رواية ضراوة العشق الفصل السابع 7 بقلم دهب عطية
البارت السابع
في صباح اليوم الثاني وامام شركة
_ الاباصيري للدعاية والإعلان _ترجلت وعد من السيارة باناقة معتاد عليها جميع من في شركة
سارت بدخل الشركة وهي تخفي معظم ملامحها بنظارة سوداء أنيقه كانت ترتدي تنوره تصل لبعض الركبه بقليل تبرز نحافة قدميها وجمال خصرها الممشوق وكان عليها قميص من الستان عصري الشكل تخفي اطرافه بداخل التنوره لتبرز تفاصيلها أكثر، رفعت شعرها وهيئة اياه على شكل(ذيل حسان) ليلائم مكان العمل....
دلفت لمكانٍ به عدة مكاتب عصرية الشكل عليها أفضل الأجهزة المؤهله دوماً لإنهاء مشاريع العمل
الخاص بدعاية والاعلان ، هنا الكل مشغول بعمله والبعض يثرثر ككل يوم وهناك رجل وامراه
يحضرون قهوة الصباح امام المكينة الكهربائي ويتسامر الرجل بتافف عن روتين البارحة وممله
ككل يوم ...
أجواء مختلفه قليلاً يصحبها الهدوء والاسترخاء
رمقت الجميع وهي تقول بابتسامة أنيقة...
"صباح الخير ياجماعه..."
التفت لها الجميع وعلى وجوههم ابتسامة مجامله مردداً التحيه بوداعه معظمها مصطنع وهذا طبيعي
فهي ابنة رب العمل !...
"أخيراً جيتي ياوعد.... إيه عجبتك القعده في البيت.." صاحت نهى بتلك الكلمات وهي تقترب منها بعد ان عاد الجميع لمتابعة ما يفعله...
زفرت وعد وهي تسير لمكتبها الخاص وهي تقول بحنق...
"مقابلتك مش ماطمناني حصل حاجه في غيابي..."
كان السؤال طبيعي فـ(نهى) احد مساعدات وعد في عملها المخصصه به في شركة وهي أيضاً مديرة اعمالها في عملها كعارضات أزياء !...
وضعت وعد حقيبتها على مكتبها وهي تجلس على مقعداً وثير من الجلد البني خلف مكتبها الابنوسي ذو اللون البني الداكن....
جلست وهي تقول بتنهيدة راحه بعد ان استراحت على مقعدها...
"ارغي يانونا... انا سمعاكي..."
جلست نهى على المقعد مقابل لها يفصلهم المكتب
وقالت بانزعاج...
"قبل ماتكلم عن الشغل قوليلي عملتي إيه في الاشاعات اللي متصدره ترند على السوشيال ميديا ..."
كانت مغمضة العين وتسند رأسها على ظهر المقعد خلفها، مطت شفتيها بقلة حيله...
"هعمل أي يعني.... بكره تتنسي اول ماتظهر اخبار جديده لزمله... مش هيفضله مركزين معايا يعني..."
مطت نهى شفتيها بازعاج اكبر وهي تقول...
"لو كنتي سمعتي كلامي زمان وطولتي فترة الخطوبه.. يمكن مكنش حصل دا كله..."
"دا نصيبي مهما هربت منه!..." اعتدلت في جلستها قليلاً وهي تقول بفتور...
"بقولك إيه... انا كُنت خرجه من البيت ونفسي مسدوده ولا عايزه اكل ولا عايزه اشرب.. بس لم شوفتك جوعت فتعالي ناكل بقه وبلاش تنكدي عليه وهو بالمره تكلميني عن الشغل بدل حوارات الوم اللي على الصبح دي..."
ضحكت نهى وهي تقول بحماس...
"جتيلي على الجرح انا كمان هموت من الجوع اطلبلنا حاجه بقه ناكلها بسرعه اقبل ما مدير الشركه يجي ويرفضني..."
"مش هيرفضك لوحدك مانا معاكي..طالما دخلت الشركه دي يبقى انسى اني من العيله دي فانا مجرد موظفه زي زي الباقيين... "ضحكت بسخريه حينما تذكرت قوانين والدها من اول يوم عمل لها هنا
،ابنة صاحب العمل لكنها في العمل موظفه مثل الباقي وهناك عواقب من المدير ان اهملت العمل او خالفت الاومر حتى حصولها على مكتب خاص كان مجرد درع واقي لثروت الاباصيري امام اقاويل الموظفين من حولهم !...
ضحكت نهى تلك الفتاة الجميلة الأقرب لوعد بعد والدتها وهند ابنة عمها...كانت نهى ذو ملامح
طفولية شعر قصير جسد ممتلئ يتناغم مع قصر
طولها فهي تعشق الطعام بجميع انواعه وتكره تنمر
البعض على وزنها الزائد ولكنها لا تبالي تعشق الحياة
بجميع تفصيلها ، وهناك أصدقاء يتقبلونك كما انتَ!..
هتفت نهى وهي تتحسس بطنها بجوع....
"هتاكليني إيه بقه "
زمت وعد شفتيها وهي تفكر...
"اي رأيك نطلب سوشي..."
"يععع سمك ني على الصبح الله يقرفك....."
تذمرت وعد وهي تقول بطفوله..
"دا العشق دا وللهِ...."
مسكت نهى الهاتف وهي تطلب مطعم معين...
"انا هفطرك فطار ملوكي...."
ضيقت وعد عينيها بريبه وقالت...
"يارب مايكون اللي في بالي..."
ضحكت نهى وهي تقول...
"هوه فول وفلافل..وشوية مسقعه..وحبت مخلل..وعجه وعيش سخن اي رأيك في المليطه دي؟..."
نظرت وعد لسقف وهي تضحك بصدمه...
"منك لله يانهى هضطر اروح الجم اخر اليوم..."
رمقتها نهى بامتعاض...
"بس يامعصعصه...." ثم تهللت ملامحها بعدها بحماس عالٍ واضافة...
"بس تعرفي هتبقى فكره حلوه.... انا هاكل براحتي بقه واجي معاكي الجم..." فتح الخط فهتفت بحماس..
"عم جوده... انا نهى... ايوه عايزه الفطار بتاعي بس بقولك اعمل حساب تلاته...."
خبطت وعد بأستغراب على المكتب..
"مين التالت..."
اشارت نهى على نفسها وهي تكمل المكالمه..
إبتسمت وعد باستياء وهي تفتح احد التصميمات أمامها....
وعقلها مُنشغل به لم تراه منذ لليله امس...
أمس!!..
كلما فكرت فيما كان سيحدث بينهم تتورد وجنتيها بخجل وترتفع النبضات للسماء السبع ويصل للجسد رجفت شوق لا تعرف لها مثيل ، تشعر بمشاعر اشد قساوة على العقل والذ متعه على الجسد والقلب !..
"هاي...روحتي فين..." لوحت نهى بيدها امام اعين وعد الشاردة...
انتبهت لها وعد وهي تقول بهدوء...
"طلبتي الفطار..."
"ااه ربعايه وجاي..."
نظرت وعد الى ساعة معصمها وهي تقول بتردد...
"يارب نفطر قبل ما عمرو يجي....اصل لو جه هندخل
اجتماع على طول عشان هنتكلم في كذا حاجه تخص العروض الجديده وانا معايا كذا فكره وعايزه اعرضها عليه...."
هتفت نهى بتزمر...
"يستي بلاش توتريني...ان شاء الله هنخلص فطار قبل مايجي..."
نظرت وعد أمامها بتردد فكان في غرفة مكتبها جزء مكشوف للجميع نصف الحائط يغطى بزجاج شفاف يجعل معظم المرؤون على مكاتبهم ومكتب المدير يمرون اولاً على مكتبها المرئي للجميع ، هناك فقط خصوصية به ان انزلت تلك الستار الرول الخشبيّ !...
"ابقي فكريني انزل الـ Roller blinds (الستائر الدواره) لم يجي الفطار..."
هزت نهى رأسها بايجاب وهم يثرثران في أشياء عدة...
______________________________________
بعد مدة قصيرة كانوا ياكلون بشهية مفتوحة وهم يضحكان بقوة على بعض المواقف الشيقه والكوميدية التي حصلت في شركه عند غياب وعد تلك الفتره...
"وهب بنتنا ميار دخلت الاستديو وعمرو كان شغال تصوير تقوم تعدل النضاره اللي بتشوف من غيرها احسن.... وتيجي تقدم العصير للموديل توقعه كله
عليها...والغريبه بدل ماتعتذر للموديل عمال تتاسف للعمرو....."
ضحكت وعد بقوة من قلبها وهي تلتهم الشطيرة بجوع...
"بتهزري هي مش شايفه بجد من النضاره...."
التهمت هي الأخرى الشطيره وهي تتحدث هذه
المره بجدية...
"يابنتي نضاره كبيره وكل ماقولها غيريها ياميار...تقول كلام غريب كده وكاني بقولها البسي بدلة رقص...."
تحدثت وعد بتأثر...
"على فكره هي غلبانه وفكرها على قدها... كويس انها لحد دلوقتي معانا في شركه..."
"هي فعلاً غلبانه اوي... بس غلب بهبل الناس اللي زي دي متعرفيش تحبيهم ولا تتخنقي منهم بتبقي ما بين البنين...." حركت كف يدها يميناً ويساراً بحيره...
"تاخدي مخلل بتنجان..." مدت نهى لها واحده.. ضحكت وعد بسخريه على نفسها...
"مفيش موديل بتاكل مخلل...."
ضحكت نهى عليها وقالت
"ولا عجه وحياتك..."
التهمت وعد الشطيرة وهتفت بتلذذ...
"طب أعمل إيه يانونا... عودتيني على اكل الشارع.. بقولك إيه ابقي اديني رقم المطعم ده يمكن اعملها من غيرك..."
صاحت نهى باستنكار...
"ادبحك... كله الا الاكل ااه..."
على الناحية الأخرى حضر (عمرو) للشركه وهو بكامل وسامته بحُله رسمية عصرية الشكل شعره مرتب
بتسريحة المعتادة ، الجاذبيّة حقاً وضعت في مكانها المظبوط على هيئه هذا الرجل الانيق..
"عمرو بيه..."
توقف عمرو بعد ان تنهد بقلة صبر...
"اهلاً ياميار..."
وقفت تلك الفتاة البسيطة محدودة التفكير والتصرف وهي تقول بلطف...
"انا اسفه على اللي حصل بجد في مشكله عندي في نظر..." عدلت نظارة النظر الكبيره التي لا تلائم إياها وتزيد من حماقات الموقف أكثر لديها...
اجابها بملل...
"هو المشكله مش بس في نظر المشكله في نضاره دي... متغيريها وريحي نفسك...."
صاحت الفتاة برفض امام وجهه ...
"لا طبعاً لا يمكن اغير حاجه فيه... عشان حضرتك او غيرك... انا جايه اشتغل مش جاي اتمرقع ياستاذ..."
"ميار...."
توترت وهي ترد عليه بصوت خافض...
"نعم.. ياستاذ عمرو..."
رمقها بنظره مُخيفه...
"اتفضلي على مكتبك....."
اومات له وهي تذهب من أمامه..
تنهد وهو يهز راسه بسأم فتلك الشركة تحتوي على بعض الشخصيات الذي لم يرى ابداً نسخه منهم في شركته في فرنسا....
تقدم خطوتين فسمع صوت احد الموظفين الرجال قادم عليه وهو يتحدث في عرض خاص لدعاية
عن أحد المنتجات عبر الإنترنت....
بعد ان اضاف عمرو بعد الملاحظات علق بعمليه...
"ماشي ياطارق...اعمل بس اللي قولتلك عليه وكل حاجه هتمشي زي ماحنا عايزين..."
كل تلك الأشياء بعد دخوله في شركة بخطوتين هل حين يصل لمكتبه سيرى احتجاج الموظفين
على من يدخل قبل الآخر !...
مط شفتيه وهو يسير في الرواق مستعد ليوم حافل بالعمل المتراكم والذي لا ينتهي....
سمع أصوات ضحك انثوي تاتي من غرفة يمر عليها فالتفت بتلقائيه على نوافذ الغرفة الزجاجية المرئيه أمامه..
رفع حاجبيه بدهشه وهو يراها لأول مره تضحك بقوة وتتحدث بمرح وبدون تكلف تأكل بشهية مفتوحة تجعل الناظر لها يشتهي تلك الشفاه
الحمراء المبتسمة لا بل يشتهي كل شيء في تلك المرأه ذو الوردة الحمراء....
سيطر على تلك المشاعر وهو يحفز نفسه ان ما تفعله هنا غير ملائم وان سمعها احد من الموظفين المرؤون بجوار مكتبها ماذا سيقول عنها...
يكفي تلك الاشاعات السخيفة التي تخرج عليه وعليها هل كل مايحدث حولها امراً عادياً... وهل تجربة الطلاق شيءٍ سهل نسيانه لتتعامل بكل تلك البساطة مع الجميع....
يصعب عليه فهم نفسه..
البارحه كان حزين انها تتظاهر بالتعافي من تلك التجربه واصر عليها أيضاً ان تشاركه هو وشقيقته
أمسيتهم
واليوم يشعر انها سعيدة ومقبله على الحياة وتحاول النهوض من تلك التجربه القاسيه وعدم الاكتراث للنظر خلفها
هل منزعج لقوتها في نسيان الاحزان.... ام يحقد عليها لتلك الميزة... او ان حبه لها يختلف عن حبها لزوجها النذل.... ام ان المواقف تُخلق حواجز وكره للأحباب ، وان كانت هكذا لمَ لم تُخلق داخله تلك الحواجز هل خُلق عكس البشر؟؟؟؟...
نفض هجومه على نفسه وركز على نقطة تعنيف إياها بكلمات حتى لا تتجرأ وتفعل تلك الأشياء السخيفه هنا
وهذا امراً يسهل فعله فهو معه جميع الصلاحيات
فهو مكان المدير الان !!!!...
لج لدخل بدون استئذان وهو يرمقهم بنظره عنيفة مُخيفة...
نهضت نهى بخوف وهي تمسك الشطيره بين يدها وقبل ان تتركها قطمة منها قطعه ثم تركتها بشفقه وهي تعرف ان كل مافيها من صفات لذيذه وطعم شهي سيلقي في سلة القمامه قبل ان يتم رفضها من عملها؟؟..
كانت وعد في هذا الوقت قد بدأت بشرب الشاي الأخضر الساخن الموضوع امامها منذ فترة...
نهضت وعد وهي تبلل شفتيها بهدوء
"عمرو.... اا.. ..."
تحدث بتهكم خشن...
"مين سمح ليكم تاكله على المكتب هنا...."
نظرت نهى لوعد والاخرى بادلتها الأمر بحنق فهي تكره تلك المعامله التي لا تخرج إلا من رجال الاباصيري...
ردت عليه وعد بخفوت لا يخلو من المقت من سؤاله
"يعني احنا كنا جعانين والوقت كان بدري..."
رد بستهانة من تبريرها الاعوج...
"بدري ولا متاخر.. مش في كفتريا جمب الشركه وكل الموظفين بيروحو يفطره فيها ولا انا غايب بقالي كتير... مع إني بقالي شهر وبشوف نفس الروتين اللي كان بيحصل من سنتين..."
بللت وعد شفتيها وهي تنظر له بحرج من معاملته التي تلائم تعامل والدها معها في اخطاء مثل تلك...
نظر لطعام الموضوع على المكتب الفخم وهو يرمقه باستهجان..
"واي ده كمان.... بترمرمه من الشارع..."
صاحت نهى بقنوط...
"رمرمه اي بس.. دا فول وفلافل وعجه ومخلل من عند جوده انضف واحد ممكن تاكل من أيده..."
نظر لوعد بتبرم...
"عجه ومخلل......"
اسلبت وعد عينيها في الأرض بحرج اكبر وهي بداخلها تدعي على صديقتها فتلك ثاني تجربه لهذا الطعام الشهي باستثناء تلك الحوادق التي لا تفضلها !...
اشار لنهى بأمر خشن..
"خمس دقايق وملقيش حاجه على المكتب..." ثم اشار الى وعد بغطرسة... "وانتي ياوعد هانم.... تعالي على مكتبي...وهاتي ملف التصميمات معاكي... "
خرج من المكتب سريعاً تبعته وعد ولكن قبل ان تخرج التقطت شطرية من على المكتب و
وضعتها في يد نهى وهي تقول بتشنج...
"عجه ومخلل من عند جوده...كلي كلي يافضحاني..."
ضحكت نهى عليها وهي تكمل طعامها بتلذذ...
______________________________________
مررت يدها على ذيل شعرها المتدلي واعدلت ثوبها أكثر بعد ان غسلت يديها وعطرة فمها....خرجت من مرحاض الشركه وهي تتوجه لمكتب عمرو...
طرقت على الباب عدة مرات قبل ان تدلف لداخل...
اجواء الشركه مختلفه والمعاملة هنا اكيد ستكون كالقائد والجندي...
دروس تتذكرها من والدها ليزيد تحفزها من رجال الاباصيري!...
رفعت عينيها لتجده يقف عند نوافذ المكتب الزجاجيه ويطلع على المكان من حوله...
تنحنحت وهي تنظر له قائلة بجدية...
"الملف ده في تصميمات كُنت مجهزاها عشان اوريها
لثروت الاباصيري وبما انه مش موجود وانتَ مكانه فياريت تشوفهم وتقولي رأيك ولو في اي ملاحظات عليهم ..."
لم يستدر لها بل قال بامر ناهي..
"اللي حصل في شركه دا....ميتكررش تاني..دا اول وآخر إنذار ليكي...."
احتقن وجهها بالغضب وكانها موظفه عاديه هنا لا تعمل في املكها أيضاً مثله، نعم حصته اكبر لأنه رجل لكن لديها حصه أيضاً اتصرخ في وجهه ام تتعامل بتحفز بارد كما تفعل مع والدها....
"ايه سكته ليه مش عجبك الكلام..."
برمت شفتيها بحنق فهو لا يزال يولي ظهره لها...
"لا عندك حق... مش هيتكرر تاني... اوك..."
التفت له والقى عليها نظره بارده قبل ان يجلس على مكتبه ويشير لها ان تتقدم...
"وريني التصميمات دي...."تقدمة منه بقلة صبر ووقفت بجواره وهي تنحني قليلاً عليه وهي تقول..
"دا تصميم لشركة(...)هما طلبو حاجه زي دي وانا حولت اخلي الألوان ورسمه عصرية شويه ودي لشركة....."
سمع صوتها الجاد يتلجلج في أذنيه بنغمه أخرى،يبدو عليها الانزعاج من غطرسته عليها لكن رغم ذلك تكمل وتستمر..
هو لم يتفاجأ يوما من تلك الصفه فهي بها الاصرار والعند وتشبك بما تريد حتى ان عارضها الجميع ستنال ما تريد...
تلك الصفه كان يظن انها الأفضل بها،لكن بعد ما حدث بالماضي يراها الاسوء بها بل العن من
وسوسة الشيطان لها...
رفع عينيه عليها وهي تتكا على مكتبه وعينيها على الملف باهتمام لاحت منه نظره على عنقها وتلك الوشمة المُثيره به..
بلع ريقه وهو يتذكر ضعفه امام جمالها وعنادها الذي يجعله كالمجنون يريد تذوق جزءاً منها ليخلده في ذاكرته مثل قبلتهم الاولى التي لا تمحى من عقله كلما نظر لها ودقق في شفتيها وهي تتكلم...
يرى نفسه مراهق امام تلك الأفكار ليس ناضج بما يكفي لينساها بأخرى لمَ لا يجرب هذا الحل من المؤكد سيفلح وتنتهي تلك الضراوة مع هذا العشق المعطوب للأبد...
رفعت وعد عينيها عليه بتردد فوجدته يحدج في وشمها بشرود تنحنحت بحرج وهي تستقيم اكثر
في وقفتها...
"عمرو انتَ معايا...."
هز رأسه بفتور وكانه لم يشرد منذ ثواني بها
وكانتى عيناه تتابع سؤالها بجرأه ولم يحيد عنها حتى بعد ان قال...
"معاكي...هروح فين يعني...وريني التصميم اللي في الصفحه التانيه..."
رمقته بدهشه...
"وقفه كدا ليه... وريني اخر ورقه...عشان عندي تصوير كمان عشر دقايق..."
فاقت من دهشتها على تلك الجدية الصلبه ثم
ابعدت عينيها عنه بحرج وهي تتابع ماكانت تقوله
بصوت مهزوز قليلاً، وهو كان يتابع معها بين الحين والآخر ولا مانع من رؤية تلك الوشمة الحمراء عن قرب !!...
______________________________________
بعد عدة ساعات من الاعمال على هذا الحسوب أمامها...
تركت كل شيء وهي تريح ظهرها للخلف بتعب وزفرت بارهاق وهي تدلك رقبتها بازعاج
فتلك الجلسه الاسواء بنسبة لها...
مطت شفتيها وهي ترفع المرآة الصغيرة التي تحتفظ بها في حقيبتها نظرت بها وهي تتفقد ملامحها وتسريحة شعرها نظرت لوشمها البارز بطريقة مغريه
فلاحت منها بسمة زهو انثوي تخلق في لحظة عند اي أمرأه تعجب بنفسها !...
طرق خفيف على باب مكتبها جعلها تضع المراة بجوارها وهي تتنحنح بجدية...
"احم... ادخل..."
دلف احد الموظفين ويدعى طارق.... وسيم الشكل لبق الكلام ومهذب التصرفات....
ابتسم طارق وهو يدلف...
"سلام عليكم...يامدام وعد..."
ردت التحيه بابتسامة وهي تمد يدها له بالجلوس..
"اتفضل ياطارق....تشرب إيه..."
توسعت ابتسامته بحرج...
"لا شكراً...انا جاي بس لحضرتك عشان استشيرك في حاجه كده تخص فكرة الدعايه الجديده لشركة (..)انا ضفت حاجات طلبها مني الأستاذ عمرو...وطبعاً عايز اوريهالك قبل مايشوفها يعني استفاد من خبرتك في
النقطه دي...لان دي اول دعايه امسكها من ساعات ما تحطيت تحت التدريب..."
ابتسمت وعد ببشاشه وهي تقول ببساطة...
"تمام...مفيش مشكله هات الملف..."
مد يده بالملف لها اخذته منه وبدات تتفحصه بهدوء أنيق!..
وقفت عند شيء معين فنادت إياها بذات الهدوء الفاتن...
"طب طارق تعالى كده ثواني .."
إقترب منها ووقف بجوارها وهو يرى تلك الأشياء التي تستفسر عنها بدء يركز معها ويشرح لها عدة أشياء تارة تهز راسها بتفهم وتارة تبتسم
بحرج من عدم استيعاب شرحه السريع المتوتر....
هذا المشهد بكل تفصيله رآه وهو على وشك الذهاب
من الشركه بعد روتين الأعمال المتراكمة...
من خلال هذا الزجاج الكاشف لغرفة مكتبها رأى بوضوح تلك المسخرة المقام به...
من اي شيءً خُلقت تلك المراه لتتلاعب وتغير الرجال
مثل جوارب قدميها وفي نهايه ترتدي أمامه قناع
البراءه!...
رفعت وعد رمديتاها على النافذه بفتور فوجدته أمامها ينظر لها باحتقار واضح وكانه رأها في
وضع مُخل!...
اسلبت وعد عينيها ولم تهتم بنظراته الحادة واكملت ما تفعل ،جعلته من الخارج يشتعل غضباً كادَ ان يكسر المكتب عليها وعلى هذا الأحمق المتعرق بجوارها ولكنه تماسك واكمل مساره وهو يكاد يحفر
الأرض بقدميه من شدة عصبيته ..
دلف مرأب السيارات بالشركه وجلس بسيارته وهو يخبط على عجلت القيادة بغضب...
"ضحك ومسخره وقلة آدب... ولا كان في نصايب بتحصل حولينا بسبب الهانم....." زمجر بحده..
"الهانم سيقاها علينا وديره على حل شعره..." تعرق وجهه وتعالت أنفاسه وهو ينظر امامه مُنتظر ظهورها....
بعد نصف ساعة لجت للمرأب بخطوات انثويه رنانه بسبب حذائها العالي....
خطوتين فقط ووجدت من يجذبها ويصدم ظهرها في عمود صلب....كادت ان تصرخ ولكن وجدته يضع يده على فمها وهو يقول بنبره مهيبه...
"هششش....مش عايز نفس يطلع منك..."
توسعت عينيها وهي تنظر له بصدمه، ابعد هو يده عن فمها ورمقها باحتقار...
"انتَ إي اللي بتعمله ده...في إيه بظبط... وبعدين انت ليه مروحتش لحد دلوقت... "
"مستنيكي يابرنسيسه..."القى عليها نظرة احتقار...
نظرت له بضيق وتعالي وكان لا يفصل بينهم شيء..
"مستنيني ليه.....انا معايا عربيه..."
قال بقسوة وشك...
"وماله اطمن إنك هتركبي عربيتك مش هتركبي عربية حد تاني..."
ضيقت عينيها وهي تنظر له بشك اكبر...
"حد تاني زي مين بظبط... تقصد إيه..."
هتف باتهام مُهين...
"اقصد طارق... هو كان لازق فيكي ليه صحيح.... آآه اكيد كنتو بتشتغلو بس عن قرب..."
"انتَ بتقول إيه انتَ جرا لعقلك حاجه.... انا ماشيه.." كادت ان تمر من جواره ولكنه حاصرها بين هذا العمود وهو يقول بتهكم...
"إيه متخليكي ولا قعدتي نشفه عليكي.. بتحبي القعدات الطريه انتي اللي فيها لمس وتحسيس.." مرر أصابعه على عنقها وكادَ ان يهبط لصدرها البارز ولكنها ابعدت يده العابثة بقوة وهي تقول...
"ابعد أيدك عني إيه القرف اللي انتَ بتعمله ده.. وازي تكلمني بطريقه دي انتَ مفكرني واحده من الشارع
ولا واحده من اللي انت تعرفهم..."
صرخ في وجهها باهانة لاذعة...
"اللي انا اعرفهم انضف منك ولا نسيتي اللي عملتيه زمان..."
نظرت له بألم وهي ترمقه بتقزز وكره يتزايد..
"زيك زي ثروت الاباصيري شبه بعض اوي..."
برم شفتيه بستهزء...
"ياريتك طلعتي زينا..."
"ميشرفنيش اطلع زيكم..." رمقته وهي تتابع بكره واضح..
"هطلع زي مين زي واحد مش قادر يعمل اي حاجه مع بنته غير ان يهنها ويقل منها ويكسر نِفسها قدام اي حد وكل ده عشان إيه... عشان مطلعتش ولد
جت بنت في يبقى ذنبها انها تكمل حياتها مكسورة النفس ومكروهه من ابوها اللي مش عايزها أصلا في حياته بس عشان هي ست مش راجل... في تخلف ورجعيه اكتر من كده...." نزلت دموعها وهي تهتف
بكره اكبر...
"ولا اطلع زيك...واحد عايش دور الضحيه طول الوقت مش قادر يستوعب ان الخيانه تنطبق بس على اتنين بيتبدله نفس الشعور سوا.... مش واحده
عايشه في حياتك مستنيه حبك ليها وانتَ مش شايفها أصلاً جمبك.... جاي تلومني تمام... لومني... بس لوم نفسك انتَ كمان لم بعدت وانتَ عارف انك محطتش طوبه واحده تديني امل ان ممكن يكون في بينا مشاعر ... لوم عمك اللي خلاني احتاج لوجود راجل حنين في حياتي يعوضني قسوة قلبه عليه ... لوم صاحبك اللي معرفش يوصلي غير عن طريقك انتَ.... لوم الظروف اللي مقدرتش تجمعنا زمان... لوم الحب اللي ماتكتبش علينا ... "
نظر لها وهو يترجم كل تلك الجُمل المتلاحقه ببعضها .... نظرت الكره نحوه تنبع من اعماق عينيها تكرهه لتلك الدرجه ترى انه لم يعطيها أمل...
هل نسيت اهتمامه وقربه منها تنسى وجوده الدائم معها في فترات حياتها ، ترى انه المخطأ وهو سبب كل شيء وماذا عنها ؟؟ هل تلك الترهات تشفع لها
الخيانة خيانه مهم كانت الأسباب... كانت ترتدي خاتم الخطبة وتذهب لتقيم ليلتها في حضن صديقه
على الفراش... وحين كشف امرها كانت مصارحتها
بذيئه وفي منتهى الوقاحه وهي تعترف بحبها
لرجلاً اخر وهي معه
هل تلك الكلمات ستشفع شيءً مما حدث، غبية
ان فكرت أنني ساغفر لها بل وسانسى
الماضي بأكمله بل وممكن ان نعيد الود وننعش
عشقاً المعطوب ...
مسحت وعد دموعها بظهر يدها وهي تقول
بصوت مبحوح...
"بعد اذنك...عديني خليني امشي..."
مد يده في جيب سترته واخرج منديلاً ورقي لها وقدمه بدون كلمه...
ضربت يده بعصبية وهي تصرخ في وجهه بتشنج..
"مش عايزه حاجه منك...سبني في حالي بقه..وكفايه كده..."ضربته في صدره بعصبية مفرطه..
لم يتحرك وظل يرمقها بوجهه الحجري الذي لا يبث اي تعبير....ثم سريعاً رفع وجهها بيده بقوة مجبر اياها على النظر له....
اغمضت عينيها بخوف مهزوز وشهقات بكاءها تتزايد..
"كفايه عياط..."قالها وهو يسمح وجهها المبلل من الدموع...
فتحت عينيها وهي تقول من بين اسنانها بتشنج ناقم..
"بكرهك ياعمرو...بكرهك..."
بدالها نظرة الضعف بصلابه بارده وهو يضع المنديل مره اخرى في جيبه ثم رد عليها بنبرة عادية..
"وانا مكرهتش في حياتي قدك..."
ابتعد عنها واعطى لها مسافة للابتعاد وفعلاً سارت مبتعده عنه باتجاه سيارتها لكنه اوقفها بصوته
الرخيم وهو يقول بتوعد...
"مصيره هيجي اليوم اللي كل واحد فينا يقف فيه مكان التاني...."
بلعت ريقها بخوف من ضراوة هذا التوعد وداخلها جزء يخشى حدوث هذا... وجزء يرفض وقوعها
ضحية لانتقامه المريض !...
صعدت السيارة وهي مشتتة التفكير ، فانا كان سيوقعها بطريقة العشق والكلام المعسول فهو أحمق
كبير قد فعلتها مره وتعلمت الدرس ولن تعيد الكره
وان كان الانتقام عن طريق شيءً اخر فماذا
سيكون ياترى؟؟...
هل حقاً يتوعد لها بتدبير مكيدة تقتل اي ذرة حياة بداخلها ،ام ان الحديث كان وقت ذروة غضبه
وتوهج نيران كرهه نحوها....
حركت محرك السيارة وانطلقت بها وعقلها يعصف بالكثير وعيناها تذرف الاكثر!....
نظر لسيارتها التي اختفت عن مرمى عينيه الثاقبة والذي لا تبشر بالخير فمن الواضح انه قد بلغ العشق
ضراوة غريزيه وها قد احتدت طبول الحرب !..
_____________________________________
ساعات من السهر في الخارج في مكانه المفضل امام
النيل العذب ذو العذوبية الذائبه للعين والحزن الطاغي عليه بقصص كثيره قد قصها عليه الكثيرون قبله..
نظر له بحيرة فهذا الوصف يشبهه....
قد تحلى بالهدوء لسنوات واخفى مشاعره عن الجميع حتى ياتي اليوم الموعود بالمصراحه..
هل كان متردد من تفوه بمشاعره لها؟خشى ان
تبتعد او لا تتقبل حبه ..
يعلم ان الثقه بينهم كانت محدوده واليوم وبعد كل شيء صارت معدومه،وتلك العلاقات التي تنتزع
منها الثقه تكن كورقة بدون غضن !....
تنهد وهو يخرج دخانه الرمادي بحنق من بين شفتيه....
الى متى سيظل يعيش فتلك الحلقه
الكئيبه ألا يكتفي بعامان واكثر ألا يظن انه قد
حان الوقت لرؤية نفسه واشباع رغباته كارجل،
هل سيظل تارك العمر يمر امامه وهو لا يتوقف عن التفكير بها وبخيانته له؟؟
يقف دوماً عند هذا السؤال ولا يعرف الاجابه الصائبه للهروب....
لكن ضراوة الانتقام تلح بقوة عن اخذ ثاره منها هل مقياس جرحها سيشكل فارق معه...ممكن ان يشفي
غليله ويشفى عقدة المرض بعشقها؟..
وهل هو ممثل بارع للدخول في تلك المسرحية السخيفه معها....
نفى الفكره فشيطانه يلح بقوة باللعب معها بمنتهى الدنئه مثلما فعلت سابقاً......
تافف بحنق وهو يمد يده في جيبه ليخرج هاتفه منه لكن وقع منه شيءٍ في الارض مد يده لياخذ هذا المنديل الرطب عليه آثار نقاط من الماء...
هذا المنديل الذي جفف به دموعها عنوة عنها....
ابتسم بنقم وهو يتفحصه يرى تلك الدموع زائفه
حتى تبريرها له كان فشل بمقدار كبير فهي
كانت تقلب الموازين لتجعل نفسها ضحية قساوتهم عليها ياللها من غبيه...
مسك قدحته وقربها من هذا المنديل ليشتعل سريعاً بين يده فنظر لنيران من خلاله فكانت باردة تاكل
اجزائه لكن بخبث غريب !...
يود ان يفعلها يوماً مع صاحبة الدموع الكاذبه
لكنه لا يماثلها في خبثها ...
اتجه لسيارته بعد تعب وساعات من السهر متوجه الى قصر الاباصيري.....
بعد دقائق معدودة عاد للمنزل وصعد سلالم القصر متوجه الى غرفته في ذات الطابق لكنه تسمر حين جذب نظره خط الضوء الذي يظهر من اسفل عقب بابها......
رفع حاجبه باستغراب وهو ينظر في ساعة معصمه قد كانت تخطت التانية عشر...لماذا مستيقظه لهذا الوقت اليس لديها عمل صباحاً...
مط شفتيه وهو يستدير ليذهب لغرفته بعدم إهتمام
ولكنه توقف فجأه حين سمع صوت رجولي رخيم ياتي من غرفتها ..
عقد حاجبيه بشك وقد عصفت الأفكار السوداء في عقله وتهجمة ملامحه بمقت واضح وهو يتجه نحو
الباب واضع يده على المقبض بمنتهى العصبية المفرطة....
...يتبع
في صباح اليوم الثاني وامام شركة
_ الاباصيري للدعاية والإعلان _ترجلت وعد من السيارة باناقة معتاد عليها جميع من في شركة
سارت بدخل الشركة وهي تخفي معظم ملامحها بنظارة سوداء أنيقه كانت ترتدي تنوره تصل لبعض الركبه بقليل تبرز نحافة قدميها وجمال خصرها الممشوق وكان عليها قميص من الستان عصري الشكل تخفي اطرافه بداخل التنوره لتبرز تفاصيلها أكثر، رفعت شعرها وهيئة اياه على شكل(ذيل حسان) ليلائم مكان العمل....
دلفت لمكانٍ به عدة مكاتب عصرية الشكل عليها أفضل الأجهزة المؤهله دوماً لإنهاء مشاريع العمل
الخاص بدعاية والاعلان ، هنا الكل مشغول بعمله والبعض يثرثر ككل يوم وهناك رجل وامراه
يحضرون قهوة الصباح امام المكينة الكهربائي ويتسامر الرجل بتافف عن روتين البارحة وممله
ككل يوم ...
أجواء مختلفه قليلاً يصحبها الهدوء والاسترخاء
رمقت الجميع وهي تقول بابتسامة أنيقة...
"صباح الخير ياجماعه..."
التفت لها الجميع وعلى وجوههم ابتسامة مجامله مردداً التحيه بوداعه معظمها مصطنع وهذا طبيعي
فهي ابنة رب العمل !...
"أخيراً جيتي ياوعد.... إيه عجبتك القعده في البيت.." صاحت نهى بتلك الكلمات وهي تقترب منها بعد ان عاد الجميع لمتابعة ما يفعله...
زفرت وعد وهي تسير لمكتبها الخاص وهي تقول بحنق...
"مقابلتك مش ماطمناني حصل حاجه في غيابي..."
كان السؤال طبيعي فـ(نهى) احد مساعدات وعد في عملها المخصصه به في شركة وهي أيضاً مديرة اعمالها في عملها كعارضات أزياء !...
وضعت وعد حقيبتها على مكتبها وهي تجلس على مقعداً وثير من الجلد البني خلف مكتبها الابنوسي ذو اللون البني الداكن....
جلست وهي تقول بتنهيدة راحه بعد ان استراحت على مقعدها...
"ارغي يانونا... انا سمعاكي..."
جلست نهى على المقعد مقابل لها يفصلهم المكتب
وقالت بانزعاج...
"قبل ماتكلم عن الشغل قوليلي عملتي إيه في الاشاعات اللي متصدره ترند على السوشيال ميديا ..."
كانت مغمضة العين وتسند رأسها على ظهر المقعد خلفها، مطت شفتيها بقلة حيله...
"هعمل أي يعني.... بكره تتنسي اول ماتظهر اخبار جديده لزمله... مش هيفضله مركزين معايا يعني..."
مطت نهى شفتيها بازعاج اكبر وهي تقول...
"لو كنتي سمعتي كلامي زمان وطولتي فترة الخطوبه.. يمكن مكنش حصل دا كله..."
"دا نصيبي مهما هربت منه!..." اعتدلت في جلستها قليلاً وهي تقول بفتور...
"بقولك إيه... انا كُنت خرجه من البيت ونفسي مسدوده ولا عايزه اكل ولا عايزه اشرب.. بس لم شوفتك جوعت فتعالي ناكل بقه وبلاش تنكدي عليه وهو بالمره تكلميني عن الشغل بدل حوارات الوم اللي على الصبح دي..."
ضحكت نهى وهي تقول بحماس...
"جتيلي على الجرح انا كمان هموت من الجوع اطلبلنا حاجه بقه ناكلها بسرعه اقبل ما مدير الشركه يجي ويرفضني..."
"مش هيرفضك لوحدك مانا معاكي..طالما دخلت الشركه دي يبقى انسى اني من العيله دي فانا مجرد موظفه زي زي الباقيين... "ضحكت بسخريه حينما تذكرت قوانين والدها من اول يوم عمل لها هنا
،ابنة صاحب العمل لكنها في العمل موظفه مثل الباقي وهناك عواقب من المدير ان اهملت العمل او خالفت الاومر حتى حصولها على مكتب خاص كان مجرد درع واقي لثروت الاباصيري امام اقاويل الموظفين من حولهم !...
ضحكت نهى تلك الفتاة الجميلة الأقرب لوعد بعد والدتها وهند ابنة عمها...كانت نهى ذو ملامح
طفولية شعر قصير جسد ممتلئ يتناغم مع قصر
طولها فهي تعشق الطعام بجميع انواعه وتكره تنمر
البعض على وزنها الزائد ولكنها لا تبالي تعشق الحياة
بجميع تفصيلها ، وهناك أصدقاء يتقبلونك كما انتَ!..
هتفت نهى وهي تتحسس بطنها بجوع....
"هتاكليني إيه بقه "
زمت وعد شفتيها وهي تفكر...
"اي رأيك نطلب سوشي..."
"يععع سمك ني على الصبح الله يقرفك....."
تذمرت وعد وهي تقول بطفوله..
"دا العشق دا وللهِ...."
مسكت نهى الهاتف وهي تطلب مطعم معين...
"انا هفطرك فطار ملوكي...."
ضيقت وعد عينيها بريبه وقالت...
"يارب مايكون اللي في بالي..."
ضحكت نهى وهي تقول...
"هوه فول وفلافل..وشوية مسقعه..وحبت مخلل..وعجه وعيش سخن اي رأيك في المليطه دي؟..."
نظرت وعد لسقف وهي تضحك بصدمه...
"منك لله يانهى هضطر اروح الجم اخر اليوم..."
رمقتها نهى بامتعاض...
"بس يامعصعصه...." ثم تهللت ملامحها بعدها بحماس عالٍ واضافة...
"بس تعرفي هتبقى فكره حلوه.... انا هاكل براحتي بقه واجي معاكي الجم..." فتح الخط فهتفت بحماس..
"عم جوده... انا نهى... ايوه عايزه الفطار بتاعي بس بقولك اعمل حساب تلاته...."
خبطت وعد بأستغراب على المكتب..
"مين التالت..."
اشارت نهى على نفسها وهي تكمل المكالمه..
إبتسمت وعد باستياء وهي تفتح احد التصميمات أمامها....
وعقلها مُنشغل به لم تراه منذ لليله امس...
أمس!!..
كلما فكرت فيما كان سيحدث بينهم تتورد وجنتيها بخجل وترتفع النبضات للسماء السبع ويصل للجسد رجفت شوق لا تعرف لها مثيل ، تشعر بمشاعر اشد قساوة على العقل والذ متعه على الجسد والقلب !..
"هاي...روحتي فين..." لوحت نهى بيدها امام اعين وعد الشاردة...
انتبهت لها وعد وهي تقول بهدوء...
"طلبتي الفطار..."
"ااه ربعايه وجاي..."
نظرت وعد الى ساعة معصمها وهي تقول بتردد...
"يارب نفطر قبل ما عمرو يجي....اصل لو جه هندخل
اجتماع على طول عشان هنتكلم في كذا حاجه تخص العروض الجديده وانا معايا كذا فكره وعايزه اعرضها عليه...."
هتفت نهى بتزمر...
"يستي بلاش توتريني...ان شاء الله هنخلص فطار قبل مايجي..."
نظرت وعد أمامها بتردد فكان في غرفة مكتبها جزء مكشوف للجميع نصف الحائط يغطى بزجاج شفاف يجعل معظم المرؤون على مكاتبهم ومكتب المدير يمرون اولاً على مكتبها المرئي للجميع ، هناك فقط خصوصية به ان انزلت تلك الستار الرول الخشبيّ !...
"ابقي فكريني انزل الـ Roller blinds (الستائر الدواره) لم يجي الفطار..."
هزت نهى رأسها بايجاب وهم يثرثران في أشياء عدة...
______________________________________
بعد مدة قصيرة كانوا ياكلون بشهية مفتوحة وهم يضحكان بقوة على بعض المواقف الشيقه والكوميدية التي حصلت في شركه عند غياب وعد تلك الفتره...
"وهب بنتنا ميار دخلت الاستديو وعمرو كان شغال تصوير تقوم تعدل النضاره اللي بتشوف من غيرها احسن.... وتيجي تقدم العصير للموديل توقعه كله
عليها...والغريبه بدل ماتعتذر للموديل عمال تتاسف للعمرو....."
ضحكت وعد بقوة من قلبها وهي تلتهم الشطيرة بجوع...
"بتهزري هي مش شايفه بجد من النضاره...."
التهمت هي الأخرى الشطيره وهي تتحدث هذه
المره بجدية...
"يابنتي نضاره كبيره وكل ماقولها غيريها ياميار...تقول كلام غريب كده وكاني بقولها البسي بدلة رقص...."
تحدثت وعد بتأثر...
"على فكره هي غلبانه وفكرها على قدها... كويس انها لحد دلوقتي معانا في شركه..."
"هي فعلاً غلبانه اوي... بس غلب بهبل الناس اللي زي دي متعرفيش تحبيهم ولا تتخنقي منهم بتبقي ما بين البنين...." حركت كف يدها يميناً ويساراً بحيره...
"تاخدي مخلل بتنجان..." مدت نهى لها واحده.. ضحكت وعد بسخريه على نفسها...
"مفيش موديل بتاكل مخلل...."
ضحكت نهى عليها وقالت
"ولا عجه وحياتك..."
التهمت وعد الشطيرة وهتفت بتلذذ...
"طب أعمل إيه يانونا... عودتيني على اكل الشارع.. بقولك إيه ابقي اديني رقم المطعم ده يمكن اعملها من غيرك..."
صاحت نهى باستنكار...
"ادبحك... كله الا الاكل ااه..."
على الناحية الأخرى حضر (عمرو) للشركه وهو بكامل وسامته بحُله رسمية عصرية الشكل شعره مرتب
بتسريحة المعتادة ، الجاذبيّة حقاً وضعت في مكانها المظبوط على هيئه هذا الرجل الانيق..
"عمرو بيه..."
توقف عمرو بعد ان تنهد بقلة صبر...
"اهلاً ياميار..."
وقفت تلك الفتاة البسيطة محدودة التفكير والتصرف وهي تقول بلطف...
"انا اسفه على اللي حصل بجد في مشكله عندي في نظر..." عدلت نظارة النظر الكبيره التي لا تلائم إياها وتزيد من حماقات الموقف أكثر لديها...
اجابها بملل...
"هو المشكله مش بس في نظر المشكله في نضاره دي... متغيريها وريحي نفسك...."
صاحت الفتاة برفض امام وجهه ...
"لا طبعاً لا يمكن اغير حاجه فيه... عشان حضرتك او غيرك... انا جايه اشتغل مش جاي اتمرقع ياستاذ..."
"ميار...."
توترت وهي ترد عليه بصوت خافض...
"نعم.. ياستاذ عمرو..."
رمقها بنظره مُخيفه...
"اتفضلي على مكتبك....."
اومات له وهي تذهب من أمامه..
تنهد وهو يهز راسه بسأم فتلك الشركة تحتوي على بعض الشخصيات الذي لم يرى ابداً نسخه منهم في شركته في فرنسا....
تقدم خطوتين فسمع صوت احد الموظفين الرجال قادم عليه وهو يتحدث في عرض خاص لدعاية
عن أحد المنتجات عبر الإنترنت....
بعد ان اضاف عمرو بعد الملاحظات علق بعمليه...
"ماشي ياطارق...اعمل بس اللي قولتلك عليه وكل حاجه هتمشي زي ماحنا عايزين..."
كل تلك الأشياء بعد دخوله في شركة بخطوتين هل حين يصل لمكتبه سيرى احتجاج الموظفين
على من يدخل قبل الآخر !...
مط شفتيه وهو يسير في الرواق مستعد ليوم حافل بالعمل المتراكم والذي لا ينتهي....
سمع أصوات ضحك انثوي تاتي من غرفة يمر عليها فالتفت بتلقائيه على نوافذ الغرفة الزجاجية المرئيه أمامه..
رفع حاجبيه بدهشه وهو يراها لأول مره تضحك بقوة وتتحدث بمرح وبدون تكلف تأكل بشهية مفتوحة تجعل الناظر لها يشتهي تلك الشفاه
الحمراء المبتسمة لا بل يشتهي كل شيء في تلك المرأه ذو الوردة الحمراء....
سيطر على تلك المشاعر وهو يحفز نفسه ان ما تفعله هنا غير ملائم وان سمعها احد من الموظفين المرؤون بجوار مكتبها ماذا سيقول عنها...
يكفي تلك الاشاعات السخيفة التي تخرج عليه وعليها هل كل مايحدث حولها امراً عادياً... وهل تجربة الطلاق شيءٍ سهل نسيانه لتتعامل بكل تلك البساطة مع الجميع....
يصعب عليه فهم نفسه..
البارحه كان حزين انها تتظاهر بالتعافي من تلك التجربه واصر عليها أيضاً ان تشاركه هو وشقيقته
أمسيتهم
واليوم يشعر انها سعيدة ومقبله على الحياة وتحاول النهوض من تلك التجربه القاسيه وعدم الاكتراث للنظر خلفها
هل منزعج لقوتها في نسيان الاحزان.... ام يحقد عليها لتلك الميزة... او ان حبه لها يختلف عن حبها لزوجها النذل.... ام ان المواقف تُخلق حواجز وكره للأحباب ، وان كانت هكذا لمَ لم تُخلق داخله تلك الحواجز هل خُلق عكس البشر؟؟؟؟...
نفض هجومه على نفسه وركز على نقطة تعنيف إياها بكلمات حتى لا تتجرأ وتفعل تلك الأشياء السخيفه هنا
وهذا امراً يسهل فعله فهو معه جميع الصلاحيات
فهو مكان المدير الان !!!!...
لج لدخل بدون استئذان وهو يرمقهم بنظره عنيفة مُخيفة...
نهضت نهى بخوف وهي تمسك الشطيره بين يدها وقبل ان تتركها قطمة منها قطعه ثم تركتها بشفقه وهي تعرف ان كل مافيها من صفات لذيذه وطعم شهي سيلقي في سلة القمامه قبل ان يتم رفضها من عملها؟؟..
كانت وعد في هذا الوقت قد بدأت بشرب الشاي الأخضر الساخن الموضوع امامها منذ فترة...
نهضت وعد وهي تبلل شفتيها بهدوء
"عمرو.... اا.. ..."
تحدث بتهكم خشن...
"مين سمح ليكم تاكله على المكتب هنا...."
نظرت نهى لوعد والاخرى بادلتها الأمر بحنق فهي تكره تلك المعامله التي لا تخرج إلا من رجال الاباصيري...
ردت عليه وعد بخفوت لا يخلو من المقت من سؤاله
"يعني احنا كنا جعانين والوقت كان بدري..."
رد بستهانة من تبريرها الاعوج...
"بدري ولا متاخر.. مش في كفتريا جمب الشركه وكل الموظفين بيروحو يفطره فيها ولا انا غايب بقالي كتير... مع إني بقالي شهر وبشوف نفس الروتين اللي كان بيحصل من سنتين..."
بللت وعد شفتيها وهي تنظر له بحرج من معاملته التي تلائم تعامل والدها معها في اخطاء مثل تلك...
نظر لطعام الموضوع على المكتب الفخم وهو يرمقه باستهجان..
"واي ده كمان.... بترمرمه من الشارع..."
صاحت نهى بقنوط...
"رمرمه اي بس.. دا فول وفلافل وعجه ومخلل من عند جوده انضف واحد ممكن تاكل من أيده..."
نظر لوعد بتبرم...
"عجه ومخلل......"
اسلبت وعد عينيها في الأرض بحرج اكبر وهي بداخلها تدعي على صديقتها فتلك ثاني تجربه لهذا الطعام الشهي باستثناء تلك الحوادق التي لا تفضلها !...
اشار لنهى بأمر خشن..
"خمس دقايق وملقيش حاجه على المكتب..." ثم اشار الى وعد بغطرسة... "وانتي ياوعد هانم.... تعالي على مكتبي...وهاتي ملف التصميمات معاكي... "
خرج من المكتب سريعاً تبعته وعد ولكن قبل ان تخرج التقطت شطرية من على المكتب و
وضعتها في يد نهى وهي تقول بتشنج...
"عجه ومخلل من عند جوده...كلي كلي يافضحاني..."
ضحكت نهى عليها وهي تكمل طعامها بتلذذ...
______________________________________
مررت يدها على ذيل شعرها المتدلي واعدلت ثوبها أكثر بعد ان غسلت يديها وعطرة فمها....خرجت من مرحاض الشركه وهي تتوجه لمكتب عمرو...
طرقت على الباب عدة مرات قبل ان تدلف لداخل...
اجواء الشركه مختلفه والمعاملة هنا اكيد ستكون كالقائد والجندي...
دروس تتذكرها من والدها ليزيد تحفزها من رجال الاباصيري!...
رفعت عينيها لتجده يقف عند نوافذ المكتب الزجاجيه ويطلع على المكان من حوله...
تنحنحت وهي تنظر له قائلة بجدية...
"الملف ده في تصميمات كُنت مجهزاها عشان اوريها
لثروت الاباصيري وبما انه مش موجود وانتَ مكانه فياريت تشوفهم وتقولي رأيك ولو في اي ملاحظات عليهم ..."
لم يستدر لها بل قال بامر ناهي..
"اللي حصل في شركه دا....ميتكررش تاني..دا اول وآخر إنذار ليكي...."
احتقن وجهها بالغضب وكانها موظفه عاديه هنا لا تعمل في املكها أيضاً مثله، نعم حصته اكبر لأنه رجل لكن لديها حصه أيضاً اتصرخ في وجهه ام تتعامل بتحفز بارد كما تفعل مع والدها....
"ايه سكته ليه مش عجبك الكلام..."
برمت شفتيها بحنق فهو لا يزال يولي ظهره لها...
"لا عندك حق... مش هيتكرر تاني... اوك..."
التفت له والقى عليها نظره بارده قبل ان يجلس على مكتبه ويشير لها ان تتقدم...
"وريني التصميمات دي...."تقدمة منه بقلة صبر ووقفت بجواره وهي تنحني قليلاً عليه وهي تقول..
"دا تصميم لشركة(...)هما طلبو حاجه زي دي وانا حولت اخلي الألوان ورسمه عصرية شويه ودي لشركة....."
سمع صوتها الجاد يتلجلج في أذنيه بنغمه أخرى،يبدو عليها الانزعاج من غطرسته عليها لكن رغم ذلك تكمل وتستمر..
هو لم يتفاجأ يوما من تلك الصفه فهي بها الاصرار والعند وتشبك بما تريد حتى ان عارضها الجميع ستنال ما تريد...
تلك الصفه كان يظن انها الأفضل بها،لكن بعد ما حدث بالماضي يراها الاسوء بها بل العن من
وسوسة الشيطان لها...
رفع عينيه عليها وهي تتكا على مكتبه وعينيها على الملف باهتمام لاحت منه نظره على عنقها وتلك الوشمة المُثيره به..
بلع ريقه وهو يتذكر ضعفه امام جمالها وعنادها الذي يجعله كالمجنون يريد تذوق جزءاً منها ليخلده في ذاكرته مثل قبلتهم الاولى التي لا تمحى من عقله كلما نظر لها ودقق في شفتيها وهي تتكلم...
يرى نفسه مراهق امام تلك الأفكار ليس ناضج بما يكفي لينساها بأخرى لمَ لا يجرب هذا الحل من المؤكد سيفلح وتنتهي تلك الضراوة مع هذا العشق المعطوب للأبد...
رفعت وعد عينيها عليه بتردد فوجدته يحدج في وشمها بشرود تنحنحت بحرج وهي تستقيم اكثر
في وقفتها...
"عمرو انتَ معايا...."
هز رأسه بفتور وكانه لم يشرد منذ ثواني بها
وكانتى عيناه تتابع سؤالها بجرأه ولم يحيد عنها حتى بعد ان قال...
"معاكي...هروح فين يعني...وريني التصميم اللي في الصفحه التانيه..."
رمقته بدهشه...
"وقفه كدا ليه... وريني اخر ورقه...عشان عندي تصوير كمان عشر دقايق..."
فاقت من دهشتها على تلك الجدية الصلبه ثم
ابعدت عينيها عنه بحرج وهي تتابع ماكانت تقوله
بصوت مهزوز قليلاً، وهو كان يتابع معها بين الحين والآخر ولا مانع من رؤية تلك الوشمة الحمراء عن قرب !!...
______________________________________
بعد عدة ساعات من الاعمال على هذا الحسوب أمامها...
تركت كل شيء وهي تريح ظهرها للخلف بتعب وزفرت بارهاق وهي تدلك رقبتها بازعاج
فتلك الجلسه الاسواء بنسبة لها...
مطت شفتيها وهي ترفع المرآة الصغيرة التي تحتفظ بها في حقيبتها نظرت بها وهي تتفقد ملامحها وتسريحة شعرها نظرت لوشمها البارز بطريقة مغريه
فلاحت منها بسمة زهو انثوي تخلق في لحظة عند اي أمرأه تعجب بنفسها !...
طرق خفيف على باب مكتبها جعلها تضع المراة بجوارها وهي تتنحنح بجدية...
"احم... ادخل..."
دلف احد الموظفين ويدعى طارق.... وسيم الشكل لبق الكلام ومهذب التصرفات....
ابتسم طارق وهو يدلف...
"سلام عليكم...يامدام وعد..."
ردت التحيه بابتسامة وهي تمد يدها له بالجلوس..
"اتفضل ياطارق....تشرب إيه..."
توسعت ابتسامته بحرج...
"لا شكراً...انا جاي بس لحضرتك عشان استشيرك في حاجه كده تخص فكرة الدعايه الجديده لشركة (..)انا ضفت حاجات طلبها مني الأستاذ عمرو...وطبعاً عايز اوريهالك قبل مايشوفها يعني استفاد من خبرتك في
النقطه دي...لان دي اول دعايه امسكها من ساعات ما تحطيت تحت التدريب..."
ابتسمت وعد ببشاشه وهي تقول ببساطة...
"تمام...مفيش مشكله هات الملف..."
مد يده بالملف لها اخذته منه وبدات تتفحصه بهدوء أنيق!..
وقفت عند شيء معين فنادت إياها بذات الهدوء الفاتن...
"طب طارق تعالى كده ثواني .."
إقترب منها ووقف بجوارها وهو يرى تلك الأشياء التي تستفسر عنها بدء يركز معها ويشرح لها عدة أشياء تارة تهز راسها بتفهم وتارة تبتسم
بحرج من عدم استيعاب شرحه السريع المتوتر....
هذا المشهد بكل تفصيله رآه وهو على وشك الذهاب
من الشركه بعد روتين الأعمال المتراكمة...
من خلال هذا الزجاج الكاشف لغرفة مكتبها رأى بوضوح تلك المسخرة المقام به...
من اي شيءً خُلقت تلك المراه لتتلاعب وتغير الرجال
مثل جوارب قدميها وفي نهايه ترتدي أمامه قناع
البراءه!...
رفعت وعد رمديتاها على النافذه بفتور فوجدته أمامها ينظر لها باحتقار واضح وكانه رأها في
وضع مُخل!...
اسلبت وعد عينيها ولم تهتم بنظراته الحادة واكملت ما تفعل ،جعلته من الخارج يشتعل غضباً كادَ ان يكسر المكتب عليها وعلى هذا الأحمق المتعرق بجوارها ولكنه تماسك واكمل مساره وهو يكاد يحفر
الأرض بقدميه من شدة عصبيته ..
دلف مرأب السيارات بالشركه وجلس بسيارته وهو يخبط على عجلت القيادة بغضب...
"ضحك ومسخره وقلة آدب... ولا كان في نصايب بتحصل حولينا بسبب الهانم....." زمجر بحده..
"الهانم سيقاها علينا وديره على حل شعره..." تعرق وجهه وتعالت أنفاسه وهو ينظر امامه مُنتظر ظهورها....
بعد نصف ساعة لجت للمرأب بخطوات انثويه رنانه بسبب حذائها العالي....
خطوتين فقط ووجدت من يجذبها ويصدم ظهرها في عمود صلب....كادت ان تصرخ ولكن وجدته يضع يده على فمها وهو يقول بنبره مهيبه...
"هششش....مش عايز نفس يطلع منك..."
توسعت عينيها وهي تنظر له بصدمه، ابعد هو يده عن فمها ورمقها باحتقار...
"انتَ إي اللي بتعمله ده...في إيه بظبط... وبعدين انت ليه مروحتش لحد دلوقت... "
"مستنيكي يابرنسيسه..."القى عليها نظرة احتقار...
نظرت له بضيق وتعالي وكان لا يفصل بينهم شيء..
"مستنيني ليه.....انا معايا عربيه..."
قال بقسوة وشك...
"وماله اطمن إنك هتركبي عربيتك مش هتركبي عربية حد تاني..."
ضيقت عينيها وهي تنظر له بشك اكبر...
"حد تاني زي مين بظبط... تقصد إيه..."
هتف باتهام مُهين...
"اقصد طارق... هو كان لازق فيكي ليه صحيح.... آآه اكيد كنتو بتشتغلو بس عن قرب..."
"انتَ بتقول إيه انتَ جرا لعقلك حاجه.... انا ماشيه.." كادت ان تمر من جواره ولكنه حاصرها بين هذا العمود وهو يقول بتهكم...
"إيه متخليكي ولا قعدتي نشفه عليكي.. بتحبي القعدات الطريه انتي اللي فيها لمس وتحسيس.." مرر أصابعه على عنقها وكادَ ان يهبط لصدرها البارز ولكنها ابعدت يده العابثة بقوة وهي تقول...
"ابعد أيدك عني إيه القرف اللي انتَ بتعمله ده.. وازي تكلمني بطريقه دي انتَ مفكرني واحده من الشارع
ولا واحده من اللي انت تعرفهم..."
صرخ في وجهها باهانة لاذعة...
"اللي انا اعرفهم انضف منك ولا نسيتي اللي عملتيه زمان..."
نظرت له بألم وهي ترمقه بتقزز وكره يتزايد..
"زيك زي ثروت الاباصيري شبه بعض اوي..."
برم شفتيه بستهزء...
"ياريتك طلعتي زينا..."
"ميشرفنيش اطلع زيكم..." رمقته وهي تتابع بكره واضح..
"هطلع زي مين زي واحد مش قادر يعمل اي حاجه مع بنته غير ان يهنها ويقل منها ويكسر نِفسها قدام اي حد وكل ده عشان إيه... عشان مطلعتش ولد
جت بنت في يبقى ذنبها انها تكمل حياتها مكسورة النفس ومكروهه من ابوها اللي مش عايزها أصلا في حياته بس عشان هي ست مش راجل... في تخلف ورجعيه اكتر من كده...." نزلت دموعها وهي تهتف
بكره اكبر...
"ولا اطلع زيك...واحد عايش دور الضحيه طول الوقت مش قادر يستوعب ان الخيانه تنطبق بس على اتنين بيتبدله نفس الشعور سوا.... مش واحده
عايشه في حياتك مستنيه حبك ليها وانتَ مش شايفها أصلاً جمبك.... جاي تلومني تمام... لومني... بس لوم نفسك انتَ كمان لم بعدت وانتَ عارف انك محطتش طوبه واحده تديني امل ان ممكن يكون في بينا مشاعر ... لوم عمك اللي خلاني احتاج لوجود راجل حنين في حياتي يعوضني قسوة قلبه عليه ... لوم صاحبك اللي معرفش يوصلي غير عن طريقك انتَ.... لوم الظروف اللي مقدرتش تجمعنا زمان... لوم الحب اللي ماتكتبش علينا ... "
نظر لها وهو يترجم كل تلك الجُمل المتلاحقه ببعضها .... نظرت الكره نحوه تنبع من اعماق عينيها تكرهه لتلك الدرجه ترى انه لم يعطيها أمل...
هل نسيت اهتمامه وقربه منها تنسى وجوده الدائم معها في فترات حياتها ، ترى انه المخطأ وهو سبب كل شيء وماذا عنها ؟؟ هل تلك الترهات تشفع لها
الخيانة خيانه مهم كانت الأسباب... كانت ترتدي خاتم الخطبة وتذهب لتقيم ليلتها في حضن صديقه
على الفراش... وحين كشف امرها كانت مصارحتها
بذيئه وفي منتهى الوقاحه وهي تعترف بحبها
لرجلاً اخر وهي معه
هل تلك الكلمات ستشفع شيءً مما حدث، غبية
ان فكرت أنني ساغفر لها بل وسانسى
الماضي بأكمله بل وممكن ان نعيد الود وننعش
عشقاً المعطوب ...
مسحت وعد دموعها بظهر يدها وهي تقول
بصوت مبحوح...
"بعد اذنك...عديني خليني امشي..."
مد يده في جيب سترته واخرج منديلاً ورقي لها وقدمه بدون كلمه...
ضربت يده بعصبية وهي تصرخ في وجهه بتشنج..
"مش عايزه حاجه منك...سبني في حالي بقه..وكفايه كده..."ضربته في صدره بعصبية مفرطه..
لم يتحرك وظل يرمقها بوجهه الحجري الذي لا يبث اي تعبير....ثم سريعاً رفع وجهها بيده بقوة مجبر اياها على النظر له....
اغمضت عينيها بخوف مهزوز وشهقات بكاءها تتزايد..
"كفايه عياط..."قالها وهو يسمح وجهها المبلل من الدموع...
فتحت عينيها وهي تقول من بين اسنانها بتشنج ناقم..
"بكرهك ياعمرو...بكرهك..."
بدالها نظرة الضعف بصلابه بارده وهو يضع المنديل مره اخرى في جيبه ثم رد عليها بنبرة عادية..
"وانا مكرهتش في حياتي قدك..."
ابتعد عنها واعطى لها مسافة للابتعاد وفعلاً سارت مبتعده عنه باتجاه سيارتها لكنه اوقفها بصوته
الرخيم وهو يقول بتوعد...
"مصيره هيجي اليوم اللي كل واحد فينا يقف فيه مكان التاني...."
بلعت ريقها بخوف من ضراوة هذا التوعد وداخلها جزء يخشى حدوث هذا... وجزء يرفض وقوعها
ضحية لانتقامه المريض !...
صعدت السيارة وهي مشتتة التفكير ، فانا كان سيوقعها بطريقة العشق والكلام المعسول فهو أحمق
كبير قد فعلتها مره وتعلمت الدرس ولن تعيد الكره
وان كان الانتقام عن طريق شيءً اخر فماذا
سيكون ياترى؟؟...
هل حقاً يتوعد لها بتدبير مكيدة تقتل اي ذرة حياة بداخلها ،ام ان الحديث كان وقت ذروة غضبه
وتوهج نيران كرهه نحوها....
حركت محرك السيارة وانطلقت بها وعقلها يعصف بالكثير وعيناها تذرف الاكثر!....
نظر لسيارتها التي اختفت عن مرمى عينيه الثاقبة والذي لا تبشر بالخير فمن الواضح انه قد بلغ العشق
ضراوة غريزيه وها قد احتدت طبول الحرب !..
_____________________________________
ساعات من السهر في الخارج في مكانه المفضل امام
النيل العذب ذو العذوبية الذائبه للعين والحزن الطاغي عليه بقصص كثيره قد قصها عليه الكثيرون قبله..
نظر له بحيرة فهذا الوصف يشبهه....
قد تحلى بالهدوء لسنوات واخفى مشاعره عن الجميع حتى ياتي اليوم الموعود بالمصراحه..
هل كان متردد من تفوه بمشاعره لها؟خشى ان
تبتعد او لا تتقبل حبه ..
يعلم ان الثقه بينهم كانت محدوده واليوم وبعد كل شيء صارت معدومه،وتلك العلاقات التي تنتزع
منها الثقه تكن كورقة بدون غضن !....
تنهد وهو يخرج دخانه الرمادي بحنق من بين شفتيه....
الى متى سيظل يعيش فتلك الحلقه
الكئيبه ألا يكتفي بعامان واكثر ألا يظن انه قد
حان الوقت لرؤية نفسه واشباع رغباته كارجل،
هل سيظل تارك العمر يمر امامه وهو لا يتوقف عن التفكير بها وبخيانته له؟؟
يقف دوماً عند هذا السؤال ولا يعرف الاجابه الصائبه للهروب....
لكن ضراوة الانتقام تلح بقوة عن اخذ ثاره منها هل مقياس جرحها سيشكل فارق معه...ممكن ان يشفي
غليله ويشفى عقدة المرض بعشقها؟..
وهل هو ممثل بارع للدخول في تلك المسرحية السخيفه معها....
نفى الفكره فشيطانه يلح بقوة باللعب معها بمنتهى الدنئه مثلما فعلت سابقاً......
تافف بحنق وهو يمد يده في جيبه ليخرج هاتفه منه لكن وقع منه شيءٍ في الارض مد يده لياخذ هذا المنديل الرطب عليه آثار نقاط من الماء...
هذا المنديل الذي جفف به دموعها عنوة عنها....
ابتسم بنقم وهو يتفحصه يرى تلك الدموع زائفه
حتى تبريرها له كان فشل بمقدار كبير فهي
كانت تقلب الموازين لتجعل نفسها ضحية قساوتهم عليها ياللها من غبيه...
مسك قدحته وقربها من هذا المنديل ليشتعل سريعاً بين يده فنظر لنيران من خلاله فكانت باردة تاكل
اجزائه لكن بخبث غريب !...
يود ان يفعلها يوماً مع صاحبة الدموع الكاذبه
لكنه لا يماثلها في خبثها ...
اتجه لسيارته بعد تعب وساعات من السهر متوجه الى قصر الاباصيري.....
بعد دقائق معدودة عاد للمنزل وصعد سلالم القصر متوجه الى غرفته في ذات الطابق لكنه تسمر حين جذب نظره خط الضوء الذي يظهر من اسفل عقب بابها......
رفع حاجبه باستغراب وهو ينظر في ساعة معصمه قد كانت تخطت التانية عشر...لماذا مستيقظه لهذا الوقت اليس لديها عمل صباحاً...
مط شفتيه وهو يستدير ليذهب لغرفته بعدم إهتمام
ولكنه توقف فجأه حين سمع صوت رجولي رخيم ياتي من غرفتها ..
عقد حاجبيه بشك وقد عصفت الأفكار السوداء في عقله وتهجمة ملامحه بمقت واضح وهو يتجه نحو
الباب واضع يده على المقبض بمنتهى العصبية المفرطة....
...يتبع