اخر الروايات

رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الرابع عشر 14 بقلم سارة محمد

رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الرابع عشر 14 بقلم سارة محمد 


حافية على جسر عشقي الفصل الرابع عشر:
وقفت محافظة "قنا" بأكملها على قدمٍ وساق أحتفالاً بزفاف "ظافر"، لتتحول سرايا "الهلالي" إلى مجمعٍ مكتظ بالأشخاص من كبار البلدة، لفيفٌ من علية القوم، زُين القصر بأفخم الزينات، فُرشت الورود على الأرضية ليجهز كل شئ على أكمل وجه بأمرٍ من "السيدة رقية" ..
وقفت "ملاذ" أمام المرآة بغرفتها، تنظر لنفسها بإبتسامة حقيقية، نظرت لثوبها الأبيض المطعم بفصوص تبرق كوجهها، كان ثوبها رقيقاً يتماشى مع نعومتها، فـ ذوق زوجها رفيع للغاية، رغم بساطته و إحتشامه إلا أنه حقاً كما تخيلته بأحلامها، فقد جعل "ظافر" مصممة عالمية تصممه لها خصيصاً، لا يظهر سوى جزءٍ من ذراعيها، أبتسمت عندما تذكرت ما قاله لها عندما جلبه..

تجلس على الأريكة تتصفح هاتفها المحمول، لتجد من يقتحم الغرفة -كعادته- بدون أستئذان، أنتفضت "ملاذ" شاهقة حتى كاد أن يسقط الهاتف من بين يدها، نظرت له بغلٍ لتنهض واقفة قبالته قائلة وهي مكتفة ذراعيها:
- أنا لو جرالي حاجة وقلبي وقف هيبقى بسببك وهتشيل ذنب واحدة فرحها بعد يومين!!!!

قطب حاجبيه بإنزعاج ليقول بتحذير:
- متجيبيش سيرة الموت على لسانك!!!!

أبتسمت بحبٍ له لتتشبث في يداه كالطفلة قائلة بمرحٍ:
- متبقاش قفوش يا ظافر بقا!!!!

قرص أذنها قائلاً بدهشة:
- قفوش يا ملاذ!!!!

- خلاص خلاص!!!!
قالت و هي تحاول نزع أذنها من أنامله الغليظة ليتركها "ظافر" مبتسماً على شقاوتها، فركت اذنها بألم تنظر له بضيق، لتتفاجأ به يقول و هو ينظر للباب المفتوح:
- ادخلي يا فوزية..

قطبت حاجبيها بغرابة لتلتفت، وجدت سيدة يبدو على وجهها الوقار ترتدي لبس الخدم، تحمل ثوب مغطى بال ( cover) الخاص به، لتضعه على الفراش و هي تقول بأدب:
- حاجة تانية يا ظافر بيه..

- لاء أطلعي أنتِ يا فوزية..!!!
قالها بنبرة هادئة، لتخرج "فوزية" من الغرفة، بينما نظرت "ملاذ" للثوب بغرابة لتتجه له قائلة و هي تميل عليه لتجر سحابه:
- ظافر ايه الفستان دة..!!!

شهقت بشدة واضعة يدها على فمها قائلة بصدمة فرٍحة:
- الله!!!! دة فستان فرحي!!!!!!

أبتسم "ظافر" ليمضي نحوها جالساً على الفراش بجوار الثوب و هو يقول:
- أيوا!!!

نظرت بإمتنان و هي تردف:
- عشان كدا مكنتش عايزني أنزل أجيبه أنا!!!!

أومأ يطالع عيناها البراقة، لتتجه "ملاذ" له، جلست جواره لترفع ذراعيها محاوطة عنقه هامسة بنبرة حانية:
- أنا بجد مش عارفة أقولك أيه.. أنت أحسن حاجة حصلتلي في حياتي كلها، ربنا يخليك ليا!!!!!

أيُصدم من كلامها، أم من طريقة أحتضانها له، زفر متنهداً ليقبل كتفها العاري محاوطاً خصرها النحيل ذراعيه القويتان، تمنى لو أن يظلا هكذا الباقي من عمره، مسحت "ملاذ" على خصلاته مغمضة عيناها و إبتسامة عاشقة تزين ثغرها، ابعدت وجهها للخلف قليلاً وهي لازالت محاصرة بين يداه، لينظر لها "ظافر" بوجهه المتشنج والجامد، كوّبت وجهه بين أناملها، لتقترب بثغرها ببطىٍ طابعة قبلة على وجنته، قبلة بطيئة جعلته يغمض عيناه و هو يستشعر شفتيها الناعمة على وجهه، لتعود مستندة برأسها على كتفيه تحاوط خصره بقوة، أنفاسها تضرب عنقه الحنطي، تستنشق رائحة عطره الغريبة والقوية، لطالمها عشقت رائحته، عيناه الزيتونية، ذقنه النامية، أنفه الحاد، خصلاته الناعمة، قوته، حنانه، و غيرته عليها، هيبته التي تأسرها، و إبتسامته.. إبتسامته التي أحتلت ثغره الأن.. وكأنه يعلم ما تفكر به، يقرأ أفكارها، ابتسمت هي أيضاً بخجلٍ، كادت أن تبتعد عنه فهو لا يفكر مرتان عندما يكُن قريباً منها، ولكن هيهات، فذراعه الذي أحتل خصرها بقوة ينظر لها بخبث، جحظت عيناها عندما دفعها برفق على الفراش ليشرف عليها محاصرها بذراعيه، أغمضت عيناها تلعن حظها العاثر لتتمتم :
- ظـافر آآ..
أبتلع باقي كلماتها داخل جوفه ليعانق شفتيها بشفتيه بشغف !!!!!

خفق قلبها بعنفٍ متذكرة، لتنظر لخصلاتها الملفوفة بلونها البندقي التي أسترسلت على خصرها البارز، وُضع على شفتيها أحمر شفاه قاني على حسب رغبتها، فهي تعشق ذلك اللون، دلفنّ كلاً من "فريدة" و أخيها الصغير الذي ارتدى بذلة تليق بجسده الصغير، و أيضاً "رهف" و "ملك"، ليشهقا بصدمة من جمالها الآخاذ، لتقول "فريدة" بذهول:
- أيه الجمال دة يا ملاذ، بجد يابخت "ظافر" بيكي!!!!

أبتسمت "ملاذ" على إطرائها قائلة
- أنتِ اللي قمر يا فوفا!!!

بالفعل كانت "فريدة" ترتدي ثوب باللون الأزرق القاتم والذي أظهر جمال بشرتها بـ بياضها الناصع، رافعة خصلاتها برقة، تاركة بعض الخصلات ساقطة على وجهها..

لتقول "رهف" و هي تربت على ظهرها:
- ماشاء الله يا حبيبتي زي القمر!!!

و "رهف" التي كانت ترتدي ثوب باللون الفيروزي والمشابه لعيناها تماماً، لتترك خصلاتها منسدلة على ظهرها مما جعلها كالحورية..

قالت "ملك" أيضاً ببلاهة:
- دي مُزة مُزة يعني!!!!

أرتدت "ملك" ثوب طويل بلون رقيق للغاية "pink" ، و حجابٍ عصري بنفس اللون، كانت كالملاك الصغير، و لكنها أخفت ملامحها الباهته وعيناها الذابلة أسفل مستحضرات التجميل الرقيقة التي زينت وجهها..

أبتسمت"ملاذ" بخجل لتقول بضيق زائف:
- أنتوا ليه محسسني أني كنت معفنة قبل كدا؟!!

قهقهوا بمرح ليقاطعهم صوت زغاريد من خلفهم، أتجهت لها السيدة "رقية" لتحتضنها و هي تقبلها على كلتا وجنتيها :
- الله يحرسك يا بنيتي، ايه الچمال دة ما شاء الله زي الجمر أنا لازم أبخرك!!!!

أبتسمت "ملاذ" بخجلٍ قائلة:
- تسلمي يا ماما!!!!

ربتت على ظهرها قائلة بمكرها المحبب:
- يلا يا عروسة چوزك واجف تحت على نار.. مستني عروسته!!!!

برقت عيناها ليخفق قلبها بعنف فـ هي الأخرى تتوق لرؤيته، أبتعدا الجميع ليفسحها مساحةٍ لها، خرجت "ملاذ" من الغرفة، بكعبها العالي و الذي يطوي الأرض أسفل قدميها تاركاً خلفه طرقاتٍ أنثوية، وقفت أعلى الدرج لتجد ظافر ينتظرها بالأسفل، يضع كلتا يداه خلف ظهره لينبض قلبها بعنف لوسامته، أبتسمت بسعادة عندما أرتدى تلك الحلة السوداء والتي جلبتها هي له...
نظر لها "ظافر" بذهول، نطقت عيناه عشقاً و هو ينظر لملاكه، لاحت على ثغره أبتسامة حقيقية، لأول مرة يكُن بتلك السعادة، رفعت "ملاذ" ثوبها عن قدمها لتنزل على الدرج بخطوات وئيدة، و مع كل خطوة تقترب بها منه قلبها يكاد يخرج من محله، روحها خرجت بالفعل راكضة له، أقتربت منه ليمد هو كفه لها، وصلت له بالفعل لتضع كفها الصغير براحة كفه الدافئ، وقفت قبالته لتصل رأسها لكتفيه رُغم أنها أرتدت كعبٍ عالٍ، أقترنت مقلتيهما بحديثٍ خاص بهما فقط، وكأنهما بعالم منفصل، بمفردهما، حاوط "ظافر" وجهها ليميل بثغره طابعاً قبلة رقيقة على جبينها، تعالت الزغاريد والضحكات فرحة بالعروسين، سحبها "ظافر" إلى ساحة الرقص ليقبض على خصرها بذراعيه، حاوطت هي عنقه ليرقصا معاً رقصتهما البطيئة "slow dancing"، نظرت له بعيناها الجميلتان، يتساءل لِما نظراتها تضعفه بتلك الطريقة، ينظر لعيناها البندقية اللتان تحدقان به ببراءة، هو ثابت إلى الأن، يكبح نفسه أن يحملها بين ذراعيه لغرفتهما، ليغرقا معاً في بحور عشقهما، مال على أذنها يقول بخبث:
- يا خسارة الفستان الحلو اللي هيتقطع كمان شوية ده!!!!!

شهقت بعنف لتضربه على كتفه بحدة قائلة بخجلٍ شديد حتى أصبح وجهها شديد الأحمرار:
- ظـــافــر!!!!!!

قهقه بشدة عليها و هما يرقصان، ليقول بمزاح:
- أنا الغلطان يعني أني بمهدلك عشان مش عايز أفاجئك؟!!!

كادت أن تبكي من فرط الخجل لتدوي ضحكاته، يجذبها لأحضانه مقبلاً خصلاتها قائلاً بابتسامة:
- خلاص بقيتي شبه الطمطماية أرحمي نفسك!!!

دفنت وجهها في أحضانه بخجلٍ ليميل هامساً بوقاحة:
- وبعدين أنا شوفت كل حاجة قبل كدا ع فكرة؟!!!

-يـاربـي!!!!
هتفت و هي تنزع نفسها من أحضانه ناظرة له بحدة، مقتضبة الجبين، لتتحول عيناها من حادة إلى راجية طفولية:
- عشان خاطري خلاص!!!

قهقه مجدداً لينظر لوجهها بتفحص، أحتدت عيناه بقوة ليقول مشيراً إلى شفتيها بصرامة:
- القرف دة يتمسح حالاً!!!!!

صُدمت من أنقلاب حالته بتلك الطريقة، علمت فوراً أنه يقصد أحمر الشفاة القاني، لتنظر له بإستعطاف قائلة:
- ظافر please أنا بحب اللون دة أوي النهاردة بس عشان خاطري..؟!!!

أغمض عيناه محاولاً التحكم بأعصابه، ليفتحها مجدداً، مال قليلاً عليها ليهمس بجانب أذنها:
- لو ممسحتيش الروچ همسحهولك بطريقتي.. و أنتِ عارفة طريقتي كويس ولو مش عارفاها معنديش مانع أعرفهالك!!!!

جحظت عيناها لتبعده قائلة بإستسلام حزين:
- خلاص همسحه أنا..!!!!

- يا خسارة..!!!
أردف بخبثٍ غامزاً لها بعيناه..!!!!

• • • •

جلست "رهف" بجوار "باسل" الذي كان بارد الملامح، عيناه ساخرة تُجلد روحها بلا شفقة، رغم أنه لم ينظر لها من الأساس ولكنها علمت أنه يقصدها هي، نظرت له بحزنٍ، فهو لم يحدثها منذ يومان، بل كان ينام على الأريكة وكأنه يشمئز النوم بجوارها، أعتصر قلبها بقبضةٍ جليدية، أغمضت عيناها بألم مزق روحها، وضعت كفها الصغير على كفه الموضوع على قدمه، ليبعد هو كفه قبل أن تصل لمستها له، يرفضها بقلبٍ قاسٍ، لم تشعر "رهف" بنفسُها إلا وهي تصدر شهقة بكاءٍ خافتة أختفت وسط الأغاني العالية، و لكنه سمعها، ليُغمض عيناه بجمودٍ، لا يعلم ماذا يفعل، فقد علِم أن زوجته كان تعشق غيره، كانت تسمح لغيره أن يضع يده عليها ، كانت تسمح له ان يقبلها ، شعر وقتها بمن يهوي على وجنتيه بصفعاتٍ قوية، شعر بالأختناق لينهض من جوارها ليذهب خارج القصر، رفضت "رهف" تركه وحيداً لتذهب خلفه وهي تراه يقف أمام المسبح الذي تناثرت الورود عليه، يدخن سيجارته وعيناه تضيق كالصقر، أقتربت منها على هوادة، لتقف خلفه، لا تعلم ماذا تقول، ماذا ستبرر فعلتها بالماضي، ولكنها أيضاً مُدمرة، لم تكن تعلم أن تلك ما هي سوى مسرحية كانت هي ضحيتها، لم تكن تدري أن شهقاتها بدأت تعلو لتنجرف في بكاءٍ مرير، بكاءها يمزق قلبه أشلاء، نفث دخانه بهدوء عكس قلبه الموقود بنيران مستعرة، ليجدها أقتربت منه خلفه تماماً، وبدون أن تشعر حاوطت ظهره العريض من الخلف لتدفن أنفها به باكية بقوة، صُدم "باسل" لينظر ليداها التي وضعت على صدره، عقله يخبره بأن يبعدها عنه، وقلبه يخبره بإحتضانتها لتواسيها، ولكن و لأنه رجلٍ، ألقى بالسيجار ليبعد يداها عنه بعنف ليرتد جسدها للخلف من قوة إبعاده عنها، ألتفت لها يحدقها بنظراتٍ نارية، ليقبض على كتفيها بعنفٍ يهزها بشراسة:
- إياكي تلمسيني، أنا قرفان منك مش مصدق أنك كنتي بالرُخص دة!!!!! ازاي أستحملتي أنه يلمسك ردي عليا أزاي خليتيه يوسخك بإيده، مغيرتيش على نفسك !!!! أزاي تبقي هبلة وساذجة أوي كدة ردي عليا!!!!!!

بكت "رهف" بقوة وهي تعلم أنها تستحق أكثر من هذا، لا تعلم بماذا تجيب عليه، خبئت وجهها بكفيها تخجل من النظر له، لتتفاجأ به يبعد كفيها عن وجهها بحدةٍ، يرفع ذقنها بشراسة قائلاً بعينان حمرواتين:
- بُصيلي و أنا بكلمك!!!!!

نظرت له بعيناها المتورمة الباكية، تتمنى لو ترتمي بأحضانه وتبكي، أبعد "باسل" عيناه عن نظراتها التي تضعفه، ليدفعها من يداه رافعاً سبابته نحوها قائلاً بنبرة جحيمية:
- هطلقك يا رهف!!!! هطلقك!!!!

• • • •

يراقبها بعيناه الرمادية كالصقر، لا يعلم لما ينتفض قلبه بين ضلوعه عندما يراها، و ذلك اللون كان حقاً رقيقاً عليها، تبتسم بمرحٍ مع "رهف" و "فريدة"، ولكن عيناها حزينة، تنهد هو ليبعد عيناه عنها، أخرج من جيبة لُفافة تبغ بُنية اللون، وقداحة أنيقة ليشعلها، نفث الدخان الكثيف، و هو لازال يتابعها بعيناه، ليجد "فريدة" و "رهف" ذهبتا ليتركوها جالسة بمفردها، ضاقت عيناه عندما وجد رجلٍ يتابعها على بعد، ينظر لها نظرات يعلم مغزاها هو جيداً، أطفئ سيجارته لينهض و هو يراه يقترب منها، حتى وقف أمامها قائلاً بنبرة خبيثة:
- القمر دة واقف لوحده ليه!!!!!

رفعت أنظارها له حتى كادت أن ترد عليه، ولكنها شهقت بعنف عندما وجدت "جواد" يديره له ليلكمه بعنف بوجهه ليقع الأخير أرضاً، جحظت عيناها و هي تراه متكوماً على الأرض يمسح الدماء من فوق فمه، نظرت له بحدة عندما قال بنبرة جامدة لا حياة فيها:
- أخفي من قدامي يا حيلة أمك!!!!!

بالفعل تحامل الرجل على حاله لينهض ذاهباً من أمامه، ليلتفت لها "جواد" بوجهٍ متشنج غاضب، اردفت الأخيرة قائلة بعدم أستيعاب:
- أنت أزاي آآآآ...

قاطع حديثها عندما سحبها من ذراعها وراءه بقوة، ليتجه بها إلى مكان بعيداً عن تلك الضجة، دفعها للحائط خلفها ليرتطم ظهرها به بقوة، أمسك بذراعيها يهزها بعنف قائلاً بنبرة تستشاط غضباٌ:
- أيه اللي أنتِ عاملاه في شكلك دة الفستان مبين تفاصيلك كلها و لا الحجاب دة على الفاضي يا هانم!!!!

نظرت له بغضب لتنفض ذراعيها من بين كفيه تنهره بحدة:
- أنت أتجننت أيه اللي أنت بتعمله دة!!!! وبعدين أنت مالك بيا وبـ لبسي أنا ألبس اللي أنا عاوزاه دي حاجة متخصكش!!!!

نبض فكه بغضبٍ يطالعها بعيناه التي تذيبها ليمسك بذراعيها يديرها خلف ظهرها قائلاً بجنون لم يستوعب حتى ما تفوه به:
- لاء تخصني، أنتِ كُلك تخصيني أصلاً، كل حاجة فيكي بتاعتي!!!!!

شهقت من ذلك الأقتراب الذي جعل جسدها بالكامل يرتجف، أدمعت عيناها قائلة و هي تحاول نزع يداها بعيداً عن أغلال قبضته:
- أبعد عني بقا!!!!!

لانت ملامحه عندما وجد دموعها تنهمر على وجنتيها، ليبتعد عنها، فركت هي رسغيها بألم لترفع نظراتها الغاضبة والدامعة له، لترفع كفيها هاوية على وجنته بصفعة قوية قائلة و هي تشير له بسبابتها:
- أياك تقرب مني بالطريقة الزبالة دي مرة تانية، و إياك تتكلم معايا بالنبرة دي، أنت فاكرني أيه يا أستاذ واحدة زبالة من اللي بتعرفهم!!!!

تشنج وجهه بقوة، لتنفجر الأوردة في دمه ليصيح وجهه أحمر من شدة الغضب، لولا أنها فتاة لكان ؤدّ لها تلك الصفعة عشرةٍ!!!! نظر لها بنظرات لن تنساها "ملك" من شدة رعبها، لتتجاوزه مبتعدة عنه تفرّ من أمامه ..

لكنها لمحت ما جعلها تشهق بعنف!!!!!

• • • •

ركضت "ملك" إلى "ظافر" و "ملاذ" كادت "ملاذ" أن تقبلها على مجيئها بذلك التوقيت، إلا أن "ملك" كانت فزعة الملامح توجه حديثها إلى "ظافر":
- ظافر الحقني!!!

نظرت لها "ظافر" قائلاً بصرامة:
- في أيه؟ حد عملك حاجة..

نفت سريعاً قائلة :
- عمتي هنا!!!!!

قطب ملامحه لتجحظ عيناه بشدة قائلاً بشدة و هو يبتعد عن "ملاذ" سريعاً:
- أييييه!!!! فين!!!!

ألتفتت لتنظر لنقطةٍ ما، نظر "ظافر" لما تنظر إليه ليجدها بالفعل، جالسة على مقعدٍ متحرك، خصلاتها يغزوها الشيب مغطاة بوشاح أسود، ملامحها متجهمة ولكنها خبيثة، اتجه "ظافر" لها يتعدى ذلك الحشد من الأشخاص، تاركاً "ملاذ" و "ملاك" وحدهما يقفن بالمنتصف، أمسكت "ملاذ" بذراع "ملك" قائلة بقلقٍ :
- ملك هو ظافر أضايق ليه لما عمتكوا جات!!!

نظرت لها "ملك" بتوجسٍ قائلة:
- دي مصيبة يا ملاذ!!!!
لتكمل قائلة:
- أنتِ متعرفيش عمتي دي شرانية أزاي و ممكن تولع الدنيا في ثانية!!!!

أبتسمت "ملاذ" بسُخرية قائلة بخفوت:
- طبعاً م هي أخته!!!!

ألتفتت لها "ملك" قائلة بغرابة فهي لم تسمعها:
- بتقولي حاجة؟!!!

نفت برأسها سريعاً لتجذبها "ملك" قائلة:
- تعالي نشوف بيقولوا أيه!!!!

• • • •

- كيف يعني متعزمنيش على فرحك يا وِلد ، ولا أنا بجيت ميتة بالنسبالكوا!!!!
قالت تلك العجوز والتي تُدعى "سُمية"، كانت نبرتها حاقدة يكمن بها شرٍ غريب..ليقول "ظافر" بنبرة هادءة:
- أكيد لاء يا عمتي كنت هقولك..

وقعت أنظارها على "ملاذ" و "ملك" و هما متجهان نحوها، نظرت إلى جمالها المنير بحقد لتتشدق قائلة:
- هي دي بجا العروسة، ذوجك مش بطال!!!

رفعت "ملاذ" حاجبها لتهتف :
- نـعم؟!!!

أمسك "ظافر" كفها لينفي بعيناه أن تجري مناقشه مع "سُمية"، أومأت "ملاذ" على مضض لكي لا تفسد فرحتها، بينما أتجه "ظافر" بعيناه إلى عمته قائلاً:
- ياريت يا عمتي تسيبي اليوم دة يعدي على خير!!!

ظلت نظراتها معلقة على "ملاذ" لتستغرب بدورها تلك النظرات الحاقدة الموجهة لها، لتبادلها بتحدٍ سافِر، أخذها "ظافر" من يدها بقوة ليجذبها خلفة متجيهن نحو الاريكة الخاصة بالعروسين والتي كان مجهزة على أكمل وجه مزينة بالورود، جلس "ظافر" لتجلس "ملاذ" بجواره، مسح على وجهه وقد بدأ الصداع فعلياً يفتك برأسه، نظرت له "ملاذ" تتفحص ملامحه المرهقة، ربتت على ظهره قائلة بحنو:
- أنت كويس؟!

أومأ بدون رد، ليعود ناظراً لها قائلاً ملتفتاً قبالتها بكامل جسده، ثم أمسك بكفيها قائلاً بجدية:
- حبيبتي أنا عارف أنك هتضايقي من اللي هقولهولك، بس احنا لازم ننهي الفرح دلوقتي ونطلع على اوضتنا..

أبتسمت قائلة بتفهم:
- لاء إنا مش هضايق انا عارفة أن دة لازم يحصل..

أبتسم لها بإصفرار لتردف هي:
- هو أحنا هنفضل هنا يا ظافر؟

نفى برأسه قائلاً :
- لاء شقتي اللي في المعادي تشطيبها خلص النهاردة بس أمي مصرة نفضل هنا يومين وبعدين ننزل القاهرة هفرجك ع الشقة، ونطلع على باريس عشان شهر العسل بتاعنا يا مُزة!!!

صفقت بيدها بسعادة قائلة بحماس:
- بجد هنسافر باريس..

رغم ضيقه مما يحدث إلا أنه أبتسم على براءتها، و بدون وعي جذبها إلى صدره يحاوط خصرها، هو من كان بحاجة لذلك العناق وليست هي، مال ليدفن وجهه بخصلاتها يشتم عبقه الساحر، تلوت "ملاذ" قليلاً قائلة بحرجٍ:
- ظافر .. الناس..

-شششش
همهم و هو يحرك أنفه داخل خصلاتها، ينعم برائحتها ورائحة خصلاتها، نهض فجأة جاذباً إياها من كفها الصغير متجهين نحو غرفته ، يريد الأبتعاد عن ذلك الضجيج، أن يكن بجوارها فقط ولا يريد شئ أخر، ذهبت "ملاذ" وراءه ترفع ثوبها عن الأرض لتوازن خطواتها مع خطواته، أتجها إلى غرفته ليفتح الباب بقوة بقدمه، أغلقه مرة أخرى جيداً ليلتفت لها، كانت أنفاسه مهتاجة و كأن أحد الحروب تقوم بداخله، قطبت حاجبيه بغرابة من حالته، أمتدت أناملها لذراعه قائلة بنبرة لطيفة:
- أهدى يا ظافر.. أهدى كل حاجة هتبقى بخير..

لم يكن يسمعها، ينظر حوله كالمجنون، ليمسك بزجاجة عطره الموضوعة على المزينة، ليضربها بقوة بالحائط، أنتفضت "ملاذ" بفزع، تفاقم فزعها عندما ظل يلكم الحائط بكفه بقوة صارخاً بإهتياج:
- جـــات لـيـه!!!! بتفكرني بـ أبويا و أنا مش عـايـز أفتكره!!!!!!

أنهمرت الدموع على وجنتيها لتركض نحوه تبعد كفه الذي أخذ ينزف دماً عن الحائط و هي تقول بشهقات باكية:
- أهدى يا حبيبي عشان خاطري تعالى..

جذبته ليجلس على الفراش لتتجه للمرحاض تبحث عن صندوق الإسعافات الأولية، وجدته على أحد الأرفف لتجذبه متجهة نحو ظافر، جلست بجواره ودموعها تتساقط على وحنتيها و كأن ألم يده هي من تشعر به، كادت أن تمسك بكفه ليبعدها هو قائلاً بجمود:
- أبعدي عني..!!

جذبت يده مجدداً قصراً لتعقمها، ثم لفت الشاش حول كفه، رفعت أنظارها له ليجده ينظر للأمام بفراغ، عيناه مرهقة، لم تتردد لتجذب رأسه إلى صدرها مربته على خصلاته الناعمة بهدوءٍ، تفاجأ هو قليلاً لفعلتها، إلا أنه أستسلم محاوط خصرها بقوة حتى كاد أن يحطم ضلوعها، تحملت هي ألم قبضته لتقبل جبينه، دفن أنفه بعنقها الطويل متنهداً بعمق، ليقبل عظمتي الترقوة خاصتها ، وقبلة أخرى وضعت على عنقها، تليها عدة قبلات رقيقة، لتتمتم "ملاذ" بخفوت مرتجف:
- ظـ ..ظـافر!!!

لم تسمع منه رداً، قبَل كل أنش بعنقها ، ليرتفع إلى شفتيها!!!
أنقض عليها ممسكاً بعنقها من الخلف، بادلته "ملاذ" قبلته بخجلٍ، يقبلها بعنف و كأنه ينفث عن غضبه بها، إلا أن "ملاذ" تحملت و لم تحاول إبعاده، فصل القبلة فجأة مبتعداً عنها لشعوره بحاجتهما للأكسجين، وجد شفتيها ترتجف بقوة، عيناها دامعتان ووجهها أحمر بالكامل، مسح على وجهه بعنف ليؤنب حاله، فـ ما ذنب تلك البريئة في ضيقه هذا، يجذبها لأحضانه قائلاً بندم وبنبرة حانية:
- ملاذ أنتِ كويسة؟!!!

لم تنطق بكلمة، إلا أنها بادلته عناقه، لتقتحم الغرفة "ملك" فجأة، أنتفضت بخجل منسحبة من الغرفة:
- أنا أسفة..

ظهر الغضب على وجه "ظافر" ليردف بنبرة حادة:
- في حد يدخل أوضة حد كدا يا ملك!!! أنتِ أتجننتي!!!

لمعت الدموع في مقلتيّ "ملك" لتنسحب من الغرفة منكسة رأسها، لتلتف له "ملاذ" بغضب قائلة سريعاً:
- أيه يا ظافر اللي قولتهولها دة أتفضل قوم صالحها..

ردّ بجمود متناهي:
- لاء..!!!

أمسكت بذراعه قائلة برجاء:
- عشان خاطري يا حبيبي قوم طيب بخاطرها أنت زعقت فيها جامد..

نظر لها بخبث قائلاً :
- حبيبي!!!!!

جحظت بعيناها لتتوتر سريعاً مبعدة كفها عن ذراعة و هي تنظر للأرض بتوترٍ، أقترب بثغره لثغرها المزموم للأمام ليخطتف قبلة رقيقة تُضاد قبلته القاسية قبل قليل ليهمس في أذنها مسترسلاً بمكر:
- أهو عشان حبيبي دي ممكن أعمل أي حاجة.. بس قوليها تاني..

نظرت له بضيق مضيقة عيناها قائلة:
- أنت أستغلالي أوي!!!!

دوت صوت ضحكاته بالغرفة ليقول مثبتاً كفه على الفراش بجانبها و هو يميل عليها قليلاً:
- هــاااا؟!! قولي بسرعة قبل م أرجع في كلامي...

أبتسمت لتحاوط عنقه بذراعيها قائلة بغنجٍ تتقنه بمهارة:
- حـبيبي!!!!

أظلمت عيناه و هو ينظر لشفتيها قائلاً بنبرة لا تبشر بالخير:
- سيبك من ملك بقا دلوقتي!!!!

أنتفضت "ملاذ" قائلة بتوسل مبعدة ذراعيها عنه:
- ظافر please انزل شوفها ..

نظر لها بسأم ليردف بخفوت:
- طيب.. بس أنا راجعلك تاني ها.. مش هسيبك النهاردة!!!!

نظرت له بخجل لتضربه على كتفه بلطف و هي تدفعه للخارج.. لتبدأ في تبديل ملابسها.. وتنظيف الغرفة من الزجاج المنثور على الأرضية

• • • •

أتجه "ظافر" للأسفل بإبتسامة كبيرة تزين ثغره، فقد أستطاعت "ملاذ"ان تخرجه من حالته تلك، إلا أنه أستمع لنحيب "ملك" من غرفتها، مضى سريعاً نحو الغرفة خاصتها ليدلف، وجدها تجلس على الفراش تحاوط وجهها بكلتا يديها تبكي بقوة، ف يكفي ما حدث بينها وبين "جواد" ليكمل عليها أخيها، شعرت بوجوده بالغرفة لترفع عيناها الباكيه به، أنفطر قلبه على صغيرته ليسرع إليها يجذبها من ذراعها لتنهض عن الفراش، ثم جذب رأسها إلى صدره لتبكي الأخرى بعنف، مسح على ظهرها قائلاً بأسف:
- متزعليش مني يا حبيبتي أنا أسف.. أنا مكنتش أقصد أزعقلك كدا..

نفت براسها قائلة بشهقات باكية تجعل جسدها ينتفض بين الحين و الاخر:
- لاء يا أبيه ظافر أنا اللي غلطانه عشان دخلت من غير م أستأذن أو أخبط، بس والله عمتو تحت مصممة أنها تشوفك وماما بتحاول تهديها..

قطب حاجبيه بإنزعاج قائلاً و هو يشدد على أحتضانها:
- عايزة أيه؟!!

- مش عارفة..
قالت بحزن ليبعدها هو، مسح دموعها بأنامله قائلاً و هو يجذبها للخارج:
- طب تعالي أنزلي أقعدي مع البنات متقعديش هنا لوحدك..

أستجابت له لينزلا على الدرج معاً.. تركها "ظافر" ليتجه إلى عمته بعد أن لاحظ عدد الأشخاص بدأ يقل تدريجياً، وقف أمامها قائلاً بصوتٍ بارد:
- خير يا عمتي!!!

نظرت له بخبث لتشير للنساء الواقفات خلفه بعيناها، و الذين كانوا بأجساد ضخمة بدينة، و بالفعل صعدوا لينفذوا مخططها الدنئ، ثم عادت "سُمية" بنظرها ل "ظافر" قائلة :
- تعالي يا ولدي أجعد چاري..

حاول التحكم بأعصابه ليجلس بجانبها قائلاً بإقتضاب:
- خير؟!!

همت بالرد عليه ليوقفها صراخ"ملاذ" بالأعلى بقوة جعل جميع من بالقصر يصدم، لينتفض "ظافر" راكضاً لغرفته يطوي الأرض اسفله!!!!
• • • •

بدلت "ملاذ" ثوبها بـ قميص للنوم باللون الأبيض يظهر جمالها خجلت "ملاذ" من أن يراها "ظافر" هكذا ف ما ترتديه يعتبر الأكثر حشمة بين ما يوجد في الخزانة، فـ "ظافر" الوقح -كما أسمته- قد جلب مع ثوب الزفاف بعض قمصان للنوم لا تخفي شئ.. أسدلت خصلاتها التي وصلت لأسفل ظهرها، أكتفت بوضع أحمر شفاه أبرز جمال شفتيها، وكحل بسيط لتنظر لنفسها بغرور، أرتدت (الروب) الخاص بالقميص، إلا أنها تفاجأت بأقتحام الغرفة من قبل سيدات أقل ما يقال عنهم مجرمات، فزعت "ملاذ" قائلة بغرابة وحدة:
- أنتوا مين!!!! و أزاي تتدخلوا كدا!!!

تقدمت منها سيدة سمراء تنظر لها بوجوم قائلة بحدة:
- شوفوا شغلكوا يا نسوان!!!!!

لم تفهم "ملاذ" ما يحدث، لتنتفض عائدة بجسدها للخلف عندما تقدمن الأخريات و قد كانوا أربعة سيدات ضخمات، أنتفضت "ملاذ" مبتعدة عنهم لتصرخ بهم:
- أنتوا أتجننتوا أطلعوا برا أنتوا متعرفوش "ظافر" هيعمل فيكوا أيه!!!!

أبتسمت لها واحدةّ منها قائلة وهي تلاعب حاجبيها:
- ظافر بيه اللي باعتنا يا حلوة، تقاليد الصعيد أن الدخلة تبقى بلدي!!!!!!!

شهقت "ملاذ" بقوة لتنهمر الدموع من عيناها، لم تصدق أن "ظافر" هو من طلب منهم هذا، لتطلق صرخة عالية عندما أمسكتها إحداهم من ذراعيها تكبلها خلف ظهرها لتفتح الأخرى الروب الخاص بها..

أنفتح الباب بقوة ليجحظ "ظافر" بعيناه عندما رأى زوجته بين أيديهم!!!، ليصرخ بحدة جعلت من بالقصر بأكمله ينتفض على صراخه:
- أنتوا مين يا شوية *****!!!!!

أستطاعت "ملاذ" الهروب منهم لتركض إلى "ظافر" مرتمية بأحضانه تبكي بعنف قائلة ببكاء شديد:
- ظافر الحقني والنبي خليهم يبعدوا عني!!!!!

حاوطها "ظافر" بذراعٍ واحدٍ يربت على خصلاتها ليصرخ بهم:
- أطلعوا برا يا ****** منك ليها و رحمة أبويا لهميحكوا من على وش الأرض يا ***** !!!!

ليكمل بحدة جعلتهم يرتعبوا:
- أنتوا مين اللي باعتكم أنطقوا....

قالت إحداهن برعب شديد:
- سمية هانم اللي بعتتنا يا بيه و أحنا عبد المأمور!!!!!

شددت "ملاذ" على خصره لتبكي بقوة أكبر..بينما صدم "ظافر" لما تقوله.. ليطردهم خارج الغرفة بشراسة وهو يكاد يفقد صوابه، أخرج هاتفه ليهاتف "باسل" الذي هتف بنبرة قلقة:
- في ايه يا ظافر أيه الصراخ اللي عندك دة أنا مش عايز أطلع عشان مراتك...

- باسل هتلاقي شوية نسوان**** نازلين، خُدهم المخزن و ظبطهم!!!!

ليغلق "ظافر" دون أن يسمع رده، وضع الهاتف جانباً لينظر إلى "ملاذ" الذي أصبح جسدها يرتجف من شدة الخوف بين يداه و لأول مرة يراها بتلك الحالة، حاوط خصرها بأقوى ما لديه قائلاً بحنو وهو يربت على ظهرها:
- خلاص يا حبيبتي أهدي مافيش حاجة.. أنا جنبك محدش هيقدر يلمس شعرة منك أهدي!!!!

أبتعدت عنه تسترسل ببكاء:
- هما قالولي أنك قولتلهم الدخلة تبقى بلدي يا ظافر!!!!!

ضغط على أسنانه بحدة ليحاوط وجهها مقبلاً جبينها واضعاً رأسها على صدره قائلاً بلوم:
- أنتِ فاكرة أني ممكن أعمل فيكي حاجة زي دي!!!!، بس وحياتك عندي لهخليهم يبكوا بدل الدموع دم..

حاوطت خصره بأقوى ما لديها، وقد بدأ يتراخى جسدها بتخدرٍ، ليحملها "ظافر" بين يداه، وضعها على الفراش ليجلس جوارها ممسكاً بكفيها، ليقول بنبرة حادة لا تقبل النقاش..
- لمي هدومك وهدومي لأننا مش هنقعد هنا دقيقة واحدة...

أومأت بإرهاق ليحاوط وجهها قائلاً بحنان ظهر في نبرته الدافئة:
- هبعتلك حد يساعدك ماشي يا حبيبتي؟!!

أومأت مرة أخرى دون رد، كاد أن ينهض لتمسك بذراعه بقوة قائلة برعب وقد بدأت الدموع بالترقرق في عيناها مجدداً:
- لاء متسبنيش يا ظافر خليك معايا!!!

حاوط وجهها بكلتا كفيه ليميل مقبلاً وجنتها و هو يقول بنبرة لطيفة:
- متخافيش يا حبيبتي أنا مش هتأخر و محدش هيدخل عليكي متخافيش..

تعلقت برقبته كالطفة تدفن أنفها بعنقها قائلة ببراءة:
- لاء خليك جنبي..!!!

دفن وجهه بخصلاتها متنهداً بحرارة، ف هي لا تعلم أن حركة بريئة منها تستطيع أن تبعثر كيانه بأكمله، نزل ببصره ليلاحظ ما ترتديه،ابتسم بخبث هامساً في أذنها:
- بـ اللي أنتِ لابساه دة مش في مصلحتك أني أفضل جنبك خــالص!!!!

نظرت له بغباء قائلة ببلاهة:
- ليه يعني؟!!!

غمز لها بعيناه الزيتونية بوقاحة:
- تعالي هوريكي عمَلي الكلام في الحالات اللي زي دي ملهوش لازمة

شهقت "ملاذ" عندما كاد أن ينقض شفتيها لتضع يدها على كتفه قائلة برجاء:
- لاء خلاص أمشي أنا هغير هدومي وهجهز الشنط...

أبتسم ليلتقط كفها الصغير، قبّله بعشق ليقول :
- مش هتأخر يا حبيبتي.. هنمشي من هنا و نبعد عن كل دة..

• • • •
غادروا جميع من بالقصر سوى العائلة..

أحتقنت عيناه غضباً، تطاير الشر منها لهيباً، نزل على الدرج بشراسة.. متجهاً لغرفتها، أقتحم الغرفة بقدمه بفظاظة، ليجدها جالسة مع والدته، توترت معالم وجهها عندما رأته، لتفرك كفيها بقلق لتقول والدته بغرابة:
- ظـافـر؟!! في حاچة يا حبيبي أنت مش المفروض تبجى چار عروستك دلوقتي؟!!!

لم ينظر لها، ليمضى نحو عمته ببطئ قاصداً التلاعب بمشاعرها، مال بجزعه العلوي عليها، ليضع كلتا كفيه على أذرع المقعد التي تجلس عليه قائلاً بنبرة مخيفة :
- و رب الكعبة الموضوع دة مـ هيعدي على خير!!!!!

ارتجفت نظرات تلك العجوز لتردف بإرتباك:
- موضوع أيه يا أبن أخوي!!!!

نظر لها بأعين كالصقر، لتنظر له والدته قائلة بقلق:
- أيه يابني في أيه؟!!!!!
لتكمل متذكرة:
- أيوا صحيح مرتك كان بتُصرخ ليه يا ظافر؟!!، أنت عملتلها حاچة!!!!؟

أبتسم بسُخرية ليقول و هو على حاله:
- مـ تردي يا عمتي!!!! مراتي كانت بتصرخ ليه!!!!!!

- و أنا أعرف منين يا وِلد!!!!
قالت بتوترٍ، ليبستم هو بقسوة شديدة، أعتدل في وقفته لينظر لأمه قائلاً بنبرة حادة:
- أنا هاخد ملاذ و همشي يا أمي.. نازلين مصر دلوقتي!!!!!

أنتفضت والدته قائلة بخضة:
- ليه يا ضنايا مش أتفجنا تفضل أهنه كام يوم ؟!!!

- معلش يا أمي عندي شغل هناك ولازم أنزل ضروري...

أدمعت عيناها قائلة بحزن:
- على راحتك يابني...

قبل كفها قائلاً بلطف:
- متزعليش يا حبيبتي صدقيني هاجي أزورك أنا وهي دايماً..

أومأت بإبتسامة مربتة على خصلاته، ليغادر الغرفة، هم بالصعود إلى "ملاذ" ولكن أوقفه صوت أنثوي يعلمه جيداً:
- ظافر.. أسـتـنـي!!!!!!!

(تفتكروا مين؟!!!)
• • • •

أعدت "ملاذ" حقيبتها و حقيبة زوجها بمساعدة إحدى الخدم، بدلت ملابسها لتجلس منتظرة "ظافر"، تفرك يداها و قد قررت الأعتراف له عن حقيقتها و ماضيها الذي أصبح يقف كالعلقم بحلقها، تذكرت "ملاذ" عندما سألته إحدى المرات..

كانا بغرفته مستلقية هي بأحضانه، يداعبها بأنفه لتبتسم هي بخجلٍ، لتردف "ملاذ" بنبرة متوترة لم تظهرها له:
- ظافر.. ممكن أسألك سؤال..

أومأ لها بإنتباه، لتزدرد ريقها معتدلة ليصبح وجهها مقابل وجهه، أسترسلت قائلة:
- لو حد كدب عليك.. كدبة كبيرة مش صغيرة، ممكن تسامحه؟!!

قطب حاجبيه من سؤالها بذلك التوقيت خصيصاً، لتظلم عيناه محاصراً لخصرها بذراعه و هو يقول بنبرة سوداوية:
- أنا مبحبش الكدب، واللي بيكدب عليا بخليه مايشوفش يوم عدل في حياته يا ملاذ، عارفة أيه أكتر حاجتين مش بسامح عليهم؟، الكدب و الخيانة.. أوعي.. أوعي يا ملاذ تفكري تكدبي عليا أو تخونيني، أنا لو بعشقك و عرفت أنك عملتي حاجة من الحاجتين دول صدقيني هكرهك في ثواني، هخليكي تندمي أنك عرفتيني وقابلتيني في يوم من الأيام..!!!!

أرتجفت شفتيها.. أين ذهبت نظرته الدافئة، أين نبرته الحنونة التي تداعب أذنها، رأت بذلك الوقت شخصاً مختلف كلياً عمن أحبته هي، كادت أن تبكي منهارة تعترف له بكل شئ، ولكنه سيقتلها بلا شك، إلا أنها عزمت أمرها بإخباره اليوم تحديداً..

نظرت للباب الذي فُتح فجأة.. بعنفٍ شديد!!!!، أيقنت ان ذلك ليس "ظافر" و لكنها عندما رفعت أنظاره وجدته!!! يقف أمامها بطوله الشامخ، عيناه قاسية لأبعد حد، نظرت لكفيه اللذان كورهما بحدة لـ تتحول إلى بيضاء لشدة ضغطه على أوردته، ينظر لها بعينان مظلمتان، أنتفضت "ملاذ" لتقف أمامه قائلة في قلق وقلبها يخبرها بشئ سئ حدث:
- مالك يا ظافر أنت كويس؟!!!

حاولت أناملها أن تتلمس كتفه ليقبض هو على كفها بقوة شديدة حتى كاد أن يكسره، تآوهت "ملاذ" بألم ليدير ذراعيها خلف ظهرها بقوة ، يطالعها بعينان ماتت بهما الحياة، شعرت "ملاذ" لوهلة بأنها ترى أبيه، بقسوة عيناه و غلاظة نظرته، بكت بقوة لذراعيها التي سمعت فرقعتهما، ضغط هو أكثر بكفها على ظهرها لترتطم بصدره، حاولت إبعاده قائلة ببكاء:
- ظافر إيدي.. أنت بتوجعني!!!!

شدد أكثر على كفها و كأنه سُعِد بتألمها، قبض على خصلاتها ليلفهما حوله كفه المتحرر يجذبهما لأسفل حتى بات عنقها الطويل يظهر أمامه، بكت "ملاذ" بحرقة و قد تيقنت من أنه علِم كل شئ، ولكن.. من أخبره!!!!!!!

رفضت "ملاذ" ذلك الذل الذي يعاملها به لتضربه على صدره حتى يبتعد، إلا أنه كاد أن يقتلع خصلاتها بين يداه قابضاً اكثر عليهما، يقترب بثغره من أذنه ليهمس بهما بنبرة أقل ما يقال عنها مُرعبة!!:
- أنتِ أوسخ حد شوفته في حياتي!!!!!

بكت " ملاذ" بحُرقة ليدفعها "ظافر" بقسوة، سقطت على الأرض تبكي بندمٍ، أتجه هو الى الحقائب ليمسكها بيدٍ، و بالأخر مال ليجذبها من خصلاتها بقسوة لتنهض واثبة أمامه بوجهٍ أحمر من كثرة البكاء، نظر لها بتقززٍ و كم آلمتها نظراته، ليردف هو بحدة مشيراً بسبابته لوجهها:
- أمسحي دموع التماسيح دي مش عايز حد يحس بحاجة تحت، كلهم مستنينا تحت وقسماً بربي لو حد حس أن في حاجة هقتلك يا ملاذ!!!!!

مسحت الدموع العالقة بأهدابها لترتب خصلاتها المشعثة بيدها وشهقات بكائها لم تستطيع أيقافها ليصرخ هو بها بقسوة حقيقة:
- قـولـت أخـرسـي!!!!!

حبست أنفاسها داخلها ليقبض هو عل ذراعها المتراخي، جذبها خلفه لينزلا على الدرج، خطواته تسابق خطواتها حتى كادت أن تسقط على وجهها لولا ذراعه الذي أمسك بها بقسوة، وقفا أمام العائلة بأكملها لتنظر "ملاذ" إلى "رقية"، سرعان ما أرتمت بأحضانها لتنفجر في البكاء، أصتك "ظافر" على أسنانه بغضبٍ وتوعد ينظر بعيداً عنها بحدة، بينما قلق الجميع من بكاءها المفاجئ في أحضان "رقية"، ربتت الأخرى على ظهرها قائلة بفزع:
- مالك يابتي..أيه اللي حُصُل ظافر عملك حاچة؟!!

أبتعدت "ملاذ" عنها لترمق "ظافر" بنظرة جانبية، وجدته يكاد ينفجر من الغضب لتنفي سريعاً بإرتباك:
- لاء يا ماما أنا كويسة، أنتِ بس هتوحشيني أوي!!!!

أطمئن الجميع ليزفروا براحة، لتربت "رقية" على ظهرها قائلة بتأثر:
- ربنا يعلم يا بتي هتوحشك جد أيه، بس متجلجيش ظافر وعدني هيچيبك دايماً تزورينا!!!

أومأت بإبتسامة متألمة، لتنظر إلى "رهف" التي أحتضنتها قائلة بلطفٍ:
- هتوحشيني أوي يا ملاذ يا حبيبتي، أوعي يا بت أنتِ متتصليش عليا فاهمه هقطعك..!!

أومأت "ملاذ" بإبتسامة حزينة، ودّعت "فريدة" و أخيها أيضاً لتخبرها "فريدة" بضرورة الأتصال بهم عندما تصل بسلام، كما فعلت بالمثل مع "ملك" التي أخبرتها بأنها كم كانت بمثابة أختٍ لها..، تمنت "ملاذ" لو أن تظل بينهم، لا تعلم ماذا سيفعل بها عندما يكونوا بمفردهم!!!!

ودّعهم "ظافر" بملامح جامدة ليقبض على ذراعها متجهين إلى سيارتهم، لتتجه العائلة بأكملهم- عدا "سُمية التي ظلت بغرفتها- للخارج معهم، ليقُل "ظافر" قبل أن يستقل السيارة لأخيه:
- باسل، حاول تنزل مصر بكرة عشان عندنا شغل كتير في الشركة!!!

قطب "باسل" حاجبيه قائلاً بغرابة:
- شغل أيه يا ظافر أنت عريس جديد سيبك من الشركة دلوقتي!!!!

أحتدت عيناه ليردف بنبرة لا تقبل النقاش:
- بــاسـل!!!، هستناك بكرة!!!!

أومأ "باسل" رغماً عنه ليستقل "ظافر" السيارة، تجاوره "ملاذ" التي نظرت لهم من النافذة بحزن، قاد "ظافر" على سرعة مائتان، لتتشبث "ملاذ" بمقعدها مغمضة عيناها بقوة، تذكرت كيف ماتا والديها لتضع يدها على أذنها صارخة بهيستيرية، تفاجأ "ظافر" بصراخها ليهدئ السرعة قليلاً، أهتاج صدرها و هي تفتح عيناها لتطالع الطريق أمامها، بكت بقوة لتدفن وجهها في بكفيها، ضرب "ظافر" على المقود يجأر بها بجنون:
- مش عايزة أسمعلك صوت أخرسي خالص!!!!!!

توقفت عن البكاء سوى من جسدها الذي ينتفض رغماً عنها، لتنظر للنافذة بجوارها بعينان أغرورقتا بالدموع، لا تسمع سوى صوت أنفاسه الغاضبة، ذلك ليس من أحبته، أين "ظافر" الذي كان يجذبها لأحضانه عندما تبكي، أين من كانت تشعر جواره بالأمان، أين من أعتادت أن تبكي بأحضانه، هل أصبح يكرهها!!!! أبتسمت بسُخرية مريرة، بالطبع سيكرهها، ما فعلته لا يقبله إنسان على كرامته، وصلا إلى مكان شبه معزول عن العالم الخارجي، لترفع "ملاذ" أنظارها لتلك البناية شاهقة الأرتفاع، نظرت حولها لتجد كل شئ ظلام لا توجد أنوار أو سيارات حول البناية، ترجل "ظافر" من السيارة ليركض بواب البناية له مهللاً بترحاب مبالغ به:
- يا أهلاً يا ظافر بيه البُرج نَور بيك، هات عنك يا بيه...

لينتشل الحقائب من يده، يسبقهما للداخل، تابعت "ظافر" بعيناها، ليفتح هو باب السيارة لها جاذباً إياها من عضدها، يغرز أظافره بذراعها بعنف!، أخرجها من السيارة بوجهٍ ليس له ملامح، ليسيرا معاً للداخل، ليجدا "البواب" يضع الحقائب بالمصعد يثرثر:
- أنا خليت مراتي تنضف الشقة زي م أمرت يا بيه وبقت بتُبرق!!!!

أشار له بسبابته ليبتعد من طريقه، نفذ الأخير أمره ليستقلا الأثنان المصعد، دفعها بعيداً عنه و كأنها ستلوثه، ليقف هو بالمقدمة و هي خلفه، ضغط على الطابق الحادي عشر، ليضع يداه بجيبه، حاولت "ملاذ" الدفاع عن نفسها قائلة بنبرة حزينة:
- ظافر لو سمحت أسمعني!!!!!

ألتفت لها بغتةً ليقبض على عنقها بقوة ليرتطم ظهرها بالمرآة خلفها، وضعت يدها على كفه الغليظ و قد بدأت بالشعور بالهواء ينفذ من رئتيها وهي بالأساس مريضة ربو، نظرت لملامحه المُرعبة وعيناه الحمراء من فرط غضبه، أقترب بوجهه من وجهها الأبيض يقول بنبرة جعلتها تتمنى أن يقتلها بالفعل لتنتهي من ذلك العذاب:
- أنا هعرفك مين ظافر الهلالي يا بنت الشافعي!!!!!

تركها بإشمئزاز لتسعل "ملاذ" بقوة تميل بجسدها للأمام لتشهق عدة مرات تحاول إدخال الأكسجين برئتيها، بينما يقف هو يرمقها بتهكمٍ، وصل المصعد الطابق المنشود لينفتح، خرج "ظافر" ساحباً "ملاذ" خلفه بدون رحمة، يجلب الحقائب بذراعه المتحرر، ليدُس المفتاح بالباب لتنفتح الشقة بيُسرٍ، كان يطغي عليها اللون "النبيتي" القاتم و الرُمادي، كان أقل ما يُقال عنها راقية حقاً، الأثاث فخم، الأنوار خافتة بها، واسعة للغاية..

شدد "ظافر" على ذراعها المرتخي بين كفه، ليلقي بالحقائب بقوة أمامه لتصدر صريراً أفزعها حقاً أشفقت على الحقائب، كيف سيكون مصيرها معه إذا، نظرت له بطرف عيناها برعب، تقف خلفه ببضعة خطوات وكفها مقيد بكفه القاسي..

بدون مقدمات صفع الباب بحدة ليجذبها من خصلاتها لتقف أمامه شاهقة بفزع، حاولت نزع قبضته عن خصلاتها إلا أنه شدد أكثر مقرباً وجهها من وجهه، نظرت "ملاذ" إلى وجهه، وكأنها لأول مرة تراه، بملامحه القاسية وفكة المنقبض، عيناه الزيتونية تحيط به شعيرات تكاد تنفجر من الدماء، بحثت عن النظرة الثانية في عيناه، بحثت عن نظرته التي تشع حباً وعشقاً لها، ولكن هيهات.. لم تجد سوى القسوة، الكره، والحقد الذي سيودي بها حتماً!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close