رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة محمد
حافية على جسر عشقي الفصل الحادي عشر:
فتح باب الغرفة على مصراعيها بعنفٍ، أنتفضت "فريدة" التي كان تمسح على خصلات أخيها لكي ينام، تأفف "مازن" بضيق، وربما غيرة، ليقول في صوتٍ حاد غير مراعي لذلك الطفل المسكين :
- وديه عند الدادة اللي هنا وهي هتاخد بالها منه، عايز أتكلم معاكي شوية ..!!!
تشبثت بأخيها النائم قائلة برجاءٍ:
- ممكن بس تخليه ينام هنا، هو مش بيعرف ينام بعيد عني ...
صرخ بها "مازن" بقوة جعلت الدموع تتجمع في عيناها :
- انتِ مسمعتيش انا قولت أيه، أرميه في أي داهيه !!!!
أنتحبت "فريدة" لتتخرج من الغرفة تبحث عن المربية، وجدت سيدة كبيرة بالعمر يبدو على وجهها البشاشة لتخبرها بأن تبقيه معها، أوصتها عليه لتعود للغرفة مجدداً، أزالت الدموع العالقة بعيناها لتجده يجلس على الأريكة واضعاً قدم فوق الأخرى، منفثاً سيجارته الذي أخذ دخانها يحلق بالغرفة، أختنقت من الرائحة لتقف أمامه قائلة بنبرة حاولت أن تكون هادئة:
- خـيـر ؟!!!
ترك لُفافة تبغه جانباً لينهض واقفاً امامها بصدره العريض شمر عن ساعديه لتتخذ انامله طريقها إلى أزرار قميص، حلّ واحدة تلو الأخر و ملامح وجهه جامدة، وقع قلبها أرضاً، سرعان ما تراجعت بضع خطوات بعيداً عنه تقول بجسد يرتجف حرفياً :
- أنت .. بتعمل أيه !!!!
أقترب منها ببطئ قاصداً التلاعب بها و هو يقول بنبرة جدية أكثر من أي وقت :
- هاخد حقوقي منك..مش دة كان أتفاقنا !!!!
أمتلئت عيناها بالدموع مجدداً وجسدها أصبح كالجليد، تخشبت في أرضها تقول :
- بس مش دلوقتي يا مازن أرجوك !!!
حوُصرت بين الحائط الجامد خلفها وذلك الحائط البشري أمامها، حاصرها فعلياً بيداه وجسدها ملتصق به، أغمصت عيناها عندما امتدت يداه الى ذراعيها بينما مال بشفتيه الغليظة يوزع قبلاتٍ راغبة على كامل وجهها، يزيل دموعها بشفتيه، أمتدت أنامله تفتح أزرار قميصها لتطلق هي شهقة باكية قائلة:
- مازن !!!!!
- شششش ...
تلامست شفتيه بشفتيها ليهجم بعنف على شفتيها، أستسلمت له "فريدة" تحيط بعنقه، تبادبه قبلته بقلة خبره منها، كانت بداية لعنة رغبته بها التي تبتعد كلياً عن مسمى "الحُب"
• • • •
أدار مقبض الباب ليدلف لغرفتها، وجدها نائمة على الفراش كما تركها الليلة الماضية، نزع سترته مرهقاً ليلقيها جانباً، نزع قميصه أيضاً ليبقى عاري الصدر، أستلقى جوارها ليدخل يداه أسفل ظهرها حتى يتلقاها في أحضانه كطفلته الصغيرة، ألصق أنفه بأنفها حتى أصبحت أنفاسها هي من تدخل رئتيه، ما الذي أصابه ؟ إنه "ظافر سرحان الهلالي"، هو الذي يهتز له أعتى الرجال، تلقي الفتيات بنفسها تحت أقدامه لينلن شرف نظرة منه ، كيف لها أن تفوز هي بقلبه وسط ملايين الفتيات، بملامحها الجذابة، جمالها البرّاق، عيناها التي وقع بغرامهما، جمالها الخلاب ورائحتها التي تُسكره فعلياً الأن، هو بالكاد يسيطر على نفسهُ، هي تنام في أحضانه بمنامه خفيفة و شيطانه يوسوس له بأنها حقه، زوجته، يفعل بها ما يشاء، أفاقت "ملاذ" ليحمد ربه قبل أن يفعل شئ يندم عليه لاحقاً، ذعرت"ملاذ" من تواجدها بين ذراعيه القوية، علاوةً على ذلك وجهها المقابل لوجهه، أنتفضت عندما وجدته عاري الصدر، وضعت يدها على صدره تحاول خلق أي مسافة بينهما إلا أنه بقي ملتصقاً بها مانعها من الذهاب يحاصرها بـ خصرها، حاولت أن تدفعه بعيداً قائلة :
- يا ظافر أبعد عني.. لو حد دخل وشافنا كدا هيبقى آآآ ..
قاطعها بنظرات حادة وبنبرة صارمة قال :
- ألف مرة أقولك أنتِ مراتي فاهمه يعني أيه مراتي ؟!!!
صمتت..بل أستكانت بين أحضانه بجسدٍ مرتخي، بوجهٍ مقتضب ولكن داخلها شعور يدغدغ مشاعرها لكلمته التي تعبر عن ملكيتها له، صمتت لحظات ثم أندفعت تسأله بنبرة حاولت أن تكون عادية ولكنها مندفعة:
- هو أنت باباك مات أزاي يا ظافر ؟!!!
أظلمت عيناه بل وأحتدت بطريقة مرعبة قائلاً بنبرة لا تقبل النقاش :
- حاجة متخصكيش !!!!
أرتفعا حاجبيها قائلاً بسُخرية:
- مش أنت كل شوية تقول مراتي مراتي، مراتك من حقها تعرف كل حاجة عنك ....
نظر لها بنظرة ذات مغزى قائلاً :
- و أنا أعرف عنك كل حاجة ؟!!!
خفق قلبها بخوف لم تظهره بتاتاً خوفا أن يكتشف سرها، ولكنه كان يكذب، هو يعلم عنها كل شئ من "فتحية" تمتمت "ملاذ" بهدوء واثق :
- لو سألتني سؤال هجاوبك ...
شدد على خصرها بكلتا ذراعيه يقول طابعاً قبلة على عنقها الطويل، أفقدتها قبلته صوابها بالكامل و أنفاسه التي تلفح صفحات وجهها، بينما أستطرد هو قائلاً في نبرة صاغية :
- فين باباكي ومامتك ....
- ماتوا من و أنا صغيرة ...
قالت بنبرة معتادة و كأن موتهما لم يشكل فارقاً في حياتها ...، طبع قبلة أخرى على طرف ثغرها هامساً :
- و أختك ..
ظهر على وجهها قسمات الألم لكن سرعان ما أخفتهما خلف ستار القوة والشجاعة متمتمة :
- مالها ؟
- ليه بتكرهك كدا ؟!!
سأل هو بفضول، ولكن إجابتها كانت الصمت المميت، داعبت يده خصلاتها منتظراً إجابتها، بينما قالت هي بصوت به بحة مميزة :
- لما تقولي باباك مات أزاي هقولك ليه أختي مش بتحبني ..
عادت ظلمة عيناه ليزفر بضيق ثم قال بنبرة حادة يشوبها بعض الألم :
- كان عنده سرطان .. وحالته كانت متأخرة !!!!!
سقط الخبر عليها كالصاعقة، رقص قلبها طرباً لأنتقام خالقها الشديد من ذلك الرجل الذي لا يوجد الرحمة بقاموسه، لم تستطيع إخفاء عيناها التي برقت بسعادة خفية نابعة من قلبها، فقد أخذ الله حقها و حق شقيقتها، نظر لها "ظافر" ولم يلاحظ فرحتها ليقول بنبرة هادءة :
- قوليلي بقى أختك ليه مش بتحبك ؟!!
شعرت بغصة في حلقها، قلبها يحترق وروحها أصبحت رماداً، حاوطها "ظافر" ليدفنها داخل أحضانه، قبّل خصلاتها مشفقاً على حالها، حسب أقوال "فتحية" أن "ملاذ" رأت الكثير في حياتها، رأت ما يجعل الجبل ينهدم، مسح على خصلاتها الناعمة بحنو، لا يريد أن يضغط عليها ليقول بحنو:
- حبيبتي لو مش عايزة تحكي مش لازم ...
لأول مرة تتبادل عناقه، بعناق هي من أرادته، هي التي تحتاج لأحضانه الدافئة، حاوطت خصره، تشعر بالأمان جواره، تتيقن أن لا يوجد أحد يستطيع إذائها عندما يكون بجوارها، تتوارى خلف جسده الضخم الذي يحتضنها وكأنه أبيها، لم تقابل رجلٍ مثله قط، رغم أنها عرِفت الكثير والكثير من الرجال، إلا أنه هو المميز، المختلف، والرجلٌ بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تمنت لو بإستطاعتها أن تخبره، ولكنها ستفقده، ستفقد حبهُ وحنانهُ، الحياة ليست عادلة، أنها قاسية، تدهُسك إن لزِم الأمر، تجعلك تملك كل شئ بين يداك، وفي أقل من الثانية تفقد كل شئ وكأنه كان سراب ..!!!
قالت وهي تدفن وجهها في أحضانه مقاطعة ذلك الصمت المريب قائلة بهدوءٍ ثلجي :
- صدقني أنا مش عارفة هي ليه بتكرهني أوي .. كدا ...
ثم أكملت قائلة بحزن ظهر رغماً عنها في صوتها :
- هي شايفة أن هي متستاهلش أنها تبقى عاجزة .. و أن انا المفروض أكون مكانها ...
قاطعها بنبرة تشوبها الصرامة :
- بعد الشر عليكي ...
رفعت رأسها له تقول بعينان مغلفتان بالدموع و كأنها ليست "ملاذ" ذات القلب المتحجر :
- هو أنا وحشة أوي كدا عشان كل الناس تبقى كارهاني ؟ حتى أقرب الناس ليا ؟!! اختي بتحفر في الصخر عشان تكسرني، عايزة تأذيني حتى في شغلي !!!!!
بكت، "ملاذ خليل الشافعي" بكت كالأطفال، ؛ هي التي طيلة تلك السنوات لم تذرف دمعة واحدة، أنتفض "ظافر" عندما شاهد دموعها التي كانت كالسوط الذي يجلد جسده، جلس نصف جلسة ليجذبها لصدره، يقول بنبرة حزينة على ألم حبيبته :
- ششش أهدي يا حبيبتي.. اهدي ..
أزال دموعها بأنامله الغليظة يهمس بخفوت :
- دموعك دي بتخليني أحس بنار جوايا ..!!!
أزدادت عيناها بكاءاً لتتشبث برقبته كالطفلة وهي تبوح بما يمليه عليها قلبها :
- متسبنيش يا ظافر ..!!!
هذا كثير على قلبه، و أخيراً أعترفت أنها تحتاجه، و أخيراً سمحت لمشاعرها بالخروج،انحنى على شفتيها يقبلها بلطف شديد، وكأنه يقول لها لا تحزني بطريقته الخاصة، ليتحول هذا اللطف إلى رغبة سيطرت على حواسه بأكملها، وُزع قبلاته على كامل وجهها لينحدر إلى عنقها الطويل، و بكل قبلةٍ يعلن صك ملكيته لها، قبّل عظمتيّ الترقوة خاصتها، طرقات على الباب أعادتهما لأرض الواقع، أغمص "ظافر" عيناه يود لو أن يحطم وجه الطارق، مسح على وجهه بعنف لينظر لتلك المستلقية بصمت مغمضة عيناها و كانها ليست بذلك العالم، نهض قبل أن يترك قبلة بالقرب من ثغرها، أرتدى القميص الخاص به ليتركه مفتوحاً، فتح باب الغرفة بعنف ليجد الخادمة تنظر للأرض بإرتعاد قائلة :
- ظافر بيه، الجواد باشا واقف تحت مستني حضرتك في الباركينج ...
ثم تحركت سريعا. مبتعدة عن وجهه الأحمر الغاضب، عاد "ظافر" دالفاً للغرفة، ذهب نحوها وهي لازالت كما هي، أبتسم بخبثٍ ليستند بذراعيه على الفراش منحنياً بجزعه عليها، قبل جفونها المغلقة، ثم وجنتيها الأثنتين، مروراً لشفتيها، يا الله ، ثم أمسك بـ باطن كفها يقبله قائلاً بصوت أجش ماكر:
- راجعلك يا ملاذي ...!!!!!
• • • •
أختبئت خلف الستار تنظر له و هو يتحدث مع أخيها، أبتسامته و رزانته، يداه الموضوعة بجيبه بهيبة تبرعمت به بالفطرة، سماره ، عيناه الرصاصية ،وحركات رأسه، يا الله كم تعشقه، الحياة قاسية، ليست عادلة، تجعلك تتشبث بمن لا يحق لك، تراجعت عن النافذة لتردد ببهجة :
- أكيد مدام واقف مع ظافر يبقى هيطلع هنا ..
خلق قلبها بقوة لتذهب مرتدية ثوباً يصل لنهاية قدميها فضفاضاً، ثم لفّت حجاباً بلون (عنّابي) يروق لبشرتها، لم تضع في وجهها شئ، برّقت عيناها بعشقٍ لتتجه في لهفة إلى الدرج، أجتازته سريعاً حتى كادت أن تقع في أخر درجتين، ولسوء حظها انه كان يقف مع أخيها ليقول بسُخرية لم يقصد بها إزعاجها :
- لسة مكبرتيش يا ملك !!!
ظهر الضيق على وجهها من ذلك الموقف الذي أوقعت نفسها به، نظرت له بإمتعاض ليبتسم "جواد" بدوره بحنو أخوي، نظرت أسفل قدميها وقلبها يقرع كالطبول، وهي الساذجة تعتقد أنه يبادلها مشاعرها البريئة تلك، أرادت أن تعود لغرفتها حتى تتخلص من عيناه الرمادية تلك، إلا أن "ظافر" طلب منها بتهذيب إحضار كوب من القهوة خاصتها المميزة، وبالطبع دلفت المطبخ تعدها لهم بإتقان شديد، وبعد دقائق أمسكت بالصينية الفاخرة قاصدة أن تأتي هي بها لهم وليست الخادمة، وضعت الصينية على المائدة، ثم أبتعدت صاعدة لغرفتها، أغلقت الباب ورائها لتقف خلفه واضعة يدها على قلبها الذي يكاد يقفز من محله، عطره لازال عالق بأنفها .. يسكر روحها، هي غريقة في عشقه ولا تستطيع أن تنقذ نفسها ..
• • • •
ضمت كلتا ذراعيها إلى صدرها، تشعر أنها رخيصة عندما تهاونت معه، رُغم أنه لم يُجبرها على شئ، إلا أنها شعرت أنها أداة لإمتاعه فقط، لم تبكي أو تذرف الدموع، حاوطت جسدها بـ تلك الملاءة لتدلف إلى المرحاض تزيل لمساته التي باتت تكوي قلبها، أنهمرت مياة الدُش و أنهمرت معها دموعها بلا توقف، علت شهقاتها حتى وصلت له بالخارج، مسح على وجهه بغضب قائلاً بضيق :
- وبعدين بقا في النكد اللي على الصبح دة !!!!!
نهض عن الفراش ليذهب إتجاه المرحاض، طرق على الباب صارخاً بها بحدة :
- أطلعي يا فريدة عايز أدخل ..
وجد الباب يفتح لتخرج هي بالمنشفة تحاوط جسدها بها، فُتن "مازن" بمظهرها، إلا أن وجهها الباكي و عيناها المنتفخة جعل شرارة الغضب تزداد بقلبه أكثر، أمسك بذراعها بقوة ينهرها بضراوة:
- أنا مغصبتكيش ع حاجة، كل حاجة كانت برضاكي !!!!
تلوت بين ذراعيه تحاول أن تزيح قبضته، دفعها "مازن" للخلف حتى كادت أن تسقط أرضاً، تاركها متجهاً إلى المرحاض متمتماً بعنف :
- دي عيشة بقت تقرف !!!!!
• • • •
خرج "مازن" من المرحاض بعد أن استحم محاوطاً خصره بمنشفة، تتساقط قطرات الماء على جسده المعضل..
ولكنه لم يجدها بالغرفة، أرتدى ملابسه سريعاً ليتجه إلى اسفل، ظل يبحث عنها في أزقات القصر الكبير ليسأل كبيرة الخدم قائلاً بلهفة :
- فين فريدة ؟!!
أجابته الأخرى بأحترامٍ :
- فريدة هانم في الاوضة بتاعة أخوها ياباشا ...
تركها ليتجه نحو الغرفة بغضبٍ أعماه، كيف تجرؤ على التجول بالقصر من دون علمه، وقف أمام الباب الذي يصدر من خلفه ضحكات الصغير، أدار مقبض الباب ليدلف للغرفة، وجد "يزيد" يلعب بالألعاب على الأرضية تشاركه اللعب أيضاً بجانبه مرتسمة على وجهها أبتسامة حقيقية، ولكنها أزيلت تماماً بعد أن رأته، لِمَ هو سبب في تعاسة الجميع، سحبها من ذراعها بلا رحمة يجذبها خلفه متجهين إلى جناحهم، رأتهم والدته لتذهب نحوهم قائلة بسُخرية:
- چاررها أكده ليه وراك يا مازن ؟!!
لم يرد عليها بل أتجهوا إلى الجناح وهي مستسلمة له تماماً، دلفا ليصفع هو الباب خلفه، أمسك بفكها بين كفه الغليظ يضغط عليهما لتأن "فريدة" من الألم، وجهه قبالة وجهها يقول بتحذير لا يقبل النقاش :
- قسماً بالله لو خرجتي من الجناح هنا من غير أذني هتشوفي وش مكنتش حابب تشوفيه دلوقتي..!!!!
حاولت إزاحة كفه صارخة به بألم :
- أبعد عني بقا ..!!!! أنت مريض !!!!
شعرت بفكها يتحطم من كثرة ضغطه عليه يقول بنبرة سوداوية:
- أنتِ قولتي أيه؟!!!!!
أزاحت يده بقوة لتصرخ به بجنون:
- أنت حيوان ومعندكش دم، أنا بكرهك عارف يعني أيه بكرررهههك من كل قلبي...
رفع يده عالياً لتهوى على وجنتها سرعان ما أطاحتها أرضاً ببكاء ذليل!!!، جذبها من خصلاتها ليجعلها تنهض قائلاً بجنون :
- لو أبوكي و أمك معرفوش يربوكي أنا هربيكي يا فريدة !!!!
نظرت له بسخرية ممزوجة بألمٍ طغى على روحها :
- فاقد الشئ لا يُعطيه يا مازن !!!!!
كاد أن يصفعها مجدداً إلا أنه عجز، لا يعلم لِم لم يطاوعه قلبه، تركها بعيداً ليخرج خارج القصر بأكمله، تاركها منهارة على الارضية الباردة !!!
• • • •
دلف للشركة بخطواتٍ رزينة، خطواتِ يملؤها الوقار، ألتفتت حوله أنظار الفتيات الهائمة، فاحت رائحة عطره بكل مكانٍ معلنة وصوله قبل حتى أن تطأ قدميه، نظر إلى السكرتيرة الخاصة بها قائلاً في نبرة صارمة :
- تعالي ورايا ..
ثم دلف لمكتبه دون أن ينتظر ردها .. بينما أنتفضت السكرتيرة مرتديه الزي الرسمي للشركة، إلا أنها فتحت أول زرين من قميصها نظرت لمظهرها في المرآة قبل أن تدلف له، تهادت في خطواتها نحو المكتب تتمايل بغنح، يا لسذاجتها .. لا تعلم أن آلاف من الفتيات لا يستطيعن إغراءه، هي فقط واحدة تربعت على عرش قلبه، طرقت على الباب لتسمعه يأمرها بالدلوف بخشونة، دلقت السكرتيرة تقترب منه قائلة بمياعة شديدة:
-- أؤمرني يا ظافر بيه..
نظرها لها بإشمئزاز يقول بحدة جعلتها تتراجع سريعاً:
- أحترمي نفسك وأقفي عدل، قسماً بالله لو شوفتك بتعملي حركاتك الرخيصة بتاعة بنات الليل ده في شركتي لأكون طَردك زي أوسخ زبالة عندي ..
أغرورقت عيناها بالدموع لتتراجع لفشل مخطتها الذريع، ولكلماته السامة التي ألقاها بوجهها في أول يومٍ لها ..
أردف هو بصرامة شديدة قائلاً :
- جواد جه ولا لسة ؟!!
أومأت بصمت ليضرب على مكتبه بحدة جعلت الدموع تنهمر من عيناها :
- أيه القطة كلت لسانك مـ تنطقي ولا أتخرستي !!!!
قالت بنبرة باكية :
- أيوا جه يا فندم ..!!!!
أنقذها "الجواد" من ذلك الموقف ليدلف بمرحه المعتاد، نظر لكتلة الجمال المنتصبة أمامه، ليتفاجأ بعيناها منهمرة بالدموع، ألتفت إلى "ظافر" قائلاً بتساؤل :
- في أيه يا ظافر ؟!!!
لم يلتفت له "ظافر" ليصرخ بالسكرتيرة بضراوة:
- مشوفش وشك هنا تاني، قدمي أستقالتك وغوري في داهية تاخدك !!!! بـــرا !!!!!
انتفضت لتخرج سريعاً بعد ان بعثر كرامتها، طالعه "الجواد" قائلاً بمزاح :
- والله أنت معندكش قلب، بقا في حد يشخط في الصاروخ دي، وبعدين عملت أيه لـ ده كله !!!!
نظر له "ظافر" بإستهجان :
- وطبعاً انت اختارتها عشان صاروخ !!!،انا لما قولتلك تختارلي سكرتيرة..سكرتيرة يا جواد مش بت **** زي دي.. ع العموم لولا أن السكرتيرة القديمة سافرت كانت مشتلي شغل كتير ..
اشاح "جواد" بيداه قائلاً بإقتضاب :
- والله أنت مش وش نعمة!!!!
نظر له بتهكم ثم أكمل بجدية :
- أخبار الشحنة بتاعة لندن أيه ؟!!!
أبتسم "الجواد" بإنتصارٍ يقول :
- هنستلمها كمان يومين ..!!!!
أومأ برأسه، ثم قال بتحذير:
- خلي بالك يا جواد، العيون علينا الفترة دي ...
طمئنه "جواد" قائلاً بثقة :
- متخافش يا صاحبي ..
• • • •
تسللت لغرفتها،تسير على اطراف أصابعها بخوف، وجدتها نائمة مستلقية بسلام، نظرت لجمالها بحقد شديد إن خرج سيحرق الأخضر واليابس، اتجهت نحو الفراش بجانبها، لتفح العلبة التي بيدها، خرجت حية صغيرة الحجم، تخرج فحيح مرعب من لسانها، لتتجه نحو قدم "ملاذ"، سرعان ما خرجت "مريم" من الغرفة حتى لا تشعر بها!!! مبتسمة بتشفي وأنتصار!!!!
• • • •
تعدت الساعة منتصف الليل، مكنبٌ على الاوراق ليصدح رنين هاتفه، قطب حاجبيه فـ لم تعتاد "ملك" أن تهاتفه، أنقبض قلبه ليجيب، وصل له صوتها الباكي و هي تقول :
- ظافر تعالى بسرعة ، ملاذ يا ظافر!!!!!
بمجرد أن ذُكر أسمها أنتفض بقوة، التقط مفاتيح سيارته وحلته، هرول بقوة يسابق الرياح تحت أنظار المتواجدين لحاله مديرهم العجيبة، أستقل سيارته ليتحرك بأقوى ما لديه، يشعر بقلبه يعتصر بين ضلوعه، رغم أن الطريق بين القاهرة والصعيد ليس بقليلٍ إلا أنه وصل إلى القصر في وقتٍ قياسياً، ترجل من السيارة تاركاً الباب مفتوح، دلف ليجد القصر فارغ تماماً علم أنهم متجمعون في غرفتها، صعد الطابق الثاني، ليسمع نواح والدته، لم ينتظر ليدفع الباب بقوة، وقعت أنظاره على وجهها الشاحب، انخلع قلبه عندما وجدها مستكينة تماماً كأن روحها صعدت إلى السماء، أقترب منها على الفراش ليجذب الأنظار حوله، بينما أردفت والدته ببكاءٍ :
- مش عارفة يابني ازاي ده حُصُل، أول مرة تدخل حية في القصر!!!!!
نظر لها بصدمة حقيقية، لفتت أنظاره قدمها اليمنى محفورة بثقبين باللون الأحمر، يحاوطهم تورمٍ باللون الأحمر القاتم، جذب جسدها البارد لأحضانه يدفنها بصدره، بينما نظرت له والدته بشفقة قائلة وهي تربت على كتفه:
- متخافش يا ضنايا، الضاكتور طمنا عليها، و كتبلها على مضاد حيوي بعَت الواد حسن يچيبه، وقال انها متتحركش كتير ...
ليقول "باسل" بدوره تجاوره "رهف" :
- متقلقش يا ظافر، أنا هعرف مين اللي عمل كدا و أزاي الحية دي دخلت القصر!!!!!
وقفت "مريم" تطالع زوجها و هو يحتضن "ملاذ" و كم انه مشهد يؤلم قلبها، ولكن عندما هتف "باسل" بجملته التي أدخلت الرعب على قلبها، ندمت ندماً شديداً، هي تعلم عندما يعلم "ظافر" بأن هي من فعلت تلك الفعلة الشنيعه حتماً سيقتلها!!!!
وقفت "فريدة" ممسكة بأخيها الصغير، تطالع ذلك المشهد الذي لطالما حلمت أن يكُن زوجها حنوناً عليها هكذا، يخاف عليها كما يخاف "ظافر" على زوجته، ألتفتت تنظر إلى "باسل" الذي يعانق "رهف"، لتفر دمعة هاربة من عيناها، منذ ان ذهب في الصباح لم تراه، وليت الله يأخذه قبل أن يصل لها!!!!
أردف "ظافر" وأخيراً قائلاً بنبرة باردة:
- أمي بعد أذنك ممكن تاخديهم وتطلعوا برا ...
وافقت والدته على الفور ليذهبوا جميعاً تاركينهم بمفردهما، قبّل "ظافر" جبينها مغمضاً عيناه بألمٍ يستحوذ على جوارحه، جسدها البارد المستسلم بين ذراعيه ووجها الشاحب جعله كالمجنون لا يعلم ماذا يفعل، ولكن ما يعمله الأن أنه سيعاقب من فعل هذا أشد عقاباً يستحقه.. نهض تاركاً إياها بلطف ليجعل الخادمة تجلس جوارها لتبقى معها، ثم ذهب بإتجاه غرفة"مريم" دفع الباب بقدميه ليجدها مستلقية على الفراش، نائمة او ربما تُدعي النوم، اقترب منها وبدون مقدمات جذبها من خصلاتها ليجعلها تقف، صرخت "مريم" بكل ما أوتيت من قوة لشدة قبضته التي كادت أن تقتلع خصلاتها، هوى بيده على وجنتها بصفعة أطاحتها أرضاً، عاد يجذبها من خصلاتها مرة أخرى بقوة اشد لينهال عليها بالصفعات وسط صراخها، دلف "باسل" لينجدها من بين قبضتيه، وقف أمامه يدفعه بعيداً عنها ليصرخ "ظافر" بها :
- ورحمة ابويا م هسيبك يا بنت ال***، أنا هوريكي يا *****!!!!!
صرخ به "باسل" وهو يدفعه بعيداً عنها:
- أهدى يا ظافر أنت أتجننت!!!!!
دلفت السيدة "رقية" لتضرب على صدرها بفزع من رؤية "مريم" متكومة على الأرضية هكذا، أتجهت نحوها مع "ملك" و "رهف" و "فريدة" ليجعلوها تنهض مشفقين عليها، أبعد "ظافر" أخيه عنه بدفعة قوية منه ليتجه نحوها مجدداً عازماً على تحطيم وجهها المكدوم، لتقف والدته أمامه، تصرخ به بحدة:
- واه!!!! أيه يا ظافر أنت أتچنيت أيه اللي حُصُل لده كله!!!!!
صرخ "ظافر" بهما و هو ينظر إلى "مريم" نظرات دونية :
- الهانم هي اللي حطت الحية لـ ملاذ!!!!!!
شهَق الجميع بتفاجأ، بعينان جاحظتان غير مصدقين أنها فعلت ذلك، لم تدافع "مريم" عن نفسها، بل قالت في وهن ضعيف و هي تشعر بجسدها يصرخ من الألم :
- أيوا أنا اللي دخلتلها الحية في أوضتها!!!!! هي اللي سرقت چوزي .. هي!!!!!
أتسعت أعينهم ليبتعدوا عنها بقرفٍ، نظر لها "ظافر" بجمودٍ ليسترسل :
- أنتِ طالق يا مريم.. طـــالــق !!!!!!
جحظت بعيناها لتعود لوعيها، نفت برأسه تحاول الأقتراب منه لينهرها بحدة :
- قسماً بالله لو قربتي هخلص عليكي يا مريم، تلمي هدومك وترجعي عند أبوكي، مش عايز أشوف وشك هنا ســـامـعـة !!!!!!!!
سمعا صراخ "ملاذ" بالأعلى، ليركض "ظافر" نحو الغرفة خلفه الجميع، دلف ليجدها تصرخ من الألم محاوطة قدمها المصابة بهلعٍ لأول مرة يراه بها، دلف للغرفة ليأمر الخادمة بالخروج مغلقاً الباب جيداً، و كأنها لم تلاحظ وجوده، فقط شاردة بالفراغ محاوطة قدمها وجسدها ينتفض بين الفينة والأخرى، أقترب منها ليجذبها لأحضانه يبعد قدمها عن مرمى يداها يثبتها على الفراش، ود لو أن يدفنها داخل ضلوعه، قبل خصلاتها عدة قبلات يعتذر مرة ويهدأها مرة، لم تتحدث قط فقط تدفن نفسها داخل احضانه كالطفلة، مسح على ظهرها يقول بندم وبنبرة شديدة الحنو :
- شششش أهدي يا حبيبتي، أهدي، أنا اسف، مكانش ينفع أسيبك لوحدك، أنا أسف يا حبيبتي أسف، هاخدك وهنبعد عن هنا خالص، أهدي !!!!
لم تسمعه، أصابتها نوبة عصبية مصدومة مما حدث، تتذكر شكل الأفعى، تتذكر صراخها عندما وجدتها تلتف حول قدميها، تذكرت عندما ظلت تصرخ بإسمه ليأتي وينقذها، عاودت النظر إلى "ظافر" تتشبث بقميصه تقول ببكاءٍ:
- أنا ناديتك !!!!ناديت عليك وقتها بس أنت مجيتش!!!!
دفنها بأحضانه يربت على خصلاتها حتى غفت بأحضانه سريعاً من كثرة الإرهاق، نظر لتلك اللدغة بعينان مظلمة، رفع البنطال الخفيف التي ترتديه من فوق اللدغة حتى لا تؤلمها ...
شعر برجفة جسدها المثلج، ورجفة شفتيها الطفيفة، أحتضنها أكثر قائلاً بتوجس من فقدانها:
- مش هسيبك لوحدك تاني، هتبقي معايا فكل حتة، وجوازنا هيتم بأسرع وقت!!!!
قبل جبينها يهدء من روعها، كطفلة أُخذت منها حُلوتها عنوةٍ لتبكي في أحضان أبيها بحُرقة، أبعد خصلاتها عن وجهها الأحمر المذعور، ظل جوارها يمسح على ظهرها حتى غفت تماماً
• • • •
عادا "باسل" و "رهف" لغرفتهما، جلس على الفراش منحني بجزعه يضع يداه على رأسه التي على وشك الأنفجار، ربتت "رهف" على ظهره وهي تقول بنبرة عطوف:
- أهدى يا حبيبي و إن شاء الله كل حاجة هتبقى كويسة ..
أستطرد و هو لازال على وضعه قائلاً :
- أنا أول مرة أشوفه كدا، أول مرة يمد أيده على مريم بالطريقة دي!!!!!!
زمت "رهف" شفتيها تعقب قائلة :
- م هي تستاهل الصراحة يا باسل دي حطت حية لمراته عايزُه يعمل أيه فيها!!!!!
رفع رأسه ينظر للفراغ بثغرٍ أعتلاه بسمة شقية:
- بس هو واضح أنه بيحب ملاذ فعلاً، شوفتيه كان بيحضنها أزاي كأنها بنته!!!! أخيراً ظافر لقى البنت اللي هتنسيه كل حاجة حصلت في الماضي!!!!
أبتسمت "رهف" لتستند برأسها على كتفه، عوضاً عن ذلك فتح هو ذراعيه ليستقبلها بأحضانه، قبل جبينها بحنان قائلاً :
- ألبسي يلا عشان أخرجك..!!!!
أنتفضت "رهف" تصفق بمرح قائلة :
- 5 دقايق هتلاقيني جاهزة ....
نظر لها بسُخرية يقول:
- ده على أساس أن البنات بتجهز في 5 دقايق!!!!
• • • •
دلفت "فريدة" الغرفة بعد أن غفى "يزيد" بغرفته الجديدة، دلفت للمرحاض لتغتسل، أرتدت منامة قصيرة تصل إلى بعد ركبتيها بقليل، سرعان ما دفنت نفسها في الفراش تحت الغطاء لكي يأتي ويجدها نائمة، وبالفعل دلف "مازن" للغرفة بأسلوبه الهمجيٌ، أدعت النوم لتغمض عيناها و لكن لم تسطيع السيطرة على أرتجاف جسدها الطفيف، وكأن من أتى ملك الموت وليس زوجها، أبتسم "مازن" بسخرية ليذهب بإتجاهها، نكزها بكتفها قائلاً بإرهاق بدى في صوته :
- فريدة.. قومي أعمليلي أكل ..
ردت "فريدة" بنبرة جامدة تخفي البراكين المشتعلة داخلها:
- أطلب من الخدم ..
أردف هو بإستهجان :
- وأنتِ لازمتك أيه ؟!!!
نظرت له بحدة لتعتدل في جلستها قائلة بتحدٍ :
- و أنا مش هعمل طفح، روح أتصرف!!!!
جلس على الفراش بجانبها قائلاً بهدوء يسبق العاصفة :
-أنا هعتبر نفسي مسمعتش حاجة وهتقومي تجيبيلي أكل!!!!
تأففت لتهنض بإمتعاض، أتجهت نحو الباب تضرب الأرض بقديمها، لتتسمر في مكانها عندما صرخ بها بـحـدة :
- فــريــدة!!!!!!
أنتفضت لتلتفت له بخوف قائلة برهبة:
- في أيه ؟!!!
أقترب منها ليجأر بحدة :
- أنتِ مش شايفة اللي أنتِ لابساه!!!!
نظرت لما ترتديه بخجل، أخذت الإسدال لترتديه بخجلٍ، ثم نزلت إلى الأسفل، توجهت نحو المطبخ لتجد الخادمات بالإضافة إلى السيدة "رقية"، دلفت المطبخ تقول لإحدى الخدم بتهذيب على مرمى عينان حماتُها:
- لو سمحتي ممكن تحضري أكل لمازن ..
اومأت الخادمة بإبتسامة :
- تحت أمرك يا هانم ..
تشدقت "رقية" تنظر لها بتهكم:
-هانم!!!! وانتِ يا فريدة مهتعرفيش تحضري لچوزك الوكل بنفسك ؟!!
ألتفتت لها "فريدة" قائلة بإحترامٍ :
- لاء أكيد بعرف يا طنط بس أنا تعبانه شوية، بس أكيد بإذن الله هبقى أحضرلكم الغدا في يوم ..
نظرت لها "رقية" بغيظ لتقول بغلٍ :
- ماشي يا مرات أبني ...
ثم ذهبت من أمامها، لتزيل "فريدة" قناع القوة، تخبئ خلفه الكثير من الحزن و الإرهاق، جلست على المقعد المقابل لطاولة صغيرة بالمطبخ، اسندت رأسها عليها بتعبٍ، حتى غفت من دون أن تعي..
نظروا لها الخادمات بشفقة ليتستمروا قائلة إحداهن :
- ياحبة عيني الست هانم نامت!!!
قالت الأخرى بحزن:
- أنا مخابراشي (مش عارفة) الست هانم رقية بتعاملها أكده ليه، زي ما يكون بيناتهم تار !!!!
لتهمس الأخرى:
- بس فريدة هانم ردت عليها و أحرچتها..
جاء "مازن" بعد أن شعر بتأخيرها، لينتبه لما قالته الخادمة، دلف بحدة يقول:
- أيه اللي بيحصل هنا ؟!!!
انكسن رؤوسهن لتقول إحداهن :
- مافيش حاجة يا بيه!!؟؟
لتتقدم إحداهن بجرأة :
- لاء فيه يا بيه، الست رقية هانم بتعامل فريدة هانم بطريجة مش ولا بُد ..
نكزتها إحدى الخدم لتكف عما تقوله، إلا أنه رفع إحدى حاجبيه قائلاً بأستفسار :
- قالتلها أيه؟!!!
قصت عليه الخادمة ما حدث، نظر "مازن" إلى "فريدة" النائمة ولا يعلم لِما آلمه قلبه عليها، أنحنى بجزعه ليحملها بين يداه بلطف حتى لا يفيقها، قائل. لإحدى الخدم :
- هاتي الأكل و تعالي ورايا ..
راقب ذراع "فريدة" الذي عانق رقبته بحركة عفوية منها، أتجه لغرفتهما ليضعها برفق على الفراش، ألتفت للخادمة ليأخذ الطعام منها، اغلق الباب ليجلس يقضم بعض اللقيمات بشراهة، لينهض يحل ازرار قميصه ليبقى عاري الصدر كعادة أبناء الهلالي، أستلقى جوارها ليضما إلى صدره محاوط خصرها من الخلف، تمتمت "فريدة" بدون وعي :
- مازن.. كلت؟!!
أبتسم ليبعد خصلاتها عن عنقها الأبيض يقبلها هامساً :
- ايوا كلت ..
دفن أنفه برقبتها ليغفى بإستمتاع ..
• • • •
تخشب جسده عنها شعر بها تحتضنه بكل ما أوتيت من قوة، كم أشتاق لتلك اللحظة، حاصرها بذراعيه الضخمة ليسمعها تهمس بخفوتٍ :
- ظافر!!!!
شعر بقلبه يأن من الألم، حبيبته خائفة وهي بين يداه،حتى وإن لم تقولها إلى أن نبرتها أوحت بذلك، ليته لم يتركها، ليت الأفعى لدغته هو وليس هي، أحتضنها بقوة كأنه خائف من فقدانها!!! ظلا هكذا لبضع دقائق ليبتعد عنها قليلاً هامساً وأنامله تسير على وجنتها الشاحبة:
- هروح أجبلك أكل ياحبيبتي، أنتِ مكلتيش حاجة من الصبح!!!
أمسكت بكفه بقوة تنفي برأسها، لا تريده أن يبتعد عنها مرةً أخرى، أنحنى ليطبق على شفتيها بقلبة أذابتها، ليبتعد وشفتيه لازالت ملامسة لشفتيها يهمس بخفوتٍ :
- مش هتأخر...
نهض مبتعداً عنها ليخرج من الغرفة، ذهب نحو المطبخ ليحضر لها شطيرتان، وجد والدته تجلس على المقعد ممسكة بالمصحف ترتل بصوتٍ عذب، ا
أغلقته قائلة بصوت خاف "صدق الله العظيم" لتشير لأبنها بالمجئ، نظر لها بحيرة فهو يود ان يصعد لمحبوبته و لكن لا يستطيع رفض طلب والدته، لتهمش هي بنبرة ماكرة :
- تعالى يا حبيبي أجعد چاري و بعدين أطلعلها!!!
جلس بجوارها بهدوء، لاحظت والدته إرهاقه لتربت على كتفه قائلة بحنان:
- بتحبها يا ظافر، بتحبها يا حبيبي، أنا أول مرة اشوفك أكده، أنت مشوفتش نفسك لما كنت بتحضنها قدامنا كلنا..!!!!
أمسك برأسه والصداع يفتك به قائلاً:
- أنا مش عارف أعملها أيه، حاسس أني عاجز، أحساس بشع أوي يا أمي...!!!!
ربتت على خصلاته بحزن قائلة بلهفة :
- معاش ولا كان اللي يعچزك يا بني، متقولش أكده ..
نفى برأسه قائلاً بندم:
- لاء يا أمي، أنا السبب.. ياريتني مكُنت سيبتها لوحدها، أنا الغلطان..!!!!
- ياحبيبي و أنت كنت تعرف منين بس أن كل دِه هيحصُل، ربنا ينتقم منها الحية الحقيقية اللي كانت عايشة وسطينا!!!!
التفت لها قائلاً بنبرة سوداوية:
- هي راحت فين؟!!
تشدقت بـ:
- لمت هدومها وغارت في داهية عند أبوها..!!
تنهد بإرتياح وكأنه ثقل و أنزاح من على قلبه، لتربت والدته على كتفه العريض قائلة بحنو أمومي:
- روح يابني شوفها، ولو عوزتني نادم عليا و أنا هاچي!!!
أومأ بهدوء لينهض، صعد لها بخطوات سريعة، فتح الباب بهدوء حتى لا يخيفها، ليتفاجأ بالفراش فارغ، وقع فؤاده أرضاً برعب عندما سمع أنين متألم يأتي من المرحاض!!!!!
• • • •
يتبع ..
فتح باب الغرفة على مصراعيها بعنفٍ، أنتفضت "فريدة" التي كان تمسح على خصلات أخيها لكي ينام، تأفف "مازن" بضيق، وربما غيرة، ليقول في صوتٍ حاد غير مراعي لذلك الطفل المسكين :
- وديه عند الدادة اللي هنا وهي هتاخد بالها منه، عايز أتكلم معاكي شوية ..!!!
تشبثت بأخيها النائم قائلة برجاءٍ:
- ممكن بس تخليه ينام هنا، هو مش بيعرف ينام بعيد عني ...
صرخ بها "مازن" بقوة جعلت الدموع تتجمع في عيناها :
- انتِ مسمعتيش انا قولت أيه، أرميه في أي داهيه !!!!
أنتحبت "فريدة" لتتخرج من الغرفة تبحث عن المربية، وجدت سيدة كبيرة بالعمر يبدو على وجهها البشاشة لتخبرها بأن تبقيه معها، أوصتها عليه لتعود للغرفة مجدداً، أزالت الدموع العالقة بعيناها لتجده يجلس على الأريكة واضعاً قدم فوق الأخرى، منفثاً سيجارته الذي أخذ دخانها يحلق بالغرفة، أختنقت من الرائحة لتقف أمامه قائلة بنبرة حاولت أن تكون هادئة:
- خـيـر ؟!!!
ترك لُفافة تبغه جانباً لينهض واقفاً امامها بصدره العريض شمر عن ساعديه لتتخذ انامله طريقها إلى أزرار قميص، حلّ واحدة تلو الأخر و ملامح وجهه جامدة، وقع قلبها أرضاً، سرعان ما تراجعت بضع خطوات بعيداً عنه تقول بجسد يرتجف حرفياً :
- أنت .. بتعمل أيه !!!!
أقترب منها ببطئ قاصداً التلاعب بها و هو يقول بنبرة جدية أكثر من أي وقت :
- هاخد حقوقي منك..مش دة كان أتفاقنا !!!!
أمتلئت عيناها بالدموع مجدداً وجسدها أصبح كالجليد، تخشبت في أرضها تقول :
- بس مش دلوقتي يا مازن أرجوك !!!
حوُصرت بين الحائط الجامد خلفها وذلك الحائط البشري أمامها، حاصرها فعلياً بيداه وجسدها ملتصق به، أغمصت عيناها عندما امتدت يداه الى ذراعيها بينما مال بشفتيه الغليظة يوزع قبلاتٍ راغبة على كامل وجهها، يزيل دموعها بشفتيه، أمتدت أنامله تفتح أزرار قميصها لتطلق هي شهقة باكية قائلة:
- مازن !!!!!
- شششش ...
تلامست شفتيه بشفتيها ليهجم بعنف على شفتيها، أستسلمت له "فريدة" تحيط بعنقه، تبادبه قبلته بقلة خبره منها، كانت بداية لعنة رغبته بها التي تبتعد كلياً عن مسمى "الحُب"
• • • •
أدار مقبض الباب ليدلف لغرفتها، وجدها نائمة على الفراش كما تركها الليلة الماضية، نزع سترته مرهقاً ليلقيها جانباً، نزع قميصه أيضاً ليبقى عاري الصدر، أستلقى جوارها ليدخل يداه أسفل ظهرها حتى يتلقاها في أحضانه كطفلته الصغيرة، ألصق أنفه بأنفها حتى أصبحت أنفاسها هي من تدخل رئتيه، ما الذي أصابه ؟ إنه "ظافر سرحان الهلالي"، هو الذي يهتز له أعتى الرجال، تلقي الفتيات بنفسها تحت أقدامه لينلن شرف نظرة منه ، كيف لها أن تفوز هي بقلبه وسط ملايين الفتيات، بملامحها الجذابة، جمالها البرّاق، عيناها التي وقع بغرامهما، جمالها الخلاب ورائحتها التي تُسكره فعلياً الأن، هو بالكاد يسيطر على نفسهُ، هي تنام في أحضانه بمنامه خفيفة و شيطانه يوسوس له بأنها حقه، زوجته، يفعل بها ما يشاء، أفاقت "ملاذ" ليحمد ربه قبل أن يفعل شئ يندم عليه لاحقاً، ذعرت"ملاذ" من تواجدها بين ذراعيه القوية، علاوةً على ذلك وجهها المقابل لوجهه، أنتفضت عندما وجدته عاري الصدر، وضعت يدها على صدره تحاول خلق أي مسافة بينهما إلا أنه بقي ملتصقاً بها مانعها من الذهاب يحاصرها بـ خصرها، حاولت أن تدفعه بعيداً قائلة :
- يا ظافر أبعد عني.. لو حد دخل وشافنا كدا هيبقى آآآ ..
قاطعها بنظرات حادة وبنبرة صارمة قال :
- ألف مرة أقولك أنتِ مراتي فاهمه يعني أيه مراتي ؟!!!
صمتت..بل أستكانت بين أحضانه بجسدٍ مرتخي، بوجهٍ مقتضب ولكن داخلها شعور يدغدغ مشاعرها لكلمته التي تعبر عن ملكيتها له، صمتت لحظات ثم أندفعت تسأله بنبرة حاولت أن تكون عادية ولكنها مندفعة:
- هو أنت باباك مات أزاي يا ظافر ؟!!!
أظلمت عيناه بل وأحتدت بطريقة مرعبة قائلاً بنبرة لا تقبل النقاش :
- حاجة متخصكيش !!!!
أرتفعا حاجبيها قائلاً بسُخرية:
- مش أنت كل شوية تقول مراتي مراتي، مراتك من حقها تعرف كل حاجة عنك ....
نظر لها بنظرة ذات مغزى قائلاً :
- و أنا أعرف عنك كل حاجة ؟!!!
خفق قلبها بخوف لم تظهره بتاتاً خوفا أن يكتشف سرها، ولكنه كان يكذب، هو يعلم عنها كل شئ من "فتحية" تمتمت "ملاذ" بهدوء واثق :
- لو سألتني سؤال هجاوبك ...
شدد على خصرها بكلتا ذراعيه يقول طابعاً قبلة على عنقها الطويل، أفقدتها قبلته صوابها بالكامل و أنفاسه التي تلفح صفحات وجهها، بينما أستطرد هو قائلاً في نبرة صاغية :
- فين باباكي ومامتك ....
- ماتوا من و أنا صغيرة ...
قالت بنبرة معتادة و كأن موتهما لم يشكل فارقاً في حياتها ...، طبع قبلة أخرى على طرف ثغرها هامساً :
- و أختك ..
ظهر على وجهها قسمات الألم لكن سرعان ما أخفتهما خلف ستار القوة والشجاعة متمتمة :
- مالها ؟
- ليه بتكرهك كدا ؟!!
سأل هو بفضول، ولكن إجابتها كانت الصمت المميت، داعبت يده خصلاتها منتظراً إجابتها، بينما قالت هي بصوت به بحة مميزة :
- لما تقولي باباك مات أزاي هقولك ليه أختي مش بتحبني ..
عادت ظلمة عيناه ليزفر بضيق ثم قال بنبرة حادة يشوبها بعض الألم :
- كان عنده سرطان .. وحالته كانت متأخرة !!!!!
سقط الخبر عليها كالصاعقة، رقص قلبها طرباً لأنتقام خالقها الشديد من ذلك الرجل الذي لا يوجد الرحمة بقاموسه، لم تستطيع إخفاء عيناها التي برقت بسعادة خفية نابعة من قلبها، فقد أخذ الله حقها و حق شقيقتها، نظر لها "ظافر" ولم يلاحظ فرحتها ليقول بنبرة هادءة :
- قوليلي بقى أختك ليه مش بتحبك ؟!!
شعرت بغصة في حلقها، قلبها يحترق وروحها أصبحت رماداً، حاوطها "ظافر" ليدفنها داخل أحضانه، قبّل خصلاتها مشفقاً على حالها، حسب أقوال "فتحية" أن "ملاذ" رأت الكثير في حياتها، رأت ما يجعل الجبل ينهدم، مسح على خصلاتها الناعمة بحنو، لا يريد أن يضغط عليها ليقول بحنو:
- حبيبتي لو مش عايزة تحكي مش لازم ...
لأول مرة تتبادل عناقه، بعناق هي من أرادته، هي التي تحتاج لأحضانه الدافئة، حاوطت خصره، تشعر بالأمان جواره، تتيقن أن لا يوجد أحد يستطيع إذائها عندما يكون بجوارها، تتوارى خلف جسده الضخم الذي يحتضنها وكأنه أبيها، لم تقابل رجلٍ مثله قط، رغم أنها عرِفت الكثير والكثير من الرجال، إلا أنه هو المميز، المختلف، والرجلٌ بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تمنت لو بإستطاعتها أن تخبره، ولكنها ستفقده، ستفقد حبهُ وحنانهُ، الحياة ليست عادلة، أنها قاسية، تدهُسك إن لزِم الأمر، تجعلك تملك كل شئ بين يداك، وفي أقل من الثانية تفقد كل شئ وكأنه كان سراب ..!!!
قالت وهي تدفن وجهها في أحضانه مقاطعة ذلك الصمت المريب قائلة بهدوءٍ ثلجي :
- صدقني أنا مش عارفة هي ليه بتكرهني أوي .. كدا ...
ثم أكملت قائلة بحزن ظهر رغماً عنها في صوتها :
- هي شايفة أن هي متستاهلش أنها تبقى عاجزة .. و أن انا المفروض أكون مكانها ...
قاطعها بنبرة تشوبها الصرامة :
- بعد الشر عليكي ...
رفعت رأسها له تقول بعينان مغلفتان بالدموع و كأنها ليست "ملاذ" ذات القلب المتحجر :
- هو أنا وحشة أوي كدا عشان كل الناس تبقى كارهاني ؟ حتى أقرب الناس ليا ؟!! اختي بتحفر في الصخر عشان تكسرني، عايزة تأذيني حتى في شغلي !!!!!
بكت، "ملاذ خليل الشافعي" بكت كالأطفال، ؛ هي التي طيلة تلك السنوات لم تذرف دمعة واحدة، أنتفض "ظافر" عندما شاهد دموعها التي كانت كالسوط الذي يجلد جسده، جلس نصف جلسة ليجذبها لصدره، يقول بنبرة حزينة على ألم حبيبته :
- ششش أهدي يا حبيبتي.. اهدي ..
أزال دموعها بأنامله الغليظة يهمس بخفوت :
- دموعك دي بتخليني أحس بنار جوايا ..!!!
أزدادت عيناها بكاءاً لتتشبث برقبته كالطفلة وهي تبوح بما يمليه عليها قلبها :
- متسبنيش يا ظافر ..!!!
هذا كثير على قلبه، و أخيراً أعترفت أنها تحتاجه، و أخيراً سمحت لمشاعرها بالخروج،انحنى على شفتيها يقبلها بلطف شديد، وكأنه يقول لها لا تحزني بطريقته الخاصة، ليتحول هذا اللطف إلى رغبة سيطرت على حواسه بأكملها، وُزع قبلاته على كامل وجهها لينحدر إلى عنقها الطويل، و بكل قبلةٍ يعلن صك ملكيته لها، قبّل عظمتيّ الترقوة خاصتها، طرقات على الباب أعادتهما لأرض الواقع، أغمص "ظافر" عيناه يود لو أن يحطم وجه الطارق، مسح على وجهه بعنف لينظر لتلك المستلقية بصمت مغمضة عيناها و كانها ليست بذلك العالم، نهض قبل أن يترك قبلة بالقرب من ثغرها، أرتدى القميص الخاص به ليتركه مفتوحاً، فتح باب الغرفة بعنف ليجد الخادمة تنظر للأرض بإرتعاد قائلة :
- ظافر بيه، الجواد باشا واقف تحت مستني حضرتك في الباركينج ...
ثم تحركت سريعا. مبتعدة عن وجهه الأحمر الغاضب، عاد "ظافر" دالفاً للغرفة، ذهب نحوها وهي لازالت كما هي، أبتسم بخبثٍ ليستند بذراعيه على الفراش منحنياً بجزعه عليها، قبل جفونها المغلقة، ثم وجنتيها الأثنتين، مروراً لشفتيها، يا الله ، ثم أمسك بـ باطن كفها يقبله قائلاً بصوت أجش ماكر:
- راجعلك يا ملاذي ...!!!!!
• • • •
أختبئت خلف الستار تنظر له و هو يتحدث مع أخيها، أبتسامته و رزانته، يداه الموضوعة بجيبه بهيبة تبرعمت به بالفطرة، سماره ، عيناه الرصاصية ،وحركات رأسه، يا الله كم تعشقه، الحياة قاسية، ليست عادلة، تجعلك تتشبث بمن لا يحق لك، تراجعت عن النافذة لتردد ببهجة :
- أكيد مدام واقف مع ظافر يبقى هيطلع هنا ..
خلق قلبها بقوة لتذهب مرتدية ثوباً يصل لنهاية قدميها فضفاضاً، ثم لفّت حجاباً بلون (عنّابي) يروق لبشرتها، لم تضع في وجهها شئ، برّقت عيناها بعشقٍ لتتجه في لهفة إلى الدرج، أجتازته سريعاً حتى كادت أن تقع في أخر درجتين، ولسوء حظها انه كان يقف مع أخيها ليقول بسُخرية لم يقصد بها إزعاجها :
- لسة مكبرتيش يا ملك !!!
ظهر الضيق على وجهها من ذلك الموقف الذي أوقعت نفسها به، نظرت له بإمتعاض ليبتسم "جواد" بدوره بحنو أخوي، نظرت أسفل قدميها وقلبها يقرع كالطبول، وهي الساذجة تعتقد أنه يبادلها مشاعرها البريئة تلك، أرادت أن تعود لغرفتها حتى تتخلص من عيناه الرمادية تلك، إلا أن "ظافر" طلب منها بتهذيب إحضار كوب من القهوة خاصتها المميزة، وبالطبع دلفت المطبخ تعدها لهم بإتقان شديد، وبعد دقائق أمسكت بالصينية الفاخرة قاصدة أن تأتي هي بها لهم وليست الخادمة، وضعت الصينية على المائدة، ثم أبتعدت صاعدة لغرفتها، أغلقت الباب ورائها لتقف خلفه واضعة يدها على قلبها الذي يكاد يقفز من محله، عطره لازال عالق بأنفها .. يسكر روحها، هي غريقة في عشقه ولا تستطيع أن تنقذ نفسها ..
• • • •
ضمت كلتا ذراعيها إلى صدرها، تشعر أنها رخيصة عندما تهاونت معه، رُغم أنه لم يُجبرها على شئ، إلا أنها شعرت أنها أداة لإمتاعه فقط، لم تبكي أو تذرف الدموع، حاوطت جسدها بـ تلك الملاءة لتدلف إلى المرحاض تزيل لمساته التي باتت تكوي قلبها، أنهمرت مياة الدُش و أنهمرت معها دموعها بلا توقف، علت شهقاتها حتى وصلت له بالخارج، مسح على وجهه بغضب قائلاً بضيق :
- وبعدين بقا في النكد اللي على الصبح دة !!!!!
نهض عن الفراش ليذهب إتجاه المرحاض، طرق على الباب صارخاً بها بحدة :
- أطلعي يا فريدة عايز أدخل ..
وجد الباب يفتح لتخرج هي بالمنشفة تحاوط جسدها بها، فُتن "مازن" بمظهرها، إلا أن وجهها الباكي و عيناها المنتفخة جعل شرارة الغضب تزداد بقلبه أكثر، أمسك بذراعها بقوة ينهرها بضراوة:
- أنا مغصبتكيش ع حاجة، كل حاجة كانت برضاكي !!!!
تلوت بين ذراعيه تحاول أن تزيح قبضته، دفعها "مازن" للخلف حتى كادت أن تسقط أرضاً، تاركها متجهاً إلى المرحاض متمتماً بعنف :
- دي عيشة بقت تقرف !!!!!
• • • •
خرج "مازن" من المرحاض بعد أن استحم محاوطاً خصره بمنشفة، تتساقط قطرات الماء على جسده المعضل..
ولكنه لم يجدها بالغرفة، أرتدى ملابسه سريعاً ليتجه إلى اسفل، ظل يبحث عنها في أزقات القصر الكبير ليسأل كبيرة الخدم قائلاً بلهفة :
- فين فريدة ؟!!
أجابته الأخرى بأحترامٍ :
- فريدة هانم في الاوضة بتاعة أخوها ياباشا ...
تركها ليتجه نحو الغرفة بغضبٍ أعماه، كيف تجرؤ على التجول بالقصر من دون علمه، وقف أمام الباب الذي يصدر من خلفه ضحكات الصغير، أدار مقبض الباب ليدلف للغرفة، وجد "يزيد" يلعب بالألعاب على الأرضية تشاركه اللعب أيضاً بجانبه مرتسمة على وجهها أبتسامة حقيقية، ولكنها أزيلت تماماً بعد أن رأته، لِمَ هو سبب في تعاسة الجميع، سحبها من ذراعها بلا رحمة يجذبها خلفه متجهين إلى جناحهم، رأتهم والدته لتذهب نحوهم قائلة بسُخرية:
- چاررها أكده ليه وراك يا مازن ؟!!
لم يرد عليها بل أتجهوا إلى الجناح وهي مستسلمة له تماماً، دلفا ليصفع هو الباب خلفه، أمسك بفكها بين كفه الغليظ يضغط عليهما لتأن "فريدة" من الألم، وجهه قبالة وجهها يقول بتحذير لا يقبل النقاش :
- قسماً بالله لو خرجتي من الجناح هنا من غير أذني هتشوفي وش مكنتش حابب تشوفيه دلوقتي..!!!!
حاولت إزاحة كفه صارخة به بألم :
- أبعد عني بقا ..!!!! أنت مريض !!!!
شعرت بفكها يتحطم من كثرة ضغطه عليه يقول بنبرة سوداوية:
- أنتِ قولتي أيه؟!!!!!
أزاحت يده بقوة لتصرخ به بجنون:
- أنت حيوان ومعندكش دم، أنا بكرهك عارف يعني أيه بكرررهههك من كل قلبي...
رفع يده عالياً لتهوى على وجنتها سرعان ما أطاحتها أرضاً ببكاء ذليل!!!، جذبها من خصلاتها ليجعلها تنهض قائلاً بجنون :
- لو أبوكي و أمك معرفوش يربوكي أنا هربيكي يا فريدة !!!!
نظرت له بسخرية ممزوجة بألمٍ طغى على روحها :
- فاقد الشئ لا يُعطيه يا مازن !!!!!
كاد أن يصفعها مجدداً إلا أنه عجز، لا يعلم لِم لم يطاوعه قلبه، تركها بعيداً ليخرج خارج القصر بأكمله، تاركها منهارة على الارضية الباردة !!!
• • • •
دلف للشركة بخطواتٍ رزينة، خطواتِ يملؤها الوقار، ألتفتت حوله أنظار الفتيات الهائمة، فاحت رائحة عطره بكل مكانٍ معلنة وصوله قبل حتى أن تطأ قدميه، نظر إلى السكرتيرة الخاصة بها قائلاً في نبرة صارمة :
- تعالي ورايا ..
ثم دلف لمكتبه دون أن ينتظر ردها .. بينما أنتفضت السكرتيرة مرتديه الزي الرسمي للشركة، إلا أنها فتحت أول زرين من قميصها نظرت لمظهرها في المرآة قبل أن تدلف له، تهادت في خطواتها نحو المكتب تتمايل بغنح، يا لسذاجتها .. لا تعلم أن آلاف من الفتيات لا يستطيعن إغراءه، هي فقط واحدة تربعت على عرش قلبه، طرقت على الباب لتسمعه يأمرها بالدلوف بخشونة، دلقت السكرتيرة تقترب منه قائلة بمياعة شديدة:
-- أؤمرني يا ظافر بيه..
نظرها لها بإشمئزاز يقول بحدة جعلتها تتراجع سريعاً:
- أحترمي نفسك وأقفي عدل، قسماً بالله لو شوفتك بتعملي حركاتك الرخيصة بتاعة بنات الليل ده في شركتي لأكون طَردك زي أوسخ زبالة عندي ..
أغرورقت عيناها بالدموع لتتراجع لفشل مخطتها الذريع، ولكلماته السامة التي ألقاها بوجهها في أول يومٍ لها ..
أردف هو بصرامة شديدة قائلاً :
- جواد جه ولا لسة ؟!!
أومأت بصمت ليضرب على مكتبه بحدة جعلت الدموع تنهمر من عيناها :
- أيه القطة كلت لسانك مـ تنطقي ولا أتخرستي !!!!
قالت بنبرة باكية :
- أيوا جه يا فندم ..!!!!
أنقذها "الجواد" من ذلك الموقف ليدلف بمرحه المعتاد، نظر لكتلة الجمال المنتصبة أمامه، ليتفاجأ بعيناها منهمرة بالدموع، ألتفت إلى "ظافر" قائلاً بتساؤل :
- في أيه يا ظافر ؟!!!
لم يلتفت له "ظافر" ليصرخ بالسكرتيرة بضراوة:
- مشوفش وشك هنا تاني، قدمي أستقالتك وغوري في داهية تاخدك !!!! بـــرا !!!!!
انتفضت لتخرج سريعاً بعد ان بعثر كرامتها، طالعه "الجواد" قائلاً بمزاح :
- والله أنت معندكش قلب، بقا في حد يشخط في الصاروخ دي، وبعدين عملت أيه لـ ده كله !!!!
نظر له "ظافر" بإستهجان :
- وطبعاً انت اختارتها عشان صاروخ !!!،انا لما قولتلك تختارلي سكرتيرة..سكرتيرة يا جواد مش بت **** زي دي.. ع العموم لولا أن السكرتيرة القديمة سافرت كانت مشتلي شغل كتير ..
اشاح "جواد" بيداه قائلاً بإقتضاب :
- والله أنت مش وش نعمة!!!!
نظر له بتهكم ثم أكمل بجدية :
- أخبار الشحنة بتاعة لندن أيه ؟!!!
أبتسم "الجواد" بإنتصارٍ يقول :
- هنستلمها كمان يومين ..!!!!
أومأ برأسه، ثم قال بتحذير:
- خلي بالك يا جواد، العيون علينا الفترة دي ...
طمئنه "جواد" قائلاً بثقة :
- متخافش يا صاحبي ..
• • • •
تسللت لغرفتها،تسير على اطراف أصابعها بخوف، وجدتها نائمة مستلقية بسلام، نظرت لجمالها بحقد شديد إن خرج سيحرق الأخضر واليابس، اتجهت نحو الفراش بجانبها، لتفح العلبة التي بيدها، خرجت حية صغيرة الحجم، تخرج فحيح مرعب من لسانها، لتتجه نحو قدم "ملاذ"، سرعان ما خرجت "مريم" من الغرفة حتى لا تشعر بها!!! مبتسمة بتشفي وأنتصار!!!!
• • • •
تعدت الساعة منتصف الليل، مكنبٌ على الاوراق ليصدح رنين هاتفه، قطب حاجبيه فـ لم تعتاد "ملك" أن تهاتفه، أنقبض قلبه ليجيب، وصل له صوتها الباكي و هي تقول :
- ظافر تعالى بسرعة ، ملاذ يا ظافر!!!!!
بمجرد أن ذُكر أسمها أنتفض بقوة، التقط مفاتيح سيارته وحلته، هرول بقوة يسابق الرياح تحت أنظار المتواجدين لحاله مديرهم العجيبة، أستقل سيارته ليتحرك بأقوى ما لديه، يشعر بقلبه يعتصر بين ضلوعه، رغم أن الطريق بين القاهرة والصعيد ليس بقليلٍ إلا أنه وصل إلى القصر في وقتٍ قياسياً، ترجل من السيارة تاركاً الباب مفتوح، دلف ليجد القصر فارغ تماماً علم أنهم متجمعون في غرفتها، صعد الطابق الثاني، ليسمع نواح والدته، لم ينتظر ليدفع الباب بقوة، وقعت أنظاره على وجهها الشاحب، انخلع قلبه عندما وجدها مستكينة تماماً كأن روحها صعدت إلى السماء، أقترب منها على الفراش ليجذب الأنظار حوله، بينما أردفت والدته ببكاءٍ :
- مش عارفة يابني ازاي ده حُصُل، أول مرة تدخل حية في القصر!!!!!
نظر لها بصدمة حقيقية، لفتت أنظاره قدمها اليمنى محفورة بثقبين باللون الأحمر، يحاوطهم تورمٍ باللون الأحمر القاتم، جذب جسدها البارد لأحضانه يدفنها بصدره، بينما نظرت له والدته بشفقة قائلة وهي تربت على كتفه:
- متخافش يا ضنايا، الضاكتور طمنا عليها، و كتبلها على مضاد حيوي بعَت الواد حسن يچيبه، وقال انها متتحركش كتير ...
ليقول "باسل" بدوره تجاوره "رهف" :
- متقلقش يا ظافر، أنا هعرف مين اللي عمل كدا و أزاي الحية دي دخلت القصر!!!!!
وقفت "مريم" تطالع زوجها و هو يحتضن "ملاذ" و كم انه مشهد يؤلم قلبها، ولكن عندما هتف "باسل" بجملته التي أدخلت الرعب على قلبها، ندمت ندماً شديداً، هي تعلم عندما يعلم "ظافر" بأن هي من فعلت تلك الفعلة الشنيعه حتماً سيقتلها!!!!
وقفت "فريدة" ممسكة بأخيها الصغير، تطالع ذلك المشهد الذي لطالما حلمت أن يكُن زوجها حنوناً عليها هكذا، يخاف عليها كما يخاف "ظافر" على زوجته، ألتفتت تنظر إلى "باسل" الذي يعانق "رهف"، لتفر دمعة هاربة من عيناها، منذ ان ذهب في الصباح لم تراه، وليت الله يأخذه قبل أن يصل لها!!!!
أردف "ظافر" وأخيراً قائلاً بنبرة باردة:
- أمي بعد أذنك ممكن تاخديهم وتطلعوا برا ...
وافقت والدته على الفور ليذهبوا جميعاً تاركينهم بمفردهما، قبّل "ظافر" جبينها مغمضاً عيناه بألمٍ يستحوذ على جوارحه، جسدها البارد المستسلم بين ذراعيه ووجها الشاحب جعله كالمجنون لا يعلم ماذا يفعل، ولكن ما يعمله الأن أنه سيعاقب من فعل هذا أشد عقاباً يستحقه.. نهض تاركاً إياها بلطف ليجعل الخادمة تجلس جوارها لتبقى معها، ثم ذهب بإتجاه غرفة"مريم" دفع الباب بقدميه ليجدها مستلقية على الفراش، نائمة او ربما تُدعي النوم، اقترب منها وبدون مقدمات جذبها من خصلاتها ليجعلها تقف، صرخت "مريم" بكل ما أوتيت من قوة لشدة قبضته التي كادت أن تقتلع خصلاتها، هوى بيده على وجنتها بصفعة أطاحتها أرضاً، عاد يجذبها من خصلاتها مرة أخرى بقوة اشد لينهال عليها بالصفعات وسط صراخها، دلف "باسل" لينجدها من بين قبضتيه، وقف أمامه يدفعه بعيداً عنها ليصرخ "ظافر" بها :
- ورحمة ابويا م هسيبك يا بنت ال***، أنا هوريكي يا *****!!!!!
صرخ به "باسل" وهو يدفعه بعيداً عنها:
- أهدى يا ظافر أنت أتجننت!!!!!
دلفت السيدة "رقية" لتضرب على صدرها بفزع من رؤية "مريم" متكومة على الأرضية هكذا، أتجهت نحوها مع "ملك" و "رهف" و "فريدة" ليجعلوها تنهض مشفقين عليها، أبعد "ظافر" أخيه عنه بدفعة قوية منه ليتجه نحوها مجدداً عازماً على تحطيم وجهها المكدوم، لتقف والدته أمامه، تصرخ به بحدة:
- واه!!!! أيه يا ظافر أنت أتچنيت أيه اللي حُصُل لده كله!!!!!
صرخ "ظافر" بهما و هو ينظر إلى "مريم" نظرات دونية :
- الهانم هي اللي حطت الحية لـ ملاذ!!!!!!
شهَق الجميع بتفاجأ، بعينان جاحظتان غير مصدقين أنها فعلت ذلك، لم تدافع "مريم" عن نفسها، بل قالت في وهن ضعيف و هي تشعر بجسدها يصرخ من الألم :
- أيوا أنا اللي دخلتلها الحية في أوضتها!!!!! هي اللي سرقت چوزي .. هي!!!!!
أتسعت أعينهم ليبتعدوا عنها بقرفٍ، نظر لها "ظافر" بجمودٍ ليسترسل :
- أنتِ طالق يا مريم.. طـــالــق !!!!!!
جحظت بعيناها لتعود لوعيها، نفت برأسه تحاول الأقتراب منه لينهرها بحدة :
- قسماً بالله لو قربتي هخلص عليكي يا مريم، تلمي هدومك وترجعي عند أبوكي، مش عايز أشوف وشك هنا ســـامـعـة !!!!!!!!
سمعا صراخ "ملاذ" بالأعلى، ليركض "ظافر" نحو الغرفة خلفه الجميع، دلف ليجدها تصرخ من الألم محاوطة قدمها المصابة بهلعٍ لأول مرة يراه بها، دلف للغرفة ليأمر الخادمة بالخروج مغلقاً الباب جيداً، و كأنها لم تلاحظ وجوده، فقط شاردة بالفراغ محاوطة قدمها وجسدها ينتفض بين الفينة والأخرى، أقترب منها ليجذبها لأحضانه يبعد قدمها عن مرمى يداها يثبتها على الفراش، ود لو أن يدفنها داخل ضلوعه، قبل خصلاتها عدة قبلات يعتذر مرة ويهدأها مرة، لم تتحدث قط فقط تدفن نفسها داخل احضانه كالطفلة، مسح على ظهرها يقول بندم وبنبرة شديدة الحنو :
- شششش أهدي يا حبيبتي، أهدي، أنا اسف، مكانش ينفع أسيبك لوحدك، أنا أسف يا حبيبتي أسف، هاخدك وهنبعد عن هنا خالص، أهدي !!!!
لم تسمعه، أصابتها نوبة عصبية مصدومة مما حدث، تتذكر شكل الأفعى، تتذكر صراخها عندما وجدتها تلتف حول قدميها، تذكرت عندما ظلت تصرخ بإسمه ليأتي وينقذها، عاودت النظر إلى "ظافر" تتشبث بقميصه تقول ببكاءٍ:
- أنا ناديتك !!!!ناديت عليك وقتها بس أنت مجيتش!!!!
دفنها بأحضانه يربت على خصلاتها حتى غفت بأحضانه سريعاً من كثرة الإرهاق، نظر لتلك اللدغة بعينان مظلمة، رفع البنطال الخفيف التي ترتديه من فوق اللدغة حتى لا تؤلمها ...
شعر برجفة جسدها المثلج، ورجفة شفتيها الطفيفة، أحتضنها أكثر قائلاً بتوجس من فقدانها:
- مش هسيبك لوحدك تاني، هتبقي معايا فكل حتة، وجوازنا هيتم بأسرع وقت!!!!
قبل جبينها يهدء من روعها، كطفلة أُخذت منها حُلوتها عنوةٍ لتبكي في أحضان أبيها بحُرقة، أبعد خصلاتها عن وجهها الأحمر المذعور، ظل جوارها يمسح على ظهرها حتى غفت تماماً
• • • •
عادا "باسل" و "رهف" لغرفتهما، جلس على الفراش منحني بجزعه يضع يداه على رأسه التي على وشك الأنفجار، ربتت "رهف" على ظهره وهي تقول بنبرة عطوف:
- أهدى يا حبيبي و إن شاء الله كل حاجة هتبقى كويسة ..
أستطرد و هو لازال على وضعه قائلاً :
- أنا أول مرة أشوفه كدا، أول مرة يمد أيده على مريم بالطريقة دي!!!!!!
زمت "رهف" شفتيها تعقب قائلة :
- م هي تستاهل الصراحة يا باسل دي حطت حية لمراته عايزُه يعمل أيه فيها!!!!!
رفع رأسه ينظر للفراغ بثغرٍ أعتلاه بسمة شقية:
- بس هو واضح أنه بيحب ملاذ فعلاً، شوفتيه كان بيحضنها أزاي كأنها بنته!!!! أخيراً ظافر لقى البنت اللي هتنسيه كل حاجة حصلت في الماضي!!!!
أبتسمت "رهف" لتستند برأسها على كتفه، عوضاً عن ذلك فتح هو ذراعيه ليستقبلها بأحضانه، قبل جبينها بحنان قائلاً :
- ألبسي يلا عشان أخرجك..!!!!
أنتفضت "رهف" تصفق بمرح قائلة :
- 5 دقايق هتلاقيني جاهزة ....
نظر لها بسُخرية يقول:
- ده على أساس أن البنات بتجهز في 5 دقايق!!!!
• • • •
دلفت "فريدة" الغرفة بعد أن غفى "يزيد" بغرفته الجديدة، دلفت للمرحاض لتغتسل، أرتدت منامة قصيرة تصل إلى بعد ركبتيها بقليل، سرعان ما دفنت نفسها في الفراش تحت الغطاء لكي يأتي ويجدها نائمة، وبالفعل دلف "مازن" للغرفة بأسلوبه الهمجيٌ، أدعت النوم لتغمض عيناها و لكن لم تسطيع السيطرة على أرتجاف جسدها الطفيف، وكأن من أتى ملك الموت وليس زوجها، أبتسم "مازن" بسخرية ليذهب بإتجاهها، نكزها بكتفها قائلاً بإرهاق بدى في صوته :
- فريدة.. قومي أعمليلي أكل ..
ردت "فريدة" بنبرة جامدة تخفي البراكين المشتعلة داخلها:
- أطلب من الخدم ..
أردف هو بإستهجان :
- وأنتِ لازمتك أيه ؟!!!
نظرت له بحدة لتعتدل في جلستها قائلة بتحدٍ :
- و أنا مش هعمل طفح، روح أتصرف!!!!
جلس على الفراش بجانبها قائلاً بهدوء يسبق العاصفة :
-أنا هعتبر نفسي مسمعتش حاجة وهتقومي تجيبيلي أكل!!!!
تأففت لتهنض بإمتعاض، أتجهت نحو الباب تضرب الأرض بقديمها، لتتسمر في مكانها عندما صرخ بها بـحـدة :
- فــريــدة!!!!!!
أنتفضت لتلتفت له بخوف قائلة برهبة:
- في أيه ؟!!!
أقترب منها ليجأر بحدة :
- أنتِ مش شايفة اللي أنتِ لابساه!!!!
نظرت لما ترتديه بخجل، أخذت الإسدال لترتديه بخجلٍ، ثم نزلت إلى الأسفل، توجهت نحو المطبخ لتجد الخادمات بالإضافة إلى السيدة "رقية"، دلفت المطبخ تقول لإحدى الخدم بتهذيب على مرمى عينان حماتُها:
- لو سمحتي ممكن تحضري أكل لمازن ..
اومأت الخادمة بإبتسامة :
- تحت أمرك يا هانم ..
تشدقت "رقية" تنظر لها بتهكم:
-هانم!!!! وانتِ يا فريدة مهتعرفيش تحضري لچوزك الوكل بنفسك ؟!!
ألتفتت لها "فريدة" قائلة بإحترامٍ :
- لاء أكيد بعرف يا طنط بس أنا تعبانه شوية، بس أكيد بإذن الله هبقى أحضرلكم الغدا في يوم ..
نظرت لها "رقية" بغيظ لتقول بغلٍ :
- ماشي يا مرات أبني ...
ثم ذهبت من أمامها، لتزيل "فريدة" قناع القوة، تخبئ خلفه الكثير من الحزن و الإرهاق، جلست على المقعد المقابل لطاولة صغيرة بالمطبخ، اسندت رأسها عليها بتعبٍ، حتى غفت من دون أن تعي..
نظروا لها الخادمات بشفقة ليتستمروا قائلة إحداهن :
- ياحبة عيني الست هانم نامت!!!
قالت الأخرى بحزن:
- أنا مخابراشي (مش عارفة) الست هانم رقية بتعاملها أكده ليه، زي ما يكون بيناتهم تار !!!!
لتهمس الأخرى:
- بس فريدة هانم ردت عليها و أحرچتها..
جاء "مازن" بعد أن شعر بتأخيرها، لينتبه لما قالته الخادمة، دلف بحدة يقول:
- أيه اللي بيحصل هنا ؟!!!
انكسن رؤوسهن لتقول إحداهن :
- مافيش حاجة يا بيه!!؟؟
لتتقدم إحداهن بجرأة :
- لاء فيه يا بيه، الست رقية هانم بتعامل فريدة هانم بطريجة مش ولا بُد ..
نكزتها إحدى الخدم لتكف عما تقوله، إلا أنه رفع إحدى حاجبيه قائلاً بأستفسار :
- قالتلها أيه؟!!!
قصت عليه الخادمة ما حدث، نظر "مازن" إلى "فريدة" النائمة ولا يعلم لِما آلمه قلبه عليها، أنحنى بجزعه ليحملها بين يداه بلطف حتى لا يفيقها، قائل. لإحدى الخدم :
- هاتي الأكل و تعالي ورايا ..
راقب ذراع "فريدة" الذي عانق رقبته بحركة عفوية منها، أتجه لغرفتهما ليضعها برفق على الفراش، ألتفت للخادمة ليأخذ الطعام منها، اغلق الباب ليجلس يقضم بعض اللقيمات بشراهة، لينهض يحل ازرار قميصه ليبقى عاري الصدر كعادة أبناء الهلالي، أستلقى جوارها ليضما إلى صدره محاوط خصرها من الخلف، تمتمت "فريدة" بدون وعي :
- مازن.. كلت؟!!
أبتسم ليبعد خصلاتها عن عنقها الأبيض يقبلها هامساً :
- ايوا كلت ..
دفن أنفه برقبتها ليغفى بإستمتاع ..
• • • •
تخشب جسده عنها شعر بها تحتضنه بكل ما أوتيت من قوة، كم أشتاق لتلك اللحظة، حاصرها بذراعيه الضخمة ليسمعها تهمس بخفوتٍ :
- ظافر!!!!
شعر بقلبه يأن من الألم، حبيبته خائفة وهي بين يداه،حتى وإن لم تقولها إلى أن نبرتها أوحت بذلك، ليته لم يتركها، ليت الأفعى لدغته هو وليس هي، أحتضنها بقوة كأنه خائف من فقدانها!!! ظلا هكذا لبضع دقائق ليبتعد عنها قليلاً هامساً وأنامله تسير على وجنتها الشاحبة:
- هروح أجبلك أكل ياحبيبتي، أنتِ مكلتيش حاجة من الصبح!!!
أمسكت بكفه بقوة تنفي برأسها، لا تريده أن يبتعد عنها مرةً أخرى، أنحنى ليطبق على شفتيها بقلبة أذابتها، ليبتعد وشفتيه لازالت ملامسة لشفتيها يهمس بخفوتٍ :
- مش هتأخر...
نهض مبتعداً عنها ليخرج من الغرفة، ذهب نحو المطبخ ليحضر لها شطيرتان، وجد والدته تجلس على المقعد ممسكة بالمصحف ترتل بصوتٍ عذب، ا
أغلقته قائلة بصوت خاف "صدق الله العظيم" لتشير لأبنها بالمجئ، نظر لها بحيرة فهو يود ان يصعد لمحبوبته و لكن لا يستطيع رفض طلب والدته، لتهمش هي بنبرة ماكرة :
- تعالى يا حبيبي أجعد چاري و بعدين أطلعلها!!!
جلس بجوارها بهدوء، لاحظت والدته إرهاقه لتربت على كتفه قائلة بحنان:
- بتحبها يا ظافر، بتحبها يا حبيبي، أنا أول مرة اشوفك أكده، أنت مشوفتش نفسك لما كنت بتحضنها قدامنا كلنا..!!!!
أمسك برأسه والصداع يفتك به قائلاً:
- أنا مش عارف أعملها أيه، حاسس أني عاجز، أحساس بشع أوي يا أمي...!!!!
ربتت على خصلاته بحزن قائلة بلهفة :
- معاش ولا كان اللي يعچزك يا بني، متقولش أكده ..
نفى برأسه قائلاً بندم:
- لاء يا أمي، أنا السبب.. ياريتني مكُنت سيبتها لوحدها، أنا الغلطان..!!!!
- ياحبيبي و أنت كنت تعرف منين بس أن كل دِه هيحصُل، ربنا ينتقم منها الحية الحقيقية اللي كانت عايشة وسطينا!!!!
التفت لها قائلاً بنبرة سوداوية:
- هي راحت فين؟!!
تشدقت بـ:
- لمت هدومها وغارت في داهية عند أبوها..!!
تنهد بإرتياح وكأنه ثقل و أنزاح من على قلبه، لتربت والدته على كتفه العريض قائلة بحنو أمومي:
- روح يابني شوفها، ولو عوزتني نادم عليا و أنا هاچي!!!
أومأ بهدوء لينهض، صعد لها بخطوات سريعة، فتح الباب بهدوء حتى لا يخيفها، ليتفاجأ بالفراش فارغ، وقع فؤاده أرضاً برعب عندما سمع أنين متألم يأتي من المرحاض!!!!!
• • • •
يتبع ..