رواية غمزة الفهد الفصل الثالث عشر 13 بقلم ياسمين الهجرسي
رواية(غمزة الفهد حب بالمصادفه) مسجله حصرى بأسمى ياسمين الهجرسى ممنوع منعا باتا النقل أو الاقتباس أو النشر فى اى موقع أو مدونه أو جروب او صفحه حتى ولو شخصيه من دون اذنى ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسأله القانونيه
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
--------------------
انقضى ظلام ليله أخرى تكبد فيها عناء صفعات كالها له القدر، وها هو أتى صباح جديد يغزل ضيه يشق الغيوم ليعلن عن مفاجأت جديده ساقها القدر فى طريقه لتتكشف له حقائق أخرى....
استيقظ مبكرا وعمل روتينه اليومى واستعد يهبط للاسفل قبل استيقاظ الجميع ليذهب لرؤية أخيه والاطمئنان عليه بدون إثارة شكوك وتساؤلات العائله.......
نزل درجات السلم ليقابل فى وجهه الخادمه "شربات"، ولكن ما يثير توجساته من ناحيتها هى ارتباكها عند رؤيته وتلعثمها المرتبك، لم يعطى لها بالاً وأقنع نفسه أنه لسفره الدائم فمن الممكن متخوفه قليلا منه، صدح بصوت أجش ينادى عليها قائلا :
-- اعملى لى قهوه ياشربات وهاتيها عالمكتب .. بس ياريت بسرعه.....
هزت رأسها بخوف، تحاول تشجيع نفسها للبوح بما تخفيه عنهم، ولكن قلقها يلجم لسانها....
ردت عليه بتلعثم :
- حا حاضر يافهد باشا..
ضرب كف بكف هل كان ينقصه تلك المعتوه، تركها ودلف للمكتب يباشر بعض ملفات المصنع حتى تأتى له بالقهوه......
قليلا وتصاعد طرقات على الباب تستأذن بالدخول، سمح لها بالولوج، خطت نحو المكتب بجسد مرتعش تكاد تنقلب منها صينية القهوة من شدة ارتعاشها...
نظر لها بريبه قائلا :
-- مالك أنتى تعبانه .. لو كده خدى أجازة ومشي الحجه راضيه مش هتقولك حاجه.....
سريعا وبدون تفكير ومقدمات، فالأمر بات مرهق لها، تقافزت الكلمات على لسانها وهتفت بتوتر :
-- يافهد باشا أديني الأمان عايزة اتكلم وخايفه ....
ضيق ما بين حاجبيه بغموض شكه أصبح يقين بأن ورائها أمر خطير، مسح على ذقنه لبرهه يحدق بها بتمعن هاتفا :
-- ليك الأمان ياشربات .. خير خايفه من أيه...
قالها وهو يقترب منها بتروى يعطيها مساحتها للحديث، ارتكبت من نظراته الحاده المسلطه عليها، فركت كفيها ببعضهما والخوف وصل أدناه، اصطكت أسنانها بتوتر، ليصيح بها أن تنجز بالكلام فهو لن ينتظرها طيلة النهار لتتكلم، أومات برأسها وبدأت تسرد عليه ما سمعته تلك الليله المشؤمه.....
كان يسمعها وعروقه تنتفض غضبا يحرق الأخضر واليابس، كل كلمه نزلت علي مسامعه جعلت براكين غضبه حمم قابله للانفجار بأى وقت، بعدما كان مجرد شك أصبح حقيقه غير قابله للكذب والتضليل، زفر بغضب يجز على أنيابه يتوعد بالنيل من كل من أذوه، هتف لنفسه صبرا سيأتي يوم القصاص وكل ذى حق سيأخذ حقه..........
أشار لها بيده أن تصمت وأردف بأمر :
-- طلبتى الأمان وأنا عند كلمتى أدتهولك .. اللى انتى قولتيه دالوقت مش عايز مخلوق يعرفه .. مفهوم....
قالها وهو ينظر لها بملامح متجهمه.....
هزت رأسها برعب هاتفه بطاعه :
-- أوامرك يافهد باشا .. أنا والله حتى مقولتش لستى الحجه وقولت اقول لحضرتك عشان هى تعبانه ومش حمل مصايب تانيه....
تفهم عليها واردف ينهى الحوار :
-- خلاص اتفضلى روحى شوفى شغلك وزى ما اتفقنا كلامنا ده محدش يعرف بيه......
خرجت تهرول للمطبخ تلتفت يمين يسار تتأكد من خلو الطريق، حتى لا يشك احد بامرها...
أما بالداخل لدينا فهد ثائر غاضب تكالب الأوضاع يقيده ساق وقدم، لا يوجد لديه منفس حتى يستطيع ترتيب أوراقه، أخ تائه مدمن جريح، عائله على شفا انهيار، زوجه اب كالطعون حربائه تتشكل كل يوم حتى لا تستطيع الإمساك بها، حبيبة مجنونه لا تتوانى فى افقاده عقله بسبب عنادها المتهور، تنهد بتعب يطلب المدد من الله ان يعينه فى الحفاظ على عائلته فالفتره القادمه صعبه على الجميع......
اعتدل بوجهته وخطى نحو الباب يغادر ليطمئن على الأحباب قبل استيقاظ العائله......
------------------------
هبط من سيارته يقف أمام العياده البيطريه، ترجل لداخل الحديقه، تلفت يمين يسار شاهد "مرعى" التمرجى يسقى "صخر" بعض الماء ويعطيه أدويته لحين مجئ الطبيبه، خطى نحوه يناظر عليه، انتبه له "مرعى"، رفع يده يرحب به، فى حين استمع له خله الوفى، شب برأسه فرحاَ يحي قدومه اليه، أسرع "فهد" بخطواته يضم رأسه لصدره يبادله فرحته على تحمده السلامه، مسد على جسده برفق، واستدار ينظر للتمرجى، يطلب منه المغادره للانفراد بصديقه قليلا، أومأ له "مرعى" بالقبول وذهب وتركهما بمفردهما، دنى "فهد" من "صخر" يطبع قبله على رأسه، يملس على شعره بحنو، ينظر بعمق لعينيه هاتفا بفرح :
-- حمد لله على سلامتك ياصاحبي...
وثب "صخر" بأقدامه الأمامية، لف ساقه اليسار يضم فهد لتجويف رقبته يرحب بصديقه، يهز رأسه يتمسح بسعاده بصدر "فهد"، ظلوا يحتضنوا بعضهم بعض الوقت كلا منهم يستمد قوته من الآخر، أخرجه فهد من صدره ليتبادلوا نظرات دافئة يملؤها الحب والوفا....
أمسك فهد رأسه يرمقه بشجن قائلا :
-- اتاكدت من اللى غدر بيك .. وحياتك عندى مهسيبه غير وانت واخد حقك .. ومحدش هيجيب حقك الا أنت بأيدك هتاخد طارك .. شد حيلك وارجع صخر العفى بتاع زمان .. وهحطك فى مواجهه معاه لو اتعرفت عليه وصهيلك عالى وغلاوتك عندى هطلق سراحك عليه لما تستكفى منه....
سبحان من علم الحيوان الفهم على الإنسان، عشق الخيل صادق وعميق، مخلصة ودوده لصاحبها، هز "صخر" رأسه يؤيد صديقه بفكرة الثأر، كعادتهم ظل فهد يتحدث فى كل ما يختلج صدره، وصخر يستمع باصغاء يهمهم بشجن تاره و بسعاده تاره أخرى ليستزيد فهد فى مشاطرته ما يؤلمه، انقضى أكثر من ساعه، ليمسد فهد على جسده بحب ويلقى عليه التحيه ويهم كى يغادر، قابل التمرجى وأوصاه على مراعاة صخر، وإرسال التحيه للدكتوره غمزة، وذهب يغادر للقاء محب آخر......
----------------------------
أخي وإن جار الزمان وافترقنا، فلا القلب يهدأ ولا الروح تنساك....
ترجل من سيارته يقصد المشفى، توجه للاستعلامات يسأل عن الطبيب المعالج لأخيه، أجابته الممرضه أنه بغرفة مكتبه، توجه إليه دق الباب ودخل مباشرة، ألقى التحيه وجلس فى المقعد المقابل لمكتبه...
هتف فهد يسأل بثقه :
-- ممكن أعرف "ريان" هيخرج من العنايه المركزه أمتي....
أجابه الدكتور :
-- أن شاء الله هدخل اكشف عليه هو جرحه مش خطير لانه فى جدار البطن الطعنه كانت سطحيه موصلتش للأمعاء، وهبلغ حضرتك لو بقي كويس هيقدر يخرج اوضه عاديه ... هو في العنايه المركزه عشان المخدرات اللي بياخدها مش أكتر......
فهد بتساؤل آخر :
-- طب أنا كنت عاوز أعرف هو هيخرج من المستشفي امتي ان شاء الله يعنى تقريبا....
الدكتور بعمليه :
-- إن شاء الله كمان يومين بس نطمن عليه وتقدر حضرتك تاخده .
أومأ فهد هاتفا :
-- ان شاء الله علي خير .
استقام الدكتور قائلا :
-- يالا يا فهد باشا ده ميعاد مرورى عليه هتلاقى صحى دالوقت مفعول الأدوية انتهى.....
قالها وأخذه وغادر لغرفة العنايه المتواجد بها ريان....
استوقف فهد أمام الباب هاتفا :
-- أنا منتظرك قدام العنايه يادكتور اتفضل حضرتك.....
استأذن الدكتور ودلف عند "ريان" يفحص جرحه ومؤشراته الحيويه هاتفا باستعلام :
-- حاسس بأيه يا"ريان"
اتكلم ريان بألم :
-- تمام بس عاوز أخرج من هنا
رد عليه الدكتور بمهنيه :
-- مينفعش تخرج اللي لما اطمن عليك....
بعصبيه وصوت متألم نهره ريان قائلا :
-- أنا بقولك يا غبي عاوز أخرج من هنا ..
قالها وأخذ ينزع كل الاجهزة المتصله بكفه وزراعه، حاول النهوض لينازع بألم يقع أرضا....
هرول اليه الدكتور، جثى بجواره يحاول أن يوقفه، لثقل جسمه تراخت يدى الدكتور ولم يستطع انتشاله من أرضه.....
صرخ ريان عليه بحده :
-- أمشي يا حيوان بعيد عنى ملكش دعوه .. أنا بقولك هخرج من هنا يعني هخرج......
استدار الدكتور بقلة حيله وفتح الباب ينادى على "فهد" يستنجد به لإيقاف تهور أخيه، وطلب مساعدة الممرضات للنهوض به من أرضه، بينما "ريان" يحاول الوقوف بأعصاب متراخيه لا تساعده، أخذ يبكى بانهيار من تدهور حاله......
احتضنه "فهد" يمسد على ظهره بحنو هاتفا :
-- أهدى ياحبيبى .. غلط على صحتك...
قالها وحاوط خصره بحمايه يوقفه بمساعدة الدكتور، قام باسناده وأجلسه علي السرير، أمسك رأسه يرفعها يحاول تهدئة هياجه قائلا :
-- أهدى واللي أنت عاوزه هعملهولك.....
"ريان" بصوت يكسوه الوجع وكسرة النفس هتف بحسره :
-- أنا تعبان مش قادر هموت يا"فهد" ارحمني أبوس على ايدك.....
قالها وتشبس بأحضانه يبكى كالطفل الصغير.......
تعالت شهقاته هاتفا بألم مبرح يمزق عضلات جسده :
-- جسمي بيتقطع مش قادر استحمل هموت.......
التفت فهد ينظر بغيظ للطبيب وصاح فيه بصوت أجش قائلا :
-- اتصرف يا حيوان أنت واقف تتفرج عليه وهو كده...
قالها وشدد من احتضان ريان.....
اضطرب الدكتور من حدة فهد هرول يسرع بتحضير الحقنه، حضرها سريعا وكشف عن ساعده، أعطاه اياه ليمرء القليل من الوقت، هدء وغط فى النوم على كتف أخيه، ارخى فهد يده وسطحه لينام براحه على الفراش، رفع ساقيه المدلاه أرضا من فرط حركته، دثره بالغطاء واعتدل واقفا ينظر للطبيب بأمر :
-- اعملي خروج واطلب لى دكتور مرافق يخرج معايا عشان يتابع حالته في البيت .. أنا مش هستني يومين اللى هيتعمل هنا هعمله فى البيت مدام الجرح سطحى ولو عالإدمان نبه عالدكتور وعرفه حالته كويس عشان يحط برنامج لعلاجه من زفت اللي بتعطاه .. خلص الورق وإجراءات خروجه أنا عايز أمشى فى خلال ساعه...
لم يستجيب الطبيب لكلام فهد، مما آثار غضبه ليهتف بعصبيه :
-- أنا مش باخد أذنك .. أخلص أنت لسه واقف تتفرج عليا ..
اجابه الطبيب بارتباك :
-- أمرك يا فهد باشا بس الشرطه لازم تحقق مع "ريان" باشا لأن المفروض أبلغهم أول ما يفوق .
فهد : مش خلصنا من الكلام ده بتفتحه تانى ليه .. انت مبتفهمش وشكلك هتتعبنى معاك ....
هز الدكتور رأسه بتوتر :
-- خلاص يافهد باشا اللى تؤمر بيه هيتنفذ حالا وكل حاجه تخلص...
اقترب من ريان وجلس بجواره يملس علي شعره بحنو مردفا بحب :
-- عمرى ماهسيبك للطريق اللي أنت مشيت فيه....
هطلت دموعه تنعى وجيعته على أخيه واستطرد :
--سامحني أنا أهملت فيك .. بس مكنتش متوقع أن ده ممكن يحصل وتضيع نفسك بالشكل ده .. بس لو مهما كان الثمن أنت لازم ترجع زى ما كنت واحسن .. وتكون السند اللي اتسند عليه .. وترجع ابني اللي أشد بيه ضهرى تاني.....
استقام يكفكف دموعه وخرج أدار اتصال على بواب العماره لينظف الشقه التى كان يقطن فيها للاستذكار أيام دراسته بالمدريه، أنهى تعليماته واستقر داخله على ما سوف يقوم به لعلاج أخيه....
----------------------
فى نفس الاثناء بدوار الراوى تجلس هنيه شاحبة الوجه ذابلة العيون شارده مع ملاذها الذى افتقدته عشية ليلتها، والفتيات زينه وفجر يتجاذبوا أطراف الحديث مع جدهم وجدتهم......
هبط سعد من أعلى ألقى عليهم التحيه، رمقته هنيه بعيون تسكنها العبرات، لا إرادياً هبطت دموعها تغزو وجنتيها، استقامت هاتفه بشجن :
-- قوموا أقعدوا عالسفره .. وأنا هشوفهم بيعملوا أيه في المطبخ وأجيب الفطار......
قالتها وتركتهم تفر من أمامه تلملم الوجع الذى ينخر بروحها... .
هتفت الحجه راضيه :
-- تعالى يا سعد عامل أيه يا حبيبي .
خطى نحوها ودنى منها يقبل كفيها باحترام وفعل المثل مع أبيه.. جلس يتطلع إلى باب المطبخ يكلم نفسه : -- استغفر الله العظيم ..
مالها مش هتتعود بقي .. عيالها بقوا أطول منها وهي لسه بتغير عليا
حول نظره للفتيات هاتفا بتساؤل
-- مالها أمكم يا بنات....
فجر أجابته :
-- بغض النظر عن أن أبيه "فهد" اللي بات بره وده جنن ماما .. حضرتك عارف لما بتبقي عند طنط "مكيده" ماما بتفضل تعيط طول الليل......
دخلت هنيه على كلامهم صاحت بغضب على فجر :
-- مين قالك تتكلمي في اللي ملكيش فيه...
يالا أقعدى عالسفره افطرى وانتي ساكته.....
استقام الجميع بحيره من أمرها، جلسوا يتبادلوا النظرات فى صمت.....
بعصبيه بدأت فى توزيع الأطباق علي السفره انتهت مدت يدها هاتفه :
-- اتفضل يا عمي كوبايه اللبن...
قالتها وجاءت جوار الفتيات وجلست
سعد بملاطفه ابتسم قائلا :
-- ممكن تجيبي طبق العسل يا هنايا أنا.....
أخذت هنيه الطبق وبسطت يدها تناوله أياه رفعت عينيها لتصطدم بمقلتيه، تجول بؤبؤ عينيها على وجهه ورقبته، رأت علامات مكيده التى تعمدت وضعها علي رقبته لأثارة حنقها، ارتعشت يديها ليقع الطبق من بين يدها علي المنضده،
شهقت الفتيات فزعه وتطلع البقيه عليها بحزن ...
أغمض سعد عينيه وتفهم أن هذا سببه العلامات المدموغه علي رقبته.....
هتفت الحجه راضيه بقلق :
-- مالك يا هنيه أنتي تعبانه .
هنيه ببكاء :
-- مفيش حاجه وقع الطبق غصب عني بعد اذنكم... قالتها وفرت تصعد غرفتها...
الحاج الراوى بضيق :
-- تعالي يا بنتي قوليلي مالك .
استقام سعد مستأذن :
-- بعد أذنك يا بابا انا هطلع اشوفها مالها....
قالها وتركهم يصعد خلفها، يطيب جراحها، فهو أعلم واحد بما تمر به من شعور مهلك للروح....
عقبت زينه :
-- ماما بقت حساسه جدا بسبب حبها ل بابا .. رغم العمر اللى بينهم حبهم مش بيقل بالعكس بيزيد.....
الحجه راضيه بتأكيد :
-- وأبوكم بيحبها أكتر من نفسه ..
وهو هيصلحها حالا....
أردفت فجر تعلم جدتها :
-- إحنا هنخرج يا تيته هنعدى على واحده صحبتنا هناخدها وبعدين هنروح الدرس و قلنا ل ماما وهي موافقه...
الحجه راضيه بقبول :
-- تمام بس خلوا السواق يوصلكم ومتتاخروش وأنتم راجعين......
استقام الحاج الراوى معقبا :
-- وأنا كمان هنزل أشوف المزرعه فيها أيه يالا السلام عليكم.....
------------------------
مرء بعض الوقت والفتيات تقف فى انتظار السائق، تأفأفت زينه بملل من وقفتها وحيده وفجر تهاتف صديقتهم التى ينتظرونها، لمحت جدها على أول طريق البلده، بينما الحج الراوى يقف مشغول بالحديث مع عبدالله يحكى معه بخصوص الأرض المزروعة والمحصول الذى قد سبق وأَوُكَل له مهمة مباشرتهم....
ذهبت زينه نحوه هاتفه :
-- السلام عليكم أزيك يا جدو .
الحاج الراوى بمحبه :
-- الحمد لله يا نوارة البيت رايحين الدرس...
أومأت زينه بالايجاب هاتفه :
-- آه يا جدو رايحين .. بس مستنين السواق بنرن عليه مش بيرد.. وبرن على ماما مش بترد عشان اقولها هنمشى موصلات من غير السواق ..
سألها الجد بقلق:
-- فين فجر أختك
أجابته :
-- فجر واقفه هناك بتتكلم فى التليفون مع واحده صحبتنا عشان كنا هنعدى عليها بس اعتذرت عشان تعبانه.....
الحاج الراوى متذكرا :
-- معلش يابنات أنا نسيت اتصل وابلغكم السواق اتصل و اعتذر لأنه أبنه تعبان روحوا لوحدكم النهارده.......
عبدالله بمقاطعه قبل أن تسترسل زينه كلامها اردف قائلا :
-- أنا ممكن أوصلهم لو حضرتك تسمحلي ......
الحاج الراوى عقب عليه :
-- بس كده هنتعبك يا بشمهندس.....
عبدالله بود :
-- لا مفيش تعب ولا حاجه أنا تحت أمر حضرتك......
الحاج الراوى هتف يشكره :
-- تسلم يا ابني المفتاح في العربية يالا يا بنات .
خجلت زينه من الموقف مشت مطأطأه توارى كسوفها منه أمام جدها، نادت على شقيقتها تحثها على السرعه منعاً للتاخير، صعدوا يجلسوا بالمقعد الخلفى بالسياره، تبادل معها نظرات الاعجاب عبر المرآه، أهدته ابتسامه عذبه، داعبها بإحدى حاجبيه، حدقته بدهشه تبتلع لعابها بصعوبه من جرأته، جز على شفتيه يطلب وصالها، صدحت بضحكه رنانه أذابت الباقى من صبره، نبض قلبه يحث عقله ليردد بصوت يكاد يكون مسموع :
-- أخيراً لاقيتك يا مُعذبتي الضحوكه .. شكلها أن شاء أيامنا عنب.....
زينه بنبره مبتسمه قطعت وصلة أحلامه هاتفه :
-- لوسمحت وصلنا أقف علي جنب من فضلك....
عبدالله بحب :
-- هنتظركم هنا لحد ما تخلصوا لأني عاوزك في كلمتين.
أحمرت زينه خجلا وأغمضت عينيها تومأ برأسها : حاضر....
عبدالله بغبطه :
-- تسلمليي معذبتي
هبطوا من السياره والتفت لتغادر هى وشقيقتها، أوقفها صوته الأجش مردفا بتحذير :
-- مش عاوزك تضحكي لحد .. ولا تتكلمي مع مستر .. أصلك متعرفيش أنا ممكن اعمل أيه....
عقدت حاجبيها تنظر له بتأفاف من تحكماته الغير منطقيه....
استشف عدم رضاها ليعقب على نظراتها بتهكم :
-- أيه مش عجبك كلامي .. بتبصيلي كده ليه .. يالا يا بت متنحيش كده .. اخلصى واسمعى الكلام........
صدح صوتها بضحكه عاليه، تابعتها ضحكات استهزائيه، صفقت على يديها هاتفه بسخريه :
-- أنت أهبل يالااااااا .. مين أدالك الحق عشان تتكلم معايا بالطريقه دى....
فى حين تقف أختها بجوار باب العربه مبتسمه تنظر بدهشه لما يحدث بينهم....
ضحكتها دغدغت أوصاله، لتلين ملامحه وبهيام أشار على خافقه هاتفا :
-- قلبي هو اللي قالي أنك نصيبى يامعذبة أحلامى....
سلط نظراته عليها، لتخجل مرفرفه بأهدابها، تحولت نبرته للجديه حتى يشعرها بصدق مشاعره وتحدث :
-- أنا فعلا حبيتك من أول نظره .. ومش قادره اشيلك من تفكيري ولا خيالي .. أنتى عذبتينى كتير فى أحلامي .. مكنتش مصدق انك واقع وحلمى هيبقى حقيقه .. من الآخر أنا هتجنن عليكي وعاوز اتجوزك ...
جحظت زينه من جرأة كلامه وهتفت :
-- يالا يابنى أمشى بعيد .. شكلك شارب حاجه ...
قالت كلامها ولم تعطيه فرصة الرد وفرت هاربه تدخل مركز الدروس، وتابعتها فجر مهروله مذهوله من تهور عبدالله...
بينما هو سعيد فرح بردها ليزيد حبها بقلبه ويصر أكثر على الارتباط بها.......
-------------------------
يتغير الإنسان حين يتأذى قلبه، لا تستفيق من غصات قلبها القديمه حتى تلاحقها غصه جديده، حاله من الاضطراب والقلق يسيطروا عليها، تشرد فى حياتها ما بها لا تسير كما تخطط لها، تجلس تضم ساقيه على صدرها، تلف يدها تحتضن جسدها بحمايه تحاول أن تمد نفسها بالأمان الذى افتقدته، باكيه تنظر لنقطه وهميه شارده فى كل ما مرء عليها من مَحَنْ، صامته داخلها يأن حزنا على حياتها المهدوره من قبل أناس استباحت مشاعرها وذبحتها بدون رحمه..........
دلفت غمزه غرفتها تطلعت لها وجدتها حزينه باكيه، أغلقت الباب خلفها وأكدت غلقه بالمفتاح حرصا منها كى تمنع دخول أفراد العائله بغته، جلست جوارها تمسد على ظهرها بحنو تحاول طمأنتها هاتفه :
-- مالك يا بسنت بتعيطي ليه .. أن شاء الله مش هيحصله حاجه .. أنا إمبارح فهد طمني .. أرجوكي أهدى .
بسنت بشهقات منتحبه :
-- افرضي مات أشيل ذنبه ازى بس .. هو مخلاش ليا حل يا أموت يا أموته .. ومقدرتش أموت كفره أعمل أيه......
غمزه بمواساه :
-- الحمد لله عدت علي خير ..
أنا نزلت امبارح بس عشان خاطرك .. هنزل كمان النهارده اطمن عليه....
كفكفت بسنت دموعها مردفه بلهفه :
-- أنا هاجي معاكي اطمن عليه من بعيد عشان ارتاح .....
اومأت غمزه لها بالموافقه هاتفه :
-- خلاص قومي ألبسي .. وأنا هخرج أسيبت أمك وأبوكي وأخواتك عشان قلقانين عليكي .. وأفكر في حجه أقولها......
احتضنتها بسنت هاتفه بحب :
-- تسلميلي يا غمزه بتعبك معايا
قالتها واستقامت تفتح خزانتها ترتدى ثيابها لتذهب لملاقاة ما يخبئه القدر لها....
أما غمزه خرجت تجلس معهم على منضدة الإفطار، تحاول تشتيتهم فى خدعتها .....
نظرت أنعام ل غمزة وهتفت بتساؤل :
-- فين بسنت ليه مش جات تفطر معنا......
أجابتها غمزه سريعا :
-- جايه بس بتلبس عشان هتيجي معايا العياده عايزة تشوف شطارتى فى علاج صخر......
عقب عليها أحمد بخوف :
-- خلي بالكم من بعض ومتتاخريش في الرجعه .. وبلاش تركبي الموتوسيكل عشان الجو وحش جدا و احتمال هتمطر......
استقامت غمزه عندما رأت ان بسنت استعدت وهتفت ترد عليه بمرح :
-' عيوني يا أبيه خلي بالك من نفسك ياحبيبى
ألقت بسنت التحيه وجأت جوار غمزة ووقفت منتظره
أشار عزت بحنو :
-- اقعدى افطرى يا حبيبتي واقفه ليه.....
ابتسمت بسنت هاتفه :
-- شكرا يا بابا مليش نفس افطر .. لو جوعت أفطر أي حاجه بره.....
قالتها ولكزت غمزه بذراعها لتهم للرحيل....
أحمد بقلق اقترب منها وأردف باستعلام :
-- مالك يا قلب أخوكي
قالها وتابع كلامه وهو يحتضن منكبيها يرمق شحوب وجهها
-- أنتى تعبانه وشك مخطوف ليه.....
بسنت بثبات مزيف هتفت :
-- أبدا يا حبيبي أنا بس عيوني تعبانه متقلقش.....
أرادت غمزه أن تفر هاربه من عيونهم التى تحاصرها فهو دونا بئر اسرار بسنت هتفت بمشاكسه :
-- آه ما أنتوا مش بتحبوا حد اللي بسنت .. لا أنا زعلانه منكم.....
ألقت كلمتها وفرت تغادر حتى تقطع تسائلتهم......
هتفت انعام بيأس من تهورها :
-- اخرجي شوفي المجنونه دى عشان متزعلش..
أومأت بسنت :
-- حاضر يا أمى لو احتاجتي حاجه اطلبيني أجيبهالك ..
قالتها وارسلت لها قبله فى الهواء هاتفه : يالا سلام .
جرجت وجدت غمزة بانتظارها، جرت عليها احتضنتها بحب "
شكرا يا غمزه انتي حقيقي أنقذتيني.. مسدت على ظهرها تبادلها محبتها وأخذتها لتلاقى مصيرها المجهول........
----‐-----------------------
هي أقدار لا نملك أمامها إلا أن نقول بكل يقين "قدر الله وماشاء فعل"، فالأقدار مراكب تحملنا لا نعرف أين سترسو بنا.......
جاءت ساعة التلاقي التى ستحدد مصيرهم، دخلت غمزه وبسنت المشفي، استبقتها غمزة بخطوه واتجهت للاستعلامات وسألت علي الحجره المحتجز بها "ريان"، اخذت رقمها وهمت بالصعود للأعلى...
بخطى مهزوزه تسير بسنت جوارها، رفعت غمزه راسها تنظر لها هاتفه باستعلام :
-- هتدخلي معايا ولا أدخل أنا لوحدى .
بتلعثم هتفت بسنت :
-- ادخلي اطمني عليه وأنا هنتظرك هنا.
أومأت غمزه بالموافقه :
-- تمام ومتقلقيش هطمن عليه واخرج اطمنك....
قالتها ووقفت أمام الباب تدق عليه تنتظر الأذن بالدخول.....
استقام فهد يفتح الباب، جحظت عينيه أثر مفاجأة رؤيتها..
ابتسم بود :
نورتي .. اتفضلي بس لعله خير جيتي تانى.....
خجلت غمزة من معاملته اللطيفه، تجاهلته وخطت للداخل واقتربت من ريان هاتفه باقتضاب :
-- هو عامل ايه دلوقتي .
أجابها فهد ببشاشه :
-- تمام الحمد لله احسن دلوقتي .. ادعيله وان شاء الله قرب يفوق .
غمزه بارتباك :
-- الحمد لله ربنا يطمنك عليه أن شاء الله خير .. "بسنت" معايا ووقفه بره مستنيه تطمن عليه....
فهد بعتاب :
-- سيباها بره ليه ..
قالها وخرج يأتى بها
-- اتفضلي يا بسنت ادخلي....
بسنت باعتذار :
-- أنا آسفه للي حصل .. بس هو اضطرني أنى أعمل كده .. بس أنا مش قدره أصدق اني ممكن اقتل انسان.....
فهد بمؤزره :
-- أنا عارف ده وأنتى عملتي صح .. ومحدش يقدر يلومك.....
استفاق ريان على حديثها يتكلم بصعوبه :
-- أنتى لازم تتسجني لأني مش بسيب حقي......
جحظت أعينهم مما تفوه به، مندهشين من كلامه، من الجانى ومن المجنى عليه، بأى حق يتجرأ على أن يزجها بالسجن ، هل الجاني يسجن المجني عليه......
ثارت غمزة وأخذتها الحميه صاحت بانفعال :
-- أنت عندك عين تتكلم .. أنت عارف أنا نفسي أقتلك وأكلك بسناني يا حيو*ان يا غبي .
فهد بملامح حاده هتف بخشونه :
-- لو سمحتي يا غمزه من فضلك مش وقت الكلام ده.....
بسنت أخذت البكاء وسيلة لتنفس عن قلة حيلتها، دموع صماء تهطل بغزاره، تعبر بدون كلام عن الوخز الذى يعتمل روحها.....
ريان تسلط عليه شيطانه وهتف متحدى ألمه مردفا بوقاحه وكأنه حقه وسلب منه :
-- وأنا عاوز حقي وعارف هخده ازاى .. أنا هتجوزك مقابل أنى مقولش أنك حاولتي تقتليني....
صدمه تشكلت على محياهم، لم يستوعبوا .. لم يتفهموا .. لم يتخيلو بأى منطق يتكلم......
إلى هنا وخلعت بسنت عباءة الصمت وكفكفت دموع القهر، واستجمعت حطام الأنثى التى بداخلها، لتعلنها صريحه تتحداه وجها لوجه، اقتربت منه تنظر له باشمئزاز هاتفه بكل غضب العالم :
-- وأنا عندى السجن أهون كتير من أنى أتجوز مغتصب زيك .. وهخرج من هنا علي قسم الشرطة أبلغ عن نفسي .. وابقي اتجوزني في احلامك .. نجوم السما اقربلك مني.....
ازدرد ريقه بصعوبه وضاق نفسه، حاول بضعف العدول فى نومته لم يستطيع هتف بصوت مبحوح أثر التعب :
-- أنا هتجوزك بمزاجك او غصب عنك......
قالها وصدح بقوه صوت سعاله وخشخشة أنفاسه، تحامل على نفسه ليعتدل جالسا انزلق لينبطح أرضاً، هرول له شقيقه انتشله رافعا أياه على الفراش يضمه هاتفا بحنو :
-- أهدى وحاول متتكلمش أنت لسه تعبان.....
غمزه وبسنت فى حالة اندهاش، تبادلوا النظرات المستنفره من طريقة حديثه والحاله المذريه التى وصل لها، فهم ليس على علم بإدمانه....
دفن "ريان" وجهه بالقرب من أذن أخيه وبصعوبه تلفظ انفاسه، وبصوت يملئه التعب، وبنبره لا يسمعها غير فهد تهدجت أنفاسه قائلا :
-- لازم أتجوزها أنت سامع هموت يا فهد لو متجوزتهاش اتصرف......
فهد بتريث :
-- أهدى أنت تعبان بعدين نتكلم ونشوف هنعمل أيه وأنت عاوز أيه....
ريان على عناده وجنونه ألقى سهام عينيه على بسنت وأردف بتحذير :
-- لو فكرتي تروحي تبلغي عن نفسك .. أنا هقتل أخوكي وساعتها أنتى اللي هتندمي....
صاحت بسنت بغضب :
-- أنت أكيد مش طبيعي ومش عارف بتقول أيه.....
استهجنت غمزه وتحدثت بعصبيه : --
أنت واحد حيوان .. ولو قربت من حد من أخواتي أنا اللي هكلك بسناني .. فهمت يالاااا جتك بالقرف مؤرف .. كانت ساعه سوده لما شوفتكم.......
قالتها وجذبت يد بسنت هاتفه :
-- يالا نمشى بلاش كلام فارغ وشغل ناس مجرمين......
فهد بصوت اجش يحاول السيطره على الموقف :
-- أهدى يادكتوره "غمزه" هو تحت تأثير البنج .. ومش عارف بيقول أيه .. خدى بسنت وخلي بالك من نفسك ومنها .. وهنبقي نتكلم بعدين يكون فاق....
برأس يابسه عقب ريان على حديثهم ضاربا به عرض الحائط :
-- أنا فايق وعارف أنا بقول أيه .. يا هتجوزها يا هقتل أخوها .. هى دى الاختيارات اللي قدامها وهي تختار.....
قالها وأشار بيده على الباب وتابع :
-- ويالا اطلعي بره مش عاوز أشوف وشك ألا لما توافقي .. وفكرى كويس عشان متندميش....
--------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
--------------------
انقضى ظلام ليله أخرى تكبد فيها عناء صفعات كالها له القدر، وها هو أتى صباح جديد يغزل ضيه يشق الغيوم ليعلن عن مفاجأت جديده ساقها القدر فى طريقه لتتكشف له حقائق أخرى....
استيقظ مبكرا وعمل روتينه اليومى واستعد يهبط للاسفل قبل استيقاظ الجميع ليذهب لرؤية أخيه والاطمئنان عليه بدون إثارة شكوك وتساؤلات العائله.......
نزل درجات السلم ليقابل فى وجهه الخادمه "شربات"، ولكن ما يثير توجساته من ناحيتها هى ارتباكها عند رؤيته وتلعثمها المرتبك، لم يعطى لها بالاً وأقنع نفسه أنه لسفره الدائم فمن الممكن متخوفه قليلا منه، صدح بصوت أجش ينادى عليها قائلا :
-- اعملى لى قهوه ياشربات وهاتيها عالمكتب .. بس ياريت بسرعه.....
هزت رأسها بخوف، تحاول تشجيع نفسها للبوح بما تخفيه عنهم، ولكن قلقها يلجم لسانها....
ردت عليه بتلعثم :
- حا حاضر يافهد باشا..
ضرب كف بكف هل كان ينقصه تلك المعتوه، تركها ودلف للمكتب يباشر بعض ملفات المصنع حتى تأتى له بالقهوه......
قليلا وتصاعد طرقات على الباب تستأذن بالدخول، سمح لها بالولوج، خطت نحو المكتب بجسد مرتعش تكاد تنقلب منها صينية القهوة من شدة ارتعاشها...
نظر لها بريبه قائلا :
-- مالك أنتى تعبانه .. لو كده خدى أجازة ومشي الحجه راضيه مش هتقولك حاجه.....
سريعا وبدون تفكير ومقدمات، فالأمر بات مرهق لها، تقافزت الكلمات على لسانها وهتفت بتوتر :
-- يافهد باشا أديني الأمان عايزة اتكلم وخايفه ....
ضيق ما بين حاجبيه بغموض شكه أصبح يقين بأن ورائها أمر خطير، مسح على ذقنه لبرهه يحدق بها بتمعن هاتفا :
-- ليك الأمان ياشربات .. خير خايفه من أيه...
قالها وهو يقترب منها بتروى يعطيها مساحتها للحديث، ارتكبت من نظراته الحاده المسلطه عليها، فركت كفيها ببعضهما والخوف وصل أدناه، اصطكت أسنانها بتوتر، ليصيح بها أن تنجز بالكلام فهو لن ينتظرها طيلة النهار لتتكلم، أومات برأسها وبدأت تسرد عليه ما سمعته تلك الليله المشؤمه.....
كان يسمعها وعروقه تنتفض غضبا يحرق الأخضر واليابس، كل كلمه نزلت علي مسامعه جعلت براكين غضبه حمم قابله للانفجار بأى وقت، بعدما كان مجرد شك أصبح حقيقه غير قابله للكذب والتضليل، زفر بغضب يجز على أنيابه يتوعد بالنيل من كل من أذوه، هتف لنفسه صبرا سيأتي يوم القصاص وكل ذى حق سيأخذ حقه..........
أشار لها بيده أن تصمت وأردف بأمر :
-- طلبتى الأمان وأنا عند كلمتى أدتهولك .. اللى انتى قولتيه دالوقت مش عايز مخلوق يعرفه .. مفهوم....
قالها وهو ينظر لها بملامح متجهمه.....
هزت رأسها برعب هاتفه بطاعه :
-- أوامرك يافهد باشا .. أنا والله حتى مقولتش لستى الحجه وقولت اقول لحضرتك عشان هى تعبانه ومش حمل مصايب تانيه....
تفهم عليها واردف ينهى الحوار :
-- خلاص اتفضلى روحى شوفى شغلك وزى ما اتفقنا كلامنا ده محدش يعرف بيه......
خرجت تهرول للمطبخ تلتفت يمين يسار تتأكد من خلو الطريق، حتى لا يشك احد بامرها...
أما بالداخل لدينا فهد ثائر غاضب تكالب الأوضاع يقيده ساق وقدم، لا يوجد لديه منفس حتى يستطيع ترتيب أوراقه، أخ تائه مدمن جريح، عائله على شفا انهيار، زوجه اب كالطعون حربائه تتشكل كل يوم حتى لا تستطيع الإمساك بها، حبيبة مجنونه لا تتوانى فى افقاده عقله بسبب عنادها المتهور، تنهد بتعب يطلب المدد من الله ان يعينه فى الحفاظ على عائلته فالفتره القادمه صعبه على الجميع......
اعتدل بوجهته وخطى نحو الباب يغادر ليطمئن على الأحباب قبل استيقاظ العائله......
------------------------
هبط من سيارته يقف أمام العياده البيطريه، ترجل لداخل الحديقه، تلفت يمين يسار شاهد "مرعى" التمرجى يسقى "صخر" بعض الماء ويعطيه أدويته لحين مجئ الطبيبه، خطى نحوه يناظر عليه، انتبه له "مرعى"، رفع يده يرحب به، فى حين استمع له خله الوفى، شب برأسه فرحاَ يحي قدومه اليه، أسرع "فهد" بخطواته يضم رأسه لصدره يبادله فرحته على تحمده السلامه، مسد على جسده برفق، واستدار ينظر للتمرجى، يطلب منه المغادره للانفراد بصديقه قليلا، أومأ له "مرعى" بالقبول وذهب وتركهما بمفردهما، دنى "فهد" من "صخر" يطبع قبله على رأسه، يملس على شعره بحنو، ينظر بعمق لعينيه هاتفا بفرح :
-- حمد لله على سلامتك ياصاحبي...
وثب "صخر" بأقدامه الأمامية، لف ساقه اليسار يضم فهد لتجويف رقبته يرحب بصديقه، يهز رأسه يتمسح بسعاده بصدر "فهد"، ظلوا يحتضنوا بعضهم بعض الوقت كلا منهم يستمد قوته من الآخر، أخرجه فهد من صدره ليتبادلوا نظرات دافئة يملؤها الحب والوفا....
أمسك فهد رأسه يرمقه بشجن قائلا :
-- اتاكدت من اللى غدر بيك .. وحياتك عندى مهسيبه غير وانت واخد حقك .. ومحدش هيجيب حقك الا أنت بأيدك هتاخد طارك .. شد حيلك وارجع صخر العفى بتاع زمان .. وهحطك فى مواجهه معاه لو اتعرفت عليه وصهيلك عالى وغلاوتك عندى هطلق سراحك عليه لما تستكفى منه....
سبحان من علم الحيوان الفهم على الإنسان، عشق الخيل صادق وعميق، مخلصة ودوده لصاحبها، هز "صخر" رأسه يؤيد صديقه بفكرة الثأر، كعادتهم ظل فهد يتحدث فى كل ما يختلج صدره، وصخر يستمع باصغاء يهمهم بشجن تاره و بسعاده تاره أخرى ليستزيد فهد فى مشاطرته ما يؤلمه، انقضى أكثر من ساعه، ليمسد فهد على جسده بحب ويلقى عليه التحيه ويهم كى يغادر، قابل التمرجى وأوصاه على مراعاة صخر، وإرسال التحيه للدكتوره غمزة، وذهب يغادر للقاء محب آخر......
----------------------------
أخي وإن جار الزمان وافترقنا، فلا القلب يهدأ ولا الروح تنساك....
ترجل من سيارته يقصد المشفى، توجه للاستعلامات يسأل عن الطبيب المعالج لأخيه، أجابته الممرضه أنه بغرفة مكتبه، توجه إليه دق الباب ودخل مباشرة، ألقى التحيه وجلس فى المقعد المقابل لمكتبه...
هتف فهد يسأل بثقه :
-- ممكن أعرف "ريان" هيخرج من العنايه المركزه أمتي....
أجابه الدكتور :
-- أن شاء الله هدخل اكشف عليه هو جرحه مش خطير لانه فى جدار البطن الطعنه كانت سطحيه موصلتش للأمعاء، وهبلغ حضرتك لو بقي كويس هيقدر يخرج اوضه عاديه ... هو في العنايه المركزه عشان المخدرات اللي بياخدها مش أكتر......
فهد بتساؤل آخر :
-- طب أنا كنت عاوز أعرف هو هيخرج من المستشفي امتي ان شاء الله يعنى تقريبا....
الدكتور بعمليه :
-- إن شاء الله كمان يومين بس نطمن عليه وتقدر حضرتك تاخده .
أومأ فهد هاتفا :
-- ان شاء الله علي خير .
استقام الدكتور قائلا :
-- يالا يا فهد باشا ده ميعاد مرورى عليه هتلاقى صحى دالوقت مفعول الأدوية انتهى.....
قالها وأخذه وغادر لغرفة العنايه المتواجد بها ريان....
استوقف فهد أمام الباب هاتفا :
-- أنا منتظرك قدام العنايه يادكتور اتفضل حضرتك.....
استأذن الدكتور ودلف عند "ريان" يفحص جرحه ومؤشراته الحيويه هاتفا باستعلام :
-- حاسس بأيه يا"ريان"
اتكلم ريان بألم :
-- تمام بس عاوز أخرج من هنا
رد عليه الدكتور بمهنيه :
-- مينفعش تخرج اللي لما اطمن عليك....
بعصبيه وصوت متألم نهره ريان قائلا :
-- أنا بقولك يا غبي عاوز أخرج من هنا ..
قالها وأخذ ينزع كل الاجهزة المتصله بكفه وزراعه، حاول النهوض لينازع بألم يقع أرضا....
هرول اليه الدكتور، جثى بجواره يحاول أن يوقفه، لثقل جسمه تراخت يدى الدكتور ولم يستطع انتشاله من أرضه.....
صرخ ريان عليه بحده :
-- أمشي يا حيوان بعيد عنى ملكش دعوه .. أنا بقولك هخرج من هنا يعني هخرج......
استدار الدكتور بقلة حيله وفتح الباب ينادى على "فهد" يستنجد به لإيقاف تهور أخيه، وطلب مساعدة الممرضات للنهوض به من أرضه، بينما "ريان" يحاول الوقوف بأعصاب متراخيه لا تساعده، أخذ يبكى بانهيار من تدهور حاله......
احتضنه "فهد" يمسد على ظهره بحنو هاتفا :
-- أهدى ياحبيبى .. غلط على صحتك...
قالها وحاوط خصره بحمايه يوقفه بمساعدة الدكتور، قام باسناده وأجلسه علي السرير، أمسك رأسه يرفعها يحاول تهدئة هياجه قائلا :
-- أهدى واللي أنت عاوزه هعملهولك.....
"ريان" بصوت يكسوه الوجع وكسرة النفس هتف بحسره :
-- أنا تعبان مش قادر هموت يا"فهد" ارحمني أبوس على ايدك.....
قالها وتشبس بأحضانه يبكى كالطفل الصغير.......
تعالت شهقاته هاتفا بألم مبرح يمزق عضلات جسده :
-- جسمي بيتقطع مش قادر استحمل هموت.......
التفت فهد ينظر بغيظ للطبيب وصاح فيه بصوت أجش قائلا :
-- اتصرف يا حيوان أنت واقف تتفرج عليه وهو كده...
قالها وشدد من احتضان ريان.....
اضطرب الدكتور من حدة فهد هرول يسرع بتحضير الحقنه، حضرها سريعا وكشف عن ساعده، أعطاه اياه ليمرء القليل من الوقت، هدء وغط فى النوم على كتف أخيه، ارخى فهد يده وسطحه لينام براحه على الفراش، رفع ساقيه المدلاه أرضا من فرط حركته، دثره بالغطاء واعتدل واقفا ينظر للطبيب بأمر :
-- اعملي خروج واطلب لى دكتور مرافق يخرج معايا عشان يتابع حالته في البيت .. أنا مش هستني يومين اللى هيتعمل هنا هعمله فى البيت مدام الجرح سطحى ولو عالإدمان نبه عالدكتور وعرفه حالته كويس عشان يحط برنامج لعلاجه من زفت اللي بتعطاه .. خلص الورق وإجراءات خروجه أنا عايز أمشى فى خلال ساعه...
لم يستجيب الطبيب لكلام فهد، مما آثار غضبه ليهتف بعصبيه :
-- أنا مش باخد أذنك .. أخلص أنت لسه واقف تتفرج عليا ..
اجابه الطبيب بارتباك :
-- أمرك يا فهد باشا بس الشرطه لازم تحقق مع "ريان" باشا لأن المفروض أبلغهم أول ما يفوق .
فهد : مش خلصنا من الكلام ده بتفتحه تانى ليه .. انت مبتفهمش وشكلك هتتعبنى معاك ....
هز الدكتور رأسه بتوتر :
-- خلاص يافهد باشا اللى تؤمر بيه هيتنفذ حالا وكل حاجه تخلص...
اقترب من ريان وجلس بجواره يملس علي شعره بحنو مردفا بحب :
-- عمرى ماهسيبك للطريق اللي أنت مشيت فيه....
هطلت دموعه تنعى وجيعته على أخيه واستطرد :
--سامحني أنا أهملت فيك .. بس مكنتش متوقع أن ده ممكن يحصل وتضيع نفسك بالشكل ده .. بس لو مهما كان الثمن أنت لازم ترجع زى ما كنت واحسن .. وتكون السند اللي اتسند عليه .. وترجع ابني اللي أشد بيه ضهرى تاني.....
استقام يكفكف دموعه وخرج أدار اتصال على بواب العماره لينظف الشقه التى كان يقطن فيها للاستذكار أيام دراسته بالمدريه، أنهى تعليماته واستقر داخله على ما سوف يقوم به لعلاج أخيه....
----------------------
فى نفس الاثناء بدوار الراوى تجلس هنيه شاحبة الوجه ذابلة العيون شارده مع ملاذها الذى افتقدته عشية ليلتها، والفتيات زينه وفجر يتجاذبوا أطراف الحديث مع جدهم وجدتهم......
هبط سعد من أعلى ألقى عليهم التحيه، رمقته هنيه بعيون تسكنها العبرات، لا إرادياً هبطت دموعها تغزو وجنتيها، استقامت هاتفه بشجن :
-- قوموا أقعدوا عالسفره .. وأنا هشوفهم بيعملوا أيه في المطبخ وأجيب الفطار......
قالتها وتركتهم تفر من أمامه تلملم الوجع الذى ينخر بروحها... .
هتفت الحجه راضيه :
-- تعالى يا سعد عامل أيه يا حبيبي .
خطى نحوها ودنى منها يقبل كفيها باحترام وفعل المثل مع أبيه.. جلس يتطلع إلى باب المطبخ يكلم نفسه : -- استغفر الله العظيم ..
مالها مش هتتعود بقي .. عيالها بقوا أطول منها وهي لسه بتغير عليا
حول نظره للفتيات هاتفا بتساؤل
-- مالها أمكم يا بنات....
فجر أجابته :
-- بغض النظر عن أن أبيه "فهد" اللي بات بره وده جنن ماما .. حضرتك عارف لما بتبقي عند طنط "مكيده" ماما بتفضل تعيط طول الليل......
دخلت هنيه على كلامهم صاحت بغضب على فجر :
-- مين قالك تتكلمي في اللي ملكيش فيه...
يالا أقعدى عالسفره افطرى وانتي ساكته.....
استقام الجميع بحيره من أمرها، جلسوا يتبادلوا النظرات فى صمت.....
بعصبيه بدأت فى توزيع الأطباق علي السفره انتهت مدت يدها هاتفه :
-- اتفضل يا عمي كوبايه اللبن...
قالتها وجاءت جوار الفتيات وجلست
سعد بملاطفه ابتسم قائلا :
-- ممكن تجيبي طبق العسل يا هنايا أنا.....
أخذت هنيه الطبق وبسطت يدها تناوله أياه رفعت عينيها لتصطدم بمقلتيه، تجول بؤبؤ عينيها على وجهه ورقبته، رأت علامات مكيده التى تعمدت وضعها علي رقبته لأثارة حنقها، ارتعشت يديها ليقع الطبق من بين يدها علي المنضده،
شهقت الفتيات فزعه وتطلع البقيه عليها بحزن ...
أغمض سعد عينيه وتفهم أن هذا سببه العلامات المدموغه علي رقبته.....
هتفت الحجه راضيه بقلق :
-- مالك يا هنيه أنتي تعبانه .
هنيه ببكاء :
-- مفيش حاجه وقع الطبق غصب عني بعد اذنكم... قالتها وفرت تصعد غرفتها...
الحاج الراوى بضيق :
-- تعالي يا بنتي قوليلي مالك .
استقام سعد مستأذن :
-- بعد أذنك يا بابا انا هطلع اشوفها مالها....
قالها وتركهم يصعد خلفها، يطيب جراحها، فهو أعلم واحد بما تمر به من شعور مهلك للروح....
عقبت زينه :
-- ماما بقت حساسه جدا بسبب حبها ل بابا .. رغم العمر اللى بينهم حبهم مش بيقل بالعكس بيزيد.....
الحجه راضيه بتأكيد :
-- وأبوكم بيحبها أكتر من نفسه ..
وهو هيصلحها حالا....
أردفت فجر تعلم جدتها :
-- إحنا هنخرج يا تيته هنعدى على واحده صحبتنا هناخدها وبعدين هنروح الدرس و قلنا ل ماما وهي موافقه...
الحجه راضيه بقبول :
-- تمام بس خلوا السواق يوصلكم ومتتاخروش وأنتم راجعين......
استقام الحاج الراوى معقبا :
-- وأنا كمان هنزل أشوف المزرعه فيها أيه يالا السلام عليكم.....
------------------------
مرء بعض الوقت والفتيات تقف فى انتظار السائق، تأفأفت زينه بملل من وقفتها وحيده وفجر تهاتف صديقتهم التى ينتظرونها، لمحت جدها على أول طريق البلده، بينما الحج الراوى يقف مشغول بالحديث مع عبدالله يحكى معه بخصوص الأرض المزروعة والمحصول الذى قد سبق وأَوُكَل له مهمة مباشرتهم....
ذهبت زينه نحوه هاتفه :
-- السلام عليكم أزيك يا جدو .
الحاج الراوى بمحبه :
-- الحمد لله يا نوارة البيت رايحين الدرس...
أومأت زينه بالايجاب هاتفه :
-- آه يا جدو رايحين .. بس مستنين السواق بنرن عليه مش بيرد.. وبرن على ماما مش بترد عشان اقولها هنمشى موصلات من غير السواق ..
سألها الجد بقلق:
-- فين فجر أختك
أجابته :
-- فجر واقفه هناك بتتكلم فى التليفون مع واحده صحبتنا عشان كنا هنعدى عليها بس اعتذرت عشان تعبانه.....
الحاج الراوى متذكرا :
-- معلش يابنات أنا نسيت اتصل وابلغكم السواق اتصل و اعتذر لأنه أبنه تعبان روحوا لوحدكم النهارده.......
عبدالله بمقاطعه قبل أن تسترسل زينه كلامها اردف قائلا :
-- أنا ممكن أوصلهم لو حضرتك تسمحلي ......
الحاج الراوى عقب عليه :
-- بس كده هنتعبك يا بشمهندس.....
عبدالله بود :
-- لا مفيش تعب ولا حاجه أنا تحت أمر حضرتك......
الحاج الراوى هتف يشكره :
-- تسلم يا ابني المفتاح في العربية يالا يا بنات .
خجلت زينه من الموقف مشت مطأطأه توارى كسوفها منه أمام جدها، نادت على شقيقتها تحثها على السرعه منعاً للتاخير، صعدوا يجلسوا بالمقعد الخلفى بالسياره، تبادل معها نظرات الاعجاب عبر المرآه، أهدته ابتسامه عذبه، داعبها بإحدى حاجبيه، حدقته بدهشه تبتلع لعابها بصعوبه من جرأته، جز على شفتيه يطلب وصالها، صدحت بضحكه رنانه أذابت الباقى من صبره، نبض قلبه يحث عقله ليردد بصوت يكاد يكون مسموع :
-- أخيراً لاقيتك يا مُعذبتي الضحوكه .. شكلها أن شاء أيامنا عنب.....
زينه بنبره مبتسمه قطعت وصلة أحلامه هاتفه :
-- لوسمحت وصلنا أقف علي جنب من فضلك....
عبدالله بحب :
-- هنتظركم هنا لحد ما تخلصوا لأني عاوزك في كلمتين.
أحمرت زينه خجلا وأغمضت عينيها تومأ برأسها : حاضر....
عبدالله بغبطه :
-- تسلمليي معذبتي
هبطوا من السياره والتفت لتغادر هى وشقيقتها، أوقفها صوته الأجش مردفا بتحذير :
-- مش عاوزك تضحكي لحد .. ولا تتكلمي مع مستر .. أصلك متعرفيش أنا ممكن اعمل أيه....
عقدت حاجبيها تنظر له بتأفاف من تحكماته الغير منطقيه....
استشف عدم رضاها ليعقب على نظراتها بتهكم :
-- أيه مش عجبك كلامي .. بتبصيلي كده ليه .. يالا يا بت متنحيش كده .. اخلصى واسمعى الكلام........
صدح صوتها بضحكه عاليه، تابعتها ضحكات استهزائيه، صفقت على يديها هاتفه بسخريه :
-- أنت أهبل يالااااااا .. مين أدالك الحق عشان تتكلم معايا بالطريقه دى....
فى حين تقف أختها بجوار باب العربه مبتسمه تنظر بدهشه لما يحدث بينهم....
ضحكتها دغدغت أوصاله، لتلين ملامحه وبهيام أشار على خافقه هاتفا :
-- قلبي هو اللي قالي أنك نصيبى يامعذبة أحلامى....
سلط نظراته عليها، لتخجل مرفرفه بأهدابها، تحولت نبرته للجديه حتى يشعرها بصدق مشاعره وتحدث :
-- أنا فعلا حبيتك من أول نظره .. ومش قادره اشيلك من تفكيري ولا خيالي .. أنتى عذبتينى كتير فى أحلامي .. مكنتش مصدق انك واقع وحلمى هيبقى حقيقه .. من الآخر أنا هتجنن عليكي وعاوز اتجوزك ...
جحظت زينه من جرأة كلامه وهتفت :
-- يالا يابنى أمشى بعيد .. شكلك شارب حاجه ...
قالت كلامها ولم تعطيه فرصة الرد وفرت هاربه تدخل مركز الدروس، وتابعتها فجر مهروله مذهوله من تهور عبدالله...
بينما هو سعيد فرح بردها ليزيد حبها بقلبه ويصر أكثر على الارتباط بها.......
-------------------------
يتغير الإنسان حين يتأذى قلبه، لا تستفيق من غصات قلبها القديمه حتى تلاحقها غصه جديده، حاله من الاضطراب والقلق يسيطروا عليها، تشرد فى حياتها ما بها لا تسير كما تخطط لها، تجلس تضم ساقيه على صدرها، تلف يدها تحتضن جسدها بحمايه تحاول أن تمد نفسها بالأمان الذى افتقدته، باكيه تنظر لنقطه وهميه شارده فى كل ما مرء عليها من مَحَنْ، صامته داخلها يأن حزنا على حياتها المهدوره من قبل أناس استباحت مشاعرها وذبحتها بدون رحمه..........
دلفت غمزه غرفتها تطلعت لها وجدتها حزينه باكيه، أغلقت الباب خلفها وأكدت غلقه بالمفتاح حرصا منها كى تمنع دخول أفراد العائله بغته، جلست جوارها تمسد على ظهرها بحنو تحاول طمأنتها هاتفه :
-- مالك يا بسنت بتعيطي ليه .. أن شاء الله مش هيحصله حاجه .. أنا إمبارح فهد طمني .. أرجوكي أهدى .
بسنت بشهقات منتحبه :
-- افرضي مات أشيل ذنبه ازى بس .. هو مخلاش ليا حل يا أموت يا أموته .. ومقدرتش أموت كفره أعمل أيه......
غمزه بمواساه :
-- الحمد لله عدت علي خير ..
أنا نزلت امبارح بس عشان خاطرك .. هنزل كمان النهارده اطمن عليه....
كفكفت بسنت دموعها مردفه بلهفه :
-- أنا هاجي معاكي اطمن عليه من بعيد عشان ارتاح .....
اومأت غمزه لها بالموافقه هاتفه :
-- خلاص قومي ألبسي .. وأنا هخرج أسيبت أمك وأبوكي وأخواتك عشان قلقانين عليكي .. وأفكر في حجه أقولها......
احتضنتها بسنت هاتفه بحب :
-- تسلميلي يا غمزه بتعبك معايا
قالتها واستقامت تفتح خزانتها ترتدى ثيابها لتذهب لملاقاة ما يخبئه القدر لها....
أما غمزه خرجت تجلس معهم على منضدة الإفطار، تحاول تشتيتهم فى خدعتها .....
نظرت أنعام ل غمزة وهتفت بتساؤل :
-- فين بسنت ليه مش جات تفطر معنا......
أجابتها غمزه سريعا :
-- جايه بس بتلبس عشان هتيجي معايا العياده عايزة تشوف شطارتى فى علاج صخر......
عقب عليها أحمد بخوف :
-- خلي بالكم من بعض ومتتاخريش في الرجعه .. وبلاش تركبي الموتوسيكل عشان الجو وحش جدا و احتمال هتمطر......
استقامت غمزه عندما رأت ان بسنت استعدت وهتفت ترد عليه بمرح :
-' عيوني يا أبيه خلي بالك من نفسك ياحبيبى
ألقت بسنت التحيه وجأت جوار غمزة ووقفت منتظره
أشار عزت بحنو :
-- اقعدى افطرى يا حبيبتي واقفه ليه.....
ابتسمت بسنت هاتفه :
-- شكرا يا بابا مليش نفس افطر .. لو جوعت أفطر أي حاجه بره.....
قالتها ولكزت غمزه بذراعها لتهم للرحيل....
أحمد بقلق اقترب منها وأردف باستعلام :
-- مالك يا قلب أخوكي
قالها وتابع كلامه وهو يحتضن منكبيها يرمق شحوب وجهها
-- أنتى تعبانه وشك مخطوف ليه.....
بسنت بثبات مزيف هتفت :
-- أبدا يا حبيبي أنا بس عيوني تعبانه متقلقش.....
أرادت غمزه أن تفر هاربه من عيونهم التى تحاصرها فهو دونا بئر اسرار بسنت هتفت بمشاكسه :
-- آه ما أنتوا مش بتحبوا حد اللي بسنت .. لا أنا زعلانه منكم.....
ألقت كلمتها وفرت تغادر حتى تقطع تسائلتهم......
هتفت انعام بيأس من تهورها :
-- اخرجي شوفي المجنونه دى عشان متزعلش..
أومأت بسنت :
-- حاضر يا أمى لو احتاجتي حاجه اطلبيني أجيبهالك ..
قالتها وارسلت لها قبله فى الهواء هاتفه : يالا سلام .
جرجت وجدت غمزة بانتظارها، جرت عليها احتضنتها بحب "
شكرا يا غمزه انتي حقيقي أنقذتيني.. مسدت على ظهرها تبادلها محبتها وأخذتها لتلاقى مصيرها المجهول........
----‐-----------------------
هي أقدار لا نملك أمامها إلا أن نقول بكل يقين "قدر الله وماشاء فعل"، فالأقدار مراكب تحملنا لا نعرف أين سترسو بنا.......
جاءت ساعة التلاقي التى ستحدد مصيرهم، دخلت غمزه وبسنت المشفي، استبقتها غمزة بخطوه واتجهت للاستعلامات وسألت علي الحجره المحتجز بها "ريان"، اخذت رقمها وهمت بالصعود للأعلى...
بخطى مهزوزه تسير بسنت جوارها، رفعت غمزه راسها تنظر لها هاتفه باستعلام :
-- هتدخلي معايا ولا أدخل أنا لوحدى .
بتلعثم هتفت بسنت :
-- ادخلي اطمني عليه وأنا هنتظرك هنا.
أومأت غمزه بالموافقه :
-- تمام ومتقلقيش هطمن عليه واخرج اطمنك....
قالتها ووقفت أمام الباب تدق عليه تنتظر الأذن بالدخول.....
استقام فهد يفتح الباب، جحظت عينيه أثر مفاجأة رؤيتها..
ابتسم بود :
نورتي .. اتفضلي بس لعله خير جيتي تانى.....
خجلت غمزة من معاملته اللطيفه، تجاهلته وخطت للداخل واقتربت من ريان هاتفه باقتضاب :
-- هو عامل ايه دلوقتي .
أجابها فهد ببشاشه :
-- تمام الحمد لله احسن دلوقتي .. ادعيله وان شاء الله قرب يفوق .
غمزه بارتباك :
-- الحمد لله ربنا يطمنك عليه أن شاء الله خير .. "بسنت" معايا ووقفه بره مستنيه تطمن عليه....
فهد بعتاب :
-- سيباها بره ليه ..
قالها وخرج يأتى بها
-- اتفضلي يا بسنت ادخلي....
بسنت باعتذار :
-- أنا آسفه للي حصل .. بس هو اضطرني أنى أعمل كده .. بس أنا مش قدره أصدق اني ممكن اقتل انسان.....
فهد بمؤزره :
-- أنا عارف ده وأنتى عملتي صح .. ومحدش يقدر يلومك.....
استفاق ريان على حديثها يتكلم بصعوبه :
-- أنتى لازم تتسجني لأني مش بسيب حقي......
جحظت أعينهم مما تفوه به، مندهشين من كلامه، من الجانى ومن المجنى عليه، بأى حق يتجرأ على أن يزجها بالسجن ، هل الجاني يسجن المجني عليه......
ثارت غمزة وأخذتها الحميه صاحت بانفعال :
-- أنت عندك عين تتكلم .. أنت عارف أنا نفسي أقتلك وأكلك بسناني يا حيو*ان يا غبي .
فهد بملامح حاده هتف بخشونه :
-- لو سمحتي يا غمزه من فضلك مش وقت الكلام ده.....
بسنت أخذت البكاء وسيلة لتنفس عن قلة حيلتها، دموع صماء تهطل بغزاره، تعبر بدون كلام عن الوخز الذى يعتمل روحها.....
ريان تسلط عليه شيطانه وهتف متحدى ألمه مردفا بوقاحه وكأنه حقه وسلب منه :
-- وأنا عاوز حقي وعارف هخده ازاى .. أنا هتجوزك مقابل أنى مقولش أنك حاولتي تقتليني....
صدمه تشكلت على محياهم، لم يستوعبوا .. لم يتفهموا .. لم يتخيلو بأى منطق يتكلم......
إلى هنا وخلعت بسنت عباءة الصمت وكفكفت دموع القهر، واستجمعت حطام الأنثى التى بداخلها، لتعلنها صريحه تتحداه وجها لوجه، اقتربت منه تنظر له باشمئزاز هاتفه بكل غضب العالم :
-- وأنا عندى السجن أهون كتير من أنى أتجوز مغتصب زيك .. وهخرج من هنا علي قسم الشرطة أبلغ عن نفسي .. وابقي اتجوزني في احلامك .. نجوم السما اقربلك مني.....
ازدرد ريقه بصعوبه وضاق نفسه، حاول بضعف العدول فى نومته لم يستطيع هتف بصوت مبحوح أثر التعب :
-- أنا هتجوزك بمزاجك او غصب عنك......
قالها وصدح بقوه صوت سعاله وخشخشة أنفاسه، تحامل على نفسه ليعتدل جالسا انزلق لينبطح أرضاً، هرول له شقيقه انتشله رافعا أياه على الفراش يضمه هاتفا بحنو :
-- أهدى وحاول متتكلمش أنت لسه تعبان.....
غمزه وبسنت فى حالة اندهاش، تبادلوا النظرات المستنفره من طريقة حديثه والحاله المذريه التى وصل لها، فهم ليس على علم بإدمانه....
دفن "ريان" وجهه بالقرب من أذن أخيه وبصعوبه تلفظ انفاسه، وبصوت يملئه التعب، وبنبره لا يسمعها غير فهد تهدجت أنفاسه قائلا :
-- لازم أتجوزها أنت سامع هموت يا فهد لو متجوزتهاش اتصرف......
فهد بتريث :
-- أهدى أنت تعبان بعدين نتكلم ونشوف هنعمل أيه وأنت عاوز أيه....
ريان على عناده وجنونه ألقى سهام عينيه على بسنت وأردف بتحذير :
-- لو فكرتي تروحي تبلغي عن نفسك .. أنا هقتل أخوكي وساعتها أنتى اللي هتندمي....
صاحت بسنت بغضب :
-- أنت أكيد مش طبيعي ومش عارف بتقول أيه.....
استهجنت غمزه وتحدثت بعصبيه : --
أنت واحد حيوان .. ولو قربت من حد من أخواتي أنا اللي هكلك بسناني .. فهمت يالاااا جتك بالقرف مؤرف .. كانت ساعه سوده لما شوفتكم.......
قالتها وجذبت يد بسنت هاتفه :
-- يالا نمشى بلاش كلام فارغ وشغل ناس مجرمين......
فهد بصوت اجش يحاول السيطره على الموقف :
-- أهدى يادكتوره "غمزه" هو تحت تأثير البنج .. ومش عارف بيقول أيه .. خدى بسنت وخلي بالك من نفسك ومنها .. وهنبقي نتكلم بعدين يكون فاق....
برأس يابسه عقب ريان على حديثهم ضاربا به عرض الحائط :
-- أنا فايق وعارف أنا بقول أيه .. يا هتجوزها يا هقتل أخوها .. هى دى الاختيارات اللي قدامها وهي تختار.....
قالها وأشار بيده على الباب وتابع :
-- ويالا اطلعي بره مش عاوز أشوف وشك ألا لما توافقي .. وفكرى كويس عشان متندميش....