رواية ضراوة العشق الفصل السادس 6 بقلم دهب عطية
البارت السادس
بعد مرور شهر...
كانت الأجواء هادئه وكأن الحرب المستمرّة بضراوةً في الخفى قد اخذت هدنه مؤقته!..
اخبر( عمرو) الجميع انه سياجل سفره لفتره طويله فوجوده هنا اصبح وضع فُرض عليه بعد احاديث الصحافه وقضية هشام وكل تلك الأشياء المعقده
التي لن تسنح بسفره في تلك الظروف الحساسه..
قرر المكوث في- قصر الاباصيري- مؤقتاً وسيتابع عمله من خلال الإنترنت بمساعدة (دارين) واحد الموكلين بإدارة شركته! وايضاً بجانب جلوسه في
بلده سيتابع عمل شركة جده وسيديرها مثلما كان يفعل مع عمه بسابق ، فالعمل اصبح على مشارف الانهيار بعد تلك الاشاعات الكاذبة عنه وعن ابنة عمه...
هدأت حربه معها وبتعد عنها في خلال هذا الشهر مُتغرغ لإدارة شركة الإعلانات.... صباحاً في شركة ومعظم المساء مع شقيقته وفي بعض الأحيان
يقضي امسيته مع احد الاصدقاء القدامى....
لم يراها ولم يود رأيتها... يريد ان ينسى وجودها معه في نفس المكان حتى لا يجرحان بعضهم كما يفعلان كلما اجتمعو سوياً !...
امَا( وعد) فكانت تحاول الخروج بشدة من قوقاعة الصدمة والحزن على شخصاً لا يستحق دمعة واحدةً لأجله، كلما نزلت دموعها كانت تهبط بحسره على حياتها الكئيبه الممله وحظها العاطفي المتعثر دوماً بحفر الهاوية ! وبجانب هذا الإكتئاب الذي يعتريها تفكيرها برجال هذا القصر يثير كرهه لنفسها أكثر ، والدها، وابن عمها ترى انهم أسوء من بعضهم الجميع يفكر في المال والشكل الإجتماعي
اكثر من التفكير بها....
علمت لمَ اخرج شياطينه عليها منذ شهر مدى حين رجع بعد ان قابل الصحافه!...قرات الاشاعات التي تصدرت لترند عالٍ لحد وقتهم هذا...
مكيدة اوقعت مُدبرها لكنها جذبتها هي أيضاً معهم بدون ذنب يُذكر،هل لازالت تدفع ثمن هذا الذنب القديم حتى الآن!...
تعافت في الفتره الماضيه وقد بدأت السير على قدميها بشكل طبيعي مثل السابق لكنها لا تزال
حبيسة غرفتها لا تخرج منها ولا تقابل احد
لا تجتمع معهم تاكل بمفردها وتجلس بمفردها واوقات مع والدتها الحبيبه التي كانت نعم
الرفيق في وحدتها وحزنها دوماً !..
_____________________________________
كان يوم الجمعه صباحاً اجتمع الجميع على سفرة الطعام وهذا اليوم استثنائي بنسبه للأيام
الماضيه !...
تحدث ثروت بصرامه...
"امال فين وعد...مش ناويه تنزل زي كل يوم..."
مطت ناديه شفتيها بحزن...
"مش عارفه انا بعت روحيه ليها.... ياجت يامجتش..."
هز ثروت راسه بعدم إهتمام...
كان عمرو ياكل بهدوء وكان لا احد يتكلم عنها
أمامه..لكنه انتبه لحديث زوجة عمه وهي تقول
بتردد....
"ثروت...وعد ناويه تنزل شغلها من بكره في شركه و..."
تحدث ثروت بشك...
"وا إيه... هي محتاجه فلوس يعني..."
"لا بس انا قصدي ..يعني المشكله اللي حصلت مابينكم وشغلها في شركة..."
قاطعها ثروت بسرعه..
"مشكلنا حاجه وشغلها في مالها حاجه تانيه..."
رمقته زوجته بعتاب وهي تقول بحزن..
"يعني معترف ان مالها مش بتسرقك زي مقولت..."
تافف ثروت بانزعاج ملحوظ وهو يقول ببرود...
"مش هنعيده تاني ياناديه.....انا مش بخالف شرع
ربنا...بس لما أبوي عمل كده زمان كان شايف
ان ولاد الحرام كتير وان لو ثروة الاباصيري
اتوزعت على احفاده البنات هتروح بساهل بسبب جوازهم اللي مش هيبقو تعبنين في حاجه...لكن لو الثروه دارها راجل من العيله هيفضل اسم الاباصيري ومكانته في العالي وبرضو بنات الاباصيري حقهم محفوظ لكن بواصي عليهم..."صمت وهو يقول بتهكم واضح..
"وبما اني مجبتش غير وعد... واخويه رؤوف مجبش غير هند وعمرو يبقى مفيش غير عمرو اللي هيشيل حمل المسؤليه دي بعد موتي..."
هتفت هند بسرعه..
"بعد شر عليك ياعمي... ربنا يديك الصحه... وتبلغ وصية الاباصيري الكبير لولاد عمرو كمان .." غمزة لاخيها بمكر...
تحدث ثروت باستياء...
"ولاد عمرو؟... شكلي هموت قبل ماشوف ولاد عمرو دول..."
هز عمرو راسه بسأم...
"ياعمي كفايه دراما... محدش عارف هيموت قبل مين....وبعدين سيب موضوع الجواز ده يمكن ادخل من الباب ومراتي في إيدي..." اشار على باب الغرفة الجالسين بها بفتور ليجد وعد تخطي خطواتها امام اعتابه....
رفع الجميع اعينهم عليها ليجدوها كاسابقه جميله ناقيه مُغرية كالفاكهة الناضجة على الشجر !..
دلفت بفستان أنيق عليه ألوان الربيع يصل طوله لبعض ساقيها ترفع شعرها الأسود بربطة أنيقه
ويتدلى ذيل شعرها على ظهرها بدلال يشبهها....وجهها يوضع عليه بعض المرطبات
المُفتحه لبشرتها عينيها الرماديه تزينهم بكحل
ابيض لامع وشفتيها مُلطخه باللون وردي فاتح...
رفعت هند حاجبيها بأستغراب من تلك الصدفه التي طلت بها (وعد) عليهم بعد اشارة اخيها العشوئيه على دخول زوجته منه !..
هل النصيب غلاب كما يُقال ام ان الصدف تشتت عقولنا ليس إلا !..
جلست وعد بجوار والدتها بدون ان ترفع عينيها بأحد او حتى يخرج صوتها بتحيه فاتره عليهم...
كانت بمقابلة هند التي رمقتها بكرهاً وهي تكمل الحوار الذي كان دار قبل دخولها !..
"بس انا من رأيي ياعمي...اننا نحط عمرو قدام الأمر الواقع وندبسه في عروسه من معارفنا..."
أبتسم عمرو بمجامله وهو يحك في لحيته ويمضغ طعامه بشهيه مفقوده....
اجابها ثروت بإبتسامة مُرحبه الفكره...
"طب انا معاكي بس مين العروسه..."
صاحت هند بسعادة...
"واحده من صحابي..."
هتف عمرو بسخريه يصحبها المزاح...
"آآه صحابي المصالح مشتركه يعني..."
"مشتركه لي بس يامارو...طب اتعرف كده على واحده فيهم واكيد اكيد هتحب واحده منهم.."
حك في شعره وقال بخبث...
"احب واحده منهم ؟...لا انا متعود احب واحده واحده واكتر واحده هحبها اكتر هي اللي هكمل معها..."
أبتسمت هند بأمل..
"بجد يعني ممكن اللي تحبها اكتر دي تتجوزها..."
رد عليها وهو يبتسم بمشاكسه..
"لا هقلبها اول مقابل غيرها..."
لكزته بخفه في ذراعه وهي تقول بغيظ...
"تصدق انك غلس اي الغلاسه دي..."نظرت لعمها وهي تقول بحنق
"شايف ياعمي عمال يشتغلني من الصبح وانا اللي فكره انا خلاص قرر يتجوز وممكن يعجبه حد من صحابي..."
هز عمرو راسه بقنوط وهو يقول...
"يابنتي رايحي نفسك وسيبي موضوع الجواز ده على جنب...ومنين ما ربنا يأذن هتلقيني واخدك
ومعرفك عليها...."
"ماشي..اما نشوف..."
همس بنفاذ صبر..
"هتشوفي ياختي...اقفلي بس على الحوار ده وكملي أكل...."
رفع عينيه بفتور عليها مُختلس نظره تطفئ نيران خائنة تشتعل من بعدها عنه !..
وجدها تاكل بهدوء غير مهتمه باحديثهم التي تدور من حولها وكان الطاوله المستطيلة تخلو من البشر من حولها...
رفعت وعد عينيها نحو والدها وهي تقول بهدوء...
"بعد إذنك يابابا... في حاجات في شغل عايزه قعد معاك ونتناقش فيها..."
رفع ثروت عينيه عليها وهو يقول بجدية..
"حاجات زي إيه..."
ردت بهدوء...
"عروض جايه للشركه عيزاني انا اللي انفذه..."
سألها بستفهام...
"هتكوني وجه إعلامي ليهم يعني..."
"ايوه...."
نظر ثروت الى عمرو وهو يقول...
"بكره لما تنزلي الشغل في شركه اعملي اجتماع مع عمرو ودرسه افكار العروض سوا..."
سالته وعد بأستغراب...
"وحضرتك...."
اجابها بعمليه...
"انا مسافر المانيا عندي كام حآجه كده هناك تخص مكن المصنع الجديد اللي ناوي افتحه على اخر السنه..."
سألته ناديه التي انتبهت لحديث زوجها...
"وهطول في سفر ياثروت..."
هز راسه بنفي...
"لا ياناديه أسبوعين او اقل ان شاء الله وهرجع على طول..."
سالته ناديه مره أخرى بتفهم...
"وناوي تسافر امته..."
"بكره على الساعه عشره كده...."
صاحت هند بحماس...
"يبقى لازم قبل ماتسافر ياعمي نحتفل بنجاحي واني اخيراً خلصت دراسه...."
رد عليها عمرو بحنان...
"لو تصبري شويه ياهند على رزقك... كُنت قولتلك على المفاجأة اللي محضرهالك..."
"مفاجأه... مفاجأت إيه قول ياعمرو ونبي عملي مفاجات إيه ها قول..."
هز راسه باستياء من تصرفاتها الطفوليه وهو يجيبها وسط ضحكاته عليها...
"لو قولتلك عليها دلوقتي مش هتبقى مفاجاه.. استني بالليل وانتي هتعرفي..."
سالته هند بحماس...
"بالليل اساعه كام..."
اجابها عمرو بسعادة أخويه...
"تسعه بالليل هستناكو بالعربيه قدام القصر كل يتشيك وينزلي عشان هوديكم مكان حلو يليق
بالاحتفال بنجاح االبشمهندسه هند رؤوف الاباصيري..."
ابتسمت هند بحب وهي تقبل اخيها وتعانقه بسعادة...
"بجد ياعمرو.....بحبك اوي انتَ احسن اخ في دنيا..."
"وانتي اجمل اخت في دنيا...."اقترب من آذنيها وهو يقول بمزاحه المعتاد معها ....
"ممكن تعزمي صحابك البنات كمان يمكن أحبهم كلهم ووفر عليكي المشوار.... "لكزته وهي تضحك بدهشه...
أبتسمت وعد لهم بمحبه وعينيها تتجرع الوحده ولسأم اضعاف مضاعفه...
لاحظ عمرو حزنها فابتعد عن اخته وهو يقترح بهدوء...
"على فكره كلكم معزمين ياجماعه...وانتي كمان ياوعد..."اشار عليها بعينيه الثاقبه...
تنحنحت وهي تقول بحرج...
"لا شكراً انا مش حبى اخرج انهارده...اخرجه انتوا واحتفله....ومبروك النجاح ياهند..."
رمقتها هند ببرود وهزت راسها لها بابتسامه لم تلامس عينيها....
شعرت وعد باشتعال وجنتيها وسخونة جسدها بسبب كره هند الواضح لها وذلك يالمها بشدة اكثر من المها من الجميع...
فــ هند ستظل صديقة الطفولة ورفيقة المراهقه ولقريبه لقلبها مهم حدث منها !...
فالفطره صعب تبدل وصداقه صعب تنزع !...
قالت هند بصوتها الرقيق...
"وانتي ياطنط هتيجي صح.....وانتَ كمان ياعمو الاحتفال مش هيكون احتفال من غيرك...."
تحجج ثروت بهدوء...
"مبروك النجاح يامهندسه هديتك هتاخديها بكره مني ... بس انا عايزك تعفيني من الحفله دي... انتي عرفاني مليش في حفلات الشباب ودوشه بتاعتكم
اللي مش بنخرج منها غير بصداع...."
ضحكت ناديه وهي تاكد حديث زوجها...
"عندك حق ياثروت.... خلينا احنا هنا في الهدوء واحتفله أنتو بدوشتكم...."
زمت هند شفتيها وهي تقول بحنق...
"اعمل اي فيكم مانا عرفاكم وعرفه الحجج بتاعتكم...بس انتو الخسرانين.... "
اجابتها ناديه بمزاح...
"واحنا بنموت في الخساره....ومبروك النجاح ياحبيبتي عقبال الشغل والعريس.... "
ابتسمت هند لها بمحبه...
"الله يبارك فيكي ياطنط.."
نهضت وعد وهي تستاذن بهدوء...
"بعد اذنكم..."
سارت خطوتين نحو الباب لكنها توقفت حينما سمعت صوت عمرو الأمر خلفها...
"اعملي حسابك ياوعد أنك هتيجي معانا..."
استدارت له بنفاذ صبر بأن...
"واضح انك مسمعتنيش وانا بقول اني مش عايزه اخرج النهارده..."
رمقها بغضب ينفجر في عينيه القاتمة بادلته هي النظره بعتاب وتحدي قبل ان تخرج وتتركه يشتعل
غيظاً خلفها....
سأله نفسه مراراً وتكراراً لماذا يريدها معه لماذا يقطع مسافة البعد الذي وضعها بصرامه بينهم...
يتألم لرؤيتها وحيده بتلك الدرجه يخشى عليها من تلك الحاله التي تصنعها لنفسها ان كانت تتظاهر انها تعافت من تلك التجربه القاسيه فهو مجرد تظاهر خدع الجميع لكنه لم بخدعه هو فهو غيرهم ولن يتركها تظل بتلك الحاله المُزريه ...
هل تلك مبررات بعد اصراره على وجودها معه في
تلك الليله وهي رفضت مرتين أمام الجميع بدون ان تبالي به....
لو فقط تنقلب الأدوار ستحترق بنيران التي تصر على تذويقه إياها بمنتهى البساطة...
____________________________________
كانت تجلس في حديقة القصر تتابع صفحات الموضه عبر مجله عالميه تمسكها بين يداها..
ترتدي نظارة شمس تحجب معظم وجهها...
شعرت به يجلس أمامها بصمت بارد وهو يقول..
"بتعملي إيه..."
لم ترفع عينيها عليها جاوبته بهدوء...
"زي مانتَ شايف..."
زفر بحنق...
"ممكن تبطلي اسلوبك ده وتكلميني زي مابكلمك.."
"وانا مش عايزه اكلمك..."
هتف بطريقه مُستفزه..
"دا شغل عيال..."
"ليه شايفني عيله قدامك .."ابعدت المجاله عن وجهها ولا تزال النظاره تحجب الرؤيه عن عينيه المتفحصه لها..عقد حاجبيه وهو يسالها بشك...
"لبس ليه نضاره شمس احنا لسه الصبح..."لمح دموعها تهبط من على وجنتيها... سحب النظاره
سريعاً من على عينيها وهو يقول بقلق...
" بتعيطي ليه في حاجه حصلت... "
نهضت بعصبية وهي تسحب منه النظاره بقوة...
"هات النضاره وملكش دعوه بيه.... سبني لوحدي لو سمحت..."
سارت في الحديقه بخطوات أشبه بالركض وهي تبكي بدون توقف وضعت النظاره مره اخرى لتخفي
رمديتاها المبتلين بالدموع الحارقه...
شعرت به يسحبها بقوة لمكان مغلق بين زحمة الأشجار من حولهم وعند شجره معينة اوقفها
مُسند ظهرها عليها ، مقابل وجهها بوجهه ..
"مالك ياوعد في حاجه حصلت..."
اعدلت وضع النظاره على عينيها وهي تقول بجفاء...
"مفيش حاجه انا كويسه..."
"شيلي الزفته دي وكلميني زي مابكلمك..." القى النظاره أرضاً بعصبية لا تخرج الى مع نسماتها الطفيفه، يالله الي هذا الحد يعشقها !..
تعالت شهقات بكائها بعد صراخه عليها وبدات دموعها بنزول بلا توقف...
نظر لها بخوف وهو لا يعرف من سبب تلك الحالة الذي يراها الآن....
"وعد... ممكن تبطلي عياط وتفهميني في إيه..."
وضعت كف يدها على صدره تحاول ابعاده عنها
"ملكش دعوه بيه... ممكن تسبني لوحدي..."
مسك معصم يدها الموضوع على صدره وهو يقول بحده...
"اسيبك ازاي لوحدك وانتي بالحاله دي انتي مش شايفه نفسك..."
رفعت عينيها بدهشه من اهتمامه بها وخوفه عليها والذي تراه بوضوح داخل بُنيتاه القاتمة... شعرت بخفقات قلبه تحت موضع يدها....
هل تعني شيء ام نبضه ارتفع فجاه من شدة غضبه مني...
ويداه التي تقبض على معصمي بامتلاك هل تحكي قصة عمياءً انا عن رأيت مصيرها !...
تاهت في الافكار وشعور الذي يركض خلفها وهي لا تعطي له أهمية تُذكر...
هدى عمرو من عصبيته وهو يترك يدها محافظ على مسافه بينهم وهو يسألها للمره الثانيه باصرار...
"ممكن افهم بتعيطي ليه..."
مسحت دموعها بظهر يدها فوجدته يخرج منديلاً ورقي من جيبه قائلاً بحنو..
"خدي اسمحي وشك..."
اخذته منه بحرج ومسحت وجهها ولكن غمرتها رائحة المنديل الممزوجها بعطره الرجولي فابتسمت عنوة عنها ولا تعرف لماذا ؟...
"طب أصبري لما افهم كُنتي بتعيطي ليه .. عشان اسألك دلوقتي بتبتسمي كدا ليه..."
سمعت صوته الرجولي المشاكساً إياها...
انتبهت له واختفت إبتسامة لا تعلم سبب خروجها..
رفعت عينيها عليه وهي تهدى من حالة الضعف الذي
انتابها فجأه....
"ممكن اعرف كُنتي بتعيطي ليه..."
"مفيش.... دا...دا شكل في حاجه دخلت في عيني..."
عقد حاجبيه بسخط...
"حاجه دخلت في عينك...دي شكلها حاجه كبيره على كده..."
تجهم وجهها وهي تقول بحنق...
"طب عن إذنك..."
"استني...انا لسه معرفتش انتي كُنتي بتعيطي ليه..."مسك يدها مانع ابتعادها عنه...
"مش لازم تعرف....اهوه كُنت بعيط وخلاص..."
سالها بشك...
"عشان هند وطرقتها معاكي مش كده..."
رفعت عينيها عليه بصدمه....
"عرفت منين...."
"باين عليكي..."
رمقته بشك...
"باين إزاي انا مقولتش حآجه..."
نظر لرمديتاها وقال ببساطة...
"بس عينك قالت...."
بلعت ريقها بتوتر فوجدته يحدق بها بجديه وكانه لم يهتف بشيء منذ ثانيه واحده...
"ممكن ترجعي صحوبيتك مع هند... لو رجعتي تاني
تكلميه وتقعد مع بعض زي زمان..."
زفرت باستياء..
"إزاي بس هند مش طيقني... شكلها فعلاً
بتكرهني.. "
شك شفيته ابتسامه لم تصل لعينيه وهو يجيب
إياها ببساطة معهوده...
"هند مبتعرفش تكره... ولو كرهت الناس كلها مستحيل تكرهك انتي...."
"ولي لا بعد اللي حصل زمان..."
قاطعها عمرو بصلابه...
"اللي حصل زمان ملوش دعوه بصحوبيتكم... اسمعي مني ياوعد ابدأي انتي معاها وهي ان شآء الله هترجع تكلمك تاني... ولو حبى تيجي تسهري معانا النهارده تبقى فرصه حلوه انكم ترجعه تتكلمه تاني..."
"تفتكر هترضى تكلمني..." سألته ببراءة وعد الصغيره التي رآها واحبها قبل ان تتبدل ويتعكر صفوها !..
هجمه الماضي بضراوة مره اخرى وهي أمام عينيه
بوداعه ..
زفر بحنق من تلك المشاعر الممزوجه بكل شيء يحرق الروح...
قساوه..... شراسه...حده.... عشق.... شوق.... شغف.... ويبقى العنوان بينهم يجمع بين القساوة
والعشق فيلقب بـ( ضراوة العشق) !...
_____________________________________
في المساء في غرفة وعد...
وقفت أمام المرآة بفستان سهره أنيق من اللون الاسود الامع ملتصق بجسدها النحيف بارز لديها مفاتن الانوثه بتناغم....يصل طوله لاخر ساقيها
له فتحه صدر كبيره على شكل V،وضعت على كتفها
وشاح من الفرو عصري الشكل،
تفقدت وجهها ذو الأوان الهادئة التي لا تغطي على ملامحها الجذابه... ثم رمت نظره اخيره على شعرها التي تركته بانسياب يتدلى على ظهرها بدلاله المعتاد...
إبتسمت برضا الى نفسها في المراة فلمحة وشمها المرصع على جوف عنقها على شكل وردة حمراء
إبتسمت وهي تتذكر انها قد فعلتها منذ ستة اشهر
مع احد الأصدقاء واصرت بين كل الرسومات المعروضه عليها ان تختار تلك الوردة الحمراء
فهي رقيقه حمراء بخطوات سوداء تحدد اوراقها المشتبكه ببعضهم ....
معظم الوقت تخفي هذا الوشم بترك شعرها ينساب حول وجهها اليوم ستظهر إياه حين تريح شعرها
على جانب واحد وتظهر هذا الوشم بوضوح...
وضعت قدميها في حذائها العالي ذو الماركة المشهورة، ثم اخذت اغرضها المهمه وعلبة هدايا أنيقه بين يداها !...تقدمة من الباب بتردد وهي لا
تعرف هل ينتظرها احد ام أنهم ذهبوا
وتركوها....
هبطت على الدرج وهي تحاول الإتصال بأحد أصدقأء
(هند) التي تعرفهم من المؤكد أنهم معها الآن ...
رفعت هاتفها على أذنيها وهي تقف في حديقة القصر...
"الو تالا معايا...."صمتت قليلاً وهي تكمل بحرج..
"الحمدلله انا كويسه انتي اي أخبارك.......بقولك ياتالا انتي مع هند..."اجابتها الاخرى عبر الهاتف لترد عليها وعد بحرج..
"طب هاتي عنوان المكان اللي انتو فيه عشان عملها مفاجأه لهند...اوعي بقه تقوللها."صمتت لتملي الاخرى عليها العنوان بظبط.. هتفت وعد لها بامتنان
"تمام ياتالا شكراً تعبتك معايا... نتقابل هناك بقه.... باي..."زفرت بعد ان اغلقت الخط وتوجهت سريعاً
لموقف السيارات بالقصر لتاخذ احد سيارات والدها
لذهاب بها....
ادارت المقود وخرجت بها لوجهه معينه...
____________________________________
" كنتي بتكلمي مين ياتالا... "سالتها هند بفضول..
ردت عليها صديقتها ببساطه...
" مش حد مهم... "
غمزة لها هايدي احد الأصدقاء بخبث...
"أنتي بتقلبي الكرش ولا إيه..."
مطت تالا شفتيها بمكر...
"وهقلبه ليه يعني..."
نظرت هايدي لعمرو الجالس بجوار اخته شارد الذهن وعينيه على النيل بجواره...
برمت تالا شفتيها بحنق...
"رايحي نفسك هو مش معانا أصلا..."
ضيقت هند عينيها وهي ترمق كلتاهما بشك..
"انتوا بتكلمو على أخويه ولا إيه..."
ضحكت هايدي بسخريه...
"بصراحه آآه..."
همست تالا بصوت خافض لهند الجالسه أمامها...
"اخوكي حلو اوي ياهند...بس كشري موت ومن ساعات مجه متكلمش اربع كلمات على بعض..."
رفعت هند جاجبها بصدمه وهي تقول بزهو..
"دا كشري؟ دا قمر...دا مفيش في خفة دمه وحلوته..."
مطت هايدي شفتيها بشك وهمست هي الاخرى مُعلقه...
"هو مفيش في حلوته أوك معاكي.. لكن خفة دمه دي اللي اشك فيها..."
"مش كفايه كلام عليه... أنتوا مش ملاحظين يعني اني قعد معاكم على نفس التربيزه..."
توسعت اعينهم وهم يرمقون عمرو بصدمة وحرج...
هتف تالا برقه
"احنا كُنا فكريناك سرحان ومش معانا...سوري ياعمرو... "
رفع عمرو حاجبيه وهو يرمق تلك الفتاة الجميله أمامه بنظره مُقيمه هي جميله لكن لا مقارنه بينها وبين نساء فرنسا وعارضات الأزياء اللواتي تعامل معهم طوال فترة عمله !...
"قولتيلي اسمك إيه..." سالها عمرو بخبث...
عضت على شفتيها وهي تجيبه بخفوت
"تالا..."
"احلى تالا..."
صاحت الفتاة الاخرى بسرعه...
"وانا هايدي..."
رمق الاخرى والتي لا تختلف جمالاً ورقه عن الاولى لكن مايميزها عينيها العسلية فقال بغمزة شقيه...
"أجمل عيون ياهايدي ..."
ضحكت الفتيات بخجل، فلكزته هند بغيظ...
"عمرو انت بدأت ولا إيه...هي واحده بس مفيش غيرها... "
همس لاخته بمزاحه المعتاد...
"اي رايك اخد الإتنين كازينو ووفر عليكي المشوار.."
صاحت بحنق...
"ياغلس...."
ضحك بخفوت وهو يشير للندل بان يتقدم منهم همس له ببعض الكلمات التي جعلت الآخر يفهم الأمر
سريعاً ويبدأ بتحضيره...
سألته هند بفضول...
"انتَ كنت بتقوله إيه..."
"شويه وهتعرفي..."
بعد عدة دقائق أحضر الندل وطاقم العمل كعكة عيد ميلاد كبيره عليها صورة( هند) ومكتوب عليها
(كل سنه وانتي طيبه ياهند...)
ضحكت بسعادة ولمعة عينيها وهي ترمق كعكة عيد ميلادها بفرحة...
قبل وجنتيها بحنان اخوي وهو يقدم لها مفتاح سيارتها الجديده...
"كل سنه وأنتي ياحبيبت أخوكي..."
ترقرقت عينيها بدموع وهي تعانقه بحزن...
"مش مصدقه انك افتكرت.... ربنا يخليك لي ياعمرو....بجد لو بابا وماما كأنو عيشين كأنو
هيفرحه اوي بالي بتعمله معايا... انتَ احسن اخ في الدنيا...." ربت على ظهرها وسط عناقهم ....
"وانتي احن وأرق اخت في دنيا..."
تبادلت صديقتها النظرات مع بعضهم وهم يبتسمان بسعادة ومحبة صادقه لهم...
قد طفئ الشمع وقطعة كعكة عيد الميلاد وجلسوا
مع بعضهم فتره ليست بقليله ولم تاتي بعد؟...
تسأل داخله وهو يرمق باب الدخول لعلها تطل منه...
"سرحان في اي ياعمرو...." قالتها هند بقلق...
نظر لساعة معصمه وهو يقول بملل...
"ولا حاجه... هو مش كده كفايه ولا عايزه تقعدي كمان.."
قالت هند برقه..
"لو عايز تمشي مفيش مشكله يلا بينا..."
رفع عينيه على الباب ليجدها تدلف منه وهي تبحث عنهم برمديتان جميلتان...
تنهد براحه وهو يهمس لنفسه...
"أخيراً جيتي..."
نظرت هند باستغراب نحو ما يحدق به اخيها فوجدت (وعد) تقدم عليهم بإبتسامة مهزوزه....
"مساء الخير ياجماعه..." قالتها بتردد وهي تنظر لهند بترجي ألا تحرجها امام أحد...
أسبلت هند عينيها بعد تلك النظره وهي تقول
بهدوء...
"مساء النور ياوعد... اتاخرتي ليه..."
قبلتها وعد وعانقتها بشدة وهي تهمس بمحبه..
"كل سنه وانتي طيبه ياهند.... بجد وحشتيني..."
ترقرت عيني هند بتاثر عنوة عنها وجدت نفسها تبادلها العناق باشتياق....
همست وعد لها وسط عناقهم بحزن...
"انا اسفه ياهند...اسفه لو زعلتك او ضايقتك في حاجه..."
ابتعدت عنها هند بحرج وهي تمسح دموعها التي هبطت امامها ..
"انا مش زعلانه...وانتي بلاش تزعلي مني لو كنت باقسى عليكي بكلامي...انتي عارفه بيبقى غصب عني ..."
ابتسمت له وعد بوداعه وهي تقول..
"انا مش زعلانه منك وعمري مافكر أزعل منك...دا انتي اختي وبنت عمي ...."
عانقتها هند مره اخرى بمحبة صادقه...
"وانتي كمان ياوعد معزتك في قلبي كبيره...انا مش عارفه إزاي كنت بتصرف كده معاكي..."
فصلت وعد العناق وهي تقول بابتسامه ناعمه...
"خلاص الحمدلله...المهم ان إحنا رجعنا نتكلم تاني..."
ضحكت هند وهي تمسح دموعها...
"عندك حق...دا الأهم... "
ناولته وعد هدايتها وهي تقول بلطف...
"كل سنه وانتي طيبه يادودو..."
إبتسمت هند بحرج وهي تاخذ العلبة منها...
"وانتي طيبه..."
رفعت وعد عينيها على تالا وهايدي وسلمت عليهم بود وبشاشة وجه تتميز بها...
حين اتت عينيها عليه كانتى بُنيتاه مُسلطه عليها بشدة واكثر مكاناً ، موضع صدرها البارز جزءاً منه
من خلال الثوب الاسود وجانب عنقها المُزين بوشمة
الوردة الحمراء....
"ازيك ياعمرو..."
رفع عينيه عليها وعلى يدها الممدوده له القى نظره تهكم واضحه عليها قبل ان يوجه حديثه لاحد أصدقأء شقيقته...
"تحبي ترقصي ياتالا..."توسعت إبتسامة تالا بسعادة وهي ترمق حلبة الرقص أمامهم تعزف موسيقى هادئة وكل ثنائي يرقص برومانسية بالغه....
"مين يقدر يرفض طلب لمسيو عمرو الاباصيري..."
ابتسم بزهو وهو يجذب يدها بلطف نحو حلبة الرقص مر بجوار( وعد) التي تقف مصدومه من تقلب
مزاجه الغريب معها لكنها احمرت وجنتيها سريعاً
حين همس باذنيها بصوتٍ مهيباً يشتعل بالغيره...
"غطي صدرك بزفت اللي حطاه على كتفك ده...ولين
حساب تاني على المسخره اللي انتي لبساها..."بلعت ريقها بعد اختفائه وهي لا تصدق انه همس بكل
جرأه تلك الكلمات....
سالتها هند بحرج...
"هو ماله عمرو في حاجه تانيه حصلت بينكم..."
مطت وعد شفتيها بحيره وهي تقول بشك...
"إنفصام..."
سالتها هند بعدم فهم...
"إيه...."
وضحت وعد بملامحها المصدومه بشكل مُضحك...
"اخوكي عنده انفصام ياهند..."
ضحكت هند عليها هي وهايدي وانضمت لهم للاستمتاع بالامسية معهم....وكانتى عيناها
تتابعه باهتمام وبعد الحنق بداخلها يتزايد من قرب تالا منه ولا تعرف لماذا تهتم !...
على الناحيه الاخرى كانت تتحدث تالا في أماكن سفرها وصيحات الموضه الخاصه به والخ الخ...
وكانت عين عمرو مُسلطه بهيمنه على تلك الفاتنة أمامه.... تشعله تلك المراه تقتل صبره بابسط الأشياء تثور عواصف غضبه ببعض النسمات منها يالله الى متى ساظل احترق بنيران حبها الم يحن الوقت لتحترق هي بتلك النار !...
"قولي ياعمرو....كُنت عايش فين في فرنسا..."سألته تالا بنعومة...
"مش عارف..."قالها وهو شارد بحبيبته التي تعلق هي أيضاً عينيها عليه....
ضحكت تالا بدهشه...
"هو إيه اللي مش عارف....يعني مش عارف كُنت قعد فين..."
احتدت ملامحه وهو يرى رجلاً بالقرب منها يعرض عليها الرقص معه....
ترك( تالا) بعدم اهتمام وتوجه نحوهم وعينيه القاتمة تحكي قصايد قاسية عن غيرته المجنونه عليها...
اعتذرت وعد بهدوء...
"فرصه سعيده يافندم... وبعتذر منك مره تانيه...."
قال الرجل بالباقه "ولا يهمك سعيد اني شوفتك واتعرفت عليكي......"
إبتسمت له وعد بمجامله... رحل الرجل واتى عليهم عمرو وهو يوشك على الانفجار...
"كان عايز اي دا كمان ..."
ردت هند ببساطة...
"كان بيعرض على وعد انه يرقص معها بس هي رفضت...."
هتف بتهكم...
"يرقص معها... ااه وماله..." غرز اصابعه في شعره مرجعه للخلف بحده واضحه...
رفعت هند حاجبيها بشك...
"مالك ياعمرو هي في حاجه حصلت..."
تناول اشيائه وهو يقول بحنق...
"لا...... بس يلا بينا عشان الوقت اتأخر..."
استغرب الجميع تصرفه ولكنهم خرجوا من المكان وكل واحداً منهم توجه لسيارته...
وقفت هند بجوار اخيها وهي ترمق السياره الاتيه
بها وسواقهم الخاص يجلس في مكانه منتظر صعودهم....
"مش يلا ياعمرو..." سالته اخته بفتور...
اجابها بصعوبة هادئه..
"روحي انتي ياهند.... وسوق هينزلك قدام القصر عشان تشوفي عربيتك الجديده..."
ابتسمت هند بحماس وهي تنظر للمفتاح بين يدها
لكنها سألته أيضاً باهتمام...
"طب وانتَ...."
زفر بنفاذ صبر...
"ورايا مشوار...روحي انتي بس..."
"ماشي...تعالي معايا ياوعد..."
كادت ان ترد وعد عليها لكن سبقها عمرو وهو يقول بصلابه..
"اركبي ياهند...وعد جايه بعربيه هتروح بيها..."
أخيراً دلفت هند لسيارة ونطلق بها السائق الخاص..
اتجهت وعد نحو سيارتها ولم تعطيه اي اهتمام بسبب قلة تهذيبه معها في داخل...
كادت ان تفتح باب السيارة نحو مقعد القياده لكنها تفاجات به يمسك ذراعها ممانع إياها وهو يقول بغطرسه...
"هاتي المفتاح وركبي من الناحيه التانيه..."
رفعت حاجبها بدهشه..
"نعم...."
"اللي سمعتيه...هاتي المفتاح..."
زفرت بعصبية وهي تعطيه مفتاح سيارتها
وتجلس بناحية الأخرى وهي تقول بسخط...
"طالما انتَ كنت عايز تروح ليها مروحتش مع هند..."
"ومين قالك اني عايز أروح...."نظر امامه وهو ينطلق بسياره...
"يعني إيه امال احنا رايحين فين...."
لم يرد عليها وركز في القياده وكانها لم تتحدث...
"مترد عليه ياعمرو انا مش بكلمك...."رمقها بنظره شامله ثم زفر بحنق وهو ينظر امامه مره اخرى مهاتفاً بغيرة...
"غطي صدرك الله يرضا عليكي وانتي بتكلميني...
انا مش فاهم انتَ إزاي تخرجي من البيت بالقرف ده..."
صاحت بعناد...
"دا مش قرف...دا فستان سهره عادي جداً...وبعدين مش عريان وقصير زي اللي كانت لبساه تالا..."
صرخ بغضب وهو يقود بسرعه...
"بلا تالا بلا زفت....انتي بتلبسي القرف دا ليه...واي الوشم اللي حطاه على رقبتك ده..من امتى واحنا بنرسم وشم وقرف على جسمنا..."
وضعت يدها على جوف عنقها بحرج ثم صاحت بعناد أكبر...
"ملكش دعوه...انا حُره..."
تزايد غضبه وهو يهدر بسخط..
"حُره؟..لا حُره دي زمان دلوقتي انتي بقيتي مسئوله مني وفي الفتره اللي ابوكي هيسافر فيها دي لو لقيت اي حاجه فيكي مش عجباني هغيرها..."
رفعت جانب شفتيها بتكهم..
"هتغريها؟..يعني إيه هتغيرها..."
"يعني هغيرها..."رمقها باستنكار ثم اكمل بمقت..
"انتي أصلا كلك على بعضك عايز يتغير....انتي مش نافعه...."
اشارت على نفسها بصدمه وصرخت بغيظ..
"انا مش نافعه ياعمرو..."
لم يرد عليها بل ظل يقود بغضب...
"وقف العريبه انا مش عاوز قعد معاك...نزلني"
"هتروحي فين بالقرف اللي انتي لبساه ده...قعدي وسكتي.. "
اشتعلت وجنتيها غضباً وهي تهم بفتح الباب اوقف عمرو السياره سريعاً وهو يجذبها بقوة قبل ان يغلق
الباب اتوماتيك...
"راح فين انتي اتجننتي...في حد بيفتح الباب كده..."
نزلت دموعها وهي تقول بحنق..
"ملكش دعوه بيه سبني انا عايزه اروح...."
مسك وجهها بين يداه وهو يجبرها على رفع عينيها عليه...
"ينفع تنزلي كده من البيت...."زفر وهو يرى دموعها تبدأ بالهبوط...
"يعني غلطانه وبتعيطي...."
"انا مش غلطانه..."
عارضها باصرار.....
"لا غلطانه مفيش واحده محترمه وبنت ناس بتنزل من بيتها بشكل يلفت الانظار ليها...."
صمتت ولم ترد عليه، قد فقدت كل شيء بعد قربه منها ولمست يداه على وجهها وانفاسه الرجوليه
الممزوجه مع عطره التي تستنشق إياها بوضوح..
تسارعت خفقات قلبها حين وجدته صمت هو أيضاً عن الحديث ونظر له بهيمنه متشرب ببنيتاه كل تفصيله ولو بسيطه منها...
انزل يده اليمنى للأسفل قليلاً مُتحسس هذا الوشم الذي آثاره حين وقعت عينيه عليه وانتبه لوجوده..
اغمضت عينيها بتوتر وبلعت ما بحلقها فقربه يربكها ويقتل المنطق بداخلها ....
"عمرو...."
اغمض عينيه بنشوه وهو يسمع صوتها الرقيق ينادي
بنعومه عليه....
شعرت بسخونة أنفاسه تداعب وشمها الأحمر بقوة...
ويده تداعب ظهرها مجبره إياه على الاقتراب اكثر منه....
"عمرو...أرجوك.... "سمع شهقتها بعد ان سمع
طرقات على زجاج السيارة...
ابتعد عنها سريعاً واستدار للطارق بانفاس تلهث واعين اظلمت برغبات والاشوق المُلحه...
فتح زجاج السياره فوجد طفل صغير في عمر الثامنة يمسك بعض الورود الحمراء وهو يقول بابتسامة بريئه...
"ورده حمره لحبيبتك يابيه...."
تنهد عمرو بارتياح فالولا هذا الزجاج الأسود لنكشف أمرهم.....
نظر لوعد التي تعدل وشاح الفرو اكثر على كتفها وهي تنظر للجانب الآخر بحرج والخجل يقتلها
ببطء كلما فكرة انه كان على وشك تقبيلها...
لكنه كادَ ان يقبل هذا الوشم الذي كان من دقائق يعنفها لأجل رسمه ....
بلعت ريقها وهي لا تعرف لماذ كانت ضعيفه امام قربه لماذا تترجى اياه بمنتهى الغباء كانت ممكن ان تبتعد عنه بقوة فهو لم يقربها منه الا بمنتهى الحنان...
شعرت بشيءً يوضع على فخذيها فنظرت نحوه فوجدت وردة حمراء....نظرت لعمرو بخجل وتردد..
"اي ده؟.."
رد ببساطة..
"ورده لحبيبتي !...."
عقدة حاجبيها بدهشه فوجدته يكمل بفتور...
"يعني خليها معاكي لحد ملقيها..."
اسلبت عينيها وهي تمسك الوردة الحمراء متفحصه اياها بشرود حزين ولاول مره تحسد تلك الحبيبة
المجهوله على رجلاً مثله !...
....يتبع
بعد مرور شهر...
كانت الأجواء هادئه وكأن الحرب المستمرّة بضراوةً في الخفى قد اخذت هدنه مؤقته!..
اخبر( عمرو) الجميع انه سياجل سفره لفتره طويله فوجوده هنا اصبح وضع فُرض عليه بعد احاديث الصحافه وقضية هشام وكل تلك الأشياء المعقده
التي لن تسنح بسفره في تلك الظروف الحساسه..
قرر المكوث في- قصر الاباصيري- مؤقتاً وسيتابع عمله من خلال الإنترنت بمساعدة (دارين) واحد الموكلين بإدارة شركته! وايضاً بجانب جلوسه في
بلده سيتابع عمل شركة جده وسيديرها مثلما كان يفعل مع عمه بسابق ، فالعمل اصبح على مشارف الانهيار بعد تلك الاشاعات الكاذبة عنه وعن ابنة عمه...
هدأت حربه معها وبتعد عنها في خلال هذا الشهر مُتغرغ لإدارة شركة الإعلانات.... صباحاً في شركة ومعظم المساء مع شقيقته وفي بعض الأحيان
يقضي امسيته مع احد الاصدقاء القدامى....
لم يراها ولم يود رأيتها... يريد ان ينسى وجودها معه في نفس المكان حتى لا يجرحان بعضهم كما يفعلان كلما اجتمعو سوياً !...
امَا( وعد) فكانت تحاول الخروج بشدة من قوقاعة الصدمة والحزن على شخصاً لا يستحق دمعة واحدةً لأجله، كلما نزلت دموعها كانت تهبط بحسره على حياتها الكئيبه الممله وحظها العاطفي المتعثر دوماً بحفر الهاوية ! وبجانب هذا الإكتئاب الذي يعتريها تفكيرها برجال هذا القصر يثير كرهه لنفسها أكثر ، والدها، وابن عمها ترى انهم أسوء من بعضهم الجميع يفكر في المال والشكل الإجتماعي
اكثر من التفكير بها....
علمت لمَ اخرج شياطينه عليها منذ شهر مدى حين رجع بعد ان قابل الصحافه!...قرات الاشاعات التي تصدرت لترند عالٍ لحد وقتهم هذا...
مكيدة اوقعت مُدبرها لكنها جذبتها هي أيضاً معهم بدون ذنب يُذكر،هل لازالت تدفع ثمن هذا الذنب القديم حتى الآن!...
تعافت في الفتره الماضيه وقد بدأت السير على قدميها بشكل طبيعي مثل السابق لكنها لا تزال
حبيسة غرفتها لا تخرج منها ولا تقابل احد
لا تجتمع معهم تاكل بمفردها وتجلس بمفردها واوقات مع والدتها الحبيبه التي كانت نعم
الرفيق في وحدتها وحزنها دوماً !..
_____________________________________
كان يوم الجمعه صباحاً اجتمع الجميع على سفرة الطعام وهذا اليوم استثنائي بنسبه للأيام
الماضيه !...
تحدث ثروت بصرامه...
"امال فين وعد...مش ناويه تنزل زي كل يوم..."
مطت ناديه شفتيها بحزن...
"مش عارفه انا بعت روحيه ليها.... ياجت يامجتش..."
هز ثروت راسه بعدم إهتمام...
كان عمرو ياكل بهدوء وكان لا احد يتكلم عنها
أمامه..لكنه انتبه لحديث زوجة عمه وهي تقول
بتردد....
"ثروت...وعد ناويه تنزل شغلها من بكره في شركه و..."
تحدث ثروت بشك...
"وا إيه... هي محتاجه فلوس يعني..."
"لا بس انا قصدي ..يعني المشكله اللي حصلت مابينكم وشغلها في شركة..."
قاطعها ثروت بسرعه..
"مشكلنا حاجه وشغلها في مالها حاجه تانيه..."
رمقته زوجته بعتاب وهي تقول بحزن..
"يعني معترف ان مالها مش بتسرقك زي مقولت..."
تافف ثروت بانزعاج ملحوظ وهو يقول ببرود...
"مش هنعيده تاني ياناديه.....انا مش بخالف شرع
ربنا...بس لما أبوي عمل كده زمان كان شايف
ان ولاد الحرام كتير وان لو ثروة الاباصيري
اتوزعت على احفاده البنات هتروح بساهل بسبب جوازهم اللي مش هيبقو تعبنين في حاجه...لكن لو الثروه دارها راجل من العيله هيفضل اسم الاباصيري ومكانته في العالي وبرضو بنات الاباصيري حقهم محفوظ لكن بواصي عليهم..."صمت وهو يقول بتهكم واضح..
"وبما اني مجبتش غير وعد... واخويه رؤوف مجبش غير هند وعمرو يبقى مفيش غير عمرو اللي هيشيل حمل المسؤليه دي بعد موتي..."
هتفت هند بسرعه..
"بعد شر عليك ياعمي... ربنا يديك الصحه... وتبلغ وصية الاباصيري الكبير لولاد عمرو كمان .." غمزة لاخيها بمكر...
تحدث ثروت باستياء...
"ولاد عمرو؟... شكلي هموت قبل ماشوف ولاد عمرو دول..."
هز عمرو راسه بسأم...
"ياعمي كفايه دراما... محدش عارف هيموت قبل مين....وبعدين سيب موضوع الجواز ده يمكن ادخل من الباب ومراتي في إيدي..." اشار على باب الغرفة الجالسين بها بفتور ليجد وعد تخطي خطواتها امام اعتابه....
رفع الجميع اعينهم عليها ليجدوها كاسابقه جميله ناقيه مُغرية كالفاكهة الناضجة على الشجر !..
دلفت بفستان أنيق عليه ألوان الربيع يصل طوله لبعض ساقيها ترفع شعرها الأسود بربطة أنيقه
ويتدلى ذيل شعرها على ظهرها بدلال يشبهها....وجهها يوضع عليه بعض المرطبات
المُفتحه لبشرتها عينيها الرماديه تزينهم بكحل
ابيض لامع وشفتيها مُلطخه باللون وردي فاتح...
رفعت هند حاجبيها بأستغراب من تلك الصدفه التي طلت بها (وعد) عليهم بعد اشارة اخيها العشوئيه على دخول زوجته منه !..
هل النصيب غلاب كما يُقال ام ان الصدف تشتت عقولنا ليس إلا !..
جلست وعد بجوار والدتها بدون ان ترفع عينيها بأحد او حتى يخرج صوتها بتحيه فاتره عليهم...
كانت بمقابلة هند التي رمقتها بكرهاً وهي تكمل الحوار الذي كان دار قبل دخولها !..
"بس انا من رأيي ياعمي...اننا نحط عمرو قدام الأمر الواقع وندبسه في عروسه من معارفنا..."
أبتسم عمرو بمجامله وهو يحك في لحيته ويمضغ طعامه بشهيه مفقوده....
اجابها ثروت بإبتسامة مُرحبه الفكره...
"طب انا معاكي بس مين العروسه..."
صاحت هند بسعادة...
"واحده من صحابي..."
هتف عمرو بسخريه يصحبها المزاح...
"آآه صحابي المصالح مشتركه يعني..."
"مشتركه لي بس يامارو...طب اتعرف كده على واحده فيهم واكيد اكيد هتحب واحده منهم.."
حك في شعره وقال بخبث...
"احب واحده منهم ؟...لا انا متعود احب واحده واحده واكتر واحده هحبها اكتر هي اللي هكمل معها..."
أبتسمت هند بأمل..
"بجد يعني ممكن اللي تحبها اكتر دي تتجوزها..."
رد عليها وهو يبتسم بمشاكسه..
"لا هقلبها اول مقابل غيرها..."
لكزته بخفه في ذراعه وهي تقول بغيظ...
"تصدق انك غلس اي الغلاسه دي..."نظرت لعمها وهي تقول بحنق
"شايف ياعمي عمال يشتغلني من الصبح وانا اللي فكره انا خلاص قرر يتجوز وممكن يعجبه حد من صحابي..."
هز عمرو راسه بقنوط وهو يقول...
"يابنتي رايحي نفسك وسيبي موضوع الجواز ده على جنب...ومنين ما ربنا يأذن هتلقيني واخدك
ومعرفك عليها...."
"ماشي..اما نشوف..."
همس بنفاذ صبر..
"هتشوفي ياختي...اقفلي بس على الحوار ده وكملي أكل...."
رفع عينيه بفتور عليها مُختلس نظره تطفئ نيران خائنة تشتعل من بعدها عنه !..
وجدها تاكل بهدوء غير مهتمه باحديثهم التي تدور من حولها وكان الطاوله المستطيلة تخلو من البشر من حولها...
رفعت وعد عينيها نحو والدها وهي تقول بهدوء...
"بعد إذنك يابابا... في حاجات في شغل عايزه قعد معاك ونتناقش فيها..."
رفع ثروت عينيه عليها وهو يقول بجدية..
"حاجات زي إيه..."
ردت بهدوء...
"عروض جايه للشركه عيزاني انا اللي انفذه..."
سألها بستفهام...
"هتكوني وجه إعلامي ليهم يعني..."
"ايوه...."
نظر ثروت الى عمرو وهو يقول...
"بكره لما تنزلي الشغل في شركه اعملي اجتماع مع عمرو ودرسه افكار العروض سوا..."
سالته وعد بأستغراب...
"وحضرتك...."
اجابها بعمليه...
"انا مسافر المانيا عندي كام حآجه كده هناك تخص مكن المصنع الجديد اللي ناوي افتحه على اخر السنه..."
سألته ناديه التي انتبهت لحديث زوجها...
"وهطول في سفر ياثروت..."
هز راسه بنفي...
"لا ياناديه أسبوعين او اقل ان شاء الله وهرجع على طول..."
سالته ناديه مره أخرى بتفهم...
"وناوي تسافر امته..."
"بكره على الساعه عشره كده...."
صاحت هند بحماس...
"يبقى لازم قبل ماتسافر ياعمي نحتفل بنجاحي واني اخيراً خلصت دراسه...."
رد عليها عمرو بحنان...
"لو تصبري شويه ياهند على رزقك... كُنت قولتلك على المفاجأة اللي محضرهالك..."
"مفاجأه... مفاجأت إيه قول ياعمرو ونبي عملي مفاجات إيه ها قول..."
هز راسه باستياء من تصرفاتها الطفوليه وهو يجيبها وسط ضحكاته عليها...
"لو قولتلك عليها دلوقتي مش هتبقى مفاجاه.. استني بالليل وانتي هتعرفي..."
سالته هند بحماس...
"بالليل اساعه كام..."
اجابها عمرو بسعادة أخويه...
"تسعه بالليل هستناكو بالعربيه قدام القصر كل يتشيك وينزلي عشان هوديكم مكان حلو يليق
بالاحتفال بنجاح االبشمهندسه هند رؤوف الاباصيري..."
ابتسمت هند بحب وهي تقبل اخيها وتعانقه بسعادة...
"بجد ياعمرو.....بحبك اوي انتَ احسن اخ في دنيا..."
"وانتي اجمل اخت في دنيا...."اقترب من آذنيها وهو يقول بمزاحه المعتاد معها ....
"ممكن تعزمي صحابك البنات كمان يمكن أحبهم كلهم ووفر عليكي المشوار.... "لكزته وهي تضحك بدهشه...
أبتسمت وعد لهم بمحبه وعينيها تتجرع الوحده ولسأم اضعاف مضاعفه...
لاحظ عمرو حزنها فابتعد عن اخته وهو يقترح بهدوء...
"على فكره كلكم معزمين ياجماعه...وانتي كمان ياوعد..."اشار عليها بعينيه الثاقبه...
تنحنحت وهي تقول بحرج...
"لا شكراً انا مش حبى اخرج انهارده...اخرجه انتوا واحتفله....ومبروك النجاح ياهند..."
رمقتها هند ببرود وهزت راسها لها بابتسامه لم تلامس عينيها....
شعرت وعد باشتعال وجنتيها وسخونة جسدها بسبب كره هند الواضح لها وذلك يالمها بشدة اكثر من المها من الجميع...
فــ هند ستظل صديقة الطفولة ورفيقة المراهقه ولقريبه لقلبها مهم حدث منها !...
فالفطره صعب تبدل وصداقه صعب تنزع !...
قالت هند بصوتها الرقيق...
"وانتي ياطنط هتيجي صح.....وانتَ كمان ياعمو الاحتفال مش هيكون احتفال من غيرك...."
تحجج ثروت بهدوء...
"مبروك النجاح يامهندسه هديتك هتاخديها بكره مني ... بس انا عايزك تعفيني من الحفله دي... انتي عرفاني مليش في حفلات الشباب ودوشه بتاعتكم
اللي مش بنخرج منها غير بصداع...."
ضحكت ناديه وهي تاكد حديث زوجها...
"عندك حق ياثروت.... خلينا احنا هنا في الهدوء واحتفله أنتو بدوشتكم...."
زمت هند شفتيها وهي تقول بحنق...
"اعمل اي فيكم مانا عرفاكم وعرفه الحجج بتاعتكم...بس انتو الخسرانين.... "
اجابتها ناديه بمزاح...
"واحنا بنموت في الخساره....ومبروك النجاح ياحبيبتي عقبال الشغل والعريس.... "
ابتسمت هند لها بمحبه...
"الله يبارك فيكي ياطنط.."
نهضت وعد وهي تستاذن بهدوء...
"بعد اذنكم..."
سارت خطوتين نحو الباب لكنها توقفت حينما سمعت صوت عمرو الأمر خلفها...
"اعملي حسابك ياوعد أنك هتيجي معانا..."
استدارت له بنفاذ صبر بأن...
"واضح انك مسمعتنيش وانا بقول اني مش عايزه اخرج النهارده..."
رمقها بغضب ينفجر في عينيه القاتمة بادلته هي النظره بعتاب وتحدي قبل ان تخرج وتتركه يشتعل
غيظاً خلفها....
سأله نفسه مراراً وتكراراً لماذا يريدها معه لماذا يقطع مسافة البعد الذي وضعها بصرامه بينهم...
يتألم لرؤيتها وحيده بتلك الدرجه يخشى عليها من تلك الحاله التي تصنعها لنفسها ان كانت تتظاهر انها تعافت من تلك التجربه القاسيه فهو مجرد تظاهر خدع الجميع لكنه لم بخدعه هو فهو غيرهم ولن يتركها تظل بتلك الحاله المُزريه ...
هل تلك مبررات بعد اصراره على وجودها معه في
تلك الليله وهي رفضت مرتين أمام الجميع بدون ان تبالي به....
لو فقط تنقلب الأدوار ستحترق بنيران التي تصر على تذويقه إياها بمنتهى البساطة...
____________________________________
كانت تجلس في حديقة القصر تتابع صفحات الموضه عبر مجله عالميه تمسكها بين يداها..
ترتدي نظارة شمس تحجب معظم وجهها...
شعرت به يجلس أمامها بصمت بارد وهو يقول..
"بتعملي إيه..."
لم ترفع عينيها عليها جاوبته بهدوء...
"زي مانتَ شايف..."
زفر بحنق...
"ممكن تبطلي اسلوبك ده وتكلميني زي مابكلمك.."
"وانا مش عايزه اكلمك..."
هتف بطريقه مُستفزه..
"دا شغل عيال..."
"ليه شايفني عيله قدامك .."ابعدت المجاله عن وجهها ولا تزال النظاره تحجب الرؤيه عن عينيه المتفحصه لها..عقد حاجبيه وهو يسالها بشك...
"لبس ليه نضاره شمس احنا لسه الصبح..."لمح دموعها تهبط من على وجنتيها... سحب النظاره
سريعاً من على عينيها وهو يقول بقلق...
" بتعيطي ليه في حاجه حصلت... "
نهضت بعصبية وهي تسحب منه النظاره بقوة...
"هات النضاره وملكش دعوه بيه.... سبني لوحدي لو سمحت..."
سارت في الحديقه بخطوات أشبه بالركض وهي تبكي بدون توقف وضعت النظاره مره اخرى لتخفي
رمديتاها المبتلين بالدموع الحارقه...
شعرت به يسحبها بقوة لمكان مغلق بين زحمة الأشجار من حولهم وعند شجره معينة اوقفها
مُسند ظهرها عليها ، مقابل وجهها بوجهه ..
"مالك ياوعد في حاجه حصلت..."
اعدلت وضع النظاره على عينيها وهي تقول بجفاء...
"مفيش حاجه انا كويسه..."
"شيلي الزفته دي وكلميني زي مابكلمك..." القى النظاره أرضاً بعصبية لا تخرج الى مع نسماتها الطفيفه، يالله الي هذا الحد يعشقها !..
تعالت شهقات بكائها بعد صراخه عليها وبدات دموعها بنزول بلا توقف...
نظر لها بخوف وهو لا يعرف من سبب تلك الحالة الذي يراها الآن....
"وعد... ممكن تبطلي عياط وتفهميني في إيه..."
وضعت كف يدها على صدره تحاول ابعاده عنها
"ملكش دعوه بيه... ممكن تسبني لوحدي..."
مسك معصم يدها الموضوع على صدره وهو يقول بحده...
"اسيبك ازاي لوحدك وانتي بالحاله دي انتي مش شايفه نفسك..."
رفعت عينيها بدهشه من اهتمامه بها وخوفه عليها والذي تراه بوضوح داخل بُنيتاه القاتمة... شعرت بخفقات قلبه تحت موضع يدها....
هل تعني شيء ام نبضه ارتفع فجاه من شدة غضبه مني...
ويداه التي تقبض على معصمي بامتلاك هل تحكي قصة عمياءً انا عن رأيت مصيرها !...
تاهت في الافكار وشعور الذي يركض خلفها وهي لا تعطي له أهمية تُذكر...
هدى عمرو من عصبيته وهو يترك يدها محافظ على مسافه بينهم وهو يسألها للمره الثانيه باصرار...
"ممكن افهم بتعيطي ليه..."
مسحت دموعها بظهر يدها فوجدته يخرج منديلاً ورقي من جيبه قائلاً بحنو..
"خدي اسمحي وشك..."
اخذته منه بحرج ومسحت وجهها ولكن غمرتها رائحة المنديل الممزوجها بعطره الرجولي فابتسمت عنوة عنها ولا تعرف لماذا ؟...
"طب أصبري لما افهم كُنتي بتعيطي ليه .. عشان اسألك دلوقتي بتبتسمي كدا ليه..."
سمعت صوته الرجولي المشاكساً إياها...
انتبهت له واختفت إبتسامة لا تعلم سبب خروجها..
رفعت عينيها عليه وهي تهدى من حالة الضعف الذي
انتابها فجأه....
"ممكن اعرف كُنتي بتعيطي ليه..."
"مفيش.... دا...دا شكل في حاجه دخلت في عيني..."
عقد حاجبيه بسخط...
"حاجه دخلت في عينك...دي شكلها حاجه كبيره على كده..."
تجهم وجهها وهي تقول بحنق...
"طب عن إذنك..."
"استني...انا لسه معرفتش انتي كُنتي بتعيطي ليه..."مسك يدها مانع ابتعادها عنه...
"مش لازم تعرف....اهوه كُنت بعيط وخلاص..."
سالها بشك...
"عشان هند وطرقتها معاكي مش كده..."
رفعت عينيها عليه بصدمه....
"عرفت منين...."
"باين عليكي..."
رمقته بشك...
"باين إزاي انا مقولتش حآجه..."
نظر لرمديتاها وقال ببساطة...
"بس عينك قالت...."
بلعت ريقها بتوتر فوجدته يحدق بها بجديه وكانه لم يهتف بشيء منذ ثانيه واحده...
"ممكن ترجعي صحوبيتك مع هند... لو رجعتي تاني
تكلميه وتقعد مع بعض زي زمان..."
زفرت باستياء..
"إزاي بس هند مش طيقني... شكلها فعلاً
بتكرهني.. "
شك شفيته ابتسامه لم تصل لعينيه وهو يجيب
إياها ببساطة معهوده...
"هند مبتعرفش تكره... ولو كرهت الناس كلها مستحيل تكرهك انتي...."
"ولي لا بعد اللي حصل زمان..."
قاطعها عمرو بصلابه...
"اللي حصل زمان ملوش دعوه بصحوبيتكم... اسمعي مني ياوعد ابدأي انتي معاها وهي ان شآء الله هترجع تكلمك تاني... ولو حبى تيجي تسهري معانا النهارده تبقى فرصه حلوه انكم ترجعه تتكلمه تاني..."
"تفتكر هترضى تكلمني..." سألته ببراءة وعد الصغيره التي رآها واحبها قبل ان تتبدل ويتعكر صفوها !..
هجمه الماضي بضراوة مره اخرى وهي أمام عينيه
بوداعه ..
زفر بحنق من تلك المشاعر الممزوجه بكل شيء يحرق الروح...
قساوه..... شراسه...حده.... عشق.... شوق.... شغف.... ويبقى العنوان بينهم يجمع بين القساوة
والعشق فيلقب بـ( ضراوة العشق) !...
_____________________________________
في المساء في غرفة وعد...
وقفت أمام المرآة بفستان سهره أنيق من اللون الاسود الامع ملتصق بجسدها النحيف بارز لديها مفاتن الانوثه بتناغم....يصل طوله لاخر ساقيها
له فتحه صدر كبيره على شكل V،وضعت على كتفها
وشاح من الفرو عصري الشكل،
تفقدت وجهها ذو الأوان الهادئة التي لا تغطي على ملامحها الجذابه... ثم رمت نظره اخيره على شعرها التي تركته بانسياب يتدلى على ظهرها بدلاله المعتاد...
إبتسمت برضا الى نفسها في المراة فلمحة وشمها المرصع على جوف عنقها على شكل وردة حمراء
إبتسمت وهي تتذكر انها قد فعلتها منذ ستة اشهر
مع احد الأصدقاء واصرت بين كل الرسومات المعروضه عليها ان تختار تلك الوردة الحمراء
فهي رقيقه حمراء بخطوات سوداء تحدد اوراقها المشتبكه ببعضهم ....
معظم الوقت تخفي هذا الوشم بترك شعرها ينساب حول وجهها اليوم ستظهر إياه حين تريح شعرها
على جانب واحد وتظهر هذا الوشم بوضوح...
وضعت قدميها في حذائها العالي ذو الماركة المشهورة، ثم اخذت اغرضها المهمه وعلبة هدايا أنيقه بين يداها !...تقدمة من الباب بتردد وهي لا
تعرف هل ينتظرها احد ام أنهم ذهبوا
وتركوها....
هبطت على الدرج وهي تحاول الإتصال بأحد أصدقأء
(هند) التي تعرفهم من المؤكد أنهم معها الآن ...
رفعت هاتفها على أذنيها وهي تقف في حديقة القصر...
"الو تالا معايا...."صمتت قليلاً وهي تكمل بحرج..
"الحمدلله انا كويسه انتي اي أخبارك.......بقولك ياتالا انتي مع هند..."اجابتها الاخرى عبر الهاتف لترد عليها وعد بحرج..
"طب هاتي عنوان المكان اللي انتو فيه عشان عملها مفاجأه لهند...اوعي بقه تقوللها."صمتت لتملي الاخرى عليها العنوان بظبط.. هتفت وعد لها بامتنان
"تمام ياتالا شكراً تعبتك معايا... نتقابل هناك بقه.... باي..."زفرت بعد ان اغلقت الخط وتوجهت سريعاً
لموقف السيارات بالقصر لتاخذ احد سيارات والدها
لذهاب بها....
ادارت المقود وخرجت بها لوجهه معينه...
____________________________________
" كنتي بتكلمي مين ياتالا... "سالتها هند بفضول..
ردت عليها صديقتها ببساطه...
" مش حد مهم... "
غمزة لها هايدي احد الأصدقاء بخبث...
"أنتي بتقلبي الكرش ولا إيه..."
مطت تالا شفتيها بمكر...
"وهقلبه ليه يعني..."
نظرت هايدي لعمرو الجالس بجوار اخته شارد الذهن وعينيه على النيل بجواره...
برمت تالا شفتيها بحنق...
"رايحي نفسك هو مش معانا أصلا..."
ضيقت هند عينيها وهي ترمق كلتاهما بشك..
"انتوا بتكلمو على أخويه ولا إيه..."
ضحكت هايدي بسخريه...
"بصراحه آآه..."
همست تالا بصوت خافض لهند الجالسه أمامها...
"اخوكي حلو اوي ياهند...بس كشري موت ومن ساعات مجه متكلمش اربع كلمات على بعض..."
رفعت هند جاجبها بصدمه وهي تقول بزهو..
"دا كشري؟ دا قمر...دا مفيش في خفة دمه وحلوته..."
مطت هايدي شفتيها بشك وهمست هي الاخرى مُعلقه...
"هو مفيش في حلوته أوك معاكي.. لكن خفة دمه دي اللي اشك فيها..."
"مش كفايه كلام عليه... أنتوا مش ملاحظين يعني اني قعد معاكم على نفس التربيزه..."
توسعت اعينهم وهم يرمقون عمرو بصدمة وحرج...
هتف تالا برقه
"احنا كُنا فكريناك سرحان ومش معانا...سوري ياعمرو... "
رفع عمرو حاجبيه وهو يرمق تلك الفتاة الجميله أمامه بنظره مُقيمه هي جميله لكن لا مقارنه بينها وبين نساء فرنسا وعارضات الأزياء اللواتي تعامل معهم طوال فترة عمله !...
"قولتيلي اسمك إيه..." سالها عمرو بخبث...
عضت على شفتيها وهي تجيبه بخفوت
"تالا..."
"احلى تالا..."
صاحت الفتاة الاخرى بسرعه...
"وانا هايدي..."
رمق الاخرى والتي لا تختلف جمالاً ورقه عن الاولى لكن مايميزها عينيها العسلية فقال بغمزة شقيه...
"أجمل عيون ياهايدي ..."
ضحكت الفتيات بخجل، فلكزته هند بغيظ...
"عمرو انت بدأت ولا إيه...هي واحده بس مفيش غيرها... "
همس لاخته بمزاحه المعتاد...
"اي رايك اخد الإتنين كازينو ووفر عليكي المشوار.."
صاحت بحنق...
"ياغلس...."
ضحك بخفوت وهو يشير للندل بان يتقدم منهم همس له ببعض الكلمات التي جعلت الآخر يفهم الأمر
سريعاً ويبدأ بتحضيره...
سألته هند بفضول...
"انتَ كنت بتقوله إيه..."
"شويه وهتعرفي..."
بعد عدة دقائق أحضر الندل وطاقم العمل كعكة عيد ميلاد كبيره عليها صورة( هند) ومكتوب عليها
(كل سنه وانتي طيبه ياهند...)
ضحكت بسعادة ولمعة عينيها وهي ترمق كعكة عيد ميلادها بفرحة...
قبل وجنتيها بحنان اخوي وهو يقدم لها مفتاح سيارتها الجديده...
"كل سنه وأنتي ياحبيبت أخوكي..."
ترقرقت عينيها بدموع وهي تعانقه بحزن...
"مش مصدقه انك افتكرت.... ربنا يخليك لي ياعمرو....بجد لو بابا وماما كأنو عيشين كأنو
هيفرحه اوي بالي بتعمله معايا... انتَ احسن اخ في الدنيا...." ربت على ظهرها وسط عناقهم ....
"وانتي احن وأرق اخت في دنيا..."
تبادلت صديقتها النظرات مع بعضهم وهم يبتسمان بسعادة ومحبة صادقه لهم...
قد طفئ الشمع وقطعة كعكة عيد الميلاد وجلسوا
مع بعضهم فتره ليست بقليله ولم تاتي بعد؟...
تسأل داخله وهو يرمق باب الدخول لعلها تطل منه...
"سرحان في اي ياعمرو...." قالتها هند بقلق...
نظر لساعة معصمه وهو يقول بملل...
"ولا حاجه... هو مش كده كفايه ولا عايزه تقعدي كمان.."
قالت هند برقه..
"لو عايز تمشي مفيش مشكله يلا بينا..."
رفع عينيه على الباب ليجدها تدلف منه وهي تبحث عنهم برمديتان جميلتان...
تنهد براحه وهو يهمس لنفسه...
"أخيراً جيتي..."
نظرت هند باستغراب نحو ما يحدق به اخيها فوجدت (وعد) تقدم عليهم بإبتسامة مهزوزه....
"مساء الخير ياجماعه..." قالتها بتردد وهي تنظر لهند بترجي ألا تحرجها امام أحد...
أسبلت هند عينيها بعد تلك النظره وهي تقول
بهدوء...
"مساء النور ياوعد... اتاخرتي ليه..."
قبلتها وعد وعانقتها بشدة وهي تهمس بمحبه..
"كل سنه وانتي طيبه ياهند.... بجد وحشتيني..."
ترقرت عيني هند بتاثر عنوة عنها وجدت نفسها تبادلها العناق باشتياق....
همست وعد لها وسط عناقهم بحزن...
"انا اسفه ياهند...اسفه لو زعلتك او ضايقتك في حاجه..."
ابتعدت عنها هند بحرج وهي تمسح دموعها التي هبطت امامها ..
"انا مش زعلانه...وانتي بلاش تزعلي مني لو كنت باقسى عليكي بكلامي...انتي عارفه بيبقى غصب عني ..."
ابتسمت له وعد بوداعه وهي تقول..
"انا مش زعلانه منك وعمري مافكر أزعل منك...دا انتي اختي وبنت عمي ...."
عانقتها هند مره اخرى بمحبة صادقه...
"وانتي كمان ياوعد معزتك في قلبي كبيره...انا مش عارفه إزاي كنت بتصرف كده معاكي..."
فصلت وعد العناق وهي تقول بابتسامه ناعمه...
"خلاص الحمدلله...المهم ان إحنا رجعنا نتكلم تاني..."
ضحكت هند وهي تمسح دموعها...
"عندك حق...دا الأهم... "
ناولته وعد هدايتها وهي تقول بلطف...
"كل سنه وانتي طيبه يادودو..."
إبتسمت هند بحرج وهي تاخذ العلبة منها...
"وانتي طيبه..."
رفعت وعد عينيها على تالا وهايدي وسلمت عليهم بود وبشاشة وجه تتميز بها...
حين اتت عينيها عليه كانتى بُنيتاه مُسلطه عليها بشدة واكثر مكاناً ، موضع صدرها البارز جزءاً منه
من خلال الثوب الاسود وجانب عنقها المُزين بوشمة
الوردة الحمراء....
"ازيك ياعمرو..."
رفع عينيه عليها وعلى يدها الممدوده له القى نظره تهكم واضحه عليها قبل ان يوجه حديثه لاحد أصدقأء شقيقته...
"تحبي ترقصي ياتالا..."توسعت إبتسامة تالا بسعادة وهي ترمق حلبة الرقص أمامهم تعزف موسيقى هادئة وكل ثنائي يرقص برومانسية بالغه....
"مين يقدر يرفض طلب لمسيو عمرو الاباصيري..."
ابتسم بزهو وهو يجذب يدها بلطف نحو حلبة الرقص مر بجوار( وعد) التي تقف مصدومه من تقلب
مزاجه الغريب معها لكنها احمرت وجنتيها سريعاً
حين همس باذنيها بصوتٍ مهيباً يشتعل بالغيره...
"غطي صدرك بزفت اللي حطاه على كتفك ده...ولين
حساب تاني على المسخره اللي انتي لبساها..."بلعت ريقها بعد اختفائه وهي لا تصدق انه همس بكل
جرأه تلك الكلمات....
سالتها هند بحرج...
"هو ماله عمرو في حاجه تانيه حصلت بينكم..."
مطت وعد شفتيها بحيره وهي تقول بشك...
"إنفصام..."
سالتها هند بعدم فهم...
"إيه...."
وضحت وعد بملامحها المصدومه بشكل مُضحك...
"اخوكي عنده انفصام ياهند..."
ضحكت هند عليها هي وهايدي وانضمت لهم للاستمتاع بالامسية معهم....وكانتى عيناها
تتابعه باهتمام وبعد الحنق بداخلها يتزايد من قرب تالا منه ولا تعرف لماذا تهتم !...
على الناحيه الاخرى كانت تتحدث تالا في أماكن سفرها وصيحات الموضه الخاصه به والخ الخ...
وكانت عين عمرو مُسلطه بهيمنه على تلك الفاتنة أمامه.... تشعله تلك المراه تقتل صبره بابسط الأشياء تثور عواصف غضبه ببعض النسمات منها يالله الى متى ساظل احترق بنيران حبها الم يحن الوقت لتحترق هي بتلك النار !...
"قولي ياعمرو....كُنت عايش فين في فرنسا..."سألته تالا بنعومة...
"مش عارف..."قالها وهو شارد بحبيبته التي تعلق هي أيضاً عينيها عليه....
ضحكت تالا بدهشه...
"هو إيه اللي مش عارف....يعني مش عارف كُنت قعد فين..."
احتدت ملامحه وهو يرى رجلاً بالقرب منها يعرض عليها الرقص معه....
ترك( تالا) بعدم اهتمام وتوجه نحوهم وعينيه القاتمة تحكي قصايد قاسية عن غيرته المجنونه عليها...
اعتذرت وعد بهدوء...
"فرصه سعيده يافندم... وبعتذر منك مره تانيه...."
قال الرجل بالباقه "ولا يهمك سعيد اني شوفتك واتعرفت عليكي......"
إبتسمت له وعد بمجامله... رحل الرجل واتى عليهم عمرو وهو يوشك على الانفجار...
"كان عايز اي دا كمان ..."
ردت هند ببساطة...
"كان بيعرض على وعد انه يرقص معها بس هي رفضت...."
هتف بتهكم...
"يرقص معها... ااه وماله..." غرز اصابعه في شعره مرجعه للخلف بحده واضحه...
رفعت هند حاجبيها بشك...
"مالك ياعمرو هي في حاجه حصلت..."
تناول اشيائه وهو يقول بحنق...
"لا...... بس يلا بينا عشان الوقت اتأخر..."
استغرب الجميع تصرفه ولكنهم خرجوا من المكان وكل واحداً منهم توجه لسيارته...
وقفت هند بجوار اخيها وهي ترمق السياره الاتيه
بها وسواقهم الخاص يجلس في مكانه منتظر صعودهم....
"مش يلا ياعمرو..." سالته اخته بفتور...
اجابها بصعوبة هادئه..
"روحي انتي ياهند.... وسوق هينزلك قدام القصر عشان تشوفي عربيتك الجديده..."
ابتسمت هند بحماس وهي تنظر للمفتاح بين يدها
لكنها سألته أيضاً باهتمام...
"طب وانتَ...."
زفر بنفاذ صبر...
"ورايا مشوار...روحي انتي بس..."
"ماشي...تعالي معايا ياوعد..."
كادت ان ترد وعد عليها لكن سبقها عمرو وهو يقول بصلابه..
"اركبي ياهند...وعد جايه بعربيه هتروح بيها..."
أخيراً دلفت هند لسيارة ونطلق بها السائق الخاص..
اتجهت وعد نحو سيارتها ولم تعطيه اي اهتمام بسبب قلة تهذيبه معها في داخل...
كادت ان تفتح باب السيارة نحو مقعد القياده لكنها تفاجات به يمسك ذراعها ممانع إياها وهو يقول بغطرسه...
"هاتي المفتاح وركبي من الناحيه التانيه..."
رفعت حاجبها بدهشه..
"نعم...."
"اللي سمعتيه...هاتي المفتاح..."
زفرت بعصبية وهي تعطيه مفتاح سيارتها
وتجلس بناحية الأخرى وهي تقول بسخط...
"طالما انتَ كنت عايز تروح ليها مروحتش مع هند..."
"ومين قالك اني عايز أروح...."نظر امامه وهو ينطلق بسياره...
"يعني إيه امال احنا رايحين فين...."
لم يرد عليها وركز في القياده وكانها لم تتحدث...
"مترد عليه ياعمرو انا مش بكلمك...."رمقها بنظره شامله ثم زفر بحنق وهو ينظر امامه مره اخرى مهاتفاً بغيرة...
"غطي صدرك الله يرضا عليكي وانتي بتكلميني...
انا مش فاهم انتَ إزاي تخرجي من البيت بالقرف ده..."
صاحت بعناد...
"دا مش قرف...دا فستان سهره عادي جداً...وبعدين مش عريان وقصير زي اللي كانت لبساه تالا..."
صرخ بغضب وهو يقود بسرعه...
"بلا تالا بلا زفت....انتي بتلبسي القرف دا ليه...واي الوشم اللي حطاه على رقبتك ده..من امتى واحنا بنرسم وشم وقرف على جسمنا..."
وضعت يدها على جوف عنقها بحرج ثم صاحت بعناد أكبر...
"ملكش دعوه...انا حُره..."
تزايد غضبه وهو يهدر بسخط..
"حُره؟..لا حُره دي زمان دلوقتي انتي بقيتي مسئوله مني وفي الفتره اللي ابوكي هيسافر فيها دي لو لقيت اي حاجه فيكي مش عجباني هغيرها..."
رفعت جانب شفتيها بتكهم..
"هتغريها؟..يعني إيه هتغيرها..."
"يعني هغيرها..."رمقها باستنكار ثم اكمل بمقت..
"انتي أصلا كلك على بعضك عايز يتغير....انتي مش نافعه...."
اشارت على نفسها بصدمه وصرخت بغيظ..
"انا مش نافعه ياعمرو..."
لم يرد عليها بل ظل يقود بغضب...
"وقف العريبه انا مش عاوز قعد معاك...نزلني"
"هتروحي فين بالقرف اللي انتي لبساه ده...قعدي وسكتي.. "
اشتعلت وجنتيها غضباً وهي تهم بفتح الباب اوقف عمرو السياره سريعاً وهو يجذبها بقوة قبل ان يغلق
الباب اتوماتيك...
"راح فين انتي اتجننتي...في حد بيفتح الباب كده..."
نزلت دموعها وهي تقول بحنق..
"ملكش دعوه بيه سبني انا عايزه اروح...."
مسك وجهها بين يداه وهو يجبرها على رفع عينيها عليه...
"ينفع تنزلي كده من البيت...."زفر وهو يرى دموعها تبدأ بالهبوط...
"يعني غلطانه وبتعيطي...."
"انا مش غلطانه..."
عارضها باصرار.....
"لا غلطانه مفيش واحده محترمه وبنت ناس بتنزل من بيتها بشكل يلفت الانظار ليها...."
صمتت ولم ترد عليه، قد فقدت كل شيء بعد قربه منها ولمست يداه على وجهها وانفاسه الرجوليه
الممزوجه مع عطره التي تستنشق إياها بوضوح..
تسارعت خفقات قلبها حين وجدته صمت هو أيضاً عن الحديث ونظر له بهيمنه متشرب ببنيتاه كل تفصيله ولو بسيطه منها...
انزل يده اليمنى للأسفل قليلاً مُتحسس هذا الوشم الذي آثاره حين وقعت عينيه عليه وانتبه لوجوده..
اغمضت عينيها بتوتر وبلعت ما بحلقها فقربه يربكها ويقتل المنطق بداخلها ....
"عمرو...."
اغمض عينيه بنشوه وهو يسمع صوتها الرقيق ينادي
بنعومه عليه....
شعرت بسخونة أنفاسه تداعب وشمها الأحمر بقوة...
ويده تداعب ظهرها مجبره إياه على الاقتراب اكثر منه....
"عمرو...أرجوك.... "سمع شهقتها بعد ان سمع
طرقات على زجاج السيارة...
ابتعد عنها سريعاً واستدار للطارق بانفاس تلهث واعين اظلمت برغبات والاشوق المُلحه...
فتح زجاج السياره فوجد طفل صغير في عمر الثامنة يمسك بعض الورود الحمراء وهو يقول بابتسامة بريئه...
"ورده حمره لحبيبتك يابيه...."
تنهد عمرو بارتياح فالولا هذا الزجاج الأسود لنكشف أمرهم.....
نظر لوعد التي تعدل وشاح الفرو اكثر على كتفها وهي تنظر للجانب الآخر بحرج والخجل يقتلها
ببطء كلما فكرة انه كان على وشك تقبيلها...
لكنه كادَ ان يقبل هذا الوشم الذي كان من دقائق يعنفها لأجل رسمه ....
بلعت ريقها وهي لا تعرف لماذ كانت ضعيفه امام قربه لماذا تترجى اياه بمنتهى الغباء كانت ممكن ان تبتعد عنه بقوة فهو لم يقربها منه الا بمنتهى الحنان...
شعرت بشيءً يوضع على فخذيها فنظرت نحوه فوجدت وردة حمراء....نظرت لعمرو بخجل وتردد..
"اي ده؟.."
رد ببساطة..
"ورده لحبيبتي !...."
عقدة حاجبيها بدهشه فوجدته يكمل بفتور...
"يعني خليها معاكي لحد ملقيها..."
اسلبت عينيها وهي تمسك الوردة الحمراء متفحصه اياها بشرود حزين ولاول مره تحسد تلك الحبيبة
المجهوله على رجلاً مثله !...
....يتبع