رواية غمزة الفهد الفصل الرابع عشر 14 بقلم ياسمين الهجرسي
----------------------
رواية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
--------------------
ما الفائدة من إغلاق الأبواب إن كانت روحي عالقة على جدران قلبك......
انتحب بانهيار يسب غباؤه الذى أضاعها منه، تيبث بساعد شقيقه يحثه على الذهاب ورائها، ليستقطبها للعدول عن موقفها، وافق شقيقه على تنفيذ طلبه، وسطحه بهدوء، واستقام يلحق بها قبل أن تغادر......
خرج مندفع من باب الغرفه، تجول بعينيه فى المكان يستطلع وجهتها، شاهدها تستند على الجدار تبكى بنحيب على كتف شقيقتها، ذهب نحوها يشفق على حالها......
بتريث هتف يعتذر :
-- حقك عليا ياآنسه بسنت .. صدقينى هو ميقصدش اى كلمه من اللى قالها .. هو متهور كلام وبس .. مش هيعمل حاجه .. ده مريض وليس على المريض حرج .. بكرا تشوفى لما يخف ويتعالج .. هتلاقى شخص جديد وهيجى يعتذر منك على كل اللى عمله معاك ..
نظرت له "غمزة" بغضب، بينما "بسنت" رفعت رأسها من على كتف شقيقتها وابتلعت شهقاتها وأجابته بوهن :
-- أرجوك يا أستاذ فهد عشان خاطر ربنا خاليه يبعد عنى .. أنا مأذيتهوش ليه عايز يأذينى .. اعتبرني زى أختك وأبعده عنى .. كله الا أخواتى أنا أموت ولا حد من أخواتى يتأذوا بسببى.....
قالتها وتعالى بكائها من جديد...
عبست ملامحه بضيق من انهيارها، لعن أخيه على تهوره، كيف للمحب أن يأذى محبوبه....
كتم نفسه وزفره دفعه واحده وأردف مهدئا لها :
-- يعلم ربنا أنى اعتبرتك زى أختى .. واستحاله أقبل ليك بضرر بأى شكل من الأشكال .. أرجوكى أهدى واتماسكى .. وأنا هجيبلك حقك منه .. بس بلاش تسرع وموضوع تسلمى نفسك للشرطه .. انسيه خالص .. بلاش تشوشرى على نفسك .. "ريان" مش هيعمل حاجه .. ده تهديد مالوش لازمه .. حلاوة روح .. يعنى أول بنت ياستى ترفضه ومحموق على كرامته...
قال الأخيره بدعابه ليفك عبوس وجهها.....
ناطحته غمزة بنظرات يتطاير منها الشرار....
ازدرد لعابه بيأس لا يعلم كيف يراضيها......
حول نظره ل بسنت قائلا بلطف :
-- وعد لاخلصك من الكابوس ده قريب جدا .. اصبري معايا ريان يسترد صحته .. وبلاش تصرف متهور .. والصفحه دى هتتقفل نهائى.......
استنشقت أنفاسها براحه بعد حديثه الذى استشعرت به الصدق، أومات له بالموافقه، واستأذنت تغادر لا تستطيع الصمود أكثر من ذلك، تفهم عليها وودعها، بينما بينه وبين غمزه نظرات تقتل كالرصاص، لولا انهيار شقيقتها لكالت له من الكلمات ما يدمى القلوب......
-----------------------------
رجع أدراجه لغرفة أخيه، وجده بين اليقظة والنوم، اقترب منه يمسد على شعره بحنان أخوى يمده بالطمأنينه ويشعره بالأمان الذى يفتقده، استمع لدطرقات على الباب، تعالى صوته وسمح للطارق بالدخول، كان الطبيب أنتهى من إجراءات الخروج دلف ومعه الطبيب الذى امر به فهد.......
تحدث الطبيب يعرف فهد هوية الطبيب الذى سيرافق ريان ليباشر جرعات علاجه :
-- أحب أعرفك يافهد باشا ده دكتور "حسن" اللى هيباشر علاج "ريان" باشا فى البيت، وانا عرفته الحاله وحطينا سوا برنامج العلاج اللى هيمشى عليه عشان نتفادى ألم نوبات انسحاب المخدر من جسمه....
أومأ له فهد بالموافقه هاتفا بامتنان :
-- تمام يادكتور شاكر جدا لتفهم حضرتك .. أنا هغير له لبسه وهنمشى دالوقت....
تركه الطبيب وغادر، واستبقى جواره دكتور حسن يساعده فى ابدال ملابسه، ليتهيأوا للمغادره
---------------------------
مرء القليل من الوقت لتصطف سيارتهم تحت البنايه التى كان يقطنها فهد سابقا، هبط الدكتور حسن يفتح باب السياره لفهد، ساعده فى إسناد ريان وصعوده للأعلى، دلفوا للشقه، ومنها للغرفه التى سيقطنها أخيه، اتجه نحو الفراش وسطحه يستعدل وضعية جسده براحه، دثره بالغطاء واستدار يتحدث مع الطبيب........
فهد بأمر :
-- أديله حقنه تهديه .. عاوز أعرف أتكلم معاه عشان مش عاوز احس انه بيتألم مفهوم ....
تابع يوضح له وجهة الغرفه التى سيقطنها :
-- تالت باب دى الأوضه اللي أنت هتقعد فيها .. وباقى الشقه تحت أمرك خد راحتك محدش هيكون موجود غيرنا احنا التلاته.....
رد عليه الدكتور بتحفظ :
-- تمام يا فندم اللي حضرتك تأمر بيه .. أنا هديله الحقنه دالوقت بس عايز اقعد معاك عشان فى موضوع مهم لازم نتكلم فيه....
بالفعل قام الدكتور بتحضير الحقنة، دنى نحوه وقعص كُم ساعده وغرز الدواء بعروقه واستقام وتركه وخرج لانتظار محادثة فهد...
مسح فهد على وجهه بتعب، وذهب وراء الطبيب يستعلم عن هوية الموضوع الذى يود مناقشته،جلس على أقرب أريكه بصالة المنزل....
هتف بارهاق :
-- خير يادكتور عايزنى فى أيه
أجابه الطبيب بمهنيه :
-- حضرتك أنا بَحَاضر الصبح فى الجامعه، وكمان براسل جامعه فى ألمانيا عشان رسالة الدكتوراه بتاعتى، فبطلب من حضرتك نقسم اليوم شيفتات بينى وبين حضرتك، هنعمل زى جدول مواعيد، الوقت اللى اكون فيه فاضى هكون مع ريان باشا، واللى هكون مشغول حضرتك ترافقه لحد ما أجى....
استطرد الطبيب يوضح موقفه :
-- انا مش بتنصل من مسؤليتى .. بالعكس انا ههتم بيه على أكمل وجه .. ولولا ثقة دكتور هشام فيا مكنش وكلنى بعلاجه، وكمان لضيق الوقت اللى حضرتك أمرت فيه بطبيب ملازم ل ريان باشا مكنش فى قدامه حد جدير بثقته الطبيه الا أنا، هو كل اللى أنا طلبه من حضرتك تتفهم ظروفى....
زوى بين عينيه ومط شفتيه يفكر فى حل للخروج من هذه المعضله، زفر أنفاسه بتعب، وأوما للطبيب بالموافقه على طلبه، على أن يعطيه يومان وسوف يرتب مواعيد تناسب كليهما....
استقام الطبيب ودلف غرفته، يضع اشيائه بأماكنها المخصصه، ظبط منبه الهاتف وتسطح على الفراش لحين ميعاد استفاق ريان لأخذ الجرعه الثانيه وتناول الغداء.......
----------------------
بخطوات متعبه جر قدميه يلج لغرفة أخيه، جلس على الكرسى المقابل للفراش، أخذت عينيه تتفحصة ليه من رأسه لأخمص قدميه، سكنت مقلتيه عبرات حزينه على حاله المتعب الهزيل، شق صدره تنهيدات حارقه حسرةً على رفيق خذلته دروب الحياه، انتصب فى جلسته أخرج علبة سجائره أخذ واحده يتناولها تاره يستنشقها ويكتم دُخانها داخل صدره لتزيد من لهيب انتقامه، وتاره يزفرها لتتطاير فى الهواء ليعبق دخانها محيط مقلتيه لتصير غشاوة أمام عينيه يغيم داخلها يتمنى لو ما يعيشه غمامة صيف سوف تمرء وتعود حياة أخيه صافيه كما عهده به، وضع ساق على ساق وارتخى بجلسته يتكئ برأسه على مخدع الكرسى ينتظر لحظة إستفاقته.....
مضت ساعه و"فهد" على هذه الوضعيه، بدأ "ريان" يستفيق، اهتزت جفونه بثقل ليفتح عينيه، حاول أن يرفع رأسه ليعدل وضعيته، ألمه جرحه فأصدر تأوه على أثره استقام "فهد" فزع جثى جواره يحاول مساعدته....
حاوط فهد خصره وجعله يجلس وقام بوضع الوساده خلف ظهره وأراحه على مخدع الفراش...
هتف بحنو :
-- أقعد براحتك يا حبيب اخوك .. عشان جرحك ميشدش عليك....
ريان برأس مثقل وعقل مغيب هتف :
-- مين اللي جابني هنا يا فهد ..
قالها وهو يتجول بمقلتيه لأرجاء الغرفه ..
أجابه فهد بود :
-- أنا اللي جبتك هنا .. بعيد عن المستشفى وبيت العيله .. فى كلام بينا كتير عشان عاوز أعرف ايه اللي وصلك للحاله اللي أنت فيها دى.....
شحب وجه "ريان" وازدرد لعابه بصعوبه، أوهمهوه بالعدول خطأ بجلسته ليمسك بطنه بألم ويسعل بقوه واهيه حتى يثنى فهد عن مواجهته......
لم تخيل حيلته على "فهد" زوى بين عينيه هاتفا بمكر :
-- أيه يا"ديب" ما كنت فى المستشفى قوى وصوتك جايب آخر الدنيا .. هتنخ دالوقت وهتتعب .. شد حيلك ياراجل.....
زاغت مقلتي "ريان" وتلعثم الكلام على شفتيه....
جز فهد على نواجزه وأردف باستعلام :
-- من أمتي وأنت مدمن .. ومن أمتي وأنت بتاع ستات .. ومن أمتي بعدت عن أهلك أوى كده......
بروح متألمه فاضت مقلتيه بالعبرات، واستزاد من كلماته :
-- ليه ضيعت نفسك أوى ومشيت فى طريق اللي بيروح ما يرجعش...
أنهى كلمته وانهمر سيل ممطر من عيونه، وكأنه يغسلهم من بشاعة ما رأى عليه أخيه.....
الوجع ينخر روحه قبل جسده، بداخله حزن وانكسار عميق، كان قد تناسى حياته السابقه، لما عليه الآن تذكيره بها، رمقه "ريان" بألم يبادله سهام نظارته التى تجلده بلا رحمه.....
هذى يواسى نفسه :
-- فى عينى دمعه وفى قلبى جرح مصدرهم انت أخى....
شهق يستنشق أنفاسه، وتعانقت نظراته تحتضن أخيه بحسره وزخات عينيه فاضت تحفر على وجنتيه مرارة من صنع يديه....
ريان صاح باستهجان :
-- أنت آخر واحد في الكون من حقه يسأل الاسئله دى .. أنت فكرت في نفسك واتخليت عني عشان مستقبلك وبس.....
فهد باندهاش من هجوم أخيه عليه سأله باستفهام :
-- ليه أنا الوحيد اللي في الكون من حقي أسألك .. أنت طول عمرك ابني قبل ماتكون أخويا .. عمرى ما عملتك علي أنى أخوك الكبير .. ولا اتخليت عنك .. ارجع بذاكرتك ل قبل ما أسافر وأنت تفتكر كل حاجه .. طول عمرى في ضهرك .. كنت دايما اصلح أخطائك واتحمل كل مشاكلك .. أيه أتغير فيا أنا هفضل في ضهرك.....
تابع يوضح له حقيقة الأمر :
-- وبعدين يعني أيه مستقبلي اللي اتخليت عنك عشانه .. أنت عارف أنى سافرت بعد الحادثه اللي اتطريت أشيل فيها الكلي .. بسبب الرصاصه الطايشه .. وأمي هي اللي قررت تبعدني عن البلد وعن مصر كلها مكنش حد يعرف ان سفري بسبب الحادثه غيرك أنت وماما وجدتك .. واتفقت معاك أنك مكاني وأمنتك علي أخواتك البنات وعلي أمى يبقي اتخليت عنك أمتى .. لو أنت بتتهمنى أنى سافرت عشان اعمل مستقبل .. انا كان عندى استعداد اعمل مستقبلى هنا وكل الامكانيات كانت متاحه..
استطرد يسأله يضعه أمام نفسه ليعرى له سطحية تفكيره مردفا :
-- مسألتش نفسك أنا سافرت ليه أول ما اتعفيت وخرجت من المستشفى .. وليه سمعت كلام أمى وجدتى من غير ما أعارضهم......
قالها ودموعه تنهمر حزنا على ما وصلوا إليه وتابع بنبره حزينه :
-- بس صدقنى لو كنت أعرف أنى هرجع والاقيك فى الحاله دى .. كنت مخبيتش وقولتلك على الحقيقه من يومها .. على الاقل كان هيبقى لك عذر قدامى فى الحاله اللى انت وصلتلها .. بس للأسف رغم أنى حاولة أحميك أنك متعرفش الحقيقه .. رجعت لاقيتك مشيت في طريق الشيطان اللى كنت خايف عليك منه .. ولاقيتك اتخليت عننا كلنا قبل ما تتخلي عن نفسك ....
رد عليه ريان بسخريه لاذعه :
-- يااااه وياترى أيه سرك الخطير اللى خبيته عشان ميدمرش حياتى....
نطق كلامه واسترسل يتابع حديثه بغصه تذبح روحه :
-- وأنت ليه ديما مدى لنفسك الحق أنك تقرر بالنيابه عنى .. ما يمكن لو عرفت فى وقتها مكنتش وصلت للى أنا وصلتله دالوقت....
أجابه فهد بحده :
-- أنا لو رجع بيا الزمن من تانى مش هعمل غير اللى عملته .. أنت فى الوقت ده كنت عيل ملكش أى قرار....
زفر "ريان" بغضب وانتفض يعتدل رغم ألم جرحه، استند بجذعه يستقيم يهبط بقدميه أرضا، وقف أمام أخيه يلكزه بصدره هاتفا :
-- والعيل كبر وعايز يعرف السر العظيم اللى انت خبيته عشان تحميه يستاهل أنك تضحى بيا وتسافر......
اجابه فهد بمراوغه يتهرب من كشف الحقيقه الآن :
-- مش وقته لما تشد حيلك يبقى لينا كلام تانى .....
بخبث استغل "ريان" نقطة ضعف "فهد" واستحلفه بما لا يمكن أن ينكس له يمين وأردف قائلا :
-- ورحمة امك الغاليه فى قبرها لتقول دالوقت.....
ارتجف قلب "فهد" عند ذكر والدته المتوفاه، فالحنين دوما لذكرها لا ينساه، تناسى "فهد" ألم ريان ولكزه فى صدره قائلا بغضب :
-- بما أنك نقضت العهد اللى أنا واخده عليك بأنك متحلفنيش بأمى تستاهل تعرف حقيقة أمك......
اعتلت الدهشه على وجه "ريان" وانتبهت حواسه لما سيقوله، وبالاخص عند ذكر أمه، تيبث بأرضه وتلجم لسانه تحفزا لما سيقال.....
صاح فهد" بصوت شق صدر ريان قائلا
-- الحقيقه أن أمك قتالة قتله .. وده اللى كنت خايف لحسن تعرفه .. حاولت تقتلتى عشان صراع عرش عيلة الراوى اللى عندها استعداد تعمل أى حاجه عشان تقعدك عليه .. اللى اصلا هو مش فارق معايا....
وقع الخبر عليه كالصاعقه جعل جسده كريشه فى مهب الريح، أصبحت قدميه كالهلام خذلته ليتهاوى جاثيا على قدميه، أردف بنبره مهزوزه :
-- أنت كداب .. أنت كداب ..
ظل يرددها بذهول وانتهى قائلا :
-- أنا أمى تعمل أى حاجه غير أنها تقتل.....
عقب عليه فهد مؤكدا :
-- لأ حصل حاولت تقتلني وعندى الدليل .. أسأل جدتك وهى تحكى لك حقيقة اللى حصل.....
صرخ "ريان" بألم نادم على اصراره فى معرفة الحقيقه وهتف بضعف
-- لأ مش صح .. مش صح ..
على حاله هذى أكثر .. ندم أكثر
ولكن سبق السيف العزل أردف يلوم نفسه :
-- ياريتني ما عرفت الحقيقه ..
-- ياريتني ما عرفت الحقيقه......
اقترب منه "فهد" وجلس بجواره قائلا :
-- صدقنى أنا مكنتش حابب أنك تعرف . بس أنت اللى اضطرتنى اقولهالك وأنا عارف قد أيه أنت هتتوجع من معرفتها......
نظر له "ريان" بأسف قائلا :
-- بعد كل اللى عملته فيك لسه بتحاول تحمى ابنها بعد ما حاولت تقتلك ..
رد عليه "فهد" وهو يكفكف له دموعه :
-- أنت عبيط .. أنت ابنى قبل ما تكون أخويا......
عقب عليه ريان بشجن :
-- طب وهى ليه مفكرتش فى مصلحتى زيك .. أنت متعرفش أنا عانيت قد أيه وأنا كل يوم كلامها بيبعدنى عن عيلتى أكتر وأكتر.....
انهار ريان وانخرط فى موجة بكاء قاسيه يتصدع من أنينه الحجر :
-- أنا ما كنتش حابب أبقى مدمن وبتاع نسوان .. أنا كبرت لقيتك بعيد عني .. وأمي مفيش علي لسانها غير أنهم مش بيحبوك . بيحبوا "فهد" بس وولاد هنيه .. وأبويا ديما مشغول في حسابات المزرعة والمصنع وجدك بيكبر في ثروته .. وأمك عماله تلم في العيله..
شهق يتنفس بحرقه وتابع :
-- أنت عارف لما كنت أحب أقرب منهم أمى كانت تفضل تتكلم وتسم بدني بكلامها اللي بيقتلني.....
أكمل بقلة حيله :
-- كنت ديما اهرب من البيت عشان ارتاح من المشاكل اللى بين أمى وامك .. حتى فجر وزينه من كتر غبائى معاهم لما يحاولوا يهزروا معايا بعدوا عنى وخسرتهم .. بس غصب عنى كنت ببقى راجع قرفان بسبب شايل هم مرواحى للبيت وينعاد عليا نفس موشح كلامها بتاع كل يوم ..
انتحب أكثر وتلاحقت أنفاسه خافقه يقرع كطبول الحرب، فعلا حرب ما أقدم عليه فى ذاك الوقت حرب نفسيه سهلت عليه الانجراف فى تيار هوى النفس، وسوس له شيطانه بترك عائلته ومتاعبها وارتمى فى أحضان سهر الليالى والعربده....
صاح بنبره ممزقه خاليه من الروح :
-- أنا مكنش في حل قدامي غير الشارع .. هو الوحيد اللى ضمنى من غير ما يتعبنى .. ومن ساعتها ضعت وادمنت .. وأمى مشغلتش بالها تسأل بروح فين واحد منين اهم حاجه مكنش قريب من امك واخواتى وجدى وجدتى .. هى حست براحه فى بعدى وأن ده مكسب ليها .. وأنا فى دوامة مكاسبها خسرت نفسى وخسرت أخواتى وخسرتك وخسرت ثقت ابويا وجدى......
بهستريه استرسل بيأس :
-- عارف نفسي أموت وارتاح واريحكم .. عارف فكرت في الانتحار كام مره .. بس أنا ضعفت ومقدرتش حتي في دى فشلت فيها كمان......
من قال ان العين تفرز الدمع، الدموع الحقيقيه هى بخار الروح المتألمه، بكى بنحيب، بكى بانهيار، بكى بأنين، بكى بحسرات، تعددت الأسباب والروح تنزف على الأحباب.....
تقطع نياط قلبه على أخيه، الحزن يفتك بصدره وهو يراه ضعيف هش هزمته الحياه فى نفقها المظلم....
مد يده وجذبه يدخله صدره، احتضنه كالطفل الصغير، هدهده يمسد على ظهر، شدد على ضمه يشد من أزره ويحثه على التماسك وهتف بنبره يكسوها الحب والحنان :
-- أنت مخسرتش حاجه .. أنا جنبك وفى ضهرك .. وأى خساره هنحولها مكسب ......
قالها وأجهش بالبكاء لينخرط معه "ريان" ظلوا على حالهم قليلا، كلا منهم تنتفض روحه تلفظ ما بداخلها من ألم......
لحظات وابتعد عن حضنه يكفكف دموعه ويمسح على وجه بحنان، تقابلت عينيهم ليدعمه فهد مربتا على وجنتيه بإصرار :
-- انت هتتعالج وهترجع أحسن من الأول مليون مره .. وخليك واثق مش هتخلي عنك أبدا .. ومش هسيبك إلا لما ترجع أحسن من الأول مفهوم...
قالها واومأ برأسه يحث أخيه على الوثوق به....
ريان بعدم تصديق هتف :
-- بجد يعني مش هتسبني وتبعد عني .. وهتفضل جانبي...
تغيرت نبرته وتابع :
-- بس علاج الإدمان صعب وأنا خايف.....
فهد بتحفيز أردف يشحذ عزيمته :
-- أنت راجل وعصب وصلب عيله الراوى .. ومستحيل هتضعف وأنا جنبك....
قالها وبسط كفه كى يصافحه مصافحة وعد الرجال.....
نظر "ريان" ليده بتردد قائلا :
-- وعد أنك مش هتتخلي عني....
"فهد" لم يمهله فرصه للتردد جذب يده ووضعها بين راحتيه يحتضنها بحمايه معقبا عليه :
-- وعد أنى مسيبكش أبدا تاني .. والعمر كله احنا مع بعض .. الديب والفهد عالعهد ياصاحبي مش هيفرقنى عنك غير الموت .. قول يارب وربنا كريم مش بينسى عباده المخلصين فى التوبه......
لحظات صمت يتأمل فهد ملامح أخيه، فقد اشتاقه كثيرا، تبسم بغبطه لرجوع رفيق دربه لاحضانه،
انتبه فهد للوشوم المرسومه على جسده، نظر له مشيرا بعينيه هاتفا باستفهام :
-- أيه ده من أمتى وأنت بتدق وشم على جسمك.. مش عارف أن ده حرام.....
أجابه بخجل :
-- أنا كنت فى الفتره دى مغيب والدنيا كلها سودا قدامى ولما عملته كنت عاوزك أذكر نفسى أنك اتخليت عنى ودى الحاجه الوحيده اللى بتفكرنى كل ما أبصلها .. وحاولت أنتحر ومعرفتش .. قررت أن أوشم تاريخ سفرك على أيدى عشان كل ما أحن ليك .. افتكر قد أيه أنت وجعتني ....
قالها والتمع الدمع بعينيه، ضمه فى لصدره يمسد عليه قائلا :
-- عدى وفات واحنا ولاد النهارده
دعابه فهد مجددا :
-- بس راسم عنقاء ليه .. وياترى عارف معناها..
زوى ريان بعينيه هاتفا بمكر :
-- ايوه عارف معناها طبعا . ادعيلى تكونى اللى مدوخانى هى عنقائى اللى هتحيينى من جديد .. وانا بوشمها كان فى حاجه جوايا بتقولى أن هتيجى اللى هتنقذى من كل الضلمه اللى محوطانى ....
حك فهد ذقنه وغير دفة الحوار وهتف بمكر :
-- تمام ياديب .. يارب يبقى ليك نصيب معاها .. بس أنا عاوز أفهم إيه بقي المسرحيه اللي حصلت في المستشفى .. وأى عاوز تقتل أخوها .. وأزاى أصلا حاولت تغتصبها .. وأنت عندك بنات مخفتش من عقاب ربنا.....
حك ريان مؤخرة رأسه قائلا بندم :
-- أنا أصلا مكنتش هغتصبها .. أنا بس كنت هضغط عليها .. وهديها منوم واقولها أنى اغتصبتها عشان ترضي تتجوزني......
فهد بحيره هتف يستعلم :
-- وايه اللي ممكن يخلي بنت في الكون ترفض تتجوز ابن عيله الراوى.
ابتسم ريان بوجع مردفا :
-- بصراحه أنا عكستها زى أي بنت بعاكسها بس زودتها شويه عشان مكنتش عوزانى أقرب منها .. كان ردها ضربتني بالقلم .. وطبعا أنا مسكتش وحلفت أجيب وشها الأرض وأذلها .. ولما كلفت حد من اللي شغالين في المزرعة يجمع عنها معلومات .. طلعت عكسي في كل حاجه .. يعني تقدر تقول أنا الشر وهى الخير ..
غامت عينيه بوميض جديد عليه واردف بسعاده :
-- أنا انجذبت لها جدا .. ومن يوم القلم اللي ضربتهولي مقدرتش أقرب من أي ست .. وطبعا أنا لما كنت فى المكتب حاولت أقرب منها كان صدها ليا صعب .. ودماغها ذى الحجر ومكنش في قدامي غير الطريقه دى عشان ترضخ.....
فهد بهدوء أردف بتريث :
-- طيب أنت ترضي أنك تجوز أخت من أخواتك البنات لواحد في ظروفك .. طبعا أنا مش قصدى أجرحك بس عاوزك تفكر معايا ونلاقي حل.....
احتد ريان قائلا بعصبيه :
-- يعني أنا لازم أقتل نفسي عشان وصل بيا الحال لكده .. أنا حبيتها
انسابت دموعه تغزو وجنتيه واسترسل بألم :
-- أنا عاوز اتجوزها .. مش هلعب بيها .. هي الوحيده اللي هتقدر تطلعني من اللي أنا فيه .. أنا من ساعة ما شفتها وانا حاسس ان هى منقذتى من الهلاك اللى أنا فيه......
صرح بمشاعره وارتمى بحضن أخيه يطلب من الدعم والمسانده :
-- لو سمحت اقف جنبي متتخلاش عنى أنا عشقتها .. ومش هقدر أعيش من غيرها......
مسد فهد على ظهره قائلا :
-- بس انت لازم تصراحها بكل حاجه .. وتوعدني لو رفضت تسبها في حالها......
بفرحه خرج ريان من صدر أخيه هاتفا :
-- موافق بس توعدني انك متتخلاش عني وترجع ابويا واخويا وسندى.....
لكزه فهد بكتفه قائلا بدعم :
-- عمرى ما هسيبك تاني ابدا .. بس سبني أنا اتكلم معاها واظبط الدنيا ماشي.....
أومأ له ريان بسعاده يوافقه الرأى، حاول النهوض يستند بكفه على جزع أخيه، وصعد على فراشه، يريح جسده المنهك، يشرد فى من سرقت قلبه وعقله، ابتسم فهد على روح أخيه التى أشرقت من جديد على ذكر معشوقته، دثره وتركه يغادر يعد له أدويته وطعامه....
----------------------
اشتاقها رغم قربها.. افتقدها رغم لم ينصرم الكثير على رؤيتها.. ظل يردد بلسان قلبه.. أحبّك وبداخلي ألف نبضه تخاف فقدانك.. لقد نسجت لصورتك بروازاً من ضلوعي، وجعلت عيوني لها حُراساً، وقلبي لها خادماً، لو حاولت أن أصف لك ما بقلبي من حب لنفذت جميع أوراق العالم.......
مكث بملل يتطلع لساعة معصمه للمره التى لا يعلم عددها، زفر يبتسم كيف صار لا يستطيع إخفاء لهفته عليها، ملامحه لا تتوانى فى فضح مشاعره، قلبه لا يكف خفق عند التطلع لثغرها الضحوك، لسانه يتلذذ بنطق اسمها، همس يتذوق حروفها وكأنها معزوفه موسيقيه :
-- زينه أنتِ زهرتي، زمردة صولجان قلبى، و زمزم لعطش روحى وزاد حياتى، زُرقة سمائي فى عينيكِ، وزورق نجاتي بين يديكِ.....
تنهد بسعاده تمطع باسط زراعيه يفك تيبس جسده فهو جالس قرابة الساعتين، شد مكابح السياره، وأشعل الماتور، يمسك عجلة القياده ليتحرك قليلا من مكان وقوفه فهو كان يصطف بعيدا نظرا لزحمة المرور.....
وصل عبدالله أمام مركز الدروس، شاهد أحد الشباب يعاكس زينه، وفجر تقف بجوارها يصرخون عليه....
أتى من خلفهم بصوت جهورى مردفا بغضب :
-- أنت يالا بتقول أيه......
استمعت زينه صوته فرحت وهرولت تجرى تقف ورائه تتمسك بقميصه، أغمض عيونه من فعلتها، أنتشه من حركتها يردد لنفسه :
-- أمانها أنا .. سندها أنا......
بسماجه هتف الشاب :
-- وأنت مين عشان تتكلم معايا أصلاً ... أنهى كلمته بحركه وقحه
اغتاظ عبدالله من فعلته وهتف من بين أسنانة :
-- أنا ياروح أمك هاقولك...
قالها واستدار يعطيها مفتاح السياره مردفا بأمر :
-- ادخلي واقفلي علي نفسك أنتى وأختك........
زينه بخوف :
-- لا يالا تعالا معايا مش هينفع اسيبك لوحدك .. ده عيل صايع ملكش دعوه بيه....
احتنق عبدالله من كلمتها هل تستصغره صاح بغضب :
-- أنتي سمعتي أنا قولتلك أيه....
لفظ كلمته يصرخ عليها :
-- يالا علي العربية عشان ميطولكيش غضبى.....
التف له بعيون تطلق سهام ناريه، شمر عن ساعديه، يطقطق رقبته بغيظ لتبرز نافره عروق رقبته، عَلِقْ مع الشاب بتهور، كور قبضة يده وناوله بوكس فى عينيه التى استباحت النظر لها، أرجع رأسه للخلف وبحركه مباغته صطدمه فى منتصف جبهته ارتج على آثارها يترنح بوقفته، لم يشفى غليله بعد جذبه يمسكه من تلابيب ملابسه يبرحه ضربا، يكيل له صفعات وركلات وكأنه كيس ملاكمه.....
ارتعبت فجر من هيئته وعقبت بخوف :
-- عجبك كده أنا قولتلك نمشي ونخلص ناخد تاكسي يروحنا .. عجبك كده لو حصل له حاجة هتعملي أيه........
زينه بعفويه وكأنه لا توجد حرب ضاريه تقام بسببها :
-- كان قلبي يقف فيها بعيد الشر عليه .. عبدالله ده خطف قلبي .. تعرفي أنا لما أروح هخلي هنون تروح تخطبهولي .. بس هو يطلع منها علي خير....
صفقت فجر بتهكم :
-- أنتى انهبلتي يا بت .. مين اللي بيخطب مين .. ياخربيتك .. شكلك انهبلتي علي الآخر.....
زينه بهيام :
-- قصدك شكلي طبيت في حبه .. ما هو ده اللي أنا قرفاكي بيه من يوم ما شفته وانا بعدل طرحتى فى شباك عربيته وهو كان جواها.......
زمت فجر شفتيها بامتعاض :
-- هو دا اللي ملكيش كلام غير عليه ناقص ينزل من حنفيه الميه .
انتهت الحرب الدائره بين "عبدالله" والشاب الذى تطاول وعاكس فتاته، والتى بالتأكيد حُسمت للعاشق المتيم بذات الثغر الضاحك، التف وعاد بأدراجه لها، شاهدها على وضعها لم تمتثل لما أمرها به....
بعصبيه صرخ عليها :
-- أنتي لسه واقفه هنا ليه مش قاعده في العربيه...
زاد من انفعاله قائلا :
-- اخلصي متعصبينش انا على أخرى منك......
زينه ببلاهه تتحدث والضحكات تأخذ مجراها من بين شفتيها :
-- أنت مجنون يالااااا .. هتنسي نفسك وأنت بتتكلم معايا .. أنت عارف أنا مين......
ألقت حديثها الأرعن ولم تحسب رد فعله، هيئته دبت الرعب بقلبها، ازدرت لعابها بتوتر هاتفه :
-- وبعدين أنت مالك .. هم عكسوك أنت .. دى عيال عندها نظر بتقدر الجمال....
ويحك يالك من غبيه اصمتى، الأسد الآن جائع يود لو يلتهمك حيه لما تفوهتى به سابقا، تأتى بكماله لحديثك السخيف لتزيدى الطين بله......
استشاط عبدالله غيظا، حدقها رافعا حاجبيه، يقطم على باطن شفتيه بنزق، ربع يده على صدره يسلط نظره على محياها الصبوح هاتفا :
-- بقي أنا معرفش أنتى مين ..
آه قولتيلى ..... لفظها بتهكم ساخر
طقطق رقبته باستنكار
-- وكمان بتقولي يالاااا .. صح ما هو أنا مش مالي عينك .. والشمامين دول بيقدروا الجمال .. آه ما الهانم قمر وفرحانه بنفسها.....
أتبع كلماته بخطوات متمهله اقترب منها وعبق أنفاسه تضرب وجهها، ارتبكت واختلجت عينيها ترفرف أهدابها باضطراب.....
زينه بتلعثم تحدثت بقوة واهيه :
-- أنت بتعمل كده ليه .. عارف لو ضربتني هضربك بالكتاب ولا هرميك بطوبه....
قالتها ونظرت ل فجر تستغيث يها
-- الحقيني
بالأساس "فجر" مصدومه من جرأته .. ولكن تفهمت أنه يحبها .
رفعت فجر يدها باستسلام قائله :
-- وأنا مالي اتصرفي أنتى ياختي...
تملصت منها وفتحت كتابها تُمثل أنها تطلع على شئ ما....
عبدالله بخشونه صعيديه أردف غاضبا :
-- خلصتي خربطه كلامك عاد..... عفارم عليكي يا چميله الچميلات....
لفظ بها وقطب حاجبيه باستياء :
-- أنتى فرحانه بنفسك يا بت .. نهارك مغفلج مش هيعدى بالساهل....
نطق كلماته بـ لكنته التى تخرج وقت غضبه، مكنون شرقى لرجل صعيدى حر يغير على عرضه، ومن فرط كبت غيظه حتى لا يحطم رأسها، كور قبضة يده يخبط العربه ينفس فيها غضبه وتابع حديثه :
-- وبعدين ياختي عاد من جهة أنتى مين .. أنا عارف أنتي مين كويس .. بنت ناس محترمين وكبار البلد .. وعشان كده مش لايج عليكى مسخرة البنات ولا دلع البنته، جصاد اللى يسوى وميسواش.........
ذُهِلت عندما سمعت تحول لكنته، ومضت عينيها بفرحه، عندما استشعرت فيه قوة جدها وخوف أبيها، زادت خفقاتها من تبدل حاله من رجل رومانسى لرجل همجى......
عقف حاجبيه بسخط يفسر دهشتها خطأ على أنها تستهين بكلامه، رمقها بتحدى ألا تنصاع لحديثه تابع إلقاء تعليماته بأمر :
-- فهمتي يا جموره . وخدى عندك بجى عاد يا حلوه .. معدتش رجلك تعتب السنتر دهوه .. أجولك الأحلى كومان مش هتخدى دروس تاني .. أنا اللي هديكي الدروس .. وإياكِ أشوف شعرك باين من الطرحه أو ماشيه تضحكي لأي دكر .. حتي لو دكر بط يا حلوه.....
جحظت بعينيها من بربريته معها، أرادت التكلم، قاطعها قبل أن تنطق
-- متبصيش كده ويالا علي العربيه متنحيش......
بغيظ من روعنته معها أدعت "زينه" عدم الفهم وهتفت تصيح بعصبيه :
-- هو أنت ليه بتعمل كده أصلا .. هو أنت مين عشان تتحكم في حياتي .. أبويا أخويا خطيبي حبيبي.....
تفوهت بالأخيره عفوياً لتصاب بالخرص، وضعت يدها علي فمها، تنحسر ملامحها كسوف وخجل، ترقرقت دمعاتها ودت لو تنشق الارض وتبتلعها من اندفاعها.....
على نقيض حاله منذ هنيهه، عبراتها أشعلت صدر العاشق المتيم، ليرق قلبه، اقترب منها بحنو، وابتسم يرفع ذقنها لتقابل مقلتيه التى تشع بحبها هاتفا :
-- أهدى.. أنتى حبيبتي وروح قلبي اللي من نظرت عيونها جننتني .. أنتى الحلم اللى ملازمنى فى صحوى ومنامى واتمنيت أنه يتحقق .. أنتى دونت عن بنات حوا اللى دعيت ربنا أنه يجمعني بيها.......
لم يمرء وقت بنفس اللحظه تلبسه عفريته مره أخرى، واختفت الابتسامه من على محياه، وأردف بانفصام شخصيه يسترسل :
-- وأول يوم عرفت هي مين .. الاجي عيال شمامه بتعاكسها والهانم مبسوطه ..
ويحك "عبدالله" إذا كانت "زينه" مجنونه فأنت طمعت بالجنان ذاته، تنهد براحه وتحولت نبرته لعذوبه يبوح بمكنون عشقه
-- عرفتي يا نبض قلبي أنا مين .. عبدالله عاشق ولهان .. دايب في نظرة عيونك .. أسير لضحتك الحلوه ..
أتبع إفصاحه عن مشاعره، يعلنها لها صريحه :
-- بحبك .. وهطلبك للجواز .. وهفاتح "فهد" فى الوقت المناسب عشان ياخد معاد من عمي...
أنهى كلامه يسألها رأيها
-- هاه قولتى أي...
رفرفر داخلها كالفراشات فرحه أنه يبادلها نفس المشاعر، سعيده أنه خليفة جدها وأبيها فى حنيتهم وخوفهم، هى حقا أحبته بات وصاله مبتغاها منذ أن رأته أول مره......
ولكن يالها من لئيمه ماكره أحبت تثير حنقه بسبب همجيته معاها، أردات أن توتر أعصابه عندما توهمه بعدم اللامبالاه لمشاعره، ولا تظهر له حقيقة شعورها تجاه.........
على الرغم من تورد وجنتيها واضطراب مقلتيها حركت كتفيها فى حركه طفوليه لأعلى وأسفل، مع زم شفتيها لتبين ازدراءها من الفكره...
هتفت بميوعه :
-- أنا لسه صغيره .. وبعدين مين قالك أنى لما أحب اتجوز هتجوزك أنت .. ليه مستغنيه عن نفسي .. أيه يجبرني أتجوز واحد عيونه بتنور في الشمس وكل البنات هتبص عليه .. وكمان عنده عروق في ايده يعني بطل .. وشعره حلو ويجنن .. يعني كل اللي بتمناه في فتي احلامي الاقيه فيك .. يا خرببتك أنت قمور أووووى......
قالتها بارتباك لتصحح مقصدها
-- لأ قصدى أنت وحش أوى ومش عجبني .. أنا اتجوزك أنت .. أنت
نطقتها وهى تشير بأصابعها ترفع كتفها بازدراء مخادع لما تشعر به هاتفه بامتعاض :
-- وبعدين أنا مش عاوزه اتجوزك أصلا .. أنت متعجبنيش همجى وبربرى...
ثقلت أنفاسها من لخبطة كلامها، ارتبكت ودفعته بكتابها تلكزه بصدره هاتفه باندفاع :
-- انسي يا بابا أنك تتجوزني .. نجوم السما أقربلك....
استدارت سريعا تهرب من أمامه، هيمنة اللحظه عليها تود لو لها الأحقيه أن تجرى ترتمى بأحضانه تستشعر حقيقة ما تحسه، فتحت باب السياره لتصعد ولكن استوقفها صدوح ضحكاته الرنانه
هو كحالها ماكر تفهم عليها ما تشعر به، تعرف على دواخلها من لخبطة كلامها، أدرك أنها معجبه به من ارتباكها وتورد ملامحها، رفع حاجبيه يجابه كسوفها بتسليه محببه لقلبه مردفا :
-- مش هحسبك علي كلامك دلوقت .. بس أنتى سمعتي أنا قولت أيه .. وزينه الشطوره هتعمل أيه وهتنفذه...
وكعادته منفصم الشخصيه بصوت عالي صاح عليها :
-- انطقييييييي
دبت بالأرض كالأطفال هاتفه من بين أسنانها ولكن سعادة الكون لا تسعها من حبيبها الغيور
-- مش هاخد دروس في السنتر .. ومش هبين شعرى من الطرحه .. ومش هتكلم مع أى حد .. ومش هضحك تاني في الشارع .. وأنت هتديني كل الدروس في البيت......
كانت تتحدث وهى مطأطأه رأسها أرضا خجلا منه...
أشاد عبدالله عليها وكأنها طفله :
-- شاطره يا جميله الله عليكي وانتي بتسمعي الكلام ومؤدبه كده .. أنا بحبك وأنتي بتسمعي الكلام .. وعشان أنتى شاطره هجبلك مصاصه وحاجه حلوه.....
رفرفت أهدابها دهشه من تعامله معها كالطفله، صدحت ضحكه غناء يفتن بها القديس.....
صاح بغيظ
أيه ياحلوه أنت نسيتى أنا قولت أيه .. يالا علي العربيه ..
ياخربيت أم ضحكتك ..
اقتربت فجر منها ولوت ثغرها هاتفه بسخريه :
-- يا خربيت أم هبلك أنتي وهو ليقين علي بعض .. بيغير عليكي نار .. وبيتحول زى أمك لما بيتعصب لسانه بينطق صعيدى .. شكلها أيامك هتبقي مرار طافح زى ما مرات ابوكي ما بتقول......
أخفت زينه وجهها وراء كتابها، وضحكت هاتفه :
-- بس عجبني وهموت علي أمه .. وياريت يتجوزني ونعمل فرح علي طول ونخلص .. وبدل ما يذاكر لي في بيتنا يذاكر لي في بيته.....
صعدوا السياره وكلا منهم همهمات دواخله تزيده شغف بمعشوقه
ظل عبدالله يتطلع لها بمرآة السياره، ليمد يده يداعب حواسها بأغنيه لأصاله، وكأنها رساله فحواها مقصود حتى تهدئ من أى صراع يحاك داخلها نظرا لصغر سنها عنه....
-- أنا حبك أنا صاحبك أنا عقلك وتفكيره.......
منا منك وروح قلبك وأخوكي لما تحكي له......
أنا فرحك ألم تعبك......
أنا في كل اللي بتحسيه.....
حاسس بيكي منا إنتي......
بادلته النظرات لتلمع عينيها تومض بكسوف من شقاوته وهو يغمزها بطرف عينيه، وهمسات شفتيه وهو يردد كلمات الأغنيه، فكره جريئه سيطرت عليها ماذا سيحدث لو قبلته....
استفاقت على لكز فجر لها تميل عليها تدنو بجوار أذنها هاتفه بحنق :
-- شكلنا هننضرب بالنار .. وهيخلصوا من القمور الحلو بتاعك ده قبل ما يطلب أيدك.....
----------------------
غرفه تحتوى جدرانها على الدفئ والحنان،، يشملها الحب والأمان،، يتبدل حالها كفصول السنه، فصل كالربيع فرح سعيد بالوصل والوداد ولمة الأحباب،، وفصل كالخريف رياح وزوابع يأتى يختبر قلبها وقوة صبرها،، عواصف تهب لتتساقط مشاعرها كأوراق الشجر،، تبكى وتشتكى تعجز عن الهدوء يرهقها صمت ما تخفيه،، مشاعرها خصبه كلما كبرت زاد معها غيرة العشاق......
أنين قلبها الصامت يأبى أن بيوح بالألم،، فهذا قدرها لن يتبدل منذ أن حظيت بحبه فى كل مره يعاد نفس الفصل بنفس الألم،، لتعصفها الرياح فتأخذ من صبرها حتى أصبحت كأشجار الخريف.......
هى الآن تطلب الرحمه لروحها التى أرهقتها الدنيا فكتمت،، وأوجعتها الحياة فابتسمت.....
تتسطح على مخدعها بأوصال مرتجفه،، طغيان الأفكار وتسارعها،، أدت لهلوسات لا تستطيع التحكم بها ،، حرب مستعره شُنت عليها من قِبَل عقلها وقلبها......
هذت "هنيه" باكيه :
-- عقلها
هو عمره ما حبني
-- قلبها
لا هو بيحبني ..
بشوف ده في عنيه لما بتلمع أول ما يشوفني...
رعشت شفايفه وأنا جنبه....
حضنه اللي بهرب فيه من وجع الدنيا.....
أخذت تبكى وتنتحب وتتعالى شهقاتها المتألمه من وجع روحها وأنين قلبها.....
استمع سعد لهذيانها،، استقام بغصه يتسطح جوارها،، بسط يده وجذبها يحتضنها من ظهرها،، تلمس وجنتيها يكفكف عبراتها المنسدله من عينيها......
بنبرة صوت مرتعشه همس فى أذنها :
-- معقول مبحبكيش أزاى .. أنتى حبك بيجرى في دمي .. أنا أتخلى عن عمرى وقلبي والنفس اللي بتنفسه ولا أبطل أحبك ..
عارفه يا هبله حبك بيكبر مع كل يوم أنا بكبر فيه .. حبك في قلبي بيزيد.......
استزاد من ضمها ليجعلها تستمع لدقات الطبول التى تقام بخافقه حزنا لأجلها،، كم ود لو شق أضلعه وأسكنها داخله،، لتهدئ سريرتها وتطمئن أنها ضلع مكمل لضلوعه،، دفن وجهه فى تجويف رقبتها وهتف يبوح بأسرار عشقه لها :
-- أقولك سر أوقات بكتشف أنى بحبك أكتر من ولادى عوزه أيه أكتر من كده ..
استرسل يبث شغفه بها :
-- بحسك بنتي وأختي اللي اتمنتها .. وصحبتي اللي بتفهمنى لما أفضفض معاها .. وعَشقتي اللي بتريحني .. وأمى اللى ديما شايله همى.....
آه مكتومه مزقت أحشائها،، الراحه له والتعب لى .. الفضفضه له والتكتم لى .. العشق له والغيره لى....
ردد ذهنها بتساؤل ومتى يكون كل هذا لى؟؟!!.......
واصل بث عشق مؤكداً :
-- يا هبله أنتى نن عيني وكياني .. ومفيش قوه علي وجه الأرض تقدر تبعدني عنك .. وبعدين هي عملت كده عشان تخليكي تزعلي ليه تدلها الفرصه......
التفت هنيه في حضنه لتتقابل عينيها الدمعه من نفاذ صبرها،، بعينيه المشتعله ألم على حالها....
وضعت راحته على خافقها هاتفه بقلب عاشقه أرهقها الصبر :
-- عشان ده عايش عشانك أنت بس.. أنا نار بتولع في قلبي لما بتبقي معاها ..
تركت يده واعتدلت تجلس على فراشها،، ضمت ساقيها لصدرها،، وحاوطت جسدها بيدها،، وتلبستها روح يائسه....
هتفت بقهر :
-- 20 سنه مش قادره أتعود علي أنها مراتك .. بغير عليك كأنها أول مره تبقي معاك ..
بلكنتها التى اكتسبتها من خلال معاشرتها لهم،، والتى لا تتلفظ بها الا اثناء غضبها،، ولأول مره ستتحدث بها معه،، أردات أن توصل له معاناتها بلهجه يتحاكى بها حتى يستشعر صدق ما ستقوله.....
فكت وساق يدها والتفت له تطالعه بعيون فاقده للحياه بنبره مهزوزه هتفت بمراره :
-- أول مره هتسمع منى الكلام ده .. حاولت أداريه كتير عشان متتوجعكش قولت كفايه واحد فينا موجوع عشان حياتنا تمشى .. أنا اتعلمت العشج على أيديك وبجيت أنت كل دنيتى .. حجيجه واضحه زى عين الشمس كتمتها جوايا وأنت كنت بتحسها مع كل يوم عشجى ليك بيكبر غيرتي وجهرتى بتزيد .. كنت بدارى وجيعتى من وجودها فى حياتك عشان مشتتش حالك أكتر .. وعشان ديما مسيطر عليا أن أنا اللى دخيله على حياتكم .. كنت بهون عليك وجيعتك منها .. وأنا من جوايا بتجطع لما ألاجيك داخل جاعتها وخارج متسبح ومغير خلجاتك .. بصبر نفسى أن ده طبيعى وحجها فيك زى بالظبط وأنا من جوايا الصبر أبعد ما يكون منى .. بشوف خوفك من غضب ربنا وكنت بجوى حالى عشان مشيلكش وزر معصيه .. وفى كل مره كنت ببجى عايزة أعتب عليك لأمتى هترضى بالهوان ده وأجول اسكتي عشان خاطر ابنه اتكحلى بالصبر لحد ما ربنا يأذن بالخلاص ..
سالت عبراتها كزخات مطر محمومه فاضت لتعلن عن انهيار روح الأنثى داخلها،، ابتلعت غصتها المريره وقررت أن تعلنها صريحه لعل وعسى يرأف بحالهم ويغير قدرهم فهو الوحيد الذى بيده الخلاص.......
من يسمعها الآن سيدرك مدى التصدع الذى يجتاحها كى تصل لأعلى قمم اليأس والفشل فى استمرار حياتها على نفس المنوال،، بات سقوط علاقتهم أمر على المحك......
تنهدت بسأم ولم تستطع ملاقاة عينيه وهى تخبره بنفاذ صبرها،، استدارت لجهه معاكسه هاتفه بأنين يذبح روحها :
-- انا عارفه أنى إللى هجولهالك ياسعد ممكن يضايجك بس مجدميش حل تانى غير أنك تسمع وجيعتى....
زفرت بحسره وقلة الحيله تكتف وثاقها هاتفه بحنق :
-- جبل صبرى مع كل مره بتروح عندها بتاخد منه حجر .. لحد مصدع جوايا وساب شروخ بجت صعب تترمم.......
أجهشت بالبكاء واستطردت بعذاب :
-- شجرة صبرى اللى رويتها بروحي .. وَرَجْهَا فضل يسجط لما روحى جفت ونشفت...
صرخت تعلن الحداد على صبرها :
-- أعذرني ياسعد صبرى خلص.....
أنا بقيت عايزة فوق صبرى صبر.....
غصب عنى أنا بحبك أووووى يا سعد.....
قالتها وأجهشت فى بكاء مرير،، شهقاتها عززت أنين قلبها،، ونحيبها وساها وأخذ معها العزاء فى نفاذ صبرها.......
حسره دهست قلبه من كلامها،، أشعلت نار تحت الثرى مدفونه،، لم يتخيل يوما أن يأتى عليه ويعيش لحظة كهذه معها....
انتفض وهم واقفا،، التف وذهب للطرف الاخر من الفراش وقف أمامها،، رفع عضدها يضغط عليه بقوه،، ينظر لها بعيون يتطاير منها الشرر.....
صرخ عليها بغضب :
-- معناته ايه كلامك .. خربطة كلام أيه اللى بتجوليه عاد .. وضعنا مش جديد .. جايه بعد العمر ده كُلياته وتجولى صبرى نفذ ..
نفض يده عنها وارتد للوراء يستكمل بمراره :
-- لما أنتى صبرك نفذ أومال أنا اعمل أيه ياللى شايل جبال على جلبى بجالى سنين .. إياك هوين عليا اتجوز تلت حورمات واحده تموت وتسيب لى رضيع .. والتانيه شرها أكتر من خيرها .. والتالته كانت عوض السنين وعشجها اتملك من جلبى وجايه دالوك تخيبى وتجولى صبرى نفذ ..
تطلع لها بنظرات محذره وبلهجه حاده أكمل حديثه :
-- شوفى يابنت الناس لو عيزانا كل واحد فينا عشجه للتاني يجويه زى ما كنا .. يبجى تشيلى حديتك الماسخ ده وتفوجى منه .. ولادك بجوا طولك .. انهبلتى إياك ياهنيه.....
اختلجت نظراتها بتيه واصطكت على أسنانها بغضب،، ارتعش جسدها لتقبض بكفيها تتمسك بغطاء الفراش تستمد منه اتزانها،، رمقته بنظرات مذهوله لا تستوعب ما قاله،، هل يساومنى على صبر السنين،، أو يخيرنى بين البقاء و الرحيل....
انهارت صارخه :
-- أهوو جه اليوم اللى كتت خايفه منه .. جه الوقت اللى تخيرني فيه بين عشجى ليك .. وموتى فى بعدك
تجمد بأرضه واضطرب من هيتئها،، يوجد بداخله أطنان من الغضب لو أطلقها لتهاوت صريعه بأرضها وانتهى العشق بينهم،، ابتلع غصته يحاول لملمة جروحها...
تحامل على نفسه وتابع باللين يجبر بخاطرها :
-- ده أنا اللى بواسى حالى بيكى .. تيجى دالوجيت وتجولى مش هكمل .. طب ايه اتغير يابنت الناس
.. طول عمرك بتستمدى صبرك من حنيتى عليكى .. وأنا بستمد صبرى من وقفتك فى ضهرى .. طول عمرك سند ليا....
عقبت عليه بشجن :
-- أنا تعبت .. وحياتك عندى تعبت .. قالتها وهى تستند بجبهتها على خاصته....
صدم "سعد" من انهيارها الجديد عليها،، لأول مره يرى تصدعها بهذا الشكل،، كعادته هين لين معها،، فهى لم تغرم به من فراغ،، فهو دوما القوى الذى يلين لأجلها......
رق قلبه لها جذب رأسها يمسد على شعرها هاتفا بحب :
-- وحياة "سعد" لتهدى .. أنا عمرى ما شفتك بالحاله دى .. "سعد" ملوش غيرك يابت..........
سطحها وصعد جوارها أخذها فى أحضانه يربت على ظهرها بحنو،، وهى شهقاتها تضرب صدره بحراره حارقه،، حاول تمالك نفسه من الخوف والفزع المسيطرين عليه من فكرة فقدانها....
هتف يواسيها
-- أنا معاكى ومش هسيبك أبدا.. أنا ماليش غيرك .. نامي يا نن عيني ومتفكريش فى حاجه ..
استزاد من احتضانها،، يوزع قبلات متلهفه على عينيها ووجنتيها وشفتيها،، مع كل قبله يتأكد أنها بين يديه، لن تذهب وتتركه وحيدا......
ظل يفكر هل من آخر لعذاب مكيده لهما؟؟!!.........
--------------------------
بجنون العظمه هبطت مكيده تتجول بعينيها ومظاهر الابتهاج مرسومه على ملامحهما، تريد أن ترى نتاج فعلتها،، اصطدمت عينيها برؤية الحجه راضيه تجلس وحدها فى قاعة الجلوس العائليه...
هتفت باستهزاء :
-- أومال "هنيه" فين أكيد جالها سكته جلبيه .. ولو نفدت منها تبجي انتحرت ...
قالتها وأكملت باستغراب :
-- بس غريبه مسمعتش النسوان بتصوت عليها....
باستعلاء جلست تضع ساق على ساق وتابعت :
-- هو صحيح ليها حد عشان نعمل لها صوان وناخد فيها الخاطر .. يالاا الله يرحمها كانت وش نصايب .. أهووو كده بجي كل يوم أعمل ل "سعد" عروسه وأرجع أيام سعدنا تاني .. بس لما يرجع من المقابر..... نطقت كلامها بصوت مسموع وهى تضحك بسخريه كى تثير حنق الحجه راضيه.....
ضحكت الحجه راضيه ترد على سخريتها هاتفه :
-- أنتي انهبلتي يا "مكيده" يامكوسه يا وش البومه .. "سعد" مين اللى فى المقابر كفى الله الشر .. ده طلع ينضف القرف اللي عليه من الليله اللي نامها عندك في أوضتك .. وشغل النسوان الفاجره اللي أنتي منهم .. والعلامه اللي علي رجبت ابني متجلش منيه يا خيبه .. دى بتسبت أن ابني سيد الرجاله وبيعرف يمتع ست اللي معاه.....
اغتاظت مكيده لتلاحقها الحجه راضيه برد يقصف جبهتها :
-- و"هنيه" انبصت لما شافت العلامه وجلتله لو "مكيده" مش مكفياك أجوزك اتنين كمان المهم تكون مبسوط .. أصل اللي زى "هنيه" أهم حاجه عندها اللي يحبه يكون سعيد حتي لو مع غيرها......
تابعت ترد لها كيدها فى نحرها :
-- عارفه يا"مكيده" رد "سعد" كان أيه.....
قالها لو اتجوزت ستات الكون مفيش حد بيسعدنى غيرك حتي لو بنظرة من عيونك....
أكملت إغاظتها هاتفه :
-- مش بعيد تكون بترجص له فوج دالوكت...
أنهت كلامها ونادت علي الخادمه "
-- بت يا بهانه... أنتى يابت
هرولت بهانه تهتف باحترام :
-- أمرك نعم يا ستى الحجه أؤمريني.....
رسمت الحجه راضيه ابتسامه عريضه وعيونها تلمع بالفرح هاتفه :
-- أول ما تشوفي سيدك "سعد" وستك "هنيه" تزغرطي .. وتجيبي جردل ميه .. عشان لما ستك مكيده تولع تطفيها......
قالتلها وهى تنظر بتحدى ل مكيده ألا تجهد حالها فى تصنع البرأه فهى على علم بما يحاكيه عقلها.......
بادلتها مكيده النظرات وهى تموت غيظا تهز ساقيها بتوتر لا تستطيع التلفظ بحرف رفعت حاجييها باستعلاء تنفخ أوداجها بغضب
رمقتها الحجه راضيه باستهانه وهتفت تستكمل أوامرها للخادمه :
-- ابعتيلي بت من البنات تطلع تكبس رجلي أصلها بتوجعني .. والجو هنا بقي خنجه .. وبلغيني أول ما البنات ترجع من بره أو ستك هنيه تنزل.....
بطاعه أجابتها بهانه :
-- حاضر يا ست الحاجه يالا أتسندى عليا عشان أوصلك أوضتك
قالتها وأخدتها تصعد للأعلى تاركين حيه رقطاء تتصيد الفرص للانقضاض عليهم......
رواية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
--------------------
ما الفائدة من إغلاق الأبواب إن كانت روحي عالقة على جدران قلبك......
انتحب بانهيار يسب غباؤه الذى أضاعها منه، تيبث بساعد شقيقه يحثه على الذهاب ورائها، ليستقطبها للعدول عن موقفها، وافق شقيقه على تنفيذ طلبه، وسطحه بهدوء، واستقام يلحق بها قبل أن تغادر......
خرج مندفع من باب الغرفه، تجول بعينيه فى المكان يستطلع وجهتها، شاهدها تستند على الجدار تبكى بنحيب على كتف شقيقتها، ذهب نحوها يشفق على حالها......
بتريث هتف يعتذر :
-- حقك عليا ياآنسه بسنت .. صدقينى هو ميقصدش اى كلمه من اللى قالها .. هو متهور كلام وبس .. مش هيعمل حاجه .. ده مريض وليس على المريض حرج .. بكرا تشوفى لما يخف ويتعالج .. هتلاقى شخص جديد وهيجى يعتذر منك على كل اللى عمله معاك ..
نظرت له "غمزة" بغضب، بينما "بسنت" رفعت رأسها من على كتف شقيقتها وابتلعت شهقاتها وأجابته بوهن :
-- أرجوك يا أستاذ فهد عشان خاطر ربنا خاليه يبعد عنى .. أنا مأذيتهوش ليه عايز يأذينى .. اعتبرني زى أختك وأبعده عنى .. كله الا أخواتى أنا أموت ولا حد من أخواتى يتأذوا بسببى.....
قالتها وتعالى بكائها من جديد...
عبست ملامحه بضيق من انهيارها، لعن أخيه على تهوره، كيف للمحب أن يأذى محبوبه....
كتم نفسه وزفره دفعه واحده وأردف مهدئا لها :
-- يعلم ربنا أنى اعتبرتك زى أختى .. واستحاله أقبل ليك بضرر بأى شكل من الأشكال .. أرجوكى أهدى واتماسكى .. وأنا هجيبلك حقك منه .. بس بلاش تسرع وموضوع تسلمى نفسك للشرطه .. انسيه خالص .. بلاش تشوشرى على نفسك .. "ريان" مش هيعمل حاجه .. ده تهديد مالوش لازمه .. حلاوة روح .. يعنى أول بنت ياستى ترفضه ومحموق على كرامته...
قال الأخيره بدعابه ليفك عبوس وجهها.....
ناطحته غمزة بنظرات يتطاير منها الشرار....
ازدرد لعابه بيأس لا يعلم كيف يراضيها......
حول نظره ل بسنت قائلا بلطف :
-- وعد لاخلصك من الكابوس ده قريب جدا .. اصبري معايا ريان يسترد صحته .. وبلاش تصرف متهور .. والصفحه دى هتتقفل نهائى.......
استنشقت أنفاسها براحه بعد حديثه الذى استشعرت به الصدق، أومات له بالموافقه، واستأذنت تغادر لا تستطيع الصمود أكثر من ذلك، تفهم عليها وودعها، بينما بينه وبين غمزه نظرات تقتل كالرصاص، لولا انهيار شقيقتها لكالت له من الكلمات ما يدمى القلوب......
-----------------------------
رجع أدراجه لغرفة أخيه، وجده بين اليقظة والنوم، اقترب منه يمسد على شعره بحنان أخوى يمده بالطمأنينه ويشعره بالأمان الذى يفتقده، استمع لدطرقات على الباب، تعالى صوته وسمح للطارق بالدخول، كان الطبيب أنتهى من إجراءات الخروج دلف ومعه الطبيب الذى امر به فهد.......
تحدث الطبيب يعرف فهد هوية الطبيب الذى سيرافق ريان ليباشر جرعات علاجه :
-- أحب أعرفك يافهد باشا ده دكتور "حسن" اللى هيباشر علاج "ريان" باشا فى البيت، وانا عرفته الحاله وحطينا سوا برنامج العلاج اللى هيمشى عليه عشان نتفادى ألم نوبات انسحاب المخدر من جسمه....
أومأ له فهد بالموافقه هاتفا بامتنان :
-- تمام يادكتور شاكر جدا لتفهم حضرتك .. أنا هغير له لبسه وهنمشى دالوقت....
تركه الطبيب وغادر، واستبقى جواره دكتور حسن يساعده فى ابدال ملابسه، ليتهيأوا للمغادره
---------------------------
مرء القليل من الوقت لتصطف سيارتهم تحت البنايه التى كان يقطنها فهد سابقا، هبط الدكتور حسن يفتح باب السياره لفهد، ساعده فى إسناد ريان وصعوده للأعلى، دلفوا للشقه، ومنها للغرفه التى سيقطنها أخيه، اتجه نحو الفراش وسطحه يستعدل وضعية جسده براحه، دثره بالغطاء واستدار يتحدث مع الطبيب........
فهد بأمر :
-- أديله حقنه تهديه .. عاوز أعرف أتكلم معاه عشان مش عاوز احس انه بيتألم مفهوم ....
تابع يوضح له وجهة الغرفه التى سيقطنها :
-- تالت باب دى الأوضه اللي أنت هتقعد فيها .. وباقى الشقه تحت أمرك خد راحتك محدش هيكون موجود غيرنا احنا التلاته.....
رد عليه الدكتور بتحفظ :
-- تمام يا فندم اللي حضرتك تأمر بيه .. أنا هديله الحقنه دالوقت بس عايز اقعد معاك عشان فى موضوع مهم لازم نتكلم فيه....
بالفعل قام الدكتور بتحضير الحقنة، دنى نحوه وقعص كُم ساعده وغرز الدواء بعروقه واستقام وتركه وخرج لانتظار محادثة فهد...
مسح فهد على وجهه بتعب، وذهب وراء الطبيب يستعلم عن هوية الموضوع الذى يود مناقشته،جلس على أقرب أريكه بصالة المنزل....
هتف بارهاق :
-- خير يادكتور عايزنى فى أيه
أجابه الطبيب بمهنيه :
-- حضرتك أنا بَحَاضر الصبح فى الجامعه، وكمان براسل جامعه فى ألمانيا عشان رسالة الدكتوراه بتاعتى، فبطلب من حضرتك نقسم اليوم شيفتات بينى وبين حضرتك، هنعمل زى جدول مواعيد، الوقت اللى اكون فيه فاضى هكون مع ريان باشا، واللى هكون مشغول حضرتك ترافقه لحد ما أجى....
استطرد الطبيب يوضح موقفه :
-- انا مش بتنصل من مسؤليتى .. بالعكس انا ههتم بيه على أكمل وجه .. ولولا ثقة دكتور هشام فيا مكنش وكلنى بعلاجه، وكمان لضيق الوقت اللى حضرتك أمرت فيه بطبيب ملازم ل ريان باشا مكنش فى قدامه حد جدير بثقته الطبيه الا أنا، هو كل اللى أنا طلبه من حضرتك تتفهم ظروفى....
زوى بين عينيه ومط شفتيه يفكر فى حل للخروج من هذه المعضله، زفر أنفاسه بتعب، وأوما للطبيب بالموافقه على طلبه، على أن يعطيه يومان وسوف يرتب مواعيد تناسب كليهما....
استقام الطبيب ودلف غرفته، يضع اشيائه بأماكنها المخصصه، ظبط منبه الهاتف وتسطح على الفراش لحين ميعاد استفاق ريان لأخذ الجرعه الثانيه وتناول الغداء.......
----------------------
بخطوات متعبه جر قدميه يلج لغرفة أخيه، جلس على الكرسى المقابل للفراش، أخذت عينيه تتفحصة ليه من رأسه لأخمص قدميه، سكنت مقلتيه عبرات حزينه على حاله المتعب الهزيل، شق صدره تنهيدات حارقه حسرةً على رفيق خذلته دروب الحياه، انتصب فى جلسته أخرج علبة سجائره أخذ واحده يتناولها تاره يستنشقها ويكتم دُخانها داخل صدره لتزيد من لهيب انتقامه، وتاره يزفرها لتتطاير فى الهواء ليعبق دخانها محيط مقلتيه لتصير غشاوة أمام عينيه يغيم داخلها يتمنى لو ما يعيشه غمامة صيف سوف تمرء وتعود حياة أخيه صافيه كما عهده به، وضع ساق على ساق وارتخى بجلسته يتكئ برأسه على مخدع الكرسى ينتظر لحظة إستفاقته.....
مضت ساعه و"فهد" على هذه الوضعيه، بدأ "ريان" يستفيق، اهتزت جفونه بثقل ليفتح عينيه، حاول أن يرفع رأسه ليعدل وضعيته، ألمه جرحه فأصدر تأوه على أثره استقام "فهد" فزع جثى جواره يحاول مساعدته....
حاوط فهد خصره وجعله يجلس وقام بوضع الوساده خلف ظهره وأراحه على مخدع الفراش...
هتف بحنو :
-- أقعد براحتك يا حبيب اخوك .. عشان جرحك ميشدش عليك....
ريان برأس مثقل وعقل مغيب هتف :
-- مين اللي جابني هنا يا فهد ..
قالها وهو يتجول بمقلتيه لأرجاء الغرفه ..
أجابه فهد بود :
-- أنا اللي جبتك هنا .. بعيد عن المستشفى وبيت العيله .. فى كلام بينا كتير عشان عاوز أعرف ايه اللي وصلك للحاله اللي أنت فيها دى.....
شحب وجه "ريان" وازدرد لعابه بصعوبه، أوهمهوه بالعدول خطأ بجلسته ليمسك بطنه بألم ويسعل بقوه واهيه حتى يثنى فهد عن مواجهته......
لم تخيل حيلته على "فهد" زوى بين عينيه هاتفا بمكر :
-- أيه يا"ديب" ما كنت فى المستشفى قوى وصوتك جايب آخر الدنيا .. هتنخ دالوقت وهتتعب .. شد حيلك ياراجل.....
زاغت مقلتي "ريان" وتلعثم الكلام على شفتيه....
جز فهد على نواجزه وأردف باستعلام :
-- من أمتي وأنت مدمن .. ومن أمتي وأنت بتاع ستات .. ومن أمتي بعدت عن أهلك أوى كده......
بروح متألمه فاضت مقلتيه بالعبرات، واستزاد من كلماته :
-- ليه ضيعت نفسك أوى ومشيت فى طريق اللي بيروح ما يرجعش...
أنهى كلمته وانهمر سيل ممطر من عيونه، وكأنه يغسلهم من بشاعة ما رأى عليه أخيه.....
الوجع ينخر روحه قبل جسده، بداخله حزن وانكسار عميق، كان قد تناسى حياته السابقه، لما عليه الآن تذكيره بها، رمقه "ريان" بألم يبادله سهام نظارته التى تجلده بلا رحمه.....
هذى يواسى نفسه :
-- فى عينى دمعه وفى قلبى جرح مصدرهم انت أخى....
شهق يستنشق أنفاسه، وتعانقت نظراته تحتضن أخيه بحسره وزخات عينيه فاضت تحفر على وجنتيه مرارة من صنع يديه....
ريان صاح باستهجان :
-- أنت آخر واحد في الكون من حقه يسأل الاسئله دى .. أنت فكرت في نفسك واتخليت عني عشان مستقبلك وبس.....
فهد باندهاش من هجوم أخيه عليه سأله باستفهام :
-- ليه أنا الوحيد اللي في الكون من حقي أسألك .. أنت طول عمرك ابني قبل ماتكون أخويا .. عمرى ما عملتك علي أنى أخوك الكبير .. ولا اتخليت عنك .. ارجع بذاكرتك ل قبل ما أسافر وأنت تفتكر كل حاجه .. طول عمرى في ضهرك .. كنت دايما اصلح أخطائك واتحمل كل مشاكلك .. أيه أتغير فيا أنا هفضل في ضهرك.....
تابع يوضح له حقيقة الأمر :
-- وبعدين يعني أيه مستقبلي اللي اتخليت عنك عشانه .. أنت عارف أنى سافرت بعد الحادثه اللي اتطريت أشيل فيها الكلي .. بسبب الرصاصه الطايشه .. وأمي هي اللي قررت تبعدني عن البلد وعن مصر كلها مكنش حد يعرف ان سفري بسبب الحادثه غيرك أنت وماما وجدتك .. واتفقت معاك أنك مكاني وأمنتك علي أخواتك البنات وعلي أمى يبقي اتخليت عنك أمتى .. لو أنت بتتهمنى أنى سافرت عشان اعمل مستقبل .. انا كان عندى استعداد اعمل مستقبلى هنا وكل الامكانيات كانت متاحه..
استطرد يسأله يضعه أمام نفسه ليعرى له سطحية تفكيره مردفا :
-- مسألتش نفسك أنا سافرت ليه أول ما اتعفيت وخرجت من المستشفى .. وليه سمعت كلام أمى وجدتى من غير ما أعارضهم......
قالها ودموعه تنهمر حزنا على ما وصلوا إليه وتابع بنبره حزينه :
-- بس صدقنى لو كنت أعرف أنى هرجع والاقيك فى الحاله دى .. كنت مخبيتش وقولتلك على الحقيقه من يومها .. على الاقل كان هيبقى لك عذر قدامى فى الحاله اللى انت وصلتلها .. بس للأسف رغم أنى حاولة أحميك أنك متعرفش الحقيقه .. رجعت لاقيتك مشيت في طريق الشيطان اللى كنت خايف عليك منه .. ولاقيتك اتخليت عننا كلنا قبل ما تتخلي عن نفسك ....
رد عليه ريان بسخريه لاذعه :
-- يااااه وياترى أيه سرك الخطير اللى خبيته عشان ميدمرش حياتى....
نطق كلامه واسترسل يتابع حديثه بغصه تذبح روحه :
-- وأنت ليه ديما مدى لنفسك الحق أنك تقرر بالنيابه عنى .. ما يمكن لو عرفت فى وقتها مكنتش وصلت للى أنا وصلتله دالوقت....
أجابه فهد بحده :
-- أنا لو رجع بيا الزمن من تانى مش هعمل غير اللى عملته .. أنت فى الوقت ده كنت عيل ملكش أى قرار....
زفر "ريان" بغضب وانتفض يعتدل رغم ألم جرحه، استند بجذعه يستقيم يهبط بقدميه أرضا، وقف أمام أخيه يلكزه بصدره هاتفا :
-- والعيل كبر وعايز يعرف السر العظيم اللى انت خبيته عشان تحميه يستاهل أنك تضحى بيا وتسافر......
اجابه فهد بمراوغه يتهرب من كشف الحقيقه الآن :
-- مش وقته لما تشد حيلك يبقى لينا كلام تانى .....
بخبث استغل "ريان" نقطة ضعف "فهد" واستحلفه بما لا يمكن أن ينكس له يمين وأردف قائلا :
-- ورحمة امك الغاليه فى قبرها لتقول دالوقت.....
ارتجف قلب "فهد" عند ذكر والدته المتوفاه، فالحنين دوما لذكرها لا ينساه، تناسى "فهد" ألم ريان ولكزه فى صدره قائلا بغضب :
-- بما أنك نقضت العهد اللى أنا واخده عليك بأنك متحلفنيش بأمى تستاهل تعرف حقيقة أمك......
اعتلت الدهشه على وجه "ريان" وانتبهت حواسه لما سيقوله، وبالاخص عند ذكر أمه، تيبث بأرضه وتلجم لسانه تحفزا لما سيقال.....
صاح فهد" بصوت شق صدر ريان قائلا
-- الحقيقه أن أمك قتالة قتله .. وده اللى كنت خايف لحسن تعرفه .. حاولت تقتلتى عشان صراع عرش عيلة الراوى اللى عندها استعداد تعمل أى حاجه عشان تقعدك عليه .. اللى اصلا هو مش فارق معايا....
وقع الخبر عليه كالصاعقه جعل جسده كريشه فى مهب الريح، أصبحت قدميه كالهلام خذلته ليتهاوى جاثيا على قدميه، أردف بنبره مهزوزه :
-- أنت كداب .. أنت كداب ..
ظل يرددها بذهول وانتهى قائلا :
-- أنا أمى تعمل أى حاجه غير أنها تقتل.....
عقب عليه فهد مؤكدا :
-- لأ حصل حاولت تقتلني وعندى الدليل .. أسأل جدتك وهى تحكى لك حقيقة اللى حصل.....
صرخ "ريان" بألم نادم على اصراره فى معرفة الحقيقه وهتف بضعف
-- لأ مش صح .. مش صح ..
على حاله هذى أكثر .. ندم أكثر
ولكن سبق السيف العزل أردف يلوم نفسه :
-- ياريتني ما عرفت الحقيقه ..
-- ياريتني ما عرفت الحقيقه......
اقترب منه "فهد" وجلس بجواره قائلا :
-- صدقنى أنا مكنتش حابب أنك تعرف . بس أنت اللى اضطرتنى اقولهالك وأنا عارف قد أيه أنت هتتوجع من معرفتها......
نظر له "ريان" بأسف قائلا :
-- بعد كل اللى عملته فيك لسه بتحاول تحمى ابنها بعد ما حاولت تقتلك ..
رد عليه "فهد" وهو يكفكف له دموعه :
-- أنت عبيط .. أنت ابنى قبل ما تكون أخويا......
عقب عليه ريان بشجن :
-- طب وهى ليه مفكرتش فى مصلحتى زيك .. أنت متعرفش أنا عانيت قد أيه وأنا كل يوم كلامها بيبعدنى عن عيلتى أكتر وأكتر.....
انهار ريان وانخرط فى موجة بكاء قاسيه يتصدع من أنينه الحجر :
-- أنا ما كنتش حابب أبقى مدمن وبتاع نسوان .. أنا كبرت لقيتك بعيد عني .. وأمي مفيش علي لسانها غير أنهم مش بيحبوك . بيحبوا "فهد" بس وولاد هنيه .. وأبويا ديما مشغول في حسابات المزرعة والمصنع وجدك بيكبر في ثروته .. وأمك عماله تلم في العيله..
شهق يتنفس بحرقه وتابع :
-- أنت عارف لما كنت أحب أقرب منهم أمى كانت تفضل تتكلم وتسم بدني بكلامها اللي بيقتلني.....
أكمل بقلة حيله :
-- كنت ديما اهرب من البيت عشان ارتاح من المشاكل اللى بين أمى وامك .. حتى فجر وزينه من كتر غبائى معاهم لما يحاولوا يهزروا معايا بعدوا عنى وخسرتهم .. بس غصب عنى كنت ببقى راجع قرفان بسبب شايل هم مرواحى للبيت وينعاد عليا نفس موشح كلامها بتاع كل يوم ..
انتحب أكثر وتلاحقت أنفاسه خافقه يقرع كطبول الحرب، فعلا حرب ما أقدم عليه فى ذاك الوقت حرب نفسيه سهلت عليه الانجراف فى تيار هوى النفس، وسوس له شيطانه بترك عائلته ومتاعبها وارتمى فى أحضان سهر الليالى والعربده....
صاح بنبره ممزقه خاليه من الروح :
-- أنا مكنش في حل قدامي غير الشارع .. هو الوحيد اللى ضمنى من غير ما يتعبنى .. ومن ساعتها ضعت وادمنت .. وأمى مشغلتش بالها تسأل بروح فين واحد منين اهم حاجه مكنش قريب من امك واخواتى وجدى وجدتى .. هى حست براحه فى بعدى وأن ده مكسب ليها .. وأنا فى دوامة مكاسبها خسرت نفسى وخسرت أخواتى وخسرتك وخسرت ثقت ابويا وجدى......
بهستريه استرسل بيأس :
-- عارف نفسي أموت وارتاح واريحكم .. عارف فكرت في الانتحار كام مره .. بس أنا ضعفت ومقدرتش حتي في دى فشلت فيها كمان......
من قال ان العين تفرز الدمع، الدموع الحقيقيه هى بخار الروح المتألمه، بكى بنحيب، بكى بانهيار، بكى بأنين، بكى بحسرات، تعددت الأسباب والروح تنزف على الأحباب.....
تقطع نياط قلبه على أخيه، الحزن يفتك بصدره وهو يراه ضعيف هش هزمته الحياه فى نفقها المظلم....
مد يده وجذبه يدخله صدره، احتضنه كالطفل الصغير، هدهده يمسد على ظهر، شدد على ضمه يشد من أزره ويحثه على التماسك وهتف بنبره يكسوها الحب والحنان :
-- أنت مخسرتش حاجه .. أنا جنبك وفى ضهرك .. وأى خساره هنحولها مكسب ......
قالها وأجهش بالبكاء لينخرط معه "ريان" ظلوا على حالهم قليلا، كلا منهم تنتفض روحه تلفظ ما بداخلها من ألم......
لحظات وابتعد عن حضنه يكفكف دموعه ويمسح على وجه بحنان، تقابلت عينيهم ليدعمه فهد مربتا على وجنتيه بإصرار :
-- انت هتتعالج وهترجع أحسن من الأول مليون مره .. وخليك واثق مش هتخلي عنك أبدا .. ومش هسيبك إلا لما ترجع أحسن من الأول مفهوم...
قالها واومأ برأسه يحث أخيه على الوثوق به....
ريان بعدم تصديق هتف :
-- بجد يعني مش هتسبني وتبعد عني .. وهتفضل جانبي...
تغيرت نبرته وتابع :
-- بس علاج الإدمان صعب وأنا خايف.....
فهد بتحفيز أردف يشحذ عزيمته :
-- أنت راجل وعصب وصلب عيله الراوى .. ومستحيل هتضعف وأنا جنبك....
قالها وبسط كفه كى يصافحه مصافحة وعد الرجال.....
نظر "ريان" ليده بتردد قائلا :
-- وعد أنك مش هتتخلي عني....
"فهد" لم يمهله فرصه للتردد جذب يده ووضعها بين راحتيه يحتضنها بحمايه معقبا عليه :
-- وعد أنى مسيبكش أبدا تاني .. والعمر كله احنا مع بعض .. الديب والفهد عالعهد ياصاحبي مش هيفرقنى عنك غير الموت .. قول يارب وربنا كريم مش بينسى عباده المخلصين فى التوبه......
لحظات صمت يتأمل فهد ملامح أخيه، فقد اشتاقه كثيرا، تبسم بغبطه لرجوع رفيق دربه لاحضانه،
انتبه فهد للوشوم المرسومه على جسده، نظر له مشيرا بعينيه هاتفا باستفهام :
-- أيه ده من أمتى وأنت بتدق وشم على جسمك.. مش عارف أن ده حرام.....
أجابه بخجل :
-- أنا كنت فى الفتره دى مغيب والدنيا كلها سودا قدامى ولما عملته كنت عاوزك أذكر نفسى أنك اتخليت عنى ودى الحاجه الوحيده اللى بتفكرنى كل ما أبصلها .. وحاولت أنتحر ومعرفتش .. قررت أن أوشم تاريخ سفرك على أيدى عشان كل ما أحن ليك .. افتكر قد أيه أنت وجعتني ....
قالها والتمع الدمع بعينيه، ضمه فى لصدره يمسد عليه قائلا :
-- عدى وفات واحنا ولاد النهارده
دعابه فهد مجددا :
-- بس راسم عنقاء ليه .. وياترى عارف معناها..
زوى ريان بعينيه هاتفا بمكر :
-- ايوه عارف معناها طبعا . ادعيلى تكونى اللى مدوخانى هى عنقائى اللى هتحيينى من جديد .. وانا بوشمها كان فى حاجه جوايا بتقولى أن هتيجى اللى هتنقذى من كل الضلمه اللى محوطانى ....
حك فهد ذقنه وغير دفة الحوار وهتف بمكر :
-- تمام ياديب .. يارب يبقى ليك نصيب معاها .. بس أنا عاوز أفهم إيه بقي المسرحيه اللي حصلت في المستشفى .. وأى عاوز تقتل أخوها .. وأزاى أصلا حاولت تغتصبها .. وأنت عندك بنات مخفتش من عقاب ربنا.....
حك ريان مؤخرة رأسه قائلا بندم :
-- أنا أصلا مكنتش هغتصبها .. أنا بس كنت هضغط عليها .. وهديها منوم واقولها أنى اغتصبتها عشان ترضي تتجوزني......
فهد بحيره هتف يستعلم :
-- وايه اللي ممكن يخلي بنت في الكون ترفض تتجوز ابن عيله الراوى.
ابتسم ريان بوجع مردفا :
-- بصراحه أنا عكستها زى أي بنت بعاكسها بس زودتها شويه عشان مكنتش عوزانى أقرب منها .. كان ردها ضربتني بالقلم .. وطبعا أنا مسكتش وحلفت أجيب وشها الأرض وأذلها .. ولما كلفت حد من اللي شغالين في المزرعة يجمع عنها معلومات .. طلعت عكسي في كل حاجه .. يعني تقدر تقول أنا الشر وهى الخير ..
غامت عينيه بوميض جديد عليه واردف بسعاده :
-- أنا انجذبت لها جدا .. ومن يوم القلم اللي ضربتهولي مقدرتش أقرب من أي ست .. وطبعا أنا لما كنت فى المكتب حاولت أقرب منها كان صدها ليا صعب .. ودماغها ذى الحجر ومكنش في قدامي غير الطريقه دى عشان ترضخ.....
فهد بهدوء أردف بتريث :
-- طيب أنت ترضي أنك تجوز أخت من أخواتك البنات لواحد في ظروفك .. طبعا أنا مش قصدى أجرحك بس عاوزك تفكر معايا ونلاقي حل.....
احتد ريان قائلا بعصبيه :
-- يعني أنا لازم أقتل نفسي عشان وصل بيا الحال لكده .. أنا حبيتها
انسابت دموعه تغزو وجنتيه واسترسل بألم :
-- أنا عاوز اتجوزها .. مش هلعب بيها .. هي الوحيده اللي هتقدر تطلعني من اللي أنا فيه .. أنا من ساعة ما شفتها وانا حاسس ان هى منقذتى من الهلاك اللى أنا فيه......
صرح بمشاعره وارتمى بحضن أخيه يطلب من الدعم والمسانده :
-- لو سمحت اقف جنبي متتخلاش عنى أنا عشقتها .. ومش هقدر أعيش من غيرها......
مسد فهد على ظهره قائلا :
-- بس انت لازم تصراحها بكل حاجه .. وتوعدني لو رفضت تسبها في حالها......
بفرحه خرج ريان من صدر أخيه هاتفا :
-- موافق بس توعدني انك متتخلاش عني وترجع ابويا واخويا وسندى.....
لكزه فهد بكتفه قائلا بدعم :
-- عمرى ما هسيبك تاني ابدا .. بس سبني أنا اتكلم معاها واظبط الدنيا ماشي.....
أومأ له ريان بسعاده يوافقه الرأى، حاول النهوض يستند بكفه على جزع أخيه، وصعد على فراشه، يريح جسده المنهك، يشرد فى من سرقت قلبه وعقله، ابتسم فهد على روح أخيه التى أشرقت من جديد على ذكر معشوقته، دثره وتركه يغادر يعد له أدويته وطعامه....
----------------------
اشتاقها رغم قربها.. افتقدها رغم لم ينصرم الكثير على رؤيتها.. ظل يردد بلسان قلبه.. أحبّك وبداخلي ألف نبضه تخاف فقدانك.. لقد نسجت لصورتك بروازاً من ضلوعي، وجعلت عيوني لها حُراساً، وقلبي لها خادماً، لو حاولت أن أصف لك ما بقلبي من حب لنفذت جميع أوراق العالم.......
مكث بملل يتطلع لساعة معصمه للمره التى لا يعلم عددها، زفر يبتسم كيف صار لا يستطيع إخفاء لهفته عليها، ملامحه لا تتوانى فى فضح مشاعره، قلبه لا يكف خفق عند التطلع لثغرها الضحوك، لسانه يتلذذ بنطق اسمها، همس يتذوق حروفها وكأنها معزوفه موسيقيه :
-- زينه أنتِ زهرتي، زمردة صولجان قلبى، و زمزم لعطش روحى وزاد حياتى، زُرقة سمائي فى عينيكِ، وزورق نجاتي بين يديكِ.....
تنهد بسعاده تمطع باسط زراعيه يفك تيبس جسده فهو جالس قرابة الساعتين، شد مكابح السياره، وأشعل الماتور، يمسك عجلة القياده ليتحرك قليلا من مكان وقوفه فهو كان يصطف بعيدا نظرا لزحمة المرور.....
وصل عبدالله أمام مركز الدروس، شاهد أحد الشباب يعاكس زينه، وفجر تقف بجوارها يصرخون عليه....
أتى من خلفهم بصوت جهورى مردفا بغضب :
-- أنت يالا بتقول أيه......
استمعت زينه صوته فرحت وهرولت تجرى تقف ورائه تتمسك بقميصه، أغمض عيونه من فعلتها، أنتشه من حركتها يردد لنفسه :
-- أمانها أنا .. سندها أنا......
بسماجه هتف الشاب :
-- وأنت مين عشان تتكلم معايا أصلاً ... أنهى كلمته بحركه وقحه
اغتاظ عبدالله من فعلته وهتف من بين أسنانة :
-- أنا ياروح أمك هاقولك...
قالها واستدار يعطيها مفتاح السياره مردفا بأمر :
-- ادخلي واقفلي علي نفسك أنتى وأختك........
زينه بخوف :
-- لا يالا تعالا معايا مش هينفع اسيبك لوحدك .. ده عيل صايع ملكش دعوه بيه....
احتنق عبدالله من كلمتها هل تستصغره صاح بغضب :
-- أنتي سمعتي أنا قولتلك أيه....
لفظ كلمته يصرخ عليها :
-- يالا علي العربية عشان ميطولكيش غضبى.....
التف له بعيون تطلق سهام ناريه، شمر عن ساعديه، يطقطق رقبته بغيظ لتبرز نافره عروق رقبته، عَلِقْ مع الشاب بتهور، كور قبضة يده وناوله بوكس فى عينيه التى استباحت النظر لها، أرجع رأسه للخلف وبحركه مباغته صطدمه فى منتصف جبهته ارتج على آثارها يترنح بوقفته، لم يشفى غليله بعد جذبه يمسكه من تلابيب ملابسه يبرحه ضربا، يكيل له صفعات وركلات وكأنه كيس ملاكمه.....
ارتعبت فجر من هيئته وعقبت بخوف :
-- عجبك كده أنا قولتلك نمشي ونخلص ناخد تاكسي يروحنا .. عجبك كده لو حصل له حاجة هتعملي أيه........
زينه بعفويه وكأنه لا توجد حرب ضاريه تقام بسببها :
-- كان قلبي يقف فيها بعيد الشر عليه .. عبدالله ده خطف قلبي .. تعرفي أنا لما أروح هخلي هنون تروح تخطبهولي .. بس هو يطلع منها علي خير....
صفقت فجر بتهكم :
-- أنتى انهبلتي يا بت .. مين اللي بيخطب مين .. ياخربيتك .. شكلك انهبلتي علي الآخر.....
زينه بهيام :
-- قصدك شكلي طبيت في حبه .. ما هو ده اللي أنا قرفاكي بيه من يوم ما شفته وانا بعدل طرحتى فى شباك عربيته وهو كان جواها.......
زمت فجر شفتيها بامتعاض :
-- هو دا اللي ملكيش كلام غير عليه ناقص ينزل من حنفيه الميه .
انتهت الحرب الدائره بين "عبدالله" والشاب الذى تطاول وعاكس فتاته، والتى بالتأكيد حُسمت للعاشق المتيم بذات الثغر الضاحك، التف وعاد بأدراجه لها، شاهدها على وضعها لم تمتثل لما أمرها به....
بعصبيه صرخ عليها :
-- أنتي لسه واقفه هنا ليه مش قاعده في العربيه...
زاد من انفعاله قائلا :
-- اخلصي متعصبينش انا على أخرى منك......
زينه ببلاهه تتحدث والضحكات تأخذ مجراها من بين شفتيها :
-- أنت مجنون يالااااا .. هتنسي نفسك وأنت بتتكلم معايا .. أنت عارف أنا مين......
ألقت حديثها الأرعن ولم تحسب رد فعله، هيئته دبت الرعب بقلبها، ازدرت لعابها بتوتر هاتفه :
-- وبعدين أنت مالك .. هم عكسوك أنت .. دى عيال عندها نظر بتقدر الجمال....
ويحك يالك من غبيه اصمتى، الأسد الآن جائع يود لو يلتهمك حيه لما تفوهتى به سابقا، تأتى بكماله لحديثك السخيف لتزيدى الطين بله......
استشاط عبدالله غيظا، حدقها رافعا حاجبيه، يقطم على باطن شفتيه بنزق، ربع يده على صدره يسلط نظره على محياها الصبوح هاتفا :
-- بقي أنا معرفش أنتى مين ..
آه قولتيلى ..... لفظها بتهكم ساخر
طقطق رقبته باستنكار
-- وكمان بتقولي يالاااا .. صح ما هو أنا مش مالي عينك .. والشمامين دول بيقدروا الجمال .. آه ما الهانم قمر وفرحانه بنفسها.....
أتبع كلماته بخطوات متمهله اقترب منها وعبق أنفاسه تضرب وجهها، ارتبكت واختلجت عينيها ترفرف أهدابها باضطراب.....
زينه بتلعثم تحدثت بقوة واهيه :
-- أنت بتعمل كده ليه .. عارف لو ضربتني هضربك بالكتاب ولا هرميك بطوبه....
قالتها ونظرت ل فجر تستغيث يها
-- الحقيني
بالأساس "فجر" مصدومه من جرأته .. ولكن تفهمت أنه يحبها .
رفعت فجر يدها باستسلام قائله :
-- وأنا مالي اتصرفي أنتى ياختي...
تملصت منها وفتحت كتابها تُمثل أنها تطلع على شئ ما....
عبدالله بخشونه صعيديه أردف غاضبا :
-- خلصتي خربطه كلامك عاد..... عفارم عليكي يا چميله الچميلات....
لفظ بها وقطب حاجبيه باستياء :
-- أنتى فرحانه بنفسك يا بت .. نهارك مغفلج مش هيعدى بالساهل....
نطق كلماته بـ لكنته التى تخرج وقت غضبه، مكنون شرقى لرجل صعيدى حر يغير على عرضه، ومن فرط كبت غيظه حتى لا يحطم رأسها، كور قبضة يده يخبط العربه ينفس فيها غضبه وتابع حديثه :
-- وبعدين ياختي عاد من جهة أنتى مين .. أنا عارف أنتي مين كويس .. بنت ناس محترمين وكبار البلد .. وعشان كده مش لايج عليكى مسخرة البنات ولا دلع البنته، جصاد اللى يسوى وميسواش.........
ذُهِلت عندما سمعت تحول لكنته، ومضت عينيها بفرحه، عندما استشعرت فيه قوة جدها وخوف أبيها، زادت خفقاتها من تبدل حاله من رجل رومانسى لرجل همجى......
عقف حاجبيه بسخط يفسر دهشتها خطأ على أنها تستهين بكلامه، رمقها بتحدى ألا تنصاع لحديثه تابع إلقاء تعليماته بأمر :
-- فهمتي يا جموره . وخدى عندك بجى عاد يا حلوه .. معدتش رجلك تعتب السنتر دهوه .. أجولك الأحلى كومان مش هتخدى دروس تاني .. أنا اللي هديكي الدروس .. وإياكِ أشوف شعرك باين من الطرحه أو ماشيه تضحكي لأي دكر .. حتي لو دكر بط يا حلوه.....
جحظت بعينيها من بربريته معها، أرادت التكلم، قاطعها قبل أن تنطق
-- متبصيش كده ويالا علي العربيه متنحيش......
بغيظ من روعنته معها أدعت "زينه" عدم الفهم وهتفت تصيح بعصبيه :
-- هو أنت ليه بتعمل كده أصلا .. هو أنت مين عشان تتحكم في حياتي .. أبويا أخويا خطيبي حبيبي.....
تفوهت بالأخيره عفوياً لتصاب بالخرص، وضعت يدها علي فمها، تنحسر ملامحها كسوف وخجل، ترقرقت دمعاتها ودت لو تنشق الارض وتبتلعها من اندفاعها.....
على نقيض حاله منذ هنيهه، عبراتها أشعلت صدر العاشق المتيم، ليرق قلبه، اقترب منها بحنو، وابتسم يرفع ذقنها لتقابل مقلتيه التى تشع بحبها هاتفا :
-- أهدى.. أنتى حبيبتي وروح قلبي اللي من نظرت عيونها جننتني .. أنتى الحلم اللى ملازمنى فى صحوى ومنامى واتمنيت أنه يتحقق .. أنتى دونت عن بنات حوا اللى دعيت ربنا أنه يجمعني بيها.......
لم يمرء وقت بنفس اللحظه تلبسه عفريته مره أخرى، واختفت الابتسامه من على محياه، وأردف بانفصام شخصيه يسترسل :
-- وأول يوم عرفت هي مين .. الاجي عيال شمامه بتعاكسها والهانم مبسوطه ..
ويحك "عبدالله" إذا كانت "زينه" مجنونه فأنت طمعت بالجنان ذاته، تنهد براحه وتحولت نبرته لعذوبه يبوح بمكنون عشقه
-- عرفتي يا نبض قلبي أنا مين .. عبدالله عاشق ولهان .. دايب في نظرة عيونك .. أسير لضحتك الحلوه ..
أتبع إفصاحه عن مشاعره، يعلنها لها صريحه :
-- بحبك .. وهطلبك للجواز .. وهفاتح "فهد" فى الوقت المناسب عشان ياخد معاد من عمي...
أنهى كلامه يسألها رأيها
-- هاه قولتى أي...
رفرفر داخلها كالفراشات فرحه أنه يبادلها نفس المشاعر، سعيده أنه خليفة جدها وأبيها فى حنيتهم وخوفهم، هى حقا أحبته بات وصاله مبتغاها منذ أن رأته أول مره......
ولكن يالها من لئيمه ماكره أحبت تثير حنقه بسبب همجيته معاها، أردات أن توتر أعصابه عندما توهمه بعدم اللامبالاه لمشاعره، ولا تظهر له حقيقة شعورها تجاه.........
على الرغم من تورد وجنتيها واضطراب مقلتيها حركت كتفيها فى حركه طفوليه لأعلى وأسفل، مع زم شفتيها لتبين ازدراءها من الفكره...
هتفت بميوعه :
-- أنا لسه صغيره .. وبعدين مين قالك أنى لما أحب اتجوز هتجوزك أنت .. ليه مستغنيه عن نفسي .. أيه يجبرني أتجوز واحد عيونه بتنور في الشمس وكل البنات هتبص عليه .. وكمان عنده عروق في ايده يعني بطل .. وشعره حلو ويجنن .. يعني كل اللي بتمناه في فتي احلامي الاقيه فيك .. يا خرببتك أنت قمور أووووى......
قالتها بارتباك لتصحح مقصدها
-- لأ قصدى أنت وحش أوى ومش عجبني .. أنا اتجوزك أنت .. أنت
نطقتها وهى تشير بأصابعها ترفع كتفها بازدراء مخادع لما تشعر به هاتفه بامتعاض :
-- وبعدين أنا مش عاوزه اتجوزك أصلا .. أنت متعجبنيش همجى وبربرى...
ثقلت أنفاسها من لخبطة كلامها، ارتبكت ودفعته بكتابها تلكزه بصدره هاتفه باندفاع :
-- انسي يا بابا أنك تتجوزني .. نجوم السما أقربلك....
استدارت سريعا تهرب من أمامه، هيمنة اللحظه عليها تود لو لها الأحقيه أن تجرى ترتمى بأحضانه تستشعر حقيقة ما تحسه، فتحت باب السياره لتصعد ولكن استوقفها صدوح ضحكاته الرنانه
هو كحالها ماكر تفهم عليها ما تشعر به، تعرف على دواخلها من لخبطة كلامها، أدرك أنها معجبه به من ارتباكها وتورد ملامحها، رفع حاجبيه يجابه كسوفها بتسليه محببه لقلبه مردفا :
-- مش هحسبك علي كلامك دلوقت .. بس أنتى سمعتي أنا قولت أيه .. وزينه الشطوره هتعمل أيه وهتنفذه...
وكعادته منفصم الشخصيه بصوت عالي صاح عليها :
-- انطقييييييي
دبت بالأرض كالأطفال هاتفه من بين أسنانها ولكن سعادة الكون لا تسعها من حبيبها الغيور
-- مش هاخد دروس في السنتر .. ومش هبين شعرى من الطرحه .. ومش هتكلم مع أى حد .. ومش هضحك تاني في الشارع .. وأنت هتديني كل الدروس في البيت......
كانت تتحدث وهى مطأطأه رأسها أرضا خجلا منه...
أشاد عبدالله عليها وكأنها طفله :
-- شاطره يا جميله الله عليكي وانتي بتسمعي الكلام ومؤدبه كده .. أنا بحبك وأنتي بتسمعي الكلام .. وعشان أنتى شاطره هجبلك مصاصه وحاجه حلوه.....
رفرفت أهدابها دهشه من تعامله معها كالطفله، صدحت ضحكه غناء يفتن بها القديس.....
صاح بغيظ
أيه ياحلوه أنت نسيتى أنا قولت أيه .. يالا علي العربيه ..
ياخربيت أم ضحكتك ..
اقتربت فجر منها ولوت ثغرها هاتفه بسخريه :
-- يا خربيت أم هبلك أنتي وهو ليقين علي بعض .. بيغير عليكي نار .. وبيتحول زى أمك لما بيتعصب لسانه بينطق صعيدى .. شكلها أيامك هتبقي مرار طافح زى ما مرات ابوكي ما بتقول......
أخفت زينه وجهها وراء كتابها، وضحكت هاتفه :
-- بس عجبني وهموت علي أمه .. وياريت يتجوزني ونعمل فرح علي طول ونخلص .. وبدل ما يذاكر لي في بيتنا يذاكر لي في بيته.....
صعدوا السياره وكلا منهم همهمات دواخله تزيده شغف بمعشوقه
ظل عبدالله يتطلع لها بمرآة السياره، ليمد يده يداعب حواسها بأغنيه لأصاله، وكأنها رساله فحواها مقصود حتى تهدئ من أى صراع يحاك داخلها نظرا لصغر سنها عنه....
-- أنا حبك أنا صاحبك أنا عقلك وتفكيره.......
منا منك وروح قلبك وأخوكي لما تحكي له......
أنا فرحك ألم تعبك......
أنا في كل اللي بتحسيه.....
حاسس بيكي منا إنتي......
بادلته النظرات لتلمع عينيها تومض بكسوف من شقاوته وهو يغمزها بطرف عينيه، وهمسات شفتيه وهو يردد كلمات الأغنيه، فكره جريئه سيطرت عليها ماذا سيحدث لو قبلته....
استفاقت على لكز فجر لها تميل عليها تدنو بجوار أذنها هاتفه بحنق :
-- شكلنا هننضرب بالنار .. وهيخلصوا من القمور الحلو بتاعك ده قبل ما يطلب أيدك.....
----------------------
غرفه تحتوى جدرانها على الدفئ والحنان،، يشملها الحب والأمان،، يتبدل حالها كفصول السنه، فصل كالربيع فرح سعيد بالوصل والوداد ولمة الأحباب،، وفصل كالخريف رياح وزوابع يأتى يختبر قلبها وقوة صبرها،، عواصف تهب لتتساقط مشاعرها كأوراق الشجر،، تبكى وتشتكى تعجز عن الهدوء يرهقها صمت ما تخفيه،، مشاعرها خصبه كلما كبرت زاد معها غيرة العشاق......
أنين قلبها الصامت يأبى أن بيوح بالألم،، فهذا قدرها لن يتبدل منذ أن حظيت بحبه فى كل مره يعاد نفس الفصل بنفس الألم،، لتعصفها الرياح فتأخذ من صبرها حتى أصبحت كأشجار الخريف.......
هى الآن تطلب الرحمه لروحها التى أرهقتها الدنيا فكتمت،، وأوجعتها الحياة فابتسمت.....
تتسطح على مخدعها بأوصال مرتجفه،، طغيان الأفكار وتسارعها،، أدت لهلوسات لا تستطيع التحكم بها ،، حرب مستعره شُنت عليها من قِبَل عقلها وقلبها......
هذت "هنيه" باكيه :
-- عقلها
هو عمره ما حبني
-- قلبها
لا هو بيحبني ..
بشوف ده في عنيه لما بتلمع أول ما يشوفني...
رعشت شفايفه وأنا جنبه....
حضنه اللي بهرب فيه من وجع الدنيا.....
أخذت تبكى وتنتحب وتتعالى شهقاتها المتألمه من وجع روحها وأنين قلبها.....
استمع سعد لهذيانها،، استقام بغصه يتسطح جوارها،، بسط يده وجذبها يحتضنها من ظهرها،، تلمس وجنتيها يكفكف عبراتها المنسدله من عينيها......
بنبرة صوت مرتعشه همس فى أذنها :
-- معقول مبحبكيش أزاى .. أنتى حبك بيجرى في دمي .. أنا أتخلى عن عمرى وقلبي والنفس اللي بتنفسه ولا أبطل أحبك ..
عارفه يا هبله حبك بيكبر مع كل يوم أنا بكبر فيه .. حبك في قلبي بيزيد.......
استزاد من ضمها ليجعلها تستمع لدقات الطبول التى تقام بخافقه حزنا لأجلها،، كم ود لو شق أضلعه وأسكنها داخله،، لتهدئ سريرتها وتطمئن أنها ضلع مكمل لضلوعه،، دفن وجهه فى تجويف رقبتها وهتف يبوح بأسرار عشقه لها :
-- أقولك سر أوقات بكتشف أنى بحبك أكتر من ولادى عوزه أيه أكتر من كده ..
استرسل يبث شغفه بها :
-- بحسك بنتي وأختي اللي اتمنتها .. وصحبتي اللي بتفهمنى لما أفضفض معاها .. وعَشقتي اللي بتريحني .. وأمى اللى ديما شايله همى.....
آه مكتومه مزقت أحشائها،، الراحه له والتعب لى .. الفضفضه له والتكتم لى .. العشق له والغيره لى....
ردد ذهنها بتساؤل ومتى يكون كل هذا لى؟؟!!.......
واصل بث عشق مؤكداً :
-- يا هبله أنتى نن عيني وكياني .. ومفيش قوه علي وجه الأرض تقدر تبعدني عنك .. وبعدين هي عملت كده عشان تخليكي تزعلي ليه تدلها الفرصه......
التفت هنيه في حضنه لتتقابل عينيها الدمعه من نفاذ صبرها،، بعينيه المشتعله ألم على حالها....
وضعت راحته على خافقها هاتفه بقلب عاشقه أرهقها الصبر :
-- عشان ده عايش عشانك أنت بس.. أنا نار بتولع في قلبي لما بتبقي معاها ..
تركت يده واعتدلت تجلس على فراشها،، ضمت ساقيها لصدرها،، وحاوطت جسدها بيدها،، وتلبستها روح يائسه....
هتفت بقهر :
-- 20 سنه مش قادره أتعود علي أنها مراتك .. بغير عليك كأنها أول مره تبقي معاك ..
بلكنتها التى اكتسبتها من خلال معاشرتها لهم،، والتى لا تتلفظ بها الا اثناء غضبها،، ولأول مره ستتحدث بها معه،، أردات أن توصل له معاناتها بلهجه يتحاكى بها حتى يستشعر صدق ما ستقوله.....
فكت وساق يدها والتفت له تطالعه بعيون فاقده للحياه بنبره مهزوزه هتفت بمراره :
-- أول مره هتسمع منى الكلام ده .. حاولت أداريه كتير عشان متتوجعكش قولت كفايه واحد فينا موجوع عشان حياتنا تمشى .. أنا اتعلمت العشج على أيديك وبجيت أنت كل دنيتى .. حجيجه واضحه زى عين الشمس كتمتها جوايا وأنت كنت بتحسها مع كل يوم عشجى ليك بيكبر غيرتي وجهرتى بتزيد .. كنت بدارى وجيعتى من وجودها فى حياتك عشان مشتتش حالك أكتر .. وعشان ديما مسيطر عليا أن أنا اللى دخيله على حياتكم .. كنت بهون عليك وجيعتك منها .. وأنا من جوايا بتجطع لما ألاجيك داخل جاعتها وخارج متسبح ومغير خلجاتك .. بصبر نفسى أن ده طبيعى وحجها فيك زى بالظبط وأنا من جوايا الصبر أبعد ما يكون منى .. بشوف خوفك من غضب ربنا وكنت بجوى حالى عشان مشيلكش وزر معصيه .. وفى كل مره كنت ببجى عايزة أعتب عليك لأمتى هترضى بالهوان ده وأجول اسكتي عشان خاطر ابنه اتكحلى بالصبر لحد ما ربنا يأذن بالخلاص ..
سالت عبراتها كزخات مطر محمومه فاضت لتعلن عن انهيار روح الأنثى داخلها،، ابتلعت غصتها المريره وقررت أن تعلنها صريحه لعل وعسى يرأف بحالهم ويغير قدرهم فهو الوحيد الذى بيده الخلاص.......
من يسمعها الآن سيدرك مدى التصدع الذى يجتاحها كى تصل لأعلى قمم اليأس والفشل فى استمرار حياتها على نفس المنوال،، بات سقوط علاقتهم أمر على المحك......
تنهدت بسأم ولم تستطع ملاقاة عينيه وهى تخبره بنفاذ صبرها،، استدارت لجهه معاكسه هاتفه بأنين يذبح روحها :
-- انا عارفه أنى إللى هجولهالك ياسعد ممكن يضايجك بس مجدميش حل تانى غير أنك تسمع وجيعتى....
زفرت بحسره وقلة الحيله تكتف وثاقها هاتفه بحنق :
-- جبل صبرى مع كل مره بتروح عندها بتاخد منه حجر .. لحد مصدع جوايا وساب شروخ بجت صعب تترمم.......
أجهشت بالبكاء واستطردت بعذاب :
-- شجرة صبرى اللى رويتها بروحي .. وَرَجْهَا فضل يسجط لما روحى جفت ونشفت...
صرخت تعلن الحداد على صبرها :
-- أعذرني ياسعد صبرى خلص.....
أنا بقيت عايزة فوق صبرى صبر.....
غصب عنى أنا بحبك أووووى يا سعد.....
قالتها وأجهشت فى بكاء مرير،، شهقاتها عززت أنين قلبها،، ونحيبها وساها وأخذ معها العزاء فى نفاذ صبرها.......
حسره دهست قلبه من كلامها،، أشعلت نار تحت الثرى مدفونه،، لم يتخيل يوما أن يأتى عليه ويعيش لحظة كهذه معها....
انتفض وهم واقفا،، التف وذهب للطرف الاخر من الفراش وقف أمامها،، رفع عضدها يضغط عليه بقوه،، ينظر لها بعيون يتطاير منها الشرر.....
صرخ عليها بغضب :
-- معناته ايه كلامك .. خربطة كلام أيه اللى بتجوليه عاد .. وضعنا مش جديد .. جايه بعد العمر ده كُلياته وتجولى صبرى نفذ ..
نفض يده عنها وارتد للوراء يستكمل بمراره :
-- لما أنتى صبرك نفذ أومال أنا اعمل أيه ياللى شايل جبال على جلبى بجالى سنين .. إياك هوين عليا اتجوز تلت حورمات واحده تموت وتسيب لى رضيع .. والتانيه شرها أكتر من خيرها .. والتالته كانت عوض السنين وعشجها اتملك من جلبى وجايه دالوك تخيبى وتجولى صبرى نفذ ..
تطلع لها بنظرات محذره وبلهجه حاده أكمل حديثه :
-- شوفى يابنت الناس لو عيزانا كل واحد فينا عشجه للتاني يجويه زى ما كنا .. يبجى تشيلى حديتك الماسخ ده وتفوجى منه .. ولادك بجوا طولك .. انهبلتى إياك ياهنيه.....
اختلجت نظراتها بتيه واصطكت على أسنانها بغضب،، ارتعش جسدها لتقبض بكفيها تتمسك بغطاء الفراش تستمد منه اتزانها،، رمقته بنظرات مذهوله لا تستوعب ما قاله،، هل يساومنى على صبر السنين،، أو يخيرنى بين البقاء و الرحيل....
انهارت صارخه :
-- أهوو جه اليوم اللى كتت خايفه منه .. جه الوقت اللى تخيرني فيه بين عشجى ليك .. وموتى فى بعدك
تجمد بأرضه واضطرب من هيتئها،، يوجد بداخله أطنان من الغضب لو أطلقها لتهاوت صريعه بأرضها وانتهى العشق بينهم،، ابتلع غصته يحاول لملمة جروحها...
تحامل على نفسه وتابع باللين يجبر بخاطرها :
-- ده أنا اللى بواسى حالى بيكى .. تيجى دالوجيت وتجولى مش هكمل .. طب ايه اتغير يابنت الناس
.. طول عمرك بتستمدى صبرك من حنيتى عليكى .. وأنا بستمد صبرى من وقفتك فى ضهرى .. طول عمرك سند ليا....
عقبت عليه بشجن :
-- أنا تعبت .. وحياتك عندى تعبت .. قالتها وهى تستند بجبهتها على خاصته....
صدم "سعد" من انهيارها الجديد عليها،، لأول مره يرى تصدعها بهذا الشكل،، كعادته هين لين معها،، فهى لم تغرم به من فراغ،، فهو دوما القوى الذى يلين لأجلها......
رق قلبه لها جذب رأسها يمسد على شعرها هاتفا بحب :
-- وحياة "سعد" لتهدى .. أنا عمرى ما شفتك بالحاله دى .. "سعد" ملوش غيرك يابت..........
سطحها وصعد جوارها أخذها فى أحضانه يربت على ظهرها بحنو،، وهى شهقاتها تضرب صدره بحراره حارقه،، حاول تمالك نفسه من الخوف والفزع المسيطرين عليه من فكرة فقدانها....
هتف يواسيها
-- أنا معاكى ومش هسيبك أبدا.. أنا ماليش غيرك .. نامي يا نن عيني ومتفكريش فى حاجه ..
استزاد من احتضانها،، يوزع قبلات متلهفه على عينيها ووجنتيها وشفتيها،، مع كل قبله يتأكد أنها بين يديه، لن تذهب وتتركه وحيدا......
ظل يفكر هل من آخر لعذاب مكيده لهما؟؟!!.........
--------------------------
بجنون العظمه هبطت مكيده تتجول بعينيها ومظاهر الابتهاج مرسومه على ملامحهما، تريد أن ترى نتاج فعلتها،، اصطدمت عينيها برؤية الحجه راضيه تجلس وحدها فى قاعة الجلوس العائليه...
هتفت باستهزاء :
-- أومال "هنيه" فين أكيد جالها سكته جلبيه .. ولو نفدت منها تبجي انتحرت ...
قالتها وأكملت باستغراب :
-- بس غريبه مسمعتش النسوان بتصوت عليها....
باستعلاء جلست تضع ساق على ساق وتابعت :
-- هو صحيح ليها حد عشان نعمل لها صوان وناخد فيها الخاطر .. يالاا الله يرحمها كانت وش نصايب .. أهووو كده بجي كل يوم أعمل ل "سعد" عروسه وأرجع أيام سعدنا تاني .. بس لما يرجع من المقابر..... نطقت كلامها بصوت مسموع وهى تضحك بسخريه كى تثير حنق الحجه راضيه.....
ضحكت الحجه راضيه ترد على سخريتها هاتفه :
-- أنتي انهبلتي يا "مكيده" يامكوسه يا وش البومه .. "سعد" مين اللى فى المقابر كفى الله الشر .. ده طلع ينضف القرف اللي عليه من الليله اللي نامها عندك في أوضتك .. وشغل النسوان الفاجره اللي أنتي منهم .. والعلامه اللي علي رجبت ابني متجلش منيه يا خيبه .. دى بتسبت أن ابني سيد الرجاله وبيعرف يمتع ست اللي معاه.....
اغتاظت مكيده لتلاحقها الحجه راضيه برد يقصف جبهتها :
-- و"هنيه" انبصت لما شافت العلامه وجلتله لو "مكيده" مش مكفياك أجوزك اتنين كمان المهم تكون مبسوط .. أصل اللي زى "هنيه" أهم حاجه عندها اللي يحبه يكون سعيد حتي لو مع غيرها......
تابعت ترد لها كيدها فى نحرها :
-- عارفه يا"مكيده" رد "سعد" كان أيه.....
قالها لو اتجوزت ستات الكون مفيش حد بيسعدنى غيرك حتي لو بنظرة من عيونك....
أكملت إغاظتها هاتفه :
-- مش بعيد تكون بترجص له فوج دالوكت...
أنهت كلامها ونادت علي الخادمه "
-- بت يا بهانه... أنتى يابت
هرولت بهانه تهتف باحترام :
-- أمرك نعم يا ستى الحجه أؤمريني.....
رسمت الحجه راضيه ابتسامه عريضه وعيونها تلمع بالفرح هاتفه :
-- أول ما تشوفي سيدك "سعد" وستك "هنيه" تزغرطي .. وتجيبي جردل ميه .. عشان لما ستك مكيده تولع تطفيها......
قالتلها وهى تنظر بتحدى ل مكيده ألا تجهد حالها فى تصنع البرأه فهى على علم بما يحاكيه عقلها.......
بادلتها مكيده النظرات وهى تموت غيظا تهز ساقيها بتوتر لا تستطيع التلفظ بحرف رفعت حاجييها باستعلاء تنفخ أوداجها بغضب
رمقتها الحجه راضيه باستهانه وهتفت تستكمل أوامرها للخادمه :
-- ابعتيلي بت من البنات تطلع تكبس رجلي أصلها بتوجعني .. والجو هنا بقي خنجه .. وبلغيني أول ما البنات ترجع من بره أو ستك هنيه تنزل.....
بطاعه أجابتها بهانه :
-- حاضر يا ست الحاجه يالا أتسندى عليا عشان أوصلك أوضتك
قالتها وأخدتها تصعد للأعلى تاركين حيه رقطاء تتصيد الفرص للانقضاض عليهم......