصرخ ينهرها على ضعفها التى أصبحت عليه، منذ متى وأنتى سلبيه ضعيفه مهزوزه، لتهز رأسها بهذيان وكأن يوجد أمامها شخص تجيبه هادره بغضب لست ضعيفه ولكن لا حيلة بيدى أمام هذا الباغى، سمعة عائلتى على المحك حياة أخى هى الثمن لذله ليس لى يد بها، وبخها مرارا وتكرارا يؤنبها يذكرها بقوة شيكيمتها فى إدارة الأمور، يحثها على استرجاع شخصيتها المعهوده ذات القوة والهيمنه.....
وأخيرا اندفعت خارج البنايه تشهق من شدة كتمان بكائها، سمحت لعبراتها تنساب كشلال ماء ساخن انفجرت ينابيعه من جلل مايجيش بداخلها من براكين الخراب الذى أصبحت تعيشه.....
بينما "ريان" يحاول يلاحق خطواتها رغم ألم جرحه يركض ورائها يستجديها بالتريث، أدرك فداحة ما فعله بها بحركة صبيانيه حقيره كاد أن يفقدها، زجره عقله متى ستستفيق من تلك النزعه الذكوريه الحيوانيه، زفر بغضب يخرس عقله ينهيه عن تأنيبه هذا ليس بالوقت المناسب، تحامل على نفسه وقذف الدرجات باستماته يحاول ايقافها، لكزته أختها تحاول ردعه ليبعد عنها، ولكن نفض يدها وتركها واستمر فى القفز ورائها.......
--------------------------
تعثرت "غمزه" فى خطواتها لتتلقفها يد احتضنت ظهرها بحمايه حتى لا تصطدم بدرجات السلم، اهتز جسدها لتغمض عينيها مخافتا من السقوط، الا انها استفاقت على اليد التى انتشلتها، فتحت جفونها لتجحظ عندما شاهدت "فهد" هو من أنقذها، حدجته بغضب وفكت حصار يده من عليها...
هتفت بغضب :
-- أنتم استحاله تكونوا بشر.. مره أخوك ومره أنت.. أنتم عايزين منا أيه.. وأنت جاى تقول خطيبتي.. ده حصل أمتى هو أى جنان وخلاص.. ارحمونا بقى من تعب الأعصاب ده....
ضغط فهد على فكه يطحن بين أسنانه يطالعها بحنق من عنادها المستمر، وكأنه افتعل جريمه شنعاء، كبت غيظه منها وأردف ببرود ليزيد من حنقها :
-- هو أنتى تطولى تتخطبى ل فهد الراوى ياعقلة الإصبع.....
نظرت له بضعف كم تتمنى أن تكتب على اسمه، هنيهه وتحولت لنمرة شرسه هاتفه :
-- آه أطول ونص اتخطب للى أحسن منك، وبعدين متقولش اللقب اللى انت لازقه فيا ده.. ياطويل.....
لثوانى لاحظ نظرتها المستكينه، فرح لاختراقه حصونها على ذكر الخطبه، شعور وليد اللحظه هيئ له أنها ستلين، ولكن برمشة عين أثارت جنونه عند تلفظها أنها من الممكن تخطب لغيره، ود يبوح لها أنها تخصه مهما فعلت ولكن هذا ليس بالوقت والمكان المناسب.....
تنهد بتعب لا يود تعقيد الأمور اكثر، تحامل على نفسه يوقف عملية الكر والفر التى تلعبها معه، هتف بنبره متألمه مما يحدث لهم قائلا :
-- هو لحد أمتى لاغيه عقلك .. ارحمينى أنتى وافهمى أبوس أيدك.. محدش هيخاف عليكى قدى.. محدش هيحميكى من الدنيا دى غيرى.. حطى الكلام ده فى دماغك وهيجى الوقت اللى هتفمى كويس قصدى.....
قالها لتقشعر هى فى وقفتها من نبرة صوته التى خرجت حزينه متوسله أذابت روحها، ولكن مازالت تحاول التماسك أمامه.....
تابع فهد موضحا :
.. أنا قولت كده لمصلحتكم عشان المحضر ميتفتحش ويبقى فيه سين وجيم وانتم اللى هتضروا زينا بالظبط.. لكن لما يبقى فى خطوبه هتبقى فى حمايتى والموضوع يخلص .. افهمى أنتى عارفه أننا فى الصعيد وسمعة البنت بتضر اكتر من الراجل..أنا بحاول أساعدكم ليه مش شايفه ده....
نفذت قدرتها على التحمل وهو يوبخها كالطفله الصغيره ولا يدرى أنهم سبب رئيسى فى معانتهم ، سكنت عينيها الدموع وأبى كبريائها أن تهبط أمامه، هتفت بصوت خرج نبرته مهزوزه :
-- طب ما أنا صدقتك ومشيت ورا كلامك قبل كده النتيجه أيه.. أخوك غدر ونقض كلامك.. عايزينى أفهمك وأصدقك أزاى بعد كده..
مع آخر كلمه نطقتها سالت عبراتها لتمسحها بقوه وتجرى هاربه من أمامه دون أن توضح معنى كلماتها، لو ظلت لاعترفت له بما تكن له.......
هزته عبراتها التى حاولت كفكفتها وموراة وجهها بعيد عنه حتى لا يفتضح ضعفها أمامه، ولكن قطب حاجبيه بعدم فهم من قذفها له بالاتهام وركضها دون توضيح، تنفس بعمق وهو يصفع جبهته عدت مرات من عناء ما يعيشه، زفر بضيق واعتدل يهرول ورائها كى يستطلع أمر أخيه وأختها، وبداخله يحث نفسه عالصبر حتى يتفهم ماذا صار.....
---------------------------
فى حين بسنت ظلت تجرى إلى أن وصلت للشارع، اندفعت تعبره لتفيض السماء بغيثيها لتختلط دموعها بماء المطر وكأنها تؤازرها فى محنتها، غشاوة أحاطت عينيها وهى تعبر الطريق ليرتفع بوق السياره التى لم تنتبه لها إلا عندما جذبها "ريان" يشدها عليه لتصطدم بصدره العضلى لولا راحتيها التى جعلتها كمصد لحمايتها من التلامس معه، بشعور معاكس لما كان عليه بالداخل عصبيه زائده من فعلتها وكأنه براسين منذ قليل حنون راقى فى التعبير عن حبه، والان جاف أهوج، ضغط على زراعها ينهرها بقوه غير عابئ بدموعها
هاتفا بنزق :
-- أنتى ايه اللى عملتيه ده .. شايفه نفسك هيروو وهتقدرى عليا .. وحياتك عندى لكل ده هطلعه على عينك .. اصبرى عليا......
دفعته تنفض يده عنها هاتفه بتعب :
-- ارحمني بقى خلاص تعبت كان يوم أسود لما وقعت فى طريقى.. يارب أموت عشان أخلص من شبكتك السوده....
نغزه أصابت قلبه من تمنيها الموت عن البقاء معه، لام نفسه من تهوره واندفاعه، دوما تأخذه الحمقه ولا يتريث حتى لا يخافه أحبابه، تطلع لها بهذيان يهز رأسه برفض من فكرة أنا لا تكون موجوده معه بمحيطه، زجره عقله يحثه على مراضاتها، يأمره قلبه باحتواء انهيارها، استعطفته حواسه أن يستفيق من تلك الغشاوه التى ستضيع حب حقيقى.....
لم يمهل نفسه فرصه للتفكير أكثر بكائها لو يقتل فقد قتله فعليا، سحبها داخل أحضانه يحاول تهدئة زعرها منه، مسد على ظهرها يهتف بنبره حانيه صدرت من محب جاهل بأبجاديات العشق أردف بحب :
-- هش هش هش أهدى أنا معاكي وعمري ما هسيبك....
جحظت عينيها بغضب هل هو معتوه أم ذو انفصام بالشخصيه، منذ قليل يتوعد لى ويصرخ على، اصرخ وأقول له كفى وارحل عنى، يهدئنى بأنه بجوارى ولن يتركنى، من طلب منه التمسك بى، كيف أهدئ وهو سبب هلعى وفزعى، لم تتمالك حالها ضربته بصدره ودفعته للخلف لتبعد نفسها عن مرمى يديه التى تحاصرها....
صرخت بعصبيه هاتفه :
-- أنت أيه ياأخي عاوز مني أيه .. ما تسبني في حالي....
قالتها وقد تملك منها الغضب لتقترب منه، تكيل له اللكمات فى صدره تصيح بصوت عالى :
-- أبعد عني ارحمني أنا أذيتك في أيه.. أنا معملتش فيك حاجه وحشه.. أنا عيشه بما يرضي الله .
مع دفعها أياه يحاول الصمود كى تفرغ شحنة غضبها منه، ولكن بدءت تظهر عليه علامات احتياجه للمخدر، كما اشتد عليه ألم جرحه الذى بدء ينزف وضع يده على بطنه وتحامل على الوقوف....
هتف باعتذار :
-- أنا آسف مش عارف أنا اتصرفت كده ازاى.. بس غصب عنى كل ما بتتجهلينى بتموتينى.. أنا عارف هتقولى عليا مجنون.. بس أنتى الوحيده اللى وقفت قصادى.. أنتى الوحيده اللى حركت الحجر اللى جوه قلبى وخاليته يلين.. أنا مش عارف بعمل معاكى كده ليه.. أنا بحب أعاندك بس مش لدرجة هأذيكى..
كان يتحدث وكأنه طفل صغير يستجدى مسامحة أمه، نطق كلماته بنبره مهزوه خرجت من بين شفتيه تتوسلها أن ترحم حاله، عيناه تائهه فى سودويتها تستجدى بر عيناه لتهتدى للطريق الصحيح....
مشاعر جياشه تعصف بقلبه سينطقها دون مراوغه هو يريدها بل يعشقها اعترف لنفسه يتبقى الاعتراف لها، حث نفسه على عدم المكابره والتصريح لها بحبه حتى لا تضيع منه أكثر من ذلك....
هتف بمشاعر صادقه :
-- أنا حبيتك وعمرى ما حبيت غيرك .. أنا عاوز اتجوزك .. أنا عمرى ما قولت لحد أنى محتاجه غيرك.. أنتى الوحيده اللى اتمنتها تكون شريكة حياتى.. أنتى الوحيده اللى حسيت خلاصى من القرف اللى عايش فيه على أيديها.. أول مشوفتك ناديتك منقذتى.. حتى وأنا سايح فى دمى كنت عارف شط نجاتي على ايديك..
قال كلماته وصمت ينظر لملامحها الجامده لتسيل عبراته التى كان يحاول حبسها بمقلتيه لتندمج مع حبات المطر التى تهطل عليهم
أجابته بسنت بكبرياء أنثى مجروحه مطعونه فى شرفها و كرامتها :
-- وأن قولتلك أنى مش عاوزه اتجوزك .. وميشرفنيش أنك تكون زوجي.....
صدق من قال.. لا يبكى الرجل على أمرأة الا اذا عشقها حد الجنون وبالأخير لا تكون من نصيبه، اعترف لنفسه مئات المرات أنه أحبها وعشقها بكل جوارحه، اعترف بخطأه على أن الطريقه التى أرادها بها منذ البدايه خطأ، نهر نفسه مرات ومرات أن تصرفه الأهوج هو من باعد بينه وبينها، ولكن ماذا بعد هل حكمت على بالإعدام لا نقض ولا استئناف فى النظر لقضيتى، ألا ترأف بمحب أذابه حُسنها البهى.....
ظل يطالعها بهذيان يصيغ ترتيب ما تفوهت به ولكن واقع ما قذفته من كلمات كان صدها أقوى من بارود المدافع، أودته صريع فى هواها.....
تحدث "ريان" بدموع وصوت يكسوه الوجع لفظ بعكس ما يتمنى مردفا بنبره منكسره :
-- أنا مش هغصب عليكي.. أنا كنت أتمنى تكونى من نصيبى.. بس خلاص أنسى اللي أنتى سمعتيه.....
لوهله تأثرت بهيئته المنكسره التى ولأول مره تراه عليها، هزة أصابت جسدها بقشعريره من نبرته الحزينه وعيونه التى انطفئ بها الهيمنه والغرور، نظرت ليده الموضوعه على جرحه النازف، للحظه نغزها ضميرها على أنها السبب فى حالته، ولكن سريعا نحته جانبا، وألقت عليه نظرة شموليه وأعطته ظهرها وهمت تغادر من أمامه......
--------------------------
فى نفس الأثناء أتى فهد وغمزة ليروا حالتهم المزريه جو ملبد بالأمطار مع تصارعهم بالكلمات فلا يجوز وقفتهم أكثر من ذلك..
تنحنح فهد هاتفا :
-- تعالوا أوصلكم خدى مفتاح العربية واستني جوه انتي وهي وأنا هشوف "ريان"
بغلظه ردت عليه غمزه :
-- معنا عربية بسنت هنركبها...
سألها فهد باستفزاز :
-- ياترى بتعرفي تسوقى ولا أخرك الماتور.....
تلعثمت غمزة هاتفه :
-- بسنت هى اللى هتسوق مالكش دعوه...
من بين أسنانه عقب عليها فهد :
-- بذمتك أنتى مش شايفه شكلها.. دى هيئة واحده هتعرف تسوق.. دى ممكن تلبسكم فى حاجه وتعمل بيكم حادثه..
قالها واقترب منها يدنو بجوار أذنيها هامسا بحب :
-- استهدى بالله ومتعنديش.. جننتينى معاكى......
لفظ بكلماته وهو ينفس بجوار وجنتيها، جعلها ترفرف بأهدابها، لا تستوعب ما فعله، لتبتلع لعابها بصعوبه من اقترابه المهلك لمشاعرها....
أومأت رأسها بهدوء كالقطه الوديعه أجابته بالموافقه، وجرت على "بسنت" أقنعتها بالركوب معهم نظرا لتلبد الجو بالأمطار مع حالتها لن تستطيع القياده.....
ما كان من "بسنت" الا الانصياع لهم فهى بالأخير لن تستطيع المجازفة بحياة أختها وهى بهذه الحاله....
--------------------------
ذهب فهد ل ريان الذى يقف يستند على جدار الحائط يبكى بصمت ينعى حظه العثر، مسد فهد على ظهر هاتفا بحنو :
-- أصبر عليها هي محتاجه شوية وقت صدقني هتوافق....
أجابه ريان بيأس :
-- خلاص موضوع وخلص.. بس خليك جنبي ومتتخلاش عني يا فهد
قالها واندفعت دموعه تهطل كهطول المطر المتساقط عليهم....
أخذه فهد فى صدره يشدد من مأزارته هاتفا :
-- مش هيبعدني عنك اللي الموت.. يالا عشان هتبرد.. الجو وحش وأنت تعبان.. تعالى نوصلهم عشان اليوم كان صعب عليهم جدا.....
أخذه تحت زراعيه يسنده بحمايه وذهب به نحو السياره، أجلسوه جواره بالمقعد الأمامى، وبسنت وغمزه بالكنبه الخلفيه للسياره.....
--------------------------
اصطكت بسنت على أسنانها ترتعش من البرودة التى أصابت جسدها أثناء مشاجرتها مع ريان.....
تمسكت غمزه بكفيها تدلكهما لتعطيها بعض الدفئ الذى يعينها على التماسك قليلا حتى يصلوا المنزل....
بينما ريان عيونه مسلطه عليها، يطالعها بشجن وحزن يتمنى لو يأخذها بين أحضانه ويكون هو مصدر الدفئ والسكن لها، تنهد بحسره على حاله ينهر نفسه لضياع أمرأة لو ظل يجمع طيفها من بين نساء العالم لن يستطيع الحصول على شبيهه لها، زفر نفس حارق يخترق جنباته وتذكر جاكيته الموضوع على ظهر الكرسى الذى تركه أثناء مغادرته للسياره، جذبه من خلف ظهره وبسط يده يعطيه ل غمزة هاتفا بحب :
-- من فضلك لبسهولها عشان تدفي....
احتقنت ملامح "غمزه" بالغضب وهمت أن ترفض، طالعها "فهد" بالمرآه يشاهد ردة فعلها وتوقع ما تنتوى فعله، تحمحم لتنظر له لترى نظرته المترجيه فى أن لا ترفض طلبه وتخذله...
زفرت بغيظ من نفسها وهى تهز رأسها بالموافقه، لتنهر بعدها حالها أين لسانى لما ارتجفت اوصالى من هيئته المتعبه ونفسيته الحزينه، أخرست تفكيرها حتى لا تخونها مشاعرها والتفت تأخذ الجاكيت من "ريان" هاتفه باقتضاب :
-- شكرا.......
ألبستتها الجاكيت و"بسنت" فى حالة من الصمت والذهول، تتطلع للجميع بتيه، حاليا يجتاحها تضارب من المشاعر، لا تعرف كيف الخلاص مما يجول بذهنها، هل هى على صواب ام خطأ....
-----------------------
مضى القليل من الوقت ليصلوا أمام المنزل، تطلعوا جميعهم لبعض كلا منهم يفيض بداخله كلمات ومشاعر يود الإفصاح عنها...
تحمحم فهد وهتف بود يستأذن من بسنت هاتفا :
-- ممكن يا بسنت أتكلم مع غمزه خمس دقايق قبل ما تدخلوا البيت .
أومأت له بسنت بالموافقه :
-- حاضر بس متتأخرش عشان أحمد وعبدالله مش يزعلوا منها لو شافوكم قدام البيت....
أجابها فهد :
-- متقلقيش مش هنتأخر
قالها وفتح باب العربه ينادى عليها بغيظ يحثها على إتباعه :
-- يالا يا غمزه ..
زمجرة داخلها كالأطفال تلعن بسنت أنها وافقته ولكن ما باليد حيله نزلت وراءه لتتعرف على ما يريد ..
وبداخل السياره ظل بمفردهم "بسنت وريان" ولا يؤنس وحدتهم إلا أنفاسهم المتهدجه من سطوة كلا منهم على الآخر....
خطى فهد يمشى نحو الارض المزروعه جوار بيتها ووقف يطالعها وهى تخطو نحوه، مع كل حركه منها تعزف على أوتار قلبه لحن عشق سُطر لأجلها.....
اقتربت غمزة تقف أمامه، تناظره بحنق طفولى، فهى بالكاد تذوب من نظراته التى تترجاها فى تنحى غضبها جانبا....
بصوت حنون مشتاق لوصالها أردف فهد :
-- بصى يابنت الناس من غير عصبيه حاولى تفهمينى.. أنا والله مش عايز أى ضرر ل بسنت ولا ليكى يعلم ربنا أنتى غاليه عندى قد أيه.. والأيام الجايه هتثبت لك....
قالها ليتهدج نفسها وتطأطأ رأسها خجلا....
تابع فهد حديثه بود :
-- أنتى اكيد عرفتى أن أخواتك الرجاله عايزين يخطبوا أخواتى البنات.. والنسب أى حاجه بتعكره.. أنا عبدالله وأحمد لهم معزة خاصه عندى ويعز عليا أن يكون بنا زعل وقطيعه لأى سبب.....
استطرد يوضح شعور ريان من بسنت قائلا :
-- ولو على "ريان" هو بيحب بسنت بصدق مش عايز يلعب بيها، هو بس اللى كان غشيم ومعرفش يفرق بين الدهب الحقيقى والدهب القشره.. وصدقيني "بسنت" لو رفضت حبه هيتجنبها ومش هيدوس ليها على طرف....
امتعض وجهها وهتفت بنزق :
-- هو اللى بيحب يا"فهد" يهدد ويتوعد بالفضايح والقتل لأخويا.. هو ده مفهوم "ريان" عن الحب.. هو ده مفهومه عن الرجوله.. بدل ميخليها تأمن له وتطمن لوعوده.. يخليها تنهار وتروح تبلغ عن نفسها..
قالت كلماتها ولم تستطيع التحكم بدموعها لتسيل عبراتها منهمره على وجنتيها حزنا على وضعهما، هى قرأت عشقها مسطر فى عيونه، التفت تعطى له ظهرها كفكفت دموعها واستدارت تتطلع له بنظره جديده عليها، تحمل الاعتذار على عدم مبادلتها لمشاعره ولكن هى مقيدة الوثاق....
ولكن هو ظلت تترد بذهنه كلمتها مره عن الغدر ومره عن الوعيد بالفضايح والقتل، سأل نفسه ترى ماذا تقصد.....
زوى بين عينيه وهتف باستفهام :
--أنتى قصدك ايه بالكلام اللى قولتيه دالوقت.. هو فى حاجه حصلت وانا معرفهاش...
أومات برأسها تجيبه :
-- أيوه اخوك ريان نازل رن على تليفون بسنت ولما مردتش عليه استلمها رسايل عالواتس اب سب وقذف وآخرهم تهديد بصور أحمد لو متجوزتوش هيقتله.. وده سبب انهيارها ومروحها للقسم تسلم نفسها...
وبتلك الكلمات وضحة الرؤيه وكانت بمثابة القشه التى قسمت ظهر البعير، لعن أخيه على تهوره الغبى فى تسرع الأمور التى بالطبع ستكون نتائجها عكسيه على وضع حبه لها....
لفظت كلماتها بتهكم واستدارت كى تغادر....
تمسك فهد بزراعها هاتفا برجاء :
-- لو أقسمتلك أنى معرفش هتصدقينى...
ارتعش جسدها من تمسكه بها وقربه منها، نظرت بمقلتيه مستشعره صدقه لتومئ له بصمت على أنها لا تشك بكلامه....
زفر براحه لتفهمها، ولانت ملامحه هاتفا بحبور :
-- شكرا ياغمزة مش عارف اقولك أيه تفهمك ريحنى جدا.. وصدقيني المره دى لما اقولك حق بسنت دين فى رقبتى وانا اللى هسده.....
أشارت بنظراتها على موضوع يده التى تتمسك بزراعها هامسه بنعومه جديده عليها :
-- طب ممكن تسيب دراعى عشان اروح أنادي على بسنت....
---------------------------
اضطربت أوصال بسنت من جلوسهم بمفردهم همت لتهبط من العربة، ولكن توقفت عند سماعها لكلمات ريان التى أصابتها بالخرس....
ببحه جديده على أحباله الصوتيه هتف ريان يشدو بالحن جديد على حنجرته مردفا بعشق :
-- أنا بحبك أوووووي أوووووي.. وفوق ما تتخيلي عشق اتوغل فى روحى.. ولو لافيتى الدنيا بحالها عمر ما حد هيحبك قدى..
تابع بألم يمزق روحه :
-- بالأمانه أبقى اترحمي عليا كل ما أخطر علي بالك.. عشان مفيش حياه بعدك.. رغم أنك أنتى عندك حق ازاى تتجوزى واحد عديم الأخلاق والشرف.....
استطرد بأمل كان يتمنى تحقيقه :
-- بس عارفه كنت متخيل أنك أنتى وفهد هترجعوني ريان القديم تاني.. بس مدام أنتى مش هتبقي في حياتي يبقي أموت أحسن وأخلصكم مني....
أنهى تصريحه بمشاعره وأنخرط في البكاء كالطفل الصغير.....
كانت بسنت تستمع له ودموعها تسيل كالشلال لا تدرى لما تعاطفت مع حديثه، بلا وعى منها حركتها مشاعر الأنثى التى تتألم لألم الغير فهى بطبعها حنونه ومع حزنه زاد تعاطفها معه، وضعت يدها علي كتفه تربت عليه هاتفه بحنو :
-- أكيد عندك أمك وأخواتك وأبوك وأهلك محتاجين لك وخصوصا أمك.....
ازدات دموع ريان بالهطول واختنقت الكلمات بحنحرته ليخرج صوته مهزوز بسبب ما يعتمل بصدره :
-- محدش ضيعني غير أمي...
جمله وحيده قالها لينهى الحوار وتابع بأمر :
-- يالا انزلي يا بسنت قبل ما تبردى خلصت خلاص......
فتحت بسنت باب العربه وتركته وهبطت دون أن تتفوه بكلمه، هرولت تجرى للداخل وسمحت لنفسها أن تنهار بالبكاء.....
-------------------------
شاهدت غمزه حالة بسنت المنهاره لتطلع ل فهد هاتفه بحنق :
-- أخوك ده غريب اللي يشوفه وهو هيقتل الظابط عشان بيبصلها وبيسبلها يقول أنه بيعشقها أومال بيزعلها ليه لو على كلامك أنه المفروض بيحبها هو اللى بيحب حد
بيعذبه كده.....
قالتها وبداخلها حيره مخافتا أن يكون شبيه لأخيه...
عقب فهد عليها موضحا :
-- ريان ده غلبان غلب السنين.. هي ظروفه وحشه والدنيا جايه عليه بزياده...
اقترب منها ينظر بداخل مقلتيها يسحبها معه داخل دوامة عشقه لعلها تشعر به، نطق ما يجيش ويكنه قلبه لها ولكنه لفظه وعبر به وكأنه كناية عن أخيه....
هتف يتمنى وصالها :
-- عاوزك تعرفيها أنه بيعشقها.. ومش هتلاقي حد يحبها قده.. حنني قلبها عليه.. يمكن يكون ليهم فرصه مع بعض ريان مش وحش صدقينى....
ارتجفت أوصالها من نظراته التى تخترق حصونها وتزعزع ثباتها، همست بتذبذب لنفسها كيف الخلاص من عشقك الذى ما أن حاولت إخماد نيرانه تشعلها أنت من جديد..
كتمت تنهداتها وأسبلت جفونها لأسفل حتى تستجمع نفسها من حالة التيه التى تغوص بها كلما تطلعت لعينيه...
تنفست بعمق تنحى أحاسيسها جانبا ورفعت رأسها لترجع خطوة للوراء وارتدت قناع الغباء وكأن تلك الهاله التى تحيطها من جراء كلماته ليست تعنيها هتفت بعدم اقتناع ترد له كناية الكلام التى خص بها أخته وأخيه :
-- بعد كل اللى قولتهولك وبتقول بيعشقها و مش وحش وعايز تديله فرصه.. أمرك غريب يافهد.. الموضوع كل مدى بيتعقد وبيخنق أى حب ممكن يتولد..
قالت كلماتها وزفرت بحيره تستطرد :
عموما هنشوف بكرا شايل أيه...
ألقت كلماتها وتركته وفرت للداخل..
تطلع لأثرها فهد يشملها بنظراته المغرمه يبتسم لطيفها وهو يشتم عبيرها الذى خلفته نسمات الهواء ليتوغل ثنايا روحه همس لنفسه
حاسس انك فهمتينى.. متتلخبطيش وتتوترى كده الا اذا كنتى هتدى مشاعرك فرصه....
--------------------------
تحرك فهد وسار نحو السياره، دخل وجد ريان قد فقد أعصابه وأعراض سحب المخدر تملكت من جسده لينتفض هاتفا بألم هستيرى :
--أنا تعبان أرجوك روحني.. ومهما أترجاك وأتخانق معاك عشان أمشي متسبنيش أضعف......
فهد بهدوء عكس ما بداخله فهو يود تحطيم رأسه على تكالب المشاكل التى يضعها على عاتقه أردف بغيظ:
-- أهدى مش هسيبك تضعف ولا تتعب لسه مشوارنا طويل ولازم نكمله.. بس الاول هربيك من جديد
قال حديثه واندفع يقود السياره بسرعه رهيبه وكأنه يسابق الريح حتى لم يراعي ظروف حالة الجو ولا الطريق المبلل بفعل المطر....
-------------------------
بعد وقت قياسى وصل فهد أمام البناية التى يقطنها، صعد بأخيه تحت انهياره التام وهو يعض عليه كفيه كى يكتم تأوهاته المؤلمه حتى لا يثير ضجه تجلب عليهم تسأولات ساكنى البنايه....
ولج ريان للداخل يصرخ بوجع :
-- الحقنى يا"فهد" هموت مش قادر...
قالها وأخذ يكسر الأشياء التى تقابله
أخذ فهد يلتف حوله فهو أصبح كالثور الهائج الذى لا تستطيع إيقافه، بعد عدة محاولات نجح فهد فى الإمساك به...
هتف يصيح بصوت عالى ينادى على الدكتور :
-- يادكتور أنت فين يا دكتور يادكتور ...
قالها وهو يقع أرضا ب"ريان"، افترش الارض به وأخذ بصدره يضمه بقوه ليتحكم فى تشنجات جسمه هاتفا بخوف :
-- أهدى يا قلب أخوك آخر مره هسيبك توصل للحاله دى.....
خرج الدكتور ليفزع من منظر "ريان"، لينظر له "فهد" يصرخ فيه بغضب :
-- اتصرف بسرعه وحسابك معايا بعدين كل ده أنادى عليك مبتردش
أجابه الدكتور باعتذار :
-- آسف كنت نايم
قالها وهو يهرول يأتى بالأبره المخدره....
ارتعد جسد "ريان" وهو يبسط يده للدكتور كى يعطيه الحقنه هاتفا بصراخ مؤلم يقطع نياط القلب :
-- ارحمني هموت.. قلبي هيقف.. جسمي كله بيتقطع.. دماغي هتنفجر.. ارحمنى يا فهد...
هذى بكلماته بانهيار ودموعه تهبط كشلال تفجرت ينابيعه من جحيم ما عاشه.....
مسد فهد على صدره هاتفا بدعم :
-- متخفش أنا معاك وعمرى ما هسيبك.. أهدى عشان خاطرى وخاطر اللى بتحبهم...
نطق كلماته وهو يرفع رأسه ينظر للدكتور هاتفا بغيظ :
-- أخلص يادكتور.. أنت عجبك حالته كده وانت واقف تتفرج عليه... أخلص بقى
مع اخر كلمه قالها نفث عن غضبه ودفع كرسى السفره المجاور لقدمه المفترشه الأرض ليزيد من احتضان "ريان" ودعمه وعبراته تهبط على وجنتيه تندمج تواسى عبرات أخيه.....
هلع الدكتور من عصبيه فهد وهتف بخوف :
-- حاضر يا فندم الحقنه جهزت...
قالها واحكم قبضته على زراع "ريان" يغرز بوريده العلاج المهدئ....
بعد قليل بدء "ريان" أن يهدئ وجسده يستكين بأحضان فهد.....
تلعثم "ريان" بين الصحو والنوم هاتفا :
-- أنا تعبان وبردان ونفسي أموت...
كلماته كنصل سكين حاد غرز فى قلب فهد أردف بحب :
-- أهدى وحاول تقف معايا
لفظ كلماته وهو ينظر للدكتور هاتفا بحنق :
-- تعالى ساعدني بدل ما أنت واقف تتفرج علينا كده...
تنهد الدكتوره بملل من تقلباته قائلا :
-- حاضر يا فندم
قالها واقترب يساعده فى حمل "ريان" لحجرته، أمسكه "فهد" من صدره وحسن من قدميه وسطحوه على الفراش، ذهب "فهد" لخزاتة الملابس وأتى له بترنج بيتى كى يشلح عنه ملابسه المبلله، وبالفعل استبدل ثيابه وعدله لينال قسط من الراحه....
جلس جواره "فهد" يجذب عليه غطاء السرير، ليزداد نحيب "ريان" وهو يتمسك بكف أخيه هاتفا ببكاء :
-- متسبنيش يا فهد عشان مش عاوز أموت لوحدى....
نطق فهد بفزع :
-- بعد الشر عليك.. أنت مش هتموت وهجوزك وهفتحلك شركه وهتنجح وهتبقي من اكبر رجال الاعمال..
قال كلماته واستطرد بغيظ :
-- بس قبل ده كله فى بينا حساب وكلام عايزين نقوله.. عشان أعرف انت ازاى تستغفلني وتصغرنى.. أنا عيزك تعلا وتنضف من مستنقع الوساخه اللى حطيت نفسك فيه.. وفى الاخر اطلع مغفل واخويا بيدينى على قفايا....
جحظ "ريان" من معنى كلمات "فهد" وهجومه عليه، حمحم هاتفا بقلق :
-- انت قصدك أيه يافهد...
جز "فهد"على أنيابه قائلا بعصبيه :
-- مش وقته الكلام دالوقت.. شويه جرعة العلاج تشتغل كويس عشان نعرف نتكلم براحتنا من غير ما تتعب منى.. أصل اللى جاى هيبقى مرار طافح على دماغك....
قال الأخيره وهو يدنو جوار أذنيه حتى لا يستمع له دكتور حسن....
رفع رأسه ينظر للدكتور حسن بغضب قائلا بعتاب :
-- أنا ليا حق عرب عندك يادكتور
نطقها واستقام يقف جواره مردفا :
-- هو مش أنا قايلك مش عاوز "ريان" باشا يحس بسحب المخدر والا حسابك معايا كبير لو تعب...
أكمل ينهره بسخط :
-- آخر مره أشوفه يتألم يا تشوف شغلك يا تمشى وأشوف غيرك....
نظر له بامتعاض وأعطاه ظهره وذهب يجلس على كرسى بزاوية الغرفه....
تحمحم الدكتور هاتفا بتوضيح :
-- أولا أنا آسف عشان كنت نايم.. وثانيا أنا طلبت من حضرتك متخرجوش بس بردو حضرتك خرجته.. وبعدين قولت لحضرتك قدامه ساعه وهيدخل في كومه.. بس حضرتك رجعت به بعد أكتر من ساعه..
تابع كلامه يعرض انسحابه من متابعة حالة أخيه المرضيه مردفا :
-- ولو حابب تشوف دكتور تاني قدام حضرتك ساعه وتبلغني...
القى كلماته ليرد حق كلمته المهدوره وتركه وغادر الغرفه....
حاول "ريان" أن يغطى على فعلته ويلطف الاجواء بينه وبين أخيه تكلم بألم :
-- أنت زودتها مع الدكتور.. هو عنده حق في اللي قاله..
غضب "فهد" أكثر ونظر له باشمئزاز مردفا :
-- صح انا غلطان وزودتها..
--قالها بتهكم وتابع :
-- بس اعمل أيه مقدرتش اتحمل تعبك ومنظرك اللى كان بيقطع قلبي عشان كده فقدت اعصابي..
استطرد بسخريه :
-- بس ياترى أخويا زى ما أنا بخاف عليه هو بيخاف عليا وبيحترمنى وشايفنى كبيره...
طأطأ "ريان" رأسه هاتفا :
-- أكيد يافهد بخاف عليك وبكبرك...
جز "فهد"على نواجزه قائلا بغيظ :
-- هنشوف يا"ريان" صحة كلامك ده الصبر حلو.. اتك عالصبر عشان هربيك من جديد....
قال حديثه وتركه ذاهبا للدكتور يراضيه لتهوره عليه....
أما ريان اعتدل فى رقدته يتصبب عرقا يخشى مواجهة أخيه، فكلامه يدل على علمه بفعلته......
--------------------------
طرق عدة طرقات على باب غرفة الدكتور، قليلا وفتح له سامحا له بالدخول، ولج للدخل وجده يجمع أشيائه ينتوى الرحيل...
هتف فهد باستعلام :
-- أنت بتعمل أيه يا حسن.
أجابه دكتور حسن :
-- حضرتك شايف أيه أنا بجمع حاجاتي وماشي وتقدر تجيب الدكتور اللي تثق في شغله .
أجلى فهد حنجرته هاتفا باعتذار :
-- حقك عليا متزعلش أنى اتنرفزت عليك.. أخوك وكان متضايق ومتعصب عشان تعب أخوك التانى.. استحملنى شويه غصب عنى.. أنا عمرى ما قللت من قدرك بس هو انفعال وقتى.. وأنا مقدرش استغنى عنك يادكتور أنت ضلع أساسى فى علاج ريان مقدرش أغامر وأجيب حد ميعرفش حالته. سامح بقى وانت من دالوقت أخويا الصغير زى "ريان" بالظبط....
رغم ضيفه ولكن أومأ له الدكتور بتفهم فهذه الحالات ذويهم يمرءون معهم بمواقف صعبه وعلى الطبيب التحمل، أردف حسن بود :
-- أنا ليا الشرف طبعا أنى أكون اخ لحضرتك.. حصل خير وان شاء الله ربنا يتم شفاه على خير.....
قطع حوارهم صوت رنين هاتف الدكتور حسن، استأذن وخرج يجيب على الهاتف، ثم خرج فهد ذاهبا غرفته ليستبدل ملابسه المبلوله بأخرى جافه.....
بعد قليل أتى"حسن" يهرول يدق على باب غرفته يعتذر منه أنه يجب عليه المغادره لأمر طارئ فأخته جائها آلام المخاض وتوجهت للمشفى التى يعمل بها وعليه اللاحق بها ليقوم بعمل اللازم......
وافق "فهد" على وعد بأن لا يتأخر عليه نظرا لارتباطه ببعض الأعمال، وسوف يتوجب عليه القدوم مبكرا حتى لا يترك "ريان" بمفرده تجنبا لحدوث أعراض شبيه لما حدث قد تؤذى شقيقه، أومأ له الدكتور بعلمه لمواعيد العلاج وأنه سوف يأتى قبل حلول وقت أخذ الجرعه الجديده.
------------------------
ولجت الفتيات واحده تلو الأخرى وبداخل كلا منهم جبل من المشاعر يعيق خفقان قلبيهما، تطور الأمر سريعا ليتهوا فى طياته ولا يدروا كيف السبيل للخروج منه،
سريعا دخلت غمزه وبسنت علي غرفهم، حامدين ربهم أن "أنعام" مازالت بالخارج، ارتعاش جسدهن لم يمهلهم الوقت كى يتحدثوا.....
دلفت "بسنت" لغرفة الحمام أخدت شاور واستبدلت ملابسها لأخرى نظيفه، وخرجت ارتدت إسدال الصلاه وجذبت المصليه ووقفت اتجاه القِبله تنهمر دموعها بغزاره وهى تتضرع لله وتناجيه ان يلهمها الصواب وأن يختار لها الصالح..
فعلت "غمزه" بالمثل وذهبت نحو المطبخ أعدت كوبان من النسكافيه يساعدهم على التدفئة وخطت تتجه لغرفة بسنت للاطمئنان عليها...
زفرت "غمزة" بهدوء وهى تتطلع لها جاثية على سجادة الصلاه ودموعها لا تكف عن السيلان مع تعالى شهقاتها....
جلست جوارها وأردفت بتريث :
-- ممكن أفهم بتعيطي ليه الموضوع خلص خلاص أيه اللي مزعلك.. وبعد حركة القسم استحاله يفكر يأذيكى.. ده بمثابة تعهد انك مش مسؤوله عن جرحه.. ولو على "أحمد" متخفيش "فهد" مكنش يعرف اللى عمله "ريان" معاكى.. ووعدنى هيتصرف وهيبعده عن طريقك خالص......
زفرت "بسنت" نفسها على مهل هاتفه :
-- تمام ياغمزة.. بس أنا مخنوقه معلش أعذرينى عاوزه اقعد لوحدى....
استقامت "غمزه" ومدت يدها تجذبها لتقف، أخذتها وذهبت بها لفراشها، أجلستها تمسد على ظهرها بحنو وطبعت قبله على رأسها هاتفه بحب :
-- حاضر يا حبيتي.. حاولى ترتاحي ولو احتاجتي حاجه أنا موجوده نادى عليا أجيلك على طول....
شكرتها بسنت بغبطه :
-- تسلميلي ياحبيبتى..
قالتها وأكملت :
-- بس اقفلي الشباك والباب وراكي....
أومأت لها غمزه وفعلت ما طلبت منها وخرجت تغادر لغرفتها وذهنها يردد الكثير والكثير من الحوارات.....
--------------------------
حياتها كمفاتيح البيانو بعضها أبيض وبعضها أسود، المفاتيح البيضاء هى سعادتها التى لا تدوم كثيرا، والمفاتيح السوداء هى الحزن الغالب على حياتها، ولكن عليها التعايش مع الاثنان حتى تحصل على لحن خاص بها يميزها عن غيرها......
شردت "بسنت" فى حوارها مع "ريان" لتنتحب باكيه أكثر هاتفه بعدم تصديق :
-- معقول أنا أتحب بالشكل ده.. هو ممكن يموت بسببي..
عقبت على نفسها باندهاش :
-- هو ليه أنا خايفه يحصله حاجه..
احتارت أكثر تسأل نفسها :
-- ليه بتفكرى فيه أصلا يا"بسنت"
ومن هنا دار صراع بين قلبها وعقلها، طرف مؤيد وطرف معارض...
عقلها :
-- ليه شايله همه هو كان عاوز يأذيكي....
قلبها :
-- واتراجع
ترد علي نفسها وكأنها طرف ثالث محايد لكليهما يعطى لهم احابات بديله :
-- لا هو طيب ونظرة عينيه مشفتهاش قبل كده في عيون حد بصهالي.. حتي من قبل الحادثة عيونه بتجذبنى ليه زى المغناطيس.. فيهم شجن وحزن وكأنهم بيترجونى أن خلاصه فى أيدى...
صفعها عقلها بالحقيقه :
-- بس ده معدوم الأخلاق ومستقبله مدمر بسبب ماشيه الغلط...
قلبها رأف بحاله يعطى له مبرر :
-- أكيد في دافع هو اللي خلاه يعمل كده.. هو قال أمه هي الي دمرته .
غصها قلبها وهو يردد :
-- وأنتى هتستحملي أن حد يموت عشانك....
عقلها أجاب بحده :
-- لا هو لو مات يبقي عشان ضعيف.. مش بسببك فوقي يا "بسنت" واوعي تضعفي.. اللي زيه مبيعرفش يحب....
قلبها برفض :
-- لا دموعه و رعشه صوته وضعفه كان بيقطع قلبي.....
لم تسطتع تحمل حصار قليها وعقلها وانهارات في البكاء مجددا هاتفه بشجن :
-- ارحمني يارب وريح قلبي وأهديه وأبعد عنه أي حاجه وحشه.....
زجرها عقلها يرد على قلبها:
-- أنتي بتدعيله بعد كل اللي عمله فيكي...
لم يتبقى لديها روح لهذا الحديث الذى يدمى قليها، كتمت صرخاتها فى الوساده حتى بوح صوتها لتستسلم لغفوة تريح بها نفسها من عناء التفكير ........
-----------------------
بخطى متهدله دلفت "غمزه" غرفتها فهي ليست بأحسن حال من أختها، نكست رأسها بحزن ومشت تصعد فراشها زفرت أنفاسها تتنهد بخيبه أمل، فهي ليست معتاده على بناء قصور من الأوهام، فرؤيتها للأمور أصبحت ضبابيه مشاعرها متضاربه، تجمد وسطها منذ أول وهله لمعرفتها به، تبحث عن سبيل لايقاع متناغم لما تشعر به نحوه، يرهقها انجذاب مشاعرها له، يؤرقها استخدام المنطق واستنتاج الفروض فى علاقتهم، ما تشعر به يهلك روحها....
هذت لنفسها تفصح عن ما يعتمل صدرها....
أشعر بشيء نحوك كنت اخشى حدوثه، أشعر بالحب للمره الأولى، شعور جديد يمتلكني ويستحوذ على قلبي....
رجعت بظهرها تريحه متكئة على مخدع الفراش تضع يدها تحت رأسها تشرد براحه وهو يطرق باب مخيلتها، ابتسامه وديعه زينت محياها لتتأوه بحب تهمس لنفسها.....
عشقتك وانتهى أمري، أهيم في تفاصيلك لأدرك أن حبك تسلطن بقلبي أصبح يتحكم في قوانين عقلي، حضورك ساحر معادله لا تكتمل الا بتلك النظره التى تخصنى بها جريئه بريئه، حزينه سعيده....
نظرتك تأسرنى تربكنى، رجولتك وشموخك تجعلني أفر منك اليك......
زفرت بحنق واعتدلت بجلستها تحارب تلك المشاعر لفظت تحاكى عقلها......
كم تمنيت الفرار من هذه المشاعر ولكن كل مره يعاندني قدري ليزيد وصالي وتعلقي بك، منذ صدفتنا الأولى والتى كنت اعتقد أنه لن يتجدد بنا اللقاء ثانية، ليضعك القدر فى طريقى تاره حريق المزرعه، وتارة أخرى محاوله أخيك بالتهجم على أختى، شد وجذب كر وفر تهديد ووعيد، وأخيرا نسب عائلى يزيد من ارتبطنا بشكل او بآخر، ليليه رابط مهنى وعملى سيجعلنى فى وسط محيطك المربك، والطامه الكبرى افصاحك عن مشاعر أخيك لأختى بعد كل هذه الأفاعيل التى صدرت منه، يتوجها تحت عنوان الحب، أى حب هذا الذى يفسد الأجواء ويعكر النفوس، والأدهى مشاعرى لا أدرى كيف اتجاهلها ولا أعرف لصدى لك نهايه محسومه، أم سأظل تحت رحمة متاهة مشاعر تستنزف روحى وهى تعزف لحن جنائزى من ضراوة ما أشعر به نحوك...
----------------------
يقف فهد مشتعل يتطلع لباب غرفة أخيه وهو مستشاط من أفعاله الجنونيه، وضعه فى مأزق جديد، جعله عالق في منتصف متاهته، يدور في فلكه حائر متأرجح بين عقله وقلبه، بين ما يمليه عليه ضميره وما يمليه عليه قلبه، زفر متنهدا واستقر على أن يتبع ضميره ويعيد تربية أخيه من جديد قبل أن يتبع خطى هوا قلبه فيتحطم قلب بريئ على جسور عشق واهى قوامه أهوج، فلابد من إعادة تأهيل لأخيه حتى يضمن أنه عاشق حتى النخاع سيصونها ويقدرها حق قدرها......
ولج فهد لغرفة ريان وجده يخرج من الحمام، مسح على وجهه وكتم نفسه وزفره دفعه واحده، قطب بين حاجبيه وحمحم بنبره خشنه قائلا :
-- أيه حصل وأنت مخبيه عنى
صدم ريان من لكنته وارتبك بخزى من نفسه ولم يستطيع الرد...
استوحش داخل فهد من صمته وعدم تبريره لفعلته المشينه، على غره هجم عليه يمسكه من تلابيب ملابسه ينهره على تماديه في الخطأ مع بسنت...
أردف قائلا باستهجان :
-- أنت أمتى يا حيوان هتنضف.. أنت أزاى جات لك الجرأه أنك تهددها بقتل أخوها.. أنت عاوز من نفسك أيه وعاوز منها أيه.. مش كفايه أنها احترمت كلمتي وما رضيتش توديك في داهيه.. واحده غيرها كانت سجنتك وأخذت حقها منك وفضحتك في البلد كلها وخلت ابوك وجدك يعرفوا أنك مدمن.. وكان جدك ضربك طلق نار وخلصنا منك وارتحنا من همك.....
استرسل بسخريه :
-- طب مش خايف على نفسك ومش خايف على اهلك.. خاف على أمك قتالة القتله اللي هتروح فيها بسببك وبسبب تصرفاتك.. لما تعرف أن ابنها مدمن.. اللي هدت الكون ده كله عشانه.. عشان بس يبقى كبير عيله الراوي.....
استطرد يعلمه بالنسب الجديد :
-- أنت تعرف أن اخواتك البنات اتقدم لهم أخوات "بسنت" الرجاله.. الرجاله هه واخد بالك رجاله مش عيال هجامين وشمامين...
قال كلمته الأخيره بسخريه وهو يشير عليه باشمئزاز.....
تابع بفخر :
-- وطبعا دول شباب محترمه زي الورد دخلوا البيت من بابه.. مش لفوا ونطوا من الشباك.. يعني اللى زى دوول مينفعش نرفضهم يبقى بنظلم أخواتك......
أكمل بقلة حيله :
-- بس هنقول أيه بقى.. أنت عايش عشان تخرب حياة اللي حواليك.. تتصور يا أخي مهما يكون دمك نظيف وناسلك محترم وأبوك راجل مأصل.. بس لازم برضوا تتطلع زى أمك وتاخد من نسلها الوسخ.. عندك استعداد تعمل أى حاجه بس المهم توصل للي أنت عاوزه حتى لو هتدوس على شرف بنت كل ذنبها أنها محترمه رفضت تقضى وقت مع جنابك فى الحرام.......
كانت كلمات "فهد" مثل تراشق الرصاصات في جسد وعقل "ريان" استفاق على يد "فهد" وهو يجذبه من زراعه يجره منه يوقفه أمام المرآه وأشار اليه....
قائلا بامتعاض :
-- بص على نفسك ده شكل بني آدم.. بقيت مدمن وشمام وشكل الشباب إللى لا ليهم أهل ولا يعرفوا ربنا ولا شافوا بجنيه تربيه.. بذمتك أنت راضي عن نفسك...
نطق كلامه بخشونه ودفعه بقوه جعله يترنح في وقفته...
وأكمل بحزن علي حال اخيه :
-- شوفت بقيت عامل أزاى.. مش قادر تصلب طولك.. أنا سبت اللي قدامي واللي ورايا عشان أعالجك وترجع تاني ابني وأخويا وتبقي سندى في الدنيا.. بس كانت النتيجه أيه خذلتني وصغرتنى قدام شوية بنات.. بس تعرف البنات دى ارجل من مية راجل من عينتك....
أشار بأبهامه عليه مكملا بقهر :
-- لكن أنت مش عاوز تغير من نفسك.. حرفياً أنت الموت ليك حلال.. أنت وصلتنى النهارده أنى مبقتش عارف حاجه.. واقف زى العبيط وهى اختها بتقولى سبب أنهم خلافوا اتفاقهم معايا وراحوا القسم عشان تسلم نفسها.. تقدر تقول لي لو مكناش لحقناها قبل ما هي تعمل المحضر كنت هتعمل أيه.. نفسي أعرف اجابتك اللي هتبهرني وتعرفني قد أيه أنت إنسان عديم المسؤوليه والنخوه والشرف......
رد عليه ريان باستهزاء قائلا :
-- ولا كانت هتعمل حاجه.. كانت هتتنازل عن المحضر والجزمه فوق دماغها.. وبكره تشوفها وهي راكعه تحت جزمتي بتترجاني عشان اتجوزها...
الى هذا الحد لم يتحمل "فهد" ما تفوه به "ريان" لكمه في وجهه قائلا :
-- أنت هتعيش وتموت كلب...
رفع "ريان" يده لكي يرد الى "فهد" ضربته ولكنه تراجع وصاح بغضب قائلا :
-- هو أنت فاكر أنى عاوز أبقى كده.. أنا تعبت كلكم بتكرهوني.. أنت دورت على مصلحتك وأبوك كرهني زى ما بيكره أمي وأخواتي البنات محدش فيهم بيحاول يقرب مني.. كلكم اتخليتوا عني..
أكمل بهياج :
-- أنا مش عاوز منك حاجة.. ارجع شغلك وحياتك ملكش دعوة بيا.. أنا كده وهفضل كده لحد ما أموت...
قال كلامه وهو يكسر ويركل كل ما تطوله يديه وقدميه..
بينما "فهد" كان يستمع له وهو يضع يده في خصره سيجن من تصرف "ريان" عقله غير مستعوب أنه بهذا الغباء.....
صفق "فهد"وهو يضحك بسخريه قائلا :
-- برافو عليك يا"ريان" ياراوي..
أنت فعلا ضحيه لأهلك الأشرار إللى كلهم بيكرهوك وتخلوا عنك....
انتبه "ريان" لما يقوله فهد وعقب مؤكدا :
-- آه كلكم بتكرهوني...
اقترب منه "فهد" ولكزه في كتفه قائلا
-- يا أخي اتقى الله وبطل هبل وتخلف.. هى دى الشماعه اللى بتعلق عليها غلطك.. أنت فعلا محتاج تدخل مصحه مش للإدمان بس.. لأ وكمان للأمراض النفسيه والعقليه.. أنت بني آدم مبقاش فيك دماغ.. مبقتش قادر تميز الصح من الغلط.. مبقتش عارف يعني مين بيحبك ومين بيكرهك.. مبقتش عارف أنت عايز أيه..
استرسل بألم ينهش روحه :
-- أنا فعلا حزين أنك أخويا.....
اقترب ريان يجذب فهد من مقدمه ملابسه قائلا بحده :
-- لو أنت مش أخويا أنا كان زماني قتلتك من بدري على كل كلامك ده....
امسك فهد يديه التي تطبق على ملابسه قائلا بتهكم :
-- يا اخي أتلهي أنا أول مره كنت أتمنى أن يبقى فيك صحه وتمد أيدك عليا.. أنت حتى أيديك بتترعش وأنت ماسك هدومي.. أنا قلبي بيتقطع على الحاله اللي انت وصلت لها...
شعر "ريان" أن الأرض تنسحب من تحت قدميه.. وأنه أصبح لا يصلح لأى شيء حتى الدفاع عن نفسه....
نظر له فهد بشفقه قائلا بحنق :
-- أنا لو قعدت معاك في الشقه دلوقتي أكثر من كده أكيد هموتك.. أنا همشى من وشك السعادى بدل ما ارتكب جريمه...
أنهى حديثه واندفع بغضب يغادر الشقه حتى تهدئ ثورة انفعال من أفعال أخيه المتهوره.....
---------------------
ظل "ريان" يأخذ الشقه ذهابا وايابا كيف له أن ينتقم منها هي لابد أن تخضع له بالقوه أو بالين..
حالة هذيان أفقدته صوابه.. خيالات صورتها وهى ترفضه تصيبه بهلاوس وتصدعات طالما هرب من واقعه بتناول المخدرات والخمر المسكر حتى يتثنى له الاستمتاع بشعور أنه مرغوب من الجميع ، كثرة تناوله أياها أصابته باضطرابات ذهنيه وعصبيه ساعدة فى تحفيز خلاياه أن يتوهم ويستشعر بلذه عند انتصاره على أى أنثى تخضع له، ولكن لما الأنثى بالأخص التى يريد اذلالها وخضوعها له، ربما السبب الرئيسى أمه التى دوما تملى عليه أوامرها، دوما تريد امتلاكه بأى طريقة، حتى لو محت شخصيته فى سبيل أن يكون جزء من ممتلكاتها أو لأنه هو السبب الرئيسى الذى يجعل والده باقى عليها فى العائله، لم تتمسك به يوما على أنه ولدها الذى تكن له المحبه، ولكن دوما تشعره أنه أداه حتى تمتلك زمام أمور العائله، تتابعيات نفسيه أثرت على سلوكه خير وشر، طيبه وخبث، ازدواج لا ارادى فى شخصيته، جعل من يرى انهياره أمامها فى قسم الشرطه لا يرى هالة الانتقام التى تلمع بعينيه للانقضاض عليها...
ظلت تدور برأسه مقتطفات من حياته كشريط السينما يكرر ويكرر مشاهد تدمى قلبه، تشنج جسده من حدة انفعاله، لينبطح يفترش الأرض يرتعش كمن صعق بماس كهربى، هيئته كمن ينازع لطلوع روحه، استكان قليلا وتكور على نفسه كوضعية الجنين....
يحدث نفسه بتيه :
-- أنا أيه إللى عملته في نفسي ده.. ليه ضعت أوى كده.. لو كنت التزمت زى فهد كان زمانها نصيبي وحبتني.. وكنت فضلت جنب أبويا اللي بعدت عنه عشان مش قادر أبص في وشه من عمايلي.. ليه سمعت كلام أمى وصدقت أنهم بيكرهوني.. ليه مفكرتش في حبه ليا.. أنا حتى زينه و فجر بيحبوني وانا بغبائى بعدتهم عنى.. ليه ضيعت نفسي وبعدت عن فهد اللي كنت طول عمرى بستخبي في حضنه من أي حد يزعلني.. أنا ليه بطلت أصلي.. أنا عاوز أرجع لربنا.. نفسي في حضن جدتي وطبطبت جدى عليا.. نفسي ارجع زى الأول وأليق ب بسنت وتحبني زى ما بحبها.......
همد جسده أخيرا ولكن لم تهمد زخات مقلتيه ظلت تفيض من بحور عذابه، أغمض عيونه يسبح فى ظلمات ماضيه ولسانه يردد
-- يارب أصلح حالى و قرب بيني وبينها ومتحرمنيش منها
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
------------------
صارت تجرى بين ممرات بناية قسم الشرطه بلا هواده، أنفاسها تعلو وتهبط وكأنها تجرى بمارثون، تود لو عقلها يتوقف عن التفكير وقلبها يتوقف عن النبض، تود لو تنتفض جميع حواسها تعلن احتجاجها عن كل الازمات التى عصفت بها، وترفع راية الاستسلام وترحل بعيدا عن دنيا الغابه التى تعيشها، لعلها تجد فى الحياه الأخرى الراحه الأبديه التى تحتاجها روحها.....
هبطت درجات السلم تتكفى على وجها، أختها تصيح عليها تحثها على التوقف ولكن لم تستجيب للنداء، ظلت تهرول للأسفل كل ما يشغلها بشاعة ما تعيشه، عقلها يصرخ ينهرها على ضعفها التى أصبحت عليه، منذ متى وأنتى سلبيه ضعيفه مهزوزه، لتهز رأسها بهذيان وكأن يوجد أمامها شخص تجيبه هادره بغضب لست ضعيفه ولكن لا حيلة بيدى أمام هذا الباغى، سمعة عائلتى على المحك حياة أخى هى الثمن لذله ليس لى يد بها، وبخها مرارا وتكرارا يؤنبها يذكرها بقوة شيكيمتها فى إدارة الأمور، يحثها على استرجاع شخصيتها المعهوده ذات القوة والهيمنه.....
وأخيرا اندفعت خارج البنايه تشهق من شدة كتمان بكائها، سمحت لعبراتها تنساب كشلال ماء ساخن انفجرت ينابيعه من جلل مايجيش بداخلها من براكين الخراب الذى أصبحت تعيشه.....
بينما "ريان" يحاول يلاحق خطواتها رغم ألم جرحه يركض ورائها يستجديها بالتريث، أدرك فداحة ما فعله بها بحركة صبيانيه حقيره كاد أن يفقدها، زجره عقله متى ستستفيق من تلك النزعه الذكوريه الحيوانيه، زفر بغضب يخرس عقله ينهيه عن تأنيبه هذا ليس بالوقت المناسب، تحامل على نفسه وقذف الدرجات باستماته يحاول ايقافها، لكزته أختها تحاول ردعه ليبعد عنها، ولكن نفض يدها وتركها واستمر فى القفز ورائها.......
--------------------------
تعثرت "غمزه" فى خطواتها لتتلقفها يد احتضنت ظهرها بحمايه حتى لا تصطدم بدرجات السلم، اهتز جسدها لتغمض عينيها مخافتا من السقوط، الا انها استفاقت على اليد التى انتشلتها، فتحت جفونها لتجحظ عندما شاهدت "فهد" هو من أنقذها، حدجته بغضب وفكت حصار يده من عليها...
هتفت بغضب :
-- أنتم استحاله تكونوا بشر.. مره أخوك ومره أنت.. أنتم عايزين منا أيه.. وأنت جاى تقول خطيبتي.. ده حصل أمتى هو أى جنان وخلاص.. ارحمونا بقى من تعب الأعصاب ده....
ضغط فهد على فكه يطحن بين أسنانه يطالعها بحنق من عنادها المستمر، وكأنه افتعل جريمه شنعاء، كبت غيظه منها وأردف ببرود ليزيد من حنقها :
-- هو أنتى تطولى تتخطبى ل فهد الراوى ياعقلة الإصبع.....
نظرت له بضعف كم تتمنى أن تكتب على اسمه، هنيهه وتحولت لنمرة شرسه هاتفه :
-- آه أطول ونص اتخطب للى أحسن منك، وبعدين متقولش اللقب اللى انت لازقه فيا ده.. ياطويل.....
لثوانى لاحظ نظرتها المستكينه، فرح لاختراقه حصونها على ذكر الخطبه، شعور وليد اللحظه هيئ له أنها ستلين، ولكن برمشة عين أثارت جنونه عند تلفظها أنها من الممكن تخطب لغيره، ود يبوح لها أنها تخصه مهما فعلت ولكن هذا ليس بالوقت والمكان المناسب.....
تنهد بتعب لا يود تعقيد الأمور اكثر، تحامل على نفسه يوقف عملية الكر والفر التى تلعبها معه، هتف بنبره متألمه مما يحدث لهم قائلا :
-- هو لحد أمتى لاغيه عقلك .. ارحمينى أنتى وافهمى أبوس أيدك.. محدش هيخاف عليكى قدى.. محدش هيحميكى من الدنيا دى غيرى.. حطى الكلام ده فى دماغك وهيجى الوقت اللى هتفمى كويس قصدى.....
قالها لتقشعر هى فى وقفتها من نبرة صوته التى خرجت حزينه متوسله أذابت روحها، ولكن مازالت تحاول التماسك أمامه.....
تابع فهد موضحا :
.. أنا قولت كده لمصلحتكم عشان المحضر ميتفتحش ويبقى فيه سين وجيم وانتم اللى هتضروا زينا بالظبط.. لكن لما يبقى فى خطوبه هتبقى فى حمايتى والموضوع يخلص .. افهمى أنتى عارفه أننا فى الصعيد وسمعة البنت بتضر اكتر من الراجل..أنا بحاول أساعدكم ليه مش شايفه ده....
نفذت قدرتها على التحمل وهو يوبخها كالطفله الصغيره ولا يدرى أنهم سبب رئيسى فى معانتهم ، سكنت عينيها الدموع وأبى كبريائها أن تهبط أمامه، هتفت بصوت خرج نبرته مهزوزه :
-- طب ما أنا صدقتك ومشيت ورا كلامك قبل كده النتيجه أيه.. أخوك غدر ونقض كلامك.. عايزينى أفهمك وأصدقك أزاى بعد كده..
مع آخر كلمه نطقتها سالت عبراتها لتمسحها بقوه وتجرى هاربه من أمامه دون أن توضح معنى كلماتها، لو ظلت لاعترفت له بما تكن له.......
هزته عبراتها التى حاولت كفكفتها وموراة وجهها بعيد عنه حتى لا يفتضح ضعفها أمامه، ولكن قطب حاجبيه بعدم فهم من قذفها له بالاتهام وركضها دون توضيح، تنفس بعمق وهو يصفع جبهته عدت مرات من عناء ما يعيشه، زفر بضيق واعتدل يهرول ورائها كى يستطلع أمر أخيه وأختها، وبداخله يحث نفسه عالصبر حتى يتفهم ماذا صار.....
---------------------------
فى حين بسنت ظلت تجرى إلى أن وصلت للشارع، اندفعت تعبره لتفيض السماء بغيثيها لتختلط دموعها بماء المطر وكأنها تؤازرها فى محنتها، غشاوة أحاطت عينيها وهى تعبر الطريق ليرتفع بوق السياره التى لم تنتبه لها إلا عندما جذبها "ريان" يشدها عليه لتصطدم بصدره العضلى لولا راحتيها التى جعلتها كمصد لحمايتها من التلامس معه، بشعور معاكس لما كان عليه بالداخل عصبيه زائده من فعلتها وكأنه براسين منذ قليل حنون راقى فى التعبير عن حبه، والان جاف أهوج، ضغط على زراعها ينهرها بقوه غير عابئ بدموعها
هاتفا بنزق :
-- أنتى ايه اللى عملتيه ده .. شايفه نفسك هيروو وهتقدرى عليا .. وحياتك عندى لكل ده هطلعه على عينك .. اصبرى عليا......
دفعته تنفض يده عنها هاتفه بتعب :
-- ارحمني بقى خلاص تعبت كان يوم أسود لما وقعت فى طريقى.. يارب أموت عشان أخلص من شبكتك السوده....
نغزه أصابت قلبه من تمنيها الموت عن البقاء معه، لام نفسه من تهوره واندفاعه، دوما تأخذه الحمقه ولا يتريث حتى لا يخافه أحبابه، تطلع لها بهذيان يهز رأسه برفض من فكرة أنا لا تكون موجوده معه بمحيطه، زجره عقله يحثه على مراضاتها، يأمره قلبه باحتواء انهيارها، استعطفته حواسه أن يستفيق من تلك الغشاوه التى ستضيع حب حقيقى.....
لم يمهل نفسه فرصه للتفكير أكثر بكائها لو يقتل فقد قتله فعليا، سحبها داخل أحضانه يحاول تهدئة زعرها منه، مسد على ظهرها يهتف بنبره حانيه صدرت من محب جاهل بأبجاديات العشق أردف بحب :
-- هش هش هش أهدى أنا معاكي وعمري ما هسيبك....
جحظت عينيها بغضب هل هو معتوه أم ذو انفصام بالشخصيه، منذ قليل يتوعد لى ويصرخ على، اصرخ وأقول له كفى وارحل عنى، يهدئنى بأنه بجوارى ولن يتركنى، من طلب منه التمسك بى، كيف أهدئ وهو سبب هلعى وفزعى، لم تتمالك حالها ضربته بصدره ودفعته للخلف لتبعد نفسها عن مرمى يديه التى تحاصرها....
صرخت بعصبيه هاتفه :
-- أنت أيه ياأخي عاوز مني أيه .. ما تسبني في حالي....
قالتها وقد تملك منها الغضب لتقترب منه، تكيل له اللكمات فى صدره تصيح بصوت عالى :
-- أبعد عني ارحمني أنا أذيتك في أيه.. أنا معملتش فيك حاجه وحشه.. أنا عيشه بما يرضي الله .
مع دفعها أياه يحاول الصمود كى تفرغ شحنة غضبها منه، ولكن بدءت تظهر عليه علامات احتياجه للمخدر، كما اشتد عليه ألم جرحه الذى بدء ينزف وضع يده على بطنه وتحامل على الوقوف....
هتف باعتذار :
-- أنا آسف مش عارف أنا اتصرفت كده ازاى.. بس غصب عنى كل ما بتتجهلينى بتموتينى.. أنا عارف هتقولى عليا مجنون.. بس أنتى الوحيده اللى وقفت قصادى.. أنتى الوحيده اللى حركت الحجر اللى جوه قلبى وخاليته يلين.. أنا مش عارف بعمل معاكى كده ليه.. أنا بحب أعاندك بس مش لدرجة هأذيكى..
كان يتحدث وكأنه طفل صغير يستجدى مسامحة أمه، نطق كلماته بنبره مهزوه خرجت من بين شفتيه تتوسلها أن ترحم حاله، عيناه تائهه فى سودويتها تستجدى بر عيناه لتهتدى للطريق الصحيح....
مشاعر جياشه تعصف بقلبه سينطقها دون مراوغه هو يريدها بل يعشقها اعترف لنفسه يتبقى الاعتراف لها، حث نفسه على عدم المكابره والتصريح لها بحبه حتى لا تضيع منه أكثر من ذلك....
هتف بمشاعر صادقه :
-- أنا حبيتك وعمرى ما حبيت غيرك .. أنا عاوز اتجوزك .. أنا عمرى ما قولت لحد أنى محتاجه غيرك.. أنتى الوحيده اللى اتمنتها تكون شريكة حياتى.. أنتى الوحيده اللى حسيت خلاصى من القرف اللى عايش فيه على أيديها.. أول مشوفتك ناديتك منقذتى.. حتى وأنا سايح فى دمى كنت عارف شط نجاتي على ايديك..
قال كلماته وصمت ينظر لملامحها الجامده لتسيل عبراته التى كان يحاول حبسها بمقلتيه لتندمج مع حبات المطر التى تهطل عليهم
أجابته بسنت بكبرياء أنثى مجروحه مطعونه فى شرفها و كرامتها :
-- وأن قولتلك أنى مش عاوزه اتجوزك .. وميشرفنيش أنك تكون زوجي.....
صدق من قال.. لا يبكى الرجل على أمرأة الا اذا عشقها حد الجنون وبالأخير لا تكون من نصيبه، اعترف لنفسه مئات المرات أنه أحبها وعشقها بكل جوارحه، اعترف بخطأه على أن الطريقه التى أرادها بها منذ البدايه خطأ، نهر نفسه مرات ومرات أن تصرفه الأهوج هو من باعد بينه وبينها، ولكن ماذا بعد هل حكمت على بالإعدام لا نقض ولا استئناف فى النظر لقضيتى، ألا ترأف بمحب أذابه حُسنها البهى.....
ظل يطالعها بهذيان يصيغ ترتيب ما تفوهت به ولكن واقع ما قذفته من كلمات كان صدها أقوى من بارود المدافع، أودته صريع فى هواها.....
تحدث "ريان" بدموع وصوت يكسوه الوجع لفظ بعكس ما يتمنى مردفا بنبره منكسره :
-- أنا مش هغصب عليكي.. أنا كنت أتمنى تكونى من نصيبى.. بس خلاص أنسى اللي أنتى سمعتيه.....
لوهله تأثرت بهيئته المنكسره التى ولأول مره تراه عليها، هزة أصابت جسدها بقشعريره من نبرته الحزينه وعيونه التى انطفئ بها الهيمنه والغرور، نظرت ليده الموضوعه على جرحه النازف، للحظه نغزها ضميرها على أنها السبب فى حالته، ولكن سريعا نحته جانبا، وألقت عليه نظرة شموليه وأعطته ظهرها وهمت تغادر من أمامه......
--------------------------
فى نفس الأثناء أتى فهد وغمزة ليروا حالتهم المزريه جو ملبد بالأمطار مع تصارعهم بالكلمات فلا يجوز وقفتهم أكثر من ذلك..
تنحنح فهد هاتفا :
-- تعالوا أوصلكم خدى مفتاح العربية واستني جوه انتي وهي وأنا هشوف "ريان"
بغلظه ردت عليه غمزه :
-- معنا عربية بسنت هنركبها...
سألها فهد باستفزاز :
-- ياترى بتعرفي تسوقى ولا أخرك الماتور.....
تلعثمت غمزة هاتفه :
-- بسنت هى اللى هتسوق مالكش دعوه...
من بين أسنانه عقب عليها فهد :
-- بذمتك أنتى مش شايفه شكلها.. دى هيئة واحده هتعرف تسوق.. دى ممكن تلبسكم فى حاجه وتعمل بيكم حادثه..
قالها واقترب منها يدنو بجوار أذنيها هامسا بحب :
-- استهدى بالله ومتعنديش.. جننتينى معاكى......
لفظ بكلماته وهو ينفس بجوار وجنتيها، جعلها ترفرف بأهدابها، لا تستوعب ما فعله، لتبتلع لعابها بصعوبه من اقترابه المهلك لمشاعرها....
أومأت رأسها بهدوء كالقطه الوديعه أجابته بالموافقه، وجرت على "بسنت" أقنعتها بالركوب معهم نظرا لتلبد الجو بالأمطار مع حالتها لن تستطيع القياده.....
ما كان من "بسنت" الا الانصياع لهم فهى بالأخير لن تستطيع المجازفة بحياة أختها وهى بهذه الحاله....
--------------------------
ذهب فهد ل ريان الذى يقف يستند على جدار الحائط يبكى بصمت ينعى حظه العثر، مسد فهد على ظهر هاتفا بحنو :
-- أصبر عليها هي محتاجه شوية وقت صدقني هتوافق....
أجابه ريان بيأس :
-- خلاص موضوع وخلص.. بس خليك جنبي ومتتخلاش عني يا فهد
قالها واندفعت دموعه تهطل كهطول المطر المتساقط عليهم....
أخذه فهد فى صدره يشدد من مأزارته هاتفا :
-- مش هيبعدني عنك اللي الموت.. يالا عشان هتبرد.. الجو وحش وأنت تعبان.. تعالى نوصلهم عشان اليوم كان صعب عليهم جدا.....
أخذه تحت زراعيه يسنده بحمايه وذهب به نحو السياره، أجلسوه جواره بالمقعد الأمامى، وبسنت وغمزه بالكنبه الخلفيه للسياره.....
--------------------------
اصطكت بسنت على أسنانها ترتعش من البرودة التى أصابت جسدها أثناء مشاجرتها مع ريان.....
تمسكت غمزه بكفيها تدلكهما لتعطيها بعض الدفئ الذى يعينها على التماسك قليلا حتى يصلوا المنزل....
بينما ريان عيونه مسلطه عليها، يطالعها بشجن وحزن يتمنى لو يأخذها بين أحضانه ويكون هو مصدر الدفئ والسكن لها، تنهد بحسره على حاله ينهر نفسه لضياع أمرأة لو ظل يجمع طيفها من بين نساء العالم لن يستطيع الحصول على شبيهه لها، زفر نفس حارق يخترق جنباته وتذكر جاكيته الموضوع على ظهر الكرسى الذى تركه أثناء مغادرته للسياره، جذبه من خلف ظهره وبسط يده يعطيه ل غمزة هاتفا بحب :
-- من فضلك لبسهولها عشان تدفي....
احتقنت ملامح "غمزه" بالغضب وهمت أن ترفض، طالعها "فهد" بالمرآه يشاهد ردة فعلها وتوقع ما تنتوى فعله، تحمحم لتنظر له لترى نظرته المترجيه فى أن لا ترفض طلبه وتخذله...
زفرت بغيظ من نفسها وهى تهز رأسها بالموافقه، لتنهر بعدها حالها أين لسانى لما ارتجفت اوصالى من هيئته المتعبه ونفسيته الحزينه، أخرست تفكيرها حتى لا تخونها مشاعرها والتفت تأخذ الجاكيت من "ريان" هاتفه باقتضاب :
-- شكرا.......
ألبستتها الجاكيت و"بسنت" فى حالة من الصمت والذهول، تتطلع للجميع بتيه، حاليا يجتاحها تضارب من المشاعر، لا تعرف كيف الخلاص مما يجول بذهنها، هل هى على صواب ام خطأ....
-----------------------
مضى القليل من الوقت ليصلوا أمام المنزل، تطلعوا جميعهم لبعض كلا منهم يفيض بداخله كلمات ومشاعر يود الإفصاح عنها...
تحمحم فهد وهتف بود يستأذن من بسنت هاتفا :
-- ممكن يا بسنت أتكلم مع غمزه خمس دقايق قبل ما تدخلوا البيت .
أومأت له بسنت بالموافقه :
-- حاضر بس متتأخرش عشان أحمد وعبدالله مش يزعلوا منها لو شافوكم قدام البيت....
أجابها فهد :
-- متقلقيش مش هنتأخر
قالها وفتح باب العربه ينادى عليها بغيظ يحثها على إتباعه :
-- يالا يا غمزه ..
زمجرة داخلها كالأطفال تلعن بسنت أنها وافقته ولكن ما باليد حيله نزلت وراءه لتتعرف على ما يريد ..
وبداخل السياره ظل بمفردهم "بسنت وريان" ولا يؤنس وحدتهم إلا أنفاسهم المتهدجه من سطوة كلا منهم على الآخر....
خطى فهد يمشى نحو الارض المزروعه جوار بيتها ووقف يطالعها وهى تخطو نحوه، مع كل حركه منها تعزف على أوتار قلبه لحن عشق سُطر لأجلها.....
اقتربت غمزة تقف أمامه، تناظره بحنق طفولى، فهى بالكاد تذوب من نظراته التى تترجاها فى تنحى غضبها جانبا....
بصوت حنون مشتاق لوصالها أردف فهد :
-- بصى يابنت الناس من غير عصبيه حاولى تفهمينى.. أنا والله مش عايز أى ضرر ل بسنت ولا ليكى يعلم ربنا أنتى غاليه عندى قد أيه.. والأيام الجايه هتثبت لك....
قالها ليتهدج نفسها وتطأطأ رأسها خجلا....
تابع فهد حديثه بود :
-- أنتى اكيد عرفتى أن أخواتك الرجاله عايزين يخطبوا أخواتى البنات.. والنسب أى حاجه بتعكره.. أنا عبدالله وأحمد لهم معزة خاصه عندى ويعز عليا أن يكون بنا زعل وقطيعه لأى سبب.....
استطرد يوضح شعور ريان من بسنت قائلا :
-- ولو على "ريان" هو بيحب بسنت بصدق مش عايز يلعب بيها، هو بس اللى كان غشيم ومعرفش يفرق بين الدهب الحقيقى والدهب القشره.. وصدقيني "بسنت" لو رفضت حبه هيتجنبها ومش هيدوس ليها على طرف....
امتعض وجهها وهتفت بنزق :
-- هو اللى بيحب يا"فهد" يهدد ويتوعد بالفضايح والقتل لأخويا.. هو ده مفهوم "ريان" عن الحب.. هو ده مفهومه عن الرجوله.. بدل ميخليها تأمن له وتطمن لوعوده.. يخليها تنهار وتروح تبلغ عن نفسها..
قالت كلماتها ولم تستطيع التحكم بدموعها لتسيل عبراتها منهمره على وجنتيها حزنا على وضعهما، هى قرأت عشقها مسطر فى عيونه، التفت تعطى له ظهرها كفكفت دموعها واستدارت تتطلع له بنظره جديده عليها، تحمل الاعتذار على عدم مبادلتها لمشاعره ولكن هى مقيدة الوثاق....
ولكن هو ظلت تترد بذهنه كلمتها مره عن الغدر ومره عن الوعيد بالفضايح والقتل، سأل نفسه ترى ماذا تقصد.....
زوى بين عينيه وهتف باستفهام :
--أنتى قصدك ايه بالكلام اللى قولتيه دالوقت.. هو فى حاجه حصلت وانا معرفهاش...
أومات برأسها تجيبه :
-- أيوه اخوك ريان نازل رن على تليفون بسنت ولما مردتش عليه استلمها رسايل عالواتس اب سب وقذف وآخرهم تهديد بصور أحمد لو متجوزتوش هيقتله.. وده سبب انهيارها ومروحها للقسم تسلم نفسها...
وبتلك الكلمات وضحة الرؤيه وكانت بمثابة القشه التى قسمت ظهر البعير، لعن أخيه على تهوره الغبى فى تسرع الأمور التى بالطبع ستكون نتائجها عكسيه على وضع حبه لها....
لفظت كلماتها بتهكم واستدارت كى تغادر....
تمسك فهد بزراعها هاتفا برجاء :
-- لو أقسمتلك أنى معرفش هتصدقينى...
ارتعش جسدها من تمسكه بها وقربه منها، نظرت بمقلتيه مستشعره صدقه لتومئ له بصمت على أنها لا تشك بكلامه....
زفر براحه لتفهمها، ولانت ملامحه هاتفا بحبور :
-- شكرا ياغمزة مش عارف اقولك أيه تفهمك ريحنى جدا.. وصدقيني المره دى لما اقولك حق بسنت دين فى رقبتى وانا اللى هسده.....
أشارت بنظراتها على موضوع يده التى تتمسك بزراعها هامسه بنعومه جديده عليها :
-- طب ممكن تسيب دراعى عشان اروح أنادي على بسنت....
---------------------------
اضطربت أوصال بسنت من جلوسهم بمفردهم همت لتهبط من العربة، ولكن توقفت عند سماعها لكلمات ريان التى أصابتها بالخرس....
ببحه جديده على أحباله الصوتيه هتف ريان يشدو بالحن جديد على حنجرته مردفا بعشق :
-- أنا بحبك أوووووي أوووووي.. وفوق ما تتخيلي عشق اتوغل فى روحى.. ولو لافيتى الدنيا بحالها عمر ما حد هيحبك قدى..
تابع بألم يمزق روحه :
-- بالأمانه أبقى اترحمي عليا كل ما أخطر علي بالك.. عشان مفيش حياه بعدك.. رغم أنك أنتى عندك حق ازاى تتجوزى واحد عديم الأخلاق والشرف.....
استطرد بأمل كان يتمنى تحقيقه :
-- بس عارفه كنت متخيل أنك أنتى وفهد هترجعوني ريان القديم تاني.. بس مدام أنتى مش هتبقي في حياتي يبقي أموت أحسن وأخلصكم مني....
أنهى تصريحه بمشاعره وأنخرط في البكاء كالطفل الصغير.....
كانت بسنت تستمع له ودموعها تسيل كالشلال لا تدرى لما تعاطفت مع حديثه، بلا وعى منها حركتها مشاعر الأنثى التى تتألم لألم الغير فهى بطبعها حنونه ومع حزنه زاد تعاطفها معه، وضعت يدها علي كتفه تربت عليه هاتفه بحنو :
-- أكيد عندك أمك وأخواتك وأبوك وأهلك محتاجين لك وخصوصا أمك.....
ازدات دموع ريان بالهطول واختنقت الكلمات بحنحرته ليخرج صوته مهزوز بسبب ما يعتمل بصدره :
-- محدش ضيعني غير أمي...
جمله وحيده قالها لينهى الحوار وتابع بأمر :
-- يالا انزلي يا بسنت قبل ما تبردى خلصت خلاص......
فتحت بسنت باب العربه وتركته وهبطت دون أن تتفوه بكلمه، هرولت تجرى للداخل وسمحت لنفسها أن تنهار بالبكاء.....
-------------------------
شاهدت غمزه حالة بسنت المنهاره لتطلع ل فهد هاتفه بحنق :
-- أخوك ده غريب اللي يشوفه وهو هيقتل الظابط عشان بيبصلها وبيسبلها يقول أنه بيعشقها أومال بيزعلها ليه لو على كلامك أنه المفروض بيحبها هو اللى بيحب حد
بيعذبه كده.....
قالتها وبداخلها حيره مخافتا أن يكون شبيه لأخيه...
عقب فهد عليها موضحا :
-- ريان ده غلبان غلب السنين.. هي ظروفه وحشه والدنيا جايه عليه بزياده...
اقترب منها ينظر بداخل مقلتيها يسحبها معه داخل دوامة عشقه لعلها تشعر به، نطق ما يجيش ويكنه قلبه لها ولكنه لفظه وعبر به وكأنه كناية عن أخيه....
هتف يتمنى وصالها :
-- عاوزك تعرفيها أنه بيعشقها.. ومش هتلاقي حد يحبها قده.. حنني قلبها عليه.. يمكن يكون ليهم فرصه مع بعض ريان مش وحش صدقينى....
ارتجفت أوصالها من نظراته التى تخترق حصونها وتزعزع ثباتها، همست بتذبذب لنفسها كيف الخلاص من عشقك الذى ما أن حاولت إخماد نيرانه تشعلها أنت من جديد..
كتمت تنهداتها وأسبلت جفونها لأسفل حتى تستجمع نفسها من حالة التيه التى تغوص بها كلما تطلعت لعينيه...
تنفست بعمق تنحى أحاسيسها جانبا ورفعت رأسها لترجع خطوة للوراء وارتدت قناع الغباء وكأن تلك الهاله التى تحيطها من جراء كلماته ليست تعنيها هتفت بعدم اقتناع ترد له كناية الكلام التى خص بها أخته وأخيه :
-- بعد كل اللى قولتهولك وبتقول بيعشقها و مش وحش وعايز تديله فرصه.. أمرك غريب يافهد.. الموضوع كل مدى بيتعقد وبيخنق أى حب ممكن يتولد..
قالت كلماتها وزفرت بحيره تستطرد :
عموما هنشوف بكرا شايل أيه...
ألقت كلماتها وتركته وفرت للداخل..
تطلع لأثرها فهد يشملها بنظراته المغرمه يبتسم لطيفها وهو يشتم عبيرها الذى خلفته نسمات الهواء ليتوغل ثنايا روحه همس لنفسه
حاسس انك فهمتينى.. متتلخبطيش وتتوترى كده الا اذا كنتى هتدى مشاعرك فرصه....
--------------------------
تحرك فهد وسار نحو السياره، دخل وجد ريان قد فقد أعصابه وأعراض سحب المخدر تملكت من جسده لينتفض هاتفا بألم هستيرى :
--أنا تعبان أرجوك روحني.. ومهما أترجاك وأتخانق معاك عشان أمشي متسبنيش أضعف......
فهد بهدوء عكس ما بداخله فهو يود تحطيم رأسه على تكالب المشاكل التى يضعها على عاتقه أردف بغيظ:
-- أهدى مش هسيبك تضعف ولا تتعب لسه مشوارنا طويل ولازم نكمله.. بس الاول هربيك من جديد
قال حديثه واندفع يقود السياره بسرعه رهيبه وكأنه يسابق الريح حتى لم يراعي ظروف حالة الجو ولا الطريق المبلل بفعل المطر....
-------------------------
بعد وقت قياسى وصل فهد أمام البناية التى يقطنها، صعد بأخيه تحت انهياره التام وهو يعض عليه كفيه كى يكتم تأوهاته المؤلمه حتى لا يثير ضجه تجلب عليهم تسأولات ساكنى البنايه....
ولج ريان للداخل يصرخ بوجع :
-- الحقنى يا"فهد" هموت مش قادر...
قالها وأخذ يكسر الأشياء التى تقابله
أخذ فهد يلتف حوله فهو أصبح كالثور الهائج الذى لا تستطيع إيقافه، بعد عدة محاولات نجح فهد فى الإمساك به...
هتف يصيح بصوت عالى ينادى على الدكتور :
-- يادكتور أنت فين يا دكتور يادكتور ...
قالها وهو يقع أرضا ب"ريان"، افترش الارض به وأخذ بصدره يضمه بقوه ليتحكم فى تشنجات جسمه هاتفا بخوف :
-- أهدى يا قلب أخوك آخر مره هسيبك توصل للحاله دى.....
خرج الدكتور ليفزع من منظر "ريان"، لينظر له "فهد" يصرخ فيه بغضب :
-- اتصرف بسرعه وحسابك معايا بعدين كل ده أنادى عليك مبتردش
أجابه الدكتور باعتذار :
-- آسف كنت نايم
قالها وهو يهرول يأتى بالأبره المخدره....
ارتعد جسد "ريان" وهو يبسط يده للدكتور كى يعطيه الحقنه هاتفا بصراخ مؤلم يقطع نياط القلب :
-- ارحمني هموت.. قلبي هيقف.. جسمي كله بيتقطع.. دماغي هتنفجر.. ارحمنى يا فهد...
هذى بكلماته بانهيار ودموعه تهبط كشلال تفجرت ينابيعه من جحيم ما عاشه.....
مسد فهد على صدره هاتفا بدعم :
-- متخفش أنا معاك وعمرى ما هسيبك.. أهدى عشان خاطرى وخاطر اللى بتحبهم...
نطق كلماته وهو يرفع رأسه ينظر للدكتور هاتفا بغيظ :
-- أخلص يادكتور.. أنت عجبك حالته كده وانت واقف تتفرج عليه... أخلص بقى
مع اخر كلمه قالها نفث عن غضبه ودفع كرسى السفره المجاور لقدمه المفترشه الأرض ليزيد من احتضان "ريان" ودعمه وعبراته تهبط على وجنتيه تندمج تواسى عبرات أخيه.....
هلع الدكتور من عصبيه فهد وهتف بخوف :
-- حاضر يا فندم الحقنه جهزت...
قالها واحكم قبضته على زراع "ريان" يغرز بوريده العلاج المهدئ....
بعد قليل بدء "ريان" أن يهدئ وجسده يستكين بأحضان فهد.....
تلعثم "ريان" بين الصحو والنوم هاتفا :
-- أنا تعبان وبردان ونفسي أموت...
كلماته كنصل سكين حاد غرز فى قلب فهد أردف بحب :
-- أهدى وحاول تقف معايا
لفظ كلماته وهو ينظر للدكتور هاتفا بحنق :
-- تعالى ساعدني بدل ما أنت واقف تتفرج علينا كده...
تنهد الدكتوره بملل من تقلباته قائلا :
-- حاضر يا فندم
قالها واقترب يساعده فى حمل "ريان" لحجرته، أمسكه "فهد" من صدره وحسن من قدميه وسطحوه على الفراش، ذهب "فهد" لخزاتة الملابس وأتى له بترنج بيتى كى يشلح عنه ملابسه المبلله، وبالفعل استبدل ثيابه وعدله لينال قسط من الراحه....
جلس جواره "فهد" يجذب عليه غطاء السرير، ليزداد نحيب "ريان" وهو يتمسك بكف أخيه هاتفا ببكاء :
-- متسبنيش يا فهد عشان مش عاوز أموت لوحدى....
نطق فهد بفزع :
-- بعد الشر عليك.. أنت مش هتموت وهجوزك وهفتحلك شركه وهتنجح وهتبقي من اكبر رجال الاعمال..
قال كلماته واستطرد بغيظ :
-- بس قبل ده كله فى بينا حساب وكلام عايزين نقوله.. عشان أعرف انت ازاى تستغفلني وتصغرنى.. أنا عيزك تعلا وتنضف من مستنقع الوساخه اللى حطيت نفسك فيه.. وفى الاخر اطلع مغفل واخويا بيدينى على قفايا....
جحظ "ريان" من معنى كلمات "فهد" وهجومه عليه، حمحم هاتفا بقلق :
-- انت قصدك أيه يافهد...
جز "فهد"على أنيابه قائلا بعصبيه :
-- مش وقته الكلام دالوقت.. شويه جرعة العلاج تشتغل كويس عشان نعرف نتكلم براحتنا من غير ما تتعب منى.. أصل اللى جاى هيبقى مرار طافح على دماغك....
قال الأخيره وهو يدنو جوار أذنيه حتى لا يستمع له دكتور حسن....
رفع رأسه ينظر للدكتور حسن بغضب قائلا بعتاب :
-- أنا ليا حق عرب عندك يادكتور
نطقها واستقام يقف جواره مردفا :
-- هو مش أنا قايلك مش عاوز "ريان" باشا يحس بسحب المخدر والا حسابك معايا كبير لو تعب...
أكمل ينهره بسخط :
-- آخر مره أشوفه يتألم يا تشوف شغلك يا تمشى وأشوف غيرك....
نظر له بامتعاض وأعطاه ظهره وذهب يجلس على كرسى بزاوية الغرفه....
تحمحم الدكتور هاتفا بتوضيح :
-- أولا أنا آسف عشان كنت نايم.. وثانيا أنا طلبت من حضرتك متخرجوش بس بردو حضرتك خرجته.. وبعدين قولت لحضرتك قدامه ساعه وهيدخل في كومه.. بس حضرتك رجعت به بعد أكتر من ساعه..
تابع كلامه يعرض انسحابه من متابعة حالة أخيه المرضيه مردفا :
-- ولو حابب تشوف دكتور تاني قدام حضرتك ساعه وتبلغني...
القى كلماته ليرد حق كلمته المهدوره وتركه وغادر الغرفه....
حاول "ريان" أن يغطى على فعلته ويلطف الاجواء بينه وبين أخيه تكلم بألم :
-- أنت زودتها مع الدكتور.. هو عنده حق في اللي قاله..
غضب "فهد" أكثر ونظر له باشمئزاز مردفا :
-- صح انا غلطان وزودتها..
--قالها بتهكم وتابع :
-- بس اعمل أيه مقدرتش اتحمل تعبك ومنظرك اللى كان بيقطع قلبي عشان كده فقدت اعصابي..
استطرد بسخريه :
-- بس ياترى أخويا زى ما أنا بخاف عليه هو بيخاف عليا وبيحترمنى وشايفنى كبيره...
طأطأ "ريان" رأسه هاتفا :
-- أكيد يافهد بخاف عليك وبكبرك...
جز "فهد"على نواجزه قائلا بغيظ :
-- هنشوف يا"ريان" صحة كلامك ده الصبر حلو.. اتك عالصبر عشان هربيك من جديد....
قال حديثه وتركه ذاهبا للدكتور يراضيه لتهوره عليه....
أما ريان اعتدل فى رقدته يتصبب عرقا يخشى مواجهة أخيه، فكلامه يدل على علمه بفعلته......
--------------------------
طرق عدة طرقات على باب غرفة الدكتور، قليلا وفتح له سامحا له بالدخول، ولج للدخل وجده يجمع أشيائه ينتوى الرحيل...
هتف فهد باستعلام :
-- أنت بتعمل أيه يا حسن.
أجابه دكتور حسن :
-- حضرتك شايف أيه أنا بجمع حاجاتي وماشي وتقدر تجيب الدكتور اللي تثق في شغله .
أجلى فهد حنجرته هاتفا باعتذار :
-- حقك عليا متزعلش أنى اتنرفزت عليك.. أخوك وكان متضايق ومتعصب عشان تعب أخوك التانى.. استحملنى شويه غصب عنى.. أنا عمرى ما قللت من قدرك بس هو انفعال وقتى.. وأنا مقدرش استغنى عنك يادكتور أنت ضلع أساسى فى علاج ريان مقدرش أغامر وأجيب حد ميعرفش حالته. سامح بقى وانت من دالوقت أخويا الصغير زى "ريان" بالظبط....
رغم ضيفه ولكن أومأ له الدكتور بتفهم فهذه الحالات ذويهم يمرءون معهم بمواقف صعبه وعلى الطبيب التحمل، أردف حسن بود :
-- أنا ليا الشرف طبعا أنى أكون اخ لحضرتك.. حصل خير وان شاء الله ربنا يتم شفاه على خير.....
قطع حوارهم صوت رنين هاتف الدكتور حسن، استأذن وخرج يجيب على الهاتف، ثم خرج فهد ذاهبا غرفته ليستبدل ملابسه المبلوله بأخرى جافه.....
بعد قليل أتى"حسن" يهرول يدق على باب غرفته يعتذر منه أنه يجب عليه المغادره لأمر طارئ فأخته جائها آلام المخاض وتوجهت للمشفى التى يعمل بها وعليه اللاحق بها ليقوم بعمل اللازم......
وافق "فهد" على وعد بأن لا يتأخر عليه نظرا لارتباطه ببعض الأعمال، وسوف يتوجب عليه القدوم مبكرا حتى لا يترك "ريان" بمفرده تجنبا لحدوث أعراض شبيه لما حدث قد تؤذى شقيقه، أومأ له الدكتور بعلمه لمواعيد العلاج وأنه سوف يأتى قبل حلول وقت أخذ الجرعه الجديده.
------------------------
ولجت الفتيات واحده تلو الأخرى وبداخل كلا منهم جبل من المشاعر يعيق خفقان قلبيهما، تطور الأمر سريعا ليتهوا فى طياته ولا يدروا كيف السبيل للخروج منه،
سريعا دخلت غمزه وبسنت علي غرفهم، حامدين ربهم أن "أنعام" مازالت بالخارج، ارتعاش جسدهن لم يمهلهم الوقت كى يتحدثوا.....
دلفت "بسنت" لغرفة الحمام أخدت شاور واستبدلت ملابسها لأخرى نظيفه، وخرجت ارتدت إسدال الصلاه وجذبت المصليه ووقفت اتجاه القِبله تنهمر دموعها بغزاره وهى تتضرع لله وتناجيه ان يلهمها الصواب وأن يختار لها الصالح..
فعلت "غمزه" بالمثل وذهبت نحو المطبخ أعدت كوبان من النسكافيه يساعدهم على التدفئة وخطت تتجه لغرفة بسنت للاطمئنان عليها...
زفرت "غمزة" بهدوء وهى تتطلع لها جاثية على سجادة الصلاه ودموعها لا تكف عن السيلان مع تعالى شهقاتها....
جلست جوارها وأردفت بتريث :
-- ممكن أفهم بتعيطي ليه الموضوع خلص خلاص أيه اللي مزعلك.. وبعد حركة القسم استحاله يفكر يأذيكى.. ده بمثابة تعهد انك مش مسؤوله عن جرحه.. ولو على "أحمد" متخفيش "فهد" مكنش يعرف اللى عمله "ريان" معاكى.. ووعدنى هيتصرف وهيبعده عن طريقك خالص......
زفرت "بسنت" نفسها على مهل هاتفه :
-- تمام ياغمزة.. بس أنا مخنوقه معلش أعذرينى عاوزه اقعد لوحدى....
استقامت "غمزه" ومدت يدها تجذبها لتقف، أخذتها وذهبت بها لفراشها، أجلستها تمسد على ظهرها بحنو وطبعت قبله على رأسها هاتفه بحب :
-- حاضر يا حبيتي.. حاولى ترتاحي ولو احتاجتي حاجه أنا موجوده نادى عليا أجيلك على طول....
شكرتها بسنت بغبطه :
-- تسلميلي ياحبيبتى..
قالتها وأكملت :
-- بس اقفلي الشباك والباب وراكي....
أومأت لها غمزه وفعلت ما طلبت منها وخرجت تغادر لغرفتها وذهنها يردد الكثير والكثير من الحوارات.....
--------------------------
حياتها كمفاتيح البيانو بعضها أبيض وبعضها أسود، المفاتيح البيضاء هى سعادتها التى لا تدوم كثيرا، والمفاتيح السوداء هى الحزن الغالب على حياتها، ولكن عليها التعايش مع الاثنان حتى تحصل على لحن خاص بها يميزها عن غيرها......
شردت "بسنت" فى حوارها مع "ريان" لتنتحب باكيه أكثر هاتفه بعدم تصديق :
-- معقول أنا أتحب بالشكل ده.. هو ممكن يموت بسببي..
عقبت على نفسها باندهاش :
-- هو ليه أنا خايفه يحصله حاجه..
احتارت أكثر تسأل نفسها :
-- ليه بتفكرى فيه أصلا يا"بسنت"
ومن هنا دار صراع بين قلبها وعقلها، طرف مؤيد وطرف معارض...
عقلها :
-- ليه شايله همه هو كان عاوز يأذيكي....
قلبها :
-- واتراجع
ترد علي نفسها وكأنها طرف ثالث محايد لكليهما يعطى لهم احابات بديله :
-- لا هو طيب ونظرة عينيه مشفتهاش قبل كده في عيون حد بصهالي.. حتي من قبل الحادثة عيونه بتجذبنى ليه زى المغناطيس.. فيهم شجن وحزن وكأنهم بيترجونى أن خلاصه فى أيدى...
صفعها عقلها بالحقيقه :
-- بس ده معدوم الأخلاق ومستقبله مدمر بسبب ماشيه الغلط...
قلبها رأف بحاله يعطى له مبرر :
-- أكيد في دافع هو اللي خلاه يعمل كده.. هو قال أمه هي الي دمرته .
غصها قلبها وهو يردد :
-- وأنتى هتستحملي أن حد يموت عشانك....
عقلها أجاب بحده :
-- لا هو لو مات يبقي عشان ضعيف.. مش بسببك فوقي يا "بسنت" واوعي تضعفي.. اللي زيه مبيعرفش يحب....
قلبها برفض :
-- لا دموعه و رعشه صوته وضعفه كان بيقطع قلبي.....
لم تسطتع تحمل حصار قليها وعقلها وانهارات في البكاء مجددا هاتفه بشجن :
-- ارحمني يارب وريح قلبي وأهديه وأبعد عنه أي حاجه وحشه.....
زجرها عقلها يرد على قلبها:
-- أنتي بتدعيله بعد كل اللي عمله فيكي...
لم يتبقى لديها روح لهذا الحديث الذى يدمى قليها، كتمت صرخاتها فى الوساده حتى بوح صوتها لتستسلم لغفوة تريح بها نفسها من عناء التفكير ........
-----------------------
بخطى متهدله دلفت "غمزه" غرفتها فهي ليست بأحسن حال من أختها، نكست رأسها بحزن ومشت تصعد فراشها زفرت أنفاسها تتنهد بخيبه أمل، فهي ليست معتاده على بناء قصور من الأوهام، فرؤيتها للأمور أصبحت ضبابيه مشاعرها متضاربه، تجمد وسطها منذ أول وهله لمعرفتها به، تبحث عن سبيل لايقاع متناغم لما تشعر به نحوه، يرهقها انجذاب مشاعرها له، يؤرقها استخدام المنطق واستنتاج الفروض فى علاقتهم، ما تشعر به يهلك روحها....
هذت لنفسها تفصح عن ما يعتمل صدرها....
أشعر بشيء نحوك كنت اخشى حدوثه، أشعر بالحب للمره الأولى، شعور جديد يمتلكني ويستحوذ على قلبي....
رجعت بظهرها تريحه متكئة على مخدع الفراش تضع يدها تحت رأسها تشرد براحه وهو يطرق باب مخيلتها، ابتسامه وديعه زينت محياها لتتأوه بحب تهمس لنفسها.....
عشقتك وانتهى أمري، أهيم في تفاصيلك لأدرك أن حبك تسلطن بقلبي أصبح يتحكم في قوانين عقلي، حضورك ساحر معادله لا تكتمل الا بتلك النظره التى تخصنى بها جريئه بريئه، حزينه سعيده....
نظرتك تأسرنى تربكنى، رجولتك وشموخك تجعلني أفر منك اليك......
زفرت بحنق واعتدلت بجلستها تحارب تلك المشاعر لفظت تحاكى عقلها......
كم تمنيت الفرار من هذه المشاعر ولكن كل مره يعاندني قدري ليزيد وصالي وتعلقي بك، منذ صدفتنا الأولى والتى كنت اعتقد أنه لن يتجدد بنا اللقاء ثانية، ليضعك القدر فى طريقى تاره حريق المزرعه، وتارة أخرى محاوله أخيك بالتهجم على أختى، شد وجذب كر وفر تهديد ووعيد، وأخيرا نسب عائلى يزيد من ارتبطنا بشكل او بآخر، ليليه رابط مهنى وعملى سيجعلنى فى وسط محيطك المربك، والطامه الكبرى افصاحك عن مشاعر أخيك لأختى بعد كل هذه الأفاعيل التى صدرت منه، يتوجها تحت عنوان الحب، أى حب هذا الذى يفسد الأجواء ويعكر النفوس، والأدهى مشاعرى لا أدرى كيف اتجاهلها ولا أعرف لصدى لك نهايه محسومه، أم سأظل تحت رحمة متاهة مشاعر تستنزف روحى وهى تعزف لحن جنائزى من ضراوة ما أشعر به نحوك...
----------------------
يقف فهد مشتعل يتطلع لباب غرفة أخيه وهو مستشاط من أفعاله الجنونيه، وضعه فى مأزق جديد، جعله عالق في منتصف متاهته، يدور في فلكه حائر متأرجح بين عقله وقلبه، بين ما يمليه عليه ضميره وما يمليه عليه قلبه، زفر متنهدا واستقر على أن يتبع ضميره ويعيد تربية أخيه من جديد قبل أن يتبع خطى هوا قلبه فيتحطم قلب بريئ على جسور عشق واهى قوامه أهوج، فلابد من إعادة تأهيل لأخيه حتى يضمن أنه عاشق حتى النخاع سيصونها ويقدرها حق قدرها......
ولج فهد لغرفة ريان وجده يخرج من الحمام، مسح على وجهه وكتم نفسه وزفره دفعه واحده، قطب بين حاجبيه وحمحم بنبره خشنه قائلا :
-- أيه حصل وأنت مخبيه عنى
صدم ريان من لكنته وارتبك بخزى من نفسه ولم يستطيع الرد...
استوحش داخل فهد من صمته وعدم تبريره لفعلته المشينه، على غره هجم عليه يمسكه من تلابيب ملابسه ينهره على تماديه في الخطأ مع بسنت...
أردف قائلا باستهجان :
-- أنت أمتى يا حيوان هتنضف.. أنت أزاى جات لك الجرأه أنك تهددها بقتل أخوها.. أنت عاوز من نفسك أيه وعاوز منها أيه.. مش كفايه أنها احترمت كلمتي وما رضيتش توديك في داهيه.. واحده غيرها كانت سجنتك وأخذت حقها منك وفضحتك في البلد كلها وخلت ابوك وجدك يعرفوا أنك مدمن.. وكان جدك ضربك طلق نار وخلصنا منك وارتحنا من همك.....
استرسل بسخريه :
-- طب مش خايف على نفسك ومش خايف على اهلك.. خاف على أمك قتالة القتله اللي هتروح فيها بسببك وبسبب تصرفاتك.. لما تعرف أن ابنها مدمن.. اللي هدت الكون ده كله عشانه.. عشان بس يبقى كبير عيله الراوي.....
استطرد يعلمه بالنسب الجديد :
-- أنت تعرف أن اخواتك البنات اتقدم لهم أخوات "بسنت" الرجاله.. الرجاله هه واخد بالك رجاله مش عيال هجامين وشمامين...
قال كلمته الأخيره بسخريه وهو يشير عليه باشمئزاز.....
تابع بفخر :
-- وطبعا دول شباب محترمه زي الورد دخلوا البيت من بابه.. مش لفوا ونطوا من الشباك.. يعني اللى زى دوول مينفعش نرفضهم يبقى بنظلم أخواتك......
أكمل بقلة حيله :
-- بس هنقول أيه بقى.. أنت عايش عشان تخرب حياة اللي حواليك.. تتصور يا أخي مهما يكون دمك نظيف وناسلك محترم وأبوك راجل مأصل.. بس لازم برضوا تتطلع زى أمك وتاخد من نسلها الوسخ.. عندك استعداد تعمل أى حاجه بس المهم توصل للي أنت عاوزه حتى لو هتدوس على شرف بنت كل ذنبها أنها محترمه رفضت تقضى وقت مع جنابك فى الحرام.......
كانت كلمات "فهد" مثل تراشق الرصاصات في جسد وعقل "ريان" استفاق على يد "فهد" وهو يجذبه من زراعه يجره منه يوقفه أمام المرآه وأشار اليه....
قائلا بامتعاض :
-- بص على نفسك ده شكل بني آدم.. بقيت مدمن وشمام وشكل الشباب إللى لا ليهم أهل ولا يعرفوا ربنا ولا شافوا بجنيه تربيه.. بذمتك أنت راضي عن نفسك...
نطق كلامه بخشونه ودفعه بقوه جعله يترنح في وقفته...
وأكمل بحزن علي حال اخيه :
-- شوفت بقيت عامل أزاى.. مش قادر تصلب طولك.. أنا سبت اللي قدامي واللي ورايا عشان أعالجك وترجع تاني ابني وأخويا وتبقي سندى في الدنيا.. بس كانت النتيجه أيه خذلتني وصغرتنى قدام شوية بنات.. بس تعرف البنات دى ارجل من مية راجل من عينتك....
أشار بأبهامه عليه مكملا بقهر :
-- لكن أنت مش عاوز تغير من نفسك.. حرفياً أنت الموت ليك حلال.. أنت وصلتنى النهارده أنى مبقتش عارف حاجه.. واقف زى العبيط وهى اختها بتقولى سبب أنهم خلافوا اتفاقهم معايا وراحوا القسم عشان تسلم نفسها.. تقدر تقول لي لو مكناش لحقناها قبل ما هي تعمل المحضر كنت هتعمل أيه.. نفسي أعرف اجابتك اللي هتبهرني وتعرفني قد أيه أنت إنسان عديم المسؤوليه والنخوه والشرف......
رد عليه ريان باستهزاء قائلا :
-- ولا كانت هتعمل حاجه.. كانت هتتنازل عن المحضر والجزمه فوق دماغها.. وبكره تشوفها وهي راكعه تحت جزمتي بتترجاني عشان اتجوزها...
الى هذا الحد لم يتحمل "فهد" ما تفوه به "ريان" لكمه في وجهه قائلا :
-- أنت هتعيش وتموت كلب...
رفع "ريان" يده لكي يرد الى "فهد" ضربته ولكنه تراجع وصاح بغضب قائلا :
-- هو أنت فاكر أنى عاوز أبقى كده.. أنا تعبت كلكم بتكرهوني.. أنت دورت على مصلحتك وأبوك كرهني زى ما بيكره أمي وأخواتي البنات محدش فيهم بيحاول يقرب مني.. كلكم اتخليتوا عني..
أكمل بهياج :
-- أنا مش عاوز منك حاجة.. ارجع شغلك وحياتك ملكش دعوة بيا.. أنا كده وهفضل كده لحد ما أموت...
قال كلامه وهو يكسر ويركل كل ما تطوله يديه وقدميه..
بينما "فهد" كان يستمع له وهو يضع يده في خصره سيجن من تصرف "ريان" عقله غير مستعوب أنه بهذا الغباء.....
صفق "فهد"وهو يضحك بسخريه قائلا :
-- برافو عليك يا"ريان" ياراوي..
أنت فعلا ضحيه لأهلك الأشرار إللى كلهم بيكرهوك وتخلوا عنك....
انتبه "ريان" لما يقوله فهد وعقب مؤكدا :
-- آه كلكم بتكرهوني...
اقترب منه "فهد" ولكزه في كتفه قائلا
-- يا أخي اتقى الله وبطل هبل وتخلف.. هى دى الشماعه اللى بتعلق عليها غلطك.. أنت فعلا محتاج تدخل مصحه مش للإدمان بس.. لأ وكمان للأمراض النفسيه والعقليه.. أنت بني آدم مبقاش فيك دماغ.. مبقتش قادر تميز الصح من الغلط.. مبقتش عارف يعني مين بيحبك ومين بيكرهك.. مبقتش عارف أنت عايز أيه..
استرسل بألم ينهش روحه :
-- أنا فعلا حزين أنك أخويا.....
اقترب ريان يجذب فهد من مقدمه ملابسه قائلا بحده :
-- لو أنت مش أخويا أنا كان زماني قتلتك من بدري على كل كلامك ده....
امسك فهد يديه التي تطبق على ملابسه قائلا بتهكم :
-- يا اخي أتلهي أنا أول مره كنت أتمنى أن يبقى فيك صحه وتمد أيدك عليا.. أنت حتى أيديك بتترعش وأنت ماسك هدومي.. أنا قلبي بيتقطع على الحاله اللي انت وصلت لها...
شعر "ريان" أن الأرض تنسحب من تحت قدميه.. وأنه أصبح لا يصلح لأى شيء حتى الدفاع عن نفسه....
نظر له فهد بشفقه قائلا بحنق :
-- أنا لو قعدت معاك في الشقه دلوقتي أكثر من كده أكيد هموتك.. أنا همشى من وشك السعادى بدل ما ارتكب جريمه...
أنهى حديثه واندفع بغضب يغادر الشقه حتى تهدئ ثورة انفعال من أفعال أخيه المتهوره.....
---------------------
ظل "ريان" يأخذ الشقه ذهابا وايابا كيف له أن ينتقم منها هي لابد أن تخضع له بالقوه أو بالين..
حالة هذيان أفقدته صوابه.. خيالات صورتها وهى ترفضه تصيبه بهلاوس وتصدعات طالما هرب من واقعه بتناول المخدرات والخمر المسكر حتى يتثنى له الاستمتاع بشعور أنه مرغوب من الجميع ، كثرة تناوله أياها أصابته باضطرابات ذهنيه وعصبيه ساعدة فى تحفيز خلاياه أن يتوهم ويستشعر بلذه عند انتصاره على أى أنثى تخضع له، ولكن لما الأنثى بالأخص التى يريد اذلالها وخضوعها له، ربما السبب الرئيسى أمه التى دوما تملى عليه أوامرها، دوما تريد امتلاكه بأى طريقة، حتى لو محت شخصيته فى سبيل أن يكون جزء من ممتلكاتها أو لأنه هو السبب الرئيسى الذى يجعل والده باقى عليها فى العائله، لم تتمسك به يوما على أنه ولدها الذى تكن له المحبه، ولكن دوما تشعره أنه أداه حتى تمتلك زمام أمور العائله، تتابعيات نفسيه أثرت على سلوكه خير وشر، طيبه وخبث، ازدواج لا ارادى فى شخصيته، جعل من يرى انهياره أمامها فى قسم الشرطه لا يرى هالة الانتقام التى تلمع بعينيه للانقضاض عليها...
ظلت تدور برأسه مقتطفات من حياته كشريط السينما يكرر ويكرر مشاهد تدمى قلبه، تشنج جسده من حدة انفعاله، لينبطح يفترش الأرض يرتعش كمن صعق بماس كهربى، هيئته كمن ينازع لطلوع روحه، استكان قليلا وتكور على نفسه كوضعية الجنين....
يحدث نفسه بتيه :
-- أنا أيه إللى عملته في نفسي ده.. ليه ضعت أوى كده.. لو كنت التزمت زى فهد كان زمانها نصيبي وحبتني.. وكنت فضلت جنب أبويا اللي بعدت عنه عشان مش قادر أبص في وشه من عمايلي.. ليه سمعت كلام أمى وصدقت أنهم بيكرهوني.. ليه مفكرتش في حبه ليا.. أنا حتى زينه و فجر بيحبوني وانا بغبائى بعدتهم عنى.. ليه ضيعت نفسي وبعدت عن فهد اللي كنت طول عمرى بستخبي في حضنه من أي حد يزعلني.. أنا ليه بطلت أصلي.. أنا عاوز أرجع لربنا.. نفسي في حضن جدتي وطبطبت جدى عليا.. نفسي ارجع زى الأول وأليق ب بسنت وتحبني زى ما بحبها.......
همد جسده أخيرا ولكن لم تهمد زخات مقلتيه ظلت تفيض من بحور عذابه، أغمض عيونه يسبح فى ظلمات ماضيه ولسانه يردد
-- يارب أصلح حالى و قرب بيني وبينها ومتحرمنيش منها