رواية اهابه اخافك ليثي الفصل التاسع 9 بقلم ايمي عمر
بعد مرور أسبوع من الأحداث التي غيرت كثيرًا في بعض الأبطال.. فكانت ديمة من يوم ذهب ليث الي المعسكر وهي تشعر بحالة غريبة تشعر بتخبط في داخلها كانت الأسئلة تكمن فى عقلها فهل سوف تنجح علاقتهما ؟! كيف يتقبل الجميع تلك العلاقة ؟! هل هي متقبلة عشقه ؟! تعلم أن تغيرًا ما يحدث عند أقتربه منها ولكنها ليست متأكدة من ذلك.. أرتدت القلادة.. نعم أرتدتها بدون وعي فقد وجدت نفسها تخرجها من علبتها وتلفها علي عنقها وتنظر في المرآة لتري قلبه الذي أصبح يحاصر عنقها بل وحياتها أيضًا وعلي حين غرة أستمعت لهرجًا يأتي من أسفل بهو القصر .. أرتدت ملابسها علي عُجالة وخرجت من غرفتها بخطآ سريعة لينتهي بها الحال وهي تقف في منتصف الدرج وتستمع الي شىء لم تتوقع حدوثه..
-معانا حكم من المحكمة بضم ديمة حازم سعيد الي جدها سعيد منصور ، وأمر بالقبض علي حضرتك بتهمة التزوير في أوراق رسمية .. قالها الضابط الذي أتي بصحبة سعيد منصور وأمجد وبعض من رجال الشرطة..
واقفوا الجميع مشدوهون ممن تفواه بيه ذلك الضابط ليقول ياسين بغضبٍ وأندفاع:
-أنت مجنون!!!! أنت مش عارف بتكلم مين ولا إيه تقبض علي مين..
ليسترسل مهاب وهو لا يقل غضبٍ عن أخيه فكيف لذلك الضابط أن يتحدث هكذا مع والده ليقول بحدة:
-تقبض علي مين حضرتك!! أنت عارف واقف قصاد مين
في حين خطت ماسة الي مصعب لتستقر وهي تمسك بذراعه والهلع والذعر باديان علي محياها ونفس الحل عند لورا التي مسكت بذراع والدها الآخر..
أما الذعر والهلع الأكبر فكانا من نصيب ديمة التي فاض الدمع من عينيها كخيوط المطر في ليلة شتاءً قارصة لتهبط باقي الدرج ركضًا وتستقر في حضن مصعب وهي تقول ببكاء متهدج :
-تقبضوا علي بابا مصعب ليه حرام عليكم هو معملش حاجة
قال "سعيد" وهو يفتح ذراعه لها :
-تعالي يا ديمة .. تعالي يا حبيبتي في حضن جدك ..
واقفت تنظر له وأهتزازت جسدها وشهقاتها لم تهدأ لتقوم بدفن نفسها في أحضان مصعب الذي ربت عليها بحنان ثم قال بثبات موجه حديثه إلي سعيد:
-البنت كبرت معانا وصعب في يوم وليلة كدا تجي تأخدها خليها عايش معانا وأنا هجبهلك كل كام يوم تقعد معاك شوية..
رد سعيد وهو يضحك بسخرية:
-لا كتر خيرك والله .. ثم أستطرد بأستهجان:
-بنت إبني هتعيش معايا وفي حضني مش كفاية أن بنت عمك هي اللي قتلت أبني..
رد مصعب وقد أوشك غضبه علي الأنفلات:
-مفيش داعي للكلام ده دلوقتي.. الموضوع ده من عشرين سنة وأبنك وبنت عمي عند ربنا هو بقي اللي هيحاسبهم ده مش موضوعنا..
في نفس الحين تواري ياسين بعيدًا وأجري أتصال بفياض وأعلمه بما يحدث وأتاه الرد أنه سوف يحضر في خلال دقيقة..
-أنا مفيش أي أخطار واصلني من المحكمة بالقضية دي.. قالها مصعب موجه حديثه الي الضابط الماثل أمامه..
رد الضابط بفظاظة وحدة:
-أنا معرفش الكلام ده أنا معايا أمر ولازم أنفذه..
أصبحت الدماء تتدفق في وجوه الجميع بغضب فكيف لذلك الضابط أن يتحدث هكذا..
في حين دخل فياض وهو يقول بحدة وصارمة:
-وأنا بقولك خد القوة اللي معاك دي في خلال ثانية ملاقكش قصادي والا ردي مش هيعجبك..
بهتت ملامح الضابط وهو يقول بصوت مهزوز:
-فياض باشا!!!! حاضر يا باشا تحت أمرك..بس أمر النيابة أعمل فيه إيه؟!
رد فياض بنفس الصارمة:
-أحنا هنخلص كل حاجة ودي .. روح أنت وأنا هتصرف
-أمرك يا باشا.. قالها الضابط وأمر العساكر بتتابعه في الأنصراف..
-أنت ازاي معرفتش حاجة عن القضية دي يا مصعب مش انت كنت مراقب تصرفات سعيد منصور.. قالها فياض بخفوت بعد أن دن من مصعب..
رد مصعب بغيظ:
-مش عارف يا فياض أنا أنشغلت بمشكلة ياسين..
قال الآخر:
-بس أمر ضم ديمة لازم يتنفذ..
بهتت ملامح مصعب ليرد بتوجس:
-لا يا فياض أستحالة..
ربت فياض علي كتفه وهو يقول :
ماشي خلينا نتفاوض معاه.. ونشوف حل ..
لم يخفي حديث مصعب وفياض عن مسامع ديمة التي أيقنت من ملامح ذلك المدعو جدها أن أمر ضمها للعيش معاه لا محال له فقررت أن تنهي الموضوع وان لا تضع مصعب في المشاكل أكثر ولكنها تمهلت في الحديث حتي تري ذلك الحديث الذي دار بين مصعب وفياض وسعيد..
جلسوا يتحاورون فى تلك المعضلة ولكن كل المحاولات باءت بالفشل فكان سعيد مصّر على أخذ حفيدته لكي تعيش في كنفه ..
-انا هاجي معاك بس بشرط متأذيش بابا مصعب و تتنازل عن قضية التزوير اللي انت رافعها عليه.. كانت تلك جملة ديمة التي دخلت بخطآ ثابتة يعكس ما بداخلها من حزن يتقطع له نياط القلب ، تتمسك بتلك القلادة الذي جلبها لها "ليث" وكأنها تستمد منها القوة..
اتسعت أعين الجميع بدهشة وقام مصعب و دَنْا منها وهو يقول بتوجس:
- لا يا ديمة مش هتروحي.. ردت بحزن وتألم:
-لا يا بابا انا هاروح ..ثم دَنْت منه واستطردت بخفوت:
-فاضل كام شهر واكمل 21 سنه وساعتها ماحدش هيقدر يكون ليه حكم عليا خليني اروح الكام شهر دول ووعد مني هارجع اول لما أكمل السن القانوني..
لم تروق له الفكرة ولكن الأصرار الذي شاهده في عينيها ألجم الكلمات بداخله..
في حين اقتربت ماسة واحتضنتها وتابعتها لورا والدمع يجري على وجنتي الجميع دون التوقف في مشهد أحزن الجميع حتى أمجد الجالس يتطلع اليهم وهو يرى ذلك الحب الأسُرى وكأن ديمة ابنتهم ومن نفس الدم الذي يسري في اوصلهم..
- رد حضرتك ايه على كلامي.. قالتها ديمة وهي تنظر الى سعيد وعلى محياها يرتسم الجمود والثبات يعكس ما بداخلها وهي تضمر ذلك الأحساس بالأسى والتألم..
رد سعيد قائلا بتروي:
- انا ممكن ردى يكون انك هتيجي معي بمزاجك او غصب عنك بس انا مش عايز كده انا عايزك تيجي بمزاجك وانا موافق انى أتنازل عشان خاطر هم راعوكِ و عملوكِ كأنك بنتهم
قالت بمضض:
- انا هطلع احضر شنطتي.. ثم استدارت متجهة الى الدرج دون النظر الى أحد حتى لا تضعف مشت بتخبط وهي تكتم تلك الحشرجات التي تطبق على اوداجها فتشعرها بالأختناق وغصة مؤلمة تكبت حلقها..
تتطلعوا الى أختفائها الجميع في حين قال مصعب بعد ان استشاط غضبٍ:
- انا مش عارف هتستفيد ايه لما تاخدها انت مش شايف مدى الحزن اللي البنت فيه..
رد سعيد ببرود:
- هتبقى كويسة في بيت جدها مش هتفضل عالة على حد..
ساد جو من التوتر بين الجميع ولكن صمت الجميع عند تطلعهم الي الدرج ليجدوا ديمة ومازالت ممسكة بذلك القلب المتدلي من تلك القلادة وبجوارها أحدي الخدمات تحمل حقيبتها..
دن أمجد وألتقط الحقيبة وخرج بعد أن تحدث الي جده ليخرج هو الاخر لكي يعطيان المساحة لديمة في توديع عائلة مصعب ..تلك العائلة التي أعطتها بدون مقابل أعطتها الحنان والدفىء والحب الأسُري كانت تحتضنهم وتنتحب في بكاءٍ مريرٍ أدمي عينيها لم تكون هي فقط من تنتحب بل كان الجميع رجالٍ ونساء فهي فردٍ من العائلة لا محال ولكن القدر يحكم..
-أنا مش عارف وافقتك أزاي!! بس أنا واثق في كل قراراتك بس خليكِ عارفة اني انا سندك وضهرك في أيّ وقت .. ده بيتك ومفتوح ليكِ دايمًا .. لو حد فيهم فكر يآذيكِ تتصلي عليا وأنا هجي أخدك علي طول..فاهمة..كانت تلك توصيات مصعب الذي ألقها علي مسامع ديمة..
ولم تخلو تلك التوصيات من الأحتضان الأبوى ودموع ماسة ونحيبها وبكاء لورا علي أختها و رفيقة دربها..
خرجت من القصر وهي تجر ألمها وأحزانها ويتمها نعم فهي ولأول مرة تشعر باليتم لأول مرة بعد أن تركت عائلتها أن تشعر باليتم.. وصلت الي السيارة لتجد سعيد مستقلًا إياها وأمجد يقف ينتظرها وقد حانت منه إبتسامة وهو يعتدل ويفتح لها باب السيارة .. أستقلت السيارة دون نطق أيّ كلمة فقط دموعها تنساب وتمسحها بكفيها من الحين الي الآخر..
-أنزلي يا ديمة يا حبيبتي واصلنا.. كانت تلك جملة جدها الذي ترجل من السيارة قالها ليحثها علي النزول..
ماذا!!!!واصلنا!!!!! أكان الطريق قصيرًا لهذا الحد ام أنّها كانت غارقة في أحزانها و وحدتها .. ترجلت من السيارة بتردد وارتباك وتقدموا جميعا الي داخل القصر..
-أعرفك يا شريف ديمة بنت أخوك حازم الله يرحمه..قالها "سعيد" وهو تلوح علي محياه السعادة والفرح..
تقدم منها بسعادة مصتنعة قائلا بترحيب:
-نورتي بيتك يا بنت أخوية..
أكتفت ديمة بالأيماء مع إبتسامة شاحبة..
قال سعيد بنظرة ذات معني موجه الي منيرة:
-إيه يا منيرة مش هتسلمي علي بنت أبني ديمة..
-لا أزاي طبعا هسلم تعالي يا ديمة في حضن مرات عمك.. قالتها منيرة وهي تقترب وتحتضنها وتمثل الود والترحيب بعكس ما يكمن بداخلها من ضغينة وبغضاء..
شعرت ديمة بالغربة والوحدة وقالت بصوت مجهد:
-أنا تعبانة ومحتاجة ارتاح..
رد سعيد بحنان:
-ماشي يا حبيبتي أنا جهزتك أوضة يارب تعجبك .. ثم هتف علي الخادمة التي أتت مهرولا تلبي طلب رب عملها لتقول بأحترام:
-أمرك يا سي سعيد..
أستطرد سعيد بأمر:
-خدي ديمة وصليها أوضتها
رد الخادمة :
- حاضر يا سي سعيد.. ثم استرسلت وهي تتطلع الي ديمة وتقول بأحترام:
-أتفضلي يا ست ديمة..
تقدمت معها وهي تحث قدميها علي المشي تكبت ذلك الاحساس الذي يصرخ بداخلها ويقول أركضي وأهربي من هذا المكان فأنت لا تنتمى اليه..
صعدت مع الخادمة لينتهي بها الحال داخل غرفة واسعة بالديكوار التركي المتناسق ولكنها شعرت بالغربة وعدم الراحة أخذتها عينيها في جولة تنظر الي أثاث تلك الغرفة الخاوية من الدفء والحنان والجو الأُسرى التي كانت تحسه مع عائلتها نعم هي لا تقبل بأيّ أحدا آخر إلا العائلة التي تربت في كنفها .. خرجت الخادمة ويبدو أنها ألقت علي مسامع ديمة شيء ما ولكن عند عدم استجابتها أنسحبت الخادمة باحترام وقررت تركها علي انفراد ..تنهدت وأنهمرت العبرات من مقلتيها بل وأصبحت شهقات مخنوقة وتأوهت باكية بعد أن ألقت بنفسها علي الفراش..وعلي حين غرة وجدت هاتفها يصدع بالرنين أمسكته وهي تجفف دموعها لتجد أخر أسم توقعت أن يتصل في ذلك الوقت فإذا علم ما حدث سوف يترك كل شىء ويخرب مستقبله ويأتي إليها نعم فهي أصبحت تقرأه وتفهمه جيدًا فهو أصبح كالكتاب المفتوح لديها .. ضغطت علي زر الأيجاب و ردت بصوت حاولت جاهدة أن تخرجه طبيعيً ..
-ألو
تأكد أحساسه نعم فهو كان يشعر بغصة في قلبه بعد ان راي كابوس لها وهي تجلس في مكانًا ما وتصرخ مناديا عليه ولكن كانت بينهم مسافات ليقوم من النوم متعرق الجسد وهو يصيح بأسمها ليلتقط الهاتف سريعا ويجري لها اتصال للأطمئان عليه..
أستطرد بقلق:
=أيوا يا روحي مال صوتك في حاجة ولا إيه؟!!
أغمضت عينيها بتألم ثم ردت بثبات:
-لا يآبيه مفيش حاجة..
تبًا!!!! عن أىّ آبيه تتحدث ..ماذا يعني هذا.. أهي لم تتقبله كحبيب.. ماذا يقول لها بعد ذلك
رد بحزنٍ واستنكار:
-آبيه!!!!! هو أنتِ مقرأتيش الورقة اللي سبتهلك يا ديمة؟!!
رافعت كفها وقبضت علي القلب المتدلي من قلادتها وقالت بمضض:
-قرأتها يا آبيه..
أغمض عينيه وبهتت ملامحه وفاهما أنها لم تتقبل عشقه لها ورد بحزن:
-تمام يا ديمة فهمت وأنا مش هضغط عليكِ أكتر من كدا وأحنا هنفضل أخوات سلام..
فتحت فمها لتتحدث سريعًا:
-أستني بس يا.... ولكن سمعت صفارة غلق الهاتف..
رمت بجسدها علي الفراش وأخذت تبكي وتبكي حتي تقطع نياط قلبها..
اما علي الجهة الأخري فكان كالأسد الثأر المجروح فقد ألقي بالهاتف ليصتدم بالجدار وينزل علي الأرض أشلاء ممن أفزع فهد وهو يراه علي تلك الحالة من التحول فقد كانت عينيه مخطط بخطوط حمراء بلون الدم ومحياه مكفهر لم يستطع فهد التفواه بحرفٍ وهو يراه يخرج من الغرفة..
خرج الي باحة المعسكر وأخذ يركض ويركض وكل تفكيره في رافضها لعشقه..
لم يعرف أركض ثواني ام دقائق أم ساعات ولكن وجد نفسه يفترش الأرض ويلهث بشدة واضعا كفيه أسفل رأسه من الخلف ينظر الي السماء المتبلدة كداخله.. دمعة حارقة تقف في مقليته تأبي النزول راهبةً منه..
-هو ليث ماله يا فهد..قالها قصي الذي جاء مهرولا ويتبعه آدم عندما لمحوه ليث في باحة المعسكر..
أستطرد فهد وهو يمط شفتيه:
-والله علمي عملكم .. هو مرة واحدة كدا قام من النوم مفزوع وبيصرخ بأسم ديمة وبعدين أتصل عليها واتكلموا شوية وبعد كدا خبط التليفون في الحايطة وبعد كدا خرج..
قال آدم:
-وانت مسألتوش ليه علي اللي حصل يا فهد؟!
رد فهد مستنكارا:
-مستغني انا عن عمري علشان أكلمه وهو في الحالة دى..
وبرغم حزنهم علي صديقهم ألا أنهم وجدو أنفسهم يضحكون علي هيئة فهد..
-إيه يا سيادة الرائد مالك هي نفضلك ولا إيه.. قالتها سلين وهي تقترب من ليث الذي مازال مفترش الارض..
وقف وهو ينظر لها نظرة جعلتها ترتجف وتندم علي ما تفواهت بيه ليشاور لها ويقول بتحذير ونبرته كالموت المهالك:
-نصيحة مني بلاش تقفي قصادي دلوقتي علشان هتندمي..قالها ثم تركها وذهب
______________$
كان يجلس بحزن فمن ذلك اليوم الذي استقبله أولاده بالبرود واللا مبالاة وهو يشعر أن نِياط قلبه يتقطع ليتذكر معاملة أبنه سليم وهو يرمقه بنظرة تحمل في طياتها الكره والأتهام .. يتذكر وهو يفتح له ذراعيه ليكي يضمه فهو قد حلم طيلة تلك السنوات التي قضاها في السجن بضم أولاده الي داخل أحضانه فذلك الشعور لا يضاهي أيّ شعور آخر ولكن خاب أمله وهو يراه يتركه ويدلف الي حجرته.. تذكر جسد سجي التي واقفت متيبسة مكانها دون الحراك غير مستوعبة .. يتذكر ريما التي ركضت اليه واحتضنته فبرغم مرور السنين ألا ان العشق مازال في قلبها بكت وهي تشكي له عن مدي أشتياقها له..
-ممكن أعرف انت كنت فين لحد دلوقتي يا سليم؟!.. قالها علي السباعى وهو يراه يدلف من باب الشقة فهو قد أنتظره كثيرا بعد أن أدي صلاة الفجر..
تعالت ضحكات سليم وهو يقول بسخرية:
-هههههه انت هتمثل دور الاب عليا ولا إيه؟!
ابتلع سخريته وهو يقول بهدوء:
-بلاش السكة اللي انت ماشي فيها دي يا سليم .. أمك قالت لي علي كل تصرفاتك..
رد بفظاظة وقهر:
-أنت أخر واحد تتكلم عن السكك دي يا علي يا سباعي عارف ليه؟ لاني بأختصار أنا ماشي في السكة دي بسببك انت فااااااهم يعني بسببك.. وياريت دور الاب والمواعظ اللي انت بتقولها دي توفرها لنفسك انا ماشي في سكة مفهاش رجوع..قالها وتركه ودلف الي حجرته وأغلق الباب بقوة وغضب..
-أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم .. أنا عارف انه ذنبي يارب .. اللي عملته زمان بحصده دلوقتي.. اللهم اني لا اعترض علي قضاءك ولكني أسألك اللطف فيه يا رب العالمين.. قالها وهو يناجي رب العزة ويبكي بمرارة ولاذعة..
"صباحًا"
-يلا يا سجي تعالي علشان تفطري.. قالتها ريما بوجهٍ أصبح يشع سعادة بعد أن خرج زوجها من السجن فقد مر أسبوعٍ علي خروجه لتنعم بجو الأسرة بعد أن كانت تشعر بالوحدة
جلس الجميع علي طاولة الطعام دون التفواه بكلمة..كان سليم يتناول طعامه بوجهًا كالجليد خالي من أيّ مشاعر او تعبير دون النظر لاحد..وسجي من الوقت للأخر تختلس النظرات الي والدها .. وريما تتطلع اليه ونظرته تطمئنه أن الوضع سوف يتغير مع الوقت..
صوب الجميع نظرتهم الي الباب بعد ان سمعوا طُرقات الباب المتتالية.. وقفت سجي وتقدمت من الباب وقامت بفتحه لترا شخصًا يبدو عليه الأجرام يقف ونظرته تستعري جسدها بقزرة وهو يقول :
-هو سليم موجود يا قمر..
رمقته سجى بشمئزاز في حين تقدم سليم بخطآ سريع مكفهر الوجه وسحب سجي وأمرها أن تدخل ثم تتطلع الي ذلك الشخص الذي كانت أنظراه معلقة بسجي حتي اختفت من امامه ليقول بصارمة:
-عينك لاتوحشك يا طاعون..
رد طاعون بتوتر:
-ها .. طب ليه الداخلة دي سليم..
رد سليم بنفس النبرة الصارمة:
-أخلص يا طاعون وقول جاي ليه أنا مش محذرك أنك متجيش بيتي..
رد الاخر:
-عايزك في شغل جديد ميستحملش التأجيل..
-أنزل أستنني علي القهوة اللي تحت .. قالها سليم وأغلق الباب في وجهه..
-هي حصلت تجيب الاشكال دي البيت يا سليم .. قالها "على" بنبرة غاضبة ..
رد الاخر ببرد:
-والله انت سمعني وانا بقوله ميجيش تاني مش عايز حورات بقي..قالها وهو يلتقطت هاتفه ويختفي من أمامه متجهًا الي بابا الشقة..
هوا "على" علي المقعد وأخذ يبكي بقلة حيلة فحين رق قلب سجي وتقدمت منه وجثت علي ركبتيها وهي تقول ولأول مرة:
-بلاش تعيط يا بابا دموعك غالية أوي..
ماذا أقالت أبي ام أنه يتخيل ليقول بشك:
-أنتِ قولتي بابا مش كدا!!! قولتيها يا سجي صح .. انا مش بيتهيألي ولا بتخيل..
هزت رأسها بالأيجاب ودموعها تنهمر علي وجنتيها ليقوم "على" بأحتنضانها ويبكون الأثنان بكاء يعبر عن مدى أشتياقهما لبعض طوال السنين الماضية..فكم كان يحتاج الي ذلك الحضن .. فكم كانت هي تريد ذلك الشعور الأبوي التي لا طالما أنحرمت منه لتعيد الكلمة وكأنها تتلذذ بنطقها:
-بابا .. بابا.. ايوا بقولها وهفضل أقولها أنا بحبك أوي يا بابا.. أنا أسفة علي معاملتي ليك بس كنت خايف أتعود عليك ويحصل حاجة تبعدك عني تاني..
زاد من احتوائها بين أحضانه وهو يقول بشجن:
-مش هيبعدني عنكم بعد كدا غير الموت ..
وضعت يدها علي فمه وقالت بتسرع ولهفة :
-بعيد الشر عنك يا بابا..
-إيه بقي خلتوني أبكي حرام عليكم.. قالتها ريما وهي تتقدم وتجلس علي المقعد وتنظر له وكأنها تقول بنظرتها:
-مش قولتلك
هز رأسه لها وهو يقول في خلده:
اللهم لك الحمد والشكر يا رب..
________________$
كانت تجلس في حجرة الدراسة بوجهٍ يعتلي الألم فقد جاءتها الآلآمها الشهرية دون سابق إنذار فتلك الآلآلم تجعلها طريحة الفراش كانت تحسب لها وتستعد من قبل ولكن هذه المرة جاءتها باكرًا عن ميعادها..
جوليا بقلق:
-تعالي يا جودى نستئذان وأروحك..
ردت جودي بنبرة مختنوقة بألآلآمها:
-مش قادرة يا جوليا .. مش قادر أقف خالص..
زفرت جوليا بقلة حيلة وهي تقول:
-يا ربي مش عرفة أتصرف ازاي.. أنتِ شكلك تعبان أوي .. صمتت قليلًا ثم أستطرد:
-بصي أنا هنزل أجيب مسكن من الدكتور بتاع الاسكول وهجيلك بسرعة ماشى..
هزت الآخرى رأسها بالأيجاب وأسندت رأسها وذراعها الايسار علي المنضدة التي تجلس علي مقعدها وبذراعها الآيمن تربت علي موضع الآلآمها
خرجت جوليا سريعا والقلق بادي علي محياها لتصدم بأمجد في الردهة..
-إيه يا جوليا في حاجة ولا إيه.. قالها أمجد عندما تتطلع إليه وهي تخرج من الغرفة التي يدّرس فيها..
ردت جوليا بتعلثم وأرتباك:
-ها.. لا ..مفيش .. أصل جودي تعبانة شوية وأنا هروح أجيب لها مسكن من الدكتور عن أذنك.. قالتها وركضت سريعا لتختفي من أمامه..
مشي بخطآ سريع والقلق ينهش بقلبه دلف الي الحجرة وجدها تآن وتتأوي من التعب دَنْ منها بذعر وهو يقول بإضطراب:
-مالك يا جودي حاسة بأيه؟!
رافعت رأسها ليرى عينيها الباكية لترد بنبرة مخنوقة بآلم:
-مفيش يا مستر..
رد أمجد مستنكرًا
-مستر إيه يا جودي أحنا مفيش غيرنا في الكلاس..
-تعبانة شوية يا أمجد وجوليا هتجبلي مسكن..
نعم فقد تطورت العلاقة بينهما وأعترفا بإعجابهما لبعض آثناء محدثاتهما الدائمة علي مواقع التواصل..
-لا يا جودي تعالي هوديكِ أىّ مستشفي شكلك تعبانة أوى وأنا مش هستحمل أشوفك كدا..قالها أمجد وهو يحثها علي النهوض ..
لا تعرف ماذا تقول له كيف تخبره أن تلك الآلآم عادية بالنسبة لها..
-لا يا أمجد أنا أصلًا مش قادرة أتحرك..
رد بحنان:
-تعالي أشيلك طيب..
إبتسمت بضعف وهي تقول :
-بس بقي يا أمجد والله مش قادرة أضحك ال تشلني ال..
رد بأصرار:
-ما أنا مش هسيبك تعبانة كدا وأقف أتفرج..
ردت بخجل والحمرة أجتاحت وجهها:
-ده تعب عادي يا أمجد أفهم بقي أنا مش هروح في مكان..
لعن غباءه عندما واصله مقصدها .. ريثما هما يتحدثان دلفت جوليا لتري أمجد وهو يربت علي خصلات جودي بحنان وكأن تلك الحركة سوف تجعل الآلآمها تذهب ..
-خدي يا جودي المسكن ده .. قالتها جوليا وهي تنظر بدهشة لأمجد الذي تنحنحنا وأبتعدت عن جودي.. تناولت منها المسكن وأخذته سريعا لتقول جوليا:
-تعالي نستأذن ونمشي أسندي عليا.. قالتها وهي تقترب منها وتحثها علي النهوض ولكن التعب جعل من جسدها مرتخي ممن صعبا علي جوليا من سندها في ذلك الحين قام أمجد بسندها من الجهة الآخري وذهبوا الي المنزل جودي..
وقد أصر أمجد علي توصيلهما بسيارته.. بعد مدة من الوقت قد وصلوا الي ڤيلا رائد الدالي واستقبلته أريج بحفاوة وشكر علي ما فعله مع إبنتها..
ماذا لو عرفت أنه إبن أخيه لحازم؟؟؟؟
_____________$
في قصر الآلفي اجتمعوا علي مائدة الطعام وقد أصبعت شهيتهم تكاد تكون منعدمة بعد رحيل ديمة لينطق مصعب بتروي:
-ياريت الكل يجهز نفسه علشان نروح نخطب لياسين..
ردت ماسة مستنكرة:
-في الظروف اللي احنا فيا دي يا مصعب خلينا نأجل الموضوع شوية..
-لا يا ماسة مفيش حاجة هتتأجل .. كانت نبرته صارمة لا تحتمل النقاش لينصاعوا له جميعا دون الأعتراض..
_______________&
كان يفترش مضجعه وكأن ذلك الفراش بيه أشواك ليتقلب من الحين الي الآخر وقد جافه النوم..
لم أعدُ أحتملُ فذلك الأحساس يخنقُني حبكِ كالسهم السام المنغرز بقلبي ل يسرا ويتمدد في ثنايا قلبي وكل خلية تصرخ بأسمك "أعشقك يا قاهرة قلبي"
"أعشقك يا ديمة"