اخر الروايات

رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة محمد

رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة محمد 



حافية على جسر عشقي الفصل الثالث عشر:
قبضَت بكفيها على الغطاء المحاوط لجسدها، مغمضة عيناها بأسى بدى على قسمات وجهها، بينما هو خلفها يحاوط خصرها بذراعه البارد مستنداً بذقنه على خصلاتها، حاولت أن تنزع ذراعه عنها إلا أنها فشلت، فقد كان متشبثاً بها كأنه خائف فقدانها، و هروبها من بين يداه!!!

تنهدت بضيق لشعورها بقلبها الذي ينبض بقوة بداخلها، مرتعبة من أن تكون قد وقعت في فخ الحُب، نفت ما برأسها، شعورها تجاهه هو الإطمئنان فقط، الإرتياح نحوهه، هي تشعر بجانبه بأنها في آمان، بأن لا يوجد أحد على الأرض يستطيع إذائها وهي بجواره.. ليس إلا!!!
خافت من أن تكون تعلّقت به، خافت من حصوله على قلبها المغلف بالحزن وعدم الثقة، أستسلمت للأمر لتلتفت تعطيه وجهها، حدقت بملامحه الوسيمة حتى و هو نائم يبدو كالملاك، غفلت عن حالها لوهله لتميل بثغرها مقبلة صدغه برِقة....

تفاجأت به يفتح عيناه بخبثٍ ماكر وسط صدمتها، تمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها، حاوط خصرها بذراعه القويتان عندما قال بخبثٍ:
- أنتِ عارفة أنا هعمل فيكي أيه بعد اللي عملتيه دلوقتي ده!!!!

خفق قلبها بعنف لتمد كفيها واضعها إياهما على صدر العاري محاولة أختلاق مسافة بينهما قائلة بوجهٍ تخضب بالإحمرار الشديد:
- ظـافـر!!!

لم يبالٍ بكفيها الصغيرتان لينحني نحوها مداعباً أنفها الصغير بأنفه الحاد مغمض العينان يستشعر أسمه الذي يُلفظ من بين شفتيها قائلاً مغمض العينين بحنو:
- عيونه!!!!

تنهدت بعمق و قد أدركت أنها وبدون نقاش قد وقعت فريسة لحُبه، أستسلمت لذلك الشعور الطاغي، لتصمت، حتى عندما أطبق بشفتيه على شفتيها في قبلة رقيقة لم تفعل شئ، لم تقاومه بل تبادلت معه قبلته بشوقٍ زُرع بقلبها، قررت أن تعترف له بكل شئ منهية ذلك الصراع الذي يدور داخلها و لكن ليس الأن حتى لا تفسد تلك اللحظة..

• • • •

جلست على الأراضي الباردة تضم كلتا ركبتيها إلى صدرها تبكي بعنف، لا تستطيع نسيان ما حدث البارحة و كلماته القاسية معها، لقد طعنها بدمٍ بارد، شردت فيما حدث لتتذكر البارحة عندما كانت تقف في شرفة منزله لتراه يترجل من سيارته السوداء الفخمة يسير بهيبة عهدتها منه، قفز قلبها فرحاً لترتدي إسدالها لتنزل لعنده بخطوات متلهفة وقد قررت الإعتراف له بمشاعرها البريئة النقية، كان وجهها يزينه البسمة و هي ترى الخادمة تفتح الباب لها، تلاقت نظراته بها لتفضحها عيناها الخائنة!!!

أبتسم بسُخرية لينتظر ذهاب الخادمة و قد أصبح يسأم شعورها تجاهه، أتجهت نحوه "ملك" بخطوات متهادية تنظر أرضاً بخجل، لتفرك أصابعها ببعضهما بتوترٍ قائلة في حياء:
- أزيك يا جواد؟!!

ردّ بإقتضاب:
- كويس

شعرت ببرودة ردُه لترفع نظراتها له قائلة بغرابة:
- أنت .. أنت زعلان مني في حاجة؟!!

أدار وجهه للجهة الأخرى وبرائتها تجبره قسراً على أن لا يقسو عليها، فهي لطالما كانت طفلته التي كانت تركض تجاهه منذ صغرها ليستقبلها هو بالأحضان، حتى كبرت و نضجت فـ لم تعد تفعل ذلك تحت أمر من "ظافر" بالتأكيد، تنهد بعمق محاولاً الدعس على قلبه ليقول ببرودٍ ثلجي:
- لاء!!!

أغرورقت عيناها بالدموع لبروده معها لتنظر بالأرض حتى لا يرى دموعها قائلة بنبرة يشوبها الألم:
- عن إذنك!!!

ثم ألتفتت حتى كادت أن تذهب بعيداً عنه، إلا أنه ناداها قائلاً بجمود:
- أستني!!!!

ألتفتت له بأمل لتقول بلهفة:
- نعم؟!..

يقترب منها عدة خطوات بطوله المهيب ليبعثر مشاعرها، نظر لها بثبات قائلاً:
- بصي يا ملك، أنا عارف أنك بتحبيني!!!!

وقع قلبها أرضاً لتنظر له بصدمة، طغى الإحمرار على وجهها لتنظر لقدميها تنتظر متابعة حديثه و ليته لم يفعل!!!

- بس أنا أسف مش هقدر أبادلك المشاعر دي، أنتِ لسة صغيرة ومش فاهمه الدنيا، لسة صغيرة في عيني.. مش قادر أشوفك غير البنت اللي بضفرتين اللي كانت بتجري عليا تُحضني، أنا أسف يا ملك بس أنتِ أختي الصغيرة ومش عارف أتخيلك مراتي أبداً، أتمنى تكوني فهمتيني...

وقعت كلماته عليها كالصاعقة، كانت كالنيزك المدمر على قلبها، تابعته عيناها و هو يذهب من أمامها ، وذهبت معه جميع أحلامها معه إدراج الرياح، ركضت نحو عرفتها حتى كادت أن تسقط لولا يد "ظافر" التي أمسكت بكتفيها قائلاً:
- على مهلك!!!

أخفت عيناها عنه قائلا بصوت متألم:
- أسفة..

حاوط كتفيها ليقول بإستغراب عندما لاحظ دموعها قائلاً وهو يرفع ذقنها له:
- مالك؟!!

تلعثمت قائلة:
- مافيش يا أبيه أنا كويسة أنا بس تعبانه و عايزة أنام..

نظر لها بريبة محاوطاً وجهها بحنو:
- متأكدة يا ملك؟!!!

اومأت بإبتسامة مغتصبة، ليميل هو مقبلاً جبهتها قائلاً:
- ماشي يا حبيبتي أطلعي أستريحي، و لوحد ضايقك تعالي قوليلي على طول..

أومأت لتذهب نحو غرفتها، أغلقت الباب لتستند عليه شاهقة ببكاءٍ حارق، ظلت طوال الليل تبكي حتى أنتفخت عيناها، عادت من ذكرياتها لتستغفر، نهضت ثم أدت صلاتها بخشوع تبكي ساجدة لربها، تتمنى من ان يزيل حبه من قلبها .. أو يغرس حبها في قلبه!!!!

• • • •

كاد أن يحطم ضلوعها من شدة أحتضانه لها، يندم عما نطق به لسانه، ربت على خصلاتها البنية ليميل مقبلاً جبهتها، تلوت "رهف" بين ذراعيه لتفتح جفونها بنعاس، سرعان ما أستوعبت وجودها بين أحضانه طوال الليل لتنهض كمن لدغتها حية واثبة تقول بصراخ:
- أبـعـد عـنـي!!!!!!

صُدم من ردة فعلها ليقول مهدئاً إياها:
- أهدي يا حبيبتي!!!!

صرخت بهيستيرية ضاربة الأرض بقدميها:
- متقوليش حبيبتك، أنا بكرهك..أنا همشي من هنا، مش هقعد هنا دقيقة واحدة!!!!

نهص عن الفراش ليمسك بكتفيها بقوة قائلاً بنبرة هادئة يحاول أن يمتص غضبها:
- عشان خاطري أهدي، أنا أسف على اللي قولته أنا مكنش قصدي والله!!!

أخذت تلكمه على صدره في ضربات لم تؤثر به صارخة بإهتياج:
- مكنش قصدك!!!! أنت عارف كلامك عمل فيا أيـه!!!!!

حاوط وجهها قائلاً بندم:
- و رحمة أبويا مكنتش أقصد...

نزعت كفيه عن وجهها لتنفي برأسها قائلة بصراخ سمعه من بالقصر بالكامل:
- ســيــبـني!!!!!!

كانت "رهف" في حاله لم يستطيع "باسل" أن يروضها، حتى دلفت والدته للغرفة بقلق قائلة:
- في ايه يا ولاد!!!!!

ألتفتت لها "باسل" الذي قال في إرهاق:
- مافيش حاجة يا أمي...

ابتعدت عنه "رهف" لتتجه للسيدة "رقية" تتوسلها قائلاً:
- عشان خاطري خليه يوديني عند أمي، أعتبريني بنتك وخليه يسيبني في حالي!!!!

تفاجأت "رقية" بإستنجادها بها ليتجه نحوهما "باسل" قائلاً بغضب و هو يجذب "رهف" من ذراعها بقوة نحوه:
- روحي أنتِ يا أمي أنا و هي هنحل مشاكلنا مع بعض...

أنتحبت "رهف" أكثر لتشفق عليها "رقية" جذبتها إليها بعطفٍ أمومي لتقول لإبنها بحزم:
- سيبني أنا يا بني ههديها..

تركها "باسل" بقلة حيلة لتحاوط "رقية" "رهف" من كتفيها ثم دفعتها معاً لتسيرا خارجن من الغرفة، و شهقات "رهف" لا تخفي عليه.. مسح على وجهه بتعب ليهتف بنبرة حادة قبل أن يغادرن الغرفة:
- خليكوا.. أنا اللي همشي!!!

ثم غادر صافعاً الباب وراءه بحدة، انفجرت "رهف" في البكاء لترتمي في أحضان "رقية" التي نظرت له بعطف أمومي، ربتت على خصلاتها لتقول بحنو:
- أهدي يا جلب أمك، مافيش حاجة تستاهل دموعك دي يا ضنايا، صدجيني باسل بيحبك، يمكن أنا كنت معترضة على چوازكوا في الاول بس أنا ميهمنيش غير راحة أبني، و هو بيحبك فعلاً يا بتي، أستهدي بالله..!!!

أهتزت نبرتها وهي تقول ببكاء:
- أنا عارفة أنه بيحبني بس هو وجعني أوي بكلامه، حسسني في نظر نفسي أني رخيصة!!! وأني مستاهلش أبقى مرات باسل سرحان الهلالي!!!!!

رغم أنها لم تعلم ما حدث بينهما إلا انها ربتت على كتفيها تقول بتأنيب:
- متقوليش أكده يا حبيبتي دة أنتِ ست البنات..
ثم تابعت بإبتسامة:
- لما ييجي هخليه يتأسفلك و يحِب على راسك كُمان!!!

مسحت دموعها لتومأ بإبتسامة، ثم أخذا يتسامران و شعرت "رهف" بالطمانينة بوجودها، فهي تذكرها بوالدتها وحنانها، ليدلف "باسل" على حين غرة، تهربت "رهف" من عيناها و هو يقول مثبتاً نظراته عليها بشوقٍ:
- خلصتوا؟!!

نهضت والدته لتقول بحدة زائفة:
- تعالى يا وِلد أتأسف لمرتك و حِب على راسها..
ثم أنسحبت خارج الغرفة قائلة بإبتسامة:
- ومتزعلهاش تاني

أبتسم "باسل" بحُب ليقترب منها بخطوات وئيدة، يتابع نظراتها المتجهة أسفل قدميها، كوّب وجهها بكلتا كفيها ليطبع قبلة عميقة على جبهتها قائلاً بعشقٍ:
- أنا أسف يا حبيبتي، صدقيني مكنش قصدي!!!!

أبتسمت "رهف" قائلة:
- خلاص مش زعلانه..

جذبها إلى أحضانه مربتاً على ظهرها لتقول "رهف" بشرود:
- أنا لازم أحكيلك على كل حاجة..

قاطعها "باسل" بوجهٍ عاد لجموده بعض الشئ:
- لو مش عايزة بلاش دلوقتي..

- لاء!!! هحكي!!!
أصرت بنبرة هادءة ليومأ لها "باسل" بهدوء..
جلست "رهف" على الفراش تتذكر ما حدث لتبدأ بالسرد على مسامعه:
- اللي شوفته دة أسمه سليم، كنت خطيبته من قبل م أشوفك، ظهر في حياتي فجأة وحبيته أوي، وبعدين جه عشان يخطبي من جوز ماما، أنا قولت أن جوز ماما أحتمال كبير مش يوافق، بس أنا اتفاجأت أنه وافق وعينيه كانت بتقول أن في حاجة مخبيها عليا، و بقيت فعلاً خطيبة سليم، لحد مـ في يوم جه عشان يقعد معانا، و ماما وجوزها سابونا قاعدين لوحدنا..

شردت أكثر في ذكريات بعيدة..

كان يجلس "سليم" على الأريكة بينما هي تجلس على الكرسي بجواره بحياءٍ، ربت "سليم" على الأريكة بجانبه قائلاً بخبث:
- مـ تيجي يا حبيبتي تقعدي جنبي هنا، وبعدين دة أنا هبقى جوزك..

أبتسمت "رهف" بسذاجة لتذهب جالسة جواره وليتها لم تفعل، نظرت للأرض بخجلٍ لينتهز "سليم" الفرصة ثم مدّ يده لخصرها النحيل، أنتفضت "رهف" بحياء و توترٍ، فـ قد كانت كلتا ذراعيه يحاوطان خصرها ليقبل وجنتيها الطرية برغبة حاولت "رهف" إبعاده بخوفٍ قائلة:
- سليم أبعد أحسن ماما وجوزها يشوفونا..

أبتسم ساخراً على براءتها ليقول و هو لازال مقيدها بين ذراعيه:
- لاء متخافيش..
فهي لا تعلم أنه زوج والدتها هو من طلب منه فعل ذلك بينما هو مع والدتها بالداخل يلهيها عنهم..

تجرأ أكثر ليقيل شفتيها برغبة مريضة و يداه تتلمسها برغبة ، كادت "رهف" أن تبكي فهي تريده أن يبتعد و لكن تخاف أن تخسره ف أستسلمت للمساته التي كوّت جسدها، و لكنها أبتعدت كمن صُعقت بالكهرباء عندما حاول نوع ملابسها لتنهض قائلة بنبرة شبه حـادة:
- سـليم!!!!

لم يكن يعي ما يفعل، لينهض قبالتها ثم دفعها نحو الحائط خلفها، أنهال عليها بالقبلات المقززة متلمسا جسدها بكفيه، حاولت "رهف" إبعاده إلا أنه بقى كما هو دون تحرك ف بنيته كانت تفوقها أضعاف، أنهمرت الدموع من عيناها لتنقذها والدتها التي قامت بالنداء عليها من الخارج، أنتفضت لتبتعد عنه ماسحة دموعها قائلة بنبرة متلعثمة:
- جاية يا ماما...

و يومٍ ما كانت "رهف" و "سليم" يجلسان بسيارته لتردف بحدة:
- أنت فاكرني أيه عشان أجي معاك شقتك، سليم أنت مستوعب اللي بتقوله!!!!!

تأفف "سليم" ليغتصب أبتسامة على ثغره قائلاً بلطف زائف:
- هو أنا هاكلك يا حبيبتي، ده أنا هوريكي الشقة اللي هنقعد فيها أنا غلطان يعني!!!!

كتفت ذراعيها قائلة بريبة:
- ومقولتليش ليه من الأول عشان أقول لماما و جوزها يبقوا معانا، ولا أنت فاكر أني هاجي معاك من غيرهم، أنت ناسي القرف اللي عملته لما كنت عندنا!!!!!

صدم "سليم" فقد تحولت من فتاته المطيعة لقطة ذات مخالب حادة، ليردد بعدم أستيعاب مصطنع:
- قرف!!!، أنا بحبك يا رهف عشان كدا هموت عليكي، أنتِ متعرفيش النار اللي جوايا و لو عليا كنت أتجوزتك دلوقتي حالاً!!!!

شعرت "رهف" بالندم لما قالته لتربت على كتفه ببراءة تقول برقة:
- طب خلاص يا حبيبي متزعلش أنا مكنتش أقصد!!!

نظر لها بحزن زائف و هو يقول بعينان بريئتان:
- يعني هتيجي معايا؟!!

أحتدت نظراتها لتقول:
- لازم ماما و جوزها يبقوا معانا..

تأفف بيأس ليقترب من عنقها ثم وزع قبلاته عليها، حاولت "رهف" إبعاده بتقزز ليضغط "سليم" على شريان برقبتها بإحترافية، لتقع مغشياً عليها بين براثنه..

أحتدت عينان "باسل" لتنفجر الدماء برأيه قائلاً بنبرة حادة:
- كملي!!!!

إزدردت ريقها و هي تتابع ملامحه، لتكمل ..

أخذها "سليم" إلى شقته بالفعل، بينما كان ينتظره زوج والدتها على أحر من الجمر، حملها "سليم" ليدلف بها لشقته، نظر لها ذلك الرجل برغبة مريضه ليلتقطتها من بين ذراع "سليم" قائلاً بوقاحة:
- روح أنت يلا مهمتك خلصت..!!!!

نظر له "سليم" قائلاً بإشمئزاز:
- مش عيب عليك يا راجل لما تبقى عايز تغتصب بت أد بنتك!!!!

تشدق ذلك الرجل بغضب شديد:
- و أنت مالك يا روح أمك، يلا ياض أمشي من هنا!!!

نظر له "سليم" قائلاً بنزق:
- هات الفلوس الأول مش كفاية التمثيلية البايخة اللي عملتها على البت دي، وبعدين البت قمر و أنا كنت عايز أدوق الشهد قبلك بس يلا بقا ماليش نصيب!!!!!

ضغط على شفتيه و هو ينظر لها بين يداه برغبة قائلاً :
- هديلك الفلوس بس مش دلوقتي يا بـأف..!!!

نظر له بإشمئزاز ليقول:
- طيب يا جدو.. يلا سلام..

ثم خرج من الشقة، دلف "ناصر" زوج والدتها للغرفة ليضعها على الفراش و هو ينظر لجسدها برغبة، مزق ملابسها سريعاً ليلبسها منامية عارية باللون الأبيض.. فتح أزرار قميصه بعجالة، بينما فتحت "رهف" عيناها بنعاس، تشوشت الرؤية أمامها لتتفاجأ به يوزع قبلات مقززة على وجهها، شهقت بعنف ليقيد هو ذراعها ثم أنهال عليها بالقبلات بكت "رهف" بقوة هو يضغط بجسده الهزيل عليها ضربته بركبتها في معدته ليتآوه هو بألم ليسقط على الأرض متكوراً و هو يسبها بشتائم تندي له الجبين، نهضت بعنف لتمسك بالمزهرية الموضوعة على الكومود، لتضربه على رأسه بقوة، صرخ "ناصر" بألم، ليسقط مغشياً عليه، ركضت هي نحو الباب لتخرج من الشقة، ركضت على الدرج ببكاءٍ قوي، ينظروا لها المارة بشفقة تارة وبغضب مما ترتديه و برغبة متفحصين جسدها، أختبأت "رهف" لتقابل "مازن" في ذلك الحين..!!!!!

بكت "رهف" و هي تعلم أن "باسل" سيغضب، سيثور، و من المحتمل أن يطلقها بعدما علمه عنها، فهو كأي رجل شرقي لا يقبل بفتاة مثلها، بالفعل كان "باسل" يثور داخله، بل يشتعل كالبركان المتوقد بنيران مستعرة، نهض لا يعلم ماذا يعل أو ماذا يقول، مسح على وجهه بقوة ليخرج سيجاره البني، أشتعله بقداحته ينفث عن غضبه به، بدلاً من أن ينفث عن غضبه بتلك المسكينة، شعر بالإختناق ليخرج من الغرفة صافعاً الباب خلفه، تاركها منهرة بالبكاء!!!!
• • • •

- يعني البنت دي كانت خاطبتك وسيبتوا بعض قبل شهرين من الفرح!!!! بس ليه!!!!
قالت "فريدة" بتفاجأ امام "مازن" الذي يجلس أمامها منفثاً غبار سيجارته قائلاً ببرود:
- كانت طمعانة في فلوسي!!!!

ثم أقترب منها برأسه مضيقاً عيناه قائلاً ووجهه مقابل وجهها:
- عشان كدا دايماً بقول أنكوا صنف زبالة و طماعين!!!!!

شهقت"فريدة" بصدمة لتنهض من أمامه صارخة به:
- أنت قصدك أن أنا طمعانة فيك!!؟

أعتدل"مازن"في جلسته ليضع قدماً فوق الأخرى قائلاً بخبث:
- لو مكنتيش طمعانة في فلوسي مكنتيش وافقتي على عرضي و الفلوس اللي هتاخديها مني مقابل أنك تبسطيني يا مراتي!!!!

وضعت كفها على فمها للحديث الذي طعن قلبها، أغرورقت عيناها بالدموع لتردف ببكاء:
- أنت ليه بتعاملني كأني واحدة جايبها من الشارع؟!!!!

أبتسم أمام دموعها قائلاً بسُخرية:
- م أنتِ كدة فعلاً!!!!!

جحظت عيناها لتقدح عيناها شراً، مالت عليه بحدة لتقبض على تلابيب قميصه صارخة به ببكاءٍ مفرط:
- أنت متعرفش حاجة عني، متعرفش قبلت أني أكون مراتك ليه، أنا لولا أخويا اللي ملوش حد غيري في الدنيا دي عمري م كنت هفكر أقبل عرضك ال*** زيك!!!!!، أنت متفرقش معايا أصلاً ولا معتبراك راجــل!!!!!!!!

لم تقصد.. لم تقصد ما تفوهت به تواً و هي ترى تغير ملامحه من الجمود والبرود التام إلى ملامح شُكلت كالشيطان أمامها، ملامحه جعلتها كالخرساء لا تعلم بما تبرر ما قالته، أبتعدت عنه سريعاً كمن لدغتها أفعى و هي تراه ينهض مقترباً منها في خطوات بطيئة كالموت الذي يقترب منها رويداً رويداً، ألتصقت بالخزانة تقول بصدرٍ مهتاج من شدة خوفها منه و مما قد يحدث:
- أنا مكنتش أقصد..!!!!

لكنه لم يستمع لها، أقترب منها بعينان مشتعلة ليقف أمامها تماماً، قبض بأصابعه الغليظة على فكها بعنف حتى كاد أن يقتلعه في يده، حاولت "فريدة" إزاحة كفه لتنهمر الدموع كالشلالات على وجنتيها، فقد كانت نظرته أسوأ شئ تراه في حياتها، بل كان الأسوأ صفعته التي أوقعتها أرضاً لقوتها، ثم أنهال عليها بالصفعات صارخاً بها بجنون، يسُبها بأفظع الشتائم، يضربها بقدمه في معدتها، يضرب رأسها بالأرضية حتى فقدت الوعي تماماً، أقتحما كلاً من "ملك" و "رقية" الغرفة لوصول الصوت لهما ليشهقا بصدمة، ضربت "رقية" على صدرها بصدمة أعتلت وجهها:
- يا نصيبتي!!!!!!

فقد كانت "فريدة" متكورة على الأرض، وجهها شاحب كالموتى ممتلئ بالكدمات الزرقاء، و جسدها المكدوم بالإضافة إلى فمها النازف، ركضت نحوها "ملك" لتميل بجانبها صارخة بأخيها بحدة:
- ايه اللي أنت عملته ده يا متخلف!!!!!

ضربت على وجنتيّ "فريدة" برفقٍ هاتفه ببكاء:
- فريدة.. فريدة ردي عليا عشان خاطري!!!!

ألتفتت لوالدتها المتصنمة تقول ببكاءٍ قوي:
- ماما فريدة لازم نوديها المستشفى، روحي صحي ظافر و باسل!!!!!!

لم يعي "مازن" ما يحدث ،كأنه كان بغيبوبة فاق منها لتوه، صُعِق عندما رأى "فريدة" بتلك الحالة متكورة أسفل قدميه، أبعد "ملك" عنها بعنف لينثنى واضعاً يده أسفل ركبتيها والأخرى على ظهرها، حملها كالريشة بين ذراعه ليركض بها خارج الغرفة، بل خارج القصر بأكمله، فتح له سائقة الخاص سيارته ليضعها هو بجانب مقعده، أزاح السائق بحدة ملتقطاً مفاتيحه منه ليصارع الرياح في سرعته، بقلبٍ ملكوم و عقل تأكد من فقدانها!!!!!

• • • •

وصل بها لمشفى "الهلالي"ليترجل بسرعة فائقة، دار حول السيارة ليفتح الباب الخاص بمقعدها ثم حملها ليركض تجاه المشفى و جسده البارد ينزاع جسدها الثلجي، صرخ بكل ما أوتي من قوة:
- هاتوا سرير هنا بــسـرعـة يا شوية بــهــايـم!!!!

ركض نحوه طاقم من الممرضات و الأطباء مع الفراش المتنقل ليضعها عليه، ولسوء حالها أتجهوا بها فوراً إلى العناية المركزة ليجتنبوا بطش بن عائلة الهلالي، نظر إلى يده التي تخضبت بدماءها بفزعٍ، مسح على خصلاته بجنون يرفض فقدانها، جلس على المقعد ليجد والدته و "ملك" و "ملاذ" تستند على "ظافر" و أخوانه "ظافر" و "باسل" يركضون نحوه لتمسك به والدته بجزعٍ:
- هي فين!!!!!!

أشار لغرفة العناية المركزة بلا حديث، نظرت له والدته بإستحقار لترفع كفها عالياً ثم هوت به على وجنته بصفعة قوية، شهق الجميع بتفاجأ و لكنه كان صامت، فـ تلك الصفعة لم تؤثر به أبداً و كأنه فقد الإحساس بمن حوله، قبضت على تلابيبه لتقول بحدة :
- أنا اللي دلعتك زيادة عن اللزوم!!!! أنا اللي خليتك تطاول على اللي أضعف منِيك، يا خسارة تربيتي فيك، حسبي الله ونعمة الوكيل البت اللي مرمية چوة لا حول ليها ولا جوة بسببك أنت، دة أنت عندك أخت لو چوزها عمل فيها أكده مش هنسكتله، و لا أنت واخدها معندهاش أهل عشان تبيع وتشتري فيها، عشان أهلها مش موچودين هتفكر نفسك هتفتري عليه، البت دي اول م تفوق تطلقها وتسيبها في حالها، أنت مريض و مينفعش حد يعيش معاك واصل!!!

كلماتها كانت كالخناجر التي تستقر في قلبه وبين ضلوعه، و لكنه لم ينطق بكلمة، أبتعد عنهما ليخرج خارج المشفى بنظرات شاردة، ذهب بعيداً.. بعيداً جداً و هو الحل الذي يلجأ له دائماً.. الهروب!!!!!

• • • •

جلسوا جميعهم على المقاعد بقلة حيلة أمام الغرفة ينتظروا الطبيب، أسندت "ملاذ" رأسها على كتف "ظافر" الذي حاوط كتفيها، رفعت أنظارها لتنظر له بإبتسامة، فهي قد أختارت رجلاً بمعنى الكلمة، حمدت ربها بسرها أنه رزقها به، خرج الطبيب بضيقٍ ليزيح الكمامة عن وجهه، أقتربوا منه جميعهم ليتطمأنوا، ليردف الطبيب بهدوء ملتفتاً إلى "ظافر" :
- بصراحة يا ظافر بيه البنت جاية مدغدغة، وشها وجسمها مليانين كدمات و واضح أنها أتعرضت لإعتداء بالضرب وحشي جداً أدى إلى شروخ في عضمة الفك من كتر الضرب، و دراعها كمان هنجبسه عشان نتفادى أي كسور لا قدر الله!!!!

أندفعت السيدة "رقية" تقول:
- طب هي فاقت يا ضاكتور؟!!!

- الحقيقية هي في غيبوبة أنا مستغربها، يعني رغم أن أعضائها الحيوية بتقوم بوظائفها و كله تمام بس هي كأنها رافضة الواقع اللي هي عايشة فيه، هي بنفسها اللي رافضة تقوم من الغيبوبة!!!! بس متقلقوش أنا هكلف طاقم كامل من الممرضين يفضلوا معاها لحد م تبقى كويسة و الأفضل تبقى في المستشفى كمان كام يوم.. بعد إذنكوا
ثم أنصرف الطبيب بإحترام.. لتقول "رقية" بحزن:
- أنا كمان چيت عليها يا حبة عيني، مش كفاية الحيوان التاني..

أظلمت عينان "ظافر" ليقول بتوعد:
- مازن سيبهولي أنا يا أمي!!!!!

• • • •

ظلت "فريدة" راقدة على الفراش بـ غيبوبتها، رافضة النهوض ومواجهة تلك الحياة التي سلبت كل ما هو جميل في حياتها، بينما يختفى "مازن" تماماً، بحثا عليه كلاً من "ظافر" و "باسل" بشتى الطرق وفي كل مكان، إلا أن محاولتهما باءت بالفشل، و كأن الأرض أبتلعته، لم يتركوا "فريدة" بمفردها أبداً، وخيم الحزن عليهم لعدم أستجابتها و نهوضها، أما "يزيد" الصغير كان يبكي لعدم وجود أخته بجواره، فهو لا يعلم أحد سواها من تلك الوجوه الغريبة عليه..

تحسنت قدم"ملاذ" لعناية "ظافر" بها، مما حث "ظافر" على الإسراع ليقيم حفل الزفاف في القصر، إلا أن "ملاذ" أصرت بعد أن تسترد"فريدة" عافيتها.. لربما تقول له عما يدور بخلدها في ذلك الوقت..
و بالفعل تحسنت حالة "فريدة" و أفاقت من غيبوبتها ليذهبوا بها للقصر، رفضت "فريدة" في بادئ الأمر الذهاب لذلك القصر الذي أصبح ثقلاً على قلبها، إلا أنهم أصروا خاصةً "رقية" تقول لها بحزم أن لا أحد سـ سيمسها بمكروه أبداً، أطمئنت "فريدة" قليللً لاسيما عندما لم تلمح طيف "مازن" أبداً، ظلتا "رهف" و "ملاذ" و "ملك" مع "فريدة ليخرجانها من تلك الحالة، حتى أصبحوا أصدقاء..

• • • •

نظرت "فريدة" لنفسها بالمرآة..أعتلت المرارة صفحة وجهها، لتنظر لكدمات وجهها الزرقاء، وكتفها الأيمن مصتبغاً بلوناً بنفسجي قاتم، و بعض الخدوش ، أنهارت أرضاً تخفي وجهها بكفيها لتبكي بحرقة شديدة، دلفت "رهف" بجزعٍ لتركض نحوها، رفعتها عن الأرض لتجذبها لأحضانها، ياللمراراة فالفتاة التي كاد زوجي أن يغتصبها تحتضني لتواسيني.. هكذا قالت "فريدة" في نفسها، صرخت "فريدة" بإهتياج:
- ليه بيحصل فيا كدا!!!! أشمعنى أنا اللي جوزي يعمل فيا كدا!!!! أنا بكرهه أوي، يارب خدني بقا يارب!!!!

ضمتها "رهف" لصدرها أكثر قائلة بحزن:
- اهدي ياحبيبتي متعمليش في نفسك كدا هو ميستاهلش والله دمعة من عينيكي عيشي حياتك و أعتبري أنه مات!!!!

لا تعلم لما خفق قلبها بعنف عندما ذكرت موته، أبتعدت عنها تقول بتوجس:
- هو فـين؟!!!

- مش عارفة بس هو أخر مرة كان موجود لما جابك على المستشفى، باسل وظافر دوروا عليه في كل حتة و مش لاقيينه، بصي أنا أيوا بكرهه عشان اللي عمله فيكي و اللي عمله معايا كمان وبقول عليه حيوان بس أنتِ مشوفتيش منظره لما جابك على المستشفى، كان منهار جداً كأنه لما كان بيضربك مكنش في وعيه و فاق على منظرك لما أغمى عليكي ..كان تايه!!!!!

لم يزيدها كلماتها سوى خوفاً على أن يكون قد أصابه مكروهٍ ما، لعنت ذلك القلب الذي لازال يخفق له، هدأتها "رهف" لتقول بمزاح حتى تخرجها مما هي به:
- بقولك أيه تعالي نرخم على البت ملاذ شوية!!!!

أومأت "فريدة" بإرهاق لتتجها نحو غرفة "ملاذ"، طرقوا الباب ولكن لم يسمعوا رداً، ليدلفا بحذر فوجدوهها نائمة كعادتها مفترشة الفراش بأكمله، أبتسما بخبث لتلتقط "رهف" كوب الماء البارد لتلقيه بوجهها صارخة برعب زائف:
- حــريـقـة!!!!!!

أنتفضت "ملاذ" برعب قائلة بصراخ:
- الـبـيت بيولععع!!!!!!

أنفجرا "رهف" و "فريدة" من الضحك لتنظر لهما "ملاذ" بعبوس قائلة بضيق:
- والله حرام عليكوا!!!

لكزتها"رهف" قائلة بضحكات عالية:
- م أنتِ اللي بتنامي زي القتيلة!!!!، قومي يلا!!!، أنتِ ناسية أن فرحك بعد يومين!!!!!!

أنقبض قلبها عندما تذكرت أمر زفافها، وكأن حكم أعدامها هو من أقترب، نظرت لهما قائلة بشرود:
- أنا مش عايزة أتجوز!!!!

نظرت "فريدة" لها بغرابة لتقول:
- أنتِ بتهزري يا ملاذ ده فرحك خلاص، وبعدين ظافر بيحبك ليه بتقولي كدا؟

أبتسمت في وجوههم حتى لا تشعرهم بالخوف على حالتها، لتتمتم:
- مافيش حاجة يا جماعة انا بس خايفة مش اكتر..
ثم أكملت وهي تقبض على معدتها قائلة:
- أنا جعانة اوي...

جذبتها "رهف" قائلة من ذراعها لتنهض من على الفراش:
- طب يلا كلهم على السفرة تحت ومستنيينا...

نهضوا ثلاثتهم لتنذرها "فريدة" قائلة بحذرٍ:
- ملاذ هتنزلي كدا؟ بلاش عشان ظافر ميزعقش..

نظرت "ملاذ" لما ترتديه لتجد سروال من الجينز يصل لما قبل ركبتيها، تعلوه كنزة خفيفة بحمالاتٍ رفيعة، عضت على شفتيها بتردد لتنظر لهما قائلة بتوترٍ:
- بلاش أنزل كدا صح؟

قالا معاً:
- ايوا بلاش..

أومأت لتقول بإبتسامة:
- طب خلاص أنزلوا أنتوا و أنا هغير وجاية وراكوا..

خرجا الأثنتين لينزلوا بالأسفل..
كان "ظافر" يترأس الطاولة يأكل من طبقه بهدوء بارد، يجاوره "باسل" و والدته و "ملك" التي كانت نظراتها خاوية حزينة ألتفت "ظافر" برأسه عله يجدها، أعتلى وجهه الإستغراب ليقول بإستفهام:
- فين ملاذ؟!!

أجابت "رهف" وهي تجلس جوار زوجها:
- نازلة ورانا...

نظرت "رهف" إلى "باسل" بملامحه الجامدة، ربتت على ذراعه قائلة بخفوت:
- حبيبي إنت كويس؟
أومأ دون حديث لتتنهد هي بحزن، ثم عادت تنظر إلى طبقها منكسة رأسها للأسفل..

عاد "ظافر"ينظر لطعامه بجمود، بعد دقائق.. مر طيف رائحتها القوية ألتفت لها ليجدها باسمة الوجه، ترتدي ملابس محتشمة، أبتسم لها بعذوبة لتبادله هي بأخرى شغوفة، جلست بعيدة عنه قليلاً لتبدأ طعامها بهدوء.. بينما قالت السيدة "رقية" بحزن:
- ملقتوش مازن بردو؟!!

تحدث "ظافر" قائلاً بسأم:
- دورنا عليه في كل حتة يا أمي بس كأنه فص ملح وداب...
تنهدت "رقية" بضيق:
- هيفضل مشيلنا همه أكده...

مازال يقول لها إحساسها بأنه ليس بخير، إلا أنها تمنت عدم رجوعه، ولكن فقط ليبقى بخير بعيداً عنها...

عادت "رقية" تتحدث بود إلى "ملاذ":
- مش هتنزلي يا حبيبتي مع فريدة ورهف و ملك عشان تچيبي الحاچات اللي هتحتاچيها عشان فرحك؟!!

وقف الطعام بحلقها لتسعل بقوة، أنتفض"ظافر" واثباً ليقول بقلقٍ:
- أنتِ كويسة؟!!!

- أسم الله عليكي يابتي..
قالت "رقية" بقلق..

سكبت لها "فريدة" كوب من الماء، لترتشف منه "ملاذ" بتوتر..عاد "ظافر" جالساً، ليقول:
- أنزلوا و أنا هبعت السواق و الحُراس معاكوا..

• • • •

صعدت "ملاذ" لغرفتها و قلبها يكاد يخرج من محله، أتجهت نحو فراشها لتجلس عليه بجسد يرتعش من شدة البرودة، أمسكت بهاتفها حتى تهاتف "فتحية" فوجودها بجانبها سيطمئنها، إلا أنها وجدت رسالة مجهولة من رقم غير مسجل، قطبت حاجبيها و هي تقرأ مضمونها:
- هدمرلك حياتك!!!!

أبتسمت بسخرية فهي ليست من ذلك النوع الذي يتأثر بتلك الرسائل المهددة..
هاتفت "فتحية" لتخبرها بميعاد زفافها وبضرورة وجودها بجوارها..
نهضت بعجالة لتبدل ثيابها بتنورة ألتصقت بقدميها يصل طولها لما بعد قدميها، تعلوها حلة رسمية باللون الأسود، بدت أمرأة قوية وجذابة حقاً، رفعت خصلاتها ثم أسقطت بعض الخصلات جعلتها بمظهر طفولي..
يقتحم "ظافر" الغرفة لتنتفض "ملاذ" برعب.. نظرت له بغضب قائلة:
- في حد يدخل اوضة حد كدا يا ظافر؟!!

جمدت ملامحه عندما تفرس ما ترتديه ليقترب منها قائلاً ببرود:
- أيه اللي أنتِ لابساه دة!!!! انتِ متجوزة شوال بطاطس لتكوني فاكرة أني هخليكي تخرجي كدا، دة أنتِ مش هتعتبي باب الأوضة بيه أصلاً!!!!

كتفت ساعديها أمام صدرها لتقول:
- ماله لبسي بقا أنا طول عمري بلبس كدا!!!!

مسح على وجهه بعنف، حتماً سيرتكب جريمة و هي تقف أمامه هكذا، حاول تهدئة نفسه مراراً ليبتسم بإستفزاز:
- أنتِ دلوقتي متجوزة، يعني أنا اللي أشوف تخرجي بأيه و أيه اللبس اللي تلبسيه برا و أيه اللي تلبسيه لما تبقي معايا..

ثم مال عليها بقامته الطويلة ينظر لشفتيها بخبث:
- أنا بس يا مدام..!!!!

عادت للوراء خطوتين بتوتر لتقول بعند:
- أيوا بس أنا عايزة أنزل كدا...

- في أحلامك يا حبيبتي!!!!

- أنت ليه دايماً عايز تضايقني وخلاص..!!!!

- أنتِ اللي بتستفزيني!!!!

- و أنا هنزل كدا يا ظافر!!!!

- مــلاذ!!!!!
صرخ بها بعنف لتنتفض هي على أثرها، ثم تابع بحدة شديدة:
- لو القرف دة مغيرتيهوش يبقى مافيش نزول خالص!!!!

- لاء خلاص.. طيب أطلع بقا برا لو سمحت عشان أغير هدومي..

أقترب منها بمكرٍ:
- مش عايزة مساعدة؟!!!!

نظرت له بحقدٍ:
- حد قالك قبل كدا أنك قليل الأدب؟!!

قهقه قائلاً و هو يغمز بخبث:
- و قالولي اني واطي ومتربتش كمان!!!!

لاحت أبتسامة على شفتيها أخفتها سريعاً لتدفعه خارج الغرفة وسط ضحكاته الرجولية و غيظها منه، عادت ترتدي سالوبيت من الجينز الفاتح فضفاض قليلاً عليها، لترفع خصلاتها كعكة فوضوية جذابة..!!!

نزلت من على الدرج سريعاً حتى كادت أن تتعثر في أخر درجات الدرج لتقع في أحضانه شاهقة بفزع، فقد كان "ظافر" يقبض على خصرها بشدة، ليقول بحدة:
- على مهلك أفرضي كنتي وقعتي دلوقتي أيه شغل العيال ده!!!!!

نظرت له بحزن لتبتعد عن أحضانه، أغرورقت عيناها بالدموع لصراخه بوجهها بتلك الحدة، شعر "ظافر" بالضيق ليجذبها لأحضانه و كأنها طفلته، مسح على ظهرها قائلاً بحنو:
- خلاص متزعليش أنا بس خوفت عليكي، أفرضي مكنتش مسكتك كنتي هتقعي و بعدين ده أنتِ رجلك أصلاً وجعاكي ونازلة تتنطتي كدا يا قردة!!!!

أبتسمت لتشدد على خصره قائلة بمزاح:
- أنتَ هتقُر عليا يا ظافر!!! و بعدين أنا مافيش حاجة تهدني أصلاً!!!!

قبل خصلاتها الناعمة ليقول و هي لازالت تقبع في أحضانه:
- م أنا عارف أنتِ هتقوليلي يا مـلاذي..!!!!

أبتسمت بخجلٍ، لتجحظ عيناها عندما سمعت صوت "باسل" من وراءهما يقول:
- أيه ده عصفورين كنارية!!!!

حاولت "ملاذ" نزع جسدها من أحضانه إلا أنه ظل مشدداً على خصرها قائلاً ل "باسل" الذي يقف خلفها:
- بس يا ظريف وروح لحسن رهف بتنادي عليك!!!

نظر له "باسل" يضيق عيناه ليقول:
- بتوزعني يعني...ماشي يا عم ظافر أنا همشي بس بمزاجي...

- أيوا م هو واضح أنه بمزاجك فعلاً..
قال "ظافر" بسُخرية..
بعد ذهابه حلّ قيد "ملاذ" التي كاد الخجل أن يأكلها، نظرت له بعتاب:
- ينفع كدا طيب؟!!

أبتسم بعشقٍ قائلاً:
- واحد وبيحضن مراته أيه الغلط في كدا...

ثم تحول وجهه للجدية التامة قائلاً:
- ملاذ..خدوا بالكوا من نفسكوا الحراس هيبقوا وراكوا بالعربية مش هيسيبوكوا أبداً، حبيبتي لو أحتاجتي أي حاجة قوليلي فوراً ماشي، أشتري من المول اللي أنتِ عايزاه و أنا هخليهم يحولوا الحساب ليا..

أبتسمت قائلة بغنج و هي تتلمس تلابيب قميصه:
- بتخاف عليا يا ظافر؟!!!

أبتسم ليحاوط خصرها بذراعيه القويتان قائلاً:
- لو مش هخاف عليكي هخاف على مين، وبعدين محدش يقدر يقربلك دة أنتِ حرَم ظافر الهلالي..

نظرت له بتحدٍ:
- لاء أنا محدش يقدر يقربلي عشان أنا ملاذ الشافعي...

قهقه بقوة و هو ينظر لها بإعجاب من قوتها تلك، لذلك هو يعشقها ليطبع قبلة عميقة على وجنتها:
- طبعاً يا حبيبتي..

تذكرت تلك الرسالة الغريبة ولكنها قررت إخفاء الأمر عليه، فبالتأكيد سيقلق كثيراً و من المحتمل أن لا يجعلها تذهب بعيداً عنه، بينما نظر "ظافر" برضا لملابسها..

أتوا الفتيات ليأخذوها ثم صعدوا للسيارة، تتبعهم سيارة الحراس..

وصلنّ المول بالقاهرة ف المسافة لم تكن بالبعيدة ليترجلنّ من السيارة، أمتلئت العربة بالملابس وبمستحضرات التجميل و كثير من الأشياء، كانت "ملك" معهم بجسدها فقط، أما روحها و قلبها و عقلها أيضاً معه هو، ألتفتت لها "فريدة" تربت على "ذراعها بحنو تسألها:
- مالك يا حبيبتي مش أخدتي حاجة يعني؟!!!

أبتسمت "ملك" بوهن قائلة:
- معجبتنيش حاجة!!!

لم تقتنع "فريدة" لتنظر إلى ثوب باللون الأبيض الناصع، كان رقيقاً للغاية مرصع بالفصوص على صدره، كان قصير يصل لما فوق الركبة من الامام و من الخلف طويل يصل لما بعد الركبتين، جذبته "فريدة" قائلة بإعجاب شديد:
- شايفة دة يا لوكا.. حلو أوي خوديه..

نظرت "ملك" للثوب بعينان فارغة لتقول:
- هلبسه فين دة؟!!

- في أوضتك يا حبيبتي.. أقولك خليه لما تتجوزي!!!!

أومأت "ملك" بمرارة لتلتقطه منها مبتسمة لها بشكر، شردت " ملك" لتسير بالمول وحدها بعيداً عنهما، لم تشعر سوى بإرتطامها بصدرٍ عريض صلب، رفعت أنظارها لتعتذر من ذلك الشخص، إلا أن قلبها وقع أسفل قدميه عندما وجدته.. هو، بملامحه الجذابة التي أودت بعقلها.. أبتعدت عنه عدة خطوات قائلة بخفوت شديد:
- أنا أسفة مكنتش أقصد...

كادت أن تلتفت لتبتعد عنه إلا أنه أمسك بذراعها قائلاً:
- أستني يا ملك!!!!

شعرت وكأنها صعقت كهربائياً من مجرد قبضته على ذراعها، نزعت يدها بحدة قائلة بغضب:
- أنت أتجننت أزاي تمسك أيدي كدا!!!!!

تمتم بهدوء:
- مكنتش أقصد.. أنا بس كنت عايز أعتذر على اللي قولته المرة اللي فاتت.. صدقيني مكنتش أقصد أجرحك انا آآآ..

قاطعته قائلة بجمود شديد:
- متعتذرش.. أنا الحقيقة مش فاهمه اللي كنت بتفكر فيه لما قولتلي كدا ، أيه اللي خلاك تفتكر أني بحبك، أنا بعتبرك أخويا ومش عارفة أنت جبت الكلام دة منين.. على العموم حصل خير.. بعد إذنك.

ثم ذهبت وسط صدمته، شعرت "ملك" بأنها أستردت جزء كبير من كرامتها التي بعثرها هو..

عادت إلى الفتيات و "ملاذ" التي أنتقت كثير من الأشياء، حتى لفت أنظارها ثوب طويل يصل للأرض، باللون الأحمر الناري والذي تعشقه حقاً، كان جزءٍ كبير منه من الامام مفتوح و ظهره بالكامل عاري، ألتقطته قائلة بحماس:
- أنا هقيس دة!!!!

نظروا الثوب بإعجاب لتغمز لها "رهف":
- دة ظافر لما يشوفك و أنتِ لابساه ممكن يتجنن!!!!

أبتسمت لها "ملاذ" بحرج لتدلف لغرفة قياس الملابس..

أرتدته "ملاذ" لتنظر لنفسها بالمرأة، باعجاب حقاً لا تعلم ماذا سيحدث إن رآها "ظافر" هكذا، أبتسمت لنفسها بغرورٍ لترتد للخلف عندما رأته يدفع الباب ثم أغلقه سريعاً ليقف أمامها، كاد أن يغشى عليها عندما حاصرها بذراعيه المفتولتين، أهتاج صدرها أثر الفزعة قائلة بفزعٍ:
- ظـــافـــر!!!!!!

-همممم..
همهم بشرود و هو يتفرسها بعيناه، لا عفواً بل يأكلها بعيناه أكلاً، قبض على خصرها يقربها منه ليدفن رأسه بعنقها بوله، أرتفع صدرها علواً و هبوطاً لتحاول دفعه من منكبيه قائلة برجاء:
- ظافر أبعد عشان خاطري..

- دة أنا يبقى معنديش دم لو بعدت عنِك!!!!!
قال و هو يقبل عنقها الطويل بقبلات شغوفة ..
أستجمعت قوتها لتدفعه قائلة بعدم أستيعاب:
- أنت جيت أزاي؟!!! و فين البنات..

- باسل خدهم، وبصراحة أنا مقدرتش كان لازم أجيلك!!!!
قالها و هو يقترب بشفتيه و هو حقاً فقد السيطرة على حاله بالكامل، نظرت لعيناه وإلى ما يُرمي له لتقول برجاء:
- ظافر!!!!!

أبتلع باقي كلماتها بقبلة شغوفة جعلتها مستسلمة تماماً بين يداه، شعرت بضلوعها تتحطم لشدة ضغطه عليها.. أبتعد عنها بصدرٍ مهتاج، حقاً سيتمادى ويفعل أشياء لا تليق هنا، أبتعد عنها قائلاً بصرامة:
- غيري هدومك بسرعة و يلا أنا هستناكي برا!!!!

أومأت سريعاً فقط ليخرج من الغرفة، خرج "ظافر" بالفعل لتسرع هي مبدلة ثيابها..

وقف "ظافر" أمام الغرفة ينتظرها، لا يصدق كيف لها أن تبعثره هكذا.. وجدها تخرج من الغرفة مرتدية ملابسها بخجلٍ ووجه شديد الإحمرار، لتأخذ هي ما أشترت تاركة إياه يدفع النقود، جذبها من يدها ليتجها نحو سيارته، وضع الأكياس على الأريكة الخلفية لتستقل هي بالأمام، تراقبه بعيناها، جلس هو أيضاً بمحله لينطلق بالسيارة سريعاً، نظرت "ملاذ" للطريق قائلة بغرابة:
- ظافر ده مش طريق البيت..

- عارف..
قال بإيجاز بارد لتقول هي بتوتر:
- طب أنت هتوديني فين؟!!

- هتعرفي..

سأمت من ردوده الباردة لتصمت، ثم عادت تقول بلهفة:
- ظافر هو أنا ممكن أسألك سؤال؟

أومأ دون كلام لتقول هي بتردد:
- اليوم اللي حصل م بينا ، أنت مشكتش أني ممكن أكون بنت مش كويسة؟!!!

صُدم من حديثها، ليصف السيارة على الطريق الجانبي ثم ألتفت لها بكامل جسده ليضيق عيناه قائلاً:
- قصدك أيه؟!!

إزدردت ريقها لتقول:
- يعني أن أنا سلمتلك نفسي قبل يوم فرحنا، الحاجة دي مش خليتك تشُك فيا وكدة؟!!

تحولت ملامحه للجدية قائلاً بتأكيد:
- مستحيل، أنا اللي قولتلك أني عايزك لأني فعلاً كنت محتاجلك، وبعدين أنتِ مراتي يا ملاذ يعني ده حقي، و متقلقيش أنا هتجوزك و أستر عليكي متخافيش يعني...

أبتسمت له و هي تنظر له بنظرات غريبة، أبتسم لها ووجه مقابل لوجهها يسألها:
- بتبصيلي كدا ليه؟

حاوطت كفه بكفيها الصغيرتان تقول بإبتسامة و عيناها التي برقت بالدموع:
- أنت كل مرة بتثبتلي أني أخترت صح..!!!!

أبتسم بحب ليقبل جبينها بعشقٍ خالص، ثم أعتدل في جلسته قائلاً بمزاح:
- نمشي بقا عشان ميخدوناش بفعل فاضح في الطريق العام.. ثم أكمل غامزاً لها:
- وبعدين ده أنا محضرلك مفاجأة هتعجبك جداً!!!

• • • •

صفّ السيارة أمام يختٍ ضخم، تفاجأت "ملاذ" وهي تترجل من السيارة قائلة :
- يخت!!!!!

أبتسم لها ليجذبها من ذراعها ليقفوا أمامه، شهقت "ملاذ" بقوة عندما قرأت أسمه، حُفر عليه أسمه "ملاذي"!!!!!!!

ألتفتت له قائلة بصدمة:
- ظافر اليخت على أسمي!!!!!

أبتسم لها ليحاوطها من كتفيها قائلاً:
- اليخت أصلاً بتاعك يا حبيبتي..تعالي..!

جذبها من ذراعها ليدلفا له، وضعت "ملاذ" يدها على فمها عندما وجدت الأرض مفترشة بالورود الحمراء، وفي أخر الطريق فراش أبيض منثور عليه ورود بيضاء وحمراء، أنهمرت الدموع من عيناها لتتعلق برقبته و هي تدفن أنفها بعنقه، قهقه "ظافر" عالياً ليحاوط خصرها ثم رفع جسدها عالياً عن الأرض، ملصقها بجسده الضخم، ليسترسل :
- عجبتك المفاجأة؟

تعلقت برقبته أكثر قائلة بفرحة شديدة:
- أوي..!!!

أنزلها "ظافر" على الأرض لتقترب هي لتلك الصورة التي توسطت الحائط، نظرت لها بفرحة وهي تنظر لصورتها!!!!

ألتفتت له لتقترب منه ممسكة ذراعه كالطفلة قائلة بسعادة حقيقية لأول مرة تشعر بها:
- أنت بتحبني أوي كدا؟!!

مسح على خصلاتها قائلاٌ بحالمية:
- أنا عديت مرحلة الحب، انا بقيت مجنون بـيكي!!!!

أشرأبت بعنقها لتطبع بشفتيها على وجنته قبلة رقيقة، جحظت بعيناه بصدمة لتبتعد هي بشقاوة، ركضت بعيداً عنه ليركض هو ورائها، أمسك بخصرها بقوة ليلصقها بجسده قائلاً بخبث:
- أنتِ أد الحركة دي؟!!!

نظرت له بخجل، ثم حاوطت عنقه بذراعيها الرفيعتان قائلة بغنج:
- هتعمل أيه بقى..؟

مال عليها بثغره قائلاً بخبث:
- انا مش بتاع كلام، انا بعمل على طول..
أنقض على شفتيها يقبلها بعنف تارة، ورفق تارة أخرى، بادلته "ملاذ" قبلته و هي تغرس أصابعها في خصلاته، أمتدت أنامله لملابسها لتبتعد "ملاذ" قائلة برجاءٍ:
- ظافر لاء!!!!

مسح على وجهه ليقول بهدوء:
- طيب خلاص متخافيش مش هعمل حاجة..

أبتعد عنها ليدلف إلى غرفة باليخت، وقفت "ملاذ" وحدها تهدء قلبها الذي ينبض بعنف، وجدته يخرج من الغرفة، ممسكاً بعلبة مخملية حمراء، أقترب منها ببطئ وسط نظراتها المستفهمة، وجدته يجثو على ركبتيه أمامها ثم فتح العلبة التي ظهر بها خاتم به فص زمردي خالصٍ، مطعم بالمجوهرات بريقه يتلألئ، جحظت عيناها عندما قال بإبتسامته الساحرة:
- أنا عارف أني كدا كدا فرحنا بعد يومين، بس أنا عايزة اسمعها منك أنتِ.. تـتـجـوزيـنـي!!!!!!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close